|
Re: مـــــرات بتلـــفق (Re: عليش الريدة)
|
عبدالرحمن عليش..أصغر المخلوقات المنبثقة من عليش الريدة..كائن صغير،ماكر،مادي،يجيد المساومات،يميل دائما لأن يقضي أموره دون احتكاكات، لكنه لايعدم المساخة والقطامة في حالات العناد..وعند الغضب يكسر قناعات البيت،و يمشي يسكن مع البدو في الخلا،ومايرضى غير البابا يجادلو ويقنعو،أو يهرشو.. بصفتنا العاطلان الوحيدان في المنزل،نشأت بيننا رابطة صداقة وتفاهمات متقدمة،ولأن الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي منح حق الخيار،بين القبول والرفض، لذلك استخدم معي عبد الرحمن حقه في قبول الاستفادة من التجربة،بطريقة احترافية راقية،فأصبح يعرف تماما،متى يحنّس :عكّ الله يابابا.. ومتى يحصل على الوعود :بعدين لما تجي القروش؟ ومتى يساوم :خلاس حاضر،يلا جيب جنيه.. نجتمع في حب ثلاثة أشياء: البلدي،الزبادي بالسكر،والبطيخ.. ونخمس كباية الشاي سوا..فعندما تكون الظروف مواتية،يطلب مباشرة :فضّل لي معاك حبة.. أما عندما تكون في نظره غائمة ــــ ودائما مايصدق نظره ــــ يأتي بكراس الروضة :إنت قايلني داير شاي،أنا دار أوريك كراس الروضة.. ونحن عادة ننخدع لمن خدعنا بكراس الروضة ... :ياسلام كراسك حلو،عارفك ياشاطر ماداير شاي،لكن مابقدر أكملو براي،هاك أشرب الحبة دي... وهذه واحدة من الحالات التي تحتاج لترجي مني كثير..: عليك الله ياشاطر :ياخيييي،ماقلتليك ماداير.. لكن في النهاية عبدو س(يجارد) الشاي،أو بالأحرى ماتبقى من شاي..وعندما ينصرف سينسى أخذ الكراس معه.. ولا أدري من أين أتت الأمهات بأن الشاي الأحمرغير صحي للأطفال،لكن (عبدو) تجاوز هذا الحصار بنجاح تام.. وعندما نضرب سويا الكسرة بالتقلية،ونضع صحن الزبادي ــــ لابد من تأخيره وإلاّ سيمزق خطة تراتيبية الطعام ــــ وأنثر عليه السكر، ابدأ بالملعقة مباشرة في تلك الحركات التي من شأنها إذابة السكر ،أولا عكس اتجاه عقارب الساعة،وعبدو يحمل ملعقته متحفزا،واللعاب يكاد يخرج من شفتيه، وأتوقف أنا للحظة،ويمد هو ملعقته تلقائيا نحو الصحن،ثم ابدأ أنا من جديد،في اتجاه عقارب الساعة هذه المرة،ثم أتوقف للحظة ليمد يده،ثم ابدأ مرة أخرى، وهكذا دواليك.. ولاتنتهي هذه اللعبة اللذيذة،إلاّ بعد أن يغمس ملعقته عنوة واقتدارا وهو يصيح :خلاس ياخ ،إدّورت كتير..وفي تلك الحظة التي يفتح فيها فمه،لا يبالي أين كان لعابه.. وهذه ليست دغالتي الوحيدة تجاهه،فأحيانا عندما يأتي ليحكي،وبعد أن أسمع أصيح :آآآآ؟ ويكرر هو ثم أصيح :آآآ؟ :ياخ إنت مابتسمع؟ لكن قبل ستة أشهر،ذهب عبدو للروضة،وبدأت الزاوية في الانفراج،هذه حقيقة لامناص منها، الضلعان اللذان كوّنا في تلك المواسم،ذاك الرأس الضيق،أخذا الآن طريقهما في التباعد،كنا شيئا واحدا،أو نحو ذلك، و يوم بعد يوم،عام بعد عام،حرف فوق حرف،سيبني عبدو شخصيته الخاصة،تلك الشخصية التي ستترتب عليها،سلاسل الحقوق والواجبات، لكن مع ذلك ،آمل أن ترشده تلك التفاصيل الصغيرة،على طريقه الطويل الملبد بالغيوم، ليس لدي غير أن أراهن على جلسات التقلية،حركات إذابة السكر،تخميسة كباية الشاي،وغيرها من بقية الأشياء الصغيرة.. قبل مواعيد الروضة بحوالى إسبوعين،بدأنا في حملة إعلامية مكثفة،لنمهد له انتقال آمن،عبدو رغم أنه يحب الثناء جدا، يحب مثلا أن نظهر له دائما أنه محل اعتماد وثقة ورجاء،إلاّ أنه يستجيب للحوافز المادية أكثر،وبالنسبة له الجنيه المعدني أفضل من خمسة جنيهات ورقية، عند رؤيته للجنيه يبدأ مباشرة في الابتسام،وهكذا رأينا في البيت ،أنها وسيلة لاتدخل في حيز عدم الأخلاقية،أن استخدمنا الجنيه في تلك الحملة.. في اليوم المحدد للذهاب للروضة،أيقظنا هو سحرا،كان يخشى من أن يفوته الترحيل،وهذه بدورها واحدة من عيوب عدم الاهتمام بضبط الجرعة الإعلامية.. فلم يكن هناك ترحيل أصلا،لأن الترحيل يبدأ بعد التسجيل،ونحن لم نسجل بعد،لكن عبدو لم يجد معه أي تفاهم.. في الروضة ،وكما هي العادة،تجد أطفال العام الثاني يمارسون حياتهم بطريقة طبيعية،و أبناء الصف الأول يبدون متوترين،في الواقع متوترين وصف لايليق بما كان يحدث في تلك الروضة، كانت هناك ملاحم من البكاء.. وبدأ عبدو عاجلا في التقاط العدوى :إنت يابابا ماقلت الروضة حلوة.. أشارت لي الأستاذة بأن أدخله فصلا ما،وعندما فعلت،وجدت مجموعة من الكتاكيت يجلسون متحفزين، كان كرسي الأستاذة خاليا فجلست عليه،ووقف عبدو بجانبي،وأخذنا نتأمل سويا في ذلك المنظر الأخاذ، منظر البدايات المقدسة،سيماء التعب والقلق،عيون الصغار،ويالعيون الصغار.. وخاطبت عبدو بصوت مسموع: شوف ياشاطر الحلوين ديل،هسّ في واحد خايف،شوفن كلهن ساكتين كيف،هسّ في زول دار يبكي.. وقبل أن انتهي،بدأ أحدهم في الرترتة،وأدركت خطأيي الفظيع لكن بعد فوات الأوان :لا لا ياشاطر،اسمك منو يابطل؟ :خلودييييي إهي إهي.. وبدأ الفصل في مجاراة العزف..فأخذت عبدو وانسحبنا نحو البوفيه.. :أها داير شنو يافالح؟ في الحالات العادية،هذا السؤال يعني :عليك أن تختار شيئا واحدا.. لكن عبدو طالما كان مساوما جيدا،إنه يعرف بطريقة احترافية الحالات العادية وغير العادية.. :مازا وكمارا وقرقاش.. ورغم ذلك ،أصر أن يعود معي للمنزل،وأصبح بالتالي هو الرابح الوحيد في ذلك اليوم.. بعد شهر سألته أمه :صاحبك منو في الروضة؟ :خلودي،يعني بابا ماوراك.. بعد شهرين ،اتصلت الأستاذة بأمه :والله الولد دا شاطر ومشارك ،لكن عندو مشكلة واحدة،مجرد مانقول طلعوا الكراسات اكتبوا،طوالي بقول ماشي الحمام..
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
مـــــرات بتلـــفق | عليش الريدة | 03-03-16, 10:42 AM |
Re: مـــــرات بتلـــفق | معاوية المدير | 03-03-16, 10:51 AM |
Re: مـــــرات بتلـــفق | عليش الريدة | 03-03-16, 11:11 AM |
Re: مـــــرات بتلـــفق | ismeil abbas | 03-03-16, 11:24 AM |
Re: مـــــرات بتلـــفق | عليش الريدة | 03-03-16, 02:09 PM |
Re: مـــــرات بتلـــفق | عليش الريدة | 03-03-16, 04:21 PM |
Re: مـــــرات بتلـــفق | عليش الريدة | 03-03-16, 08:32 PM |
Re: مـــــرات بتلـــفق | عليش الريدة | 03-08-16, 09:19 PM |
Re: مـــــرات بتلـــفق | عليش الريدة | 12-21-16, 09:52 AM |
Re: مـــــرات بتلـــفق | عبدالله ود البوش | 12-21-16, 10:09 AM |
Re: مـــــرات بتلـــفق | عليش الريدة | 12-21-16, 10:17 AM |
Re: مـــــرات بتلـــفق | عليش الريدة | 12-22-16, 10:32 AM |
Re: مـــــرات بتلـــفق | عبدالله ود البوش | 12-22-16, 11:15 AM |
Re: مـــــرات بتلـــفق | عليش الريدة | 12-22-16, 12:30 PM |
Re: مـــــرات بتلـــفق | عليش الريدة | 10-17-17, 09:32 AM |
|
|
|