الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 03:58 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-14-2006, 06:26 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: ابراهيم بقال سراج)

    المـواصـلات

    (2 تعتبر وسائل المواصلات في أي بلد من المقومات الأساسية التي تساعد على تنمية واستغلال ثرواته الطبيعية والبشرية. وكذلك فإن التبادل التجاري ودرجة نشاطه بين أجزاء البلاد يعتمد أساسا على مدى توفر وسهولة وسائل النقل بأنواعها المختلفة. لقد كان لشبكات الطرق البرية التي تربط المدن بالقرى الزراعية دور فعّال في توفير الطعام لسكان هذه المدن حيث ساعدت على نقل الخضر والفاكهة والحاصلات الزراعية التي تنتجها القرى إلى هذه المدن وفي نفس الوقت ساعدت على نقل الأجهزة الميكانيكية الزراعية. كما مدت الزراعة بحاجتها من الأسمدة الكيماوية والبذور والمبيدات الحشرية، بالإضافة إلى أنها ساعدت على تقريب الفوارق بين الريف والحضر على أن يراعى في الطرق سلامة البيئة.

    (29) إن وجود الطرق المعبدة وتوفر وسائل النقل من العوامل الهامة لتطور أي منطقة. والمواصلات هنا تمثل تحدياً للتنمية. فالطرق هنا لا تعدو أن تكون أما ممرات من الصخور أو الرمال وهذه الرداءة لها آثارها على نقل المواد التموينية وترابط السكان وسرعة تحركهم، مما أدى إلى العزلة والتشتت على أطراف البلاد المترامية وتبع ذلك عدم مواكبة السكان للتطور الذي يحدث حولهم وعدم الانفتاح إلى آفاق أخرى خارج قوقعتهم لتلقي ما هو مفيد، لذا اعتمدوا على الوسائل البدائية في كل مرافق الحياة وهذا قاد إلى تخلفهم.

    (30) يظهر من دراسة طبيعة وسائل النقل والمواصلات أنها متنوعة، ولكنها لا تفي بحاجة البلاد، وشكّل سوء وضعف المواصلات والنقل أهم العقبات التي تعترض خطة التنمية الاقتصادية. ويوجد بالمنطقة أطول خطوط للسكك الحديدية أكثر من أي اقليم آخر في (السودان). وأن جميع الطرق البرية غير مرصوفة، أو معبدة وتغلق الطرق الرئيسية والهامة أمام حركة النقل بأوامر ادارية في خلال موسم سقوط الأمطار. وتقوم السلطات المحلية سنويا بمسحها وإعدادها لحركة السيارات بعد نهاية تلك الفترة من العام وأصبح ميناء بورتسودان الوحيد لا يتحمل حركة السيارات بعد نهاية تلك الفترة من العام لإمكاناته المحدودة مما أدى إلى قيام ميناء سواكن الجديد.

    ولقد تم في السنوات الأخيرة الماضية تشييد الطريق البري للسيارات الذي يربط بورتسودان بالخرطوم ويمر بكسلا، ونسبة لضيقه وعدم وجود إرشادات مرورية عليه، أو وجود دوريات أو مراكز لشرطة المرور، فلقد كثرت حوادث السيارات وذهبت أرواح كثيرة نتيجة لرداءته ولعدم وجود سيارات اسعاف أو مستشفيات قريبة منه.


    ويمثل النقل الجوي أحدث وسائل النقل حيث يربط الخرطوم مع المدن الكبرى في البلاد ويعتبر مطار بورتسودان أكبر مطار في البلاد. وبقية المطارات ليست معدة إعدادا حديثا بالتسهيلات الضرورية ويمكن القول بأن جميع وسائل النقل والمواصلات تتأثر بل تتعطل في فصل سقوط الأمطار خاصة في منطقة جنوب توكر وغيرها، مما يجعل بعض مناطق البلاد في عزلة تامة عن باقي المناطق مما يصعب معه إسعاف المرضى أو مد المنطقة المنكوبة بالغذاء وتتساوى في ذلك السكك الحديدية والطرق البرية مع حركة النقل الجوي.

    إن عدم وجود طرق معبدة للمواصلات تتخلل كل البلاد يشكل أكبر العوامل التي ساعدت على استمرار الانغلاق الحضاري وعدم الإنفتاح. كما أنه ساهم في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الضرورية لارتفاع تكاليف الترحيل إلى مناطق تتسم بإنخفاض الدخول والفقر. تعتبر الطرق من أهم البنيات الأساسية للتنمية (م. عبد الله محمد عثمان، دراسة 1993). وقبل الشروع في التنمية لا بد من بناء الطرق أو على الأقل تمهيدها. وبالرغم من أن تكلفة الطرق باهظة ولا توفر عائداً مباشراً غير رسوم الطرق، إلا أنها تدعم الاقتصاد القومي بالتوفير في استهلاك الوقود وقطع الغيار، وتساعد على نقل البضائع والخدمات والناس. وتساعد الطرق الجيدة في تنمية المجتمع وربطه بالحضارة، وزيادة دخل الأفراد من الخدمات التي تقدم للعابرين. ويظهر هذا في المناطق التي يمر بها طريق بورتسودان الخرطوم.

    وتفتقر البلاد إلى الطرق المعبدة، والطريق الوحيد الذي أنشيء، الهدف منه نقل الواردات والصادرات وفرض الأمن. كذلك أسهم بناء الطرق بدون دراسات في تدمير البيئة.

    ولهذا يجب الاهتمام بالطرق الفرعية التي تخدم أغراض استغلال الموارد الطبيعية.

    (31) كذلك فتح الطرق في المنطقة الشمالية الغربية وصولا إلى ربطها بمناطق التعدين وبقية أجزاء البلاد. كما وأن الطرق التقليدية الوعرة بالبلاد والتي تكلف صيانتها مبالغ سنوية كبيرة تحتاج إلى عمليات ضخمة لتعبيدها ورصفها وحمايتها من الرمال المتحركة عن طريق الأحزمة النباتية لتضطلع بدورها الهام - ومن أهم احتياجات ساحل البحر الأحمر في مجال المواصلات بناء طريق ساحلي طويل يربط كل الساحل من الشمال إلى الجنوب، وكذلك الاهتمام بالمراسي الساحلية الصغيرة، لربط الساحل بحريا بمدينة بورتسودان في حالة إنقطاع الطرق البرية، وبالإضافة إلى تسهيل المراسي لعملية تصدير المعادن في المناطق الشمالية والجنوبية مثل الحديد والاسبستوس والغاز في منطقة قرورة.

    الصحــة

    (32) تقاس قيمة المجتمع بقدر ما يتمتع به أفراده من صحة تساعدهم على العمل وتجعلهم قادرين على حماية حقوقهم وحقوق المجتمع الذي يعيشون فيه. فالفرد العليل الذي لا يستطيع أن ينتج أو يساهم في الإنتاج المثمر يكون خسارة مادية على بلده.

    ولذلك كان تحسين صحة الأفراد ضرورة أولى في عمليات التنمية الاجتماعية التي تحتاج إلى تخطيط طبي شامل، ويشمل هذا أهدافاً عاجلة وأخرى على المدى الطويل.

    تتفشى في بلاد البجه أمراض سوء التغذية والسل الرئوي الذي يحصد الأرواح. والدرن واحد من الأمراض التي اختفت من الوجود فيما عدا بلاد البجه وثلاث دول أخرى. وهو يفتك بالآلاف ويبيد أسراً بكاملها، وتسبب في مآسي اجتماعية مؤلمة، كالطلاق، والتشرد والتفكك الأسري (بتصرف من تحقيق أجراه الأستاذ التاج عثمان من صحيفة الرأي العام في اكتوبر 2001م) والوصمة الاجتماعية التي تلحق بالمصاب وأسرته!

    وينتشر الدرن الرئوي بصورة مكثفة في ولاية البحر الأحمر لأسباب عديدة. ومن هذه الأسباب الفقر حيث تضعف مناعة الإنسان ويصبح فريسة للمرض وهذه نتجت أيضاً من موجات الجفاف والتصحر والمجاعات المتكررة، كذلك قدومه مع اللآجئين والنازحين من الولايات الأخرى بسبب الحرب أو الجفاف حيث تجتذبهم ولاية البحر بموانئها التي هي سبب كل المصائب. ومما عمق المشكلة عدم اهتمام الدولة، إضافة إلى عدم انتظام المرضى في العلاج، وعدم وجود احصائيات بالمرضى، وتخفي الأسر مريضها عن الأطباء. وبلغت نسبة الوفيات بين المرضى عشرة في المائة. ويوجد الآن خمسة عشر مركزاً للدرن منتشرة في ولاية البحر الأحمر الشاسعة وهو عدد قليل بالنسبة لمساحة الولاية.

    وقد اختصرت وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية فترة علاج المرض من (12ـ 1 شهراً إلى ثمانية أشهر. وتبلغ تكلفة العلاج خمسون ألف دينار.

    جاء في صحيفة الخليج الإماراتية عدد 19/9/2002، أن عدد المصابين بمرض الدرن في ولاية البحر الأحمر في النصف الأول من العام 2001 بلغ 270 حالة إصابة، منها 20 حالة وفاة، وتم شفاء 198 حالة، وفي النصف الأول من العام الحالي بلغ عدد الحالات المسجلة 333 حالة درن رئوي إيجابي معدٍ و136 حالة درن رئوي غير معدٍ، و140 حالات درن خارج الرئة.

    وبلغت جملة الوفيات الناجمة عن مضاعفات السل الرئوي في البلاد عام 1973، 1078 حالة في (السودان) كله، وللبجه نصيب كبير في هذا الرقم نسبة لحالة الفقر المدقع الذي يعيشه معظم السكان البجه وعدم توفير الرعاية الصحية الكافية. ويتضح هذا من بيان نصيب الفرد من الخدمات الصحية ففي المدن الكبرى هناك طبيب واحد لكل سبعة آلاف شخص، وسرير واحد لكل أربعة الآف شخص. أما في الريف والمدن الصغرى فهناك طبيب واحد لكل ثمانين ألف شخص، وسرير واحد لكل خمسة عشر ألف شخص (1974). لا بد من الإشادة بالجهود الشخصية للأطباء طه بليه ومحمد أحمد علي واسماعيل نابري، وحالياً الأطباء عبد الله أحمد عمر وسيد أحمد وأبو آمنة وخليل محمد علي وغيرهم.

    ويعد قصور الخدمات الصحية في البلاد واحداً من العوامل السلبية التي ساعدت على عدم اقبال المواطنين علىbالإنتفاع بالخدمات الطبية الحديثة واستمرار الاستعانة بوسائل العلاج التقليدية. ولا يوجد عدد كاف من الأطباء العموميين أو الأخصائيين في البلاد ووجودهم رمزي في عدد من التخصصات التي يحتاجها المواطنون.

    وبالرغم من أنه نتيجة للهجرة للمدن وقيام أحياء هامشية حولها تدهورت صحة البيئة إلى حد ما، إلا أن السبب الرئيسي لتفشي الأمراض من حميات وأمراض صدرية وغيرها نتج بصورة أساسية عن وجود الميناء ومستودعاتها والفقر المفروض على البجه، وما يسمى بمشاريع التنمية من صوامع غلال ومصفاة بترول ومقاصب (مسلخ) ومطاحن غلال ذات انتاجية عالية، والمحجر الصحي الذي يحتل 60 فدانا إلخ، حيث لا تراعى في هذه المشاريع لا سلامة صحة البيئة ولا السكان. وبالرغم من أن هذه المشاريع تدر للخزينة العامة المليارات، فإن العاصمة لا تخصص لهذه البقرة الحلوب نسبة لدرء مخاطر الأمراض التي تسببها مشاريعها. ومن المفارقات أن يقوم مدير هيئة الموانيء بصرف الملايين لتعمير ميناء في حلفا للكسب الوظيفي والسياسي، بينما لا ترصد أية ميزانية لتصحح الأضرار البيئية التي سببتها، أو حتى تحسن مصادر المياه والكهرباء التي تسببت في ضائقتيهما. وعجزت السلطات عن تقديم الخدمات اللآزمة للمواطنين خاصة البجه سكان الريف وأطراف المدن، عكس ما تقوم به في الجزيرة حيث تخصص ميزانية من المشروع للتنمية والصحة وغيرها.

    ونجد بدلا من التقدم والتحسن، اللذين تروج لهما السلطات في تبجح زيادة مطردة في سوء التغذية، وتدهورا متزايدا في بنية البجاوي وفي نمو السكان، وهذه شواهد محددة على أن الظروف تصبح أكثر سوءا. وتشير الإحصائيات الدولية إلى أن عدد البجه انخفض إلى النصف في العشر سنوات الأخيرة (1994).

    ومن المسلم به الآن بشكل عام، أن سوء التغذية الخبيث يعد سببا هاما من أسباب الإجهاد البجاوي - إن النساء البجاويات يكون لديهن عادة حوض أصغر مما لدى النساء عند بقية الشعوب، وذلك في حد ذاته يرجع إلى سوء التغذية خلال فترة النمو العظمى عندما كانت المرأة نفسها طفلا - ونتيجة ذلك ليس ولادة محفوفة بالمخاطر المتزايدة فقط، ولكن حجم الحوض وسوء التغذية في فترة الحمل يسفران عن طفل صغير الحجم بصورة استثنائية، وهو طفل يعاني من نقص في تكوين أعضاء داخلية معينة، ويكون وزنه أقل من الوزن الطبيعي. وثمة علامات أخرى تصاحب هذه الحالة مثل التغيرات في الدم، وفي البروتينات الموجودة بالسائل الدموي وفي هضم جميع أشكال الطعام وفي الكبد وفي البنكرياس والكلى أيضا. ولا يقتصر سوء التغذية على سلب البجاوي طاقته وجهده، فهو بالإضافة إلى ذلك يجعل منه فريسة سهلة للأمراض، التي ترجع مباشرة إلى نقص التغذية وكذلك الأمراض التي يعزى استسلامه لها إلى عجز جسده المتضور جوعاً عن توفير أي مقاومة لها. وتكشف الحقائق جميعا أن الصحة السيئة والمرض هما مصير البجاوي وقدره.

    وبالنسبة لعدد المؤسسات والكوادر الصحية الموجودة حالياً في بلاد البجه فتوجد الإحصائيات الآتية:-

    المرافق الصحية في ولاية البحر الأحمر

    يوجد في الولاية 17 مستشفى، وعدد أسرتها 860 سريراً، ويقابل كل سرير 502 شخصاً في مدينة بورتسودان، وسرير لكل 2028 شخص في بقية الولاية، أما في توكر فيقابل كل سرير 9729 شخص وهي أعلى نسبة. وتتركز المستشفيات في بورتسودان. ويوجد 6 مستشفى ريفي، و30 مستشفى خاص، ومجموع المراكز الصحية العاملة 17، والمتوقفة إثنان. الشفخانات العاملة 26، والمتوقفة 4. نقاط الغيار العاملة 25، والمتوقفة4. وحدات الرعاية الصحية165، والمتوقفة 21. ويوجد بنك واحد للدم في كل الولاية. ويستشف من هذا أن محافظتي حلايب وتوكر هما الأفقر من حيث الخدمات الصحية.

    بالنسبة للأطباء فيوجد 28 أخصائياً، يقابل الواحد منهم 036،24 شخصاً، و30 نائباً يقابل الواحد منهم 433،22 شخصاً، و36 طبيباً عمومياً يقابل الواحد منهم 694،18 شخصاً، و4 أطباء أسنان يقابل الواحد منهم 250،168 شخصاً. وهذه النسب لا تعطي صورة حقيقية للواقع، حيث يتركز كل الأطباء الأخصائيون في بورتسودان. ويندرج هذا الواقع على مراكز الأمومة والطفولة وغيرها من الخدمات الصحية، حيث هي فقيرة جداً في الريف، خاصة منطقة حلايب التي تعد الأفقر صحياً ولا يوجد مستشفى بين بورتسودان وحلايب بالغم من كبر المساحة والموجود في حلايب لا يمكن أن يسمى مستشفى.

    أما بالنسبة لكوادر مجال الطفولة والأمومة، فيوجد 6 أخصائي نساء وتوليد، و32 زائرة صحية، و155 قابلة قانونية، و28 ممرضة قابلة، و7 مساعدة زائرة، و163 قابلة تقليدية مدربة، و3 قابلة تقليدية غير مدربة، و5 ضابط تغذية، و53 مرشدة تغذية (2000م).


    صحة البيئة

    خدمات صحة البيئة بولاية البحر الأحمر تعتبر نشاطاً حضرياً، حيث تنعدم في أرياف الولاية، ويندرج هذا على كل ولايات البجه. وبالرغم من هذا، فإنها ضعيفة أيضاً في المدن الحضرية. فالمدن تعاني من تدهور مريع، تتمثل مؤشراته في إنتشار الأوبئة والأمراض البيئية مثل الملاريا، وتراكم النفايات الصلبة والأوساخ وتوسع رقعة الأحياء الشعبية والميناء بمستودعاته ومخلفاته وكيماوياته، مما جلب الداء للسكان. يقابل كل مفتش صحة أكثر من 72000 شخص، ويقابل كل ضابط صحة 37000 شخص في محافظة البحر الأحمر (في كل من بورتسودان وسواكن).


    المرافق الصحية في ولاية كسلا

    ويوجد في ولاية كسلا (11) مستشفى وعدد أسرتها (1113) (منها إثنتان متخصصتان). ويوجد (37) مركز صحي، و(81) شفخانة، و(56) نقطة غيار، و(153) وحدة صحية. وبلغ عدد المترددين على المستشفيات والمراكز الصحية خلال العام الماضي (32166 مريض. ويعمل في هذه المؤسسات الصحية (31) طبيب إمتياز وعمومي، و(9) أخصائي، و(7) أطباء أسنان، و(5) صيادلة، و(110) مساعد طبي عمومي، و(19) مساعد طب أسنان، و(7) سسترات، و(42) زائرة صحية، و(280) قابلة قانونية، و(190) قابلة تقليدية، و(6) ضابط تغذية، و(22) مرشدة تغذية، وواحد ضابط تحصين ولاية، و(6) ضابط تحصين منطقة، و(13) مفتش وضابط صحة، و(61) ملاحظ صحة، و(70) مساعد ملاحظ صحة، و(120) عامل ملاريا، و(72) عامل بلهارسيا. من هذه الإحصاءات يتضح ضعف الخدمات الصحية في الولاية، خاصة في مجال الوقاية، حيث يوجد طبيب واحد متخصص في هذا المجال، وأيضاً في مجال رعاية الحوامل فعدد القابلات والزائرات الصحيات ومرشدات التغذية وبقية العاملين في هذا التخصص القاتل قليل جداً بالنسبة لعدد السكان وتفشي الوفيات أثناء الولادة.

    المرافق الصحية في ولاية القضارف

    عدد العاملين في صحة البيئة في ولاية القضارف هم 4 مفتشي صحة، و(4) ضباط صحة، و(75) ملاحظ و(811 مساعد ملاحظ، و(262) عامل. والمؤسسات الصحية العلاجية بالولاية:- (15) مستشفى، و(27) مركز صحي، و(17) مركز طفولة وأمومة، و(50) شفخانة، و(73) نقطة غيار، و(107) وحدة صحية، و(23) منطقة صحية.

    وفي كثير من مناطق البجه تنتشر أنواع الأمراض المعوية. وتعد الملاريا والسل من الأوبئة الرئيسية، وفي كثير من المناطق تسجل الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، ومن بينها مرض السل، معدلا رهيبا. والبجاوي العادي يكون أقل من الحجم الطبيعي ومصابا بالانيميا وفريسة للأمراض. (وصلتنا الإحصائيات الصحية والتعليمية المنشورة هنا بجهود مقدرة من الأستاذة الفاضلة نعمات مصطفى محمد، الأستاذة سابقاً بكلية التربية بجامعة كسلا، وللأستاذة نعمات دراسات قيمة عن اللغة البجاوية وجهود مقدرة لتطوير البجه).

    (33) وفي سبيل الوصول إلى مجتمع ينعم بالخدمات الصحية فيجب تعميم الوعى الصحي والتغذية السليمة والطب الوقائي والاجتماعي وإنشاء وحدات للأمراض المستوطنة، وللتثقيف الصحي. ومناشدة هيئة الصحة العالمية للعمل على استئصال السل الرئوي والزهري والملاريا من البلاد. وكذلك إنشاء وحدات علاجية ووقائية متنقلة في الريف وبين قبائل الرحل حتى يتسنى التوازن في الخدمات بين الريف والمدن.

    كما يجب الاهتمام بالأمومة والطفولة إذ أن كثيراً من الأطفال حديثي الولادة وأمهاتهم يروحون ضحية سوء التغذية، وانعدام الوعى الصحي. ونشر مراكز رعاية الطفولة والأمومة في الأرياف والمدن، وتدريب الكوادر الفنية من أبناء وبنات الريف في مجالات الصحة الوقائية والعلاجية للعمل بمناطقهم. وأيضا إنشاء وتدعيم وحدات الإحصاء الصحي للقيام بالمسوح والدراسات لتحديد حجم المشاكل الصحية، وتوفير الدواء بالمستشفيات العامة لتكون في متناول المرضى.

    أما بالنسبة للأرياف فيجب إنشاء وحدات علاجية متنقلة ومد المراكز الريفية بسيارات إسعاف مجهزة بأحدث الوسائل. كذلك يجب الإهتمام بسلامة البيئة لدرء الأمراض.


    الأمراض ومكافحتها

    أوضحت تقارير مستشفى بورتسودان (من دراسة للأستاذ محمد الأمين حمد في ديسمبر 1992، وهو من زعامات البجه المتعلمين وتولى مناصب عامة عديدة وأسهم في محاولات تطوير البجه) الحقائق الآتية:

    ــ عدد وفيات الأطفال هذا العام (1993) بلغت 8،12%.

    ــ عدد المصابين بسوء التغذية في 12/1990، 31%، وبلغ 7،19% في6/ 1992.

    ــ أما السل الرئوي الذي انتشر بصورة فظيعة في مدينة بورتسودان (وبشكل مكثف في الأحياء العشوائية ــ الشعبية) فقد بلغ 1638 حالة في شهري أكتوبر ونوفمبر 1992. كما بلغ عدد المصابين بالسل الرئوي الذين جاؤوا من الريف 1302 حالة في نفس الفترة.

    ــ بلغت وفيات النساء الحمّل في بورتسودان وحدها 8% عام 1991. والصورة أكثر فظاعة في الإحصائيات التي تستخلص من بقية بلاد البجه، هذا إذا كانت توجد هناك مستشفيات، أما الريف حيث من المؤكد أنه لا توجد مستشفيات ولا احصائيات فإن البجه يموتون من هذا الداء اللعين ولا عين رأت ولا أذن سمعت!

    وهذا كله يقودنا إلى حقيقة أن حجم الخدمات الصحية مع مقارنتها بالرقعة الجغرافية التي تشملها هذه المحافظات وحجم التشتت السكاني فيها، فإن ما يقدم يعتبر هامشياً مثل، احتفال ولاية البحر الأحمر في شهر فبراير 1999 بتدشين 12 سيارة إسعاف لخدمة المناطق الريفية في الولاية. وتستغل هذه السيارات في تنقلات المسؤولين والساسة وأسرهم إلخ.

    طرق مكافحة الأمراض ومسبباتها

    Xمن مذكرات بروفسير دينيس بيركتسZ

    إن تطور المعرفة العلمية قد زاد البراهين على أن كل الأمراض تقريباً ناتجة عن عوامل في البيئة. وبالرغم من هذا يمكن أن يتراوح تأثيرها حسب قابلية الفرد أو مقاومته ضد عوامل البيئة المختلفة. وهذا ليس صحيحاً فحسب في الأمراض التي تتطور بعد الولادة، ولكنه صحيح أيضاً في الأمراض الموجودة عند الولادة والتي تعرف بالأمراض الخلقية. وهذه قد تنشأ في بيئة ضارة داخل الرحم، وهذه النماذج تتمثل في بلاد البجه في التشوه الجنيني الذي تسببه الأمراض التي تتعرض لها المرأة أثناء الحمل، وسوء التغذية الذي ينتج عنه نقص المقاومة ضد الأمراض.

    وبما أن المسببات الرئيسية للأمراض موجودة في البيئة التي نعيش فيها، فهذا يعني أن طريقة تجنب الأمراض والاحتفاظ بصحة سليمة، يجب أن تكون في إتجاه تحديد سبب المرض ثم تخفيف حدته واستئصاله، أو توفير الوقاية ضد العوامل الضارة الكامنة بالبيئة.

    وبالإمكان على نطاقات مختلفة الإفلات من الآثار المرضية للعوامل المضرة في بيئتنا بطريقتين، تخفيف المسببات وتوفير الوقاية. كما يمكن استخدامهما معاً في آن واحد.

    إن خطر العدوى بالكائنات المجهرية يزداد عن طريق الإزدحام والذي يسهل نقل العدوى من شخص لآخر، وكذلك التصريف غير الصحي لمياه المجاري. وإلى حد بعيد مياه الشرب الملوثة التي تنتشر في بلاد البجه. ولقد أصبحت الصحة العامة المطوّرة والمحسنة عاملاً رئيسياً في الإقلال من الأمراض المعدية.

    ويمكن استعمال جهاز المناعة في الإنسان لتوفير مناعة محددة ضد أمراض معينة عن طريق حقن الجسم بجرعات آمنة من الجراثيم المسببة تحفز أعضاء جهاز المناعة إلى الاستعداد والهجوم. وبهذه الطريقة فإن أمراضاً كثيرة تنتشر في بلادنا، مثل الدفتيريا والسحائي والجدري والحمى الصفراء وحتى الحصبة يمكن تخفيف آثارها أو حتى القضاء عليها بالتحصين الوقائي، وهذا عائد إلى أن كل الأمراض تقريباً في بدايتها ، هي نتيجة للعوامل البيئية، وبالتالي فإن إنقاص هذه العوامل أو إزالتها يعتمد كثيراً على تحديد نوعيتها ومحاصرتها أو استئصالها.

    القضاء على الأمراض المعدية

    إن الأمراض المعدية ـ وهي التي تسببها البكتيريا والفيروسيات والجراثيم الطفيلية المتعددة الأشكال ـ هي من أكثر مسببات الوفيات في بلاد البجه.

    ولهذا فإن درهم وقاية خير من قنطار علاج. وبالرغم من هذا، فإن لدى كثير من الناس فكرة خاطئة، هي أن العلاج الأفضل والطب المطوّر المتقدم قاما بدور حاسم في القضاء على الأمراض المعدية، ولكن تاريخ تداعي هذه العلل الصحية يوضح جلياً بأن الحال ليس هكذا. إذ أن السبب الرئيسي لتحقيق هذا الإنجاز في البلدان المتقدمة هو الصحة العامة المطوّرة وعلى وجه الخصوص التصريف الصحي الأفضل للمياه سوية مع الاشتراط على مياه شرب نقية وحليب خالٍ من الدّرن ـ والذي ينتشر في بادية البجه ـ كما أن الإسكان المحسن المزّود بتجهيزات غسل أفضل وتخفيف الإزدحام السكاني أسهمت مع التدابير الأخرى في الإقلال من مخاطر الإتصال بالمرض وتقليل الكائنات العضوية.

    وكما سبق وذكرنا فإن أكثر أسباب الوفيات في بلاد البجه هي الأمراض المعدية.

    ويمكن إنقاص الأمراض الوبائية بتدابير توجه لتحديد نوعيتها، وتخفيف مسبباتها. أما الأمراض التي تنتج عن التلوث الغائطي فيتم إقلالها بتصريف مياه البالوعات بصورة صحية أفضل، وتلك التي يتم نقلها بواسطة الحشرات، مثل الملاريا الخ . . فيتم تقليلها بمهاجمة الحشرات الناقلة لها وبالنسبة للبلهارسيا فيتم تقليلها بالقضاء على القواقع الناقلة للميكروب، إذ أن إبادة الوسيط (الناقل) للجراثيم يخترق دورة إنتقاله.

    إن ما تجنيه الصحة في بلاد البجه من فوائد ينتج عن توفير إمدادات الشرب النظيفة والتصريف الصحي السليم للمياه وتوفير دورات مياه عامة صحية في السكن الشعبي (العشوائي) وهذا يفوق كثيراً الفوائد التي تنتج عن بناء مستشفيات ذات تقنية متقدمة في البلاد. وبالرغم من الحاجة لكليهما فإن ترشيد الإنفاق يجب أن يتم حسب الأسبقية، وليس كما هو الحال الآن، أو كما يعتقد الكثيرون.

    إن النقطة الهامة هنا، هي أن صحة الجماعة تعتمد على جهود الوقاية من المرض أكثر من محاولة علاجه. ولقد عمل الطب العلمي المألوف وما يعرف بالطب البديل، عملا كثيراً على معالجة أو تخفيف المرض مع اهتمام قليل لتحديد المسببات واستئصالها.


    أولوية الوقاية في ترقية وتحسين الصحة

    إن الافتراض الشائع عند العامة وحتى عند كثير من العاملين في المجال الطبي ـ من الذين يستثمرون أمراض الناس في جمع ثرواتهم ـ بأن الطب العلاجي له أثر عظيم على صحة المجتمع وهذا بالطبع غير صحيح. فالطب العلاجي هو طب إلتئامي، وهو بطبيعته يعمل على مداواة المرض وليس على الوقاية منه. وعن طريقه تم تخفيض تواتر عدد قليل جداً من الأمراض، بخلاف الأمراض الشديدة العدوى عن طريق تطوير نوعية العلاج. ولهذا فإن الأولوية تكون للوقاية من الأمراض بإزالة مسبباتها في البلاد،والتطعيم والتحصين.

    يقول الدكتور فؤاد حيدر Xإن تدني المستوى الصحي هو سبب للتخلف، إلا أنه سبب محدود، فالتحسن العميق للحالة الصحية لا يمكن تحقيقه بوسائل الوقاية الصحية والطبية فقط. فالحالة الصحية لمجتمع من المجتمعات ترتبط بالذهنية العقلانية وبالتربية، لأنه إذا تم التوصل إلى تحسينات ملموسة على مستوى الأوبئة والأمراض فإن الإنتقال إلى مستوى أفضل، يفترض تربية وذهنية عقلانية ووقاية صحية لا يمكن أن تأتي إلا كنتيجة للتطور، إن بناء المستشفيات الفخمة المتقدمة لا يحسّن المستوى الصحي، بل من الأنسب تعليم السكان طرق ووسائل الوقاية الصحية.Z


    وباء الكلازار في ولاية القضارف

    ذكرت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها من جنيف أن 2500 مريض بالكلازار (اللشمانيا) عادوا مراكز أطباء بلا حدود في القضارف بين أكتوبر وديسمبر 97، وأن 200 إلى 250 شخصاً منهم توفوا، عدا كثيرين آخرين توفوا خارج المركز بسبب عدم توفر العلاج لهم. وقد تضاعفت نسبة الإصابة بالمرض بمعدل 400 في المائة بالنسبة للفترة نفسها من العام 1996، وإن كان منتشراً بشكل خاص بين اللآجئين من المناطق الحدودية. ومن أعراضه فقر الدم ونقص في كريات الدم البيضاء وارتفاع درجة الحرارة وانخفاض وزن الجسم وتضخم الغدد الليمفاوية والكبد، وهو من الأمراض التي تصيب كل الأعمار، إلا أن معدلات الإصابة ترتفع لدى الأطفال والشباب. ولولا كشف منظمة الصحة العالمية لهذا الوباء، لتسترت عليه حكومة الخرطوم كالعادة. وقد أدى هذا الكشف إلى توجه حملة للاستهلاك السياسي إلى القضارف تتكون من نائب رئيس الجمهورية ووزير الصحة الإتحادي. ويذكر أنه تم تسجيل أول حالة كلازار في (السودان) في محافظة القلابات بنهر عطبرة (جريدة البيان الإماراتية بتاريخ 26/12/199، وفي عام 1997 شكل المرض أكبر المشكلات الصحية في الولاية، وبالذات في جنوب الولاية على ضفاف أنهار الرهد وعطبره وسيتيت. ومن الاحصاء الصحي اتضح أن المستشفيات تستقبل ثمانية آلاف حالة في العام. وقد ارتفعت نسبة الوفيات مؤخراً لاتساع الخريطة الوبائية وعدم توفر وسائل المكافحة ومن ثم أصبحت محافظتا الرهد والقلابات هما الموبؤتان. وتصل تكلفة علاج الفرد إلى نصف مليون جنيه. وتنفق الولاية شهرياً مليون و200 ألف جنيه في معالجة حالات الكلازار. وقد عم الآن المرض في كل الولاية في مساحة 72 ألف كيلو متر مربع، ووصل عاصمتها القضارف. إن هذا الوباء يهدد بالإنتشار في كل بلاد البجه نتيجة للتجاهل الذي تلاقيه من الوالي وحكومة الخرطوم.








    المجـــاعـات

    السبب الرئيسي

    لقد أثرت المجاعات في ثقافة البجه وأصبحت لها أدبيات نسبة لكثرتها وضررها. واطلقت عليها مسميات مثل، مجاعة 20/ 1921 فقد سميت XكرباجيتZ لأن السلطات استخدمت السوط لتنظيم الصفوف، أما مجاعة 40/1941 فسميت XفوليهZ لأنه تم توزيع الفول المصري عليهم، ومجاعة 49/ 1950 فسميت Xسرار هيوكبياZ أي النجمة أم ذنب التي تزامن ظهورها مع المجاعة، ومجاعة 59/ 1962 فسميت XأمريكانيZ لتقديم أمريكا إغاثة للبجه، ومجاعة 69/ 1972 فسميت XكيلويتZ لتوزيع الإغاثة بالكيلو، وسميت مجاعة 84/ 1985 XخواجهZ لتوزيع الأوربيين للإغاثة، وكذلك يطلق عليها XأدروبZ وتعني الأحمر نسبة للون الأوروبيين. Xراجع التواؤم مع الجفاف في باب أسلوب الحياةZ.

    فالمجاعات ليست بالشيء الجديد على البلاد، فقد ظهرت مع دخول الاستعمار البريطاني للبلاد. وزاد تواترها نتيجة للتخطيط الاستغلالي والإدارة الفاسدة من قبل الحكومات الشمالية العنصرية التي تسمى زيفاً وطنية. وظهرت المجاعات لإهمال الريف وقيام المشاريع الزراعية على حساب المراعي في بلد معظم سكانه من الرعاة. وقبل قيام هذه المشاريع كانت المراعي كافية في مساحات شاسعة. وظهرت أول مجاعة معروفة عام 1913/ 1914، ثم توالى ظهور المجاعات في الأعوام 1918و1919 و1920 و1942، وأشهرها في أيام الحكم البريطاني هي مجاعة عام 1948، أي بعد فترة وجيزة من قيام مشروعات الزراعة المطرية في القضارف، حيث تضرر سكان المنطقة الرعاة من هذه المشاريع. فقد أدى اغتصاب المراعي وتدمير البيئة إلى فناء الثروة الحيوانية فأصبح الرعاة يهيمون بلا حيوانات بعد أن قضت من الجوع ولم يجدوا بديلا لها للإرتزاق. كذلك فإن إقامة المدن الكبيرة من موانيء وغيرها، تبعه قدوم أعداد كبيرة من الشماليين وغيرهم إلى بلاد البجه، وجلب الشماليون معهم عاداتهم وممارساتهم الضارة، مثل صنع الكسرة ومأكولات أخرى يستخدم في طهيها الحطب كوقود. ونتيجة لكبر حجم الوافدين فقد زادت الحاجة إلى حطب الوقود لتتدخن به نساؤهم ولخبز الكسرة وللاستعمال في أفران المخابز. ولمقابلة الاستهلاك الضخم، وصل التعدي حتى الأشجار الخضراء. وساعد إنشاء الطرق الحديثة على الوصول إلى الغابات البعيدة. وهكذا قامت المشاريع الزراعية والمدن ومشاريع التنمية، التي لا يراعى فيها مصالح سكان المنطقة، بتدمير البيئة التي يعيش عليها البجه من خلال رعي مواشيهم. إن بلاد البجه لم تشهد أي مجاعة مؤثرة قبل قيام المشاريع الزراعية الكبيرة وإنشاء الموانيء والمدن الأخرى وتشييد الطرق. من هنا يتضح أن المجاعات هي من صنع الحكومة الحالية وسابقاتها. بل تسعى الحكومة الحالية للقضاء على البجه بسرعة وبكل الطرق، مثل تسميم الأرض كما في مناجم الذهب، وتدمير البيئة وتلغيم المراعي وحظر تحرك الرعاة ومصادرة مواشيهم، وتجويعهم وتركهم فريسة للأمراض حتى تستحوذ على أراضيهم وثرواتهم من بعدهم.

    ولمكافحة حدوث هذه المجاعات، وإيقاف فناء البجه، يجب إزالة كل المشاريع الزراعية الكبيرة والصغيرة، والمؤسسات والمنشآت التي تسمى تنموية، خاصة الموانيء التي جلبت للبجه الحميات والأمراض والتلوث ولا يستفيدون منها شيئاً، بل هي لرفاهية الخرطوم والشمال، كما أنها جلبت لهم من يزاحمهم في بلادهم وأرضهم ومائهم. أما التعدين عن الذهب وغيره وميناء البترول وخطوطه والمنطقة الحرة فيجب إزالتهم على الفور لتدميرهم السريع للبيئة ومساهمتهم في تسريع فناء البجه.

    جاء في كتاب Xكفاح البجهZ للمناضل الأستاذ محمد دين اسماعيل البجاوي عن المجاعة، ما يليوأما المجاعة فقد لعبت دوراً هاماً في أواسط المجتمع البجاوي كغيرها من الأزمات والكوارث التي تصاب بها المجموعات البدائية الساذجة، ووجدته ضعيفاً هزيلاً فقيراً بعد تلك السنوات التي قلّت فيها الأمطار وهلكت مواشيه. ونتيجة لذلك حاول البجه اللجوء إلى المدن، بحثاً عن الطعام. وبدلاً من أن تشملهم السلطات بما يستحقونه من اللطف والرحمة، استعانت برجال الأمن كبارهم وصغارهم لتطردهم من الطرقات وساحات المدن الكبرى حتى Xكما تقول السلطاتZ لا يجدوا فرصة ليستفزوا غيرهم بمناظرهم المؤذية في هذه الجنان وحتى لا يشاركوا غيرهم في النعيم والخيرات، لذا اعتبرتهم السلطات أعداءً للإنسانية، ومجرمين في عرف الدستور وحق القانون، وأناساً يأتون بشيء نكراً، نتيجة لجهادهم لكسب القوت بهذه الوسائل التي كانت لا تتعدى النجدة والتوسل ــ لهذا اعتبرتهم الحكومة المركزية بأنهم يسببون الاشمئزاز لغيرهم من المواطنين، ويخلّون بالأمن العام، لذا لم تترد هذه السلطات وخاصة في الثغر لإخراجهم بقوة السلاح واللسان من حدود المدينة. هكذا حاربتهم الحكومة في المدن كما حاربتهم المجاعة في البادية). ا. هـ

    المجاعات في عهد مايو

    منذ عام 1969 بدأت تلوح في الأفق مؤشرات المجاعة نتيجة للجفاف والتصحر حيث حدثت مجاعة كالحة في جنوب توكر. وبالرغم من علم السلطات بها فإنه لم يتم اتخاذ أي إجراء لتطويق المشكلة أو مكافحة آثارها. وفي منتصف عام 1984 استفحلت المجاعة بصورة لا تمكن من السيطرة عليها - وبالرغم من استفحالها فإن نظام مايو المباد قام بالتستر عليها ومنع أي إعلان عنها حتى لا ينكشف النظام أمام الرأي العام العالمي الذي تسرب إليه الخبر بالرغم من التكتم الشديد عليها وكل ذلك خوفا من مساءلة النظام المباد عما كان يتلقاه من دعم وإعانات وما كان يدعيه من أن (السودان) سلة غذاء العالم - وأعلن السيد ادوارد صوما بأن هناك مليون وأربعمائة ألف شخص يتعرضون للمجاعة في شرق (السودان) - وانتقل الحال بالناس من التضور من الجوع إلى الإصابة بالأمراض نتيجة لإنعدام الغذاء وذهبت نفوس كثيرة وبلغ عدد الموتى مائة شخص في اليوم الواحد. وأمام هذه المأساة الإنسانية هبّ بعض المحسنين من أبناء البجا فقدموا ما جادت به أياديهم من إعانات للمتضررين وقامت الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ملكا وحكومة وشعبا بإرسال الإعانات العاجلة من غذاء وكساء ودواء إلى البلاد - ولقد كان دور المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز دورا إنسانياً كبيراً فلقد تم تجنيد كل وسائل الإعلام لجمع التبرعات كما تم تكوين لجنة لإغاثة المتضررين برئاسة وزير الداخلية وقام الهلال الأحمر السعودي بإنشاء مراكز للإغاثة في بلاد البجه وتم الإشراف المباشر من قبل السعوديين على هذه المعسكرات حتى يؤمنّوا وصولها إلى المقصودين الحقيقيين بعد أن اقتنعوا بفساد النظام. كذلك قامت كل من الكويت وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة بإرسال معونات ومساعدات مقدرة خففت من حجم المأساة.


    المجاعات في الصحف

    استغلال الجوعى لينتجوا للصوص

    جاء في صحيفة الخليج الإماراتية في شهر أكتوبر العام 1996 تقرير إخباري عن المجاعة في بلاد البجه بعنوان Xالمجاعة في شرق السودان تهدد ربع مليون نسمةZ ما يلي: (تعاني مناطق واسعة في شرق السودان من خطر المجاعة نتيجة الجفاف وعدم هطول الأمطار على مدى عامين متتالين. وتشير التقارير إلى أن عدد المتأثرين بالمجاعة بلغ مائتين وستة وسبعين ألف نسمة، فيما يقدر حجم المطلوب من الحبوب بصفة عاجلة للمنطقة تسعة عشر ألف طن من الذرة ونحو ثلاثة آلاف طن من الزيوت والبقوليات.

    وقد وجه الفريق الزبير السلطات السياسية والشعبية بولاية كسلا بضرورة قيام حملة تعبوية وسط المواطنين المتأثرين من النقص الغذائي للتحرك للعمل بمواقع الإنتاج في المشاريع الزراعية للإسهام في سد الفجوة، مع جدولة المبلغ المتبقى البالغ ثلاثمائة وأربعين مليون جنيه سوداني من جملة خمسمائة مليون جنيه، هي الدعم المقدم من الحكومة المركزية بالخرطوم إلى حكومة الولاية. Xيلاحظ أن الحكومة لا تعترف بوجود المجاعة التي هي موجودة أصلاً وتطلق عليها مسميات دبلوماسية مثل ــ فجوة غذائية ــ وهذا رياء منها، كما أنها تطلب من المتضررين أن يعملوا في المشاريع الزراعية التي تدر عليها العملات الأجنبية. فكيف يستطيع الإنسان الجائع أن يعمل، ليس هذا فحسب بل تريده الحكومة أن يعمل بعيداً عن أسرته الجائعة وتريد أن تستغل جوعه وحاجته ليعمل لديها وينتج لها ويترك خلفه أسرة تتضور من الجوع. كان يتوجب عليها أن تقوم بمده بالغذاء ليعمل في مزرعة خاصة به حتى يحصد إنتاجه، وليس للعمل في المشاريع التي تتحدث عنها الحكومة التي هي سبب المجاعة لأنها انتزعت من مراعيه فقلصتها مما تسبب في موت مواشيه وتعرضه للمجاعة. أما موضوع الدعم من الحكومة المركزية للحكومة الولائية فهو تلاعب بالألفاظ الهدف منه تهرب الدولة من مسؤوليتها نحو مواطنيها ــ المؤلف)

    وكان وفد يمثل الولاية برئاسة واليها أبو القاسم قد أطلع السلطات المركزية على الموقف الأمني والغذائي في الولاية وضرورة إيجاد الحلول المالية لتعمير وتأهيل دلتا القاش وإيجاد الآليات العاملة لحصاد الموسم الزراعي الجديد.

    وقد تم إعداد تقرير بواسطة لجنة مسح شملت وزارة الشؤون الاجتماعية والثقافية بولاية البحر الأحمر وشمال شرق السودان والمنظمات العاملة في الولاية ووزارة الصحة والزراعة. كما شمل المسح محافظتي توكر وسنكات، وجنوب بورتسودان.


    المجاعة والإغاثة في توكر وضواحيها

    كتب الأستاذ التاج عثمان في صحيفة الرأي العام في شهر سبتمبر 2001م عن المجاعة والإغاثة في بلاد البجه، وعن توكر وما حولها بالتحديد ما نورده بتصرف. وجدت للأسف توكر التي كانت قصبة زاهرة، تعج وتمتليء بشاحنات الإغاثة التي سارع بها المجتمع الدولي عبر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، لإنقاذ أهلها من الجوع.

    توجد سبعة مراكز داخل توكر لتوزيع الإغاثة، وشاهدت فيها مظاهر البؤس والفقر والعوز في أحلك صورها، والتي حاقت بسكان هذه المدينة الغنية الفقيرة. وبعد عمليات المسح التي أجريت في فبراير 2001م بواسطة برنامج الغذاء العالمي، ومفوضية العون الإنساني، ووزارة الصحة، بالمناطق المتأثرة بالمجاعة، وضح أن عدد المتأثرين بها في ولاية البحر الأحمر بلغ (223) ألف مواطن (الإحصائيات الدولية تقول أنهم 950 ألف مواطن ـ المؤلف) تقرر توزيع مواد غذائية لهم لمدة شهرين فقط، إضافة إلى (573،17) نازحاً، توزع عليهم المعونة الغذائية شهرياً طيلة عام .. وتم تقديم توصيات لتقديم معونات غذائية بحجم (1174) طناً مترياً لمدة شهرين فقط، لحوالى (74) ألف مواطن بسنكات .. وفي أطراف بورتسودان بلغ عدد المتأثرين بالجفاف والمجاعة حوالى (35) ألف مواطن، وزع عليهم البرنامج نحو (556) طناً مترياً خلال مايو ويونيو 2001م.

    أما داخل مدينة توكر فبلغ عدد المتأثرين بالمجاعة نحو (480،44) مواطناً، إضافة إلى (13) ألف مواطن بخور بركة و(280،11) مواطناً بسواحل توكر، حيث دخلت مدينة توكر (185) شاحنة محملة بالمواد الغذائية في الفترة من 13 إلى 19/9/2001م، بمعدل (26) شاحنة يومياً .. وبمنطقة XأوزورZ بلغ عدد المواطنين المتأثرين نحو (217،19) مواطناً .. وهذه المناطق تمثل شمال توكر فقط، وبلغت جملة الكميات التي وزعها البرنامج من المواد الغذائية نحو (1827) طناً مترياً (ذرة شامية + زيت + خلطة XيونيمكسZ). كما أشارت المسوحات إلى أن المتأثرين بالمجاعة في منطقة حلايب بلغ (600،12) مواطناً، ستوزع عليهم خلال أكتوبر القادم نحو (657) طناً مترياً من المواد الغذائية لمدة شهرين ... أما في جنوب توكر، حيث تضررت هذه المنطقة من الحرب والمعارك بين الحكومة والمعارضة وزرع الألغام والقتل والنزوح، فقد بلغ عدد المواطنين المتأثرين نحو (500،13) مواطناً، (كل سكان هذه المنطقة تأثروا ويبلغ عددهم على أقل تقدير 60 ألف شخص ـ المؤلف)، ستوزع عليهم نحو (704) طناً مترياً.

    أرقام مكتبي (برنامج الغذاء العالمي) في بورتسودان وتوكر تذكر أن ما وزعه وسيوزعه البرنامج على ضحايا المجاعة في ولاية البحر الأحمر هذا العام، يصل إلى حوالى (16) ألف طناً مترياً، تم توزيع (10) آلاف طناً مترياً منها على المناطق المذكورة أعلاه، كما تذكر التقارير بأن عدد القرى المتأثرة بالمجاعة بكل الولاية يبلغ (113) قرية!!

    إضافة إلى لذلك فإن البرنامج يوزع (260،45) طناً مترياً من الأغذية لحوالى (3900) مواطناً بالولاية، في إطار برنامج الغذاء مقابل العمل) .. وهناك (20) ألف تلميذ وتلميذة بمرحلة الأساس، و(450) طالباً بداخليات مدارس الأساس والثانوي يستفيدون من مشروع (التغذية المدرسية) الذي ينفذه البرنامج بالولاية .. كما يقدم البرنامج سنوياً (6،22 طناً مترياً لمساعدة (1500) مريض بالدرن الرئوي.

    ونسبة لشح محصولي الذرة والدخن في العام الماضي، فقد بلغت كمية الفجوة الغذائية (60) ألف جوال ذرة ودخن، وقامت المنظمات الدولية بمسح منطقة توكر فقط، باعتبار أن منطقة جنوب توكر يعمل فيها برنامج شريان الحياة، وتم حصر (103) ألف مواطن بشمال محافظة توكر، اعتبر (8 ألف منهم أكثر فقراً وتأثراً بالمجاعة، ويستهدفهم البرنامج حالياً دون الباقين الذين يتعرضون للهلاك.

    واستلمت توكر من المخزون الاستراتيجي حوالى (2716) جوال قمح و(1387) جوال ذرة شامية، تم توزيعها على المتأثرين بجنوب المحافظة. (كل هذه المساعدات الغذائية لا يصل منها غير النذر اليسير إلى المستحقين الحقيقيين حيث يستشري الفساد في كل أجهزة حكومة الإنقاذ التي يتاجر أركانها في أقوات وأرزاق الضعفاء ومن المؤكد أن هذه الكميات لم تغادر بورتسودان وإلا لما ظل سكان هذه المناطق حتى الآن عبارة عن أشباح بأرواح ـ المؤلف).

    لم يشمل المسح الذي قام به برنامج الغذاء العالمي مناطق عديدة من المحافظة ولذلك فإن أرقامه عن المتأثرين جاءت متواضعة، وبالتالي أصبح سكان تلك المناطق خارج دائرة المعونة الغذائية. وقد تعلل البرنامج بعدم زيارة تلك المناطق ليشملها الإحصاء، إما لأسباب أمنية أو لإنعزالها بمياه خور بركة، ويرفض البرنامج تقديم الإغاثة لهذه المناطق إلا بعد إجراء المسح والحصر، والمشكلة أنه لا يمكن الوصول إلى المناطق المعزولة إلا بواسطة الجمال، ولكن موظفي البرنامج يرفضون ركوب الجمال للوصول للمواطنين المتأثرين. وبرغم كل هذا فإن الحكومة تحكم البلاد وتركت واجبها نحو مواطنيها للبرنامج ووقفت تتفرج دون أن تقدم لهم أي مساعدة بل وتسرق المساعدة التي تقدم لهم! ويقدر عدد المعزولين بخور بركة حوالى (1972) مواطناً، يقطنون خلف خور بركة، وربما ترسل لهم المحافظة معونة من احتياطيها!

    ويخشى أحد المسؤولين أن تؤثر الإغاثة على العمليات الزراعية، لتشجيعها بعض المواطنين على عدم الزراعة (الحكومة تتبع سياسة تجويع المواطنين لتجبرهم كي يعملوا في مشروع القطن بتوكر ليوفروا لها العملات الأجنبية ـ المؤلف). ويرى البعض أن الإغاثة لا تناسب العادات الغذائية لمواطني البحر الأحمر، إذ أن الإغاثة التي وصلت عبارة عن ذرة شامية، وهي غير مرغوبة في المنطقة!




    فظائع احتكار الأرزاق

    وأوضح التقرير أن محافظات الولاية لم تشهد أمطاراً تذكر منذ عامين وأن الحالة العامة للمراعي فقيرة حيث تلاحظ قلة الغطاء النباتي في الولاية إلى جانب استمرار عملية التحطيب مما كان له الأثر الكبير في قلة الأشجار ولجوء المواطنين إلى الذرة في تغذية مواشيهم، مما رفع تكاليف تربيتها، وأدى هذا إلى عرض أعداد كبيرة من المواشي للبيع لعدم توفر الأعلاف وارتفاع أسعار الذرة وانخضت بالتالي أسعار الماعز والإبل والأبقار إلى النصف تقريباً. Xلم ينف هذا التقرير وجود مجاعة رهيبة ولكنه ألقى اللوم على الطبيعة والأهالي ونسي واجب الحكومة نحو مواطنيها ودورها في درء الأخطار عن الناس بالإجراءات الوقائية والمكافحة، كذلك أغفل التقرير دور تجار الجبهة الذين احتكروا تجارة الأرزاق الأساسية من ذرة ودخن وغيرها وصاروا يرفعون أسعارها في الداخل ويصدرونها للخارج ليثروا بالعملات الأجنبية التي يستثمرونها بالخارج خوف مجيء يوم يستعيد الشعب سلطته على البلاد. كذلك يستفيدون من تدني أسعار المواشي بسبب رفعهم لأسعار الحبوب التي تربى بها حتى يبيعها الرعاة بأرخص الأسعار فيشتريها تجار الجبهة ويصدرونها أيضاً للخارج. إن هذه الطريقة في بيع المواشي بلا تمييز يقضي على نوعيات التكاثر منها ــ المؤلفZ.


    التدهور الصحي

    ويضيف التقرير بأنه نتيجة لذلك حدثت هجرات للمواطنين إلى المدن للبحث عن فرص للعمل إلى جانب الهجرات التي تمت بسبب المجاعة. كذلك اجبرت أعداد كبيرة من الأسر على الرحيل من مواطنها، حيث سجلت سنكات رحيل 220 أسرة ودورديب 73 أسرة وتهاميام 34 أسرة وجبيت 25 أسرة.

    وأظهر التقرير تدني الأحوال الصحية في المنطقة، وإصابة الأطفال بسوء التغذية بنسب تراوحت بين 17% و38% وأوصى التقرير بتوزيع 19878 من الحبوب و1488 طناً مترياً من الزيوت ومثلها من البقوليات وهي كمية تكفي لمدة ستة شهور بواقع أربعمائة غرام للفرد توفر كمية السعرات الحرارية المطلوبة للفرد يومياً.

    وطالب التقرير باستمرار عمليات المسح كل ثلاثة شهور بواسطة المنظمات الطوعية ووزارة الصحة وبدعم الزراعة التقليدية بالبذور والمعدات وتحسين المراعي بنثر البذور وتوفير المعدات وصيانة الآبار وحفر آبار جديدة والاستمرار في توزيع الذرة المدعومة Xتشترى من تجار الجبهة بالتأكيد، لأنهم يحتكرون هذا الصنف، ويستفيدون حتى في ظروف المجاعة حيث تشتري منظمات الإغاثة الأجنبية الذرة بالدولارات التي تنتهي لتجار الجبهة ــ المؤلفZ. إلى جانب مساعدة سكان الساحل على إقامة دورات تدريبية في الصيد ومدهم بالأدوات المساعدة للإنتاج) (أ. ش. أ).

    وجاء في صحيفة الخليج الإماراتية في شهر نوفمبر العام 1996م، عن المجاعة في بلاد البجه أيضاً ما يأتي (أعلنت ولاية البحر الأحمر الشهر الماضي أن 277 ألف مواطن من مجمل سكانها البالغين 690 ألفاً قد تأثروا بموجة الجفاف التي ضربت الولاية. وأنهم في حاجة فعلية إلى عون غذائي عاجل.) تنكر حكومة الإنقاذ دائماً حدوث المجاعات، وعندما أعلن محافظ حلايب في يونيو العام 2003م حدوث مجاعة في حلايب فما كان من حكومة الجبهة العنصرية إلا أن أدانت تصريحه، وفي نفس الوقت فإن وكالات الإغاثة الدولية تؤيد حدوث المجاعة. راجع ما نشرته سودانيز نيوزأونلاين:

    الصليب الأحمر: آلاف الأشخاص يعانون من الجفاف بشرق السودان

    سودانيز اون لاين

    20/7/2003

    جنيف - أ ش أ

    قالت منظمة الصليب الأحمر الدولية أن فترة الجفاف الطويلة فى محافظة البحر الأحمر فى شرق السودان تركت مئات الألاف يعانون من نقص حاد فى الغذاء والماء وعرضة لسوء التغذية والأمراض.

    ونقل راديو العالم الأن عن المتحدث باسم المنظمة دينيس ماكلين قوله ان المنظمة أصدرت نداء بتوفير الأغذية لأكثر من ألف شخص غير أنه وصف مساعدات الجهات المانحة بأنها متواضعة للغاية.

    وقال ان معدل سوء التغذية العالى فى البحر الأحمر يبلغ الأن تسعة وعشرين وستة من عشرة فى المائة وخمسة وثلاثين فى المائة فى بعض المناطق وأن الأسر لا تتناول سوى وجبتين فى اليوم من الذرة الرفيعة.

    وقد أثر ذلك على الحياة الاجتماعية وأدى الى الفقر والجوع والى تخلف الأطفال عن الذهاب الى المدارس وقلة النشاط الزراعى ونقص أعداد الدواجن والماشية .




    نزوح جماعي

    وذكرت تقارير نشرتها الصحف أن مئات الأسر هجرت قراها نحو المدن وأن آلاف الرؤوس من الثروة الحيوانية قد نفقت. وذكر تقرير أعدته لجنة ولائية أن محافظات الولاية لم تشهد أمطاراً تذكر منذ عامين وبصفة خاصة ريفي بورتسودان وحلايب. وذكر التقرير أن 80% من سكان سنكات، و90% من سكان جنوب توكر و25% من سكان شمال توكر،50% من سكان حلايب و90% من سكان ريفي بورتسودان و10% من سكان مدينة بورتسودان في حاجة إلى عون غذائي عاجل من الحبوب والبقوليات والزيوت. وقدرت اللجنة الاحتياجات العاجلة للستة أشهر القادمة بحوالى 19878 طناً مترياً من الحبوب، و1488 طناً من البقوليات، و1488 طناً من الزيوت).

    وفي تحقيق لصحيفة السودان الحديث الحكومية، قال مدير الرعاية المحلية بسنكات، إن 86% من السكان البالغ عددهم 53 ألف نسمة في حاجة إلى عون غذائي عاجل).

    ونشرت صحيفة البيان الإماراتية في عددها الصادر يوم 29/6/1997، بأن الصليب الأحمر الدولي حذر بأن هناك مجاعة تهدد 300 ألف من البدو البجه في شرق السودان، وأنهم بحاجة ماسة لمساعدات عاجلة وأن هناك خطر حقيقي يهدد بفنائهم.

    في يونيو العام 2001م، ضربت المجاعة شمال البحر الأحمر وهددت حياة أكثر من 700 ألف شخص، وبرغم إعلانها من المنظمات الدولية إلا أن الحكومة لم تهتم كالعادة. وفي أغسطس العام 2001م قامت منظمة الفاو بتوزيع 65 طنا من بذور الذرة المحسنة لمحافظة سنكات وهي جزء من المعونة الأمريكية.

    وعن المجاعة في بلاد البجه في العام 1985م، جاء في صحيفة الأيام بتاريخ 14 يونيو 1985 ما يلي:

    الصورة في شرق (السودان) كالحة أيضا، فلقد ورد في تقرير، مفصل سلمه وفد التجمع النقابي ببورتسودان إلى أمانة التجمع ومجلس الوزراء والمجلس العسكري عن وضع المجاعة في البحر الأحمر ما يلى:

    ولعله من المناسب أن أبدأ بنبذة قصيرة توضح خلفية مشكلة نقص الغذاء في هذه المديرية وما ترتب عليه من مشاكل سوء التغذية. فقد أعد فريق من العلماء السودانيين من كلية طب المجتمع بجامعة الخرطوم وبعض الخبراء الأجانب من هيئة الصحة العالمية دراسة استطلاعية أولية للمنطقة الغربية التي تشمل مناطق سنكات وهيا ودورديب وهي المنطقة التي تم اختيارها للاستفادة من المنحة المقدمة من الحكومة الايطالية البالغة خمسة مليون دولار من منظمتي الأمم المتحدة للأطفال (اليونسيف) وهيئة الصحة العالمية.

    وقد اتضحت الحقائق المذهلة التالية بعد هذه الدراسة وهي:

    1) إن الحالة الغذائية لأكثر من 85 في المائة من الأطفال دون الخامسة من العمر أدنى من المتوسط المقبول.

    2) أوضحت الدراسة ايضا أن 54 في المائة من جملة الأطفال يعانون من قصور خطير في النمو، إذ يقعون خارج حدود النمو المقبولة وأن 27 في المائة من جملة الأطفال دون الخامسة في أدنى من ذلك وهذه نسبة نادرة الحدوث في العالم مما حدا بالباحثين إلى خلق درجة رابعة من سوء التغذية في هذه المنطقة. وللدلالة على خطورة الموقف فإن الدراسات المماثلة التي أُجريت بقرى مديرية الجزيرة قد أوضحت أن 1% فقط من الأطفال يقعون في الدرجة الثالثة من سوء التغذية.

    3) أوضحت الدراسة أيضا أن نسبة أمراض سوء التغذية العلاجية يعاني منها 5% من مجموع الأطفال وهذه نسبة عالية إذا قورنت بأي بلد في العالم.

    4) من مؤشرات الدراسة أيضاً أن معدل نقص فيتامين (أ) وصل إلى 107 من الألف من مجموع الأطفال وبلغ 283 من الألف أيضاً حسب المستويات العالمية وبالرغم من أن النقص في فيتامين (أ) من الأمراض التي يسهل تشخيصها وعلاجها في الأطوار الأولى إلا أن تأخير العلاج قد يؤدي إلى العمى الكلي المستديم ومن ظواهره الأولية العمى الليلي الذي انتشر مؤخراً بهذه المناطق بدرجة كبيرة.

    وقد كان متوسط نسبة الهيموجلوبين عند إجراء الدراسة 4،60% وهذه نسبة لا مثيل لها إلا في حالات المجاعات وهنالك قطاع من الأطفال تقل نسبتهم عن 40% ولم يوجد طفل واحد تزيد نسبة الهيموجلوبين عنده عن 74%.

    برزت هذه الحقائق المخيفة بعد الدراسة العلمية المتأنية في مارس من عام 1983م وازداد الجفاف حدة في خريف نفس العام وفي العام التالي 1984م، ومن المؤكد أن الموقف كان أحسن بكثير مما هو عليه الآن، وفي أكتوبر من العام الماضي حيث بلغت نسبة قسوة الجفاف ذروتها وتدهورت البيئة وانعدم الغطاء النباتى وقد أثرت كل هذه العوامل سلبيا على المرعى وتربية الماشية والزراعة المطرية، وانهارت بذلك الدعامة الأساسية لمقومات الحياة الضرورية وتوفير الإحتياجات الغذائية. ومن ثم أصبحت الهجرة الجماعية والنزوح من الريف إلى المدن والقرى الكبيرة والطرق الرئيسية من المظاهر المألوفة ولم يتخلف إلا من قعدت به الظروف الصحية وعدم وجود وسائل الترحيل .

    ومع بداية أكتوبر من العام الماضي أُقيمت معسكرات علاجية وغذائية بهذه المناطق لمكافحة الحالات الخطرة من سوء التغذية والنقص الحاد من الفيتامينات والمواد الحديدية والنزلات المعوية والأمراض الوبائية. وتم تكثيف كافة المجهودات وتسخير الإمكانات المتاحة لإنقاذ الموقف، وتم تكوين ثلاث فرق صحية برئاسة أطباء من المستشفى لمسح كل مناطق المديرية لاستقصاء أبعاد المشكلة وحجم المواطنين الذين تأثروا أكثر من غيرهم والتوصية بالخطوات اللآزمة لعلاج الموقف بشقيه العلاجي والغذائي.


    الأسعار والماشية

    مع مجيء فترات الجفاف والمجاعة، يزداد التأثير المأساوي للوضع البنيوي للبجه. فخلال تلك الفترات يتلقى الرعاة ضربات قاسية، مع تغيرات أسعار السوق، و مع هبوط أسعار الحيوانات وارتفاع أسعار الحبوب. وفي كثير من الأوقات نجد أن الأوضاع التجارية المناهضة للرعاة، هي التي تؤدي إلى خسارتهم للماشية وليس تأثير الجفاف نفسه. وتنتهز جماعات الرعاة الأغنياء الفرصة لتحقيق مكاسب من الموقف، حيث يشترون الحيوانات بأسعار زهيدة ويتاجرون فيها تماما كما يفعل التجار ورجال الخدمة المدنية.

    إن السياقات التي تعمل في اطارها العمليات التكيفية، هي من صنع البشر، فمثلا عمليات إعادة توزيع الأرض بين مجموعات الأهالي، أو انتزاعها من أجل المشاريع التنموية القومية، أو الموجهة نحو الرعاة، فإنها تنطوي على عمليات استغلال للبجه أصحاب الأرض من قبل الحكومة المركزية أو الأجانب الذين يستثمرون في المنطقة مثل كسلا وغيرها. ومن شأن هذا أن يقيد العمليات التكيفية للبجه. وهناك وجه خاص لهذه العلاقة الاستغلالية، نجده في العلاقة بين الدولة والسكان فبينما كانت الدولة تنتزع أراضي السكان كانت في بعض الأحيان، أمام ضغوط الرأي العام العالمي، تهرع لنجدتهم في فترات الجفاف والمجاعات، أما الآن فإن المساعدات توقفت وأخذ الوجه الاستغلالي للدولة يزداد عنفاً وسفوراً.



    المجاعة وقطع الأخشاب

    خلال أعوام المجاعة في الثمانينات تزايدت ممارسات قطع الأخشاب وهي تشكل الآن أخطر التهديدات للبيئة الطبيعية ولبقاء البجه أنفسهم.


    تدخلات المنظمات غير الحكومية

    دخلت بعض المنظمات غير الحكومية بلاد البجه عقب إعلان المجاعة عام 1984 للمشاركة في عمليات الإغاثة وقد تسجلت 17 منظمة بالإضافة إلى 4 منظمات من الأمم المتحدة، التي اقتصر دورها على الإمداد بالأغذية والتنسيق، ومنظمتان سودانيتان اعتمدتا كلياً على موارد المنظمات الأجنبية ووكالات الأمم المتحدة وكان هدفهما الأساسي الكسب السياسي. واشتهرت أوكسفام بالعمل في منطقة توكر حيث تباشر مشروعات لمساعدة السكان على كسب العيش بعد المجاعة والجفاف، وقد توقفت نشاطاتها بعد مارس 1997 نتيجة للحرب الدائرة هناك. وتقدم منظمة سودان بلان والحكومة الهولندية إعانات للتنمية في منطقة كسلا.



    المنظمات الطوعية

    سيلاحظ القاريء الكريم العدد الهائل للمنظمات الطوعية، ولكنه لن يلاحظ أي مردود إيجابي مؤثر في المنطقة، وقد يكون ما يصرف في إدارة هذه المنظمات الكثيرة كافياً لتقديم شيء ملموس أفضل لو كانت هناك جهة تنسيق واحدة كفوءة تتولى إدارة كل المنظمات. من المنظمات الطوعية التي تعمل في ولاية البحر الأحمر المنظمات الآتية مع تواريخ دخولها ونشاطاتها:- الساحل البريطانية (1994)، تنمية خور أربعات، أكورد أكشن (1984)، تمويل حرفيين وأسر منتجة وتدريب وتنمية هياكل محلية. رعاية الطفولة (برتغالية 1986)، وتشيد دورات مياه. أوكندن فنشر (1982)، دعم اللآجئين والنازحين بالتدريب المهني. الإيثار الخيرية (1992)، رياض الأطفال، ودعم الأسر الفقيرة. أوكسفام (1984)، التنمية الاجتماعية وبناء القدرات، ودعم الأسر الفقيرة والنشاطات المدرة للدخل والخدمات الاجتماعية. برنامج الغذاء العالمي (1985)، الإغاثة، المياه، الخدمات الصحية. مفوضية الأمم المتحدة للآجئين (1979)، الإغاثة، إمداد المياه، المدارس إلخ. إتفاقية العمل الأوروبي (1982)، دعم المشروعات الصغيرة، التدريب المهني. الصليب الأحمر النرويجي (1986) في منطقة سنكات، المياه، الزراعة، غرس الأشجار، حفظ التربة، الأنشطة النسائية، التدريس والأنشطة المدرة للدخل. مساعدة المجتمع في الخارج {CAA} (1986) شمال توكر وبورتسودان، الخدمات الاجتماعية للآجئين والأنشطة المدرة للدخل. الهلال الأحمر السوداني، الإغاثة من برنامج الغذاء العالمي. العون السوداني (1985) بورتسودان وسواكن، التغذية التكميلية. رابطة الهلال الأحمر والصليب الأحمر، الإغاثة. الصليب الأحمر البريطاني، بورتسودان وهيا ودورديب (1983)، صحة وتنمية المجتمع. الهلال الأحمر الفلسطيني (1983م)، تسيير مستشفى سنكات. الهلال الأحمر السعودي (1983) سنكات وهيا، الإغاثة. المحسنين السعوديين (1985م)، الإغاثة والزراعة. الأطباء الدوليين المتطوعين (1985) هيا، الإيواء. أطباء بلا حدود، هولندا (1985م)، الصحة. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (1982). كير (1985م) بورتسودان. المنظمات الطوعية التي تعمل في ولاية القضارف هي:- دوقاب، وأطباء بلا حدود، والبر الدولية، ووحدة السودان للتعليم المفتوح، منظمة الدعوة الإسلامية، والمنتدى الإسلامي، عيون الحياة، وتعمل في حفر آبار مياه الشرب بولايات البجه، والجمعية الطبية الإسلامية، وإيثار الخيرية. في العام 2000م، بلغ اجمالي تبرعات المنظمات الطوعية لمشروعات ولاية كسلا أكثر من مليوني دولار (5 مليار جنيه) وهذا ما يقارب ميزانية التنمية في الولاية. وفي المناطق المحررة التي تقع تحت سيطرة مؤتمر البجه تعمل عدة منظمات منها: الوكالة السودانية للإغاثة (شرا)، منظمة البجه للإغاثة، منظمة السودان للرعاية الإجتماعية (أمل)، جمعية السودان للإغاثة والتنمية (الشروق)، منظمة العون الكنسي الهولندي، منظمة لجنة الإنقاذ الدولية، منظمة الأثر العالمي، ساماريتان بيرس للإغاثة الدولية.

    المنظمات الخيرية البجاوية

    توجد منظمات بجاوية خيرية أنشأها أفراد وجماعات من البجه، وتقوم بتقديم مساعدات على نطاق محدود للمنطقة حسب جهودها وإمكاناتها. وظهر في بعض المنظمات أشخاص من ضعاف النفوس يقومون بجمع التبرعات من مغتربي البجه وغيرهم في الخارج، ثم يقدمون هذه المساعدات بأسمائهم الشخصية لتحقيق مكاسب خاصة، وهذا يسيء للعمل الطوعي. ومن المنظمات البجاوية العاملة بالداخل: جمعية عقيتاي الخيرية، وجمعية البحر الأحمر والقاش، وجمعية أرياف، وجمعية تطوير المرأة البجاوية، وكذلك جمعية أبو هدية الخيرية، وهذه أسسها الدكتور محمد بدري أبو هدية، وتهتم بالمرأة بصفة خاصة، وتنشيء الداخليات للطالبات الجامعيات في الخرطوم وأم درمان وغير ذلك من الأعمال التي تحتاجها المرأة. ومن ضمن مساهمات البجه بالخارج، قدم المؤرخ الأستاذ ضرار صالح ضرار ستين مضخة ماء لإحدى الجمعيات العاملة في حفر الآبار بالمنطقة. توجد بالخارج منظمة إغاثة البجه وهي تابعة لمؤتمر البجه بالخارج، وتقدم الإغاثة والمساعدات للمناطق الخاضعة لسيطرة المؤتمر. أما مؤسسة العشي الخيرية فقد أنشأها السيد علي العشي، وهو من أبناء مدينة بورتسودان الذين تفاعلوا مع مجتمعهم. وقد شيّد مدرسة ثانوية للبنات ومستشفى في مدينة بورتسودان. كما قام، من خلال منظمة الساحل التي أسسها، باستقدام منظمة (اس أو اس) لتطوير خور أربعات. وقامت المنظمة خلال ثلاثة عشر عاماً بتشييد ستة مشاريع وزرعت مئات الكيلومترات المربعة بالأشجار. وتقوم حالياً بتنفيذ مشاريع لتطوير البجه وتنمية مناطقهم، ولها مؤسسات صحية رائدة ومتقدمة. كذلك توجد منظمة عالمية لتطوير وتعليم البجه مسجلة ببريطانيا. وتفرض الحكومة جمارك ورسوم على كل الإغاثة والمساعدات المرسلة للبجه حتى المصاحف التي أرسلتها في أبريل العام 2000م، بينما تعفي كل ما يخص الشمالية من هذه الرسوم، بل وتوفر لهم حتى النقل مجاناً من الخارج بالبواخر والطائرات وكذلك في الداخل، وتقوم بتحويل بعض المساعدات المرسلة للبجه للشمال، وأثار هذا العمل سخط دولة عربية أرسلت مساعدات لولاية كسلا تم تحويلها للشمالية.

    برنامج أوكسفام لشمال توكر

    ترى أوكسفام منطقة شمال توكر بأنها: منطقة قليلة الأمطار، ولا يعرف موعد سقوط الأمطار فيها. والسكان هم من البجه. ويعيش البجه على الزراعة ورعي الجمال والضأن والماعز. ولكن سنوات الجفاف الطويلة قضت على أعداد كبيرة من الحيوانات، مما جعل من العسير على البجه الإعتماد الحيوانات فقط في العيش. ولقد تضررت الأرض أيضاً كثيراً، ليس بسبب الجفاف فحسب، ولكن أيضاً بفعل الرعي الجائر نتيجة لتقليص مساحات المراعي لصالح المشاريع الزراعية الآلية ونزوح اللآجئين الإريتريين بحيواناتهم لمراعي البجه وقيامهم بقطع الأشجار للوقود وإقامة المعسكرات التي دمرت مساحات هائلة من مراعي البجه. وأمام تدهور مصادر دخل البجه بسبب موت حيواناتهم قاموا بتدمير الغابات من أجل الحصول على دخل بديل من بيع حطب الوقود والفحم النباتي، وذلك نتيجة للاغراءات المادية التي يقدمها التجار الجشعون والنازحون إلى مشاريع التنمية في المدن التي زاد سكانها وبالتالي زاد طلبهم على الوقود، كذلك أدى تعبيد الطرق وتحسنها إلى تقريب المسافة بين الغابات النائية والأسواق البعيدة مما دمر البيئة على مساحات أكبر. (هكذا نرى أن مشاريع التنمية من زراعية وتشييد للطرق أضرت بالبجه ودمرت مصادر رزقهم من أجل رفاهية الخرطوم والشمال ــ المؤلف).

    يعمل برنامج أوكسفام لشمال توكر بالتعاون مع لجان القرى والإدارات الحكومية المحلية ويهدف إلى تطوير وتحسين الاقتصاد المحلي، ومساعدة السكان على التعايش مع الجفاف، واكساب البجه المهارات والمعرفة. ويساعد البرنامج الناس على كسب العيش بطريقة إضافية للإعتماد على تربية المواشي، وليست بديلة لها. ويشمل هذا صحة الحيوانات، وذلك بتدريب السكان المحليين على المهارات البيطرية البسيطة وعن طريق تزويدهم بالأدوية ومدهم بمصادر المياه النقية للاستعمال في المنازل ولسقيا الحيوانات وأيضاً للزراعة، ويعمل البرنامج كذلك على تدريب السكان على مهارات جديدة مثل صيد الأسماك بالشباك من المياه العميقة في البحر الأحمر. وحماية مناطق الغابات. يشمل برنامج أوكسفام أيضاً مساعدة البالغين على تعلم القراءة والكتابة وتشجيع المرأة على القيام بدور أكبر في المجتمع. وتوقف عمل أوكسفام في هذه المنطقة بعد إندلاع الحرب الأهلية فيها منذ مارس 1997م.

    البرنامج النرويجي للبحر الأحمر

    بدأ برنامج منطقة البحر الأحمر في منطقة سنكات عام 1987م وهو برنامج نرويجي يقدم مساعدات تنموية نرويجية لاعادة الأوضاع إلى حالتها الطبيعية في أعقاب الجفاف والمجاعة. يتكون البرنامج من دعم للمنظمات الدولية بحوالى 50% من التمويل ودعم للمنظمات الأهلية النرويجية بحوالي 40% ودعم المؤسسات العلمية النرويجية ببقية التمويل أي 10%. ويهدف البرنامج عموماً إلى تحسين الناتج الغذائي المحلي والأمن الغذائي وتحسين القاعدة البيئية لتطوير أنظمة إنتاج مستدامه. أما الأهداف الخاصة فهي بحثية لتحسين الأبحاث لتطوير عملية التنمية والكفاءة العلمية.

    بعد الدراسات الميدانية والأكاديمية التي قام بها البرنامج، توصل إلى أن المجاعات لا تحدث بسبب الجفاف، ولكنها نتيجة لسياسات الحكومة الخاطئة. فهي تسن القوانين التي تقلص المراعي لصالح المشاريع الزراعية القومية، ويصبح الرعاة البجه بدون مراعٍ كافية. ويرى البرنامج أن المشكلة سياسية في المقام الأول، فالسلطات تهمش البجه، ولا تستمع لهم ولا تشركهم في السلطة وإتخاذ القرارات، وتعتبرهم كرعاة ليس لهم أثر إيجابي على الاقتصاد.

    سلبيات منظمات الإغاثة

    تعد المنظمات الطوعية ضمن منظمات المجتمع المدني وتعد في الإسلام جزءاً من نظام التكافل الإسلامي. وظهرت هذه المنظمات في الغرب لأسباب كثيرة منها إنسانية ودينية وسياسية واقتصادية. ولكل منظمة أجندة خفية وراء الشعارات التي ترفعها. فالمنظمات الغربية تهدف في نهاية المطاف إلى تنصير الناس، أما المنظمات التي تمولها المؤسسات الاقتصادية الغربية فهي تهدف إلى تحويل الناس إلى مستهلكين لسلعها بعد أن تقوم بتعويدهم على استهلاكها، وهناك منظمات غربية أخرى تهدف لجعل الناس مستهلكين لعقاقيرها بمدهم بأغذية تسبب أمراضاً عديدة وبصورة خاصة الأمراض الغربية مثل السكري والضغط .. إلخ إذ تمدهم بمأكولات مثل الزبدة والسكريات والدقيق الأبيض وغيرها. وتصرف المؤسسات الاقتصادية الناس عن الاعتماد على النفس بمدهم بالإغاثة فينصرفون عن الإكتفاء الذاتي ووسائل كسب الرزق التقليدية التي جبلوا عليها من زراعة ورعي، وبعد فترة ينسون هذه الوسائل وأكلاتهم التقليدية ويصبحون فريسة لمنتجات هذه المؤسسات الاقتصادية الغربية بعد أن يكونوا قد تعودوا على تناولها. وبالنسبة للمنظمات الطوعية الإسلامية والعربية، فإن أفريقيا تأتي في آخر قائمة أولوياتها، بالرغم من أنها أول دار للهجرة في الإسلام. وتهدف بعض هذه المنظمات إلى الكسب السياسي أو الإعلامي ومنح المساعدات عبر القنوات الفضائية ولذوي العيون الخضر والشعر الأشقر.

    وبعد حدوث المجاعة في بلاد البجه، كان أهم أهداف المنظمات غير الحكومية والأجنبية الحفاظ على حيوات الناس وساعدت على بقاء 40% من السكان على قيد الحياة فقط من خلال الجهود الإغاثية. ومع موت حيوانات الرعاة والجفاف هجروا الريف إلى المدن. وبما أن المنظمات أقامت مراكز توزيع الأغذية في المدن فإنها أسهمت في هجر الريف والتكدس في المدن. باءت محاولات المنظمات الأجنبية بالفشل ولم تحقق غير القليل في مجال التحول نحو التنمية بعيدة المدى. ومن أهم أسباب الفشل التصورات الخاطئة لهم لأسباب التدهور البيئي في بلاد البجه ووسائل منع المجاعات، أي المعطيات التنموية لهذه المنظمات. وقد كان المبدأ الرئيسي الذي يكمن وراء الجهود التنموية لمعظم المنظمات غير الحكومية في المنطقة هو أن الأزمة كانت ترتبـط بالجفاف ومشكلة التدهور البيئي وليس الإعتراف بالعمليات الأعمق المتعلقة بتجاهل السلطات العامة في السودان للقطاع الرعوي. والفكرة الأخرى الخاطئة هي وضع البجه في المؤخرة حيثما كانوا قبل الجفاف، وبالتالي غض الطرف عن المؤشرات المتغيرة مثل النمو السكاني والتكنولوجيا والتحضر والهجرة. والفكرة الثالثة الخاطئة، هي النظرة المحلية لحل المشكلة والتنمية من داخل بلاد البجه في شكل متشظي عزل مناطق البجه عن باقي البلاد وأولى اهتماما محدوداً بالمتغيرات داخل مرتفعات البجه، بالرغم من أن الهجرة تطرح بشكل بارز في كل تقارير المنظمات غير الحكومية.

    الإخفاق في تنسيق أو ادماج أنشطة المنظمات غير الحكومية مع أنشطة المصالح الحكومية، ومن ناحية الموارد بين هذين النوعين من المؤسسات، عوق غياب البنية التحتية الأساسية عمليا المصالح الحكومية وهي البنية التي امتنعت هذه المنظمات على الدوام من تقديمها لها. ونتيجة لذلك نشأت علاقة عدائية دائمة بين الطرفين، مما أدى إلى إنهيار العديد من مشروعات المنظمات غير الحكومية وغياب سياسة شاملة للتنمية لبلاد البجه. وقد قلص هذا كثيرا احتمال استدامة أي مشروعات ناجحة تنشئها المنظمات غير الحكومية.

    شكلت بعض العوامل الفنية الملازمة لهيكل المنظمات غير الحكومية وطرق عملها عائقا كبيرا أمام التنمية. وتشمل هذه العوامل:-

    مركزية صنع القرار التي تغمط حق متلقي القرار في القيام بأي دور قيادي لتنسيق العون. الأفق الزمني القصير والحيز المحلي لعملها الذي يمليه عدم اليقين حول التحول وميزانياتها المحدودة. الإنخراط في أنشطة ومجالات متنوعة افتقرت المنظمات غير الحكومية بسببها للمدخرات الفنية اللآزمة في غياب التنسيق مع المصالح الحكومية المختصة. غذى نظام التقييم الشخصي الذي تبنته معظم المنظمات بعض المنافسة بين وداخل المنظمات غير الحكومية وقلل الحافز على التدخل في الجهود التنموية طويلة المدى.


    تأثير تدخل المنظمات غير الحكومية

    بالرغم من أن تدخل المنظمات غير الحكومية أنقذ حيوات الكثيرين خلال فترة الجفاف، إلا أن تأثير هذا التدخل على العملية التنموية على المدى الطويل مشكوك فيه، سواء كان تدخلاً مباشراً (تأثير العون الغذائي) أو بشكل غير مباشر، بتأثيرها على الأوضاع الاجتماعية المحلية. لقد صاحب العون الغذائي وبرامج الغذاء مقابل العمل نتائج عكسية تمثلت في تقليص الحوافز للعمل ورفع الأجور وتراجع أسعار الغذاء في السوق المحلية وتمزيق أنماط هجرة العمل المستقرة في المجتمع المتلقي. لقد كرست التواكل والعطالة.

    وتزايد اعتماد الدولة والأفراد على العون الغذائي. كما سلمت معظم المصالح غير الحكومية المحرومة من الموارد الأساسية بعض واجباتها الأساسية كلية إلى هذه المنظمات. وهيمنت المنظمات بمواردها الضخمة نسبياً على دور الدولة في بعض المناطق ما عدا مجالات الأمن والتعليم. ومن أمثلة ذلك الصليب الأحمر النرويجي في ناحية سنكات واوكسفام في ناحية توكر. وعزز هذا الفجوة الغذائية إذ لم توجه أموال الدولة الموفرة نحو إنتاج الغذاء. ومن ناحية أخرى هز ثقة الناس في جهاز الدولة كما هز ثقتهم في زعاماتهم التقليدية. وقد رسخت مجهودات هذه المنظمات قيماً غريبة جديدة تشكك في التعاليم الدينية.

    ونتيجة لهذا، أفرز تدخل هذه المنظمات نقلة مهمة في تركيبة السلطة، بعيداً عن الدولة والزعامات التقليدية ولمصلحة البجه المتعلمين المقيمين في الحضر الذين يستطيعون الوصول إلى موارد هذه المنظمات. لقد كانت هذه النقلة في تركيبة السلطة رغم أنها كانت بسبب غياب الآخرين، قوية لدرجة استخدمتها سياسياً الجبهة القومية لحشد الدعم وسط البجه من خلال تنظيماتها الطوعية لغزو ما كان منطقة مغلقة لحزب الختمية. وكان هذا التحول البداية لتولي البجه المتعلمين، بعد انقلاب 1989، قيادة اللجان الشعبية التي شكلتها الحكومة في الحضر. والمؤشر الآخر المهم لذلك الإرتباط القوي بين المنـظمات غير الحكومية والموقع الاجتماعي، هو أن شيوخ الخلاوي، حولوا خلاويهم إلى مراكز لتوزيع الإغاثة (ظهر عدد جديد منها أثناء فترة توزيع الإغاثة) لكي يستعيدوا موقعهم الاجتماعي. وأضعف هذا سلطة الإدارة الأهلية خاصة وسط من هاجروا إلى المدن بحثاً عن الإغاثة. وبالرغم من هذا استمر دور الإدارة الأهلية في حل النزاعات والوساطة. إن تدخل المنظمات غير الحكومية كان أحد العوامل الهامة في تغيير التحالفات السياسية المحلية التي تم السعي لها لتدبير المطالبة؛ بالسلطة السياسية والموارد الاقتصادية.

    الإغاثة (العملية نفسها وجوانبها)

    إن إغاثة المجاعة ليست عملية جديدة في تاريخ البجه، إذ تم تقديم مثل هذا العون في العديد من فترات الجفاف التي ضربت المنطقة. ففي عام 1928 تم توزيع مئات الأطنان من الذرة كإغاثة لعمال المناجم وغيرهم في منطقة جبيت المعادن شمال بورتسودان. وفرضت مجاعة همشكوريب 1947-1949 توزيع الإغاثة، فتم توزيع ما يزيد على 3 آلاف طن من الذرة. وخلال أواخر الستينات ومطلع السبعينات تم ترحيل عشرات الألوف من الجبال إلى بورتسودان والمراكز الحضرية الأخرى في المنطقة. وقد شاركت المجالس الريفية في هذه المنطقة في توزيع الإمدادات الغذائية منذ عام 1968، واستمر هذا النشاط لمدة خمس سنوات. وفي صيف عام 1973 تم توزيع أكثر من 500 طن من الحبوب في الجزء الشمالي من بلاد البجه. وفي السنة المالية 1972 ــ 1973 جمعت سلطات المحافظة أكثر من 70 ألف جنيه لشراء حبوب إضافية.

    تم ضخ العون الغذائي أثناء جفاف الثمانينات أساسا من خلال (صورة لفساد الحكم المركزي والمحلي) وكالات الإغاثة الأجنبية. فقد تقاعست الحكومة المركزية عن الاستجابة بالرغم من إلحاح السلطات الإقليمية الرسمية والأهلية. وكانت أكثر العناصر فعالية في عمليات الإغاثة هي اليونسيف ممثلة في برنامج العون الغذائي المشترك.

    كان نقل مراكز توزيع الإغاثة من مدينة سنكات إلى المستوطنات المبعثرة (أي نقل الإغاثة مباشرة من بورتسودان إلى المعسكرات المتأثرة) قيداً للجدل، لأن هذا يمنع تسربها لغير المستحقين وربما المتاجرة فيها.

    وقد نظر المستفيدون للقائمين على توزيع الإغاثة في سنكات بوصفهم فاسدين وغير عادلين في تقسيم الحصص. واتهمت الوكالات مسؤولي المجلس بأنهم بيروقراطيين وغير منظمين (أي أنهم قللوا من شأن حدة المجاعة).

    لكن المسؤولين السودانيين احتجوا على الصلة المباشرة بين وكالات الإغاثة والمستفيدين. وكان هاجسهم الأساسي هو أن وكالات الإغاثة أصبح ينظر إليها بوصفها وكالات منخرطة في منافسة مباشرة مع المجلس الريفي على توزيع الغذاء. فقد هددت الوكالات الأجنبية، بمواردها المتفوقة، صورة الدولة بين الأهالي هناك. لقد ثبت عمليا للأهالي عدم مسؤولية الدولة وفسادها بالرغم من تدثرها بعباءة الإسلام. غطى العون الغذائي أكثر من 40% من حاجة السكان الغذائية وقد فاق في كثير من الأحيان احتياجات السكان. لذا فإنه بهذا القدر له أهمية كبرى في تكيف الناس في هذه المنطقة. فهو أولاً يقدم الفرص للناس للبقاء في مواطنهم. وفي نفس الوقت هو قرار سياسي ذا أهمية كبرى حيث كانت السلطات قلقة من تأثير العون المتزايد من الذين شردتهم المجاعة الذين يتجولون حول المدن وعلى طول الطريق البري السريع. وكانت النتيجة غير المتعمدة، بالطبع، هي أن الإغاثة أتاحت للناس البقاء في مناطقهم مكتفين غذائيا، مما دفعهم إلى الإنخراط في حرق الأشجار لصنع الفحم النباتي للحصول على النقود التي يحتاجونها لسد احتياجاتهم الأخرى، وقد أضر هذا كثيرا بالبيئة. ثانيا يوفر غذاء الإغاثة العلف للحيوانات مما يقلل معدلات موتها. ثالثا، وفرت هذه الإغاثة الفرص للبجه ليواصلوا حياتهم الاجتماعية بتوفير الموارد للزيجات والمناسبات الاجتماعية الأخرى.


    بدائل وكالات الإغاثة

    ترى وكالات الإغاثة أن حل مشكلة الرعاة والمزارعين التقليديين البجه يجب أن تتم داخل مناطقهم أي يجب أن توفر للناس فرص دخل بديلة مثل الصناعات اليدوية المحلية وتحسين الزراعة المحلية. وركزت وكالات أخرى على الأنشطة داخل القطاع الرعوي مثل صيانة الآبار والخدمات البيطرية وإعادة تكوين القطعان على أساس أن الرعي ظل هو المخرج الوحيد لبقاء الناس في هذه المناطق المهمشة. وشكلت المشروعات التنموية الآلية الرئيسية التي يمكن من خلالها التصدي لهذه المشكلات. والمشروعات المقترحة صغيرة وتقوم على المجتمع المحلي مع التركيز على المشاركة والتكنولوجيا الملائمة. ويجعل نظام ملكية الأرض لدى البجه وتعريف المجموعة الملائمة ونظم إدارة الموارد أو التنمية المحلية مهمة تنفيذ مشروعات التنمية المقترحة صعبة، لأنه يمكن بسهولة إنشاء مجموعات على الأرض لا تعمل وفق النظام التقليدي المفترض حمايته. وقد كشفت فترة العون الغذائي (1984 ــ 198 عن دلالات واضحة في مستوى استجابة الأهالي لنظام حاول أن يستخدم الهياكل المحلية لتنظيم توزيع غذائهم. وقد ظهر العديد من Xشيوخ الغذاءZ ناسبين الزعامة لأنفسهم. وبالمثل زاد عدد الخلاوي في سنكات وحدها من 50 في منتصف الثمانينات إلى حوالي 150 بحلول عام 1988م. وهناك قناعة بأن معظم هذا ارتبط مباشرة بالهياكل المحلية التي استغلها الأهالي أنفسهم ليحصلوا على الغذاء الذي اشتدت الحاجة له. ويمكن الاستفادة من تجارب بعض الدول التي استعانت بالإدارات الأهلية والزعامات الدينية في توصيل المعلومات والارشاد وتوزيع الأغذية لما يتمتعون به من مكانة تراكمت عبر سنوات طويلة وأن يتم ربط الغذاء بالتعليم الديني الذي يضاف إليه تعليم مدني.

    ويعتبر التركيز المحلي للتنمية مشكلة أخرى، إذ أن الرعاة البجه يعتمدون على المراعي البعيدة، ويتأثرون بالسياسات المتخذة في تلك الأماكن البعيدة لأسباب مختلفة ومتناقضة تماماً مع رفاه الرعاة البجه. ففي بلاد البجه تتزايد المشروعات التي لا تتصدى لقضايا تطوير البجه ولا تتضمن دعماً للخدمات المحلية التي تحسن قدرة البجه على العمل، بل تتجاهلهم وتدمر البيئة التي يحيون عليها وتستغل أرضهم.


    استغلال موارد البجه وتهميشهم

    تسيطر على مصادر العائدات الرئيسية مثل مشروع الرهد والقاش وتوكر والقضارف وحلفا الجديدة، مؤسسات حكومية تقع تحت السيطرة المباشرة للخرطوم. ويتدفق عائد هذه المشروعات إلى الوزارات المركزية في الخرطوم، ولا تستفيد بلاد البجه منها بل على العكس فهي تضر بالبيئة والسكان. والفائدة التي تزعم الخرطوم أنها تقدمها للبلاد هي مرتبات تذهب لكبار الموظفين من غير البجه الذين تم توظيفهم عن طريق المحسوبيه والفساد. وفي هذا الوضع يذهب نصيب الأسد من الميزانية إلى البقاء على موظفي الحكومة. والمشكلة الثانية هي عدم القدرة على التنسيق بين السلطات المحلية وسلطات المشروعات الزراعية التي في بلاد البجه. ونفس الوضع بالنسبة للعمال في ميناء بورتسودان التي تديرها الحكومة المركزية. والمسألة الأخيرة أن نظام الإدارة الحالي لا يمكن للناس الوصول إليه ولا يسمح لهم بالدفاع عن مصالحهم وقلّص مشاركتهم في الحكم المحلي بقوانين تكرس السلطة المركزية في الخرطوم التي تعين المسؤولين البجه في النظام فيدافعون عنها للاحتفاظ بمناصبهم، بدلاً عن الدفاع عن أهلهم الذين لولاهم لما وصلوا إلى هذه المناصب. وقد أثبتت تجارب المجاعات والجفاف أنه لا الحكومة المركزية ولا الحكومات الإقليمية تكترث لمشاكلهم.

    اللاجئون :

    وكأن المجاعة لم تكن وحدها تكفي فتدفقت أمواج اللآجئين من إريتريا بكثافة لا يتصورها العقل، حتى بلغ عددهم مليون ونصف المليون. وبالرغم من موارد البلاد الشحيحة فإنهم قوبلوا أحسن مقابلة واقتسم معهم السكان البجه لقمة العيش نسبة لروابط الدم والجوار مما أدى إلى ضغط هائل على مرافق الخدمات والمواد التموينية والمراعي والغابات إلخ.

    وبوصول اللآجئين إلى البلاد نشطت الهيئات الدولية والصليبية وقامت بارسال المعونات العاجلة وإقامة المعسكرات للآجئين. وانحصرت مساعداتها في اللآجئين ولم تتخطاهم للمتضررين من سكان البلاد إلا لأهداف تنصيرية فالبلد الذي لم يعرف أهله دينا غير الإسلام، قامت فيه نتيجة للمجاعة معسكرات ومراكز غوث تنصيرية وهذا هو الشيء الوحيد الذي كسبه البلد من نظام مايو المباد الذي جلب التنصير لبلاد البجه.

    أغلب اللآجئين في الولاية هم الأريتريون والأثيوبيون واستمر تدفقهم نتيجة للحروب ومشاكل الجفاف الحادة. ودخلت أكبر موجة من اللآجئين بين 1973 إلى 1979م. ووصلت موجة كبرى ثانية بين 1980 و1985م. ويستقر العديد منهم في مناطق مختارة في جنوب القضارف وقرب المشاريع الزراعية. كذلك استقرت مجموعة كبيرة منهم في كسلا والقضارف. ويوجد أيضاً عدد كبير منهم في مراكز الاستقبال والمعسكرات الحدودية.

    مسألة اللآجئين ليست موضوعاً اجتماعياً واقتصادياً ساخناً في البلاد ولكنها أيضاً موضوع هام يتعلق بالبيئة. وفي الوقت الراهن فإن 30% من السكان من اللآجئين. ويصل عدد اللآجئين إلى 50% من السكان المستقرين في المناطق الجنوبية والوسطى من ولايتي كسلا والقضارف.

    أدى توطين اللآجئين إلى خلق زيادة مفاجئة في احتياجات المصادر. وقد تمت إزالة مساحات كبيرة من الغابات لتشييد معسكرات توطين اللآجئين المؤقته. ونتج عن الحاجة إلى حطب الوقود والرعي الجائر من قبل قطعان المواشي القادمة مع اللآجئين، تدهور سريع في البيئة المباشرة للمعسكرات.

    إن استراتيجية إقامة معسكرات للآجئين في المناطق الهامشية بجوار المناطق التي تحتاج إلى عمالة كبيرة قد تجاوزت أسس المصادر إلى أقصى حد. وقد أدى التشييد غير المنظم لمعسكرات اللآجئين قرب المراكز الحضرية إلى تفاقم مشاكل صحة البيئة وزاد من الضغط على الخدمات في المدن.

    لا يزال معظم اللآجئين يعتمدون على برنامج المساعدات الغذائية، وفي المستقبل عندما تنقص هذه المساعدات، يتوجب على اللآجئين أن يشبعوا احتياجاتهم من أسس المصادر. وقد يكون لهذا السبب أثر سلبي أقوى على البيئة مما هو عليه الآن. وتسبب المساعدات التي تقدم بغرض الإكتفاء الذاتي شعوراً بالمرارة بين المواطنين الذين يغبطون المساعدة المكثفة ومستويات التسهيلات التي يتلقاها اللآجئون ويحرمون منها.

    ونتيجة لذلك، فإنه من ناحية بيئية ومن وجهة نظر اجتماعية اقتصادية، من المهم تجهيز معسكرات اللآجئين ببرامج لتطوير الريف تكون شاملة ومستدامة.

    تعمل السياسة الحكومية لوقف النزوح من إريتريا (اثيوبيا سابقاً)، وهي لن تتوقف إلى الولاية، طالما أن عدد من يطلق عليهم Xلاجئو البيئةZ المتزايد يأتي إلى الولاية من أجزاء أخرى من السودان، وتجذبهم إمكانات المصادر الطبيعية العالية نسبياً.


    اللآجئون في القضارف والإيدز

    يبلغ عدد اللآجئين في ولاية القضارف (ديسمبر 1999م) X12618Z يتوزعون على ثلاثة معسكرات داخل ولاية القضارف. فيوجد في معسكر أم قلجة يوجد 6118 لآجئاً، وفي معسكر الطنيدبة، وهو من معسكرات مشروع Xأبو رخمZ يوجد 1500 لآجئاً، وفي معسكر أم راكوبة يوجد 5000 لآجئاً. وفي معسكر أم قلجة يوجد 1759 من الأمهرة، و4074 من التقراي و285 إريتري. يمتهن 40% منهم الزراعة و46% عمال و9% رعاة و5% يقومون بأعمال أخرى. أشارت تقارير وزارة الصحة الولائية مؤخراً إلى وجود إصابات إيدز بأرقام مخيفة بهذا المعسكر.

    من حديث للسيد حامد شاش حاكم الإقليم الشرقي في صحيفة الأيام بتاريخ 23/3/1985م Xنحن قبل أن نجيء كحكومة إقليمية في عام 1981م وجدنا أن هناك معسكرات للآجئين وجهاز يتحمل المسؤولية مع المعتمدية .. ويمد خدماته لمناطق المعسكرات في الحدود، ولم يكن هناك اعتبار كبير للمدن الرئيسية الثلاث: كسلا والقضارف وبورتسودان. وفي عام 1981م شعرنا بوجوب التنسيق بيننا وبينهم لسبب أساسي واحد، هو أن اللآجئين الموجودين في المعسكرات لا يزيدون عن 15% من اللآجئين الموجودين في الإقليم . إذ أن 85% منهم موزعون على كسلا والقضارف وبورتسودان ومدن الإقليم المختلفة ... يشتغلون ويذهبون إلى المستشفيات ويدخلون المدارس ودخلوا معنا في حياتنا العادية وشاركونا العيش .. وحتى بالنسبة للمواد التموينية وغيرها.

    ومما زاد المشكلة تفاقماً على تفاقمها أن الإقليم نفسه تعرض للجفاف ... إننا نعتقد أن الأقاليم المجاورة لنا يمكن أن تساعدنا وبالذات الإقليم الأوسط والذي به أراضي شاسعة.

    نحن عندنا مشكلة جفاف وحسب إحصاء الأمم المتحدة هنالك 600 ألف مواطن تأثروا بالجفاف في مديرية البحر الأحمر منهم 200 ألف في عداد الحالات المستعجلة إذ تعرضوا للمجاعة واصيبوا بفقر الدم .. ولقد كانت نظرتنا الإقليمية في الظروف العادية هي أن نربط العون الغذائى بالعمل .. وتحفيز الناس للعمل في مشاريع إنتاجية تحسن ظروفهم المعيشية .. ولكننا مع هذا اللجوء الكبير وأثر الجفاف على الإنسان والمراعي والحيوان فنزح الناس من تهاميم وهيا ودورديب وغيرها من أماكنهم التقليدية.

    والإخوة السعوديون أمدونا بــ 75 ألف جوال ذرة .. ونتوقع من الهيئات الإقليمية والدولية مزيدا من الإعانات لتغطية فترة الجفاف التي قد تمتد لشهر نوفمبر القادم على الأقل.

    إن الواجب الانساني يملي على البجه تقديم كل المساعدات اللآزمة للإخوة الاريتريين اللآجئين هذا بغض النظر عن وشائج الرحم والجوار التي تجعلهم يعتمدون على بلاد البجه كعمق استراتيجي ينطلقون منه في نضالهم لتحقيق الحرية والاستقلالZ.

    أما في مجال المجاعة التي تجتاح البلاد فلا بد من تكثيف الجهود إقليميا ودوليا للسيطرة عليها ومكافحة آثارها والإشادة بالدور السعودي الإنساني الرائد حتى يكون قدوة للبلدان الإسلامية والعربية الأخرى لدرء شبح المجاعة وإيقاف البعثات التنصيرية التي وجدت في المجاعة منفذا تدخل منه إلى البلاد في محاولة لتحسين صور العالم المسيحي وتشويه صورة العالم الإسلامي.


    التهجير القسري

    إرتبط التهجير القسري في بلاد البجه بالتنمية التي لا تراعي مصلحة السكان الأصليين، وتعمل على تهجير الرعاة البجه من أراضي أجدادهم التي عاشوا فيها لآلاف السنين. وكل المشاريع التي أقيمت في بلاد البجه أدت إلى نزع أراضيهم وتشريدهم لمصلحة غيرهم. وتسبب هذا في تقليص المراعي وظهور المجاعات بشكل دوري. فقد بدأ الاستعمار البريطاني هذا النوع من التهجير في بلاد البجه في مشروع القاش. وقام بتهجير الرعاة البجه من أراضيهم ليقيم فيها مشروعاً لإنتاج القطن لتزويد مصانع النسيج في بريطانيا به. ونزعت الأراضي من البجه الرعاة ومنح بعضها لشماليين تم تهجيرهم لبلاد البجه. كذلك تم تهجير الرعاة البجه قسرياً من مراعيهم ومزارعهم في القضارف والرهد وتوكر ونهر أتبره، الذي قتله خزان خشم القربة. واستمرت حكومات الخرطوم في هذا المنحى، حتى جاء نظام الإنقاذ، الذي لم يوفر وسيلة لتشريد البجه. فعلى امتداد خط أنابيب البترول تم تشريد البجه بالإرهاب لأسباب أمنية، وكذلك في منطقة التنقيب عن الذهب التي استخدمت الحكومة في استخراجه مادة السينايد للقضاء على البجه وحيواناتهم. وعلى ساحل البحر الأحمر، فقد قامت حكومة الإنقاذ بتشريد البجه من مواطن أجدادهم لإقامة ميناء لتصدير البترول ومنطقة حرة، كذلك أعلن مدير الميناء في يونيو العام 2003م عن نيته لمصادرة الأراضي الواقعة بين بورتسودان وسواكن. أما الطرق البرية السريعة، فبالإضافة إلى طرد البجه من أراضيهم، فقد ساهمت كثيراً في تدمير البيئة وقتل القرى والمدن الصغيرة التي كانت نقاطاً هامة في الطرق القديمة والآن لا تمر بها هذه الطرق السريعة. لم يستفد البجه من كل هذه المشاريع التي تسمى تنموية غير التشريد وتدمير البيئة. وعلى امتداد الحدود مع إريتريا استغلت حكومة الإنقاذ قتالها مع المعارضة ذريعة لتهجير البجه من قراهم بزعم أن هذه المناطق مناطق عمليات عسكرية، ولكن السبب الحقيقي وراء ذلك هو أن الحكومة تهدف لإفناء البجه حتى يحل محلهم أهل الشمال، لذا تريد التخلص منهم بسياسة الأرض المحروقة حيث زرعت الألغام في كل المناطق التي تم تهجيرهم منها. ففي ولاية كسلا وحدها تم تهجير السكان من أربعين قرية أما في ولاية البحر الأحمر فقد تم تهجير السكان من عشرين قرية. ويأتي هذا ضمن سياسة حكومة الإنقاذ الشمالية للتوسع في بلاد البجه لصالح الشمالية، حيث أن الشمالية منطقة طاردة كما هو معروف، تسعى الحكومة لإبادة البجه بالحروب والأمراض وغيرها حتى تخلو لها أراضيهم. كذلك تهدف الحكومة لتغيير التركيبة السكانية في بلاد البجه بنزع أراضي البجه ومنحها للشماليين وغيرهم، كخط دفاع متقدم ضد محاولات البجه للمطالبة بوطن قومي.

    حسب بيان المفوضية السامية، فإنه من المفترض تحديد نهاية مايو 1998 كتاريخ نهائي للعودة الطوعية للآجئين الاثيوبيين لبلادهم لزوال أسباب اللجوء. وصدر مؤخراً من المفوضية قرار في جنيف يحدد الأول من مارس العام ألفين لـ Xبنود الإنقطاعZ أي إيقاف خدمات اللآجئين، وهذا يشمل جميع اللآجئين الاثيوبيين في العالم كله.

    النازحون في كسلا والقضارف

    المشكلة العامة التي يواجهها كل النازحين هي أنهم يصبحون يدفعون قيمة خدمات ومواد كانوا يحصلون عليها مجاناً، مثل السكن والماء والوقود والألبان من الأشياء التي كانت تتوفر لهم مجاناً في مواطنهم الأصلية، وهذا يشكل بالطبع عبئاً اقتصادياً.

    جاء في تقرير لوالي كسلا عام 1999، عن النازحين في ولاية كسلا ما يلي: (تأثرت مناطق شاسعة من حدود الولاية المتاخمة لإريتريا بالحرب الدائرة في الجبهة الشرقية مما أدى إلى نزوح المواطنين من قراهم مخلفين وراءهم منازلهم وممتلكاتهم، ووحداتهم الخدمية. وبلغ عددهم في سبعة معسكرات جديدة حوالى ستين ألفاً، ومن المعسكرات قدماييت وأدارمان وفاتو والشقراب ودبلاويت، ولم تصل الجهات المعنية بهم إلى بعض مناطق النازحين لحصرهم وتقديم الخدمات اللآزمة لهم بسبب الظروف الأمنية، ونزح بعضهم إلى منطقة القاش وسط ذويهم وأقربائهم.

    نزح المواطنون من قراهم التي كانوا يتمتعون فيها بمنشآت خدمات محدودة في التعليم والصحة إلى مواقع جديدة لا تتوفر فيها أسباب الحياة فقط بسبب وجود الأمان فيها. وكان أكبر الأثر على التعليم حيث هجر النازحون (36) مدرسة مشيدة، بها (169) فصلاً و(6007) تلميذاً وتلميذة، منهم (4872) تلميذاً و(1135) تلميذة. وحرم النازحون من نشاطاتهم الاقتصادية التقليدية وبالتالي من الدخول وأصبحوا فقراء ومحتاجين. ومن جانب الحكومة فإنها لا تقدم لهم أي مساعدات، بل تستغلهم وتطلب مساعدات باسمهم من المنظمات الإسلامية وغيرها وعندما تصل هذه المساعدات المخصصة للولايات الشرقية، تحولها الحكومة إلى الولاية الشمالية أو للمجندين لإبادة الأقليات العرقية، أو يبيعها تجار الجبهة في السوق السوداء. وقد سبق وأن أرسلت إغاثة خصيصاً لولاية كسلا وحولتها الحكومة للولاية الشمالية مما أغضب سفارة تلك الدولة العربية. وفي مايو العام 2000م، أفرزت الحرب الإثيوبية الإريترية نزوح مئات الآلاف من الإريتريين لولاية كسلا.

    النازحون في البحر الأحمر

    اشتعلت الحرب في جنوب توكر في مارس عام 1997م. ونتج عن هذا تعرض عشرين قرية للحرب تمتد من قرورة إلى مرافيت. ونزح سكان هذه المنطقة البالغ عددهم حوالى مائة ألف نسمة إلى توكر وبورتسودان. وأقام النازحون على أطراف المدينتين في أعشاش وأكواخ مزرية ومكتظة، ليس فيها مرافق صحية ولا خدمات صحية ولا مدارس حيث تم هجر (17) مدرسة. ولم تقدم الدولة أي مساعدات لهم بالرغم من أنها كانت تحرضهم للدفاع عنها. وقضى منهم المئات نتيجة لاصابات الكوليرا والملاريا والحميات الأخرى.



    النازحون من الجنوب والغرب

    وإضافة لنازحي الحرب من جنوب توكر وحول كسلا، جاء نازحو الحروب في الجنوب وجبال النوبة والغرب إلى مدن كسلا والقضارف وبورتسودان، هرباً من الحرب وبحثاً عن كسب الرزق. وجلبوا معهم ممارساتهم وعاداتهم وطرقهم في كسب الرزق ومنها صناعة الخمور المحلية وغيرها، مما أفرز مشاكل أمنية وأخلاقية. وتضاعف عدد السكان في هذه المدن، حيث وصل عددهم في بورتسودان فقط نصف مليون شخص تقريباً، وتدنت الخدمات الصحية واكتظت المدارس والتي كانت فقيرة أصلاً. كذلك ارتفعت أسعار المساكن ومياه الشرب والسلع الاستهلاكية والمواد الغذائية وضايق النازحون السكان الأصليين في سوق العمل والمواد التموينية الشحيحة. ووصلت احتياجات المعيشة، في بورتسودان في مناطق النازحين مثل الإنقاذ ألف وباء ودال وغيرها، لكل أسرة حوالى 10 آلاف جنيه لمياه الشرب فقط، و15 ألف جنيه لأكياس الخيش، و12 ألف جنيه للذرة. واستقطبت المجموعات النازحة منظمات طوعية أجنبية فقدمت لهم مساعدات دون البجه. وكونت لهم هذه المنظمات صناديقاً لتمويل أعمال اقتصادية صغيرة وفتحت لهم فصولاً تعليمية وتدريبية ومؤسسات اجتماعية حتى صارت أحوالهم أحسن من أحوال مضيفيهم.


    سكان المناطق المحررة

    يبلغ عدد سكان المناطق المحررة الخاضعة لسيطرة مؤتمر البجه في ولايتي كسلا والبحر الأحمر حوالى ربع مليون نسمة. ويبلغ عدد القرى التي يسكنون فيها أكثر من ستين قرية صغيرة وكبيرة منها في ولاية كسلا همشكوريب وربسم وأقماييت وقدماييب وكوتنيب وراساي وهشنيب ومامان وتوقان وشقلوبا وتلكوك وتندراي وانقواتيت وتهداي وتكروف وأدرديب وقرقر وكرباويب وقمبلياييب وفِلّك وكدبوت. وفي جنوب ولاية البحر الأحمر يسكن البجه في قرية النازحين بقرورة وعريرب وعيترا وسرع وحتاترا وفلحيت ودمبوبيت.




    التـعـليم

    عرف البجه التعليم مع إنتشار الإسلام في بلادهم، ولم تكن لهم قبل ذلك طريقة خاصة لكتابة لغتهم بالرغم من ثرائها بالتراث والأدب . . وأول من كتب لغة البجه هو ملكهم خاراشين الذي سجل انتصاراته الحربية بحروف اغريقية.

    ومع دخول الإسلام في بلاد البجه ظهرت المساجد التي كان يدرس فيها القرآن الكريم. وأول مسجد من هذا النوع شهدته البلاد هو جامع جزيرة عيري الذي تم تدميره مضمن الجزيرة حوالى العام 1115م (رواية الميجر هيربرت)، كما شهدت البلاد أيضاً المسجد الكبير الذي يعرفه البجه بإسم (أمسجد إبرِّي)، ومعناها المسجد الواسع، الذي أسسه قبل قرون الشيخ حامد الملهيتكنابي في خور بركة ثم انتقل إلى المنطقة الوسطى في القاش بين دقين وتندلاي وأخيرا منطقة جمام شمال كسلا.

    التعليم السلفي

    ولقد أدى دخول الطرق الصوفية إلى البلاد وخاصة سواكن إلى إنتشار المساجد المذهبية في سواكن وكسلا وسنكات وتوكر وبعض القرى الكبيرة، ودأب كل مسجد إلى تدريس مذهب ديني معين. واستفاد البجه إلى حد ما من هذا التعليم السلفي الذي حاربه الاستعمار البريطاني بعد استيلائه على البلاد عام 1898م. وبالرغم من محاربة الاستعمار لهذا النوع من التعليم وعدم اعتراف الحكومات به، إلا أن بعض شيوخ البجه الدينيين استطاعوا حمل رآيته وأولهم الشيخ عثمان بليه الذي نشر عدداً كبيراً من خلاوى القرآن، وأنشأ الشيخ علي بيتاي، قرىً تعج بحفظة القرآن من كل أنحاء (السودان) وأفريقيا. وساهم في نشر الخلاوى أيضاً كل من الشيخ سليمان علي كرار والشيخ بشير يعقوب في عقيتاي، والشيخ يعقوب في قرورة، وشريف تمالا وغيرهم. على أن أكثر من نذر حياته (أمد الله عمره) لخدمة التعليم وقضايا التنمية وتطوير المرأة وتوظيف الرجال والنساء، فهو الدكتور محمد بدري أبو هدية. فقد سخّر هذا الإنسان الشهم كل حياته لرفعة البجه والاهتمام بكل قضاياهم، فليس هناك عمل تعليمي أو إجتماعي يتم في البلاد إلا كانت له يد فيه. وقام قبله الأستاذ القاسم صالح ضرار بتوظيف العديد من أبناء البجه، وكذا السيد محمد مختار أول مدير بجاوي للموانيء حيث وظف العديد من البجه.

    وعلي أيام الاستعمار البريطاني كان عدد المدارس محدوداً للغاية، ومتركزا في المدن، حيث يتواجد موظفو السلك الاستعماري. ولم يكن للبجه أي وجود في هذه المدارس، كما أنه لم يكن هناك أي وجود للمدارس في ريف البجه الخاضع لقانون المناطق المقفولة.

    ولقد كانت المدرسة المتوسطة الوحيدة في البلاد بمدينة سواكن (انشئت 1895م)، ثم انتقلت إلى مدينة بورتسودان وكان معظم الطلاب فيها من أبناء الوافدين الذين جاؤوا مع الاستعمار. وساهم في نشر التعليم الحكومي كل من الشيخ عبد القادر أوكير ــ استبعد من منصب وكيل الوزارة في السودنة لصالح شخص شمالي ــ والشيخ القدال سعيد القدال. وقام المرحوم محمد السيد البربري بإنشاء أول مدرسة وطنية في بورتسودان، وكان ناظرها الأستاذ محمد أحمد سليمان (والد بدر الدين وغازي سليمان) وأمين لجنتها المؤرخ الأكبر محمد صالح ضرار. وبعد رحيل الإنجليز قام عدد من الخيرين ببناء مدارس منها الخاصة ومنها المعانة. على أن الأستاذ محمد دين أحمد اسماعيل XالبجاويZ يعد رائد التعليم الشعبي. فقد أسس مدارس التنوير المسائية الشعبية للطبقة العاملة، وقد صادرها نظام مايو المباد. أما الأستاذ رفعت صالح ضرار وحرمه السيدة كلثوم عمر موسى الأمير يعقوب، فقد افتتحا أول مدرسة متوسطة لتعليم البنات في بورتسودان عدا كمبوني والمصرية والقبطية، حيث لم تكن هناك لا مدرسة حكومية ولا خاصة للبنات في بورتسودان، مما كان يتطلب من تلميذات بورتسودات الصغيرات تجشم مصاعب السفر بالقطار إلى كسلا حيث توجد المدرسة المتوسطة للبنات في كل المديرية التي تتبع لها بورتسودان. ومن المتعلمين البجه الذين رفعوا اسم قومية البجه عاليا بما قدموا من تراث إنساني محلي ووطني وعربي وعالمي، المؤرخ الأستاذ ضرار صالح ضرار، الذي ألف الكثير من الكتب التاريخية والأدبية، كما قام بمراجعة ونشر مؤلفات والده التي بعثت تاريخ البجه. كذلك أستاذ الرياضيات ومعرب كتاب Xحرب النهرZ لونستون تشيرشل، الأستاذ عبد الله محمد سليمان الأنصاري، وهو أول من عزف آلة الكمان بالنوتة الموسيقية في السودان، حيث تعلمها من أستاذه البريطاني في كلية غردون، وهو السوداني الوحيد الذي تحدى صلف مدير كلية غردون البريطاني ورفض الإعتذار له مما كلفه الكثير.

    وبعد خروج الاستعمار البريطاني ازداد عدد المدارس نسبيا في البلاد. ونسبة للاستمرار في نفس السياسة التعليمية السابقة، فإن البجه لم يستفيدوا من ازدياد عدد المدارس المحدود. إذ يتم فتح المدارس في المدن الكبيرة حيث البجه أقلية بالإضافة إلى العوامل الأخرى، مثل مشاركة بقية أقاليم (السودان) الأخرى لهم في المدارس والمعاهد التي تسمى قومية بينما كانت قبل عام 1938 توجد مدارس خاصة لأبناء البجه. كذلك كانت لهم حصة معينة في القبول في المدارس المتوسطة وانتهت بخروج الإنجليز Xالمدرسة الثانوية الوحيدة في البلاد تم فتحها عام 1956م (1974)Z. وقد قام الأستاذ الخضر محمد عبد الله بجهود كبيرة لنشر التعليم النظامي في الريف ولكنه جابه مشاكل عديدة لم تثنِ عزمه. (راجع الدراسة التي قدمها في مؤتمر أركويت عام 1975). ومن ضمن ما جاء في الورقة التي قدمها ما يلي Xذهبت مرة في عام 1965م إلى منطقة شمال هيا، بعد أن علمت أن بها عدد غير قليل من المواطنين، لكي أتفق معهم على فتح مدرسة ابتدائية لهم. فوجدت نحو 50 رجلاً تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاماً حول بئر، وعندما تحدثت معهم في مختلف أوضاع حياتهم، اكتشفت أنه لا يوجد لدى هذه المجموعة أي أطفال غير طفل واحد لا يتجاوز الرابعة. (يموت الأطفال قبل سن الخامسة هذا إذا لم يدركهم الموت مع أمهاتهم في الولادة من سوء التغذية وعدم وجود الرعاية الصحية). زرت مرة أخرى منطقة غرب دورديب، تقع بينها ونهر أتبره، تسمى كوديت، ولكن كانت الزعامات الدينية المحلية تعترض فتح مدرسة لهم. غير أني علمت أيضاً بظاهرة ندرة الأطفال لموتهم مع أمهاتهم معاً وأحصوا لي حالات عديدة للوفاة، كانت تملأ القلب أسى وحسرة ويندر أن تنجو إمرأة واحدة من الموت أثناء الوضوع ... لما كانت قرى المساجد لم تختر مواقعها على أسس علمية أو بسبب علاقات إجتماعية، سوى إقرار المساجد في المكان بأمر ديني، حصلت مجاعات كاسحة في كثير من قرى المساجد في السنوات الأولى. وقد شاهدت في سنة 1965م، بقرية همشكوريب وفيات كان معدلها 7 في اليوم الواحد، ووجدت مرضى كثيرين في حالات حرجة بسبب سوء التغذية، وشاهدت أطفالاً أحياء، ولكن لا تغمض عيونهم ... ولا تنسد أفواههم بسبب الهزال والجوع، وهم هياكل من العظام بغطاء رقيق من الجلد، ولاحظت أن مواقد النيران للأسر الفقيرة مضى عليها وقت طويل دون أن تشعل فيها أي نار، وبالقرب من كل أسرة عدد من حب الدوم بعضها عليها آثار الأكل على بعض أجزائهZ.

    التفرقة بالإحصائيات

    إن إهمال التعليم بالنسبة للبجه والتفرقة في المعاملة بينهم وبين الشماليين تظهر جلياً في إحصائيات وزارة التربية (العام الدراسي 95/1996م). وقبل هذا يجب أن نعرف أن نسبة الطلاب البجه من جملة الطلاب في المدارس التي في بلادهم هي 5% فقط. وإذا قارنا نسبة المدارس واستيعاب التلاميذ والتلميذات في المدارس، فنجد أن المستوعبين في الصف الأول من مرحلة الأساس ممن هم في سن 6 سنوات من البنين في الولاية الشمالية (690، من (206،6) بنسبة (03،140%)، وفي نهر النيل (351،11) من (657،11) بنسبة (37،97%)، وفي البحر الأحمر (725،6) من (798،9) بنسبة (64،68%)، وفي كسلا (308،10) من (981،21) بنسبة (90،46%)، وفي القضارف (790،15) من (907،20) بنسبة (52،75%). وبالنسبة للبنات في الولاية الشمالية (232، من (032،6) بنسبة (80،135%) وبالنسبة للجنسين (94،137%)، وفي نهر النيل (677،9) من (726،10) بنسبة (22،90%) وبالنسبة للجنسين (95،93%)، وفي البحر الأحمر (962،5) من (534،12) بنسبة (57،47%) وبالنسبة للجنسين (81،56%)، وفي كسلا (968،7) من (841،23) بنسبة (42،33%) وبالنسبة للجنسين (89،39%)، وفي القضارف (994،12) من (882،20) بنسبة (22،62%) وبالنسبة للجنسين (88،68%).

    ونجد أن المستوعبين في مرحلة الأساس ممن هم في سن 6 إلى 14 عاماً من البنين في الولاية الشمالية (509،57) من (873، 55) بنسبة (93،102%)، وفي نهر النيل (384،75) من (021،90) بنسبة (74،83%)، وفي البحر الأحمر (578،36) من (007،76) بنسبة (12،48%)، وفي كسلا (506،55) من (754،167) بنسبة (09،33%)، وفي القضارف (774،79) من (387،155) بنسبة (34،51%). وبالنسبة للبنات في الولاية الشمالية (350،52) من (212،53) بنسبة (38،98%) وبالنسبة للجنسين (66،100%)، وفي نهر النيل (597،70) من (383،87) بنسبة (79،80%) وبالنسبة للجنسين (27،82%)، وفي البحر الأحمر (038،30) من (141،79) بنسبة (96،37%) وبالنسبة للجنسين (04.43%)، وفي كسلا (980،46) من (477،156) بنسبة (02،30%) وبالنسبة للجنسين (61،31%)، وفي القضارف (592،63) من (088،149) بنسبة (72،42%) وبالنسبة للجنسين (03،47%).

    ونجد أن المستوعبين في المرحلة الثانوية من البنين في الولاية الشمالية (330،11) من (031،19) بنسبة (61%)، وفي نهر النيل (309،17) من (425،30) بنسبة (57%)، وفي البحر الأحمر (101،7) من (683،27) بنسبة (7،25%)، وفي كسلا (701،6) من (570،55) بنسبة (6،11%)، وفي القضارف بنسبة (30،14%) للجنسين. وبالنسبة للبنات في الولاية الشمالية (849،12) من (540،17) بنسبة (25،73%) وبالنسبة للجنسين (94،66%)، وفي نهر النيل (292،20) من (150،30) بنسبة (29،67%) وبالنسبة للجنسين (54،62%)، وفي البحر الأحمر (058،5) من (846،21) بنسبة (15،23%) وبالنسبة للجنسين (58،24%)، وفي كسلا (171،6) من (541،50) بنسبة (21،12%) وبالنسبة للجنسين (91،11%). من هذا يتضح أن وجود كل المسؤولين في الدولة من الولاية الشمالية أدى لتركيز السلطة في أيديهم ومن ثم استئثارهم بالتعليم ضمن ما اختصوا به إقليمهم من مكاسب غير شرعية أخرى على حساب ذهب البجه ومواردهم الأخرى.

    المدارس في ولاية القضارف

    التعليم قبل الأساسي

    يبلغ عدد رياض الأطفال حسب إحصائية 98/99، (120)، منها (5) خاصة. عدد التلاميذ والتلميذات بها (6664)، منهم (3903) ذكور، و(2761) إناث. عدد المرشدات بها (217).

    مدارس الأساس والثانوي

    يبلغ العدد الكلي لمدارس مرحلة الأساس في ولاية القضارف حسب إحصائية 98/99، (513) مدرسة. ويبلغ عدد التلاميذ الكلي في المدارس الحكومية في مرحلة الأساس من الجنسين (142885) وكان عددهم قبل عام (129820)، منهم (75042) تلميذاً، و(5478 تلميذة. وعدد المعلمين والمعلمات بها (4492). عدد المعلمين والمعلمات (4492). ويبلغ عدد المدارس الثانوية الحكومية الأكاديمية (67) والفنية (11) مدرسة، منها خمس مدارس فنية، منها صناعيتان وواحدة تجارية وواحدة فنية ومعهد ديني وتجاريتان إنشائيتان. ويبلغ عدد طلاب وطالبات المدارس الثانوية الأكاديمية (12563)، والفنية (2276)، منهم (1446) طالباً و(830) طالبة. عدد المعلمين والمعلمات بها (561). توجد (6) مدارس ثانوية خاصة. عدد تلاميذها (426)، وتلميذاتها (280). والمعلمين (54)، والمعلمات (16).

    تعليم الكبار

    تتبع ولاية القضارف منهجية جديدة في مجال محو الأمية (للعالم البرازيلي بالو قريري) تعمل على ربط برامج محو الأمية ببرامج التنمية المحلية، تطبق لأول مرة باللغة العربية في العالم. حسب تقرير الولاية فقد تم محو أمية (176479) شخص من مجموع (531663) شخص في الفترة من 91 إلى مايو 99. المتبقي من الأميين (337821) شخص. عدد المعلمين (6، والمعلمات (136)، والمتطوعين (1329). يوجد (15) مركزاً للثقافة الغذائية. تعمل بها (26) مرشدة.

    المساجد والخلاوي والكنائس في القضارف

    يوجد في ولاية القضارف (51 مسجد، و(1019) خلوة، و(960) زاوية، و(22) كنيسة.

    مدارس اللآجئين والجاليات

    عدد مدارس اللآجئين والجاليات (23)، والتلميذ (3491)، والتلميذات (3105)، والمعلمين (15.


    المدارس في ولاية كسلا

    يبلغ العدد الكلي للمدارس لمرحلة الأساس في ولاية كسلا(1999م)، (351) مدرسة، عدد المعلمين والمعلمات بها (3914). منها 132 مدرسة للبنين، و(111) مدرسة للبنات، و(10 مدرسة مختلطة. أقفلت منها 36 مدرسة جراء الحرب الأهلية الدائرة في حدود الولاية Xالأستاذ أحمد ترك وزير التعليم أكتوبر 1999مZ. ويبلغ عدد المدارس الخاصة والشعبية (41) مدرسة، والتلاميذ والتلميذات في هذه المدارس من أبناء وبنات الإخوة الإريتريين، وتتلقى هذه المدارس الدعم من المنظمات الدولية والأجنبية والإسلامية واشتراكات مجالس الآباء. ويبلغ عدد التلاميذ الكلي في المدارس الحكومية في مرحلة الأساس من الجنسين (98049)، منهم (5543 تلميذاً، و(42611) تلميذة. ويبلغ عدد المدارس الثانوية الحكومية الأكاديمية والفنية (44) مدرسة، منها (32) للتعليم الأكاديمي، و(12) الفني، أما الخاصة فعددها (10) مدارس ثانوية بالإضافة إلى (4) معاهد دينية. ويبلغ عدد طلاب وطالبات المدارس الثانوية الأكاديمية (946، منهم (454 طالباً و(4920) طالبة، وعدد المعلمين والمعلمات (636). أما المدارس الفنية فعدد طلابها من الجنسين (2313)، منهم (1065) طالباً، و(124 طالبة، وعدد المعلمين والمعلمات (81).


    المدارس في ولاية البحر الأحمر

    التعليم قبل المدرسي

    مؤسسات التعليم قبل المدرسي تشمل الخلاوي ورياض الأطفال. يلاحظ في توزيع هذه المؤسسات، إنتشار الخلاوي في كل محافظات الولاية، بينما يقتصر وجود رياض الأطفال على محافظتي البحر الأحمر (3،79%) وسنكات (7،20%). يتضح من العرض أن رياض الأطفال بالولاية ما زالت مؤسسات حضرية توجد بالمدن خاصة بورتسودان إضافة إلى سنكات وهيا وجبيت ودورديب. وهي أحد مجالات الاستثمار لرأس المال الخاص بمدينة بورتسودان. من مجموع رياض الأطفال ببورتسودان (9 نجد أن (1،53%) تابعة للقطاع الخاص بنسبة استيعاب تمثل (8،46%) وبها (2447) دارساً من الجنسين، والرياض الحكومية ببورتسودان (46)، بها (2781) دارساً من الجنسين. اجمالي عدد رياض الأطفال في الولاية (110) والدارسين فيها (6025) من الجنسين، منهم في الخاصة (2447)، وفي الحكومية (357. ويبلغ عدد الخلاوي في الولاية (344) ولا يعرف عدد الدارسين فيها.


    تعليم الأساس

    مجموع مدارس الأساس في الولاية (295 احصائية 98/99) مدرسة، بمتوسط مدرسة لكل (246 شخص (لا توجد مقارنة مع النسبة الموجودة في ولايتي النيل والشمالية يرجى مراجعة احصائيات وزارة التربية). توزيع هذه المدارس يشير إلى أن (7،39%) هي مدارس بنين و(3،28%) مدارس بنات، بينما تشكل المدارس المختلطة (32%). نصف مدارس الولاية ببورتسودان، بمعنى آخر لا يستفيد منها البجه شيء، لأنهم في الريف. تشير النسبة المقارنة، بين عدد السكان والمدارس، إلى أن محافظة حلايب هي أكثر المحافظات فقراً من حيث توفر خدمات تعليم الأساس، حيث توجد مدرسة واحدة لكل (6219) شخصاً في المتوسط، مقارنة بـ (2575) شخصاً في محافظة البحر الأحمر، و(2409) شخصاً في كل من محافظتي سنكات وتوكر على التوالي. مجموع مدارس الأساس في الولاية (295)، منها (130) بنين، و(84) بنات، و(81) مختلطة. مجموع التلاميذ الملتحقين بمرحلة الأساس، بالمدارس الحكومية بالولاية (436،66) تلميذاً وتلميذة، منهم (37903) (3،55%) ذكور، و(28533) (6،44%) إناث. تتفاوت نسب التوزيع النوعي هذه بين المحافظات، حيث تصل إلى (70%) للذكور في محافظة حلايب، و(3،63%) و(2،61%) في كل من محافظتي توكر وسنكات على التوالي.

    في محافظة البحر الأحمر تمثل نسبة الذكور (2،53%) بزيادة ضئيلة نسبياً على عدد الإناث. وفي الريف تقل نسبة الإناث في المدارس لأسباب اجتماعية واقتصادية وعدم وجود مدارس كافية وبعدها وسوء توزيعها وغيرها مما يفسر ارتفاع نسبة الأمية بين الإناث فيها. يشكل الأطفال في سن تعليم الأساس (6ــ14 عاماً) حوالى (20%) من مجموع السكان بالولاية، نجد أن غالبية الأطفال (4،52%) في ريفي الولاية، هم خارج نطاق التعليم الرسمي. تصل نسبة هؤلاء حوالى (94%)بمحافظة حلايب، و(75%) في محافظة توكر.

    يضاف إلى أعداد الأطفال الملتحقين أعلاه، أعداد التلاميذ بمدارس المجموعات الخاصة، وهي، تحديداً مدارس الرحل ومدارس النازحين. توجد مدارس الرحل في ريف الولاية، وعددها 10 مدارس، منها 3 للبنين والبقية مختلطة، ومجموع تلاميذها (577)، بمتوسط (5 تلميذاً للمدرسة، مما يوضح ضعف الإقبال عليها نتيجة لأسباب بها أو مرتبطة حولها. تتركز مدارس النازحين في محليات مدينة بورتسودان، (31) مدرسة، و(5) مدارس في سواكن. مجموع تلاميذ هذه المدارس (2612)، أي بمتوسط (57) تلميذاً للمدرسة، ويعزى هذا إلى أنها جميعاً حديثة الإنشاء، ولم تتعد الصف الثالث أو الرابع.

    في شهر يونيو العام 2003م جاء في صحيفة الرأي العام Xشرعت ولاية البحر الأحمر في إعداد مشروع متكامل لإعادة الداخليات بمدارس الولاية كافة حسب توجيه رئيس الجمهورية بعد أن ثبت أن إغلاق الداخليات أسهم بصورة مباشرة في زيادة الفاقد التربوي بالولاية.

    وقال الأستاذ عثمان إبراهيم شوف وزير التربية والتعليم بالولاية إن الولاية نفذت تجربة ناجحة بإنشاء X12Z داخلية بمدارس الريف في السنتين الأخيرتين أبرزا تحسناً كبيراً بتلك المدارس مقارنة بالمدارس الأخرى مشيراً إلى أن عدد الجالسين لإمتحان الأساس X8Z آلاف طالب وطالبة حققوا نجاحاً بنسبة X69%Z مع تحصيل جيد. وكشف وزير التربية عن خطة متكاملة لتأهيل المعلمين واستيعاب X450Z معلماً جديداً لسد النقص. وذكر بأن الولاية رصدت مبلغ X05،1Z مليون دينار للمعلمين ليتم استثمارها في مشروعات التعليم نفسها.


    المعلمون

    يبلغ مجموع معلمي مرحلة الأساس بالولاية (2928ــ 98/99م) من الجنسين، الذكور (1085)، والإناث (1810)، منهم (4،66%) في محافظة البحر الأحمر، و(1،20%) في محافظة سنكات، و(6،10%) في محافظة توكر، و(9،2%) في محافظة حلايب. متوسط عدد التلاميذ مقابل المعلم الواحد (27) تلميذاً، غير أن هذا الرقم يتأرجح بين (27) تلميذاً في محافظة البحر الأحمر و(11) تلميذاً في محافظة حلايب. هذه النسبة ناتجة عن نقص التلاميذ عن المعدل العادي في المدارس ولا يعني أن عدد المعلمين كبيراً أو كافياً، فهناك العديد من المدارس التي يقل فيها عدد المعلمين عن القوة المحددة مما ينتج عنه تأخر الدراسة لشهور طويلة. وبالرغم من قلة عدد طلاب الصف مقابل المعلم إلا أن نتائج المدارس ضعيفة جداً. وفي النهاية فهناك هدر في الكفاية الداخلية بسبب قلة عدد التلاميذ في المدارس، وغالبية الأطفال الذين يفترض أن يكونوا في المدارس هم خارجها. يشير التركيب النوعي للمعلمين إلى ارتفاع نسبة الإناث (5،62%) مقارنة بالذكور (5،37%). وعموماً يتناسب عدد الإناث طردياً مع درجة التحضر، حيث تصل نسبة الإناث إلى (1،72%) في ولاية البحر الأحمر، و(3،31%) في محافظة حلايب. نسبة المعلمين المدربين في المتوسط للولاية هي (56%)، مما يجعل أمر تدريب المعلمين والمعلمات إحدى الأسبقيات الهامة في حقل التعليم في بلاد البجه.

    التعليم الثانوي الأكاديمي الحكومي

    يبلغ مجموع مؤسسات التعليم الثانوي الأكاديمي الحكومي بالولاية، 31 مؤسسة، تتوزع بالتساوي تقريباً بين البنين (16) والبنات (15). متوسط عدد السكان، مقابل المدرسة الواحدة، للولاية هو (21656) شخصاً. وبالرغم من قلة المدارس إلا أن محافظة توكر هي الأفقر. مجموع الملتحقين بهذه المدارس (8667) تلميذاً وتلميذة، منهم (51%) ذكور و(49%) إناث. غير أن هذا التوزيع يتباين جغرافياً حسب المحافظة، حيث تنخفض نسبة الإناث إلى (5%) في محافظة حلايب. توزيع الطلاب حسب الداخليات، يوضح أن كل طلاب الداخليات بمحافظة حلايب هم من الذكور مما يشير إلى عدم وجود داخلية للبنات مما يقلل من فرص تشجيع سكان الريف على الوصول ببناتهم إلى مستوى التعليم الثانوي (هذا ينطبق على كل ريف البجه). يشير توزيع المعلمين إلى أن (8،88%) من مجموع المعلمين هم في محافظة البحر الأحمر (مدينة بورتسودان) ويعكس هذا التفاوت الشاذ في رتب المراكز الحضرية بالولاية (بورتسودان تعادل 22 ضعف المدينة الثانية بالولاية، سنكات/ توكر). يشير التوزيع النوعي للمعلمين إلى أن الأغلبية (3،54%) من الإناث، وتصل هذه النسبة إلى (5،75%) في محافظة البحر الأحمر. يبلغ عدد معلمي التعليم الثانوي الأكاديمي الحكومي (402) من الجنسين، منهم (167) ذكور (7،45%)، و(235) إناث (3،54%). عدد الطلاب بالنسبة للمعلم في الولاية (22). توجد بالولاية (5) مدارس فنية مجموع طلابها (934) منهم (8،41%) إناث. أصبح حقل التعليم الثانوي الأكاديمي أحد ميادين الاستثمار الخاص، وهذا واضح في مدينة بورتسودان. عدد المدارس الثانوية الخاصة بالمدينة يشكل (50%) من مجموع المدارس الحكومية، بينما يشكل طلابها (31%) من مجموع طلاب هذه المرحلة. يتركز التعليم المهني ومعاهد تعليم الكمبيوتر في مدينة بورتسودان. عدد مركز التدريب المهني (1) والدارسين به (136) دارساً. وعدد مركز الكمبيوتر (4) بها (132) ذكور، و(166) إناث.


    تمويل التعليم

    تعليم الأساس

    أسند قانون الحكم الفيدرالي إلي المحليات مسؤولية تعليم الأساس. بالنظر إلى تفاصيل الصرف على هذا القطاع يتضح جلياً أن هذا الصرف يقتصر على الفصلين الأول والثاني فقط (يوجد 44 ضابط إداري بالولاية، جيش! وكان يدير الولاية كلها في الماضي معتمد بالدرجة دي إس). هذا يشير إلى عجز كل المحليات بالولاية عن تمويل الفصل الثالث (التنمية)، والذي هدفه تجويد وتركيز العملية التربوية وتهيئة البيئة المدرسية الصالحة من خلال تدريب المعلمين، توفير الكتب، والوسائل التعليمية، التربية العملية وتكثيف النشاط الطلابي ... إلخ. كل هذا جعل مشروعات التنمية في مجال التعليم متخلفة وتعتمد على الدعم الإتحادي التي يأتي بمزاج النخبة الشمالية الحاكمة. تراوحت نسبة الصرف على قطاع التعليم من جملة الدعم التنموي العام 94/95 (10%). يشير جدول الإنفاق الولائي إلى: ارتفاع نسبة الصرف على الفصل الأول والذي يشكل حوالى (5،82%) من جملة الصرف العام 97/98م. وصلت هذه النسبة إلى (5،90%) في محافظة توكر و(7،85%) في محافظة البحر الأحمر. ارتفعت نسبة الصرف على الفصل الأول في محلية الشرقي العام 96/97 بزيادة سنوية تعادل (4،47%) ووصلت هذه الزيادة إلى (2،73%) في محلية الأوليب و(2،55%) في محلية الجنوبي. على مستوى الولاية ارتفعت نسبة الصرف على هذا الفصل من (7،56%) العام 96/97م إلى (5،82%) العام 97/98م.

    بينما شكل الصرف على الفصل الثاني (6،31%) من جملة الصرف على الفصل الأول في محلية الجنوبي العام 96/97، نجد أن النسبة وصلت إلى (4،67%) العام 97/98. في محلية القنب ارتفعت النسبة من (5،33%) العام 96/97 إلى (310%) العام 97/98. في محلية عقيق إنخفضت النسبة من (3،83%) إلى (3،3%) Xهذا الإنخفاض ليس ترشيداً للإنفاق ولكنه نتج عن خروج منطقة جنوب توكر من سيطرة الحكومة في مارس العام 1997 إلى سيطرة قوات المعارضة وتوقف الحكومة عن تزويد المنطقة بالخدمات وغيرها، وهذا التحليل بصورته هذه يخفي الحقائق ويعكس معلومات غير صحيحة تجعل المرء يشك في كل كلمة وردت في هذه الموسوعة التي صرف عليها من أموال الشعب ــ المؤلفZ.

    الأمية وتعليم الكبار

    ترتفع الأمية في ولاية البحر مثل باقي ولايات البجه خاصة في الريف، حيث تصل إلى (158734) بنسبة (8،79%) للجنسين، وترتفع النسبة أكثر بين النساء في الريف (81%)، ولدى الرجال (74%). وتصل في المناطق الحضرية إلى (105493) بنسبة (8،34%) للجنسين، وتصل لدى النساء (5،43%)، ولدى الرجال إلى (26%). ويوجد بالولاية 183 فصلاً لتعليم الكبار، منها (1،66%) بمحافظة البحر الأحمر، و(6،18%) بمحافظة سنكات، و(7،8%) في محافظة توكر، و(6،6%) بمحافظة حلايب. تمثل فصول الرجال (2،55%) من المجموع الكلي للفصول في الوقت الذي ترتفع فيه معدلات الأمية أكثر بين النساء. مجموع الدارسين بهذه الفصول (6661) دارساً منم (2،57%) ذكور، و(8،42%) إناث. توزيع المعلمين لصالح الحضر حيث يوجد منهم في البحر الأحمر (6،65%)، وفي محافظة حلايب (7،6%) فقط. وتبلغ نسبة المعلمين الذكور (6،55%) والإناث (4،44%).

    يبلغ عدد المدارس في محافظة حلايب 10 مدارس ابتدائية فقط (من دراسة للأستاذ محمد الأمين حمد في ديسمبر 1992م، وهو من زعامات البجه المتعلمين وتولى مناصب عامة عديدة وأسهم في مبادرات لتطوير البجه)، منها 9 للبنين ومدرسة واحدة للبنات. ولا توجد أية مدرسة متوسطة أو مهنية ومن البديهي لا توجد مدرسة ثانوية. ومجموع التلاميذ والتلميذات يقل عن الألف وهو يقل عن عدد تلاميذ مدرستي حي وسط مدينة بورتسودان (بنين وبنات) الابتدائيتين (ا. هـ). أما في جنوب توكر، حيث توجد عشرون قرية، فتوجد 17 مدرسة ابتدائية يقل تلاميذها عن (2624) تلميذاً وتلميذة. وتوجد في محافظة توكر 42 مدرسة أساس تقابلها مدرسة ثانوية واحدة فقط في مدينة توكر وهي بدون داخلية أيضاً. أقفلت كل مدارس القرى الواقعة جنوب توكر جراء الحرب الأهلية الدائرة هناك من 27/3/1997م، وتشتت التلاميذ والتلميذات بلا تعليم في البلاد (ديسمبر 1999م). وكذلك الحال في مجلس ريفي منطقة بورتسودان الذي يشكل 99% من مساحة محافظة البحر الأحمر، وينسحب هذا على كل ريف بلاد البجه الشاسع.

    تعليم الكبار والتنمية

    ولا توجد مراكز لتنمية المجتمع وتعليم الكبار، فالأمية بين الكبار تبلغ نسبتها 100% بين النساء و99% بين الرجال. وتقل مدارس البنات كثيراً عن مدارس البنين. وتنتشر ظواهر العزوف عن التعليم، بين البنات بصفة خاصة بسبب عدم التوعية الاجتماعية. أما الأسباب المشتركة لعزوف البنين والبنات عن التعليم وانتشار ظواهر التسرب والهروب من المدارس فمنها، اعتماد الأسر على الأبناء اقتصادياً في الرعي والزراعة، وبعد المدارس عن القرى، والجهل باللغة العربية الذي يجعلهم اضحوكة أمام المعلمين وزملائهم من غير البجه، والفقر، حيث لا يستطيعون توفير الملابس المدرسية والمستلزمات الأخرى، وكذلك انعدام الخبز لعمل السندويتشات لوجبة الفطور. إن هذا ينسف الجهود المبذولة ليصبح المردود الاستثماري المتوقع للقليل الذي يقدم للتعليم بدون عائد. فكثير من المدارس كما هو واضح لا يتقدم منها أي تلميذ أو تلميذة إلى المرحلة المتوسطة ولعدة سنوات. كما أن التعليم الفني والثانوي متمركزين في المدن الكبرى لكي يستفيد منهما غير البجه سكان الأرياف وأصحاب الحق.

    لقد كان هدف الاستعمار من ادخال التعليم في السودان، هو ايجاد قطاع من الإداريين والموظفين يمتثلون بأمره، ويسيرون في ركابه. وهذا النوع من التعليم بعيد عن الأهداف الوطنية لكل أمة، حيث يجب أن تضم مقررات التعليم تراث وتاريخ البجه وأن تتم تنشئة الطلاب بصورة وطنية حتى يكونوا رجالا صالحين لوطنهم، يدفعهم حب الوطن والاخلاص له لتحصيل المزيد من التعليم وذلك بما يتم غرسه في نفوسهم من قيم وطنية ومباديء قومية، في اطار ما يتلقونه من مواد التربية الوطنية.

    إن الفترة الطويلة التي قضاها الاستعمار البريطاني في (السودان) مكنته من تنفيذ سياسته الرامية إلى تحطيم حضارات الشعوب العريقة، وزعزعة الثقة في نفوس أصحاب البلاد المستعمرة، وتشكيكه لهم في قدراتهم وامكاناتهم المعنوية والمادية. وكان للحرب التي قادها البجه في القرن التاسع عشر ضد بريطانيا أثرا مباشرا في انتهاج الاستعمار البريطاني لسياسة معادية للبجه طيلة حكمه للسودان، ولا زال البجه يعانون آثارها حتى اليوم خاصة الإشاعة الكبرى التي أطلقها الإنجليز، ومن بعده الشماليون، بأن البجه لا يرغبون التعليم بينما هناك أسباب كثيرة تقف حائلا بينهم وبين التعليم أهمها حاجز اللغة.

    إنه من المحتم بطبيعة الحال أن تلعب السلطة دورا معينا في إقامة تعليم رمزي، بأمل تشجيع قطاع من البجه المتعلمين (المسئولين) الذين يمكن أن يضطلعوا بدور الحلفاء السياسيين، بيد أن هذا التعليم كان لحفنة قليلة فقط - وكان هدفه إنتاج صورة فوتوغرافية لأصل أجنبي، بدلا من المساعدة على التقدم الثقافي للبجه أنفسهم.

    المتعلم البجاوي

    إن المتعلم البجاوي واقع تحت تأثيرين متعارضين. فمن ناحية يحاول المسيطرون اغراءه واغواءه بمنحه بعض الامتيازات المحدودة، وقتل كبريائه القومي واخلاصه للوطن من خلال عملية خبيثة متعمدة قوامها القضاء على طابعه البجاوي وصبغه بالصبغة الأجنبية. ومن الناحية الأخرى فسبب تلهف السلطة على أن تحتفظ بين يديها بكل الخيوط الرئيسية، وبسبب رغبة المستوطنين في الاستئثار بكل الوظائف والمهن الممتازة، يجد البجاوي مطامحه سواء بالنسبة لنفسه أو بالنسبة لقومه بأسرهم، تتعرض بصورة دائمة للمقاومة والاحباط. وهكذا لا يدرك لا مصالحه الشخصية، ولا مصالح الجماعة التي ينتمي إليها، ولا حضارة شعبه بأسرها يمكن أن تخطو إلى الأمام ما دام السيطرة جاثمة على صدر بلاده. والطبيعة المزدوجة الواقعة على المتعلم البجاوي - أن يحصل على امتيازات تضعه في مرتبة أعلى بالنسبة لباقي شعبه، ومع ذلك يكون خاضعا خضوعا تاما للحكام في الخرطوم، ولا يقدم أي شيء لأهله، بالرغم من أنه وصل للمنصب عن طريق أهله، وهذا ما يفسر مظاهر الحيرة وعدم الحسم بل التحولات المفاجئة من موقف متطرف إلى آخر، التي كثيراًbما ميزت دورهم في الحركة القومية. وكثير من الذين يتولون منهم مناصب يتسمون بالسلبية مقارنة برصفائهم من الشماليين، ويستغل البعض أهله البجه لصالح السلطة، بينما العكس هو الصحيح. ولولا تصعيد معارضة البجه لنشاطها لما حصل هؤلاء على شيء من الإنقاذ، فكلما XسخنتZ استفادوا أكثر وهم انتهازيون يعرفون هذا ولكنهم ينافقون ويتبرأون حتى من أهلهم. ولا يعني هذا أن كل المتعلمين البجه سيئين، فالقلة هي التي تجري وراء مصالحها الخاصة، مثلما يحدث في كل العالم، ومع ذلك فإن تأثير المتعلمين هام، ولا يوجد حزب وطني واحد في العالم لا يلعب فيه المثقفون دورا ًمؤثراً. وهناك نفر من المتعلمين البجه نذروا أنفسهم لخدمة أهلهم مثل الدكتور طه بليه الذي هجر العمل في بلاط إمبراطور إثيوبيا ليعمل في بلاط المزاورية، وذلك الطبيب البجاوي الذي نصب خيمة في هيا أيام مجاعة العام 1985. أما الدكتور سيد أحمد الذي يسافر للمحطات الخلوية متطوعاً بتقديم العلاج والدواء مجاناً، فهو مثال يحتذى. ومن هنا نناشد الأطباء البجه الذين يعملون بالداخل والخارج، أن يقدموا لأهلهم العلاج والدواء وأن يمنحوهم شيئاً من علمهم لأن الحكومات لا تقدم شيئاً للبجه. وهناك من البجه من يحتمي من مساعدة أهله بستار من التدين المظهري، ويسافر للعمرة والحج مرات ومرات ولا يعرف أن أهله بحاجة إلى شربة ماء من بئر تحتسب صدقة جارية.

    معوقات التعليم

    ويعتبر شظف العيش لدرجة لا تكفي لشراء ملابس، وعدم توفر المياه والأكل في المدارس، من أسباب تغيب الطلاب البجه عن المدارس القليلة الموجودة في ريف بلادهم. بالإضافة إلى عدم توفر الأمن والرعاية الصحية والاجتماعية، وعدم استقرار السكان الرعاة الرحل، وبالرغم عن اعتماد ميزانيات منخفضة لمقابلة نفقات ايواء وترحيل وتغذية الطلاب فإنها لم تكن كافية لهم، بالإضافة إلى التسيب في توزيعها. كما كان هناك من يمنعون بنات وأبناء أتباعهم من دخول المدارس بدعوى أنها مفسدة لهم. وقد قاوم زعماء الطريقة الختمية ادخال التعليم في بلاد البجه خاصة في سنكات، ففي الأربعينات حاول كل من السيد محمد صالح الشنقيطي والمؤرخ محمد صالح ضرار، فتح مدرسة إبتدائية في سنكات فقاوم الختمية ذلك. وأذكر في الستينات سفر والدي وأنا معه بصحبة مفتش التعليم آنذاك المرحوم الشيخ القدال سعيد القدال، خلال تفقده للمدارس الإبتدائية في مديرية كسلا (كانت تشمل ولايات كسلا والقضارف والبحر الأحمر)، حيث كان الوالد يقوم بجهود طوعية لحث التلاميذ والمعلمين على مواصلة التعليم في المناطق الريفية القاحلة. وبينما يفرض بعض خلفاء الختمية الجهل على البجه، فإنهم يشجعون غيرهم على التعليم. فقد أرسلوا آلاف الطلاب الشماليين للتعلم في مصر وسوريا والعراق، خاصة في عهد نظام مايو المندحر. أما من حيث المدارس نفسها، فهي أعداد في إحصائيات أكاذيب الدولة، إذ أنها تفتقر لأبسط مقومات المدرسة، من مقاعد وطاولات ودفاتر وكتب وغيرها. ومن حيث المباني فهي في حالة يرثى لها، خاصة مساكن المعلمين والمديرين، مما جعلهم يهجرون مواقع عملهم في كل فرصة مواتية، ومعظم شهور السنة تظل المدارس بلا معلمين، وربما يدرس أوفر التلاميذ حظاً ثلاثة أشهر في السنة. وبالرغم من وضع المدارس المتدني، فإن الدولة لا تستح في التبجح بنشر التعليم العالي وإفتتاح جامعات وهمية، وصرف الأموال في نشر هذه الأكاذيب الإعلامية والجامعات الوهمية بدلاً عن إنفاقها لتقويم مدارس الأساس المنهارة، خاصة في الريف حيث معظم مدارس الأساس في محافظات كاملة لم يتقدم منها أي تلميذ للمرحلة الثانوية ولسنوات عديدة متعاقبة.

    إن الاهتمام بتعليم يلبي متطلبات البلاد هو الطريق الوحيد لتطوير شعب البجه بالإضافة إلى الاهتمام بالثقافة وقيام معاهد للغة وتراث البجه، ومحاولة إيجاد تجمعات مستقرة للرحل حول مناطق المياه والكلأ تتوفر فيها المرافق الصحية، والاجتماعية .

    وإنه للحصول على نتيجة أفضل في التعليم في بلاد البجه يجب إقامة المدارس بعد دراسات إحصائية وإجتماعية، وتحسين مبانيها وإيجاد السكن المناسب فيها للتلاميذ والمعلمين وتقديم الوجبات المجانية للتلاميذ بالإضافة إلى الملابس. كما أن وجود معلمين من أبناء البجه أنفسهم يجعل التفاهم أكثر سهولة بين المعلمين والطلاب خاصة وأن البجه يتحدثون لغة مختلفة عن اللغة العربية. مما يتطلب وجود مدارس خاصة بالبجه تكون فيها دروس اللغة العربية أكثر تدرجاًbوسهولة وتدرس باللغتين البجاويتين على أساس أنها لغة جديدة، إذ أن دخول أبناء البجه في منافسة مع أبناء الأقاليم الأخرى الذين يتحدثون العربية (كلغة أم) يجعل أبناء البجه يتحرجون من نطقهم للكلمات العربية وكذلك يفقدون فرصهم في المراحل التعليمية المتقدمة بالإضافة إلى هذا فإن طبيعة البجاوي الرعوية ذات النزعة الاستقلالية والفردية يجب أن يوضع لها اعتبار، كما تقام مدارس متنقلة في مناطق الرحل لأن المجتمع الرعوي تحتاج فيه الأسرة إلى مجهودات كل أبنائها في كسب الرزق.

    لقد كانت بلاد البجه في الماضي غنية بالمدارس التي تعلم (القرآن) والتي كان يقيمها العلماء والفقهاء وكانت ذات أثر جيد في محو الأمية، ولكن الآن اندثر هذا النوع من التعليم السلفي بدخول المدارس الحديثة التي لم تستطع أن تستوعب كل من يصل إلى السن المقررة لدخول المدرسة. ومن هذا يتضح أن هناك من فاتهم التعليم وصاروا اليوم شبابا أو شيوخا خاصة النساء، والاهتمام بهذه الفئات واجب عن طريق فتح مدارس محو الأمية.

    (35) إن التعليم في البلاد يحتاج إلى دراسة وتقييم خاصة ريفه والمناطق الأشد تخلفا، حتى يمكن ترشيده وتنفيذ خطة ذات فعالية ترصد لها ميزانية استثنائية على ضوء خطة خمسية لتطوير التعليم خاصة في الريف ليتمكن من مسايرة ركب التطور الذي يملأ عالم اليوم كذلك إنشاء معاهد لتدريب المعلمين والمعلمات من أبناء البجه وإنشاء معاهد فنية وابتعاث شباب البجه للخارج لدراسة التكنولوجيا والمهارات الحرفية.

    كما يجب الاهتمام بالمدارس الموجودة بالأرياف وسد حاجتها من مدرسين ومدرسات من أبناء وبنات الريف بشروط خاصة كما يتاح لهم التدريب المناسب.

    أما حاجز اللغة والذي يعتبر عقبة في استمرارية الطفل في التعليم فيجب أن يذلل بالاستعانة بالمؤسسات التعليمية ذات الاختصاص في تدريس اللغة العربية للبجه. أما عدم صرف مرتبات المعلمين فقد أدى إلى إفراغ البلاد من المعلمين وهجرتهم للعاصمة والشمال حيث تتركز السلطة والثروة وتتوفر المرتبات والحوافز والدخل الإضافي من الدروس الخاصة.

    التعليم الفني والمهني

    كذلك فإن الحاجة إلى كوادر فنية في مجال الزراعة والصناعة تدعو للإهتمام بالتعليم المهنى والزراعي للمساعدة في تطور البجه لمواكبة عصر الصناعة والتكنولوجيا كما تبرز الحاجة إلى إنشاء معاهد ومدارس للتدريب المهني والصناعي والاجتماعي لتوفير الكوادر المؤهلة في شتى مجالات الإنتاج بما يساعد على ربط الطلاب بمناطقهم، كما يساعد على تنمية هذه المناطق صناعيا وزراعيا وإجتماعيا، والاستفادة من ثرواتها ومواردها الطبيعية.

    إن السكن الداخلي ضرورة للطلاب والطالبات في كل مراحل الدراسة نسبة لبعد المدارس عن قرى الطلاب وعدم توفر غذاء لوجبة الفطور صالح للحمل للمدرسة.

    ولتحقيق ثورة إجتماعية واقتصادية تدفع بالبجه بخطوات أسرع لا بد من إعلان برنامج محدد ومكثف لمحو الأمية في البلاد في فترة معينة وتوفير التمويل والإمكانات المادية والبشرية اللآزمة لهذه البرامج.

    الاهتمام بالإدارات والمدارس

    كذلك خلق مناخ مناسب لإدارات التعليم في البلاد وللمعلمين والمعلمات العاملين تحت ظروف قاسية في مناطق الريف النائية وتسهيل السكن وسبل الاتصال بهم. والاهتمام بالمدارس وصيانتها ومدها بالأدوات اللآزمة خاصة في مناطق الشدة. والتجاوز المناسب فيما يتعلق بشروط عمر القبول بالمدارس في ريف البلاد. وتوطيد الصلة بين أسرة التلميذ ومدرسته والعمل على توفير اعانات للتلاميذ تساعدهم على الاستمرار في الدراسة والاهتمام بالحالة الاجتماعية للطلاب وأسرهم ووضعها تحت اشراف أخصائيين إجتماعيين.

    وحتى تتم الاستفادة القصوى من مباني المدارس الموجودة يجب استقبال الطلاب للدراسة على نوبتين واحدة في الصباح وثانية بعد الظهر ويتم في الأخيرة قبول من زادت أعمارهم عن سن القبول الرسمية المحددة. وعلى جانب المواطنين البجه، فيجب على الشباب منهم أن يتطوعوا لمحو الأمية ونشر التعليم كل في منطقته، على أن يقوم بها طلاب الجامعات والمعاهد العليا أثناء عطلاتهم الدراسية، كما يقوم بها خريجو الثانوي والجامعات كل لمدة عام دراسي قبل إلتحاقه بأي وظيفة. لأنه من الواضح أن الحكومات لن تقدم لهم شيء، لذا يجب أن يعتمدوا على جهودهم الشعبية والإمكانات المتاحة الرسمية والشعبية لتوسيع قاعدة الهرم التعليمي وأن يكون التوسع في فتح المدارس يتم في الريف حيث يوجد البجه الذين يحتاجون للتعليم وليس في المدن حيث يتعرضون لمنافسة غير عادلة بسبب اللغة وغيرها.

    ?? الصورة: صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، جعل من إمارة الشارقة مركزاً اكاديمياً رائداً يشع منه العلم والثقافة والآداب والفنون ويزخر بصروح التعليم حتى نالت الشارقة جائزة عاصمة الثقافة، وأخذ بأسباب العلوم الحديثة مع التمسك بتعاليم الدين الإسلامي والأصالة العربية. نتمنى أن يشمل بلاد البجه بشعاع من نور العلم الذي ينشره.

    صور: جامعة الشارقة في إمارة الشارقة ـــــ الجامعة الأمريكية في إمارة الشارقة

    ?? الصورة: صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، خصص منحاً لتعليم أبناء البجه في إمارة عجمان

    صورة: العميد يوسف بابكر بدري

    كلية الأحفاد الجامعية

    لا بد هنا من الإشادة بكلية الأحفاد الجامعية للبنات، احدى مؤسسات مدارس الأحفاد، هذا الصرح العلمي والوطني الشامخ الذي شيده الشيخ بابكر بدري بعد أن ألقى السيف مجبراً في معركة كرري ليحمل القلم ويواصل كفاحه الضاري ضد الاستعمار بكل ألوانه. ثم قام العميد يوسف بدري بتطوير مدارس الاحفاد وافتتاح كلية الأحفاد الجامعية للبنات. وواصل مسيرة العلم والوطنية البروفسير قاسم يوسف بدري، الذي عرف من خلال انجازاته الكبيرة وعمله واجتهاده من أجل نشر النور ومحو دياجير الظلمة، فقد عاصر قاسم بداية تشييدها والصعوبات الجمة ولكنه انتصر في النهاية. إن كل شبر من هذا الصرح السامق يشهد له بكده واخلاصه ووفائه وبفضل الله وبقاسم هذا ففي كل بقعة نائية من ربوع وطننا الغالي هناك قبس من نوره وخريجة تنشر العلم والمعرفة والحضارة، بل كذلك وصلت الخريجات إلى مرافيء الغربة ونشرن العبير الطيب في كل بيت سوداني تقريبا سواء بالداخل أو الخارج. ونحن نذكر هنا هذه الكلية لأنها خصصت منحاً مجانية لبنات البجه.
                  

العنوان الكاتب Date
الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ Mohamed E. Seliaman01-14-06, 04:52 AM
  Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ Mohamed E. Seliaman01-14-06, 04:56 AM
  Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ Ahmed Mohammed Osman01-14-06, 04:59 AM
    Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج01-14-06, 05:16 AM
      Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج01-14-06, 05:28 AM
        Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج01-14-06, 05:36 AM
          Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج01-14-06, 05:45 AM
            Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج01-14-06, 05:52 AM
              Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج01-14-06, 06:00 AM
                Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج01-14-06, 06:10 AM
                  Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج01-14-06, 06:18 AM
                  Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج01-14-06, 06:26 AM
  Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ AMNA MUKHTAR01-14-06, 06:21 AM
    Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج01-14-06, 06:29 AM
    Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج01-14-06, 06:36 AM
    Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج01-14-06, 06:37 AM
      Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج01-14-06, 06:51 AM
  Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ abcde01-14-06, 01:47 PM
  Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ فيصل نوبي01-14-06, 03:11 PM
    Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ Yassir Tayfour01-14-06, 06:01 PM
      Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ Mohamed E. Seliaman01-15-06, 05:23 AM
        Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج01-15-06, 07:18 AM
          Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج01-15-06, 07:36 AM
  Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ مجدى محمد مصطفى01-15-06, 08:17 AM
    Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ فيصل نوبي01-15-06, 02:02 PM
  Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ abcde01-15-06, 01:44 PM
    Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ Yassir Tayfour01-15-06, 06:57 PM
      Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ MAHJOOP ALI01-15-06, 10:50 PM
        Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ Mohamed E. Seliaman01-16-06, 02:13 AM
  Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ abcde01-16-06, 07:20 AM
    Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج01-16-06, 07:26 AM
  Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ abcde01-16-06, 07:55 AM
    Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ Mohamed E. Seliaman01-17-06, 01:25 AM
  Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ فيصل نوبي01-19-06, 07:16 PM
  Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ abcde02-07-06, 05:05 PM
    Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ Mohamed E. Seliaman02-14-06, 08:21 AM
      Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ابراهيم بقال سراج02-14-06, 08:30 AM
        Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ صلاح الدين عبدالله محمد02-15-06, 01:54 AM
          Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ Mohamed E. Seliaman03-06-06, 01:28 AM
  Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ ناصر محمد خليل05-04-06, 07:14 AM
  Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ حميد حامد05-04-06, 04:34 PM
  الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ degna05-05-06, 09:25 AM
    Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ هاشم نوريت05-05-06, 09:39 AM
      Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ MAHJOOP ALI05-05-06, 10:33 AM
        Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ Mohamed E. Seliaman05-07-06, 09:22 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de