الشونة ...العلاقه بين ال سعود والكنوز ( طمس للشخصية الحضارية والهوية النوبية)

Quote: بعد توديع ولاية إبريم توكلنا علي الله فتوجهنا صوب فونجستان بيان منازل  وقلاع  وبلاد وقصبات  فونجستان مضينا علي شاطئ النيل في أول الأمر  ولكن  النيل في هذه  المحلة يمضي متعرجاً ، وبعد ثماني ساعات بلغنا بلدة وادي حلفه ، وقد أقمنا خياماً هناك مع ثمانمائة رجل  وكنا ضيوفاً تلك الليلة في هذا الوادي  إن وادي حلفه سهل معشوشب ، وعلي شاطئ النيل في ظل شجرة جلست  أنعم بالراحة ، وعلي ضفتي النيل فيها صخر أملس ، ومنها  رأينا شلالات لا تمكن  السفن من العبر ، ثم رأينا في آخر سفناص كبيرة  وهي تجري ، وغادرنا  وادي حلفا هذا وعلي شاطئ النيل في الشرق والغرب  جبال وأدغال  وأحراش  مخوفة ، فطوينا مراحل في أرض كثيرة  الأشجار  وكثيرة الوحوش ، وقضينا في ذلك ثماني عشرة ساعة ، ولم نشاهد الشمس ستة أيام ، لاننا كنا في غابة  أشجارها مثمرة  وبها أشجار متقاربة من السنيان  والسنط فهذه الأشجار  حجبت عنا  الشّمس  ولكن ليس  فيها أثر لأشجار بلاد الروم ، وفي اليوم السابع بلغنت قلعة صاي أوصاف قلعة صاي : هي آخر حدود ممالك آل عثمان ،  وبناها  أبرهة في جزيرة واسعة بنهر النيل ، وقد توارثها  ملوك بعد ملوك ، وقد فتحها عمر بن العاص عام 22ه  بقيادة الأسود بن مقداد ، ثم أستولي عليها الفونج  وفي عام 935 وفي عهد سليمان فتحها أوزدمر بك ،وهي قلعة حدود بناءً علي معاهدة  أبرمت مع الفونج ، وقد وفا ملك فونجستان بعهده  الي يومنا هذا  فما استولي عليها مخالفاً  لما تم الاتفاق عليه ، وبما أنها واقعة علي نهاية الحدود  فإن المتمردين من فونجستان  وبربرستان  لا يكفوا عن مناوشاتهم ،  وفي هذه البقعة يبدو  النيل كأنه بحيرة واسعة ، وهي تبدو حصناً حصيناً  من الحجر  الأسود مربع الشكل بناه شداد ، وفي البداية بعد طوفان نوح بناها  الملك صاي بن مصاريم بن نقراوش  وعمرها من  بعده كثير من الملوك  وبها الآن باب ُ من الحديد  يطل علي النيل ، وقد أحضر أوزدمر باشا هذا الباب من بلاد الحبشة ، وعلي عتبة هذا الباب صورة علي الحجر  الأسود لأبرهه ، وكأنه حي  ولما دخلت هذه القلعة حُييت بإطلاق  طلقة من مدفع ، وقد رددت  الجبال دوي  طلقة  ذلك المدفع  التي حُييت بها ،  ومضوا بي إلي رئيس القلعة  فجلست معه ولله الحمد  أني رأيت  رجلاً رومياً ، وقال  إن أعيان  الولاية  أكرموك  ، وبعد ذلك  قدمت  إلي  رئيس  القلعة  وقائد الفرقة المصرية  السبع  كما قدمت إلي أعيان  القلعة رسائل كاشف إبريم ،ورسائل حاكم جرجا  ، وفرمانات  الباشا  فزادوني تعظيماً  إلي تعظيم ، ثم تجولت سيراً علي الأقدام  لأشاهد  القلعة والمدينة ،ورئيس هذه القلعة هو من متفرقة مصر  وله مائة وخمسون جندياً  وثاثمائة مستحفظ من فرق  مصر  السبع وفرقة موسيقية ، وفي كل علم تأتي مؤنتهم ورواتبهم  من جرجه ، ولهم بارود  أسود ومدافع ، وليس في  القلعة شيخ إسلام  ولا نقيب للأشراف ، ولها قضاء  يدر ستمائة أقجة . وبعض  المحلات  ألحقت  بقضاء  إبريم ، ويأتي  نائب في سفينة  تحمل المؤن كل خمسة أشهر ،  وفي القلعة خمسمائةبيت   صغير  من القصب  والحصير  ، كما أن بها جامع السلطان سيمان خان  ، ومسجد أوزدمر ، وليس بها خان أو حمام  ولا مدارس  ولا زوايا  ولا مكاتب  للصبيان  ولا سبيل  ، وفيها عشرة دكاكين  وبها ثلاث مقاه  وثماني حانات  للبوزه ،  ولكن فيها بوزه مصفاة نقية  وخارج  القلعة مائة وخمسون  بيتاً  من حصير  ليس فيها حدائق ، ولكن فيها كثير من البساتين ،  وفيها لذيذ من الشمام  والبطيخ  والخيار  وعبد اللاوي  وفيها نخيل  هنا وهناك ، وفي هذه  الولاية تنشعب من النيل ترع وفي الصحراء يقيم عرب حلفا  وهم يزرعون  الذرة  والكيلة تنبت عندهم  مائتي كيلة  وتربتها خصبة ، وعرب حلفا هؤلا قوم قبيحة وجوههم عابسون  لا مذهب لهم  وفي بعض الجهات يعلنون عصيانهم  وتمردهم ،ويحاربون عسكر قلعة صاي وفي كل المواقع صحراء  فيها الأسد  والنمر والفيل  ووحيد القرن  والغزال  وتيس الجبل  والعقاب والثعبان  وأنواع الحُمر  ، إنها  مفعمة بالوحوش  المخيفة  حتي إنه يوجد داخل  اقلعة  ثلاثة أسود  وكل منها  أسداً أسود له جثة الفيل ،  وأنا لم  أشاهد السباع ، وأثناء إنحسار ماء النيل  بعبرة العرب  بالجمال  ، إلا أن ما في جوانب القلعة  الأربعة  عميق  ولا  يمكن عبوره علي الأقدام ،  إن جو هذه البلدة جميل صيفها وشتاءُها  معتدلان ، وإذا ما نام  الإنسان ليلاً  وجد العمر الطويل  لأن ريح  النسيم  لا تأتي  إلي هذه البلدة حتي أرض حاساكنه  ومدينة بلبيس والعريش  ومنها  لا يهب نسيم الصبا  ولكن تهب ريح تياب  وملسي  . ولكن لا يؤثر في هذه القلعة ريح النسيم  ، وللنباتات  والرياحين  ريح طيبة  تفوح  وترد علي متنسمها روحه ، كان فيها الفتيات  والفتيان متميزين بروعة  الجمال  ، وإذا ما  وقعت عليها عين إنسان  سرت الرّجفةُ في جسده  ، ولطيب هواء هذه البلدة  لا يصدأ فيها الحديد  وساحرات  صحاريها  لهن شهرة تطبق الآفاق  ، وكم من غريب  رومي  سحرنة  ، والساحرات في أبريم  أقل منهن في بلدة أزرق جادو اللهم عافنا  إنهن في هذه المدينة يسحر  الرجال حميراً  وكلاباً  ويطيرن الجرار  والأواني  في الهواء  ، وحاكم قلعة صاي  تحت حكم فونجستان  وليس فيها غلمان من الروم إلا مايجلبة النخاسون ، وودعنا المستحفظون الباقون في القلعة  ولما عقدنا  العزم علي الرحيل  قدم إلينا الشباب  والشيوخ  وقالوا لنا إذا ذهبتم إلي فونجستان  فإن جيادكم سوف تهلك من الحر  والجوع ولا تأمنوا عادية اللصوص  من الزنوج  ، وبسطوا إلينا الرجاء  ألا نمضي  فقلت  إن الخوف لا يدخلني  مطلقاً ، لان الله – تعالي – قال " والحافظُون لحُدود الله" ( التوبة :112) . وقد  حفظت منذ أربعين عاماً  وقد ختمت القرآن  الكريم في كل جمعة  منذ فجر شبابي ، وبذلك  كنت أختمه في كل عام ثمانية  وأربعون مرة ، وأنا مقتنع  بذلك كل الإقتناع  وأنا  لا  أنثني عن عزمي ، وقالوا لي  وإذا ذهبت  إلي إبراهيم باشا  وأنت  لا تحمل هدية  فأنا لا ارد جواباص  ، وماذا أصنع بالهدايا  التي  لملك فونجستان  وفي الموضع الذي يصب فيه النيل  عند دمياط ورشيد صليت ركعتي الحاجة ، ودعوتُ الله  أن ييسر لي زيارة منابع النيل  ومقابر الأولياء هناك  فأحمد الله تقبل دعائي  ، لقد جئت  إلي بلدة صاي  وعودتي مصر غير محتملة ، اللهم هبني رفيقاً  لأرحل  ، وألححت  في الدعاء  فقالوا لاتنسانا  من دعواتك  وكلفت أن أقدم  إلي حاكم  الفونج  رسائل  المودة  فقالوا  لي علي الملاء : إذا  دخلت القلعة  فإن جنودها من الروم سوف يقتلونك ، ونحن لن نعطيك رسالة  ولا رفيقاً  البتة ، وقرروا أن ذهابي لغير إياب ، فدخلني من ذلك خوف شديد ، وتصورت  ماسوف  ينزل بي من شدائد  وبلاء  ولكن  لا بد من الذهاب  فحملت  خمسين هجيناً بالمتاع  ومعي      اثنين من حاملي  البنادق  الشجعان ، وحملت  أربعة جمال بالمؤن  وهبني أعيان  القلعة ذلك كله ، وقد أوصي شيخ النخاسين  في بربرستان  وتجار الفونج عليّ  ، وأنيمن طرف الباشا  أغا وإذا ما أصابني سوء فسوف يكون ذلك وخيم العاقبة  كما أنهم حذروني من أن أثق  فيهم وحذروني من الغفلة حتي في وقت اداء الصلاة  فلابد أن يكون حولي  حنودُ للحراسة  وأن يحملوا السلاح ليل نهار . جاء في جميع التواريخ  العربية  وتواريخ الصابئة  أن مدينة صاي  تقع في حدود  أسوان  وبعد الطوفان  أنشأها  كاهن يسمي رهوان هندي  وآثار أبنيتها  مازالت ماثلة  للعيان  ، وهذه الآثار تثير دهشة مشاهدها  وكأنها ليست عمل البشر  ، وفي هذه المدينة مرآة صنعت من عدة معادن  فمن قصد هذه المدينة  من الأعداء  أحرقتهم ، ومن أجل ذلك لم يغر علي هذه المدينة أعداء بغاة طغاة . مدح حديقة إرم رهوان الهندي : وبالقرب من هذه المدينة بجزيرة في النيل حديقة تسمي حديقة رهوان  هندي ، وكأنها جنة رضوان  وقد نبت نباتها دون زرع ، وبه أشجار غريبة  وثمار عجيبة  وأطيار تغرد وفي وقت السحر ترفع كل الطيور  أصواتها  الحزينة  فيدخل السرور قلب الإنسان ، كما أن فيها  حيوانات أليفة  لا يعلم عددها إلا الله ، فيا عجباً  لهذه الحكمة ، وكانت تابعة لأربعة حكماء  اثنان منهم من ولاية بربرستان  والآخران  من ولاية الحبشة  وبها أربعة ترع  اثنان ماؤهما له مذاق  التمر الهندي  وماؤهما مفيد ومسهل للهضم  : ( إن الله علي كل شئِ قدير ) " البقرة: 20" . وفي طرف مدينة صاي  أحجار صفراء  اللون  مستديرة في الجبال  ويسمون الحجر منها عين الصنم  وهي أحجار مصقولة  مجلوة ويقولون  إنها عيون أصنام  رهوان الهندي . والعرب  يضعون هذه الأحجار في الماء  ويشربونه  وفي طرفة العين  يسكرون  وهؤلا هم قوم كنوز ، ولكن علي حد قول أهل هذه الديار  فإن حجر عين الصنم موجود في جبال مدينة تنيس في الحبشة  والبرتغاليون يشوبونه بالماء فيصير شراباً  خاصاً لهم  ويقدمونه هدايا في ولاياتهم ، أن شراب الذرة  لا يتخمر  ولكنه مسكر ، وقد خرجنا من قلعة صاي  في رفقة من أحد عسر رجلاً من الفونج  والبربر  ورافقنا أهل القلعة  ساعتين ، ثم ودعناهم وقد حذرونا من مرض يصيبنا  هناك  ثم عادوا  إلي القلعة  ، ومضينا  في صحراء علي شاطئ النيل ، وفي طريق مستقيم مع الجند  وعبرنا بقاعاً  لا ماء فيها  حتي  وصلنا ماغرات .  أوصاف ولاية فونجستان  وقلعة ماغرات زاغستان :  إن هذه القلعة تحت حكم حسين  خان ويسمونه في هذه الديار  الوزير  وقد فتح هذه القلعة  أوزدمر بك علي عهد  الطواشي سليمان باشا  والي مصر ، ثم استولي عليها  أهل  الفونج  بعد أربعين يوماً  وما زالت  إلي اليوم في حوزتهم ، وحسين بك من عرب  كلابش، ومن أتباعه سبعة عشر ألفاً من المحاربين  وهم يسكنون خارج هذه القلعة  وتحت  حكمه سبعة عشر قلعة  ويسمي حاكم فونجستان دكلير ، وهو يتبع وزير مصر ، ولكنها  الأن  تابعه لمن  يسمي يراربك  ويحكم تلك المدينة  الآن من قبل حسين بك  عطاء الله  خان ، ولدي حسين بك خان رسائل من قبلنا ، وقد قدمنا إليه من قبل حاكم إبريم وصاي هذه الرسائل  التي من أعيان إبريم  وأعيان قلعة صاي  وقد قبلها  ووضعها علي رأسه ، وأرسلنا  إلي خان القلعة ، وأهدي  إلينا سنّين  من سن الفيل  ، وقد م معنا  من قلعة صاي  مائتان من  من يركبون الجمال  فسلمناهم  سن الفيل  ، وقد عاد هؤلا إلي القلعة  ما يحملون

(عدل بواسطة عرفات حسين on 11-19-2015, 10:41 AM)