|
Re: من يجرؤ على الكلام في مملكة سلمان (Re: Yasir Elsharif)
|
طراد العمري
لم تظهر السعودية مفضوحة كما هي اليوم. ولم يظهر آل سعود بسواد الوجه كما هم عليه اليوم. ولم تتعرض السعودية الى شفا الإفلاس او الخشية منه خلال عامين كما يحدث الآن. ولم تذهب الرياض بها عريضة في حروبها الطائفية البغيضة ولاتزال، كما يحدث الآن. السياسة والأيديولوجيا والتآمر والحروب وغيرها؛ كلها محط نقد حاد داخل البلاد وخارجها. لكن من هو الشجاع الذي يجرؤ على نقد سياسة آل سعود، في ظل العهد السلماني العنفي، في وقت يشهد فيه الجميع آلاف المعارضين، وبينهم حقوقيين، وناشطين سياسيين، وهم يُقتادون الى السجون؟ من الذي يمتلك الجرأة ويقول كلمة الحق، في وقت تكلف المرء تغريدة واحدة السجن لسبع او عشر سنوات؟ بل ان احد قضاة آل سعود هدد بحكم الإعدام بحق المغردين الذين يفسدون في الأرض ولا يُصلحون! أين هو المثقف الذي يرى الإنحدار الكبير في مؤسسات الدولة، والفساد الضارب فيها، والنهب الممنهج لخزينتها، والفشل التنموي على كل الأصعدة، فيحذر وينتقد؟ من يمتلك من المثقفين الجرأة ليقول أن الوهابية هي أساس البلاء، والعنف، وانها أداة استدعاء العالم ضدنا؟ من الذي يستطيع أن يقول لسلمان وابنه وزير الدفاع: كفى حرباً في اليمن. انها ليست حربنا، وانها حربٌ فاشلة وظالمة، ونهايتها الهزيمة للرياض وجندها؟ من الذي يمتلك الشجاعة فيقول ان (رؤية) محمد بن سلمان الإقتصادية مجرد وهم، وانها وسيلة للنهب، وانها استخدمت مطية لجعله الرجل الثاني في الدولة، وان البلاد لم تخرج من مأزقها الإقتصادي؟ من الذي يمكنه أن يقول لآل سعود إنكم أخطأتم مرة ثانية، فأهدرتم ثروة البلاد حين أغرقتم سوق النفط، وهبطتم بأسعاره، وان الاستمرار في هذه السياسة سيدمر البلاد والعباد، وليس ايران والعراق وروسيا وفنزويلا، وأنه آن الأوان للإتفاق ضمن اوبك للصعود بالأسعار من جديد؟ من هو المثقف المستعد للسجن، الذي يقول لآل سعود: أوقفوا تدخلاتكم وحروبكم في سوريا، فرحيل الأسد أسوأ من أن تتولى المعارضة الداعشية والقاعدية من جبهة النصرة.. الحكم؟ من هو الشجاع بين النخب المسعودة، الذي يحذر من الفتنة الطائفية التي تشعلها الرياض، وهي تعلم ان الوهابية وأتباعها أقلية في المملكة، وان الحرب الطائفية في الخارج لها ارتدادات في الداخل قوية، تفتت المجتمع، فضلا عن ان استخدامها ضمن الحرب أمر غير أخلاقي؟ من هو الباحث عن العدالة الذي يجرؤ أن يقول للقضاة السعوديين أن قضاءكم فاسد، ويذكرهم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاض في الجنة، لعلهم يرتدعون ولا يوجهون له تهمة (إهانة القضاء)؟ أم هل هناك من يوجه كلمة الى المفتي ناصحاً بتخفيف الفتاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان، وان يكف عن مداهنة السلطات التنفيذية، دون ان يتعرض لأحكام قراقوشية، لأن نقد آل سعود والمفتي ممنوع قانوناً؟ ثم من بقي من الحقوقيين لم يُسجن بعد، ولم يفرّ بجلده الى خارج البلاد، فيقول لوزير الداخلية ولي العهد محمد بن نايف: كفى قمعاً، كفى إعدامات؟ كفى استخدام قضاة يبصمون على اعدام المواطنين لأتفه الأسباب؟ حكام المملكة اليوم لا يتحملون أدنى نقد. لا يستطيعون سماع صوت مختلف من بين آلاف الأصوات المصفّقة. التحقيق والمنع من الكتابة في الصحف وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وكذل المنع من السفر، والطرد من الوظيفة، هذا غير المحاكمات والسجون، هي ما ينتظر المخالفين. المملكة اليوم متوترة. ونخبها النجدية الأقلوية المتحالفة مع آل سعود، سواء كانت نخباً تكنوقراطية او اعلامية او ثقافية او دينية مذهبية وهابية.. هذه النخب التي تسيطر على كامل الدولة وبجميع حمولتها ومؤسساتها ومغانمها، هي أول من يستشعر الخطر على الحكم، وأول من يتوتر تبعاً لتوتر النظام. ولأن السكين وصلت حدّ العظم، وبات الجميع يدرك حقيقة ان الدولة السعودية من أساسها مهددة بخطر الزوال، وليس فقط مؤسسة الحكم، فإن هذه النخب في أغلبيتها الساحقة، لا تتحمل ايضاً أي صوت ناقد، حتى ولو كان نصيحة تمنع الانزلاق الى مزيد من الأخطار والانهيارات. كأننا في مرحلة: لا صوت يعلو فوق صوت المعركة! كل الأصوات وكل الجهود يجب ان تجند للمعركة السلمانية، وان تتطابق مع سياسات الدولة. ان أراد آل سعود حرباً طائفية فكلهم طائفيون. وإن قال النظام بالصلح مع اسرائيل، وأرسل الورود والوفود.. فكلهم مع هذه السياسة، ولا يقبلون سماع غيرها، وأن لا عدو غير ايران. واذا كان الحرب على اليمن هو رأي النظام، فالجميع يتحزم لها، ولو كلاماً، او بالفتيا! واذا اصر النظام على مواصلة تأجيج الحرب في سوريا، فالجميع يجب ان لا يختلف مع، أو يتخلّف عن، هذه السياسة، ومن يفعل كما حدث مع الطبيب المكي بندر قدير، يُزج به في السجن، ويُفصل من وظيفته، وكان كل جرمه: تأييد قصف داعش والنصرة! لا وقت للمراجعة في مملكة آل سعود. لا وقت للصوت الآخر المحذر والمنذر من ارتكاب المزيد من الأخطاء والحماقات. فمن يشذّ في هذا الظرف العصيب؟
|
|
|
|
|
|
|
|
|