|
|
 Re: الحركة الشعبية .. مادار فى برلين... و لماذا (Re: نزار يوسف محمد)
|
ما بين نيفاشا وبرلين تتكرر أحاديث المدينة
بقلم/ إحسان عبد العزيز
ما إن بدأت المفاوضات غير الرسمية بين الحركة الشعبية شمال وحكومة الخرطوم فى الجولة الحادية عشر بأديس أببا فى ديسمبر 2015م وحتى الجولة الاخيرة ببرلين فى الحادى والعشرين من يناير الجارى وإلا كانت نيفاشا حضوراً فى كل المواقع والصحف الورقية منها والالكترونية بالمقارنة والهجوم.. لايعنى ذلك إن جولات التفاوض منذ بداياتها الاولى لم تواجه بالهجوم، ولكن إرتفعت وتيرة ذلك مستصحبة قيادات من الأحزاب الحليفة والحركات المسلحة وأقلام محسوبة على المعارضة.. وكانت فى مجملها هجوماً غير مبرر ولا يقدم او يؤخر فيما ذهبت اليه ومن أجله الحركة الشعبية..
الغريب فى الامر أن الحركة الشعبية ومنذ بدء التفاوض فى العام 2012م ظلت تذهب الى كل جولاتها بأوراق مكشوفة وموقف تفاوضى واضح وثابت ومعلن للاعداء ناهيك عن الاصدقاء والحلفاء، دون تردد أو وجل يستدعى بحث الاخرين عن أجندة خفية، أو أوراق سرية يمكن أن تكون تحت طاولة التفاوض.. موقف يطرح الحل الشامل بقوة وإصرار كأساس لاى عملية سياسية أو تسوية مستهدفة، وعندما سميت اللقاءات الاخيرة بالجولات غير الرسمية لم يتم ذلك فى الخفاء، فقبل ذهابها الى برلين أصدرت الحركة الشعبية بيان متكامل عن إجتماع القيادة عشية إجتماع برلين.. تناول رؤيتها بكل التفاصيل من بينها قضايا وحدة العمل المعارض متمثلة فى الجبهة الثورية ونداء السودان وما يواجهها من تحديات.. لتنبرى صباح اليوم التالى صحف النظام وفى عناوينها الرئيسية وبلغة واحدة تقول (الحركة الشعبية تهاجم تحالف (الثورية) وتنتقد قوى “نداء السودان”).. فى تكتيك مكشوف للخروج بالحديث عن سياقه العام.. وغرس عصا الفتنة قبل بدء الجولة، وكأنما أخذت هذه الصحف الصفراء الاخرين فى (دوكة) كما يقول المصريين.. فانبرت بعدها أقلام المعارضين وتصريحات الحلفاء من هنا وهناك متحدثة عن الاتفاقات الثنائية ومعلنه عن رفضها للقاء برلين، وكانت نيفاشا هى محط تكهناتهم ومحور تبريراتهم..
ما يدعو للتساؤل والاستهجان عندما تذكر نيفاشا لماذا تذكر على أنها الاتفاقية الثنائية التى أدارت على إثرها الحركة الشعبية ظهرها للحلفاء.. وتؤخذ نيفاشا وكأنها المسئولة عن إخفاقات الوطن خلال الفترة الانتقالية.. كفشل التغيير والتحول الديمقراطى وبقاء القوانين المقيدة للحريات مع العلم إن معظم هذه الاستحقاقات كانت ضمن بنود إتفاقية القاهرة.. ثم يأتى الحديث عن إنفصال الجنوب!!! ولهؤلاء أقول.. إن صدأت ذاكرتنا فان ذاكرة التاريخ لا تصدأ..
*لماذا لا يتم النظر الى نيفاشا بنظرة متكاملة.. لماذا لاينظر إليها على أنها الاتفاقية التى أوقفت حرباً إستمرت لاكثر من عقدين من الزمان.. شملت جنوب السودان وجبال النوبة والنيل الازرق وراح ضحيتها الالاف من أبناء هذا الشعب من الطرفين.. وشردت الملايين من أبناء هذه المناطق!
* لماذا لا ينظر اليها على أنها الاتفاقية التى خرجت من رحمها إتفاقيات أخرى صبت فى معين السلام وإستعادة الديمقراطية وإن لم تكن كاملة، وتأتى إتفاقية القاهرة الموقعة بين التجمع الوطنى ونظام الخرطوم على رأسها، ثم إتفاقية اسمرا لسلام الشرق، ولم تكن الحركة الشعبية ببعيدة عما كان يدور فى أبوجا فيما يخص قضية دارفور حيث إنضمت حركة تحرير السودان مؤخراً الى التجمع الوطنى فى العام 2004م بترحيب أكبر من الحركة الشعبية دون سائر فصائل التجمع الوطنى.. الى أن نقضوا غزلهم بيدهم وإختلفت قياداتها منذ بداية الطريق الصعب وانشطرت الحركة الى حركات فى أقل من عام فكان جناح عبد الواحد النور وجناح منى اركو مناوى ثم جناح أحمد عبد الشافع توبا ثم أجنحة أخرى..
الم تكن الحركة الشعبية جزء رئيسى فى هذه الاتفاقات؟ الم يكن دكتور جون لاعباً رئيسيا فى فيها! واولها إتفاقية القاهرة.. فان صدأت ذاكرتنا فسيظل التاريخ يذكر أن دكتور جون ذهب الى جمهورية مصر العربية فى زيارة مشهودة فى أواخر مايو من العام 2005م لمقابلة المصريين فى شأن التوسط بين التجمع الوطنى ونظام الخرطوم بشأن إتفاقية تستكمل نيفاشا ليأتى السلام شاملاً كاملاً، توجت الزيارة بلقائه للرئيس حسنى مبارك فى 2/يونيو/2005م.. واستمر يولى الاتفاق إهتماماً خاصاً حتى تم التوقيع على الاتفاقية فى حضوره فى 18/يونيو/2005م..
*لماذا لا ينظر الى نيفاشا على أنها حقنت الدماء فى شرق السودان وقادت الى إتفاقية اسمرا لسلام الشرق خاصة وإن الحركة الشعبية ممثلة فى ( لواء السودان الجديد) وهو الاسم الذى حملته قوات الجيش الشعبى بالجبهة الشرقية ضمن القوات المشتركة للتجمع الوطنى الديمقراطى قد لعبت دوراً أساسياً فى تحرير معظم الاراضى بها ومن بينها همشكوريب التى ظلت تحت سيطرة الحركة الشعبية (منذ تحريرها الثانى فى سبتمبر/2002م) وحتى يونيو من العام 2006م حيث تم إنسحاب ما تبقى من قوات الجيش الشعبى بالمنطقة حسب إتفاقية نيفاشا بقيادة القائد جون ملس، بينما إنسحب أول لواء من الجبهة الشرقية بقيادة القائد الرفيق عبد العزيز ادم الحلو فى 7/7/2005م.. حيث كان من المقرر دخول هذه القوات الى الخرطوم لتكوين القوات المشتركة بالعاصمة قبل أداء د.جون للقسم وتنصيبه نائب أول لرئيس الجمهورية فى 9/7/2005، (وهذا موضوع أخر تجلت فيه بدايات تنصل النظام من تنفيذ الاتفاقية لايسع المقال بتناوله)، ثم استشهد د.جون فى 30/7/2005م.. وبرغم الفاجعة وما خلفه غياب د.جون عن الحركة الشعبية إلا أن الحركة لم تولى ظهرها عن مسؤليتها تجاه الحلفاء فكان القائد الرفيق مالك عقار مفاوضاً رئيسياً ضمن الوفد الحكومى فى إتفاقية أسمرا لسلام الشرق، وكحليف لجبهة الشرق إستطاع تقريب المسافة بين الطرفين حتى تم التوقيع فى أكتوبر/2006م..
إذن ما الذى يجعل الاخرون يدعون أن الحركة الشعبية تنكرت فى نيفاشا للحلفاء وعقدت إتفاقاً ثنائياً وهم يعلمون تماماً إن حكومة الخرطوم هى التى ظلت ترفض بشدة مشاركة التجمع الوطنى فى المفاوضات منذ إتفاق مشاكوس الاطارى فى 20/يونيو/2002م، وإن الحركة الشعبية حاولت إشراك التجمع بمحاولة إقناع الوسطاء، إلا أن الوسطاء لم يكونوا متحمسين لذلك خاصة وأن القيادة السياسية للتجمع الوطنى لم تستطيع إقناعهم بنفسها (وهذا أيضاً موضوع أخر لا يسع المقال بتفاصيله)..
*لماذا لا ينظر الى نيفاشا على أنها الاتفاقية التى فتحت الطريق للاحزاب والقوى السياسية لتأخذ مكانها داخل الوطن وتفتح دورها وترفع أعلامها..
*لماذا كلما يأتى الحديث عن الانفصال يرمى الاخرون باللوم على نيفاشا !!! الم توافق القوى السياسية مجتمعة على حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان قبل نيفاشا فى توقيعهم على مقررات أسمرا للقضايا المصيرية فى يونيو/1995م.. ألم يوافق الجميع على أن من حق شعب جنوب السودان أن يقرر مصيره..
إذن لماذا لا تسأل المعارضة السودانية نفسها لماذا إختار شعب الجنوب الانفصال بنسبة 99.9%..
*ظللت فى كثير من مداخلاتى رداً على الاصدقاء والحلفاء عندما ينتقدون المفاوضات الجارية للحركة الشعبية مع النظام اردد (ال يده فى الموية ما زى ال يده فى النار).. ويغضب هذا المثل الكثيرين والكثيرات منهم، ولكنها الحقيقة حيث تقع على عاتق الحركة الشعبية مسئولية أكثر من مليون مواطن يقطنون فى الاراضى المحررة بجنوب كردفان والنيل الازرق ويتعرضون للقصف العشوائى وتمنع عنهم المساعدات الانسانية، فى حرب فرضت علي الحركة الشعبية وعلى تلك المناطق.. فالاوضاع الانسانية ووقف الحرب تجعل من تفاوض الحركة الشعبية منفردة مع النظام ضرورة ويكون من غير المنطق تسميته بــ (الثنائى).. فى الوقت الذى تستصحب فيه الحركة الشعبية الحل الشامل كشرط أساسى لاى تسوية أو إتفاق وظلت تؤكد على أنها لم ولن تتنازل عنه، كما تتمسك بالوقف المتزامن للحرب فى المنطقتين ودارفور..
*وفيما يخص الانتفاضة الشعبية وثورة التغيير وإسقاط نظام الظلم والاستبداد، فمفاوضات الحركة الشعبية لن تعطل الثورة الجماهيرية بل هى جزء من تلك الثورة، وجماهير الحركة الشعبية أثبتت فى كل الحراك فى الداخل أنها فى قلب ذلك وفى مقدمته، وتظل هبة سبتمبر 2013م شاهداً على ذلك، كما ظلت قيادة الحركة تؤكد على موقفها من الانتفاضة الشعبية وتحث جماهيرها عليها، ومتى ما إستوفت الحركة السياسية والجماهيرية إستحقاقات الانتفاضة ستكون جماهير الحركة الشعبية فى مقدمة الصفوف..
وأخيراً أقول.. إن الصوت الذى يخرج من برلين وأديس أببا وغيرها هو صوت تلك المناطق الاتى من خلف التهميش والظلم والتمييز.. الصوت الاتى من بين طلقات المدافع وأزيز طائرات النظام وقصفها على المدنين و الابرياء من النساء والاطفال.. فبدلاً عن إهدار الوقت فى نقد الحركة الشعبية والتلميحات بالتخوين والاجندة الخفية والملفات السرية، وحدوا الجهود لاسقاط النظام.. أو دعوا السلام يأخذ مجراه.
الخرطوم/27/يناير/2016م
|
|
  
|
|
|
|
|
| |
نزار يوسف محمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست