|
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
سلام الأعزاء دكتور عمر عبد الله ودكتور حيدر بدوي
وشكرا لك على مداخلتك المهمة يا عمر. قولك:
Quote: كلامك صاح لكن الأستاذ قال لو تعدي عليك أحد بسلاح لازم تحيده.. تقاومه و تأخذ منو السلاح لكن ما تضربو! أها بالفهم دا أنا أيدت الحركة الشعبية لانها تعمل على تحييد هذا السلاح و قلة الأدب و لو كان وافقوا علي لنزلت الميدان.. المهم الله تصاريفه حلوة لكنها صعبة. هذا مع إيماني التام بالمقاومة السلمية و لكن الدفاع عن النفس يلزم بعض عمل! |
العنف، خاصة بالسلاح، يأتي إما من فرد أو أفراد، بغض النظر عن الأسباب. ويأتي أيضا من جانب السلطة وجنودها وأعوانها، ويحدث ذلك باسم القانون أو النُّظم أو الأوامر، سلطانية أو ملكية أو عسكرية، أو من دولة القانون. لو تعدى عليك أحد بسلاح، أو بغير سلاح، فمن حقك أن تدافع عن نفسك، ما فيش كلام. ولو كانت هناك سيادة قانون يمكنك أن تلجأ للقانون ليأخذ لك حقك من المعتدي، ولو شئت عفوت عنه. على مستوى السلطة هناك اعتداء من السلطة على المواطنين يصل إلى حد استخدام العنف بدءا بالهراوات وانتهاء بالسلاح الثقيل والقصف بالطائرات. ومن حق المظلوم أن يدافع عن نفسه حتى باستخدام السلاح إذا استطاع. من هذا المنطلق أنا أيضا أيدت الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الدكتور جون قرنق منذ بدايتها في حمل السلاح على سلطة النميري الذي طغى وتجبر ونقض العهود مع الجنوبيين واستخدم إسم الإسلام في ذلك. وعندما قلت أن المقاومة السلمية والعصيان المدني صعب، إنما قصدت المقاومة السلمية على مستوى في قمة تحدث عنها الأستاذ وطبقها عمليا. فهو مثلا لم يقاوم القوة التي جاءت واعتقلته وكانوا بالطبع يحملون السلاح، وإنما سلَّم لأوامرهم. ولم يقاوم الجنود الذين أمروا بوضع القيود على يديه ورجليه واقتادوه إلى منصة الإعدام وقاموا بشنقه. أنا شخصيا لا أشعر بأني أستطيع أن أفعل ذلك. دعني أقص عليك بعض الحوادث التي أرى أن لها دلالة عميقة في تقديري. في نهاية الخمسينات وبداية الستينات إبَّان أزمة فصل ثلاثة طلبة جمهوريين من المعهد العلمي بأمدرمان قاد الأستاذ مواجهة قوية ضد الفقهاء، وفي مرة من المرات ذهب لمواجهتهم في مسجد أمدرمان الكبير ولكنه أوصى الجمهوريين القليلين الذين كانوا معه ألا يتدخلوا بأي شيء ولا حتى يقوموا بالدفاع عنه إذا تم عليه اعتداء، ويتركوه هو ليتصرف بما يرى. لم يحدث إعتداء في تلك المرة. في 21 مايو من عام 1969، وفي أثناء محاضرة في مدينة عامة للأستاذ محمود في مدينة الأبيض، وقد كنت حاضرا وشاهدا على ما حدث وقد البعض أن يفتك بالمعتدي ولكن الأستاذ محمود منع الناس من أن يفعلوا ذلك وقد تولت الشرطة التعامل مع المعتدي. وبالرغم من أن الأستاذ أعلن عن مسامحته لذلك المعتدي إلا أن القضية استمرت كقضية حق عام وقد أوكل الأستاذ محمود محاميا هو الأستاذ ميرغني النصري لينوب عنه في تلك القضية. في عام 1974 تم التصديق للأستاذ محمود بمحاضرة في نادي الخريجين بمدني ولكن في اللحظات الأخيرة جاء أمر من البوليس بإلغاء المحاضرة فرفض الأستاذ إلغاء الماضرة وما كان من كمندان البوليس وقتها، مالك أمين نابري، إلا أن أمر بضرب المكان بقنابل الغاز المسيل للدموع وقد بقي الأستاذ محمود جالسا والجمهوريون جالسين إلى أن انتهت تلك الغمة. في أعقاب القبض على الأستاذ محمود في يوم 5 يناير 1985، وإلحاقه بالجمهوريين الأربعة، في قضية منشور "هذا أو الطوفان" سيَّر الجمهوريون مسيرة سلمية من منزل الأستاذ محمود حتى محكمة الطوارئ رقم 4 في يوم الاثنين 7 يناير 1985 وفي ذلك اليوم قام الأستاذ محمود والجمهوريون بمقاطعة المحكمة وإعلان عدم التعاون معها وبالتالي هم لا يدافعون عن أنفسهم لأنهم لا يحترمون القوانين التي شكلت على أساسها تلك المحكمة وكلمة الأستاذ مشهورة ومعروفة. وقد احتار "القاضي" المهلاوي في كيفية التعامل مع موقف الأستاذ والجمهوريين، فقام برفع الجلسة إلى جلسة الغد للنطق بالحكم. كانت وصية الأستاذ للجمهوريين أن يستمروا في تنفيذ مسيرتهم المزمعة يوم الثلاثاء عند الحضور للمحكمة وكانت وصيته أن يجلس الجمهوريون في الأرض إذا تعرضت لهم الشرطة وأمرت بتفرق المسيرة. عندما وصلت المسيرة إلى ميدان الشهداء في أمدرمان اعترضتها الشرطة وبالفعل جلس الجمهوريون والجمهوريات في الأرض. وعندما طال الجلوس خشي الأستاذ سعيد، كبير الجمهوريين، وبعض القياديين، أن يكون غرض السلطات هو تعطيل الجمهوريين من حضور المحكمة، فجرت مفاوضة بين الأستاذ سعيد الطيب شايب وبين قائد قوات الشرطة قضت بأن يسير الجمهوريون نحو المحكمة ولكن ليس في مسيرة وإنما في مجموعات وأفراد متفرقين. على أية حال، سواء حضر الجمهوريون في مسيرة أم أفرادا وجماعات صغيرة، فإن المحكمة انعقدت في ذلك اليوم وحكمت على الأستاذ محمود وعلى الجمهوريين الأربعة بالإعدام كما هو معروف، وبقية الأحداث معروفة أيضا. وعندما تم تنفيذ حكم القتل على الأستاذ محمود أمام الجمهوريين الأربعة، حدث زلزال اضطر معه الجمهوريون الأربعة المحكومين بالإعدام للرضوخ لأوامر السلطة بالتنازل وإعلان التراجع، وأعقب ذلك مهزلة الاستتابة المتلفزة التي يعرف كثيرون تفاصيلها.الشاهد أن مقاومة الأستاذ محمود السلمية كانت في قمة أعلى من مقاومة الجمهوريين. وما يغفر للجمهوريين موقفهم هذا هو أن الأستاذ محمود قد سبق ذكر أن من لا يستطيع القيام بالمقاومة السلمية في قمتها، بإمكانه أن يقف موقفا أقل من ذلك وهو بعد غير راضٍ نفسه في ذلك وهذا ما كان من أمر الجمهوريين إلى يومنا هذا.
آسف للإطالة. ولكن دعني أقتبس بعض مقولات الأستاذ محمود حول هذا الأمر لمصلحة القراء الذين لم يسبق لهم الاطلاع عليها. من أقوال الأستاذ الشهيرة ما يلي: ((إنت في موقف الثورة، إن كنت بتخضع للقانون الفاشل الظالم، إنت ما بتغيّر. الثورة إنتقاض على كل ظلم، مهما كان الظلم مسلح ومحمي.)) وفي مؤتمر داخلي للجمهوريين ذكر الأستاذ مستويات المواجهة في منشور داخلي للجمهوريين بعنوان "المواجهة" صدر في أعقاب أحداث محكمة الردة التي حدثت في نوفمبر 1968: ((المواجهة هي معرفة وسلوك بمقتضى المعرفة.. معرفة يهتدي بها الفرد تجعله يميز بين دقائق الأمور.. وقمة المعرفة تجعل الفرد ملزما أن يسير خلف الله ذلك باتباع رضوان الله، وهو الرضا به، فينا وحولنا.. والمواجهة في الحيز العملي تقع على درجات ثلاث:ــ 1. مواجهة في القمة.. وهي العمل بالفكرة بلسان الحال، ولسان المقال، ونشرها بين الناس بلسان رطب صادق يتحمل في ذلك الأذى، ولا يرد الأذى.. ولا يحسبن أحد أن هذا السلوك يمكن للفرد أن يستوحيه في لحظة المواجهة، فإنه لا يمكن أن يتيسر لك أن تعمل إلا وفق ما أنت عليه.. فالمواجهة سيرة وتربية طويلة فإن احتمال الأذى من الناس، وكف الأذى عنهم لا يكون إلا بمعرفة الحكمة من ذلك.. فالمواجِه لا يرى أعداءه في الخارج، وإنما يستدل بما في الخارج على أعدائه في داخله.. 2. مواجهة أقل من ذلك.. يعمل جاهداً على نشر الفكرة بسمته وقوله ويحاول أن يتحمل الأذى، وقد يرتد فيرد الأذى، دون تدبير منه مبيّت، ثم هو غير راض عن نفسه بعد ذلك. 3. مواجهة أقل الدرجات.. يحاول جهده نشر الفكرة وحين يعجز عن المواجهة لاعتبارات عنده هو.. فهو إن كان في مجلس أو اجتماع أثير فيه هذا الموضوع لا يملك إلا أن ينصرف لأنه لا يملك أن يفعل أكثر من ذلك وهو بعد غير راض عن نفسه ولا حاله. "هناك سلوك الفكرة الجمهورية منه براء ، وهو سلوك من يجعل من الفكرة موضوعا للأنس وتزجية الفراغ، بروح الهزار، والمداعبة.. فهو ان طُعن في الفكرة، بروح الهزار والنكتة تضاحك، هذا السلوك ، الفكرة الجمهورية منه براء .."))
جاء في كتاب "أسئلة وأجوبة الأول" فيما يخص العدوان ومبدأ التعامل معه: هل يحضنا الإسلام على مقابلة الكراهية بالحب، والتسامح، على طريقة "أدر له خدك الأيسر؟"
نعم !! ولكنه لا يجعل ذلك حظ العوام... وإنما يطالب به العارفين.. فشريعة العارف معرفته، والمعرفة تقول "أن أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك" ولذلك فإن من لطمك إنما لطم عدوك الداخلي، فلا تظنن أنه هو عدوك، فتهب إلى مصاولته، وإنما هو صديق في ثياب عدو، وإنما فعله هذا بك نصرة منه لك على عدو في ثياب صديق ـــــ هو نفسك الجاهلة ـــــــ وهم يعنون أن نفسك الجاهلة، لسوء أدبها مع الله، لطف بها، فقيض لها من يؤدبها، فجاءتها اللطمة ممن لطمها، فلا تدافع عنها، وأطلب لها من التأديب المزيد ــــــ أدر له خدك الأيسر، ذلك لأنها، إن أحسنت الأدب مع الله، فلن يكون لأحد عليها من سبيل، لأنها تكون، حينئذ، قد انتصرت على كل شيء.. وأما العوام فشريعة الإسلام لهم "من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم".."هم درجات عند الله"..إن الإسلام "يهودي ـــــــ مسيحي" فهو يطالب العوام بما طالب به موسى اليهود، على تطوير له في ذلك.. ويطالب الخواص بما طالب به المسيح النصارى، على تطوير له في ذلك أيضاً... "وجزاء سيئة سيئة مثلها، فمن عفا، وأصلح، فأجره على الله، إن الله لا يحب الظالمين.." وبداية الخواص هي بداية العوام، ولكنهم أقدر من العوام على التطور والارتفاع في سلم الكمال، فحيث يظل العوام في أول السلم، يرقى الخواص المراقي..
وشكرا
ياسر
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود محمد طه تقام ندوة ومعرض بواشنطن | اعلانات سودانيزاونلاين | 01-02-17, 01:07 AM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | Yasir Elsharif | 01-02-17, 02:25 PM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | بثينة تروس | 01-02-17, 11:14 PM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | adil amin | 01-03-17, 07:37 AM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | Kostawi | 01-03-17, 10:21 AM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | Yasir Elsharif | 01-04-17, 08:40 AM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | Omer Abdalla Omer | 01-04-17, 11:40 AM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | Yasir Elsharif | 01-04-17, 12:05 PM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | Omer Abdalla Omer | 01-04-17, 02:05 PM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | Haydar Badawi Sadig | 01-04-17, 09:54 PM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | Yasir Elsharif | 01-06-17, 08:02 AM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | Omer Abdalla Omer | 01-06-17, 10:19 AM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | Kostawi | 01-06-17, 12:04 PM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | Yasir Elsharif | 01-06-17, 01:52 PM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | محمد عكاشة | 01-06-17, 10:24 PM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | Yasir Elsharif | 01-07-17, 05:00 AM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | Yasir Elsharif | 01-07-17, 08:23 AM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | Yasir Elsharif | 01-07-17, 08:30 AM |
Re: احتفالا بالذكرى 32 لاستشهاد الاستاذ محمود | Yasir Elsharif | 01-08-17, 07:58 AM |
|
|
|