1 كتال الكلاب في زمن الصبا ( حليل زمن الصبا) وفي نهار حار .. ونحن داخل البيوت في الحيشان تحت ظلال الشجر نسقي الأشجار _ (ونخمج ) في الطين فجأة نسمع صوت عيار ناري و يعقبه صوت صراخ كلب مذعور وطيران الحمام من صوت الرصاص . - كتال الكلاب .. بفرح يطلق الكلمة أحدنا . ويبدأ الجري ناحية باب الشارع .. يا أولاد ماشين وين في الحر دا ؟ كتال الكلاب جا .. كأن كتال الكلاب هذه إجابة مقنعة تبرر خروجنا في هذه الشمس الحارقة . من كان ذاك الرجل ( كتال الكلاب ) ولأي جهة يتبع ؟ اسئلة ظلت مدفونة في الذاكرة طيلة هذا الزمن .. ومن أعطاه تصريح بقتل كلاب الناس فهو لا يحمل ورق ولا بطاقة .. أصلا لم نشاهد أحد يسأله عن هويته .. يقتل الكلاب الهائمة في الشواع دون أن يشاور أحد أصحابها ..وأصحابها يستسلموا لقدرها كأنه حادث عابر ..( واحدة من سمات الطيبة الزائدة لهذا الشعب ) . أما هو فكان يلبس لبس عسكري ( كاكي)غريب لا هو تبع الجيش ولا هو تبع الشرطة .. بالإضافة الى طاقية ( الكسكتة ) التي يلبسها رعاة البقر في الأفلام الكاوبوي .. ربما هو سر من أسرار حبنا له ..لأننا كنا مغرمين بأفلام الكاوبوي الأمريكية وأبطالها ناس ديجانقو وسرتانا وترنتي .. وكنا نقلدهم بوضع فك الخروف الأسفل على جنب البنطلون أو الردا في شكل مسدس .. وأكيد السر الآخر هو أن هذه الكلاب البغيضة التي بادلتنا كره بكره.. فهي تمنعنا المرور في الشوارع التي يقع عليها بيت أصحابها أو ممارسة كرة القدم .. ونحن نمنعها التجول الحر في الحارة أبعد من بيتها بمطاردتنا لها بالحجارة . لكن الليلة يوم الكلاب . أول رصاصة من كتال الكلاب كانت كافية لتفتح الأبواب ويخرج الصغارمن كل حدب وصوب .. بعد شوية يحس كتال الكلاب أنه تحول الى (رامبو) .. يضع البندقية على كتفه ويمنطق وسطه بحزام رصت به الطلقات وينزل الكسكتة على وجهه مثل ما يفعل الكاوبوي ... ويمشي مختالا بغرور ونحن نزفه من الخلف .. وكذلك تحس الكلاب بهذه الحملات وخاصة الذين كانوا في جولة خارج البيت رحلة غزل أو أي سبب آخر .. فهم ربما يشمون أو يحسون بكتال الكلاب .. فيبدأ الجري المذعور في كل أتجاه .وخاصة بعد ان يعرفوا أن العودة الى بالبيت أصبحت مستحيلة .. وبعد ذلك نبدأ متطوعين بتوجيه كتال الكلاب . يا عمنا لف بلفة الطاحونة والله هناك في قطيع بتاع كلاب . ما تنسوا كلاب عمك الزين الجزار.. وكلب آسيا الداية . الغريبة أن كتال الكلاب كان لا يعقب بالكلام على توجيهاتنا هذه رغم أنه تحس بإستجابته لها ..فهو يمشي صامتا مما يزيده هيبة ويزيد إعجابنا به . أول ما يشاهد كلب على مرمى بندقيته ينزلها من كتفه ويصوب ناحيته .. هنا يعم صمت مرعب للكلب وسعيد لنا .. حتى تخرج الطلقة يسقط الكلب ويطير الحمام الذي يفزعه الصوت فهو لا يدري هل هو المستهدف أم شئ آخر .. وصرخاتنا السعيدة .. وتحركه نحو شارع آخر ونحن لا زلنا نتبعه .. ثم ينتهي اليوم والشوارع ممتلئة بجثث الكلاب والمشاعر متباينة بين سعادتنا وحزن أصحاب هذه الكلاب . ونبدأ متطوعين بجر جثث الأعداء نحو مكب النفايات .. الحق يقال لم تكن هذه الجثث تبيت لليوم التالي حتى تتعفن .. بل في نفس اليوم تحضر عربة النفايات وتحملها الى مكان بعيد .. ينتهي اليوم السعيد على أمل الحضور في العام القادم . ولكن تظل الأسئلة حائرة . من هو كتال الكلاب ومن كان يرسله ؟؟.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة