|
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة (Re: عبدالعزيز الفاضلابى)
|
انظروا لهذا النص لـ احمد السعادة:
Quote: عين باحثة :
أغلب ساكني شمال حي العقيق بمدينة الرياض هم من السعوديين ممن يعيشون في ڤللهم ذات الطابقين. وكنت أسكن به بغرفة منفردًا مضطرًّا. وكانت أيامي على وحشة وملل، فإذا سرت في طرق الحي أجدني مستقصِيًا عن أشباهي مجتذَبًا بمغناطيسية الألفة، ومتى التقيت أحدهم وتعارفنا، ارتحل وترك ذكرى أيام ترعرعت في كنف التواد. وذات مرة لمحت واحدًا منهم أمام ڤيلا قريبة من سكني فسلمت عليه ورحب بي ودعاني إلى بيته ذي الغرفة الملتحمة بجدار الڤيلا، فأجبت دعوته فرحًا بصديق جديد. وبعد أخذ ورد لمست فيه رأيًا فعرفت أنه محام أجبره سوء الحال على ترك مهنته وأن يهاجر كي يعمل بوظيفة سائق خاص ولا صغار لطالب رزق. وهو في الظاهر سائق خاص برخصة القيادة، وفي الباطن محام طموح جرىء. ولطبيعة عمله كان قليل السراح إلى سواه، فأمر عليه في المساء بين الفينة والأخرى فنتدارس سير المفاوضات الجارية بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان ولا صوت يعلو فوق صوت التفاوض. واستمر هذا الأنس مزينًا بآمال عراض تعاظمت أثناء الاتفاقية ويوم اكتمالها ومع بدء تنفيذها. ها هي الحرب قد وضعت أوزارها، وها هو المحارب الكبير قد وضع سلاحه، وهز جناحيه كعُقاب مليك يريد أن يطير إلى موطنه فرفرفت معه القلوب إلى عَوْد صار أملاً حارًّا كم شوته نار الانتظار، وكأن آمال أمة كبيرة تمثلت بأمل ذلك المحارب. وهأنذا أرجو منه رئيس الحركة الشعبية جهدًا عديدًا، وكلامًا سديدًا بحجة تقول أنا حر من بلد حر، لا أقبل الاستعلاء وأحب أن نكون على سواء، حتى إذا ابتسم تضاحك الصفاء، فتموت النُّعرات الجاهلة والعصبيات القاحلة. وكم أثنيت عليه ثناءً قدَّره صديقي فتساءل : - ماذا أعجبك فيه؟. فقلت بعنفوان الشباب : - ظهور دي مبيور جرَّد ساستنا من كل بطولة. وبلسان الواقع قال : - لكل ثائر أنصار يزعمون أنه بطل. فاستطردت في المدح قائلاً : - هذا رجل مترامي الأطراف يشبه بلادنا، تأمل فكرته بأفق واسع.نحن نريد وطنًا عملاقًا ولا بد أن يكون القبطان عملاقًا وإلا غرقت السفينة بأهلها. فعقَّب متشائمًا بقوله : - إذا حكم أصحاب نظرية ما، إما أفسدتهم السلطة، وإما تعثروا برغبة الأضداد في واقع مسكون بالنظريات المضادة. فتفاءلت وقلت : - فلنمنحه الفرصة ولنتحلى بالنزاهة مرة. لا حكومة بلا معارضة ، وصاحب الأعمال النافعة المؤثرة سيصاحبه الشعب. فسأل يريد جوابًا بائنًا : - هل ستصوِّت له إذا ترشح بانتخابات رئاسية؟. فقلت له دون تلجلج : - لم أصوِّت من قبل في انتخابات قط، وأدخر صوتي له. وحين غلوت خلته قد تولى الرئاسة وخرج زائرًا فقام له الإعلام كما قامت له الخرطوم من قبل استقبالاً فسألني سائل يسخر باستهزاء مدسوس : - أهذا هو رئيسكم؟. فقلت له بفخر : - نعم هذا رئيسنا الذي نُصرنا به ونصرناه. ونظر إلي مستنكِرًا متسائلاً : - ولِمَ ترحلتم إليه؟!. فقلت بثورة : - إنما هاجرنا إلى عدل رئيس لا نُظلم عنده. ألم تر هذا التجرد العجيب والحضور المهيب؟ ألم تسمع هذه الحجة الوطنية القاطعة كحد الصارم البتار؟ ألا ترى هذه الإرادة التي لا تُرهن؟ ألا ترى هذا الشمم وهذا الشموخ وهذا الدهاء؟ ألا ترى هذه الشكيمة وهذه الأنفة وهذه الكبرياء؟. وخلال هذه الأحلام، وعقب يوم ذي شغل شاغل، مررت على صديقي ليلاً فوجدته طائفًا بغرفته كأنما تدفعه ذبذبات صوت التليفزيون السائدة المتصاعدة. وبما أنه يدرك تمامًا إلى من أوليت الاحترام والتعويل السياسي، أخبرني بوجه هربت منه الأماني عن اختفاء طائرة جون قرنق، وعندها لم أتردد في القرار ولم آخذ إذنًا مِن كائن مَن كان، ولم أسعَ إلى تأشيرة الخروج والعودة، ولم أحمل جواز السفر، رحلت فورًا بخبرتي المتواضعة بالمناطق الجبلية هَرِعًا أفتش بين الجبال والتلال والغاب والأودية عن ذاك القائد وتلك الطائرة، وكلما تراءى لي شيء من بعيد حسبته شلوًا من أشلائها أو جزءًا من أجزائها حتى إذا وصلت إليه وجدت السراب. فطفقت أنظر إلى من حولي لعلي أجد أصحابًا فأسألهم عنه، بيد أنني لا أراهم بوضوح وهم كمثلي لا يروني بوضوح فالرؤية عاجزة بشوب ضباب ذرات الأسى، ولا ريب أنهم تنادوا وتناهوا من مضارب شتى بألوان شتى وأشكال شتى، وربما فيهم من كان بالأمس من ألد أعدائه يدور اليوم في الأحراش بعين باحثة وقدم لاهثة. فلما نال مني الجهد ونال مني اليأس تراخيت واتكأت على صخرة صماء كالتي اصطدمت بها الطائرة، وقلت أيكون القائد اختار أن ينحو إلى المخادعة فاختفى ليرى صدق الناس في تحكيم العهد؟! .. ونكصت وقلت لا لن يفعلها فدونه لن تسير الأمور كما تُرام. ثم نأيت عن الصخرة، وانسللت من وسط الأدغال في حياء مِن أن يُظن بي الفرار ساعة غوث، وذهبت إلى صديقي فأبصرت جبهته مغطاة بشاش أحاط برأسه، وشَعره مخضَّبًا بصبغة خمرت بياضًا مستشرٍ عليه، ووجهه مكفهرًا يوحي بحدث جلل، ورأيت تليفزيونه مثل صندوق جامد لا حياة به .. سألته عن أمره فقال لي أنه اختلف مع كفيله رب عمله وتعاركا، وسيرحل في فجر غد بطائرة إلى الخرطوم لانتهاء خدمته. فشددت عزمه بكلمات، وودعته، وخرجت منه عائدًا إلى ضاحية نيوسايت غير مبالٍ بحديث من تحدث عن الصندوق الأسود.
عبدالرحمن السعادة |
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | عبدالعزيز الفاضلابى | 08-07-15, 08:20 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | باسط المكي | 08-07-15, 08:28 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | عبدالعزيز الفاضلابى | 08-07-15, 08:40 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | عبدالعزيز الفاضلابى | 08-07-15, 08:43 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | عبدالعزيز الفاضلابى | 08-07-15, 08:46 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | عبدالعزيز الفاضلابى | 08-07-15, 08:49 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | elsawi | 08-07-15, 09:55 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | عبدالعزيز الفاضلابى | 08-07-15, 10:30 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | إسماعيل ببو | 08-07-15, 10:39 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | عبدالعزيز الفاضلابى | 08-07-15, 11:08 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | إسماعيل ببو | 08-07-15, 11:45 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | ابو جهينة | 08-08-15, 03:03 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | عبدالرحمن أحمد السعادة | 08-08-15, 03:26 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | ودقاسم | 08-08-15, 03:45 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | محمد قسم الله محمد | 08-08-15, 05:03 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | عبدالعزيز الفاضلابى | 08-09-15, 05:15 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | عبدالعزيز الفاضلابى | 08-09-15, 05:16 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | عبدالعزيز الفاضلابى | 08-09-15, 05:18 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | عبدالعزيز الفاضلابى | 08-09-15, 05:21 PM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | علي الكرار هاشم | 08-11-15, 07:07 AM |
Re: ثلاثة أعضاء وُهِبوا جزالة العبارة | عبدالعزيز الفاضلابى | 08-11-15, 08:38 PM |
|
|
|