السيد الأنور عبدالماجد عثمان أصلا من قرية الباوقة- بقلم عبد الوهاب الافندي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 03:17 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-03-2017, 06:00 AM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
السيد الأنور عبدالماجد عثمان أصلا من قرية الباوقة- بقلم عبد الوهاب الافندي

    05:00 AM March, 03 2017

    سودانيز اون لاين
    زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم
    مكتبتى
    رابط مختصر


    كان ذاك يومي الأول في جامعة الخرطوم. وصلت بعد التسجيل إلى الداخلية، واخترت السرير الأعلى في أول غرفة في أول داخلية في البركس، وتمددت على السرير بكامل ملابسي طلباً للراحة من عناء يوم طويل. كانت ظهيرة ذاك اليوم شديدة الحرارة، رغم أن الشهر كان ديسمبر.
    لم يطل بي المقام قبل أن يدخل الغرفة شاب نحيف، يبدو أنه اتخذها قبلي مقراً. رحب بي ببشاشة وحفاوة لم أعهدها من قبل من شخص ألتقيه لأول مرة، وعرض أن يعيرني جلباباً. في نفس ذلك اليوم، وبعد أن تعارفنا قليلاً، طلب مني وأحد رفاقه بلطف أن أنتقل إلى غرفة أخرى. فقد كان هو وثلاثة من رفاقه من طلاب السنة الثانية يتشاركون في الغرفة في العالم السابق، وقد تعاهدوا على الاستمرار في ذلك. لم أعترض، فكل الغرف وكل الرفاق كانوا عندي سواء. انتقلت إلى الغرفة رقم ثلاثة، غير بعيد منهم. ولكن سرعان ما اكتشفت أن أصحابها ممن يصعب التساكن معهم.
    فقد كانوا أهل شرب وتدخين من كل نوع، وقد أوشك أحدهم أن يتسبب بحريق حين أخذته سنة من النوم وهو يعاقر الدخان، فاحترقت المرتبة، ونجا ونجونا بأعجوبة. عندها ندم رفاق غرفتي السابقين، واعتذروا وأعادوني إلى مكاني الأول، بعد أن صرفوا زميلهم صرفاً جميلاً. وكانت تلك بداية "صداقة جميلة"، كما يقول بطل فيلم "كازابلانكا".
    وكان محور تلك الثلة من خيار الخلق صاحبي الذي كنا نناديه أنور، ولكن اسمه الكامل كان السيد الأنور عبدالماجد عثمان، أهل من قرية الباوقة، غير بعيد عن مدينتنا بربر، وإن كان يسكن في مدينة الزيداب حيث كان والده يعمل. لا يكاد المرء يجد منه هو أطيب منه معشراً، وكان يجمع بين متناقضات من المحاسن. كان جاداً إلى درجة الهوس. تخصص في علم الآثار فأصبح فيه من العلماء حتى وهو بعد طالباً. كان إذا جاء شهر الامتحان، لا ينام الليل، ولا يحلق ذقنه، ولا يغير بنطال الجينز إلا بعد أيام متطاولة. وكان لي في ذاك منافع، حيث كان هو وصاحبه وزميله في علم الآثار، محي الدين عبدالله زورق، رحمهما الله، يقضيان الليل بطوله في المذاكرة، ولا يعودان إلى الغرفة إلا في السادسة صباحاً، حين أكون قد استيقظت لتوي، وهما يحملان لي كوباً من الشاي الساخن من البوفيه. من جانب آخر، فقد تبت إلى الله من مماشاة أنور في الجامعة، لأن المشوار من الداخلية إلى الكلية، وهو بضع عشرات من الأمتار، كان أحياناً يستغرقنا ساعة. فهو يعرف كل الناس، من الخفراء وعمال السفرة والنظافة، إلى الطلاب والأساتذة والموظفين. يتوقف ليحيي كل فرد، ويكثر من سؤاله عن أحواله.
    ولعله يعرف أسماء أفراد أسرته، هو بالقطع يعرف الكثير عن حاله.
    لم أر في حياتي شخصاً يهتم بالناس كحاله، ولم أر شخصاً يجمع الناس على محبته كما كان. كانت تلك السنوات أجمل سنوات العمر على الإطلاق: نهلنا فيها من العلم، وتعرفنا على معظم أصدقائنا الخلص، واستمتعنا بالأدب والفن، وغصنا في أمور السياسة والشأن العام (وإن كان أنور زاهداً في السياسة). ولو كان لنا خيار، لما تخرجنا من الجامعة أبداً.
    بعد تخرجه، التحق بالتدريس بجامعة الخرطوم، ثم سافر لتحضير الدكتوراه في جامعة بيرغن في النرويج، قبل أن يعود للتدريس بجامعة الخرطوم ثم جامعة دنقلا.
    ولم تنقطع الصلة بيننا، فكنا على اتصال دائم، وتزاور، حتى بعد أن عاد إلى بيرغن كارهاً. وحدث مرة أن انقطعت عني أخباره بضعة أشهر، خاصة بعد أن سافر للتدريس في بولندا. وقد استغربت ذلك، وظللت أبعث له بالرسائل وأحاول مهاتفته دون جدوى. وبعد أشهر حسبتها دهراً، جاءتني منه رسالة إلكترونية قصيرة يعتذر فيها بانشغاله بمؤتمرات ورحلات بعث، ويعد بأن يعاود الاتصال خلال شهر.
    بعد شهرين، وصلتني رسالة مطولة منه كان فيها العجب العجاب.
    علمت منه إنه كان دخل المستشفى لأنه كان يعاني من ألم في ساقه.
    هناك قرر الأطباء استبدال عظم الفخذ. ولكن بينما هو يتنظر تلك العملية، كشفت الاختبارات أنه يعاني من انسداد في شرايين القلب، فأجريت له عملية مستعجلة في القلب. ولم يكد الأطباء يفرغوا من ذلك ومن تغيير عظام الفخذين، حتى أصيب بفشل كلوي كامل. وقد أنعم الله عليه بإخوة بررة، تطوع اثنان منهما (أحمد واسامة)، للتبرع بكلية له. وبالفعل، تم زرع الكلية بنجاح. وكان عندما بلغتني رسالته تلك في انتظار عملية زرع الكلى. وقد مكث في المستشفى قرابة عام كامل، وكان هذا سبب انقطاعه، لأنه لم يكن أن يريد أن يثير قلقنا لو علمنا بحاله قبل أن يتحسن. هكذا كان هو حتى في المرض والبلاء، يحرص على مشاعر الآخرين قبل نفسه.
    كانت مثل هذه التجربة المؤلمة تكفي لأن تجعل أي شخص يخلد إلى راحة مستحقة، ويبتعد عن إجهاد نفسه. ولكن ليس أنور. فما أن غادر سرير المرض حتى انتقل إلى مدريد أستاذاً في جامعتها. ثم لم يلبث أن انتقل إلى جامعة جوهانسبيرغ حيث استقر به المقام خلال العقد الماضي.
    وفي صيف العام الماضي، كلمني من بيرغن ليبلغني أنه قرر الانتقال إلى المملكة العربية السعودية أستاذاً في جامعة الملك سعود. وكانت هذه مصادفة غريبة، حيث أنني كنت قد انتقلت إلى قطر في العام السابق. وبالفعل، انتقل إلى الرياض في الصيف الماضي، وكانت نقلة بعيدة من صيف بيرغن إلى صيف الرياض، حيث قال لي ساخراً عندما سألته كيف وجد الرياض: إن الزواحف وحدها هي التي تستطيع العيش فيها. كعادته، ألقى بنفسه في خضم عمله الجديد بكل طاقته، حيث أبلغني في آخر مرة تحادثنا فيها أنه كان يعمل أربعة عشرة ساعة في اليوم، بما في ذلك العطلات.
    وقد كلف بمراجعة طائفة كبيرة من مقررات الكلية، إضافة إلى مهام أخرى لا حصر لها في التدريس والإدارة والاستشارات. وبسبب انشغاله لم يستطع إجابة دعوتي له لزيارتي حيث مرت سنوات ولم نلتق إلا عبر الهاتف ووسائط التواصل.
    قلت له إنني أنوي أداء العمرة، وسأسعى جاهداً لتقريب ذلك حتى تكون فرصة للتلاقي. قضى معظم باقي المكالمة وهو يزين لي العمرة، ويكرر أن تلك الفترة كانت أفضل الأوقات لها بسبب قلة الزحام. أنهيت المكالمة (وكان ذلك قبل حوالي شهرين) وأنا في شوق أكثر للقائه.
    هذا الأسبوع، كانت الطامة، حين بلغني هذا الأسبوع خبر دخوله المستشفى في بيرغن لإجراء عملية جراحية، دخل بعدها في غيبوبة.
    فزعنا من الخبر بآمالنا إلى الكذب، وعظمنا الرجاء في رحمة الله، ولا نزال. ولكني علمت من شقيقه وأحد الأصدقاء المقربين منه في ساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء الثاني من مارس أن الأطباء أفتوا بوفاته السريرية، وقد بدأوا في نزع الأجهزة التي كانت تبقيه على قيد الحياة بالتدريج. كانت آخر رسالة واتساب وصلتني منه في السادس من يناير الماضي تحمل وصلة إلى تطبيق جامعة الملك سعود للمصحف الشريف، ومعها عبارة: "لا تدع قريباً ولا صديقاً ولا أحداً تعرفه إلا وأرسلت له هذا المصحف حتى يكتب لك مثل أجورهم.
    " وأنا أرفق الوصلة هنا حتى تبقى صدقة جارية له. ألا رحمك الله أيها السيد الأنور، والسلام عليك يوم لقيت ربك، وهو أرحم الراحمين. السلام عليك يوم عرفناك، والسلام عليك يوم فارقناك. والسلام عليك يوم تبعث حياً. \
    اللهم إنا نشهد أن الأنور كان وصولاً للرحم، براً بوالديه، حفياً بالإخوان ومتفانياً في خدمة القريب والبعيد. اللهم إنا رضينا عنه فارض عنه. اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، إنك بر رءوف رحيم، فارحمه، وارحمنا إن عدنا إليه. اللهم كما أكرمتنا بمعرفته وصحبته، فاجمعنا وإياه في فردوسك الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا اللهم لك الحمد على ما أعطيت، ولك الحمد على ما أخذت، وإنا لله وإنا إليه راجعون
                  

03-03-2017, 06:43 AM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 24986

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السيد الأنور عبدالماجد عثمان أصلا من قرية (Re: زهير عثمان حمد)

    يرحمه الله ويحسن إليه
    سرد جميل لسيرة الراحل يجعلك تتأسى على وفاته وكانك تعرفه
    تعازينا موصولة للأفندي ولجميع أهله ومعارفه
    انا لله وانا اليه راجعون
                  

03-03-2017, 06:44 AM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 10821

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السيد الأنور عبدالماجد عثمان أصلا من قرية (Re: زهير عثمان حمد)

    الله يرحم دكتور أنور رحمة واسعة
    زول طيب وودود وعالم بحق وحقيق
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de