|
Re: الخيانة الأعظم (Re: عليش الريدة)
|
وكأنما نفس هـذا التطهير العرقي الأخير من غلواء الحزن في داخله, فقد قام لأول مرة منذ خمسة أيام بفتح هاتفه..وبمجرد أن سرت فيه رعشة الشبكة, أخذ يطلق صافرات استلام الرسائل, لكن أمجد تجاهلها كلها,وبعد لحظات رن الجرس, نظر إلى الشاشة, كان المتصل زميله وصديقه عزمي, بعد تردد ضغط أمجد على زرالاستقبال :ألـو :أمجد,كيف حالك لقد قلقنا عليك,لماذا هذا الغياب؟ :أنا بخير :حسنا, الحمد لله هل ستحضر إلى الجامعة اليوم ؟ : لا أدري :لابد أن تحضر, لقد انتهى العمل في السكن الجديد , وسيرحل إليه الطلاب اعتبارا من اليوم , وكنت أفكر أن نسكن في غرفة سويا. صمت أمجد للحظات , وفكر كيف أن التوقيت المناسب,هو النخاع الذي تسيرعليه الأحداث. :أشكرك ياعزمي, ولكني لن أرحل إلى السكن الجامعي. : ماذا؟ ولكن لماذا وأنت تسكن بالإيجار؟ :يسكن معي رفيق عزيز ولن استطيع تركه. :آه فهمت, إلى اللقاء إذن . أغلق أمجد الهاتف , ومرة أخرى تمدد على فراشه ,و جال ببصره على صور الأزرق التي تزين الجدران, وانحنى برأسه ليتطلع إلى القبر الصغير, وغمغم : كيف أخرج من هذه الغرفة؟ وهل كنت شيئا قبل أن أدخلها ؟ سأبذل حياتي للحفاظ على هذا التراث المنير.. وانقلب على جانبه, وتغطى متكورا كالجنين في رحم أمه, ومن جديد انهمرت الدموع من البركة التي يبدو أنها لن تجف أبدا. وهناك, من وراء نافذة الغرفة الصغيرة , كانت المدينة العجوز ماتزال تتلوى من أمراضها المزمنة التي أعجزت الأطباء .. وفى ساحة الجامعة سأل أحد الأساتذة الخبثاء, أستاذ التاريخ :أين أمل مدينتنا المنتظر؟ رفع أستاذ التاريخ حاجب الدهشة الكثيف,وضرب بكفيه متحسرا,ثم تمتم فى غيظ : لا استطيع ياعزيزي أن أقول إنها الخيانة العظمى , فذلك المصطلح يستخدم لوصف بؤس أقل من هذا... لكنى استطيع أن أقول دون أي خوف من التبعات : إنها الخيانة الأعظم. تمــــــت
|
|
|
|
|
|