|
على جمر الانتماء
|
05:47 PM Dec, 07 2015 سودانيز اون لاين عليش الريدة- مكتبتى رابط مختصر اليوم قررت أن أبدأ في كتابة مذكراتي , راودتني الفكرة منذ عام خلا , لكني لم أنفذها إلا اليوم , حدث في ذلك العام شئ يستحق أن يدون , لكني صددت رغبة تدوينه الملحة بدروع الأنفة والكبرياء الجريحة, واكتشفت متأخرا جدا للأسف الشديد أن تلك الدروع, ما نسجت إلا بخيوط الوهم التي بناها عنكبوت الغضب المستمر في أركان عقلي القصية . عدنا اليوم من القرية إلى المدينة حيث نسكن, أنا وأمي وأخواني من مأتم جدي الذي توفي قبل أربعة أيام , ولأن المدارس مازالت تعمل ولم تحن العطلة الدراسية بعد, فقد أمضينا ثلاثة أيام فقط, ثم عدنا تاركين أبي هناك لفترة أخرى, حتى يسمح للمعزين القادمين من شتى البقاع, بفرصة مقابلته مع أعمامي في القرية . كان جدي يعد فلتة من فلتات المكان والزمان.. كان مثل شجرة البرتقال التي ترعرعت وطرحت ثمارها الحلوة والغنية, في البلاد ذات المناخ الصحراوي المفلس , لذلك كانت قريتنا مصدرا لحسد كل القرى المجاورة على تلك الشجرة العزيزة . ولأننا نذهب إلى القرية عادة في العطلات الدراسية السنوية فقط, لذا كان نصيبي من الاحتكاك بجدي هو الربع من كل عام, وعندما كنت صغيرا كنت لا أفارقه إلا نادرا, وكثيرا ما كان يترك الذهاب إلى المزرعة ويمضي اليوم كله معي , كان جدي بارعا في سرد القصص ويحفظ منها الكثير , وله في ذلك أسلوب عجيب وآسر , وكنت أحب في ذلك الوقت أن أجلس أمامه ليحكي لي قصص التمساح الجشع, والثعلب الماكر, والثور الطيب, وعندما كبرت قليلا صرت أذهب معه إلى المزرعة , وفي كل عام كان يعلمني شيئا جديدا عن الغرس والري والحصاد , والاهتمام بالماشية.. وفي الوقت الذي كانت تنهال علينا أنا وإخوتي, تحذيرات الوالدين من محاولة السباحة في النيل الغدار , كان جدي قد علمني السباحة قبلها بوقت طويل .
|
|
|
|
|
|