يتعافي الدكتوررياك مشار بمشافي الخرطوم قبل توجهه للإقامة بالعاصمة الإثيوبية ورغبة الرجل في مراجعة طبية بالشمال لا نحملها تفسيرات أكثر مماعليه وبمقدوره تلقي العلاج في أرقي البلدان... صحبت الدكتوررياك من بعد منتصف التسعينات إلي مدينة جوبا لقضاء عطلة أعياد الكريسماس ومشاركة أهله إحتفالاتهم ولقدكنت أكثرسعادة بالرحلة فهي من جهة تغذي إحساسا لازمني منذالطفولة حين كنت تلميذا بالصف الثاني بمدرسة (واو) الابتدائية ولقدشهدت احتفالات عديدة منها الكريسماس وأجراس الكنائس تدق والترانيم والصلوات تتلي وعلي الرغم من أن إدارة المدرسة خصصت مدرسا للغة العربية والتربية الاسلامية لي ولبعض الشماليين في الفصول المتقدمة إلا أن والدي (الشمالي ) كان لايجدحرجا لمشاركة زملائي أعيادهم ومناسباتهم الإجتماعية والذين كانوا أكثر حفاوة وأقرب رحما... تنامي الاحساس بعلاقات رابية في مراحل مختلفة مع شخوص نابهين رجالا ونساء وفي مجالات عدة... الدكتوررياك مشار في تلك الرحلة أستكشف شخصيته علي ضوء مقولاته ومواقفه وساعدني في ذلك رفيقي في الرحلة السيد جوزيف لاسو وزيرالدولة للاعلام في حكومة الديمقراطية الثالثة ليستبين نقاشه وحواره معي علاقة الجنوب بالشمال عبرالحقب التاريخية والحكومات المتعاقبة وأدوار النخبة الجنوبية لدعم الوحدة من لدن عبدالله استانسلاوس بياسما حتي دكتور جون قرنق دي مابيور... حالة (الإستعلاء ) المقيته تجعل (الانتجلسيا ) الشمالية المستنيرة و(القارية الكتاب ) سواء بسواء مع ذاك الذي يرعي غنمه في أقصا الشمال بقرية خاملة الذكرعندمنحني النيل والذي إذا تحدث فهو في فهاهة باقل وهو بطمريه يفتيك ويجيبك بمنخريه بأن هؤلاء لافكاك لهم بغير(الاستتباع) لنالإدارة شأنهم،، وهؤلاء هذه تشمل دكتور رياك ومولانا أبيل الير وفرانسيس دينق وبونا ملوال وجوزيف قرنق وغيرهم ممن لمع اسم السودان ( القديم) بإسهامهم الفكري والسياسي في المحافل الدولية والإقليمية.. ذاك الذي هومن غمارالناس وهذا الذي هو من صفوة متعلمي الشمال لاتنفك (عقدة ) نفوسهم وسخائمها لتستعلي علوا تجاه الجنوب وشعبه بلا ثمن.. ماظلت تكابده (النخبة السودانية ) من إعتلال في التفكير وقصور في النظر وإمتلاء متوهم هو ماقاد إلي تعميق النزاع وتوسيع الشقة بين شعبين مايجمع بينهما اكثرممايفرق.. المثقفون والسياسيون في الشمال لم يبذلوا جهدا لوحدة الشمال والجنوب وظلت أفكارهم ومواقفهم مذبذبة عدا رجل واحد هو الاستاذ محمود محمد طه الذي قدم أطروحته قبل ستة عقود وخلص إلي أن المشكلة ليست في الجنوب وإنمافي الشمال.. الدكتوررياك مشار ظل طوال نشاطه السياسي وكفاحه من أجل شعبه يضع نصب عينه وحدة طوعية جاذبة ولذا تأرجحت مواقفه بين الصلح والقتال مع نظام الانقاذ ثم هو بعدالانفصال يتشارك حكم جنوب السودان ثم يخالفه وفق منظوره وحقوق شعبه ويقدم روحه فداء لها ليعود الي الخرطوم يستشفي.. الخرطوم التي أحب مثلما أحب الشاعر الفذ محمد مهدي المجذوب جنوب السودان وعشق أرضه وهو يخرج من (الدامر ) ليكتب:- فليتي في الزنوجِ ولي ربابٌ تهيمُ به خطايَ وتستقيمُ وفي حقويَّ من خرزٍ حزامٌ وفي صدغيَّ من ودعٍ نظيمُ واجترعُ المريسةَ في الحواني وأهذرُ لا أُلامُ ولا ألومُ طليقٌ لا تقيّدني قريشٌ بأحسابِ الكرامِ ولا تميمُ رحم الله المجذوب المثقف والشاعر الفذ وأجروعافية دكتور رياك مشار.. سلامتك وكفارة ليك يازول.. ------------------------------ صحيفة أخبار اليوم - الخميس-الفاتح من سبتمبر2016
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة