Quote: اللحظة الحاضرة: سر الحياة عند "فقرا" المكاسيكرسى قارب عتيق قرب رجل اعمال مسترخ على شاطيء فحدق الرجل ليرى ما بداخل القارب .. بضع سمكات وابريق من الشاي قد رسمت أعواد الحطب على صفحاته سوادا
لا تخطئه عين وكسته السنوات كدمات ظاهرة للعيان.
بعقلية رجل الأعمال سارع الرجل ليسأل الصياد: كم وقتا تقضي في البحر؟؟ ظهيرة أو بعض ظهيرة .. كانت الإجابة التي لا يتوقعها رجل الأعمال ليبادر على الفور متسائلا:
ولكن لم لا تبق في البحر زمنا أطول؟؟ ماذا تفعل في بقية الوقت؟؟
أجاب الصياد، لا مباليا، ماذا أفعل؟؟ أعيش حياتي يا سيدي .. أبيع ما أحظى به وأشتري ما أحتاجه من أغراض ثم أذهب لبيتي ألاعب أطفالي لبرهة من الوقت ثم أخلد الى نوم هانيء
الى جوار زوجتي في ظل السنديانة عند كوخنا الصغير على الساحل المقابل وبعدها نذهب سويا ونستمتع ببعض جعة ونتسامر مع اصدقاءنا على ضوء القمر وعزف الطنابير الذي أجيده ..
فيقاطعه رجل الأعمال بامتعاض .. ولكن لم لا تعمل أكثر .. ثم يرد عليه الصياد، بما يشبه عنده الحيرة، ولكن لم أعمل أكثر؟؟!! .. يرد رجل الأعمال: ليكون عندك دخلا أكبر ثم لتملك بذلك الدخل قوارب
أكثر للصيد لا تلبث أن تتحول لأسطول وربما يتبعه مصنع تعليب عائم للأسماك وهكذا تتضخم ثروتك حتى تصبح، في أقل من عشرين عاما، من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة في البورصة
هنا يقاطعه الصياد: ولكن لم كل ذلك يا سيدي؟؟ لم كل هذا التعب؟؟ .. فيرد رجل الأعمال وكأنه يقرر حقيقة بديهية: ذلك لتستمع، بعد حوالي عشرين عاما، بكوخ تسترخي فيه على الشاطيء
مع زوجك ملاعبا أطفالك ثم لتسمر مع أصدقاءك على أنغام الطنابير
يتمعّر وجه الصائد المسكين فيقول: أتعب كل هذا التعب، لأعيش في أقل من عشرين عاما من الآن، ذات الحياة التي أعيشها الآن؟؟!! ما تراني الآن أنا فاعل يا سنيور؟؟
أنني أعيش الآن ما تعدني به بعد عشرين عاما وبلا تعب مثل الذي ذكرت