غيمة تستحم على سماء عارية إلا من ورقة توتٍ ذابلة، ريحٌ و برق، مطرٌ مخيف، غبارٌ من الذكريات لا يُشق له فارس ليلٍ جريح، نسمة كسيحة تعبر فوق أسوار الحزن، جرعة من حليب الوطن، أمتعة مبعثرة، تذكرة سفر بلا تواريخ، بطاقة صعود لطائرة جاثية على مهبط الضجر. أشيائي، حزام أمان معطوب، مقعد يقابل نافذة الترقب، أضغاث ام أمنيات، سفرٌ ام رحيل، غُربة ام منفى. سنوات طويلة على الإغتراب، حملت أمتعتي و ركلت ذاتي، و مضيت، أوصدت خلفي كل أبواب الهروب، هنا على دهاليز الحلم، تُفتح أبواب الأماني و تُوصد أبواب الرجوع. عتمة، و ضباب، ثلج منفوش يتطاير كل شتاء، أوراق حزينة تساقطت، دهستها أقدام شرهة للوصول. فراشة أنا تحط على دخان العمر، سلة من ذكريات، خطابات مهترئة، صور مبعثرة، طريق مُعبّد بالحصار يربط جسر أحلامي بنفق الذكريات. حكايات قديمة، أغاني بطعم الحُلم، أشجار التمرد تنمو على بستان العمر، ثمار نيئة تتدلى، آيلة للنضوج. هناك على خيمة ذكرياتي جلست، تُحاصرني صحراء الرجوع، دوحة تطل من بعيد، يجلس عليها أصدقائي، كم نسجت معهم ضياء الفرح، شعلة و بريق، كم تدلى خيط المزاج، ربطناه على خصر الحياة، طربنا و نجونا من حزننا السحيق. عاماً تلو عام، سنوات العمر تمضي، تلهث خلف سراب الرجوع، أنا و كلب خيالي اللئيم، ننهش وحدنا الذكريات، كم لبثنا في كهف غربتي، تسعة عشر عاماً، أو يحزنون.
المعز عبد المتعال سر الختم العاشر من أكتوبر، 2017 نيو بريتن، كونيتيكت، الولايات المتحدة الأمريكية
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة