|
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى (Re: Abdel Aati)
|
وهذا ما كتب بعد المؤتمر -------------------
مؤتمر التجمع الثانى قديم يتجدد ؛ وجديد يتبدد
قراءة فى مداولات المؤتمر الثانى للتجمع الوطنى الديمقراطى تحليل سياسى بقلم : عادل محمد عبد العاطى . وارسو / بولندا .
مقدمة :
تزامن انعقاد المؤتمر الثانى للتجمع الوطنى الديمقراطى ؛ تحالف المعارضة السودانية الرئيسى ؛ فى مصوع – اريتريا؛ فى النصف الاول من سبتمبر المنصرم ؛ مع متغيرات اقليمية ومحلية ممعنة فى الاهمية ؛ فمن جهة تزامن مع تصاعد الخلافات داخل تنظيم الجبهة الاسلامية ؛ ووصوله الى مراحل متقدمة بين جناحى الترابى والبشير ؛ ومن الجهة الاخرى مع تصاعد احتجاجات الحركة الطلابية والجماهيرية ؛ والتى كانت نتيجتها مظاهرات المدن السودانية العاصفة ؛ فى الثلث الثانى من سبتمبر ؛ كما ترافقت مع نشاطات اقليمية محمومة ؛ للتوسط ما بين المعارضة واقطاب النظام الحاكم ؛ ودخول دولة اريتريا للميدان بقوة ؛ ليس كداعم لنشاط المعارضة السودانية هذه المرة ؛ وانما كوسيط جديد بين النظام ومعارضيه ؛ فيما اطلق عليه بالمبادرة الاريترية ؛ والتى يؤمن الكثيرون بوقوف الادارة الامريكية من خلفها . فى المقابل فقد ترقب المؤتمر العديد من اطراف المعارضة السودانية واقطاب الحكم ؛ والمهتمين من الراى العام السودانى ؛ لمعرفة راى التجمع فى متغير الاحداث ؛ وهو احد لاعبى السياسة السودانية الرئيسيين ؛ وذلك بعد شهور طويلة من غموض موقف التجمع واشاراته المتناقضة ؛ وحالة التراجع التى منيت بها المعارضة السودانية خلال العامين الاخيرين .
واذا كان مؤتمر التجمع الاول ؛ والذى انعقد فى مدينة اسمرا فى العام 1995 ؛ قد خرج بالتجمع من حالة مشابهة من الشتات والاختلاف ؛ الى مرحلة جديدة من التوحد السياسى والتنظيمى ؛ والى تبنى حزمة من المبادى والبرامج ؛ والتى اطلق عليها بيان اسمرا ؛ وتقديم حلول لقضايا جوهرية ؛ الامر الذى ادى الى تسمية المؤتمر الاول لنفسه بمؤتمر القضايا المصيرية ؛فقد خلق بذلك حالة من التوحد السياسى والفكرى لشتات المعارضة . كما تبنى ذلك المؤتمر ؛ حزمة من التكتيكات الثورية لمواجهة النظام ؛ من بينها الكفاح المسلح ؛ والتى كانت فاتحة لهجوم سياسى واعلامى وعسكرى لاطراف التجمع على النظام ؛ الامر الذى ادى فى المحصلة الى تغييرات اساسية فى ميزان القوى ؛ فان العديدين الان قد توقعوا نتائج مماثلة من مؤتمر التجمع الثانى ؛ بل ذهب بعض المتفاولون اكثر ؛ حيث توقعوا ان يؤمن مؤتمر مصوع على مقررات اسمرا 1995؛ وان يعالج ما لم يعالجه المؤتمر الاول ؛ من قضايا هيكلة التجمع ؛ ورفع فعاليته ؛ وتحديد تكتيكاته ؛ وتجديد بنيته ؛ وهى القضايا التى كانت مربط الفرس ومحور النقاش ؛ طوال نشاطات التجمع فى الخمس سنوات الفائتة ؛ فهل نجحت فصائل المعارضة الرئيسية ؛ فى الالتزام بمسؤليتها التاريخية ؛ وفى الارتفاع الى مستوى التحديات ؛ وفى تجاوز الخاطى من تجارب الماضى ؛ وطرح جديد يعيد الامل للجماهير السودانية ؛ ويستشرف حلا ناجزا للازمة الوطنية ؟ ان كل هذا مما نحاول مقاربته فى هذا التحليل !
شكليات المؤتمر الثانى تنظيم ضعيف وحوار مبتسر :
شكل انعقاد المؤتمر فى حد ذاته ؛ محمدة وخطوة تحسب لصالح التجمع ؛ خصوصا اذا علمنا بانه تاجل من قبل عشر مرات حرفيا . الا ان هذه الخطوة قد افسدها سوء التنظيم الذى صاحب المؤتمر ؛ والذى انعكس فى تاجيل جلسته الافتتاحية لمرتين ؛ وفى اعتذار العديد من المدعويين عن المشاركة ؛ بل وفى رجوع بعض مناديب المؤتمر من منتصف الطريق ؛ اى من مطارات عواصم مجاورة ؛ وذلك لان القائمين على امر المؤتمر فشلوا فى استخراج التاشيرات لهم فى الوقت المناسب . بل ان الدعوة الرئيسية لحضور المؤتمر قد حررت وارسلت لفصائل التجمع فى العشرين من يونيو ؛ فى حين حدد فيها انعقاد المؤتمر بالخامس من سبتمبر ؛ تاركا مدة اسبوعين فقط للتحضير ؛ الامر الذى يصعب انجازه لعقد مؤتمر بهذا الحجم ؛ تشترك فيه تنظيمات متعددة ؛ ويحضره مندوبون من قارات شتى ؛ حتى فى اكثر الدول الاوربية تقدما .
بالمقابل فان هذا الوقت القصير ؛ لم يترك مجالا للتحضير الجيد لفصائل المعارضة لرؤاها وتصوراتها ؛ كما لم يدع للراى العام فرصة للتعبير عن نفسه ؛ وايصال صوته ومطالبه الى مؤتمر التجمع . ان الحوار حول واجبات المعارضة واولوياتها وتكتيكاتها ؛ هذا الحوار الذى كان منتعشا طوال السنوات الاخيرة ؛ قد كان فى حده الادنى عشية انعقاد المؤتمر . وهنا يطرح التساؤل نفسه ؛ هل كان الاعداد المتعجل للمؤتمر ؛ والاعلان المفاجى له ؛ خطوة محسوبة من قيادة التجمع ؛ والقائمين على تنظيم المؤتمر ؛ لقصر مساحة الحوار ؛ ومفاجاة الجميع به ؛ من صحفيين وسياسيين وفروع تجمع ومنظمات المجتمع المدنى ؛ ام كان نتيجة ضغط من بعض الاطراف التجمعية والاقليمية والعالمية ؛ لعقد المؤتمر والخروج منه بتوصيات ؛ تشكل غطاء لمبادرات معدة سلفا وقرارات طبخت بليل ؛ وكان انعقاد المؤتمر بمثابة ورقة التوت لتمرير هذه المبادرات والخطط على الاطراف المتمردة وسط التجمع ؛ والجماهيرالواعية وسط المعارضة ؛ ام ان الامر كله هو جزء من ازمة التجمع وتخبطه وضعفه التنظيمى ؛ الذى يجعله يؤجل مؤتمرا لعدة اعوام ؛ ثم يسارع لعقده والتحضير له فى غضون عدة ايام ؟
اننا نزعم هنا ؛ ان هذه العجلة مهما كانت مبرراتها ؛ فهى تلقى بظلالها على المؤتمر ؛ وتشكك فى نية – او على الاقل فى اهلية القائمين عليه – من قيادات التجمع . اننا نشير هنا الى ان احد الانتقادات الاساسية للتجمع فى السنوات الماضية قد كانت تشير الى انعدام الشفافية داخله ؛ والى انه اصبح ناديا منغلقا للنخب الحزبية ؛ ليس للراى العام عيه من رقابة ؛ ولا لفروع التجمع وقواعد احزابه اليه من سبيل ؛ وليس لجموع المثقفين الوطنيين وقادة منظمات المجتمع المدنى من صوت فى منابره .ان وقائع التحضير للمؤتمر ومداولاته تثبت صحة تلك الانتقادات .
قضايا المؤتمر الرئيسية تصعيد النضال ام الركض وراء الحوار :
من جهة اخرى ؛ فقد كانت مداولات المؤتمر فى حدها الادنى من معالجتها لقضايا التجمع الرئيسية ؛ فغابت عن مضابط الحوار قضايا تفعيل تنظيمات التجمع ؛ وتوفير الموارد له ؛ واليات دعم الحركة الجماهيرية ؛ واستعادة ثقة الجماهير فى المعارضة ؛ وطغت بالمقابل على السطح قضية الحوار مع النظام ؛ والمبادرات المتعددة التى تؤدى الى ذلك ؛ من مصرية وليبية وايقادية وصادقية وامريكية ؛ واى الشروط تضع للحوار مع النظام ؛ وغيرها من الترهات التى وصل اليها اقطاب المعارضة ؛ الذين ملؤا الدنيا ذات يوم ضجيجا ؛ عن رغبتهم فى سحق النظام ؛ وشعاراتهم من نوع سلم تسلم ؛ وحديث بعضهم عن ثلاثة ايام يستبيحوا فيها الخرطوم بعد انتصارهم الموعود ؛ لتصفية حساباتهم مرة والى الابد مع الجبهة القومية الاسلامية .
ان هذا التوجه من قادة التجمع ليس بغريب ؛ فقد كان شغلهم الشاغل منذ عامين هو الركض خلف مختلف المبادرات الدبلوماسية للحوار مع النظام اللاشرعى . ومنذ اعلان طابلس فى نهاية 1998 ؛ مرورا باجتماعات هيئة القيادة فى كمبالا والقاهرة واسمرا ؛ وانتهاءا بمؤتمر مصوع ؛ فقد كان هم قيادات التجمع الاول ليس تصعيد النضال ضد النظام ؛ بل البحث عن افضل الطرق للحوار . بل ان رئيس التجمع قد تبادل الخطابات والعبارات الودية مرارا مع رئيس النظام ؛ والتقى اخاه ؛ رئيس مجلس السيادة السابق ؛ وعضو المكتب السياسى للحزب الاتحادى الديمقراطى ؛ بالديكتاتور ؛ لينطق كفرا بعد ان سكت دهرا وينتج لاءاته الثلاثة ؛ والتى تضرب فى الصميم طبيعة التجمع وتكتيكاته ؛ وتمهد الطريق للتصالح مع النظام واقتسام السلطة معه ؛ خصوصا بعد ان اعاد النظام لهم املاكهم المصادرة ؛ دون ان يعيد ايا من حقوق الشعب المضاعة ؛ فكان فى هذا المناخ ان انطلق حزب الصادق المهدى يحبط الهمم ؛ ويتامر على المناضلين ؛ ويجر الاخرين الى المستنقع الآسن الذى انحدر اليه ؛ فكان ان استسلمت مجموعات من قوات الحزب الاتحادى للنظام ؛ وتستعد مجموعات اخرى للتسليم ؛ وهى ترى زعيم حزبها يناور ويحاور ؛ والعديد من قادة الحزب يدعون مباشرة للاستسلام تحت اسم السلام .
ان هذا النهج ؛ والذى بدا من وضع بضعة عشر شرطا للحوار مع النظام فى اعلان طرابلس ؛ وانحدر الى ثلاثة فى اخر اجتماعات هيئة القيادة فى القاهرة ؛ قد وصل الى حدوده النهائية فى مصوع ؛ حيث فوض التجمع رئيسه للحوار مع النظام دون قيد او شرط ؛ واثبت التجمع بذلك انه لا يملك اى من اوراق الضغط ؛ وانه على استعداد للتنازل عن كل الشروط الشرعية ؛ فى مقابل التحاور مع النظام ؛ والذى لم يتنازل عن ايا من اولوياته وسياساته ؛ ولا يزال يطلق النار على المتظاهرين ويعتقل المعارضين وينظم انتخاباته البرلمانية والرئاسية ؛ فى تحد واضح للتجمع والمعارضة ؛ وكانه يخاطبهم بخطاب التجمع ذات يوم : سلموا تسلموا .
من هذا المنطلق ؛ فان الاعلان النهائى للتجمع ؛ قد كان مجرد شعارات براقة ؛ للتغطية على الهدف الاساس من المؤتمر ؛ والقرار الاهم لقيادات التجمع ؛ وهو الدخول فى حوار مع النظام دون قيد او شرط . وبذلك فان شعار المؤتمر الاساسى والذى يعلن انه من اجل انهاء الحرب وبناء السودان الجديد ؛ يجب ان يقرأ على اساس انهاء النضال والانخراط فى سودان الانقاذ.
هيكلة التجمع وتجديد بنيته الحلم المنكسر على اعتاب الواقع :
بهذا النهج والسياسات التى سارت عليها قيادات التجمع طوال السنوات الآخيرة ؛ والتى باركها مؤتمر مصوع الاخير ؛ فان التجمع ؛ كاداة للنضال وتنظيم وقيادة الحركة الجماهيرية المعارضة ؛ قد اصبح غير ضرورى ؛ بل على العكس ؛ اصبح مضرا لحفنة السياسيين الذين يريدونه الان معبرا للوصول الى جزء من كعكة السلطة ؛ وبهذا فان الدعوات لتجديد بنية التجمع وهيكلته وزيادة الديمقراطية فيه ؛ اصبحت غير ذات بال ؛ وصيحات ليس لها من صدى وسط الذين نزلوا بالتجمع من دعوة للنضال وتنظيم للمناضلين ؛ الى مجرد تجمعا لساسة يتوسلوا الان باسم السلام للوصول الى الحكم ؛ كما توسلوا يوما باسم الحرية والديمقراطية والكفاح المسلح .
ان دعوة العديد من الشخصيات الوطنية لحضور المؤتمر ؛ من غير الحزبيين ؛ قد كان مناورة سياسية بارعة من منظمى المؤتمر ؛ غطوا بها على قواعد التجمع وفصائله الوطنية ؛ وكيف لا نسميها مناورة ؛ والعديد من هذه الشخصيات الوطنية المستقلة ؛ هى مستقلة اسما ؛ منتمية فعليا . وكيف لا نسميها مناورة ؛ وممثل هذه الشخصيات فى قيادة التجمع الجديدة هو الاستاذ فاروق ابو عيسى ؛ والذى اختارته قيادة التجمع دون غيره ؛ ودون استشارة لهذه القوى الوطنية المستقلة ؛ وهو الذى لا ياتيه الاستقلال من قريب او بعيد ؛ كونه احد القادة البارزيين فى الحزب الشيوعى السودانى .
بالمقابل فان قديم التجمع قد تجدد فى النقاش حول قضايا المراة السودانية وتمثيلها داخل التجمع ؛ هذه القضاية التى ارتفعت بها حناجر الحركة النسوية ؛ ودعمتها فيها قواعد التجمع ونشطاء حقوق الانسان ؛ والتى اديرت حولها النقاشلت وسطرت فيها المقالات بل وكتبت حولها الاطروحات الجامعية . فللمرة الالف تفشل فصائل التجمع فى اجازة قرار يؤكد على احترام التجمع لكافة حقوق المراة دون تمييز ؛ وعلى الالتزام بكل المواثيق الدولية المناهضة لتمييز المراة . وذلك لان حزب واحد من احزاب التجمع ؛ وهو حزب "مولاهم" محمد عثمان الميرغنى ؛ يقف موقفا صلبا ؛ ليس من النظام ؛ وانما من حقوق المراة . اما مسالة تمثيل المراة فى قيادة التجمع ؛ فقد اقتصرت على احتواء وفود الفصائل لمراة واحدة للمشاركة فى المؤتمر ؛ وعلى تاجيل اختيار ممثلة للمراة السودانية – واحدة فقط – الى مؤتمر قادم للمراة العارضة ؛ لا يزال فى رحم الغيب ؛ولا يعلم تاريخ انعقاده . وخرجت قيادة التجمع الجديدة ؛ من هيئة القيادة الى المكتب التنفيذى ؛ فى ثوب رجالى متكامل ؛ لا يعكر صفوها وجود امراة واحدة وسط هذا الجمع البطريركى البهيج ؛ فى تحد واضح لنصف المجتمع ؛ فى نفس الفترة التى قادت فيها نساء السودان حملة ناجحة على الملا عمر الخرطومى ؛ الهادف لمنع عمل المراة ؛ وفى تجاهل تام لاسهام النساء فى الهبة الطلابية والجماهيرية الاخيرة .
ان العديد قد طرحوا ؛ ومن بينهم كاتب هذا المقال ؛ صيغة القيادة الدورية فى التجمع ؛ اى ان تكون رئاسة التجمع وسكرتاريته دورية ؛ تتغير كل سنة ما بين الفصائل ؛ وذلك لاثبات ديمقراطية التجمع ؛ ومنعا لمبدا ابدية القيادة ؛ وهو المبدا المضاد لكل ديمقراطية ؛ كما ان هذه الصيغة تكفل للقوى الجديدة داخل التجمع فرصة الظهور والتمثيل ؛ وتكسر الفهم السائد عند الجماهير ؛ بان التجمع هو تنظيم مسيطر عليه من قبل القادة الطائفيين ؛ وانه يهدف الى اعادة نفس الوجوه التى حكمت من قبل ؛ ففشلت وافسدت . فماذا قدم لنا مؤتمر التجمع من اجابة ؟ لقد كرس المؤتمر نفس الوجوه القديمة ؛ بعد استبعاد ممثلى الصادق منها ؛ واعيد اختيار الميرغنى مرة اخرى لقيادة التجمع ؛ فى اقتراح من ممثل جون قرنق ؛ وتثنية من عبد العزيز خالد ؛ وهما الرمزان الرئيسيان للقوى الجديدة داخل التجمع . ان اختيار محمد عثمان الميرغنى والمسمى من قبل قيادات التجمع بمولانا ؛ رئيسا لهم للمرة الالف ؛ ؛ يدلل كيف ينكسر الجديد امام القديم ؛ ويدلل على احتقار عميق للجماهير المعارضة والقوى الجديدة ؛ والتى خارج حدود الطائفة الختمية ؛ لا تكن اى احترام او تقدير ؛ للرجل المعدوم المواهب ؛ الخالى من الكاريزما ؛ المحدود الافق ؛ والذى اختاروه رئيسا لهم . ان الصادق المهدى قد كان على حق فى نقد قيادة الميرغنى للتجمع ؛ واذا كان لا بد من قائد طائفى ؛ فقد كان فى الصادق صفات عديدة تؤهله للقيادة ؛ اكثر من راعى الختمية ؛ والذى تبشر له فصائل التجمع بانه الزعيم الفذ ومنقذ البلاد وبانى السودان الجديد ؛ الا بئس الطالب والمطلوب .
تحالف الميرغنى –قرنق شخصنة القيادة بديلا عن وحدة البرامج :
اختيار الميرغنى رئيسا للتجمع من جديد ؛ ترافق مع دعوات وتحليلات سياسية ؛ بتحالف جديد وقوى ؛ ما بين الميرغنى وقرنق ؛ او بصورة اعم ؛ ما بين الحزب الاتحادى الديمقراطى والحركة الشعبية لتحرير السودان . ان هذه التحليلات قد ترددت طوال السنتين الاخيرتين ؛ الا انها قد اصبحت شعارا معترف به ؛ وغير معترض عليه ؛ من قبل قيادات التجمع ؛ او الميرغنى وقرنق . ان الشاهد فى ذلك هو تصريح د. جون قرنق اخيرا لصحيفة الشرق الاوسط ؛ فى نرجسية واضحة ؛ بانه والميرغنى يشكلان الضمانة الوحيدة لوحدة السودان .
ان هذا الزعم بتحالف الميرغنى - قرنق ؛ يطفح الى السطح فى كل صحف النظام ؛ وقراءات محلليه ؛ كما يطفح فى التحليلات السياسية لحزب الامة ؛ حليف النظام الجديد وبوقه الاضافى ؛ و تزعم الجهتان بان هذا التحالف مدعوم ومسنود من قبل الاحزاب الاخرى فى التجمع ؛ والتى دابت صحافة النظام ودعاية حزب الامة على تسميتهما مرة بالاحزاب الصغيرة ؛ ومرة بالاحزاب اليسارية . الا ان هذا الزعم يسنده دعوات مثقفين ليبرالييين ويساريين ومعارضين ؛ بدعم هذا الحلف المفترض ؛ وانخراط احزاب التجمع الاخرى فى اللعبة التى يديرها الميرغنى وقرنق ؛ وروح التبجيل التى اضفاها دعاة اليسار والعلمانية فى السودان ؛ على راعى الطريقة الختمية ؛ الذى اصبح ما بين يوم وليلة "مولاهم " ؛ فاثبتوا بذلك ان كل حديثهم عن التغيير والديمقراطية ؛ والحداثة والثورة ؛ انما هو حبر على ورق ؛ وشعارات ليس لها من ثبات فى دواخلهم . ان هذا الحلف المفترض ؛ يضر اكثر ما يضر بالتجمع ؛ فهو يحوله من حركة للمعارضة الوطنية ؛ تمثل فيها مختلف الوان الطيف السياسى ؛ وقائمة على برنامج مشترك ؛ الى تنظيم زعامى ؛ يسيطر عليه رجلان ؛ احدهما يملك بعض القوة العسكرية ؛ والاخر يملك بعض القوة الطائفية ؛ وتصبح بذلك قضايا الشعب ؛ وقضايا الوطن المصيرية ؛ معلقة بقائدين لا يجمع بينهما الا تكرس النرجسية فيهما ؛ وحلمهما بحلف فونجى – عبدلابى جديد ؛ ليس له من امكانية الانتصار اى فرص ؛ بدلالة شخصية الزعيمين المفترضين .
ان هذا الحلف المفترض ؛ فوق تهميشه لقوى وقيادات التجمع الاخرى ؛ فهو يقدم الدلالة الكافية على انتهازية القوى السياسية السودانية ؛ وكون تحالفاتها تقوم على العلاقات الشخصية ؛ والمكايدات للاخرين ؛ اكثر من قيامها على وحدة المبادى او تقارب الاهداف والبرامج . فما الذى يربط ما بين الميرغنى ؛ الزعيم الطائفى ؛ وجون قرنق ؛ الزعيم الثورى ؛ وما الذى يوحد الطائفة الختمية وتجارها الجلابة ؛ وجماهير الجنوب التى استغلها طويلا الجلابة ؛ وما هو المشترك بين الحزب الاتحادى الذى يدعو لعلاقات خاصة مع مصر ؛ والذى يبشر بالجمهورية الاسلامية ؛ والحركة الشعبية التى تدعو الى بعث افريقية السودان ؛ والى الجمهورية العلمانية ؛ و ما الذى يربط بين احد سدنة ومؤسسى وركائز السودان القديم ؛ الميرغنى ؛ واحد اكثر الصارخين بدعوة السودان الجديد ؛ قرنق ؟
ان من يدعو الى وحدة قوى الجديد تحت قيادة الميرغنى – قرنق ؛ انما يذبح القوى الجديدة قربانا لاعادة المصداقية لقيادة قديمة ؛ سادت مرة ؛ وحق لها الفوات ؛ وها ان قوى الجديد تحاول ان تنفخ فيها الروح ؛ فى الوقت الذى ينبغى فيه ان تظهر وجهها المستقل ؛ وان تبنى تحالفاتها على قاعدة وحدة الهدف والبرامج ؛ واخوة النضال ؛ وليس على حسابات سياسية خاطئة ؛ لا تدرس التاريخ القريب ولا البعيد لمناورات القادة الطائفيين ؛ بائعى الشعارات ؛ وخادعى الجماهير . واذا كانت الحركة الشعبية وقائدها تفضل التحالف مع احد او بعض اركان السودان القديم ؛ تحقيقا لمصالح سياسية آجلة ؛ فاننا لا ندرى السر فى دعم قوى الجديد الاخرى لهذا الحلف الغريب واللامبدئى ؛ الا ان تكون فاقدة الثقة فى قدراتها ؛ مكتفية بفتات السياسة ؛ او غير مقتنعة هى اصلا بما تدعو اليه من شعارات ؛ وما تطرحه من برامج واهداف و تكتيكات . ان مؤتمر التجمع الاخير يقدم كل الاشارات على تبدد الجديد الموعود ؛ وتجدد القديم المعهود ؛ فى ممارسات وعقليات الحركة السياسية السودانية .
الموقف من حزب الامة هواة التجمع فى مقابل محترفى السياسة :
شهدت مداولات مؤتمر مصوع ؛ شاهدة اخرى على قصور قيادات التجمع ؛ وجهلها بابسط قواعد اللعبة السياسية ؛ فى مواجهة محترفى السياسة ؛ ورموز النخاسة السياسية ؛ من ممثلى الصادق المهدى .فحزب الامة الذى عطل عمل التجمع لسنوات ؛ ورئيسه الذى احبط الهمم اعواما بحديثه عن الجهاد المدنى وهو داخل السودان ؛ وسعيه الكاسح لان يصبح رئيسا للمعارضة خارج السودان ؛ قد انسحب من تلقاء نفسه من صفوف التجمع ؛ وانطلق قادته يطبلون للنظام ؛ ويهاجمون التجمع ؛ ويوصفوا قياداته بالخيانة والانصياع للاجندة الخارجية ؛ ويتهمون مقاتلى المعارضة بانهم مجموعات من "الشفته" ؛ ويعترفوا علنا ؛ بما كنا نكرره عشرات المرات ؛ بانهم لم يكونوا جادين فى العمل المسلح ؛ وان مشاركتهم فيه كانت رمزية ؛ وانهم لم يكن احد اجندتهم فى يوم من الايام ؛ كما صرح بذلك زعيمهم نقد الله ؛ فى حواره الاخير مع جريدة الراى العام .هذا الحزب اتى الان مطالبا بتمثيله فى التجمع ؛ وليستغل منابره فى دعوته الانهزامية والاستسلامية .
ان حزب الامة اراد ان يكون حصان طروادة النظام ؛ التى يدخل بها الى مؤتمر التجمع ؛ وقد كانت مشاركة وفد حزب الامة من الداخل ؛ مدبرة بعناية لهذا الغرض ؛ كما ارسل الصادق المهدى ؛ خطابات انكرها فيما بعد ؛ يطالب بعودة حزبه الى التجمع ؛ ليس اعترافا بخطا خروجهم من صفوفه ؛ ولا مراجعة لمواقفهم التى اثبتت الايام خطلها ؛ وانما بشروط واضحة ؛ وهو ان يرضخ التجمع لتكتيكتهم ؛ وان ينخرط معهم فى لعبة النخاسة السياسية ؛ التى يجيدها كل الاجادة الصادق المهدى .
ان قادة التجمع ؛ بدلا من ان يرفضوا مشاركة حزب الامة او يقبلوها ؛ وفق حيثيات واضحة ؛ قد بحثوا عن حل وسطى ؛ بدعوة ممثلى حزب الامة من الداخل ؛ وكانهم صدقوا الكذبة التى اطلقوها ؛ بوجود خلاف ما بين نقد الله وعمر نور الدائم ؛ وسارة الفاضل وزوجها ؛ وبنت الصادق واباها؛ ونجيب الخير ومبارك الفاضل ؛ وفى ظل الدعوة هذه ؛ ووجهوا بمسالة مشاركة الامة الفعلية فى المؤتمر التى رفضوها من دون حيثيات مقنعة ؛ الامر الذى استغلته قيادة الامة باوسع ما يكون ؛ للتشنيع على التجمع ؛ واظهار انفسهم بمظهر الضحية والحمل الوديع ؛ وتصوير خروجهم عن الخط الوطنى ؛ وكانما هو ابعاد لهم فى مؤامرة مدبرة من احزاب التجمع الصغيرة .
ان قيادة التجمع لو كانت حريصة على المبادى بحق ؛ وملتزمة بالشفافية فى العمل السياسى ؛ لكانت قد نشرت رسالة الصادق اليها ؛ وردت عليها علنيا ؛ بوضع الشروط اللازمة لعودة حزب الامة ؛ وهو الالتزام بمقررات التجمع ؛ والعمل الجماعى ؛ الا انها فضلت المنامرات ؛ وخدعت نفسها بوجود خلافات فى حزب الامة ؛ لتجد فى النهاية انها كانت ضحية للعبة مدبرة بدقة من حزب الامة ؛ لاضعاف مصداقية التجمع ؛ والضغط عليه ؛ واستغلال تخبطاته وتردده . ومثلما كان خروج حزب الامة السابق مرتبا بعناية ؛ ومخرجا باحتراف سياسى ؛ فان الضجة التى اثارها حزب الامة ابان مؤتمر التجمع ؛ قد كانت لعبة ممثلة بعناية ؛ لم تغب تدابيرها عن اى شخص ؛ ما عدا قيادات التجمع ؛ وبعض المنخدعين ابدا بشعارات وحدة قوى الانتفاضة ووحدة مزعومة للصف الوطنى ؛ والذى لم يكن طرفا فيه ذات يوم حزب الامة ؛ رمز النخاسة السياسية ؛ وحصان طروادة الدائم فى طول تاريخ الحركة الوطنية .
ان قيادات التجمع ؛ والذين رفضوا تمثيل الامة بشكل اخرق وغير منظم ؛ عادوا وتبنوا كل شعاراته فى دعوتهم غير المشروطة للحوار ؛ وفى لقاءاتهم اللاحقة باركان النظام ؛ وهنا يبدو السؤال منطقيا ؛ هل خروج حزب الامة عن التجمع ؛ والرفض الاخرق للتجمع لعودة حزب الامة ؛ يعتمد على مبادى ؛ ام هو طرف من المكايدة السياسية ؛ التى تخصص فيها ساسة السودان القديم ؟ فاذا كان قادة التجمع يرفضوا نهج حزب الامة ؛ فى هجر النضال ؛ وفى دعم اطراف من سدنة النظام المتهاوى ؛ فلماذا ينخرطوا فيه الآن ؛ ولماذا يدعوا فى بيانهم الختامى بعودة حزب الامة الى صفوف التجمع ؛ واين كل هذا من دعوة السودان الجديد ؛ التى صدروا بها منصة مؤتمرهم و بيانهم الختامى ؟
تداعيات ما بعد المؤتمر بوادر الانتفاضة التى فأجات الجميع :
لم تنقضى بضعة ايام على انعقاد مؤتمر التجمع ؛ حتى فاجات الجماهير الجميع ؛ بالمظاهرات الطلابية والشعبية الصاخبة التى عمت مدن السودان الرئيسية ؛ والتى اثبتت هشاشة النظام ؛ ووحشيته وطبيعته الديكتاتورية ؛ حيث سارع الى البطش والقمع ؛ مضيفا شهداء جدد الى سجل البطولة ؛ وجرائم جديدة فى تاريخه المخزى ؛ الملى بالدم والارهاب والفساد. ان بوادر الانتفاضة التى ظهرت فى هذه المظاهرات ؛ وقبلها فى الرفض الشعبى لقرار والى الخرطوم بمنع عمل النساء ؛ تثبت القدرات الكامنة للحركة الجماهيرية ؛ وتثبت من جهة اخرى ضعف التجمع بالداخل ؛ وبعده عن نبض الجماهير ؛ وكونه فؤجى بهذه العارضة الجماهيرية الجارفة . ان ادعاءات قادة التجمع بوقوفهم خلف المظاهرات الاخيرة يكذبها قرارات مؤتمرهم الاخير ؛ والذى وضع الانتفاضة الشعبية على الرف ؛ وقدم عليها مناورات الحوار مع بعض اطراف النظام ؛ كما يكذبها واقع الحال فى السودان ؛ ومعرفة الجميع بان هذه المظاهرات قد اخذت قيادات التجمع على حين غرة .
ان قيادات النظام من جناح البشير ؛ وقد اخذ منها الذعر والرعب كل ماخذ ؛ قد سارعت الى القاء مسئولية هذه المظاهرات على حزب الترابى ؛ والذى لم يؤيد هذه المزاعم ؛ ولكنه لم ينفها ؛ مضيفا رصيدا سياسيا جديدا له . ان مظاهرات سبتمبر فى تحليلنا قد كانت انطلاقا لحركة شعبية عفوية ؛ لم ينظمها لا حزب الترابى او التجمع الوطنى ؛ وانما بادرت بها الجماهير المدركة لهشاشة النظام ؛ والتى كسرت حاجز الخوف ؛ والتى انفضح امامها زيف "المشروع الحضارى" المزعوم . وكعادة الانظمة الديكتاتورية ؛ سارع النظام المذعور الى القاء التهمة فى البدء بحزب الترابى ؛ ثم من بعد اضاف لها التجمع الوطنى ؛ دون ان يدرك ان المسؤول الاول عن المظاهرات والمعارضة انما هوسياساته الخربة والمعادية للشعب ؛ والتى لا تحتاج للترابى او الميرغنى لاشعالها .
ان قيادة التجمع ؛ والتى اعماها ضغط الدوائر الاقليمية والعالمية ؛ والتى بهر بعضها بريق السلطة ؛ لم تتعلم اى درس من هذه الهبة ؛ لم ترجع لتعول على الانتفاضة ؛ وتنقل نشاطها الى الداخل ؛ وتقود الحملات السياسية والدبلوماسية فى فضح دموية النظام فى مواجهة مظاهرات سلمية ؛ بل ذهبت بعد ايام قليلة ؛ ودماء الشهداء طرية لم تجف بعد ؛ الى لقاء سفاح النظام وجلادى نظامه ؛ ويعد قادتها الرحال للسفر الى الخرطوم ؛ لاسناد النظام المتهاوى ؛ لا لتنظيم الانتفاضة المرتقبة ؛ فى قراءة خاطئة تماما لحقائق الوضع السياسى .
ان النظام فى راينا الان هو فى اضعف مراحله ؛ وقد دق انقسام الحزب الحاكم ؛ وانضمام اغلبيته الى مجموعة الترابى ؛ مسمارا جديدا لنعش النظام . ان اجنحة النظام فى حربها الضروس ؛ قد فضحته فى ايام ؛ بما لم تنجح فيه المعارضة منذ سنوات . وقد ادركت الجماهير هذه الحقائق ؛ ويدركها النظام المذعور الذى يبحث عن اى سند الان ؛ حتى ولو فى شخصى الميرغنى وقرنق ؛ ويدركها قبل كل شى حسن الترابى؛ والذى فى غياب التجمع وذهوله ؛ اصبح المعارض الاول للنظام ؛ وهو يحلم الآن بانتفاضة جديدة ؛ ليزعم من جديد انه قائدها ؛ ويكرر مسرحية اكتوبر وابريل السمجة ؛ فى اللحاق بقطار الانتفاضة فى لحظاته الاخيرة ؛ بينما يستعد قادة التجمع للالتحاق بقطار النظام المتهاوى .
لقاء التجمع مع سدنة النظام مراهنات التجار وتخبطات الثوار :
من هذا المنطلق ؛ ننظر الى لقاء اسمرا الثلاثى ما بين الميرغنى والبشير وافورقى ؛ ومن بعده اللقاء الموسع بين اقطاب النظام وقيادات التجمع . ان مراهنات النظام واضحة وصريحة ؛ وهو بقاء البشير وبطانته فى الحكم ؛ مع اتاحة فرصة لقيادة التجمع للمشاركة فى كيكة السلطة ؛ وابعاد حسن التراى ومجموعته نهائيا ؛ واضافة حزب الامة الى هذا الحلف السلطوى غير المقدس . فى هذه الاستراتيجية يستخدم قادة النظام سياسة الامر الواقع ؛ فينظموا لانتخاباتهم الرئاسية والبرلمانية فى اكتوبر ؛ فى تحد واضح لكل جهود الحوار والمصالحة ؛ ولا يقدموا اى تنازلات للمعارضة ؛ سوى وعد بالقاء بعض فتات السلطة اليها ؛ فى مقابل تخليها عن اهدافها ومبادئها ؛ وان تشطب الانتفاضة من تكتيكاتها ؛ وان تشكل حلفا جديدا ؛ ضد العدو الجديد المزعوم ؛ من حزب الترابى ؛ والعدو الحقيقى التليد ؛ الكامن فى الجماهير المنتفضة .
ان قيادات التجمع ؛ فى ردها على هذه الاستراتيجية ؛ تنقسم الى تجارمراهنين ؛ وثوار حائرين . فاما التجار ؛ فهم اولئك القادة المتخصصين فى استغلال الجماهير واستهبالها ؛ والذين اعاد لهم النظام ممتلكاتهم ؛ ففتح بذلك امامهم الباب واسعا للرجوع عن المعارضة ؛ والالتزام بالسودان القديم ؛ فى ظل ديكتاتورية عسكرية حزبية طائفية جديدة ؛ تحافظ على كل البنية القديمة ؛ وتضع للجناح الجبهوى الضمانات بالا يسترد منه ما قد انتهب طوال العقد السابق . ان التجار الذين يمثلهم الحزب الاتحادى الديمقراطى ؛ قد اعلنوا رايهم واضحا برجوع حسن عبد الله يس الى حظيرة النظام ؛ وها هو رئيسهم يسير علىالدرب الذى عبده له خصمه وحليفه الطائفى ؛ ويدعوه له قادة حزبه ؛ ويزينه له اقطاب النظام .
واما الثوار ؛ فقد علا بعضهم الصدى ؛ بعد 50 عاما من "النضال" ؛ من اجل اهداف وبرامج تخلى عنها العالم ؛ ولم يستطيعوا ان ينجزوا فيها الحد الادنى فى السودان ؛ وهم اذ ركبهم الهرم والعجز ؛المادى والمعنوى ؛ فقد انضموا الى قافلة القادة الطائفيين ؛ وفقدوا ايمانهم بالجماهير ؛ ويبحثوا الان عن شيخوخة هانئة وادعة ؛ ومفارقة للسياسة بماء الوجه . وبعضهم الاخر ؛ بعد حوالى عشرين عاما من الكفاح المسلح فى احراش الجنوب ؛ لم يحصدوا شيئا ؛ وها ان الاطراف الخارجية والداخلية توعدهم بالمن والسلوى اذا ما انخرطوا فى اللعبة ؛ وتخلوا عن احلامهم فى سودان جديد ؛ اما الطرف الثالث من الثائرين ؛ من دعاة السودان الجديد ؛ والذين عقد الكثيرون عيهم الامل بان يشكلوا الجديد المرتقب فى الحركة السياسية السودانية ؛ فقد اثبتوا انهم لا يقلوا فى تقليديتهم وانخراطهم فى اللعبة السياسية ؛عن غيرهم من دهاقنة السودان القديم ؛ وهم فى تاثرهم بالتغييرات العالمية والاقليمية ؛ لا يودوا ان يعزلوا او يتخلفوا عن الركب ؛ فلماذا لا يخوضوا مع الخائضين ؛ و يصرفوا النظر عن دماء الشهداء وتضحيات المقاتلين ؟ ان ثوار التجمع بمختلف مدارسهم ؛ قد تفوقوا على انفسهم فى مسيرة التخبط السياسى . ان التجمع ما بين مراهنات التجار ؛ وتخبط الثوار ؛ يوضح عمق جذور القديم فى الحياة السياسية السودانية ؛ وعن الصعوبات التى سيواجهها الجديد وهو يشق طريقه وسط كل من انتجوا الازمة ؛ وكل اولئك الحريصين على اعادة انتاجها ؛ وتكريسها الى ابد الابدين .
فى انتظار الجديد من اجل بديل متمسك بالمبادى وملتزم بالجماهير :
ان مختلف نشطاء الحركة الوطنية السودانية ؛ والذين رصدوا خلال السنوات الفائتة العديد من مظاهر ازمة التجمع الوطنى الديمقراطى؛ واسهموا ضمن من اسهم فى تقديم مختلف الاقتراحات لتطوير واصلاح التجمع ؛ قد وصلوا الى القناعة الراسخة ؛ بان ازمة التجمع الوطنى شاملة وعميقة ؛ وان بنيته غير قابلة للاصلاح . ان مقررات المؤتمر الاخير ؛ توضح ان التجمع فى خطواته الاخيرة للتفكك والانهيار ؛ وانه استنفد كل طاقاته ؛ وما عاد ضروريا حتى للقوى التى كانت حريصة على استمراره ؛ طوال السنوات السابقة . اننا لا نعول ولم نعول يوما على القادة الطائفيين ومجموع قوى السودان القديم فى حل المشكل الوطنى السودانى ؛ ولكن تبقى هناك العديد من القوى الوطنية ؛ من اعضاء التجمع ومؤيديه ؛ والتى يجب ان تبحث عن منبر جديد اذا ما كانت صادقة فى دعواتها الوطنية .
لقد كتبنا فى مقال سابق ؛ عشية مؤتمر التجمع ؛ وبعد ان عددنا ما نقترحه من اليات وادوات لاصلاح التجمع ؛ كتبنا فى الخاتمة : " ان هذا ما نطلبه ونتوقعه من القوى الوطنية داخل التجمع ؛ وها قد توفرت لها فرصة تاريخية لاصلاح الاخطاء والرجوع الى ساحة النضال . ان تم لها النجاح فى ذلك ؛ فستجد من عشرات الجماهير والوطنيين كل تقدير ودعم والتزام ؛ وان لم يتم لها ذلك ؛ وانتصر النهج القديم ؛ نهج الزعامات الزائفة والمصالح العارضة ؛ والاستسلام المنبطح ؛ فلا خيار لهذه القوى الا الخروج من التجمع وبناء بديلها الجديد . وان فشلت فى هذا وذاك ؛ فعلى المعارضة السودانية السلام ؛ ويظل لنا واجب الدعوة والسباحة ضد التيار والمقاومة ؛ انتظارا لقادم سوف يكون ؛ يخرج من رحم المعاناة والغضب ؛ يكسر ولا ينكسر ؛ لا يبقى ولا يذر ؛ يكافح ولا يصالح ؛ يقاوم ولا يساوم ."
اننا بعد انعقاد مؤتمر التجمع ؛ وانتصار القديم فيه ؛ نهجا وقيادة ومؤسسات ؛ لا نزال نوجه الدعوة الى القوى الوطنية والجديدة فى التجمع بمراجعة مواقفها ؛ واعادة حساباتها ؛ والانخراط فى النضال ؛ من اجل سودان جديد ؛ لا يتم بناءه الا باسقاط النظام ؛ واعادة تركيب البنية السياسية والاجتماعية فى السودان ؛ على اساس ديمقراطى ؛ مدنى ؛ ملتزم بالجاهير ومنحاز للمهمشين . ان هذا البديل بعد ان ظهرت براعمه فى دعوات القوى الجديدة ؛ ما لبث ان غاب تحت قديم التجمع .
اننا ندعو من هذا المنبر الى بناء بديل جديد عن موات التجمع ؛ بديل مدنى ديمقراطى ؛ لا طائفى ؛ يقوم على اساس وحدة المبادى والبرامج ؛ وعلى قاعدة الالتزام بالجماهير ؛ والاخلاص للمبادى . نريد بديلا يتجاوز مسالب الحياة السياسية والاجتماعية السودانية ؛ ويطور اجمل ما فيها من تقاليد المقاومة والتحديث والعلم . اننا ندعو كل من انتسب الى افكار الثورة والتغيير والحرية ذات يوم ؛ للضغط والعمل من اجل بناء هذا الجديد ؛ فى ذلك لا نستثنى احدا ؛ الا الذين استثنوا انفسهم من النضال ؛ ووضعوا انفسهم مطية لدعاة القديم ؛ يتوسلوا بهم الى السلطة ؛ ويضيعوا بهم حقوق الشعب
من اجل هذا البديل ندعو تلاميذ على عبد اللطيف ؛ ورفاق القرشى ؛ وعبد الخالق محجوب ؛ ومحمود محمد طه ؛ وعبد العزيوز النور ؛ والشهيد بولاد ؛ واخوات التاية ؛ ورفاق شهداء رمضان . ندعو ابطال الحركة النقابية ؛ ورائدات الحركة النسوية ؛ وجماهير الشباب والطلاب ؛ ومهمشى السودان فى الريف والحضر . ندعو منتسبى قوى السودان الجديد فى داخل وخارج السودان ؛ ندعو مقاتلى الحرية ؛ وابطال الانتفاضة الشعبية ؛ ومثقفى السودان الوطنيين .
من اجل هذا البديل ندعو ونعمل ؛ فهل من مستجيب؟
عادل عبد العاطى وارسو 1اكتوبر 2000
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 11-03-02, 00:30 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | ود العجمى | 11-03-02, 09:10 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | 3bdo | 11-03-02, 09:57 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | kofi | 11-03-02, 10:51 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 11-03-02, 02:46 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | Elmosley | 11-03-02, 03:04 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | مهيرة | 11-03-02, 04:55 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | adil amin | 11-03-02, 03:06 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | مهيرة | 11-03-02, 05:37 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | مهيرة | 11-03-02, 05:37 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | rummana | 11-03-02, 07:45 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 11-03-02, 03:42 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | 3bdo | 11-03-02, 04:29 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 11-03-02, 04:42 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 11-03-02, 05:07 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | مهيرة | 11-03-02, 06:11 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | مهيرة | 11-03-02, 06:11 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 11-03-02, 08:10 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | adil amin | 11-04-02, 01:06 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 11-04-02, 01:15 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-14-03, 09:15 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | kofi | 11-04-02, 01:31 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-14-03, 09:26 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | altahir_2 | 03-15-03, 01:23 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | elsharief | 03-15-03, 03:46 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-15-03, 04:50 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | artiga | 03-15-03, 04:59 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-15-03, 04:32 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-15-03, 05:33 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | elsharief | 03-15-03, 06:28 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-15-03, 06:47 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | abdel abayazid | 03-15-03, 07:19 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-15-03, 07:40 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | bunbun | 03-15-03, 07:09 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | bunbun | 03-15-03, 07:10 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | اسامة الخاتم | 03-15-03, 07:50 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-16-03, 09:57 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-15-03, 07:50 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | bunbun | 03-15-03, 08:09 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | abdel abayazid | 03-15-03, 08:58 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | مهاجر | 03-15-03, 09:19 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | النسر | 03-15-03, 10:15 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-15-03, 10:40 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | abdel abayazid | 03-16-03, 02:08 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-16-03, 10:13 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | intehazy | 03-16-03, 04:50 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | Abdel Aati | 03-16-03, 06:57 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-16-03, 10:43 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | elsharief | 03-16-03, 08:34 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-16-03, 10:31 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | adil amin | 03-16-03, 11:19 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-16-03, 11:31 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | omdurmani | 03-16-03, 12:02 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-16-03, 12:37 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | omdurmani | 03-16-03, 01:06 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | abdel abayazid | 03-16-03, 02:47 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | Deng | 03-16-03, 04:09 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-16-03, 04:44 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | abdel abayazid | 03-16-03, 11:03 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-16-03, 11:08 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | abdel abayazid | 03-16-03, 11:29 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | hasan_6 | 03-17-03, 00:21 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | abdel abayazid | 03-17-03, 00:52 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-17-03, 08:54 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | hasan_6 | 03-17-03, 01:30 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | فجراوى | 03-17-03, 06:42 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-17-03, 10:30 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | AlRa7mabi | 03-17-03, 08:02 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | Abdel Aati | 03-17-03, 09:39 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | Abdel Aati | 03-17-03, 09:49 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-17-03, 12:19 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | مهاجر | 03-17-03, 01:02 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | abdel abayazid | 03-17-03, 02:23 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | مهاجر | 03-18-03, 10:27 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-19-03, 09:34 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-19-03, 09:41 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-20-03, 04:33 PM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | Deng | 03-22-03, 06:14 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | نصار | 03-22-03, 10:12 AM |
Re: دعوة الى التجمع الوطنى الدموقراطى | Deng | 03-22-03, 04:13 PM |
|
|
|