من سيرة أبو القنعان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 05:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-10-2015, 09:07 PM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من سيرة أبو القنعان (Re: ودقاسم)

    وعند منتصف النهار كانت الشمس مستترة خلف الغيوم ، والسماء تنذر بالمطر ، وكانت القافلة قد أطلّت على مشارف البلدة . لكنّ فاطمة تفاجـأت بمنظر الرعاة يسوقون ماشيتهم والزرّاع يقومون بأعمالهم في الأراضي التي تمرّ عليها القافلة . وغير بعيد عن البلدة قامت قرية بيوتها من القشّ، من الواضح أنها قرية هؤلاء القوم الذين رأتهم فاطمة يعملون بالرعي والزراعة . توقفت القافلة في مواجهة بعض الزرّاع ، ألقوا عليهم التحية ، فردوا بأحسن منها . سألتهم فاطمة : كم من السنين أنتم هنا ؟
    قالوا : بضع سنين .
    وبدأت تسألهم عن أهل البلدة الأصليين ، لكنهم كانوا لا يحرون جوابا . كل منهم يقول كلاما مختلفا . لكنهم جميعا اتفقوا أنهم لم يجدوا أحدا هنا حين استوطنوا البلدة وأقاموا قريتهم . هذه البلدة ظلت هكذا على مر الأيام . قالوا لها أنهم عرفوا من آبائهم وحكمائهم أنّ البلدة الصفراء – هكذا يسمونها – إما أنها بيوت للجن ، أو منازل كانت مملوكة لقوم عصوا الله فأهلكهم الله بما فعلوا من المعصية . قالوا أنه كلما اقترب شخص أو حيوان من البلدة الصفراء تهيج الريح ، وتنطلق الأعاصير ، وتنبعث أصوات غريبة كأنها تخرج من باطن الأرض فتطرد كل من يقترب منها . حتى الحشرات والجرذان لا تستطيع الاقتراب منها. وأنّ حكماءهم حذّروهم من هذه البلدة ، ومنعوهم من الدخول إليها ، واعتبروها بلدة الموت والدمار لكل من يسعى للوصول إليها ، فهي بلدة مسكونة ومحروسة بالأرواح الشريرة .
    ومن بعيد بدأت البلدة لفاطمة كأنها لم يمسها التغيير ، لم تنبت الأشجار بشوارعها وأزقتها ، ولم تتأثر البيوت بالمطر أو الرياح . ولم يحاول أحد أن يسرق شيئا من الذهب المكشوف أمام كل الناظرين . وقد بدأت البلدة - كما توقعتها فاطمة - ساكنة لا حياة فيها. وزوج فاطمة ينتابه شيء من الخوف ، فيسأل فاطمة : أين هم أهلك ؟ هل هم أحياء أم أموات ؟ بل هل هم من البشر مثلنا ، أم أنهم من الجن ؟ هل قطعنا كل هذه المسافة وبذلنا كل الذي بذلناه لنصل في نهاية مطافنا إلى مدينة أشباح ؟ وفاطمة تجيبه بوضوح هذه المرة وكأن الله أنطقها : أهلي بشر ، مثلك ، مثلي ، لم يكونوا عصاة ، ولا مجرمين، لكنهم هلكوا بالجوع رغم الغنى الذي تراه واضحا أمام عينيك . سأدخل عليهم وأوقظهم وأحدّثهم واحدا واحدا، وسترى بعينيك وتسمع بأذنيك أنهم سيعرفونني ، فأنا الناجية الوحيدة ، وأنا ابنتهم من أصلابهم ، وستعرف أنت وزوجتك أنني لست خادمة ، بل أنني – أنا – من كنت أتدلل على الخدم والحشم . كل الذهب الذي تراه أمام عينيك كان ملكا لأهلي جعل الله لهم التصرف فيه ، تماما ، كما جعل لك أنت التصرف في الأرض وفلاحتها ، وهو بالتأكيد ورثة لي .
    حاول الزوج إقناع زوجته أن تتراجع عن دخول البلدة ، والتخلي عن أحلامها ، وطلب منها أن يعودوا من حيث أتوا باذلا لها الوعود بحياة كريمة ومعاملة طيبة . طفق يذكّرها بما سمع من أفواه المزارعين ويخوفها من المصير القاتم الذي ينتظرها إن هي أصرت على تنفيذ ما عقدت النية عليه . قال لها امام الشهود : ستنطلق الريح والأعاصير تحت قدميك ، وستحملك الريح بعيدا فلا نجد لك أثرا . الداخل إلى هنا مفقود ، ولا أحد يعرف مصير الذين حاولوا الدخول قبلك . لم يخرج من هذه البلدة أحد ، أنت فقط التي خرجتِ فكتب الله لك السلامة ، وربما أن خروجك كان قبل وقوع اللعنة على القوم .
    لكن فاطمة لم تخف ، ولم تكن لتتوقف وتعود أدراجها إلى الذل والمهانة ، وهي ترى أنها سارت الطريق كله وبقي أمامها القليل جدا. لن تتراجع حتى لو كلفها ذلك حياتها وحياة ابنها . قالت له ، كما كنت أنا غريبة على أهلك فأنت أيضا غريب على أهلي ، وكنت أنوي أن أعرّفك عليهم، وكانوا سيمنحونك الأمان ، لكنّك لا تستطيع مقابلة أحد ، وأنت ترتجف من الخوف وتحمل الحذر القاتل بين جنبيك ، فلتبق أنت هنا في رفقة هؤلاء المزارعين ، لكن أنا وابني منهم وإليهم ، فاتركنا ندخل عليهم وحدنا ، وهم سيتعرفون علينا ويستقبلوننا أحسن ما يكون الاستقبال . وقد عدنا إلى ديار أهلنا ، نحن الوارثون لهذه الثروة والمالكون لهذه الديار ، سنعمرها أنا وابني ، وسنستعين بجيراننا من الفلاحين والرعاة وسننصهر معهم ، فنصبح أسرة واحدة لا ضغائن بينها ولا حسد ، ولا خوفٌ من مسغبة ولا فقر . وإن متنا فلسنا أفضل ممن ماتوا قبلنا، وأثق أننا سنكون في موتنا أفضل من حياتنا في الذل .
    ثم بدأ زوجها يترجاها أن تترك له الولد الصغير وتدخل هي إلى حيث شاءت ، فلربما تحدث بعض الأمور التي لن يحتملها الطفل أو تكون أكبر من إدراكه فيصاب بما لا نتوقعه . لكن إصرار فاطمة لم يكن ليهزمه أحد . هي ما زالت تحس ألم الصفعة ، وتتذكر معاملة الزوجة الكبرى ، والنظر إليها كشخص اُلتقط من طرف الحقل . كل ذلك كان يضيّق خياراتها ويدفعها دفعا إلى ارتياد التجربة الصعبة وتحمّل نتائجها مهما كانت . إما حياة كريمة لها ولإبنها ، وإما موت كريم لهما معا في آن واحد . تريد ان تقف أمام الموت بشجاعة كما فعل أهلها من قبل، وستسوق ابنها معها ولن تتركه للذلّ بعدما رأت الذل بعينيها . ستأخذه معها وهي تثق أن أهلها سيعرفونها وأن الله سيكرمها بوراثتهم ، وأن المجد كله سيرثه هذا الولد الصغير .
    وأمام هذا الإصرار الغريب استجاب الزوج على مضض ، وبقي إلى جانب الفلاحين والرعاة الذي تجمهروا ليراقبوا دخول فاطمة إلى البلدة الصفراء ، وهم لا ينتظرون لها عودة ، إنما يتوقعون لها ولإبنها الموت ، أو الاختفاء من هذه الحياة ، فلا يعرف لهم أثر .
                  

العنوان الكاتب Date
من سيرة أبو القنعان ودقاسم09-28-15, 08:44 PM
  Re: من سيرة أبو القنعان ودقاسم09-29-15, 06:27 PM
    Re: من سيرة أبو القنعان ودقاسم09-30-15, 05:10 PM
      Re: من سيرة أبو القنعان ودقاسم10-01-15, 05:51 PM
        Re: من سيرة أبو القنعان يوسف السماني يوسف10-01-15, 06:12 PM
          Re: من سيرة أبو القنعان ودقاسم10-13-15, 07:45 PM
        Re: من سيرة أبو القنعان ودقاسم10-02-15, 03:34 PM
          Re: من سيرة أبو القنعان ودقاسم10-03-15, 02:28 PM
            Re: من سيرة أبو القنعان ودقاسم10-04-15, 05:15 PM
              Re: من سيرة أبو القنعان مامون أحمد إبراهيم10-04-15, 09:07 PM
                Re: من سيرة أبو القنعان ودقاسم10-05-15, 05:14 PM
                  Re: من سيرة أبو القنعان أحمد الشايقي10-06-15, 11:40 AM
                    Re: من سيرة أبو القنعان ودقاسم10-06-15, 05:55 PM
                      Re: من سيرة أبو القنعان ودقاسم10-07-15, 05:40 PM
                        Re: من سيرة أبو القنعان ودقاسم10-08-15, 06:00 PM
                          Re: من سيرة أبو القنعان ودقاسم10-10-15, 09:07 PM
                            Re: من سيرة أبو القنعان ودقاسم10-11-15, 06:17 PM
                              Re: من سيرة أبو القنعان ودقاسم10-12-15, 06:25 PM
                Re: من سيرة أبو القنعان ودقاسم10-14-15, 08:42 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de