متعك الله بالصحة والعافية يا جعفر النميرى......18/1

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 01:41 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-19-2006, 10:33 AM

القلب النابض
<aالقلب النابض
تاريخ التسجيل: 06-22-2002
مجموع المشاركات: 8418

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متعك الله بالصحة والعافية يا جعفر النميرى......18/1 (Re: محمود الدقم)

    السلام عليكم من يملك الإجابة على هذا السؤال فليجيبني

    هل محمود محمد طة كان يصلي ويصوم ؟

    وما هي صلاة الأصالة التي يصليها وكيفيتها؟
                  

01-19-2006, 04:08 PM

هاشم نوريت
<aهاشم نوريت
تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 13622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متعك الله بالصحة والعافية يا جعفر النميرى......18/1 (Re: القلب النابض)

    الاخت القلب النابض
    دبايتو
    حكاية الصلاة انسى...........................
    د.ياسر الشريف كتب هنا فى المنبرالعام قائلا ( اذا كنتم تريدون ان محمود كان يصلى
    صلاة التقليد اى كما يصلى عامة الناس من صلاة فيها ركوعا وسجودا فانه لايصليها ولكنه يصلى
    صلاة يكون فيها.....ساحاول ان اجد كلامه بالنص ولكن شهادته تقول محمود لا يصلى صلاتنا.
    وبعدين الدين المحمودى مبنى على الشريعة الفردية ودى معناها الحج لا يكون كما هو الان
    يعنى ممكن يحج الفرد كفرد وليس ملايين من البشر فى يوم واحد وهكذا يقول محمود
    واترك الاجابة لسؤالك للجمهوريين .
                  

01-19-2006, 04:04 PM

هاشم نوريت
<aهاشم نوريت
تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 13622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متعك الله بالصحة والعافية يا جعفر النميرى......18/1 (Re: محمود الدقم)

    شكرا لكم جميعا واسال الله ان يهدينا جميعا لما يحبه ويرضاه.
    واما الشيوعية بقيادة عادل الذين يعتقدون بان ذاكرتنا مثقوفبة وفى نفس الوقت يتعلقون باى
    قشة اقول لهم النميرى انتم اتيتم به وغنيتم له وفصلتم الشرفاء من الخدمة تحت بند محاربة
    الرجعية وقتلتم الابرياء فى ابا للقضاء على الرجعية اذا انتم لستم مؤهلون بالحديث عن الغاء
    الاخر وهذه السياسة فضلة خيركم وطبقتها الجبهة الاسلاموية بذكاء واستفادت من غباء البعض
    اذا كان عبدالخالق خرج مع الجماهير مؤيدا لانقلاب هاشم العطا فى ايام الثلاثة الاولى والنهائية
    فان الجبهة دخلت السجن لخداعكم واستفادت من اخطاء عبقريكم الكرتونى ..
    الخلاصة لايحق للشيوعى سب النميرى قائد ثورة المستنيرين وكذلك الجمهوريين وزعيمهم محمود
    هو كان مؤيدا للنميرى لانه كان يعتقد بان مايوا ستقضى على الرجعية او الطائفية فقط اختلف
    محمود مع النميرى الذى تسبونه اليوم لانه اعلان التشريعات الاسلامية والمحكمة العادلة التى حكمت
    على محمود بالردة هى محكمة شرعية وايدت حكمها المحكمة العليا السودانية..
    قولوا لى ياشيوعية باى حق اممتم واستوليتم على شركات واموال الناس؟
    باى حق فصلتم الناس من عملهم واستنيتم سنة الفصل على اساس الدين والطائفة وعينتم بدلا منهم
    كل شيوعى احمر؟
    وباى حق انقلبتم على حكم ديمقراطى منتخب؟
    وهل بعد هذا تتبجحون وتسبون النميرى الذى حملكم على سدة الحكم ؟
    وهل بعد سنكم لكل ماهو سيئ هل يحق لكم الحديث عن حقوق الانسان والديمقراطية؟

    اللهم اجزىء عبدك جعفر النميرى كل خير فى الدارين..
                  

01-19-2006, 04:12 PM

هاشم نوريت
<aهاشم نوريت
تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 13622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متعك الله بالصحة والعافية يا جعفر النميرى......18/1 (Re: هاشم نوريت)

    Quote: أفكاره عن الله والألوهية :

    يؤمن " محمود طه " بفكرة الحلول والاتحاد ، كما في بعض الديانات الهندية والفارسية القديمة ، وهو فكر طائفة كبيرة من الصوفية ، وهو في هذا ينقل عن " ابن عربي " في كتابه " فصوص الحكم " بالنص ، وكذلك عن " عبد الكريم الجيلي " في كتابه " الإنسان الكامل " .

    يسمي "محمود طه" الوحي النازل عن طريق " جبريل عليه السلام ـ باسم " الإدراك الشفعي " ، وهو الوحي النازل على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

    أما الوحي الذي يتلقاه هو عن الله فهو مواجهة دون واسطة ، فسماها " مرحلة الإدراك الوتري".

    ويقول عن هذا في رسالة " الصلاة " : " وفي مرحلة الإدراك الوتري يكون النفخ من الداخل ، هاهنا مقام نفخ الذات في الذات ، وليس للخوف ـ أي من الله ـ هنا مجال ، وفي هذه المرحلة تكون الرسل ، رسل هذه القلوب إلى هذه القلوب منها ، وإليها بغير واسطة فما في الكون إلا إياها "(ص:2 .

    ثم يقول " محمود طه " عن الله في كتابه " الرسالة الثانية "بعد أن يتحدث عن اطلاع النفس على سر القدرة ورضائها بالله : " هاهنا يسجد القلب ، وإلى الأبد بوجيد أول منازل العبودية ، ويومئذ لا يكون العبد مسيرًا ، وإنما هو مخير ، ذلك بأن التسيير قد بلغ به منازل التشريف ، فأسلمه إلى الحرية ، والاختيار ، فهو قد أطاع الله حتى أطاعه الله معاودة لفعله ، فيكون حيـا حياة الله ، وقادرًا قدرة الله ، ومريدًا إرادة الله ، ويكون الله "(ص:90) . (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً)[الإسراء/43] .

    ويقول في كتابه " الرسالة الثانية " أيضـًا: " والمدخل إلى الرسالة الثانية ـ أي الدعوة الجمهورية ـ هو الرسالة الأولى ، فهو حين يدخل من مدخل شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله يجاهد ليرقى بإتقان هذا التقليد حتى يرقى بشهادة التوحيد إلى مرتبة يتخلى عن الشهادة ، ولا يرى إلا أن الشاهد هو المشهود "(ص: 164 ، 165) .

    وعندئذٍ يقف على الأعتاب ويخاطب كفاحـًا بغير حجاب (قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) [الأنعام/من الآية91] ، وقل هنا تعني " كن " أهـ . هذا على حسب زعم محمود طه.

    وواضح من هذا النقول أن عقيدة " محمود طه " هي عقيدة " الحلول والاتحاد ووحدة الوجود " ، و " محمود طه " يفسر الشرك والتوحيد بمعانٍ غير المعاني التي أرسل الله بها المرسلين منذ آدم حتى محمد ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ ، فيقول في أحد كتبه : " الشرك هو الكبت الذي به انقسمت النفس البشرية إلى عقل واعٍ ، وعقل باطنٍ ، بينهما تضاد وتعارض " .

    ثم يقول : " ولا يكون الفكر مسددًا ، ولا مستقيمـًا ، إلا إذا أصاب نقطة التقاء الضدين ـ العقل الواعي والعقل الباطن ـ هذا هو التوحيد … " .

    والله جل جلاله عند " محمود طه " ليس وترًا ، بل هو شفع ـ والعياذ بالله ـ فهو يقول في كتابه : " تطوير شريعة الأحوال الفردية ": " الإنسان الكامل ـ والمقصود به " محمود " ـ هو زوج الله " ، ثم يقول : " والإنسان الكامل هو أول قابل لتجليات أنوار الذات القديمة ، وهو من ثم زوجها "(ص:6 .


    أفكار " محمود طه " عن القرآن

    القرآن عنده شعر وموسيقى .. يقول " محمود طه " في كتابه " رسائل ومقالات " : " القرآن موسيقى علوية ، هو يعلمك كل شيء ، ولا يعلمك شيئـًا بعينه ، هو ينبه قوي الإحساس ، ويشحذ أدوات الحس ، ثم يخلي بينك وبين عالم المادة لتدركه على أسلوبك الخاص هذا هو القرآن .. "(2/46) .

    ويقول في كتاب " الإسلام والفنون "، وهو باللغة الدارجة : " وأنت إذا جيت لدقائق القرآن فإنه الشعر " ، ثم يقول : " وما نفاه الله تعالى عن القرآن ليس كونه شعرًا ، وإنما نفى عنه ملابسات الشعر في عدم الالتزام ، وعدم الصدق ، هذا ما نفاه الله عن القرآن "(ص:51) .

    وهذا ما حدا بـ " محمود طه " وأتباعه إلى تلحين القرآن وأدائه جماعيـًا في أشرطة كاسيت بنفس طريقة غناء " عبد الكريم الكابلي " المغني السوداني المعروف .

    محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند " محمود طه " :

    وعن مكانة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومكانة أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ يقول في كتابه " الرسالة الثانية " : " المسلمون كأمة لم يجيئوا بعد ، ولقد تنبأ المعصوم بمجيئهم في آخر الزمان " (ص:139) .

    وفي تفضيل " رسالته الثانية " على رسالة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وفي تفضيل أتباعه على أتباع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول في كتابه " طريق محمد " : " وفي طريق المعراج فن اللطائف تخرج من الكثائف وعلى هذه القاعدة المطردة فإن الإنجيل ، قد خرج من التوراة ، كما ستخرج أمة المسلمين من أمة المؤمنين كما ستخرج الرسالة الأحمدية ، كما سيخرج الإخوان ـ وهم الجمهوريين ـ من الأصحاب " ـ أي أصحاب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبين أمته يقول : " كان أمته ، وكانت له شريعة خاصة قامت على أصول الإسلام ، وكانت شريعة أمته تقوم على الفروع "(تطوير الأحوال الشخصية ص:6 .
                  

01-19-2006, 04:12 PM

هاشم نوريت
<aهاشم نوريت
تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 13622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متعك الله بالصحة والعافية يا جعفر النميرى......18/1 (Re: هاشم نوريت)

    Quote: ثم يتطاول على مقام الأولين حين يقول عن القرآن : " إن الأولين لم يفضوا منه غير ختم الغلاف "(مقدمة كتاب القرآن) ـ أي أنهم لم يفهموا القرآن ، بل كان القرآن مدخرًا ليأتي هو ليكشف عن أسراره ، ففي مقدمة كتاب " الرسالة الثانية " يسأل فيقول : " من هو رسول الرسالة الثانية ؟! ، ثم يجيب : " هو رجل آتاه الله الفهم عنه من القرآن وأذن له في الكلام " .

    ثم يؤكد أن دور رسول الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ كدور " جبريل " ، هو أن يوصلهم بشرائعهم الفردية ، فهو يقول في " رسالة الصلاة " : " لقد تحدثنا في آيات سورة النجم ، التي أوردناها آنفـًا عن سدرة المنتهى ؛ حيث تخلف " جبريل " عن المعصوم ، وسار النبي بلا واسطة لحضرة الشهود الذاتي ؛ لأن الشهود الذاتي لا يتم بواسطة ، والنبي الذي هو جبريلنا نحن يرقى بنا إلى سدرة المنتهى ، كل منا ويقف هناك كما وقف " جبريل " حتى يتم اللقاء بين العابد المجرد ، وبين الله بلا واسطة ـ يقصد بغير واسطة النبي صلى الله عليه وسلم ـ ، فيأخذ كل عابد مجود من الأمة الإسلامية المقبلة شريعته الفردية بلا واسطة ، فتكون له شهادته ، وتكون له صلاته ، وصيامه ، وزكاته ، وحجه، ويكون في كل أولئك أصيلاً " (ص:7 .

    هذا هو الأساس للفكر الجمهوري كله ، الاستغناء عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليكون " محمود طه " هو " عيسى " ، ثم " المهدي المنتظر " ، ثم " رسولاً " للرسالة الثانية ، ثم " إلهـًا " .

    الزواج عند " محمود طه :

    إن من الأشياء الخطيرة جدًا في الفكر الجمهوري ، والتي لم يمط عنها اللئام ، هي فكرته عن الزواج ، نظام الزواج عند " محمود طه " هو نوع من الإباحية، وقليل جدًا من يدرك هذا أو من أشار إليه، وسنذكر هنا طرفـًا ، ونسكت عن دواهي كثيرة في حق الله عز وجل ـ تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علوًا كبيرًا ـ .

    يقول " محمود طه " في كتابه " تطوير شريعة الأحوال الشخصية " : " ويمكن تعريف الزواج بأنه شراكة بين شريكين متكافئين ومتساويين في الحقوق والواجبات ، لا تقع فيه وصاية من الرجل على المرأة ، ولا من المرأة على الرجل ، وهما يملكان الدخول فيه بالأصالة عن نفسيهما ، وبملك اختيارهما ، ولهما الحق المتساوي في الخروج منه " (ص:67) .

    ويقول : " في هذا الزواج ليس هناك مهر ، ولا ولي ، والطلاق فيه حق من حقوق المرأة ، كما هو حق من حقوق الرجل " (ص:6 .

    ويقول : " فيمارس حق الطلاق في سعة أفق وطيبة نفس ليدخل كل من الشركين في تجربة جديدة أو إلى قريب منه " (ص:6 .

    فإذا كان الأمر كما ذكر " محمود طه " ، وكما الزواج عنده بلا مهر ولا ولي ولا شهود ، والطلاق في سعة أفق وطيبة ، فليطلق كل واحد ليتزوج ، ويطلق كيف شاء .

    ( لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ) [لأعراف/44 ، 45] .
                  

01-19-2006, 04:16 PM

هاشم نوريت
<aهاشم نوريت
تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 13622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متعك الله بالصحة والعافية يا جعفر النميرى......18/1 (Re: هاشم نوريت)

    Quote: حدُّ الردَّة
    هو السِّياج المنيع والحصن الحصين لحماية هذا الدِّين والحفاظ على المسلمين
    تمهيد

    تعريف الردة

    أدلة كفر المرتد

    كيفية توبة المرتد ردة مجردة

    أدلة قتل المرتد

    لا فرق بين الرجل والمرأة في إقامة حد الردة

    أنواع الردة

    أقوال أهل العلم في ذلك

    نماذج للفرق المعاصرة المرتدة عن الإسلام

    أسباب الوقوع في الردة

    حكم من أباح الردة وأنكر حدها

    تمهيد

    الحمد لله الذي جعل الدَِّين قواماً، ومحمد بن عبد الله للمتقين إماماً صلى الله عليه وآله وسلم، والحدود الشرعية حافظاً وسياجاً، والعلماء العاملين ردءاً لدين الله عز وجل، ينفون عنه تحريف الغالين، وتأويل المبطلين، وشبه وتشكيك الشاكين، ودعاوى المارقين، فجزى الله الإسلام وجزاهم عنه خير الجزاء، وأمدَّهم بعونه وتوفيقه، وحفظهم وكلأهم بعين رعايته، إنه ولي ذلك والقادر عليه، ولا حول ولا قوة إلا به.

    لقد رفع المنافقون ـ نفاق الاعتقاد ـ في الآونة الأخيرة عقيرتهم، وأبانوا عن سوأتهم، وكشفوا عن قبيح معتقداتهم، وناصبوا الأمة الإسلامة بعداوتهم، وحاربوها بالتشكيك والطعن في الثوابت والمسلمات، بل بلغت بهم الجرأة والوقاحة أن أباحوا الردة وأنكروا حدها، وساووا بين دين الحق والأديان الباطلة، فازدادوا كفراً ونفاقاً إلى كفرهم ونفاقهم، لردهم لآي القرآن، وصحيح السنة، ودفعهم لما هو معلوم من الدين ضرورة، وذلك كله لسكوت العلماء، ولإحجام الحكام عن حماية شرع الله، فمن لم يردعه القرآن أخافه السلطان، فالله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن: "من أمن العقوبة أساء الأدب"، ورحم الله الإمام أبا بكر بن العربي المالكي عندما وصف كفر غلاة الشيعة بأنه "كفر بارد لا تسخنه إلا حرارة السيف، أما دفء المناظرة فلا يؤثر فيه".1

    فما الذي يردع هؤلاء؟ وهم يرون من سبقهم من الزنادقة أمثال سلمان رشدي، ونصر أبي زيد، والبغدادي، وغيرهم كثير لا كثر الله من أمثالهم، يسرحون ويمرحون ويُحمون، وينادي بعض المنهزمين من العلماء بعدم إقامة الحد على بعضهم بدعوى أنهم تابوا !!

    ترى ما الذي منع بشر المريسي من إظهار بدعة الاعتزال وكان يعتقدها ويخفيها منذ عهد الرشيد؟ سوى خوفه من الرشيد، ولما أمن العقوبة في عهد المأمون أساء الأدب وأظهر ما كان يخفيه.

    وبعد..

    فهذا بحث عن تعريف الردة، وحدها، وأقسامها، وأدلة ذلك، والأسباب الداعية لها، وهل للمرتد من توبة؟ وعن أحكام المرتد، وعمن قتله ولاة أمر المسلمين من المرتدين قديماً وحديثاً، كتبت ذلك نصحاً للأمة، ومعذرة إلى ربي، ولعلهم يرجعون، ورداً على ما سطر ويسطر في الصحف هذه الأيام من المتطفلين الجرآء الجاهلين، وتهجمهم على الدين، وتشكيكهم في هذا الحد الذي جعله الله حماية للدين، وزجراً للزنادقة المارقين، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فإنه لو لم يقتل ذلك المرتد لكان الداخل في الدين يخرج منه، فقتله حفظ لأهل الدين وللدين، فإن ذلك يمنع من النقص، ويمنعهم من الخروج عنه).2

    إذ لا يحل تأخير البيان عن وقت الحاجة، وقد تأخر، مما حدى بهؤلاء الورَّاقين السفهاء أن ينادوا بإسقاط حد الردة، ويعتبروا إقامة حدها جريمة لا تغتفر: "كبُرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً"، ونبشر هؤلاء أن حد الردة قائم ما قامت السموات والأرض، ولو اجتمع من في الأرض جميعاً لما استطاعوا أن يسقطوا حداً من حدود الله، دعك عن مجموعة الوراقين، ونذكرهم بأن دين الله منصور، وعليهم أن لا يغتروا بغلبة إخوانهم أهل الكفر والفجور، فالأيام دول، والحرب سجال، والله غالب على أمره، ونذكرهم كذلك بأن إقامة الحد عليهم في الدنيا أفضل لهم من إقامته عليهم يوم يقوم الأشهاد.

    على المسؤولين أن يتقوا الله في دينه، ويعملوا على إيقاف هذه الحملات الكفرية التي يقودها الشيوعيون والمنافقون في الصحف، وفي بعض الجامعات؛ في الصحف الحائطية، وأركان النقاش، وليعلموا أن ذلك من أوجب واجباتهم، فليس هناك شيء أوجب على الحاكم من حماية الدين وردع الزنادقة المارقين بعد أن خرجوا من أجحارهم، ويمّموا نحو "الإمبريالية العالمية"، بعد سقوط روسيا الشيوعية، عجباً لهؤلاء الذين لم يرضوا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً، واستعاضوا عن ذلك بالعبودية لغير الله، والعمالة لكل من يحادّ الله ورسوله والمؤمنين: "ومن يهن الله فما له من مكرم"3، لا غرو في ذلك فقد أصبحت روسيا نفسها عميلة لأمريكا، فالعقوق سمة من سمات هؤلاء القوم، ومن قبل عقوا لدين آبائهم وأجدادهم.

    والله أسأل أن يوفق ولاة الأمر من الحكام والعلماء للقيام بدورهم، وتحمل مسؤولياتهم، وأداء واجباتهم على الوجه الذي يرضيه، وأن ينتقم من الكفار والمنافقين، وأن يخالف بين قلوبهم، ويجعل كيدهم في نحورهم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على حامي حمى الدين، وعلى آله وصحبه والتابعين.

    تعريف الردة

    الرِّدَّة هي الرجوع عن الإسلام كلياً أوجزئياً بإنكار ما هو معلوم من الدين ضرورة، بنفي ما أثبته الله ورسوله، أوإثبات ما نفاه الله ورسوله، وتكون بالفعل، والترك، والنطق، والاعتقاد، والشك، جاداً كان المرتد أم هازلاً.

    وبلفظ آخر أن يرتكب الإنسان ناقضاً من نواقض الإسلام.

    قال الكاساني الحنفي المتوفي 587هـ في بدائع الصنائع4: (أما ركن الردة فهو إجراء كلمة الكفر على اللسان بعد وجود الإيمان، إذ الردة عبارة عن الرجوع عن الإيمان).

    وقال الصاوي المالكي المتوفى 1241هـ في "الشرح الصغير"5: (الردة كفر مسلم بصريح من القول، أوقول يقتضي الكفر، أوفعل يتضمن الكفر).

    وقال الشربيني الشافعي المتوفى 977هـ في "مغني المحتاج"6: (الردة هي قطع الإسلام بنية أوفعل، سواء قاله استهزاءً أوعناداً أواعتقاداً).

    وقال البهوتي الحنبلي المتوفى 1050هـ في "كشَّاف القناع"7: (المرتد شرعاً الذي يكفر بعد إسلامه نطقاً، أواعتقاداً، أوشكاً، أوفعلاً).

    أدلة كفر المرتد

    كثيرة جداً، منها:

    قوله تعالى: "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون".8

    قوله تعالى: "ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم".9

    وقوله: "إن الله لا يغفر أن يُشرَك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء".10

    وقوله: "إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً".11

    وقوله: "ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين".12

    وقوله: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم. ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين"13، فلم يستثن إلا المكره من الكفر.

    وقال عن كفر المنافقين الذين يتظاهرون بالإسلام ويبطنون الكفر: "ولا تصلِّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون".14

    وقال مميزاً المنافقين على إخوانهم الكافرين لعظيم ضررهم على الإسلام والمسلمين: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً".15

    وقوله تعالى: "كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق.. أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".16

    وقال عن كفر تاركي الصلاة: "ما سلككم في سقر. قالوا لم نك من المصلين. ولم نك17 نطعم المسكين. وكنا نخوض مع الخائضين18. وكنا نكذب بيوم الدين".19

    وقال عن المنافقين: "ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون".20

    حكم المرتد

    (أ‌) في الدنيا

    1. يُفرَّق بينه وبين زوجته، فإن تاب قبل انقضاء عدتها رجعت إليه، وإن انقضت عدتها قبل أن يتوب تبيَّن فسخ النكاح منذ ارتداده، سواء كانت ردته قبل الدخول بها أوبعد الدخول.

    2. يُمنع من التصرف في ماله، وينفق منه على عياله، وتقضى ديونه.

    3. لا يرث، ولا يورث، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يرث المسلمُ الكافرَ ولا الكافرُ المسلمَ"21، ويكون ما تركه فيئاً لبيت مال المسلمين، ومن أهل العلم من قال لورثته.

    قال القرطبي عن ميراث المرتد: (قال علي بن أبي طالب، والحسن، والشعبي، والحَكَم، والليث، وأبوحنيفة، وإسحاق بن رَاهَوَيْه: ميراث المرتد لورثته من المسلمين، وقال مالك، وربيعة، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأبو ثور: ميراثه في بيت المال).22

    والراجح ما ذهب إليه مالك والشافعي ومن وافقهما أن ميراثه لبيت مال المسلمين، للحديث: "لا يرث المسلمُ الكافرَ.."، وينفق على عياله من بيت مال المسلمين.

    4. يُقتل المرتد من غير استتابة إن قُدِر عليه، إذا كانت ردته مغلظة، لأن الردة تنقسم إلى قسمين:

    مغلظة، وهي ما تكون مصحوبة بمحاربة الله، ورسوله، وأوليائه من العلماء العاملين، وعداوتهم، والمبالغة في الطعن في الدين، والتشكيك في الثوابت.

    ومجردة، وهي التي لم تصحب بمحاربة ولا عداوة ولا طعن وتشكيك في الدين، وكل الآثار التي وردت في استتابة المرتد متعلقة بالردة المجردة.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (إن الردة على قسمين: ردة مجردة، وردة مغلظة شرع القتل على خصوصها، وكلاهما قد قام الدليل على وجوب قتل صاحبها، والأدلة الدالة على سقوط القتل بالتوبة لا تعمُّ القسمين، بل إنما تدل على القسم الأول ـ الردة المجردة ـ كما يظهر ذلك لمن تأمل الأدلة على قبول توبة المرتد، فيبقى القسم الثاني ـ الردة المغلظة ـ وقد قام الدليل على وجوب قتل صاحبها، ولم يأت نص ولا إجماع على سقوط القتل عنه، والقياس متعذر مع وجود الفرق الجلي، فانقطع الإلحاق، والذي يحقق هذه الطريقة أنه لم يأت في كتاب ولا سنة ولا إجماع أن كل من ارتد بأي قول أوبأي فعل كان فإنه يسقط عنه القتل إذا تاب بعد القدرة عليه، بل الكتاب والسنة والإجماع قد فرَّق بين أنواع المرتدين).23

    قال في "نيل المآرب في تهذيب عمدة الطالب"24: (ولا تقبل في الدنيا توبة من سبَّ الله تعالى، أورسوله، سباً صريحاً، أوتنقصه، ولا توبة من تكررت ردته، بل يقتل بكل حال، لأن هذه الأشياء تدل على فساد عقيدته).

    5. يتولى قتله الإمامُ أومن ينوب عنه.

    6. لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين.

    7. يبطل عمله، نحو حجة الإسلام، وهذا مذهب مالك ومن وافقه، لقوله تعالى: "لئن أشركتَ ليحبطنَّ عملك ولتكونن من الخاسرين"25، وذهب الشافعي وأحمد إلى أن: (من ارتد ثم عاد إلى الإسلام لم يحبط عمله ولا حجه الذي فرغ منه، بل إن مات على الردة فحينئذ تحبط أعماله، وقال مالك: تحبط بنفس الردة، ويظهر الخلاف في المسلم إذا حجَّ ثم ارتد ثم أسلم، فقال مالك: يلزمه الحج لأن الأول قد حبط بالردة).26

    (ب‌) في الآخرة

    إن تاب وصدق في توبته قبلت منه إن شاء الله، وإن لم يتب ولو قتل في الدنيا فهو من أهل النار خالداً مخلداً فيها.

    كيفية توبة المرتد ردة مجردة

    1. أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله.

    2. أن يعلن رجوعه عما كان يعتقده، أويقوله، أويفعله بالتفصيل على العامة، قال تعالى: "إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا" الآية، بأن يقول: كنتُ أعتقدُ كذا وكذا، أوكنتُ أقولُ كذا وكذا، أوكنتُ أفعلُ كذا وكذا، وأنا راجع عن كل ذلك؛ ويُكتب ويُختم ويشهد على ذلك، وإلا لا تقبل توبته.

    أدلة قتل المرتد

    حد المرتد ثبت بالسنة القولية، والفعلية، والتقريرية، وبما صحَّ عن الخلفاء الراشدين وحكام المسلمين، وإليك الأدلة:

    (أ) من السنة القولية، والفعلية، والتقريرية

    1. خرَّج البخاري في صحيحه بسنده إلى أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح، وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاءه رجل فقال: ابن أخطل متعلق بأستار الكعبة؛ فقال: اقتله".27

    وفي رواية للدارقطني كما قال الحافظ في الفتح28: "من رأى منكم ابن أخطل فليقتله"، ومن رواية زيد بن الحباب عن مالك بهذا الإسناد: "وكان ابن أخطل يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشعر".

    وقال الحافظ ابن حجر: (وأخرج عمر بن شبة في "كتاب مكة" من حديث السائب بن يزيد قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استخرج من تحت أستار الكعبة عبد الله بن أخطل فضربت عنقه صبراً بين زمزم ومقام إبراهيم، وقال: "لا يقتلن قرشي بعد هذا صبراً"، ورجاله ثقات، إلا أن في أبي معشر مقالاً، والله أعلم.

    وقال29: وروى الطبراني من حديث ابن عباس ..وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أمراءه أن لا يقتلوا إلا من قاتلهم، غير أنه أهدر دم نفر سمَّاهم، وقد جمعت أسماءهم من مفرقات الأخبار، وهم: عبدالعزى بن أخطل، وعبد الله بن أبي السرح، وعكرمة بن أبي جهل، والحويرث بن نُقَيد بنون وقاف مصغَّر، ومقيس بن صَبَابة بمهملة مضمومة وموحدتين الأولى خفيفة، وهبار بن الأسود، وقينتان كانتا لابن أخطل كانتا تغنيان بهجو النبي صلى الله عليه وسلم، وسارة مولاة بني عبد المطلب وهي التي وُجِدَ معها كتاب حاطب، فأما ابن أبي السرح فكان أسلم ثم ارتد فشفع فيه عثمان يوم الفتح إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحقن دمه وقبل إسلامه.. وأما مقيس بن صَبَابة فكان أسلم ثم عدا على رجل من الأنصار فقتله، وكان الأنصاري قتل أخاه هشاماً خطأ، فجاء مقيس فأخذ الدية ثم قتل الأنصاري ثم ارتد، فقتله نميلة بن عبد الله يوم الفتح).

    وشاهدنا من هؤلاء في إهدار دم وقتل من أسلم ثم ارتد وهم: عبد الله بن أبي السرح، ومقيس بن صبابة، وسارة.

    2. ما صحَّ عن ابن عباس رضي الله عنهما يرفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه قال: "من بدَّل دينه فاقتلوه".30

    3. وما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحلُّ دمُ امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث"، وذكر منهم: "التارك لدينه المفارق للجماعة".31

    (ب) قتل الخلفاء الراشدين والصحابة المهديين للمرتدين

    قتل أبي موسى ومعاذ رضي الله عنهما ليهودي أسلم ثم تهوَّد

    خرَّج البخاري في صحيحه بسنده إلى أبي موسى عندما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ثم أتبعه بمعاذ، فلما قدم معاذ على أبي موسى ألقى له وسادة، قال: انزل، فإذا رجل عنده موثق، قال: ما هذا؟ قال: كان يهودياً فأسلم ثم تهود؛ قال: اجلس؛ قال: لا أجلس حتى يُقتل قضاء الله ورسوله، ثلاث مرات؛ فأمر به فقتل".32

    إقناع أبي بكر لعمر وغيره بقتال المترتدين، وإجماع الصحابة على قتلهم بعدُ

    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر، وكفر من كفر من العرب، قال عمر: يا أبا بكر، كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله؛ قال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها؛ قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيتُ أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفتُ أنه الحق".33

    الذين قاتلهم الصديقُ ثلاث طوائف كما قال ابن حزم رحمه الله في الملل والنحل:

    طائفة أعلنت الكفر وارتدت، واتبعت المتنبئين مسيلمة، وطليحة، والأسود، وسجاح.

    وطائفة بقيت على إسلامها ولكن منعوا الزكاة.

    وطائفة تربصت حتى ترى لمن الغلبة.

    فقُتل الأسود العنسي، ومسيلمة، وعاد طليحة إلى الإسلام وكذا سجاح، ورجع غالب من كان ارتد إلى الإسلام، ولم يحل الحول إلا والجميع قد راجعوا دين الإسلام ولله الحمد كما قال الحافظ ابن حجر34، وذلك بفضل الله، ثم عزيمة وشجاعة أبي بكر وإقامة هذا الحد على المرتدين، الذي لولاه لضاع الدين ولتهدمت أركانه.

    قتل عليّ وحرقه لجماعة من الرافضة ألَّهوه وعبدوه

    خرَّج البخاري في صحيحه عن عكرمة قال: أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس، فقال: لو كنتُ أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تعذبوا بعذاب الله"، ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بدَّل دينه فاقتلوه".35

    خرج علي يوماً من المسجد بالكوفة بباب كندة فإذا جماعة من الرافضة المخذولين سجدوا له، فقال لهم: ما هذا؟ قالوا له: أنت خالقنا ورازقنا؛ فقال لهم: سبحان الله إنما أنا بشر مثلكم إن شاء رحمني، وإن شاء عذبني؛ فاستتابهم عليٌّ ثلاثة أيام، وتهددهم إن لم يتوبوا بالإحراق بالنار، فلم يفد، فأمر بحفر الأخاديد وملأها بالحطب وأشعلها ناراً، ثم ألقاهم فيها، وقال مرتجزاً:

    لما رأيتُ الأمر أمراً منكراً أججت ناري ودعوتُ قنبرا36

    فهؤلاء الزنادقة لم يقاتلوا ولم يحاربوا علياً، بل عبدوه، ومع ذلك قتلهم ثم حرقهم بالنار بعد قتلهم تعزيراً، مما يدل على أنه لا فرق بين الردة الفكرية أوالمصحوبة بمحاربة في العقوبة، بل كانت عقوبة هؤلاء الزنادقة أشد، لاتخاذهم علياً رضي الله عنه إلهاً.

    قتل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لشيخ نصراني أسلم ثم ارتد عن الإسلام

    فقال له علي: لعلك إنما ارتددت لأن تصيب ميراثاً37 ثم ترجع إلى الإسلام؟ قال: لا؛ قال: فلعلك خطبت امرأة فأبوا أن يزوجوكها، فأردت أن يزوجوكها ثم تعود إلى الإسلام؟ قال: لا؛ قال: فارجع إلى الإسلام؛ قال: لا، حتى ألقى المسيح؛ قال: فأمر به عليّ فضربت عنقه، ودفع ميراثه إلى ولده من المسلمين.38

    وعن أبي عمرو الشيباني أن المِسْوَر العجلي تنصَّر بعد إسلامه

    فبعث به عتيبة بن أبي وقاص إلى علي فاستتابه، فلم يتب، فقتله، فسأله النصارى جيفته بثلاثين ألفاً، فأبى عليٌّ وأحرقه.39

    قتل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه لستة نفر من بكر بن وائل كانوا قد ارتدوا عن الإسلام40

    أخذ ابن مسعود رضي الله عنه قوماً ارتدوا عن الإسلام من أهل العراق

    فكتب فيهم إلى عثمان رضي الله عنه، فردّ عليه عثمان: أن اعرض عليهم دين الحق، وشه،ادة أن لا إله إلا الله، فإن قبلـوها فخلِّ عنهم، فإن لم يقبلوها فاقتلهم، فقبلهـا بعضهم فتركهم، ولم يقبلها بعضهم فقتلهم. 41

    (ج) الإجماع

    لهذا أجمعت الأمة من لدن الصحابة ومن بعدهم على قتل المرتد.

    (د) قتل ولاة أمر المسلمين للزنادقة والمرتدين

    قتل عبد الملك بن مروان رحمه الله لمعبد الجهني، لأنه أول من تكلم في القدر

    قال ابن كثير: (وقد كانت لمعبد عبادة وفيه زهادة.. وقال الحسن البصري: إياكم ومعبداً فإنه ضال مضل.. صلبه عبد الملك بن مروان في سنة ثمانين بدمشق ثم قتله)42، جزاه الله خيراً.

    قتل عبد الملك بن مروان للحارث الكذاب

    وكانت له علاقة بالشياطين، فأضلته، فقتله عبد الملك بن مروان بدمشق.43

    قتل الأمير خالد بن عبد الله القسري للجعد بن درهم، لإنكاره لصفتين من صفات الله عز وجل

    عن حبيب بن أبي حبيب قال: (خطبنا خالد بن عبد الله القسري بواسط يوم الأضحى فقال: أيها الناس ارجعوا فضحوا تقبل الله منا ومنكم، فإني مضح بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله تبارك وتعالى لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً، سبحانه وتعالى عما يقوله الجعد بن درهم علواً كبيراً؛ ثم نزل فذبحه، وكان ذلك في سنة 124ﻫ ).44

    قتل أسلم بن أحوز للجهم بن صفوان لإنكاره لصفات الله عز وجل متوهماً تنزيهه بذلك

    قـال الذهبي رحمـه الله: (إن أسلم بن أحـوز قتل جهمَ بن صفـوان لإنكاره أن الله كلم موسى)45، وكان ذلك في سنة 128ﻫ .

    قال الحافظ ابن عساكر رحمه الله: (وكان الجعد يسأل وهباً عن صفات الله عز وجل، فقال له وهب يوماً: ويلك يا جعد، أقصر المسألة عن ذلك، إني لأظنك من الهالكين، لو لم يخبرنا الله في كتابه أن له يداً ما قلنا ذلك، وأن له عيناً ما قلنا ذلك، وأن له سمعاً ما قلنا ذلك).46

    هذه السلسلة الشيطانية الخبيثة: الجهم بن صفوان، عن الجعد بن درهم، عن معبد الجهني، ثمرة خبيثة من ثمار علم الكلام والجدل.

    وروى الدارمي عثمان بن سعيد في كتابه "الرد على الجهمية"47

    (أتى خالد بن عبد الله القسري برجل قد عارض القرآن، فقال: قال الله في كتابه: "إنا أعطيناك الكوثر. فصلِّ لربك وانحر. إن شانئك هو الأبتر"، وقلت أنا: إنا أعطيناك الجماهر، فصل لربك وجاهر، ولا تطع كل سافه وكافر؛ فضرب خالد عنقه، وصلبه، فمرَّ به خلف بن خليفة وهو مصلوب، فضرب بيده على خشبته فقال: إنا أعطيناك العمود، فصل لربك على عود، فأنا ضامن لك ألا تعود).

    روى الذهبي بسنده إلى أبي بكر بن عياش

    قال: "رأيتُ خالداً القسري حين أتى بالمغيرة بن سعيد وأصحابه، وكان يريهم ـ أي المغيرة ـ أنه يحيي الموتى، فقتل خالد واحداً منهم، ثم قال للمغيرة: أحيه؛ فقال: والله ما أحيي الموتى؛ قال: لتحيينه أولأضربن عنقك؛ ثم أمر بطَنٍّ من قصب فأضرموه، فقال: اعتنقه فأبى؛ فعدا رجل من أتباعه فاعتنقه، قال أبو بكر: فرأيتُ النار تأكله وهو يشير بالسبابة، فقال خالد: هذا والله أحق بالرئاسة منك؛ ثم قتله وقتل أصحابه.

    قال الذهبي عن المغيرة هذا: (كان رافضياً، خبيثاً، كذاباً، ساحراً، ادعى النبوة، وفضَّل علياً على الأنبياء، وكان مجسماً، سقت أخباره في "ميزان الاعتدال"48 49 )

    ثم ذكر الذهبي قتل خـالد للجعد بن درهم، ثم قال: (هذه من حسنـاته، هي وقتله مغيرة الكـذاب).50

    قلتُ: كان خالد القسري شجاعاً كريماً، ولكنه كان رقيق الدين مبيراً كالحجاج بن يوسف، وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر"، لأن فجوره لنفسه، وقتله لهذين المرتدين من حسناته التي نسأل الله أن يكفر بها سيئاته.

    قتل هشام بن عبد الملك لغيلان القدري لإنكاره القدر، بعد أن تهدده عمر بن عبد العزيز بالقتل من قبل، ولكنه تظاهر بالتوبة.

    تتبع الخليفة المهدي العباسي للمرتدين والزنادقة وقتله لهم

    قال الحافظ ابن كثير رحمه الله وهو يؤرخ لعام ست وسبعين ومائة: (وفيها تتبع المهدي جماعة من الزنادقة في سائر الآفاق فاستحضرهم وقتلهم صبراً بين يديه، وكان المتولي أمر الزنادقة عمر الكلواذي).51

    وقال الذهبي في ترجمة المهدي: (كان جواداً، ممداحاً، معطاءً، محبباً إلى الرعية، قصاباً في الزنادقة، باحثاً عنهم).52

    وقال ابن الجوزي في كتابه "المنتَظَم في تاريخ الملوك والأمم"53 وهو يؤرخ لعام سبع وستين بعد المائة: (وفيها جدَّ المهدي في طلب الزنادقة والبحث عنهم في الآفاق وقتلهم، فولى أمرهم عمـر الكلواذيّ، فأخـذ يزيد بن الفيض كاتب المنصور، فأقر فحبس فهرب من الحبس.

    ثم روى بسنده قائلاً: اتهم المهدي صالحَ بن عبد القدوس البصري بالزندقة، فأمر بحمله إليه فأحضر.

    إلى أن قال: قال ابن ثابت: وقيل إنه بلغه عنه أبيات يعرِّض فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم، قال: ويقال إنه كان مشهوراً بالزندقة، وله مع أبي الهذيل العلاف مناظرات).

    قتل الخليفة موسى الهادي العباسي لبعض الزنادقة والمرتدين

    روى ابن الجوزي بسنده إلى المطلب بن عكاشة المزني قال: (قدمنا على أمير المؤمنين الهادي شهوداً على رجل منا شتم قريشاً وتخطى إلى ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، فجلس لنا مجلساً أحضر فيه فقهاء أهل زمانه، ومن كان بالحضرة على بابه، وأحضر الرجل وأحضرنا، فشهدنا عليه بما سمعنا منه، فتغير وجه الهادي ثم نكس رأسه ثم رفعه فقال: إني سمعت أبي المهدي يحدث عن أبي المنصور، عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن عباس قال: من أراد هوان قريش أهانه الله، وأنت يا عدو الله لم ترض بأن أردت ذلك من قريش حتى تخطيتَ إلى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، اضربوا عنقه؛ فما برحنا حتى قتل).54

    وقال ابن الجوزي وهو يؤرخ لسنة تسع وستين ومائة55: (وفيها اشتدّ طلب موسى للزنادقة، فقتل منهم جماعة، فكان فيمن قتل كاتب يقطين وابنه علي بن يقطين، وكان علي قد حج فنظر إلى الناس في الطواف يهرولون، فقال: ما أشبههم ببقر يدور في البيدر؛ فقال شاعر:

    قـل لأمين الله في خـلقه وارث الكعبـة و المنبـر

    ماذا ترى في رجل كافـر يشبِّه الكعبـة بالبيــدر؟

    ويجعل الناس إذا ما سعوا حُمْراً يَدُوس البُرَّ والدَّوسر؟

    فقتله موسى ثم صلبه.

    إلى أن قال: وقتل من بني هاشم يعقوب بن الفضل بن عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وكان المهدي أتى به وبابن لداود بن علي فحبسهما لما أقرّا بالزندقة، وقال ليعقوب: لولا محمد رسول الله من كنتَ! أما والله لولا أني كنت جعلتُ على الله عهداً إن ولاني أن لا أقتل هاشمياً لما ناظرتك؛ ثم التفت إلى الهادي، فقال: يا موسى، أقسمتُ عليك بحقي إن وليتَ هذا الأمر من بعدي أن لا تناظرهما ساعة واحدة، فمات ابن داود بن علي في الحبس قبل وفاة المهدي، فلما قدم الهادي من جرجان ذكر وصية المهدي، فأرسل إلى يعقوب وألقى عليه فراشاً وأقعِدت عليه الرجال حتى مات، ولها عنه).

    قتل أبي منصور الحلاج وصلبه لادعائه الألوهية، والقول بالحلول، وقوله: "أنا الحق"، مع تمسكه في الظاهر بالشريعة

    قال القاضي عياض رحمه الله: (وقد أحرق علي بن أبي طالب رضي الله عنه من ادعى الألوهية، وقد قتل عبد الملك بن مروان الحارث المتنبئ وصلبه وفعل ذلك غير واحد من الخلفاء والملوك بأشباههم، وأجمع علماء وقتهم على صواب فعلهم.. والمخالف في ذلك في كفرهم كافر.

    وأجمع فقهاء بغداد أيام المقتدر (توفي 320ﻫ من المالكية ـ وغيرهم ـ وقاضي قضاتها أبو عمر56 المالكي على قتل الحلاج وصلبه لدعواه الألوهية، والقول بالحلول، وقوله: "أنا الحق"، مع تمسكه في الظاهر بالشريعة، ولم يقبلوا توبته).57

    وقال الذهبي عن الحلاج: (فهو صوفي الزي والظاهر، متستر بالنسب إلى العارفين، وفي الباطن فهو من صوفية الفلاسفة أعداء الرسل، كما كان جماعة في أيام النبي منتسبون إلى صحبته وإلى ملته وهم في الباطن من مردة المنافقين، قد لايعرفهم النبي ولا علم بهم، قال تعالى: "ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم"، فإذا جاز على سيد البشر أن لا يعلم ببعض المنافقين وهم معه في المدينة سنوات فبالأولى أن يخفى حال جماعة من المنافقين الفارغين عن دين الإسلام بعده عليه السلام على العلماء من أمته). 58

    روى الحـافظ ابن كثير عن الخطيب البغـدادي بسنده عن أبي عمـر بن حيـوة قال: (لما أُخرج الحسين بن منصور الحلاج للقتل، مضيت في جملة الناس، ولم أزل أزاحم حتى رأيته فدنوت منه فقال لأصحابه: لا يهولنكم هذا الأمر، فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يوماً؛ ثم قتل فما عاد، وذكر الخطيب أنه قال وهو يُضرب لمحمد بن عبد الصمد والي الشرطة: ادع بي إليك فإن عندي نصيحة تعدل فتح القسطنطينية؛ فقال له: قد قيل لي إنك ستقول مثل هذا، وليس إلى رفع الضرب عنك سبيل؛ ثم قطعت يداه ورجلاه، وحز رأسه، وأحرقت جثته، وألقي رمادها في دجلة، ونصب الرأس يومين ببغداد على الجسر، ثم حمل إلى خرسان، وطيف به في تلك النواحي، وجعل أصحابه يَعِدُون أنفسهم برجوعه إليهم بعد ثلاثين يوماً، وزعم بعضهم أنه رأى الحلاج من آخر ذلك اليوم وهو راكب على حمار في طريق النهروان59، فقال: لعلك من هؤلاء النفر الذين ظنوا أني أنا هو المضروب المقتول، إني لست به، وإنما ألقي شبهي على رجل ففعل به ما رأيتم (!!)؛ وكانوا بجهلهم يقولون: إنما قتل عدو من أعداء الحلاج؛ فذكر هذا لبعض علماء ذلك الزمان، فقال: إن كان هذا الرائي صادقاً، فقد تبدى له شيطان على صورة الحلاج ليضل الناس به، كما ضلت فرقة النصارى بالمصلوب.

    إلى أن قال الخطيب: ونودي ببغداد أن لا تشترى كتب الحلاج ولا تباع، وكان قتله لست بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثمائة ببغداد).60

    ابن أبي الفراقيد قتل بسبب ادعائه الألوهية سنة 322ﻫ

    قال القاضي عياض: (وكذلك حكموا ـ أي العلماء ـ في ابن أبي الفراقيد وكان على نحو مذهب الحلاج بعد هذا أيام الراضي بالله ـ العباسي المتوفي 329هـ وقاضي قضاة بغداد يومئذ أبو الحسين بن أبي عمر المالكي).61

    قال محقق الشفا: (هو محمد بن علي بن أبي الفراقيد، شاع أمره في بغداد، وادعى الألوهية، وأنه يحيي الموتى، فطلبه الراضي فهرب سنين، ثم عاد فهجم عليه ابن مقلة وأمسكه فأثبت كفره وكتب عليه القضاة، وأفتوا بقتله، وأحرقت جثته سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة).62

    ابن أبي عون، وكان على طريقة الحلاج فقتل

    قال محقق الشفا: (وتبعه ـ أي ابن أبي الفراقيد ـ على حاله ابن أبي عون صاحب "كتاب التنبيه" فقتل معه).63

    قتل الأمير عبد الرحمن بن الحكم رحمه الله "لابن أخي عَجَب" لتعرضه بساقط القول وسخيفه للرب جل جلاله

    قال القاضي عياض رحمه الله: (وأما من تكلم من سقط وسخف اللفظ ممن لم يضبط كلامه، وأهمل لسانه، بما يقتضي الاستخفاف بعظمة ربه، وجلالة مولاه.. أوتمثل في بعض الأشياء ببعض ما عظم الله من ملكوته، أونزع من الكلام لمخلوق بما لا يليق إلا حق خالقه غير قاصد للكفر والاستخفاف ولا عامد للإلحاد، فإن تكرر هذا منه، وعرف به، دلّ على تلاعبه بدينه، واستخفافه بحرمة ربه، وجهله بعظيم عزته وكبريائه، هذا كفر لا مرية فيه، وكذلك إن كان ما أورده يوجب الاستخفاف والتنقص لربه.

    وقد أفتى ابن حبيب64 وأصْبَغ65 بن خليل من فقهاء قرطبة بقتل المعروف بابن أخي عَجَب66، وكان خرج يوماً فأخذه المطر، فقال: "بدأ الخراز يرش جلوده"67، وكان بعض الفقهاء بها.. أبو زيد صاحب الثمانية68، وعبد الأعلى بن وهب، وأبان بن عيسى، وقد توقفوا عن سفك دمه، وأشاروا إلى أنه عبث بالقول، ويكفي فيه الأدب، وأفتى بمثله القاضي حينئذ موسى بن زياد، فقال ابن حبيب: دمه في غيض.. أيشتم رباً عبدناه ثم لا ننتصر له؟! إنا إذاً لعبيد سوء، ما نحن له بعابدين؛ وبكى، ورُفِع المجلس إلى الأمير بها عبدالرحمن بن الحكم الأموي، وكانت عَجَب عمة هذا المطلوب من حظاياه، وأعلِم باختلاف الفقهاء69، فخرج الإذن من عنده بالأخذ بقول ابن حبيب وصاحبه، وأمر بقتله، فقتل وصلب بحضرة الفقيهين، وعزل القاضي بالمداهنة في هذه القضية، ووبخ بقية الفقهاء وسبهم).70

    جزى الله الأمير عبد الرحمن بن الحكم ومن قبل الإمامين ابن حبيب وأصبغ على غيرتهما على الدين، وحمايتهما لجناب رب العالمين، ولأخذهما بالعزيمة، وعدم التفاتهما للأقوال الضعيفة، والهفوات، والزلات التي ليس فيها نصر للإسلام، ولا للسفهاء اللئام من الأنام.

    قتل ابن الهيثي لكفره واستهانته بآيات الله 626ﻫ

    قال الحافظ ابن كثير رحمه الله وهو يؤرخ لسنة 626ﻫ: (وفي يوم الثلاثاء حادي عشرين ربيع أول ضربت عنق ناصر بن الشرف أبي الفضل بن إسماعيل بن الهيثي بسوق الخيل على كفره واستهانته واستهتاره بآيات الله، وصحبته الزنادقة، كالنجم بن خلكان، والشمس محمد الباجريقي، وابن المعمار البغدادي، وكل فيه انحلال وزندقة مشهور بها بين الناس.

    قال الشيخ علم الدين البرزالي: وربما زاد هذا المذكور المضروب العنق عليهم بالكفر والتلاعب بدين الإسلام، والاستهانة بالنبوة والقرآن71، قال: وحضر قتله العلماء والأكابر وأعيان الدولة، قال: وكان هذا الرجل في أول امره قد حفظ التنبيه، وكان يقرأ في الختم بصوت حسن، وعنده نباهة وفهم، وكان منزلاً في المدارس والترب، ثم إنه انسلخ من ذلك جميعه، وكان قتله عزاً للإسلام وذلاً للزنادقة وأهل البدع).72

    قتل الرئيس نميري للزنديق المرتد الصوفي الباطني محمود73 محمد طه في 1985م

    لتركه للصلاة وادعائه الرسالة ثم الألوهية، وفتنته للعامة والدهماء، ونشره الضلال والكفر، وكان أتباعه يعتقدون أنه لن يموت، فقد مات شر مِيتة، وقتل شر قِتلة.

    لا فرق بين الرجل والمرأة في إقامة حد الردة

    يدعي البعضُ أن حد الردة لا يقام على المرأة، وتمسكوا ببعض النصوص التي وردت عن بعض السلف، وهي خاصة بالكافرة الأصلية، أما من دخلت في الإسلام ولو نفاقاً، ثم انسلخت منه قتلت، وإليك الأدلة:

    1. أمره صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة بقتل أربعة نفر وامرأتين، إحداهما مرتدة عن الإسلام وهي سارة مولاة بني عبد المطلب، ولو وُجِدوا متعلقين بأستار الكعبة.

    2. ما صح عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن أم ولد لرجل سبَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلها، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دمها هدر".

    وفي رواية للدارقطني74 عن ابن عباس: "أن رجلاً أعمى كانت له أم ولد له منها ابنان مثل اللؤلؤتين، فكانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه، فينهاها فلم تنته، ويزجرها فلم تنزجر، فلما كان ذات ليلة ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم فما صبر سيدها أن قام إلى معول فوضعه في بطنها، ثم اتكأ عليها حتى أنفذه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أشهد أن دمها هدر"، وفي رواية قال لرسول الله: "وكانت بي رفيقة، فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك، فقتلتها".

    3. سبَّت امرأة النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقتلها خالد بن الوليد رضي الله عنه.

    4 . وعن محمد بن المنكدر عن جابر قال: "ارتدت امرأة عن الإسلام فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُعرض عليها الإسلام، فإن قبلت وإلا قتلت؛ فعرضوا عليها الإسلام فأبت إلا أن تقتل فقتلت".75

    5. وفي رواية عن جابر: "أن امرأة يقال لها أم مروان ارتدت عن الإسلام فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُعرض عليها الإسلام فإن رجعت وإلا قتلت".76

    6 . وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "ارتدت امرأة يوم أحد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تستتاب فإن تابت وإلا قتلت".77

    7. قتل أبي بكر الصديق رضي الله عنه لامرأة يقال لها أم قرفة في الردة.

    أما ما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "لا يُقتل النساء إذا ارتددن"، فضعيف.

    روى البيهقي بسنده إلى عبد الرحمن بن مهدي معلقاً على حديث ابن عباس هذا، قال: (سألتُ سفيان عن حديث عاصم78 في المرتدة؟ فقال: أما عن ثقة فلا؛ ثم نقل عن الزهري في المرأة أن تكفر بعد إسلامها قال: تستتاب، فإن تابت وإلا قتلت، وعن إبراهيم النخعي مثل ذلك).

    ومن العجيب أن القائلين بعدم قتل المرتدة هم منكرون لجميع الحدود، وداعون لتسوية المرأة بالرجل في الميراث وفي الحقوق السياسية ونحوها، مخالفين بذلك كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأمة، مما يدل على جهلهم الفاضح وتناقضهم، وأنهم في الحقيقة متبعون لأهوائهم.

    أنواع الردة

    نواقض الإسلام لا تحصى كثرة، ولكن سنذكر أخطرها، وهي:

    1. الشرك الأكبر، وهوأن يتخذ الإنسان مع الله نداً أوشريكاً يصرف إليه شيئاً من العبادة، كالدعاء، والاستغاثة، والذبح، والنذر، واتخاذ الوسائط.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم ويتوكل عليهم كفر إجماعاً).

    2. نفي ما أثبته الله ورسوله، أوإثبات ما نفاه الله ورسوله.

    3. من ادعى النبوة أوصدَّق من يدعيها، كالإخوان الجمهوريين.

    4. التحاكم لغير شرع الله أوالرضا به.

    5. السخرية والاستهزاء بالله ورسوله وآياته.

    6. من لم يكفِّر الكفار، كاليهود والنصارى والمشركين، أوشكَّ في كفرهم، أوصحَّّح مذاهبهم.

    7. تعلم السحر والكهانة والاشتغال بذلك.

    8. استحلال ما حرَّم الله أوتحليل ما حرَّم الله.

    9. اعتقاد أن بعض المشايخ تُرفع عنهم التكاليف الشرعية.

    10. تضليل وتكفير جل الصحابة أوالخلفاء الراشدين.

    11. اتهام عائشة بما برَّأها الله منه.

    12. السجود لصنم.

    13. الاستخفاف بالمصحف، أوالقرآن، أو بنبي من الأنبياء، أومَلَك من الملائكة، أوبأي أمر من الدين.

    14. سبُّ الدين.

    15. الدعوة إلى توحيد الأديان أوالتقارب بين دين الحق وغيره من الأديان المنسوخة.

    16. اعتقاد أن أحداً من الثقلين يمكنه الاستغناء عن شرع محمد صلى الله عليه وسلم.

    أقوال أهل العلم في ذلك79

    1. قال ابن عبد الحكم في المبسوط: "من تنبَّأ قُتل".

    2. وقال أبو حنيفة وأصحابه: "من جحد أن الله خالقه أوربه، أوقال: ليس لي رب، فهو مرتد"، كالشيوعيين ونحوهم.

    3. وقال مالك في كتاب ابن حبيب ومحمد، وقال ابن القاسم، وابن الماجشون، وابن عبد الحكم، وأصبغ، وسُحنون، فيمن شتم الأنبياء أوأحداً منهم أوتنقصه80: قتل ولم يستتب، ومن سبهم من أهل الذمة قتل إلا أن يسلم.

    4. وفي النوادر عن مالك، فيمن قال: إن جبريل أخطأ81 بالوحي، وإنما كان النبي علي بن أبي طالب، استتيب فإن تاب وإلا قتل.

    5. وقال أبو الحسن القابسي في الذي قال لآخر: "كأنه وجه مالك الغضبان"، لوعرف أنه قصد ذم المَلَك ـ خازن النار عليه السلام ـ قتل.

    6. وقال ابن القاسم: من قال إن الله تعالى لم يكلم موسى تكليماً قتل؛ وقاله عبد الرحمن بن مهدي.

    7. وقال محمد بن سُحنون فيمن قال: "المعوذتان ليستا من كتاب الله": يضرب عنقه إلا أن يتوب، وكذلك كل من كذَّب بحرف منه.

    8. وقال عبد الله بن مسعود: "من كفر بآية من القرآن فقد كفر به كله.

    9. روي عن مالك: من سبّ أبا بكر ـ بغير تضليل ولا تكفير ـ جُلد، ومن سبّ عائشة قتل؛ قيل له: لِمَ؟ قال: من رماها فقد خالف القرآن.

    10. وقال الفوزان: ومن حكّم القوانين الوضعية بدل الشريعة الإسلامية، يرى أنها أصلح82 من الشريعة الإسلامية، أواعتنق فكرة الشيوعية، أوالقومية العربية بديلاً عن الإسلام، فلا شك في ردته.

    وأنواع الردة كثيرة، مثل من ادّعى علم الغيب، ومثل من لم يكفِّر المشركين أويشك في كفرهم أويصحح ما هم عليه.83

    11. وقال محمد بن عبد الوهاب، ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل، والجاد، والخائف، إلا المكره.

    12. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (من لعن أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كمعاوية، وعمرو بن العاص، أومن هو أفضل من هؤلاء كأبي موسى، وأبي هريرة، أومن هو أفضل من هؤلاء كطلحة، والزبير، أوعثمان، أوعلي، أوأبي بكر، أوعمر، أوعائشة، أونحو هؤلاء من الصحابة فإنه يستحق العقوبة البليغة باتفاق المسلمين، وتنازعوا هل يعاقب بالقتل أوما دون ذلك؛ وقد ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسبوا أصحابي"، وعموم الصحبة يندرج فيها كل من رآه مؤمناً به).

    نماذج للفرق المعاصرة المرتدة عن الإسلام84

    من أمثلة الفرق المرتدة عن الإسلام على سبيل التمثيل لا الحصر ما يأتي:

    1. النصيرية

    قال عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية: (هم أكفر من كثير من المشركين، وفيهم من جنس دين البراهيمة، والوثنيين، والملحدين).

    2. الماسونية

    قال مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي عنها: (يقرر المجمع الفقهي اعتبار الماسونية من أخطر المنظمات الهدامة على الإسلام والمسلمين، وأن من ينتسب إليها على علم بحقيقتها وأهدافها فهو كافر بالإسلام ومجانب لأهله).

    3. الشيوعية

    قال عنها مجمع الفقه الإسلامي بالرابطة: (..من المُسَلَّم به يقيناً أن الشيوعية منافية للإسلام، وأن اعتناقها كفر بالدين الذي ارتضاه الله لعباده، وهي هدم للمثل الإنسانية، والقيم الأخلاقية، وانحلال للمجتعات البشرية، والشريعة الإسلامية المحمدية التي هي خاتمة الأديان السماوية.. كذا فإن المجلس يوصي الدول والشعوب الإسلامية أن تنتبه إلى وجوب مكافحة هذا الخطر الداهم بالوسائل المختلفة.

    والحمد لله فالآن عام 1412هـ انتهى هذا المبدأ الخبيث في عقر داره، وتبرأ منه وحاربه أبناء وأحفاد الذين أسسوه، بعدما جرّ عليهم الفقر والخراب والدمار).

    4. البهائية والبابية

    جاء في قرار المجمع الفقهي بمكة المكرمة عن البهائية والبابية: (أن البهائية دين جديد مخترع قام على أساس البابية التي هي أيضاً دين جديد مخترع.

    يقرر المجمع الفقهي بالإجماع خروج البهائية والبابية عن شريعة الإسلام، واعتبارها حرباً عليه، وكفر أتباعها كفراً بواحاً سافراً لا تأويل فيه، وإن المجمع ليحذر المسلمين في جميع بقاع الأرض من هذه الفئة المجرمة الكافرة، ويهيب بهم أن يقاوموها، ويأخذوا حذرهم منها، لا سيما أنه قد ثبت مساندة الدول الاستعمارية لها لتمزيق الإسلام والمسلمين، والله الموفق).

    5. القاديانية ـ الأحمدية

    جاء في قرار المجمع الفقهي بمكة المكرمة عن القاديانية ـ الأحمدية: (قرر المجلس بالإجماع اعتبار العقيدة القاديانية ـ المسماة أيضاً بالأحمدية ـ عقيدة خارجة عن الإسلام خروجاً كاملاً، وأن معتنقيها كفار مرتدون عن الإسلام، وإن تظاهر أهلها بالإسلام، وإنما هو للتضليل والخداع، ويعلن المجلس الفقهي أنه يجب على المسلمين حكومات وعلماء وكتاباً ومفكرين ودعاة وغيرهم مكافحة هذه النحلة الضالة وأهلها في كل مكان من العالم، وبالله التوفيق.

    6. الأخوان الجمهوريون

    وهم أتباع الزنديق الصوفي الباطني السوداني المرتد المقتول محمود "مذموم" محمد طه، الذي ادعى الرسالة ثم الألوهية، وزعم أن الصلاة رفعت عنه، والذي حكم العلماء في السودان بكفره وردته، وقتل في عهد الرئيس نميري، جزاه الله خيراً على ذلك.

    لقد رحل كثير من أتباعه إلى أمريكا وكندا، واحتضنهم الكفار، وقاموا بترجمة كفرياته في أمريكا وكندا مكافأة له على تحريفه لدين الله وتضليله لفئة من أبناء المسلمين، وانتحل بعض اتباعه الشيوعية ووجدوا فرصة في الإعلام السوداني، وما فتئ الجميع يعمل على تحريف الدين والتدليس والتضليل والخداع على السذج من الناس.

    أسباب الوقوع في الردة

    أسباب الوقوع في الردة كثيرة، ولكن أهمها ما يأتي:

    1. الجهل بدين الإسلام، فمن جهل شيئاً عاداه، يكاد أن يكون هذا السبب الرئيس لارتداد المرتدين ورجوعهم عن الإسلام، ومن يطلع على مقالاتهم وأقوالهم يتضح له جهل هؤلاء بالإسلام جهلاً فاضحاً، إذ لا يعرفون عن القرآن إلا رسمه، ولا عن الإسلام إلا اسمه، والشبهات التي أثارها أعداء الدين من المستشرقين وتلاميذهم من المنتسبين إلى الإسلام.

    2. ردود الأفعال: الدافع لكثير من المرتدين عن الإسلام هو عبارة عن ردة فعل للبيئات والظروف التي عاشوا وتربوا فيها، ولبعض الممارسات الخاطئة والتصرفات المشينة التي لامسوها، والتي لا يقرها الإسلام، نحو الممارسات الشركية والعقائد الخرافية، وكثير من مظاهر الشعوذة والدجل.

    3. تأثير الفكر الإرجائي عبر العقيدة الأشعرية والماتريدية التي تدرس في كثير من المعاهد والمدارس والجامعات الإسلامية، الذي تولد كردة فعل للغلو والخروج في بداية الأمر، من غير انتساب إلى هذه المذاهب.

    إذ الإيمان عند بعض طوائف المرجئة عبارة عن النطق بالشهادتين، وعند بعضهم عبارة عن المعرفة، ولا يدخلون الأعمال في مسمى الإيمان، مما أعطى الفرصة لكثير من المنافقين المتظاهرين بالإسلام أن يعيثوا في الأرض الفساد، حيث جعلوا التلفظ بالشهادتين عبارة عن جواز سفر لترك الواجبات واقتراف المحرمات، إذ لا يكون الشخص مرتداً في شرع هؤلاء إلا إذا كان مكذباً جاحداً، أما الاستهزاء بالله، ودينه، ورسوله، والسجود إلى الصنم، والطواف بالقبور، والاستغاثة بالأموات، والتحاكم إلى الطواغيت، فليس من أسباب الردة، إذ الردة لا تقع بقول ولا عمل.

    وثمة شيء آخر كان سبباً في ارتداد البعض عن الإسلام، وهو التوسع في التأويل غير المستساغ الذي تميزت به العقيدتان الأشعرية والماتريدية، حيث وجد المتفلتون عن الإسلام في ذلك بغيتهم، حيث قسموا المسلمين إلى مدرستين، مدرسة الحَرْفيين أو النصوصيين المتحجرين الذين لا يجاوزون النصوص الشرعية، ومدرسة المستنيرين ـ في زعمهم ـ الذين اكتفوا من الإسلام بروحه ومزاجه، ومعلوم في شرع الله أن التأويل منه ما هو محمود وهو الذي يقوم على الدليل، ومنه ما هو مذموم محرم وهو الذي يعتمد على الهوى.

    4. التحاكم إلى القوانين الوضعية، وتنحية القوانين والأحكام الشرعية مكَّن كثيراً من المتظاهرين بالإسلام من إعلان ردتهم وزندقتهم والتبجح بها، وأمنهم من إقامة حد الردة عليهم، أوتعزيرهم وتأديبهم جعلهم لا يترددون فيما يريدون قوله أوفعله أواعتقاده، "فمن أمِنَ العقوبة أساء الأدب".

    5. التسيب الفكري، فقد اختلت المفاهيم وتغيرت الموازين، وضعف الوازع الديني.

    6. تقليد الكفار والتشبه بهم وبدينهم، فطالما أن الكفار نبذوا الدين وحصروه في الذهاب إلى الكنيسة ساعة يوم الأحد للاستماع للموسيقى، وقد نتج عن ذلك تقدمهم الحضاري والعسكري، فما بالنا نحن متمسكون بديننا مطالبون بتحكيمه في كل مناحي الحياة؟!

    7. تقصير العلماء في القيام بدورهم في توعية المسلمين وتبصيرهم بأمر دينهم، ومنافقتهم الناس فيما يعتقدون ويمارسون، من أقوى أسباب تفشي ظاهرة الارتداد عن دين الله.

    8. الفتاوى الانهزامية التي تصدر من بعض المنتسبين إلى العلم من العصرانيين وغيرهم.

    9. التشبث بالزلات والهفوات التي صدرت أونسبت لبعض أهل العلم، ومعلوم أن من تتبع زلات العلماء وهفواتهم تزندق أوكاد، وتجمع فيه الشر كله.

    10. توهم البعض واستغلال أهل الأهواء للدعوى الباطلة، وهي أن أحاديث الآحاد لا يعمل بها في العقائد والأحكام

    تقسيم الأحاديث إلى متواتر وآحادي تقسيم حادث، وهو نتيجة خبيثة وأثر سيئ لعلم الكلام، وما تبع ذلك من أن أحاديث الآحاد ظنية الثبوت ولهذا لا يعمل بها في العقائد والأحكام، وقد رد على هذه الشبهة القذرة الأئمة الكبار أمثال الشافعي في "الرسالة" وابن حزم في "الإحكام لأصول الأحكام"، حتى أصبحت هذه المسالة هي الفارق بين السُّنِّي والبدعي.

    فكل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حجة بنفسه من غير قيد ولا شرط: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"، ويفيد العلم والعمل في العقائد، والأحكام، والعبادات، والسلوك، والآداب سواء، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.

    ويكفي في رد هذه الشبهة القذرة أن حديث: "إنما الأعمال بالنيات" الذي يعتبر ثلث الدين حديث آحاد، مشهور، عزيز، إذ لم يروه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن عمر ولا عن راويه عن عمر إلا واحد، فلماذا يقبله أهل الأهواء المتزيين بالإسلام، وينكرون حدَّ الردة، ورجمَ الزاني المحصن، وكلها أحاديث آحاد؟ لولا مرض القلوب.

    حكم من أباح الردة وأنكر حدها

    من أباح الردة وأنكر حدها فهو كافر مُهدَر الدم ما لم يتب عن ذلك ويراجع الإسلام، لأن ذلك إنكار لما هو معلوم من الدين ضرورة، وطعن وتشكيك في الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، والحكام الغيورين الذين حكموا بردة المرتدين، وأقاموا عليهم حدها.

    يتشبث المبيحون للردة الداعون لإنكار حدها ببعض الزلات والهفوات، نحو ما نسب للشيخ شلتوت رحمه الله أنه قال: (يتغير وجه النظر في المسألة إذا لوحظ أن كثيراً من العلماء يرى أن الحدود لا تثبت بأحاديث الآحاد، وأن الكفر نفسه ليس مبيحاً للدم، وإنما المبيح للدم هو محاربة المسلمين والعدوان عليهم، ومحاولة فتنتهم عن دينهم، وأن ظواهر القرآن في صمته عن عقوبة المرتد تؤيد هذا)، مما يدل على خطورة الزلات والهفوات وتلقف أهل الأهواء لها.

    يردُّ هذا الزعم الباطل قتل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لتلك الطائفة المخذولة من الرافضة وحرقه لهم، الذين لم يحاربوا علياً ولم يخرجوا عليه، بل ألّهوه، فالمرتد مفارق لجماعة المسلمين ومحارب لهم ولعقيدتهم.

    وإذا لم يكن الكفر بعد الإيمان مبيحاً للدم فما الذي يبيح الدم ياترى؟! إذا كان الراجع عن الماسونية والشيوعية ونحوهما، وهي فرق كافرة، يُقتل أويُضيَّق عليه، وقد يكون رجوعه إلى الحق، إلى الإسلام، وكذلك التارك لجماعة من الجماعات الإسلامية يُهجر، ويُضيَّق عليه، ويوصف بالخيانة والخروج والعمالة، وقد يكون محقاً في خروجه وتمرده على التسلط والجبروت والمخالفات الشرعية، فكيف بالراجع عن الإسلام، وهو الدين الخاتم لجميع الأديان؟ فمالِ هؤلاء القوم لا يستحون؟!

    السنة حجة بنفسها، فقد حرمت السنة الجمع بين المرأة وعمتها أوخالتها، ونهت عن الوصية للوارث، ومنعت كذلك أن يرث المسلمُ الكافرَ والكافرُ المسلمَ.

    وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم لها شقان؛ البلاغ والبيان، فهو المبيِّن لمراد الله عز وجل، ولهذا يقول بعض العلماء: "القرآن أحوج إلى السنة"، لأن السنة مبينة لكثير مما أجمل في كتاب الله عز وجل.

    وهب أن مسألة قتل المرتد ليس فيها نص، فهل نترك فعل أبي بكر، وعمر، وعلي، ومعاذ، وأبي موسى رضي الله عنهم، وقول أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وغيرهم من الأئمة رحمهم الله لهذه الزلات والهفوات، ولما تهواه نفوس المنافقين وأعداء الملة والدين؟!

    وأخيراً أرجو من دعاة إباحة الردة وإنكار حدها والداعين لتوحيد الأديان أن يراجعوا إسلامهم قبل أن تبلغ الروح الحلقوم، ويُحال بينهم وبين ما يشتهون، وإلا فليعلموا أنهم لن يضرُّوا الله شيئاً، ومن إخواني المسلمين أن ينتبهوا لخطورة المنافقين من الشيوعيين، والجمهوريين، والقوميين، والمتزيين بالدين، وغيرهم، (فإن بلية الإسلام بالمنافين شديدة جداً، لأنهم منتسبون إليه، وهم أعداؤه في الحقيقة، يخرجون عداوته في كل قالب يظن الجاهل أنه علم وصلاح، وهو غاية الجهل والفساد.

    فلله كم من معقل للإسلام قد هدموه؟ وكم من حصن له قد قلعوا أساسه وخربوه، وكم من عَلَم له قد طمسوه؟ وكم من لواء له مرفوع قد وضعوه؟ وكم ضربوا بمعاول الشبه85 في أصول غراسه ليقلعوها، فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية، ولا يزال يطرقه من شبههم سرية بعد سرية، يزعمون أنهم بذلك مصلحون، ألا إنهم المفسـدون ولكن لا يشعـرون).86

    لذلك حذر القرآن من المنافقين وبين صفاتهم: (فكان الحديث عن النفاق والمنافقين في القرآن في سبع عشرة سورة مدنية من ثلاثين سورة، واستغرق ذلك قرابة ثلاثمائة وأربعين آية، حتى قال ابن القيم رحمه الله: "كاد القرآن أن يكون كله في شأنهم").87

    ومن إخواني الصحفيين الإسلاميين، السودانيين وغيرالسودانيين، أمثال الاستاذ صادق عبد الله عبدالماجد، والدكتور الطيب زين العابدين، والأستاذ موسى يعقوب، والدكتور حسن مكي، والاستاذ مهدي البوني، والأستاذ علي إسماعيل العتباني، والأستاذ محجوب عروة، والأستاذ محمد أحمد شاموق، والأستاذ عادل الباز، والأستاذ عثمان ميرغني، والأستاذ حسين خوجلي، والأستاذ محمد طه محمد أحمد، وغيرهم ممن لم أذكر، أن يقوموا بواجبهم خير قيام، فهم على ثغرة، والحذر كل الحذر أن يؤتى الإسلام من قبلهم، وعليهم أن يدعوا الحياد الذي تميزت به كتاباتهم، فالمسلم لا يليق به أن يكون محايداً أومستقلاً، وفي الحقيقة "مُسْتَغَلاً"، بينما نجد مِلل العلمانيين متحدة متضافرة جهودها، على الرغم من أنها لا يجمعها شيء سوى محاربة الإسلام والكيد له، وليعلموا أنهم لن تزول أقدامهم عن الصراط حتى يُسألوا عن تفريطهم في هذا الجانب الذي تعين عليهم، ولا يُمكّن منه غيرُهم.

    من العجيب أن يتشاغل هؤلاء الإخوة بالدفاع عن الديمقراطية ـ صنم العصر ـ، والمحاماة عن الشيوعيين والعلمانيين، والتحليلات السياسية، والهنات العادية، ومدح بعض أهل الأهواء والمبتدعة88، ويتخلوا عن الدفاع عن الدين، وقد أصيب في عقر داره!!

    ولا يفوتني في هذا المقام أن أتوجه بالشكر الجزيل وبالدعاء الكثير للأخ الأستاذ إسحاق فضل الله لقيامه بالواجب خير قيام، ولثباته على المبادئ، وتفرده، وعدم مجاملته لمن تعتبر مجاملتهم مداهنة ونفاق، نسأل الله أن يوفقه ويزيده من فضله، وأن يثبت أجره ويبارك فيما يكتب، كما أرجو من إخواننا المسؤولين أن يراقبوا ما يدور في الصحف من كفريات وضلالات.

    اللهم إنا نشكو إليك ضعف التقيَّ واستكانته، وجلد الفاجر وجرأته، واللهَ أسألُ أن يؤلف بين قلوب المسلمين، وأن يهديهم سبل الرشاد، وأن يهيئ للأمة الإسلامية أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة، ويذل فيه أهل المعصية، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلىآله وصحبه أجمعين.

    المراجع

    § البداية والنهاية للحافظ ابن كثير.

    § الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.

    § الرد القويم للأمين الحاج.

    § سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي.

    § الشفا بتعريف أحوال المصطفى للقاضي عياض.

    § فتح الباري للحافظ ابن حجر.

    § مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية.

    § مقالات في عقيدة أهل السنة للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف.

    § الملخص الفقهي للشيخ الفوزان.

    § المنتظم في تاريخ الملوك والأمم للحافظ ابن حجر.

    § نيل المآرب في تهذيب شرح عمدة الطالب، ومعه الاختيارات الجلية في المسائل الخلافية ـ تهذيب الشيخ عبد الله البسَّام.

    *****========================*****

    فرانكلي

    (عدل بواسطة Frankly on 22-12-2004, 02:37 ص)
                  

01-19-2006, 04:23 PM

هاشم نوريت
<aهاشم نوريت
تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 13622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متعك الله بالصحة والعافية يا جعفر النميرى......18/1 (Re: هاشم نوريت)

    Quote: بعد أن صرح محمود بأن بمقدور أي إنسان بلوغ مرحلة الإنسان الكامل التي تعني الله حسب ماذكر

    Quote: الله المشار إليه في القرآن، بين دفتى المصحف هو صاحب الاسم الأعظم .. هو الإنسان الكامل



    يصرح محمود بأنّ الإنسان يتدرج من قول الشهادة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" إلى "لا إله إلا الله" التي هي مدخل الحضرة إلى أن يكون قائلها من مقام لسان المقال إلى مقام لسان المقال والحال أي يصير هو كما قالها الله سبحانه وتعالى لذاته وهي حسب فكر محمود قمة التوحيد أن يكون القائل في مقام مقال وحال ويشهد بذلك على نفسه كما شهد الله على نفسه.
    وهو في حقيقة الأمر لا يعدو على تصديق فكرة الإنسان الكامل عند محمود
    فكما يتدرج الإنسان من إنسانيته الخطاءة التي تلزمه التقليد إلى مرحلة الإنسان الكامل التي تجعل من إله بل الله كما يزعم
    نراه هنا يتدرج ويسير العبد من قول لا إله إلا الله محمد رسول الله في مقام التقليد حتى يقول الشهادة لا إله إلا الله شاهداً بذلك على نفسه كما شهد الله على نفسه بذلك

    Quote: السير في تحقيق ((لا إله إلا الله))، من مستوى ما يقال في الأرض، عند المؤمنين، وعند أولي العلم، وعند الملائكة، إلى مستوى ما يقال في السموات، عند الملائكة، وملائكة الملأ الأعلى، ثم إلى مستوى ما يقال في الإطلاق، عند الذات،



    تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا



    تحياتي
    فرانكلي
                  

01-19-2006, 04:24 PM

هاشم نوريت
<aهاشم نوريت
تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 13622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متعك الله بالصحة والعافية يا جعفر النميرى......18/1 (Re: هاشم نوريت)

    Quote: الأخوة الكرام
    دعوني ألخص ما ورد على يد الجمهوريين
    وما تفضل به عمر عبد الله في فكرة الإنسان الكامل (وبزعمهم أنها تعني كلمة لله الموجودة بين دفتي المصحف)

    Quote: عموما فمفهوم الانسان الكامل "الذات المحمدية" مفهوم غريب ويصادم ما عليه الناس من فهم ولكنه حق



    Quote: وقمة الخلق، وأكملهم في الدلالة على الله، هو الإنسان الكامل هو صاحب مقام الاسم الأعظم (الله)



    Quote: فالله اسم علم على الإنسان الكامل، الذى بين الذات المطلقة في إطلاقها، وبين جميع الخلق ..



    Quote: فأسماء الله الحسنى إنما هي في حق الإنسان الكامل، في المكان الأول، ثم هي لا تكون في حق الذات الصرفة، المطلقة، الا عند التناهي، عندما تعجز العبارة وتكاد تنقطع الإشارة .. ذلك بأن الذات المطلقة فوق الاسم، وفوق الصفة



    Quote: الإنسان الكامل هو أعظم أسماء المطلق، واعظم صفات المطلق، وهو أول تنزل من صرافة الذات، وهو الذات المحمدية، المشار إليها بقول المعصوم: (أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر) ..



    Quote: فالله المشار إليه في القرآن، بين دفتى المصحف هو صاحب الاسم الأعظم .. هو الإنسان الكامل .. وهذا المقام، مقام الحقيقة المحمدية



    Quote: أولاً ، كلمة الله تطلق في القرآن ، في المعنى القريب، على الإنسان الكامل، و في المعنى البعيد على الله، تبارك و تعالى في إطلاقه .. . و لكن الله ، تبارك و تعالى ، في إطلاقه ، فوق الأسماء ، و الصفات ـ هو منزه عن الأسماء ـ و لكنه تنزل إلى مرتبة الإسم، فسمى نفسه "الله" ، و تعلقت به جميع الصفات، و جسده الإنسان الكامل .. فأسماء الله الحسنى كلها أسماء ، و صفات للإنسان الكامل،



    Quote: إسم الله الأعظم هو الإنسان الكامل – ومقامه مقام (ما زاغ البصر وما طغى).



    Quote: فحيثما وردت كلمة الله فإن لها معنى قريب وهو الانسان الكامل ومعنى بعيد لا يعدو أن يكون اشارة عاجزة للذات المطلقة



    Quote: كلمة الله تطلق في القرآن ، في المعنى القريب، على الإنسان الكامل، و في المعنى البعيد على الله، تبارك و تعالى في إطلاقه .. . و لكن الله ، تبارك و تعالى ، في إطلاقه ، فوق الأسماء ، و الصفات ـ هو منزه عن الأسماء ـ و لكنه تنزل إلى مرتبة الإسم، فسمى نفسه "الله" ، و تعلقت به جميع الصفات، و جسده الإنسان الكامل ..



    Quote: ذلك بأن مقام الانسان الكامل عندما يتحقق سوف لن يتحاجج فيه شخصان أذ أنه سيكون مثل الشمس لا تتستر ..



    Quote: فالحديث الذي نسبته للأخ دالى بأن الأستاذ محمود هو الانسان الكامل حديث غير صحيح .. وهو فوق أنه لم يقله فإنه لم يتحقق بعد كما ذكرت لك اذ أن بتحقيق مقام الانسان الكامل تملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ويشيع فيها السلام ..



    Quote: الفهم الصحيح هو أن "الله " مؤمن بما غاب عنه من علم الذات الالهية في اطلاقها ..



    مما سبق تبين لنا من كلام الطاهويين:

    أنّ الإنسان الكامل هو الله سبحانه وتعالي

    Quote: فالله اسم علم على الإنسان الكامل


    أنّ الإنسان الكامل هو محمد رسول الله(الذات المحمدية) صلى الله عيه وسلم

    Quote: عموما فمفهوم الانسان الكامل "الذات المحمدية" مفهوم غريب ويصادم ما عليه الناس من فهم


    أن الإنسان الكامل لم يتحقق بعد إذن ليس هنالك شيء يدعى "الله"

    Quote: فالحديث الذي نسبته للأخ دالى بأن الأستاذ محمود هو الانسان الكامل حديث غير صحيح .. وهو فوق أنه لم يقله فإنه لم يتحقق بعد كما ذكرت لك اذ أن بتحقيق مقام الانسان الكامل تملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ويشيع فيها السلام ..


    أنّ الإنسان الكامل هو علام الغيوب

    Quote: و (لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله) يعنى لا يعرف ذات الله إلا (الله) ، الإنسان الكامل


    أنّ الإنسان الكامل لا يعلم الغيب

    Quote: الفهم الصحيح هو أن "الله " مؤمن بما غاب عنه من علم الذات الالهية في اطلاقها ..


    أنّ الإنسان الكامل مرتبة يمكن وصولها لأي إنسان

    Quote: ولكنه خط لنا طريق السير من نقصنا الى كماله وهو سير غير متناه (إن الى ربك المنتهى) و(إن الى ربك الرجعى) و(يا أيها الإنسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه) ..



    وبعد كل هذا يأتينا د. أحمد حسين ليفتح لهم باب الهروب من النقاش بحجة عدم أهلية محاوريهم لتلقي مثل هذه الجهالات والضلالات تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً
    إن كان جميع المحاورين في هذا المقال غير أهل لإستيعاب كلماتهم فلم لا يأتون بكلماتهم بطريقة يسهل فهمها واستيعابها على الجميع فكيف لداع يدعوا الناس بما لا يفهموه أو أن يوجه دعوته لفئة دون أخرى
    فهذا الكلام بسياقه هذا مردود وساذج ولا يعدو كونه هروب من مواجهة الحجة بالحجة والبينة بأختها
    وهم ليس في حاجة لكي يشرحوا لنا او لا يفعلوا وإنما هم أمام جمع الأعضاء والزوار ملزمون بالرد أو الهروب
    والقاريء هو الحكم فيمن ألزم الحجة
    تحياتي
    فرانكلي
                  

01-19-2006, 04:26 PM

هاشم نوريت
<aهاشم نوريت
تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 13622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متعك الله بالصحة والعافية يا جعفر النميرى......18/1 (Re: هاشم نوريت)

    Quote: : أخي فرانكلي
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    طالما أن الزملاء ترفعوا عن ضحالتنا فاسمح لي ان اقدم لك الاستنتاجات التالية حول طروحاتهم ، فقل لي رأيك أنت فيما خلصت اليه
    1/ هذا الاسلوب في عرض الافكار من جانبهم، والزعم بصعوبة ادراك الاسرار ، وتلك الفتوحات والفيوضات النورانية التي تتأتى للخواص ، يجعل الوضع برمته أقرب ما يكون الى (( الكهنوت )) أو الكهانة ، حيث ان على العوام أن ينتظروا في الخارج حتى يقرر لهم الكهنة ذوو التفويض الالهي الخاص ماهية و صورة العلاقة بربهم، بل ومن هو ربهم الذي لن يعرفوه قط مالم يكونوا كهنة.

    2/ مما سبق من طرح للأخ عمر ( نقلا عن محمود) قد يجوز أن نفهم بأن الله عز وجل، في ذاته الصرف ، إنما هو معنى أو(فكرة) مطلقة تشبه فكرة "روح الوجود" التي عند هيجل ، هذه "الفكرة" الفعالة هي قيمة فوق التصور مجهولة لا توصف ، ولكنها مكنونة في الأزل ، وهي ماتزال هناك، ولأن الفكرة أو المعنى لا يعرف نفسه الا بالمقارنة والمعيار، فان الله عرف نفسه فقط حينما تنزل الى مرتبة الفعل الذي اوجد الخلق الذي هو الله متنزلا الى مستوى التجلي المادي وبالتالي فهو قد خلق نفسه - أو مستوى من نفسه- ثم استعبدها( سبحانه وتعالى)

    3/ ان الله هو مستويات ، اعلاها ( الفكرة ) المطلقة الخلاقة وادناها الانسان المردود اسفل سافلين ( سبحانه وتعالى)

    4/ إن الله ( الفكرة المطلقة) هو الذي يستحق التسبيح ، ولكن الله ، المادي المتنزل، هو بالطبع نسبي وغير منزه .. ولكن ربما يستحق ذلك حينما يصل الى مستوى الانسان الكامل، وهذا مالم يتحقق حتى الان !!!

    5/ طالما ان الوجود هو الله سبحانه متنزلا ، وهو كائن به ، وليس كائنا خارجه ( أقصد ان الوجود كائن بالله ) ، فهذا يعني أن ذات الله الصرف قد حلت داخل المخلوقات جميعا، كالروح في الجسد، حيث يموت الجسد وتعود الروح الى .. أين!!! ربما الى حيث صرافتها الأول قبل الخلق ( حيث لا حيث !)
    ولكن في هذه الحالة ماهو وجه الله الذي يبقى بعد أن يفنى الوجود ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك )

    6/ الذات الصرف المطلقة يقولون انها بلا صفات ، حيث ان الصفات قيود، وأما اسماء الله الحسنى وصفاته العلى فهي مثبتة للأنسان الكامل (ذي الحقيقة المحمدية) والذي هو الله متنزلا الى مرتبة الفعل - الخلق .. ولكن المحير هو كيف أمكن لله ( سبحانه تجلت صفاته) أن يتنزل وأن يفعل ويخلق دون أن يتصف بصفات : الآرادة والمشيئة والعلم والقدرة على التحول من الصرافة الى الفعل.
    كما أن مقتضى اطلاقية الذات هو أن يكون المتنزل منه غير مطلق، والا فهما متطابقان ، وما ليس مطلقا فهو نسبي وغير كامل ،فكيف يكون كاملا ، بأي معنى؟ ، وهل الذات الصرف كاملة كمالا آخر ؟ وهل الانسان الكامل يموت أم أن سيدنا محمد(ص) لم يصل الى حقيقته؟ سبحان الله .

    7/ واذا كان الله سبحانه وتعالى ، الذي بين دفتي المصحف هو خلاصة هذا الوجود وقمته : هو الانسان الكامل الذي تحققت لديه الحقيقة المحمدية .. فهل أتى القرآن على ذكر الذات المطلقة أم أن الانسان الكامل الذي انزل علينا القرآن أكتفى بالكلام والترويج لعبادته هو فقط ولم يخطرنا شيئا عن المستوى الأعلى منه : عنه في حالة كونه صرفاً مطلقاً !! ؟ واذا لم يخطرنا بذلك ، لأنها ذات تجل على الوصف، فكيف عرف محمود فوصفها لنا حتى فهمنا مراده؟
    ثم هل الذات الألهية المطلقة لا تعبد أو لا يليق بها أن تعبد؟ يعني فوق العبادة .. استغفر الله العظيم.
    8/ اذا كانت الذات الالهية الصرف خارج نطاق الصفات وفوق الفعل ، فكيف تأتى لها ( فعل التنزل) الى مرتبة الفعل ، اليس التنزل نفسه فعل ، ولكل فعل فاعل والفاعلية صفة ؟

    9/ كيف يقول الاخ عمر عبد الله أنه ليس هنالك شئ اسمه العدم ، والله خلق من العدم، وهذا هو معنى المبدع الفاطر . واذا كان الله قد خلق الخلق من نفسه سبحانه ، فهذا يعني ان الخلق كانوا منه وكا يقول محمود ( ليسوا سواه) فاذا لقد كان الخلق شيئا قبل ان يخلقوا .. ولكن الله عز وجل قال لزكريا في سورة مريم آية 9 ( قال كذلك قال ربك هو عليّ هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا ) فاذا كان قائل هذا الكلام هو الله الذي بين دفتي المصحف وهو الانسان الكامل ، فالآنسان الكامل هو ايضا مخلوق ( احيل الى حديث جابر ) فنور نبينا كان في مقام النور الذي لن يكون أقل من الحقيقة والكمال، والله يقول له ، بل يقول لنبي آخر ( لقد خلقتك ، وقبل أن اخلقك لم تكن شيئا) فهل اللاشئ شئ أم عدم؟ وهل الله القائل هنا هو الحقيقة المحمدية/ الانسان الكامل المترقي من مرتبة العبد المخلوق الى مرتبة الاله الخالق؟
    أخي فرانكلي
    د. نزار
    ارجو شاكرا تقويم هذه الخلاصات لكي اطل على مشهدهم الفكري على نحو افضل.
    وأما اذا اراد احدهم ان يجيب فإن عليه ان يجيب اولا عما سبق رفعه لكي اتمكن من المتابعة بصورة افضل.
    احترامي للجميع
    _______________
    رب اشرح لي صدري
                  

01-20-2006, 04:54 PM

هاشم نوريت
<aهاشم نوريت
تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 13622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متعك الله بالصحة والعافية يا جعفر النميرى......18/1 (Re: هاشم نوريت)

    Quote: مقتطفات من قرار محكمة الإستئناف الجنائية بالخرطوم الصادر في
    15/1/1985م بتأييد حكم إعدام محمود محمد طه وأتباعه


    يقول محمود محمد طه في كتابه أدب السالك ص8: "فالله تعالى إنما يعرف بخلقه، وخلقه ليسوا غيره وإنما هم هو في تنزل. هم فعله ليس غيره وقمة الخلق وأكملهم في الولاية هو الله وهو الإنسان الكامل، وهو صاحب مقام الإسم الأعظم (الله). فالله إسم علم على الإنسان الكامل" وكرر هذه العبارة في عدة صفحات من الكتاب، فقوله (الله هو الإنسان الكامل) ضلالة إبتدعها الزنادقة قديماً وحاربها المسلمون، ولم يكن لها أثر اليوم إلا في غيابات الكتب، وقد أخرجها محمود محمد طه

    وهذا الكلام يخالف المعلوم من الدين بالضرورة للتصور السليم للذات الإلهية الثابتة الحقيقية والمفهوم وغيرها قابلة للتغير والتطوير وكما يقول العلماء: (وكل ما خطر ببالك فهو هالك، والله بخلاف ذلك) فالله سبحانه وتعالى واحد في ذاته وصفاته متميز عن خلقه ولا يشاركه أحد لا الإنسان الكامل ولا غيره
                  

01-20-2006, 04:55 PM

هاشم نوريت
<aهاشم نوريت
تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 13622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متعك الله بالصحة والعافية يا جعفر النميرى......18/1 (Re: هاشم نوريت)

    Quote: من كتاب
    رحلاتي إلى الديار الإسلامية
    القسم الأول
    أفريقيا المسلمة
    الطبعة الأولى
    1395هـ - 1975م

    للأستاذ: محمد محمود الصواف (السعودي الجنسية)

    فتنة محمود محمد طه

    لقد كانت الجلسة بدار الشيخ محجوب إسلامية خالصة تجاذبنا فيها مختلف الأحاديث عن الإسلام والمسلمين في هذا العصر. وانتقل الحديث عن رجل قام في هذا البلد يدعو إلى هدم الإسلام باسم الإسلام، يقال أنه كان رجلاً صالحاً ومهندساً موفقاً. ولكنه سجن مرتين. وخرج من السجن المرة الثانية وهو أشبه بالمعتوه، ولكنه أخذ يدعو ويغشى المجامع ومحافل الشباب ويعلن عن مبادئه الضالة، ولم يترك قولاً لزنديق في القديم أو الجديد إلا انتحله لنفسه، ودعا إليه بنفسه – لقد سئل هذا الضال عن الحج، فقال: نحن نطوف حول قلوبنا والقلب كعبة المؤمن، ولا نطوف حول الأحجار والتراب

    ثم سئل عن الصوم، فقال: أنا آكل وأشرب نهار رمضان، وأنا صائم بقلبي وهذا هو الصوم الأصيل، لا كصوم غير الأصيل، فليس المراد من الصوم الجوع والعطش، إنما هو صوم القلب، ثم يقول بوحدة الوجود؛ يقرأ قل الله. كن الله. ويزعم الألوهية بهذا لنفسه. ويسمى النبي بالمعصوم ولا يصلي عليه. وهكذا يهدم بقية الأركان الإسلامية. وبدأ يؤلف في هذه المعاني الكتب والرسائل، وأصبح له أتباع وأعوان ينشرون له هذه الضلالات والحماقات ويبيعونها للناس بكل صراحة، وبكل وقاحة. ومن لم يشتر كتاباً هزاؤه وعمزوه ولمزوه. وقص علينا الأخوان الكثير من هذه التفاهات التي وجدت لها مع الأسف آذاناً صاغية، وتألمت حقاً لما سمعت عن هذا المجنون، وحدثوني أنه رفع بعض المسلمين الدعوى عليه، فحكمت المحكمة الشرعية بكفره وردته عن الإسلام. ولكن مع الأسف الجهاز التنفيذي لم ينفذ شيئاً ولم يصنع شيئاً لهذا الضال الكافر، بل ترك حبله على الغارب، فقلت: إن هذا الرجل لو كان عندنا لذهبنا به إلى مستشفى الأمراض العقلية في الطائف. ولو كان في لبنان لذهبوا به إلى مستشفى العصفورية. وما بالكم أنتم أيها الأخوة وكلكم ذو علم وفضل، فكيف تتركون مثل هذا يعبث في عقول الشباب ويضللها على مرأى ومشهد منكم. وليت أخوانكم وشبابكم يتحمسون للحق الذي معهم كتحمس شباب هذا الضال للباطل الذي اعتنقوه، والكفر الذي ألفوه. ومن المؤسف أن هذا الرجل مضى عليه قرابة عشرين سنة وهو في هذ الدعوة المنكرة التي ابعدت الكثير من الشباب والرجال عن الإسلام، ولقد قام البعض من المخلصين وتصدوا له وردوا أقواله إلى أصحابها من الزنادقة القادمى والمحدثين، وقلت لهم إنني أستطيع أجزم أن وراء هذا الآثم أياد أجنبية خبيثة تمده بالقوة والعطاء وتنشر كتبه وتطبعها على نطاق واسع، ولا أستبعد أن يظهر زيفه وتظهر حقيقة صلته بالتبشير المسيحي أو التخريب اليهودي المجرم. ثم تكلمنا كثيراً عن طرق مقاومة أمثال هؤلاء ووجوب تنبيه الأمة إلى خطرهم وضلالهم. ويجب ألا نستهين بمثل هؤلاء المأجورين للكفار وبمثل هؤلاء البهائية والقاديانية، وغيرها من المبادئ الكفارة، واستمرت الجلسة إلى أن صلينا المغرب ثم انصرفنا شاكرين للداعي روحه الطيبة
                  

01-21-2006, 09:35 AM

محمود الدقم
<aمحمود الدقم
تاريخ التسجيل: 03-19-2004
مجموع المشاركات: 8908

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متعك الله بالصحة والعافية يا جعفر النميرى......18/1 (Re: هاشم نوريت)

    up
                  

01-22-2006, 10:06 AM

هاشم نوريت
<aهاشم نوريت
تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 13622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متعك الله بالصحة والعافية يا جعفر النميرى......18/1 (Re: محمود الدقم)

    Quote: upعندما يتحدث الجمهوريون عن الإسلام لا يعنون ما يعنيه المسلم عادة من هذه الكلمة و إنما يعنون مذهبهم الجمهوري.


    قال الجمهوريون: " و نحن عندما نتحدث عن الإسلام لا نعني ما يعنيه الناس عادة عن الإسلام..."[31]. و قال الجمهوريون في كتيبهم ( الجمهوري و المهاجر الاكتويري): "إن الإسلام ليس غير الفكرة الجمهورية، ذلك بأن سائر المسلمين بفرقهم المختلفة ليسو على شيئ"[32].




    Quote: upالتأويل الباطني عند الجمهوريين
    أ.د. شوقي بشير عبد المجيد*


    مقدمـــــة:

    الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد بن عبد الله و على آله و صحبه أجمعين، و بعد:

    فقد اخترت لهذا البحث عنوان " التأويل الباطني عند فرقة الجمهورين بالسودان" و التأويل هو صرف الألفاظ عن معانيها الظاهرة، فالظاهر عند الباطنية هو الأمثال المضروبة للمعاني الخفية، فالتأويل في نظرهم هو الطريقة المؤدية إلى رفع التعارض بين ظاهر النصوص و باطنها. و التأويل الباطني هو أساس الشرع المبدل الذي هو التأويلات الفاسدة، و التفاسير المقلوبة، و الأحاديث المكذوبة، و البدع الفكرية المضلة التي أدخلت في الشرع عن قصد من الفرق الباطنية المعاصرة و القديمة. و فرقة الجمهوريين بالسودان فرقة معاصرة لها خطرها على عقائد المسلمين، و قد جعلت هذه الفرقة- كغيرها من الفرق الباطنية المعاصرة- ما وصلت إليه من تفسير القرآن الكريم و شرح السنة النبوية سبباً في الخروج على الكتاب و السنة لما ظنوه معارضاً لهما لما يسمونه قياساً و رأياً و عقليات و قواطع.


    و الهدف من هذا البحث بيان أن الفرق الباطنية عموماً و فرقة الجمهوريين - على وجه الخصوص- قد بنت عقائدها على التأويل الباطني و الأحاديث الموضوعة. و في هذا البحث سوف أنبه على المآخذ التي أراها في منهجهم المعرفي و تأويلهم الباطني.


    و قد اقتضت طبيعة البحث أن يكون في محورين، تناولت في المحور الأول التعريف بمصطلح التأويل الباطني و التعريف بفرقة الجمهوريين. أما المحور الثاني فقد تناولة فيه التأويل الباطني عند الجمهوريين.


    هذا هو جهدي المتواضع أقدمه، مع علمي أن كل كسب بشري عرضة للخطأ و الصواب و المراجعة في زمنه و الأزمان التالية، فإن و فقت فالحمد لله رب العالمين، و إن أخطأت فأرجو من الإخوة الكرام تصويبي و تصحيح ما وقعت فيه من أخطاء. و أسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجه الكريم، و أن يوفقني لما يحبه و يرضاه، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.




    المحور الأول: التعريف بمصطلح التأويل:


    التأويل عند السلف:


    يطلق التأويل على عدة معان فيراد به الحقيقة و العاقبة، " حقيقة ما يؤول إليه الكلام، و إن وافق ظاهره. و هذا هو المعنى الذي يراد بلفظ التأويل في الكتاب و السنة كقوله تعالى هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق) الأعراف:35.


    و يراد بلفظ التأويل أيضاً التفسير، و هو كثير في اصطلاح المفسرين، و لهذا قال مجاهد – إمام التفسير- "إن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه، فإنه أراد بذلك تفسيره و بيان معانيه و هذا مما يعلمه الراسخون"[1]




    التأويل عند المتأخرين:


    هو صرف اللفظ عن ظاهره الذي يدل عليه إلى مايخالف ذلك لدليل منفصل يوجب ذلك: أو بعبارة أخرى "صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى آخر يحتمله اللفظ لدليل يقترن به مع قرينة مانعة من المعنى الحقيقي"[2]، و هذا النوع من التأويل يعذر به المسلم، فالعذر بالتأويل كالعذر بالخطأ مما قال به أهل السنة، " فقد يتلبس الإنسان بالكفر أو يقع فيه نتيجة لقصور في فهم الأدلة الشرعية، دون تعمدٍ للمخالفة، و لكن لا يعذر الإنسان بكل تأويلٍ بل من التأويل ما يعذر به و منه ما لا يعذر به.


    و التأويل الذي يعذر به:


    1. إذا كان التأويل يحتمله المعنى أو له وجه في الفهم فيعذر به الشخص.


    2. أن لا يكون التأويل في أصل من أصول الدين.[3]


    و تسمية هذا النوع من التأويل تأويلاً لم يكن في عرف السلف، و إنما سَمَّي هذا تأويلاً جماعة من العلماء المتأخرين، و ظنوا أن قوله تعالى و ما يعلم تأويله إلاّ الله) (آل عمران:7) يُراد به هذا المعنى. ثم صاروا في هذا التأويل على طريقتين – كما يقول ابن تيمية- " قوم يقولون إنه لا يعلمه إلا الله، و قوم يقولون الراسخون في العلم يعلمونه، و كلا الطائفتين مخطئة، فإن هذا التأويل في كثير من المواضع من باب تحريف الكلم عن مواضعه" خاصة التأويل الذي لا يعذر به، التأويل الباطني، فمثل هذا التأويل لا يقبل و لا يعذر به، و من هذا النوع تأويلات الباطنية الأوائل أمثال الخطابية، البيانية، الجناحية، المغيرية، العجلية، المحمرة، البابكية، الخرمية و الاسماعيلية، و الحركات الباطنية المعاصرة من أمثال البابية، البهائية، القاديانية، الدروز، الإسماعيلية و فرقة الجمهوريين بالسودان.


    و قد أجمع العلماء على كفرهم و أنهم لا يعذرون بالتأويل لأن حقيقة مذهبهم الكفر بالله تعالى و عدم عبادته وحده و إسقاط شرائع الإسلام.




    التأويل الباطني:


    التأويل عند الباطنية هو صرف الألفاظ عن معانيها الظاهرة، فالظاهر عند الباطنية هو المعاني الخفية المطلوبة. فالتأويل الباطني أمر لا بد منه عند الباطنية في فهم الشريعة الإسلامية، فالشريعة عندهم مشتملة على ظاهر و باطن لاختلاف فطر الناس و تباين قرائحهم في التصديق، فكان لا بد من إخراج النص من دلالته الظاهرية إلى دلالته الباطنية بطريق التأويل، "فالظاهر هو الصور و الأمثال المضروبة للمعاني، و الباطن هو المعاني الخفية التي لا تتجلَّى إلاّ لأهل البرهان[4]. فالتأويل في نظرهم هو الطريقة المؤدية إلى رفع التعارض بين ظاهر الإقاويل و باطنها"[5].


    قال الباطنية: " القرآن ظاهر و باطن، و المراد به باطنه دون ظاهره المعلوم من اللغة، و نسبة الباطن إلى الظاهر كنسبة اللبِّ إلى القشر، و المتمسك بظاهره معذب بالشقشقة في الكتاب، و باطنه مؤدٍّ إلى إلى ترك العمل بظاهره، و تمسكوا في ذلك بقوله تعالى فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب)(الحديد:13)[6].


    و قد اتخذ الباطنية من أمثال الخطابية، الجناحية، المغيرية، العجلية[7]، الشيخية[8]، البابية[9]، البهائية[10]، الإسماعيلية الأغاخانية[11]، فرقة الجمهوريين بالسودان[12]، البهرة[13] و القاديانية[14] التأويل الباطني الذي لا يلتزم بقواعد اللغة و دليل العقل، و الشرائط التي وضعها العلماء للتأويل الذي يعذر به. و اتخذوا ذلك المنهج وسيلة لهدم الدين و تحريف أصوله و قواعده، و جعلوه طريقاً يوصل إلى إسقاط التكاليف الشرعية. و بلغ الأمر منتهاه عند الإسماعلية و إخوان الصفا و غيرها من الفرق التي ربطت التأويل بألوان من العلوم الغامضة و اشتغال بالحروف و الأعداد و أسرارها[15].


    قال الديلمي تحت عنوان "ذكر طرف من تأويلاتهم الباطنية" : "اعلم أن مذهبهم في الجملة أنه لا بد لكل ظاهر من باطن و هو المقصود حقيقة، و هو بمنزلة اللب، و الظاهر بمنزلة القشر، و عمّوا بذلك جميع الكلام و أنواع الإجسام، و لم يعتبروا المطابقة بين الظاهر و الباطن، بل تأويلاتهم لا تناسب الظاهر من حيث الحقيقة و المجاز، و لم يقتصروا مع ذلك على تأويلٍ واحد، بل أثبتوا تأويلاً للتأويل، و جعلوا للعبارة الواحدة تأويلات عدَّة حتى ذكر صاحب (المبتدأ و المنتهى) – وهو من أكابرهم في الكفر و الضلالات و العمى- قال: و قد روي عن موالينا عليهم السلام أنّا نقول الكلمة لها سبعة وجوه. فقال قائل: سبعة وجوه!. فقال سبعون. فقال القائل: سبعون!. فقال: سبعمائة. فكل ما ارتجَّ على قارئه و خفيت معرفته و دقت عليه إشارة و كنا بقربه فليسألنا عنه، أو من يعلم أنه أعلم من أبناء جنسه ممن يحمل هذا العلم، و متى كان الأمر على ما ذكره فلا يمكن الوقوف على المراد بالكلام أصلاً و الحال هذه، و لعل السائل لو قال له: سبعمائة!. لقال سبعة آلاف ثم هكذا، لأن تحقيق ذلك خرج عن الحصر لعدم المطابقة، و هذا يحقق لكل ذي تمييز أن غرض القوم ما قدمنا من الخلع عن الدين، و السلخ عن دين المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين، و قد قال تعالى: (و يوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودَّة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين) (الزمر:60)[16].


    و قال أبو حامد الغزالي، الصوفي، الأشعري، الشافعي(450-505هـ): "أنهم لما عجزوا عن صرف الخلق عن القرآن و السنة صرفوهم عن المراد بهما إلى مخاريف زخرفوها، و استفادوا بما انتزعوه من نفوسهم من مقتضى الألفاظ إبطال معاني الشرع، و بما زخرفوه من التأويلات تنفيذ انقيادهم للمبايعة و الموالاة، و أنهم لو صرحوا بالنفي المحض و التكذيب المجرد لم يحظوا بموالاة الموالين، و كانوا أول المقصودين المتقولين"[17].


    و قال العلوي: " اعلم أنهم لما عجزوا عن صرف الخلق عن التصديق عمدوا بلطف الاحتيال و دقة الاستدراج، فصرفوا ظواهر الشرع و نصوصه إلى هذيانات لفقوها، وتهويسات جمعوها و زوَّروها، ليستفيدوا بذلك إبطال معاني الشرع و هدم أساسه، و أوقعوا في نفوسهم أنهم لو صرحوا بالنفي المحض و التكذيب الصرف لم يثقوا بانقياد الخلق لضلالتهم، و لا بإصغاء سمع أحد إلى جهالتهم فقالوا: "كل ما ورد من التكاليف، و الحشر و النشر، و ضمائر النصوص، و الظواهر، و جميع المعجزات، فهي بأجمعها أمثلة و رسوم إلى بواطن مكذوبة، و أمور محرفة موهومة"[18].




    فرقة الجمهوريين بالسودان:


    إن أول نواة لفرقة بالسودان هم مجموعة من السودانيين الذين انتموا إلى الجماعة التي أسسها محمود محمد طه[19]في الأربعينات من القرن الماضي. و كانت بداية هذه الجماعة نتيجة لظروف مشابهة للظروف التي أسهمت في كثيراً في ظهور الأحزاب السياسية السودانية، إلا أن هذه الجماعة كانت علمانية الاتجاه بصورة واضحة و أعلن زعيمها ذلك في سَفْره الأول الذي أعلن فيه أن الدين ويعني- الإسلام- ليس بمفلت من التشكيك و يجب أن يوضع على منضدة البحث العلمي لرفض ما لا يتناسب مع العصر عن طريق تأويل النصوص التي لا تتماشى مع القرن العشرين كنصوص الجهاد و العبادة. و مع أن اتجاه هذه الجماعة كان واضحاً منذ البداية إلا أن زعيمها حاول أن يصبغها بصبغة دينية حتى يجد سنداً شعبياً في بلد يدين معظم أهله بالإسلام و ينتشر فيه التصوف.


    و ظهرت فرقة الجمهوريين باتجاهها الباطني المخالف للإسلام في عام 1965م العام الذي أعلن فيه زعيمهم بأنه قد استقام له أمر نفسه و أصبح على مشارف الوصول للمعية بالذات[20]. و خرج من جماعة الجمهوريين عدد من الرجال بعد أن أصبحت فرقة باطنية، كما دخل فيها آخرون إعجاباً بتأويله للخطاب الديني. و قد نجح محمود محمد طه في ملء فراغ أتباعه الفكري بفكره التلفيقي الذي جمعه من أفكار و فلسفات الفرق الباطنية في القديم و الحديث، و من الفلسفات الإلحادية و المذاهب المعاصرة.


    و قد قام الفكر الجمهوري في بدايته على أصول فلسفية منها:


    1. مذهب وحدة الوجود، وهي وحدة وجود مادية تجعل الحق سبحانه و تعالى مادة الأشياء[21].


    2. أزلية و أبدية المادة.


    3. المعدوم شيئ ثابت في العدم و هو عين الله بمعناه البعيد[22].


    4. عقائد النِّحل الباطنية في القديم و الحديث[23].


    5. عقيدة التجسد الإسماعيلية أو البهائية[24].


    6. الفلسفة الوجودية.


    7. الفلسفة الشيوعية.


    8. النظرية الدارونية بديلاً للخلق من عدم.


    و أضاف إليها الجمهوريون اليوم (النظام العالمي الجديد).




    المحور الثاني: التأويل الباطني عند الجمهوريين:




    الاتجاه الجمهوري في التفسير اتجاه باطني، هو باب من الإبواب دلف منها الجمهوريون إلى ترويج مذهبهم و نشره اعتماداً على ما أثبته محمود محمد طه لنفسه في هذا الباب، فقد بلغت به الجرأة أن أثبت لنفسه كثيراً من الآيات التي نزلت صريحة في حق نبينا صلى الله عليه و سلم،و أثبت كثيراً من الآيات التي تحدثت عن عيسى عليه السلام، كما ذكر أن الآيات التي تتحدث عن الصراط و عن يوم القيامة، و عن مسائل غيبية كثيرة تتحدث عنه و عن فرقته، و حرَّف آيات القرآن الكريم تحريفات معنوية و لفظية يصعب حصرها، و استعان في ذلك بمناهج الباطنية الذين يتطرفون في تأويل المصطلحات الإسلامية و الكلمات الشرعية المتواتر لفظها و معناها ومفاهيمها، و يتوصلون إلى فتح باب الإلحاد و الفساد و الفوضى الفكرية على مصراعيه، و العبث بالدين و بعقول الناس .


    و يرى محمود محمد طه أن التفسير الذي يقدمه لآيات القرآن هو التفسير المراد، وهو الذي يحمل المعاني الحقيقية للقرآن الكريم، و هو من هذه الناحية لم يسبق أن قدمه أحد، فهو المعنى البعيد الذي عند الله، المعنى الذي نزل معه المعنى القريب.


    و يرى محمود محمد طه – زعيم الجمهوريين – أن المفسرين السابقين من الصحابة و التابعين و غيرهم لم يستطيعوا فهم النصوص الأصلية و بيانها، وذلك لاعتمادهم على اللغة العربية، و اللغة العربية – عند الجمهوريين – لا تحمل من معاني القرآن الحقيقية شيئاً، و لا تخبر عن المقصود عنه في الحقيقة، و لذلك لا بد من التأويل الباطني و صرف الألفاظ عن معانيها الظاهرة التي اتبعها الصحابة و التابعون لهم، فالصحابة رضي الله عنهم في نظر الجمهوريين لم يستطيعوا فهم النصوص الفرعية التي يستطيعون متابعتها، و ترك أمر بيان و تفسير النصوص الأصلية للجمهوريين.



    =سل الحسام المغمـد
    =و بدا هنالك أحمـد
    =بك حجة لا تدحـض
    =لك أول في العابدين

    1
    2
    3
    4 ii سل الحسام iiالمغمد
    ii و بدا هنالك iiأحمد
    ii بك حجة لا iiتدحض
    ii لك أول في العابدين




    و يرى الجمهوريون أن زعيمهم هو الذي استطاع استيعاب النصوص الأصلية لأنه الأصيل الأول و الوارث المحمدي الذاتي المقام الذي ترقى في سيره المحدود إلى المطلق و من العلم الناقص إلى العلم الكامل.


    و يستعين الجمهوريون في منهجهم الباطني و تأويلهم للنصوص ببتر الأجزاء التي يصعب تأويلها من النص، فيذكرون جزءاً من الحديث أو الآية للإيهام، خاصة إذا رأوا أن الجزء المبتور يبيِّن فساد عقيدتهم، أو يؤكد بعدها عن الدين، و لذلك يحرصون على ذكر الجزء من الحديث الذي يوافق هواهم، و مما لا شك فيه أن هذا إهمال – عن قصد- لأحاديث الرسول صلى الله عليه و سلم . و الغرض من ذلك البتر جعل السامع يعتقد صحة الأدلة التي استدل بها باتر النصوص مع ما في الجزء المبتور من بيان لفساد عقيدته، كما أن بتر النص قد يعطي معنىً مخالفاً لما يعطيه النص بأكمله، بل قد يدفع بصاحبه إلى الكفر، و لذلك نبهنا أكثر من واحد من السلف إلى عدم بتر النصوص حتى في الكلام العادي، و نستدل لبيان أن نصف الجملة قد يدفع بصاحبه للكفر -إن اعتقده- بجمل استخدمها الأشعري رحمه الله " إن الكفر باطل، و الكفر قضاء الله تعالى، بمعنى أنه خلق الله، و لا يقول قضاء باطل، لأنه يوهم أنه لا حقيقة لقضاء الله، وهذا كما نقول الكافر مؤمن بالجبت و الطاغوت، ولا نقول مؤمن و نسكت لما فيه من الإبهام"[25].


    و لأهمية ذكر الأحاديث كاملة دون بتر جزء منها اهتم العلماء بالحفظ، و احتاطوا في الأخذ عمَّن يأتيه الخطأ من جهة الحفظ ناهيك عن المتروكين الذين يبترون النصوص عن قصد، بل اهتموا بالحديث الذي تذكر من بعض رواياته زيادة، و احتاطوا في هذه المسألة لأن إهمال الزيادة الواردة في رواية من الروايات و فيها معنى زائد يحتاجه المسلم إهمالٌ لحديث النبي صلى الله عليه و سلم، لأن المعنى الزائد في الحديث المحتاج إليه يقوم مقام حديث تام، و لذلك ترى أئمة الحديث كالإمام مسلم يعيد الحديث الذي فيه زيادة، و يميل في معظم الأحيان إلى إعادة الحديث الذي فيه زيادة في بعض رواياته بهيئته لأن ذلك أسلم[26].


    في الوقت الذي نجد فيه أن الجمهوريين يميلون إلى بتر النصوص كما نجدهم أيضاً إلى زيادة ألفاظ من عندهم لبعض الأحاديث الصحيحة. و خطر التأويل الباطني يتمثل في أنَّه أصبحت للباطنية مصطلحات[27] خاصة بهم، ظاهر ما يتبادر إلى ذهن المسلم من معانيها لا يتعارض مع الإسلام، بل هي مصطلحات إسلامية اصطلح المسلمون عليها، أو عرفوها من دينهم، بينما حرف الباطنية تلك المصطلحات عن معانيها الظاهرة و اصطلحوا على معنيين لكل مصطلح. فحينما يسمع السامع لفظاً من الألفاظ التي اصطلح عليها الباطنية يتبادر إلى ذهنه المعنى الذي تعارف عليه المسلمون و يكون حكمه على مذهبهم تبعاً لذلك.


    فالجمهوريون – على سبيل المثال- و هم من الباطنية يستخذمون عبارات وضعت بالأصل لنظم خاصة مختلفة عن النظام الإسلامي، كما يستخدمون مصطلحات إسلامية ( حديثية و فقهية و توحيدية) متفق عليها في معاني أخرى مختلفة تناقض ما أراده المسلمون من تلك المصطلحات.


    و من الأمثلة الواضحة الدلالة على ذلك المصطلحات التالية:




    أمثلة لبيان أن كل كلمة عند الجمهوريين لها معنيان و ما يترتب على ذلك من إضلال الناس:


    الله:


    الله علم على الذات المقدسة المعبودة بحق. و هذا معروف عند المسلمين، أما محمود محمد طه – زعيم الجمهوريين- فيرى أن اسم الله – تبارك و تعالى- يطلق على معنيين: معنىً بعيد و هو ذات الله الصرفة، و هي فوق الأسماء و لو لا أنها تنزلت في مراتب الوجود المختلفة لما عرفت.فكلمة (الله) عند الجمهوريين في معناها البعيد ليست إلا إشارة بسيطة غامضة لا يمكن أن توصف و لا تسمى و لا تعرف إلا بعد تنزُّلها. فالتنزُّل الإول من الذات الساذجة إلى مرتبة الأسماء (الله) ثم التنزل الثاني من مرتبة الإسماء إلى مرتبة الصفات (الرحمن). و أما المعنى القريب (لله) – في رأي الجمهوريين- اسم للمحدث الكامل- الإنسان الكامل- و هي مرتبة البشر الكامل، و تشير إلى التعيين الأول الذي ليس بينها و بين صرافة الذات أحد من الخلق، و إنما هو بين جميع الخلق و بين الذات، و تقوم جميع الصفات و الإسماء الإلهية بالتعين الأول، أي بالإنسان الكامل.


    قال الجمهوريون: ".. و أن اسم الله تبارك و تعالى يطلق على معنيين أيضاً معنى بعيد و هو ذات الله الصرفة، و هي أمر فوق الإدراك و فوق الأسماء و فوق الإشارات، و لولا أنها تنزَّلت لما عرفت، و معنى قريب و هو مرتبة الإنسان الكامل الذي أقامه الله خليفة عنه في جميع العوالم و أصبغ عليه صفاته و أسماءه حتى اسم الجلالة (الله) حيث قيلت إنما تشير إلى هذين المعنيين[28].


    و النتيجة التي يخلص إليها الناظر في حديث الجمهوريين عن اسم الجلالة (الله) يجد أن هؤلاء الباطنية يقولون في أذكارهم دائماً (الله)،(الله) بلسان الحال حتى يتم تحقيقها بلسان المقال، أو تتحقق بالهجرة إلى النفس العليا – التي هي عندهم نفس الله!!.


    و ليس في نظام الجمهوريين الفكري و لا في حقيقة الجمهوريين العارفين بحقيقة مذهبهم موضع لله سبحانه و تعالى، و لا للإيمان بأنه الرزاق ذو القوة المتين، و قد ساروا في هذه المسألة على درب حسين المازندراني زعيم البهائية، و قد استدل الباطنية في حديثهم عن عقيدة التنزُّل و التجسد الإسماعيلية أو البهائية بحديث قالوا إنه قدسي " كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فتعرَّفت إليهم حتى عرفوني"[29].


    قال محمود محمد طه: " فالله من حيث ذاته المطلقة كان و لا يزال و لن ينفك في حضرة خفاء، و لكن لكي يعرف تنزَّل إلى مرتبة القيد – مرتبة الخلق- و كان أول التنزُّل إلى مرتبة الاسم (الله) هو الحقيقة المحمدية المشار إليها بقول المعصوم " أول ماخلق الله نور نبيِّك يا جابر" و عن كون ذات الله الصرفة لا تعرف، و لا توصف، و لا يشار إليها بشيئ قوله تعالى سبحان ربك ربِّ العزة عمّا يصفون)(الصافات: 180) يعني تنزَّه الله في ذاته عن كل وصف... (و سلام على المرسلين)(الصافات:181) يعني خير ما وصف الله المرسلين..".


    و يرى الجمهوريون أن جميع الآيات القرآنية تتحدث عن مقام الاسم (الله)، و جميع آيات الصفات تتحدث عن التجسيد، و كل الإحاديث النبوية التي تتحدث عن رؤية الله يوم القيامة أو نزوله إلى السماء الدنيا إنما تتحدث عن مقام الإسم.


    و قد أوَّل الجمهوريون جميع الأحاديث التي تتحدث عن الرؤية، أو نزول الله إلى السماء الدنيا. فصفات الله عند الجمهوريين إنما هي صفات الإنسان الكامل أو الحقيقة المحمدية أو التعيين الأول للذات الإلهية، أو التجسد الإول. و النصوص القرآنية التي تتحدث عن صفات الله و أسمائه – عند الجمهوريين- المقصود بها الله بمعناه القريب – الإنسان الكامل- !! قال الجمهوريون: " و مقام الاسم (الله) الحقيقة المحمدية هو مقام الملكوت، و لكنه بفضل الله يتنزل في كل حين إلى عالم الملك حتى يتجسد على الأرض، و لحظة تجسيده هي لحظة ظهور المسيح"[30].




    كلمة إسلام:


    عندما يتحدث الجمهوريون عن الإسلام لا يعنون ما يعنيه المسلم عادة من هذه الكلمة و إنما يعنون مذهبهم الجمهوري.


    قال الجمهوريون: " و نحن عندما نتحدث عن الإسلام لا نعني ما يعنيه الناس عادة عن الإسلام..."[31]. و قال الجمهوريون في كتيبهم ( الجمهوري و المهاجر الاكتويري): "إن الإسلام ليس غير الفكرة الجمهورية، ذلك بأن سائر المسلمين بفرقهم المختلفة ليسو على شيئ"[32].




    الشهود الذاتي:


    يقصدون به شهود تجليات الذات الإلهية على النفس الإنسانية. فالرسول صلى الله عليه و سلم عند الجمهوريين قد شاهد التجليات الإلهية قبل أن يصل إلى مستوى الشهود الذاتي في جبريل.




    الشهود الأسمائي:


    يقصد به الجمهوريون شهود تجليات الذات في الخلق،. قال محمود محمد طه: " فالشهود الأسمائي هو شهود تجليات الذات في الخلق فقد شاهد النبي التجليات الإلهية في جبريل، و القرآن يقصُّ علينا هذه الآيات (علَّمه شديد القوى)(النجم:5) (ذو مرَّة فاستوى)(النجم:6) وصف لجبريل بالشدة، و معنى فاستوى في صورته التي خلقه الله عليها و هي أعلى ما يكون جبريل مظهراً للتجلي الأسمائي، و إلى ذلك الإشارة بقوله (و هو بالإفق الإعلى)(النجم: 7) مما يلي الذات، (ثم دنا فتدلَّى)(النجم: تنزَّل في التجلي الأسمائي إلى مرتبة الصفة إلى مرتبة الفعل حيث استقر (فكان قاب قوسين أو أدنى)(النجم:9) و في هذا الثالوث إشارة لطيفة إلى العقل لا يتسع المقام لاستقرائها (فأوحى إلى عبده ما أوحى)(النجم:10) فأوحى جبريل إلى عبده ما أوحى!!"[33].




    حق الحرية: يقصد بها الجمهوريون الديمقراطية.




    حق الحياة: يقصد بها الجمهوريون الاشتراكية.




    أدب الوقت:


    أدب الوقت عند الجمهوريين هو الحضور في اللحظة الحاضرة، و أن يعيش الإنسان اللحظة لا يفكر في الماضي أو في المستقبل. و أدب الوقت هو السبيل الوحيد عندهم ليحقق الإنسان من المطلق شيئاً و يكسب شيئاً من صفاته، و يساعد في شهود من لا يحويه الزمان و لا المكان، يساعد في شهود المطلق الشهود الذاتي!.




    مقام الوسيلة:


    مقام الوسيلة عند الجمهوريين مقام بين المطلق و المقيد، بين الخالق في إطلاقه و بين الخلائق من قمتها إلى قاعدتها[34]. و هو المقام المحمود الذي تحقق للنبي صلى الله عليه و سلم ليلة الإسراء و المعراج التي ارتفع فيها حجاب الفكر عن النبي صلى الله عليه و سلم و تمت له الوحدة الذاتية و المكانية و حقق الأحدية. و هذا المقام عند الجمهوريين ليس حكراً على الرسول بل يمكن التوصل إليه بالهجرة من النفس السفلى إلى النفس العليا.




    تحقيق الأحدية:


    تحقيق الأحدية عند الجمهوريين هو الوصول إلى الله، و الوصول إلى الله عندهم عبارة عن الوصول إلى النفس العليا، التي هي نفس الله!.


    الأصيل الإول:


    يقصد بها الجمهوريون الحقيقة المحمدية متنزِّلة في الإرض، و بنزولها في الأرض يتم إنزال ملكوت السماء إلى الأرض. و الأصيل الأول في مواجهة الذات الإلهية هو أول قابل لتجلي المطلق و هو الذي يقيد المطلق[35].


    الحق:


    الحق عند الجمهوريين هو وجه الأشياء الذي يلي الحقيقة و هو الذي يستطيع أي إنسان -في رأيهم- في هذا العصر المتطوِّر تحقيقه من المطلق في الزمان و المكان، فمثلاً علم الإنسان النسبي هو ما يحققه أي إنسان في الزمان و المكان من علم المطلق، أما الذي يحققه الإنسان المتجلي بأدب الوقت فهو العلم المطلق[36].


    منهج الجمهوريين في تفسير القرآن الكريم:


    قول الجمهوريين بأن لكل كلمة في القرآن معنى بعيداً و معنى قريباً:


    يؤمن الجمهوريون بأن لكل كلمة من كلمات القرآن الكريم معنى قريبا و معني بعيداً. و المعنى القريب هو الظاهر، و المعنى البعيد هو الباطن، و المعنى القريب هو الذي يمكن معرفته بمعرفة اللغة و إجادتها، و المعنى البعيد عند الرب لا يعلمه إلا الرسل و الأنبياء،أو الذين يستطيعون أن يتلقوا شريعتهم من الله كفاحاُ!!.


    قال محمود محمد طه: "و من الأمور التي لا بد من تقريرها لتعين على فهم القرآن هو أن القرآن كله مثاني، كل آية فيه، و كل كلمة، بل و كل حرف.. و إلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: (الله نزَّل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعرُّ منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم و قلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء و من يضلل الله فما له من هادٍ)( الزمر:23) و معنى مثاني أنه معنيين اثنين، معنىً بعيد عند الرب و معنىً قريب تنزل من الرب إلى العبد.




    زعم الجمهوريين أن لكل آية معنى قريباً و معنى بعيداً:


    أمثلة لتفسيرهم:


    1. قال تعالى: (و التين و الزيتون، و طور سينين، و هذا البلد الأمين)(التين:1-3) قال محمود محمد طه في تفسير هذه الآيات: يقول المفسرون في ذلك أن الله تبارك و تعالى أقسم بهذه الأعيان ((و التين)) .. و هو المعروف المأكول.. ((و الزيتون)) كذلك ((و طور سينين)) جبل بسيناء الذي كلَّم عليه موسى بن عمران ((و هذا البلد الأمين)) مكة المكرمة.. و لكن هذا التفسير قريب من القرب، و هو ما تعطيه اللغة[37]، و في المعرفة الحقيقية الله لا يقسم إلا بنفسه[38]، و هذه الأعيان في السور إن هي إلا رموز إليه تعالى تترقي في سلم من القاعدة إلى القمة[39]، و هو سلم على شكل هرمي إن صح هذا التعبير، و هي قبل أن تصل في سلم الترقي إلى مستوى الرمز إليه تعالى إنما ترمز إلى الإنسان، لأنه في هذا السلم بينهما، أعني بين الإعيان و بين الله.


    كما أن هذه الأعيان في رأي محمود محمد طه تشير إلى أربع مستويات من المستويات التي تشكل الشكل الهرمي الذي تشكله القوى البشرية المركوزة في البنية الجسدية، و هي النفس الحيوانية، و النفس الإنسانية، و النفس الملائكية –الروح- أو الذكاء- و النفس الكبرى التي هي القلب[40].


    فالتين رمز للنفس الحيوانية، و الزيتون رمز للنفس الإنسانية، و طور سينين رمز للنفس الملائكية(الروح) و هذا البلد الأمين رمز للقلب. و النفس الإنسانية التي يرمز لها في الآية بالزيتون هي وسط بين النفس الحيوانية و النفس الملائكية، و لذلك قال تعالى في سورة النور: (شجرة مباركة زيتونة لا شرقية و لا غربية)(النور:35) أي وسط بين طرفي الملك و الحيوان، و هي تنشأ من لقاح الحيوان و الملك، كما ينشأ الجنين من لقاح المرأة و الرجل[41].


    2. قال تعالى (( هل ينظرون إلا إن يأتيهم الله في ظُلل من الغمام و الملائكة و قضي الأمر و إلى الله ترجع الإمور)) (البقرة:210) قال الجمهوريون: و من آيات التجسيد أيضاً فوله تعالى: ((هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام...)) الآية، فالله تعالى في ذاته ليس بغائب حتى يأتي.. ثم هو لا يأتي في ظلل من الغمام فهي إشارة لتحديد عنه تتعالى الذات علواً كبيراً، فلم يبق إلا الذي يأتي في ظلل من الغمام وهو مقام الاسم، يأبي في تجسيد، هذا التجسيد هو الإنسان..[42] و كل الإحاديث التي تتحدث عن رؤية الله يوم القيامة، و هي أحاديث كثيرة، إنما تتحدث عن مقام الاسم و ليس عن الذات المطلقة.."[43].


    و قد أول الجمهوريون الآيات التي تتحدث عن الرؤية تأويلات لا تعقل، و من تلك الآيات قوله تعالى: ( وجوه يومئذٍ ناضرةٌ، إلى ربها ناظرةٌ) (القيامة: 23-22) و قوله تعالى: (تحيتهم يوم يلقونه سلامٌ) (الأحزاب:44) و قوله تعالى: (كلاّ إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون، ثم إنهم لصالو الجحيم، ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون) (المطففين:15-17).


    3. قال تعالى: (أم خُلقوا من غيرِ شيئٍ أم هم الخالقون)(الطور:35) قال الجمهوريون –تحت عنوان الخلق ليس من العدم- : "و من فساد العقيدة عند المسلمين اليوم الظن بأن الله خلق الوجود من العدم، فهذا الظن يجعل للعدم وجوداً مع الله، منه استمد الخلق..و على الرغم من ممَّا في هذا الظن من تناقض إذ كيف يجيئ الموجود من المعدوم؟! إلا أنه ظن شائع بين المسلمين و قد استنكره القرآن بقوله : (أم خلقوا من غير شيئ أم هم الخالقون)(الطور:35) فكأن قولهم أنهم خلقوا من غير شيئ –من العدم- هو مستوى من الشرك يشابه القول بأنهم هم الخالقون، فالخلق لا يُستمد من غير الموجود و إنما يستمد من الموجود كامل الوجود"[44].


    فالنص السابق يؤكد إيمان الجمهوريين بأن المعدوم شيئ ثابت في العدم و هو عين الله بمعناه البعيد، و قد أولوا الآية التي استدلوا بها إلى تأويل لا يُعقل، و فيه الدليل على فساد ما يقولون، و على أن ما يقولونه كفرٌ صريح باتفاق أهل الإيمان، و أنه أبطل الباطل في بديهة عقل كل إنسان، فكل إنسان يقر بتوحيد الربوبية.


    و قوله تعالى: ((أم خلقوا من غير شيئ أم هم الخالقون)) دليل على أن المعدوم في نفسه ليس شيئاً، و أن ثبوته و وجوده و حصوله شيئ واحد، لأنه فيه أنكار اعتقاد أن يكونوا خلقوا من غير شيئ خلقهم، و فيه إنكار أن يكونوا هم الذين خلقوا أنفسهم"[45].


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "و هو استفهام إنكار يقول أوُجِدوا من غير مبدع؟ فهم يعلمون أنهم لم يكونوا من غير مكوِّن، و يعلمون أنهم لم يكونوا من نفوسهم، و علمهم بحكم أنفسهم معلوم بالفطرة بنفسه، لا يحتاج أن يستدل عليه، بل كل كائن محدث، أو كل ممكن لا يوجد بنفسه، و لا يوجد من غير موجد"[46].


    4. قال تعالى: ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثَّ منهما رجالاً كثيراً و نساءً) (النساء:1). قال محمود محمد طه: "فالنفس الواحدة في الحقيقة هي نفس الله تعالى، و آدم مشمول بخطاب ((يا أيها الناس)) فآدم لم يكن بداية الخلق، و إنما هو مرحلة متقدمة منه.. ثم النفس الواحدة هي نفس آدم.. و إلى نفس المعنى الإشارة بقوله تعالى: (و سخر لكم ما في السماوات و ما في الأرض جميعاً) (الجاثية: 13) فالآية تفيد –إلى جانب التسخير- أن جميع ما في السماوات والأرض مستمد من الله و هذا معنى منه من الآية... فالإنسان من الله صدر و إليه يعود و إلى هذا العود تشير الآية الكريمة: (يا أيها الإنسان إنك كادحٌ إلى ربك كدحاً فملاقيه) (الانشقاق: 6) و الآية الكريمة: (و أنَّ إلى ربِِِِِِك المنتهى) (النجم:42) حركة العودة إلى الله هي حركة المحدود إلى المطلق، و من النَّقص إلى الكمال، و همي حركة ليس لها انتهاء"[47].


    5. قال تعالى: (سبحان ربِك رب العزة عما يصفون) (الصافات: 180). استدل محمود محمد طه بهذه الآية في حديثه عن الذات الإلهية و أنها لا توصف و لا يشار إليها و لا تعرف إلا إذا تجسدت و تنزلت في مراتب الوجود المختلقة و حققت المعية مع جميع المخلوقات (بالذات).


    و الخطأ الذي وقع فيه محمود هو ظنه أن قول الله تعالى: ((سبحان ربِك ربِّ العزة عما يصفون...)) يُبيِّن أن الله سبحانه و تعالى لا يوصف و لا يسمى و لا يعرف، و أن الذي يُعرف و يُسمى بأسماء الله هو الإنسان الكامل الذي لا يشك أحدٌ في وجوده –في رأيه- فقد وُجد في العصور السابقة في كل رسول أو نبي إنسان كامل و وجد في هذا العصر في شخصه و أشخاص الجمهوريين من بعده، قال محمود: " الأمر كله أمر تنزُّلات، ففي البدء و لا بدء كان الله و لا شيئ معه.. و تلك مرتبة الذات الصرفة، أو الذات الساذج! فهي لا تعرف و لا تسمى و لا توصف"[48].


    6. قال تعالى: (عَمَّ يَتَساءلون، عن النبأ العظيم، الذي هم فيه مختلفون) (النبأ: 1-3) يزعم الجمهوريون أن النبأ العظيم الذي تساءل عنه أهل مكة و اختلفوا فيه و الوارد في قوله تعالى (عمَّ يتساءلون...) ليس هو يوم القيامة كما يظن المسلمون، و إنما هو محمود محمد طه، النبأ العظيم، و قد ظلَّت الإرض – في رأي الجمهوريين- محتفظة بهذا السر إلى القرن العشرين و باحت به الآن بعد أن أوقدت شمسها.


    قال الجمهوري صلاح محمد عثمان السوداني في تقديمه لقصيدة في جلسة إنشاد جمهورية خالصة عقدت في منزل محمود محمد طه في يوم (20/4/1977): قصيدتنا التالية للأخ عوض الكريم موسى قال الله تعالى: ((عمَّ يتساءلون عن النبأ العظيم...)) ما هو النبأ العظيم؟ هو مقتضى فرط الجلاء، و أتى بها خبر السماء، هي ما عليه العالمون. تعالوا نلتقط النبأ من هذه القصيدة:



    =سر الحقيقة في خفاء
    =هو مقتضى فرط الجلاء
    =و أتى به خبر السماء
    =هي ما عليه العالمون
    =و الأرض توقد شمسها
    =و تقيم منها عرسها
    =و تشق عنها رمسها
    =و تبوح بالنبأ المصون
    =و الفرد في تحقيق كن
    =قد كان حتى لم يكن
    =هو فوق ما في كن يكن
    =فكماله في يكن يكن

    1
    2
    3
    4
    5
    6
    7
    8
    9
    10
    11
    12 ii سر الحقيقة في iiخفاء
    ii هو مقتضى فرط الجلاء
    ii و أتى به خبر iiالسماء
    ii هي ما عليه العالمون
    ii و الأرض توقد iiشمسها
    ii و تقيم منها iiعرسها
    ii و تشق عنها رمسها
    ii و تبوح بالنبأ iiالمصون
    ii و الفرد في تحقيق iiكن
    ii قد كان حتى لم iiيكن
    ii هو فوق ما في كن iiيكن
    ii فكماله في يكن iiيكن




    7. قال تعالى: ( و جاء ربك و الملك صفاً صفاً ) (الفجر: 22) من الآيات يستدل بها الجمهوريون على مذهبهم في تجسد الذات الإلهية. قال الجمهوريون: "... فمثلاً إذا جاء في القرآن قوله تعالى: ((و جاء ربُك و المَلَك صفّاً صَفَّا)) فإن المفسرين يقولون جاء أمر ربك و هذا إفراغ للقرآن عن محتواه، إذ أن السؤال سيظل قائماً ما هو هذا الأمر؟ نحن عندما نقول إن الإمر هو المسيح فإن ذلك يعطي عبارات القرآن مدلولاتها، فيصبح هنالك معنىً محدد.. ثم أنَّ المسيح هو فعلاً أمر الله"[49].




    اختلاف الجمهوريين مع علماء المسلمين في التفسير ليس هو من جنس اختلاف علماء المسلمين فيما بينهم:


    قد خالف محمود محمد طه زعيم الجمهورين صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم في التفسير، و خالف التابعين لهم بإحسان، و من جاء بعدهم من المفسرين الذين فسروا القرآن بالمأثور و حركوا العقل في إطار النصوص، أو أولئك الذين مالوا إلى تأويل الآيات المتشابهات.


    و يتهم محمود محمد طه الصحابة بأنهم لم يعلموا من معاني القرآن شيئاً، و لذلك فهو يذمهم من هذه الناحية.


    يقول محمود محمد طه: "الإسلام عائد عمَّا قريب بعون الله و توفيقه، و هو عائد لأن القرآن لا يزال بكراً لم يفض الأوائل منه أختاماً غير ختم الغلاف".


    كما أن محمود محمد طه يعتمد في زعمه أنه هو الوحيد الذي فهم القرآن كما ينبغي بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم على أنَّ البشرية جمعاء لا تستطيع أن تستوعب النصوص الأصلية لأن فهمها ناقص و بيانها لم يحقق فرديته و من لم يرتق في سيره من العلم الناقص إلى العلم الكامل، و من المحدود إلى المطلق.


    و المسألة التي أريد بيانها أن هذا التأويل الباطني الجمهوري الذي يعتقد محمود أنه التفسير الصحيح للقرآن الكريم تأويل باطني، و هو يختلف عن تفسير علماء التفسير للقرآن الكريم، فالاختلاف الذي كان بين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أو أئمة التابعين أو غيرهم من المسلمين في التفسير هو اختلاف لا يغيِّر معاني القرآن و لا يخرجها عن المعنى المراد، و لا يؤدي إلى فساد العقيدة. أما اختلاف محمود محمد طه مع أئمة المسلمين فهو اختلاف أساسي، فتأويلاته الفاسدة تأكيد لعقيدته الفاسدة و لدعوته المخالفة.


    و الاختلاف الثابت عن الصحابة بل عن أئمة التابعين لا يخرج عن وجوه: أحدها " أن يعبر كل منهم عن معنى الاسم بعبارة غير عبارة صاحبه فالمسمى واحد، و كل اسم يدل على معنىً لا يدل عليه الاسم الآخر مع أن كليهما حق بمنزلة تسمية الله بأسمائه الحسنى، قال تعالى: (قل ادعو الله أو ادعو الرحمن أيَّاً ما تدعو فله الأسماء الحسنى) (الإسراء:110).


    الوجه الثاني: " أن يذكر كل منهما من تفسير الاسم بعض أنواعه أو أعيانه على سبيل التمثيل للمخاطب لا على سبيل الحصر و الإحاطة، كما لو سَئل أعجمي عن معنى لفظ الخبز فأُري رغيفاً فقيل هذا هو. فذاك مثال للخبز و إشارة إلى جنسه لا إلى ذلك الرغيف خاصة"[50].


    الوجه الثالث: " أن يذكر أحدهم لنزول الآية سبباً و يذكر الآخر سبباً آخر لا ينافي الأول، و في نزولها لأجل السببين جميعاً أو نزولها مرتين مرَّة لهذا و مرَّة لهذا. أما ما صحَّ عن السلف أنهم اختلفوا فيه اختلاف تناقض فهذا قليل بالنسبة إلى ما لم يختلفوا فيه"[51].


    و لا يمكن بحال من الأحوال أن تضم اسم محمود محمد طه صاحب التأويلات الفاسدة لقائمة المفسرين، لأن معرفته بصحيح المنقول و سقيمه، و صريح المعقول، و أسباب النزول، و الناسخ و المنسوخ، و اللغة العربية لا ترقى إلى مستوى المفسرين الذين عرفتهم الأمة الإسلامية و لا يمكن أن يداني مقامه مقام الأئمة الكبار في هذا المجال. فمحمود لم تتوفر فيه شروط المؤثرين لمنهج الدراية على منهج الرواية، لأنه ليس عالماً باللغة[52] و النحو و الصرف و الاشتقاق و علوم البلاغة و القراءات و أصول الفقه و الأحاديث المبينة لمجمل القرآن.




    تأويل ظاهر الحديث تأويلات باطلة:


    يميل الجمهوريون إلى تأويل ظاهر الأحاديث إلى تأويلات لا تعقل، و مرادهم من ذلك -كما ترى- هو إبطال الشريعة، و قد ساروا في هذه المسألة على طريق الباطنية الأوائل و الثنوية و الدهرية و الإباحية من المنكرين للنبوة و الشرائع و الحشر والجنة و النار و الملائكة و الربوبية.


    فيميل الجمهوريون إلى تأويل الإحاديث التي تتحدث عن رؤية الله في الآخرة، و يزعمون أن الله الذي يأتي يوم القيامة في ظلل من الغمام و الملائكة هو الإنسان الكامل. كما يميلون إلى تأويل الآيات التي تتحدث عن الصراط و الميزان و المعراج.


    قال الجمهوريون: " و كل الإحاديث النبوية التي تتحدث عن رؤية الله يوم القيامة، و هي أحاديث كثيرة، إنما تتحدث عن مقام الاسم[53]، و ليس عن الذات المطلقة، و ذلك لأن القيامة زمان و مكان و الذات المطلقة لا يحويها الزمان و لا المكان .. و لأن الرؤية لا تكون إلا للمحدود، و الذات المطلقة تتعالى أن تراها البصائر و الأبصار"[54].




    للإحاديث معنيان عند الجمهوريين:


    جعل الجمهوريون للأحاديث معنيين: معنىً قريباً، و معنىً بعيداً. المعنى البعيد هو المقصود لذاته، و المعنى القريب في معظم الأحيان و سيلة للمعنى البعيد، و ذكروا أن الذي يفهم المعنى القريب دون المعنى البعيد لم يفهم الإحاديث.


    قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)). قال محمود محمد طه في كتابه (رسالة الصلاة): " ((صلوا كما رأيتموني أصلى))!! هكذا أمر النبي في تبليغه رسالة ربه، فالصلاة معراج النبي بالأصالة و معراج الأمة بعده بالتبعية و التقليد.. و كلمة ((رأيتموني أصلي)) لها معنى بعيد و معنى قريب، .. فأما المعنى البعيد فهو أن نرى بعين البصيرة حال قلب النبي من صدق التوجه حين يقوم لصلاته، و أما المعنى القريب فهو أن نرى بعين البصر حركات النبي الظاهرة في صلاته فنتقنها أيضاً .. فنحن بدون أن نراه بعين البصيرة و بعين البصر، و بعبارة أخرى بدون أن نعرف حال قلبه و حركات جسده لا نكون قد رأيناه.. و إذا صلينا بمحاكاة حركات الجسد، بدون محاكاة صدق توجه القلب لانكون قد أطعنا عبارته ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) .. بذلك تكون صلاتنا صلاة يحق فيها قول الله تعالى : ( فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يراؤون، و يمنعون الماعون) (الماعون:4-7) سماهم المصلين، لأن حركاتهم حركات مصل، ثم قال فيهم أنهم عن صلاتهم ((ساهون)) يعني غافلون عن حقيقة صلاتهم و هي تقوم فيها الصلة بين الله و بينهم و ذلك بحضور قلوبهم فيها، و لذلك قال (( الذين هم يراؤون )) أي يهتمون بالظاهر و يهملون الباطون ((و يمنعون الماعون)) و الماعون يعني القلب يمنعونه من الله أن يكون فيه و يملئونه بأصنام حب الجاه و حب السلطة". فحديث (( صلوا كما رأيتموني أصلي)) فيه أمران :


    أمر بالتقليد و أمر بالأصالة-في رأي الجمهوريين- جاء في الكتاب (رسالة الصلاة) : ( فالنبي أتانا بلسان الحقيقة –لسان الحال- أمراً بالأصالة ". فمعنى الحديث عند الجمهوريين أن النبي صلى الله عليه و سلم قد قال بلسان العبارة " قلدوني إلى أن تكونوا أصلاء مثلي" و قد أخطأ الجمهوريون في هذه المسألة التي اعتمدوا فيها على تأويلاتهم الفاسدة، و التي حاولوا أن تكون سنداً لهم في الدعوة إلى الأصالة – ترك التقليد- أو ترك الصلاة الشرعية.


    و هذا الحديث الذي تحدث عنه الجمهوريون له معنى واحداً و فيه تنصيص على أن فعل النبي صلى الله عليه و سلم مبين لأصحابه، و المراد من هذا الحديث واضح و بيِّن و هو أن نصلي بالكيفية التي وضحها لنا الرسول صلى الله عليه و سلم و إظهار المراد قد يكون بالفعل أبلغ منه بالقول، و لهذا السبب نرى أن محموداً قد أخطأ في جعله للمتقن للصلاة الحركية و غير المدرك للمعنيين الذين تحدث عنهما من الذين هم عن صلاتهم ساهون، و من الذين لا صلاة لهم فالآيات التي استدل بها محمود في هذه المسألة لها معنى يختلف عن المعنى الذي يتحدث عنه، و الذي وصل إليه بتأويله الباطل[55].




    خـــاتمة:


    بان لنا بعد استعراضنا نماذج من التفسير الجمهوري أن الاتجاه الجمهوري في تفسير القرآن الكريم و في شرح السنة النبوية أتجاه باطني منحرف عن النهج القويم في تفسير القرآن الكريم أو شرح السنة النبوية. فالتأويل الباطني عند الجمهوريين يخرج بالقرآن الكريم عن هدفه الذي يرمي إليه، فالقرآن الكريم يقصد هدفاً معيناً، و الجمهوريون يقصدون هدفاً معيناً بتأويلاتهم الفاسدة، و بين الهدفين تنافر و تضاد، فيأبى الجمهوريون إلا أن يحوِّلوا القرآن عن مقصده و هدفه إلى مقصدهم و هدفهم، فيقيمون مذهبهم و يروجون له على حساب القرآن الكريم و السنة النبوية.


    فهدفهم أن يقيموا مذهبهم في ظاهره على أساس من تفسيرهم لكتاب الله، و بهذا الصنيع يكون الجمهوريون قد خدموا هدفهم و لم يقدموا لكتاب الله شيئاً إلا هذا التأويل الفاسد، الذي كله شر على الدين و إلحاد في آيات الله. و قد اتبع محمود في تأويله المنهج المذموم في التفسير، و عارض النصوص الصريحة في القرآن الكريم، و قال بمرحلية الآيات المعارضة لمذهبه و التي لم يستطع تأويلها لصراحتها، و تأويلاته للآيات القرآنية و الأحاديث النبوية تأويلات باطلة متكلفة يمجها الذوق السليم و لا تتفق في قليل و كثير مع قواعد الدين و بلاغة القرآن الكريم و فصاحة الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم فنسأل الله العافية في الدين و الدنيا و الآخرة.




    فهرس المصادر و المراجع:


    1. ابن باز: حكم الإسلام في من زعم أن القرآن متناقض أو مشتمل على بعض الخرافات، أو وصف الرسول صلى الله عليه و سلم بما يتضمن تنقصه أو الطعن في رسالته، ط المملكة العربية السعودية (ب.ت).


    2. ابن تيمية: الفتاوى ط. السعودية، تحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية و الأوقاف 1995م.


    3. أبو الحسن الإشعري: اللمع في الرد على أهل الزيغ و البدع، ط مطبعة مصر 1955م.


    4. أبو الحسن الندوي: القادياني و القاديانية.


    5. العلوي: الإفحام لأفئدة الباطنية الطغام، ط. منشأة الإسكندرية (ب.ث).


    6. إبن القيم: أمثال القرآن، تحقيق ناصر بن سعد الرشيد ط 2. 1402هـ المملكة العربية السعودية.


    7. الذهبي: الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن الكريم دوافعها و دفعها، ط مصر 1396هـ، مصر.


    8. الذهبي: التفسير و المفسرون ط2. دار الكتب الحديثة 1396هـ.




    كتب الجمهوريين:


    1. محمود محمد طه: السفر الأول ط1. أكتوبر 1945م الخرطوم.


    2. محمود محمد طه: قل هذه سبيلي ط1. 1952م أم درمان.


    3. محمود محمد طه: رسالة الصلاة ط1. 1385هـ أم درمان.


    4. محمود محمد طه: الرسالة الثانية من الإسلام ط. 1967م.


    5. محمود محمد طه: رسائل و مقالات ط 1393هـ أم درمان.


    6. الإخوان الجمهوريون : عقيدة المسلمين اليوم ط 1403هـ.


    7. الإخوان الجمهوريون: التقليد و الأصيل و الإصلاء ط1. 1982م.


    8. الإخوان الجمهوريون: اليوم الهجرة من النفس السفلى إلى النفس العليا ط1. 1981م.

    ----------


    [1] - الفتاوى 4: 69


    [2] - الفتاوى 13 : 313


    [3]- كتاب الفكر الإسلامي، تأليف نخبة من الإساتذة ط3. جامعة الإمارات 2003م، ص99.


    [4] - التأويل عند علماء اللاهوت تفسير الكتب المقدسة تفسيراً رمزياً أو مجازياً يكشف عن معانيها.


    [5] - انظر: الحركات الباطنية في العالم الإسلامي للدكتور محمد أحمد الخطيب ص 30.


    [6] - التفسير و المفسرون للذهبي 2: 232 و انظر المواقف للأيجي 8: 388.


    [7] - انظر لمعرفة المزيد عن هذه الفرق الباطنية القديمة الكتب الآتية: فضائح الباطنية للغزالي و كتاب تلبيس إبليس لابن الجوزي و الفتاوى لابن تيمية و الملل و النحل للشهرستاني والفصل في الملل و الأهواء و النحل لابن حزم و الفرق بين الفرق للبغدادي.


    [8] - أتباع الشيخ أحمد الإحسائي و كاظم الرشتي بإيران. و قد كان الباب شيخياً. انظر: البهائية لإحسان إلهي ظهير و وثائق عن البهائية للدكتورة بنت الشاطئ و البهائية لعبد الرحمن الوكيل.


    [9] - البابية أتباع الباب علي محمد الشيرازي الذي نفذ عليه حد الردة بإيران في 1256هـ لقوقه بنسخ الشريعة الإسلامية.


    [10] - البهائية أتباع البهاء حسين علي المازندراني الذي كان بابياً و قال بالتأويل الباطني الذي أدى به إلى القول بتجسد الذات الإلهية و تغيير الصلاة و الصوم و الحج إلخ.


    [11] - أتباع الإغاخان و الآن يوجد الأغاخان الرابع.


    [12] - هذه الفرقة هي موضوع البحث و سيأتي الكلام عنها.


    [13] - فسر زعيم البهرة قول الله تعالىو اعتصموا بحبل الله جميعاً و لا تفرقوا)(آل عمران103) بأن الحبل المشار إليه له طرفان: أحدهما بيد الله – تعالى عن ذلك- و الآخر بيده!! (كتاب الحركات الباطنية للبروفسير جلي- كتاب مخطوط-).


    [14] - يعتمد الميرزا غلام أحمد القادياني – الذي تنسب إليه القاديانية- على الإلهامات و الرؤى و يستدل- شأن الباطنية- بحساب الجمل و الأعداد و يسترسل في تأويل الآيات و الكلمات الواردة في الأحاديث و يعتبرها كلها مجازات و استعارات – كما يقول أبو الحسن الندوي في كتابه القادياني و القاديانية ص64، 65. و قد أصدر الميرزا أربع رسائل من رسائله الأربعين التي وعد بها و ألف رسالة (تحفة الندوة) و صنف (شهادة القرآن) و كتاب(حقيقة الوحي)و ألف إبنه الميرزا بشير الدين محمود كتاب(حقيقة النبوة) و صنف محمد علي الذي تزعم فرعاً من فروع القاديانية و هو الفرع اللاهوري مؤلفات كثيرة منها (THE ISLAM) و الترجمة الإنجليزية للقرآن، و منهج محمد علي اللاهوري في تفسير القرآن منهج باطني.


    [15] - انظر: كتاب نشأة الفلسفة الصوفية ص 80، 81.


    [16] - بيان مذهب الباطنية و بطلانه للديلمي ص39، 40، ط إدارة ترجمان السنة لاهور باكستان. الإسماعيلية لإحسان إلهي ظهير ص481.


    [17] - فضائح الباطنية لأبي حامد الغزالي، الباب الخامس، الفصل الأول ص55، ط. الكويت: الإسماعيلية لإحسان إلهي ظهير ص 481، 482.


    [18] - الإفحام لأفئدة الباطنية الطغام ص 71 ط منشأة المعارف، الاسكندرية.


    [19] - محمود محمد طه: مؤسس فرقة الجمهوريين و رئيسها و شيخها. ولد بقرية الهجليج في سنة 1912م. و الهجليج قرية تقع شمال مدينة رفاعة الواقعة في وسط السودان، شرق النيل الأزرق. تخرج من كلية غردون الجامعية و عمل في بداية حياته مهندساً في شكك حديد السودان، ثم مهندساً في الإدارة المركزية للكهرباء، ثم عمل بعد ذلك مهندساً في القطاع الخاص بمدينة كوستي- وسط السودان- و في سنة 1965م تفرغ تماماً لفرقته التي أنشأها، و جعل مقر إقامته الدائمة بأم درمان بالسودان.نفذ عليه حد الردة الرئيس السوداني جعفر نميري في عام 1985م.


    [20] - المعية بالذات: يؤمن الجمهوريون بالمعية بالذات و عقيدتهم في المعية بالذات تابعة لعقيدتهم في في التجسد و لمذهبهم في الإسراء و المعراج. بيان مذهبهم في المعية أن زعيمهم –محمود محمد طه- يرى أن يرى أن معية الله مع عبده تختلف باختلاف درجات معراج العبد إلى ربه أو تنزل الذات الإلهية في سلم الوجود حسب درجة الصبر التي يتمتع بها الإنسان. فالصابر عن الله تكون معية الله معه بالذات و القول بالمعية بالذات كفر و إلحاد و لم يقل به حتى المشبهة الذين بالغوا في التشبيه.


    و قد ذكر الشيخ محمد بن خضر بن مايابي الموريتاني في كتابه (استحالة المعية بالذات و ما يضاهيها في متشابه الصفات) أنه ما رأى أحداً نسب إليه القول بالمعية بالذات إلا ما ذكر عن شخص يسمى إبراهيم المواهبي الشاذلي.


    [21]- يعتبر محمود محمد طه وحدة الوجود أصلاً من أصول الدين.


    [22] - لا يوجد شيئ عند محمود إسمه المعدوم، بل المعدوم كان موجوداً في صورة أخرى تطور إليها أو نقص عنها، فالإمر مستمر بلا بداية و لا نهاية و المادة أزلية أبدية.


    [23] - عقائد البابكية و الحزمية و الخابطية و البيانية و الدروز و النصيرية والقاديانية إلخ.


    [24] - الذات عندهم يجب أن تتجسد و تتنزل في مراتب الوجود المختلفة.


    [25] - اللمع في الرد على أهل الزيغ و البدع لأبي الحسن الأشعري ط مطبعة مصر1955 ص83.


    [26] - انظر: صحيح مسلم المجلد الإول، نشر و توزيع دار البحوث العلمية و الإفتاء و الدعوة، المملكة العربية السعودية، المقدمة ص 5.


    [27] - عرف الاصطلاح بأنه اتفاق طائفة من الناس على شيئ إذا ذكر تبادر معناه إلى الأذهان و بعبارة أخرى الاصطلاح لفظ خاص اصطلح بعض الناس على معنى معين له فحين يطلق هذا اللفظ يتبادر إلى الذهن ذلك المعنى الاصطلاحي المتفق عليه. (حكم الإسلام في الاشتراكية لعبد العزيز البدري ص132).


    [28]انظر: عقيدة المسلمين اليوم- مرجع سابق-. -


    [29] - قال ابن تيمية ليس من كلام النبي صلى الله عليه و سلم و لا يعرف له سند صحيح و لا ضعيف و تبعه الزركشي و العسقلاني.


    [30] - الإخوان الجمهوريون: عقيدة المسلمين اليوم ص 83، 84.


    [31]- كبيِّت (أكتيور الثانية و الكتلة الثالثة) للإخوان الجمهوريين ط 1. 1301هـ ص 12 .


    [32] - ط 140 هـ ص 20.


    [33] - رسالة الصلاة لمحمود محمد طه.


    [34] - انظر: رسائل و مقالات لمحمود محمد طه ص61/نشرة داخلية بتاريخ 3/4/1982 ص3 الإخوان الجمهوريون/ الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور الإسلامي/ رسالة الصلاة لمحمود محمد طه ط 1399هـ ص 44.


    [35] - الثورة الثقافية لمحمود محمد طه ص 22.


    [36] - رسالة الصلاة لمحمود محمد طه ص 44.


    [37] - أي أن اللغة لا تستطيع أن تعطي المعنى الحقيقي المقصود من الكلمات، فهي عند الجمهوريين لا تحمل من معاني القرآن الحقيقية شيئاً، و لا تخبر عن المقصود منه في الحقيقة.


    [38] - إشارة إلى مذهبهم في وحدة الوجود المادية التي تجعل الله سبحانه و تعالى مادة الأشياء .


    [39]- سلم التطور.


    [40] - رسائل و مقالات لمحمود محمد طه، الكتاب الإول ص 44.


    [41] - رسائل و مقالات، الكتاب الثاني ص 45.


    [42] - رسائل و مقالات لمحمود محمد طه 2/29.


    [43] - عقيدة المسلمين اليوم ص 46، 47


    [44]ج1 ط ربيع الأول1403هـ ص 53. - عقيدة المسلمين اليوم


    [45] - الفتاوى ابن تيمية، المجلد الثاني، توحيد الربوبية ص 156.


    [46] - الفتاوى مجلد توحيد الربوبية ص 11.


    [47] - عقيدة المسلمين اليوم ص 53، 54.


    [48] - محمود محمد طه، رسائل و مقالات، الكتيب الثاني ص 45.


    [49] - عقيدة المسلمين اليوم ص 43-48.


    [50] - القاعدة المراكشية ص 32، 33.


    [51] - انظر: القاعدة المراكشية لابن تيمية، تحقيق الدكتور ناصر بن سعد الرشيد و الأستاذ رضا بن نعسان ط مطابع صفا، مكة المكرمة 1401هـ ص 32-34.


    [52] - مجرد معرفة اللغة لا يعين على معرفة التفسير و فهمه بالتفصيل، بل لا بد من معرفة أسباب النزول و معرفة المعاني الدقيقة للقرآن عن طريق النقل عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، قال تعالى ((و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم و لعلهم يتفكرون)) (النحل:44)، انظر: الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن الكريم للذهبيص 10.


    [53] - أي الإنسان الكامل عند الجمهورين.


    [54] - الإخوان الجمهوريون: عقيدة المسلمين اليوم ص 47. و انظر: موقف الجمهوريين من السنة النبوية للدكتور شوقي بشير ط 1 رابطة العالم الإسلامي، سلسلة دعوة الحق، سبتمبر 1987م ص 47، 48.


    [55] - لمعرفة المزيد عن أن إظهار المراد بالفعل أبلغ منه بالقول و أن لهذا الحديث معنى يختلف عن فهم محمود محمد طه له أنظر: أصول السرخسي 2/27، و انظر: موقف الجمهوريين من السنة النبوية للدكتور شوقي بشير ط: رابطة العالم الإسلامي، مكة، سلسلة دعوة الحق 1987م.





    * استاذ العقيدة الإسلامية بجامعة أم درمان الإسلامية
                  

01-22-2006, 10:15 AM

هاشم نوريت
<aهاشم نوريت
تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 13622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: متعك الله بالصحة والعافية يا جعفر النميرى......18/1 (Re: هاشم نوريت)

    وبالخط العريض ...


    التأويل الباطني عند الجمهوريين
    أ.د. شوقي بشير عبد المجيد*


    مقدمـــــة:

    الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد بن عبد الله و على آله و صحبه أجمعين، و بعد:

    فقد اخترت لهذا البحث عنوان " التأويل الباطني عند فرقة الجمهورين بالسودان" و التأويل هو صرف الألفاظ عن معانيها الظاهرة، فالظاهر عند الباطنية هو الأمثال المضروبة للمعاني الخفية، فالتأويل في نظرهم هو الطريقة المؤدية إلى رفع التعارض بين ظاهر النصوص و باطنها. و التأويل الباطني هو أساس الشرع المبدل الذي هو التأويلات الفاسدة، و التفاسير المقلوبة، و الأحاديث المكذوبة، و البدع الفكرية المضلة التي أدخلت في الشرع عن قصد من الفرق الباطنية المعاصرة و القديمة. و فرقة الجمهوريين بالسودان فرقة معاصرة لها خطرها على عقائد المسلمين، و قد جعلت هذه الفرقة- كغيرها من الفرق الباطنية المعاصرة- ما وصلت إليه من تفسير القرآن الكريم و شرح السنة النبوية سبباً في الخروج على الكتاب و السنة لما ظنوه معارضاً لهما لما يسمونه قياساً و رأياً و عقليات و قواطع.


    و الهدف من هذا البحث بيان أن الفرق الباطنية عموماً و فرقة الجمهوريين - على وجه الخصوص- قد بنت عقائدها على التأويل الباطني و الأحاديث الموضوعة. و في هذا البحث سوف أنبه على المآخذ التي أراها في منهجهم المعرفي و تأويلهم الباطني.


    و قد اقتضت طبيعة البحث أن يكون في محورين، تناولت في المحور الأول التعريف بمصطلح التأويل الباطني و التعريف بفرقة الجمهوريين. أما المحور الثاني فقد تناولة فيه التأويل الباطني عند الجمهوريين.


    هذا هو جهدي المتواضع أقدمه، مع علمي أن كل كسب بشري عرضة للخطأ و الصواب و المراجعة في زمنه و الأزمان التالية، فإن و فقت فالحمد لله رب العالمين، و إن أخطأت فأرجو من الإخوة الكرام تصويبي و تصحيح ما وقعت فيه من أخطاء. و أسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجه الكريم، و أن يوفقني لما يحبه و يرضاه، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.




    المحور الأول: التعريف بمصطلح التأويل:


    التأويل عند السلف:


    يطلق التأويل على عدة معان فيراد به الحقيقة و العاقبة، " حقيقة ما يؤول إليه الكلام، و إن وافق ظاهره. و هذا هو المعنى الذي يراد بلفظ التأويل في الكتاب و السنة كقوله تعالى هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق) الأعراف:35.


    و يراد بلفظ التأويل أيضاً التفسير، و هو كثير في اصطلاح المفسرين، و لهذا قال مجاهد – إمام التفسير- "إن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه، فإنه أراد بذلك تفسيره و بيان معانيه و هذا مما يعلمه الراسخون"[1]




    التأويل عند المتأخرين:


    هو صرف اللفظ عن ظاهره الذي يدل عليه إلى مايخالف ذلك لدليل منفصل يوجب ذلك: أو بعبارة أخرى "صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى آخر يحتمله اللفظ لدليل يقترن به مع قرينة مانعة من المعنى الحقيقي"[2]، و هذا النوع من التأويل يعذر به المسلم، فالعذر بالتأويل كالعذر بالخطأ مما قال به أهل السنة، " فقد يتلبس الإنسان بالكفر أو يقع فيه نتيجة لقصور في فهم الأدلة الشرعية، دون تعمدٍ للمخالفة، و لكن لا يعذر الإنسان بكل تأويلٍ بل من التأويل ما يعذر به و منه ما لا يعذر به.


    و التأويل الذي يعذر به:


    1. إذا كان التأويل يحتمله المعنى أو له وجه في الفهم فيعذر به الشخص.


    2. أن لا يكون التأويل في أصل من أصول الدين.[3]


    و تسمية هذا النوع من التأويل تأويلاً لم يكن في عرف السلف، و إنما سَمَّي هذا تأويلاً جماعة من العلماء المتأخرين، و ظنوا أن قوله تعالى و ما يعلم تأويله إلاّ الله) (آل عمران:7) يُراد به هذا المعنى. ثم صاروا في هذا التأويل على طريقتين – كما يقول ابن تيمية- " قوم يقولون إنه لا يعلمه إلا الله، و قوم يقولون الراسخون في العلم يعلمونه، و كلا الطائفتين مخطئة، فإن هذا التأويل في كثير من المواضع من باب تحريف الكلم عن مواضعه" خاصة التأويل الذي لا يعذر به، التأويل الباطني، فمثل هذا التأويل لا يقبل و لا يعذر به، و من هذا النوع تأويلات الباطنية الأوائل أمثال الخطابية، البيانية، الجناحية، المغيرية، العجلية، المحمرة، البابكية، الخرمية و الاسماعيلية، و الحركات الباطنية المعاصرة من أمثال البابية، البهائية، القاديانية، الدروز، الإسماعيلية و فرقة الجمهوريين بالسودان.


    و قد أجمع العلماء على كفرهم و أنهم لا يعذرون بالتأويل لأن حقيقة مذهبهم الكفر بالله تعالى و عدم عبادته وحده و إسقاط شرائع الإسلام.




    التأويل الباطني:


    التأويل عند الباطنية هو صرف الألفاظ عن معانيها الظاهرة، فالظاهر عند الباطنية هو المعاني الخفية المطلوبة. فالتأويل الباطني أمر لا بد منه عند الباطنية في فهم الشريعة الإسلامية، فالشريعة عندهم مشتملة على ظاهر و باطن لاختلاف فطر الناس و تباين قرائحهم في التصديق، فكان لا بد من إخراج النص من دلالته الظاهرية إلى دلالته الباطنية بطريق التأويل، "فالظاهر هو الصور و الأمثال المضروبة للمعاني، و الباطن هو المعاني الخفية التي لا تتجلَّى إلاّ لأهل البرهان[4]. فالتأويل في نظرهم هو الطريقة المؤدية إلى رفع التعارض بين ظاهر الإقاويل و باطنها"[5].


    قال الباطنية: " القرآن ظاهر و باطن، و المراد به باطنه دون ظاهره المعلوم من اللغة، و نسبة الباطن إلى الظاهر كنسبة اللبِّ إلى القشر، و المتمسك بظاهره معذب بالشقشقة في الكتاب، و باطنه مؤدٍّ إلى إلى ترك العمل بظاهره، و تمسكوا في ذلك بقوله تعالى فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب)(الحديد:13)[6].


    و قد اتخذ الباطنية من أمثال الخطابية، الجناحية، المغيرية، العجلية[7]، الشيخية[8]، البابية[9]، البهائية[10]، الإسماعيلية الأغاخانية[11]، فرقة الجمهوريين بالسودان[12]، البهرة[13] و القاديانية[14] التأويل الباطني الذي لا يلتزم بقواعد اللغة و دليل العقل، و الشرائط التي وضعها العلماء للتأويل الذي يعذر به. و اتخذوا ذلك المنهج وسيلة لهدم الدين و تحريف أصوله و قواعده، و جعلوه طريقاً يوصل إلى إسقاط التكاليف الشرعية. و بلغ الأمر منتهاه عند الإسماعلية و إخوان الصفا و غيرها من الفرق التي ربطت التأويل بألوان من العلوم الغامضة و اشتغال بالحروف و الأعداد و أسرارها[15].


    قال الديلمي تحت عنوان "ذكر طرف من تأويلاتهم الباطنية" : "اعلم أن مذهبهم في الجملة أنه لا بد لكل ظاهر من باطن و هو المقصود حقيقة، و هو بمنزلة اللب، و الظاهر بمنزلة القشر، و عمّوا بذلك جميع الكلام و أنواع الإجسام، و لم يعتبروا المطابقة بين الظاهر و الباطن، بل تأويلاتهم لا تناسب الظاهر من حيث الحقيقة و المجاز، و لم يقتصروا مع ذلك على تأويلٍ واحد، بل أثبتوا تأويلاً للتأويل، و جعلوا للعبارة الواحدة تأويلات عدَّة حتى ذكر صاحب (المبتدأ و المنتهى) – وهو من أكابرهم في الكفر و الضلالات و العمى- قال: و قد روي عن موالينا عليهم السلام أنّا نقول الكلمة لها سبعة وجوه. فقال قائل: سبعة وجوه!. فقال سبعون. فقال القائل: سبعون!. فقال: سبعمائة. فكل ما ارتجَّ على قارئه و خفيت معرفته و دقت عليه إشارة و كنا بقربه فليسألنا عنه، أو من يعلم أنه أعلم من أبناء جنسه ممن يحمل هذا العلم، و متى كان الأمر على ما ذكره فلا يمكن الوقوف على المراد بالكلام أصلاً و الحال هذه، و لعل السائل لو قال له: سبعمائة!. لقال سبعة آلاف ثم هكذا، لأن تحقيق ذلك خرج عن الحصر لعدم المطابقة، و هذا يحقق لكل ذي تمييز أن غرض القوم ما قدمنا من الخلع عن الدين، و السلخ عن دين المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين، و قد قال تعالى: (و يوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودَّة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين) (الزمر:60)[16].


    و قال أبو حامد الغزالي، الصوفي، الأشعري، الشافعي(450-505هـ): "أنهم لما عجزوا عن صرف الخلق عن القرآن و السنة صرفوهم عن المراد بهما إلى مخاريف زخرفوها، و استفادوا بما انتزعوه من نفوسهم من مقتضى الألفاظ إبطال معاني الشرع، و بما زخرفوه من التأويلات تنفيذ انقيادهم للمبايعة و الموالاة، و أنهم لو صرحوا بالنفي المحض و التكذيب المجرد لم يحظوا بموالاة الموالين، و كانوا أول المقصودين المتقولين"[17].


    و قال العلوي: " اعلم أنهم لما عجزوا عن صرف الخلق عن التصديق عمدوا بلطف الاحتيال و دقة الاستدراج، فصرفوا ظواهر الشرع و نصوصه إلى هذيانات لفقوها، وتهويسات جمعوها و زوَّروها، ليستفيدوا بذلك إبطال معاني الشرع و هدم أساسه، و أوقعوا في نفوسهم أنهم لو صرحوا بالنفي المحض و التكذيب الصرف لم يثقوا بانقياد الخلق لضلالتهم، و لا بإصغاء سمع أحد إلى جهالتهم فقالوا: "كل ما ورد من التكاليف، و الحشر و النشر، و ضمائر النصوص، و الظواهر، و جميع المعجزات، فهي بأجمعها أمثلة و رسوم إلى بواطن مكذوبة، و أمور محرفة موهومة"[18].




    فرقة الجمهوريين بالسودان:


    إن أول نواة لفرقة بالسودان هم مجموعة من السودانيين الذين انتموا إلى الجماعة التي أسسها محمود محمد طه[19]في الأربعينات من القرن الماضي. و كانت بداية هذه الجماعة نتيجة لظروف مشابهة للظروف التي أسهمت في كثيراً في ظهور الأحزاب السياسية السودانية، إلا أن هذه الجماعة كانت علمانية الاتجاه بصورة واضحة و أعلن زعيمها ذلك في سَفْره الأول الذي أعلن فيه أن الدين ويعني- الإسلام- ليس بمفلت من التشكيك و يجب أن يوضع على منضدة البحث العلمي لرفض ما لا يتناسب مع العصر عن طريق تأويل النصوص التي لا تتماشى مع القرن العشرين كنصوص الجهاد و العبادة. و مع أن اتجاه هذه الجماعة كان واضحاً منذ البداية إلا أن زعيمها حاول أن يصبغها بصبغة دينية حتى يجد سنداً شعبياً في بلد يدين معظم أهله بالإسلام و ينتشر فيه التصوف.


    و ظهرت فرقة الجمهوريين باتجاهها الباطني المخالف للإسلام في عام 1965م العام الذي أعلن فيه زعيمهم بأنه قد استقام له أمر نفسه و أصبح على مشارف الوصول للمعية بالذات[20]. و خرج من جماعة الجمهوريين عدد من الرجال بعد أن أصبحت فرقة باطنية، كما دخل فيها آخرون إعجاباً بتأويله للخطاب الديني. و قد نجح محمود محمد طه في ملء فراغ أتباعه الفكري بفكره التلفيقي الذي جمعه من أفكار و فلسفات الفرق الباطنية في القديم و الحديث، و من الفلسفات الإلحادية و المذاهب المعاصرة.


    و قد قام الفكر الجمهوري في بدايته على أصول فلسفية منها:


    1. مذهب وحدة الوجود، وهي وحدة وجود مادية تجعل الحق سبحانه و تعالى مادة الأشياء[21].


    2. أزلية و أبدية المادة.


    3. المعدوم شيئ ثابت في العدم و هو عين الله بمعناه البعيد[22].


    4. عقائد النِّحل الباطنية في القديم و الحديث[23].


    5. عقيدة التجسد الإسماعيلية أو البهائية[24].


    6. الفلسفة الوجودية.


    7. الفلسفة الشيوعية.


    8. النظرية الدارونية بديلاً للخلق من عدم.


    و أضاف إليها الجمهوريون اليوم (النظام العالمي الجديد).




    المحور الثاني: التأويل الباطني عند الجمهوريين:




    الاتجاه الجمهوري في التفسير اتجاه باطني، هو باب من الإبواب دلف منها الجمهوريون إلى ترويج مذهبهم و نشره اعتماداً على ما أثبته محمود محمد طه لنفسه في هذا الباب، فقد بلغت به الجرأة أن أثبت لنفسه كثيراً من الآيات التي نزلت صريحة في حق نبينا صلى الله عليه و سلم،و أثبت كثيراً من الآيات التي تحدثت عن عيسى عليه السلام، كما ذكر أن الآيات التي تتحدث عن الصراط و عن يوم القيامة، و عن مسائل غيبية كثيرة تتحدث عنه و عن فرقته، و حرَّف آيات القرآن الكريم تحريفات معنوية و لفظية يصعب حصرها، و استعان في ذلك بمناهج الباطنية الذين يتطرفون في تأويل المصطلحات الإسلامية و الكلمات الشرعية المتواتر لفظها و معناها ومفاهيمها، و يتوصلون إلى فتح باب الإلحاد و الفساد و الفوضى الفكرية على مصراعيه، و العبث بالدين و بعقول الناس .


    و يرى محمود محمد طه أن التفسير الذي يقدمه لآيات القرآن هو التفسير المراد، وهو الذي يحمل المعاني الحقيقية للقرآن الكريم، و هو من هذه الناحية لم يسبق أن قدمه أحد، فهو المعنى البعيد الذي عند الله، المعنى الذي نزل معه المعنى القريب.


    و يرى محمود محمد طه – زعيم الجمهوريين – أن المفسرين السابقين من الصحابة و التابعين و غيرهم لم يستطيعوا فهم النصوص الأصلية و بيانها، وذلك لاعتمادهم على اللغة العربية، و اللغة العربية – عند الجمهوريين – لا تحمل من معاني القرآن الحقيقية شيئاً، و لا تخبر عن المقصود عنه في الحقيقة، و لذلك لا بد من التأويل الباطني و صرف الألفاظ عن معانيها الظاهرة التي اتبعها الصحابة و التابعون لهم، فالصحابة رضي الله عنهم في نظر الجمهوريين لم يستطيعوا فهم النصوص الفرعية التي يستطيعون متابعتها، و ترك أمر بيان و تفسير النصوص الأصلية للجمهوريين.



    =سل الحسام المغمـد
    =و بدا هنالك أحمـد
    =بك حجة لا تدحـض
    =لك أول في العابدين

    1
    2
    3
    4 ii سل الحسام iiالمغمد
    ii و بدا هنالك iiأحمد
    ii بك حجة لا iiتدحض
    ii لك أول في العابدين




    و يرى الجمهوريون أن زعيمهم هو الذي استطاع استيعاب النصوص الأصلية لأنه الأصيل الأول و الوارث المحمدي الذاتي المقام الذي ترقى في سيره المحدود إلى المطلق و من العلم الناقص إلى العلم الكامل.


    و يستعين الجمهوريون في منهجهم الباطني و تأويلهم للنصوص ببتر الأجزاء التي يصعب تأويلها من النص، فيذكرون جزءاً من الحديث أو الآية للإيهام، خاصة إذا رأوا أن الجزء المبتور يبيِّن فساد عقيدتهم، أو يؤكد بعدها عن الدين، و لذلك يحرصون على ذكر الجزء من الحديث الذي يوافق هواهم، و مما لا شك فيه أن هذا إهمال – عن قصد- لأحاديث الرسول صلى الله عليه و سلم . و الغرض من ذلك البتر جعل السامع يعتقد صحة الأدلة التي استدل بها باتر النصوص مع ما في الجزء المبتور من بيان لفساد عقيدته، كما أن بتر النص قد يعطي معنىً مخالفاً لما يعطيه النص بأكمله، بل قد يدفع بصاحبه إلى الكفر، و لذلك نبهنا أكثر من واحد من السلف إلى عدم بتر النصوص حتى في الكلام العادي، و نستدل لبيان أن نصف الجملة قد يدفع بصاحبه للكفر -إن اعتقده- بجمل استخدمها الأشعري رحمه الله " إن الكفر باطل، و الكفر قضاء الله تعالى، بمعنى أنه خلق الله، و لا يقول قضاء باطل، لأنه يوهم أنه لا حقيقة لقضاء الله، وهذا كما نقول الكافر مؤمن بالجبت و الطاغوت، ولا نقول مؤمن و نسكت لما فيه من الإبهام"[25].


    و لأهمية ذكر الأحاديث كاملة دون بتر جزء منها اهتم العلماء بالحفظ، و احتاطوا في الأخذ عمَّن يأتيه الخطأ من جهة الحفظ ناهيك عن المتروكين الذين يبترون النصوص عن قصد، بل اهتموا بالحديث الذي تذكر من بعض رواياته زيادة، و احتاطوا في هذه المسألة لأن إهمال الزيادة الواردة في رواية من الروايات و فيها معنى زائد يحتاجه المسلم إهمالٌ لحديث النبي صلى الله عليه و سلم، لأن المعنى الزائد في الحديث المحتاج إليه يقوم مقام حديث تام، و لذلك ترى أئمة الحديث كالإمام مسلم يعيد الحديث الذي فيه زيادة، و يميل في معظم الأحيان إلى إعادة الحديث الذي فيه زيادة في بعض رواياته بهيئته لأن ذلك أسلم[26].


    في الوقت الذي نجد فيه أن الجمهوريين يميلون إلى بتر النصوص كما نجدهم أيضاً إلى زيادة ألفاظ من عندهم لبعض الأحاديث الصحيحة. و خطر التأويل الباطني يتمثل في أنَّه أصبحت للباطنية مصطلحات[27] خاصة بهم، ظاهر ما يتبادر إلى ذهن المسلم من معانيها لا يتعارض مع الإسلام، بل هي مصطلحات إسلامية اصطلح المسلمون عليها، أو عرفوها من دينهم، بينما حرف الباطنية تلك المصطلحات عن معانيها الظاهرة و اصطلحوا على معنيين لكل مصطلح. فحينما يسمع السامع لفظاً من الألفاظ التي اصطلح عليها الباطنية يتبادر إلى ذهنه المعنى الذي تعارف عليه المسلمون و يكون حكمه على مذهبهم تبعاً لذلك.


    فالجمهوريون – على سبيل المثال- و هم من الباطنية يستخذمون عبارات وضعت بالأصل لنظم خاصة مختلفة عن النظام الإسلامي، كما يستخدمون مصطلحات إسلامية ( حديثية و فقهية و توحيدية) متفق عليها في معاني أخرى مختلفة تناقض ما أراده المسلمون من تلك المصطلحات.


    و من الأمثلة الواضحة الدلالة على ذلك المصطلحات التالية:




    أمثلة لبيان أن كل كلمة عند الجمهوريين لها معنيان و ما يترتب على ذلك من إضلال الناس:


    الله:


    الله علم على الذات المقدسة المعبودة بحق. و هذا معروف عند المسلمين، أما محمود محمد طه – زعيم الجمهوريين- فيرى أن اسم الله – تبارك و تعالى- يطلق على معنيين: معنىً بعيد و هو ذات الله الصرفة، و هي فوق الأسماء و لو لا أنها تنزلت في مراتب الوجود المختلفة لما عرفت.فكلمة (الله) عند الجمهوريين في معناها البعيد ليست إلا إشارة بسيطة غامضة لا يمكن أن توصف و لا تسمى و لا تعرف إلا بعد تنزُّلها. فالتنزُّل الإول من الذات الساذجة إلى مرتبة الأسماء (الله) ثم التنزل الثاني من مرتبة الإسماء إلى مرتبة الصفات (الرحمن). و أما المعنى القريب (لله) – في رأي الجمهوريين- اسم للمحدث الكامل- الإنسان الكامل- و هي مرتبة البشر الكامل، و تشير إلى التعيين الأول الذي ليس بينها و بين صرافة الذات أحد من الخلق، و إنما هو بين جميع الخلق و بين الذات، و تقوم جميع الصفات و الإسماء الإلهية بالتعين الأول، أي بالإنسان الكامل.


    قال الجمهوريون: ".. و أن اسم الله تبارك و تعالى يطلق على معنيين أيضاً معنى بعيد و هو ذات الله الصرفة، و هي أمر فوق الإدراك و فوق الأسماء و فوق الإشارات، و لولا أنها تنزَّلت لما عرفت، و معنى قريب و هو مرتبة الإنسان الكامل الذي أقامه الله خليفة عنه في جميع العوالم و أصبغ عليه صفاته و أسماءه حتى اسم الجلالة (الله) حيث قيلت إنما تشير إلى هذين المعنيين[28].


    و النتيجة التي يخلص إليها الناظر في حديث الجمهوريين عن اسم الجلالة (الله) يجد أن هؤلاء الباطنية يقولون في أذكارهم دائماً (الله)،(الله) بلسان الحال حتى يتم تحقيقها بلسان المقال، أو تتحقق بالهجرة إلى النفس العليا – التي هي عندهم نفس الله!!.


    و ليس في نظام الجمهوريين الفكري و لا في حقيقة الجمهوريين العارفين بحقيقة مذهبهم موضع لله سبحانه و تعالى، و لا للإيمان بأنه الرزاق ذو القوة المتين، و قد ساروا في هذه المسألة على درب حسين المازندراني زعيم البهائية، و قد استدل الباطنية في حديثهم عن عقيدة التنزُّل و التجسد الإسماعيلية أو البهائية بحديث قالوا إنه قدسي " كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فتعرَّفت إليهم حتى عرفوني"[29].


    قال محمود محمد طه: " فالله من حيث ذاته المطلقة كان و لا يزال و لن ينفك في حضرة خفاء، و لكن لكي يعرف تنزَّل إلى مرتبة القيد – مرتبة الخلق- و كان أول التنزُّل إلى مرتبة الاسم (الله) هو الحقيقة المحمدية المشار إليها بقول المعصوم " أول ماخلق الله نور نبيِّك يا جابر" و عن كون ذات الله الصرفة لا تعرف، و لا توصف، و لا يشار إليها بشيئ قوله تعالى سبحان ربك ربِّ العزة عمّا يصفون)(الصافات: 180) يعني تنزَّه الله في ذاته عن كل وصف... (و سلام على المرسلين)(الصافات:181) يعني خير ما وصف الله المرسلين..".


    و يرى الجمهوريون أن جميع الآيات القرآنية تتحدث عن مقام الاسم (الله)، و جميع آيات الصفات تتحدث عن التجسيد، و كل الإحاديث النبوية التي تتحدث عن رؤية الله يوم القيامة أو نزوله إلى السماء الدنيا إنما تتحدث عن مقام الإسم.


    و قد أوَّل الجمهوريون جميع الأحاديث التي تتحدث عن الرؤية، أو نزول الله إلى السماء الدنيا. فصفات الله عند الجمهوريين إنما هي صفات الإنسان الكامل أو الحقيقة المحمدية أو التعيين الأول للذات الإلهية، أو التجسد الإول. و النصوص القرآنية التي تتحدث عن صفات الله و أسمائه – عند الجمهوريين- المقصود بها الله بمعناه القريب – الإنسان الكامل- !! قال الجمهوريون: " و مقام الاسم (الله) الحقيقة المحمدية هو مقام الملكوت، و لكنه بفضل الله يتنزل في كل حين إلى عالم الملك حتى يتجسد على الأرض، و لحظة تجسيده هي لحظة ظهور المسيح"[30].




    كلمة إسلام:


    عندما يتحدث الجمهوريون عن الإسلام لا يعنون ما يعنيه المسلم عادة من هذه الكلمة و إنما يعنون مذهبهم الجمهوري.


    قال الجمهوريون: " و نحن عندما نتحدث عن الإسلام لا نعني ما يعنيه الناس عادة عن الإسلام..."[31]. و قال الجمهوريون في كتيبهم ( الجمهوري و المهاجر الاكتويري): "إن الإسلام ليس غير الفكرة الجمهورية، ذلك بأن سائر المسلمين بفرقهم المختلفة ليسو على شيئ"[32].




    الشهود الذاتي:


    يقصدون به شهود تجليات الذات الإلهية على النفس الإنسانية. فالرسول صلى الله عليه و سلم عند الجمهوريين قد شاهد التجليات الإلهية قبل أن يصل إلى مستوى الشهود الذاتي في جبريل.




    الشهود الأسمائي:


    يقصد به الجمهوريون شهود تجليات الذات في الخلق،. قال محمود محمد طه: " فالشهود الأسمائي هو شهود تجليات الذات في الخلق فقد شاهد النبي التجليات الإلهية في جبريل، و القرآن يقصُّ علينا هذه الآيات (علَّمه شديد القوى)(النجم:5) (ذو مرَّة فاستوى)(النجم:6) وصف لجبريل بالشدة، و معنى فاستوى في صورته التي خلقه الله عليها و هي أعلى ما يكون جبريل مظهراً للتجلي الأسمائي، و إلى ذلك الإشارة بقوله (و هو بالإفق الإعلى)(النجم: 7) مما يلي الذات، (ثم دنا فتدلَّى)(النجم: تنزَّل في التجلي الأسمائي إلى مرتبة الصفة إلى مرتبة الفعل حيث استقر (فكان قاب قوسين أو أدنى)(النجم:9) و في هذا الثالوث إشارة لطيفة إلى العقل لا يتسع المقام لاستقرائها (فأوحى إلى عبده ما أوحى)(النجم:10) فأوحى جبريل إلى عبده ما أوحى!!"[33].




    حق الحرية: يقصد بها الجمهوريون الديمقراطية.




    حق الحياة: يقصد بها الجمهوريون الاشتراكية.




    أدب الوقت:


    أدب الوقت عند الجمهوريين هو الحضور في اللحظة الحاضرة، و أن يعيش الإنسان اللحظة لا يفكر في الماضي أو في المستقبل. و أدب الوقت هو السبيل الوحيد عندهم ليحقق الإنسان من المطلق شيئاً و يكسب شيئاً من صفاته، و يساعد في شهود من لا يحويه الزمان و لا المكان، يساعد في شهود المطلق الشهود الذاتي!.




    مقام الوسيلة:


    مقام الوسيلة عند الجمهوريين مقام بين المطلق و المقيد، بين الخالق في إطلاقه و بين الخلائق من قمتها إلى قاعدتها[34]. و هو المقام المحمود الذي تحقق للنبي صلى الله عليه و سلم ليلة الإسراء و المعراج التي ارتفع فيها حجاب الفكر عن النبي صلى الله عليه و سلم و تمت له الوحدة الذاتية و المكانية و حقق الأحدية. و هذا المقام عند الجمهوريين ليس حكراً على الرسول بل يمكن التوصل إليه بالهجرة من النفس السفلى إلى النفس العليا.




    تحقيق الأحدية:


    تحقيق الأحدية عند الجمهوريين هو الوصول إلى الله، و الوصول إلى الله عندهم عبارة عن الوصول إلى النفس العليا، التي هي نفس الله!.


    الأصيل الإول:


    يقصد بها الجمهوريون الحقيقة المحمدية متنزِّلة في الإرض، و بنزولها في الأرض يتم إنزال ملكوت السماء إلى الأرض. و الأصيل الأول في مواجهة الذات الإلهية هو أول قابل لتجلي المطلق و هو الذي يقيد المطلق[35].


    الحق:


    الحق عند الجمهوريين هو وجه الأشياء الذي يلي الحقيقة و هو الذي يستطيع أي إنسان -في رأيهم- في هذا العصر المتطوِّر تحقيقه من المطلق في الزمان و المكان، فمثلاً علم الإنسان النسبي هو ما يحققه أي إنسان في الزمان و المكان من علم المطلق، أما الذي يحققه الإنسان المتجلي بأدب الوقت فهو العلم المطلق[36].


    منهج الجمهوريين في تفسير القرآن الكريم:


    قول الجمهوريين بأن لكل كلمة في القرآن معنى بعيداً و معنى قريباً:


    يؤمن الجمهوريون بأن لكل كلمة من كلمات القرآن الكريم معنى قريبا و معني بعيداً. و المعنى القريب هو الظاهر، و المعنى البعيد هو الباطن، و المعنى القريب هو الذي يمكن معرفته بمعرفة اللغة و إجادتها، و المعنى البعيد عند الرب لا يعلمه إلا الرسل و الأنبياء،أو الذين يستطيعون أن يتلقوا شريعتهم من الله كفاحاُ!!.


    قال محمود محمد طه: "و من الأمور التي لا بد من تقريرها لتعين على فهم القرآن هو أن القرآن كله مثاني، كل آية فيه، و كل كلمة، بل و كل حرف.. و إلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: (الله نزَّل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعرُّ منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم و قلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء و من يضلل الله فما له من هادٍ)( الزمر:23) و معنى مثاني أنه معنيين اثنين، معنىً بعيد عند الرب و معنىً قريب تنزل من الرب إلى العبد.




    زعم الجمهوريين أن لكل آية معنى قريباً و معنى بعيداً:


    أمثلة لتفسيرهم:


    1. قال تعالى: (و التين و الزيتون، و طور سينين، و هذا البلد الأمين)(التين:1-3) قال محمود محمد طه في تفسير هذه الآيات: يقول المفسرون في ذلك أن الله تبارك و تعالى أقسم بهذه الأعيان ((و التين)) .. و هو المعروف المأكول.. ((و الزيتون)) كذلك ((و طور سينين)) جبل بسيناء الذي كلَّم عليه موسى بن عمران ((و هذا البلد الأمين)) مكة المكرمة.. و لكن هذا التفسير قريب من القرب، و هو ما تعطيه اللغة[37]، و في المعرفة الحقيقية الله لا يقسم إلا بنفسه[38]، و هذه الأعيان في السور إن هي إلا رموز إليه تعالى تترقي في سلم من القاعدة إلى القمة[39]، و هو سلم على شكل هرمي إن صح هذا التعبير، و هي قبل أن تصل في سلم الترقي إلى مستوى الرمز إليه تعالى إنما ترمز إلى الإنسان، لأنه في هذا السلم بينهما، أعني بين الإعيان و بين الله.


    كما أن هذه الأعيان في رأي محمود محمد طه تشير إلى أربع مستويات من المستويات التي تشكل الشكل الهرمي الذي تشكله القوى البشرية المركوزة في البنية الجسدية، و هي النفس الحيوانية، و النفس الإنسانية، و النفس الملائكية –الروح- أو الذكاء- و النفس الكبرى التي هي القلب[40].


    فالتين رمز للنفس الحيوانية، و الزيتون رمز للنفس الإنسانية، و طور سينين رمز للنفس الملائكية(الروح) و هذا البلد الأمين رمز للقلب. و النفس الإنسانية التي يرمز لها في الآية بالزيتون هي وسط بين النفس الحيوانية و النفس الملائكية، و لذلك قال تعالى في سورة النور: (شجرة مباركة زيتونة لا شرقية و لا غربية)(النور:35) أي وسط بين طرفي الملك و الحيوان، و هي تنشأ من لقاح الحيوان و الملك، كما ينشأ الجنين من لقاح المرأة و الرجل[41].


    2. قال تعالى (( هل ينظرون إلا إن يأتيهم الله في ظُلل من الغمام و الملائكة و قضي الأمر و إلى الله ترجع الإمور)) (البقرة:210) قال الجمهوريون: و من آيات التجسيد أيضاً فوله تعالى: ((هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام...)) الآية، فالله تعالى في ذاته ليس بغائب حتى يأتي.. ثم هو لا يأتي في ظلل من الغمام فهي إشارة لتحديد عنه تتعالى الذات علواً كبيراً، فلم يبق إلا الذي يأتي في ظلل من الغمام وهو مقام الاسم، يأبي في تجسيد، هذا التجسيد هو الإنسان..[42] و كل الإحاديث التي تتحدث عن رؤية الله يوم القيامة، و هي أحاديث كثيرة، إنما تتحدث عن مقام الاسم و ليس عن الذات المطلقة.."[43].


    و قد أول الجمهوريون الآيات التي تتحدث عن الرؤية تأويلات لا تعقل، و من تلك الآيات قوله تعالى: ( وجوه يومئذٍ ناضرةٌ، إلى ربها ناظرةٌ) (القيامة: 23-22) و قوله تعالى: (تحيتهم يوم يلقونه سلامٌ) (الأحزاب:44) و قوله تعالى: (كلاّ إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون، ثم إنهم لصالو الجحيم، ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون) (المطففين:15-17).


    3. قال تعالى: (أم خُلقوا من غيرِ شيئٍ أم هم الخالقون)(الطور:35) قال الجمهوريون –تحت عنوان الخلق ليس من العدم- : "و من فساد العقيدة عند المسلمين اليوم الظن بأن الله خلق الوجود من العدم، فهذا الظن يجعل للعدم وجوداً مع الله، منه استمد الخلق..و على الرغم من ممَّا في هذا الظن من تناقض إذ كيف يجيئ الموجود من المعدوم؟! إلا أنه ظن شائع بين المسلمين و قد استنكره القرآن بقوله : (أم خلقوا من غير شيئ أم هم الخالقون)(الطور:35) فكأن قولهم أنهم خلقوا من غير شيئ –من العدم- هو مستوى من الشرك يشابه القول بأنهم هم الخالقون، فالخلق لا يُستمد من غير الموجود و إنما يستمد من الموجود كامل الوجود"[44].


    فالنص السابق يؤكد إيمان الجمهوريين بأن المعدوم شيئ ثابت في العدم و هو عين الله بمعناه البعيد، و قد أولوا الآية التي استدلوا بها إلى تأويل لا يُعقل، و فيه الدليل على فساد ما يقولون، و على أن ما يقولونه كفرٌ صريح باتفاق أهل الإيمان، و أنه أبطل الباطل في بديهة عقل كل إنسان، فكل إنسان يقر بتوحيد الربوبية.


    و قوله تعالى: ((أم خلقوا من غير شيئ أم هم الخالقون)) دليل على أن المعدوم في نفسه ليس شيئاً، و أن ثبوته و وجوده و حصوله شيئ واحد، لأنه فيه أنكار اعتقاد أن يكونوا خلقوا من غير شيئ خلقهم، و فيه إنكار أن يكونوا هم الذين خلقوا أنفسهم"[45].


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "و هو استفهام إنكار يقول أوُجِدوا من غير مبدع؟ فهم يعلمون أنهم لم يكونوا من غير مكوِّن، و يعلمون أنهم لم يكونوا من نفوسهم، و علمهم بحكم أنفسهم معلوم بالفطرة بنفسه، لا يحتاج أن يستدل عليه، بل كل كائن محدث، أو كل ممكن لا يوجد بنفسه، و لا يوجد من غير موجد"[46].


    4. قال تعالى: ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثَّ منهما رجالاً كثيراً و نساءً) (النساء:1). قال محمود محمد طه: "فالنفس الواحدة في الحقيقة هي نفس الله تعالى، و آدم مشمول بخطاب ((يا أيها الناس)) فآدم لم يكن بداية الخلق، و إنما هو مرحلة متقدمة منه.. ثم النفس الواحدة هي نفس آدم.. و إلى نفس المعنى الإشارة بقوله تعالى: (و سخر لكم ما في السماوات و ما في الأرض جميعاً) (الجاثية: 13) فالآية تفيد –إلى جانب التسخير- أن جميع ما في السماوات والأرض مستمد من الله و هذا معنى منه من الآية... فالإنسان من الله صدر و إليه يعود و إلى هذا العود تشير الآية الكريمة: (يا أيها الإنسان إنك كادحٌ إلى ربك كدحاً فملاقيه) (الانشقاق: 6) و الآية الكريمة: (و أنَّ إلى ربِِِِِِك المنتهى) (النجم:42) حركة العودة إلى الله هي حركة المحدود إلى المطلق، و من النَّقص إلى الكمال، و همي حركة ليس لها انتهاء"[47].


    5. قال تعالى: (سبحان ربِك رب العزة عما يصفون) (الصافات: 180). استدل محمود محمد طه بهذه الآية في حديثه عن الذات الإلهية و أنها لا توصف و لا يشار إليها و لا تعرف إلا إذا تجسدت و تنزلت في مراتب الوجود المختلقة و حققت المعية مع جميع المخلوقات (بالذات).


    و الخطأ الذي وقع فيه محمود هو ظنه أن قول الله تعالى: ((سبحان ربِك ربِّ العزة عما يصفون...)) يُبيِّن أن الله سبحانه و تعالى لا يوصف و لا يسمى و لا يعرف، و أن الذي يُعرف و يُسمى بأسماء الله هو الإنسان الكامل الذي لا يشك أحدٌ في وجوده –في رأيه- فقد وُجد في العصور السابقة في كل رسول أو نبي إنسان كامل و وجد في هذا العصر في شخصه و أشخاص الجمهوريين من بعده، قال محمود: " الأمر كله أمر تنزُّلات، ففي البدء و لا بدء كان الله و لا شيئ معه.. و تلك مرتبة الذات الصرفة، أو الذات الساذج! فهي لا تعرف و لا تسمى و لا توصف"[48].


    6. قال تعالى: (عَمَّ يَتَساءلون، عن النبأ العظيم، الذي هم فيه مختلفون) (النبأ: 1-3) يزعم الجمهوريون أن النبأ العظيم الذي تساءل عنه أهل مكة و اختلفوا فيه و الوارد في قوله تعالى (عمَّ يتساءلون...) ليس هو يوم القيامة كما يظن المسلمون، و إنما هو محمود محمد طه، النبأ العظيم، و قد ظلَّت الإرض – في رأي الجمهوريين- محتفظة بهذا السر إلى القرن العشرين و باحت به الآن بعد أن أوقدت شمسها.


    قال الجمهوري صلاح محمد عثمان السوداني في تقديمه لقصيدة في جلسة إنشاد جمهورية خالصة عقدت في منزل محمود محمد طه في يوم (20/4/1977): قصيدتنا التالية للأخ عوض الكريم موسى قال الله تعالى: ((عمَّ يتساءلون عن النبأ العظيم...)) ما هو النبأ العظيم؟ هو مقتضى فرط الجلاء، و أتى بها خبر السماء، هي ما عليه العالمون. تعالوا نلتقط النبأ من هذه القصيدة:



    =سر الحقيقة في خفاء
    =هو مقتضى فرط الجلاء
    =و أتى به خبر السماء
    =هي ما عليه العالمون
    =و الأرض توقد شمسها
    =و تقيم منها عرسها
    =و تشق عنها رمسها
    =و تبوح بالنبأ المصون
    =و الفرد في تحقيق كن
    =قد كان حتى لم يكن
    =هو فوق ما في كن يكن
    =فكماله في يكن يكن

    1
    2
    3
    4
    5
    6
    7
    8
    9
    10
    11
    12 ii سر الحقيقة في iiخفاء
    ii هو مقتضى فرط الجلاء
    ii و أتى به خبر iiالسماء
    ii هي ما عليه العالمون
    ii و الأرض توقد iiشمسها
    ii و تقيم منها iiعرسها
    ii و تشق عنها رمسها
    ii و تبوح بالنبأ iiالمصون
    ii و الفرد في تحقيق iiكن
    ii قد كان حتى لم iiيكن
    ii هو فوق ما في كن iiيكن
    ii فكماله في يكن iiيكن




    7. قال تعالى: ( و جاء ربك و الملك صفاً صفاً ) (الفجر: 22) من الآيات يستدل بها الجمهوريون على مذهبهم في تجسد الذات الإلهية. قال الجمهوريون: "... فمثلاً إذا جاء في القرآن قوله تعالى: ((و جاء ربُك و المَلَك صفّاً صَفَّا)) فإن المفسرين يقولون جاء أمر ربك و هذا إفراغ للقرآن عن محتواه، إذ أن السؤال سيظل قائماً ما هو هذا الأمر؟ نحن عندما نقول إن الإمر هو المسيح فإن ذلك يعطي عبارات القرآن مدلولاتها، فيصبح هنالك معنىً محدد.. ثم أنَّ المسيح هو فعلاً أمر الله"[49].




    اختلاف الجمهوريين مع علماء المسلمين في التفسير ليس هو من جنس اختلاف علماء المسلمين فيما بينهم:


    قد خالف محمود محمد طه زعيم الجمهورين صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم في التفسير، و خالف التابعين لهم بإحسان، و من جاء بعدهم من المفسرين الذين فسروا القرآن بالمأثور و حركوا العقل في إطار النصوص، أو أولئك الذين مالوا إلى تأويل الآيات المتشابهات.


    و يتهم محمود محمد طه الصحابة بأنهم لم يعلموا من معاني القرآن شيئاً، و لذلك فهو يذمهم من هذه الناحية.


    يقول محمود محمد طه: "الإسلام عائد عمَّا قريب بعون الله و توفيقه، و هو عائد لأن القرآن لا يزال بكراً لم يفض الأوائل منه أختاماً غير ختم الغلاف".


    كما أن محمود محمد طه يعتمد في زعمه أنه هو الوحيد الذي فهم القرآن كما ينبغي بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم على أنَّ البشرية جمعاء لا تستطيع أن تستوعب النصوص الأصلية لأن فهمها ناقص و بيانها لم يحقق فرديته و من لم يرتق في سيره من العلم الناقص إلى العلم الكامل، و من المحدود إلى المطلق.


    و المسألة التي أريد بيانها أن هذا التأويل الباطني الجمهوري الذي يعتقد محمود أنه التفسير الصحيح للقرآن الكريم تأويل باطني، و هو يختلف عن تفسير علماء التفسير للقرآن الكريم، فالاختلاف الذي كان بين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أو أئمة التابعين أو غيرهم من المسلمين في التفسير هو اختلاف لا يغيِّر معاني القرآن و لا يخرجها عن المعنى المراد، و لا يؤدي إلى فساد العقيدة. أما اختلاف محمود محمد طه مع أئمة المسلمين فهو اختلاف أساسي، فتأويلاته الفاسدة تأكيد لعقيدته الفاسدة و لدعوته المخالفة.


    و الاختلاف الثابت عن الصحابة بل عن أئمة التابعين لا يخرج عن وجوه: أحدها " أن يعبر كل منهم عن معنى الاسم بعبارة غير عبارة صاحبه فالمسمى واحد، و كل اسم يدل على معنىً لا يدل عليه الاسم الآخر مع أن كليهما حق بمنزلة تسمية الله بأسمائه الحسنى، قال تعالى: (قل ادعو الله أو ادعو الرحمن أيَّاً ما تدعو فله الأسماء الحسنى) (الإسراء:110).


    الوجه الثاني: " أن يذكر كل منهما من تفسير الاسم بعض أنواعه أو أعيانه على سبيل التمثيل للمخاطب لا على سبيل الحصر و الإحاطة، كما لو سَئل أعجمي عن معنى لفظ الخبز فأُري رغيفاً فقيل هذا هو. فذاك مثال للخبز و إشارة إلى جنسه لا إلى ذلك الرغيف خاصة"[50].


    الوجه الثالث: " أن يذكر أحدهم لنزول الآية سبباً و يذكر الآخر سبباً آخر لا ينافي الأول، و في نزولها لأجل السببين جميعاً أو نزولها مرتين مرَّة لهذا و مرَّة لهذا. أما ما صحَّ عن السلف أنهم اختلفوا فيه اختلاف تناقض فهذا قليل بالنسبة إلى ما لم يختلفوا فيه"[51].


    و لا يمكن بحال من الأحوال أن تضم اسم محمود محمد طه صاحب التأويلات الفاسدة لقائمة المفسرين، لأن معرفته بصحيح المنقول و سقيمه، و صريح المعقول، و أسباب النزول، و الناسخ و المنسوخ، و اللغة العربية لا ترقى إلى مستوى المفسرين الذين عرفتهم الأمة الإسلامية و لا يمكن أن يداني مقامه مقام الأئمة الكبار في هذا المجال. فمحمود لم تتوفر فيه شروط المؤثرين لمنهج الدراية على منهج الرواية، لأنه ليس عالماً باللغة[52] و النحو و الصرف و الاشتقاق و علوم البلاغة و القراءات و أصول الفقه و الأحاديث المبينة لمجمل القرآن.




    تأويل ظاهر الحديث تأويلات باطلة:


    يميل الجمهوريون إلى تأويل ظاهر الأحاديث إلى تأويلات لا تعقل، و مرادهم من ذلك -كما ترى- هو إبطال الشريعة، و قد ساروا في هذه المسألة على طريق الباطنية الأوائل و الثنوية و الدهرية و الإباحية من المنكرين للنبوة و الشرائع و الحشر والجنة و النار و الملائكة و الربوبية.


    فيميل الجمهوريون إلى تأويل الإحاديث التي تتحدث عن رؤية الله في الآخرة، و يزعمون أن الله الذي يأتي يوم القيامة في ظلل من الغمام و الملائكة هو الإنسان الكامل. كما يميلون إلى تأويل الآيات التي تتحدث عن الصراط و الميزان و المعراج.


    قال الجمهوريون: " و كل الإحاديث النبوية التي تتحدث عن رؤية الله يوم القيامة، و هي أحاديث كثيرة، إنما تتحدث عن مقام الاسم[53]، و ليس عن الذات المطلقة، و ذلك لأن القيامة زمان و مكان و الذات المطلقة لا يحويها الزمان و لا المكان .. و لأن الرؤية لا تكون إلا للمحدود، و الذات المطلقة تتعالى أن تراها البصائر و الأبصار"[54].




    للإحاديث معنيان عند الجمهوريين:


    جعل الجمهوريون للأحاديث معنيين: معنىً قريباً، و معنىً بعيداً. المعنى البعيد هو المقصود لذاته، و المعنى القريب في معظم الأحيان و سيلة للمعنى البعيد، و ذكروا أن الذي يفهم المعنى القريب دون المعنى البعيد لم يفهم الإحاديث.


    قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)). قال محمود محمد طه في كتابه (رسالة الصلاة): " ((صلوا كما رأيتموني أصلى))!! هكذا أمر النبي في تبليغه رسالة ربه، فالصلاة معراج النبي بالأصالة و معراج الأمة بعده بالتبعية و التقليد.. و كلمة ((رأيتموني أصلي)) لها معنى بعيد و معنى قريب، .. فأما المعنى البعيد فهو أن نرى بعين البصيرة حال قلب النبي من صدق التوجه حين يقوم لصلاته، و أما المعنى القريب فهو أن نرى بعين البصر حركات النبي الظاهرة في صلاته فنتقنها أيضاً .. فنحن بدون أن نراه بعين البصيرة و بعين البصر، و بعبارة أخرى بدون أن نعرف حال قلبه و حركات جسده لا نكون قد رأيناه.. و إذا صلينا بمحاكاة حركات الجسد، بدون محاكاة صدق توجه القلب لانكون قد أطعنا عبارته ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) .. بذلك تكون صلاتنا صلاة يحق فيها قول الله تعالى : ( فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يراؤون، و يمنعون الماعون) (الماعون:4-7) سماهم المصلين، لأن حركاتهم حركات مصل، ثم قال فيهم أنهم عن صلاتهم ((ساهون)) يعني غافلون عن حقيقة صلاتهم و هي تقوم فيها الصلة بين الله و بينهم و ذلك بحضور قلوبهم فيها، و لذلك قال (( الذين هم يراؤون )) أي يهتمون بالظاهر و يهملون الباطون ((و يمنعون الماعون)) و الماعون يعني القلب يمنعونه من الله أن يكون فيه و يملئونه بأصنام حب الجاه و حب السلطة". فحديث (( صلوا كما رأيتموني أصلي)) فيه أمران :


    أمر بالتقليد و أمر بالأصالة-في رأي الجمهوريين- جاء في الكتاب (رسالة الصلاة) : ( فالنبي أتانا بلسان الحقيقة –لسان الحال- أمراً بالأصالة ". فمعنى الحديث عند الجمهوريين أن النبي صلى الله عليه و سلم قد قال بلسان العبارة " قلدوني إلى أن تكونوا أصلاء مثلي" و قد أخطأ الجمهوريون في هذه المسألة التي اعتمدوا فيها على تأويلاتهم الفاسدة، و التي حاولوا أن تكون سنداً لهم في الدعوة إلى الأصالة – ترك التقليد- أو ترك الصلاة الشرعية.


    و هذا الحديث الذي تحدث عنه الجمهوريون له معنى واحداً و فيه تنصيص على أن فعل النبي صلى الله عليه و سلم مبين لأصحابه، و المراد من هذا الحديث واضح و بيِّن و هو أن نصلي بالكيفية التي وضحها لنا الرسول صلى الله عليه و سلم و إظهار المراد قد يكون بالفعل أبلغ منه بالقول، و لهذا السبب نرى أن محموداً قد أخطأ في جعله للمتقن للصلاة الحركية و غير المدرك للمعنيين الذين تحدث عنهما من الذين هم عن صلاتهم ساهون، و من الذين لا صلاة لهم فالآيات التي استدل بها محمود في هذه المسألة لها معنى يختلف عن المعنى الذي يتحدث عنه، و الذي وصل إليه بتأويله الباطل[55].




    خـــاتمة:


    بان لنا بعد استعراضنا نماذج من التفسير الجمهوري أن الاتجاه الجمهوري في تفسير القرآن الكريم و في شرح السنة النبوية أتجاه باطني منحرف عن النهج القويم في تفسير القرآن الكريم أو شرح السنة النبوية. فالتأويل الباطني عند الجمهوريين يخرج بالقرآن الكريم عن هدفه الذي يرمي إليه، فالقرآن الكريم يقصد هدفاً معيناً، و الجمهوريون يقصدون هدفاً معيناً بتأويلاتهم الفاسدة، و بين الهدفين تنافر و تضاد، فيأبى الجمهوريون إلا أن يحوِّلوا القرآن عن مقصده و هدفه إلى مقصدهم و هدفهم، فيقيمون مذهبهم و يروجون له على حساب القرآن الكريم و السنة النبوية.


    فهدفهم أن يقيموا مذهبهم في ظاهره على أساس من تفسيرهم لكتاب الله، و بهذا الصنيع يكون الجمهوريون قد خدموا هدفهم و لم يقدموا لكتاب الله شيئاً إلا هذا التأويل الفاسد، الذي كله شر على الدين و إلحاد في آيات الله. و قد اتبع محمود في تأويله المنهج المذموم في التفسير، و عارض النصوص الصريحة في القرآن الكريم، و قال بمرحلية الآيات المعارضة لمذهبه و التي لم يستطع تأويلها لصراحتها، و تأويلاته للآيات القرآنية و الأحاديث النبوية تأويلات باطلة متكلفة يمجها الذوق السليم و لا تتفق في قليل و كثير مع قواعد الدين و بلاغة القرآن الكريم و فصاحة الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم فنسأل الله العافية في الدين و الدنيا و الآخرة.




    فهرس المصادر و المراجع:


    1. ابن باز: حكم الإسلام في من زعم أن القرآن متناقض أو مشتمل على بعض الخرافات، أو وصف الرسول صلى الله عليه و سلم بما يتضمن تنقصه أو الطعن في رسالته، ط المملكة العربية السعودية (ب.ت).


    2. ابن تيمية: الفتاوى ط. السعودية، تحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية و الأوقاف 1995م.


    3. أبو الحسن الإشعري: اللمع في الرد على أهل الزيغ و البدع، ط مطبعة مصر 1955م.


    4. أبو الحسن الندوي: القادياني و القاديانية.


    5. العلوي: الإفحام لأفئدة الباطنية الطغام، ط. منشأة الإسكندرية (ب.ث).


    6. إبن القيم: أمثال القرآن، تحقيق ناصر بن سعد الرشيد ط 2. 1402هـ المملكة العربية السعودية.


    7. الذهبي: الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن الكريم دوافعها و دفعها، ط مصر 1396هـ، مصر.


    8. الذهبي: التفسير و المفسرون ط2. دار الكتب الحديثة 1396هـ.




    كتب الجمهوريين:


    1. محمود محمد طه: السفر الأول ط1. أكتوبر 1945م الخرطوم.


    2. محمود محمد طه: قل هذه سبيلي ط1. 1952م أم درمان.


    3. محمود محمد طه: رسالة الصلاة ط1. 1385هـ أم درمان.


    4. محمود محمد طه: الرسالة الثانية من الإسلام ط. 1967م.


    5. محمود محمد طه: رسائل و مقالات ط 1393هـ أم درمان.


    6. الإخوان الجمهوريون : عقيدة المسلمين اليوم ط 1403هـ.


    7. الإخوان الجمهوريون: التقليد و الأصيل و الإصلاء ط1. 1982م.


    8. الإخوان الجمهوريون: اليوم الهجرة من النفس السفلى إلى النفس العليا ط1. 1981م.

    ----------


    [1] - الفتاوى 4: 69


    [2] - الفتاوى 13 : 313


    [3]- كتاب الفكر الإسلامي، تأليف نخبة من الإساتذة ط3. جامعة الإمارات 2003م، ص99.


    [4] - التأويل عند علماء اللاهوت تفسير الكتب المقدسة تفسيراً رمزياً أو مجازياً يكشف عن معانيها.


    [5] - انظر: الحركات الباطنية في العالم الإسلامي للدكتور محمد أحمد الخطيب ص 30.


    [6] - التفسير و المفسرون للذهبي 2: 232 و انظر المواقف للأيجي 8: 388.


    [7] - انظر لمعرفة المزيد عن هذه الفرق الباطنية القديمة الكتب الآتية: فضائح الباطنية للغزالي و كتاب تلبيس إبليس لابن الجوزي و الفتاوى لابن تيمية و الملل و النحل للشهرستاني والفصل في الملل و الأهواء و النحل لابن حزم و الفرق بين الفرق للبغدادي.


    [8] - أتباع الشيخ أحمد الإحسائي و كاظم الرشتي بإيران. و قد كان الباب شيخياً. انظر: البهائية لإحسان إلهي ظهير و وثائق عن البهائية للدكتورة بنت الشاطئ و البهائية لعبد الرحمن الوكيل.


    [9] - البابية أتباع الباب علي محمد الشيرازي الذي نفذ عليه حد الردة بإيران في 1256هـ لقوقه بنسخ الشريعة الإسلامية.


    [10] - البهائية أتباع البهاء حسين علي المازندراني الذي كان بابياً و قال بالتأويل الباطني الذي أدى به إلى القول بتجسد الذات الإلهية و تغيير الصلاة و الصوم و الحج إلخ.


    [11] - أتباع الإغاخان و الآن يوجد الأغاخان الرابع.


    [12] - هذه الفرقة هي موضوع البحث و سيأتي الكلام عنها.


    [13] - فسر زعيم البهرة قول الله تعالىو اعتصموا بحبل الله جميعاً و لا تفرقوا)(آل عمران103) بأن الحبل المشار إليه له طرفان: أحدهما بيد الله – تعالى عن ذلك- و الآخر بيده!! (كتاب الحركات الباطنية للبروفسير جلي- كتاب مخطوط-).


    [14] - يعتمد الميرزا غلام أحمد القادياني – الذي تنسب إليه القاديانية- على الإلهامات و الرؤى و يستدل- شأن الباطنية- بحساب الجمل و الأعداد و يسترسل في تأويل الآيات و الكلمات الواردة في الأحاديث و يعتبرها كلها مجازات و استعارات – كما يقول أبو الحسن الندوي في كتابه القادياني و القاديانية ص64، 65. و قد أصدر الميرزا أربع رسائل من رسائله الأربعين التي وعد بها و ألف رسالة (تحفة الندوة) و صنف (شهادة القرآن) و كتاب(حقيقة الوحي)و ألف إبنه الميرزا بشير الدين محمود كتاب(حقيقة النبوة) و صنف محمد علي الذي تزعم فرعاً من فروع القاديانية و هو الفرع اللاهوري مؤلفات كثيرة منها (THE ISLAM) و الترجمة الإنجليزية للقرآن، و منهج محمد علي اللاهوري في تفسير القرآن منهج باطني.


    [15] - انظر: كتاب نشأة الفلسفة الصوفية ص 80، 81.


    [16] - بيان مذهب الباطنية و بطلانه للديلمي ص39، 40، ط إدارة ترجمان السنة لاهور باكستان. الإسماعيلية لإحسان إلهي ظهير ص481.


    [17] - فضائح الباطنية لأبي حامد الغزالي، الباب الخامس، الفصل الأول ص55، ط. الكويت: الإسماعيلية لإحسان إلهي ظهير ص 481، 482.


    [18] - الإفحام لأفئدة الباطنية الطغام ص 71 ط منشأة المعارف، الاسكندرية.


    [19] - محمود محمد طه: مؤسس فرقة الجمهوريين و رئيسها و شيخها. ولد بقرية الهجليج في سنة 1912م. و الهجليج قرية تقع شمال مدينة رفاعة الواقعة في وسط السودان، شرق النيل الأزرق. تخرج من كلية غردون الجامعية و عمل في بداية حياته مهندساً في شكك حديد السودان، ثم مهندساً في الإدارة المركزية للكهرباء، ثم عمل بعد ذلك مهندساً في القطاع الخاص بمدينة كوستي- وسط السودان- و في سنة 1965م تفرغ تماماً لفرقته التي أنشأها، و جعل مقر إقامته الدائمة بأم درمان بالسودان.نفذ عليه حد الردة الرئيس السوداني جعفر نميري في عام 1985م.


    [20] - المعية بالذات: يؤمن الجمهوريون بالمعية بالذات و عقيدتهم في المعية بالذات تابعة لعقيدتهم في في التجسد و لمذهبهم في الإسراء و المعراج. بيان مذهبهم في المعية أن زعيمهم –محمود محمد طه- يرى أن يرى أن معية الله مع عبده تختلف باختلاف درجات معراج العبد إلى ربه أو تنزل الذات الإلهية في سلم الوجود حسب درجة الصبر التي يتمتع بها الإنسان. فالصابر عن الله تكون معية الله معه بالذات و القول بالمعية بالذات كفر و إلحاد و لم يقل به حتى المشبهة الذين بالغوا في التشبيه.


    و قد ذكر الشيخ محمد بن خضر بن مايابي الموريتاني في كتابه (استحالة المعية بالذات و ما يضاهيها في متشابه الصفات) أنه ما رأى أحداً نسب إليه القول بالمعية بالذات إلا ما ذكر عن شخص يسمى إبراهيم المواهبي الشاذلي.


    [21]- يعتبر محمود محمد طه وحدة الوجود أصلاً من أصول الدين.


    [22] - لا يوجد شيئ عند محمود إسمه المعدوم، بل المعدوم كان موجوداً في صورة أخرى تطور إليها أو نقص عنها، فالإمر مستمر بلا بداية و لا نهاية و المادة أزلية أبدية.


    [23] - عقائد البابكية و الحزمية و الخابطية و البيانية و الدروز و النصيرية والقاديانية إلخ.


    [24] - الذات عندهم يجب أن تتجسد و تتنزل في مراتب الوجود المختلفة.


    [25] - اللمع في الرد على أهل الزيغ و البدع لأبي الحسن الأشعري ط مطبعة مصر1955 ص83.


    [26] - انظر: صحيح مسلم المجلد الإول، نشر و توزيع دار البحوث العلمية و الإفتاء و الدعوة، المملكة العربية السعودية، المقدمة ص 5.


    [27] - عرف الاصطلاح بأنه اتفاق طائفة من الناس على شيئ إذا ذكر تبادر معناه إلى الأذهان و بعبارة أخرى الاصطلاح لفظ خاص اصطلح بعض الناس على معنى معين له فحين يطلق هذا اللفظ يتبادر إلى الذهن ذلك المعنى الاصطلاحي المتفق عليه. (حكم الإسلام في الاشتراكية لعبد العزيز البدري ص132).


    [28]انظر: عقيدة المسلمين اليوم- مرجع سابق-. -


    [29] - قال ابن تيمية ليس من كلام النبي صلى الله عليه و سلم و لا يعرف له سند صحيح و لا ضعيف و تبعه الزركشي و العسقلاني.


    [30] - الإخوان الجمهوريون: عقيدة المسلمين اليوم ص 83، 84.


    [31]- كبيِّت (أكتيور الثانية و الكتلة الثالثة) للإخوان الجمهوريين ط 1. 1301هـ ص 12 .


    [32] - ط 140 هـ ص 20.


    [33] - رسالة الصلاة لمحمود محمد طه.


    [34] - انظر: رسائل و مقالات لمحمود محمد طه ص61/نشرة داخلية بتاريخ 3/4/1982 ص3 الإخوان الجمهوريون/ الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور الإسلامي/ رسالة الصلاة لمحمود محمد طه ط 1399هـ ص 44.


    [35] - الثورة الثقافية لمحمود محمد طه ص 22.


    [36] - رسالة الصلاة لمحمود محمد طه ص 44.


    [37] - أي أن اللغة لا تستطيع أن تعطي المعنى الحقيقي المقصود من الكلمات، فهي عند الجمهوريين لا تحمل من معاني القرآن الحقيقية شيئاً، و لا تخبر عن المقصود منه في الحقيقة.


    [38] - إشارة إلى مذهبهم في وحدة الوجود المادية التي تجعل الله سبحانه و تعالى مادة الأشياء .


    [39]- سلم التطور.


    [40] - رسائل و مقالات لمحمود محمد طه، الكتاب الإول ص 44.


    [41] - رسائل و مقالات، الكتاب الثاني ص 45.


    [42] - رسائل و مقالات لمحمود محمد طه 2/29.


    [43] - عقيدة المسلمين اليوم ص 46، 47


    [44]ج1 ط ربيع الأول1403هـ ص 53. - عقيدة المسلمين اليوم


    [45] - الفتاوى ابن تيمية، المجلد الثاني، توحيد الربوبية ص 156.


    [46] - الفتاوى مجلد توحيد الربوبية ص 11.


    [47] - عقيدة المسلمين اليوم ص 53، 54.


    [48] - محمود محمد طه، رسائل و مقالات، الكتيب الثاني ص 45.


    [49] - عقيدة المسلمين اليوم ص 43-48.


    [50] - القاعدة المراكشية ص 32، 33.


    [51] - انظر: القاعدة المراكشية لابن تيمية، تحقيق الدكتور ناصر بن سعد الرشيد و الأستاذ رضا بن نعسان ط مطابع صفا، مكة المكرمة 1401هـ ص 32-34.


    [52] - مجرد معرفة اللغة لا يعين على معرفة التفسير و فهمه بالتفصيل، بل لا بد من معرفة أسباب النزول و معرفة المعاني الدقيقة للقرآن عن طريق النقل عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، قال تعالى ((و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم و لعلهم يتفكرون)) (النحل:44)، انظر: الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن الكريم للذهبيص 10.


    [53] - أي الإنسان الكامل عند الجمهورين.


    [54] - الإخوان الجمهوريون: عقيدة المسلمين اليوم ص 47. و انظر: موقف الجمهوريين من السنة النبوية للدكتور شوقي بشير ط 1 رابطة العالم الإسلامي، سلسلة دعوة الحق، سبتمبر 1987م ص 47، 48.


    [55] - لمعرفة المزيد عن أن إظهار المراد بالفعل أبلغ منه بالقول و أن لهذا الحديث معنى يختلف عن فهم محمود محمد طه له أنظر: أصول السرخسي 2/27، و انظر: موقف الجمهوريين من السنة النبوية للدكتور شوقي بشير ط: رابطة العالم الإسلامي، مكة، سلسلة دعوة الحق 1987م.





    * استاذ العقيدة الإسلامية بجامعة أم درمان الإسلامية
    بحث
    الخط الساخن
    عن الموقع
    اتصل بنا
    ساهم معنا

    مواقع إسلامية
    إصدارات

                  


[رد على الموضوع] صفحة 2 „‰ 2:   <<  1 2  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de