دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 10:12 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2002م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-17-2003, 09:49 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى (Re: Abdel Aati)

    وهذا ما كتب بعد المؤتمر
    -------------------

    مؤتمر التجمع الثانى
    قديم يتجدد ؛ وجديد يتبدد

    قراءة فى مداولات المؤتمر الثانى للتجمع الوطنى الديمقراطى
    تحليل سياسى بقلم : عادل محمد عبد العاطى . وارسو / بولندا .

    مقدمة :

    تزامن انعقاد المؤتمر الثانى للتجمع الوطنى الديمقراطى ؛ تحالف المعارضة السودانية الرئيسى ؛ فى مصوع – اريتريا؛ فى النصف الاول من سبتمبر المنصرم ؛ مع متغيرات اقليمية ومحلية ممعنة فى الاهمية ؛ فمن جهة تزامن مع تصاعد الخلافات داخل تنظيم الجبهة الاسلامية ؛ ووصوله الى مراحل متقدمة بين جناحى الترابى والبشير ؛ ومن الجهة الاخرى مع تصاعد احتجاجات الحركة الطلابية والجماهيرية ؛ والتى كانت نتيجتها مظاهرات المدن السودانية العاصفة ؛ فى الثلث الثانى من سبتمبر ؛ كما ترافقت مع نشاطات اقليمية محمومة ؛ للتوسط ما بين المعارضة واقطاب النظام الحاكم ؛ ودخول دولة اريتريا للميدان بقوة ؛ ليس كداعم لنشاط المعارضة السودانية هذه المرة ؛ وانما كوسيط جديد بين النظام ومعارضيه ؛ فيما اطلق عليه بالمبادرة الاريترية ؛ والتى يؤمن الكثيرون بوقوف الادارة الامريكية من خلفها . فى المقابل فقد ترقب المؤتمر العديد من اطراف المعارضة السودانية واقطاب الحكم ؛ والمهتمين من الراى العام السودانى ؛ لمعرفة راى التجمع فى متغير الاحداث ؛ وهو احد لاعبى السياسة السودانية الرئيسيين ؛ وذلك بعد شهور طويلة من غموض موقف التجمع واشاراته المتناقضة ؛ وحالة التراجع التى منيت بها المعارضة السودانية خلال العامين الاخيرين .

    واذا كان مؤتمر التجمع الاول ؛ والذى انعقد فى مدينة اسمرا فى العام 1995 ؛ قد خرج بالتجمع من حالة مشابهة من الشتات والاختلاف ؛ الى مرحلة جديدة من التوحد السياسى والتنظيمى ؛ والى تبنى حزمة من المبادى والبرامج ؛ والتى اطلق عليها بيان اسمرا ؛ وتقديم حلول لقضايا جوهرية ؛ الامر الذى ادى الى تسمية المؤتمر الاول لنفسه بمؤتمر القضايا المصيرية ؛فقد خلق بذلك حالة من التوحد السياسى والفكرى لشتات المعارضة . كما تبنى ذلك المؤتمر ؛ حزمة من التكتيكات الثورية لمواجهة النظام ؛ من بينها الكفاح المسلح ؛ والتى كانت فاتحة لهجوم سياسى واعلامى وعسكرى لاطراف التجمع على النظام ؛ الامر الذى ادى فى المحصلة الى تغييرات اساسية فى ميزان القوى ؛ فان العديدين الان قد توقعوا نتائج مماثلة من مؤتمر التجمع الثانى ؛ بل ذهب بعض المتفاولون اكثر ؛ حيث توقعوا ان يؤمن مؤتمر مصوع على مقررات اسمرا 1995؛ وان يعالج ما لم يعالجه المؤتمر الاول ؛ من قضايا هيكلة التجمع ؛ ورفع فعاليته ؛ وتحديد تكتيكاته ؛ وتجديد بنيته ؛ وهى القضايا التى كانت مربط الفرس ومحور النقاش ؛ طوال نشاطات التجمع فى الخمس سنوات الفائتة ؛ فهل نجحت فصائل المعارضة الرئيسية ؛ فى الالتزام بمسؤليتها التاريخية ؛ وفى الارتفاع الى مستوى التحديات ؛ وفى تجاوز الخاطى من تجارب الماضى ؛ وطرح جديد يعيد الامل للجماهير السودانية ؛ ويستشرف حلا ناجزا للازمة الوطنية ؟ ان كل هذا مما نحاول مقاربته فى هذا التحليل !

    شكليات المؤتمر الثانى
    تنظيم ضعيف وحوار مبتسر :

    شكل انعقاد المؤتمر فى حد ذاته ؛ محمدة وخطوة تحسب لصالح التجمع ؛ خصوصا اذا علمنا بانه تاجل من قبل عشر مرات حرفيا . الا ان هذه الخطوة قد افسدها سوء التنظيم الذى صاحب المؤتمر ؛ والذى انعكس فى تاجيل جلسته الافتتاحية لمرتين ؛ وفى اعتذار العديد من المدعويين عن المشاركة ؛ بل وفى رجوع بعض مناديب المؤتمر من منتصف الطريق ؛ اى من مطارات عواصم مجاورة ؛ وذلك لان القائمين على امر المؤتمر فشلوا فى استخراج التاشيرات لهم فى الوقت المناسب . بل ان الدعوة الرئيسية لحضور المؤتمر قد حررت وارسلت لفصائل التجمع فى العشرين من يونيو ؛ فى حين حدد فيها انعقاد المؤتمر بالخامس من سبتمبر ؛ تاركا مدة اسبوعين فقط للتحضير ؛ الامر الذى يصعب انجازه لعقد مؤتمر بهذا الحجم ؛ تشترك فيه تنظيمات متعددة ؛ ويحضره مندوبون من قارات شتى ؛ حتى فى اكثر الدول الاوربية تقدما .

    بالمقابل فان هذا الوقت القصير ؛ لم يترك مجالا للتحضير الجيد لفصائل المعارضة لرؤاها وتصوراتها ؛ كما لم يدع للراى العام فرصة للتعبير عن نفسه ؛ وايصال صوته ومطالبه الى مؤتمر التجمع . ان الحوار حول واجبات المعارضة واولوياتها وتكتيكاتها ؛ هذا الحوار الذى كان منتعشا طوال السنوات الاخيرة ؛ قد كان فى حده الادنى عشية انعقاد المؤتمر . وهنا يطرح التساؤل نفسه ؛ هل كان الاعداد المتعجل للمؤتمر ؛ والاعلان المفاجى له ؛ خطوة محسوبة من قيادة التجمع ؛ والقائمين على تنظيم المؤتمر ؛ لقصر مساحة الحوار ؛ ومفاجاة الجميع به ؛ من صحفيين وسياسيين وفروع تجمع ومنظمات المجتمع المدنى ؛ ام كان نتيجة ضغط من بعض الاطراف التجمعية والاقليمية والعالمية ؛ لعقد المؤتمر والخروج منه بتوصيات ؛ تشكل غطاء لمبادرات معدة سلفا وقرارات طبخت بليل ؛ وكان انعقاد المؤتمر بمثابة ورقة التوت لتمرير هذه المبادرات والخطط على الاطراف المتمردة وسط التجمع ؛ والجماهيرالواعية وسط المعارضة ؛ ام ان الامر كله هو جزء من ازمة التجمع وتخبطه وضعفه التنظيمى ؛ الذى يجعله يؤجل مؤتمرا لعدة اعوام ؛ ثم يسارع لعقده والتحضير له فى غضون عدة ايام ؟

    اننا نزعم هنا ؛ ان هذه العجلة مهما كانت مبرراتها ؛ فهى تلقى بظلالها على المؤتمر ؛ وتشكك فى نية – او على الاقل فى اهلية القائمين عليه – من قيادات التجمع . اننا نشير هنا الى ان احد الانتقادات الاساسية للتجمع فى السنوات الماضية قد كانت تشير الى انعدام الشفافية داخله ؛ والى انه اصبح ناديا منغلقا للنخب الحزبية ؛ ليس للراى العام عيه من رقابة ؛ ولا لفروع التجمع وقواعد احزابه اليه من سبيل ؛ وليس لجموع المثقفين الوطنيين وقادة منظمات المجتمع المدنى من صوت فى منابره .ان وقائع التحضير للمؤتمر ومداولاته تثبت صحة تلك الانتقادات .

    قضايا المؤتمر الرئيسية
    تصعيد النضال ام الركض وراء الحوار :

    من جهة اخرى ؛ فقد كانت مداولات المؤتمر فى حدها الادنى من معالجتها لقضايا التجمع الرئيسية ؛ فغابت عن مضابط الحوار قضايا تفعيل تنظيمات التجمع ؛ وتوفير الموارد له ؛ واليات دعم الحركة الجماهيرية ؛ واستعادة ثقة الجماهير فى المعارضة ؛ وطغت بالمقابل على السطح قضية الحوار مع النظام ؛ والمبادرات المتعددة التى تؤدى الى ذلك ؛ من مصرية وليبية وايقادية وصادقية وامريكية ؛ واى الشروط تضع للحوار مع النظام ؛ وغيرها من الترهات التى وصل اليها اقطاب المعارضة ؛ الذين ملؤا الدنيا ذات يوم ضجيجا ؛ عن رغبتهم فى سحق النظام ؛ وشعاراتهم من نوع سلم تسلم ؛ وحديث بعضهم عن ثلاثة ايام يستبيحوا فيها الخرطوم بعد انتصارهم الموعود ؛ لتصفية حساباتهم مرة والى الابد مع الجبهة القومية الاسلامية .

    ان هذا التوجه من قادة التجمع ليس بغريب ؛ فقد كان شغلهم الشاغل منذ عامين هو الركض خلف مختلف المبادرات الدبلوماسية للحوار مع النظام اللاشرعى . ومنذ اعلان طابلس فى نهاية 1998 ؛ مرورا باجتماعات هيئة القيادة فى كمبالا والقاهرة واسمرا ؛ وانتهاءا بمؤتمر مصوع ؛ فقد كان هم قيادات التجمع الاول ليس تصعيد النضال ضد النظام ؛ بل البحث عن افضل الطرق للحوار . بل ان رئيس التجمع قد تبادل الخطابات والعبارات الودية مرارا مع رئيس النظام ؛ والتقى اخاه ؛ رئيس مجلس السيادة السابق ؛ وعضو المكتب السياسى للحزب الاتحادى الديمقراطى ؛ بالديكتاتور ؛ لينطق كفرا بعد ان سكت دهرا وينتج لاءاته الثلاثة ؛ والتى تضرب فى الصميم طبيعة التجمع وتكتيكاته ؛ وتمهد الطريق للتصالح مع النظام واقتسام السلطة معه ؛ خصوصا بعد ان اعاد النظام لهم املاكهم المصادرة ؛ دون ان يعيد ايا من حقوق الشعب المضاعة ؛ فكان فى هذا المناخ ان انطلق حزب الصادق المهدى يحبط الهمم ؛ ويتامر على المناضلين ؛ ويجر الاخرين الى المستنقع الآسن الذى انحدر اليه ؛ فكان ان استسلمت مجموعات من قوات الحزب الاتحادى للنظام ؛ وتستعد مجموعات اخرى للتسليم ؛ وهى ترى زعيم حزبها يناور ويحاور ؛ والعديد من قادة الحزب يدعون مباشرة للاستسلام تحت اسم السلام .

    ان هذا النهج ؛ والذى بدا من وضع بضعة عشر شرطا للحوار مع النظام فى اعلان طرابلس ؛ وانحدر الى ثلاثة فى اخر اجتماعات هيئة القيادة فى القاهرة ؛ قد وصل الى حدوده النهائية فى مصوع ؛ حيث فوض التجمع رئيسه للحوار مع النظام دون قيد او شرط ؛ واثبت التجمع بذلك انه لا يملك اى من اوراق الضغط ؛ وانه على استعداد للتنازل عن كل الشروط الشرعية ؛ فى مقابل التحاور مع النظام ؛ والذى لم يتنازل عن ايا من اولوياته وسياساته ؛ ولا يزال يطلق النار على المتظاهرين ويعتقل المعارضين وينظم انتخاباته البرلمانية والرئاسية ؛ فى تحد واضح للتجمع والمعارضة ؛ وكانه يخاطبهم بخطاب التجمع ذات يوم : سلموا تسلموا .

    من هذا المنطلق ؛ فان الاعلان النهائى للتجمع ؛ قد كان مجرد شعارات براقة ؛ للتغطية على الهدف الاساس من المؤتمر ؛ والقرار الاهم لقيادات التجمع ؛ وهو الدخول فى حوار مع النظام دون قيد او شرط . وبذلك فان شعار المؤتمر الاساسى والذى يعلن انه من اجل انهاء الحرب وبناء السودان الجديد ؛ يجب ان يقرأ على اساس انهاء النضال والانخراط فى سودان الانقاذ.

    هيكلة التجمع وتجديد بنيته
    الحلم المنكسر على اعتاب الواقع :

    بهذا النهج والسياسات التى سارت عليها قيادات التجمع طوال السنوات الآخيرة ؛ والتى باركها مؤتمر مصوع الاخير ؛ فان التجمع ؛ كاداة للنضال وتنظيم وقيادة الحركة الجماهيرية المعارضة ؛ قد اصبح غير ضرورى ؛ بل على العكس ؛ اصبح مضرا لحفنة السياسيين الذين يريدونه الان معبرا للوصول الى جزء من كعكة السلطة ؛ وبهذا فان الدعوات لتجديد بنية التجمع وهيكلته وزيادة الديمقراطية فيه ؛ اصبحت غير ذات بال ؛ وصيحات ليس لها من صدى وسط الذين نزلوا بالتجمع من دعوة للنضال وتنظيم للمناضلين ؛ الى مجرد تجمعا لساسة يتوسلوا الان باسم السلام للوصول الى الحكم ؛ كما توسلوا يوما باسم الحرية والديمقراطية والكفاح المسلح .

    ان دعوة العديد من الشخصيات الوطنية لحضور المؤتمر ؛ من غير الحزبيين ؛ قد كان مناورة سياسية بارعة من منظمى المؤتمر ؛ غطوا بها على قواعد التجمع وفصائله الوطنية ؛ وكيف لا نسميها مناورة ؛ والعديد من هذه الشخصيات الوطنية المستقلة ؛ هى مستقلة اسما ؛ منتمية فعليا . وكيف لا نسميها مناورة ؛ وممثل هذه الشخصيات فى قيادة التجمع الجديدة هو الاستاذ فاروق ابو عيسى ؛ والذى اختارته قيادة التجمع دون غيره ؛ ودون استشارة لهذه القوى الوطنية المستقلة ؛ وهو الذى لا ياتيه الاستقلال من قريب او بعيد ؛ كونه احد القادة البارزيين فى الحزب الشيوعى السودانى .

    بالمقابل فان قديم التجمع قد تجدد فى النقاش حول قضايا المراة السودانية وتمثيلها داخل التجمع ؛ هذه القضاية التى ارتفعت بها حناجر الحركة النسوية ؛ ودعمتها فيها قواعد التجمع ونشطاء حقوق الانسان ؛ والتى اديرت حولها النقاشلت وسطرت فيها المقالات بل وكتبت حولها الاطروحات الجامعية . فللمرة الالف تفشل فصائل التجمع فى اجازة قرار يؤكد على احترام التجمع لكافة حقوق المراة دون تمييز ؛ وعلى الالتزام بكل المواثيق الدولية المناهضة لتمييز المراة . وذلك لان حزب واحد من احزاب التجمع ؛ وهو حزب "مولاهم" محمد عثمان الميرغنى ؛ يقف موقفا صلبا ؛ ليس من النظام ؛ وانما من حقوق المراة . اما مسالة تمثيل المراة فى قيادة التجمع ؛ فقد اقتصرت على احتواء وفود الفصائل لمراة واحدة للمشاركة فى المؤتمر ؛ وعلى تاجيل اختيار ممثلة للمراة السودانية – واحدة فقط – الى مؤتمر قادم للمراة العارضة ؛ لا يزال فى رحم الغيب ؛ولا يعلم تاريخ انعقاده . وخرجت قيادة التجمع الجديدة ؛ من هيئة القيادة الى المكتب التنفيذى ؛ فى ثوب رجالى متكامل ؛ لا يعكر صفوها وجود امراة واحدة وسط هذا الجمع البطريركى البهيج ؛ فى تحد واضح لنصف المجتمع ؛ فى نفس الفترة التى قادت فيها نساء السودان حملة ناجحة على الملا عمر الخرطومى ؛ الهادف لمنع عمل المراة ؛ وفى تجاهل تام لاسهام النساء فى الهبة الطلابية والجماهيرية الاخيرة .

    ان العديد قد طرحوا ؛ ومن بينهم كاتب هذا المقال ؛ صيغة القيادة الدورية فى التجمع ؛ اى ان تكون رئاسة التجمع وسكرتاريته دورية ؛ تتغير كل سنة ما بين الفصائل ؛ وذلك لاثبات ديمقراطية التجمع ؛ ومنعا لمبدا ابدية القيادة ؛ وهو المبدا المضاد لكل ديمقراطية ؛ كما ان هذه الصيغة تكفل للقوى الجديدة داخل التجمع فرصة الظهور والتمثيل ؛ وتكسر الفهم السائد عند الجماهير ؛ بان التجمع هو تنظيم مسيطر عليه من قبل القادة الطائفيين ؛ وانه يهدف الى اعادة نفس الوجوه التى حكمت من قبل ؛ ففشلت وافسدت . فماذا قدم لنا مؤتمر التجمع من
    اجابة ؟
    لقد كرس المؤتمر نفس الوجوه القديمة ؛ بعد استبعاد ممثلى الصادق منها ؛ واعيد اختيار الميرغنى مرة اخرى لقيادة التجمع ؛ فى اقتراح من ممثل جون قرنق ؛ وتثنية من عبد العزيز خالد ؛ وهما الرمزان الرئيسيان للقوى الجديدة داخل التجمع . ان اختيار محمد عثمان الميرغنى والمسمى من قبل قيادات التجمع بمولانا ؛ رئيسا لهم للمرة الالف ؛ ؛ يدلل كيف ينكسر الجديد امام القديم ؛ ويدلل على احتقار عميق للجماهير المعارضة والقوى الجديدة ؛ والتى خارج حدود الطائفة الختمية ؛ لا تكن اى احترام او تقدير ؛ للرجل المعدوم المواهب ؛ الخالى من الكاريزما ؛ المحدود الافق ؛ والذى اختاروه رئيسا لهم . ان الصادق المهدى قد كان على حق فى نقد قيادة الميرغنى للتجمع ؛ واذا كان لا بد من قائد طائفى ؛ فقد كان فى الصادق صفات عديدة تؤهله للقيادة ؛ اكثر من راعى الختمية ؛ والذى تبشر له فصائل التجمع بانه الزعيم الفذ ومنقذ البلاد وبانى السودان الجديد ؛ الا بئس الطالب والمطلوب .

    تحالف الميرغنى –قرنق
    شخصنة القيادة بديلا عن وحدة البرامج :

    اختيار الميرغنى رئيسا للتجمع من جديد ؛ ترافق مع دعوات وتحليلات سياسية ؛ بتحالف جديد وقوى ؛ ما بين الميرغنى وقرنق ؛ او بصورة اعم ؛ ما بين الحزب الاتحادى الديمقراطى والحركة الشعبية لتحرير السودان . ان هذه التحليلات قد ترددت طوال السنتين الاخيرتين ؛ الا انها قد اصبحت شعارا معترف به ؛ وغير معترض عليه ؛ من قبل قيادات التجمع ؛ او الميرغنى وقرنق . ان الشاهد فى ذلك هو تصريح د. جون قرنق اخيرا لصحيفة الشرق الاوسط ؛ فى نرجسية واضحة ؛ بانه والميرغنى يشكلان الضمانة الوحيدة لوحدة السودان .

    ان هذا الزعم بتحالف الميرغنى - قرنق ؛ يطفح الى السطح فى كل صحف النظام ؛ وقراءات محلليه ؛ كما يطفح فى التحليلات السياسية لحزب الامة ؛ حليف النظام الجديد وبوقه الاضافى ؛ و تزعم الجهتان بان هذا التحالف مدعوم ومسنود من قبل الاحزاب الاخرى فى التجمع ؛ والتى دابت صحافة النظام ودعاية حزب الامة على تسميتهما مرة بالاحزاب الصغيرة ؛ ومرة بالاحزاب اليسارية . الا ان هذا الزعم يسنده دعوات مثقفين ليبرالييين ويساريين ومعارضين ؛ بدعم هذا الحلف المفترض ؛ وانخراط احزاب التجمع الاخرى فى اللعبة التى يديرها الميرغنى وقرنق ؛ وروح التبجيل التى اضفاها دعاة اليسار والعلمانية فى السودان ؛ على راعى الطريقة الختمية ؛ الذى اصبح ما بين يوم وليلة "مولاهم " ؛ فاثبتوا بذلك ان كل حديثهم عن التغيير والديمقراطية ؛ والحداثة والثورة ؛ انما هو حبر على ورق ؛ وشعارات ليس لها من ثبات فى دواخلهم .
    ان هذا الحلف المفترض ؛ يضر اكثر ما يضر بالتجمع ؛ فهو يحوله من حركة للمعارضة الوطنية ؛ تمثل فيها مختلف الوان الطيف السياسى ؛ وقائمة على برنامج مشترك ؛ الى تنظيم زعامى ؛ يسيطر عليه رجلان ؛ احدهما يملك بعض القوة العسكرية ؛ والاخر يملك بعض القوة الطائفية ؛ وتصبح بذلك قضايا الشعب ؛ وقضايا الوطن المصيرية ؛ معلقة بقائدين لا يجمع بينهما الا تكرس النرجسية فيهما ؛ وحلمهما بحلف فونجى – عبدلابى جديد ؛ ليس له من امكانية الانتصار اى فرص ؛ بدلالة شخصية الزعيمين المفترضين .

    ان هذا الحلف المفترض ؛ فوق تهميشه لقوى وقيادات التجمع الاخرى ؛ فهو يقدم الدلالة الكافية على انتهازية القوى السياسية السودانية ؛ وكون تحالفاتها تقوم على العلاقات الشخصية ؛ والمكايدات للاخرين ؛ اكثر من قيامها على وحدة المبادى او تقارب الاهداف والبرامج . فما الذى يربط ما بين الميرغنى ؛ الزعيم الطائفى ؛ وجون قرنق ؛ الزعيم الثورى ؛ وما الذى يوحد الطائفة الختمية وتجارها الجلابة ؛ وجماهير الجنوب التى استغلها طويلا الجلابة ؛ وما هو المشترك بين الحزب الاتحادى الذى يدعو لعلاقات خاصة مع مصر ؛ والذى يبشر بالجمهورية الاسلامية ؛ والحركة الشعبية التى تدعو الى بعث افريقية السودان ؛ والى الجمهورية العلمانية ؛ و ما الذى يربط بين احد سدنة ومؤسسى وركائز السودان القديم ؛ الميرغنى ؛ واحد اكثر الصارخين بدعوة السودان الجديد ؛ قرنق ؟

    ان من يدعو الى وحدة قوى الجديد تحت قيادة الميرغنى – قرنق ؛ انما يذبح القوى الجديدة قربانا لاعادة المصداقية لقيادة قديمة ؛ سادت مرة ؛ وحق لها الفوات ؛ وها ان قوى الجديد تحاول ان تنفخ فيها الروح ؛ فى الوقت الذى ينبغى فيه ان تظهر وجهها المستقل ؛ وان تبنى تحالفاتها على قاعدة وحدة الهدف والبرامج ؛ واخوة النضال ؛ وليس على حسابات سياسية خاطئة ؛ لا تدرس التاريخ القريب ولا البعيد لمناورات القادة الطائفيين ؛ بائعى الشعارات ؛ وخادعى الجماهير . واذا كانت الحركة الشعبية وقائدها تفضل التحالف مع احد او بعض اركان السودان القديم ؛ تحقيقا لمصالح سياسية آجلة ؛ فاننا لا ندرى السر فى دعم قوى الجديد الاخرى لهذا الحلف الغريب واللامبدئى ؛ الا ان تكون فاقدة الثقة فى قدراتها ؛ مكتفية بفتات السياسة ؛ او غير مقتنعة هى اصلا بما تدعو اليه من شعارات ؛ وما تطرحه من برامج واهداف و تكتيكات . ان مؤتمر التجمع الاخير يقدم كل الاشارات على تبدد الجديد الموعود ؛ وتجدد القديم المعهود ؛ فى ممارسات وعقليات الحركة السياسية السودانية .

    الموقف من حزب الامة
    هواة التجمع فى مقابل محترفى السياسة :

    شهدت مداولات مؤتمر مصوع ؛ شاهدة اخرى على قصور قيادات التجمع ؛ وجهلها بابسط قواعد اللعبة السياسية ؛ فى مواجهة محترفى السياسة ؛ ورموز النخاسة السياسية ؛ من ممثلى الصادق المهدى .فحزب الامة الذى عطل عمل التجمع لسنوات ؛ ورئيسه الذى احبط الهمم اعواما بحديثه عن الجهاد المدنى وهو داخل السودان ؛ وسعيه الكاسح لان يصبح رئيسا للمعارضة خارج السودان ؛ قد انسحب من تلقاء نفسه من صفوف التجمع ؛ وانطلق قادته يطبلون للنظام ؛ ويهاجمون التجمع ؛ ويوصفوا قياداته بالخيانة والانصياع للاجندة الخارجية ؛ ويتهمون مقاتلى المعارضة بانهم مجموعات من "الشفته" ؛ ويعترفوا علنا ؛ بما كنا نكرره عشرات المرات ؛ بانهم لم يكونوا جادين فى العمل المسلح ؛ وان مشاركتهم فيه كانت رمزية ؛ وانهم لم يكن احد اجندتهم فى يوم من الايام ؛ كما صرح بذلك زعيمهم نقد الله ؛ فى حواره الاخير مع جريدة الراى العام .هذا الحزب اتى الان مطالبا بتمثيله فى التجمع ؛ وليستغل منابره فى دعوته الانهزامية والاستسلامية .

    ان حزب الامة اراد ان يكون حصان طروادة النظام ؛ التى يدخل بها الى مؤتمر التجمع ؛ وقد كانت مشاركة وفد حزب الامة من الداخل ؛ مدبرة بعناية لهذا الغرض ؛ كما ارسل الصادق المهدى ؛ خطابات انكرها فيما بعد ؛ يطالب بعودة حزبه الى التجمع ؛ ليس اعترافا بخطا خروجهم من صفوفه ؛ ولا مراجعة لمواقفهم التى اثبتت الايام خطلها ؛ وانما بشروط واضحة ؛ وهو ان يرضخ التجمع لتكتيكتهم ؛ وان ينخرط معهم فى لعبة النخاسة السياسية ؛ التى يجيدها كل الاجادة الصادق المهدى .

    ان قادة التجمع ؛ بدلا من ان يرفضوا مشاركة حزب الامة او يقبلوها ؛ وفق حيثيات واضحة ؛ قد بحثوا عن حل وسطى ؛ بدعوة ممثلى حزب الامة من الداخل ؛ وكانهم صدقوا الكذبة التى اطلقوها ؛ بوجود خلاف ما بين نقد الله وعمر نور الدائم ؛ وسارة الفاضل وزوجها ؛ وبنت الصادق واباها؛ ونجيب الخير ومبارك الفاضل ؛ وفى ظل الدعوة هذه ؛ ووجهوا بمسالة مشاركة الامة الفعلية فى المؤتمر التى رفضوها من دون حيثيات مقنعة ؛ الامر الذى استغلته قيادة الامة باوسع ما يكون ؛ للتشنيع على التجمع ؛ واظهار انفسهم بمظهر الضحية والحمل الوديع ؛ وتصوير خروجهم عن الخط الوطنى ؛ وكانما هو ابعاد لهم فى مؤامرة مدبرة من احزاب التجمع الصغيرة .

    ان قيادة التجمع لو كانت حريصة على المبادى بحق ؛ وملتزمة بالشفافية فى العمل السياسى ؛ لكانت قد نشرت رسالة الصادق اليها ؛ وردت عليها علنيا ؛ بوضع الشروط اللازمة لعودة حزب الامة ؛ وهو الالتزام بمقررات التجمع ؛ والعمل الجماعى ؛ الا انها فضلت المنامرات ؛ وخدعت نفسها بوجود خلافات فى حزب الامة ؛ لتجد فى النهاية انها كانت ضحية للعبة مدبرة بدقة من حزب الامة ؛ لاضعاف مصداقية التجمع ؛ والضغط عليه ؛ واستغلال تخبطاته وتردده . ومثلما كان خروج حزب الامة السابق مرتبا بعناية ؛ ومخرجا باحتراف سياسى ؛ فان الضجة التى اثارها حزب الامة ابان مؤتمر التجمع ؛ قد كانت لعبة ممثلة بعناية ؛ لم تغب تدابيرها عن اى شخص ؛ ما عدا قيادات التجمع ؛ وبعض المنخدعين ابدا بشعارات وحدة قوى الانتفاضة ووحدة مزعومة للصف الوطنى ؛ والذى لم يكن طرفا فيه ذات يوم حزب الامة ؛ رمز النخاسة السياسية ؛ وحصان طروادة الدائم فى طول تاريخ الحركة الوطنية .

    ان قيادات التجمع ؛ والذين رفضوا تمثيل الامة بشكل اخرق وغير منظم ؛ عادوا وتبنوا كل شعاراته فى دعوتهم غير المشروطة للحوار ؛ وفى لقاءاتهم اللاحقة باركان النظام ؛ وهنا يبدو السؤال منطقيا ؛ هل خروج حزب الامة عن التجمع ؛ والرفض الاخرق للتجمع لعودة حزب الامة ؛ يعتمد على مبادى ؛ ام هو طرف من المكايدة السياسية ؛ التى تخصص فيها ساسة السودان القديم ؟ فاذا كان قادة التجمع يرفضوا نهج حزب الامة ؛ فى هجر النضال ؛ وفى دعم اطراف من سدنة النظام المتهاوى ؛ فلماذا ينخرطوا فيه الآن ؛ ولماذا يدعوا فى بيانهم الختامى بعودة حزب الامة الى صفوف التجمع ؛ واين كل هذا من دعوة السودان الجديد ؛ التى صدروا بها منصة مؤتمرهم و بيانهم الختامى ؟

    تداعيات ما بعد المؤتمر
    بوادر الانتفاضة التى فأجات الجميع :

    لم تنقضى بضعة ايام على انعقاد مؤتمر التجمع ؛ حتى فاجات الجماهير الجميع ؛ بالمظاهرات الطلابية والشعبية الصاخبة التى عمت مدن السودان الرئيسية ؛ والتى اثبتت هشاشة النظام ؛ ووحشيته وطبيعته الديكتاتورية ؛ حيث سارع الى البطش والقمع ؛ مضيفا شهداء جدد الى سجل البطولة ؛ وجرائم جديدة فى تاريخه المخزى ؛ الملى بالدم والارهاب والفساد.
    ان بوادر الانتفاضة التى ظهرت فى هذه المظاهرات ؛ وقبلها فى الرفض الشعبى لقرار والى الخرطوم بمنع عمل النساء ؛ تثبت القدرات الكامنة للحركة الجماهيرية ؛ وتثبت من جهة اخرى ضعف التجمع بالداخل ؛ وبعده عن نبض الجماهير ؛ وكونه فؤجى بهذه العارضة الجماهيرية الجارفة . ان ادعاءات قادة التجمع بوقوفهم خلف المظاهرات الاخيرة يكذبها قرارات مؤتمرهم الاخير ؛ والذى وضع الانتفاضة الشعبية على الرف ؛ وقدم عليها مناورات الحوار مع بعض اطراف النظام ؛ كما يكذبها واقع الحال فى السودان ؛ ومعرفة الجميع بان هذه المظاهرات قد اخذت قيادات التجمع على حين غرة .

    ان قيادات النظام من جناح البشير ؛ وقد اخذ منها الذعر والرعب كل ماخذ ؛ قد سارعت الى القاء مسئولية هذه المظاهرات على حزب الترابى ؛ والذى لم يؤيد هذه المزاعم ؛ ولكنه لم ينفها ؛ مضيفا رصيدا سياسيا جديدا له . ان مظاهرات سبتمبر فى تحليلنا قد كانت انطلاقا لحركة شعبية عفوية ؛ لم ينظمها لا حزب الترابى او التجمع الوطنى ؛ وانما بادرت بها الجماهير المدركة لهشاشة النظام ؛ والتى كسرت حاجز الخوف ؛ والتى انفضح امامها زيف "المشروع الحضارى" المزعوم . وكعادة الانظمة الديكتاتورية ؛ سارع النظام المذعور الى القاء التهمة فى البدء بحزب الترابى ؛ ثم من بعد اضاف لها التجمع الوطنى ؛ دون ان يدرك ان المسؤول الاول عن المظاهرات والمعارضة انما هوسياساته الخربة والمعادية للشعب ؛ والتى لا تحتاج للترابى او الميرغنى لاشعالها .

    ان قيادة التجمع ؛ والتى اعماها ضغط الدوائر الاقليمية والعالمية ؛ والتى بهر بعضها بريق السلطة ؛ لم تتعلم اى درس من هذه الهبة ؛ لم ترجع لتعول على الانتفاضة ؛ وتنقل نشاطها الى الداخل ؛ وتقود الحملات السياسية والدبلوماسية فى فضح دموية النظام فى مواجهة مظاهرات سلمية ؛ بل ذهبت بعد ايام قليلة ؛ ودماء الشهداء طرية لم تجف بعد ؛ الى لقاء سفاح النظام وجلادى نظامه ؛ ويعد قادتها الرحال للسفر الى الخرطوم ؛ لاسناد النظام المتهاوى ؛ لا لتنظيم الانتفاضة المرتقبة ؛ فى قراءة خاطئة تماما لحقائق الوضع السياسى .

    ان النظام فى راينا الان هو فى اضعف مراحله ؛ وقد دق انقسام الحزب الحاكم ؛ وانضمام اغلبيته الى مجموعة الترابى ؛ مسمارا جديدا لنعش النظام . ان اجنحة النظام فى حربها الضروس ؛ قد فضحته فى ايام ؛ بما لم تنجح فيه المعارضة منذ سنوات . وقد ادركت الجماهير هذه الحقائق ؛ ويدركها النظام المذعور الذى يبحث عن اى سند الان ؛ حتى ولو فى شخصى الميرغنى وقرنق ؛ ويدركها قبل كل شى حسن الترابى؛ والذى فى غياب التجمع وذهوله ؛ اصبح المعارض الاول للنظام ؛ وهو يحلم الآن بانتفاضة جديدة ؛ ليزعم من جديد انه قائدها ؛ ويكرر مسرحية اكتوبر وابريل السمجة ؛ فى اللحاق بقطار الانتفاضة فى لحظاته الاخيرة ؛ بينما يستعد قادة التجمع للالتحاق بقطار النظام المتهاوى .

    لقاء التجمع مع سدنة النظام
    مراهنات التجار وتخبطات الثوار :

    من هذا المنطلق ؛ ننظر الى لقاء اسمرا الثلاثى ما بين الميرغنى والبشير وافورقى ؛ ومن بعده اللقاء الموسع بين اقطاب النظام وقيادات التجمع . ان مراهنات النظام واضحة وصريحة ؛ وهو بقاء البشير وبطانته فى الحكم ؛ مع اتاحة فرصة لقيادة التجمع للمشاركة فى كيكة السلطة ؛ وابعاد حسن التراى ومجموعته نهائيا ؛ واضافة حزب الامة الى هذا الحلف السلطوى غير المقدس . فى هذه الاستراتيجية يستخدم قادة النظام سياسة الامر الواقع ؛ فينظموا لانتخاباتهم الرئاسية والبرلمانية فى اكتوبر ؛ فى تحد واضح لكل جهود الحوار والمصالحة ؛ ولا يقدموا اى تنازلات للمعارضة ؛ سوى وعد بالقاء بعض فتات السلطة اليها ؛ فى مقابل تخليها عن اهدافها ومبادئها ؛ وان تشطب الانتفاضة من تكتيكاتها ؛ وان تشكل حلفا جديدا ؛ ضد العدو الجديد المزعوم ؛ من حزب الترابى ؛ والعدو الحقيقى التليد ؛ الكامن فى الجماهير المنتفضة .

    ان قيادات التجمع ؛ فى ردها على هذه الاستراتيجية ؛ تنقسم الى تجارمراهنين ؛ وثوار حائرين . فاما التجار ؛ فهم اولئك القادة المتخصصين فى استغلال الجماهير واستهبالها ؛ والذين اعاد لهم النظام ممتلكاتهم ؛ ففتح بذلك امامهم الباب واسعا للرجوع عن المعارضة ؛ والالتزام بالسودان القديم ؛ فى ظل ديكتاتورية عسكرية حزبية طائفية جديدة ؛ تحافظ على كل البنية القديمة ؛ وتضع للجناح الجبهوى الضمانات بالا يسترد منه ما قد انتهب طوال العقد السابق . ان التجار الذين يمثلهم الحزب الاتحادى الديمقراطى ؛ قد اعلنوا رايهم واضحا برجوع حسن عبد الله يس الى حظيرة النظام ؛ وها هو رئيسهم يسير علىالدرب الذى عبده له خصمه وحليفه الطائفى ؛ ويدعوه له قادة حزبه ؛ ويزينه له اقطاب النظام .

    واما الثوار ؛ فقد علا بعضهم الصدى ؛ بعد 50 عاما من "النضال" ؛ من اجل اهداف وبرامج تخلى عنها العالم ؛ ولم يستطيعوا ان ينجزوا فيها الحد الادنى فى السودان ؛ وهم اذ ركبهم الهرم والعجز ؛المادى والمعنوى ؛ فقد انضموا الى قافلة القادة الطائفيين ؛ وفقدوا ايمانهم بالجماهير ؛ ويبحثوا الان عن شيخوخة هانئة وادعة ؛ ومفارقة للسياسة بماء الوجه . وبعضهم الاخر ؛ بعد حوالى عشرين عاما من الكفاح المسلح فى احراش الجنوب ؛ لم يحصدوا شيئا ؛ وها ان الاطراف الخارجية والداخلية توعدهم بالمن والسلوى اذا ما انخرطوا فى اللعبة ؛ وتخلوا عن احلامهم فى سودان جديد ؛ اما الطرف الثالث من الثائرين ؛ من دعاة السودان الجديد ؛ والذين عقد الكثيرون عيهم الامل بان يشكلوا الجديد المرتقب فى الحركة السياسية السودانية ؛ فقد اثبتوا انهم لا يقلوا فى تقليديتهم وانخراطهم فى اللعبة السياسية ؛عن غيرهم من دهاقنة السودان القديم ؛ وهم فى تاثرهم بالتغييرات العالمية والاقليمية ؛ لا يودوا ان يعزلوا او يتخلفوا عن الركب ؛ فلماذا لا يخوضوا مع الخائضين ؛ و يصرفوا النظر عن دماء الشهداء وتضحيات المقاتلين ؟ ان ثوار التجمع بمختلف مدارسهم ؛ قد تفوقوا على انفسهم فى مسيرة التخبط السياسى .
    ان التجمع ما بين مراهنات التجار ؛ وتخبط الثوار ؛ يوضح عمق جذور القديم فى الحياة السياسية السودانية ؛ وعن الصعوبات التى سيواجهها الجديد وهو يشق طريقه وسط كل من انتجوا الازمة ؛ وكل اولئك الحريصين على اعادة انتاجها ؛ وتكريسها الى ابد الابدين .

    فى انتظار الجديد
    من اجل بديل متمسك بالمبادى وملتزم بالجماهير :

    ان مختلف نشطاء الحركة الوطنية السودانية ؛ والذين رصدوا خلال السنوات الفائتة العديد من مظاهر ازمة التجمع الوطنى الديمقراطى؛ واسهموا ضمن من اسهم فى تقديم مختلف الاقتراحات لتطوير واصلاح التجمع ؛ قد وصلوا الى القناعة الراسخة ؛ بان ازمة التجمع الوطنى شاملة وعميقة ؛ وان بنيته غير قابلة للاصلاح . ان مقررات المؤتمر الاخير ؛ توضح ان التجمع فى خطواته الاخيرة للتفكك والانهيار ؛ وانه استنفد كل طاقاته ؛ وما عاد ضروريا حتى للقوى التى كانت حريصة على استمراره ؛ طوال السنوات السابقة . اننا لا نعول ولم نعول يوما على القادة الطائفيين ومجموع قوى السودان القديم فى حل المشكل الوطنى السودانى ؛ ولكن تبقى هناك العديد من القوى الوطنية ؛ من اعضاء التجمع ومؤيديه ؛ والتى يجب ان تبحث عن منبر جديد اذا ما كانت صادقة فى دعواتها الوطنية .

    لقد كتبنا فى مقال سابق ؛ عشية مؤتمر التجمع ؛ وبعد ان عددنا ما نقترحه من اليات وادوات لاصلاح التجمع ؛ كتبنا فى الخاتمة :
    " ان هذا ما نطلبه ونتوقعه من القوى الوطنية داخل التجمع ؛ وها قد توفرت لها فرصة تاريخية لاصلاح الاخطاء والرجوع الى ساحة النضال . ان تم لها النجاح فى ذلك ؛ فستجد من عشرات الجماهير والوطنيين كل تقدير ودعم والتزام ؛ وان لم يتم لها ذلك ؛ وانتصر النهج القديم ؛ نهج الزعامات الزائفة والمصالح العارضة ؛ والاستسلام المنبطح ؛ فلا خيار لهذه القوى الا الخروج من التجمع وبناء بديلها الجديد . وان فشلت فى هذا وذاك ؛ فعلى المعارضة السودانية السلام ؛ ويظل لنا واجب الدعوة والسباحة ضد التيار والمقاومة ؛ انتظارا لقادم سوف يكون ؛ يخرج من رحم المعاناة والغضب ؛ يكسر ولا ينكسر ؛ لا يبقى ولا يذر ؛ يكافح ولا يصالح ؛ يقاوم ولا يساوم ."

    اننا بعد انعقاد مؤتمر التجمع ؛ وانتصار القديم فيه ؛ نهجا وقيادة ومؤسسات ؛ لا نزال نوجه الدعوة الى القوى الوطنية والجديدة فى التجمع بمراجعة مواقفها ؛ واعادة حساباتها ؛ والانخراط فى النضال ؛ من اجل سودان جديد ؛ لا يتم بناءه الا باسقاط النظام ؛ واعادة تركيب البنية السياسية والاجتماعية فى السودان ؛ على اساس ديمقراطى ؛ مدنى ؛ ملتزم بالجاهير ومنحاز للمهمشين . ان هذا البديل بعد ان ظهرت براعمه فى دعوات القوى الجديدة ؛ ما لبث ان غاب تحت قديم التجمع .

    اننا ندعو من هذا المنبر الى بناء بديل جديد عن موات التجمع ؛ بديل مدنى ديمقراطى ؛ لا طائفى ؛ يقوم على اساس وحدة المبادى والبرامج ؛ وعلى قاعدة الالتزام بالجماهير ؛ والاخلاص للمبادى . نريد بديلا يتجاوز مسالب الحياة السياسية والاجتماعية السودانية ؛ ويطور اجمل ما فيها من تقاليد المقاومة والتحديث والعلم . اننا ندعو كل من انتسب الى افكار الثورة والتغيير والحرية ذات يوم ؛ للضغط والعمل من اجل بناء هذا الجديد ؛ فى ذلك لا نستثنى احدا ؛ الا الذين استثنوا انفسهم من النضال ؛ ووضعوا انفسهم مطية لدعاة القديم ؛ يتوسلوا بهم الى السلطة ؛ ويضيعوا بهم حقوق الشعب

    من اجل هذا البديل ندعو تلاميذ على عبد اللطيف ؛ ورفاق القرشى ؛ وعبد الخالق محجوب ؛ ومحمود محمد طه ؛ وعبد العزيوز النور ؛ والشهيد بولاد ؛ واخوات التاية ؛ ورفاق شهداء رمضان . ندعو ابطال الحركة النقابية ؛ ورائدات الحركة النسوية ؛ وجماهير الشباب والطلاب ؛ ومهمشى السودان فى الريف والحضر . ندعو منتسبى قوى السودان الجديد فى داخل وخارج السودان ؛ ندعو مقاتلى الحرية ؛ وابطال الانتفاضة الشعبية ؛ ومثقفى السودان الوطنيين .

    من اجل هذا البديل ندعو ونعمل ؛ فهل من مستجيب؟

    عادل عبد العاطى
    وارسو 1اكتوبر 2000








                  

العنوان الكاتب Date
دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار11-03-02, 00:30 AM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى ود العجمى11-03-02, 09:10 AM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى 3bdo11-03-02, 09:57 AM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى kofi11-03-02, 10:51 AM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار11-03-02, 02:46 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى Elmosley11-03-02, 03:04 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى مهيرة11-03-02, 04:55 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى adil amin11-03-02, 03:06 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى مهيرة11-03-02, 05:37 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى مهيرة11-03-02, 05:37 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى rummana11-03-02, 07:45 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار11-03-02, 03:42 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى 3bdo11-03-02, 04:29 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار11-03-02, 04:42 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار11-03-02, 05:07 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى مهيرة11-03-02, 06:11 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى مهيرة11-03-02, 06:11 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار11-03-02, 08:10 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى adil amin11-04-02, 01:06 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار11-04-02, 01:15 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-14-03, 09:15 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى kofi11-04-02, 01:31 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-14-03, 09:26 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى altahir_203-15-03, 01:23 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى elsharief03-15-03, 03:46 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-15-03, 04:50 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى artiga03-15-03, 04:59 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-15-03, 04:32 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-15-03, 05:33 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى elsharief03-15-03, 06:28 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-15-03, 06:47 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى abdel abayazid03-15-03, 07:19 PM
      Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-15-03, 07:40 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى bunbun03-15-03, 07:09 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى bunbun03-15-03, 07:10 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى اسامة الخاتم03-15-03, 07:50 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-16-03, 09:57 AM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-15-03, 07:50 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى bunbun03-15-03, 08:09 PM
      Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى abdel abayazid03-15-03, 08:58 PM
      Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى مهاجر03-15-03, 09:19 PM
        Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى النسر03-15-03, 10:15 PM
          Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-15-03, 10:40 PM
            Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى abdel abayazid03-16-03, 02:08 AM
        Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-16-03, 10:13 AM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى intehazy03-16-03, 04:50 AM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى Abdel Aati03-16-03, 06:57 AM
      Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-16-03, 10:43 AM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى elsharief03-16-03, 08:34 AM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-16-03, 10:31 AM
      Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى adil amin03-16-03, 11:19 AM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-16-03, 11:31 AM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى omdurmani03-16-03, 12:02 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-16-03, 12:37 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى omdurmani03-16-03, 01:06 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى abdel abayazid03-16-03, 02:47 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى Deng03-16-03, 04:09 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-16-03, 04:44 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى abdel abayazid03-16-03, 11:03 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-16-03, 11:08 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى abdel abayazid03-16-03, 11:29 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى hasan_603-17-03, 00:21 AM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى abdel abayazid03-17-03, 00:52 AM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-17-03, 08:54 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى hasan_603-17-03, 01:30 AM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى فجراوى03-17-03, 06:42 AM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-17-03, 10:30 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى AlRa7mabi03-17-03, 08:02 AM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى Abdel Aati03-17-03, 09:39 AM
      Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى Abdel Aati03-17-03, 09:49 AM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-17-03, 12:19 PM
    Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى مهاجر03-17-03, 01:02 PM
      Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى abdel abayazid03-17-03, 02:23 PM
        Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى مهاجر03-18-03, 10:27 AM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-19-03, 09:34 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-19-03, 09:41 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-20-03, 04:33 PM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى Deng03-22-03, 06:14 AM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى نصار03-22-03, 10:12 AM
  Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى Deng03-22-03, 04:13 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de