يعجبني عند هذا التواضع يا استاذ درديري، كما قلت لك سابقا وأقولها صادقا، فها أنت قد تعترف بقصور وباسراع، فرضته عوامل مختلفة، في إخراج الأجزاء الأخيرة من الرواية "فدوى"، ووعدت باجراء أصلاحات في مقبل الايام.. قطعا الرواية التي تخرج للملأ وتسير بها الركبان -- مثل رواية فدوى هذه قد سارت بها الركبان-- لن يصلح تعديلها هي ذات نفسها ولكن سيكون من عوامل الصبر اكثر على أخوات "فدوى" من مقبل الروايات، إن شاء الله..
وأعود مرة اخرى لأقول أن كل هذا النقد الذي قمنا به، قمنا به فقط باعتبارنا من القراء، قراء غير متخصصين، إنما هي في واقع الحال تفاعل مع الرواية وتمازج مع كاتبها، لا أكثر، حيث أننا غالبا حينما نقرا الروايات في الكتب لا نجد فرصة التفاعل مع الكاتب.. وها نحن نجده أمامناـ فنتفاعل معه ونجرب مقدراتنا الدفينة والخفية في النقد وفي العمل الفني وفي الإخراج.. ولن أقول أن "الفي البر عوام"، فنقدنا تفاعلات صادقة منا.. ونقدنا هذا على علاته وقصوره إنما هو الجزء المتمم والمكمل للعمل الفني..
ثم أن نقدنا على تفاصيل الرواية، كما قلت، إنما هي انفعالاتنا ذات نفسها.. في العادة، كبار الروائيين يتركون النقاد يسرحون ويمرحون حيث أن "يغني المغني وكل على هواه"... سمعت أن الطيب صالح حينما يتكلم عن كتبه، كأنه لم يقرأها، بل كأنه رجل ساذج لا يعرف كثيرا في هذه الأمور.. وهو على ما هو عليه من العظمة، تغمده الله بواسع رحمنه وغمره الله بأفضاله بأكبر مما أمتع الناس بإبداعاته الأسطورية وبقدر ما رفع رأس السودانيين عاليا في كل المنابر..
ونحن ننتقد أحداث الرواية، في حين أن الواقع كثيرا ما يكون أغرب من الخيال والواقع لا يخضع لتصوراتنا ولا لتصورات أي شخص كائنا ما كان.. يعني مثلا ممكن جدا تجد اب متهور و"ما نصيح" بصور أكبر من تهور و"عدم نصاح" أبو عصام.. ويمكن جدا أن يحدث ثماما مثل ما حدث في الرواية، بل ويمكن أن يحدث أغرب منها.. أقصد أن نقدنا في ىخر الأمر هو تعبير عن التفاعل..
لكن خلاصة الأمر، وهي خلاصة رأيي، وبلا مواربة، أننا استمتعنا متعة حقيقية برواية "فدوى" وكنت أقرأها حتى وإن كنت مستعجلا وليس عندي زمن.. ولا أكتمك الأمر إن قلت أنني يحدث أن أتأثر وانفعل معها بصورة لن تصدقها، ولا أحب ان أقولها.. وفدوى مثلت لي السودان النبيل الجميل المعروف، والذي اعتقد بحمد الله الموجود الآن رغم هذا الصدأ والتراكم من الظلام الذي يغيم على حياتنا وعلى ابصارنا..
تخيلوا بعد هذه المداخلة واتصالات في الخاص والعام
أكتشفت أنه عنده دكتوراه في الأدب العربي وكان محاضرا بجامعة الخرطوم قبل أن يهاجر الى أمريكا ويعمل بجامعاتها ..
الدكتور مصطفى الجيلي الآدب عنده ليس علم ومهنة فقط بل هو منهج حياة وتواضع يجعلك تتنفسه كما الأكسجين
عساه قد تجاوز محنته وأحزانه بعد أن فقد شريكة حياته
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة