في تفكيك الهيافة (توجد مناسبة).. الهيافة هي نهاية التاريخ!.
كثير ما يشتكي البعض منا ويتذمر سراً أو علناً من هيافة الهايفين!. ما هذا الشيء الذي إسمه هيافة وكيف يتجلى في الحقيقة؟.
الهيافة صفة مرتبطة بدعة العيش.. وتعني في المصطلح العام: التبسيطية وهامشية الإهتمامات اليومية وسطحية الرؤية حيال الحياة والأشياء (التعريف بلغتي الخاصة) وذلك من سهولة العيش. ولم أجد بحسب ذلك كلمة مقابلة للهيافة غير "التعاسة" وهي صفة سالبة. إذن هنا تتحول التفاهة للنقيض فتكون السعادة "أخدوني جاد واصبرو علي في الحتة دي"!.
كلنا نحب الهيافة، كلنا نسعى إلى راحة الضمير والبال من هموم الحياة والعيش والبشتنة، أليس كذلك؟!.
يعني الهيافة هي الوضع المأمول عند الجميع. هي الحالة الطبيعية. أي مجتمع قل دولة محترمة تسعى إلى رفاهية مواطنيها و"نغنغتهم" حد الهيافة حقاً أو زوراً. ولذا نسبة الهيافة في معادلة طردية مع حالة الأمن والسلام الإجتماعي والإزدهار الإقتصادي. تلك الحالة تنعكس على سلوك الفرد كي يصبح همه الأول المتعة الجسدية والمعنوية والإبتعاد عن متاعب الحياة التي قد تعانيها الجماعات التي تعيش كدر وضنك العيش في ذات المجتمع. هنا تأتي المشكلة!.
الهيافة نفسها غاية الجميع وليست مشكلة في حد ذاتها.. لكن هناك ظن أن هيافة فئة محددة من المجتمع تعطل السير الكلي نحو الهيافة الجماعية الشاملة على وزن العدالة الإجتماعية الشاملة.. أي توزيع الهيافة بالتساوي.
ولأن السلطة والثروة محتكرة في زي بلدنا فالهيافة تصب دوماً في مصلحة إستمرارية الوضع القائم أي كان وبالإنجليزية إستمرارية "الإستيتس كو". وأيضاً عبر آلية تهييف التعساء في عملية تزوير للواقع عبر وسائل إعلامية مبتكرة وكورة هلال ومريخ وريال وبرشلونا وسارة رحمة (امثلة) وتشتيت النظرة الواقعية للوضع القائم. وأحياناً عبر توزيع حبوب الخرشة "هيافة صناعية".
من هنا يأتي شتم الهيافة والناس الهايفين من التعساء والمعذبين في الارض. يشتمون الهيافة لكنهم من الناحية الأخرى تجدهم آخر النهار يسرقون لحظات من الهيافة ويتلصصون على أفلام وصور وتلك الخربشات البليدة اللذيذة للهايفين والهايفات في زقاقات الفيسبوك والواتساب واليوتوب والمنابر السايبرية الأخرى.
وبعض التعساء يتهيف عمداً بهدف كسب البنات الهايفات البليدات المسطحات اللذيذات الشهيات والتعيسات يحرصن أيضاً على كسب ود الهايفين فهم الأغلبية. الفرص أكبر في تلك الساحة!.
وهنا طبعاً تناقض لكنه حتمي فقدر من الهيافة يبدو أنه أمر ضروري لإستمرارية الحياة كما أن جميع البشر يسعون إلى الوصول لمرحلة الهيافة عبر كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة.
وبهذا فإن المعادلة تكون كلما زاد معدل الهيافة الحقيقية والمصطنعة في المجتمع ظل الوضع القائم كما هو. لذا تجد حكومات ديكتاتورية عظيمة تشجع الهيافة وترصد لها مليارات وتسطح البشر عبر المناهج الدراسية والإعلام والمنافسات الرياضية الحقيقية والوهمية إلخ ليشعرو ولو وهماً بأنهم هايفين كفاية والدنيا حلوة وبخير برغم كل شيء.. يبدو أن الهيافة غريزة قوية جداً لا بد من إشباعها وأقوى من الجنس بكثير لذا الكل يتحرش بالهيافة نساء ورجال!.
أصعب حاجة في العالم أن تقنع هايف حقيقي بأن الهيافة حاجة ما كويسة.. كيف وعشان شنو!.
يعني تمشي لإنسان هايق تقول ليه بوستك الفي الفيسبوك دا هايف وانت هايف الناس في شنو وانت في شنو؟. كيف تكتب تقول إنك: مسافر سياحة إيبدزا والناس بكرة طالعة مظاهرة إحتجاج على صف الرغيف؟. ح يقول ليك وانا مالي.. ممكن طبعاً لو وجد الخشونة اللازمة.. انتو اعملو شغلكم وانا بعمل شغلي وممكن يواصل بلغة ناعمة وهو إنسان رقيق وليس بخشن: وبعد ما تنتهوا من المظاهرة ألحقوني في إبيدزا ولو برضو ما عندهم رغيف هناك ممكن ناكل جاتو (تصوير كراكتوري لكنه محتمل).
والخشونة المعنوية والمادية مناعة من صروف الدهر وهي صفة التعساء لأنهم أعتادوا من الدهر أن يتقصدهم بالمفاجئات غير السارة.. فالهايف الحقيقي لا يحتاجها لذا كلما هاف الإنسان أصبح أرق في صوته وجسده.. هذا منطقى لما يشيل معاه حمل زائد "خشونة"".. تلك يشيلها التعساء وحدهم، التعساء حقاً!.
أقول هايف حقيقي.. مش مشكلة وهو قدر لا يمكن إصلاحه إلا بتغيير شروط المعادلات السياسية والإجتماعية السائدة وهو أمر ليس بالمتاح كل الوقت.. فالمتهيفون عمداً ومتهيفو الوعي هم الأخطر، أخطر من الهايفين الجد لأنهم هم الأغلبية الساحقة. ولأن الهيافة أكبر سوق للإحتيال في السودان المعاصر.
من خلال التظاهر بالهيافة تستطيع أن تنال إعجاب قدر كبير من الناس في الواقع والأسافير لأن الهيافة حلم غائب عند الغالبية في أرض الواقع فهم تعساء يتظاهرون بالهيافة.. ومكانهم سر!.
• مناسبة البوست: زميل في سودانيزأونلاين قال لي الناس الهايفين ما بقرو بوستاتك ولا بعلقو عليها.. عدها من البوستات الجادة حسب فهمه.. دا شيء طبيعي طبعاً.. من حقهم ما عندهم زمن للتعاسة.. وهنا اشيد بالهيافة المطلقة وليس عندي ما أقدمه لزول سعيد وأنا تعيس ولذا رضيان بأقداري واقول للهايفين مبروك عليكم ونحن ماشين عليكم كلنا .. كونو بخير وإلى لقاء. بس لازم تتأكدوا من صحة هيافتكم "سعادتكم" وإمكانية إستمرارها في ظل الوضع الراهن التعيس جداً من حولكم!.
وعلى التعساء من أمثالنا ليس لي عزاء غير نداء أن أعملوا في طريق الهيافة الإجتماعية الشاملة بجدية وصبر ومثابرة وأخلاق وضمير يقتضيه الشعور المشترك بالرغبة في الخروج من سجن التعاسة إلى السعادة ولا تهيفوا قبل يومكم فتصبحو من القوم الخاسرين.. إني لكم من الناصحين!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد جمال الدين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست