في الوقت الذي لا تشعر فيه القوى السياسية السودانية بأي تحسن في الموقف السياسي ولا احتمال الوصول إلى تسوية سياسية تفاوضية تسود أوساط الدول الغربية المعنية بالشأن السوداني موجة من التفاؤل على ضوء الاتصالات التي ظلت تجريها وراء ستار بين كل أطراف الصراع في السودان، وقد نشطت بشكل خاص إدارة أوباما وهي تستعد لمغادرة السلطة بعد بضعة أيام فأجرى مبعوثها الرئاسي الخاص للسودان اتصالات مكثفة وأجزل وعودا للحكومة حول تخفيف العقوبات وإجراءات المقاطعة مقابل تنازلات من جانب الحكومة، ولا يبدو أن مساعيها قد وصلت إلى اختراق يسمح للإدارة الأميركية باتخاذ قرارات كبيرة قبل مغادرتها سدة الحكم ولكن بريطانيا لا تخفي تفاؤلها الكبير بنتائج تلك المحادثات لدرجة أن السفير البريطاني أعلن أمام الصحافيين خلال زيارة لعاصمة جنوب دارفور –نيالا- الاثنين الماضي أنهم يتوقعون أنباء سارة حول السلام ووقف الحرب خلال الأسابيع القليلة القادمة- وهو تفاؤل لم يطرحه أي مسؤول حكومي سوداني أو أي من قادة المعارضة. الموقف بالنسبة للمعارضة سيتجدد خلال الاجتماعات التي تنعقد اليوم في باريس وتستمر حتى الاثنين القادم وقوى نداء باريس ما زالت في نفس المربع الأول: تنتظر نتائج جهود الوسيط امبيكي لإقناع الطرف الحكومي بتنازلات تسمح ببدء المفاوضات- وفي انتظار ذلك ستسعى اجتماعات اليوم والأيام القادمة لإقناع القوى المعارضة والممانعة بالانضمام لمشروع خريطة الطريق التي وقعت عليها قوى نداء السودان- إقناعها لكي توقع وتنضم للمفاوضات إذا ما قدر للحوار أن يستأنف! السيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة السوداني تحدث عن أجندة اجتماع باريس الحالي في لقاءات صحافية من مقر إقامته بالقاهرة فقال إنها (تهدف لتوحيد مواقف الموقعين على نداء السودان وتوسيع قوى النداء بضم قوى أخرى إليه حتى يمثل كل قوى المعارضة والاتفاق على ميثاق (نداء السودان) والاتفاق -أيضاً– على وسائل تحقيق مطالب الشعب في السلام والتحول الديمقراطي الكامل)- وردا على التساؤلات حول هذه الوسائل التي يعتزم نداء السودان الاعتماد عليها قال: إن الوسائل هي (إما حوار وطني شامل وبكل مستحقاته على ضوء خريطة الطريق أو تعبئة شعبية لانتفاضة على غرار انتفاضة أكتوبر 64 أو أبريل 1985)- ولا يبدو من وقوف نداء السودان عند ذات المربع الذي ظل يقف فيه منذ أن وقع على خريطة الطريق أن قادته يشاركون الأميركيين ولا البريطانيين تفاؤلهم، ومما يؤكد أن المهدي لا يعول كثيرا على الجهود التي بذلتها أميركا وألمانيا وبريطانيا لأنه في الوقت نفسه الذي يستعد فيه لاجتماع باريس خاطب الأمين العام للأمم المتحدة الجديد مقترحا عليه استصدار قرار من مجلس الأمن يلزم السودان بالوفاء بالتزاماته بإنفاذ أعمال إعادة بناء الثقة وتسهيل وصول مواد الإغاثة وضمان الحريات الأساسية وإطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيين باعتبار أن ذلك يهيئ الأجواء المناسبة لحوار قاصد وحقيقي- والمهدي في دعوته هذه يعتمد على أن مجلس الأمن اتخذ من قبل قرارا في هذا المعنى بناء على توصية مجلس السلم والأمن الإفريقي وخاطب ذلك القرار الحكومة السودانية وطلب منها الوفاء بهذه المتطلبات- ولم تهتم الحكومة بذلك القرار في الماضي فما هو الجديد الذي يجعل المهدي يتوقع أن تكرار النداء من مجلس الأمن سيجد استجابة!؟- لو كان المهدي واثقا من أن أميركا أحدثت اختراقا ما كان سيخاطب الأمين العام للأمم المتحدة- لكننا سننتظر لنرى ماذا ستسفر عنه اجتماعات باريس وعودة المهدي للخرطوم بعد عشرة أيام.;
العرب
01-15-2017, 07:37 AM
ياسر منصور عثمان
ياسر منصور عثمان
تاريخ التسجيل: 01-16-2013
مجموع المشاركات: 4496
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة