في رحاب الشاعر بيرا كُورا "قراءة ونصوص"

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-19-2024, 08:50 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-06-2016, 08:50 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص (Re: Dahab Telbo)


    3

    ذات مرة وأنا أقرأ الحلاج مررت بهذا البيت "يا كلّ كلّي يا سمعي و يا بصري** يا جملتي و تباعيضي و أجزائي" وقفت كثيرا قبل أن ابدأ التلاوة من جديد ثم أتوقف في ذات النقطة، لا اعلم لماذا أحسست بقبضة الفقد، وكأني أُخبر بالهاتف توا بموت الحلاج، وشعر الحلاج يشتمل على انطواءت أكثر من التشابك الذي يظهر في البيت أعلاه، بل هناك نصوص دائرية بالتمام، وهي التي استغلها أعدائه ليغتالوه بها. ومن محاسن العالم أنه يجمعنا بزولة جميلة ذي ريم بنا ، فقط لـ"تقَعِّد" أحاسيس الحلاج جوانا. وهنا يحتاج التجاني يوسف بشير لزول/ة ي/تجعل نفس الشيء ممكن لأنه لم يُكتشف بعد.
    والحلاج ومجنون ليلى يقفان على شاطئ واحد، بيد أن نصف قيس أرضي بينما رفيقه المشنوق سماوي الانتصاف، فالوجد عندما يبلغ الكمال يجبر الروح على تخطي حاجز الفيزياء، فتجعل البساط احمدي مع الضفة الأخرى؛ لذلك جاء تصريح الحلاج " ما في الجِبة غير الله" وما عدم العالم الغافلين الذين اعتقدوا أن الحلاج يقصد ربوبية الله!، فالذات والصفات شيئين منفصلين لو يعلمون!.
    ذات النشوى في التوحد ساقت الكائن الخلوي عثمان البشرى الى صدق لا يقل عن صدق الحلاج في صوت ريم بنا، وريم بنا أضحت بكل ذلك التجرد فقط لأنها تبحث عن ذاتها في ألأشياء، فالإنسان عندما يعيش حالة من الاغتراب اليائس، ثم يحيط به العبوس، يضحُ بعزم الطريدة، فريم تجاهد ثنائية "المنفى والهلاك" عبر سريالية القضية الفلسطينية ومرض السرطان،لذلك يأتي الصوت فيها " من جوه"؛ ذات الشيء عند ود البشرى في نص " حوار مع الله" رغم أن صوت تسجيله اليتيم كان في ظرف غير مواتي " تلفون نوكيا قديم، على قارعة الطريق" لكنه مشبع بالوجد خاصة عندما يقول في المخرج " بيناتنا ما في حساب" تأتي هذه الجملة كنهاية أخوية "لونسة" طويلة ومتينة تقع بين اللوم والمطايبة والتذكير" نعم التذكير الواحد ده" فالمخرج هذا ليس نهاية الحوار؛ ولكنه يغري بالضغط على زر "إيقاف التسجيل" وهنا إن لم يكن عثمان البشرى زاهد حتى عن الزهد؛ لتمكن منه أعدائه، وقتلوه داخل غاباته السردية الكثيفة.
    في نص " لأنكثن بوعدي إذاً" سليم بركات* يتساءل عن ما يفعله الموت بعد عرض للحالة الراهنة قبل صياغة السؤال؛ "لأنكثن بوعدي إذاً، فالشفاه التي تردد الكمال الصاخب تردد الموت.والموفدون إلى هذا الليل ليبنوا أدراجه اللولبيَّة يبعثرون الرخام الذي حملوه.أمَّا المشهد المقام على أنقاض حاله فهو على حاله.والحلة على حالها.والموت وحده الأكثر وحدة بين الأسرى.لكن ما الذي يفعله الموت هنا؟"
    هكذا؛ وكأن الموت يحتاج لعمل إضافي غير إثراء العدم؛ ولكن لنتجاوز كل ذلك لنقول: حتى لو صح افتراض السؤال المتجاوز لبديهية ماهية عمل الموت، سيحتاج المرء لمبرر أكثر مادية يجعله يتقبل الظهور الجديد للموت، كأسير أكثر وحدة؛ فعملية الإعدام التي يتطوع الموت بإنجازها على الدوام ستظل عار لا تمحيه سلاسل الأسر، رغم اجتهاد الراوي، وكأنه يقول "لايمكن لأسير متوحد أن يبحث عن شيء غير الأنس"
    "والحلة على حالها.
    والموت وحده الأكثر وحدة بين الأسرى."
    ثم يتساءل عن عمل الموت ، وللوهلة يبدو التساؤل محض ثرثرة اقتضتها ضرورة من ضرورات السرد، خاصة مع وروده في صدر النص المثخن بالوحدة والاغتراب، بل ذلك الانطباع ضروري للولوج الى المتاهة التي صنعها بركات، يعلو نفس القصيدة ثم يهبط ليعلو ثانية ، وكأنه يريد أن يعلمنا ركوب أمواج من نوع أخر، حين نصل الى النقطة المفصلية ، او ذروة القصيدة في البيت القائل " سأقسم الهبات التي رفعها إليّ الحريق" نجد أن الشاعر زفر نفسه الساخن، أو أن الأثر المُلهم للنص زال، ليترك المَلَكة الشعرية تكمل الطريق، فالنقطة على الرغم من أنها لا تقسم القصيدة الى نصفين متساويين، ورغم أنها تبدو كمخرج أكثر من أنها "ذروة" إلا أن القارئ المنغمس في عذابات الموت والغربة والحرب، او بالإجمال المتاهة، سيجد نفسه يبتسم حالما يعبر هذا البيت، فعندما يقرأ "بين اليقين والفكاهة.سأتقاسم والبرد الضاحك الشتاء أنا اللهبيَّ.تصبحون على خير." يعلم أن كابوس الموت قد أنجلى وأن ما سيأتي هو تضميدا للشرخ الذي أحدثه السرد اللاهث،فنص مثل "لأنكثن" لا يُنتظر منه تطبيب كامل للجراح التي يفتحها لأنها غائرة،متعمقة في غربة خالقه التي لا يلوح لها انتهاء. عندما يصف محمود درويش صاحبه بوصف قطعي " ليس للكردي الا الريح" لن يتوقع سليم بركات انفراج قريب للمحنة،ولا عودة غير طريق البرزخ؛ لذلك يصنع مسكنات بهذا القدر من الهلوسة، وعندما نسقط كل ذلك على أحد نصوص بيرا كورا، نعلم أن الحزن يطابق بالحرف تعريف الصادق الرضي له حين يقول في بكائيته الشهيرة " الحزن لا يتخير الدمع رداء كي ما يسمى في القواميس بكاء" نعم ليس الحزين من يزرف الدمع حتى تدمى مقلتيه فقط، وإنما ذلك الذي يعيش حياة كاملة من البؤس المغلف بطبقه سميكة من الحزن، وبحكم بشريتنا؛ ندرك تماماً أن اعتصار الأحزان يتضخم كلما أرهفنا الحس؛ حين يعتصر الشاعر ألمه ينزل دم القصيد وثم لا يجف أو يتخثر أبداً. يقول كورا:

    أشَيِّدُ قُطِّيَتِي مِن أَشلاءِ اللَّيل
    وأَسقِفُهَا بِمَا تَدَلَّى مِن عِطرُكِ
    أوصِدُها مِن جَمِيع الجِهَاتِ الأَلْف
    حتَّى لا تَشعُر الطُّرُقاتِ بالبَردِ الآتِي مِن تَحتِ إِبطَيكِ
    أَنحَتُ مَوتِي
    أَنفُخُ فِيهِ أُمنِيَتِي العَقِيمَة
    يَطِيرُ مَوتِي
    وَيحُطُّ عَلى كَتفُكِ
    يُغَرِّدُ....
    تَسمَعِينه وحدُكِ
    كَتَثاؤُبِ نَهدَيكِ
    يَقرَأُكِ شَيئاً مِن تَضَارِيسِ الصَّدَى
    و احتِضَار المَطَر
    تَلمَحِينَ إذّاكَ الشُحُوب
    إِخضِرارُ المَسَافة بَينَ المَدِينَة و الغِيَاب
    بِطُولِــــــ ( فََرقََعَة وَسَرابٌ مُعَلّب )
    و أَنا كَمَا الرِّيح ...
    لََم أََحظََ بِوَقتٍ كَافِي لِأَختَار مِيلَادِي
    لَكِنِّي اِخترتُ مَوتِي
    فطُوبَى لِلمَوتُ
    وَطُوبَى لِي
    هُنا لِلمَوت مَعنىً واحدٌ
    وَلكِن بَعدُ المَوْت يَصِيرُ لَِلمَوت أَلفِ مَعنىً وَ مَعنَى

    لا ادري كيف تقاس الأحزان ولكن يظل الشعر مقياس ناقص على الدوام لما يحمله الشاعر من شعور، فلا الحلاج استطاع ترجمة توحده مع نصفه الأخر، ولا المتنبئ وُفق في عكس حنقه على كافور، ولا حميد بكى مصطفى كما ينبغي له، لذلك يصعب علينا تصور الشعور الحقيقي، والذي هو هدف النصوص، والنص الباذخ يتاخم الحقيقة، تماما كما الإنسان وحقيقة العالم.

    بيرا كورا ولد في سفح الجبل الأعظم، ذلك الذي يحمل في جوفه ملايين الأسئلة ، فسكان مدينة " نِيّرتَتَي" يعتقدون في جبل مرة، ليس لذلك الكم الهائل من الأساطير المربوطة به، ولا بسبب تاريخه التليد، وإنما في مياهه التي لا تنقطع، فهو "فيض" وكلمة فيض في القاموس الصوفي لها رهبة عجيبة، سألت عنها شيخ من مشايخ الطريقة التجانية، وذلك عندما كنت اتردد على مكتبة الشيخ موسى عبد الله* بحي الجبل نيالا، قرأت في المكتبة الضخمة معظم كتب الطريقة التجانية مثل "رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرحيم" و"جواهر المعاني" والأخير هو سيرة ذاتية لأحمد التجاني بيد أحد تلامذته، وفيه تتواجد كملة فيض بكثافة مزعجة عبر متنه المسجوع سجعا بديعا،مما يجعلك تيقن بأنها لغز أكبر من دلالتها اللغوية التي نعرفها،لذلك عندما دخلت الغرفة الصغيرة الملاصقة للمكتبة والمخصصة كاستراحة لشرب الشاي الأخضر الذي تقدمه المكتبة لزوارها كضيافة؛ ووجدت شيخ يظهر عليه أرق الاطلاع سألته عنها بعد مراوغة كلامية قصيرة؛ عرفت من الشيخ بأنها تعني الاعتقاد الجازم ببلوغ كمال الشيء، وكذلك يعتقد معظم سكان دارفور في جبل مرة، فكيف بسكان سفحه! ، في قرية البرتقال والتفاح صرخ هذا الفتى صرخته الأولى ليشيد لنا "قُطية" من أشلاء الليل، ثم ينحت موته تحت الآباط ليعلن عن خلق آخر!؛ أناس كُثر قادتهم شياطين السرد الى مغامرة ابتداع قصة محلية للنشوء، وفعلوا ولكن لم تختلف ظروفهم المُختلقة كثيرا عن الرواية الرسمية؛ وأكاد اجزم بأن قليلون جدا أولئك الذين يسمح لهم عالم الخيال بأن ينحتون الموت من مكان كذلك الذي يخبرنا به بيرا، والبرتقال على الرغم من وفرته في كل قرى سفح جبل مره، الا ان سائقي البصات السفرية لطريق "نيالا-الجنينة" جعلوا من " نِيّرتَتَي" مدينته الوحيدة، حيث لا شراء لركابهم الا من سوق القرية المتمدنة، إذاً لا غرابة في أن يقطف شاعرنا فاكهة الكلمات! ، عندما سألته عن علاقته بالشعر، تنكر له بنص شعري، فتيقنت من أن الذي بينه وبين الشعر ليس بالشيء العادي الذي يمكننا أن نوصفه بالعلاقة؛ الذي بينه والشعر حياة، وربما روح، يقول:" لَكِنِّي اِخترتُ مَوتِي،فطُوبَى لِلمَوتُ،وَطُوبَى لِي" طوبى لموتٍ ينال شرف رعاية منحوتة خاصة ، وطوبى لرجلٍ ينحت عدمه.
    إذاً؛ لا مجال للرثاء، لا مجال للشفقة، فبوح مثل هذا يهزم كل شعور ليخلق إحساسه الخاص.
    ذات مرة سألت سيدنا كُورا عن موقف مؤثر في حياته، فاخبرني عن فنتازيا موت الشاعر الاسباني "غارسيا لوركا"، ولوركا الذي عرفته عبر السياب في ديوانه "انشودة المطر" الذي حمل قصيدة تحمل اسمه، لم يكن غارسيا لوركا الذي عرفته في نصوصه البئيسة،ذلك البوح العدمي غير المكترث، فهو هناك موءود؛ شعرا وحياة، فشعره السريالي ابسط ما يوصف به هو المجد.
    قد لا يحتاج المرء لكثير من الحيرة حتى يعرف سبب تعلق بيرا به، فكلاهما عاش تحديات البقاء، والجبروت المنظم، احترقا بلهب النصوص، واعتقدا جازمين في طهارة الموت؛ فمجداه.طوبى للموت!، والملهم في قصة غارسيا كما يراها بيرا هو لحظته الأخيرة؛ عندما أُطلق عليه الرصاص وظل يتلو الشعر الى أن صعدت روحه ويقول كورا في ذلك " هو يتلو ابيات من قصائده بينما يتلون عليه الرصاص" .

    تلبو

    ____________________________________________________________________
    سليم بركات : روائي وشاعر سوري ، صدرت له عدة روايات منها " معسكرات الابد وفقهاء الظلام"
    الشيخ موسى عبدالله: قطب من أقطاب التجانية ، له مجمع اسلامي كبير يحوي مكتبة عامة باذخة بمدينة نيالا
                  

العنوان الكاتب Date
في رحاب الشاعر بيرا كُورا "قراءة ونصوص" Dahab Telbo11-03-16, 10:06 PM
  Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوصandq Dahab Telbo11-03-16, 10:11 PM
    Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص Dahab Telbo11-03-16, 10:26 PM
      Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص Dahab Telbo11-04-16, 01:34 AM
        Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص Dahab Telbo11-04-16, 08:56 AM
          Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص Dahab Telbo11-04-16, 10:04 AM
            Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص Dahab Telbo11-04-16, 09:02 PM
              Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص Dahab Telbo11-06-16, 08:50 PM
                Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص Dahab Telbo11-06-16, 09:14 PM
                  Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص Dahab Telbo11-08-16, 06:21 PM
                    Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص Dahab Telbo11-08-16, 06:29 PM
                      Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص Dahab Telbo11-08-16, 06:38 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de