هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 05:42 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-01-2015, 02:03 PM

عبد الوهاب السناري
<aعبد الوهاب السناري
تاريخ التسجيل: 11-16-2014
مجموع المشاركات: 229

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور (Re: عبد الوهاب السناري)

    هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور (4)
    نصوص أخرى تؤيد التطور
    يزعم العديد من مؤيدي نظرية النشوء والتطور أنها تنفي وجود الخالق. لكن القرآن الكريم ميز بين نوعين من خلق الإنسان: الخَلْق من طين والخَلْق من تراب. ولكن لم يتمكن المفسرون من التمييز بين هذين النوعين بسبب إعتقادهم أن الطين الذي خُلِق منه الإنسان هو الطين المألوف، والذي نتج عن خلط التراب بالماء. وسوف أتطرق في هذا المقال والمقالات التي تليه إلى النصوص القرآنية التي تؤيد التطور. وقد تطرقنا في مقالات سابقة إلى الآيات التي فصَّلتْ لنا في الخَلْق من طين. وسوف نتطرق في هذا المقال إلى النصوص التي تشرح نصوص النشؤ والتطور، ولنقف أولا عند النصوص التي تميز بين الخلق من طين (يدل على التطور) والخلق من تراب (يدل على خلق الأفراد في الأرحام):
    هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2): سورة الإنسان (76).
    قال رواد التفسير أن قوله تعالى: "هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا" يشير إلى أطوار خَلْق آدم عندما كان هيكلاً من طين، بينما يشير قوله تعالى: "إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ" إلى خَلْق بني آدم الذين خُلِقوا من نطفة. وهذا يدل أن: "الْإِنسَانَ" فُسرت على أنها تشير إلى آدم في الآية الأولى، وإلى بني آدم في الآية الثانية من سورة الإنسان. بيد أن الأيتين السالفتين تؤكدان أن الإنسان لم يكن شيئاً مذكورا قبل أن يُخْلَق من نطفةٍ أمشاج. فإذا أخذنا بقول المفسرين أن قوله تعالى: "هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا" يشير إلى أطوار خلق آدم عندما كان هيكلاً من طين، ألا يعني ذلك أن آدم لم يكن شيئاً مذكوراً، لأنه، على حسب قول المفسرين، خُلِق من الطين الناتج عن عجن التراب بالماء، وليس من نطفة أمشاج؟ وبالمثل، ألا يعني ذلك أيضاً أن حواء، وهي التي خُلقت من ضلع آدم على حسب قول المفسرين، لم تك شيئاً مذكوراً؟
    أما الرازي، فقد آثر تفسير هاتين الآيتين بإعتبار أن: "الْإِنسَانِ" في الموضعين واحد، لأن ذلك، على حد قوله، يجعل نظم الآية أحسن. بيد أن تفسير الرازي لهاتين الآيتين لم يختلف في جوهره عن تفاسير من سبقه من الرواد. أما إذا تم تفسير هاتين الآيتين على ضوء الخَلْق من طين، والذي يشير إلى تطور الجنس البشري من مخلوقات بدائية، لتبين لنا أن قوله تعالى: "هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا" يشير إلى الإنسان في أطوار ما قبل الإنسانية وما قبل طور الإنسان العاقل، حيث كان واحداً من العديد من الأنواع غير العاقلة وغير الجديرة بالذكر. بينما يشير قوله تعالى: "إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ" إلى خَلْق الإنسان في الأرحام، ويشير قوله تعالى: "فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا" إلى بروز الإنسان العاقل إلى حيز الوجود عندما صار سميعاً بصيرا. إستناداً على هذا التفسير يصبح الإنسان هو الإنسان، ويصبح كل إنسان، بما في ذلك آدم وحواء، مخلوق من نطفة كما ورد في الآيات السالفة. وبالمثل، تؤكد الآيتان التاليتان على الخَلْق من طين:
    قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9): سورة مريم (19).
    أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67): سورة مريم (19).
    ببساطة، تؤكد هاتان الآيتان أن زكريا، عليه السلام، خُلِق مرتين، مثلما خُلِق الإنسان مرتين. لكن لم يلتفت رواد التفسير لهذه الحقيقة، ربما لإغفالهم للأثر الذي تضفيه: "مِن قَبْلُ" إلى معنى الآيتين. تكرر ورود: "مِن قَبْلُ" في القرآن الكريم 68 مرة للدلالة على الشبه أو التطابق بين حدثين أو شيئين، وقد أوردتُ الآيات التالية كأمثلة لتبيان ذلك. فقد وردتْ: "مِن قَبْلُ" في الآية 25 من سورة البقرة للدلالة على الشبه بين الرزق الذي رُزِق منه الذين آمنوا وعملوا الصالحات في الجنة: "كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقا"، وبين الرزق الذي رزقوا منه من قبل في الحياة الدنيا: "قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ":
    وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25): سورة البقرة (2).
    فالحدثين المتشابهين، في الآية السالفة، يتمثلان في تشابه الثمرات التي رُزِق منها الذين آمنوا وعملوا الصالحات في الجنة، بتلك التي رًزِقوا منها من قبل، أي في الحياة الدنيا. ويمكن القياس على ذلك عند المقارنة بين قوله تعالى: "وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ"، وبين قوله تعالى: "فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ"، في الآية 71 من سورة الأنفال؛ وعند المقارنة بين قوله تعالى: "فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَـؤُلاء"، وبين قوله تعالى: "مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ"، في الآية 109 من سورة هود.
    وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (71): سورة الأنفال (8).
    فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَـؤُلاء مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ (109): سورة هود (11).
    يتبين لنا مما سبق، أن: "مِن قَبْلُ" ترد في القرآن الكريم للمقارنة بين حدثين متشابهين، حدث أولهما في الماضي، وحدث الثاني لاحقاً. وعليه، لا يمكن القول أن: "مِن قَبْلُ" تدل فقط على وقوع الحدث في الزمن الماضي، بل أيضاً على التشابه بين الحدث الحالي وبين الحدث الذي وقع في الزمن الماضي. وتمتد الفترة الزمنية التي تشير إليها: "مِن قَبْلُ" بين وقوع الحدث الأول وبين وقوع الحدث الثاني.
    فإذا أخذنا بقاعدة: "مِن قَبْلُ"، كما أوضحتها فيما سبق, لتبين لنا أن قوله تعالى لزكريا: "وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا" يعنى: "أني خلقتك من قبل أن أخلقك على الخَلْق الذي أنت عليه الآن، ولم تك وقتها شيئا، أي قبل أن أخلقك الخلق الأول". وأن قوله تعالى عن الإنسان: "أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا" مفاده: "ألا يذكر الإنسان أني خلقته من قبل أن أخلقه على الخَلْق الذي هو عليه الآن، حيث لم يكن حينها شيئا". أما إذا لم تتضمن هذه الآيات: "مِن قَبْلُ"، فسوف يختلف تفسيرهما تماماً، بحيث يكون تفسير الآية 9 على النحو التالي: "ألا تذكر يا زكريا أنك لم تكُ شيئاً قبل أن أخلقك". وبالمثل، تُفسر الآية 67 على النحو التالى: "ألا يذكر الإنسان أنه لم يكن شيئا قبل أن أخلقه". فإن كان الخَلْق الحالي للإنسان يشير إلى خَلْق كل إنسان من تراب، فإن الخَلْق الأول يشير إلى خَلْق الجنس البشري، كنوع من أنواع المخلوقات، والتي بدأ خَلْقُها من طين. وإستناداً على ذلك، يمكننا القول أن خَلْق الإنسان من طين يدل على خَلْق الجنس البشري كنوع من أنواع المخلوقات الأرضية. وأن خَلْقه من تراب، يشير إلى خَلْق كل إنسان بالتكاثر الجنسي. كما يدل هذا التفسير أن الإنسان لم يكن شيئا قبل أن يُخْلَق من طين كنوع من أنواع المخلوقات، وأنه كان شيئاً غير جدير بالذكر بعد أن خُلِق من طين: "هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا"، لأنه كان ضمن العديد من الأنواع غير العاقلة، والتي لم تك جديرة بالذكر. ولم يصبح الإنسان شيئاً مذكوراً إلا عندما برز على هيئة الإنسان العاقل الذي يختلف عن غيره من الأنواع الأخرى خلقاً وعقلاً.
    ويشكل الخَلْق من طين والخلق من تراب ما وصفه القرآن الكريم بالخَلْق الأول أو النشأة الأولى، مقارنة بالنشأة الآخرة، والتي تشير إلى البعث:
    وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (94): سورة الأنعام (6).
    وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا (48): سورة الكهف (18).
    قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20): سورة العنكبوت (29).
    وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21): سورة فصلت (41).
    أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15): سورة ق (50).
    وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (47): سورة النجم (53).
    ورد في القرآن الكريم أن النشأة الأولى تحتوي على شقين، الشق الأول يشمل النشأة من الأرض: "إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ"، وهو ما يشير إلى الخَلْق من طين، والذي أُشتق من الأرض؛ ويشمل الشق الثاني النشأة في بطون الأمهات: "وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ"، وهذا ما يشير إلى الخَلْق من تراب، الذي يحدث في الأرحام:
    الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32): سورة النجم (53).
    ويمكن القياس على ذلك في معرض الحديث عن خَلْق بقية الأنواع الأرضية. فخَلْق الإبل من تراب، على سبيل المثال، يشير إلى خَلْق كل فرد من أفراد هذه المجموعة من تراب، أو بالتكاثر الجنسي. وبالمقابل، فإن خَلْق الإبل من طين يشير إلى خَلْق الإبل، كأحد الأنواع من المخلوقات الأرضية، مثل البقر والماعز وغيرها. ولعل هذا التداخل الكبير بين الخَلْق من تراب والخَلْق من طين كان أحد الأسباب التي حجبت عنا فهمهما، وتسببت في تأخير التمييز بينهما.
    أما الدليل الثالث على أن الخَلْق من طين ذو علاقة بتطور الأنواع، فيكمن في قوله تعالى، والذي أكد لنا المولى، عز وجل، عليه عندما أخبرنا أنه، جل شأنه، قادر على أن يذهب الناس ويستخلف من بعدهم خَلْقاً آخرين، ليسوا بشراً:
    وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء كَمَآ أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (133): سورة الأنعام.
    بالإضافة إلي التكاثر، فإن إنقراض الأنواع وإستخلافها بأنواع أخرى يمثل أقوى دعائم نظرية النشؤ والتطور، وهذا ما تؤكد عليه الآية السالفة. يمكننا أولاً ملاحظة أن: "مَّا" تدل على أن من يستخلفهم الله تعالى، بعد أن يذهب الناس، ليسوا من الإنس، لأن: "ما" لم ترد في القرآن الكريم للإشارة إلى الإنس إلا عندما تغلب أنواع المخلوقات من غير البشر عليهم، أو في معرض الحديث عن الحمل أو ما في الأرحام أو ما في البطون، أو في معرض الحديث عما ملكت الأيمان عموماً، أو في معرض الحديث عن نكاح النساء أو ما ملكت الأيمان من النساء. فقد أوضح لنا، جل شأنه، في هذه الآية، أن هذا الإستخلاف يتم بنفس الشاكلة التي يتم عليها خُلِق الناس من ذرية قوم آخرين، أي بالتكاثر الجنسي: "كَمَآ أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ". وهنا إشارة جلية إلى إمكانية خَلْق أنواع أخرى من البشر، عن سبيل التطور، والذي يتم عن طريق التكاثر الجنسي. هذا وقد أكد المولى، عز وجل، فكرة إستخلاف أنواع آخرى للبشر في سورتي إبراهيم وفاطر:
    أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19): سورة إبراهيم (14).
    يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16): سورة فاطر (35).
    ولا يمكن إلا أن يكون هؤلاء الخَلْق الجديد من غير الناس، لأن خَلْق الناس الذين توفوا أو ذهبوا، خَلْقاً جديداً لا يتم في الحياة الدنيا، بل يوم البعث:
    وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49): سورة الإسراء (17).
    ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98): سورة الإسراء (17).
    وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7): سورة سبأ (34).
    ما يؤكد أن هذا الخَلْق الجديد ليس من الناس، قوله تعالى، أنه إن شاء سيأتي بهذا الخَلْق الجديد بعدما يذهب جميع الناس. ولعله، جل شأنه، إذا أراد أن يقول أن هولاء الخَلْق الجديد سيكونوا من ذرية الناس، لوصفهم بال: "آخرين"، كما ورد في العديد من الآيات القرآنية، والتي نقتطف منها:
    إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133): سورة النساء (4).
    أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (6): سورة الأنعام (6).
    وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء كَمَآ أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (133): سورة الأنعام (6).
    وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (11): سورة الأنبياء (21).
    فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلًا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ (29) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30) ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (31): سورة المؤمنون (23).
    فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41) ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ (42): سورة المؤمنون (23).
    كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28): سورة الدخان (44).
    وقد يقول قائل أني أَدَّعي أن الناس سينقرضوا يوماً ما، وأن أنواعاً أخرى سوف تحل محلهم. لكني أود أن أقول هنا بصريح العبارة، أن المولى، جل شأنه، أراد أن يؤكد لنا من خلال الآيات السابقة، على ثلاثة مبادئ أساسية: أول هذه المبادئ أن الناس الحاليين من بني آدم خُِلقوا من ذرية ناس آخرين عاشوا من قبلهم: "كَمَآ أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ"، وهم ما أشرنا إليهم في مقال سابق بالآباء أو الجبلة الأولين أو الناس الذين عاشوا من قبل. أما المبدأ الثاني فيتمثل في أن المولى، عز وجل، قادر من حيث المبدأ، على قرض الجنس البشري، وإحلال نوع آخر أو أنواع أخرى من المخلوقات محله: "إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء". أما المبدأ الثالث الذي تؤكد عليه الآية الكريمة أن إحلال نوعٍ من المخلوقات محل نوع آخر يكون بالتكاثر الجنسي، والذي حدث من خلاله إحلال الناس الحاليين من بني آدم محل قوم آخرين: "كَمَآ أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ". فالحديث هنا يدور حول مبدأ إحلال نوعٍ محل نوعٍ آخر عن طريق النشوء والتطور، وليس حول إحلال مخلوقات أخرى محل الناس مستقبلاً، لأن القرآن الكريم بين لنا، في العديد من الآيات، أن الجنس البشري سوف يستمر إلى يوم القيامة.
                  

العنوان الكاتب Date
هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-22-15, 05:58 PM
  Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-22-15, 06:01 PM
    Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف ود الخواجة02-22-15, 08:17 PM
      Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-22-15, 10:20 PM
        Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-23-15, 04:23 PM
  Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور Salah Habib02-23-15, 04:29 PM
    Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-23-15, 06:27 PM
      Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور مصطفى الجيلي02-23-15, 08:24 PM
      Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور محمد عثمان الحاج02-23-15, 08:26 PM
        Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور محمد عثمان الحاج02-23-15, 08:31 PM
          Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور محمد عثمان الحاج02-23-15, 08:38 PM
            Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-24-15, 12:39 PM
  Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور منتصر عبد الباسط02-24-15, 01:03 PM
    Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-24-15, 02:24 PM
      Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور HAIDER ALZAIN02-24-15, 03:10 PM
        Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-24-15, 03:34 PM
          Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-24-15, 04:51 PM
          Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي02-24-15, 04:54 PM
            Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي02-24-15, 04:55 PM
              Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-24-15, 06:01 PM
                Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور هشام آدم02-24-15, 07:32 PM
                  Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-24-15, 08:32 PM
                    Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور هشام آدم02-25-15, 11:45 AM
                      Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي02-25-15, 02:35 PM
                        Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي02-25-15, 02:54 PM
                      Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-25-15, 07:17 PM
                        Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-25-15, 07:20 PM
  Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور Badreldin02-25-15, 06:48 PM
    Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور هشام آدم02-25-15, 09:13 PM
      Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور علاء سيداحمد02-25-15, 10:33 PM
  Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور منتصر عبد الباسط02-25-15, 10:56 PM
  Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور منتصر عبد الباسط02-25-15, 11:11 PM
    Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور هشام آدم02-26-15, 00:16 AM
      Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي02-26-15, 00:47 AM
        Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي02-26-15, 00:48 AM
          Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي02-26-15, 00:49 AM
            Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي02-26-15, 00:50 AM
              Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي02-26-15, 01:11 AM
                Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي02-26-15, 01:20 AM
                  Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-26-15, 03:02 AM
                    Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-26-15, 02:24 PM
                      Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-27-15, 03:02 PM
  Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور منتصر عبد الباسط02-26-15, 03:38 PM
    Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي02-26-15, 04:05 PM
      Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي02-26-15, 04:07 PM
  Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور منتصر عبد الباسط02-26-15, 05:26 PM
    Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي02-26-15, 08:10 PM
      Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور علاء سيداحمد02-26-15, 11:33 PM
        Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-27-15, 09:35 AM
          Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-27-15, 04:00 PM
            Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري02-28-15, 07:44 AM
              Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري03-01-15, 02:03 PM
                Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري03-04-15, 09:36 AM
                  Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي03-18-15, 02:17 PM
                    Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي03-18-15, 02:20 PM
                    Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي03-18-15, 02:20 PM
                      Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور سيف اليزل برعي البدوي03-18-15, 05:00 PM
                        Re: هل يؤيد القرآن الكريم نظرية التطور عبد الوهاب السناري03-23-15, 02:15 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de