في رحاب الخالدين الدكتور الأديب محمد عثمان الجعلي

Quote: عثمان الجعلي حامل المسك .. نوارةٌ أخرى ترحل خِلسةً يا لغة الحقيقة التي داهمها السكات يا "الفوتك مو دحين" هكذا توجعت أنت وأوجعتنا عندما رحل صديقك الطيب محمد الطيب, وبكيت وأبكيتنا برحيل نوارة علي المك خِلسةً .. وأدمعتنا دموعاً مالحة عند رحيل حاج الجعلي "حاج أحمد الرجل الطيف" .. وسقط قلمك ولم تستطع الكتابة عندما رحل أخاك عبدالمنعم "جاينيس" هكذا حدثتني ودمع العين يسبِقك أيها الشفيف الرهيف .. رحيل باكر باغت النوار في عنفوان الربيع ليرسم المواجع على جداريتكم المزركشة ليكسوها بالسواد .. لقد كان قلبك عامراً بحب الناس وكان قلمك خاصاً لا يشبه أقلام الناس مخضَّباً بألوان البديع متوضئاً بندى اليقين تنقش به نقشاً لغةٌ بتولٌ تغادربنا بعيداً عن شواطئ العادي والمألوف, فمن أين تأتي الكتابة بعدك والأقلام حافيةً وسوق الحرف يطحنه الكساد .. لقد كنت كالقمر في كفِّ الليل تنثر الضوء المحبب, وكنت كحامل المسك يتحلَّق حولك كل ذي كبدٍ رطبٍ ليرشف من سناك, حبور ومعرفة, قفشات وجبر خواطر, ثقافة وبساطة, تواضع وأدب رفيع, كرم وضيافة, "خُدرة" وقيافة, ثم خسف القمروتسربت حُمرة الحزن إلى أعيننا التي إكتست لون الشفق وبتنا نداعب الظلام الكثيف ونرتل طلاسم الصبر في الشطئان البائسة التي كسرتها أمواج الحزن العاتية, حزنٌ بحجم الفجيعة.. ومازلنا في الُجرح نُنقب عن القمر الغائب وعن الزنبقة التي سقطت في وادي الفراق الحارق وكل أحزان الأرض تعصرنا. لقد كانت روحك بحجم درب التبانة ينوء بحملها جسدك العليل, وكانت مقاعدك كافية للجميع, وما رأيت في حياتي شخصاً يجيد فن الإستماع مثلك .. تستمع بأدب الصحابة وتتحدث بتواضع العلماء, موسوعي المعرفة, تقرأ بنهم وتكتب بفهم وتنشر بكرم .. فاليوم يلفحنا صراخ الثُّكل, ولا نجد سوى التمسَّح بملح الصبر حتى بات الصبر يوجعنا. فاليوم نودعك في رحلتك الكبرى ونسأل الله لك جنة الرضوان مأوى .. ياسر عثمان حامد (جدة) 1/2/2016