|
Re: من سيرة أبو القنعان (Re: ودقاسم)
|
أطلّ عيد القوم ، فلبسوا ناصع الثياب وأزهاها. أدوا صلاتهم ونحروا ضحاياهم . وجاؤا لفاطمة بحلة زاهية رأتها، فخرجت منها ابتسامة كانت تحبسها خلف أحزانها وخوفها .لأول مرة يرون الابتسامة على وجهها ترتسم مثل ضوء البرق يشق الغيوم . قالوا لها : هذه لك . فنهضت واقفة كأن لم يكن بها شيء ، ثم سمعوها تقول متسائلة : لي أنا ؟ والقوم يقفون أمامها في ذهول وهي قد بدت في تمام الصحة والعافية . لأول مرة تقف على قدميها ، ولأول مرة يرونها تبتسم فيتبينون وجهها المترع بالخير والجمال . مدت يدها وتناولت الفستان من أيديهم ثم احتضنته للحظات ، وانطلق لسانها يلهج بالشكر لمن احتضونها ولربها الذي أنقذها وقادها إليهم ليهتموا بها كل هذا الاهتمام . وعندما خرجت فاطمة إلى الملأ في حلتها الجديدة انطلقت حناجر النساء بالزغاريد ، وتهللت أوجه الشباب بالبشر ، وهلل الكهول وكبروا .. ثم ذهبوا ونحروا ضحاياهم وأعدوا وليمة كبيرة اجتمع عليها أهل القرية جميعا احتفالا بتمام صحة فاطمة وانطلاقة لسانها . العيد يكون عيدين في مثل هذا الحال ، والفرح يبقى في ذاكرة أهل البلدة لسنوات قادمات . سيتحدث الناس لسنين عن فاطمة الغريبة التي حلت بديارهم مع بداية موسم الأمطار ، فهطل المطر غزيرا وجاء الخير وفيرا وحلّت نعم الله على عباده الآمنين .وهم يعلمون معنى الغربة ، ومعنى الضيم ، ومعنى التشرد ، ولا يريدون لأحد من الناس أن يصيبه مثل ما أصاب فاطمة وأهلها ، ويعلمون أن احتضانهم لفاطمة سيجلب لهم الكثير من الخير ويدفع عنهم الكثير من الشر. وفاطمة كأنها ولدت من جديد ، لكنها بدلا عن صرخة الميلاد قدمت للناس ابتسامة حركت بها مكامن السعادة فيمن حولها وعانقها أهل بيتها وعانقتها البنات والنساء وتدافع الأطفال بفضولهم ليتعرفوا على فاطمة ، على شكلها الحقيقي وهي واقفة امامهم رمزا للأمل والتصميم والاستمساك بالحياة عبر صنع التغيير الذي يسهم في تغيير الحال مهما كان سيئا إلى حال أفضل . قالت لهم : أنا فاطمة ، أتعلمون ؟ قالوا : الآن علمنا ، ونحن أهلك وعشيرتك . أهلا بك بيننا وستكونين ابنة لنا جميعا وأختا لأبنائنا وبناتنا . لم يبلغها أحد أنها كانت قد اقتربت من الموت ، وأنّ عناية الله ساقت إليها أحدهم لينقذها في الوقت المناسب . ولم تكن هي في حاجة لمن يخبرها بذلك ، فهي لم تغب عن وعيها أبدا طيلة رحلتها ، كانت تدرك تماما أن عناية الله ستوصلها إلى بر الأمان وأنها إن طال السفر بها أم قصر فإنها في النهاية ستعود إلى حياة طبيعية لكنها لا شك ستكون حياة مختلفة عما سبق . هي لا تعرف كيف سيكون شكل هذه الحياة ، ولا تعرف من أي باب ستدخل إليها ، لكنها تثق انّ باباً ما سينفتح بسعة ما ، وأنها ستتمكن من الدخول إلى حياة جديدة . وأنها يمكنها ان تتأقلم مع اي واقع إنساني يفرض عليها فتصبح جزءاً منه .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
من سيرة أبو القنعان | ودقاسم | 09-28-15, 08:44 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | ودقاسم | 09-29-15, 06:27 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | ودقاسم | 09-30-15, 05:10 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | ودقاسم | 10-01-15, 05:51 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | يوسف السماني يوسف | 10-01-15, 06:12 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | ودقاسم | 10-13-15, 07:45 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | ودقاسم | 10-02-15, 03:34 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | ودقاسم | 10-03-15, 02:28 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | ودقاسم | 10-04-15, 05:15 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | مامون أحمد إبراهيم | 10-04-15, 09:07 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | ودقاسم | 10-05-15, 05:14 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | أحمد الشايقي | 10-06-15, 11:40 AM |
Re: من سيرة أبو القنعان | ودقاسم | 10-06-15, 05:55 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | ودقاسم | 10-07-15, 05:40 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | ودقاسم | 10-08-15, 06:00 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | ودقاسم | 10-10-15, 09:07 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | ودقاسم | 10-11-15, 06:17 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | ودقاسم | 10-12-15, 06:25 PM |
Re: من سيرة أبو القنعان | ودقاسم | 10-14-15, 08:42 PM |
|
|
|