الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 05:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-29-2015, 08:44 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    كتب بروفسير بروفيسور / محمد زين العابدين عثمان
    Quote: عدم تسجيل الحزب الجمهورى مكايدة سياسية
    01-29-2015 10:32 AM
    نقلا عن الراكوبة

    صدر مجلس الأحزاب قراراً برفض تسجيل الحزب الجمهورى معتمداً على مادة تقول الا يتضمن نظامه الأساسى ما يثير النعرات الدينية أو الأثنية أو مشكلة فى النسيج الأجتماعى ويعتقد منفذو قانون الأحزاب أن هذا ينطبق على الجزب الجمهورى كما أوضح أمينه العام محمد آدم محمد اسماعيل فى اللقاء الذى حاوره فيه فتح الرحمن الشبارقة بصحيفة الرأى العام بتاريخ 8 مايو 2014م. ومنذ أن كنا فى جامعة الخرطوم لم يحدث أن أثار الأخوة الجمهوريون أى فتنة دينية وأنما لهم أجتهاداتهم فى تفسيرهم وفهمهم للقرآن الكريم وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، بل كانوا يجادلون فى أركان نقاشهم بكل الهدوء وبالتى هى أحسن رغم تحرش الأسلاميون فى الأتجاه الأسلامى بهم وأثارة كل أنواع العنف ضدهم.
    فالقضية ليست أن مواد قانون الأحزاب تمنع تسجيلهم ولكنهم يخافون من الأخوة الجمهوريين لأنهم هم الوحيدين القادرين على نقض غزلهم الأسلامى بالحجة والمنطق أعتماداً على فهمهم الأسلامى للأسلام كمنهج حياة وليس استغلالاً لمآرب ذلتية وشخصية كما دلت تجربة حكم الأنقاذ بقيادة الأخوان المسلمين وملحقاتهم طوال الخمسة وعشرين عاماً الماضية.
    أن قانون الأحزاب سمح أن تسجل الأحزاب التاريخية دون عقد مؤتمرات وبأنظمتها الأساسية السابقة التى كانت تتبناها فى فترات الديمقراطيات السابقة. والحزب الجمهورى حزب معترف به وكان يمارس نشاطه السياسى والدعوى منذ الخمسينات ولم يحجر عليه أحد ألا أصحاب الهوس الدينى وحتى حكم الردة السابق نقضته المحكمة الدستورية وليس هنالك حجر فى الأسلام لأى شخص يدعو بالحسنى أن يقاتل أو يحجر عليه سواءاً أكان يدعو للألحاد والكفر بالله أو يدعو للأيمان بالله لأنه سبحانه قال من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " ولست عليهم بمسيطر "
    وقال الأمين العام لمسجل الأحزاب نحن لا نحاكم الأفكار ولم يكن رفضنا تسجيل الحزب الجمهورى لأفكاره ومع ذلك يقول أنه سيحظر نشاطه لأنه حزب غير مسجل كيف يستقيم هذا عقلاً؟ كيف تريد شخصاً يريد أن يدعو لأفكاره وتحظره أن يقوم بذلك وتقول أننى ما منعته عشان أفكاره؟ طيب ورينا وأشرح لينا كيف يمكن أن يدعو لأفكاره؟ وكل أهل السودان يشهدون أن الأخوة الجمهوريين ليسوا اصحاب دعوة هدامة أو مثيرة للفتن اللهم الأ فى عقول أهل السلام السياسى وأهل الأنقاذ وقد ألبوا السلطة من قبل ولم يرتاحوا الا بعد أعدام الستاذ شهيد الفكر محمود محمد طه؟ وأصحاب الهوس الدينى فى التاريخ كثر وقد أعدموا من قبل الحلاج ومحى الدين بن عربى وغيره كثر.
    فقضية عدم تسجيل الحزب الجمهورى كحزب عند مسجل الأحزاب هو خوف الحاكمين ورئيس المجلي وأمينه العام منهم يخافون من حجة ومنطق الجمهوريين السلامى ويسحبوا البساط من تحت أرجلهم فى المرجعية الأسلامية برغم أن تجربة الخمسة وعشرين عاماً الماضية قد أهارت ذلك المشروع الهمى الذى البسوه لباس الأسلام أنهار من أركانه ومن اساسه ويعلمون أن بديل الأخوة الجمهوريين سيكون هو الأقرب للنفس الأسلامية السوية. والقضية فى النهاية هى قضية مكايدة سياسية وهى ليست قانونية كما يدعى مجلس الأحزاب.
    mailto:[email protected]@YAHOO.COM

    http://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-57963.htmhttp://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-57963.htm
                  

01-29-2015, 08:49 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    فى ذكرى الاستاذ محمود الترابى ثعلب الدين والسياسة
    عصام الجزولي
    Quote: 01-29-2015 10:17 AM
    ان أزمة الفكر السلفى عامة تكمن فى انه لا يملك الفهم العميق والصحيح للاسلام بما يجعله صالح لكل مكان وزمان غير ما وجده مكتوب فى كتب الفقه والسيرة والاحاديث وهى تعكس اجتهادات لرجال حلت مشاكل وقضايا عصرهم فى القرن السابع الميلادى وكانت على قدر حاجة وطاقة المجتمع الانسانى فى ذلك العصر وفقا للحديث النبوى ( نحن معاشر الانبياء أمرنا أن نخاطب الناس على( قدر عقولهم ) وهذا يعنى أن القرأن يستوعب طاقة وحاجة الامة الاسلامية فى القرن السابع وحاجتها وطاقتها فى المستقبل وحتى قيام الساعة شريطة أن يفهم الفهم الصحيح ويمكن هنا ضرب مثال بسيط وهو تفسير سيدنا ابن عباس لاية ( واذا النجوم انكدرت ) التى فسرها بأنه (ذهب ضوءها وسقطت فى البحر ) وكان هذا بحسب ما يعطيه ظاهر الامر من رؤية الناس فى وقته لحجم النجوم بالعين المجردة والان توصلت البشرية بفضل الله وبفضل العلم الى أن من النجوم ما يفوق حجم الكرة الارضية ولايمكن أن تسقط فى بحر داخل الكرة الارضية وهذا الفهم ناسب عقول الناس فى القرن السابع ولا يناسب عقول الناس فى عصر علم الفضاء وقس على ذلك فى العلوم الانسانية كالسياسة والاقتصاد والاجتماع الشىء الذى واجه علماء المسلمين بتحدى كبير فاما ان يطورا فهمهم للدين والشريعة حتى يستوعبوا التطور الهائل فى العلوم الانسانية الذى وصل قمته فى السياسة الى مواثيق وأعراف الامم المتحدة وحقوق الانسان والديمقراطية والتداول السلمى للسلطة وفى الاقتصاد وصل الى النظام الاشتراكى ومنظمة التجارة العالمية وتحرير التجارة والتجارة الالكترونية وفى الاجتماع وصل الى حقوق المراة والمساوة واما أن يخرجوا الدين والشريعة من حياة الناس وهذا ما تفعله (داعش) اليوم وقد حاول الدكتور حسن الترابى عصرنة الشريعة بأجتهادات عشوائية لا سند لها فى الكتاب والسنة خاصة فى موضوع حقوق المرأة فزعم أن مسألة شهادة المرأة نصف شهادة الرجل ( كذب سياسى ) ولا أصل لها فى الدين وأن المرأة من حقها أن تأم الرجال فى الصلاة ويجوز للمسلمة أن تتزوج من الكتابى كما رفض الترابى حديث الرسول ( اذا وقعت الذبابة فى اناء أحدكم فليقمزها فأن فى أحد جناحيها داء وفى الاخر دواء ) وقال عن ذلك الحديث هذا أمر طبى أخذ فيه برأى الطبيب الكافر ولا أخذ برأى النبى ولا أجد فى نفسى حرجا ولان علماء السودان لا يملكون الفهم الصحيح الذى يجادلون به الترابى ويقحمونه بالتى هى أحسن يسارعون الى اتهامه بالكفر تارة وبالرد ة تارة أخرى وبأهدار دمه أحيانا مع أنهم نفس( العلما ء) الذين ساقوا الاستاذ محمود محمد طه الى حبل المشنقة بتهمة ( الردة ) وعلى رأسهم المكاشفى طه الكباشى الذى قطع يد محاسب فى جريمة خيانة أمانة بموجب قوانين سبتمبر النميرية مع أن خائن الامانة يعزر ولا يحد لقول الرسول الكريم ( لا قطع لمنتهب ولا مختلس ولا خائن أمانة ) فهيئة علماء (السلطان ) لا تملك علم تواجه به الترابى ولا تستطيع أن تحرض رأس النظام عليه كما فعلت مع نميرى لان رأس النظام هو من تلاميذه خاصة فى هذه الايام التى يسعى فيها الاثنين لتوحيد الاسلاميين بعد خمسة عشر عام من المفاصلة عبر مسرحية (الحوار) ان الرجل الذى ساقه علماء (السلطان ) الى حبل المشنقة بتهمة الردة بعد أن عارض قوانين سبتمبر التى قال عنها انها مخالفة للشريعة وللاسلام كما أنها شوهت الشريعة والاسلام ونفرت عنهما كما أنها وضعت واستغلت لارهاب الشعب وسوقه الى الاستكانة عن طريق اذلاله كما أنها هددت وحدة البلاد هذا من حيث التنظير وأما من حيث التطبيق فأن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها غير مؤهلين فنيا (فى اشارة للمكاشفى الذى لم يكن قاضيا بل استاذا للشريعة فى جامعة ام درمان الاسلامية ) وضعفوا أخلاقيا ( فى اشارة للقاضى المهلاوى الذى كان يرتجف أبان المحاكمة بسبب ورقة صغيرة وردت اليه من خارج المحكمة ) عن أن يمتنعوا من أ ن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية تستعملهم لاضاعة الحقوق وأذلال الشعب والتنكيل بالمعارضين السياسيين ولاجل ذلك فاننى غير مستعد للتعاون مع اى محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل ورضيت أن تكون أداة من ادوات اذلال الشعب وأرتباك المهلاوى جعله وهو يحاكم الاستاذ بتهم تتعلق بأمن الدولة وهى اثارة الكراهية ضد الدولة وأذعاج الامن العام لان الجريمة هى اصدار منشور يعارض قوانين سبتمبرولم تكن هنالك جريمة تسمى الردة فى القانون الجنائى لسنة 83 ومع ذلك منح المهلاوى الاستاذ فرصة للتوبة مدتها ثلاثة أيام ولا توجد فى قوانين أمن الدولة ما يسمى بالتوبة وكأنما أراد أن يمنح نميرى فرصة ( خط رجعة ) وكان على يقين بأن الاستاذ سوف يقتنم الفرصة وينجو بنفسه من حبل المشنقة وما كان يعلم بأنه رجل وصل الى درجة النفس الراضية التى جعلته يبتسم فى وجه الموت وما علم بأنه عندما جاءه الناس معزيين له فى ابنه الصغير الذى مات غرقا قال لهم لقد ذهب ابنى الى أب أرحم أما المكاشفى فأمره عجب (الان عضو هيئة علماء السودان) فقد طلب أن يرفع له الحكم فى محكمة الاستئناف دون أن يطلب الاستاذ اسئناف الحكم لانه قال كلمته فى قضاة نميرى فما كان من المكاشفى الا أن أيد الادانة والعقوبة بموجب قوانين أمن الدولة ثم تحول هو الى قاضى محكمة موضوع ووجه للاستاذ تهمة جديدة وهى تهمة الردة وادان بها الاستاذ وأيد الحكم بأعتباره قاضى اسئناف وأضاف الى حيثيات حكمه حيثيات محكمة الردة عام 68 ولم يرفع الحكم للمحكمة العليا بل الى الرئيس نميرى مباشرة الذى قال عكفت على كتب الفقه والقانون لمدة 48 ساعة فلم أجد لمحمود محمد طه مخرجا مع أن المخرج كان موجود فى القانون الجنائى نفسه الذى ينص على أن لمدير السجن الحق فى ايقاف حكم الاعدام أذا أكتشف أن المدان قد جاوز ال70 عام أو لم يتجاوز ال18 عام ولكن الغضب وشهوة الانتقام أعمته لانه كان يحمل القانون الجنائى كما الحمار الذى يحمل أسفاره ولم يكن الامر يحتاج منه الى قراءة كتب بل توجيه لمدير السجن بممارسة صلاحياته وهى ايقاف التنفيذ أما صاحب هذه الصلاحية مدير سجن كوبر أنذاك اللواء محمد سعيد فقد جلس فى الصف الاول ليشاهد اعدام رجل جاوز الخامسة والسبعون عاما بدلا من ايقاف التنفيذ وهو من صلاحياته خوفا من السفاح هذا الرجل الذى ساقوه الى حبل المشنقة مفعم بحب السودان وقد طلب يوما من احد تلاميذه أن ينشده قصيدة(أنا أم درمان) وعندما وصل المنشد للبيت فيا ياسودان اذ ما النفس هانت أقدم للفداء روحى بنفسى سالت دموعه على خديه حزنا على الشعب السودانى الذى لم يجد من قوانين سبتمبر 83 سوى السوط والسيف هذا الرجل الذى ساقوه الى حبل المشنقة رجل هائم بحب الاسلام والسودان وهو القائل ( أنا زعيم بأن الاسلام هو قبلة العالم منذ اليوم وأن القرأن هو قانونه وأن السودان اذ يقدم ذلك القانون فى صورته العملية المحققه للتوفيق بين حاجة الفرد الى الحرية الفردية المطلقة وحاجة الجماعة الى العدالة الاجتماعية الشاملة هو مركز دأئرة الوجود على هذا الكوكب ولا يهولن احد هذا القول كون السودان جاهلا خاملا صغيرا فأن عناية الله قد حفظت على أهله من اصائل الطبائع ما سيجعلهم نقطة التقاء أسباب الارض بأسباب السماء

    mailto:[email protected]@gmail.com

    http://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-57961.htmhttp://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-57961.htm
                  

01-29-2015, 08:51 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    التنقيب عن: "ما بعد التاريخ المعلن" في صحائف المؤرخين وإرث الأكاديميا السودانية
    وقفت، بسرور كبير، على مقال البروفيسور فدوى عبدالرحمن على طه، الموسوم بـ: "نقدٌ وتوضيح لما ورد عن بعض الأطروحات الجامعية في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير: صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، رؤية للنشر والتوزيع القاهرة، 2013"، والذي نشرته، بموقع سودانايل على الإنترنت. في 7 يناير 2015، ونشر المقال كذلك في صحيفة الرأي العام، بعنوان: الفهم الجديد للإسلام.. قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، في يوم11 يناير 2015. إن أهمية المقال وقيمته، لا تكمن في كونه قدم نقداً لكتاب: الأستاذ محمود والمثقفون، فحسب، وإنما تكمن، كذلك، في أن كاتبته، أكاديمية متخصصة في التاريخ الحديث والمعاصر،ولها منشورات: كتب وأوراق...إلخ، وإسهامات مقدرة في الإشراف على طلاب الدراسات العليا في تاريخ السودان السياسي.
    نحو حوار جديد عن الأستاذ محمود محمد طه ومشروعه
    أشكر البروفيسور فدوى، على اهتمامها بالكتاب، وحرصها على اقتنائه، وانفاقها الوقت في قراءته وتأمله ونقده، ووصفها له، بأنه "يشكل إضافة مهمة للمكتبة السودانية لما ورد فيه من توثيق للمفكر الراحل الأستاذ محمود محمد طه". إن كتابة البروفيسور فدوى لهذا المقال، تؤكد أن دخول الأكاديميين، في الساحة بالنقد والتوضيح، لما ورد في كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون، والكتابات على شاكلته، أننا أمام حوار جديد عن الأستاذ محمود ومشروعه. وقوام هذا الحوار الجديد: الانفتاح على الإرشيف، وبعث الوثيقة واستنطاقها، واعمال الحس النقدي، والخيال التاريخي. وأشكرها أيضاً، كونها بهذا المقال النقدي،اتاحت الفرصة لفتح مواجهات علمية بشأن الكتاب، وهي مواجهات مطلوبة، ومستحقة، وندعوا لتوسيعها، في سبيل خدمة التنوير وتنمية الوعي والتحرير والتغيير. بالطبع ليس الغرض من المواجهات العلمية، شخوص الأساتيذ والأستاذات والطلاب والطالبات، وإنما بناء شراكات لإجراء المراجعات النقدية والنظر وإعادة النظر في تاريخ السودان، خاصة تاريخ الحركة الوطنية السودانية، وإنتاج وإرث الأكاديميا السودانية.
    كما أشكر كذلك الأخت إسراء أحمد علي قنيف، التي لم أتشرف بمعرفتها، على تكبدها مشاق البحث عن الكتاب، والحصول عليه، وتحملها لنفقته، كما أشارت البروفيسور فدوى، فقد ساهمت إسراء، بذلك في إثراء هذا الحوار.
    ملاحظة أولية
    أستميح القراء الكرام عذراً، في أن هذا التعقيب سيكون مطولاً نسبياً، لهذا فسيأتي في ثلاث حلقات. ويعود ذلك إلى أن البروفيسور فدوى، في نقدها وتبريرها، أطلقت أحكاماً، لا تتماسك أمام الوقائع والأحداث الموثقة. كما أطلقتها بدون احتراز منها، على شاكلة (حسب علمي as far as I know)، فكان لابد من تفنيد تلك الأحكام وفقاً للأسس العلمية، للتصحيح، ولتنقية المناخ العام منها. وهذا ما تطلب منا الإتيان بالوقائع والأحداث الموثقة، بشيء من التفصيل.
    حجج البروفيسور فدوى ودفوعاتها
    هل كانت حجج، البروفيسور فدوى، ودفوعاتها، دقيقة وواضحة وشافية ووافية وعلمية، كما يتبدى، من الوهلة الأولى، للقارئ غير المختص أو للقارئ المختص الذي لا يعلم، أو للقارئ المختص المُسلِّم بما هو معلن من التاريخ، أم أن المقال نفسه، ما هو إلا تأكيد لما ذهب إليه كتاب: "الأستاذ محمود والمثقفون"، إلى أن التهميش والتغييب وبتر المعارف، واقع ماثل في إرث الأكاديميا السودانية؟ والحق أن المقال، بدفوعاته وأطروحاته، ما هو إلا تأكيد، لما خلص إليه الكتاب. بل أنه وبما تضمنه من دفوعات واطلاق أحكام، شهد بنفسه على نفسه، بدون قصد أو عمد، بأنه حلقة من حلقات التغييب، وسنرى تفصيل ذلك لاحقاً.
    التغييب والتجاهل والتهميش عمليات تراكمية ومتداخلة
    لامس مقال البروفيسور فدوى، موضوعات ناقشها كتاب: "الأستاذ محمود والمثقفون"، في ستة فصول، من جملة ثمانية عشر فصلاً، والفصول الستة هي: الفصل الثاني "قراءة في الدراسات السابقة: مرحلة الفقهاء (تعطيل الطاقات الحيوية وتجميد حركة التغيير والتحرير)"، والفصل الثالث عشر: "الأستاذ محمود والأكاديميا السودانية: قراءة في نماذج من الرسائل الجامعية- الدكتوراة والماجستير (التهميش والبتر للمعارف والعزل عن ميدان البحث العلمي)"، والفصل الرابع عشر: "قراءة في كتب تاريخ الحركة الوطنية وكتب أخرى- دراسة في 18 نموذجاً من الكتب- (الطريق نحوما بعد التاريخ المعلن)"، والفصل الخامس عشر "الأستاذ محمود في التراجم والمعاجم وموسوعات الأعلام السودانية"، والفصل السادس عشر: "الأستاذ محمود في مذكرات معاصريه"، والفصل السابع عشر : "الأستاذ محمود والمفكرون الإسلاميون: محمد أبو القاسم حاج حمد نموذجاً".وخلص الكتاب في دراسته من خلال هذه الفصول الستة، بأن الأصل في الموقف من الأستاذ محمود ومشروعه، هو التغييب والتجاهل، مع التفاوت في أسباب التغييب وفي طبيعته وتجلياته، إلى جانب التغييب مع الانتحال والنهب لأفكاره في حالة الفصل السابع عشر. ويمكن مراجعة تفاصيل ذلك في الكتاب.
    الطلاب ضحية ونتيجة
    علينا البحث في جذور الأسباب لا النتائج
    لقد تسرب التغييب والتهميش والبتر للمعارف إلى إنتاج وإرث الأكاديميا السودانية، من روافد عديدة، منها: المذكرات والسير الذاتية للقادة والساسة، ومن كتب مؤرخي الحركة الوطنية، وتاريخ السودان السياسي، فكان الطلاب ضحية لعملية تراكمية في اطار ما هو معلن من التاريخ، وهم أيضاً آخر حلقة من حلقات تلك العمليات. إن أمر تغييب الأستاذ محمود وكتبه وبياناته وندواته ومحاضراته... إلخ، وكتب (الإخوان الجمهوريين)، وتغييب نضاله ومواقفه وتهميش القضايا المركزية التي واجهها، فيمصادر ومراجع أطروحات الدراسات العليا، واقع ماثل ومتوارث. فكتب السير الذاتية ومذكرات القادة والساسة، وهي من أهم مصادر دراسة التاريخ السوداني، ويعتمد عليها الأساتذة والطلاب بشكل أساسي، غيبت الأستاذ محمود وغيبت دوره الكبير في الحركة الوطنية ونضالاته وسجونه في سبيل طرد الاستعمار، كما غيبت المحاكمات التي واجهها، لا سيما محكمة الردة نوفمبر 1968، وهي من أخطر القضايا في تاريخ السودان. إن تغييب محكمة الردة ليس أمراً ثابتاً، في السير الذاتية ومذكرات القادة والساسة بصورة عامة، فحسب، وإنما غابت محكمة الردة في السير الذاتية لطاقم الحكومة الديمقراطية خلال الفترة ما بين 1965- 1969، والتي في عهدها تمت محكمة الردة نوفمبر 1968، إذ لم يرد ذكرٌ لها في مذكرات رئيس الوزراء، محمد أحمد المحجوب وهو القاضي والمحامي السابق، أو في مذكرات نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، الشيخ علي عبدالرحمن الأمين، أو في مذكرات وزير العدل عبد الماجد أبو حسبو، الذي كان وزيراً للإعلام والشؤون الاجتماعية أيضا، ولم يرد لها ذكرٌ في مذكرات عضو مجلس السيادة السيد خضر حمد، وغيرهم. تسرب التغييب إلى جل كتب تاريخ الحركة الوطنية وتاريخ السودان السياسي، وتسرب كذلك إلى كتب التراجم والمعاجم وموسوعات الأعلام السودانية.
    أكثر نماذج التغييب والبتر للمعارف نصاعة في سجل الأكاديميا السودانية
    وجد التغييب والتهميش وبتر المعارف والتنميط للصورة، طريقه، مع غياب الانفتاح على الأرشيف، وعدم اعمال الحس النقدي، والتسليم لما هو معلن من التاريخ، إلى عقول الأساتذة والطلاب. فغاب اسم الأستاذ محمود وكتبه وبياناته ومحاضراته ومقالاته... إلخ، وكتب الإخوان الجمهوريين، في معظم كتب الأساتذة وأطروحات الطلاب. أكثر من ذلك فإن التغييب والتهميش وبتر المعارف في جامعة الخرطوم، أعرق الجامعات في السودان، بلغ مرحلة أن اشترطت إحدى لجان الامتحان، المكونة من كبار أساتذة الجامعة، على أحد طلاب الماجستير (1998)، بكلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية، تغيير الإهداء الذي كتبه الطالب للأستاذ محمود، والغاء ما جاء عن الأستاذ محمود في متن أطروحته، كشرط أساس لقبولها. ولم يكن أمام الطالب، وهو تحت رحمة سلطة أكاديمية - لجنة الامتحان- جائرة ومفارقة للقيم الأخلاقية والالتزام الأكاديمي، إلا أن يستجيب لتلك الشروط، حتى تجاز الأطروحة ويمنح الدرجة العلمية، فاضطر الطالب مجبراً غير راضٍ، إلى تغيير الإهداء والغاء ما جاء عن الأستاذ محمود في متن أطروحته، فقبلت أطروحته، ومنح الدرجة العلمية. هذه القصة بكل تفاصيلها الموثقة، يمكن الاطلاع عليها، في الفصل الثالث عشر المشار إليه أعلاه.
    الأستاذ محمود وموقف الأكاديميا السودانية والأسئلة المركزية
    كنت قد درست في الفصل الثالث عشر موقف الأكاديميا السودانية من الأستاذ محمود ومشروعه، من خلال نماذج من الرسائل الجامعية- الدكتوراة والماجستير، وبينت الخطوات المنهجية التي اتبعتها في الدراسة: التعريفات، واختيار العينات... إلخ. واخترت جامعة الخرطوم نموذجاً للأكاديميا السودانية لأسباب عددتها. كما حددت وفصلت المجالات التي سأدرسها، وهي المجالات التي قدم فيها الأستاذ محمود محمد طه إسهامات عملية وعلمية ومواقف وعطاءات وطنية موثقة في كتبه وبياناته ومقالاته ومحاضراته.. إلخ، وكتب الإخوان الجمهوريين وبياناتهم، وفي إرشيف السودان. وأوضحت بأن معالجتي لموقف الأكاديميا السودانية وأساتيذها من الأستاذ محمود ومشروعه،تنطلق من عدة أسئلة، منها: هل كان الإنتاج الفكري للأستاذ محمود وإسهاماته في الحركة الوطنية، والفكر الإسلامي، المرأة...إلخ، ميداناً للدراسات الأكاديمية؟ ما هو موقف الأكاديميا السودانية من محاكمة الأستاذ محمود بالردة عن الإسلام في عام 1968م وفي عام 1985م؟ هل كانت أي من المحاكمتين موضعاً للدراسة من قبل الأكاديميين أو موضعاً للدراسات الأكاديمية أو الدراسات العليا؟ وما هو موقف الأكاديميا السودانية من تنفيذ حكم الإعدام على الأستاذ محمود عام 1985م، هل كان الحكم موضعاً لدراسة الأكاديميين أو موضعاً لتوجيه طلابهم لدراسة المحاكمة أو تنفيذ حكم الإعدام؟ هل كانت الدراسات الأكاديمية تشير أو تستشهد بآراء الأستاذ محمود في المجالات التي كانت له فيها إسهامات منشورة؟ هل تضمنت قوائم مصادر ومراجع الدراسات الأكاديمية إشارة للأستاذ محمود في المجالات التي كانت له فيها إسهامات منشورة، أم أنها خلت من الإشارة إليه؟... إلخ، كما هو مفصل في الفصل الثالث عشر.
    الأطروحات الأربع وخلط الأوراق وتداخل المعلومات
    على ضوء ما تقدم درست (32) أطروحة جامعية، وقد تضمنت بالطبع، أطروحات في مجال تاريخ السودان السياسي،كان من بينها أربع أطروحات أشرفت عليها البروفيسور فدوى، الأمر الذي دفعها لنشر مقالها، وبيَّنت، قائلة: "يتناول هذا المقال بالنقد والتوضيح ما ذكره مؤلف الكتاب عن أطروحات أشرفتُ عليها وأجيزت في كلية الدراسات العليا تطرق لها بين الصفحات 774 – 828 من الباب الرابع الفصل الثالث عشر، الأستاذ محمود والأكاديميا السودانية قراءة في نماذج من الرسائل الجامعية (الدكتوراه والماجستير)".
    كانت الأطروحات التي أشرفت عليها البروفيسور فدوى، والمشار إليها، أربع أطروحات في مجال تاريخ السودان السياسي، بيد أن البروفيسور فدوى، داخلت بين المعلومات وخلطت بين الأمور، بما يخدم موضوعها، خلطاً عقد الأمر على نفسها وعلى القراء وعليَّ، لهذا لابد من التبيين والتوضيح والفرز لما ورد في المقال.
    وهي تناقش في أمر الأطروحات الأربع التي أشرفت عليها، استدعت البروفيسور فدوى، وفي اطار نقدها وتوضيحها، الدكتور محمد سعيد القدال، والدكتور فيصل عبدالرحمن علي طه، وما ورد لدى كل منهما في كتاب من كتبه عن الحزب الجمهوري والأستاذ محمود، واستدعت كل ما يمكن أن يسعف، مما جاء في الأطروحات الأربع، على ندرته، عن الحزب الجمهوري والأستاذ محمود، بما في ذلك إضافتها لأطروحتين أخريين في تاريخ السودان السياسي، كانت قد أشرفت عليهما، ولم يكونا ضمن العينات التي درستها. واستدعت كذلك ما قالته في المؤتمر السنوي للدراسات العليا والبحث العلمي، جامعة الخرطوم، 25 - 28 فبراير 2013، فهل ساعد الاستدعاء لكل هذه الأطراف، في دحض ما خلص إليه كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون، بشأن التغييب؟ الإجابة لا، لم يساعد إلا على تأكيد التغييب. فقد دفعت البروفيسور فدوى، بما قالته تلك الأطراف عن الحزب الجمهوري والأستاذ محمود، وداخلت بين هذه الأقوال مع معلوماتها، على قلتها، عن الحزب الجمهوري والأستاذ محمود، فدفعت بها ضمن دفوعاتها وتبريرها، فأوحي كل ذلك في ساحة المقال بأن هناك حضوراً كبيراً للأستاذ محمود والحزب الجمهوري في أطروحات الطلاب، والأمر غير ذلك،وسنرى.
    الأطروحات الأربع والحاجة لعمليات فرز الحقائق والمعلومات
    لن ألجأ إلى الخلط وإنما سأسعى لتبيين الأمور حتى ننجح في بناء شراكة بين المختصين والقراء من أجل النظر وإعادة النظر فيما هو مطروح في ميدان النقد. تهيكلت مجادلتي بشأن الأطروحات الأربع،بناء على ما جاء في مقال البروفيسور فدوى، في أربعة محاور،هي:

    أولاً: الأطروحات الأربع والإشارات للأستاذ محمود والحزب الجمهوري.
    ثانياً: الأطروحات الأربع وغياب المصادر الأولية Primary Sources
    ثالثاً: استدعاء البروفيسور فدوى للدكتور القدَّال والدكتور فيصل.
    رابعاً: الأطروحات الأربع وتجليات التغييب.
    أولاً: الأطروحات الأربع والإشارات للأستاذ محمود والحزب الجمهوري

    نحن أمام أربع أطروحات جاءت ضمن العينات التي درسها كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون. والأطروحات الأربع، كما جاء في مقال البروفيسور فدوى:
    1. أطروحة أشارت للأستاذ محمود والجمهوريين، نقلاً عن آخرين، وليس استناداً على المصادر الأولية.
    2. وأخرى خلت من ذكر الحزب الجمهوري لعدم ممارسة الحزب للعمل السياسي وضآلة وضعف دوره في الحركة السياسية السودانية، حسب رأي المشرفة.
    3. وأطروحة ثالثة لم يرد فيها ذكر للحزب الجمهوري، لأن الأطروحة، حسب المشرفة، تناولت مداولات الأعضاء الجنوبيين في برلمانات ولجان ومجالس محددة ولا تتحدث عن دور الزعماء السياسيين ورؤيتهم لمشكلة الجنوب ولم تورد أي رأي لحزب آخر وموضوعها محدد.
    4. والأطروحة الرابعة لم تذكر الحزب الجمهوري - حسب المشرفة - لأن الأطروحة ذكرت فقط الأحزاب التي ستشارك في الانتخابات البرلمانية التي تناولتها في بحثها ولا يوجد دور للحزب الجمهوري في ما تناولته.
    الأطروحات الأربع وغياب المصادر الأولية Primary Sources
    هنا لابد من الإشارة لبعض الأمور:
    الأمر الأول:الحقيقة التي لا جدال فيها، كما جاءت في كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون، أن قائمة مصادر ومراجع الأطروحات الأربع،قد خلت تماماً من أي ذكر لأي كتاب أو بيان أو محاضرة أو ندوة... إلخ باسم الأستاذ محمود محمد طه، أو باسم الإخوان الجمهوريين. والحقيقة التي لا جدال فيها أيضاً، أنه ليس هناك أطروحة واحدة من تلك الأطروحات اعتمدت على مصدر من المصادر الأولية.
    الأمر الثاني: دفعت البروفيسور فدوى في المقال، بأطروحة خامسة لم تكن من ضمن العينات التي درسها كتاب: "الأستاذ محمود والمثقفون"، وكتبت البروفيسور فدوى، قائلة: "كما لم يذكر المؤلف أطروحة الباحث هاشم بابكر محمد أحمد علوب، المصالحات الوطنية في السودان في الفترة مابين 1972-1985م، ماجستير غير منشورة، جامعة الخرطوم، 2010م، إشراف فدوى عبد الرحمن علي طه، أورد فيها الباحث هاشم في الصفحات من 116 – 117 رأي الحزب الجمهوري في المصالحة الوطنية ولم يعزله من رأي الأحزاب الأخرى. وقد نجد له عذراً في أنها لم تكن من بين العينة كما أنها لم تكن بين مصادر ومراجع عبد العظيم". (انتهى) الحقيقة التي لا جدال فيها، فإنه حتى هذه الأطروحة، والتي لم تكن من ضمن العينات التي درستها، خلت أيضاً، قائمة مصادرها ومراجعها من أي ذكر لأي كتاب أو بيان أو محاضرة أو ندوة... إلخ باسم الأستاذ محمود، أو باسم الإخوان الجمهوريين.
    الأمر الثالث: كتبت البروفيسور فدوى، في اطار تبريرها لغياب المصادر الأولية Primary Sources، بأن الأطروحات: "استقت من مصادر أخرى، وهو أمر معروف ومشروع في أبجديات البحث العلمي".هذا التبرير في تقديري، لا يتماسك، في ميدان الدراسات الأكاديمية، أمام توفر المصادر الأولية. خاصة وأننا أمام حركة نشر مرشدها الأستاذ محمود محمد طه، خلال الفترة ما بين 1945- 1985، (34) كتاباً، وأشرف على نحو (300) كتاب أعدتها الأخوات الجمهوريات والإخوان الجمهوريون، وأذاع المئات من البيانات والمناشير والمقالات، وأقام المئات من المحاضرات والندوات... إلخ. ففي تقديري، أننا أمام حركة فكرية وسياسية، حرصت على التوثيق وحفظ النسب للأحداث والوقائع بصورة مدهشة، وفي غاية الاتقان والعلمية. لكن السؤال المهم، حتى لا نظلم الباحثين والطلاب، هل هذه المصادر متوفرة؟ وهل مصادر بهذا الحجم والكم، كما ورد أعلاه، متاحة للباحثين والطلاب ويمكن الوصول إليها بسهولة؟ والإجابة على هذا السؤال المركزي تقودنا للأمر الرابع.
    الأمر الرابع: الإجابة: نعم هذه المصادر، ومن واقع تجربتي، متوفرة ومتاحة ويمكن الوصول إليها والرجوع إليها بكل سهولة. فجل كتب الأستاذ محمود، وجل كتب الإخوان الجمهوريين،وقفت عليها في مكتبة السودان، بجامعة الخرطوم، وبدار الوثائق السودانية بالخرطوم. ففي مكتبة السودان، جمعت تلك الكتب في مجلدات متينة ونظمت بطريقة لا ينقصها سوى تنقيب الباحثين والطلاب. وكانت آخر نظرة القيتها على تلك المجلدات في نهار الخميس 25 ديسمبر 2014م. كما أن دار الوثائق السودانية. تحتوي على عدد كبير من كتب الأستاذ محمود والإخوان الجمهوريين، وتضم عدداً ضخماً من البيانات والمناشير والمقالات، سواء في المكتبة، كما هو الحال بالنسبة لبعض الكتب، أو ضمن الوثائق، المحفوظة في صناديق تحوي بعض الكتب إلى جانب البيانات والمناشير، وبعض الحوارات مع الأستاذ محمود، وبعض الوثائق عن الحزب الجمهوري. يضاف إلى ذلك أن جل بيانات الحزب الجمهوري، وبيانات الأستاذ محمود منذ عام 1945 وحتى 1985 (هنا أتحدث عن مئات البيانات)،وبيانات الإخوان الجمهوريين، وجل مقالات الأستاذ محمود، والحوارات معه، يجدها الباحث، كما وقفت على عدد كبير منها،منشورة في صحف: الرأي العام، وصحيفة النيل، وصحيفة السودان الجديد، وصحيفة الأمة، وصحيفة الشعب، وصحيفة الاستقلال، وصحيفة صوت السودان، وصحيفة أنباء السودان، وصحيفة الزمان، وصحيفة الأضواء، وصحيفة الصحافة، وصحيفة الأيام، ومجلة الحياة، ...إلخ. ونسبة لظروف الطلاب، لن أتحدث عن موقع الفكرة الجمهورية على الإنترنت http://http://www.alfikra.org،www.alfikra.org، والذي يتضمن: كتب الأستاذ محمود والكثير من محاضراته وندواته واللقاءات الصحفية والإذاعية معه... إلخ إلى جانب بعض كتب الإخوان الجمهوريين. وبرغم أن الموقع طرح خدماته للزوار قبل ستة أعوام من تاريخ أقدم أطروحة من بين الأطروحات الأربع، وقبل ثلاثة عشر عاماً من تاريخ أحدث أطروحة من الأطروحات الأربع،إلا أنني لن أتحدث عنه، تقديراً للظروف أو للصعوبات التي، ربما، تواجه بعض الطلاب في التعاطي مع الإنترنت في السودان، ولذلك سأركز فقط على المصادر الأولية المتوفرة في دار الوثائق السودانية ومكتبة السودان بجامعة الخرطوم.
    الشاهد أن هذه المصادر الأولية وقفت عليها بنفسي في دار الوثائق القومية، ومكتبة السودان بجامعة الخرطوم. ولا حاجة، أيضاً، للحديث عن ما هو متوفر خارج السودان، من المصادر الأولية، ربما وجد الطلاب بعض الصعوبات في الوصول إليها.
    ثانياً: استدعاء البروفيسور فدوى للدكتور القدَّال والدكتور فيصل
    استدعت البروفيسور فدوى الدكتور فيصل عبدالرحمن على طه، والدكتور محمد سعيد القدال، وكتبت قائلة: "أشار المؤلف في صفحات من كتابه إلى ما أورده الدكتور فيصل عبد الرحمن علي طه عن الحزب الجمهوري في كتابه: الحركة السياسية السودانية والصراع المصري البريطاني... وما أورده بروفيسور محمد سعيد القدال عن الحزب الجمهوري في كتابه: تاريخ السودان الحديث 1820 – 1955"، وأضافت معلقة: " لم تكن مصادر ومراجع فيصل ولا القدال مباشرة عن الأستاذ محمود محمد طه. فعندما تحدث فيصل عبد الرحمن عن الحزب الجمهوري في كتابه (ص 229 - 232) لم يستند إلى أي كتب أومنشورات للحزب الجمهوري أو الأستاذ محمود محمد طه بل استقى المعلومة من مصادر أخرى هي جريدتا النيل والأهرام، وخلت مصادر ومراجع كتابه تماماً من ذلك. وينطبق ذلك أيضاً على مصادر ومراجع محمد سعيد القدال في كتابه، أي عدم الرجوع إلى مصدر أو مرجع مباشر للأستاذ محمود محمد طه أو تلاميذه. ولم ينتقد المؤلف ذلك بل احتفل بالكتابين فلماذا يحلل لهما ذلك ويحرمه على طلابي الذين أورد بعضهم معلومات عن الحزب الجمهوري في مواقف معينة مناسبة لأبحاثهم استندوا فيها على مصادر أخرى غير كتابات الأستاذ محمود".
    هنا أدعو البروفيسور فدوى، إلى مراجعة ما كتبته أعلاه، بشأن الدكتور فيصل، والدكتور القدال. فهو رأي غير دقيق، وقد استعجلت في ابدائه.
    كنت قد كتبت في كتاب: "الأستاذ محمود والمثقفون"، بشأن الدكتور القدال والدكتور فيصل، قائلاً: "سار معظم المؤرخين وأساتذة العلوم السياسية والكُتاب على نهج معاصري الأستاذ محمود من طلائع المتعلمين فأغفلوا الحديث عن الأستاذ محمود وتجاهلوا دوره في جلاء الاستعمار. ولم ينفرد من بين هؤلاء إلا عدد قليل، منهم محمد سعيد القدَّال الذي تضمنت معظم كتبه الإشارة للأستاذ محمود وإلى نضاله والحديث عن حزبه. بل يرى القدَّال أن الحزب الجمهوري، كما وردت الإشارة آنفاً: "...أخرج دعوة الاستقلال من محيط المناورات وطموح السيد عبد الرحمن، إلى نقاء العمل السياسي الحقيقي من أجل الاستقلال فألبسها دثاراً ناصعاً جعل منها دعوة يمكن أن تلهم جيلاً بأكمله. كما أخرج العمل السياسي من دائرة المناورات والتكتيك، إلى رحاب العمل الفكري القائم على البرنامج الملزم المحدد الجنبات والآفاق" (ص 494-495). ومنهم كذلك التجاني عامر، ومنصور خالد، وفرانسيس دينق، وفيصل عبدالرحمن علي طه، وآخرون غيرهم".
    فبرغم أن حديثي عن الدكتور فيصل والدكتور القدال كان في اطار مقارنتهم بالمؤرخين وأساتذة تاريخ السودان السياسي، وبرغم أنني لم احتف بالكتابين، كما أشارت البروفيسور فدوى، وإنما جاء تخصيصي للدكتور فيصل والدكتور القدال، مع آخرين، وليس هما فقط، في اطار المقارنة مع المؤرخين، وبرغم أن الاطار الزمني لكتاب الدكتور فيصل هو الفترة ما بين 1936 – 1953 والاطار الزمني لكتاب الدكتور القدال هو 1820 – 1955، وبرغم أنني كنت أتحدث عن "معظم كتبهم" وليس كتاباً واحداً لكل منهما، إلا أنه لا مانع لدي من مناقشة الأمر على ضوء ما جاءت به البروفيسور فدوى.
    الدكتور فيصل عبدالرحمن علي طه
    أولاً أشكر البروفيسور فدوى على أنها لفتت نظري للخطأ المطبعي في مفردة (البريطاني) في عنوان كتاب الدكتور فيصل، فقد رسمتها (السوداني)، وللخطأ في تاريخ ائتلاف حزب الشعب الديمقراطي مع الحزب الوطني الاتحادي عام 1967 فقد ورد عندي 1965، وقد سجلت الملاحظتين لتعديلهما في الطبعة الثانية القادمة.
    بشأن الدكتور فيصل عبدالرحمن علي طه، ليس صحيحاً البتة، ما ذهبت إليه البروفيسور فدوى، من أن الدكتور فيصل لم يعتمد على مصدر أولي. لقد اعتمد الدكتور فيصل في كتابه، على مصادر أولية، وليس مصدراً واحداً، بل لم يعتمد الدكتور فيصل في هذا الكتاب أو في كتابه الآخر الموسوم بـ: السودان على مشارف الاستقلال الثاني (1954م-1956م)، مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي، أم درمان، ط1، 2010م، فيما أورده عن الحزب الجمهوري والأستاذ محمود، إلا على مصادر أولية. وهذه حقيقة. لقد خصص الدكتور فيصل الفصل الثامن من القسم الثاني من كتابه: الحركة السياسية السودانية والصراع المصري البريطاني، للحزب الجمهوري، وجاء الفصل بعنوان: "الإعلان في 4 نوفمبر 1945 عن قيام حزب استقلالي آخر: الحزب الجمهوري".وتناول الفصل قيام الحزب الجمهوري، ومبدأ الحزب وغرضه، وعلاقة الحزب بمؤتمر الخريجين، وعلاقة الحزب بالأحزاب الأخرى، ورؤية الحزب للعلاقة بمصر... إلخ. اعتمد الدكتور فيصل في كتابه هذا على العديد من المصادر الأولية، وليس مصدر اً أولياً واحداً، منها على سبيل المثال لا الحصر: بيان الحزب الجمهوري عن "دستور الحزب الجمهوري" وتضمن البيان "مذكرة تفسيرية"، صدر البيان في يوم 26 أكتوبر 1945، ونشر في صحيفة النيل يوم 4 نوفمبر 1945. واعتمد الدكتور فصيل كذلك على بيان الحزب الجمهوري الذي أصدره في 9 نوفمبر 1945 ونشر موسوماً بـ: "موقف الحزب الجمهوري من المؤتمر ومن وثيقة الاحزاب المؤتلفة"، بتاريخ 22 نوفمبر 1945 بصحيفة النيل. واعتمد الدكتور فيصل على منشور الحزب الجمهوري رقم (20)، بعنوان: "نداء من الحزب الجمهوري" وهو نداء موجه للمصريين.. تكررت فيه عبارة: "أيها المصريون"، ونشر البيان بصحيفة الأهرام، في يوم 5 فبراير 1947. كذلك اعتمد الدكتور فيصل في إشارة أخرى عن الأستاذ محمود، ضمن كتابه، في غير ذلك الفصل، على مصدر مباشر فقد أورد تصريح الأستاذ محمود عن رحلة وفد الجبهة الاستقلالية إلى مصر، ونشر التصريح في يوم 8 يونيو 1952، بصحيفة السودان الجديد... إلخ.مع التذكير بأن الاطار الزمني لكتاب الدكتور فيصل الذي أشارت له البروفيسور فدوى هو الفترة ما بين 1936- 1953.
    الدكتور محمد سعيد القدَّال
    كتبت البروفيسور فدوى، وهي تتحدث عن مؤلف كتاب الأستاذ محمود والمثقفون، قائلة: "لكنه كان انتقائياً فيما أورده واكتفى فقط بعبارة: وفصل القدَّال في ذلك (ص 371)، علماً بأن ما كتبه المؤرخ القدَّال عن الحزب الجمهوري يتجاوز الصفحة الواحدة بقليل وكان في معظمه نقد للحزب الجمهوري. فضمن طائلة ماذا يقع تغييب المؤلف لنقد القدَّال؟ طائلة تزوير التاريخ أم عدم الالتزام الأكاديمي والأخلاقي". من المهم الإشارة إلى أنني لم أطالب بأن لا ينقد الناس الحزب الجمهوري، وليس عندي القدَّال فوق النقد، مع احترامي له، بل النقد مطلوب، والنقد هو احضار وحضور للمغيب، كما أنني أرى أن لا تطور بدون نقد. إن الذي طالبت به ليس عدم النقد، وإنما عدم التغييب والتهميش وبتر المعارف. فذكر الحزب الجمهوري حتى لو كان بالنقد، ذكر مطلوب ومحمود. أما حديثي عن الدكتور القدال، لم يكن عن كتاب واحد وإنما قلت "معظم كتب القدَّال"، وهذا ما يفسر أن القدال حينما خصص عنواناً للحزب الجمهوري في كتابه: تاريخ السودان الحديث 1820 – 1955، اعتمد على كتابه: الإسلام والسياسة في السودان 1651- 1985، وقد كان ضمن قائمة مصادره، وقد تحدث فيه عن الحزب الجمهوري والأستاذ محمود، حديثاً مطولاً اعتمد فيه على مصادر أولية منها كتب وبيانات وتصريحات، ومنها على سبيل المثال، لا الحصر كتاب الأستاذ محمود: زعيم جبهة الميثاق الإسلامي في ميزان: 1. الثقافة الغربية2. الإسلام من كتابه: أضواء على المشكلة الدستورية، و كتاب: "الإخوان الجمهوريون، حيثيات المحكمة العليا في قضية الأستاذ محمود محمد طه: انتصار للحق، ودحض للحكم المهزلة"، إلى جانب أنه أورد كلمة الأستاذ محمود في محكمة المهلاوي يوم 7 يناير 1984، واعتمد على بيانات وحوارات وتصريحات للأستاذ محمود بشأن محكمة الردة الأولى، ونشر بعضها في صحيفة الأيام خلال الفترة: 17- 18- 19- 20 -21 نوفمبر 1968. وغطى حديث القدال في كتابه صفحات كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر، صفحة: 157، 158، 159، 160، 226، 227، 228، 229... إلخ. الشاهد أن القدال، ليس فوق النقد، ولم أقل أنه فوق النقد، فقط قلت أن معظم كتبه، تضمنت الإشارة إلى الأستاذ محمود، وهذا ما قصدته بقولي عن المؤرخين: "ولم ينفرد من بين هؤلاء إلا عدد قليل، منهم محمد سعيد القدَّال الذي تضمنت معظم كتبه الإشارة للأستاذ محمود وإلى نضاله والحديث عن حزبه".وقد أشرت إلى آخرين غيره، كان منهم فيصل عبدالرحمن علي طه، ومنصور خالد، وفرانسيس دينق، والتجاني عامر، وقلت وهناك آخرون غيرهم.
    الشاهد أن تخصيص الدكتور فيصل، فصلاً في كتابه عن الحزب الجمهوري، وتخصيص الدكتور القدَّال، عنواناً باسم الحزب الجمهوري في كتابه، أمر، حسب علمي، لم يأتِ به أحد غير هما إلى جانب الذين أشرت لهم معهم، ممن كتب عن تاريخ الحركة الوطنية، أو تاريخ السودان السياسي،ولم يسبقهما فيه أحد، سوى أحمد خير المحامي في كتابه كفاح جيل. مع التأكيد على أن كليهما استخدم مصادر أولية.
    نواصل في الحلقة القادمة، ونتناول محور: "الأطروحات الأربع وتجليات التغييب".
    عبدالله الفكي البشير

    نقلا عن سودانايل
    http://www.sudanile.com/index.php/2008-05-19-17-39-36/950-6-7-8-8-6-6-1/77260--------1-3http://www.sudanile.com/index.php/2008-05-19-17-39-36/950-6-...6-1/77260--------1-3-
                  

01-29-2015, 10:36 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: السودان وطن يمشي بالمقلوب !!!
    01-29-2015 11:37 AM
    بقلم سيف الدين خواجة

    *بعد متاهة الانقاذ والخوف من ذهاب ريح الوطن وما يتهدده فعلا نشاة اسئلة كثيرة منها ما هو منطقي ومنها ما هو واقعي ومنها ما هو ناتج من الاحباط الملازم لما نعيشه اليوم من تردي لاحوالنا علي كل الاصعده بما لايخفي علي احد حتي صارت جملة (بلد ما عندها وجيع ) اغنية ونغمه عند عامة الناس يعضددها الواقع ولا شك !!!
    *ولعل المتتبع لمسرتنا السياسة منذ الاستقلال يجد خللا واضحا في المسار السياسي حيث بدأنا بديمقراطية وستمنستر بغض النظر عن انها تلاءم وضعنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي ام لا.. بل ودون النظر الي احوال الدوائر المحيطه بنا من اافريقيا الي العرب الي المسلمين الي اتون الحرب الباردة عالميا فبدت ديمقراطيتنا يتيمه كانها قصعة تتداعي علي اكلها الامم !!!
    *ووقوع انقلاب عبود هو تاكيد لروح العصر في الجوار الافريقي فاثيوبيا امبراطورية ومصر ثورة رائده وقائدة ومؤثرة (تارخا وجغرافيا )وليبيا ملكية وتشاد نظام شمولي واوغندا عسكرية ميلتون ابوتو اما كينيا شمولية روح ابوية الاستقلال اما الكنغو فحدث ولا حرج في الاضطراب اضف الي تطلع حركات الاستقلال في افريقيا والعالم العربي بروح الثورة البلشفية روسيا والمعسكر الشرقي !!!
    *ولم يكن الانقلاب حلا في وجهه السياسي وانما كان تاكيدا لخلل داخلي في دوله غير متجانسه اجتماعيا كما يقول علماء الاجتماع وهو ما لم ينتبه اليه لا الصفوه ولا النخب السياسية ولا المفكرين المتأملين لواقع الوطن واعني بهذا القول الفعل الجمعي المنبه للمخاطر والتحذير منها وليس العمل الفردي –ولا شك هناك جهد فردي لم يفعل علي الارض كواقع –وغير منكور جهد اليسار في التوعيه عموما بل والتفطن الباكر لحملة الوعي وان اسم الحزب والايدولوجيا أثرا سلبا في عملية التكاثر السريع- كذلك غير منكور جهد محمود محمد طه وحزبه الجمهوري في حملة الوعي بطريقه جماعية سلميه –لهذا كله كان الانقلاب بداية الحلقة الجهنمية –انقلاب واحزاب اي ديمقراطية يتيمه بدليل ما قاله الهندي في الديمقراطية الثالثه (انه لو اخذها كلب ما قلنا له جر )– وهذا دليل احباط ولكن الهندي كان شاعرا وليس سياسيا كما يقولون - وهو لايدرك ان قيمة الديمقراطية في معاناتها او كما يقولون (نار الديمقراطية افضل من جنة الشمولية )!!!
    * وغني عن القول ان الديمقراطية السودانيه اليتيمه والانقلابات العسكرية -كلاهما حور الفكرة الوطنية كلها الي الكرسي او السلطه بحيث ان تكون هي الذراع الالي لكل فكرة وهذا هو أس البلاء الذي لم نتخلص منه حتي الان وانظر لحالتي الحكومة والمعارضه والصرا ع علي الكرسي رغم الاعتراف المتبادل بينهما بضياع الوطن والمواطن دون التحليل العلمي الامين لاسباب الازمه العميقه في الوطن !!!
    * وغني عن القول عن عمق اعماق ازمة السودان هو انه غداة خروج المستعمر لم يكن هناك مشروع وطني مجمع عليه لبناء الدوله حتي لو كفكرة ناهيك عن اليات تنفيذه اضف الي السبب الثاني في الازمه ان خروج المستعمر المتعجل ترك اثاره السلبية خاصة ان المستعمر خرج وترك اكبر مشكلتين تواجه الدولة الوليده مشكلة الجنوب ومشكلة حلايب رغما ان المستعمر نفسه من حيث اراد ان يحكمنا ترك لنا اليات تساعد في تسريع ايقاع المشروع الوطني ان وجد مثل الادارة الاهلية( الحكم الشعبي المحلي لو تركناه يتطور مع الزمن وصيرورة التعليم لاكتشفنا فوائده علي الاقل علي جانبي الاقتصاد والامن الاجتماعي وتكلفة الادارة ) ونظام التعليم ونظام الصحة وقيام المشاريع الكبيرة التي تهاجن بين القبائل لخلق الانسان القومي وهو المرتكز الاساسي لبناء الاوطان ثم الدولة علي اسس حديثة تنتفي فيها المؤثرات القبلية والطائفية وهنا نقول ان الاسيتعمارفهم طبيعة السودان اكثر من ابنائه !!!
    *غياب كل الذي نقوله جعل بلادنا وكأنها تسير عكس العالم كله والا لما وقع انقلاب الانقاذ في نهايات القرن العشرين والعالم يتحول بكلياته نحو الديمقراطية ودليل ذلك ان رجلا عالما ومفكرا مثل الترابي كيف فات عليه النظر في ذلك لو لم تعميه المصلحة الشخصية أو الحزبية الانية في حين ان عسكريا حاكما مثل انور السادات تنيأ بزوال روسيا والمعسكر الشرقي بنهاية عقد الثمانينات قائلا لمستشارة للامن القومي (احيا او اموت عد علي اصابع يديك الاتنين الاتحاد السوفيتي بعدها مش حيكون موجود) ولذلك هو باكرا في حرب اكتوبر قال (ان 99% من اوراق القضية بيد امريكا ) وهذا يعني القطب الواحد !!! هذا هو الفرق بين البصر والبصيرة او كما قال المحامي منتصر الزيات (ان السادات كان رجل صاحب بصيرة لم نصبر عليه )!!!
    *ورغم كل هذه الاسباب العميقة ما زالت متوفرة خرج علينا الاستاذ علي عثمان اول الانقاذ قائلا ان الحلقة الجهنمية انتهت الي الابد وهو يدرك انه فصيل واحد لشعب غير متجانس ولم يعالج حذور المشكلة وانما اراد ان يعالج الظاهرة من خلال السلطه وهو ما فشل فيه حتي الان وما حال الوطن الا مصداق لما نقول وستستمر معناة الوطن طالما ظل البعض يتصور ان السلطه هي الحل مع ان السلطه هي اس المشكلة !!!
    *وحتي لا نظلم جهودا متفرقه فقد ساهم الشعر من لدن العبادي الي اخرين(عبد اللطيف عبد الرحمن /عبد الله الطيب/ محمد عثمان عبد الرحيم –عمنا سيد احمد نقدالله اول من كتب عن مشكلة الجنوب واشار اليها في الصحافه كما يقول الاستاذ محمد سعيد محمد الحسن-وغير منكور جهد اليسار في مشكلة الجنوب والوعي بها - ومن مسرحيات خالد ابوالروس واخرين –كما لاينسي جهد مفكرين مثل عبد الخالق محجوب –محمد عمر بشير –الصادق المهدي-كمثال وليس الحصر اضافة الي جهد اباء الاستقلال كسلوك وممارسة اخلاقية وقدوة (عبد الرحمن المهدي اقواله ممارساته وسلوكه/ السيد علي الميرغني –اسماعيل الازهري /مثالا وليس للحصر ) كلها هذه اشراقات واجتهادات فردية فكرية اوسلوكية اعطت نفس للروح القومية لكنها للاسف لم تفكر جمعيا في استنهاض العمل نحو مشروع وطني جامع باليات تؤطر للدولة الحديثة باحداثيات استشرافية لاتنسي في خضم ذلك تخلفنا الاجتماعي بل تستصحبه معها كمرتكز للانطلاق وصحيح ان الانقلابات التالية جاءت بطموحات وافكار وايدولوجيات لكن مصيبتها الكبري كانت في العزل السياسي مما عطل ماكينة الدولة عن العمل اضافة الي الديماجوجية الخطابية بغير اليات ووقائع مقنعة علي الارض وهو شئ محزن لبلد ملئ بالقيادات الفكرية المقتدرة عالية الهمة والكفاءة والتي تشاكست فيما لاطائل منه في حين ان مفكر عقلانيا مثل مهاتير محمد باني نهضة ماليزيا وطأ اكنافه لكل الشعب وارتضي الديمقراطية كنظام والاحزاب كالية لحركة النظام باتفاق مع كل تيارت المجتمع الذي يشبه في سيولته الاجتماعية والدينية لحد كبير بلادنا ولكنهم مثل كبار الهند نظروا للمشاكل وحلولها بنظرة وطنية ثم رسموا الطريق بمشروع وطني خلاق وغني عن القول هاهم يقطفون ثمار جهدهم ونحن نقطف البؤس ثمار المشاكسة والافتنان الذاتي قصير النظر !!! فهل نتعظ ونحن في الحالقه (باعتراف الحكومة والمعارضه ) ام يظل العناد والمكابرة من اجل الكرسي فقط لا الوطن هو الهاجس وهو ما سيذهب بنا الي الجحيم جميعا !!!
    mailto:[email protected]@gmail.com

    http://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-57966.htmhttp://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-57966.htm
                  

01-29-2015, 10:45 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    fed.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    نشرت الرأي العام اليوم 29 يناير حلقة ثانية من الرد المختصر للأستاذ عبدالله الفكي البشير على بروفسير فدوى عبدالرحمن علي طه
    أدناه تجدون الحلقة الثانية كاملة
    تعقيب على البروفيسور فدوى عبدالرحمن على طه (2-3)
    التنقيب عن: "ما بعد التاريخ المعلن" في صحائف المؤرخين وإرث الأكاديميا السودانية

    عبدالله الفكي البشير

    الأطروحات الأربع وتجليات التغييب
    الأطروحة الأولى: قضية إسلامية الدستور والقوانين وتأثيرها على الاستقرار السياسي

    بدأت البروفيسور فدوى نقدها وتوضيحها برسالة الباحث عبد العظيم محمد حمد أبو الحسن: قضية إسلامية الدستور والقوانين وتأثيرها على الاستقرار السياسي 1955- 1985م، ماجستير غير منشورة، جامعة الخرطوم، 2010م.

    جاء في كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون: "فما كنت أعتقد أن هذه الرسالة ستكون قائمة مصادرها ومراجعها خالية من كتب الأستاذ محمود وبياناته ومناشيره". السؤال: هل خلت قائمة مصادر ومراجع هذه الأطروحة من كتب الأستاذ محمود وبياناته ومناشيره... إلخ؟ وهل ورد في قائمة مصادرها ومراجعها كتاباً واحداً من الكتب التي تصدر باسم الإخوان الجمهوريين؟
    الإجابة: لقد خلت قائمة مصادر ومراجع هذه الأطروحة من أي كتاب باسم الأستاذ محمود أو بيان أو منشور... إلخ، كما لم يرد ذكر في قائمتها لأي كتاب من كتب الإخوان الجمهوريين. هذه حقيقة لا جدال فيها.

    كتبت البروفيسور فدوى، أن المعلومات في الأطروحات "استقت من مصادر أخرى، وهو أمر معروف ومشروع في أبجديات البحث العلمي". هذا صحيح ولكنه ليس صحيحاً كل الصحة. فمن المعلوم كذلك في أبجديات البحث العلمي، ولعل البروفيسور فدوى تتفق معي، أن الاستقاء من المصادر الأخرى في ظل توفر المصادر الأولية Primary Sources يمثل نقطة ضعف أساسية في البحث العلمي، كما ورد آنفاً. الشاهد أن النقد هنا نقد مستحق، وأعتقد أن هذه الجزئية كان يمكن للبروفسيورة فدوي، أن تقدم لنا فيها، نقداً ذاتياً مستحقاً ومطلوباً في الدوائر العلمية. فاعتماد الباحث، على كتاب: عبداللطيف البوني، في ظل وجود وتوفر المصادر الأولية أمر يمثل نقطة ضعف جوهرية، تحتاج منا لإعمال الحس النقدي.

    كتبت البروفيسور فدوى، قائلة: "تناول الباحث عبد العظيم بين الصفحات 112 – 113 أموراً تتعلق بالحزب الجمهوري وابتدر حديثه عن معارضة لجنة مراجعة القوانين التي كونت عام 1977 بمعارضة الحزب الجمهوري..." إلى أن تقول مشيرة للمرجع الذي اعتمد عليه الباحث، قائلة: "... نقلاً عن عبد اللطيف البوني: تجربة نميري الإسلامية في السودان مايو 1969م- أبريل 1985م، الخرطوم، 1995م. وهذا الكتاب لا يوجد له أثر بين مصادر ومراجع المؤلف". هنا مصدر الباحث هو الدكتور عبداللطيف البوني نفسه، مع كامل احترامي للبوني، ويغطي كتابه الفترة ما بين 1969- 1985، والاطار الزمني لأطروحة الباحث 1955- 1985.

    كتبت البروفيسور فدوى، قائلة: "وأورد عبد العظيم الآتي: "انتقد الجمهوريون لجنة مراجعة القوانين السارية وتعديلها لتتماشي مع الشريعة منذ تكوينها إذ قاموا بإصدار كتيب في أغسطس 1977 عنوانه "الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور الإسلامي"، وأورد الباحث بعض ما جاء في هذا الكتيب...". وأضافت البروفيسور فدوى قائلة: "وكان مصدر عبد العظيم الذي أورده في الهامش "الإخوان الجمهوريون، الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور الإسلامي، ص 37" نقلاً عن عبد اللطيف البوني: تجربة نميري الإسلامية في السودان مايو 1969م- أبريل 1985م، الخرطوم، 1995م. وهذا الكتاب لا يوجد له أثر بين مصادر ومراجع المؤلف". (انتهى). الإشارة لكتاب الإخوان الجمهوريين: الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور الإسلامي ، بما يشبه أن الباحث قد اعتمد على مصدر أولي،إشارة غير دقيقة، فالأمر وبرغم استخدام البروفيسور فدوى، لجملة: "وكان مصدر عبد العظيم الذي أورده في الهامش "الإخوان الجمهوريون، الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور الإسلامي، ص 37 نقلاً ..."، فهذه الجملة لا تغير شيئاً بشأن غياب المصدر الأولي، ذلك لأن ما جاء كان نقلاً عن عبداللطيف البوني.

    الاعتماد على المصادر الأخرى في ظل توفر الأولية منها يكلس الأدوار ويقزم المواقف ويتحكم في الاطار الزمني: أطروحة قضية إسلامية الدستور نموذجاً

    تناولت الأطروحة: قضية إسلامية الدستور والقوانين وتأثيرها على الاستقرار السياسي 1955- 1985م، لهذا كتبت في كتاب: "الأستاذ محمود والمثقفون"، قائلاً: "وما كنت أعتقد أن هناك رسالة جامعية أنسب من هذه الرسالة للاستشهاد بأقوال الأستاذ محمود ومواقفه وكتاباته، ذلك لأن أمر إسلامية الدستور كان من أكثر الموضوعات التي انتقدها الأستاذ محمود نقداً باكراً ونشر نقده، كما لم يبلغ أذى تأذاه أحد في السودان من قضية إسلامية الدستور مثل ما تأذى الأستاذ محمود وتلاميذه وتلميذاته، بيد أن الرسالة كانت لا تختلف عن الرسائل الجامعية التي تجاهلت الأستاذ محمود وأهملته، فلم يرد كتاب واحد من كتب الأستاذ محمود أو منشور أو بيان في قائمة مصادرها ومراجعها، في تقديري أن هذا الأمر لا يستقيم علمياً وأخلاقياً فالاطار الزمني للرسالة يبدأ بعام 1955م وينتهي بعام 1985م...".

    فالأطروحة موضوعها: قضية إسلامية الدستور والقوانين وتأثيرها على الاستقرار السياسي، ففي تقديري، هي الأنسب لتناول القضايا المركزية الكبرى، التي كان يقود مواجهتها الأستاذ محمود، وهي قضايا عديدة. لكن استناد الباحث على الدكتور عبداللطيف البوني، مع غياب المصادر الأولية: كتب الأستاذ محمود وبياناته ومحاضراته وكتب الإخوان الجمهوريين، تحكم في الاطار الزمني لما قدمه في الأطروحة. فالاطار الزمني لكتاب البوني هو 1969- 1985، بينما كانت هناك مواقف وقضايا عديدة خلال الفترة ما بين 1955- 1985 وهي الفترة التي تمثل الاطار الزمني لأطروحة الباحث. كان هناك نشاط كبير قام به الأستاذ محمود، منذ عام 1955، وقد أوردت البروفيسور فدوى، بعضه ضمن حديثها كمعلومات منها، ولم يكن ضمن ما جاء في الأطروحات موضوع الدراسة، منها كتاب: محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري يقدم أسس دستور السودان لقيام حكومة جمهورية فدرالية ديمقراطية اشتراكية، وعضوية الأستاذ محمود في اللجنة القومية للدستور وسبب انسحابه منها، وعضويته في اللجنة الاستقلالية الثانية 1955، ودوره في مؤتمر الدفاع عن الديمقراطية نوفمبر 1965م، ...إلخ وغيره مما سنكشف عنه في تناولنا للأطروحة التالية.

    إلى جانب أن هناك قضايا كبرى ومركزية، لا يستقيم فيها الأمر إلا بالاستناد على المصادر الأولية، ويجب ألا يتم تهميش القضايا المركزية بالاستناد على غير المصادر الأولية، خاصة وأن صاحب القضايا المركزية، كتب وتحدث ونشر ووزع المناشير... إلخ، من تلك القضايا المركزية: محكمة الردة نوفمبر 1968، وقضية الردة يناير 1985، وقضية الاستتابة، التي وسمها الدكتور القدال بمحكمة الاستتابة، وقد تحدث عنها بتوسع في كتابه: الإسلام والسياسة في السودان (1651م-1985م)، ط1، دار الجيل، بيروت، 1992م، ص227-228، وكتب القدال قائلاً:"وكونوا محكمة الاستتابة... وكانت جلسة مفتوحة بثتها أجهزة الإعلام، انحدر فيها القضاة إلى درك العصور الوسطى".إلى جانب قضية الردة الثانية 7 يناير 1985، وكلمة الأستاذ محمود في المحكمة، وتنفيذ حكم الاعدام، ... إلخ. وكل ذلك موثق بالكتاب والبيان والمقال والندوة والمحاضرة. فقد كتب الأستاذ محمود سلسلة من الكتب وأقام العديد من الندوات بعنوان: بيننا وبين محكمة الردة، ونشر مع تلاميذه وتلميذاته، 27 بياناً، وفقاً لمقتنياتي، جاءت متسلسلة (الحزب الجمهوري- بيان رقم: "1"... وهكذا) وبعناوين عديدة: مهزلة القضاة الشرعيين، وتصفية المحاكم الشرعية، وتصفية المحاكم المليّة، وأكثر من 20 بياناً، وفقاً لمقتنياتي، وعشرات الندوات وأسابيع كثيرة عن مناهضة الدستور الإسلامي خلال الفترة ما بين 1968 وحتى مارس 1969، وجاءت البيانات متسلسلة (الحزب الجمهوري- بيان رقم: "1"... وهكذا) وبعناوين مختلفة منها: الحزب الجمهوري- بيان رقم: (14) "بمناسبة اسبوع مناهضة الدستور الإسلامي المزيف"، الحزب الجمهوري- بيان رقم (16): "لا دستور ولا ديمقراطية إلا بكفالة الحقوق الأساسية"، الحزب الجمهوري- بيان رقم (17) "تدخل علماء الفقه المصريين في السياسة السودانية"... إلخ. كما نشر الأستاذ محمود كثيراً عن الدستور الإسلامي، ففي عام 1968م نشر كتاباً بعنوان: الدستور الإسلامي؟ نعم.. ولا!!، ونشر في عام 1969م كتاباً بعنوان: أسس حماية الحقوق الأساسية، هذا إلى جانب كم هائل من المناشير والمحاضرات التي تحدث فيها الأستاذ محمود عن الدستور الإسلامي وآثاره السياسية وظلاله على بناء الأمة. وقد فصلت ذلك في كتاب: "الأستاذ محمود والمثقفون". وجل هذه المصادر متوفرة في دار الوثائق السودانية، بما في ذلك أقوى بيان في مواجهة القضاة الشرعيين، والذي أصدره الأستاذ محمود بعد أن أصدرت المحكمة المهزلة حكمها بالردة في 18 نوفمبر 1968، وهو البيان نمرة (1): مهزلة القضاة الشرعيين"، ووزعه يوم 19 نوفمبر 1968م، ونشر في صدر الصفحة الأولى من صحيفة السودان الجديد بتاريخ 20 نوفمبر. الشاهد إن تهميش القضايا الكبرى والمركزية في دراساتنا وبحوثنا، يضخ مناخات هزيمة الوعي والانكسار في التاريخ ولدى الأجيال.

    الخلاصة إن الأطروحة نقلاً عن الدكتور عبداللطيف البوني أشارت لطرف من مواقف الأستاذ محمود والجمهوريين من حل الحزب الشيوعي واتفاقية أديس أبابا 1972، والمصالحة 1977 والموقف من قوانين سبتمبر 1983، بينما كان الاطار الزمني للأطروحة ما بين 1955- 1985. فهل انعدم نشاط الأستاذ محمود والحزب الجمهوري خلال الفترة ما بين 1955 وحتى تاريخ إشارات الباحث القليلة المنقولة من مصدر غير أولي؟ أم أن الأكاديميا السودانية بما فيها مشرفة الباحث نفسها، على قناعة تامة بما ورثته من صورة منمطة قوامها أن الأستاذ محمود والحزب الجمهوري لم يكن لهما نشاط في تلك الفترة؟ يمكننا الكشف عن ذلك، والإجابة عن تلك الأسئلة من خلال ما أطلقته البروفيسور فدوى من حكم على الأستاذ محمود والحزب الجمهوري في تبريرها لخلو الأطروحة التالية من ذكر الحزب الجمهوري والأستاذ محمود.

    الأطروحة الثانية
    تاريخ الحركة السياسية السودانية 1952- 1958

    كتبت البروفيسور فدوى قائلة: "أوكد أن مجموعة الطلاب الذين أشرفت وأشرف عليهم ليس ضعيفي الصلة -كما أورد المؤلف- بفهارس ومصادر الدراسات السودانية في دار الوثائق القومية. ولو أعاد المؤلف النظر في قائمة المصادر والمراجع لتلك الأطروحات لوجد أن دار الوثائق القومية تتصدرها وكانت سكناً بالنسبة لهم إبان إعداد أطروحاتهم. ولم يكن ذلك بسبب ضعف التدريب الأكاديمي حيث ذكر مؤلف الكتاب في ص 1064 "المهم الإشارة إلى أن الإغفال والتجاهل للأستاذ محمود لم يكن كله متعمداً ومقصودا فبعضه يعود لضعف التدريب الأكاديمي وحالة الكسل العقلي إلى جانب الغياب لإعمال الحس النقدي" وإنما بسبب تدريب الطالب على التقيد بالموضوع الذي يبحث فيه فأخرج هؤلاء الطلاب أطروحات موثقة ومتوازنة وجيدة استوفت مستلزمات البحث العلمي الأكاديمي الجاد".

    والآن نناقش الأمر على ضوء ما تريده البروفيسور فدوى، وهو أن دار الوثائق القومية كانت سكناً لطلابها ابان اعدادهم لأطروحاتهم، وأن الطالب تدرب: "على التقيد بالموضوع الذي يبحث فيه". ونناقش الأمر متقيدين بالموضوع وبالاطار الزمني للأطروحة.

    كتبت البروفيسور فدوى، في تبريرها لعدم ذكر الحزب الجمهوري والأستاذ محمود في أطروحة عنوانها وموضوعها: تاريخ الحركة السياسية السودانية 1952- 1958، قائلة: "في تقديري أن عدم ممارسة الحزب الجمهوري للعمل السياسي نتج عنها ضآلة دور الحزب السياسي وضعف دوره في الحركة السياسية السودانية الذي أشار إليه القدَّال. فقد امتنع الحزب عن المشاركة في لجان الدستور وقاطع الانتخابات البرلمانية وبالتالي لم يكن له دور في مداولات البرلمان. ويكفي ما ذكره القدَّال أعلاه ليبرر خلو رسالة الباحثة شيرين إبراهيم النور، تاريخ الحركة السياسية السودانية 1952 - 1958، رسالة ماجستير جامعة الخرطوم 2010 ، من ذكر للحزب الجمهوري في رسالتها إلا في مواضع قليلة جداً".

    ما كنت أود لمثل مقام البروفيسورة فدوى، أن يقبل بإرث تنميط الصورة.

    التأريخ للحركة السياسية السودانية والأسئلة المشروعة

    من واقع ما أوردته البروفيسور فدوى، عن أطروحة: تاريخ الحركة السياسية السودانية 1952- 1958، تقفز الأسئلة التالية: هل صحيح، كما ذهبت البروفيسور فدوى قائلة، "في تقديري أن عدم ممارسة الحزب الجمهوري للعمل السياسي نتج عنها ضآلة دور الحزب السياسي وضعف دوره في الحركة السياسية السودانية الذي أشار إليه القدَّال"؟ وهل نقاء السريرة وصفاء الطوية، الذي ركنت إليه البروفيسور فدوى في قول القدَّال: "إن أزمة الحزب الجمهوري، أنه قائم على نقاء السريرة وصفاء الطوية"، هل يمنع النشاط السياسي؟ وهل بالفعل، كما ذهبت البروفيسور فدوى، قائلة: "ولا توجد مناسبة للإشارة للأستاذ محمود أو كتبه أو كتب تلاميذه في قائمة المصادر والمراجع"؟ في أطروحة عنوانها وموضوعها تاريخ الحركة السياسية. وهل، كما ذهبت البروفيسور فدوى، قائلة: "حقيقة الأمر هي أن دور الحزب الجمهوري السياسي محدود جداً لأن الحزب غيب نفسه كما أسلفت القول من المواقع العملية للسياسة المتمثلة في الانتخابات والبرلمانات والمجالس واللجان"؟ وهل المواقع العملية للسياسة لا تتمثل إلا في الانتخابات والبرلمانات والمجالس واللجان؟ وهل بالفعل غيب الحزب نفسه خلال الفترة، التي مثلت الاطار الزمني للأطروحة، وهي ما بين 1952 وحتى 1958؟

    والحق الذي لا مراء فيه، أن الأمر غير ما ذهبت إليه البروفيسور فدوى البتة، وغير ما ورثه الناس في كتب الحركة الوطنية وتاريخ السودان السياسي، وغير ما درجت عليه الدراسات في إرث الأكاديميا السودانية. فالوقائع والأحداث الموثقة تؤكد أن الفترة ما بين 1952- 1958، وهي تمثل الاطار الزمني للأطروحة المعنية، كانت من أكثر الفترات نشاطاً وأوسعها حراكاً للحزب الجمهوري. فقد شهدت هذه الفترة بالذات انتاج كم هائل (وليس كثيراً فحسب)، من آراء الحزب السياسية وتعبيره واعلانه عن مواقفه السياسية من القضايا في الساحات المحلية والإقليمية والعالمية، وكل هذا النشاط، وهو نشاط نوعي ومغاير عن السائد والمألوف، موثق ومحفوظ نسبه العلمي. وقبل التفصيل الموثق لذلك النشاط، أقدم جرداً مجملاً لما قام به الحزب الجمهوري خلال الفترة ما بين 1952- 1958، وقد حكمت البروفيسور فدوى أن الحزب في هذه الفترة "غيب نفسه"، وحكمت، قائلة: "ان عدم ممارسة الحزب الجمهوري للعمل السياسي نتج عنها ضآلة دور الحزب السياسي وضعف دوره في الحركة السياسية السودانية"، واكتفت في أطروحة موضوعها تاريخ الحركة السياسية السودانية، بما ذكره القدَّال، لتقول: "يكفي ما ذكره القدَّال أعلاه ليبرر خلو رسالة الباحثة شيرين إبراهيم النور، تاريخ الحركة السياسية السودانية 1952- 1958، رسالة ماجستير جامعة الخرطوم 2010، من ذكر للحزب الجمهوري". ولنرى المفارقة بين الوقائع وبين الحكم الذي أطلقته البروفيسور فدوى، من خلال جرد مجمل لنشاط الحزب وحراكه خلال الفترة 1952- 1958، ثم يتبعه التفصيل، وكل ما أقوله من جرد مجمل وتفصيل لنشاط الحزب موثق، ومشار لمصادر توثيقه.

    جرد مجمل لنشاط الحزب الجمهوري وحضوره في الساحة السياسية خلال الفترة ما بين 1952- 1958

    1. في هذه الفترة (1952- 1958) اصدر الحزب الجمهوري، صحيفة ناطقة بلسان حاله، وهي: صحيفة الجمهورية، صاحب الامتياز الحزب الجمهوري، ورئيس تحريرها الأستاذ محمود، رئيس الحزب. صدر أول أعداد الصحيفة في يوم 15 يناير 1954، وهو اليوم الذي شهد اعلان شعار الحزب: (الحرية لنا ولسوانا)، وظل الشعار بارزاً على صدر الصحيفة، وأنشطة الحزب.
    2. في هذه الفترة افتتح الحزب الجمهوري مكتباً له في الخرطوم، وبالتحديد في يوم 12 يناير 1952، وافتتح في هذه الفترة دار اً إقليمية كانت في مدينة مدني، وشهد الداران حراكا واسعاً من ندوات ومحاضرات، كما سيرد تفصيل ذلك.
    3. في هذه الفترة بالتحديد، نشر الحزب الجمهوري أربعة كتب، هي: (قل هذه سبيلي: الاقتصاد، الاجتماع، التعليم، المرأة) وكتاب: (Islam the Way Out)، وكتاب بعنوان: (محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري يقدم أسس دستور السودان لقيام حكومة جمهورية فدرالية ديمقراطية اشتراكية)، وكتاب بعنوان: (الحزب الجمهوري على حوادث الساعة: حقيقة النزاع في الشرق الأوسط، حوادث العراق، التدخل المصري). وهي مفصلة أدناه.
    4. شهدت هذه الفترة تنظيم أول مؤتمر للحزب الجمهوري بداره بمدينة مدني، ونشرت صحيفة الزمان، بتاريخ 9 يونيو 1958م، العدد (97)، كما وقفت عليها بدار الوثائق، تفاصيل برنامج المؤتمر ، منها ما هو داخلي للأعضاء، ومنها ما هو جماهيري مفتوح. وبينت الصحيفة أن مدة المؤتمر (7) أيام بمشاركة مندوبي الحزب من الخرطوم ومدني وبورتسودان والروصيرص. كما فصلت الصحيفة الليالي السياسية المصاحبة للمؤتمر، وذكرت أن منها ليالي سياسية يتحدث فيها زعماء الحزب عن: فلسفة الحكم ومستقبل الديمقراطية، ومستقبل الاقتصاد، وندوة بعنوان: "اقتصاديات السودان"... إلخ.
    5. في هذه الفترة أرسل الحزب الجمهوري ثلاثة خطابات لرؤساء مصر. أرسلت الخطابات بالبريد، ونشرت كذلك في الصحف المحلية في الخرطوم. الخطاب الأول عام 1952 إلى اللواء محمد نجيب قائدة ثورة 23 يوليو 1952. والخطابان الأخيران إلى الرئيس جمال عبدالناصر. الخطاب الأول في عام 1955، نشرته صحيفة الاستقلال، والخطاب الثاني عام 1958 ونشرته صحيفة أنباء السودان، ويتكون هذا الخطاب من أكثر من ثلاثة آلاف كلمة. أُرسلت هذه الخطابات إلى رؤساء دولة هي مستعمرة للسودان، وظلت باقية بعد الاستقلال 1956، بأجهزتها ومؤسساتها، وذات تأثير قوي في مسار السودان السياسي، بل في أفريقيا والعالم العربي. فما بالك برسائل إلى رؤسائها بتوقيع رئيس حزب سوداني وتضمنت مواجهة قوية، ونشرت تلك الرسائل في الصحف في ظروف حرجة.
    6. في هذه الفترة دعا الحزب الجمهوري، إلى انسحاب السودان فوراً من جامعة الدول العربية، وطرح دعوته، ونُشرت في صدر الصفحة الأولى من صحيفة أنباء السودان، 1958، ضمن بيان بعنوان: "الحزب الجمهوري يقدم دعائم الميثاق القومي"، وبيان آخر بعنوان: "عضويتنا في جامعة الدول العربية". أدناه تاريخ نشر البيانات في الصحف.
    7. في هذه الفترة تحديداً فجر الأستاذ محمود سجالاً واسعاً عن القومية العربية، بسبب ما جاء في محاضراته وكتاباته عنها. خاصة المحاضرة العامة التي قدمها الأستاذ محمود بعنوان: "القومية العربية والتكتل الإسلامي في الميزان" في مساء يوم 31 يناير 1958 بدار الحزب الجمهوري بمدينة مدني. وصف الأستاذ محمود في محاضرته، القومية العربية بأنها عصبية و"دعوة باطلة" و"تكتل عنصري"، ونشرت صحيفة السودان الجديد ملخص المحاضرة في 6 فبراير 1958. فبدأت مساجلات عظيمة، ومناخ حواري كبير، كتبت على إثره ردود إلى جانب مقالات أخرى لم تكن ردوداً ولكنها رفدت المناخ العام. شارك في المساجلات، وكتابة المقالات عدد كبير من المثقفين كان منهم من أعضاء الحزب الجمهوري بالإضافة للأستاذ محمود، الأستاذ عبداللطيف عمر، والأستاذ جلال الدين الهادي، والأستاذ خوجلي محمد خوجلي، والأستاذ إبراهيم أحمد، وفي الجانب الآخر: الدكتور أحمد بدران (جامعة القاهرة)، والأستاذ سعيد ميرغني حمور، والأستاذ فضل بشير عبدالله، كما كتبت مقالات في ذلك المناخ، ومن كتابها: الشاعر محمد محمد علي، والأستاذ بابكر كرار، والأستاذ على عبد القيوم، والأستاذ محمد مصطفى الفكي، والأستاذ عثمان خالد مضوي، وغيرهم.
    8. كانت هذه الفترة بالتحديد، أكثر الفترات التي تناول فيها الأستاذ محمود رئيس الحزب الجمهوري، مشكلة مياه النيل والحدود مع مصر ومشكلة القضايا العالقة مع مصر، عبر المحاضرات في دار الحزب الجمهوري بمدينة مدني وعبر المقالات الصحفية. كما سيأتي تفصيله لاحقاً.
    9. شهدت هذه الفترة تحديداً بداية المواجهة بين الأستاذ محمود ومشايخ المعهد العلمي بأم درمان، ومشايخ الأزهر بالقاهرة المبتعثين للمعهد. بدأت المواجهة بسبب ندوتين.الأولى نظمها المعهد عن "مستقبل الثقافة العربية في السودان"وتحدث فيها شيخٌ مبتعثٌ من الأزهر. حضر الأستاذ محمود المحاضرة، وكتب نقداًقوياً لما جاء فيها ونشر بصحيفة أنباء السودان بتاريخ 18 أكتوبر 1958م. والمحاضرة الثانية قدمها الأستاذ محمود وكانت بعنوان: اشتراكية القرآن، ولم يعجب مشايخ المعهد، ما جاء فيها.
    10. كانت هذه الفترة تحديداً أكثر الفترات على الإطلاق، التي نشر فيها الأستاذ محمود المقالات السياسية، وهي مقالات طويلة تناولت الشؤون السياسية وقدمت نقداً قوياً للحركة الوطنية والأحزاب السياسية والعلاقات مع مصر... إلخ، وتجد أحياناً له مقالين في يوم واحد، أو مقالاً وبياناً، كما هو مبين في التفاصيل اللاحقة.
    11. في هذه الفترة كان للأستاذ محمود، رئيس الحزب الجمهوري، ولأول وآخر مرة، بالإضافة للمقالات الصحفية، عمودان صحفيان، متتاليان، وليسا في وقت واحد، بصحيفة أنباء السودان. العمود الأول كان بعنوان: "كلمة حق"، والعمود الثاني بعنوان: "مشكلة اليوم". وكلا العمودين كانا في صدر الصفحة الأولى من الصحيفة. وكان في عمود: "مشكلة اليوم" يتناول مشاكل محلية وإقليمية وعالمية.
    12. هذه الفترة تحديداً شهدت تقديم الطلبات من بعض الأحزاب السودانية للتحالف مع الحزب الجمهوري وتوحيد النضال والعمل المشترك. فاصدر الحزب الجمهوري البيانات، لتوضيح ذلك للرأي العام، كما سيأتي مفصلاً . أيضاً، كتب يحيى محمد عبدالقادر، في كتابه: شخصيات من السودان: أسرار وراء الرجال، ج3، ص 144-146، قائلاً: "وقد حاول الحزب الاشتراكي وحزب الشعب (الكتلة) وكلاهما جمهوري أن يتعاونا معه بحجة وحدة الأهداف الرئيسية بين ثلاثتهما ولكن الحزب الجمهوري (فقط) رفض هذا التعاون لاتهامه كلا من الحزبين بممالأة المستعمر".
    13. في هذه الفترة حظي الحزب الجمهوري بإعجاب كبير في الساحة السياسية. كتب بشير محمد سعيد (1921م-1995م)، مقالاً بعنوان: "الجمهوريون يرسمون الطريق"، ونشره في صحيفة السودان الجديد، العدد 1630، الأحد 8 يونيو 1952م، قائلاً: "إن في السودان الآن (8/7/1952م) نحواً من خمسة عشر حزباً كل منها ينادي بأعلى صوته أنه مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ هذا الشعب من براثن الاستعمار، وهي تقوم في معظم الأحوال لا على برامج سياسية واضحة ولكن على استغلال عواطف وعصبيات لا تمت إلى السياسة بصلة... وإني لأنتهز هذه الفرصة فأدعو جميع الأحزاب أن تحذو حذو الحزب الجمهوري فتخرج على الناس أهدافها ومراميها وتتعاون على تربية الشعب تربية سياسية لابد منها إن أردنا للشعب أن يكون له صوت وكلمة في حكومته".
    14. في هذه الفترة تم حوار كبير بين الأستاذ محمود والشاعر محمد محمد علي عن الدين والأدب، ونشرت مقالاته في الصحف خلال عام 1954، وقد نشرت بعض المقالات والردود عليها في صحيفة الجمهورية، الناطقة بلسان حال الحزب الجمهوري. لقد وصف الدكتور حيدر إبراهيم، الحوار بين الأستاذ محمود والشاعر محمد محمد علي، بأنه "من أرقى الحوارات السودانية".

    لابد من الإشارة - وقبل تقديم التفاصيل الموثقة لما ورد أعلاه - إلى أنني استبعدت الكثير من الأنشطة التي قام بها الأستاذ محمود في هذه الفترة تحديداً، واستبعدت كذلك حوارات كبيرة ومراسلات كثيرة، من أجل الاختصار من جهة، ولصلتها - تلك الحوارات والمراسلات - بالأدب من جهة أخرى، ومن نماذج ما استبعدته من الحوارات: حوار تم بين الأستاذ محمود والدكتور محمد النويهي، وحوار تم بين الأستاذ محمود والعلامة عبدالله الطيب، وحوارات ومراسلات أخرى كانت على هامش ندوة عبدالله حامد الأمين، وكل هذه الحوارات وغيرها نشرت على صفحات الصحف السودانية. ولكني استبعدتها.

    تفاصيل نشاط الحزب الجمهوري في الساحة السياسية خلال الفترة (1952- 1958)
    (بيانات، ندوات، محاضرات، مؤتمرات، مساجلات، رسائل إلى رؤساء دول ومفكرين، مقالات، تصريحات، ...إلخ)

    ملاحظات وتوضيحات:

    كل ما ورد أدناه من الأنشطة مصدره الصحف السودانية ودار الوثائق السودانية، ومكتبة السودان.
    استبعدت كل الأنشطة، التي بحوزتي وهي كثيرة جداً، والتي ربما، لا تتيسر للطلاب والباحثين في دار الوثائق السودانية، أو مكتبة السودان، أو الصحف السودانية. كما أن بعضها غير مكتمل بياناته عندي (التاريخ، الصحيفة.. الخ وكان بعضها مقتنيات لأعضاء الحزب الجمهوري. كما إني اكتفيت بنماذج من المقالات التي نشرت في صحيفة الجمهورية ونماذج من العمودين "كلمة حق" و "مشكلة اليوم" التي كان يكتبهما الأستاذ محمود.
    إذا كان هناك نشاط ورد في المصدر باسم أحد أعضاء الحزب الجمهوري غير الأستاذ محمود أوردت اسم الشخص كما جاء في المصدر.
    أوردت تفاصيل الأنشطة أدناه وفقاً للتسلسل التاريخي، ونظمت معلوماتها مرتبة على النحو التالي: تاريخ النشاط، (نوع النشاط)، عنوان النشاط، المصدر.
    بحوزتي نسخة من كل هذه الأنشطة الواردة أدناه، كما جاءت في مصادرها.

    تفاصيل أنشطة الحزب الجمهوري خلال الفترة ما بين (1952- 1958)

    1. في يوم 2 يناير 1952، (بيان)، "موقف الحزب الجمهوري من الائتلاف"، صحيفة الرأي العام.
    2. في يوم 12 يناير 1952 (تصريح)، "افتتاح مكتب الحزب الجمهوري"، صحيفة الرأي العام.
    3. في يوم 3 مارس 1952 (بيان)، "رأي الحزب الجمهوري عن الموقف الراهن"، صحيفة الشعب.
    4. في يوم 10 مارس 1952 (بيان)، "الحزب الجمهوري يرفض دستور الحكم الذاتي"، صحيفة السودان الجديد.
    5. في يوم 19 مارس 1952 (اجتماع)، "اجتماع في دار الحزب الجمهوري لبحث إمكانية التحالف بين الحزب الجمهوري والحزب الجمهوري الاشتراكي"، صحيفة السودان الجديد.
    6. في يوم 22 مارس 1952 (بيان)، "الحزب الجمهوري يدرس الخطط العملية لمقاطعة الدستور"، صحيفة السودان الجديد.
    7. في عام 1952 (كتاب)، قل هذه سبيلي: الاقتصاد، الاجتماع، التعليم، المرأة [بعض محاور الكتاب: الديمقراطية، التعليم، المرأة... إلخ].
    8. في عام 1952 (كتاب)، Islam The way out، ط 1.
    9. في يوم 5 يونيو 1952 (استعراض لمنشورات الحزب الجمهوري)، "المدنية الإسلامية: تنقذ الإنسانية التي أزرت بها ضراوة الوحشية-1"، صحيفة السودان الجديد.
    10. في يوم 7 يونيو 1952 (استعراض لمنشورات الحزب الجمهوري)، "المدنية الإسلامية: تنقذ الإنسانية التي أزرت بها ضراوة الوحشية-2"، صحيفة السودان الجديد.
    11. في يوم 8 يونيو 1952 (تصريح)، عن رحلة وفد الجبهة الاستقلالية إلى مصر، صحيفة السودان الجديد.
    12. في يوم 8 يونيو 1952 (لقاء صحفي)، "رئيس الحزب الجمهوري يصف الموقف السياسي الراهن بأن لا جديد فيه [لقاء مندوب صحيفة السودان الجديد برئيس الحزب الجمهوري]"، صحيفة السودان الجديد.
    13. في يوم 19 يونيو 1952 (بيان)، "نشاط الحزب الجمهوري السياسي خلال أيام العيد"، صحيفة السودان الجديد.
    14. في يوم 18 أغسطس 1952 (خطاب)، "خطاب إلى اللواء محمد نجيب، قائد ثورة 23 يوليو 1952م بمصر"، ضمن: الكتاب الأول من سلسلة رسائل ومقالات، ط1، أم درمان، ابريل 1973م.
    15. في يوم 25 أغسطس 1952 (مقال)، "القوانين الوضعية والقوانين السماوية: تعقيب على اللواء محمد نجيب"، ضمن: الكتاب الأول من سلسلة رسائل ومقالات، ط1، أم درمان، ابريل 1973م.
    16. في يوم 18 ديسمبر 1952 (مقال)، "الحركة الوطنية كما أريدها"، [ثلاث فئات من المواطنين يجب أن تشترك في الحركة الوطنية اشتراك العمل المنتج. النساء وسكان القرى والاغنياء ولاشتراك هؤلاء اشتراك العمل المنتج يجب أن تكون الحركة الوطنية نفسها حركة عمل منتج لا حركة تهريج وهتاف بسقوط الاستعمار وليس إلا...]- محاور: الحركة الوطينة والعمل- عقيدة العمل الوطني- النساء وتشييع الحب والجمال والسلام... إلخ، صحيفة السودان الجديد
    17. في يوم 21 فبراير 1953 (بيان)، "الاتفاقية الانجليزية المصرية"، صحيفة السودان الجديد.
    18. في عام 1953 (خطاب)، "خطاب إلى المحامي العام في الباكستان بشأن دستور الباكستان والقرآن"، ضمن: الكتاب الثاني من سلسلة رسائل ومقالات، ط1، أم درمان، ابريل 1973م.
    19. في يوم الجمعة 15 يناير 1954 (اصدار صحيفة)، صدور أول عدد من صحيفة الجمهورية، الناطقة بلسان الحزب الجمهوري. جاء في الكلمة الافتتاحية للعدد الأول: "أيها القارئ الكريم: تحية، أما بعد: فهذه صحيفة الجمهوريين يقدمها لك فتية آمنوا بربهم، فهيمن عليهم الإيمان على صريح القصد، فهم يقولون مايريدون بأوجز أداء، ويعنون ما يقولون من الألف إلى الياء .. و(الجمهورية) تطمح في أن تخلق تقليدا في الصحافة في معنى ما يخلق الجمهوريون من تقليد جديد في السياسة .. والجمهوريون حزب سياسي ولكنهم لا يفهمون السياسة على أنها اللف والدوران .. وإنما يفهمونها على أنها تدبير أمر الناس بالحق وبميزان .. وللجمهورية في الصحافة رأي، وهو أنها يجب أن تعين على العلم، لا أن تمالي على الجهل .. يجب أن تسير أمام الشعب لا أن تسير فى زمرته تتسقط رضاه، وتجاري هواه، وتقدم له من ألوان القول ما يلذه ولا يؤذيه .. وقد تعرض الجمهوريون في نهجهم السياسي للكثير من العنت، والأذى من جراء مضائهم فيما يرونه الحق، والعدل .. فهل تتعرض الجمهورية لشيء من الكساد، من جراء ما ستجافي من التقليد التجاري بتقديم ما يقدم في سوق النفاق؟إن هذا لا يعنينا بقدر ما يعنينا أن نستقيم على الحق.. فقد أنفقنا عمرنا نبحث عنه، ولا نزال، فإن وجدناه، فإنا سنلقاك به صريحا غير مشوب بتلطيف، وسيكون عليك أنت أن تختار لنفسك بين وجه الحق ووجه الباطل".
    20. في يوم 15يناير 1954 (خطاب)، إعداد الإنسان الحر: الدكتور توريزبوديت مدير عام منظمة اليونسكو، صحيفة الجمهورية؛ (صدر المقال من قبل في صحيفة صوت السودان 1953).
    21. في يوم 15 يناير 1954 (مقال)، "نحو عالم جديد"، صحيفة الجمهورية.
    22. في يوم 15 يناير 1954 (مقال)، المرأة، صحيفة الجمهورية.
    23. في يوم 15 يناير 1954 (مقال)، "قل هذه سبيلي"، صحيفة الجمهورية.
    24. في يوم 22 يناير 1954 (مقال)، افتاحية العدد الثاني من صحيفة الجمهورية: "واجب الحكومة واجب المعارضة"، جاء فيها: "واجب الحكومة وواجب المعارضة واحد في هذه الفترة وهو واجب بسيط إذا ترفعت النفوس عن غائر الأحقاد. واجبهما أن يعرفا أن الاستعمار لا يزال باقياً وأن حظه من الاستمرار في البقاء في هذه البلاد اليوم ليس أقل منه بالأمس وأن مدة الثلاث السنوات المشروطة للجلاء في الاتفاقية الإنجليزية المصرية مدة طويلة حقاً وهي تقيِّض للاستعمار الفرصة الكافية جداً ليكيد كيده لهذه البلاد إذا لم تكن الحكومة والمعارضة على السواء كالذئب ذلك الذي زعموا أنه لا ينام حين ينام إلا بعين واحدة ولا بأس أن تكون تلك العين هي المعارضة... إلخ".
    25. في يوم 22 يناير 1954 (مقال)، "رأينا في المرأة"، صحيفة الجمهورية.
    26. في يوم 22 يناير 1954 (مقال)، "نحو عالم جديد"، صحيفة الجمهورية.
    27. في يوم 5 فبراير 1954 (مقال)، "ساووا السودانيين في الفقر إلى أن يتساووا في الغنى"، صحيفة الجمهورية.
    28. في يوم 5 فبراير 1954 (مقال)، "في الشرق دعوات وفي السودان دعوة"، صحيفة الجمهورية.
    29. في يوم 5 فبراير 1954 (مقال)، "نحو عالم جديد: الاشتراكية"، صحيفة الجمهورية.
    30. في يوم 5 فبراير 1954 (مقال)، "اشتراكية القرآن"، صحيفة الجمهورية.
    31. في يوم 19 فبراير 1954 (مقال)، "تعليقاً على تصريح السيد إسماعيل الأزهري بمناسبة الذكرى الأولى لاتفاقية الخرطوم القاهرة"، صحيفة الجمهورية.
    32. في يوم 10 ابريل 1954 (مقال)، "سوءتان، فتنة في مصر وغفلة في السودان"، صحيفة الجمهورية.
    33. في عام 1954 (مقال)، "دقائق التمييز"، ضمن كتاب: أسئلة وأجوبة: الكتاب الثاني،ط1، أم درمان، 1971م.
    34. في أيام 6- 12 يونيو 1954 (مقال)، الثقافة (3 حلقات)، صحيفة الجمهورية.
    35. في يوم 12 يونيو 1954، (مقال)، "حرية الثقافة"، صحيفة الجمهورية.
    36. في يوم 12 يونيو 1954 (مقال)، "اسمعوني وعوني! والله لا تتحررون بغير الإسلام"، صحيفة الجمهورية.
    37. في يوم 2 أغسطس 1954 (محاضرة)، "كيف يخدم العمال قضاياهم"، (نادي العمال)، صحيفة صوت السودان.
    38. في يوم 29 ديسمبر 1954 (بيان)، "الحزب الجمهوري يصدر بياناً عن رأيه" [الأحداث- الجمهورية كنظام للحكم- مستقبل الديمقراطية- دعوة الحزب للجمهورية واتهام المستنيرين له بالجنوح إلى الخيال- أخطر المسائل: مستقبل البلاد- السياسة المرتجلة- ...إلخ، صحيفة صوت السودان.
    39. في يوم 5 مارس 1955 (ندوة)، "العاصمة تشهد أضخم ليلة سياسية تقيمها الجبهة الاستقلالية بدار المركز العام لحزب الأمة" [رئيس الحزب الجمهوري يلهب المشاعر بخطابه الرصين وكلماته النارية وتوجهاته الوطنية]، صحيفة النيل.
    40. في يوم 7 مارس 1955 (ندوة)، "استمعت أمس الخرطوم 3 إلى قادة الاستقلاليين يتحدثون عن مواضيع الساعة"- [بمشاركة أعضاء من الحزب الجمهوري]، صحيفة النيل.
    41. في يوم 27 مارس 1955(بيان)، "مشاركة الحزب الجمهوري في وفد الجبهة الاستقلالية إلى الهند وجاكرتا"، صحيفة النيل.
    42. في يوم 27 مارس 1955 (ندوات: كوستي والدويم)، "نشاط الجبهة الاستقلالية في الأقاليم- سفر وفد الجبهة: حسن محجوب وقاسم أمين ومحمود محمد طه ومحمد سعيد معروف"، صحيفة النيل.
    43. في يوم 28 مارس 1955 (وفد)، "وفد الجبهة الاستقلالية لمؤتمر دلهي- بمشاركة عضو الحزب الجمهوري عبدالحميد صالح"، صحيفة النيل.
    44. في يوم 2 مايو 1955 (مقال)، "مستقبل السودان وموقف المصريين"، ذا النون جبارة ، عضو الحزب الجمهوري، صحيفة النيل.
    45. في يوم 23 يونيو 1955 (بيان)، "الحزب الجمهوري يوضح وجهة نظره بشأن تقرير المصير"، صحيفة الاستقلال.
    46. في يوم 21 يوليو 1955 (ندوة)، "تقرير المصير- نادي حي البوستة الثقافي بأمدرمان"، حي البوستة- أمدرمان، السودان الجديد.
    47. في يوم 3 سبتمبر 1955 (خطاب، "من محمود محمد طه الى جمال عبد الناصر "، صحيفة الاستقلال.
    48. في يوم 10 سبتمبر 1955 (بيان)، "بيان من الحزب الجمهوري عن حوادث الجنوب"، صحيفة الاستقلال.
    49. في يوم 17 نوفمبر 1955 (بيان)، "بيان الحزب الجمهوري حول السياسة الاقتصادية الرسمية"، صحيفة الاستقلال.
    50. في ديسمبر 1955 (كتاب)، محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري يقدم أسس دستور السودان لقيام حكومة جمهورية فدرالية ديمقراطية اشتراكية، ط1.
    51. في ديسمبر 1955 (محاضرة)، "حول الاستقلال"، ضمن كتاب: الاستقلال جسد روحه الحرية، دار الوثائق 1/76/ 92
    52. في يوم 19 يناير 1957 (بيان)، "ماذا دار في لجنة الدستور القومية أمس؟ استقلال اللجنة عن الحكومة"، صحيفة الرأي العام.
    53. في يوم 26 يناير 1957 (بيان)، "انسحاب الحزب الجمهوري من لجنة الدستور القومية"، صحيفة الرأي العام.
    54. في يوم 29 يناير 1957 (بيان)، "الحزب الجمهوري يوضح الأسباب التي أبقتهم في لجنة الدستور حتى تاريخ انسحابهم"، صحيفة الرأي العام.
    55. في يوم 1 سبتمبر 1957 (بيان)، "برنامج الحزب الجمهوري" [لو كان الحزب الجمهوري سيخوض الانتخابات المقبلة لكان برنامجه كالاتي: ...]، صحيفة الأمة.
    56. في يوم 12 سبتمبر 1957 (تعقيب)، "مشاكل التربية الأساسية في الشرق الأوسط"، تعقيب على جاك بيرل أستاذ علم الاجتماع بجامعة السوربون"، صحيفة السودان الجديد.
    57. في يوم 31 يناير 1958 (ندوة)، "القومية العربية والتكتل الإسلامي في الميزان"، دار الحزب الجمهوري- مدني، صحيفة السودان الجديد.
    58. في يوم 6 فبراير 1958 (ملخص ندوة)، "السيد محمود محمد طه يقول في واد مدني إن القومية العربية تكتل عنصري"، صحيفة السودان الجديد.
    59. في يوم 20 فبراير 1958 (مقال)، "حول محمود محمد طه والقومية العربية"، بقلم عبداللطيف عمر ، عضو الحزب الجمهوري، صحيفة السودان الجديد.
    60. في يوم 22 فبراير 1958 (خبر ندوة)، "قدم الأستاذ محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري نقاشاً عن الموقف السياسي الحاضر بدار الحزب الجمهوري بمدني"، صحيفة السودان الجديد.
    61. في يوم 22 فبراير 1958 (محاضرة)، "الموقف السياسي الراهن" [مشكلة الحدود مع مصر- مشكلة القضايا العالقة مع مصر، ومشكلة مياه النيل]، دار الحزب الجمهوري- مدني، صحيفة أنباء السودان.
    62. في يوم 26 فبراير 1958 (مقال)، "محمود محمد طه يتحدث عن الأزمة المصرية السودانية"، صحيفة السودان الجديد.
    63. في يوم 26 فبراير 1958 (ملخص محاضرة)، "الموقف السياسي الراهن"، بقلم خوجلي محمد خوجلي، صحيفة أنباء السودان.
    64. في يوم 1 مارس 1958 (بيان)، "بيان من الحزب الجمهوري عن الموقف الحاضر" [الشوائب التي لحقت بالعلاقات المصرية السودانية- أمران وراء أول الشر في العلاقات المصرية السودانية- غرور الحكومة المصرية- سكان المناطق السودانية- حكومة مصر حكومة عسكرية جامحة... إلخ]، صحيفة السودان الجديد.
    65. في يوم 2 مارس 1958 (رد على مقال)، "حول القومية العربية ليست عنصرية أو تعصبية"، صحيفة السودان الجديد.
    66. في يوم 31 مارس 1958 (مقال)، "نظرات في السياسة الخارجية والداخلية [نهرو والمثالية- الجزائر- خطاب الدورة]"، صحيفة أنباء السودان.
    67. في يوم 13 أبريل 1958 (مقال)، "تطورات خطيرة في الميدان السياسي"،محاور: زيارة جمال لروسيا- مشكلة الجنوب الفدريشن- تقسيم السودان إلى خمس ولايات- الحكم الذاتي- قاعدة مجالس القرى... إلخ، صحيفة أنباء السودان.
    68. في يوم 3 مايو 1958م (مقال)، "نظرات في السياسة الداخلية والخارجية [بيننا وبين مصر- مشكلة الحدود- الجيش]"، صحيفة أنباء السودان.
    69. في يوم 11 مايو 1958 (خبر) "بيان الحزب الجمهوري عن المعونة الأمريكية"، صحيفة أنباء السودان.
    70. في يوم 11 مايو 1958 (بيان)، "بيانات.... بيان من الحزب الجمهوري عن المعونة الأمريكية"، صحيفة الأمة.
    71. في يوم 11 مايو 1958 (مقال)، "نظرات في السياسة الداخلية والخارجية، متى يتمتع الناس بخيرات الاستقلال- مشكلة الجنوب مرة أخرى]"، صحيفة أنباء السودان.
    72. في يوم 12 مايو 1958 (بيان)، "الحزب الجمهوري يبدي رأيه في المعونات الاقتصادية وجريدة الأمة تناقشه"، صحيفة الأمة.
    73. في يوم 17 مايو 1958 (بيان)، "بيانات.... بيان من الحزب الجمهوري عن المعونة الأمريكية"، صحيفة أنباء السودان.
    74. في يوم 21 مايو 1958 (ندوة)، "الموقف السياسي الراهن: المعونة الأمريكية"، دار الحزب الجمهوري- مدني، صحيفة السودان الجديد.
    75. في يوم 9 يونيو 1958 (مؤتمر)، "المؤتمر الدراسي الأول للحزب الجمهوري لتدارس فكرة الحزب وماضيه ومستقبله"، صحيفة الزمان.
    76. في يوليو 1958 (كتيب)، الحزب الجمهوري على حوادث الساعة: حقيقة النزاع في الشرق الأوسط، حوادث العراق، التدخل المصري، ط 1.
    77. في يوم 23 يوليو 1958 (محاضرة)، "الموقف الدولي الراهن"، دار الحزب الجمهوري- مدني، صحيفة السودان الجديد.
    78. في يوم 6 أغسطس 1958 (مقال)، "الحزب الجمهوري يبصر حيث لا تبصرون ويعلم ما لا تعلمون- ثقتنا بالسودانيين شديدة وولاؤنا للسودان أكيد"، بقلم عبداللطيف عمر، عضو الحزب الجمهوري رداً على أبو المعالي عبدالرحمن الأمين، صحيفة السودان الجديد.
    79. في يوم 7 أغسطس 1958 (ملخص محاضرة)، "الحكومة القومية خطرة وستضيع على السودان مياه النيل والحدود"، بقلم خوجلي محمد خوجلي، عضو الحزب الجمهوري، صحيفة السودان الجديد.
    80. في يوم 16 أغسطس 1958 (مقال)، "نظرات في السياسة الداخلية والخارجية: المعارضة لاتجاه القطيع- أكثر محرري الصحف جهلاً- ماذا حمل وزير خارجية السودان؟ السياسة الداخلية- الوزارة القومية، صحيفة أنباء السودان.
    81. في يوم 23 أغسطس 1958 (بيان)، "الحزب الجمهوري يقدم دعائم الميثاق القومي" [بيان المطالبة بانسحاب السودان فوراً من جامعة الدول العربية]، صحيفة أنباء السودان.
    82. في يوم 23 أغسطس 1958 (مقال)، "في الميدان السياسي الخارجي: أخطاء خطيرة هاوية تتردى فيها بعض الصحف- الحكومة القومية"، صحيفة أنباء السودان.
    83. في يوم 23 أغسطس 1958 (مقال)، "حقائق وأباطيل: القومية العربية باطلة"، صحيفة أنباء السودان.
    84. في يوم 30 أغسطس 1958 (مقال)، "نظرات في السياسة الخارجية والداخلية [هيئة الأمم- مياه النيل- نقض السودان لاتفاقية توزيع مياه النيل]"، صحيفة أنباء السودان.
    85. في يوم 6 سبتمبر 1958م (عمود صحفي)، "مشكلة اليوم [عن الصين- الشيوعية- الأمريكان- الروس]"، صحيفة أنباء السودان.
    86. في يوم 6 سبتمبر 1958م (مقال)، "ماذا فعل الصحفيون بحريتهم؟"، صحيفة أنباء السودان.
    87. في يوم 14 سبتمبر 1958 (مقال)، "نظرات في السياسة الداخلية والخارجية [تهديدات الزعيم الشيوعي الروسي خرستشيف لأمريكا- دخول أمريكا في مفاوضات عامي 1955م و1957م- قصة الصراع على أرض الصين وآخر فصولها- مضايق فرموزا- الصراع بين الشيوعية الدولية والرأسمالية الغربية- الرأي العام الأمريكي- جزيرة كيموى]"، صحيفة أنباء السودان.
    88. في يوم 14 سبتمبر 1958 (مقال)، "مشكلة مياه النيل"، صحيفة أنباء السودان.
    89. في يوم 26 سبتمبر 1958 (مقال)، "نظرات في السياسة الداخلية والخارجية: هيئة الأمم- الشرق الأقصى- صندوق النقد الدولي والبنك العالمي"، صحيفة أنباء السودان.
    90. في يوم 1 أكتوبر 1958 (بيان)، "المنهاج الديني للحزب الجمهوري- لماذا الإسلام؟"، صحيفة أنباء السودان.
    91. في يوم 1 أكتوبر 1958 (مقال)ـ "دعوة جديدة تناهض الشيوعية"، بقلم جلال الدين الهادي الطيب، عضو الحزب الجمهوري، صحيفة أنباء السودان.
    92. في يوم 4 أكتوبر 1958 (مقال)، "نظرات في السياسة الداخلية والخارجية: هيئة الأمم- ومسألة المجر أيضاً- الجزائر- نحن شعب بلا سياسة"، صحيفة أنباء السودان.
    93. في يوم 18 أكتوبر 1958 (بيان)، "عضويتنا في الجامعة العربية"، صحيفة أنباء السودان.
    94. في يوم 18 أكتوبر 1958 (مقال)، "مستقبل الثقافة العربية في السودان، المدلول الحديث للثقافة والوسائل إليها- مهداة إلى طلبة وأساتذة المعهد العلمي بامدرمان"، صحيفة أنباء السودان.
    95. في يوم 18 أكتوبر 1958 (مقال)، "نظرات في السياسة الداخلية والخارجية: الشرق الأقصى- الجزائر- مؤتمر البجة- رأس الدولة"، صحيفة أنباء السودان.
    96. في يوم 18 أكتوبر 1958 (مقال)، "في الميدان السياسي: انكار مصر لعرضها يشكل سابقة خطيرة في تاريخ العلاقات الدولية"، أحمد إبراهيم، عضو الحزب الجمهوري، صحيفة أنباء السودان.
    97. في يوم 18 أكتوبر 1958 (مقال)، "حول الخطوة التالية لعبد الناصر هي السودان"، بقلم عبداللطيف عمر، صحيفة أنباء السودان.
    98. في يوم 18 أغسطس 1958 (خطاب)، "الحزب الجمهوري يرسل خطاباً لجمال عبدالناصر" (ثلاثة آلاف كلمة)، صحيفة أنباء السودان.
    99. في يوم 25 أكتوبر 1958 (خبر)، "محمود محمد طه يعتقل في القاهرة"، صحيفة أنباء السودان.
    100. في يوم 25 أكتوبر 1958 (مقال)، "الأزمة بين السودان ومصر: اتفاقية مياه النيل سنة 1929"، صحيفة أنباء السودان.
    101. في يوم 25 أكتوبر 1958 (عمود صحفي)، "مشكلة اليوم [حديث مندوب تونس في الجامعة العربية عن تدخل مصر في شؤون الدول العربية وسيطرة مصر على الجامعة العربية- اعتراف الجامعة العربية بالعراق قبل السودان]"، صحيفة أنباء السودان.
    102. في يوم 1 نوفمبر 1958 (بيان)، "ماذا يريد الحزب الجمهوري بالتطوير في التشريع الاسلامي؟"، صحيفة أنباء السودان.
    103. في يوم 1 نوفمبر 1958 (بيان)، "بيانات الحزب الجمهوري على الموقف الداخلي[استقراء لطابع الحركة الوطنية]"، صحيفة أنباء السودان.
    104. في يوم 1 نوفمبر 1958 (عمود صحفي)، "مشكلة اليوم: فضيحة عالمية"، محاور: قضية الكاتب الروسي بوريس باسترناكو إعلانه عن الاضطهاد الذي يلقاه المفكرون الذين يشذون عن القطيع- الحرية الفردية- الشيوعية- ومنح الأكاديمية السويدية جائزة نوبل لباسترناك عام 1958م، صحيفة أنباء السودان.
    105. في يوم 29 نوفمبر 1958 (عمود صحفي)، "كلمة حق [حركة الجيش- المؤامرات الأجنبية- الكرامة القومية- كلمات الإطراء التي يتبرع بها المنافقون- الصحافة والصحفيون- الرأي العام]"، صحيفة أنباء السودان.
    106. في يوم 6 ديسمبر 1958 (مقال)، "تعالوا إلى كلمة سواء: الحرية الفردية في [أعلى] مستوياتها"، صحيفة أنباء السودان.
    107. في يوم 13 ديسمبر 1958 (مقال)، "السودان أولاً"، بقلم أحمد إبراهيم، عضو الحزب الجمهوري، صحيفة أنباء السودان.
    108. في يوم 18 ديسمبر 1958 (مقال)، "تعالوا إلى كلمة سواء: الحرية والقيود"، صحيفة أنباء السودان.
    109. في يوم 20 ديسمبر 1958 (مقال)، "تعالوا إلى كلمة سواء: خلافة الأرض"، صحيفة أنباء السودان.
    110. في يوم 24 ديسمبر 1958 (خطاب)، "التعليم: خطاب إلى عميد معهد بخت الرضا الأستاذ عثمان محجوب"، ضمن: الكتاب الثاني من سلسلة رسائل ومقالات، ط1، أم درمان، ابريل 1973.

    هذا جردٌ مجمل لنشاط الحزب الجمهوري خلال الفترة ما بين 1952- 1958، مع الاختصار الشديد، واستبعادي للكثير من الأنشطة.

    حاجتنا للمروءة الأكاديمية والتواضع الذهني

    تضمنت القائمة أعلاه، جرداً مجملاً مختصراً لنشاط الحزب الجمهوري خلال 1952- 1958 من حيث الكم، فما بالك بالكيف والمحتوى؟

    في تقديري أن كل نشاط: بيان...إلخ، مما ورد أعلاه، يستحق أن يدرس لحاله، ذلك لأن الحزب الجمهوري كانت لديه رؤية مغايرة ومختلفة عن ما هو مطروح وسائد في الساحة السياسية، والمغاير دوماً أحق بالدراسة لأنه يسعف في الفهم أكثر من المتشابه، وعبر دراسة المغاير، يمكننا كذلك، أن نكتشف التباينات والمداخل لتفسير الوقائع والأحداث.

    فهل بعد كل هذا، يمكننا أن نقبل من مشرفة على أطروحة جامعية عنوانها: الحركة السياسية السودانية (1952- 1958)، دعك من الطالب/ الطالبة، أن تطلق حكماً، بأن الحزب الجمهوري لم يكن له دور في الحركة السياسية خلال الفترة الزمنية التي مثلت الاطار الزمني للأطروحة؟.. وهل نقبل بأن يكون ذلك الحكم، حتى ولو أتى من الدكتور القدَّال، أو أي أكاديمي آخر، هو المبرر لخلو الأطروحة المعنية من ذكر الحزب الجمهوري أو الأستاذ محمود؟ ل وهل نقبل من البروفيسور فدوى قولها: "ويكفي ما ذكره القدَّال أعلاه ليبرر خلو رسالة الباحثة شيرين إبراهيم النور تاريخ الحركة السياسية السودانية 1952 - 1958، رسالة ماجستير جامعة الخرطوم 2010، من ذكر للحزب الجمهوري في رسالتها"؟ وهل بعد كل هذه المعلومات والوقائع، يمكننا قبول ما كتبته المشرفة، قائلة: "ولا توجد مناسبة للإشارة للأستاذ محمود أو كتبه أو كتب تلاميذه في قائمة المصادر والمراجع"، عن أطروحة موضوعها وعنوانها: الحركة السياسية السودانية (1952- 1958)؟ لا ولا كرامة.. وهل من المقبول علمياً، أن نبرر عدم ذكر الحزب الجمهوري في الأطروحة، استناداً على قول أكاديمي آخر، حتى ولو كان مخالفاً للوقائع والأحداث الموثقة؟ وهل رأي أي أكاديمي كان، بأن الحزب الجمهوري لم يكن له نشاط في تلك الفترة، يمنعنا من التنقيب والبحث في الأرشيف؟ هل نجمد البحث عند رأي القدَّال؟ وإذا كانت القائمة أعلاه، تتضمن نشاط الحزب الجمهوري خلال الفترة 1952- 1958، المغيب في الأكاديميا السودانية والمعلن إنكاره، في أحدث مقال نقدي، بحكم أكاديمي، من غير علم، بعدم وجود النشاط أصلاً، ليبرر، الجهل بالنشاط، عدم ذكر الحزب في أطروحة موضوعها: تاريخ الحركة السياسية السودانية خلال الفترة 1952- 1958، فما بالك بحجم نشاط الحزب في الفترات الأخرى كماً وكيفاً؟ وبعد كل هذا، هل يمكننا قبول ما كتبته البروفيسور فدوى، قائلة: "لو أورد المؤلف ذلك الذي ذكره القدَّال لنسف الهدف الذي رمى إليه وهو تضخيم دور الحزب الجمهوري السياسي"؟ فهل ضخم مؤلف كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون، دور الحزب الجمهوري، أم قزمت الأكاديميا السودانية، ضخماً، ظل يقدم العلمي والنوعي؟ بيد أنه تقزيم إلى حين.. وهل إيرادي لما ذكره القدَّال ينسف الهدف الذي رميت إليه، كما أدعت البروفيسور فدوى، وهو تضخيم الحزب الجمهوري، أم أن ما أوردته الآن عن نشاط الحزب الجمهوري خلال الفترة 1952- 1958 ينسف ما ذكره القدَّال، وينسف ما ركنت إليه البروفيسور فدوى، وينسف ادعاءها، وينسف كذلك الصورة الذهنية للحزب الجمهوري التي رسخت في وعي ودوائر الأكاديميا السودانية، بتنميط موروث، ثم تسرب ذلك التنميط، بوعي أو بدون وعي، إلى الأجيال وإلى إنتاج الأكاديميا السودانية؟

    الشاهد أن عدم وجود مناسبة لذكر الحزب الجمهوري في الأطروحة المشار إليها أعلاه، لم يكن بسبب غياب نشاط الحزب الجمهوري، وإنما بسبب عدم المامنا بذلك النشاط، نسبة لعدم انفتاحنا، بما يكفي، على الإرشيف السوداني في دار الوثائق القومية. ولو انفتحنا على الإرشيف، دون الحاجة للسكن في دار الوثائق القومية، لوقفنا على نشاط ضخم ونوعي وعلمي قام به الحزب الجمهوري خلال الفترة ما بين 1952- 1958. إنني أدعو البروفيسور فدوى، خاصة وأنها تمثل سلطة أكاديمية، في مجال تاريخ السودان السياسي، أن تراجع موقفها، وتراجع الحكم الذي أطلقته، بأن الحزب الجمهوري لم يكن له نشاط خلال الفترة ما بين 1952- 1958، وقد اتضح الآن أن الأمر غير ما ذهبت إليه وغير ما حكمت به.

    لهذا فإن المعطيات وشواهد الواقع تلزمنا بضرورة ممارسة النقد الذاتي، وبضرورة التحلي بالتواضع الذهني. فإرث تنميط الصور والتهميش والتغييب وبتر المعارف، المتمكن في وعي وإنتاج الأكاديميا السودانية، تسرب إلى عقول الطلاب فانطلى عليهم، وعلى غمار الناس، حتى صدقه، للأسف الشديد، بعض أذكى الأذكياء من المثقفين والأكاديميين السودانيين. لهذا فإننا في حاجة ماسة لاستنهاض المروءة الأكاديمية لمزيد من البحث المتعمق والتنقيب والتمحيص والتقصي في إرشيف السودان، فهناك الكثير مما لم يكشف عنه، وما لدينا لا يكفي لإطلاق الأحكام. ويجب علينا كذلك الانتباه إلى ضرورة أن نستدعي المهمش والمكبوت والمقموع والمغيب حتى نفهم لننقذ أنفسنا والسودان والإنسان.

    نواصل في الحلقة القادمة والأخيرة، ونتناول: "القدَّال والحزب الجمهوري ونقاء السريرة وصفاء الطوية"، و"دراسة المغاير والخارج عن السائد والمألوف أحق من دراسة المتشابه"، و"الأطروحات الأربع وتجليات التغييب: الأطروحة الثالثة والرابعة"، و"مقترح بحث ماجستير أو دكتوراة أكاديمي علمي محايد متكامل"... إلخ.
                  

01-29-2015, 07:38 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: لترابي : الفعلُ أصدقُ إنباءً من القولِ بقلم بابكر فيصل بابكر

    mailto:mailto:[email protected]@gmail.commailto:[email protected]@gmail.com
    أشرتُ في العديد من المقالات إلى حالة الفصام بين "المفكر" و "السياسي" في شخصية الدكتور حسن الترابي, وقلت أنَّ الرَّجل ظلَّ طوال مسيرته في الحياة العامة يضعُ إجتهاداتهُ الفقهية في خدمة أهدافه السياسية بدلاً من أن يجعل من السياسة مجالاً لإنفاذ رؤاه وأفكاره وإنزالها في أرض الواقع.
    وأوضحتُ أنَّ السبب الأساسي وراء هذا التنافر بين هذين الإتجاهين في شخصية الترابي هو أنَّ الوصول "للسلطة" كان على الدوام يُمثل "الهدف" الأول الذي سعى الرجل لتحقيقه والحفاظ عليه وإن إدَّعى غير ذلك.
    للدكتور الترابي آراء فقهية متقدمة في العديد من القضايا التي تهم المسلمين من بينها رفضه لقتل المرتد عن الإسلام, بجانب دعوته لمساواة المرأة بالرجل في الشهادة وتمسكه بأحقيتها في الزواج من الرجل الكتابي إلى جانب حقها في إمامة المصلين, وكذلك له رأي قاطع في أنَّ عقوبة رجم الزاني والزانية ليست موجودة في القرآن، وأنها وافدة من ديانة أخرى (اليهودية).
    غنىٌ عن القول أنَّ الترابي لم يكن هو الوحيد الذي قال بهذه الآراء, بل هناك العديد من المفكرين والعلماء المسلمين الذين سبقوه في المناداة بها, منهم الأستاذ المرحوم محمود محمد طه, والمفكر الليبي الصادق النيهوم, وكذلك المفكر المصري جمال البنا, وغيرهم.
    ولكن إشتهار هذه الآراء عند الدكتور الترابي سببهُ هو وجوده على رأس جماعة إسلامية "الإخوان المسلمون" لم يُعرف عنها التجديد في قضايا الدين, بل ظلت على الدوام جماعة تقليدية محافظة على مستوى "الأفكار" وإن كانت قد إرتدت ثوب "الحداثة" على مستوى التنظيم.
    يحلو للدكتور الترابي الجهر بهذه الآراء كلما كان بعيداً عن دائرة "الحكم والسلطة" كحاله في هذه الأيام حيث صدح بآرائه هذه الأسبوع الماضي خلال حفل التكريم الذي أقامته له نساء أحزاب حكومة الوحدة الوطنية.
    يعلم جميع أهل السودان أنَّ الدكتور الترابي هو عرَّاب نظام الإنقاذ وزعيم الحزب الذي إنقلب على النظام الديموقرطي الشرعي, وقد كان صاحب القرار المطلق طوال العشر سنوات الأولى من عمر هذا النظام, ومع ذلك لم يعمل على إنزال إجتهاداته الفقهية لأرض التطبيق, فما هو السبب وراء ذلك ؟
    من الواضح أنَّ الرجل عندما يكون في السلطة يتجنب إثارة هذه الموضوعات حتى لا يثير غضب أتباعهُ وجمهور "الإسلام السياسي" الذي يسعى لكسب سنده, وبالتالي فإنهُ لا يبدو حريصاً على تطبيق أفكاره أكثر من حرصه على الإمساك بالسلطة.
    عندما قام المرحوم جعفر النميري بإعدام المرحوم الأستاذ محمود محمد طه بتهمة الردة لم يعترض الدكتور الترابي, ولم يجاهر برأيه الرافض لمحاكمته , بل ربما كان من أكثر الناس سعادة بإختفاء الرجل الذي كانت أفكاره تمثل خطراً كبيراً على أهل "الاسلام السياسي".
    وعندما أجيز القانون الجنائي لعام 1991 الذي نص في مادته "126" على إنزال حكم الإعدام بمن يترك الإسلام , كان الترابي هو حاكم السودان المطلق, ومع ذلك فإنَّه سمح بتمرير تلك المادة, ولم يتجرأ على الجهر برأيه الذي يردده هذه الأيام, فما السبب وراء ذلك ؟ إنها السلطة, وحب السلطة.
    وعندما حوكمت الشابة مريم يحي بالردة العام الماضي, صمت الدكتور الترابي صمت أهل القبور عن ذلك الحكم لأنه كان في حالة "غزل" مع الحزب الحاكم من أجل العودة "للسلطة" حتى أنَّ الناطق بلسان حزبه , كمال عمر, برَّر صمته بعذر يدعو للسخرية وذلك عندما قال إنّ الرجل ( مشغول بأزمة السودان الكلية ).
    كان بمقدور الترابي عندما حكم السودان "من الباطن" لعشرة أعوام أن يُجيز قانوناً يسمحُ بمساواة المرأة بالرجل في الشهادة أمام المحاكم, ولكنهُ لم يفعل, فغرضه الأساسي هو "الفرقعات الإعلامية" التي تعطيه نوعاً من "التميز" عن بقية قادة تيار الإسلام السياسي,وتسمح له بإستخدام "النساء" لخدمة أجندته السياسية والسلطوية.
    على العكس من الدكتور الترابي , كان هناك زعيمٌ عربيٌ ثاقب النظر ,عميق الرؤية, يعملُ بهدوء ودون ضجة كبيرة على بعث "الإسلام الحضاري" الذي يستوعبُ روح العصر ويواكب المُتغيرات التي طرأت على العالم, إنهُ الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة الذي ربط الأقوال بالأفعال بجسارة وجرأة.
    حيث أجاز في العام 1957 "مجلة الأحوال الشخصية" التي مثلت نقلة هائلة في المُجتمع والدولة, واعطت المرأة التونسية حقوقاً متقدمة حتى على حقوق النساء في العالم الغربي, ومن ضمن الحقوق التي شملتها أحكام المجلة هو مساواة المرأة بالرجل في الشهادة أمام المحاكم.
    حينها قامت عليه قيامة "العُلماء" التقليديين و المحافظين, ومنهم من رماهُ بالكفر والخروج عن الملة, بل إنَّ بعضهم قال أنَّه عميلٌ للصهيونية العالمية التي جندتهُ لتدمير الإسلام من الداخل, ولكنهُ مع ذلك مضى في إنفاذ مشروعه الإصلاحي دون وجل و بمعاونة بعض علماء الدين المستنيرين من أمثال الشيخ الطاهر بن عاشور.
    الدكتور الترابي لا يهمهُ إنفاذ رؤاه الفكرية, بل هو مولعٌ "بالضجة" وردود الأفعال التي تصنعها إجتهاداته المُشتتة, وها هو يقول أمام حشد النساء اللائي حضرن تكريمه بكل فخر : ( كثيراً ما تم اتهامي بالزندقة والردة لمجرد إطلاق مثل هذه الآراء وهناك من أهدر دمي عندما دعوت لمساواة المرأة بالرجل في الشهادة).
    هذه الكلمات تُشعر المرء بأنَّ الدكتور الترابي يُصاب "بالحبور" عندما تطلق عليه مثل تلك الإتهامات, فهى تمنحهُ التميُّز المطلوب, وتُبعدهُ عن دائرة التشدد والتعصب والرجعية التي تقبع فيها تيارات الإسلام السياسي الأخرى خصوصاُ السلفية منها, ولذلك فإنها تسهم في "الترويج" لشعبيته أكثر مما تشكل خطراً حقيقياً عليه.
    خلاصة القول هى أنَّ "السُّلطة", وليس الفكر, كانت على الدوام هدف الدكتور الترابي الأساسي , وأنَّ "الفرقعة الإعلامية" – وليس التطبيق - كانت هي مقصدهُ من وراء الإدلاء بإجتهاداته الفقهية المحدودة جداً.
                  

01-31-2015, 06:01 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    في حادثة مصادرة نشاط (إتحاد الكتاب السودانيين): تؤخذ الحرّيةُ غصباً ولا يمنُّ بها أحد !!. بقلم: فضيلي جماع طباعة أرسل إلى صديق

    الجمعة, 30 كانون2/يناير
    نقلا عن سودانايل
    Quote: تشبه أنظمة القمع عبر التاريخ البشري بعضها بعضاً، لكنها أكثر ما تكون شبهاً في خوفها من الحرية – أعني الحرية بمعناها العام: أن يقول الإنسان دون خوف ما يؤمن أنه الصواب! لا يختلف في ذلك الحاكم المسلم المثقف ، المأمون ابن هرون الرشيد في العصور الوسطى والذي سجن وعذب الإمام احمد ابن حنبل بسبب اختلاف الرأي – لا يختلف المأمون عن نيرون الذي أحرق روما وهو يقهقه فرحاً ولا عن الدوتشي موسيليني أو الفوهرر هتلر النازي في خوفهم من الرأي الآخر. وهؤلاء الذين ذكرت ليسوا استثناء من أنظمة القمع لصغار الآلهة في العصر الذي نعيش. ترتعش فرائصهم من مساحة شبر من الحرية على خارطة اليابسة. فالكلمة دائماً هي عدوهم..والمثقف الحر هو عدوهم الأول.
    هناك مقولة شهيرة للنازي جوزيف غوبلز Joseph Goebbles (1897- 1945)- وغوبلز هو وزير الدعاية السياسية في عهد أدولف هتلر وواحد من أبرز خطباء ألمانيا النازية - يقول فيها: ( كلما سمعت كلمة مثقف ، تحسست مسدسي!) وهو نفسه القائل: (كلما كبرت الكذبة، كلما سهل تصديقها !)
    قرأت كما قرأ غيري مساء أمس خبر حجب النظام الفاشي لنشاط (اتحاد الكتاب السودانيين). وساعتها علقت في أكثر من بوست في مواقع التواصل الاجتماعي ، بما ألخصه هنا بأنّ الهجمة المضرية على اتحاد الكتاب السودانيين وتعليق نشاطه دون إبداء أسباب عشية أمس جاءت متأخرة جداً. ولمن لا يعرفون كراهية الإسلامويين لاتحاد الكتاب السودانيين وعضويته ونشاطه أجدني مضطراً لتسليط إضاءة عابرة لخلفية هذا الحقد وتلك الكراهية!
    قام اتحاد الكتاب السودانيين بهيكلة نظامه الحالي في الشهور الأولى عقب ثورة أبريل 1985م. وكان من الطبيعي أن يتنادى للدعوة كل عشاق الحرية وأعداء الظلام من المبدعين من القوى الديموقراطية. وبعد ثلاثة أيام من التداول برئاسة (توافقية) من أجل إدارة الاجتماعات قادها العضوان: بروفيسور علي المك والأستاذ كمال الجزولي تم تكوين لجنة تسيير انتخبها الحضور بصورة ديموقراطية. ولا أحتاج للمضي قدماً في سرد تاريخ اللجان التي قامت – وأولاها كانت برئاسة الديبلوماسي الأديب جمال محمد احمد. وما أوغر صدر الإسلامويين وأنصار الظلام أنّ الاتحاد رغم شح الإمكانات – كهيئة تطوعية حرة- أنجز بعض الاختراقات: مثل تسجيل عضويته في الاتحادات القارية والإقليمية كاتحاد كتاب آسيا وأفريقيا واتحاد عموم كتاب أفريقيا Pan African Writers' Union واتحاد الكتاب العرب، إضافة إلى خلق علاقات طيبة مع منظمات دولية مثل اليونيسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم)، ومنظمة الملكية الفكرية WIPO . كما إنّ الاتحاد نجح داخلياً ومنذ الأيام الأولى في الحصول على دار في موقع ممتاز (المقرن) ، واستطاع – عبر مخاطبة رئيس الوزراء المنتخب الصادق المهدي – أن يلفت نظر الدولة إلى واجبها تجاه ثلاثة من كبار شعرائنا ممن حجب نظام جعفر نميري عنهم آنذاك جوازات سفرهم فظلوا رهن عطف البلاد التي يقيمون بها ، وهم : الشاعر الكبير محمد مفتاح الفيتوري والشاعر الدكتور جيلي عبد الرحمن والشاعر الدكتور مبارك حسن خليفة. ولعلها نقطة تحسب لصالح رئيس الوزراء السيد الصادق المهدي آنذاك حين أمر حكومته بتوجيه سفاراتها في البلدان التي يقيم فيها اولئك الشعراء الكبار بإصدار جوازات سفر لهم وبمنح كل منهم تذكرة ذهاب وإياب ليعودوا لوطنهم. عاد الفيتوري ولقي من الحفاوة ما أوغر صدور أعداء الثقافة. كما نجح الاتحاد في دعوة أدباء عالميين منهم الشاعر الروسي القدير يفجيني يفتوشينكو والشاعر مظفر النواب وغيرهما علاوة على استضافة الروائي السوداني العالمي الطيب صالح في ندوة مفتوحة لجمهوره الغفير بدار الاتحاد سميت (محاكمة الطيب صالح) والتي ما فتئ يشيد بها حتى أيامه الأخيرة. وكانت هناك دعوة يجري ترتيبها للشاعر والمسرحي النيجيري الحائز على جائزة نوبل وولي شوينكا Woole Soyinka إلا إنّ الإسلامويين بانقلابهم على الديموقراطية وحرية السودانيين كانوا أسرع لذبحها. لذا فقد كان (اتحاد الكتاب السودانيين) من أوائل المنظمات الطوعية التي سعوا لتعطيل نشاطها ومصادرة دارها وممتلكاتها في الأيام الأولى لانقلابهم، ولم يعد إلى الظهور إلا بعد توقيع اتفاقية نيفاشا وخلق هامش محدود من الحرية.
    كنا نعرف أنّ بقاء الاتحاد ومزاولته لنشاطه في هذا الزمن الأغبر أقرب ما يكون إلى المشي فوق حقل من الألغام. وكاتب هذه السطور كان ولما يزل يحذر من المنفى كلما سنحت الفرصة بألا يطمئن الإخوة في إدارة وعضوية الاتحاد إلى مكر الإسلامويين، فإنهم قد ينقلبون على ما قالوه صباح اليوم دون إبداء أسباب عشية نفس اليوم. إن كعب أخيل للإسلام السياسي هو قيام الدولة المدنية الديموقراطية التي تؤمن بالتساوي في الحقوق والواجبات. وبما أنّ الغدر سمة أساس في تفكيرهم، فإن إغلاق دار يمارس الناس فيها الحوار الثقافي على مرأى ومسمع النظام يرونه من أولويات مهامهم.
    ألا رحم الله المفكر والعالم السوداني الشهيد محمود محمد طه حين قال عنهم : (كلما أحسنت الظن بهم، يظلون أسوأ من سوء الظن العريض)!
    وإذا كان من كلمةٍ لأصدقائي وزملائي وزميلاتي من المبدعين السودانيين من عضوية اتحاد الكتاب السودانيين فإنني أقول لهم إنه لشرف لكم ألا تكون هناك لافتة على مبنى تحمل اسم اتحادكم الداعي للحرية والمساواة ، دون أن يكون في مقدور أي منكم أن يفتح فمه ليقول كلمة بمطلق الحرية عما يعانيه شعبنا وبلدنا إزاء كارثة تسلط حكم الإسلامويين الفاشي على رقاب شعبنا طيلة خمس وعشرين سنة ونيف. ثم إنه قد حان الوقت أيها المبدعون لتجعلوا من أقلامكم في المواقع الإليكترونية المختلفة رصاصاً في جسد هذا النظام المتهالك. أكتبوا وقولوا لشعبكم: تؤخذ الحرية غصباً ولا يمنُّ بها أحد !!
    اللهم هل بلغت ؟ اللهم فاشهد !
    فضيلي جماع
    30 يناير 2015

    mailto:[email protected]@yahoo.com
                  

01-31-2015, 06:40 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    الخطر على الاسلام ياتى من المسلم
    عبدالعزيز عبدالباسط
    Quote: 01-30-2015 01:02 PM
    لماذا نغضب لرسوم كاركتيرية رسمها بعض السفلة و المنحطين لرسولنا الكريم و لماذ نعطى اولئك السفلة المغمورين كل هذا الاهتمام حتى اصبح كل من يريد ان يعرفه العالم او ينال شى من الشهرة يتطاول على الاسلام و على رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم و لماذا اصبح الاسلام مادة جاذبة و مربحة تجلب لمؤسسات الاعلام الباحثة عن شهرة رخيصة و تجذب الجماهير الغفيرة و تحقق الارباح المادية الطائلة و ان مجرد الاساءة للاسلام تضمن لتلك المؤسسات اريحية فى الشهرة و المكاسب و تلك المؤسسات باتت تعلم مسبقا ردود المسلمون العنيفة و تأكدت بان العقل المسلم تستفزه مجرد رسوم كاركتيرية و منذ سنوات صدرت رواية ايات شيطانية لكاتبها المرتد ( شيطان رشدى 26 سبتمبر 1988 ) و هذه الرواية التافهة و المتواضعة فنيا ما كانت لتجد الشهرة لولا غباؤنا نحن و لانه على قدر غبائنا يستغلنا اعداء الاسلام ويومها سارعت دول مثل السودان وبنقلاديش و جنوب افريقيا وكينيا و سريلانكا و تنزانيا و اندونيسا و فنزويلا و سنقافورة بمنع دخول الكتاب الى اراضيا
    انظروا الى تركيبة تلك الدول ربما البعض منها ليس له علاقة بالاسلام اصلا فقط كانوا يريدون تسويق الرواية لا منعها ضمن نهج الحرب على الاسلام و كانت الطامة الكبرى حينما اهدر الامام اية الله الخمينى دم مؤلف الرواية فكانت التتيجة ان ترجمت الرواية الى عدة لغات و نال كاتبها شهرة ما كان ليبلغها لو لا تصرف بعض الدول الاسلامية الغير محسوب .
    حينها قال الشيخ احمد ديدات رحمه الله ( على الرغم من كل ما اشعر به من غضب و اسى و مرارة فانى ما زلت ارجو مع اخوتى من المسلمين ومازلت اقول اوقفوا الصراخ و العويل و كفوا ايها المسلمين عن مسيرات الاحتجاج على كتاب رشدى و اوقفوا حرق نسخ منه تعبيرا عن سخطكم عليه ان كل علامات الغضب التى نبديها تعطى اعداء الاسلام لحظات من السرور والجذلان الذى يبعث اللذة فى ايلام الاخرين ) و حديث الشيخ احمد ديدات يعنى ان الضجة التى احدثها المسلمون هى التى اعطت هذا الكتاب المتواضع و المنحط اهمية و شهرة لا يستحقها .
    ان الخطر على الاسلام انما ياتى من المسلمين انفسهم و ليس من اولئك المغمورين النكرة المتطلعين الى الشهرة و قد وجدوا طريقها سهلا بسبب ردود المسلمون المتسرعة فى مواقف تحتاج لكثير من التعقل و الحكمة و التأنى .
    فهل كنا سنسمع عن الرسوامات الاخيره او عن صحيفة اسمها( شارلى ايبدو ) لو لا تصرفات بعض الشباب المسلم الغير محسوبة ؟ نحن لا نقول للمسلمين لا تغضبوا لرسولكم .. بل اغضبوا لان الغضب مطلوب و مفروض لكنه يجب ان يكون غضب يصب فى صالح المسلمين ويجب ان يكون غضبا محسوبا بمعطيات المكسب والخسارة ، ان تلك الصحيفة التى اساءت لرسولنا الكريم الذى يتبعه قرابة الملياري مسلم انما كانت تعبر عن نفسها و عن المرضى النفسيين الذين يقفون وراءها بل كانت مجرد نكرة لا يعرفها احد و ما كنت لاعرفها لو لا تلك التفجيرات الغير محسوبة العواقب لان التسرع فى مثل هذه المواقف دون الرجوع لعلماء الاسلام المشهود لهم بالعلم و الورع و أخذ رايهم هو عمل ارعن غير مقبول ويصب فى مصلحة المتربصين بالاسلام .
    يقول الدكتور راغب السرجانى عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فى احدى مقالاته
    (بعد ثلاثة أشهر فقط من الاستقلال اصدر الحبيب بورقيبة مجلة أسماها
    "مجلة الأحوال الشخصية"، وفي هذه المجلة
    بدأ يصدر التشريعات التي تعيد تشكيل المجتمع التونسي
    وفق الرؤية الفرنسية، بل وأفسد!!

    وهكذا صدرت التشريعات المخالفة للإسلام منذ الأيام الأولى لحكم بورقيبة،
    فصدر قانون منع تعدُّد الزوجات، وحدثت القصة الهزلية التي داهمت
    فيها الشرطة بيت رجل أشيع عنه أنه تزوج بامرأة ثانية،
    فلما وجدوه مع زوجته الثانية قال لهم: إنها عشيقتي فتركوه معتذرين؛ لأن اتخاذ عشيقة حرية شخصية،
    بينما اتخاذ زوجة ثانية جريمة يعاقب عليها القانون!!

    وصدر قانون يبيح التبني، وصدر أيضًا قانون يمنع الزوج من العودة إلى مطلقته
    التي طلقها ثلاثًا بعد طلاقها من زوج غيره،
    وصدر قانون يمنع الزوج من طلاق زوجته إلا بإذن من القضاء. وسمح بورقيبة للمرأة بالإجهاض،
    بل سمح للزوجة أن تجهض نفسها دون استشارة زوجها،
    ورفع سن زواج الرجال إلى عشرين سنة، والبنات إلى 17 سنة،
    بل إن الدولة التونسية فى عهد بورقيبة كانت قد صادقت على اتفاقية نيويورك المؤرخة في 10 ديسمبر سنة 1962م
    ، والتي تقضي بأن من حق للمرأة أن تتزوج من أي رجل دون اعتبار للدين. )
    و قد قام االحبيب بورقيبة بنفسه بنزع الحجاب من اعلى رؤوس النسوة التونسيات و لو لا شى من حرج استشعره لنزع ما تحتهن لان هذا مبتغاه و مبتغى اعداء الاسلام يريدونها سافرة داعرة وكل هذا تحت مسمى تحرير المراة .
    و نسى هؤلاء او تناسوا الحديث الشريف الذى رواه الترمزى وحسنه عبدالله بن مسعود ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( المراة عورة فاذا خرجت استشرقها الشيطان ) انظروا كيف يسى المسلمون لثوابته .
    و نجد الدكتور حسن الترابى عتدما كان شريكا فى حكم السودان نجده يوزع صكوك الشهادة و الجنة للشباب المقاتلين اثناء حرب الجنوب فإذا اخرج من اللعبة إنقلب على عقبيه و نجده يقول ان الذين قتلوا فى حرب الجنوب ليسوا شهداء هذا بعد ان سبق وتسبب فى اعدام المفكر السودانى الكبير محمود محمد طه ( و كأنه الشيطان حينما قال للانسان اكفر فلما كفر قال انى برىء منك انى اخاف الله رب العلمين ) و نسى الرجل ان الله وحده هومن يعلم من هو الشهيد . . ألا يعد هذا اساءة للاسلام ؟
    و الان يخرج علينا رئيس اخر و يتهجم على ثوابت المسلمين و يدعى ان هناك نصوص مقدسة جلبت لنا عداوة العالم ويطلب منا صراحة الخروج من ديننا حتى نراه جيدا لاننا سوف لن نستطيع رؤيته و نحن بداخله ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ and#1754; قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ )وقد وصفه بعض اتباعه بانه نبى مثل موسى و منعوا الدعاء على الظالمين اى عليه و منعوا المساجد فمن يسى للاسلام ايها المسلم ؟ هل هو غير المسلم الذى يلهو ويلعب برسوم لا قيمة لها ام المسلم الذى يتهجم على ثوابت الاسلام ويريد محوها ؟!!!!

    mailto:[email protected]@yahoo.com

                  

01-31-2015, 08:56 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    and#65279;مبدعون يناهضون إيقاف اتحاد الكتّاب السودانيين من قبل السلطات
    01-31-2015 10:27 AM
    صلاح الدين مصطفى
    الخرطوم : الدكتور وجدي كامل المتخصص في مجال السينما، كان آخر المستضافين في الاتحاد العام للكتاب السودانيين قبل أن يتم إلغاء ترخيصه، وفقا لخطاب صادر من وزارة الثقافة السودانية يوم الخميس الماضي.
    وانتقد كتاب ومبدعون سودانيون هذا القرار، وتأسف وجدي كامل عليه قائلا: «يبدو أنني كنت آخر المستضافين بعد الشاعر المغربي محمد بنيس باتحاد الكتاب السودانيين».
    ولمح الشاعر والكاتب عبد المنعم الكتيابي إلى أن القرار مرتبط باستضافة الاتحاد للشاعر المغربي محمد بنيس، واصفا الخطوة بالغريبة والمريبة وقال: «الغريب في الأمر أن يرجح أحد موظفي مكتب المسجل أن يكون سبب الإغلاق وسحب التسجيل هو استضافة الاتحاد للشاعر والمفكر المغربي محمد بنيس»! لكن الأمين العام للاتحاد عثمان شنقر يقول إنهم لا يعرفون لماذا حدث ذلك ولم يتلقوا من الجهة التي أبلغتهم سببا واضحا.
    وهو يرى أن السبب الحقيقي لحظر أنشطة الاتحاد وإلغاء تسجيله، هو أن «النظام ضاق ذرعاً بممارسة أي عمل مستقل لا يعبر عن توجهاته»، ويستدل على ذلك بأنه لم يجد جواباً عند استفساره عن ماهية تلك «الأنشطة المخالفة».
    ويلفت الكاتب والروائي عماد المليك الانتباه إلى أن هذا هو «القرار رقم واحد» لعام 2015 لوزارة الثقافة السودانية، متوقعا المزيد من القرارات ضد العمل الثقافي هذا العام.
    أما الكاتب عبد اللطيف علي الفكي فيقول، إن أكثر الجماعات خوفاً من الوعي والثقافة والكتابة هم الإخوان المسلمون. ويضيف : «لقد صدر في بيان انقلابهم عام 1989 حل اتحاد الكتاب السودانيين». وطالب بألا ينصاع الكتاب لهذا القرار الذي يلوي حقيقة الواقع.
    ويقول الكاتب المقيم في استراليا عفيف إسماعيل، إن هذه السلطة غير شرعية وليس لها الحق في تعطيل نشاط أكبر منها عمرا وعطاء للوطن، وأهدى الشاعرعصام عيسى رجب قصيدة جديدة إلand#1740; اتحاد الكتاب السودانيين وقال: «هل يغلق أحد باب الحرف والفكرة التي تدير وجهها أبدا للشمس…؟».
    ويرى عبد الخالق النويري أن الحكومة هي العدو الأول للثقافة والأدب، وهي لا تؤمن بالشعر والمسرح والفنون عموما، لذا تقوم بقمع المبدعين ومؤسساتهم الثقافية. ويقول إن ما جرى لاتحاد الكتاب من إغلاق وهو انتهاك واضح للحقوق الإنسانية، مشيرا إلى أن الفعل الثقافي والأدبي لا ينفصل عن العمل السياسي، وطالب المثقف بأن يكون واعيا في المطالبة النضالية من أجل الحقوق السياسية والمدنية والثقافية، كما نصت عليها المواثيق الدولية ووقعت وصادقت عليها دولة السودان عام 1986.
    وتداول الكتاب السودانيون في جميع أنحاء العالم هذا الخبر وانتشرت صورة الخطاب الذي حل بموجبه الاتحاد في صفحات المبدعين السودانيين وغيّر الكثيرون بروفايلاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي متضامنين مع الاتحاد، ومنهم الكاتب والشاعر يحيى فضل الله والروائي عبد العزيز بركة ساكن، الذي منعت رواياته من الطبع والتداول في السودان وحظي هذا الموضوع بأكبر قدر من التعليقات.
    وأدانت شبكة الصحافيين السودانيين بأقوى العبارات قرار مسجل الجمعيات الثقافية بإغلاق اتحاد الكتاب السودانيين وإلغاء تسجيله، وقالت في بيان لها إن القرار لا ينفصل عن الهجمة المستمرة والكيد البائن ضد حرية التعبير من قبل الأجهزة الأمنية للسلطة واستهداف منابر الوعي.
    وأعلنت شبكة الصحافيين وقوفها إلى جانب اتحاد الكتاب السودانيين ضد القرار الذي وصفته بالجائر وبأنه يكشف مدى ضيق السلطات بالرأي وحرية الكلمة.
    ويجيء إيقاف نشاط الاتحاد العام للكتاب السودانيين ضمن القيود التي تفرضها السلطات السودانية ضد أنشطة المجتمع المدني، وقد سبقه قبل أيام منع نشاط مركز محمود محمد طه وإلغاء احتفالية بذكرى اغتياله، وفي العام الماضي تم منع إعلان جائزة الطيب صالح بمركز عبد الكريم ميرغني.
    وينضم اتحاد الكتّاب لسلسلة طويلة من المراكز الثقافية التي تم إغلاقها أو تعطيل نشاطها ومنها مركز الدراسات السودانية ومركز الخاتم عدلان، مطعم بابا كوستا وجماعة مفروش للكتاب. ويقول ناشطون إن هذه الاجراءات تتنافى تماما مع ما تقوله الحكومة من اتجاهها لبسط الحريات وإتاحة الفرصة للآراء المخالفة لها، وينفي عثمان شنقر أن يكون الاتحاد قد قام بممارسة أنشطة تخالف أحكام قانون تنظيم نشاط الجماعات الثقافية القومية ونظام الاتحاد الأساسي، ويقول إن مجابهة هذا القرار متروكة لاجتماع اللجنة التنفيذية للاتحاد.
    وهذه هي المرة الثانية التي يتم فيها إيقاف نشاط الاتحاد بعد أن تم حله بوصول نظام الإنقاذ للسلطة في الثلاثين من حزيران/ يونيو عام 1989 وعاود الاتحاد نشاطه بعد خمسة عشرعاما ليتم إلغاء ترخيصه يوم الخميس الماضي.


    صلاح الدين مصطفى
    القدس العربي
                  

01-31-2015, 10:58 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    هجوم امني شرس على الواقع السياسي والاعلامي والثقافي في السودان طباعة أرسل إلى صديق

    السبت, 31 كانون2/يناير 2015 10:08










    and#1635;and#1632; يناير and#1634;and#1632;and#1633;and#1637;
    تقرير شبكة عاين
    بدأ المشهد السياسي السوداني هذا العام بجملة من الاجراءات المتشددة التي قامت بها السلطات الامنية، بدءاً بطلب تقدم به جهاز الامن والمخابرات الى مجلس شؤون الاحزاب بتجميد نشاط حزب الامة القومي والمطالبة بملاحقة رئيس الحزب الصادق المهدي ورئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي عبر البوليس الدولي (الانتربول)، الى جانب اغلاق مركز محمود محمد طه، اضافة الى عدد من البلاغات ضد الصحفيين بعض موادها تصل عقوباتها للاعدام كما في حالة مديحة عبد الله رئيسة تحرير صحيفة (الميدان) التابعة للحزب الشيوعي السوداني، وذات الشئ يواجه الصحفي محفوظ بشرى، وعادت الرقابة الامنية للصحف من جديد الى جانب مصادرة بعضها بعد طباعتها من المطابع، وكان آخر اجراء اتخذته الحكومة في حملتها التي وصفت بالشرسة هو اغلاق اتحاد الكتاب االسودانيين.
    واعتزمت السلطات السودانية الشروع في اجراءات قانونية في مواجهة زعيم حزب الامة القومي الصادق المهدي، ورئيس حركة تحرير السودان، مني اركو مناوي تشمل تعميم مذكرات توفيق بواسطة الشرطة الدولية، غير ان وزير العدل محمد بشارة دوسة نفى تقدم وزارته مذكرة للانتربول لملاحقة وتوفيق المهدي ومناوي.
    وكان طلب جهاز الامن حل وتجميد الحزب بسبب توقيعه (نداء السودان) مع الجبهة الثورية، وقد اتهم الرئيس السوداني الموساد الاسرائيلي والاستخبارات الامريكية بانهما وراء اعلان (نداء السودان)، ومايزال رئيس قوي الاجماع الوطني الاستاذ فاروق ابو عيسى، وامين مكي مدني، وفرح العقار وعدد آخر من المعتقلين السياسيين، رغم ان البشير قد اعلن قرب اطلاق سراح ابوعيسى رئيس هيئة قوى الاجماع الوطني الذي يضم عدد من احزاب المعارضة وامين مكي مدني رئيس كونفدرالية تحالف منظمات المجتمع المدني، غير ان ذلك القرار لم يتم تنفيذه.
    ايقاف نشاط اتحاد الكتاب السودانيين
    وفي التاسع والعشرين من يناير الغت وزارة الثقافة السودانية وفق خطاب رسمي تسجيل اتحاد الكتاب السودانيين في خطوة وصفت بانها تصعيد مضاعف تتبناه السلطات في مواجهة المراكز الثقافية المحسوبة على المعارضة، ويقول الامين العام للاتحاد عثمان شنقر انه تسلم خطابا من مسؤولة التسجيل التابعة لوزارة الثقافة يفيد بالغاء تسجيل الاتحاد، ما يعني وقف نشاطه واغلاقه، واشار الى ان الخطاب الذي تسلمه علل اغلاق الاتحاد بممارسة انشطة تخالف احكام قانون تنظيم نشاط الجماعات الثقافية القومية، ونظام الاتحاد الاساسي.
    صحفيون يواجهون الاعدام
    وقد حققت نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة يوم الاربعاء في الرابع عشر من يناير الحالي مع رئيسة تحرير صحيفة (الميدان) مديحة عبدالله، وجاء التحقيق بناءا على بلاغ نشر تحت الرقم (60)، الشاكي فيه جهاز الامن، وفتح في مواجهتها بلاغا تحت اربع مواد من القانون الجنائي هي المادة (21) الاشتراك تنفيذا لاتفاق جنائي، المادة (50) تقويض النظام الدستوري، والمادة (63) الدعوة لمعارضة السلطة العامة بالعنف او القوة الجنائية، والمادة (24) من قانون الصحافة والمطبوعات التي تقع تحت مسؤولية رئيس التحرير.
    وفي ذات السياق مثل الصحفي في صحيفة (الميدان) ابراهيم ميرغني، والكاتب الصحفي سليمان حامد امام محكمة الملكية الفكرية بالخرطوم في العشرين من يناير، في مواجهة بلاغ (جهاز الامن) تحت المواد (159) من القانون الجنائي، اشانة السمعة، ولم تتوقف هذه الاجراءات على صحيفة الميدان وحدها، حيث حقق جهاز الامن في الثامن عشر من يناير مع الصحفية بصحيفة (التغيير) مزدلفة دكام ومع رئيسة التحرير سمية سيد، بسبب مادة اعدتها مزدلفة، ونشرتها الصحيفة، انتقدت فيها جهاز الامن لممارسته الاعتقالات، كما حقق جهاز الامن مع الصحفية بصحيفة (المستقلة) هنادي الهادي.
    وعقدت محكمة الملكية الفكرية محكمة الصحافة المطبوعات جلسة لمحاكمة الكاتب الصحفي محفوظ بشرى الذي يواجه بلاغ جهاز الامن تحت المادتين (66) من القانون الجنائي (نشر الاخبار الكاذبة)، والمادة (26) من قانون الصحافة (اثارة الفتنة الدينية او العرقية او العنصرية، او الدعوة للحرب او العنف)، حيث نشرت صحيفة التيار التي يعمل فيها بشرى العام السابق مادة صحفية عنوانها (وسخ افريقيا)، ادعي جهاز الامن بانه يمثل نشر ضار ومشين لسمعة جهاز الامن، وايضا استدعت نيابة الصحافة والمطبوعات ثلاثة صحفيين يعملون على تغطية اعمال البرلمان في الحادي والعشرين من يناير يعملون في صحف (المجهر، الانتباهة والاهرام اليوم).
    وفي يوم الثاني والعشرين من يناير حقق جهاز الامن دائرة الاعلام مع الفريق المعد لبرنامج (الصالة) الذي تبثه قناة الخرطوم الفضائية، على خلفية حلقة استضيف فيها قائد معارض منتقدا الحكومة، واعتقل جهاز الامن والمخابرات الصحفي بصحيفة الميدان محمد همة المشهور ب(نيالا) من احدي مراكز حقوق الانسان، واطلق سراحه في نفس اليوم بعد مصادرة جهاز الكمبيوتر المحمول (اللاتوب)، ويطلب منه الحضور الى مكتب الامن يومياً، كما منع جهاز الامن قناة ام درمان من بث تسجيل مع رئيس حزب المؤتمر السوداني ابراهيم الشيخ، بعد ان صادرت شريط التسجيل.
    المخاطر تحيط بالصحافة
    تشير مديحة عبدالله رئيس تحرير صحيفة الميدان الناطقة باسم الحزب الشيوعي ان هذا العام بدأ بداية سيئة جدا في مجال الحريات الصحفية حيث مصادرة الصحف من المطابع والصحفيين يقضون اغلب الاوقات في مكاتب تحقيق جهاز الامن، وتقول مديحة لـ(عاين) ان اغلب اليوم يقضيه الصحفي في المحاكم، وان الصحفي اصبح مستهدف في شخصه، وتضيف ان مهنة الصحافة في هذا الوقت اصبحت مهددة، وتحيط بها المخاطر من كل الجوانب، وتقول (الصحف مهددة بخسائر اقتصادية، وكل العاملين في المجال الصحفي سيوجهون التشريد عندما تغلق الصحف بسبب الخسائر المادية)، وتضيف (لا يوجد اي مؤشر في تحسن الحريات الصحفية في البلاد ان تكون افضل حالا وحرية العمل السياسي مكبلة والقادة السياسيين في السجون)، وتؤكد ان الحكومة لن تتراجع عن الخطوات التي تقوم بها، وتتابع (نتوقع كل ما هو سئ من هذه الحكومة).
    النظام يراقب نفسه
    من جانبه يقول الصحفي محفوظ بشرى ان ما يستطيع قراءته خلف البلاغات ضد الصحفيين انها حلقة من حلقات محاولة الحكومة للسيطرة على الاعلام وجعله اعلاماً تابعاً للسلطة، ويضيف (في حين لو اصبحت الصحافة تتبع لها فهذا يهدم مفهوم الرقابة كليا)، ويقول لـ(عاين) ان تسعى الحكومة لجعل الصحفيين يؤمنون بانها نزيهة في مراقبة نفسها، ولا تحتاج الى الرقابة الاهلية المستقلة، ويتابع (لذا تعمل السلطة للقضاء على المنظمات المدنية، وعلى استقلالية الاعلام بمختلف الوسائل)، وعد ان البلاغات والمحاكمات ضد الصحفيين تمثل حلقة من حلقات هذا المسلسل، ويعتقد بشرى ان القادم سيكون هو الاسوأ خلال هذا العام على الصحفيين والناشطين، وعلى كل ما تري الحكومة انهم خارجها، حتي الوصول الى مرحلة لا يكون هناك صوت الا صوت الحاكم وحده.
    في ذات السياق توقعت صحفية مثلت امام مكتب اعلام جهاز الامن فضلت حجب اسمها في حديثها لـ(عاين) ان واقع العمل الاعلامي في السودان لم يتغير ولن يحدث فيه اي جديد خاصة الصحافة الورقية التي تكبلها بالاجراءات القانونية من قوات الامن الاعلامية، وتضيف (نحن نكتب ويتم استدعاءنا في اليوم التالي مباشرة) وتشير الى العام الماضي ليس بافضل حالا من العام الجديد.
    اجراءات الامن خدمة استراتيجية للحكومة
    في السياق نفسه يرى المحامي وجدي صالح ان الاجراءات القانونية المقدمة ضد الصادق المهدي ومني اركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان، لا تندرج ضمن الجرائم الجنائية البحتة التي يمكن للانتربول ان يقوم بواجبه بملاحقتهم، ويقول لـ(عاين) وان هذه الاجراءات تندرج ضمن الجرائم الموجهة ضد الدولة في القانوني الجنائي السوداني، ويضيف (وهذه جرائم ذات طابع سياسي فقط ولا تتدخل فيها الشرطة الدولية)، ويشير الى ان وجود المتهمين في دولة من الدول لا يلزم الشرطة الدولية بالقبض عليهم، ويضيف (عندما نفى وزير العدل محمد بشارة دوسة تقدم وزارته بطلب للبوليس الدولي باصدار مذكرة لملاحقة وتوقيف رئيس حزب الامة القومي ورئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي، فانه يؤكد على عدم علم الحكومة بالاجراءات التي وصفها (بالفارغة).
    ونوه صالح الى ان الاجراء الذي اتخذ نوع من وسائل الضغط السياسي لخدمة استراتيجية النظام، من اجل الوصول الى تسوية تعزز الموقف المفاوض للحكومة تجاه معارضيها، ويشير الى ان السلطات سبق وان اصدرت احاكماً بالاعدام على رئيس الحركة الشعبية – شمال مالك عقار وامينها العام ياسر عرمان واخرين، ويقول (هذه الاجراءات لا جديد فيها على الاطلاق وليست ذات طابع قانوني وانما تندرج ضمن الجرائم السياسية).
    الامة متمسك بنداء السودان
    وصف حزب الامة القومي في بيان تلقت (عاين) نسخة منه، شكوى جهاز الامن لمجلس الاحزاب والمطالبة بتجميد نشاطه وحله، ومصادرة ممتلكاته بانها معيبة، داعياً الى شطبها، ودافع الحزب بشدة عن توقيعه لاعلان (نداء السودان) مع الجبهة الثورية وقوى الاجماع، وقد سلمت لجنة قانونية من الحزب مسجل الاحزاب رداً على الشكوي، طلب شطبها لعدم قانونيتها، في ذات السياق اكد المحامي والناشط القانوني نبيل اديب ان الشكوى التي تقدم بها جهاز الامن معيبة، لان موضوع الشكوى هو موضوع يتعلق بسياسة الدولة ككل ولاصلة له بحقوق الجهاز بحيث لايجوز له الاختصام بشأنها، ويضيف ان تمثيل الدولة بشكل عام بالنسبة لاختصام الافراد والهيئات الخاصة، هو اختصاص حصري لوزير العدل، واوضح ان هذا يتوجب معه شطب الشكوى المقدمة ضد الحزب، وقد اكدت الامينة العامة للحزب تمسك حزبها باعلان (نداء السودان).
    الاجراءات ضد حزب الامة فاقد للوعي السياسي
    ويرى المحلل السياسي عبدالله ادم خاطر ان اجراءات ملاحقة الحكومة لرئيس حزب الامة الصادق المهدي ورئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي تعبر عن غضب الحكومة تجاه الشخصين، ويقول لـ(عاين) ان هذه الاجراءات غير جادة وحتى وزير العدل نفسه نفي ان تكون وزارته طرفاً في ملاحقة الشخصين، ويضيف (لايستطيع اي مراقب معتدل ان يفسر هذه الخطوة في وقت يدخل فيه النظام الانتخابات العامة، خاصة انه يعمل على استمالة قاعدة عريضة لحزب الامة للانضمام اليه)، ويصف الخطوة بالاستفزازية لمشاعر وقواعد حزب الامة وكيان الانصار، باعتبار ان المهدي يمثل قاعدة عريضة، ويقول ان هناك شكوك حول هذه الاجراءات لان من قاموا بهذا العمل ليس من دائرة الوعي السياسي في هذه المرحلة بالذات، مؤكدا ان الانتربول لن يقبل دعوة الملاحقة للاتهام المنسوب لهم سياسي بحت ويدخل في اطار الجدل السياسي بين الاطراف المعارضة والحكومة، مستبعداً ان يضطر الحزب الى العمل في السر، لانه ليس مضطرا الى ذلك على الاطلاق، حتي يلجأ الى العمل السري او النشاط في الخفاء.
    المؤتمر الوطني تتملكه ارادة الامن
    لم يبدي القيادي في حزب المؤتمر السوداني عبدالقيوم عوض السيد استغرابه من منع جهاز الامن بث قناة ام درمان الفضائية حواراً اجرته مع رئيس حزبه ابراهيم الشيخ، وارفقها بمصادرة اشرطة التسجيل، ويقول (في ظل سيطرة الامن والعقلية الامنية كل شئ متوقع في البلاد، ويضيف لـ(عاين) لم تعد هناك مساحة للحريات السياسية والاعلامية في السودان والشاهد على ذلك التعديلات الاخيرة في الدستور والذي مكنته بصورة اكبر بعد شرعنة وتقنين عمل جهاز الامن دستوريا، ويقول (بعد هذا التعديل الاخير اصبح الامن قوة باطشة كبيرة في كل شئ ومن دون موافقة جهاز الامن لا يستطيع اي حزب سياسي القيام بادواره السياسية)، ويشير الى الشواهد كثيرة مثل اعتقال امين مكي مدني كبير المدافعين عن حقوق الانسان وفاروق ابو عيسى، وفرح العقار، كل هؤلاء داخل السجون، ويقول (لم تعد هناك امكانية لمخاطبة الجماهير في الميادين العامة، وحصر عملها في دور الاحزاب وهذه ايضاً لم تسلم من تدخل الامن المستمر).
    ويعتقد عبدالقيوم ان الموقف الاخطر الان هو سعي الاجهزة الامنية لحظر نشاط حزب الامة القومي، وان من ينظر الى العمل السياسي في البلاد يري ان جهاز الامن تمددت شعابه، ويضيف (تم منع ندوة في الذكرى الثلاثين لاغتيال محمود محمد طه في جامعة الاحفاد، وفي مركز سمي باسمه عبر خطاب شفاهي تم اغلاق مركز محمود محمد طه)، وكل الشواهد تؤكد ان مساحات الحرية غير متاحة في ظل حكومة تتحدث عن حوار، ويقول (من المستغرب ان احزاب الحوار نفسها علقت وجودها داخل آلية الحوار الوطني وذلك لعدم جدية المؤتمر الوطني الذي اصبح تتملكه الارادة الامنية وليست الارادة السياسية وبالتالي اصبح يفكر بالعقلية الامنية فقط)، ويعدد شواهد كثيرة منها مقاطعة الاحزاب للانتخابات التي سيتم اجراءها في ابريل القادم الى جانب رفض الحوار الوطني الذي دعا له الحزب الحاكم قبل، ويقول (هذا يؤكد ان جهاز الامن هو من يدير العمل السياسي ولذلك لا اتوقع اي تحسين في الحريات السياسية والاعلامية والثقافية).
    تقرير : عاين
    ‎هجوم امني شرس على الواقع السياسي والاعلامي والثقافي في السودان
    and#1635;and#1632; يناير and#1634;and#1632;and#1633;and#1637;
    تقرير شبكة عاين
    بدأ المشهد السياسي السوداني هذا العام بجملة من الاجراءات المتشددة التي قامت بها السلطات الامنية، بدءاً بطلب تقدم به جهاز الامن والمخابرات الى مجلس شؤون الاحزاب بتجميد نشاط حزب الامة القومي والمطالبة بملاحقة رئيس الحزب الصادق المهدي ورئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي عبر البوليس الدولي (الانتربول)، الى جانب اغلاق مركز محمود محمد طه، اضافة الى عدد من البلاغات ضد الصحفيين بعض موادها تصل عقوباتها للاعدام كما في حالة مديحة عبد الله رئيسة تحرير صحيفة (الميدان) التابعة للحزب الشيوعي السوداني، وذات الشئ يواجه الصحفي محفوظ بشرى، وعادت الرقابة الامنية للصحف من جديد الى جانب مصادرة بعضها بعد طباعتها من المطابع، وكان آخر اجراء اتخذته الحكومة في حملتها التي وصفت بالشرسة هو اغلاق اتحاد الكتاب االسودانيين.
    واعتزمت السلطات السودانية الشروع في اجراءات قانونية في مواجهة زعيم حزب الامة القومي الصادق المهدي، ورئيس حركة تحرير السودان، مني اركو مناوي تشمل تعميم مذكرات توفيق بواسطة الشرطة الدولية، غير ان وزير العدل محمد بشارة دوسة نفى تقدم وزارته مذكرة للانتربول لملاحقة وتوفيق المهدي ومناوي.
    وكان طلب جهاز الامن حل وتجميد الحزب بسبب توقيعه (نداء السودان) مع الجبهة الثورية، وقد اتهم الرئيس السوداني الموساد الاسرائيلي والاستخبارات الامريكية بانهما وراء اعلان (نداء السودان)، ومايزال رئيس قوي الاجماع الوطني الاستاذ فاروق ابو عيسى، وامين مكي مدني، وفرح العقار وعدد آخر من المعتقلين السياسيين، رغم ان البشير قد اعلن قرب اطلاق سراح ابوعيسى رئيس هيئة قوى الاجماع الوطني الذي يضم عدد من احزاب المعارضة وامين مكي مدني رئيس كونفدرالية تحالف منظمات المجتمع المدني، غير ان ذلك القرار لم يتم تنفيذه.
    ايقاف نشاط اتحاد الكتاب السودانيين
    وفي التاسع والعشرين من يناير الغت وزارة الثقافة السودانية وفق خطاب رسمي تسجيل اتحاد الكتاب السودانيين في خطوة وصفت بانها تصعيد مضاعف تتبناه السلطات في مواجهة المراكز الثقافية المحسوبة على المعارضة، ويقول الامين العام للاتحاد عثمان شنقر انه تسلم خطابا من مسؤولة التسجيل التابعة لوزارة الثقافة يفيد بالغاء تسجيل الاتحاد، ما يعني وقف نشاطه واغلاقه، واشار الى ان الخطاب الذي تسلمه علل اغلاق الاتحاد بممارسة انشطة تخالف احكام قانون تنظيم نشاط الجماعات الثقافية القومية، ونظام الاتحاد الاساسي.
    صحفيون يواجهون الاعدام
    وقد حققت نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة يوم الاربعاء في الرابع عشر من يناير الحالي مع رئيسة تحرير صحيفة (الميدان) مديحة عبدالله، وجاء التحقيق بناءا على بلاغ نشر تحت الرقم (60)، الشاكي فيه جهاز الامن، وفتح في مواجهتها بلاغا تحت اربع مواد من القانون الجنائي هي المادة (21) الاشتراك تنفيذا لاتفاق جنائي، المادة (50) تقويض النظام الدستوري، والمادة (63) الدعوة لمعارضة السلطة العامة بالعنف او القوة الجنائية، والمادة (24) من قانون الصحافة والمطبوعات التي تقع تحت مسؤولية رئيس التحرير.
    وفي ذات السياق مثل الصحفي في صحيفة (الميدان) ابراهيم ميرغني، والكاتب الصحفي سليمان حامد امام محكمة الملكية الفكرية بالخرطوم في العشرين من يناير، في مواجهة بلاغ (جهاز الامن) تحت المواد (159) من القانون الجنائي، اشانة السمعة، ولم تتوقف هذه الاجراءات على صحيفة الميدان وحدها، حيث حقق جهاز الامن في الثامن عشر من يناير مع الصحفية بصحيفة (التغيير) مزدلفة دكام ومع رئيسة التحرير سمية سيد، بسبب مادة اعدتها مزدلفة، ونشرتها الصحيفة، انتقدت فيها جهاز الامن لممارسته الاعتقالات، كما حقق جهاز الامن مع الصحفية بصحيفة (المستقلة) هنادي الهادي.
    وعقدت محكمة الملكية الفكرية محكمة الصحافة المطبوعات جلسة لمحاكمة الكاتب الصحفي محفوظ بشرى الذي يواجه بلاغ جهاز الامن تحت المادتين (66) من القانون الجنائي (نشر الاخبار الكاذبة)، والمادة (26) من قانون الصحافة (اثارة الفتنة الدينية او العرقية او العنصرية، او الدعوة للحرب او العنف)، حيث نشرت صحيفة التيار التي يعمل فيها بشرى العام السابق مادة صحفية عنوانها (وسخ افريقيا)، ادعي جهاز الامن بانه يمثل نشر ضار ومشين لسمعة جهاز الامن، وايضا استدعت نيابة الصحافة والمطبوعات ثلاثة صحفيين يعملون على تغطية اعمال البرلمان في الحادي والعشرين من يناير يعملون في صحف (المجهر، الانتباهة والاهرام اليوم).
    وفي يوم الثاني والعشرين من يناير حقق جهاز الامن دائرة الاعلام مع الفريق المعد لبرنامج (الصالة) الذي تبثه قناة الخرطوم الفضائية، على خلفية حلقة استضيف فيها قائد معارض منتقدا الحكومة، واعتقل جهاز الامن والمخابرات الصحفي بصحيفة الميدان محمد همة المشهور ب(نيالا) من احدي مراكز حقوق الانسان، واطلق سراحه في نفس اليوم بعد مصادرة جهاز الكمبيوتر المحمول (اللاتوب)، ويطلب منه الحضور الى مكتب الامن يومياً، كما منع جهاز الامن قناة ام درمان من بث تسجيل مع رئيس حزب المؤتمر السوداني ابراهيم الشيخ، بعد ان صادرت شريط التسجيل.
    المخاطر تحيط بالصحافة
    تشير مديحة عبدالله رئيس تحرير صحيفة الميدان الناطقة باسم الحزب الشيوعي ان هذا العام بدأ بداية سيئة جدا في مجال الحريات الصحفية حيث مصادرة الصحف من المطابع والصحفيين يقضون اغلب الاوقات في مكاتب تحقيق جهاز الامن، وتقول مديحة لـ(عاين) ان اغلب اليوم يقضيه الصحفي في المحاكم، وان الصحفي اصبح مستهدف في شخصه، وتضيف ان مهنة الصحافة في هذا الوقت اصبحت مهددة، وتحيط بها المخاطر من كل الجوانب، وتقول (الصحف مهددة بخسائر اقتصادية، وكل العاملين في المجال الصحفي سيوجهون التشريد عندما تغلق الصحف بسبب الخسائر المادية)، وتضيف (لا يوجد اي مؤشر في تحسن الحريات الصحفية في البلاد ان تكون افضل حالا وحرية العمل السياسي مكبلة والقادة السياسيين في السجون)، وتؤكد ان الحكومة لن تتراجع عن الخطوات التي تقوم بها، وتتابع (نتوقع كل ما هو سئ من هذه الحكومة).
    النظام يراقب نفسه
    من جانبه يقول الصحفي محفوظ بشرى ان ما يستطيع قراءته خلف البلاغات ضد الصحفيين انها حلقة من حلقات محاولة الحكومة للسيطرة على الاعلام وجعله اعلاماً تابعاً للسلطة، ويضيف (في حين لو اصبحت الصحافة تتبع لها فهذا يهدم مفهوم الرقابة كليا)، ويقول لـ(عاين) ان تسعى الحكومة لجعل الصحفيين يؤمنون بانها نزيهة في مراقبة نفسها، ولا تحتاج الى الرقابة الاهلية المستقلة، ويتابع (لذا تعمل السلطة للقضاء على المنظمات المدنية، وعلى استقلالية الاعلام بمختلف الوسائل)، وعد ان البلاغات والمحاكمات ضد الصحفيين تمثل حلقة من حلقات هذا المسلسل، ويعتقد بشرى ان القادم سيكون هو الاسوأ خلال هذا العام على الصحفيين والناشطين، وعلى كل ما تري الحكومة انهم خارجها، حتي الوصول الى مرحلة لا يكون هناك صوت الا صوت الحاكم وحده.
    في ذات السياق توقعت صحفية مثلت امام مكتب اعلام جهاز الامن فضلت حجب اسمها في حديثها لـ(عاين) ان واقع العمل الاعلامي في السودان لم يتغير ولن يحدث فيه اي جديد خاصة الصحافة الورقية التي تكبلها بالاجراءات القانونية من قوات الامن الاعلامية، وتضيف (نحن نكتب ويتم استدعاءنا في اليوم التالي مباشرة) وتشير الى العام الماضي ليس بافضل حالا من العام الجديد.
    اجراءات الامن خدمة استراتيجية للحكومة
    في السياق نفسه يرى المحامي وجدي صالح ان الاجراءات القانونية المقدمة ضد الصادق المهدي ومني اركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان، لا تندرج ضمن الجرائم الجنائية البحتة التي يمكن للانتربول ان يقوم بواجبه بملاحقتهم، ويقول لـ(عاين) وان هذه الاجراءات تندرج ضمن الجرائم الموجهة ضد الدولة في القانوني الجنائي السوداني، ويضيف (وهذه جرائم ذات طابع سياسي فقط ولا تتدخل فيها الشرطة الدولية)، ويشير الى ان وجود المتهمين في دولة من الدول لا يلزم الشرطة الدولية بالقبض عليهم، ويضيف (عندما نفى وزير العدل محمد بشارة دوسة تقدم وزارته بطلب للبوليس الدولي باصدار مذكرة لملاحقة وتوقيف رئيس حزب الامة القومي ورئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي، فانه يؤكد على عدم علم الحكومة بالاجراءات التي وصفها (بالفارغة).
    ونوه صالح الى ان الاجراء الذي اتخذ نوع من وسائل الضغط السياسي لخدمة استراتيجية النظام، من اجل الوصول الى تسوية تعزز الموقف المفاوض للحكومة تجاه معارضيها، ويشير الى ان السلطات سبق وان اصدرت احاكماً بالاعدام على رئيس الحركة الشعبية – شمال مالك عقار وامينها العام ياسر عرمان واخرين، ويقول (هذه الاجراءات لا جديد فيها على الاطلاق وليست ذات طابع قانوني وانما تندرج ضمن الجرائم السياسية).
    الامة متمسك بنداء السودان
    وصف حزب الامة القومي في بيان تلقت (عاين) نسخة منه، شكوى جهاز الامن لمجلس الاحزاب والمطالبة بتجميد نشاطه وحله، ومصادرة ممتلكاته بانها معيبة، داعياً الى شطبها، ودافع الحزب بشدة عن توقيعه لاعلان (نداء السودان) مع الجبهة الثورية وقوى الاجماع، وقد سلمت لجنة قانونية من الحزب مسجل الاحزاب رداً على الشكوي، طلب شطبها لعدم قانونيتها، في ذات السياق اكد المحامي والناشط القانوني نبيل اديب ان الشكوى التي تقدم بها جهاز الامن معيبة، لان موضوع الشكوى هو موضوع يتعلق بسياسة الدولة ككل ولاصلة له بحقوق الجهاز بحيث لايجوز له الاختصام بشأنها، ويضيف ان تمثيل الدولة بشكل عام بالنسبة لاختصام الافراد والهيئات الخاصة، هو اختصاص حصري لوزير العدل، واوضح ان هذا يتوجب معه شطب الشكوى المقدمة ضد الحزب، وقد اكدت الامينة العامة للحزب تمسك حزبها باعلان (نداء السودان).
    الاجراءات ضد حزب الامة فاقد للوعي السياسي
    ويرى المحلل السياسي عبدالله ادم خاطر ان اجراءات ملاحقة الحكومة لرئيس حزب الامة الصادق المهدي ورئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي تعبر عن غضب الحكومة تجاه الشخصين، ويقول لـ(عاين) ان هذه الاجراءات غير جادة وحتى وزير العدل نفسه نفي ان تكون وزارته طرفاً في ملاحقة الشخصين، ويضيف (لايستطيع اي مراقب معتدل ان يفسر هذه الخطوة في وقت يدخل فيه النظام الانتخابات العامة، خاصة انه يعمل على استمالة قاعدة عريضة لحزب الامة للانضمام اليه)، ويصف الخطوة بالاستفزازية لمشاعر وقواعد حزب الامة وكيان الانصار، باعتبار ان المهدي يمثل قاعدة عريضة، ويقول ان هناك شكوك حول هذه الاجراءات لان من قاموا بهذا العمل ليس من دائرة الوعي السياسي في هذه المرحلة بالذات، مؤكدا ان الانتربول لن يقبل دعوة الملاحقة للاتهام المنسوب لهم سياسي بحت ويدخل في اطار الجدل السياسي بين الاطراف المعارضة والحكومة، مستبعداً ان يضطر الحزب الى العمل في السر، لانه ليس مضطرا الى ذلك على الاطلاق، حتي يلجأ الى العمل السري او النشاط في الخفاء.
    المؤتمر الوطني تتملكه ارادة الامن
    لم يبدي القيادي في حزب المؤتمر السوداني عبدالقيوم عوض السيد استغرابه من منع جهاز الامن بث قناة ام درمان الفضائية حواراً اجرته مع رئيس حزبه ابراهيم الشيخ، وارفقها بمصادرة اشرطة التسجيل، ويقول (في ظل سيطرة الامن والعقلية الامنية كل شئ متوقع في البلاد، ويضيف لـ(عاين) لم تعد هناك مساحة للحريات السياسية والاعلامية في السودان والشاهد على ذلك التعديلات الاخيرة في الدستور والذي مكنته بصورة اكبر بعد شرعنة وتقنين عمل جهاز الامن دستوريا، ويقول (بعد هذا التعديل الاخير اصبح الامن قوة باطشة كبيرة في كل شئ ومن دون موافقة جهاز الامن لا يستطيع اي حزب سياسي القيام بادواره السياسية)، ويشير الى الشواهد كثيرة مثل اعتقال امين مكي مدني كبير المدافعين عن حقوق الانسان وفاروق ابو عيسى، وفرح العقار، كل هؤلاء داخل السجون، ويقول (لم تعد هناك امكانية لمخاطبة الجماهير في الميادين العامة، وحصر عملها في دور الاحزاب وهذه ايضاً لم تسلم من تدخل الامن المستمر).
    ويعتقد عبدالقيوم ان الموقف الاخطر الان هو سعي الاجهزة الامنية لحظر نشاط حزب الامة القومي، وان من ينظر الى العمل السياسي في البلاد يري ان جهاز الامن تمددت شعابه، ويضيف (تم منع ندوة في الذكرى الثلاثين لاغتيال محمود محمد طه في جامعة الاحفاد، وفي مركز سمي باسمه عبر خطاب شفاهي تم اغلاق مركز محمود محمد طه)، وكل الشواهد تؤكد ان مساحات الحرية غير متاحة في ظل حكومة تتحدث عن حوار، ويقول (من المستغرب ان احزاب الحوار نفسها علقت وجودها داخل آلية الحوار الوطني وذلك لعدم جدية المؤتمر الوطني الذي اصبح تتملكه الارادة الامنية وليست الارادة السياسية وبالتالي اصبح يفكر بالعقلية الامنية فقط)، ويعدد شواهد كثيرة منها مقاطعة الاحزاب للانتخابات التي سيتم اجراءها في ابريل القادم الى جانب رفض الحوار الوطني الذي دعا له الحزب الحاكم قبل، ويقول (هذا يؤكد ان جهاز الامن هو من يدير العمل السياسي ولذلك لا اتوقع اي تحسين في الحريات السياسية والاعلامية والثقافية).
    تقرير : عاين‎
    //////////
                  

02-01-2015, 05:29 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    كذبة هامش الحريات .. !!بقلم: نور الدين عثمان
    منصات حرة
    * عندما جاءت الإنقاذ عبر انقand#65275;بها العسكري على الديمقراطية الثالثة ، سعت للتمكين بكل قوتها واستخدمت كل الطرق القانونية وغيرها لتثبيت دعائم حكمها ، ولكن شراستها ضد الخصوم السياسيين والاحزاب المعارضة قوبلت بشراسة مضادة من الاحزاب التي كانت تعمل بالخارج ، لاستحالة العمل بالداخل حينها ، وخرج كل المناضلون الى الخارج وانضموا الى فصائل المعارضة المختلفة تحت لواء التجمع الوطني الديمقراطي الذي كان يتصل حينها بالداخل سريا ولكن رغم تلك السرية كانت كل اخبار ومنشورات وبيانات وصحف التجمع تصل للجماهير في كل مكان وكانت تجد سند جماهيري كبير ، ولم يكن حينها يوجد مصطلح باسم ( هامش حريات ) لانه لم يكن مسموحا باي نشاط سياسي خارج مظلة الجبهة الاسand#65275;مية ، ولكن عندما فطنت الإنقاذ لكونها بدأت تخسر وأصبح حكمها مهدد من كل الاتجاهات الاربعة شرقاً وغربا وجنوبا وشمالا وبعد ان تحالف الجيش الشعبي والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة دكتور جون قرنق مع قوات التجمع الوطني الديمقراطي ، رفعت الإنقاذ شعار الحل التفاوضي السلمي ( ولكنه كان مرفوعا على اسنة الرماح ) وهنا ارتكبت المعارضة السودانية اكبر خطأ عبر تاريخها ، وظل قادتها يرددون حينها ان رفع الإنقاذ لشعار الحل السلمي التفاوضي لم يات الا بعد ضغوطات وبموجب هذا الشعار عادت الاحزاب الى الداخل بعد اتفاقية السand#65275;م الشامل ، ومقررات اسمرا للقضايا المصيرية لم يجف حبرها بعد ، ولكنها عادت لتنفض الغبار عن دورها وتلتقي بجماهيرها لتقول لهم ان هامش الحريات الذي يتحركون خand#65275;له في الداخل لم يكن هبة وانما انتزع انتزاعا وهذا كان اكبر وهم تعيشه المعارضة ، فهذا الهامش لم يكن سوى هبة منحتها الإنقاذ لتسيطر على المعارضة وتعمل فيها تمزيقا وتقسيما وتشتيتا ، وفعand#65275; نجحت ولسان حالها يقول ( ارعوا بي قيدكم ) نعم نجحت في تقيد الاحزاب وشل حركتها وتكبيلها بقانون تسجيل الاحزاب ، والان بعد ان ظنت ألا مكان لهذه الاحزاب بعد اليوم في الخارج ، كشرت مرة اخرى عن انيابها وزادت الرقابة على الصحف ومصادرتها واصبحت ترفض تسجيل بعض الاحزاب كالحزب الجمهوري والحزب الفدرالي وغيرها ونشطت في اغand#65275;ق المراكز الثقافية كمركز الدراسات السودانية الذي كان يمارس نشاطه في القاهرة ونقل مقره الى الداخل بعد هامش الحريات ولكن هاهو اليوم and#65275; وجد القاهرة وand#65275; هامش الحريات المزعوم ، واغلق ايضا مركز الخاتم عدand#65275;ن للاستنارة ومركز محمود محمد طه ولم تكتفي باغand#65275;ق المراكز الثقافية بل قامت قبل ايام باغand#65275;ق اتحاد الكتاب السودانيين وبهذا تكون الإنقاذ جففت كل مراكز الوعي والاستنارة في البand#65275;د ، قاطعتا اي طريق نحو الديمقراطية ، وفي تقديرنا اي محاولة لاعادة فتح هذه المراكز مرة اخرى هو نوع من الانتكاسة الثانية ، وعلى كل هذه المراكز وعلى كل الاحزاب اعادة نشاط الخارج مرة اخرى وبقوة ورفع شعار الانتفاضة الشعبية المحمية والمعززة ، وand#65275; نرى اي طريق اخر لاستعادة الديمقراطية سوى هذا الطريق ، وليس من المنطق ان تجلس داخل بيت الإنقاذ وتدع انك تسعى للتغييرها سلمياً وعبر التحاور معها واقناعها لتترك الحكم وتتنازل عن سلطتها لصالح الديمقراطية والحريات لعمري هذا هو الجنون والانتحار السياسي بعينه ، نتمنى ان تكون الاحزاب قد وعت الدرس وعرفت الكذبة التي عاشتها باسم هامش الحريات لعشرات السنين دون ان تستطيع اقامة ندوة سياسية جماهيرية واحدة تخاطب خand#65275;لها الجماهير بحرية دون ان تجد معاكسة وضغوطات من الحكومة ، فعودوا لنضالكم السري يرحمكم الله فحليمة كاد غضبها ان ينفجر .. !!
    مع كل الود
    صحيفة الجريدة
    mailto:[email protected]@gmail.com
    /////////

    نقلا عن سودانايل
    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77365:2015-01-31-19-05-59andcatid=1016:8-8-3-4-0-6-1andItemid=55http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-3-4-0-6-1andItemid=55
                  

02-01-2015, 05:37 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    كتب حيدر أحمد خير الله بسودانايل
    Quote: سلام يا ..وطن
    * بكلمات معدودات أصدرت وزارة الثقافة والأعلام الاتحادية قرارها القاضي بتشييع اتحاد الكتاب السودانيين والغاء تسجيله من مسجل الجماعات الثقافية مولانا / اقبال محجوب الحسن ، والسبب هو الاستناد على المادة 8 من قانون تسجيل الجماعات الثقافية ، لمخافته الاحكام والقرارات واللوائح في نظامه الاساسي ، وهى نفس الجهة والمسجل والمادة التى تم بها الغاء تسجيل مركز الاستاذ/محمود محمد طه الثقافي ،والملاحظ انه اثناء مراجعتنا الشخصية لعدم تجديد الترخيص ، كانت من ضمن الاعذار لوزير الاعلام ان هذه السلطة اصبحت شانا ولائيا ، وقبلنا الاعتذار ولكنه فى حالة اتحاد الكتاب صدر القرار من الوزارة الاتحادية، وفى الوزارتين الوزير المختص هما د.احمد بلال ، والثاني :السيد/محمد يوسف الدقير او الوزير الشقيق ، وهما من حسبة المشاركة عن الحزب الاتحادي الديمقراطي الموروث ..فهل هى المصادفة التى جعلت هذان الوزيران يقفان على ابشع قرارات الانقاذ؟والمستشارة مولانا اقبال لماذا ارتضت ارتداء قبعتين فى وقت واحد ؟ولنا ان نسال وزير العدل سؤالا بريئا جدا هل المستشارة تقوم بوظيفتها في الولائية والاتحادية فى آن واحد لقلة فى المستشارين ؟ ام لحكمة لانراها ؟


    *والكارثة الان طالت اتحاد الكتاب السودانيين الذين من المفترض ان يسجلوا غيابا كاملا عن كافة المحافل الاقليمية والدولية جراء القرار .فمالذى يريد ان يقوله لنا هذا النظام ؟هل الكتاب السودانيين لايستحقون حتى ان يكون لهم جسم يربطهم؟والكتاب انفسهم بل كل النخبة السودانية ستبقى اسيرة دورها المعهود من النكوص والانكسار والصمت الغبي؟ ان ارتضت هذا الوضع ! ومن نافلة القول :ان دور النخب السودانية الهزيل هو الذى فتح شهية الحكومة لاخراس اي صوت يعمل فى اتجاه التنوير..


    *فقد ظللنا نرقب بصمت لمشكلة الجنوب حتى تحولت لازمة ومن ثم تطورت لتمرد ..والى ان تفلتت من ايادينا لنصحو فوجدنا دولة جنوب السودان ..فودعنا اخوتنا بدموع خائرة في الوقت الذى كانت الفرصة امامنا لحلول الحكمة الثائرة ، فقبلنا بالركون للهوان والتشرذم والانفصال وعلى ذات المنوال نسمع ازيز الرصاص يئز فى جنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور ولانحرك ساكنا ونواصل الصمت اللامبالي ، واخشى ان ندخل الفيلم مرة ثانية وثالثة ..


    *ان الهجمة الشرسة لمراكز الاستنارة التى اخذت اشكالا مختلفة لغاية واحدة ..فاغلاق مركز الخاتم عدلان والذى وصل به الدكتور الرائع الباقر العفيف حد المحكمة والمناجزة الشرسة ولازال ينتظر ماستاتي به المحكمة ، ومركز الدكتور المضئ ابدا حيدر ابراهيم علي يواصل المناهضة على طريقته المرتبة والمدهشة ، وفى كل كارثة اقصائية تقوم بها الحكومة نجد النخب تحتمي بالصمت على القهر وهذا الصمت لايقل عن القهر نفسه .. وماجرى يوم الخميس المنصرم لاينبغي السكوت عليه من النظام قبل الكتاب ..ومهما بلغ الاستبداد من مبالغ لم نكن لنخاله يطال الكلمة ، وصمتنا هو الطامة الكبرى ، فان لم نحتج ستكمم كل الافواه ولن يوجد احد كي يحتج ..وسلام يا ااااوطن..


    سلام يا


    منطوق المادة 8من قانون تنظيم الجماعات الثقافية القومية لسنة 1996 يقرا كما يلي أ/ يجوز للمسجل الغاءتسجيل اي جماعة ، اذا اقتنع بعد اجراءات التحريات اللازمة ان :


    أ/التسجيل تم بطريقة الغش او بناء على بيانات غير صحيحة .ب/ الجماعة قد خالفت احكام هذا القانون او اللوائح او القرارات ..الصادرة بموجبه او اخطاء نظامها الاساسي .ج/مجموع عدد اعضائها يقل عن خمسة وعشرين ...يعني بالبلدي كدة الجمعيات الثقافية عليها ان ( ترعى بقيد المسجل ) ..وسلام يا


    الجريدة / السبت /31/1/201


    mailto:[email protected]@gmail.com


    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77359:2015-01-31-08-42-24andcatid=1008:7-5-6-4-3-0-2andItemid=64http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-6-4-3-0-2andItemid=64
                  

02-01-2015, 09:06 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    السلطات السودانية تحظر نشاط اتحاد الكتاب
    ف ب
    اعلن اتحاد الكتاب السودانيين، وهو مؤسسة أهلية مستقلة تضم الكتاب والشعراء والنقاد، انه تلقى بلاغا من السلطات بإلغاء تسجيله كمؤسسة طوعية واتهامه بممارسة "نشاط سياسي". وقال الأمين العام للاتحاد عثمان سنقر لفرانس برس "تسلمت رسالة تلغي تسجيل اتحاد الكتاب السودانيين لمخالفته قانون تسجيل الجمعيات والاتحادات، ومخالفته نظامه الاساسي لممارسته نشاطا سياسيا".
    وأضاف شنقر "لكن نحن لا نمارس اي نشاط سياسي" مشيرا الى ان مسؤول تسجيل الجمعيات والاتحادات الطوعية بوزارة الثقافة طلب منه الحضور لتسليمه الرسالة.
    وتابع "لدى الاستفسار عن الامر، قال الموظف انهم تلقوا هذا التوجيه من جهاز الأمن والمخابرات".
    ولم يتسن الحصول على تعليق من المصادر الرسمية.
    شبكة الصحفيين السودانيين تدين إغلاق اتحاد الكتاب السودانيين

    شبكة الصحفيين السودانيين
    بيان مهم
    تدين شبكة الصحفيين الصحفيين السودانيين بأقوى العبارات قرار مسجل الجمعيات الثقافية بإغلاق إتحاد الكتاب السودانيين وإلغاء تسجيله ، وهو القرار الذي لا ينفصل عن الهجمة المستمرة والكيد البائن ضد حرية التعبير من قبل الأجهزة الأمنية للسلطة وإستهداف لمنابر الوعي ، وهي العملية التي تكشف مدى إفلاس السلطات في مواجهة الرأي والكلمة وليس بعيدا عن الأذهان إغلاق مركز الدراسات السودانية ، ومركز محمود محمد طه ، ومركز الخاتم عدلان ، وإستمرار الرقابة على الصحف وإستدعاء الصحفيين بصورة يومية الى مقار جهازالأمن ، ومازالت صحيفة الميدان متوقفة عن الصدور بقرار من جهاز جهاز الأمن ، ومازالت صحيفة الصيحة تخضع لرقابة مباشرة من قبل الجهاز من داخل مكاتب الصحيفة في سياق حملة تكميم الأفواه ، ومصادرة حرية التعبير
    وتعلن شبكة الصحفيين وقوفها الى جانب إتحاد الكتاب السودانيين ضد القرار الجائر ، الذي يكشف مدى ضيق السلطات بالرأي وحرية الكلمة
    قطعا إن ما فعلته السلطات ليس بجديد على ممارستها تجاه مراكز الإستنارة والوعي ، ولكنها هجمة إزدادا سعارها منذ مطلع هذا العام بالتزامن مع التعديلات الدستورية التي أطلقت يد الاجهزة الأمنية ضد الكلمة وحرية الرأي

    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77323:2015-01-30-08-07-10andcatid=42:6-5-3-1-4-9-0andItemid=60http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-3-1-4-9-0andItemid=60
                  

02-02-2015, 11:00 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: "نداء السودان" وتوفر عوامل نجاح الانتفاضة الشعبية .. بقلم : تاج السر عثمان

    أشرنا في مقال سابق بمناسبة الذكري ال 130 لتحرير الخرطوم، الي تجربة الثورة السودانية التي تم استخلاصها من مآثرة الثورة المهدية ولاحقا من ثورة اكتوبر 1964م، وانتفاضة مارس- ابريل 1985م ، والتي تتلخص في توفرة العوامل الموضوعية والذاتية لنجاح الثورة وانتصارها ، بتوفر الآتي:
    1 – وجود استياء وسخط عام لا يكون قاصرا على طبقة أو جماعة معينة ، وانما يمتد إلى كل فئات المجتمع ويكون مصدره إحساسا محددا بالظلم ويتطابق ذلك الإحساس أو الوعي بالظلم بضعف النظام القائم وعجزه عن سحق الثورة في مهدها.
    2 – وجود جيش ثوري على استعداد لاستعمال العنف أو الوسائل السلمية في سبيل هدفه
    3 – وجود القيادة الثورية التي تطرح البديل للنظام القائم مع الأخذ في الإعتبار ظروف واوضاع كل ثورة وما تطلبته من أسلوب في الاطاحة بالنظام، فالثورة المهدية اتخذت شكل الانتفاضة الشعبية المسلحة التي انطلقت من أطراف البلاد وحتي حصار الخرطوم وتحريرها من قبضة الاحتلال التركي في 26 يناير 1885م، أما ثورة اكتوبر 1964م ، وانتفاضة مارس – ابريل 1985م ، فقد اتخذت شكل الانتفاضة الشعبية السلمية ، وكانت الأداة الرئيسية هي الإضراب السياسي العام والعصيان المدني . علي أن القاسم المشترك بين كل تلك الثورات الذي كان العامل الحاسم في نجاحها هو النجاح في تحقيق أوسع جبهة للمعارضة التي تمثلت في وحدة شعب السودان وقبائله في الثورة المهدية ، ووحدة جماهير ثورة اكتوبر 1964م في جبهة الهيئات التي قادت الإضراب السياسي العام والعصيان المدني ، وقوي التجمع الوطني لانقاذ الوطن في انتفاضة مارس – ابريل 1985م، اذن لابديل غير وحدة المعارضة ووجود القيادة الثورية التي تطرح البديل للنظام القائم. وكذلك نلاحظ في كل الثورات السابقة أنها جاءت لتراكمات كمية بطيئة خاضتها الجماهيرفي انتفاضات وهبات يومية ضد النظام ، صحيح أنه تم قمعها بعنف ولكنها شكلت الخميرة التي اشعلت النار والانتفاضة الشاملة ضد النظام، وكما يقول المثل : " النار من مستصغر الشرر".

    *
    كل هذه التجارب تشكل رصيدا وافرا في مقاومة نظام الحكم الفاشي الإسلاموي الفاشي الذي طغي في البلاد فاكثر فيها الفساد، وتتجمع الآن كل سحب الانتفاضة في سماء الوطن والتي لاتحتاج لزرقاء اليمامة لرؤية الشجر المتحرك ، ولكن جماهير شعبنا تلمسها وتعيشها يوميا، وتخوض المعارك اليومية من خلال الاضرابات والانتفاضات والهبات ، والوقفات الاحتجاجية والاعتصامات، والكفاح المسلح في أطراف البلاد بعد أن فقدت جماهير الهامش كل أمل في تحسين وتجديد حياتها ودعوة النظام لها بحمل السلاح..ومن خلال تصاعد المقاومة للنظام برز السؤال ماهو البديل للنظام القائم؟.

    والواقع أنه منذ وقوع انقلاب الاسلامويين الدموي في 30 يونيو 1989م، لم تتوقف المعارضة ضد هذا النظام الذي اتسم بالقمع ونهب ممتلكات الشعب السوداني ، وتشريد الالاف من المعارضين السياسيين والزج بهم في المعتقلات وممارسة ابشع أساليب التعذيب ضدهم، فكانت اضرابات الأطباء وعمال السكة الحديد ، وانتفاضات الطلاب في الجامعات، وانتفاضات المدن، ومقاومة الحركات المسلحة في أطراف البلاد

    واضرابات العاملين والمهنين من أجل تسوية حقوقهم وسداد متأخراتهم. ووقفات مزارعي الجزيرة والمناقل وبقية المشاريع الزراعية ضد الخصخصة وتشريد المزارعين من اراضيهم، وضد الجباية والضرائب الباهظة والتكلفة العالية للانتاج، واستيراد التقاوي الفاسدة التي الحقت ضررا كبيرا بالمزارعين. ومقاومة المتأثرين بالسدود في كجبار ودال والشريك..الخ، ومطالبة المفصولين من أجل ارجاعهم للعمل وتسوية حقوقهم، ونضال العاملين من أجل قانون ديمقراطي للنقابات وتحسين الاجور واوضاعهم المعيشية..الخ.
    ولاشك أن تصاعد المقاومة اليومية للنظام سوف تفضي في النهاية الي الانتفاضة الشاملة التي تطيح بالنظام.
    اكتسب شعبنا تجارب كبيرة في مقاومة النظم الديكتاتورية، التي حينما يشتد اوار النضال ضدها تلجأ الي دعاوي الحوار والمصالحة بهدف امتصاص مقاومة الحركة الجماهيرية ، حدث هذا ايام الاستعمار عندما اعلن عن قيام الجمعية التشريعية ، وخلال فترة ديكتاتورية عبود عندما تم الاعلان عن قيام المجلس المركزي ، و المصالحة الوطنية ايام ديكتاتورية نميري، ولكن التجربة أكدت ان هدف تلك النظم كان وقف وامتصاص المقاومة لها ، ولكن الحركة الجماهيرية تجاوزت تلك الدعاوي والمؤسسات ، واستفادت من الانفراج السياسي النسبي الذي حدث وعملت علي تصعيد النضال الجماهيري حتي تم انجاز الاستقلال عام 1956م، وثورة اكتوبر 1964م، وانتفاضة مارس- ابريل 1985م.
    يسألونك عن البديل؟.
    هذا سؤال مكرر واجهته الحركة الجماهيرية منذ ايام نميري اثناء نهوض مظاهرات واضرابات العاملين في اغسطس 1973م، ماهو البديل؟ وأذا سقط النظم البديل سوف يكون الطائفية، ولكن الحركة الجماهيرية ردت علي السؤال بالمزيد من مقاومة النظام: فكانت المقاومة الجماهيرية مثل: اضرابات العمال والمزارعين والاطباء والفنيين والمعلمين والقضاء ومقاومة قوانين سبتمبر 1983م واستنكار اعدام الاستاذ محمود محمد طه والمطالبة بوقف حرب الجنوب والحل السلمي الديمقراطي بعد اندلاع الحرب مجددا بخرق ااتفاقية اديس ابابا عام 1983م ، وتواصل نهوض الحركة الجماهيرية حتي تمت اللاطاحة بحكم الفرد عن طريق الانتفاضة الشعبية والاضراب السياسي العام والعصيان المدني.
    واكدت التجربة أن البديل هو نظام الحكم الديمقراطي، وأن مشاكل الديمقراطية تحل بالمزيد من الديمقراطية، لا الانقلاب عليها، وأن الانظمة الديكتاتورية التي جاءت بانقلابات عسكرية هي التي دمرت البلاد فاكثرت فيها الفساد ونهبت ثرواتها وفرطت في سيادتها الوطنية حتي وصلت الي مرحلة تمزيق وحدة البلاد كما فعل نظام الانقاذ الاسلاموي الفاشي. وأن اشاعة الديمقراطية واستمرارها هو الضمان للاستقرار ولنشر الوعي والاستنارة، والتنمية المتوازنة وحل مشاكل القوميات والحكم الديمقراطي لاقاليم السودان المختلفة. كما اكدت التجربة ضرورة متابعة انجاز مهام الثورة حتي نهايتها بالغاء كل القوانين المقيدة للحريات، وتغيير كل بنية النظام حتي لاتحدث الانتكاسة من جديد..
    اذن البديل يخرج من صلب النضال اليومي للجماهير ويعبر عن مطالبها التي تناضل من أجلها والتي تتلخص في رفض الغلاء و تحسين الاوضاع المعيشية والغاء القوانين المقيدة للحريات ، ودستور ديمقراطي يكفل الحقوق والحريات الأساسية وحقوق الانسان، واحترام المواثيق الدولية وتوفير فرص العمل للعاطلين، ولجم الفساد ومحاسبة المفسدين، وتوفير خدمات التعليم والصحة ومياه الشرب النقية والكهرباء..الخ، وحل قضايا مابعد الانفصال حتي لاتتجدد الحرب مرة أخري ، والمحافظة علي وحدة ماتبقي من الوطن، وقيام الدولة المدنية الديمقراطية التي تفتح الطريق لاعادة توحيد الوطن، وارجاع المشردين وتسوية حقوقهم، والحل الشامل والعادل لمناطق دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وغير ذلك من قضايا الوطن المتفجرة والتي تتطلب مواصلة النضال الجماهيري حتي الاطاحة بهذا النظام وقيام حكومة انتقالية بديلة تنجز مهام التحول الديمقراطي وتحقيق المطالب التي اشرنا لها سابقا.
    كما جاء الرد علي سؤال البديل بانجاز وثيقة " نداء السودان" التي عبرت عن المطالب الاساسية لشعب السودان، من خلال الحل الشامل والعادل لقضايا السودان بما يمنع تمزق ماتبقي من الوطن ، وكما هو الحال عارض المؤتمر الوطني والشعبي الاتفاق ، ولجأ الي حملة الاعتقالات التي لاتغني ولاتسمن من جوع، ومصادرة الحريات كما هو الحال في مصادرة صحيفة الميدان واعتقال الصحفيين وتقديمهم لمحاكمات، والغاء تسجيل اتحاد الكتاب السودانيين ، وقبل ذلك اغلاق المراكز الثقافية ، وتمرير التعديلات الدستورية التي كرست حكم الفرد المطلق مما يؤكد هلع النظام من تصاعد المد والحراك الجماهيري واصرار الحزب الحاكم علي السير في الطريق الخطأ، الذي يعارض طريق السلام والديمقراطية ، كما فعلوا منذ انقلاب 30 يونيو989م الذي قطع الطريق السلمي لحل مشكلة الجنوب بعد مبادرة الميرغني - قرنق ، وتم توسيع نطاق الحرب مما ادي لانفصال جنوب السودان، اضافة الي التنصل من كل التزامات الاتفاقات التي ابرمها ، مما زاد من الام ومعاناة شعب السودان، كل ذلك يوضح أنه لابديل غير الخلاص من هذا النظام لضمان وحدة ماتبقي من السودان. لقد طرحت وثيقة" نداء السودان" النقاط الرئيسية لمعالم البديل الديمقراطي بعد اسقاط النظام الفاشي الحالي والذي يتلخص في:
    1- وقف الحرب في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان والحل الشامل والعادل لتلك المناطق كما جاء في وثيقة " نداء السودان".
    2- تحسين الأوضاع المعيشية ودعم التعليم والصحة والسلع الأساسية، وعقد المؤتمر الاقتصادي الذي يسهم في اصلاح الخراب الشامل الذي لحق بالبلاد.
    3- تصفية النظام الشمولي، وعقد المؤتمر الدستوري الذي يقرر شكل الحكم في البلاد، وقيام دولة الديمقراطية والمواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللغة أو الجنس أو العرق أو الثقافة، وحل قضايا المفصولين ، ومتضرري السدود، ورد المظالم ، واستعادة ممتلكات الشعب المنهوبة..الخ.
    . الاشراف علي اجراء انتخابات عامة حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية*
    ويبقي السؤال ماهي اداة وكيفية اسقاط النظام؟.
    الأداة المجربة كما تم في اكتوبر 1964م، ومارس ابريل 1985م هي الانتفاضة الشعبية والاضراب السياسي العام والعصيان المدني مع الأخذ في الاعتبار شراسة النظام الحالي مما يتطلب حماية الانتفاضة والنهوض الجماهيري..
    وهذا يتطلب مواصلة التراكم النضالي اليومي الجاري أمام ابصارنا الذي سوف يصل الي لحظة الانفجار الشاملة، في التحول الكيفي الذي يتجلي في اسقاط النظام..
    وهذا يتطلب اضافة الي تحالف المعارضة العام، بناء التحالفات القاعدية: الشباب، النساء، الطلاب في الجامعات والثانويات، ومتضرري السدود والتغول علي الأراضي للمواطنين..الخ وقيادة عمل جماهيري تراكمي بمختلف الأشكال: مظاهرات، ندوات عامة ومقفولة، اعتصامات، مذكرات، انتخابات النقابات والاتحادات والحكم المحلي...الخ.
    * مواصلة العمل وسط النقابات من أجل انتزاع مطالب العاملين وزيادة الاجور وتركيز الأسعار وضد الغلاء والفساد واستعادة ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، وتحقيق اوسع تحالف من أجل تحربر النقابات من سيطرة عناصر المؤتمر الوطني..
    * قيام أوسع جبهة للمزارعين تدافع عن حقوقهم ، وضد خصخصة مشروع الجزيرة والرهد وحلفا وبقية المشاريع الزراعية.
    * دعم وتطوير حركات الاحتجاج في مناطق السدود
    *مقاومة الغلاء وارتفاع الضرائب والجبايات التي اشتكي منها حتي رجال الأعمال، ومواصلة كشف وتوثيق جرائم الفساد والتعذيب التي لاتسقط بالتقادم.
    *خلق اوسع جبهة من أجل الدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية واطلاق سراح المعتقلين، وحرية الصحافة والتعبير والتجمع والمواكب.
    *بناء أوسع جبهة من أجل وقف الحرب في: جنوب كردفان و جنوب النيل الأزرق، دارفور. والحل العادل والشامل بدلا من الحلول الجزئية والحفاظ علي وحدة ماتبقي من الوطن...
    *قيام اوسع جبهة لقوي الاستنارة ضد: الدولة الدينية الفاشية، ورفع شعار دولة المواطنة الديمقراطية، ودستور ديمقراطي يكفل الحقوق والحريات الأساسية وحقوق المرأة والاقليات القومية.
    *فضح ومقاومة تاكتيكات السلطة في: تمزيق وحدة الاحزاب والحركات والمقاومة الجماهيرية للانتخابات المزورة المحسومة نتائجها سلفا.
    *توسيع حملة للتضامن مع شعب السودان في الخارج، وفضح جرائم النظام في كل المنابر الدولية.
    ولاشك أن" نداء السودان" شكل نقلة نوعية في الصراع ضد النظام الفاشي الشمولي المتسلط ، وهو امتداد للجهد الفكري والسياسي لقوي المعارضة منذ التوقيع علي ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي في اكتوبر 1989م، وميثاق اسمرا 1995م، ووثيقة" البديل الديمقراطي" ، واعلان باريس..الخ.
    وأن المقاومة سوف تتراكم من خلال النضال اليومي حتي الانتفاضة الشاملة التي تطيح بالنظام.

    mailto:[email protected]@yahoo.co.uk

    نقلا عن سودانايل
    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77414:q-q------------andcatid=63:9-0-1-5-2-2-7andItemid=55http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-1-5-2-2-7andItemid=55
                  

02-02-2015, 11:04 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    محمود محمد طه: طوبى للغرباء (1-4) .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم
    عبد الله الفكي البشير،محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، القاهرة: دار رؤية، 2013، 1278 صفحة.

    هذا كتاب فحل. يكفيك أن صفحات الملاحق والمراجع والفهارس فيه وحدها بلغت 208 صفحة، اي أنها كتاب مستحق قائم بذاته. وهو فحل في معان أدق. فهو مكتوب عن حب لرجل من السلف الصالح هو الأستاذ المرحوم محمود محمد طه في حين تستفحل ظاهرة شواء هذا السلف من غيره من الخلف في غياهب النكسة السودانية المعروفة. فخلافاً لمعظم من كتب عن طه فالمؤلف لم يشهده وكان طفلاً حين بارحنا الرجل للدار الآخرة في 1985. وظل المؤلف الصغير يستنكر ما يشيعه من حوله عن رقة دينه ويؤذيه أنه لا يعرف عنه ما يرد به على شانيئه. وصبر وصابر وقرأ عنه الذي توافر في المكتبات، ونفذ إلى دور الوثائق ينقب عن كتابات له وعنه وضده، واستمع طويلاً إلى معاصرية وحوارييه. وهذا صبر على وكد البحث والاستيثاق متروك في كتابات الجيل العاقب عن السلف عندنا. فهم متى أحبوا أو كرهوا واحداً منه اقتصروا من الأدلة التاريخية على الدليل الحكائي.

    أراد الأستاذ عبد الله الفكي البشير مؤلف "محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ" (2013) أن يسترد فكر الأستاذ محمود محمد طه (1910-1985)، وممارسته إلى سفر التاريخ السوداني من غائلة إهمال سدنة هذا السفر. وطه هو المفكر الإسلامي وزعيم الحزب الجمهوري (1945) الذي امتحن خصومه من رجال الدين والسياسة مفهومه لتجديد الإسلام وحكموا عليه بالردة بمحكمة الخرطوم الشرعية العليا في 1968. وامتحنوه ثانية وأعانهم الرئيس نميري عليه فأعدموه في 18 يناير 1985. وصار اليوم عيداً لحقوق الإنسان العربي.

    وسمى المؤلف مكتوبه عن طه "ما بعد التاريخ المعلن". ويريد بذلك أن مؤلفيّ التاريخ الذي تواضعنا عليه للفكر والسياسة السودانية ومؤسساتهم الثقافية أظهروا منه ما سرهم منه وأخفوا ما لم يتفق معهم. وعليه فالكتاب ينتمي إلى جنس ناشئ في كتابة التاريخ السوداني يطعن في السردية الجامعة للحركة الوطنية التي احتكرتها صفوة مؤتمر الخريجين العرب المسلمين الشماليين الذي تكون في 1938 وجاء الاستقلال في 1956 ثمرة شبه خالصة لجهاداتهم المختلفة. وسبقه إلى الطعن في هذه السردية من أساءت فهمهم أو تجنبتهم بالكلية. فقد خرج منذ حين مؤرخون يؤاخذون تلك السردية على تصوير جماعة الأنصار التاريخية وحزبها، حزب الأمة الذي يقوده السيد الصادق المهدي، كأعوان للاستعمار لقبولهم، ضمن أشياء أخرى، العمل في إطار المؤسسات الدستورية التي رتبها الاستعمار هرباً من التعجيل بالاستقلال كما اتفق لخصومهم من دعاة الوحدة مع مصر كما سنرى. ومن هؤلاء المؤرخين فدوى عبد الرحمن على طه وفيصل عبد الرحمن على طه وموسى عبد الله حامد وحسن أحمد إبراهيم بكتابه العمدة عن السيد عبد الرحمن المهدي مؤسس حزب الأمة. من الجهة الأخرى كتب لازاروس ليك مادوت، المؤرخ لجنوب السودان، يعيب على السردية المهيمنة للحركة الوطنية إهمالها وقائع الوثبة الجنوبية الوطنية لكي يستاثر سادتها بالسلطان. ونشر كاتب هذه السطور كتاباً ومقالات إما ليحرر حركة الطبقة العاملة ونقاباتها الوطنية من صورتها كتابع أو فرع لحركة مؤتمر الخريجين الوطنية، أو لتفهم وطنية قضاة الشريعة ومقاصدها في غير صورة السردية لهم كمتواطئين مع الاستعمار.

    بنى المؤلف رأيه في إهمال السردية التاريخية السائدة لفكر طه وممارسته على حيثيات قوية. فنظر المؤلف في 19 كتاباً من كتب تاريخ الحركة الوطنية والفكر الإسلامي والعلوم السياسية ودراسات المرأة، وسبعة كتب من مذكرات أبناء جيل طه، و31 بحثاً للماجستير والدكتوراة في نفس المجالات التي كانت مدار مساهمة طه الفكرية والسياسية. ولم يجد فيها ذكراً يؤثر له فيها. بل وجد على العكس رسالة تدخل المشرفون لنزع الفصل الذي عرض لفكر طه.

    وسمى الكتاب إعراض الأكاديمية السودانية، التي هي الآلية المؤسسية المنتجة للسردية التاريخية الجامعة، عن طه "قلة مروءة" بعد إدامتة النظر في نتاجها. فرماها ب"التزوير" بإهمال شغل طه وتغييبه وطمسه وتنميطه. ورد هذا التجاهل من السردية الأكاديمية إلى الحسد والتزامات أطرافها الطائفية. وزاد الكتاب بأنه لم يكن كل التجاهل متعمداً. فبعضه يرجع لضعف التدريب الأكاديمي وحالة الكسل العقلي. فالأكاديمية السودانية سليل كلية غردون (1902) التي لم تهدف في تعليمها لسوى تخريج كتبة وفنيين في أسفل درج الخدمة الاستعمارية. ومن جهة أخرى ينسب الكتاب إهمال الصفوة السياسية والأكاديمية لطه لما ذاع عنه بعد المحكمة التي قضت بردته في 1968 كما تقدم. فالمحاكمة هبطت بمستوى مناظرة طه إلى حد عدواني أنصرف به المثقفون عنه "فقاطعوا كتبه ومحاضراته ومشروعه" ولم يعودوا إليه إلا بعد أن انزاح التجهيل به بفضل "الإنفجار المعلوماتي". ومهما يكن فلا سبيل لننكر أنهم أقبلوا على طه بعد استشهاده. فقد تحدث لهم بلغة أدنى إلى افهامهم من لغة الفكر الدقيق الذي ظل يذيعه لنصف قرن. وكان طه يحثهم أن يأتوا إليه ولكن ليس قبل أن يمسحوا بقوة حكم ردته من السجل القضائي.

    وجبت الخشية أن يغيب عنا معنى تغاضي السردية التاريخية لمأثرة طه إذا نسبناها، كما فعل الكتاب، إلى الإهمال المتعمد وغير المتعمد، أو للحسد، أو ممالاة الطائفية السياسية، أو الخوف من السلطة السياسية والمجتمع والفقهاء. وسنقصر دون مطلوب الكتاب نفسه الذي قال إن مثل إهمال طه على نحو ما فعلت السردية الغالبة "يتطلب دراسة العقل الثقافي السائد وتفكيكه واستنطاقه". ولهذا وجدت وصف الدكتور محمد زين لهذا التغاضي ب"السكوت الإستراتيجي" أدنى لفهم مغزاه السياسي والثقافي. فهو يعفينا من سيكلوجيا ضغائن من تجاهلوه أو ضعف تأهليهم أو ماشئت إلى دراسة خطر طه رمزاً وفكراً. فما تجاهلوه استهواناً بل تقية ليسلم مشروعهم السياسي من خطته "الهدّامة" له. فربما توقع الكتاب من سردية الخريجين فوق مستطاعها حين افتقد شغل طه الفكري والسياسي من سجلها. فطه غريب فئة الخريجين غربة صالح في ثمود. وعليه فإنها ربما لم تتجاهله بل، ببساطة، استحال عليها وضعه في إعرابها. فنحوه ونحوها على خلاف. فقد جاء إلى ساحة الحركة الوطنية كخريج جذري التوجه فكراً وممارسة. وجاءها من باب النثر، كما قال المؤلف، وهي لا تنطق إلا شعراً وقل فيها التأليف في غيره.

    mailto:[email protected]@missouri.edu

    نقلا عن سودانايل
                  

02-02-2015, 11:55 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    كتب حيدر أحمد خير الله:
    Quote: تحذيرات الوطني للمعارضة بالقانون ام الكانون ؟!
    02-01-2015 10:20 AM
    *المؤتمر الوطني يحذر المعارضة من مناهضة الانتخابات وانها ستواجه بالقانون ،فيما دعا تحالف المعارضة لحملة لمقاطعة الانتخابات العامة البرلمانية والرئاسية تعتمد على انتخابات موازية مراكزها دور الاحزاب للتصويت ببطاقة تحمل عبارة ( انا مقاطع ) الى جانب تنظيم مخاطبات جماهيرية فى الاسواق ، الا ان المؤتمر الوطني اعتبر الخطوة مخالفة للقانون والاعراف وتضر بالاستقرار السياسي وحذر من ان اي فعل سياسي يناهض الانتخابات سيواجه بالقانون ..

    *عجيب امر المؤتمر الوطني ، الذى يستمسك بسلطة ، لاتسمح للآخر بالحديث ولا بالتعبير الرمزي ولا باي صورة من صور الاعتراض السياسي ، بل ان تحركات المعارضة ستواجه بالقانون !!فوجه العجب ان الحكومة تقوم بهجمة شرسة على المراكز الثقافية ، ابتدرتها بمركز الاستاذ/ محمود محمد طه الثقافي ولم يسلم حتى الاتحاد العام للكتاب السودانيين والمنتدى المدني والهيئة السودانية للدفاع عن الديمقراطية والحريات العامة ومنظمة سورد ومعهد المجتمع المدني قرشاب ، وقبلهم مركز الخاتم عدلان للاستنارة ومركز الدراسات السودانية وبيت الفنون وما غاب عن ذاكرتنا الان ، فمالذي يجعل مناهضة الانتخابات باي صورة من الصور يقتضي المواجهة بالقانون ، واغلاق كل هذه الروافد الثقافية امرا يستحق الثناء؟!

    *ان الذى يجري الان يذكرنا بالسيد/ غوبلز وزير الدعاية النازية لهتلر حين قال :كلما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي ؟فهل حملة اغلاق المراكز الثقافية تندرج تحت بند ( تحسس المسدس) ؟!على أي حال : ان صحائف التاريخ تشهد على ان الانظمة الشمولية فى حالة بلوغها ذروة ضعفها فانها تلجأ للقوانين المقيدة للحريات وتكبيل الاقلام والاعلام وتئد الاستنارة ..فتتنامى تناقضات النظام وحتى عندما يفقد المتشددون قبضتهم يظل الحمائم مترددون فى مساحات لايحسنون استخدامها ،والان المؤتمر الوطني يعجز عن خلق الجو الصحي لانتخابات الحزب الواحد، وتبقى دعوته للحوار التى دعا لها على حد قول اهل السودان (كلام ساكت)..

    *وان تقرأ ان خمسمائة من منسوبي الحزب الحاكم سيخوضون الانتخابات كمستقلين ، وتجد التفافا بائنا على قانون العمل الطوعي بمنع عقد الجمعيات العمومية ،ثم تحذير المعارضة من القيام باي صورة من صور الاحتجاج ..كل هذا يضعنا لا نجد فرقا بين القانون ولظى الكانون عند المؤتمر الوطني !!وسلام ياااااوطن

    سلام يا

    مجلس الاحزاب يطالب الاتحادي بعقد مؤتمره العام ويهدده بالحل..يعني الحل فى الحل ..وسلام يا.الجريدة الاحد

    mailto:[email protected]@gmail.com
                  

02-03-2015, 05:20 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    22:20 PM Feb 2,2015
    SudaneseOnline

    عبدالله عثمان


    أحفياء ( الملائكة ) .. أعداء الإستنارة !!
    (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا * انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا) صدق الله العظيم
    لقد اتضح للشعب السوداني، أكثر من كثير من الشعوب، أن جماعة الأخوان المسلمين، مهما غيرت من اسمائها، وبدلت من شخوصها، إنما هي أسوأ الجماعات الدينية، وغير الدينية، على الاطلاق. لأنها بالاضافة الى الشر، والعنف، والظلم، الذي تتمتع به كافة الجماعات الدينية المتطرفة، أضافت مستوى من النفاق، والكذب، غير مسبوق .. ولقد بلغت في كذبها، حد فقدان الحياء، وهو نهاية سوء الخلق. ذلك لأن الحياء هو أس أخلاق الإسلام. ومن فقد الحياء، لا علاقة له من قريب أو بعيد بالاسلام .. فقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إنَّ لكل دين خلقاً، وخلق الإسلام الحياء )(موطأ مالك ، وسنن ابن ماجه). وقال أيضاً ( إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت)( رَوَاهُ الْبُخَارِيّ). وإنما كان الحياء قيمة رفيعة، من قيم الإيمان، لأنه ثمرة لنظر الشخص الى عيوبه، وشعوره بالتقصير، وتردده في الاستمرار في الخطأ .. أما عدم الحياء، والتبجح بالكذب الظاهر، المخالف لكل واقع، وعدم التردد في تبني الباطل، وتزييف الحق، فهو دليل بداوة الطبع، ووعورة الخلق، وجفاء الحس.
    ومن عدم الحياء، و "قوة العين" الزائدة، ما تناقلته بعض الصحف، فقد جاء (قال رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني إن الإنضمام الى المؤتمر الوطني يعني أن الوطن فوق القبيلة والحزب جازما بأن الترقي فيه يتم بالتقوى والخوف من الله مؤكدا إن البلاد محفوظة برعاية الله، فيما ذكر رئيس الكتلة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطني مهدي إبراهيم إن حزبنا صار الأول بلا منازع وعلق على انتقال قيادات من حزب الأمة القومي الى المؤتمر الوطني بأنه إنتقال مقدس يشبه الهجرة واعتبر أنه له مغذى عظيم لخدمة الدين وزاد "نحن في جلسة ربما تحفها الملائكة")(الجريدة 30/1/2015م).
    فهل حقاً يصدق د. مصطفى عثمان، رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني، أن حزب المؤتمر الوطني تجاوز القبلية ؟! كيف اندلعت الحرب في دارفور، وقتلت مئات الآلف، وشردت أكثر من مليوني مواطن ؟! ألم تبدأ هذه الفتنة، لأن المؤتمر الوطني، كان ولا يزال يسلح القبائل العربية، ضد قبائل الزرقة ؟! لقد كانت للقبيلة خانة محددة، في كل السجلات الرسمية، على عهد الإنجليز .. ثم جاءت الحكومات الوطنية، فمحت السؤال عن القبيلة، حتى تحافظ على الوحدة الوطنية .. فلماذا أعادت حكومة المؤتمر الوطني، السؤال عن القبيلة في السجلات الرسمية؟!
    وهل حقاً يتم الترقي، داخل حزب المؤتمر الوطني، بالتقوى والخوف من الله ؟! فأبعد السيد علي عثمان محمد طه، من منصبه كنائب للرئيس، لقلة تقواه، وجاء السيد بكري حسن صالح مكانه، لشدة خوفه من الله ؟! وهل أبعد السيد صلاح قوش، من رئاسة جهاز الأمن، لعدم تقواه، التي تمثلت في تعذيب المعتقلين السياسيين، في بيوت الأشباح، ووضع السيد محمد عطا بدلاً عنه، لشدة ورعه وتقواه، فقام لشدته خوفه من الله، باطلاق سراح المعتقلين؟! وإذا كان الترقي يتم بالتقوى، يجب ان تكون هنالك عقوبة على عدم التقوى، وعدم مخافة الله، المتمثلة في الفساد، وأكل أموال الناس بالباطل، فهل والي الخرطوم، ومكتبه، المتهمين في اختلاس المليارات، تمت لهم أي عقوبة، ولو مجرد الإبتعاد عن مواقع الفساد ؟! وشحنة المخدرات، التي جاءت بحاويات ضخمة، ونسبت الى أعضاء بارزين في المؤتمر الوطني، هل اصحابها من المتقين أم من المجرمين؟! وإذا كان المؤتمر الوطني، الآن، يقود البلاد، وتحت قيادته أصبح السودان حسب المقاييس الدولية من أكثر الدول فساداً، فهل هذه مجموعة من المتقين أم هي مجموعة من الفاسدين المفسدين ؟! وإنا لنرجو الله، أن تكون البلاد محفوظة، برعايته، كما قال د. مصطفى عثمان اسماعيل، وأن يرى الناس هذا الحفظ، مجسداً قريباً، في زوال طغمة الاخوان المسلمين.
    أما السيد مهدي ابراهيم، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الوطني، فأمره أمر عجب !! فقد اعتبر إنضمام بعض ضعاف النفوس، النفعيين الى حزبه، طمعاً في أمواله المنهوبة من الشعب، إعتبرهم مهاجرين في سبيل الله !! واعتبر انضمامهم لحزبه نصر للإسلام، مع ان حزب المؤتمر الوطني، منذ فترة، لم يتذكر الإسلام، وإنما احتاج اليه الآن بسبب الانتخابات .. أما عدم الحياء في فقد جاء في ختام كلمة السيد مهدي ابراهيم وذلك حين قال ( نحن في جلسة ربما تحفها الملائكة) !! فإذا كانت جلسات الاخوان المسلمين تحفها الملائكة فما هو عمل الشياطين ؟! هل يمكن ان تكون الملائكة، هي التي أوحت لحكومة الأخوان المسلمين، بقصف المواطنين، العزل، الأبرياء، وقتل آلاف الأطفال، وأغتصاب النساء حتى الموت ؟! هل يمكن ان تكون الملائكة، هي التي أوحت لهم بسرقة المال العام، والثراء السريع الفاحش، على حساب الشعب الفقير الجائع ؟!
    وجماعة الأخوان المسلمين، التي تحفها الملائكة، جعلت شغلها الشاغل، معاداة الإستنارة، وقفل مراكز التوعية، والثقافة في السودان .. فقفلت مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية، وصادرت ممتلكاته ، ومكتبته. كما أغلقت، وصادرت مركز الدراسات السودانية، واوقفت النشاط الثقافي والفني لبيت الفنون .. وأوقفت الهيئة السودانية للدفاع عن الديمقراطية. كما اوقفت المنتدى المدني السوداني، وهجمت على مراكز نسوية رائدة، ونافعة، فصادرت نشاط منظمة "سورد"، ومركز سالمة لقضايا العنف ضد المرأة، ومنعت نشاط مركز الأستاذ محمود محمد طه الثقافي، في يوم ذكرى استشهاد الأستاذ، وصادرت بيته الذي كان يقوم فيه نشاط المركز، بعد أن رفضت السماح للحزب الجمهوري بالتسجيل، ثم هاهي حكومة الأخوان المسلمين، توقف الاتحاد العام للكتاب السودانيين، فقد جاء (أصدرت وزارة الثقافة السودانية قرارا بإيقاف اتحاد الكتاب السودانيين نشاطه وإلغاء تسجيله في إطار إغلاق جمعيات ومراكز ثقافية وصحف محلية. وكان الأمين العام للاتحاد عثمان سنقر أعلن في بيان أنه تسلم رسالة تلغى تسجيل اتحاد الكتاب السودانيين لمخالفته قانون تسجيل الجمعيات والاتحادات، ومخالفته نظامه الأساسي لممارسته نشاطًا سياسيًا". وقال شنقر :"لكن نحن لا نمارس أي نشاط سياسي ولدى الاستفسار عن الأمر، قال الموظف إنهم تلقوا هذا التوجيه من جهاز الأمن والمخابرات". وكانت السلطات السودانية حظرت الشهر الماضي نشاط ثلاث جمعيات طوعية.منها مركز الاستاذ محمود محمد طه والمنبر المدني الذي يرأسه الدكتور حسن عبد العاطي. كما أدانت شبكة الصحفيين السودانيين في بيان لها قرار مسجل الجمعيات الثقافية بإغلاق إتحاد الكتاب السودانيين وإلغاء تسجيله، وقالت في بيان لها :"إن هذا القرار الذي لا ينفصل عن الهجمة المستمرة والكيد البائن ضد حرية التعبير من قبل الأجهزة الأمنية للسلطة وإستهداف لمنابر الوعي ، وهي العملية التي تكشف مدى إفلاس السلطات في مواجهة الرأي والكلمة وليس بعيدا عن الأذهان إغلاق مركز الدراسات السودانية، ومركز محمود محمد طه ، ومركز الخاتم عدلان ، واستمرار الرقابة على الصحف واستدعاء الصحفيين بصورة يومية الى مقار جهاز الأمن ، ومازالت صحيفة الميدان متوقفة عن الصدور بقرار من جهاز الأمن ، ومازالت صحيفة الصيحة تخضع لرقابة مباشرة من قبل الجهاز من داخل مكاتب الصحيفة في سياق حملة تكميم الأفواه ، ومصادرة حرية التعبير)(وكالة انباء الشعر 31/1/2015م).
    إن حكومة تخشى المراكز الثقافية، لا يمكن ان تقيم انتخابات حقيقية، قد تأتيها بأحزاب مناوئة .. ولهذا فإن الشعب يعلم، ان انتخابات الأخوان المسلمين، هي آخر محاولاتهم اليائسة، في تضليل الرأي العام العالمي، حتى يتلقوا المزيد من المعونات، مما يمكنهم من الاستمرار في الحكم. وحتى يستطيع التنظيم ان يبقي على بقية عضويته، التي يخرج عليه افرادها كل يوم، ظهرت هذه النبرة الدينية الكاذبة، من جديد، لتضلل العضوية الساذجة، وتبقيها في حظيرة التنظيم، بعد كل هذا الفشل الذريع، الذي اصاب المشروع الحضاري، الذي ادعوه، ليبرروا به سطوهم على السلطة بليل، من هذا المنطلق، جاء الثناء الديني الذي ابتدره د. مصطفى عثمان، والسيد مهدي ابراهيم، والذي وصفناه بعدم الحياء، لأنه لا يجد له سنداً، حتى عند أكثر الناس تعصباً، من قبل، لجماعة الأخوان المسلمين، أما السودانيون، فإنهم يتبادلون "النكات"، عن أن ابليس نفسه، محتار فيما يفعل الاخوان المسلمون، فكيف يصدقون ان الملائكة تحفهم ؟!
    د. عمر القراي
                  

02-03-2015, 05:40 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    22:40 م Feb 2,2015
    SudaneseOnline
    عبدالله عثمان




    بيان من التجمع الوطني الديمقراطي للدبلوماسيين السودانيين في الذكرى الثلاثين لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
    ما زال ذات الليل قائماً

    تمر علينا الذكرى الثلاثين لإستشهادالأستاذ محمود محمد طه وشعبنا ويا للمفارقة لا يزال يرزح تحت تحت ظل المنافقين والمتكذبين والمتكسبين بأسم الإسلام ، وتحت ذات الوجوه والقضاة الذين إغتالوا سيد شهداء السودان قبل ثلاثين عاماً .
    يا جماهير شعبنا الأبي
    لن تكون هذه الذكرى ذكرى للنواح والإستسلام للحزن بل هي ساعة للتأمل وإستنهاض الهمم وإسترجاع إرث المقاومة الذي تركه لنا سيد شهداء الوطن وهو يواجه الموت كي ينعم أطفال بلادنا بحياة أفضل . إن الثلاثين عاماً التي مرت على إستشهاده البطولي النبيل أكدت أن محمود المحمود قد إستشهد ولكنه لم يمت وأن الذى مات في صباح البطولات ذاك هو الخوف الذى أسس له الإسلاماويين السودانيين بالمحاكم الناجذة وبمحاكم التفتيش والردة الخارجة من كهوف القرون الوسطى لإرهاب شعبنا.
    يا جماهير شعبنا البطل
    لقد قضى سيد شهداء الوطن جل حياته يقاوم الإستعمار والفاشية الدينية مُؤمناً بأن الكلمة الحرة سوف تنتصر، مُوقناً بأن شعبنا لن يرهبه القادموين من العصور الوسطى ، ولن ترهبه سجون الطغاة ، ولم يترك الشهيد خلفه سوى تراث المقاومة وكسر الخنوع ، ساخراً من جحافل المتطرفين المدججين بالسلاح والقضاة الكذبة ، كاسراً رهبة الموت ليهبه الله الحياة الأبدية ويخلده شعبنا رمزاً للمقاومة وكرامة الأمة بل الإنسان أينما كان .
    لقد آمن سيد شهداء الوطن بهذا الشعب ووصفه بالكريم ، وآمن بحق القوميات والأقليات في الحياة وبارك التعددية الدينية والثقافية والسياسية في السودان ، وعلم تلاميذه وشعبه إحترام هذا التنوع والحفاظ عليه رافعاً شعاره الإنساني الطليق الحرية لنا ولسوانا .
    يا جماهير شعبنا المكلوم والصابر
    لقد ظل سيد شهداء الوطن يقدم الدروس ويتصدر المقاومة مُؤمناً بإنسان هذه الأرض مُوقناً بإنتصاره ، مُحتقراً كما قال الدكتور منصور خالد " المتاجرين بالدين والمطمورين بالخرافة والمبخوسين حظاً بين الناس يوم قُسمت العقول " . لقد كان آخر دروس الشهيد لأجيال السودانيين القادمة درس إستشهاده النبيل حراً وهو مقيد ،ومنتصراً وهو يرسم إبتسامته الصافية تلك في وجه خصومه المهزومين .
    يا جماهير شعبنا
    لتكن هذه الذكرى إذن حافزاً لتشديد المقاومة ضد السلطة الراهنة التي أفسدت بإسم الدين الحياة السياسية في البلاد ومزقت وأفقرت شعباً كريماً ، وليستمد المقاومين في كل شبر من ما تبقى من هذا الوطن صمودهم من تراث المقاومة الذى تركه خلفه الشهيد . ولنسدد الضربة تلو الضربة للنظام المترنح ولنستعيد تراث المقاومة الشعبية المجيد الذى خبره شعبنا في 21 أكتوبر 1964 ومارس – أبريل 1985 حتى إسقاطه غير مأسوف عليه .
    يا جماهير شعبنا الأبي
    تأتى ذكرى إستشهاده والقوى الوطنية والديمقراطية في السودان في أفضل حالاتها فقد إتحدت تحت لواء نداء السودان وعزمت ثم واجهت النظام في قلب الخرطوم بل تقدم أباء وشيوخ مناضلين أجلاء مثل الأساتذة فاروق أبو عيسى وأمين مدني وفرح عقار ومحمد الدود الصفوف لكسر عنجهية النظام مدشنين معركة شعبنا الفاصلة ضد مضطهديه وسارقي قوت أطفاله .
    لقد صادف ذكرى إستشهاده هذا العام صعوداً كبيراً للحركة الجماهيرية ، إذ خرجت جماهير شعبنا في كل مكان تقريباً من أرض الوطن في مواجهة مفتوحة وبصدور عارية لتواجه نظاماً لا يعرف سوى لون الدم ولغة القتل . فها هو شعبنا يشدد الضربات ويعزز المقاومة وتمتد اليوم المواجهة الشعبية مع النظام من جبال النوبة وجنوب كردفان والنيل الأزرق جنوباً ، ودارفور ونيالا ووادى هور غرباً ، وفي أقصي الشمال في دلقو المحس والمناصير ، وفي وسط الخرطوم وفي برى وفي بحرى والحلفايا . أذن لقد دشنت جماهير شعبنا مرحلة جديدة فى معاركها مع النظام أكثر إتساعاً وأشد جسارة .
    يا جماهير شعبنا الأبي
    فى ذكرى إستشهاد سيد شهداء الوطن يدعو التجمع الوطني الديمقراطي للدبلوماسيين السودانيين للآتي :
    - لقد لعبت حركة الجمهوريين تأريحياً دوراً مهماً في عملية التنوير والمقاومة في السودان ، وعلى الحركة أن تعود بفاعلية كما كانت في السابق لتنشر الوعي وسط الجماهير . إننا ندعو شباب الجمهوريين الوسيمين والجمهوريات الماجدات للعودة مرة أخري لشوارع الوطن لمخاطبة شعبهم كما علمهم أستاذهم العظيم ، فالحركة الجمهورية حركة شعب وليس حركة صفوة .
    - على الجمهوريين أن لا ينتظروا قراراً بتسجيل حزبهم أو منح السلطة الراهنة نشاطهم مشروعية فقد منحهم معلمهم بإستشهاده البطولي شرعية وعلمهم كيف يقاومون .
    - أن تتبنى منظمات المجتمع المدني وتفعل إقتراح الأستاذ الحاج وراق لتأسيس جائزة دولية سنوية بأسم جائزة الأستاذ محمود محمد طه لحرية الضمير ،تمنح للأشخاص والمؤسسات المستحقين لها .
    - يدعو التجمع الوطني الديمقراطي للدبلوماسيين السودانيين القوي السياسية والقوي الديمقراطية وخصوصاً المفكرين والناشطين السودانيين ومنظمات المجتمع المدني السودانية والأكاديميين لتنظيم في حدود هذا العام مؤتمراً أكاديمياً وفكرياً كبيراً حول فكر الشهيد وسيرة حياته ونضالاته وغيرها من المحاور وتقديم أوراق عمل لإحياء الذكرى الثلاثين لإستشهاده .

    وعاش نضال الشعب السوداني
    ولنشدد النضال حتي تحرير الوطن كل الوطن من الفاشية الجديدة
    التجمع الوطني الديمقراطي للدبلوماسيين السودانيين
    الخرطوم
    29/1/2015


    نقلا عن سودانايل 3 فبراير 2015

    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77451:2015-02-02-18-52-41andcatid=37:2-4-2-0-4-9-1andItemid=63http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-2-0-4-9-1andItemid=63
                  

02-03-2015, 07:40 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    00:40 م Feb 3,2015
    سودانيز أون لاين
    عبدالله عثمان



    صحيفة الرأي العام 2 فبراير 2015
    المراكز الثقافية... ماذا وراء الإغلاق
    mm1.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    mm2.JPG Hosting at Sudaneseonline.com
                  

02-03-2015, 10:46 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    03:46 م Feb 3,2015
    سودانيز أون لاين
    عبدالله عثمان



    وفي "آخر لحظة" اليوم 3 فبراير بعض حديث عنه
    عبدالله الشيخ: هل هو مشروع حضاري جدبد؟
    mm3.JPG Hosting at Sudaneseonline.com
                  

02-04-2015, 05:32 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    22:32 م Feb 3,2015
    سودانيز أون لاين
    عبدالله عثمان

    مكتبتي في سودانيزاونلاين


    محمود محمد طه: طوبى للغرباء (2-4) بقلم عبد الله علي إبراهيم

    عبد الله الفكي البشير، محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، القاهرة: دار رؤية، 2013م، 1278 صفحة.

    وصل ما سبق:
    (جاء الأستاذ عبد الله الفكي البشير في كتابه موضوع النظر بحيثيات مخدومة بينت تجاهل سردية الحركة الوطنية الأكاديمية والعنقالية لدور الأستاذ محمود محمد طه المميز في تلك الحركة. ولكنه نظر إلى سبب هذا التجاهل في الحسد، أو ممالاة الطائفية السياسية، أو الخوف من السلطة السياسية والمجتمع والفقهاء. وبدا لي أن هذا السبب، متى اقتصرنا عليه، قد يحول دوننا وفهم الخطر الذي مثله طه حتى تحاشوة. ولهذا وجدت وصف الدكتور إبراهيم محمد زين لهذا التغاضي بـ "السكوت الإستراتيجي" أدنى لفهم مغزاه السياسي والثقافي. فهو يعفينا من سيكلوجيا ضغائن من تجاهلوه أو ضعف تأهليهم أو ماشئت إلى دراسة خطر طه رمزاً وفكراً. فما تجاهلوه استهواناً بل تقية ليسلم مشروعهم السياسي من خطته "الهدّامة" له).

    كان طه مما انطبق عليه مفهوم "الأفندي المضاد" في عبارة دقيقة للدكتور حسن الترابي. فبينما كان سقف كل خريج من كلية غردون مثله أن يتمكث في "أفنديته" موظفاً بالحكومة تسير بذكره الركبان كان طه يتخفف من أسر الأفندية وانتهى بخلعها. تخرج طه مهندساً من كلية غردون في 1936. وهي السنة التي وقعت فيها يريطانيا ومصر، دولتا الحكم الثنائي على السودان، الاتفاقية المعروفة باسم ذات السنة وتواضعا فيها لترقية السودانيين في مدارج الخدمة على مشارف استقلال للسودان لا مقطوع ولا معلوم بعد. وخدم في عطبرة مركز سكك حديد السودان التي كانت ترهص بحركة نقابية أسفرت عن صلابتها بعد عقد من ذلك في 1947. وكان لخريجي غردون في إدارتها صلات وطنية وثيقة بفئات العمال المستنيرين. ولم يطق طه الخدمة بالحكومة لأكثر من 5 سنوات سقماً ببيئة العمل. ثم استوعبته وظيفة أخرى في القطاع الخاص، ثم استقل بعمل خاص يتعاقد فيه لمسح المشروعات الزراعية، حتى تفرغ للدعوة والسياسة في 1966.
    وصب طه جام نقده على مشروع الخريجين ومؤتمرهم. فانتقده لخلوه من المذهبية الفكرية. فأعتقد أنه متى نجحت الحركة في التخلص من الاستعمار وجدت نفسها في مأزق كبير لخلوها من نهج فكري لبناء الوطن. فاستقلالنا المرجو غير حائل دون حقيقة أن فكرنا لا مرجع له غير الثقافة الغربية. فنحن مستقلون سياسياً، مستعمرون فكرياً. وأقترب طه باكراً بذلك من نقد ذاع مؤخراً عن قصور الحركة الوطنية في البلدان المستعمرة دون التعاطي بقوة وفاعلية مع الاستعمار كبعثة ثقافية تبشيرية أكثر من كونه حقيقة اقتصادية استغلالية. ولهذا بشر طه بمشروعه الإسلامي الجديد الذي لم يخرج عن نطاق عصرنة الإسلام القائمة آنذاك. ولم يكن الخريجون بليبراليتهم بنت الحداثة الاستعمارية مهيئين للتعاطي مع الإسلام، موردهم الثقافي الذي لا غيره، سوى في مستوى التعبد المطروق أو استصحاب تاريخه شارة فخر وثقة لإنعاش معنويات النضال الوطني. ولم يكتف طه بذلك بل استحدث "الخلوة" للصفوة التقليدية كما سنرى. فدخل في واحدة منها لثلاثة أعوام تفرغ فيهما لشحذ طاقة الروح والعقل فيه ليقوى على مجاهدة الاستعمار كمشروع ثقافي ومغالبته. ولم يقو على تحمل وعثاء مشروعه الإسلامي المنضبط حتى بعض الخريجين من أخلص رفاقه فتركوه. ولملأ فراغ المذهبية كتب في 1952 "قل هذه سبيلي؟" البيان البرنامجي الذي تطرق إلى مسائل الاقتصاد والدولة والمرأة وغيرها من زاوية الوطنية الإسلامية.
    ولعل أميز ما جاء به الكتاب في هذه الناحية هو رأي طه في التعليم. فما يزال الناس يذكرون لمؤتمر الخريجين فضل التوسع في التعليم الذي ضيّق الإنجليز أبوابه بمبادرته بفتح المدارس الأهلية على نطاق واسع. وكان رأي طه أن الكم ينبغي أن يقترن بالكيف. فمن رأيه أن ترك المؤتمر العناية بنوع التعليم "خطأ موبق لا يدانيه إلا ترك التعليم نفسه". كما أخذ علي الخريجين صمتهم عن ثنائية التعليم الاستعمارية. ومن رأيه وجوب تفكيك تلك الثنائية حاملاً على التعليم التقليدي الذي تجسد في المعهد العلمي. وقد وصف قيامه عام 1910 بأنه "انتقال من سودان منفتح إلى انغلاق فكري".
    ومن جهة التكتيك إعتقد طه في مصادمة، "استقتال"، الإنجليز حين اختار الآخرون عرض حالهم عليهم في مذكرات مشهورة. واعتقد أيضاً في تلك المواجهة بدلاً عن الاستقواء بمصر على الاستعمار أو ملاطفته. فقد اعترض على صيغة مؤتمر الخريجين الأثيرة عن قيام حكومة حرة في اتحاد مع مصر وتحالف مع بيريطانيا. وتساءل: لماذ ندفع ثمن الحرية مقيدين باتحاد وتحالف.
    وما أعجز المؤتمر من المواجهة التي دعا لها في نظره سوى أنه لم يبن قاعدة شعبية خاصة به. وكان إنضواء صفوته في أحزاب الجماعات الصوفية لاحقاً بمثابة حاجة إلى جمهور لا فضل لهم في بنائه من الجذور. ولهذا رتب طه ليكون حزبه الجمهوري منبراً للتحشيد الشعبي. ففتحه ليلج أبوابه كل مجاهد ضد الاستعمار في حين اقتصرت عضوية المؤتمر على خريجي كلية غردون. وكان شرطه للعودة للمؤتمر أن يتخلص من صفويته. ولتجسير المسافة إلى الشعب كان طاقم حزبه يخاطب الشعب بالمنشور مباشرة. بل كان كادره يخطب في المقاهي ويستنفر جمهورها لمظاهرات ضد الاستعمار. ومن أسطع آيات استقتاله الاستعمار "ثورة رفاعة" (1946). ورفاعة هي مدينة طه خاصة. فكان على رأس ثورتها على الإنجليز لمقاومة إجراءات استعمارية وقحة لمنع الخفاض الفرعوني. وهي الثورة التي ما تزال تثير جدلاً حول مشروعيتها لاعتقاد البعض أن موضوعها من "التخلف" بما لا يمكن الدفاع عنه.
    كان طه أمة لوحده بين خريجي غردون ومؤتمرهم. فلم يرهن نفسه لبلوتيكا "الحكم الثنائي" التي تمحورت حولها الحركة الوطنية السودانية. فقد انقسمت تلك الحركة منذ نشأتها في تاشرات القرن العشرين إلى شيعتين تحلقت كل منهما حول قطب من القوى المزدوجة التي كانت لها السيادة على السودان: مصر وبريطانيا. وكانت منها شيعة مع مصر عُرفت بالاتحاديين رهنت استقلال السودان بعلاقة دستورية ما مع مصر، وشيعة أخرى استقلالية أكثر دافعها لذلك استدبار مصر مع استبطان مودة بدرجات ما مع الإنجليز. وكان طه اتحادياً استقلالياً يدعو لنضال مصر والسودان معاً ضد الإنجليز ثم يذهب كل حال سبيله. فهو لم ير تلك الجوامع الأزلية التي يعرضها الوحدويون لقيام دولة وادي النيل في نفس الوقت الذي لم ير سوى الاستقتال خطة مع الإنجليز.
                  

02-04-2015, 12:21 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    05:21 ص Feb 4,2015
    سودانيز أون لاين
    عبدالله عثمان

    مكتبتي في سودانيزاونلاين


    Quote: الاستاذ /محمود محمد طه كان على حق فى تنبؤاته قبل اعدامه ..؟؟

    October 31, 2014

    اسماعيل احمد محمد (فركش)

    لقد بدات تتنبؤات الاستاذ نحمود محمد طه تتحقق ، وظهر هذا جليآ منذ انشقاق مجموعة دكتور غازى صلاح الدين وتكوين حزب سياسى جديد باسم الاصلاح الآن ومجموعة السائحون بقيادة العقيد ود ابراهيم وغيرهم كانت هذه المجموعات تعمل من داخل ا النظام الحاكم من اجل التغيير وعملية الاصلاح فى كافة مؤسسات الحزب واتاحة الفرصة لدماء جديدة ليكونوا خير سند لاسلافهم لكن هذه الخطوات لاقت رفض تام من قيادات اعلى فى رئاسة النظام الحاكم وتم فصل مجموعة غازى صلاح الدين وغيره . الان هنالك مجموعات مدنية وعسكرية الكل له زعيم يبجله ويعمل تحته وتحت امرته من اجل تحقيق هدفه والنيل من الخصوم , الآن النظام الحاكم توجد داخله صراعات عنيفة وكل هذا من اجل السلطة والجاه ومن اجل فرض السيطرة والهيمنة ، الكل تابع ما حدث فى مجلس شورى النظام الحاكم عندما تم اعلان ترشيح البشير لدورة جديدة حيث لاقى هذا المقترح رفض وسط قيادات شبابية وفعالة داخل الحزب الحاكم وايضآ قيادات كبيرة كانت فى المكتب السياسيى للنظام الحاكم ،الآن هذه القيادات الرافضة لترشيح البشير لدرو جديدة سوف تواجه مصير صعب جدآ حيث ان عقلية اى ديكتاتور شمولى لا تعرف غير الحسم ، اذآ من هنا ندرك تمامآ ان هذا النظام يعيش اسواء حالاته الآن بسبب الصراعات الداخلية وبسبب الحروبات الدائرة التى اشعل فتيلها هو مع ثوار الجبهة الثورية فى مناطق النيل الازرق ودارفور وجبال النوبة ، اذآ على ثوار الجبهة الثورية الضغط على هذا النظام فى الهامش عبر السلاح ،و على قوى والمعارضة ومنظمات المجتمع المدنى فى المركز عليهم توعية الجماهير ورفع الحث الثورى عند تلك الجماهير علينا الضغط على هذا النظام من كل الجبهات ، علينا النزول الى الشارع جميعآ نريدها ثورة الحق والعدالة من اجل الشهداء الذين قدموا ارواحهم رخيصة فى هبة سبتمبر 2013 ومن اجل شهداء الشعب السودانى فى مناطق دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق الذىن قتلوا برصاص هذا النظام المجرم ومن اجل شهداء كجبار وبرتسودان ومن أجل النازحيين فى المعسكرات ومن اجل امهات شهداء هبة سبتمبر ، معآ من أجل إسقاط هذا النظام الفاسد قبل قيام الانتخابات فى 2015 . الدعوة موجهة لكافة فئات المجتمع نقابات عمالية واطباء ومهندسيين وزراع وطلاب الجامعات والمدارس واصحاب المهن الحرفية ، نريدها ثورة مكتملة الاركات تشارك فيها كل جماهير هذا الشعب ، معآ من أجل وطن حر وخير ديمقراطى .


    http://www.sudaneseonline.com/?p=166505http://www.sudaneseonline.com/?p=166505
                  

02-04-2015, 06:58 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    11:58 ص Feb 4,2015
    سودانيز أون لاين
    عبدالله عثمان

    مكتبتي في سودانيزاونلاين


    بيان اتحاد الكتاب السودانيين بعد قرار إلغائه


    بيان اتحاد الكتاب السودانيين بعد قرار إلغائه




    بعد قرار جهاز أمن حزب البشير

    02-04-2015 04:31 PM

    وكالة أنباء الشعر-زياد ميمان


    بعد أن أصدرت وزارة الثقافة السودانية قراراً بإلغاء اتحاد الكتاب السودانيين ووقف نشاطاته أصدر الاتحاد بياناً قال فيه أنه تفاجأ بهذا القرار المكتوب في سطر ونصف سطر يقضي بإلغاء تسجيله من مكتب سجل الجماعات الثقافية في وزارة الثقافة

    وجاءفي البيان :"لسنا استثناءً من سلسلة اعتداءات النظام الحاكم على منظمات المجتمع المدني المستقلة، والتي بدأت منذ نحو ثلاث سنوات، شاملة مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية، ومركز الدراسات السودانية، ومركز سالمة، ومركز محمود محمد طه، ولن تنتهي بالاعتداء على اتحادنا.

    وهذه ليست المرة الأولى التي تقرّر فيها السلطة التعدي على الاتحاد بحله وحظر نشاطه، فهي حلته من قبل في 1989 وحظرت نشاطه وسلمت داره وممتلكاته لإحدى المنظمات التابعة لها. استمر ذلك الحظر ست عشرة سنة وانتهى بعد توقيع اتفاق السلام الشامل لعام 2005، بحيث تمكنا حينئذ من استعادة اتحادنا، في ما أطلقنا عليه «الميلاد الثاني» في 2006 والآن نود أن نشكر كل المؤيدين من مؤسسات ثقافية وصحافية داخل السودان وخارجه وكذلك الشخصيات التي أبدت حرصاً وتضامناً مع الاتحاد، مستنكرين هذا الاعتداء الثاني عليه، ونود أن نطمئن الجميع على أننا سنستند على الدروس المبدئية المستخلصة من تجاربنا وخبراتنا السابقة، ونتمسك بمواقفنا الرافضة لهذا الاعتداء ونطرق جميع الأبواب التي يشرفنا المطالبة عبرها برفع يد السلطة عن مؤسستنا العريقة، ولن نقبل أن نتنازل عن هذا الحق متيقنين تماماً من أننا سنحتفل قريباً بالميلاد الثالث طال ليل القهر أو قصر"

    وتفاعل عدد من المؤسسات والجمعيات الأهلية في السوادن مع قرار إلغاء الاتحاد وأدانوا هذا التصرف الصادر عن السلطات والذي وصفوه بمصادرة الرأي .
                  

02-05-2015, 11:54 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    04:54 م Feb 5,2015
    سودانيز أون لاين
    عبدالله عثمان -
    مكتبتي في سودانيزاونلاين



    نشرت صحيفة السوداني يوم الثلاثاء 3 فبراير 2015 لمصطفى البطل مقالا نجتزيء منه
    Quote: بين التسرّى و الإسراء
    كتبت بتاريخ الاربعاء 27 أغسطس الماضى مقالا قصيرا بعنوان ( كلام لا يصلح للنشر ) تعليقا على مقال آخر للسفير الدكتور خالد محمد فرح. و كان مدار التعليق أبيات لإحدى الشاعرات السودانيات تمدح أحد الأولياء بكسلا، يُرجّح السفير أن يكون السيد الحسن الميرغنى، و قد جاء فى الأبيات: ( مرحبتين حباب الغوث / الساكن جبال اللوس / هو في كسلا ومتسرِّي في الفردوس ). و قد وصلتنى العديد من الرسائل تعقيبا على ذلك المقال، لفتت نظرى من بينها رسالة من الصديق العزيز الدكتور عبد الله عثمان من ولاية أوهايو، يعبر فيها عن رأي مخالف لما ذهبت إليه ( إجتهادا مع الصديقين الآخرين و الأديبين المعروفين عبد المنعم عجب الفيا و خالد أحمد بابكر ). يقول عبد الله:



    ( إستوقفنى ما كتبت عن " متسرّى في الفردوس "، وقد وجدت لإجتهاد صديقى عبد المنعم عجب الفيا وجها قد تعطيه اللغة، ولكن هناك أيضا وجه قد لا تعطيه اللغة بمفهومها " الإكلينيكى " التشريحى، إلا إذا ما غاص المرء عميقا فى سراديب " مخارجات " اللغة. و قد قصدت " مخارجات " هذه بدلا عن " تخاريج "، إذ في اللغة العامية السودانية قد يصلح أن تقول " فلان متعشى " و " فلان مقيل ". و فى لغة " حناكيش " الجامعات قد تجد على ذات الوزن " مدبرس " و " متنشن " و " مربّت "، و جميعها مما لا يُسند فى أوزان الخليل إبن أحمد الفراهيدى. " متسرى في الفردوس " قطعا لا علاقة لها بالتسرى الذى ذهب اليه صديقاك – عبد المنعم و خالد - ففى أدبيات الختمية الكثير عن " متسرى فى الفردوس "، و هو الترحال ليلا، و تحديدا يقصدون واقعة الإسراء و المعراج المعروفة. و لعل من أشهر قصائدهم فى هذا الشأن، مما قد أنشده معنا صديقنا عجب الفيا نفسه: ( ألم تر أن الله أسرى بعبده من المسجد الأقصى الى السدرة العليا ). و غير ذلك كثير. ثم أن القرينة المكانية " جبال الألوس "، ثم كسلا، ثم الفردوس تعضد أمر الإسراء هذا و ليس التسرى. و أزعم أنى كثير الإطلاع على أدبيات الختمية، ليس لكونى متحدرا من أسرة ختمية فحسب، و إنما لشديد إهتمام الجمهوريين بأدبيات الختمية ( يزور الجمهوريون الآن ضريح السيد على الميرغنى زيارة جماعية فى أول كل سبت من كل شهر ). أقول على كثرة إطلاعى على أدبياتهم، لم أجدهم إطلاقا يشيرون لموضوع " التسرى " فى المعنى الذى ذهبتم اليه تصريحا أو تلميحا، و لكنهم مطنبون في ذكر " الإسراء " تأسيا بجد شيخهم و شيخنا. ولك و لحبيبنا عبد المنعم عجب الفيا كل التحايا و الإجلال ). إنتهت رسالة الصديق د. عبد الله عثمان و عليها أشكره.



    و في الواقع فإن حديثنا الأول لم يكن القصد من ورائه شرح و تفسير البيت الشعرى الذى جادت به قريحة مادحة السيد الحسن الميرغنى، بل كان محوره الأصل اللغوى لكلمة ( سرّية ) المتداولة فى العامية السودانية. و قد ثبت لنا أنها مفردة عربية فصيحة. أما أذا صوبنا النظر الى شرح مفردة ( متسرّى ) الواردة فى البيت، فإننى – و بالرغم من أن وجدانى يجنح الى بعض تحفظ سأعرض له – لا أجد إشكالا كبيرا في الإتفاق مع عبد الله فى أن المقصود هنا هو الإسراء في المعنى القرآنى، و ليس التسرى فى المعنى السودانى، كون ( الغوث ) هو مقام شهود صوفى كبير. ثم أن قول الشاعرة ( هو في كسلا و متسرى فى الفردوس ) يشير بوضوح الى وجود الممدوح فى مكانين فى وقت واحد، فبينما يظل ( السيد الحسن الميرغنى ) جالسا في كسلا، نجده في ذات الوقت قد أسرى به إلى مقام شهود ولائى. و هنا يكون المعنى أقرب إلى الأسراء الوارد في القرآن. و ذلك على الرغم من أنه من الوجهة اللغوية يظل الإحتمال قائما فى أن يكون التسرى – حتى في هذه الحالة - بمثابة إتخاذ الجوارى أو الحور العين الموعود بهن في الجنان. المعضلة الوحيدة التى تَشْكِلُ على تفكيرى هنا هو أن الإسراء، في زعمى – و هو زعم يقبل المراجعة - ممارسة محدودة النطاق تخص الذات المحمدية فى تواصلها مع الذات الإلهية. و فكرة أن شيوخ الطائفة الختمية، أو أى طائفة دينية أخرى، يمكن أن تنسحب عليهم تجربة الإسراء والمعراج، سواء فى الشهود أو في المجاز، تبدو لى فكرة شاطحة بعض الشئ. فإذا زال هذا الإشكال و تبين أن الأمر وارد، لا مشاحة فيه، فحبا و كرامة و على بركة الله. و لأن هناك جزئية واحدة فى القضية كلها هى التى تشغل بالى – و بال كثير من المهتمين بالشأن العام – و هى غياب مولانا السيد محمد عثمان الميرغنى عن البلاد، الذى كاد يصل الى عقدين كاملين من الزمان، فقد وقع تفسير صديقنا عبد الله من ذهنى أحسن الوقع، إذ أنه، فضلا عن عطائه الأصلى، يقدم لنا فى ذات الوقت أداة فاعلة و ناجعة لإستنتاج سر غياب الميرغنى الطويل. و هو أن مولانا ربما كان خلال العقدين الماضيين ( متسرّيا ) في الفردوس، بالمعنى الأول، أو المعنى الثانى، أو المعنيين معا !

                  

02-08-2015, 05:57 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    22:57 م Feb 7,2015
    سودانيز أون لاين
    عبدالله عثمان -
    مكتبتي في سودانيزاونلاين



    تقرير لجنة التضامن حول انتهاكات حقوق الإنسان في السودان (2014-2015م)
    منع الاحتفال بذكري الاستاذ محمود محمد طه واغلاق مركزه:
    أغلقت السلطات السودانية مركز “الأستاذ محمود محمد طه الثقافي”، وألغت تسجيله بموجب المادة 8 من قانون تنظيم نشاطات الجماعات الثقافية القومية لسنة 1996م وسلمت وزارة الثقافة والإعلام، إدارة المركز قراراً بإغلاقه بحجة ممارسته أنشطة تخالف أحكام القانون.ومنع الأمن ندوة جماهيرية لإحياء الذكرى الثلاثين لإعدام المفكر السوداني محمود محمد طه، بجامعة الأحفاد بامدرمان.ومنع الأمن في اليوم نفسه، الحزب الجمهوري المعارض، من إحياء الذكرى السنوية لاعدام المفكر السوداني محمود محمد طه. وداهمت قوى أمنية مقر مركز محمود محمد طه بامدرمان، وامرت الحضور بمغادرة المكان، واغلاق المركز.وأعدم محمود محمد طه، في 18 يناير 1985 بعد أن أدانته محكمة قضائية بالردة. ويتهم أنصار الراحل، جماعة الإخوان المسلمون بالوقوف وراء حكم الإعدام وإقناع الرئيس الأسبق جعفر نميري بالمصادقة عليه

    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77626:---------2014-2015andcatid=42:6-5-3-1-4-9-0andItemid=60http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-3-1-4-9-0andItemid=60
                  

02-08-2015, 12:43 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    05:43 ص Feb 8,2015
    سودانيز أون لاين
    عبدالله عثمان -
    مكتبتي في سودانيزاونلاين



    كتب كمال الجزولي مقالا طويلا أقتطع منه
    Quote: في صدر هذه المقالة وصفنا قرار حلِّ الاتِّحاد بأنه "مباغت"؛ سوى أن هذا غير دقيق تماماً؛ فمِن جهة أولى، ليست هذه أوَّل مرَّة يُصدِر فيها نفس النِّظام الحالي قراراً بحلِّ الاتِّحاد، فقد سبق أن فعل ذلك فور استيلاء الإسلامويين على السُّلطة بانقلابهم العسكري الذي أطاح بالدِّيموقراطيَّة الثَّالثة في الثلاثين من يونيو 1989م. وقتها لم يكتف النِّظام بإصدار قرار الحلِّ، بل قام، تبعاً لذلك، بمصادرة ممتلكات الاتِّحاد، وطرده من داره، وتخصيصها لاتحاد الطلاب التَّابع لحزب السُّلطة! أما من جهة أخرى فإن الاتحاد ليس استثناءً من هوجة "الشَّطب والإلغاء" التي اجتاحت، قبله، مراكز نشاط ثقافي كثيرة، بصرف النَّظر عن القوانين والمؤسَّسات الحكوميَّة التي يتبع لها تسجيلها. فقد سبق أن ألغي، خلال الفترة الماضية، على سبيل المثال، تسجيل مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتَّنمية البشريَّة، ومركز الدِّراسات السُّودانيَّة، وبيت الفنون، ومركز سالمة، ومركز محمود محمد طه، وغيرها. وللأسف ما يزال نظر الإجراءات القانونيَّة التي أسَّستها بعض هذه المراكز ضدَّ تلك القرارات معطلة، لأكثر من سنة، أمام المحاكم. واستطراداً فإن تلك الهوجة لم تقتصر على مؤسَّسات النشاط الثَّقافي المستقلة فقط، وإنَّما شملت أيضاً منظماتٍ مدنيَّةٍ أخرى، ومؤسِّسات صحفيَّة، وأحزاب سياسيَّة، مثلما شملت أفراداً صحفيين، وسياسيين، وناشطين حقوقيين، مِمَّا يشي بطابع الحملة المبرمجة والمخططة، وينفي عن قرار حلِّ الاتِّحاد، إنْ توخَّينا الدِّقَّة، صفة "المباغتة"!

    بِانتِظارِ المِيلادِ الثَّالِث: مَنْ هُوَ "دَاعِشُ" اتِّحَادِ الكُتَّابِ .. الغَائِبُ الحَاضِر؟! .. بقلم/ كمال الجزولي
    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77652:-----qq---------andcatid=51:8-3-2-1-9-1-7andItemid=55http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-2-1-9-1-7andItemid=55
                  

02-08-2015, 12:49 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    05:49 م Feb 8,2015
    سودانيز أون لاين
    عبدالله عثمان -
    مكتبتي في سودانيزاونلاين



    الجبهة السودانية للتغيير: بيان حول الهجمة الأمنية على منابع الفكر والمعرفة والاستنارة
    جزء من البيان

    في خطوة فاقدة للقيم الأخلاقية والسلوكية، بل ومنافية لفطرة الإنسان السليمة في رحلته الدائمة للبحث عن العلم والمعرفة، جاء قرار السلطات الأمنية السودانية باغلاق اتحاد الكتاب السودانيين، وذلك إمتدادا للهجمة الأمنية الشرسة التي تشنها السلطات الأمنية، بداية من القرار الأمني الصادر باغلاق مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية، مرورا بإغلاق مركز الدراسات السودانية لمؤسسه د. حيدر إبراهيم، واستمرت الحملة الظلامية لتشمل دار الفنون ومن بعدها مركز تنمية قدرات المجتمع ومركز الأستاذ محمود محمد طه الثقافي، وغيرها من مؤسسات ومراكز الفكر والمعرفة ومصادرة كل محتوياتها وممتلكاتها في قرصنة لم تشهدها أكثر عصور التاريخ إنحطاطا وظلامية، وفي استهداف واضح ومتعمد لإغلاق كافة منابر الوعي والاستنارة والثقافة، وسد كل منافذ الفكر وانتاج المعرفة ليسود خطاب الجهل والتجهيل في عصر بلغت فيه حقوق الإنسان جيلها الخامس.
    تدين الجبهة السودانية للتغيير بأشد العبارات سلوك الأجهزة الأمنية الهمجي في الإعتداء على منابع العلم والفكر والمعرفة، ومصادرة دورها وممتلكاتها، والمحاولات المكشوفة والمفضوحة التي تمارسها هذه الأجهزة الرجعية ضد أصحاب الرأي ورواد الاستنارة وحماة حقوق الإنسان والمبدعين والفنانين وحملة القلم والفكر الحر والصحافة الجريئة والمنحازة لتمليك الشعب السوداني الحقائق والمعلومات. وتؤكد في نفس الوقت الآتي:
    أولا: إن هذا النظام الظلامي والموغل في الرجعية هو ألد أعداء الاستنارة والفكر وحرية الرأي والتعبير، بل ويجسد احتقاره وكراهيته لكل من ينتمي وما ينتمي للمؤسسات الثقافية والمثقفين وأصحاب الكلمة الحرة ودعاة التنوير والمدافعين عن حق الإنسان الحتمي في إمتلاك المعرفة.

    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77617:2015-02-07-06-49-03andcatid=37:2-4-2-0-4-9-1andItemid=63http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-2-0-4-9-1andItemid=63
                  

02-08-2015, 12:52 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    05:52 م Feb 8,2015
    سودانيز أون لاين
    عبدالله عثمان -
    مكتبتي في سودانيزاونلاين



    وفي مقال للأستاذ صلاح شعيب جاء
    Quote: مسيرة اتحاد الكتاب السودانيين ظلت تتأرجح بين الوعد، والإحباط. ولكن يبدو أن هذا الأمر طبيعي قياسا بظروف البلاد، ذلك إذا تتبعنا تاريخ العمل المدني الطوعي طوال فترة ما بعد الاستقلال. وقد شهدت مسيرة التكوين لاتحاد الراغبين في ترقية الشعور منذ بدء السبعينات تحديات جمة. وقد عكف الذين تحملوا مسؤولية قيادة الاتحاد السعي بكثير من الأناة، والصبر، والمناورة، إلى الحفاظ على حيوية، وفاعلية، التنظيم. فما بين العمل في بيئتي نظامين ديكتاتوريين يعاديان بطبيعتهما الرأي الآخر، وبين العمل في بيئة ديموقراطية كثفت أولوياتها في الـتأسيس الوطني، تعقدت مسؤولية الحادبين نحو شؤون الاتحاد التنظيمية.
    الآن وقع الفأس على رأس اتحاد الكتاب عقب إلحاق مصيره بمنظمات المجتمع المدني الطوعية التي صمم المؤتمر الوطني على تعطيل نشاطها بعد انتهاء أجل اتفاقية نيفاشا. فقد استهلت السلطة الحاكمة خطتها ـ بعد الخلاص من مشاكسات "التحول الديموقراطي" ـ بإيقاف الصحف غير الموالية، وتشريد الصحافيين الديموقراطيين. وقبل أن تنجح تماما في هذا المسعى القمعي ضاعفت خطتها باستهداف المراكز الثقافية، والأدبية، والمعنية بحقوق الإنسان. وما أن أحست بضعف مردود المقاومة حتى أغلقت مركز الخاتم عدلان، ومركز الفنون، ثم مركز الدراسات السودانية، ومركز الخرطوم، ومؤخرا عوقت نشاط مركز عبد الكريم ميرغني، ومركز الاستاذ محمود محمد طه، والقائمة تطول. وهذا الغلو في تجفيف منابع الإبداع ليس من المستغرب فيه. إذ إن استراتيجية النظام القائم ظلت واضحة، وهي تعويق كل جهد فكري، أو سياسي، أو أدبي، يشكل خطورة على استمرار سلطته الأحادية.

    حول إلغاء نشاط اتحاد الكتاب السودانيين .. بقلم: صلاح شعيب
    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77593:2015-02-06-18-35-47andcatid=126:1-0-4-9-1-1-0andItemid=55http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-4-9-1-1-0andItemid=55
                  

02-11-2015, 06:50 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    المرصد السوداني لحقوق الإنسان: مع اقتراب الانتخابات.. المزيد من إغلاق وإلغاء ومصادرة، وتقييد عمل المجتمع المدني فى السودان
    مركز الأستاذ محمود محمد طه الثقافي: مماطلة في تجديد الترخيص ثم إغلاق

    أنشئ مركز الأستاذ محمود محمد طه تخليداً لذكرى الأستاذ محمود الذي أعدمته محاكم نميري بتهمة الردة في 18 يناير 1985 ليصبح يوم مقتله يوماً لحقوق الإنسان في العالم العربي. وقد سجل المركز بشهادة من وزارة الثقافة والشباب في يونيو 2009. وقد نشط المركز في تنظيم المحاضرات واللقاءات المفتوحة حيث تجاوز ما نظمه من محاضرات وندوات عامة 500 محاضرة وندوة، بالإضافة إلى ورش العمل وحلقات تدريبية وسمنارات تناولت قضايا الثقافة والاجتماع والاقتصاد والسياسة وغيرها.[7] وقد ظل المركز منذ تأسيسه يقوم بتجديد ترخيصه سنوياً بعد تقديم المستندات اللازمة. لكن يقول مسئولو المركز "في نوفمبر 2013 تقدمنا بطلبنا المعتاد للتصريح السنوي لكن السلطات ظلت تماطل. وبالرغم من ذلك لم نيأس فاستمرت مطالبتنا لمسجلة عام الجمعيات الثقافية التى كانت تعتذر بأسباب واهية لا تدل إلا على عدم مهنيتها وعدم مهنية وزارة الثقافة في تصريف واجباتها المناطة بها، وأخيراً علمنا أن ملف المركز قد طلبه جهاز الأمن!! وعلمنا أيضاً فيما بعد أن هناك جهات تنفيذية لا ترغب في تجديد الترخيص لنا!!".[8]

    يقول مسئولو المركز إن زيارات رجال الأمن للمركز قد توالت طوال فترة انتظارهم لتجديد الترخيص، وقد عُطِّل نشاط المركز فعلياً خلال فترة الانتظار، كما تم استدعاء المسئولين عدِّة مرات لجهاز الأمن فرع محلية كرري؛ وقد تجاهلت السلطات طلب المركز إلى وزارة الثقافة بالردِّ على طلب تجديد الترخيص أو السماح لهم بالاحتفال بذكرى الأستاذ محمود، والتي درج المركز على إحيائها سنوياً ريثما تبتُّ السلطات في مسألة الترخيص، كذلك تجاهل مسئولو الدولة، طلب المركز مرات عديدة مقابلة الوزير المختص، ولكن دون جدوى حتى إغلاق المركز!!

    أفاد مسئولو المركز أن قوة من رجال الأمن مسلحين ببنادق الكلاشنكوف أحاطت بالمركز في نوفمبر 2014 في وقت كان 17 من أعضاء المركز مجتمعين لمناقشة برنامج احتفالات ذكرى الأستاذ محمود؛ وفي ذات الوقت كانت اللجنة التنفيذية للمركز أيضاً مجتمعة لمناقشة مسائل تتصل بذات الاحتفال . إتهم رجال الأمن أعضاء المركز بأنهم يمارسون عملاً سياسياً وقاموا بفض الاجتماعين بعنف وفظاظة غير مبررة. وفي 14 ديسمبر استدعي مسئولو المركز مرة أخرى من قبل جهاز الأمن لاستجوابهم عن برنامج الاحتفال المُزمع قيامه في يوم 18 يناير.

    يقول مسئولو المركز أنهم تلقّوا يوم 15 يناير محادثة تلفونية بأن هناك أوامر ألا يقوم الاحتفال بالذكرى، فاجتمعت اللجنة التنفيذية التى قررت ألا تتراجع عن الاحتفال وليس هناك ما يبرر هذا المنع طالما أنهم سيحتفلون داخل المركز؛ وبالفعل أقيم الاحتفال، وبعد حوالي 45 دقيقة حضرت قوة من الأمن يحملون العصى، وخراطيش بلاستيكية بالإضافة إلى المسدسات، وأمروا الحاضرين بالتفرق ذاكرين أن لديهم أمراً بإغلاق المركز، لكنهم لم يبرزوا أي مستند رسمي يدل على هذه الأوامر. وقد لوحظ أن خطاب الإغلاق الذي سُلِّم للمركز يوم 20 يناير أُرخ بتاريخ 15 يناير. انفض المشاركون وساروا يرددون الذكر حيث واصلوا احتفالهم في منزل أحد الأعضاء الذي أحاطت به قوة من مكافحة الشغب[9].

    وتشير تقارير إلى أن قوة من الأمن فضَّت في مساء نفس اليوم، احتفالاً بذكرى الأستاذ محمود أقامه المركز السوداني لحقوق الإنسان المقارنة في إحدى القاعات بجامعة الأحفاد بالرغم من أن العرف والممارسة القائمة لا تقتضي الحصول على إذن للمحاضرات داخل الحرم الجامعي، وقد أفاد بعض الحاضرين أن بعض أفراد القوة الأمنية التي فضَّت اللقاء، استعملوا كلمات غير لائقة في مخاطبة المشاركين والمشاركات.

    نقلا عن سودانايل
    صدر بتاريخ 9 فبراير 2015
    http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77707:2015-02-09-17-53-29andcatid=42:6-5-3-1-4-9-0andItemid=60http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articl...-3-1-4-9-0andItemid=60
                  

02-11-2015, 06:53 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)


    لا يُحكى: فقر "سيتوبلازمات" الفكر السياسي السوداني .. بقلم: عماد البليك
    في فترة، ربما في نهاية الستينات من القرن الماضي، إلى نهاية الثمانينات كان ثمة نوع من الهروب أو الهجرة من اليسار إلى اليمين، من الشيوعية إلى المحافظة في التفكير، وكان ذلك الفعل في السودان يتخذ موقفا ملحوظا من خلال بعض النماذج وأبرزها المحامي أحمد سليمان الذي كتب "مشيناها خطى" في سيرة التحول والتغيير وقدرة الذات على الانفلات من المحطة الواحدة، وهناك أيضا عمر ياسين الإمام وعبدالباسط سبدرات وآخرين. وبغض النظر عن مناقشة العمق المعرفي الذي كان وراء حدوث هذا النوع من التحول، وهل كان مرتبطا لدرجة ما بسياق السياسة والمتغيرات في هذا الجانب جراء انكسار الشيوعية في سنوات النميري الأولى وتعرضها للجفاف الذي بدأ يضربها فعليا منذ تلك الأيام، فقد بدا من الجلي أن هجرة اليسار إلى اليمين تبتعد يوميا باتجاه ليس المحافظة بل الدوران على فعل الإسلام التقليدي إلى أشواق المتصوفة والبحث عن جذور للشيوعية وقيمها الاقتصادية والاجتماعية داخل الفكر الإسلامي.
    لقد تكثف هذا الفعل في رغبة الانتقال وتغذية الأشواق اتجاه جهة ما قد لا تكون محددة أو مرئية، وأصبح التصوف في أحيان غالبة هو الملجأ الأخير للشيوعي "التائب" بحيث نصل إلى تلك اللحظة الغامضة التي كان قد أشار إليها القدماء عندما يكون اليقين والشك وجهان لعملة واحدة.
    وقد كنت في سن مبكرة كثير الاستغراب لسر غرام اليسار السوداني بالأستاذ محمود محمد طه وفكره، وهل السبب يتعلق بأنهم يرون فيه صورة للإسلام الجديد المنشود المتحرر من الغلواء والتعصب والتشدد؟ أم أمر آخر، بخلاف التباين في القواعد التي يقوم عليها كل من الطرفين. لكن سؤالي لم يقف هنا فالبحث عن أسباب الشيء ومسبباته يجب ألا يقف عند حدود الشكل والظاهر، بل يجب أن ينفذ إلى الخواص اللامرئية أو الطبقات التحتية التي تشكل ما يتحرك أو يتمثل في المرئي.
    وبمثلما يفكر الفيلسوف والمحلل النفساني الفرنسي الأكثر حداثة ميغال بنسياغ، فالتاريخ "ليس تاريخ التمثلات إنما ينجم عن عدد هائل من الأحداث الصغري..".. ".. ففي الغالب فإن الأحداث الصغرى هي التي تؤسس لتلك الكبرى". وبهذا الافتراض النظري الفلسفي فإن البحث عن جذور العلاقة بين اليسار والتصوف والمحمودية، يعني أن نعيد التفكير في تلك الأحداث الصغرى التي لم يقف عندها المفكر أو الباحث السوداني بدقة، فالغالب في تحليل الأوضاع والتغيرات في متشكل الظرف الاجتماعي والسياسي عندنا قائم على الشكليات والقيم الكبرى والدوال النهائية، في حين نهمل بدرجة كبيرة ما وراء ذلك، ما يعرف بذراري المتمثل، تلك الحبكات الصغيرة التي ليس لأحد يراها سوى بميكروسكوب معقد من الوعي والجدل والاستنارة.
    لكن السؤال الذي يقف هنا. هل كان لدينا ذات يوم نوع من التفكير الفلسفي والجدلي البعيد.. أي العميق في سبر أغوار المنتجات والتمثلات والأخيلة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها في المجتمع السوداني. هل وقفنا ذات يوم لنحلل مثلا ظاهرة معينة اجتماعية على سبيل المثال، مثلا.. علاقة السودانيين بطقس الموت ولماذا يحمل تنازلات معينة لصالح زمن يتوقف رهانا للتمجيد والاحتفاء الذي سرعان ما ينزوي ويُنسى، وهل لذلك علاقة بالتاريخ الاجتماعي المتراكم.. وربما قضايا كثيرة لا حصر لها، فكل ظاهرة أو تقليد أو متجسد معين يتطلب البحث عن ما وراءه من دوافع سواء كانت مقصودة أم تلقائية تشكلت عبر حلقة من الأزمنة المتداخلة بحيث يصعب الفرز أو إيجاد البداية.
    دائما يمكن العثور أو الوصول إلى إجابات جاهزة.. وهذا هو الشيء الأسهل، عندما ينتهي السؤال إلى إجابة معلبة. لكن هذا النوع من الإجابات سريع العطب وفاسد، كما أن حضور الإجابة لا يعني أننا أذكياء، والسائد في فكرنا السوداني هو تلك الفيزيقية بإسباغ الدلائل والأحكام وفيضانها الكبير على الأسئلة بحيث تغطي على رغبة الكائن على توليد المزيد من الاستفهامات. ومعروف أن العقل البشري يطور المحيط والبيئة والحياة عموما من خلال الشك العارف لا اليقين المستسلم.. من خلال التحريك لا الجمود، لهذا نرى كل يوم مخترعا جديدا أو قيمة وليدة تضاف للعالم المرئي أو الجمالي أو المكتسب المعرفي عموما.
    يظن غالبيةٌ أن الشيوعية وجدت في اليمين.. المحمودي أو الصوفي ملاذا بديلا.. أو اختراعا لمثال لم يتحقق في المادي والملموس في محاولات أنسنة الجدليات الماركسية في فعل الحياة والممارسات.. أو يحاول أن يربط بين جذور التشكيل للعقل المحلي وكونه متعلق بالغيبيات والجذر العقائدي الديني وغيرها ليصل إلى الإجابة. لكن ليست المتحصلات تأتي بهذا الشكل. حتى لو كانت التمثلات أن هناك من هجر الفكرة إلى تضرع واضح انعكس في صلاة ليلية عميقة أو تبتل.. بحيث يكون للمنقطع من فكر المادة أن يتهامس ويتعايش مع المنفتح من فكر الروح والهيوليات.
    لقد لفت انتباهي أحد ممارسي السياسة في السودان وهو أحد القادة الحزبيين إلى ما اسماه "سطحية اليمين واليسار" وهو يتكلم عن الفكر السياسي وفقره في السودان، وكيف أن كلاهما سواء اليمين واليسار قائمين على مناظير مسطحة في وعي الذات والتماهي مع الآخر.. وهذا يعني ليس عدم القدرة على الإنتاج وتوليد الجديد وبالتالي المساهمة في إبداع حياة أكثر نعمة للمجتمع، بل يعني قبل ذلك أننا أمام ظواهر هي نتاج ظرفيات التاريخ وعدم قدرتنا على الاستجابة المعقلنة لما يحدث، إذ يهيمن الوقتي واللحظي.. والتفكير الفقاعي، فالمبادئ والمفاهيم عندنا غائبة، أي تحديد نوعية وحجم وافتراضات الأشكال التي تصنع المجسدات والملموسات، فنحن نهتم بإنتاج تصنيمات متواترة من الخلاصات التي لم تستند لوعي عميق في الاستنارة المطلوبة.. تلك التي تقوم على إدراك للذات يقوم على استنطاق السيتوبلازمات المركزية التي تشكل الأبعاد البنائية للتجليات والمرئيات.
    إن ظاهرة البحث عن اليسار في وسط اليمين عبر أشكال التصوف والإسلام الذي يميل للطقوس الشعبية والتقاليد المتوارثة في المجتمع لاسيما في التماهي مع البعد الأفريقي، يعني ذلك رغبة في إنتاج سياق جديد للذات لكن هذا لا يكتمل إلا عبر مجموعة من المراجعات التي تحدد كيف كان ذلك وإلى أين يسير، والملاحظة نفسها تنطبق على مسار الممارسة في الحركات التي تتبنى اليمين والعقيدة الدينية، فهي الأخرى قد استفادت من آليات اليسار في فعل التنظيم السياسي وهرمية البناء، وبالتالي فيمكن القول إن هناك تداخل يتم وخبرات تتناسخ بطريقة غير محسوبة بدقة أو مبرمجة. وهذا هو – ربما - ما يصفه ذلك الممارس السياسي، بـ" التسطيح" لأن افتقاد الرؤية والبصيرة في القيام بالشيء يحول الممارس أو الفاعل إلى باحث لم يستقر بعد على النتيجة، وإذا كان البحث نفسه شكلا إيجابيا في الوعي. إلا أن البحث المجرد عن الانتباه لقيمة الذات وموقعها في الإطار التاريخي والموضع الظرفي للوقائع والمتغيرات، لا يفضي لغير الدوران العشوائي الذي يقود في النهاية للنقطة نفسها التي كانت البداية عندها.


    http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77694:---qq-------andcatid=34:0-6-8-3-1-6-8andItemid=55http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articl...-8-3-1-6-8andItemid=55
                  

02-11-2015, 06:58 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)


    الأستاذ تاج السر عثمان ومصادر الفكر الجمهوري .. بقلم: بدر موسى
    mailto:[email protected]@yahoo.com
    في مقاله بعنوان مصادر الفكر الجمهوري كتب الأستاذ تاج السر عثمان يقول عن كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير "صاحب الفهم الجديد للاسلام ، محمود محمد طه والمثقفون ، قراءة في المواقف وتزوير التاريخ" الذي صدر عن دار رؤية للنشر والتوزيع بالقاهرة 2013م:
    "لا شك أن الكتاب يمثل جهدا توثيقيا عظيما يفيد الباحثين والدارسين في تحليل ومناقشة الفكر الجمهوري ، فضلا عن أنه توثيق مهم لأحد رموز الفكر السوداني ومدرسته في تجديد الفكر الإسلامي.
    الكتاب يفتح شهية الدارسين والباحثين للتعمق في دراسة الفكر الجمهوري ، علي أن الكتاب ليس بديلا عن الدراسة والإطلاع علي مؤلفات الأستاذ محمود محمد طه وكتيبات ومنشورات الأخوان الجمهوريين والحزب الجمهوري ، وخاصة تلك التي صدرت في الفترة ( 1945- 1985م). اذكر أنني كنت مهتما بالدراسة الناقدة للفكر الجمهوري منذ أواخر ستينيات القرن الماضي في مدينة عطبرة ، وفي النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي في جامعة الخرطوم، وتمكنت في العام 1994م من إنجاز كتاب بعنوان " تقويم نقدي للفكر الجمهوري : 1945- 1985م" ، رجعت فيه للمصادر الأولية للفكر الجمهوري المشار اليها أعلاه، آمل أن يري النور قريبا".
    ولا أخفي سراً حين أعترف بأن هذه الفقرة في بداية المقال كانت قد ملأتني بالتفاؤل وبشرتني بقراءة ممتعة ومحايدة عن الكتاب الضخم حجماً ونوعاً، وزادت سعادتي أكثر عندما وجدت في نفس الفقرة الوعد المبذول بقرب صدور كتاب الأستاذ تاج السر عثمان عن الفكرة الجمهورية الذي انتهى من كتابته كما يقول في العام 1994، ولم ير النور حتى الآن، ولكن خاب أملي بمجرد انطلاقي في قراءة المقال، ولازمني هذا الشعور متعمقاً كلما انتقلت من فقرة في المقال إلى الفقرة التي تليها، لسبب رئيسي وبسيط، هو أن الكتاب لم يهتم بالدقة في توثيق الخلاصات التي انتهى إليها، كما سأحاول بيانه في كتابتي هذه.
    فالأستاذ تاج السر الذي أكد في مستهل مقاله بأهمية الاعتماد على المصادر في قراءة ونقد الفكرة الجمهورية، لم يلبث أن خالف هو نفسه في مقاله هذا، وربما في كتابه الموعود أيضاً، إن كان المقال ملخصاً أو مقتطفاً من الكتاب، كما يبدو لي.
    الخلاصة التي خرجت بها هي أن هذا المقال يريد أن يقول بأن الأستاذ محمود لم يأت بجديد، لماذ؟ لأن هناك الكثير من المواضيع الأساسية التي التي تناولها الأستاذ محمود محمد طه، في اعتقاد الكاتب، قد سبق للآخرين الحديث عنها باستفاضة، وخاصة كبار المتصوفة من أمثال إبن عربي، وابن عطاء الله السكندري، والحلاج، وغيرهم من كبار شيوخ التصوف الأجلاء الذين أشار إليهم الكاتب، وكأنه يريد أن يقوّل الأستاذ محمود ما لم يقله، وهو أن ما جاء به من معارف لدنية سامية لم يتطرق إلى طرف منها إنس ولا جن قبله، وهو على غير الحق، كما آمل أن أبين. ولكن لماذا هذا الزعم من الكاتب، لأن الأستاذ محمود قد كتب العبارة التي أساء الكاتب فهمها، وبنى على سوء فهمه لها كل الخلاصات المجحفة. فالعبارة التي استند إليها ليخرج بهذه الخلاصات الغريبة هي قول الأستاذ محمود:
    " أما بعد ، فان هذا القول غريب ، ولم يقل به أحد من الأمة من لدن نزول القرآن والي اليوم، ولكنه صحيح، وهو حق، بل ليس غيره حق اليوم".
    ولو أن الكاتب استند على بقية أقوال الأستاذ محمود المستفيضة والموثقة في كتبه ومحاضراته لما أدنى عناء في فهم العبارة التي اتخذها حجة وتكية يتكيء عليها ليبني الافتراضات الجائرة، ثم يفندها في محاولة هي أشبه للفهلوة منها للبحث العلمي المحايد الذي يتبع المنهج الصارم للوصول إلى النهايات الصحيحة، خاصة مثل هذه الخلاصة الخطيرة التي وصل لها الكاتب.
    فعبارة الأستاذ لمن قرأ كتبه، كما يقول الكاتب أنه قرأها، لا يمكن بأي حال أن تعني بأن كل طرف مما تطرق إليه الأستاذ محمود من معارف البشر الذين سبقوه هي بالضرورة جديدة تمام الجدة في كل شيء، في مبناها ومعناها ومصدرها الذي صدرت منه، ألا وهو في البدء وفي الآخر، الذات الإلهية، التي لا تعلم ولا تعلّم علماَ مستأنفاً، كما سلفت بذلك شروحاته المستفيضة فيما كتب وقال الأستاذ محمود الذي علمنا معنى قول النبي الكريم عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم: "خَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ"، وعلّمنا الأستاذ محمود كذلك بأن الإسلام رسالة واحدة خالدة نزلت على اقساط مع كل نبي مرسل، وجماع تشاريعهم تنزيل لهذه العبارة، ويذكرنا في هذا بحديث السيد المسيح عليه السلام:" ما جئت لأنقض بل لأكمل "، وعلمنا أن جميع الأنبياء قد رضعوا من ثدي الحقيقة الالهية، وكيف أن هذا هو المعنى من عبارة فوق كل ذي علم عليم، وكله من علم الله المطلق الذي لا يناقض بعضه بعضاً، بل يكمله ويزيد عليه ويفصل، وإن تقسط بقدر ما يطيق المتلقي الذي حفته العناية الإلهية فضلاً بما أسبغت عليه من العلم اللدني المطلق الذي ليس له بداية ولا نهاية، لأن بدايته في الأزل ونهايته في الأزل، وكيف أن هذا هو بعض معنى ما جاء في الآية الكريمة: " وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم"، البقرة:282. وكل هذا قليل من كثير استفاضت به كتب ومحاضرات الأستاذ محمود، فكيف بعد قراءتك لكل هذا تظن مجرد الظن أن الأستاذ محمود يقصد من عبارته التي اقتطفتها أنه يعلم الحقيقة المطلقة التي لا يعلمها غيره؟ ما هو سندك لهذا الفهم وأنت تزعم بأنك مطلع على ما كتب؟ الأمر البديهي الذي ما كان يجب أن يأخذ منك كثير الجهد في الفهم هو أن العبارة التي اقتطفتها لا تحتمل من المعنى إلا ما يشير إلى المعارف التي لم يتفضل الله بها على أحد من عباده غير الأستاذ محمود، بمعنى أن الله قد خصه بهذه المعرفة، وهو أمر قد يبدو غريباً للوهلة الأولى، ولكن معرفة قليلة بدقائق حقائق الدين، تقول بأن علم الله لا ينفد ولا يحيط بما عنده أحد، لأنه كل يوم هو في شأن، وشأنه إبداء ذاته لخلقه حتى يعرفوه، وأن الله سبحانه وتعالى لا يتجلى لأي ذرة في الوجود بنفس تجليه على غيرها، لأن الألوهية لا تكرر نفسها، وهو الذي يعني بأن العلم اللدني هو موعودنا جميعاً حين نلاقيه، حتماً مقضياً، كما جاء في الآية "يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ"، فإن هذه الملاقاة الحتمية كما يعلمنا الأستاذ محمود تكون بالعلم، وبالقرب من الله، ليس قرباً مكانياً ولا قرباً زمانياً، تعالى الله عن ذلك، فهو لا يحيويه الزمان ولا المكان، ولكنه قرب بالمعرفة التي يتفضل بها الله على عباده المخلصين، وهي معرفة جديدة وزائدة بما لا يقاس على كل ما سبق لهم معرفته من قبل، سواءً كان مما علمه الأنبياء أو الرسل والصالحين والعلماء من البشر، أو حتى العلم الذي يتحصل من معرفة الكون المادي الذي عرفوا عنه القليل وغاب عنهم الكثير. هذا هو معنى العبارة التي يبدو أنها قد ضللت الكاتب، وما كان لها أن تضلله لو أنه كان يقرأ بحياد، وإلا فإن فيما كتبه الأستاذ محمود ما يكفي ليدلل عليها، لأنك حين تقرأه بحياد لا تملك إلا بأن تسلم بأن هذا حديث يحتوي على الجديد الخطر الذي لم نسمع به من قبل، بمعنى أن فيه من علم جديد مما لا يمكن أن تخطئه عين القاريء البسيط، دعك من أن يكون قارئاً مثقفا، وً باحثاً يتصدى لمسئولية الكتابة، لتثقيف نفسه، ويتحمل المسئولية لتعليم الناس وتنويرهم.
    فهل حقيقة لم تطالع الكاتب أي معرفة جديدة فيما قرأ للأستاذ محمود، أم أنه متحامل في حكمه المضلل هذا؟ هل كل ما أشار له الكاتب مما تحدث عنه السادة الصوفية هو قصارى ما جاء به الأستاذ محمود، ولم يتجاوزه ويزيد عليه من العلم اللدني الذي وهبه له علام الغيوب؟ إن السادة الصوفية،على جلالة قدرهم وسمو معرفتهم، لم يحيطوا أو ينالوا كل ما عند الله من علم، هذه بداهة وحقيقة لا يمكن أن تغيب عن عقل يعرف أقل المعرفة عن الله المطلق ذو العلم المطلق، فهم في أفضل حالاتهم قد علموا شيئاً مما علمهم الله، ولكنهم أيضاً عرفوا وقالوا بأن أعلم عالم بجانب الله أحمق من بعير، وذلك تصديقاً لقول نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، الذي قال: "إن الله أجلُ وأخطرُ من أن يحيط بما عنده أحد". فليس غريباً أن يكون بعض أولياء التصوف الكبار قد علموا من الله ما أورده الكاتب، ولكن الغريب هو أن يستكثر الكاتب على الأستاذ محمود أن يعلم من الله علماً جديداً لم يعلمه الله لغيره من السابقين، حتى بعد أن اطلع على كتبه وبحثها بحثاً مستفيضاً، كما يقول. وأنا هنا أريد أن أسأل الكاتب سؤالاً بسيطاً عما قرأ، وأرجوه أن يكون صادقاً معي ومع القراء أن يدلنا على من سبق الأستاذ محمود في قول بعض أساسيات فكرته التي دعا إليها؟ فهل سمع الكاتب مثلاً من سبق الأستاذ محمود بالقول عن أساس دعوته لتطوير التشريع والقول بأن في القرآن مستويين من الآيات، مستوى الأصول ومستوى الفروع. وبذلك يصلح الإسلام لهذا العصر، كما قد صلح في الماضي البعيد الذي كانت تختلف مشاكله عن مشاكل العصر الحاضر، ويختلف قدر عقول الناس وهذا ما سُمي عند الأستاذ محمود "برسالة الإسلام الثانية"، وقوله بأن رسول كلتا الرسالتين الأولى والثانية هو نبينا محمد، عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم؟ هل قال السادة الصوفية الذين أشار لهم الكاتب مثل هذا القول العجيب الغريب؟ هذا باختصار هو أهم القول الذي جاء مفصلاً، ومبوباً، في كتب كثيرة ومحاضرات للأستاذ محمود، وعلى رأسها كتاب: "الرسالة الثانية من الإسلام" الذي أحب أن أنقل منه هنا، بإيجاز شديد ما يلي:
    فإن كمال الشريعة الإسلامية إنما هو في كونها جسما حياً، نامياً، متطوراً، يواكب تطور الحياة الحية، النامية، المتطورة، ويوجه خطاها، ويرسم خط سيرها في منازل القرب من الله، منزلة، منزلة.. ولن تنفك الحياة سائرة إلى الله في طريق رجعاها، فما من ذلك بد.. ((يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه)).. وإنما تتم الملاقاة بفضل الله، ثم بفضل إرشاد الشريعة الإسلامية في مستوياتها الثلاث: الشريعة، والطريقة، والحقيقة.. وتطور الشريعة، كما أسلفنا القول، إنما هو انتقال من نص إلى نص.. من نص كان هو صاحب الوقت في القرن السابع فأحكم إلى نص اعتبر يومئذ أكبر من الوقت فنسخ.. قال تعالى: ((ما ننسخ من آية، أو ننسئها نأت بخير منها، أو مثلها.. ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير؟)).. قوله: ((ما ننسخ من آية)) يعني: ما نلغي، ونرفع من حكم آية.. قوله: ((أو ننسئها)) يعني نؤجل من فعل حكمها.. ((نأت بخير منها)) يعني أقرب لفهم الناس، وأدخل في حكم وقتهم من المنسأة.. ((أو مثلها)) يعني نعيدها، هي نفسها، إلى الحكم حين يحين وقتها.. فكأن الآيات التي نسخت إنما نسخت لحكم الوقت، فهي مرجأة إلى أن يحين حينها.. فإذا حان حينها فقد أصبحت هي صاحبة الوقت، ويكون لها الحكم، وتصبح، بذلك هي الآية المحكمة، وتصير الآية التي كانت محكمة، في القرن السابع، منسوخة الآن.. هذا هو معنى حكم الوقت.. للقرن السابع آيات الفروع، وللقرن العشرين آيات الأصول.. وهذه هي الحكمة وراء النسخ.. فليس النسخ، إذن، إلغاء تاما، وإنما هو إرجاء يتحين الحين، ويتوقت الوقت.. ونحن في تطويرنا هذا إنما ننظر إلى الحكمة من وراء النص.. فإذا خدمت آية الفرع التي كانت ناسخة في القرن السابع لآية الأصل غرضها حتى استنفدته، وأصبحت غير كافية للوقت الجديد - القرن العشرين - فقد حان الحين لنسخها هي، وبعث آية الأصل، التي كانت منسوخة في القرن السابع لتكون هي صاحبة الحكم في القرن العشرين، وعليها يقوم التشريع الجديد.. هذا هو معنى تطوير التشريع.. فإنما هو انتقال من نص خدم غرضه.. خدمه حتى استنفده إلى نص كان مدخرا يومئذ إلى أن يحين حينه.. فالتطوير، إذن، ليس قفزاً عبر الفضاء، ولا هو قول بالرأي الفج، وإنما هو انتقال من نص إلى نص..
    هل قرأت مثل هذا يا أستاذ تاج السر عند أحد من قبل؟ ويقول الأستاذ تاج السر عثمان وللغرابة:
    "المصدر الثاني من مصادر الفكر الجمهوري هو: الفكر الإنساني ، ونعني به الفكر الإنساني الذي تبلور بعد الثورة الفرنسية التي طرحت الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والإخاء والمساواة بين الناس غض النظر عن الدين أو الجنس ، فظهرت الديمقراطية الليبرالية ، وحقوق الإنسان، وفصل الدين عن السياسة أو الدولة ، وظهرت أفكار الاصلاح الديني التي تناسب تطور المجتمع الرأسمالي الحديث ، ونظريات الإقتصاد الحر."
    فهل أنكر الأستاذ محمود هذه البديهية أم أنه أكدها وأمن عليها، مثلما أكد القول عن ما أكرمنا به السادة الصوفية من معارف بلغتنا من تراثهم العرفاني؟ إن لم يكن الكاتب قد قرأ فليسمح لي بأن أنقل له بإيجاز بعض ما جاء في كتاب الجمهوريين: "مقترحات الأزهر للدستور الإسلامي جهالة لا تمثل الدين"، الطبعة الأولي أغسطس 1979 م ــ رمضان 1399 هـ، وتحت العنوان الجانبي الفكر السياسي الإنساني هو ميراث الجميع:
    كما سبقت الإشارة فإن جماع التجربة البشرية هي ميراث الإنسانية المعاصرة .. والإسلام هو الميزان الذي به نتحقق من نفع أي جانب من جوانب تلك التجربة وصلاحيته للتطبيق اليوم. فنحن المسلمون ورثة جميع التراث الإنساني ، وعلينا أن نقبل عليه بالعقل المؤدب بأدب الدين.. ونحن نقدر أن الله سبحانه وتعالي قد سخر لنا كل ذلك، وبذله لهدايتنا، وتسديد سيرنا إليه .. اقرأ قوله تعالي : (ِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِينا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً * وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً).
    فالجمهوريون لهذا لا يحتاجون لأن يذكروا بأن المعارف الانسانية تراكمية تبني وتتطور عبر الزمن، بل هم يذهبون إلى أبعد من هذا بتأكيد أن مصدر المعرفة واحد، هو الله العالم العلم المطلق، الذي لا يناقض علمه بعض علمه، والذي قال في محكم تنزيله: " وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ" وقال كذك: "وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ"، والجمهوريون قد بينوا معنى ذلك، وفصلوه مما علمهم الأستاذ محمود، وبما ينفع سير المسلمين ويطورهم، ويدلهم على معالم الطريق إلى نيل المعارف اللدنية التي لا جهل بعدها، ألا وهو طريق محمد الذي سار فيه في الأستاذ محمود إلى سدرة منتهاه، وحقق به ثمرته من لقاء ربه كفاحاً، وهي الثمرة التي بثها وبذلها معرفة للناس كافة، وقال عن هذا الطريق الذي خبره وأخبر عنه أننا قد استيقنا بأن بتقليد محمد تتوحد الأمة ويتجدد دينها، وقال فيه ما اقتطفه كاتب المقال: "وجل ما أريد هو أن يأخذ الناس – كل الناس- أنفسهم بالسير خلف المعصوم في إتقان وتجويد لتقليده في اسلوب عبادته وفيما يطيقون من أسلوب عادته حتي يأخذوا من سمت هذه الحياة الخصبة، المهتدية الهادية، مفتاح مغاليق القرآن، فيتهيأوا لذلك للأخذ من الله كفاحا، ويكون سبيلهم الي صفاء عقولهم والي سلامة عقولهم، فتتم لهم بذلك الحياة الكاملة حياة الفكر والشعور". فهل يتهم من قال هذا بمثل هذه الاتهامات التي يرسلها الأستاذ تاج السر بلا حياد يقتضيه البحث الصادق، وبلا وازع، ولا ورع، ولا مسئولية؟ والأستاذ تاج السر رجل يساري معروف، فهل يعلم برجل دين عرف للماركسية قدرها وفائدتها العظيمة في مسيرة الانسانية كما عرفها الأستاذ محمود؟ وهل يعلم برجل دين غير الأستاذ محمود وقف مدافعاً عن حق الحزب الشيوعي في الوجود والتنظيم والتعبير مثلما وقف الأستاذ محمود عندما صدر قرار حله في عام 1966 وطرد نوابه المنتخبون من الجمعية التأسيسية؟ ألا يستحق هذا الموقف لوحده الانصاف والحياد في قراءة ما كتب الأستاذ محمود، ولو من باب الحياد في البحث العلمي بدلاً من تقويله كبيرة من الكبائر التي لا تصدر إلا من الأغرار، مثلما قوله الأستاذ تاج السر عثمان؟ هل حقيقة لا يزال الأستاذ تاج السر، وبعد كل الذي سبق من تفصيل أعلاه، يعتقد أو يظن مجرد الظن أن الأستاذ محمود يقول بأنه قد أمتلك الحقيقة المطلقة التي لم يمتلكها أحد؟ أرجو صادقاً أن يراجع الأستاذ تاج السر عثمان قوله هذا، فهو على أيسر تقدير قول لا يليق في حق الأستاذ محمود، ولا يشبهه، وهذا القدر اليسير من المعرفة به بفضل الله قد أصبح من المعلوم بالضرورة عنه بين الكثير من المثقفين السودانيين وحتى من غير السودانيين الذين اندفعوا أخيراً نحو قراءة ما كتب الأستاذ محمود في عصر المعلومات الاسفيرية هذا، والذي لم تعد تخفى فيه معلومة موثقة عن أحد.
    وإن سمح لي الأستاذ تاج السر بنصيحة أخيرة، فإني أرجوه أن لا يزيد من خطاياه بنشر كتابه الذي وعدنا به، إن كان يسير في نفس خط مقاله هذا الذي بين ايدينا، وأن يراجعه عشرات المرات حتى لا يتحمل وزره ووزر كل من يعتمد عليه من القراء, سلام سلام سلام

    http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77693:2015-02-09-08-29-40andcatid=34:0-6-8-3-1-6-8andItemid=55http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articl...-8-3-1-6-8andItemid=55
                  

02-11-2015, 07:00 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)


    مصادر الفكر الجمهوري .. بقلم: تاج السر عثمان
    صدر عن دار رؤية للنشر والتوزيع بالقاهرة 2013 م مؤلف عبد الله الفكر البشير :" صاحب الفهم الجديد للاسلام ، محمود محمد طه والمثقفون ، قراءة في المواقف وتزوير التاريخ". جاء الكتاب في 1278 صفحة من القطع المتوسط ، ويتكون من خمسة أبواب تشمل ثمانية عشر فصلا ، الي جانب المقدمة والخاتمة والفهارس ، وبلغ عدد الملاحق في نهاية الكتاب "56" ، قدم للكتاب عصام عبد الرحمن البوشي.
    لاشك أن الكتاب يمثل جهدا توثيقيا عظيما يفيد الباحثين والدارسين في تحليل ومناقشة الفكر الجمهوري ، فضلا عن أنه توثيق مهم لأحد رموز الفكر السوداني ومدرسته في تجديد الفكر الإسلامي.
    الكتاب يفتح شهية الدارسين والباحثين للتعمق في دراسة الفكر الجمهوري ، علي أن الكتاب ليس بديلا عن الدراسة والإطلاع علي مؤلفات الأستاذ محمود محمد طه وكتيبات ومنشورات الأخوان الجمهوريين والحزب الجمهوري ، وخاصة تلك التي صدرت في الفترة ( 1945- 1985م). اذكر أنني كنت مهتما بالدراسة الناقدة للفكر الجمهوري منذ أواخر ستينيات القرن الماضي في مدينة عطبرة ، وفي النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي في جامعة الخرطوم، وتمكنت في العام 1994م من إنجاز كتاب بعنوان " تقويم نقدي للفكر الجمهوري : 1945- 1985م" ، رجعت فيه للمصادر الأولية للفكر الجمهوري المشار اليها أعلاه، آمل أن يري النور قريبا.
    من القضايا التي اهتميت بها في دراسة الفكر الجمهوري هي: مسألة مصادر الفكر الجمهوري. لفت نظري في مؤلف عبد الله الفكي البشير أنه لم يشر الي مصادر الفكر الجمهوري. ومعلوم أن اي فكر أو نظرية لابد أن تستند علي التراكم المعرفي السابق، وبعد الدراسة النقدية للتراث السابق يتم اضافة الجديد.
    علي سبيل عندما أسس ماركس نظريته عن تطور المجتمع تناول بالدراسة والنقد منجزات الفكر الفلسفي والاقتصادي والاشتراكي السابق الذي تطور في : الفلسفة الألمانية " ديالكتيك هيغل ومادية فورباخ ..الخ، ومنجزات الاقتصاد السياسي في انجلترا الذي تطور علي يد: آدم سميث ، وريكاردو..الخ، ومنجزات الفكر الاشتراكي الخيالي الذي تطور في فرنسا علي يد :فورييه وأوين..الخ، وكانت حصيلة الدراسة النقدية: اكتشاف المفهوم المادي للتاريخ الذي أوضحه في مؤلفه " الايديولوجية الألمانية" ، واكتشاف سر الاستغلال الرأسمالي الذي تجلي في نظرية فائض القيمة التي اوضحها في مؤلفه " الرأسمال" الذي يحمل عنوانا فرعيا" نقد الاقتصادي السياسي البورجوازي".
    علي أنه عند دراسة الفكر الجمهوري لاتجد إشارة واضحة للمصادر المعرفية للفكر الجمهوري ،وسوف نتناول في هذا البحث مصادر الفكر الجمهوري التي تم استخلاصها من مؤلفات الأستاذ محمود محمد طه ، فماهي مصادر الفكر الجمهوري؟؟.
    يمكن أن نستخلص مصادر الفكر الجمهوري كما وردت في مؤلفات الأستاذ محمود محمد طه علي النحو التالي:
    1.
    القرآن والسنة والفقه والسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي بشكل عام، وفي الإسلام يشكل التصوف الإسلامي مصدرا مهما من مصادر الفكر الجمهوري.
    2.
    الفكر الإنساني أو التراث البشري ، كما يرد في مؤلفات الجمهوريين حيث يقولون أن مقياسهم " لاإله الا الله " وأخذ الصالح من التراث البشري ونبذ الطالح.
    التصوف الإسلامي:
    في مؤلفات محمود محمد طه نجد استشهادات مختلفة في أماكن مختلفة لأقطاب التصوف الإسلامي مثل : العارف الجنيد ، وأبو عطاء السكندري ، ابن عربي ..الخ. فمثلا يورد طه الأمثلة التالية :
    قال سلطان العاشقين ابن الفارض :
    زدني بفرط الحسن فيك تحيرا
    وأرحم حشي بلظي هواك تسعرا
    كما يورد حكمة لإبن عطاء السكندري :
    " رب معصية أورثت ذلا وانكسارا خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا"( محمود محمد طه: القرآن ومصطفي محمود والفهم العصري، مطبعة مصر سودان ليمتد يناير 1971م ، ص 107").
    كما يورد للعارف النابلسي :
    وخلق حجاب الكون ماانت طالب
    ومن لفظه المقهور يلزم قاهر ( نفسه ص 13).
    ويورد للصوفي محي الدين بن عربي :
    دخلوا فقراء علي الدنيا
    وكما دخلوا منها خرجوا ( نفسه ص 124).
    ويورد لابن يزيد البسطامي : روي أن أبا يزيد البسطامي قال: " الزهد عندي ليس بشئ ، فقد مكثت فيه ثلاثة أيام ، ففي اليوم الأول زهدت في الدنيا ، وفي اليوم الثاني زهدت في الآخرة ، وفي اليوم الثالث زهدت في كل ماسوي الله ، فقيل لي ماتريد؟؟ : فقلت أريد الا أريد..".
    كما يورد حكمة أخري لإبن عطاء السكندري " ترحل من كون الي كون كحمار الرحي ، المكان الذي انتقل منه هو المكان الذي يصل اليه، ولكن انتقل من الأكوان الي المكون" ( نفسه ص 155).
    ويشير الي قول العارف النابلسي : " لم تكن بالله قائم ، لم تكن بل أنت هو " ( نفسه ص 186).
    كما يشير الي قول ابو القاسم الجنيد:
    تظهر بماء الغيب إن كنت ذا سر
    والا تيمم بالصعيد وبالصخر
    وقدم اماما كنت أنت امامه
    وصل صلاة الفجر في أول العصر
    فتلك صلاة العارفين بربهم
    فان كنت منهم فانضح البر بالبحر ( نفسه ص 200).
    ويلخص طه منهج الصوفية في المعرفة علي النحو التالي: " وجل ما أريد هو أن يأخذ الناس – كل الناس- أنفسهم بالسير خلف المعصوم في إتقان وتجويد لتقليده في اسلوب عبادته وفيما يطيقون من أسلوب عادته حتي يأخذوا من سمت هذه الحياة الخصبة ، المهتدية الهادية ، مفتاح مغاليق القرآن ، فيتهيأوا لذلك للأخذ من الله كفاحا ، ويكون سبيلهم الي صفاء عقولهم والي سلامة عقولهم ، فتتم لهم بذلك الحياة الكاملة حياة الفكر والشعور " ( نفسه ص 212).
    كما أن منهج الصوفية في وحدة الوجود والكون نجده واضحا في منهج طه وفي دعواته مثل : وحدة التعليم المدني والديني ، وحدة القضاء الشرعي والمدني ، وحدة المجتمع البشري، وحدة الدين وتطوره في سلم سباعي يبدأ بالاسلام البدائي، الايمان، الاحسان، علم اليقين ، علم عين اليقين ، ثم علم حق اليقين، ثم الإسلام.
    كما يتحدث طه عن طريق لولبي ، كلما أتم دورة منه ، دخل في دورة جديدة هي الطف من سابقتها ، وهكذا دواليك ، فهو يحدد علمه وحياته كل حين متخلقا في ذلك بأخلاق الله تبارك وتعالي " كل يوم هو في شأن".
    ومنهج الصوفيه ايضا نجده عند طه الذي يتسم بالتواضع وعدم الرضي عن النفس يقول طه " الراضي عن نفسه لايري ضرورة للتغير" .
    وعند طه : التقليد ليس غاية في ذاته ، وأنما هو هو وسيله الي الأصالة يقول طه " إن التقليد ليس غاية في ذاته ، وانما هو وسيلة الي الأصالة، وعند الأصالة تزول واسطة النبي من بيننا وبين ربنا ، وذلك لكمال تبليغه ، ويرفع بزوالها عنا الحجاب الأعظم ، ونأخذ من الله بلا واسطة، ويكون الله هو معلمنا اللدني"( نفسه ، ص 33).
    وهذا يشير بوضوح الي منهج الصوفيه ، كما سنوضح لاحقا ، ومع ذلك يحاول طه أن يصور للقراء بأن قوله صحيح وحق بشكل مطلق ، ولم يقل به أحد من الأمة ، يقول طه " أما بعد ، فان هذا القول غريب ، ولم يقل به أحد من الأمة من لدن نزول القرآن والي اليوم ، ولكنه صحيح ، وهو حق ، بل ليس غيره حق اليوم " ( نفسه ص 36).
    هذا علما بأن مفاهيم مثل " وحدة الوجود" و"الإنسان الكامل" الذي يتلقي عن الله مباشرة ودون واسطة نتيجة للمجاهدة والكشف وردت في مؤلفات مشاهير الصوفية مثل : ابن عربي ، والحلاج ، والسهروردي المقتول..الخ.
    بل حتي مفاهيم مثل سقوط التكاليف الشرعية من أقطاب التصوف نجدها من أركان الفكر الصوفي علي مستواه الفلسفي ، كما ورد عند ذي النون المصري ، والحلاج ، وابن الفارض ، والجنيد...الخ.
    علي أن طه يدعي بأن ما أورده هو " حق بل ليس غيره حق اليوم" ، أي أنه صاحب الحق الوحيد ، أو صاحب الحقيقة المطلقة . وهذا الحديث يتعارض مع مفهوم متقدم لابن عربي الصوفي المسلم الذي قال:
    لقد صار قلبي قابلا كل صورة .
    فمرعي لغزلان ودير لرهبان
    وبيت لاوثان .. وكعبة طائف
    والواح توراة ومصحف قرآن
    ادين بدين الحب أني توجهت ركائبه
    فالحب ديني وايماني
    فابن عربي هنا لايدعي أنه صاحب الحق الوحيد ، بل أن قلبه اصبح قابلا كل صورة ، أي يقبل الوجود من خلال التعدد والتنوع ، وهو مستوي راقي من التسامح.
    وترجع جذور الزهد والتصوف الي عهد النبي ( ص) والخلفاء الراشدين ، يقول الباحث نيكلسون " وجدت في القرن الأول في الإسلام العوامل الكثيرة التي شجعت علي ظهور الزهد وانتشاره ، كالحروب الأهلية الطويلة التي وقعت في عهد الصحابة وبني أمية ، والتطرف العنيف في الأحزاب السياسية وإزدياد التراخي في المسائل الأخلاقية، وماعاناه المسلمون من عسف الحكام المستبدين" ( رينولد الن نيكلسون: ي التصوف الإسلامي ، ترجمة ابو العلا عفيفي ، القاهرة 1947م ، ص 47).
    كما يورد المسعودي في كتابه " مروج الذهب.." أمثلة مختلفة للصحابة من حيث الغني الثروة وجمع الاموال، ومن حيث الزهد في الدنيا، يقول عن عثمان بن عفان مايلي: " وكان عثمان غاية في الجود والكرم والسماحة والبذل القريب والبعيد ، فسلك عماله وكثير من أهل عصرهوطريقته ، وتآسوا به في فعله ، وبني داره في المدينة ، وشيدها بالحجر والكلس ، وجعل أبوابها من الساج والعرعر واقتني أموالا وجنانا وعيونا بالمدينة " ، وعن ثروته يقول المسعودي : " وذكر عبد الله بن عتبه أن عثمان يوم قتل كان له عند خازنه من المال خمسون ومائة ألف دينار والف الف درهم( مليون درهم)، وقيمة ضياعه بوادي القري وحنين وغيرهما مائة الف دينار ، وخلف خيلا كثيرا وابلا " ( المسعودي: مروج الذهب ، ج1، ص 543- 544).
    وعن ثروة الزبير بن العوام يقول المسعودي: " وبلغ مال الزبير بعد وفاته خمسين ألف دينار وخلف الزبير الف فرس والف عبد وأمة" ( المسعودي، ص 544).
    وعن ثروة طلحة بن عبد الله التيمي يقول المسعودي: " وكذلك طلحة بن عبد الله التيمي : ابتني داره بالكوفة المشهورة به المعروفة بالكنانه بدار الطلحين ، وكان عليه من العراق كل يوم الف دينار وقيل أكثر من ذلك، وبناحية الشراء أكثر مما ذكرنا ، وشيد داره بالمدينة وبناها بالآجر والجص والساج" ( المسعودي : ص، 544).
    وعن ثروة عبد الرحمن بن عوف يذكر المسعودي مايلي: " وكذلك عبد الرحمن بن عوف الزهري ابتني داره ووسعها وكان علي مربطه مائة فرس ، وله الف بعير ، وعشرة الآف شاه من الغنم ، وبلغ بعد وفاته ربع ثمن ماله اربعة وثمانين الفا" ( المسعودي ، ص 544).
    في حين يورد المسعودي عن زهد عمر بن الخطاب مايلي: " وحج عمر فانفق في ذهابه ومجيئه الي المدينة ستة عشر دينارا ، وقال لولده عبد الله : لقد أسرفنا في نفقتنا في سفرنا هذا".
    كما عزل عمر سعد بن وقاص عندما شكا الناس منه ، وبعث الي الكوفة عمار بن ياسر علي الثغر وعثمان بن حنيف علي الخراج وعبد الله بن مسعود علي بيت المال ، وأمره أن يعلم الناس القرآن ويفقهم في الدين ، وفرض لهم في كل يوم شاه ، فجعل شطرها وسواقطها لعمار بن ياسر ، والشطر الآخر بين عبد الله بن مسعود وعثمان بن حنيف" ( المسعودي، ص، 545).
    ويقول المسعودي عن سليمان الفارسي :" سليمان الفارسي كان يلبس الصوف ويركب الحمارببردعته بغبر اكاف ، ويأكل خبز الشعير، وكان ناسكا زاهدا، عندما توفي لم يكن في بيته الا : ادواه وركوة ومطهره ".وغير ذلك من الامثلة المعروفة عن زهد وغني الصحابة ، والصراع بين عثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب معروف في التاريخ الإسلامي ، وكذلك بين ابي ذر الغفاري وعثمان بن عفان حول الاموال والثروات ، وكان من نتائجه نفي ابي ذر الي الربذة.
    علي أن التصوف في البداية ظهر كحركة زهد كان لها ارتباط بهذا القدر أو ذاك بالثورة علي السلطة القائمة ، كما أن كثيرا من المسلمين لجأوا اليه احتجاجا علي ماينكرون من حكومة ونظام الي الاعتكاف والزهد ( غولد تسيهر :العقيدة والشريعة في الإسلام، ص 159).
    يقول ابو نصر السراج الطوسي في كتابه اللمع " حب الدنيا رأس كل خطيئة والزهد في الدنيا رأس كل خير وطاعة ".
    ويرجع حسين مروة في مؤلفه: "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية"، نواة منهج التأويل الي تفسير الآية " المال والبنون زينة الحياة الدنيا، والباقيات الصالحات خير ثوابا وخير أملا" ( الكهف: 46). فالصوفية جعلوا الآية هذه دليلا علي بطلان " الحياة الدنيا وتبريرا لازدرائها والتخلي عنها سعيا وراء الباقيات الصالحات" ( حسين مروة: المرجع السابق).
    كما ورد عن الحسن البصري أنه كان يقول : " اذا أراد الله بعبد خيرا لم يشغله بأهل (زوج) ولا ولد" ( الطبقات الكبري ، ج1، ص 25).
    وانتشرت حركة الزهد بعد أن أسس معاوية بن سفيان دولة بني أمية سنة 40 ه / 660م، وجعل معاوية النظام السياسي لهذه الدولة نظاما ملكيا مطلقا ، ثم جعل "الملكية " وراثية سلالية .
    ويرد في تاريخ المسعودي عن تطور الصراع الإجتماعي والسياسي في أواخر العصر الأموي " أن بعض شيوخ بني أميه سئل بعد سقوط الدولة الأمويه عن سبب سقوطها ، فقال: " انا شغلنا بلذاتنا عن تفقد ماكان تفقده يلزمنا ، فظلمنا رعيتنا ، فيئسوا من انصافنا ، وجار عمالنا علي رعيتنا فتمنوا الراحة منا، وتحومل علي أهل خراجنل فجلوا عنا ، وخربت ضياعنا فخربت بيوت أموالنا ، ووثقنا بوزرائنا فآثروا مرافقهم علي منافعنا ، وأمضوا أمورا دوننا أخفوا علمها عنا ، وتأخر عطاء جندنا ، فزالت طاعتهم لنا ، واستدعاهم عدونا فظاهروه علي حربنا ، وطلبنا أعداءنا فعجزنا عنهم لقلة أنصارنا" ( المسعودي، ص 194).
    ويورد حسين مروة تعريف معروف الكرخي كما ورد في الرسالة القشيرية " التصوف الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق"( مروة، ص ، 189).
    وفي العصر العباسي أصبح الخليفة " خليفة الله في أرضه " . وهناك خطبة أبي جعفر المنصور المشهورة التي جاء فيها : " ايها الناس ! انما أنا سلطان الله في أرضه ، أسوسكم بتوفيقه وتسديده ، وحارسه علي ماله، اعمل فيه بمشيئةارادته وأعطيه بأذني" ( ابن عبد ربه : العقد الفريد، ط- مصر 1302ه، ج1، ص 179).
    ويلاحظ مؤرخي التصوف الاسلامي مثل : حسين مروة ، وماسينيون، وتوفيق الطويل ..الخ ، أن التصوف الإسلامي تطور وإزدهر علي المستوي الفكري والفلسفي في العصر العباسي الذي شهد تطورات سياسية واقتصادية وثقافية وفكرية معروفة ، وازدهرت فيه العلوم والثقافة رغم العسف ، وظهر أقطاب أو أعلام الصوفية في ذلك العهد مثل: دو النون المصري "225ه/859"، وابويزيد البسطامي (مروة: المرجع السابق).
    وتبلورت مفاهيم التصوف الإسلامي مثل : "الظاهر والباطن"، "الشريعة والحقيقة" ، مفهوم "الإتحاد"، مفهوم "الحلول "، "وحدة الوجود"، ومراتب "الفناء والبقاء" ، و"التصوف الإشراقي" " السهروردي المقتول"، و"الإنسان الكامل" " ابن عربي".
    يقول ابو يزيد البسطامي "261ه/ 872م" الذي اشتهر بالزهد والعبادة والعلم والمعرفة : " تالله أن لو ائي اعظم من لواء محمد ، لوائي من نور تحته الجان والجن والإنس كلهم من النبيين"( مروة، ص 208).أي أن أقطاب الصوفية يضعون أنفسهم في مقام أعلي من النبيين ان لم يكونوا في مستواهم. أما أحمد بن عطاء السكندري" 369ه/979م" فيقول: " المعرفة معرفتان: معرفة حق ،ومعرفة حقيقة ، فمعرفة الحق معرفة وحدانية علي ماأبرز للخلق من الأسامي والصفات ومعرفة الحقيقة علي أن لاسبيل اليها ، لامتناع الصمدية وتحقيق الربوبية ( السراج الطوسي : اللمع ، ص 56). ثم يستشهد أحمد بن عطاءعلي امتناع معرفة الحقيقة بالآية " ولايحيطون به علما" (طه: 180). وكان سعيد أحمد بن عيسي الحراز " 286ه /899م) يقول : المعرفة تأتي من وجهين: من عين الجود وبذل المجهود " ( السراج، اللمع، ص 56). ويقال أنه أول من تكلم ب(الفناء) ، أي" فناء " ذات الصوفي بالله في حالة " الإتصال"( مروة ، ص، 210).
    أما مسألة "الظاهر والباطن" ومسألة "التأويل" ، فقد وجد لها أصل في القرآن نفسه كما تدل الآية " هو الذي أنزل اليك الكتاب منه آيات محكمات وآخر متشابهات ، فاما الذين في قلوبهم زيغ قيتبعون ماتشابه منه اتقاء الفتنة وابتغاء تأويله ، وما يعلم تأويله الإ الله والراسخون في العلم( عمران: 7).
    وفي القرآن ترد الآية " وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليه.." ( يوسف:6). كما ترد الآية " ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الأمر منكم ، فان تنازعتم في شئ فردوه الي الله والرسول، ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وذلك خير وأحسن تأويلا( النساء: 59). أي حصر حق التأويل في الله والرسول وأولي الأمر ، وأختلف الشيعة وأهل السنة والصوفية في أولي الأمر :
    *
    الشيعة قالوا: الائمة من أهل البيت.
    *
    السنة قالوا:الخلفاء القائمون علي رأس النظام الإجتماعي.
    *
    الصوفية قالوا:: أهل الولاية" منهم.
    مفهوم الإتحاد:
    الاتحاد عن الصوفية هو : أن يبلغ " الإتصال" بالله حدا يتلاشي فيه الإزدواج بين المحب والمحبوب ، اذ يصبحان شيئا واحدا في الجوهر والعقل ، وحينما يتحقق الإتحاد تختفي الإشارة الي كل من الصوفي والله( ابوريان : تاريخ الفكر الفلسفي في الإسلام، ص : 296-297). وقد عبر ابو يزيد البسطامي عن هذا "الإتحاد" في شطحاته المعروفة بمثل قوله " إني أنا الله لااله الا أنا فاعبدوني" ( حسين مروة المرجع السابق).
    مفهوم الحلول:
    ويمثله الحلاج الحسين بن منصور " 242-309ه/ 858- 921م" ، وقد عبر الحلاج عن فكرة الحلول بمثل قوله شعرا :
    سبحان من أظهر ناسوته سرً سنا لاهوته الثاقب ثم بدأ لخلقه ظاهرا في صورة الآكل والشارب
    حتي لقد عاتبه خلقه كلحظة الحاجب للحاجب
    (ديوان الحلاج، تحقيق ماسينيون ، باريس 1955م ص 37).
    وحدة الوجود:
    يمثل ابن عربي " 560-638ه/ 1164-1240م" مذهب وحدة الوجود في التصوف الإسلامي ، وهو يري أن الوجود كله واحد : الله هو الوجود الحقيقي ، أما العالم فهو مرآة يتجلي فيها الوجود الآلهي (ابن عربي، فصوص الحكم ، نص حكمة إلهية في كلمة آدمية).
    مراتب الفناء والبقاء:
    " الفناء " و" البقاء" ناحيتان لمرحلة واحدة في التجربة الصوفية ، وقد وصف القشيري مراتب " الفناء" و" البقاء" بقوله " فناء عن نفسه – يقصد الصوفي- وصفاته ، ببقائه بصفات الحق " الله" ، ثم فناؤه عن صفات الحق ، ثم فناؤه عن شهود فنائه باستهلاكه في وجود الحق" . وعبر السري السقطي عن وضع الصوفي وهو في درجة "الفناء " بأنه لو ضرب بالسيف لما أحس به" ( حسين مروة: ص220). يقول الحلاج في مناجاة الله " ياهو أنا وأنا هو لافرق بين آنيتي وهويتك الا الحدث والقدم" ( أخبار الحلاج: نشره ماسينيون ، وب . كراوس ، باريس 1979 ، ص 210). يقول ابن عربي ب " سريان الحق في الموجودات"(ابن عربي:فصوص الحكم ، باب حكمة الهية في كلمة آدمية).
    ويقول الحلاج :
    القاه في اليم مكتوفا وقال له اياك اياك أن تبتل بالماء
    ويقول ايضا:
    مزجت روحك في روحي كما تمزج الخمره بالماء الزلال
    اذا مسك شئ مسني فاذا أنت أنا في كل حال.
    (الحلاج :كتاب الطواسين ، ص 134).
    الإنسان الكامل:
    مفهوم الانسان الكامل عند ابن عربي هو المتمكن من إدراك انسانيته " الباطنية" ، أي من حيث المظهر الوجودي لله ، وادراك أن إنسانيته بهذا المعني جامعة للصفات الكلية للعالم من جهة، وللصفات الآلهية من جهة أخري ، وكونها – لذلك – مركز العالم وأصل الوجود و" العالم الصغير"الذي يلخص ممكنات العالم الأكبر أو "الإنسان الأكبر" كله ، إن كل انسان تمكن من مثل هذا الإدراك ، كان هو الإنسان الكامل ، فهو بذلك يعرف الله أسمي معرفة ، بهذا الإدراك فهم ابم عربي الحديث المنسوب الي النبي محمد ( ص) " من عرف نفسه فقد عرف ربه".
    وأن "الإنسان الكامل " من هذه الجهة الثالثة المعرفية يمكن أن يتحقق في كل إنسان ، أي أن كل إنسان من حيث مؤهل للوصول إلي مرتبة " الإنسان الكامل " ، ولكن من حيث الواقع الفعلي ، لم يتحققذلك الا للانبياء وأقطاب الصوفية " ( ابن عربي : فصوص الحكم، الفصل الأول: نص حكمة الهية في كلمة آدمية).
    وهناك مراتب السهروردي ، يقول السهروردي " فان كل مافي العالم الجسماني من الجواهر والأعراض فهي آثار وظلال لانواع وهيئات نورية عقلية ، فاذا اعدت الحركات الفلكية والأوضاع الكوكبية وانواع العنصرية لأمر من الامور الجوهرية أو العرضية ، أفاض العقل المفارق ، الذي هو رب ذلك التنوع المستعد ، هيئاته العقلية المناسبة للاعداد الجرمي الشعاعي المناسب أيضا له ، وعلي الجملة فكل مافي عالم الأجرام من العجائب والغرائب فهو من العالم النوري المثالي" ( مروة ، المرجع السابق ص 246).
    وينهي السهروردي في عرض هذه المراتب الي أن الواصلين مقام الفحول من الأنبياء والحكماء حين يصلون الي هذا المقام " تفني لديهم كلمات هو ، أنت وأنا ي بحر " الفناء"، وهناك تسقط الأوامر والنواهي" ( مروة، ص 253).
    وهكذا نصل إلي غني وخصوبة وتنوع فكر اقطاب التصوف الإسلامي مثل : ابن عربي، ابويزيد البسطامي، السهروردي ، ذو النون المصري، ..الخ. كما نلاحظ إسهام التصوف الإسلامي في إخصاب الفلسفة العربية الإسلامية ، والدور الثوري للمتصوفة الأوائل في صراعهم ضد الإستبداد السياسي في العصرين الأموي والعباسي ،افي عصور الخلفاء الذين كانوا يحكمون بإسم الله.
    ونكاد نلاحظ أن جل فكر الاستاذ محمود محمد طه ومنهجه استمده من الفكر الصوفي الإسلامي.
    كما نلاحظ أن صراع طه مع السلفيين من علماء وفقهاء وقضاء شرعيين في جوانب كثيرة منه كصراع الفقهاء وأهل السنة مع أهل الصوفية ، ذلك الصراع الذي انتهي بقرار محكمة الردة الجائرعام 1968م، والذي نفض عنه الغبار الديكتاتور نميري بعد اعلانه قوانين سبتمبر1983م، ونفذه باعدام الأستاذ محمود محمد طه، والذي كان اغتيالا سياسيا ،بعد أن عارض الجمهوريون قوانين سبتمبر التي اذلت الشعب السوداني.

    2- الفكر الإنساني:
    المصدر الثاني من مصادر الفكر الجمهوري هو: الفكر الإنساني ، ونعني به الفكر الإنساني الذي تبلور بعد الثورة الفرنسية التي طرحت الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والإخاء والمساواة بين الناس غض النظر عن الدين أو الجنس ، فظهرت الديمقراطية الليبرالية ، وحقوق الإنسان، وفصل الدين عن السياسة أو الدولة ، وظهرت أفكار الاصلاح الديني التي تناسب تطور المجتمع الرأسمالي الحديث ، ونظريات الإقتصاد الحر.
    ومع تطور المجتمع الرأسمالي برزت الأفكار الاشتراكية المختلفة التي صورت مآسي المجتمع الرأسمالي والاستغلال البشع للعمال والنساء والاطفال وشعوب المستعمرات .
    كما تطور الفكر الفلسفي والعلمي والإقتصادي والإجتماعيبشكل كبير ، وظهرت أفكار مساواة المرأة بالرجل ، وحق تقرير المصير باعتباره حق ديمقراطي وانساني، والغاء نظام الرق.
    والدارس للفكر الجمهوري يجد انعكاس الفكر الإنساني واضحا وضوح الشمس في رائعة النهار ، في الفكر الجمهوري الذي نادي بالديمقراطية، والإشتراكية ، ومساواة المرأة بالرجل ، والغاء الرق ، وبحث لها عن مصادر في اصول الإسلام ( آيات الأصول).
    هذا فضلا عن التجربة العملية للاستاذ محمود محمد طه التي تعتبر ايضا من مصادر الفكر الجمهوري، ومحمود نفسه هو نتاج التعليم المدني الحديث الذي نشأ في السودان بعد إعادة احتلاله عام 1989م ، وقامت كلية غردون بهدف تخريج كتبة وفنيين ومهندسين لتسيير دولاب الدولة ، وتخرج الأستاذ محمود في كلية غردون مهندسا ، وعمل مهندسا بمصلحة السكة الحديد بعطبر وكوستي وغيرهما، واحتك بالحياة الإجتماعية الحديثة التي نشأت في البلاد في فترة الإستعمار البريطاني التي تتمثل في قيام الحركات السياسية الحديثة" الاتحاد السوداني ،اللواء الأبيض" ، مؤتمر الخريجين، المدن، الصحافة، والأندية الثقافية والرياضية، الحركة النقابية، وقيام الأحزاب السياسية بعد الحرب العالمية الثانية..الخ.وأسهم الأستاذ محمود محمد طه في مقاومة الإحتلال البريطاني ، يقول التيجاني عامر في مذكراته "إن الحزب الجمهوري الذي أسسه محمود محمد طه في فترة من فترات الإحتلال البريطاني كان عباره عن جمعية إرهابية تضرب وتحرق وتخرب ، ولكن في سبيل المصلحة بنوايا نقيه وذمة طاهرة ، وشيئا فشيئا " تملص" عن محمود الأعضاء الذين كانوا يؤمنون " بالتقية" وجماعة "حب السلامة" ، وتركوه يناضل الإدارة البريطانية مع جماعة الشبان المغامرين أمثال : أمين صديق وغيره" ( مذكرات التجاني عامر: صحيفة الصحافة بتاريخ : 16/ 4/ 1975م).
    فاذا صح ماأورده التجاني عامر يكون محمود ربما تأثر بالتنظيمات الإرهابية الوطنية مثل : جماعة مصر الفتاة في مصر التي كانت تسلك طريق الإرهاب في مقاومة الإنجليز.
    وبعد سجن الأستاذ محمود بسبب مقاومته القانون الإنجليزي( حادثة رفاعة) الذي يمنع الخفاض الفرعوني ، وخروجه من السجن سلك طريقا مغايرا للطريق السابق ، ونلاحظ تجميد نشاط الجمهوريين بعد حادثة رفاعة واعتقال محمود محمد طه لمدة عامين ، وبعد إطلاق سراحه اعتكف لمدة أربعة أعوام ، وخرج من إعتكافه في نوفمبر 1951م ، ومن ثم استأنف الجمهوريون نشاطهم الذي بدأ باجتماع عام عقد في : 30 /11/1951م، وبعد ذلك بدأ تفصيل فكرة الجمهوريين التي تتلخص عناصرها في الآتي:
    *
    حرية الفرد وحق الجماعة في العدل.
    *
    تحرر الفرد من الجهل
    *
    للتحرر من الجهل ، لابد من ايجاد نظام يكفل للفرد المأكل والمأوي والمسكن ، أي المساواة الإقتصادية,
    *
    الحرية الجماعية "الديمقراطية"
    *
    الديمقراطية الحقة هي الديمقراطية الشعبية
    ( راجع الأخوان الجمهوريون: معالم علي طريق الفكرة الجمهورية،1945- 1975م، ط2 مايو 1976م، ص 54).
    وطور الجمهوريين افكارهم في مؤلف محمود محمد طه: الرسالة الثانية ، ط5، ( راجع كتاب محمود محمد طه: الرسالة الثانية، ط5 ، ومؤلفه :من دقائق حقائق الدين ، ط3 ، مارس 1977م).
    أي انه بعد خروج محمود من السجن والاعتكاف تطور في تفكيره السياسي والاجتماعي والديني ، وسلك السبيل السلمي الديمقراطي.
    خاتمة:
    هكذا نصل الي أن الأستاذ طه تطور في تفكيره السياسي والاجتماعي والديني ، وأن فكره كان حاصل أخلاط أو أمشاج من الفكر الديني الصوفي والفكر الانساني ، وقدم حاصل هذا التفاعل بأنه" رسالة ثانية "أو فكر لايأتيه الباطل من بين يديه او خلفه.
    ولو أن الاستاذ طه قدم فكره أو نظريته كفكر انساني عادي ، يقبل الأخذ والرد والاثبات والدحض والاغناء والتطوير كما فعل ماركس ، لكان الأمر طبيعيا وعاديا . أو اذا كان قدم اجتهاداته في الدين مثل المجددين الدينيين مثل : الامام محمد عبده في الاسلام لكان الأمر ايضا عاديا.
    ولكن اشتط محمود وقدم فكره ، وكأنه رسالة ثانية أو اكسير الحياة ـ أو كأنه يمثل الحقيقة المطلقة ، وقدمه في شكل" رسالة ثانية "أو رسالة كونية تصلح للعالم الحديث ، ومن هنا كانت المفارقة في عالم متغير ومتطور ومتنوع وفي حالة تجديد مستمر ، بحيث لا يمكن صبه في قالب واحد ، بل اصبح اكثر فاكثر قابلا لكل صورة كما أشار القطب الصوفي ابن عربي.
    فالتجديد في الفكر الديني أو الانساني له أصوله ومناهجه وقواعده ، ومهم وضروري ، طالما كان الواقع في حالة تطور وتبدل مستمرين كما يقول الفيلسوف الألماني هيغل.
    mailto:[email protected]@yahoo.co.uk
    ////////////

    http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77667:2015-02-08-17-17-52andcatid=63:9-0-1-5-2-2-7andItemid=55http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articl...-1-5-2-2-7andItemid=55
                  

02-11-2015, 07:03 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)


    كلمات عن الأستاذ يوسف فضل حسن يوم تكريمه ومنحه جائزة العز بن عبد السلام. بقلم: د.حسن عابدين
    بسم لله الرحمن الرحيم

    الأستاذ يوسف فضل أستاذ جيل .. جيلي أنا.. جيل ما بعد استقلال السودان.
    جلسنا نحن ثلةُ مبتدئة من طلاب جامعة الخرطوم ( برالمه( عــام 1959 بين يديه أول عهده بالتدريس الجامعي والبحث العلمي، يعلمنا ما لم نك نعلم عن دخول العرب السودان وعن انتشار الاسلام فيه وعن استعرابه وعروبته.
    استل الأستاذ تلك المحاضرات من ثنايا بحثه المميز الممتاز لدرجة الدكتوراة في جامعة لندن والذي صاغه فيما بعد كتاباً ما برح - الى يومنا هذا - هو المرجع الموثوق به مادة ومنهجاً في الموضوع عنوانه بالانجليزية
    The Arabs of the Sudan" "
    طبع ونشر عام 1967 وترجم فيما بعد للعربية وأعيد طبعه أربع مرات خلال عشر سنوات.
    تلك كانت أول افضال يوسف فضل عليَّ وعلي زملائي من طلابه الاوائل وأذكر
    منهم على سبيل المثال من صار زميلاً له فيما بعد في البحث والتدريس عن تاريخ السودان وأفريقيا: عبد لله علي ابراهيم، سيد حامد حريز، محاسن حاج الصافي وميمونة ميرغني حمزة وشخصي وآخرين وأخريات من بعدنا.
    تعلمنا بين يدي أستاذنا يوسف أول مبتدأ وخبر عن مناهج البحث العلمي : كيف نكتب بحثاً علمياً أكاديمياً .. طلب مني ذاك العام أن أقرأ وألخص كتاب المسعودي" مروج الذهب ومعادن الجوهر" وهو كتاب جامع ضخم في التاريخ والجغرافيا: تهيبت التكليف للوهلة الاولى وأفزعني حجم الكتاب وأسلوب الكاتب فقلت لأستاذي " معقول يا دكتور انا اقرأ الكتاب ده كله وألخصه كمان..؟" فقال لي" لن تتعلم طرق البحث العلمي إلا بالمثابرة في القراءة والصبر على مشاق التحصيل وتحري الدقة والموضوعية حول كل صغيرة كبيرة ...تقرأ مئات الصفحات لتظفر ربما بنذر يسير وذرات قليلة من الحقائق والمعلومات التاريخية..! "
    لن اثقل عليكم بتلاوة تفاصيل سيرة الاستاذ يوسف فضل الاكاديمية وهي بين ايديكم
    جاءت في خمسة عشر صفحة فضلاً عن أن الوقت المسموح لي به لا يسع فقرات متنها وحواشيها. وأظن أن أمامكم أيضا كتاباً مفيداً عن الاستاذ خطه عدد من طلابه
    الأوفياء وزملائه أذكر منهم الدكاترة عبد لله علي إبراهيم وحسن مكي وأحمد إبراهيم أبوشوك وآخرين غفلت ذاكرتي هذه اللحظة عنهم فمعذرة.
    لكن قلت لا بأس أن أوجز لكم هذه السيرة في أرقام ونحن نعيش العصر الرقمي -
    أضيفه أنا كدارس تأريخ إلى مسميات العصور الاخرى القديم والوسيط
    والحديث ثم الرقمي" Digital Age" وسوف أضيف إلى هذا الإحصاء هوامش وحواشي على متن سيرة أستاذي يوسف.
    * كتب يوسف فضل وألف ستة عشر كتاباً باللغة العربية عن تاريخ السودان والتاريخ الافريقي جعلت من تاريخنا وثقافاتنا وحضاراتنا جزءا لا يتجزأ من التاريخ الافريقي. كما كتب ثمان كتب بالانجليزية في ذات المحور)السودان وافريقيا) .
    *كما كتب 42 ورقة علمية بالانجليزية و 27 أخرى بالعربية قرأها في المؤتمرات والندوات
    العالمية والمحلية ونشر معظمها في المجلات والدوريات العلمية المحكمة.
    * للاستاذ يوسف كتابان مهمان تحت الاعداد والطبع هما :
    - تحقيق مخطوطة كاتب الشونه ( أحمد بن الحاج علي ) عن تاريخ ملوك سنار
    - وكتاب ثان: السودان في محيطه الدولي والافريقي.
    * زار الاستاذ يوسف فضل للمشاركة في هذه المؤتمرات والندوات 52 دولة في أربع قارات - بإستثناء استراليا- (ربما أكثر من أي وزير خارجية ) و تحدِّث عن تاريخ السودان وحضاراته وعن أفريقانية السودان : شعوبه وتقاليده وتراثه وتنوعه.. وأحسب أن هذا ما نطلق عليه اليوم الديبلوماسية الثقافية " " Cultural Diplomacy التي بشّر بها الرواد الاوائل وحداتها من كبار الديبلوماسيين السودانيين : جمال محمد أحمد و بشير البكري رحمهما لله والدكتــور منصور خالـد حفظه لله وعافاه.
    * لكنني أضيف لمتن هذه السيرة الاكاديمية للأستاذ يوسف فضل ما سقط منها ربما سهواً ( ونحن نتحدث عن السودان وإفريقيا في كتاباته وأبحاثه) مشاركته في هيئة تحريــــر " موسوعة التأريخ الإفريقي " التي أصدرتها منظمة اليونسكو العالمية خلال العقدين السادس والسابع من القرن الماضي و هي موسوعة في عشرة مجلدات صدرت بثلاثة لغـات الانجليزية والفــرنــسية و العربية عنوانها الإنجليزي " The General History of Africa "
    * ثم أضيف إليها بحثاً آخر غفل عنه متن السيرة هو من أميز وأفضل ما كتب أستاذنا من حيث الموضوع والمصادر و المنهجية بعنوان: " نحو منهج علمي لكتابة التاريخ "
    يجيب البحث مُجَدَدَا على أسئلة تأريخية عن التأريخ - إن صح التعبير- لماذا نكتب التأريخ ومن يكتبه ولمن يكتب وكيف يكتب؟
    ظلت الدعوة لاعادة كتابة تأريخ السودان – وخاصة التأريخ الحديث والمعاصر – تتردد وتتكرر منذ الاستقلال والى يومنا هذا... وهي دعوة لا تخلو من افتراض وإدعاء بأن كل ماكتب الأجانب عن السودان غير صحيح ويحتاج للتصويب والتصحيح وإعادة النظر ولكن نسى هؤلاء أو ربما لم يعلموا ولم يقرأوا أن جيلاً كاملاً من الاساتذة والاكاديميين السودانيين ( منهم أستاذنا المحتفى به) كتبوا وألفوا وصححوا وما استبقوا شيئا من التصحيح والتفسير و الاضافة نذكر منهم على عجل : الاساتذة مكي شبيكة، محمد إبراهيم أبو سليم، محمد سعيد القدال، حسن أحمد إبراهيم، محمد عمر بشير، فدوى عبد الرحمن علي طه .. وأساتذة العلم التوأم للتاريخ المعاصر – العلوم السياسية – مدثر عبد الرحيم و جعفر محمد علي بخيت والجيـــل الثاني من تلاميــــذ وطلا ب هؤلا ء و أولئك و هم كثر .. ثم مئات رسائل الدكتوراة والماجستير غير المنشورة عن تأريخ السودان.
    لكن إن كانت الدعوة لإعادة كتابة التاريخ تستبطن تضخيم الذات الوطنية وتحوير الحقائق واصطناع البطولات وصناعة الأبطال فليس هذا من التأريخ في شئ، وإنما هو تسيس للتأريخ ليوائم الحاضر والمستقبل بدلاً عن الإستفادة من دروسه وعبره في النظر الى الحاضر والمستقبل وقد أشار الدكتور يوسف في ورقته عن كتابة التأريخ الى الهوى والغرض الذي يعتري نفوس بعض السياسيين وهم ينادون بإعادة كتابة التاريخ .. ويحضرني ما قاله أحد هؤلاء السياسيين مؤخراً قولاً أطلقه على عواهنه بان ثورة الانقاذ هي النسخة الثانية للثورة المهدية يريد بذلك المدح والثناء .. لكن قد يرى المؤرخ أنه المدح بما يشبه الذم أو الذم بما يشبه المدح.
    و إنني كلما سمعت نداء كتابة التأريخ تحسست المنهج العلمي في الكتابة التأريخية وهو جوهر و لب ما كتب أستاذنا يوسف في هذا البحث.
    * وأخيراً مما لم يرد في سيرة الاستاذ يوسف فضل: الجانب الإنساني والاجتماعي أشير اليه في هوامش عابرة على المتن:
    - لم يُعرف عنه أي انتماء سياسي أو أيدولوجي أو حزبي أو أية خصومات أو منازعات أومكايدات وكلها وغيرها من أدواء وعلل بعض أفراد النخبة السودانية.. نشأ يوسف وشب وشاب على الوسطية في الفكر وعلى منهج التفكير المستقل مما أورثه الاتزان والموضوعية والمصداقية – كأكاديمي – وكل هذه من شيم وسيماء العلماء.
    - و أعلم انه عندما كان مديراً للجامعة الإسلامية عامي 1984 و 1985 طلب منه الإنضمام إلى فريق من العلماء لاستتابة الأستاذ محمود محمد طه – رحمه لله – فاعتذر يوسف ولم يشارك.
    - ولما تم فصل كوكبة من خيرة أساتذة جامعة الخرطوم عام 1970 بتهمة الرجعية والثورة المضادة لثورة مايو- الحمراء آنذاك- كاد الفصل يطال الدكتور يوسف فضل لولا أن أحد عقلاء تلك الأيام الحمراء ) وهم قلة ) شفع له بشطب أسمه من القائمة وقال لهم " يوسف فضل دا بتاع سينما وليس بتاع سياسة " و أكد لي يوسف مؤخراً أنه فعلا كان بتاع سينما ومن روادها منذ أيامه الدراسية في لندن!
    إصطحبني أستاذي عام 1976 و كنت حينها زميلاً له في تدريس التأريخ الافريقي بمعهد الدراسات الافريقية ( استعارني – إن صح التعبير – من شعبة التأريخ ) في زيارته القصيرة لامارة الشارقة للقاء شيخها وحاكمها الدكتور سلطان بن محمد القاسمي نسأله مالاً لتشييد هذه القاعة التي نجلس فيها الآن... ألفينا الشيخ أجوادا سخيًا وعدَ وصدقَ وعده فكانت هذه القاعة.
    ولكن لمّا اقترح عليه يوسف أن نطلق إسمه على القاعة فنسميها قاعة السلطان القاسمي أبى الشيخ وتأبى وقال لا تسموها بإسمي بل قولوا قاعة الشارقة وهكذا كان القاسمي على غير ماعليه حكام وسلاطين زماننا هذا يسمون كل شئ بأسمائهم وينسبون كل فضل اليهم!
    - وهامش شخصي أخير طريف عن بر أستاذي بي فقد اصطحبني معه لأول مؤتمر عالمي للدراسات الإفريقية عقد بعاصمة الديبلوماسية الإفريقية( أديس أبابا) في يوليو1974( وردت
    إشارة هامة لهذا المؤتمر في متن السيرة ) اصطف رؤساء وأعضاء الوفود في ذلك المؤتمر لتحية ومصافحة الامبراطور هيلاسلاسي (نجاشي زمانه) في بهو قصره المنيف. ولما تقدم أستاذي يوسف وهو ينحني إنحناءة وقورة لمصافحة الامبراطور تعثرت خطاه وكاد يسقط فوق جسد الامبراطور - وقد كان يومها كهلاً نحيلاً قصير القامة- إلا أنني أدركت يوسف قبل الوقعة ، أو الواقعة ، و سندته فاستقام وصافح و سلم النجاشي . و لكنه لم يسلم بعد شهرين من دبابات الانقلاب ورماح العسكر فمات غيلة وغدراً ملوماً محسوراً .. وقيل في رواية أخرى أنه قتل في محبسه بقبو في قصره !
    كتمت سر هذا الواقعة تحاشياً للمن والأذى حتى أذن لي قبل أيام و أنا أعد هذا الخطاب بالبوح والافصاح من باب مداعبة صديق لصديقه بالرغم من أن الكتوف لم تتلاحق وإن لحقتُه شيباً ومشيباً .. قال عروة بن الورد:
    فما شاب رأسي من سـنين تتابعت *** طــوالا ولكن شيبته الوقائــع
    وختاما لا يكتمل هذا المتن الغني وهذه السيرة العطرة الا باضافة إسم وعنوان: ليس إسم كتاب او مؤلف ولا هو عنوان دراسة أو بحث إنما هو إســـم زوجته الوحيدة توحيدة رفيقة الدرب الطويل والعشرة الجميلة .. عنوانها الدكتورة توحيده حضره أستاذة اللغة الانجليزية بجامعة الخرطوم.
    نسأل لله لها ولإستاذنا ولاسرتهما دوام العافية والتوفيــق وهنيئا لهم بهذا التكريم والوفاء.
    د.حسن عابدين
    استاذ التاريخ الافريقي بجامعة الخرطوم( ســابقاً )
    mailto:[email protected]@gmail.com

    http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77668:2015-02-08-17-18-37andcatid=34:0-6-8-3-1-6-8andItemid=55http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articl...-8-3-1-6-8andItemid=55
                  

02-11-2015, 07:54 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)


    محمود محمد طه: طوبى للغرباء (3-4) .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم
    عبد الله الفكي البشير،محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، القاهرة: دار رؤية، 2013، 1278 صفحة.
    وصل ما سبق:
    قدم الأستاذ عبد الله الفكي البشير حيثيات مقنعة بإعتزال السردية التاريخية للحركة الوطنية وما بعدها سابقة الأستاذ محمود محمد طه فيها. ونسب ذلك لمنطويات النفوس من حسد أو عيوب مهنية مثل بؤس التدريب. ومع صدق أكثر هذا إلا أنني رددت تفادي هذه السردية لطه هذا إلى "سكوت إستراتيجي"، كما قال الدكتور محمد زين بذلك. وسببه أن طه جاء إلى جيله في الحركة الوطنية بأفكار "هدامة" وبممارسات لم تطرأ لهم. ولما تحرر طه من ما تواضع عليه جيله من بروتكولات سياسية وسقوف للمارسة أطلق الله عقدة من لسانه فخاض بكيرياء في سياسة مصر والقضية العربية ونظام نميري بما (قد تتفق أو تختلف معه) ولكنك لا تملك إلا أن ترى استقلالاً في التفكير يحمد في السرى.
    ونواصل:

    ولمّا خلع طه نفسه من بلوتيكا الحكم الثنائي (وحدوي مع مصر أو مستقل مائل لبريطانيا) صار له صوته المميز باشر به اتخاذ مواقف ندية مع مصر الأوسع نفوذاً بين الوطنيين لم تتفق لمعاصريه. ولم يطلب طه تلك الندية وحسب بل مارسها بفكر مسؤول. فخلافاً للصفوة السودانية الغالب فيها الولاء لمصر بصورة أو أخرى كان طه طليق اللسان طاعناً في سياسات مصر نحو السودان والعالم العربي وحتى في سياستها حيال نفسها. فكتب رسالة للرئيس محمد نجيب أول انقلابه في 1952 سأله فيها إن كان صاحب رسالة في الإصلاح أم رجل حانق "جاء به ظرف عابر ليقلب نظاماً فاسداً ثم يضرب ذات اليمين وذات الشمال حتى ينتهي به المطاف إما إلى الخير وإما إلى الشر". وحين غَلَب ناصر على مصر في 1954 كتب له يطلب منه إعلان استقلال السودان دون انتظار الاستفتاء على الوحدة مع مصر الذي كان من أشراط استكمال اتفاقية تقرير مصير السودان (1953). ثم كتب له كتاباً آخراً يعترض على تأميم القناة ويطلب منه الكف عن الهجوم على باكستان لدخولها حلف بغداد لأنها مضطرة لوقوعها في كماشة الهند والشيوعية الدولية. وقال إن زعماء البلدان التي يهاجمها مثل العراق وتركيا وإيران، التي تتعرض لزحف الشيوعية، أعرف ببلادهم منه وأدرك بخطر زحف الشيوعية الدولية. وحذره من الزيغ في الدعوى الاجتماعية بالرخاء المادي على حساب الحرية الفكرية وألا يتدخل في شؤون الدول العربية وأن يترك الدعوة "الباطلة" للقومية العربية. وأن يكف عن الحديث عن الحياد الإيجابي لأنه لن يقع بغير التمسك بعروة الإسلام.
    وعلى أنه على خلاف طويل ودقيق مع فكر الأخوان المسلمين عن العصر والأصل إلا أنه لم يتخلف عن الدفاع عنهم في محنهم في مصر. فدافع عن الحق الديمقراطي للأخوان المسلمين فيها ونقد المحاكمات التي جرت لهم في 1954. وندد بمحاكمة سيد قطب. فذهب لدار الأخوان المسلمين بأم درمان للتضامن وليسأل عن مجرى المحاكمة. فوجد جعفر شيخ إدريس، القيادي البارز للأخوان المسلمين وقتها، الذي قال له ليس من جديد فيها. وقد قام بذلك التضامن معتزلاً جبهة الدفاع عن الحريات، التي كان ضمن اعضائها، التي هللت لمقتل سيد قطب ثأراً مما كانوا يتعرضون له من إخوان السودان في أعقاب قيامهم بحملة حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان في 1965 .
    وزادنا الكتاب بيتاً من فرادة طه. فكان إسلامياً أفريقياً حين غلبت العروبة على أمثاله من صفوة السودان الشمالي. وصف القومية العربية بأنها "دجل" لأن عروة العرب الوثقى هي الإسلام لا العنصر. فالعرب لم يدخلوا مسرح العالم في القرن السابع كعرب بل كمسلمين ولن يدخلوا ذلك المسرح في القرن العشرين إلا كمسلمين. ومن رأيه أن الجامعة العربية مؤسسة إقليمية ضيقة تسيطر عليها مصر ولا تقوم على مذهبية فكرية تجعلها أداة خلاقة لخدمة أعضائها. أما دور السودان المرتجى كشعب أفريقي ذي مكانة في القارة فهو أن يقدم خدمة أفضل لقضايا التحرر والسلام العالمي بأحسن مما نفعل في إطار الجامعة العربية. ومن رأيه أن الخطر المصري علينا أشد نكراً من الخطر الغربي لأن مصر مخلب قط شيوعي. بل ودعا إلى انسحاب السودان من الجامعة العربية.
    ووقف من قضية فلسطين موقفاً عده القوميون تخذيلاً بل إلحاداً سياسياً. فكان من رأيه أن الصلح مع إسرائيل أولى فحربها دليل على الفشل في وقت التحدي القائم هو للتعايش السلمي. وانتهى إلى أن الاعتراف بإسرائيل من مصلحة العرب. فالاعتراف بها كرت مساومة قوي وإلا جاء اليوم الذي نعترف بها بغير أن تدفع الثمن المستحق. ولذا لم يجد المؤلف، واتفاقيات السلام معها والتطبيع على قدم وساق في زمننا، حرجاً في القول بأن طه كان سبّاقاً لمواقف عربية لم تكتف بالصلح مع إسرائيل فحسب بل فعلت ذلك في وقت كان طه قال إنه سيتأخر ويفسد.
    فعرض طه في الستينات حلاً عاجلاً للقضية الفلسطينية يتبعه حل آجل. ويقتضي الحل العاجل الاعتراف بأن الحل العسكري استحال لأننا لا نحارب إسرائيل وحدها بل أمريكا والغرب. ولا ينتفع من قلاقل الحل العسكري سوى الروس. ومتى كسبنا الهدنة بالاعتراف صح أن ننتبه لبناء جبهاتنا الداخلية المتصدعة. أما مدار الحل العاجل هو في التفاوض على قراري الأمم المتحدة 1947 التقسيم و1948 وإعادة اللاجيئن وأن يتوج ذلك بإنهاء حالة الحرب والاعتراف بحق إسرائيل في البقاء مع انسحاب إسرائيل من أراض احتلت في مايو 1948 وأكتوبر 1956 ويونيو 1967. ويؤمن ذلك الحل إرجاع اللاجيئن وتعويضهم أو إعادة توطينهم. ويترافق مع ذلك وقف الهجرة اليهودية لإسرائيل لأن الهجرة تجعل إسرائيل توسعية. وأن يتم ذلك في ميثاق يرعاه العالم الذي هو طريق الضغط على إسرائيل. أما الحل الآجل لمسألة فلسطين فهو في استرداد العرب لأنفسهم في التاريخ بالتثبت من دينهم لأن إسرائيل جرس إنذار يوقظنا من غفلة تنصلنا عن زمننا وتمسحنا بغير إرثنا في المدنية الإسلامية.
    ولنقف على بعد الشقة بين طه والصفوة السياسية صح أن نعتبر التحالف السياسي الذي انعقد بينه وبين نظام الرئيس نميري (1969-1985). فلم يكن طه من رأي طبقات من هذه الصفوة في مصادمة انقلاب الرئيس نميري ودولته. فتطرق الكتاب لذلك ووجد له مشروعية في تواصيهما معاً في استبعاد الطائفية الحزبية قوية النفوذ في السودان من مسرح السياسة. ووصف طه الانقلاب لخصومته للطائفية بأنه أفضل الخيارت السيئة التي تلبي أشواق قطاع واسع من المثقفين رفضاً لوصايتها. ولأن الانقلاب كان بتلك الدرجة من السوء الإيجابي ارتضى طه سياساته العامة ولكنه اعتزل أطره السياسة وفعالياته حتى وصف الشاعر صلاح أحمد إبراهيم الجمهوريين بأنهم "مايويون من منازلهم". وما تصالح نميري مع هذه الطائفية السياسية في 1978 حتى كان طه الضحية الأولى فحوكم فكره في 1985 وتم شنقه على مشهد من الناس.
    ومهما كان الرأى في سداد تحليل الكتاب لموقف طه من ذلك الانقلاب إلا أنه موقف لو تأمله في شرطه التاريخي لربما وجد تفسيراً بنيوياً لاعتزال الصفوة فكر طه وممارسته. فقد كان الجمهوريون ربما الفئة الوحيدة بين صفوة السياسة التي حافظت على تعاقدها مع انقلاب مايو وآخر من خرجت عليه بينما تقلب الآخرون في تحالفات قصيرة جاؤوا إليها في أوقات وتركوها أو تركتهم. ومع أن الجمهويين كانوا حلفاء مايو من البعد إلا أنهم أذاعوا خطوطاً سياسية هاجمت معارضي النظام بقوة وذكاء بما لم يحسنه إعلام النظام نفسه. ولربما لم يغفر معارضون كثيرون تحملوا وعثاء الجهاد ضد الانقلاب للجمهوريين تلك الوقفة الطويلة مع نظام مستبد بكل المعايير.

    mailto:[email protected]@missouri.edu

    http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77579:-----3-4-------andcatid=56:8-0-6-0-1-4-6andItemid=55http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articl...-6-0-1-4-6andItemid=55
                  

02-11-2015, 07:57 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)


    محمود محمد طه: طوبى للغرباء (الحلقة الخاتمة) .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم

    عبد الله الفكي البشير،محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، القاهرة: دار رؤية، 2013، 1278 صفحة.


    من أميز ما جاء به الكتاب في معرض إضافات طه المميزة للفكر الثقافي والسياسي السوداني هو تعريفه للمثقف والمقارنة التي عقدها بينه وبين الزعيم الهندي غاندي. ففي تعريف المثقف فرَّق طه بين المثقف و"المتعلم" برغم أنه كان مغرياً في جيله أن يترافق عنده مفهوم "المتعلم" و "المثقف". فهو من جيل الحركة الوطنية الأول الذي تخرج من كلية غردون ( 1902) وصارت جامعة الخرطوم باستقلال السودان في (1956) ونازع الصفوة التقليدية من زعماء طرق التصوف والعشائر لقيادة الأمة بأحقية الاستنارة والثقافة. فصار كل خريج متعلم مثقفاً في شرط الزمان والمكان. بل وأخرج طه المتخصص، الذي يوقف علمه على شق من المعرفة، من دائرة المثقفين وسمى التخصص آفة. ولم يُفَصِل طه في الأمر ولكن وجدت الأمريكي توماس سويل في كتاب أخير له في 2014 أخرج أيضاً المتخصص من هذه الدائرة بحجة مبتكرة. فقال إن الصيدلي مثلاً ربما كان أحذق من المثقف ولكنه ليس كذلك. فما ينتجه الصيدلي خاضع للتحقق العلمي بمعايير مقررة سلفاً. ولكن شغل المثقف يخضع في صحته لتراضي الأنداد عنده.
    لم يسبق طه بتعريف مبتكر للمثقف مما واتانا مؤخراً عند إدورد سعيد واضرابه فحسب بل "عاش" هذا المثقف في نفسه. و"عاش" مما يصف به طه تمكث رسالة الإسلام المكية الأولى (كما فهمها طه) في وجدانه صلى الله عليه وسلم على أنه كان يطبق الرسالة الثانية، شريعة المدينة، لأن زمان أهله لم يكونوا قد بلغوا مبلغ الرسالة الأولى. ولم يعش طه المثقف بل "ماته" حين صعد المشنقة ضحي 18 يناير 1985 بجريرة الردة عن الإسلام وأذهل قضاته ببسمة مشرقة استودعها التاريخ.
    قال طه بما ذاع مؤخراً عن إدورد سعيد. فالمثقف عند طه هو الذي يجسد وحدة الفكر والقول والعمل. وهذا الجانب بالتحديد ما قال إدورد سعيد إنه أصعب جوانب المثقف أي ذلك الذي اتصل بتجسيد ما يقوله في عمله وتدخلاته. وعليه فالثقافة عند طه ممارسة لاتصالها بالاستقامة والأخلاق وتحمل المسؤولية. فالاطلاع، كثر أم قل، لا يُعَرِف بالمثقف. فالمثقف في قوله من يتحد فيه الاطلاع بالأخلاق اتحاداً "يتحرر بها فكره تحريراً كبيراً". ولهذا ربما قال إن التخصص آفة لأنه يستعبد المرء لفرع من المعرفة يحفر فيه حفراً منصرفاً عما عداه.
    ولإتمام مكارم الإخلاق كان لابد للمثقف من مخالب سماها الكتاب "أدوات المثقف". ولم يترك طه فرضاً ناقصاً في توظيف هذه الأدوات ليبلغ الغاية من دعوته. فكون حزباً هو الجمهوري الاشتراكي في 1945 وكانت "الجمهورية" (1954) لسان حاله. كما كتب المقال ونشره بالصحف (200 مقالاً) وقدم المحاضرة وناظر الخصوم (20 منهم) في المؤتمرات والندوات، وأصدر البيان (150 بياناً) والكتاب بحبر الرونيو الشقي (36 كتاباً بقلمه و300 بقلم حوارييه)، وكتب الرسائل إلى ساسة ومفكرين (30 رسالة) يستوضحهم مسألة أو يوضح لهم مسألة. وكان شديد العقيدة في وجوب المواجهة والحجاج في حقل الفكر. وهذا ما يتجنبه آخرون ويعدونه polemics ويظنونه عكراً معرفياً لايغني عن الحق شيئاً. ولكن طه يقول بأنه معرفة "وسلوك بمقتضى المعرفة، معرفة يهتدي بها الفرد تجعله يميز بين دقائق الأمور". وهو تمرين يُمَتِن الالتزام الفردي بالمبدأ يدفع بالملتزم ليعرف بضاعته وبضاعة الآخرين وليعتقد ما يعتقد عن بينة.
    واستجمع طه إلى المثقف التقليدي إلى سمت المثقف الحديث الذي هو. فاستعاد تقليد خلوة الصوفية ينقطعون في غارات لهم لتعزيز باطنهم بالإلهامات والأقباس للمصابرة على وحشة الروح ووعثاء الدعوة. فدخل في واحدة من هذه الوثبات الروحية بعد خروجه من السجن في 1948 وقضى فيها ثلاث سنوات مشتغلاً بالتعبد والتأمل. ثم رتب لاجتماع حوارييه من حوله في بيته بحي الثورة بأمدرمان في بيوت مخصوصة لا يشغلهم البعد عن الدوام مع معلمهم في كل حين وآن. وهذا من أعراف صفوة الصوفية. وكان ذلك حدثاً فريداً في تربية الحداثيين لم يسبقه حداثي إليه حتى قال الكاتب إنه سيفرد للتجربة كتاباً مخصوصاً. فمن حوله، وبمباركته، يخرج هؤلاء الحواريون دعاة ينتشرون بثمار فكره يدعون الناس لها في أركان نقاش حية. وكان يربيهم في جلسات عرفانية تغذي الروح وأخرى انطباعية يطالعون فيها خبرات واحدهم الأخر في خضم الدعوة ومشاقها ومتعها. وفوق ذلك واظب على توثيق كل هذه الهمة الثقافية حتى لا تروح أدراج الرياح. فقد كان يبعث بأحبابه إلى جلسات المحاكم التي نظرت في بعض أمرهم ليدونوا وقائعها حرفياً لنشرها. فنشروا سبعة كتب عن وقائع محكمة في بورتسودان (1975) التي وقف فيها طه متهماً بإساءة قضاة الشرع.
    لفت الكتاب بقوة إلى مسألة تأثر الحركة الوطنية في السودان برصيفتها الأقدم في الهند. وكان من تناول هذا التأثر لم يتجاوز سطحه مثل تسمية مؤتمر الخريجين على المؤتمر الهندي بينما تقوم الدلائل على أن صفوة مؤتمر الخريجين تمثلت التجربة الوطنية الهندية بصورة أعمق مما اتفق لنا. من ذلك قول خالد الكد أن مثقفي العشرينات والثلاثينات في السودان تمثلوا بنهرو المستنير دون غاندي الذي عدّوه ديماغوغياً مثيراً للعامة. ومن بين تلك التمثلات قول البعض بأن طه ربما تأثر بغاندى في تجرده وصوفيته الوطنية. وعقد الكتاب مقارنة بين الرجلين جنح فيها للتقليل من أثر غاندي على طه بحجة أصالة مشروع طه. فمن رأي الكتاب أن الرجلين واجها الاستعمار بعزيمة ولكن كانت مواجهة طه أشمل من غاندي الذي انشغل بالتنظيم والسند الشعبي آخذاً بمبدأ المقاومة السلمية بينما صادم طه العقل الثقافي السائد بين مثقفين ركنوا إلى نضال المذكرات وملاذات الطائفية. فلم ينتج غاندي مشروعاً كوكبياً مثل طه لتغيير الإنسانية عن طريق الإسلام. وسمى مشروع غاندي "أماني محلية داخل الهند للتغيير". فلم يقدم غاندي وجهة مستقبلية لما بعد التحرر بينما كان طه يرى أن التحرر من الاستعمار ليس نهاية الأرب لأنه قد نصحو فنجد أنفسنا لم نتحرر بالتحرر بعد.
    وفرق الكتاب بين طه وغاندي في أسلوب جهادهما فكان الصيام في السجن عند كليهما. ولكن كان صيام غاندي سلاحاً للاحتجاج على الحبس بينما كان صيام طه في السجن هو الصيام المعروف عند الصوفية ب"الصمدي". وهو غير احتجاجي بالمعنى الذي عند غاندي. ولكن الحركة الوطنية أولته فروجت له على أنه لمناجزة الإنجليز. فكانت أدوات طه هي أدوات المثقف والصيام الاحتجاجي ليس منها.
    ويطلب الكتاب عن حق أنه ربما كان من السابق لأوانه الحديث عن المؤثرات الفكرية على طه طالما لم يطلع الباحثون على أدبه بشكل يؤمن صدق الحكم بمصادر تأثره. ولكن جاء الكتاب بمشابه بين طه وغاندي تنزلت حتى شملت تربية كليهما بمرضعة بعد موت الوالدة، ونباتيتهما، واغتيالهما في شهر يناير علاوة على رغبة ألحت على طه دائماً ولم يحققها وهي أن يدرس القانون، تخصص غاندي، والذي قال إنه "طرف من الأخلاق".
    أما مربط الفرس في المقارنة فما جاء به الكتاب وصح به بتأثر طه بغاندي. فكلاهما خريج التعليم الحديث مع تحرر واع من المعرفة الاستعمارية ومقاومة الاستعمار من مرجعية تراثية. وهي مرجعية صوفية تاريخية سودانية أفريقية عند طه بينما هي عند غاندي هندوسية روحانية. فكلاهما رافض للحضارة الغربية. أما غاندي، الذي التزم بطريقة عاطفية بقيم الهند التقليدية، فرفضه لحضارة الغرب كان كاملاً. وعلل نهرو ذلك بقوله إنه لم يكن أمامهم من سبيل غير ذلك لحساسية شعبهم من التشبه بآخر. أما طه فقد التزم بنقدها علمياً وقدّم بديلاً. فرنا لمدنية جديدة ديمقراطية اشتراكية مبرأة من المادية الغربية والروحانية الشرقية المفرطة معاً ومطلوبها الأسرة الإنسانية. فالحضارة الغربية عنده رأسمالية وشيوعية معاً.
    رغبت لو أن الكتاب لم يضيق واسعة المقارنة بين الرجلين مثل القطع باختلاف موقفهما من حضارة الغرب ونحن في مفتتح دراسة مأثرتهما. فقد جاء الكتاب بمشتركات جوهرية أخرى تفتح باباً واسعاً لبحث موضوعة تأثر طه بغاندي. فقد جمع طه مثل غاندي بين التطبيق العملي والتنظير لمشروعه وتعليم تلاميذه وتلميذاته أسس المنهج والعمل به. ولهذا رأينا كيف جمع طه تلاميذه حوله في بيوت هي أشبه ب"أشرام" غاندي كما مر . وكان يربيهم على مبدأ اللاعنف، ورطوبة اللسان في الدعوة، وتحمل الأذى لا رده. ولكن قد لايتفق آخرون معه في فهم موقف غاندي كردة فعل بسيطة إلى ريفية الهند كفراناً بالحداثة. فوطنه الفيلسوف أشيش آندي في كتابه "التقاليد، الاستبداد، واليوتوبيا" في خطاب الحداثة الهندية الأقدم من خطابنا في السودان أو في العالم العربي. وما بدا لكتابنا الذي نعرضه هنا كردة بسيطة من غاندي للريفية الهندية إنما هو أعقد من ذلك بما لا يسع المقال الخوض فيه.
    إن محنة طه كما ستراها في هذا الكتاب هي مؤشر على ضيق ماعوننا الثقافي حيال الغرابة أي الاختلاف. ولا أدري من عَرِف ذلك عن نفسه مثل طه. فإليه ربما نرد تعميم حديث أفضل البشر "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء" بيننا من فرط ما كان يتمثله. فتربص به من عادته التربص بأهل الفتوح وتغاباه من عادته التغابي عن أهل الفتوح. وتقاطرنا عليه بعد موته الجميل. وككل موت أفرغ الموت طه من الغرابة . . . ومن الخطر. فاقتربنا منه نتفيأ ظل شهادته بعد سكون زلزاله. وهذا الكتاب الفحل عن طه يدفق الغرابة مرة ثانية في الجسد القتيل عسى يروضنا على التكيف مع الغرابة والتنزل عند مقتضاها وهو الصبر عليها وكف الأذى عنها.
    mailto:[email protected]@missouri.edu

    http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77679:2015-02-08-17-29-28andcatid=56:8-0-6-0-1-4-6andItemid=55http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articl...-6-0-1-4-6andItemid=55
                  

02-11-2015, 08:47 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)


    كتم أنفاس المجتمع المدني في السودان .. بقلم: د. النور حمد

    المجتمع السوداني شديد الحيوية، شديد التفتح. وربما يعود السبب في ذلك إلى التاريخ الحضاري الطويل للقطر، ولتنوعه الإثني، والديني، والثقافي، الذي يقل مثيله. اشتهر السودانيون بكلفهم وحبهم للثقافة، وبمثابرتهم الاستثنائية في متابعة الأنشطة الثقافية، وكذلك حبهم الانخراط في أنشطة العمل العام. ولقد عُرفت الجامعات السودانية بأنها من أكثر الجامعات احتشادًا بالأنشطة الطلابية؛ السياسية، وغير السياسية. ولقد دفعت هذه الخاصية كل الأحزاب السياسية السودانية، لكي تفرد حيزًا معتبرًا للجامعات في مجمل برامجها، وأنشطتها.
    ينعى مفكرو ما بعد الحداثة، على برادايم الحداثة، سوقه البشر المعاصرين إلى الفردانية، في أكثر تجلياتها سلبية. ومن بين هؤلاء المفكرين، الناقدة الفنية، سوزي غابلك. ويمكن القول إن السودان، على فقره، وتأخره في الإمساك بعُرى الحداثة، يملك رصيدًا معنويًّا جبارًا، يضعه في أطر ما بعد الحداثة، وقيمها، التي ظل التبشير بها، يجري منذ فترة، كالتعاون، والجماعية.
    من أبرز صنوف العمل الجماعي، التعاوني، التضامني، التقليدية، في السودان، ما يُسمى، "النفير". واللفظ تحريف عاميٌّ سوداني، لكلمة "النَّفْرُ" التي يقول عنها قاموس المعاني: "القَوم يُسرعون إلى أَمرٍ أَو قتال". فـ "النفير" يعني في السودان تنادي الناس، وتضافرهم، من أجل مساعدة أحد أفرادٍ المجتمع، في عملٍ عجز عن أدائه، بسبب الفقر، أو المرض، أو العجز البدني، أو قلة الأيدي العاملة المتاحة له، لصغر حجم الأسرة، أو عدم وجود أقارب. والأعمال التي يقوم بها "النفير" هي، على سبيل المثال، تشييد حائطٍ انقضّ، أو بناء بيتٍ، أو سقيفة، أو تنظيف مزرعة من الأعشاب الطفيلية، أو انتشال بقرةٍ غطست في الوحل.
    مع نشوء الدولة الحديثة، اتخذت تلك الروح الجماعية التعاونية التضامنية في السودان، لنفسها صورًا حداثية جديدة، تمثلت في العمل الطوعي العام، وفي الأنشطة الثقافية، في المراكز الثقافية، والأندية، والجمعيات المختلفة. وكانت "مبادرة التعليم الأهلي" واحدة من أبرز المبادرات المجتمعية الطوعية، الكبيرة التي سبقت الاستقلال بسنوات قليلة، حيث تنادى المواطنون، وقاموا بتشييد عشرات المدراس، بجهدهم ومالهم. هبّوا لذلك، حين رأوا تقاعس السلطات الاستعمارية البريطانية، وتلكؤها في تشييد المدارس، حرصًا على بقاء حكمها الاستعماري. أما بعد الاستقلال، فقد انتشرت في مدن السودان، وقراه، الأندية الرياضية، والثقافية، والاجتماعية. وحين بدأ أداء الدولة، في التدهور، في حقبة السبعينات من القرن الماضي، وما تلاها، انتشرت الجمعيات الطوعية التي تعمل في مساعدة أهل الريف بالتثقيف العام، والعون الصحي، والعون الغذائي، والتدريب، ورفع القدرات، وغير ذلك. ومع توالي الكوارث والأزمات، وتراجُع أداء الجهاز الحكومي، اندفعت إلى داخل البلاد عشرات الجمعيات الطوعية الأجنبية، خصوصاً الغربية، مستفيدة من روح التطوع وحب العمل الجماعي، السائدة في الحياة السودانية.
    دخل العمل الطوعي، والعمل الثقافي، في السودان، في أكثر أوقاته حرجًا، في ظل حكومة الإسلاميين الحالية. جنحت هذه الحكومة، منذ وثبت إلى السلطة، عن طريق الانقلاب، إلى احتكار الفعل، ومنع الآخرين منه! ظل اسلاميو السودان، يعملون بدأبٍ غريب، على اخراج كل فاعلٍ آخر، لا ينتمي إلى تنظيماتهم، خارج الحلبة. هذا، مع أن الحكومات الرشيدة، تسعى، بكل طاقتها، لاستقطاب أكبر قدر ممكن من الفاعلين المجتمعيين، ليعملوا إلى جانبها. ولا توجد حكومة، تعرف أصول الحكم، يمكن أن تستغني عن جهود المجتمع المدني، اللهم إلا حكومة لا تعرف، أصلاً، ما هي الموارد والطاقات التي تحتاجها لتنجز خططها وبرامجها. فالمواطنون هم هدف التغيير، وهم، في الوقت نفسه، أداته الرئيسة. وبما أن الأنظمة العسكرية، عادةً، ما تأتي إلى الحكم، بلا معرفة، وبلا خطط واضحة، وبلا فهم لآليات التغيير، كانت حكومة الاسلاميين الانقلابية، الأكثر كرهًا، بين رصيفاتها، للعمل الطوعي، ولمنظمات المجتمع المدني. فهي لم تر فيها إلا تهديدًا لسلطتها، وسحبًا للبساط من تحت أرجلها، وفضحًا لعجزها. كما أنها لم تر فيها، سوى حاضناتٍ لقوى المعارضة. لذلك، ظلت تعمل، وبدأبٍ شديد، لقتلها.
    في العام قبل الفائت، قامت مجموعةٌ من الشباب، أسمت نفسها "نفير"، استنادًا على تاريخ ثقافة "النفير"، في المجتمعات السودانية، بالعمل وسط الأهالي، في المناطق التي جرفتها السيول وهدمت منازلها، فأضحى أهلها في العراء. في فترة وجيزة جدًا، أصبح اسم هذه المجموعة، من الشباب النشط، على لسان كل سوداني وسودانية. بل، اختطفت تلك المجموعة، بديناميتها، أنظار الإعلام العالمي، أيضا. حينها أحست الحكومة بالخطر، وأن هناك من فضح عجزها، وكشف تقاعسها. بان أن هناك من يؤدي العمل بكفاءة أكثر، وبشفافية لا تعرفها أجهزة الدولة الملوثة بالفساد، وبالأجندة الغامضة. وضح للناس، منذ الوهلة الأولى، الفرق، بين شباب "نفير" والعاملين في أجهزة الدولة الإغاثية؛ المنشغلين بأجندة السلطة، وبأجندتهم الخاصة، أكثر من انشغالهم بما ما أصاب الناس من ضرر.

    لم تستطع الحكومة صبرًا على ذلك الوضع، فتدخلت، بكل طاقتها، للتضييق على مجموعة "نفير"، حتى أخرجتها من الصورة تمامًا. تولت الحكومة كل شيء بنفسها، لتعود الأمور إلى سيرتها الأولى من العجز والتقاعس، وانعدام الشفافية. كان همُّ الحكومة الأول والأخير أن تكون هي في الصورة، ولم يكن همها الأول، أُغيث الملهوفون، أو لم يُغاثوا. فدأب حكومة الإسلاميين الثابت في السودان، هو: إما أن تفعل الشيء، وحدها، أو أن تعرقله. وهكذا تقود الشمولية، وعنجهية "أنا الدولة"، الحكومات لتصبح حربًا على المجتمع، وأداة لتجريف أفضل وأنبل ما فيه من قيم. وهكذا، يصبح الجهد الحكومي منصبًا، حصريًا، في قتل روح المبادرة، وروح العمل الجماعي، وقتل نزعة الأفراد للاستقلال بأنشطتهم، عن سيطرة الدولة، وهيمنتها، وذاك حق يكفله أي دستور ديمقراطي. فهو يصب في مصلحة من يحكمون، لو كان من يحكمون يعرفون أصول الحكم الرشيد.
    أغلقت الحكومة السودانية، تباعًا، في العامين الماضيين، مجموعة من منظمات المجتمع المدني، غير الحزبية، وغير الربحية. منها مركز الدراسات السودانية، ومركز الخاتم عدلان للتنوير والتنمية البشرية، وبيت الفنون، ومركز صيحة، ومركز سالمة، ومركز الأستاذ محمود محمد طه، بل، واتحاد الكتاب السودانيين. مارست هذه المراكز والجمعيات أنشطتها لسنوات وفق تصديقات من السلطات. فأشعلت الحراك الثقافي في العاصمة السودانية، كما تغلغل الشبان والشابات، من خلالها، في العمل الاجتماعي النشط، في أحزمة الفقر حول المدن، وفي أعماق الريف. غير أن الحكومة لم تحتملهم، فسعت لقتل أنشطتهم.
    بعد موت اتفاقية نيفاشا، وانفصال الجنوب، أخذت الحكومة تنقلب، شيئًا، فشيئاً، على المنظمات الطوعية، والمراكز، والاتحادات الثقافية، فأخذت تغلقها واحدًا بعد الآخر، كما تقدم ذكره. ولاستكمال حالة الموات التام، قام برلمان الحكومة، أخيراً، بتعديلاتٍ دستورية، في سابقةٍ لا تعرفها البرلمانات التي تستحق اسمها، كرّس بها البرلمان السوداني المزعوم السلطات جميعها، في يد الرئيس عمر البشير. والآن، يتهيأ البشير لخوض انتخابات، في أبريل/نيسان المقبل، بلا منافسة، حقيقية، من أحد. بعد فوزه المحتوم، في إبريل، لن يملك الرئيس البشير، إلا أن يقول، للسودانيين، ولغير السودانيين: "أنا الدولة"، تمامًا، مثلما قالها قبله موسيليني. الجديد في الأمر، هذه المرة، أنه سيقولها وحده، بعد أن كان في الماضي يقولها، بالشراكة مع أجهزته، ومنها حزبه الحاكم.
    mailto:[email protected]@gmail.com
    ///////////

    نقلا عن سودانيزأونلاين

    http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77763:2015-02-11-06-40-31andcatid=267:9-9-5-8-7-8-1andItemid=55http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articl...-5-8-7-8-1andItemid=55
                  

02-12-2015, 08:06 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    على أجنُح غيمة .. بقلم: عبد الله الشقليني
    mailto:[email protected]@hotmail.com
    اخترت العنوان من شِعر الدكتور تاج السر الحسن . ربما هو مرحلة شِعرية في فتوتها . أراها خير وصف لمشاعر تشابكت ، لا أعرف لها وصفاً ، ولا تعريف . أحاسيس متناقضة ومتآلفة ، فيها الذي يُلامس مرحلة زهو الشباب ، من القدرة على الفعل ، لا يحُد فعلك عندها إلا القناعة. لا أعرف كيف أكتُب ، وعن ماذا أكتب ؟ . لقد تلاقت كل النقائض ، ببعضها . وحده ريق طعم الصداقة حلواً كنتُ أتعرف عليه . ما كنتُ أعرف أن الجسد والذهن أضعف بكثير من أحلامنا . أنا في ذات المركِب، وذات العواصف الهوجاء تأتي علينا من كل صوب .
    انتهى يوم العمل في الرابعة مساء. بحثت كثيراً عن مكان موعدنا ، رغم أني حضرت المكان من قبل مرةً ، بل أنا اخترته في مدينة عشت فيها مُقيماً ثلاثة عشر عاماً . أعرف أن موهبة استدراك الأمكنة ليست بالضرورة لمن يمتهنون صناعة التماثيل التي يسكن إليها البشر في عملهم أو هناء الأسرة إن تيسر الهناء .
    جلستُ في خاتمة المطاف أمام المائدة. كان شوقي أن أشرب أنخاب الحديث العذب من أصدقاء مهّد لنا الزمان أن نلتقِ من بعد فرقة أعوام، بل منذ ثمانينات القرن الماضي !. لم يتغير الماء من تحت الجسر ، بل انهدّ الجسر على رؤوسنا .
    مضى اليوم أسرع مما كُنت أتصوّر . بعد وجبة الغداء ، عُدنا أدراجنا إلى البيت الذي يستضيفهم أهله ، ثم زرنا صديق مُشترك في مسكنه ، ثم جلسنا . افترق بعضنا وصرت أنا وصديق العُمر نجلس في سيارة متجاوِرَين وتحدثنا .
    لا الماضي ولا الحاضر يتسع لنا لنتبادل أنخاب الحضور ، فالمَهاجر مفتوحة على كل شيء . آخر ما توقعت أن يعود بعض صديقي إليَّ ، لا كله كما اعتدتُ دائماً . البعض الآخريختبئ ويحتاج لحفريات ناعمة وعميقة لكي يعودني .ليس أصعب من البحث في غموض رمادي عن بضاعة ناصعة وهشّة . تبحث أنت عن فخار قابل للكسر في مجاهل أرضٍ فسيحة .
    من يقدر على هذا الحذر وتلك المخاطر ؟.
    (2)
    قلتُ أحاول أن أستجْمِع بعض ما بيننا ،ما صار عصياً على النسيان . صار الماضي أيقونة متوهجة حين انعطف العُمر . ثقيلةٌ تلك الذكريات في ميزان الحياة و قريبة إلى النفس و بعيدةٌ عن الأهواء العابرة . غُبار يهيجه الزمان الذي انفتح على كل الاحتمالات . وقف الدمع على أطراف المحاجر لامعٌ كالندى . ثم تدرّج في الانتظار حتى جفّ ، وعُدنا سيرتنا الأولى .انحلّت الأربطة:
    قلت له مُمازحةً : ما حاصل ضرب (5) في (6) ؟
    قال : ثلاثين
    قلت : و (6) في (6) ؟
    قال : 35
    ضحِكت .
    (3)
    استدركتُ أنه لم يفتنا الكثير ، فقارب المعرفة المُضْمَر سوف ينقذني من العُجْمَة التي ألمّتْ بي، وصعوبة استدراك الحميمية التي تتلاعب بها الأقدار. وبدأت أختبر مقدرتي .
    سألت نفسي :
    لِمَ اختارنا هذا الداء الذي يحاول أن يبعدنا عمن نُحب ؟
    هل يتسنى له أن يحيط بنا إحاطة المعصم رغم استماتته ليفعل ؟ ،
    وهل مفاتيح الأغلال لما تزل بين أيدينا ، ندخل المساكن التي نُحب ، ونغلقها علينا وفق ما نشتهي ونقول ما نريد لا نخشى أحد ؟
    ما كُنا نعتقد أن فُحولة الذاكرة سوف يختبئ وميضها ، يوماً بعد يوم .
    ما أتعسني هذه الليلة !.
    (4)
    قلت له :
    - أتَذكُر حين كتب الشاعر " محمد المكي " مقالاً عَجولاً يتمنى لك الشفاء قبل فترة ، ورد الدكتور حسن موسى قارئاً للمقال العَجول وأقام عليه بنية النقد الجديد بما اختلف الناس حول رؤاه أو اتفقوا وعنونه : " أشغال العمالقة ".وجديد الأسلوب وصعوبة ألا نتأمل الغايات ونَقنَع بالوسائل ،مما تحدث عنه مقال الشاعر أو سكت عنه في مقاله العَجول ،وكيف تناول نقد الدكتور حسن النص دون النظر كثيراً إلى غايات النص، ومبرراته. وتشعبت القضية بين مؤيد وناعٍ. وأنت سيدي لم ترد ،سوى بالقليل حين ذكرت أن الشاعر صديقك ؟ .
    قال لي :
    - محمد المكي الشاعر ؟
    قُلت :
    - نعم هو . وكتب الشاعر رداً بمقال نعت فيه الدكتور :" آية اللؤم العظمى " .
    قال :
    - متى تم ذلك ؟ أفي صحيفتنا الإلكترونية ؟!
    قُلت :
    - ولماذا لم ترُد ؟
    قال :
    - أنا لا أذكر الموضوع .
    (5)
    كنتُ على وشك أن أقول له إن الشاعر الكبير عندما سألوه في مقابلة في تلفزيون السودان مؤخراً عنك ، ردَّ : " لقد نسيته " . ويومها دارت رأسي بما ثَقُلت ، ولكن داهمني الصمت. وبدأت موضوعاً آخر :
    قلت له :
    - أتذكر مقالك المميز عن فكر محمود محمد طه ، ومنهاجه ؟
    قال :
    - محمود محمد طه مُفكر كبير ، وأذكر جلوسنا معه في بيته وحواراتنا معه ، فهو لا يشبه أبناء جيله ، ويتفهم الفنون بوعي .
    قلت :
    - أتذكر مقالك ؟
    قال :
    - أين هو ؟
    قلت :
    - مسجّل في المدونة .
    قال :
    - مُدونتنا ! .. لا أتذكر ولكني أحب أن أقرأه . أين أجده ؟
    (6)
    موجٌ طاف بذهني ، ولكن يبدو أن " التُسنامي " أكبر من كل شيء كان يحيط بنا . لم تتغير ملامح تلك النظرة الحنون من عينيه ، وهو يحاول جُهده أن يكون معي ، وهي الخِصلة التي عرفتها عنه أول يوم عرفته فيه منذ أربعين عاماً ، ولن تُنمحي تلك السنوات . أرقبها نافرة منطلقة كالخيول في بسطة الأرض الخضراء ،ومن مواضينا التي تأبى على النسيان .
    (7)
    أذكر في سبعينات القرن الماضي حين جاء هو مُنهكاً ذات مساء قادماً من مستشفى الخرطوم، دخل من الباب وجلس متعباً على السرير وتمدد بملابسه .
    قال :
    - حاولت كل جُهدي أن تبقى أمي تتنفس وتحيا ، ولكن آخر المطاف هزمني السُكري اللعين حين استوطنها ، وفارقتها نسمة الحياة إلى غير رجعة .
    ونحن بين الدهشة والطمأنينة والحزن الذي تفرق بيننا ، علمنا أن كل ما بيد صديقنا ليفعل ، قد فعل . والآن استسلم جسده للنوم القسري رغم أنفه . تركناه نائماً وغادرنا بهدوء إلى مدينة " بحري "حيث تقاطر الجميع لإجراءات الدفن .
    (8)
    بدأت الآن استدرِك نظرات العينان اللامعتان لابنته ، بين الفينة والأخرى ، تترك القلب يغوص بين الجنبين .
    قلت له :
    - ألم تزل يا صديقي دمعتك قريبة من مقلتيك ؟ .
    تجاهل هو سؤالي.
    بدأت أحكي متواصلاً بلا فواصل ، لعل الذاكرة عنده ترتجّ . كان يسألني ويعقّب كأنه أمسك بالخيط ، قبل أن تتسرب الذاكرة . وبدأ يستجمع كل الدُرر التي تُخبئ هذا العالم الجميل الذي هبَّت عليه عاصفة ، شتت الأوراق ، ولكن الجزع قويٌ،لم تهزمه العواصف الجائرة بعد. يذكر هو أيام الصبا الباكر وشِعر البداوة الذي كان ينشده والده في خمسينات القرن الماضي . يعود إلينا بالطفولة ومقتبل الشباب ، وقصص لم نعرفها من قبل عنه .
    مهما اختبأ الماضي ، فهو عصيّ على النسيان .
    عبدالله الشقليني
    9 فبراير 2015

    نقلا عن سودانايل
    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77785:2015-02-11-18-09-10andcatid=129:0-0-3-1-6-9-5andItemid=55http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-3-1-6-9-5andItemid=55

    موجود أيضا بسودان فور أول
    http://##################/forum/viewtopic.php?t=8444andsid=7e8d3dea24ca936493648177281d46e6http://##################/forum/viewtopic.php?t=8444andsid=7e8d3...936493648177281d46e6
                  

02-15-2015, 10:19 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: الطيب صالح: صدق الرواية ... مثلث الرغبة ومحاكاة الغريم .. بقلم: طاهر عمر
    رينيه جيرارد في محاكاة الغريم حاول أن يجد منابع العنف الكامن في قاع المجتمع البشري منذ فجر الحياة. له دور كبير في أنثروبولوجيا العنف، وكذلك انثروبولوجيا الدين. إختلف مع أفكار سيغموند فرويد رغم أنه قد لاحظ إقتراب فرويد من نظرية محاكاة الغريم في الطوطم والتابو، ولكن بعدها إختلفت أفكار فرويد عن فكرة محاكاة الغريم التي طورها رينيه جيرارد، وبسببها إختلف مع كلود ليفي أشتروس. وكذلك له رأي في أفكار نيتشة في الإختلاف الطفيف في موت المسيح وجنيالوجية نيتشة. في عام 1966 كانت ندوة لغات النقد وعلوم الإنسان التي قد دعاء إليها رينيه جيرارد وحضرها كل من رولان بارت وجاك دريدا.
    في محاولة تطبيق أفكاره على الأعمال الخالدة لكبار الكتاب أمثال شكسبير وفلوبير، وستاندل، ودوستفسكي، وبروست، وسرفانتس حاول رينه جيرارد أن يجد أثر لنظريته محاكاة الغريم، وكذلك حاول أن يجد لها أثر في الكتاب المقدس.
    كل هذه الأعمال الخالدة تتم داخل مثلث الرغبة الذي صاغ رينيه جيرارد نظريته داخله بشكل يثير الإعجاب. ولم تقتصر أفكاره في الأعمال الخالدة للأدباء بل قد تخطتها الى تاريخ الفكر الإقتصادي فيما يتعلق بنظرية القيمة وفكرة مثلث الرغبة. في حديث رينيه جيرارد عن عطيل في إبداع شكسبير ألم تكون الدعوة مفتوحة لنا أن نتحدث عن عطيل الطيب صالح؟ عطيل الذي يعني أسمه الحذر. وحينما نتحدث عن عطيل الطيب صالح تحت نير مثلث الرغبة لرينيه جيرار نجد أن الطيب صالح لا يقل شأن عن الأدباء الكبار الذين تحدث عنهم رينيه جيرارد، ولن يخرج إبداع الطيب صالح عن مثلث الرغبة الذي تحدث عنه رينيه جيرارد بل سيكون ذو بريق يضاهي بريق أعمال دوستفسكي، وفلوبير، وبروست.
    مثلث الرغبة لرينيه جيرارد ربما يخرجنا من إخضاع عمل الطيب صالح من أسرَة فرويد وغريزة الجنس الى عوالم محاكاة الغريم التي تفسر لنا العنف الكامن في قاع المجتمع البشري منذ ليل الحياة. فمصطفى سعيد لا يستوعبه إلا مثلث الرغبة ليفسر نزوعه الذي تثيره محاكاة الغريم. وهنا يسير مصطفى سعيد جنبا لجنب مع مدام بوفاري و بطل دوستفكي في الجريمة و العقاب و أبطال بروست داخل مثلث الرغبة لرينيه جيرارد. فكثير من النقاد يضعون دوستفسكي كمبتكر لفكرة الإنسان المتفوق قبل فردريك نيتشة في حركة بطل الجريمة والعقاب في مثلث الرغبة. فما الذي يمنع مصطفى سعيد من أن يكون مع أبطال بروست و فلوبير وستاندل؟ الطيب صالح في موسم الهجرة الى الشمال قد تهيأت له الفرصة أن يضرب ضربته التي لا تتاح إلا للكبار الذين قد إتيحت لهم الفرصة لمعرفة كنه الوجود هناك حيث تكشف الحياة عن أسرارها للحكماء والفلاسفة والأنبياء.
    في مثلث الرغبة يواجه مصطفى سعيد مركزية الغرب وهيمنته يبرع في النظريات. لكي يتفوق على زملاءه في هيئة الإذاعة البريطانية مصطفى سعيد أعلى مقام من مذيعي هيئة الإذاعة البريطانية. وهنا صدق الرواية وكذب الراوي. وهنا يأتي دور الوسيط الذي يحرك المنافسة بين الطيب وزملاء الإذاعة ومصطفى سعيد والغرب. يقال أن الطيب صالح قد قال لصلاح أحمد محمد صالح سيأتي يوم يقول فيه الناس صلاح صاحب الطيب صالح بدلا من قولهم اليوم الطيب صالح صاحب صلاح أحمد محمد صالح وهنا تتجلى محاكاة الغريم. وأيضا نجد محاكاة الغريم بين الراوي ومصطفى سعيد وبين الشرق والغرب الذي تحدث عنه الطيب صالح كشمال فموسم الهجرة الى الشمال والحديث عن صراع الغرب والشرق.
    مثلث الرغبة الذي تنبجس منه موجات العنف هونتيجة محاكاة الغريم. فعنف مصطفى سعيد لم تفسره الفرويدية التي تقزز منها الطيب صالح كثير في محاولات النقاد لرد إبداعه الى حقول فرويد. العنف في موسم الهجرة الى الشمال تفسره فكرة محاكاة الغريم لرينيه جيرارد. ففي مثلث الرغبة عند رينيه جيرارد يظهر الإنسان أنه غير حر بل يسوقه طرف أخر ويضطر لمحكاته ومن هنا يأتي العنف بسبب المنافسة على شي وترتفع قيمة الشي موضع الصراع بمجرد بداية الصراع عليه ومن هنا يكون مثلث الرغبة قد إكتمل بسبب محاكاة الغريم. ويذكر رينيه جيرارد فكرة المحكاة التي تحدث عنها إفلاطون وطورها تلميذه أرسطو. وفي الكتاب المقدس مشكلة أبناء النبي آدم حينما قتل أحدهم الآخر بسبب محاكاة الغريم. فالعنف الكامن في قاع المجتمع البشري سببه محاكاة الغريم التي تكون كمحاولة للإجابة عن أسئلة الوجود ومواجهة شخصية الكاتب للحياة. فنص الكاتب في نظر رينيه جيرارد لا يكشف عن حياة الكاتب بقدرماهو مواجهة للحياة لكي تنكشف فهو محاولة إكتشاف الحياة وعكس تحولات الروح في حياة الكاتب وهنا تظهر عبقرية الروائي بشكل لا يعرف الحدود بين الأنا والآخر حسب رأي رينيه جيرارد. وهنا تظهر معاني عبارة الطيب صالح لصاحبه صلاح أحمد محمد صالح وفكرة محاكاة الغريم. ففي مثلث الرغبة ومحاكاة الغريم لرينيه جيرارد هناك ميكانيكية تربط كل محاولات الكتاب في خلق أشخاصهم في أعمالهم الخالدة وفيها تداخل الأنا والآخر بقانون نفسي يحاول رينيه جيرارد كشفه في محاولة محاكاة الغريم. ففي خلد الإنسان تنام رغبة فيما يريد أن يكون. ففي ظل هذا المثلث للرغبة ومحاكاة الغريم أين تقبع نظرية موت المؤلف لرولان بارت؟ المضحك أن رولان بارت في وفاة والدته كشفت نصوصه في حزنه على فقدها أن المؤلف حي يرزق عكس ما كان يروج له في موت المؤلف وأثارت فضيحة كبيرة وسط النقاد وتجاوزتهم الى ساحات المحاكم.
    عن أبطال بروست تحدث رينيه جيرارد عن الوهم كأصل للرغبة ودهاءها. أبطال بروست يتجلى عبر حياتهم الحسد والغيرة وهنا تتضح فكرة محاكاة الغريم و ما ينتج عنها من عنف. وعلى ذكر الحسد في ظل مثلث الرغبة ومحاكاة الغريم أين يقع الحسد الذي تحدث عنه الدكتور عبد الله الطيب في مجتمع المثقفيين السودانيين؟ ألم يحن الوقت لإخراجه من طرح ود البلد الذي قدمه الدكتور عبدالله الطيب وإدخاله في حيز الطرح العلمي الرصين الذي قدمه رينيه جيرارد في مثلث الرغبة وفكرة محاكاة الغريم؟ وفوق كل ذلك هل يتضح العنف الذي حمل صليبه الأستاذ محمود محمد طه ومشى به في درب الآلام بشوق لا ينتهي نتيجة لما حدث له من عنف مارسه ضده من تحركهم أشعة مثلث الرغبة ومحاكاة الغريم؟ ربما تكون الإجابة نعم في ظل مثلث الرغبة ومحاكاة الغريم الذي يرتكز عليه رينيه جيرارد في خلقة للعلاقة الطردية التي تتأرجح ما بين قمتين الدين والأدب و ما بينهم من نقد أدبي أسسه رينيه جيرارد من براعته في أنثروبولوجيا الدين وأنثروبولوجيا العنف. فهو يلاحظ ما لم يلاحظه الآخرين في وجود فكرة كبش الفداء في الأساطير اليونانية في أسطورة أوديب ونفس فكرة كبش الفداء في المسيحية. ولكن الفرق في ما بين الكبشين في الأساطير اليونانية أن كبش الفداء يستحق الجزاء وفي المسيحية أن كبش الفداء برئي. وهذا ما أغضب فردريك نيتشة من فكرة الضحية البريئة وجعله يرى في المسيحية أكبر مروج لفلسفة العبيد. المهم أن رينيه جيرارد من دراسة الأعمال الخالدة لكل من فلوبير وستاندال ودوستفسكي وشكسبير وسرفانتس وصل لفكرة أن الإنسان عبر العصور تكاد تتطابق أفعاله أي يمر الزمان والإنسان نفسه لم يتغير قابع في مثلث الرغبة ويجود فكرة محاكاة الغريم ومنها ينبع العنف. يرى رينيه جيرارد في الشك الذي لديفيد هيوم ودي كارت قد أزاح غموض الدين وهنا ربما يلتقي مع فكرة مارسيل غوشيه وفكرة سحر العالم الذي قد زال. أنه يؤمن بمسيحية ما بعد الإصلاح. ففي مثلث الرغبة ومحاكاة الغريم يحاول الأمريكيون أن يتفوقوا على أوروبا لأنهم يحسون أنهم أبناء من دفعهم الفقر الى الهجرة الى أمريكا واليوم عنف الإسلاميين وفكرة محاربة العالم أجمع تحركهم فكرة محاكاة الغريم أي لماذا يحكم الغرب العالم بقيمه وليس نحن المسلمون؟ الطيب صالح في مواجهته للحياة بموسم الهجرة الى الشمال حسب فكرة مثلث الرغبة ومحاكاة الغريم قد عكس تحولات روحه وأظهر عبقرية الروائي بشكل لا يعرف الحدود ما بين الأنا والآخر.
    رينيه جيرارد اليوم قد تجاوز عقده التاسع بعامين وهو اليوم عضو في الأكاديمية الفرنسية. ومن المعجبين بفكرة محاكاة الغريم ومثلث الرغبة المفكر الجزائري محمد أركون. فقد جعل محمد أركون فكرة محاكاة الغريم جزء أصيل من منهجه الهائل الذي يفتخر بمعرفة إستخدامه في مسألة تقصي أثر الحقيقة في إختفاء أثر النزعة الإنسانية في الآداب الإسلامية. ويؤكد محمد أركون وجود النزعة الإنسانية في فكر كل من أبي حيان التوحيدي وابن مسكويه أي في المرفوض من الأدب الإسلامي. فالنزعة الإنسانية عند محمد أركون تأخذ بعدهاالفلسفي الذي يميزها عن النزعة الإنسانية المحبوسة في الحيز الجمالي للنص الأدبي وهنا يكمن الفرق بين محمد أركون وإدوارد سعيد. فادوارد سعيد في كتابه الأخير النزعة الإنسية والنقد الديمقراطي قد صحح حالة الدوار التي صاحبت نشاطه الفكري. قبل وفاته إعترف إدوارد سعيد بأن كتابه الإستشراق قد خدم الأصولية الدينية والأصوليين أكثر من أنه قد خدم التنوير. ففي كتابه الأخير نجد إدوارد سعيد مؤمن بالإنسان وجهده الذي يستطيع عبره أن يعرف نفسه بعيدا من أمراض النخب الثقافية والطهرانية الدينية والمركزية العرقية. والغريب اليوم السودان يعاني بسبب أمراض النخب الثقافية والطهرانية الدينية والمركزية العرقية.
    ما أحوجنا لخطاب جديد ذو نزعة إنسانية قادرة على هزيمة أمراض النخب السودانية والطهرانية الدينية والمركزية العرقية.
    mailto:[email protected]@yahoo.com

    نقلا عن سودانايل
    http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77806:2015-02-12-08-21-55andcatid=34:0-6-8-3-1-6-8andItemid=55http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articl...-8-3-1-6-8andItemid=55
                  

02-16-2015, 05:52 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    رئاسة الجمهورية: ألغت قرار إلغاء اتحاد الكتاب أم أنها لا تعلم به؟! .. بقلم: حيدر احمد خيرالله

    *القرارات المؤسفة التى مهرتها بتوقيعها المستشارة مولانا / اقبال محجوب الحسن مسجل عام الجماعات الثقافية بوزارة الثقافة والتى لا نعرف ان كانت مهمتها ولائية ام اتحادية ؟ فهى التى اصدرت القرار القاضي بالغاء تسجيل مركز الاستاذ محمود محمد طه الثقافي دون ان ترمش لها عين ، و تم ذلك كشأن يخص وزارة الثقافة والاعلام بولاية الخرطوم ، ثم اردفته بالقرار الذى عمل على الغاء تسجيل اتحاد الكتاب السودانيين ، بصفتها المسجل للجماعات الثقافية ، التابع لوزارة الثقافة الاتحادية ، وهذا الخلط ليس قاصرا على وضع المسجل الذى يعمل هنا وهناك من باب التضارب الواضح الذى يعتور جسم الحكم الاتحادي كله . .


    *وممالاشك فيه ان الغاء تسجيل الاتحاد العام للكتاب السودانيين ، لم يسئ للكتاب وحدهم بقدر ما عمل على فضح النظام لذى لم يستحي من ان يصنف انه فضلا عن فشله الكبير فى ادارة شؤوننا السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، قد اضاف ابعادا جديدة تؤكد انه ضد الوعي والاستنارة والثقافة بصورة لم يجرؤ عليها وزير اعلام هتلر الذى اقر بانه اذا سمع كلمة ثقافة تحسس مسدسه ..وعندنا ان قرارات مولانا اقبال جاهزة لكل قرار يخص الثقافة لتجعل من الصرح الثقافي الذى يشيع الاشعاع أثرا بعد عين ودون ان تحرك بقية الاجهزة ساكنا ..والكارثة المحققة ان هذه القرارات تنفذ ولاتعرف حتى رئاسة الجمهورية ..


    *والفضيحة الكبرى تظهر واضحة فى الاعلان الكبير والمنشور فى عدد من الصحف الموالية للحكومة .. والاعلان معنون برئاسة الجمهورية – الحوار المجتمعي – لجنة قطاع الثقافة والتعليم والرياضة – ونكاية فينا مكتوب عليه (اعلان مهم ) يدعو رئيس لجنة قطاع الثقافة والتعليم والرياضة بالحوار المجتمعي جميع الكيانات والأتحادات والتنظيمات المعنية بتطوير الثقافة والابداع لحضور الاجتماع المهم للتداول حول قضايا الوطن والثقافة والابداع بغرض توسيع قاعدة المشاركة وتحقيق التراضي والسلام الاجتماعي والتعايش االسلمي واستكمال اصلاح الدولة والتحديث والتطوير وتوفير حاضنة اجتماعية للتراضي والوفاق والاتحادات هى: (مجموعة من الاتحادات منها اتحاد الكتاب السودانيين) المكان قاعة الصداقة السبت 14/2/2015الساعة الحادية عشرة صباحا..والدعوة عامة..عيسى احمد محمد معنى / مقرر اللجنة


    *المدهش ان مسجل الجماعات لم تتعطف وتبلغ هذه اللجنة المكونة من رئاسة الجمهورية بقرارها الغاء اتحاد الكتاب وهو المعني بهذه الفعالية والتى لم تعرف اللجنة انه قد تم الغاء تسجيله !! وهذه الدعوة التى تشمل جسما محظورا اليوم اسمه اتحاد الكتاب ، فكيف بها تقود حوارا مجتمعيا ؟ بل كيف يكون حوارا فى الاصل والحكومة تقصي مراكز الاستنارة ؟واذا كانت هنالك جهة تتبع لرئاسة الجمهورية والغي تسجيلها وبرغم ذلك تتم دعوتها فهل نفهم ان قرارات اقبال و(وزاراتها ) صارت هى الاخرى فى حكم الملغاة ؟ام انها الفوضى والحكم المزاجي على طريقة (عدي من وجهك) وسلام يااااااوطن..


    سلام يا


    المشير سوار الذهب: التطور والرفاهية لن تتحقق للمواطن الا باستمرار البشير ..والترابي سبقه بان البشير هو هبة السماء ..اما نحن فلا نريد سوى الديمقراطية وحقوق الحيوان ..والباقي هين .. وسلام يا


    الجريدة السبت 14/2/201

    نقلا عن سودانايل
    http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77876:2015-02-14-07-54-08andcatid=1008:7-5-6-4-3-0-2andItemid=64http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articl...-6-4-3-0-2andItemid=64
                  

02-16-2015, 05:54 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: الجمهوريون وانقلاب مايو 1969م (2) .. بقلم: تاج السر عثمان
    أشرنا في الحلقة السابقة الي أن مؤلف عبد الله الفكي البشير " صاحب الفهم الجديد للاسلام : محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ" ، يثير الاهتمام ويفتح شهية الباحثين للدراسة الناقدة للفكر الجمهوري ، وأن مؤلف عبد الله الفكي ليس بديلا لدراسة الفكر الجمهوري، كما ورد في أعمال الأستاذ طه، ومنشورات وكتيبات الحزب الجمهوري، والأخوان الجمهوريين، حتي يتم استخلاص دراسة موضوعية توضح حسنات وسيئات الفكر الجمهوري ، أي دراسة لا تنظر لفكر الجمهوريين بعين الرضا التي عن كل عيب كليلة ،أو بعين السخط التي تبدي المساويا، كما يقول الشاعر عبد الله بن ابي طالب :
    فعين الرضا عن كل عيب كليلة
    وعين السخط تبدي المساويا
    والدراسة لاتناقش فقط الفكر الجمهوري في مستواه النظري ، بل تنطلق من ممارسات الجمهوريين ونشاطهم العملي ، ذلك أن التجربة والخبرة العملية تغني وتطور النظرية ، حسب ديالكتيك الفكر والواقع ، فالنظرية ترشد الممارسة ، والممارسة تطور وتخصَب النظرية ، كما يقول الشاعر الألماني جوته : "النظرية رمادية ، وشجرة الحياة مخضرة ومتجددة دوما".
    كما أنه من المهم ممارسة فضيلة النقد والنقد الذاتي بهدف تطوير النظرية انطلاقا من التجربة العملية. وبالتأمل في ابواب وفصول كتاب عبد الله الفكي البشير ، لانجد دراسة أو تقويما نقديا لموقف الجمهوريين من انقلاب 25 مايو 1969م، وسوف نركز في هذه الدراسة علي هذه القضية باعتبارها من ضمن القضايا التي تحتاج الي مناقشة عميقة وتحليل وتقويم نقدي
    ، فماهو موقف الجمهوريين من إنقلاب مايو 1969م؟؟:
    عندما وقع إنقلاب مايو 1969م كان من رأي الجمهوريين " أن ثورة مايو جاءت في الوقت المناسب في لحظة كانت فيها مسودة الدستور الإسلامي المزيف علي وشك الإجازة ، بعد إجازة الجمهورية الرئاسية والدستور الإسلامي وترشيح الهادي المهدي لرئاسة الجمهورية" ( الأخوان الجمهوريون : المصالحة الوطنية ، سبتمبر 1977م).
    وكان من رأيهم "أن النظام القائم ( إنقلاب مايو) قد استطاع حتي اليوم ( مايو 1976م) أن يقف حائلا بين السلطة و عودة الطائفية اليها " ( الأخوان الجمهوريين: لجنة تعديل القوانين ، ط3، مايو 1978م).
    نلاحظ أن الجمهوريين استخدموا مصطلحا غير دقيق وهو " ثورة مايو" ، في حين الصحيح، أنه كان انقلابا عسكريا.
    وعن الأزمة الإقتصادية التي تفاقمت خلال حكم الفرد لنميري نتيجة لفساد النظام حتي نخاع العظم ونهب الرأسماليين الطفيليين المايويين للقطاع العام ، والصرف البذخي علي مؤسسات النظام ..الخ . كان من رأي الجمهوريين أن " مشاكلنا اليومية في نقص الإنتاج ، وفي إحتقار العمل اليدوي ، وفي العزوف عن العمل في الريف ، وفي اختناقات التموين ، وفي الإهمال والتفريط في المال العام ، كل هذه المشاكل سببها نقص الأخلاق"!!!، وكأن الجمهوريين يبرأون النظام الأجتماعي( نظام النميري) الحاكم الذي قمع وأفقر الجماهير مما أدي الي تدهور الأخلاق والقيم السودانية الأصيلة!!!، أو كأن الجمهوريين يبررون جرائم النظام الاقتصادية والنهب والفساد بحجة غياب الأخلاق!!!.
    وطالما كان الجمهوريون يطالبون بكمال الأخلاق ، والحرية لنا ولسوانا ، كان من المنطقي الا يؤيدوا انقلاب 25 مايو الذي في جوهره كان ديكتاتورية عسكرية صادرت كل الحقوق والحريات الديمقراطية " حريات التعبير والنشر والتجمع والتظاهر ، والحريات النقابية، ومصادرة حق الإضراب..."، وحلت الأحزاب والجمعية التأسيسية. ذلك أن الطائفية لايمكن محاربتها بإنقلاب عسكري أو بوسائل غير أخلاقية ، ولا حتي الإنقلاب العسكري عاصم من الدستور الإسلامي المزيف ، فنظام النميري نفسه عام 1983م أعلن قوانين سبتمبر ، بهدف قمع الحركة الجماهيرية التي كانت متصاعدة ضده، والتي كانت أسوأ من الدستور الإسلامي المزيف إن لم تكن مكافئة له، وعندما عارض الجمهوريون تلك القوانين ، ووقف محمود محمد طه وقفته الشجاعة قائلا : " هذه القوانين قد أذلت الشعب السوداني .." ( راجع كلمة الأستاذ محمود أمام المحكمة يوم 17/1/1985م)، أنجز النميري مهمة محكمة الردة ونفذ الحكم الجائر بالردة. ذلك الحكم الذي عجزت عن تنفيذه محكمة الردة 1968م ، مثلما أنجز النميري قرار الجمعية التأسيسية بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان ، واضاف لها اعدام قادة الحزب الشيوعي وتشريد الالاف من من الشيوعيين بعد انقلاب 22 يوليو 1971م..
    والواقع أن الأستاذ طه ’أكل يومأن ’أكل الثور الأبيض ، أي عندما تهاون في مقاومة الديكتاتورية منذ يومها الأول والتي فتكت بالمعارضة السياسية في الجزيرة أبا 1970م، ويوليو 1971م، و في 5سبتمبر 1975م، و2 يوليو 1976م، وأعدمت أ وتسببت في موت رموز الحركة السياسية والنقابية والفكرية في البلاد مثل : اسماعيل الأزهري ، ومحمد أحمد المحجوب وعبد الخالق محجوب والشريف حسين الهندي والشفيع أحمد الشيخ وجوزيف قرنق ..الخ، ثم اختتم نميري باعدام الأستاذ محمود محمد طه، وكان ذلك علي عادة النميري الذي يستفيد من التأييد لحكمه ثم يضرب ويشرد ويعتقل أويعدم في حالة المعارضة . وهذا الخطأ وقع فيه المنقسمون من الحزب الشيوعي ، والصادق المهدي وحسن الترابي بعد المصالحة الوطنية 1977م ، وتم اعتقال ومحاكمة الصادق بعد خروجه من المصالحة والمشاركة في الحكم ،كما تم اعتقال مجموعة الترابي بعد محاولتها للاستحواذ علي السلطة. فنظام النميري كان يهدف من المصالحة والمناورات لاطالة عمره وتوسيع قاعدة حكمه مع الابقاء علي جوهر الديكتاتورية والنظام الشمولي ، ثم بعد ذلك يضرب ضربته.
    فالطريق لمواجهة الديكتاتورية وحكم الارهاب واستغلال الدين لتبرير الديكتاتورية وحكم الفرد كان ولازال هو الطريق الديمقراطي الجماهيري الواسع . وبرغم تزييف الديمقراطية خلال الفترة: 1965- 1969م وحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان وقيام محكمة الردة للاستاذ طه 1968م ، الا أن النضال الجماهيري الديمقراطي وتأييد الحزب الشيوعي والقوي الديمقراطية والمستنيرة لحرية الفكر والتعبير والتنظيم استطاع أن يوقف تنفيذ حكم محكمة الردة ، وكان من الممكن وعن طريق النضال الجماهيري الديمقراطي الواسع أن يتمكن الشعب السوداني من مقاومة الدستور الإسلامي المزيف بدون إنقلاب مايو 1969م، كما قاوم قوانين سبتمبر 1983م والتي تحالفت في اصدارها وتأييدها جماعة الترابي التي هللت لاعدام الاستاذ طه ، واستطاع شعب السودان أن يلقي بنميري في مزبلة التاريخ في انتفاضة مارس- ابريل 1985م.وبعد انتفاضة ابريل 1985م ، قاومت كل القوي الديمقراطية والمستنيرة قانون الترابي الذي يفضي الي الدولة الدينية، وتم اسقاطه عن طريق النضال الجماهيري، وتمت محاصرة الجبهة الإسلامية القومية سياسيا وفكريا، حتي شعرت بعزلتها ، ودبرت الانقلاب العسكري علي الديمقراطية الثالثة في البلاد في 30 يونيو 1989م، الذي صادر الحقوق والحريات والديمقراطية وفرض نظاما قمعيا شموليا، اعتقل وشرد وعذب الالاف من المعارضين السياسيين والنقابيين، وتم توسيع الحرب في جنوب السودان بعد التوصل لحل المشكلة بعد إتفاق الميرغني – قرنق، مما ادي لانفصال الجنوب ، ونهب ثروات شعب السودان باسم الدين ، وتوسيع رقعة الحرب لتشمل دارفور وجبال النوبا وجنوب النيل الأزرق وشرق السودان، واطلاق الرصاص علي المظاهرات السلمية للمواطنين والطلاب ، وضد أبناء البجا في شرق السودان، وأبناء كجبار ودال ..الخ، مما أدي الي مقتل العشرات من المواطنين .
    علي أنه كان للجمهوريين مساهمات فكرية جيدة خلال فترة ديكتاتورية مايو مثل: كشف زيف لجنة تعديل القوانين بما يتناسب مع الشريعة الإسلامية، كما كشفوا تناقضات بعض القوانين مثل: قانون حظر الخمر ( أنظر علي سبيل المثال: الأخوان الجمهوريون: لجنة تعديل القوانين لن تفلح الا في خلق بلبلة ، ط3، مايو 1978م). كما أسهم الجمهوريون في خلق حركة فكرية ودينية واسعة ضد الاخوان المسلمين والتيارات السلفية الظلامية في الجامعات والمعاهد العليا ، وكانت أساليبهم في العمل: الكتابة في الصحف ، المحاضرات ، عرض الكتب والمناقشة في الساحات والميادين العامة ، أركان النقاش في الجامعات والمعاهد العليا، الطواف علي قري الريف ، كما دعي الأخوان الجمهوريون الي المنابر الحرة ( انظر الأخوان الجمهوريون يدعون الي المنابر الحرة ، ط1، مايو 1976م)، واقترحوا فيها المشاركة بالصفة الفردية لا كممثل لتنظيم ( المنابر الحرة، ص 3)، وحددوا مكانها : الشوارع ، الأماكن العامة ، المعاهد ، المدارس ، الجامعات ، كل المنتديات وكل المجالات. كما أشاروا الي أن القانون وحده هو المسؤول عن تنظيم حرية الرأي وعن حماية حرية الرأي. كما طالبوا النظام القائم بدعم المنابر الحرة ، وطالبوا مجلس الأمن القومي باعادة النظر في قراره بمنع الاستاذ طه وتلاميذه من اقامة المحاضرات والندوات العامة ، لأن هذا القرار ضد المصلحة العامة تماما وهو لايخدم الا الطائفية والسلفية وعناصر التخلف( المنابر الحرة، ص 3-4).
    ونلاحظ ضيق مطالبة الجمهوريين هنا ، فكان الأشمل والأوسع المطالبة بالحريات الديمقراطية وحرية التعبير والتنظيم والسماح لنشاط كل الأحزاب والمدارس الفكرية ونشاط قادتها ، وضمان حقها في اقامة الندوات، وليس حصر ذلك في الاستاذ طه فقط ، فلماذا ضَيق الجمهوريون واسعا؟؟!!.
    كما نلاحظ ضعف مطلب المشاركة في المنابر العامة بالصفة الفردية لا كممثل لتنظيم. واذا افترضنا أن مجلس الأمن القومي سمح للاستاذ طه باقامة المحاضرات العامة ، هل كان سيمثل نفسه أم يمثل المدرسة الفكرية للجمهوريين أو الأخوان الجمهوريين؟؟!!.
    وعند قيام المصالحة الوطنية كان من رأي الجمهوريين " أن الصلح خير بشرط الا تعود الطائفية مرة أخري حتي لاتجهض منجزات ثورة مايو !!" ( أنظر الأخوان الجمهوريون: المصالحة الوطنية – الصلح خير- ط1، 1977م) ، أي أن الجمهوريين لم يصدروا وثيقة شاملة تدافع عن الديمقراطية ، كما فعل الشيوعيون عندما اصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني في اغسطس 1977م وثيقة بعنوان" الديمقراطية مفتاح الحل للأزمة السياسية: جبهة للديمقراطية وإنقاذ الوطن"، رفضوا الانقلابات العسكرية كوسيلة للتغيير استنادا الي تجارب انقلاب مايو 1969، وانقلاب يوليو 1971م، وطوروا فيها موقفهم من الديمقراطية ، واكدوا ضرورة الوصول للنظام الوطني الديمقراطي عبر التعددية السياسية والفكرية والديمقراطية ورفضوا الشمولية ونظام الحزب الواحد، وتم تأكيد ذلك في وثائق المؤتمر الخامس للحزب . كما رأي الجمهوريون استمرار الاتحاد الإشتراكي كتنظيم واحد ، وأن المصالحة الوطنية يجب أن تشمل جميع القوي بما فيها الشيوعيين، وهذا موقف غريب اراد فيها الجمهوريون حشر كل القوي السياسية تحت مظلة الحزب الواحد والنظام الشمولي ، وذلك موقف رفضه الشيوعيون.
    وخلال فترة ديكتاتورية مايو كان للجمهوريين معارك في ساحات القضاء لخصوها في كتبهم ومنشوراتهم مثل : كتيب النائب العام وقضية بورتسودان ومفترق الطرق ، ط1، 1975م.
    وصدرت لهم خمسة كتب حول قضية بورتسودان اضافة لقضية كوستي ، وملخص قضية بورتسودان علي سبيل المثال: أن النائب العام تدخل لمناصرة القضاء الشرعي برفع المادة (105) في وجه الجمهوريين. والقضية هي أن قاضي دوائر الأحوال الشخصية ببورتسودان ابراهيم جاد الله رفع قضية ضد الجمهوريين تحت المادة (105) إثارة الكراهية ضد الحكومة، والمادة( 106) اثارة الكراهية ضد طائفة من الناس ، وذلك بعد أن كان الاتهام في القضية موجها تحت المادة 437 ( القذف)، والمادة (105) كماهو معلوم بعد تعديل القوانين 1974م جاءت علي النحو التالي " كل من يقوم أو يشرع في القيام بأي فعل يؤدي أو يحتمل أن يؤدي الي اثارة معارضة غير مشروعة للحكومة أو إثارة شعور الكراهية أو الاحتقار ضد الدولة أو ضد أي من مؤسساتها الدستورية أو هيئاتها الإدارية أو الأجهزة السياسية في الدولة ، يعاقب بالسجن مدة لاتجاوز ثلاث سنوات أو بالغرامة أو بالعقوبتين معا". وقضية بورتسودان هي القضية التي رفعها الشيخ ابراهيم جاد الله قاضي مديرية البحر الأحمر " دائرة الأحوال الشخصية" ضد الأخوان الجمهوريين المسؤولين عن معرض الفكر الجمهوري الذي اقيم بنادي الخريجين ببورتسودان في ابريل 1974م، ثم اضيف الاستاذ طه الي البلاغ موضوع الاتهام والتهمة الموجهه للجمهوريين هي : اساءة القضاء الشرعي واساءة محكمة الردة.
    وانعقدت المحكمة بمدينة بورتسودان في يوم 2/6/ 1975م ، واستمرت حتي 12/6/ 1975م استمعت فيها المحكمة إلي المتحري والشاكي واثنين من شهود الإتهام.
    استطاع فيها الجمهوريون تقديم دفاع جيًد ، وكانت المحكمة نفسها أداة للتوعية الدينية والفكرية وحقق فيها الجمهوريون إنتصارا علي الفكر السلفي.
    والمحكمة هي استمرار في ظروف الديكتاتورية المايوية لصراع الجمهوريين ضد القضاء الشرعي والفكر الديني السلفي التقليدي ، والذي افضي الي محكمة الردة في فترة الديمقراطية الثانية عام 1968م، ومعلوم أن قرارات محكمة الردة 1968م كانت تتلخص في الآتي:
    1. إعلان ردة محمود محمد طه عن الإسلام بما ثبت عليه من الأدلة.
    2. حل حزبه لخطورته علي المجتمع الإسلامي.
    3. مصادرة كتبه وإغلاق دار حزبه.
    4. إصدار بيان للجمهور يوضح رأي العلماء في معتقدات المدعي عليه بعد تطليق زوجته المسلمة منه.
    5. عدم السماح لأي من أتباعه التحدث باسم الدين أو تفسير آيات القرآن.
    6. مؤاخذة من يعتنق مذهبه بعد ذلك.
    7. فصل من كان موظفا ومطاردته.
    وأوردت صحيفة " السودان الجديد" بتاريخ: 19/11/1968م، بالعنوان الكبير " المحكمة الشرعية تصدر اول حكم من نوعه في السودان ، ردة محمود محمد طه ، وأمرت بالتوبة عن جميع أقواله"!!.
    وجاء في رد الاستاذ طه بعنوان : مهزلة القضاء الشرعي " مايلي:
    " أما أمركم بالتوبة عن جميع أقوالي ، فانكم اذل وأخس من أ ن تطمعوا في َ، وما إعلانكم ردتي عن الإسلام ، فما أعلنتم غير جهلكم الشنيع بالاسلام ، وسيري الشعب ذلك مفصلا في حينه ، هل تريدون الحق ايها القضاء الشرعيون؟؟ ، اذن فاسمعوا ؟؟ إنكم آخر من يتحدث عن الإسلام ، فقد افنيتم شبابكم في التمسح باعتاب السلطة والحكام العسكريين ، فاريحوا الإسلام ، وأريحوا الناس من هذه الغثاثة" ( راجع منشور محمود محمد طه : 19/11/1968م).
    وربما يري البعض أن محمود محمد طه اشتط في بيانه حين قال: " كان القضاة الشرعيون يلعقون جزم الانجليز " ( المصدر السابق)، ذلك أن فيه تعميم ، فمن القضاة الشرعيين، كان هناك الشرفاء والوطنيون الذين وقفوا ضد الإستعمار ، ولم يأخذوا كسوات شرف، والمقصود في حديث طه هم أقلية من بعض القضاة الشرعيين الذين ربطوا أنفسهم بالدفاع عن الحكم الإستعماري وتبريره دينيا، مثل الذين وقفوا ضد ثوار 1924م باسم الدين ،الذين وصفهم شاعر الثورة بقوله :
    الا ياهند قولي وأجيزي رجال الشرع اضحوا كالمعيز الا ليت اللحي كانت حشيشا فتعلفها خيول الإنجليز.
    وايضا المقصود بدقة هم القضاة الشرعيين ورجال الدين الذين دافعوا عن مصالح الحكام الأتراك ، الذين وصفهم الإمام المهدي ب"علماء السوء" ( راجع عبد الله علي ابراهيم: الصراع بين المهدي والعلماء ، 1968م)، وفي الوقت نفسه كان هناك بعض القضاء الشرعيين الذين ساندوا الثورة ضد الحكم التركي، وفي تاريخ السودان الحديث كان هناك بعض القضاة الشرعيين الذين دافعوا عن مصالح الشعب .
    علي أن للجمهوريين حجة دامغة توضح أنه ليس من إختصاص المحاكم الشرعية في السودان أن تحكم بكفر أحد أو زندقته أو ردته ، ويستندون في ذلك علي رأي الأستاذ محمد إبراهيم خليل في المحاكم الشرعية علي النحو التالي:
    " لعله من المعلوم لدي الناس جميعا أن المحاكم الشرعية في السودان أسست علي قانون المحاكم الشرعية لعام 1902م، وأن إختصاص هذه المحاكم قد حددته المادة السادسة التي تنص علي أن للمحاكم الشرعية الصلاحية في الفصل في :
    1. أي مسألة تتعلق بالطلاق والزواج والولاية والعلاقات العائلية بشرط أن يكون الزوج قد عقد علي الشريعة الإسلامية ، أو أن يكون الخصوم من المسلمين.
    2. أي مسألة تتعلق بالوقف أو الهبة أو الميراث أو الوصية..الخ.
    3. أي مسألة سوي ماذكر في الفقرتين السابقتين ، علي شرط أن تتقدم الأطراف المتنازعة بطلب كتابي ممهور بتوقيعاتهم يلتمسون فيه من المحكمة أن تقضي بينهم مؤكدين أنهم عازمون علي الإلتزام بحكم الشريعة في الأمر المتنازع عليه".(راجع كتاب الجمهوريين الخامس حول قضية بورتسودان ، ص ، 9-10).
    وهكذا نصل إلي أنه ليس من إختصاص المحاكم الشرعية في السودان أن تحكم بكفر أحد أو زندقته أو ردته ، وهي حجة دامغة وقوية لصالح الجمهوريين، هذا ناهيك عن الشروط الدقيقة والحذر الشديد في تكفير الآخرين والحكم بردتهم ، ولايجوز تكفير أحد طالما كان يقول " لاله الا الله" ، فمحمود محمد طه مسلم ، وكان يدعو لطريق محمد ، وإلي إجتهاد ومستوي جديد من الإسلام، فالاسلام في جوهره دين الحرية والتسامح ، ويورد العديد من الفقهاء الآيات الكريمة من القرآن التي تدعو إلي الحرية والتسامح مثل:
    قال تعالي: " ولو شاء ربك لآ من في الأرض كلهم جميعا ، افانت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين "( يونس: 99).
    والآية : " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ، ولايزالون مختلفين الا من رحم ربُك، ولذلك خلقهم " ( هود: 118).
    الآية : " ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء " ( البقرة: 272).
    الآية : " لاإكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" (البقرة: 256).
    الآية: " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" ( الكهف : 29).
    الآية: " فذكر إنما انت مذكر لست عليهم بمسيطر" ( الغاشية: 21،22).
    الآية: " يايها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه ، فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه اذلة علي المؤمنين ، اعزة علي الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولايخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم" ( المائدة 54).
    من كل الآيات السابقة كما يوضح الفقهاء أنها تشير الي التسامح والحرية الدينية اللامحدودة في الإسلام.
    أما الحديث " من بدلَ دينه فاقتلوه" ، فهو يتناقض مع الآيات القرآنية المشار اليها اعلاه، ذلك أن القرآن هو الأصل ، فضلا عن أنه حديث آحادي ، ولايؤخذ بالحديث الآحادي في الدماء كما يقول المحققون من المحدثين والفقهاء ( راجع د. صبحي الصالح: الإسلام والمجتمع العصري، دار الآداب بيروت 1977م ، ص 262).
    يقول الإمام أحمد بن حنبل: " كنا اذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا ، واذا روينا في الحلال والحرام تشددنا" ، وأي حرام في الإسلام اشد حرمة من قتل الانسان بحديث آحادي؟؟؟!!!.
    فتكفير الاستاذ طه أو الحكم عليه بالردة كان كيدا سياسيا ، وبنفس هذا الحكم الخاطئ أ’ عدم الاستاذ طه في يناير 1985م علي يد الطاغية نميري ( راجع بيان الجمهوريين حول قوانين سبتمبر 1983م).،وهو كما ذكرنا كيد سياسي كما حدث للحلاج والسهرودي المقتول ، فالكيد جاء من معارضتهما الحكام ، وليس لآرائهما المعروفة في التصوف الإسلامي. وهناك قول معاوية بن سفيان الشهير " إنني لااحول بين الناس والسنتهم مالم يحولوا بيننا وبين ملكنا".
    أي أن الحكام ولأحزاب والطبقات الحاكمة تهمها مصالحها والطبقية والدنيوية ، وعدم اهتزاز حكمها، اكثر مايهمها صحة أو خطأ أقوال الفلاسفة والمفكرين.
    خاتمة :
    اذا كان طرح الجمهوريين الأساسي والمبدئي هو ضرورة تطوير التشريع الإسلامي من آيات الفروع إلي الأصول ، بحيث يتم تبني الديمقراطية والإشتراكية والحرية السياسية من أصول القرآن، نلاحظ مفارقة الجمهوريين لذلك المبدأ في الممارسة العملية ، عندما أيدوا انقلاب 25مايو 1969م الذي صادر الديمقراطية والحقوق والحريات الأساسية، وشوه مفهوم الإشتراكية عندما تمت مصادرة ممتلكات الناس ونهبها في التأميمات والمصادرة عام 1970م باسم الإشتراكية، ولكن الجمهوريين صمتوا علي جرائم انقلاب مايو في بدايته الذي صادر
    الحقوق والحريات الديمقراطية تحت شعارات مختلفة مثل: الاشتراكية والقومية العربية ، كان الانقلاب وبالا علي البلاد فقد فقدت خيرة قادتها استشهادا ودفاعا عن مبادئهم مثل: عبد الخالق محجوب، محمود محمد طه، واسماعيل الأزهري ومحمد احمد المحجوب وغيرهم من العشرات الذين استشهدوا في مقاومة ذلك النظام من مختلف الاتجاهات السياسية والفكرية، كما تم تشريد الالاف من اعمالهم، وتصفية الجيش من خيرة ضباطه بالتشريد والاعتقال والاعدامات، حتي فقد الجيش السوداني تقاليده الراسخة وانضباطه العسكري في تلك الفترة.
    كما دمر نظام مايو كل التقاليد السودانية الفاضلة في التسامح واحترام الرأي الآخر، ونشأت في احشاء النظام شريحة رأسمالية طفيلية من المدنيين والعسكريين، وتمكنت تلك الفئة من المحافظة علي وجودها في السلطة وتنمي ثرواتها وأموالها في القطاعات غير الانتاجية، أي النشاط الطفيلي، بالديكتاتورية والقهر والتسبيح بحكم الفرد، ولم تتمكن تلك الفئة الطفيلية أن تبني لها جذور وقواعد سياسية وفكرية في اوساط الجماهير السودانية ، مما يؤكد الطابع الطفيلي والفاسد لتلك الفئة..
    كما فرط نظام مايو في استقلال البلاد وفتحها علي مصراعيها أمام اكبر هجمة للمؤسسات الرأسمالية الدولية مثل : صندوق النقد الدولي وتوابعه من الصناديق البترولية، كما فتحها امام السماسرة وشذاذ الآفاق في أكبر عملية نهب شهدتها البلاد، وكانت حصيلتها تدمير الاقتصاد السوداني، ومن خلال التخفيضات المتوالية للجنية السوداني، كما تم تدمير البيئة من خلال السياسات غير المدروسة للتوسع في الزراعة الالية مما أدي للجفاف والتصحر، والمجاعات اضافة لديون بلغت 9 مليار دولار عندما اندلعت انتفاضة مارس – ابريل1985م..
    كما شهدت البلاد اكبر عملية تهريب للفائض الاقتصادي(تهريب روؤس الأموال للخارج، بلغت في المتوسط 15 مليار دولار( حوالي 39 مليار جنية سوداني) عام 1985م، والتي هربتها البنوك المحلية والأجنبية. كما فقدت البلاد سيادتها الوطنية واشترك رموز النظام في عملية ترحيل الفلاشا ودفن النفايات النووية..
    اكدت تجربة نظام مايو ان الانظمة الديكتاتورية والشمولية مهما بنت من اجهزة قمع وامن وقهر وترسانة من القوانين المقيدة للحريات كما هو الحال في : الأوامر الجمهورية وقانون أمن الدولة وقانون ممارسة الحقوق السياسية 1974م، وتعديلات الدستور في 1975م، قوانين سبتمبر 1983م، لقد كانت أكبر ترسانة من القوانين المقيدة للحريات عرفتها البلاد في تاريخها الحديث منذ بداية الحكم البريطاني – المصري في عام 1898م ، ولكن تلك القوانين لم تحمي النظام، وكان مصيره لزوال في انتفاضة 1985م.
    ولم يشعر الجمهوريون بخطورة انقلاب مايو 1969 الابعد إعلان قوانين سبتمبر 1983م ، التي اعلنها النظام بعد هلعه من المد الجماهيري ضده، وبهدف استغلال الدين لتثبيت أركان حكمه، وبعد تحالف النميري مع الجبهة الإسلامية بقيادة الترابي ، التي مكنت لنفسها داخل النظام اقتصاديا عن طريق البنوك الإسلامية مما ادي الي نشؤ الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية داخل احشاء النظام ، والمشاركة في مؤسسات النظام وسعيها الدؤوب لاستلام كل السلطة، في صراعهم داخل السلطة حتي كشفهم نظام نميري في ايامه الأخيرة، وتم اعتقال قادتهم، وتنفيذ قرار محكمة الردة باعدام الاستاذ طه.
    أخطأ الجمهوريون عندما صمتوا صمت القبور علي كل جرائم النظام التي أشرنا لها سابقا بحجة أن هذا النظام حائل بين الشعب والطائفية، وبالتالي فان هناك ضرورة للتقويم الناقد لتلك التجربة التي تتناقض مع أصول الفكر الجمهوري ومنها الديمقراطية والاشتراكية والحرية السياسية التي تم استخلاصها من أصول القرآن، مما يعني مفارقة لمبدآ أساسي من مبادئهم.

    mailto:[email protected]@yahoo.co.uk

    نقلا عن سودانايل
    http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77817:---1969-2-----andcatid=63:9-0-1-5-2-2-7andItemid=55http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articl...-1-5-2-2-7andItemid=55
                  

02-16-2015, 05:55 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    قوت .. وحيدر خيرالله .. بقلم بروفيسور/ محمد زين العابدين عثمان
    قضايا ليست كذلك
    لقد أطلعت على مقال الأخ حيدر أحمد خير الله فى عموده المقرء سلام يا ...وطن بعنوان قوى الأجماع وقوت وقيامة قايمة المنشور بصحيفة الجريدة الصادرة بتاريح الخميس الموافق 12 فبراير 2015م. وحقيقة انا من المتابعين لعمود حيدر أحمد خير الله ومن المعجبين بتناوله للقضايا السياسية والفكرية دونما اسفاف او مبتذل القول كمدرسة تربى عليها كل الجمهوريين فى مدرسة المرحوم شهيد الفكر والرأى الأستاذ محمود محمد طه، وهذا ما عهدناه منهم نحن بجامعة الخرطوم بقيادة الأخ دالى. ولكن للحق أقول اسفت لتناوله لهذا الموضوع بالجنوح للإساءة والاستهزاء دون أن يتملك أى معلومات أو حقائق عن الظروف التى نشأت فيها القوى الوطنية للتغيير (قوت).
    اولاً وليس أطناباً للأخ دكتور غازى صلاح الدين ومنذ أن عرفته بجامعة الخرطوم فهو ملتزم تنظيمياً فى الأتجاه الأسلامى بجامعة الخرطوم ولكن دائماً كانت له مواقفه الفكرية والسياسية الخاصة التى فى كثير من الاحيان تتقاطع مع الجماعة ولكنه يظل ملتزماً لرأى الجماعة وهذه من مرتكزات الديمقراطية. وغازى عندما أنفك من أسر الجماعة قد نقد الفكرة ونقد السياسة التى كانت تتبعها الحركة الأسلامية على طول مسارها بعد أن اثبتت له التجربة العملية بعدها العملى عن الأحلام والأشواق الأسلامية النظرية وشدد ان الديمقراطية والعلمانية لا يتناقضان مع الأسلام ولكن ظلت الحركة الأسلامية تقول بالتناقض بينهما أرهاباً وتحجيراً للفكر. هذا غير ما دلت عليه مسيرة غازى صلاح الدين طوال أنتمائة لحكم الأنقاذ أنه لم تحم حوله شبهة فساد أو تعذيب أو ممارسات لا أنسانية. وهو ايضاً يحمد له موقفه من ماشاكوس وحتى نيفاشا أنه رافض لأى بند يؤدى الى غير وحدة السودان ورافض لمبدأ تقرير المصير مما أدى لأن يبعد عن رئاسة وفد المحادثات ليسلم لعلى عثمان محمد طه الذى وصل به الى فصل الجنوب. عرفنا دكتور غازى وهو يحمل السلاح مع الشريف حسين الهندى فى الجبهة الوطنية. لا يمكن أن يقارن هذا بشيخه الذى ما فتئ منذ ظهوره بعد أكتوبر 1964م وثورتها وهو يبحث عن السلطة بأى ثمن. وهذا ما قلناه لقوى الأجماع من قبل ما هو المنطق الذى يجعلكم ترفضون غازى وترضون بالترابى وحزبه وهو سبب بلية الأنقاذ كلها بل صار المؤتمر الشعبى هو القائد لقوى الأجماع ومشئوله السياسى هو الناطق الرسمى باسم قوى الأجماع، ما لكم كيف تحكمون.
    حقيقة أن القوى الوطنية للتغيير قد بدأت بعد اعلان باريس وكاتب المقال له الدور الأساسى فيه ولذلك راينا أن نحشد حوله كل القوى السياسية داخل وخارج قوى الأجماع وأرسلت الدعوات لكل القوى السياسية المعارضة دونما فرز للأجتماع بدار حزب الأمة، الا أن قوى الأجماع رفضت أن تستجيب للدعوة وقالت أنها ضد أعلان باريس من اصله. ولذلك راينا ن نسير فى مركز آخر للمعارضة ما دام قوى الأجماع رفضت أن تلتقى كل القوى المعارضة حول ميثاق واحد. وكان من المفترض أن نعلن عنها فى مؤتمر صحفى ولكن استجبنا لنداءات العقلاء من قيادات قوى الأجماع على رأسهم الأخ أبراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر السودانى والأخ محمد على جادين رئيس حزب البعث السودانى بأن نوحد مركز المعارضة بأن نقيم ورشة حدد لها التاريخ والمكان بدار حزب المؤتمر السودانى لتقدم ورقتين بالرؤية السياسية لحل الأزمة السودانية ورقة من قوى الأجماع والأخرى من قوت وتناقش الورقتين ويمكن أن تدمجا مع بعض وبعد ذلك يتم تبنيها بواسطة المعارضة سواءاً اندمجوا فى مركز واحد أو مركزين لتكون لغة المعارضة واحدة وتقدم للشعب السودانى أولاً والمجتمع الدولى والأقليمى ثانياً اللذان يقودان التوجه لحل القضية السودانية عن طريق الحل السياسى التحاورى والتفاوضى حتى لا تظهر المعارضة وهى مختلفة ولئلا يكون للمؤتمر الوطنى ومن معه اليد الطولى فى الحوار. ومع ذلك عندما ذهبت قوى الأجماع الى باريس للتحاور مع الجبهة الثورية والسيد الصادق المهدى قمنا بارسباريسال أربعة مناديب من القوى الوطنية للتغيير للحوار معهم للوصول الى برنامج واحد مشترك توقع عليه كل المعارضة ولكن قوى الأجماع قد رفضت أن يشارك مناديب القوى الوطنية للتغيير مما اضطر القوى الوطنية للتغيير ان توقع على أعلان باريس بحضور الجبهة الثورية وحزب الأمة لئلا يكون محتكراً للصادق المهدىوالجبهة الثورية وحدهما دونما بقية المعارضة. وميثاق والذى تخلى عنهالأمام الصادق المهدى فى أول منعرج واستبدله بنداء السودان. والصادق المهدى قد خذل كل القوى التى وقفت معه فى أعلان باريس ومع أبنته المعتقلة وقتذاك ورضى أن يوقع نداء السودان بمعزل عن الذين وقفوا وسوقوا أعلان باريس. ولولا وقوف قوت معه فى أعلان باريس لما خطت قوى الأجماع نحوه خطوة وأحدة ورأيها السالب فى الصادق المهدى معروف ولكن ذهبوا له نكاية فى قوت وهذا موقف علوق شدة لن يصبر طويلاً عندما يصل الأمر للآلية التظيمية التى تحمل نداء السودان. وخبر الليلة بى قروش بكرة بى بلاش. وللحقيقة والتاريخ فأن القوى المنضوية تحت القوى الوطنية للتغيير هى التى كانت لها اليد الطولى فى أنتفاضة سبتمبر. وقوى الأجماع الوطنى ليست هى الممثل الوحيد للشعب السودانى كما كانت تدعى منظمة التحرير الفلسطينية أنها الممثل الوحيد للشعب السودانى. والأخ حيدر يعلم أن قوى الأجماع هى نفسها منقسمة على نفسها حول نداء السودان ومع ذلك نحن ايادينا ممدودة لكل ما يساعد على وحدة المعارضة السودانية كلها دون حجر على أحد. ونحن الأتحاديون قد قبلنا المرحوم الرشيد الطاهر بكر عندما خرج من تنظيم الأخوان المسلمين وهو قد كان امينه العام او المرشد العام وبعد أقل من ثلاثة اشهر رشحناه فى أحدى دوائرنا وفاز وصار نائباً برلمانياً للأتحاديين والأيمان كما فى موروثنا الأسلامى يجب الكفر ناهيك عن المواقف السياسية. وهنالك كثيرين من غيروا مرتكزاتهم السياسية والفكرية وهذا لم يحرمهم من العمل فى الساحة الوطنية السياسية تحت منظورهم الجديد، فالقبول والرفض متروك للشعب السودانى عبر الخيار الديمقراطى ولا يمكن أن تقرره منظومة سياسية مهما اوتيت من قوة أو زخم فارغ.
    ما كان للأخ حيدر أن يصف من رشحتهم قوى التغيير لقيادة مسيرتها أن يصفهم بسداسى البؤساء واذا كان الذي أختاروهم بؤساء فهم بطبيعة الحال بؤساء وهو من يعلم بمواقفهم أكثر من قيادات قوى الأجماع التى يكثر من تمجيدها ولا أدرى على أى شئ أعتمد ليصفهم بالبؤس أو البؤساء؟ أوما كان يجب عليه أن ينتظر الى أن يعلن عن الجسم وهيكله ليرى أن كان لها برنامج ام لا؟ أما اذا كانت لهم آلية لتنفيذ برنامجهم؟. لا يمكن أن يكون أقلها أن هؤلاء العلماء الستة الذين ذكرهم يقيمون مؤتمراً صحفياً ويخاطبون الشعب السودانى دون ان تكون لهم رؤية لحل الأزمة السودانية ومطالبة الشعب السودانى ليلتف حوله؟ أعتقد أن هذا قصر نظر شديد من الأخ حيدر ما عهدناه فى الأخوة الجمهوريين اذا افترض اننا نقدم أنفسنا للعمل العام ولحل الأزمة السودانية دونما أن تكون لنا رؤية وكأننا منطلقين من فراغ . وأعتقد أن الأخ حيد قد قرأ كثيراً لرؤى وأفكار المرشحين لقيادة المركز الجديد للمعارضة وهذا وحده يكفى للأطمئنان أن هنالك قيادات لها رؤية. وأزيدك أمراً أن هذه القيادات قبل أن تحاول الألتقاء فى تنظيم اذا تابعت كتاباتهم وحواراتهم تجدهم مشتركون فى الرؤى وهذا هو ديدن تيار الوسط تتسع فيه مساحات الألتقاء وغازى قد تحول من اليدولوجية الى الوسطية دونما أن يتخلى عن مر تكزه الأسلامى.
    أختم وأقول أن على الأخ حيدر أن يتأنى فى أحكامه وأن يأخذ المعلومات من مصادرها حتى يكون رأيه وتحليله للمواقف السياسية مبنية على حقلئق راسخة قد تفيد قرائه وأنا أعلم أنهم كثر ولولا ذلك لما اجهدت نفسى للرد على مقاله هذا. وليعلم أننا ما زلنا نرجو أن يحسم أخوتنا فى قوى الأجماع الوطنى أختلافاتهم فى الرؤى السياسية حتى يسهل علينا الحوار معهم والألتقاء معهم وأى شتات لقوى المعارضة لا يستفيد منها الا نظام الأنقاذ والمؤتمر الوطنى ولكن لا يمكن الأستمرار فى معارضة غير فاعلة وغير قادرة على الفعل لتغيير هذا النظام واسقاطه. ولو كانت على غير الحال التى هى عليه هى الآن لما استمر هذا النظام اكثر من ربع قرن من الزمان.
    mailto:[email protected][email protected]

    نقلا عن سودانايل
    http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77908:2015-02-15-07-23-24andcatid=217:5-8-3-2-1-8-5andItemid=55http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articl...-3-2-1-8-5andItemid=55
                  

02-16-2015, 05:57 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    الأستاذ تاج السر عثمان ومصادر الفكر الجمهوري، مرة أخرى .. بقلم: بدر موسى
    في مقاله بعنوان (مصادر الفكر الجمهوري) الذي نشر بتاريخ يوم 8 فبراير 2015 كان الأستاذ تاج السر عثمان قد كتب يشيد بكتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير "صاحب الفهم الجديد للاسلام، محمود محمد طه والمثقفون ، قراءة في المواقف وتزوير التاريخ" الذي صدرعن دار رؤية للنشر والتوزيع بالقاهرة 2013م وقال عنه:
    "لا شك أن الكتاب يمثل جهدا توثيقيا عظيما يفيد الباحثين والدارسين في تحليل ومناقشة الفكر الجمهوري ، فضلا عن أنه توثيق مهم لأحد رموز الفكر السوداني ومدرسته في تجديد الفكر الإسلامي.
    الكتاب يفتح شهية الدارسين والباحثين للتعمق في دراسة الفكر الجمهوري ، علي أن الكتاب ليس بديلا عن الدراسة والإطلاع علي مؤلفات الأستاذ محمود محمد طه وكتيبات ومنشورات الأخوان الجمهوريين والحزب الجمهوري ، وخاصة تلك التي صدرت في الفترة ( 1945- 1985م). اذكر أنني كنت مهتما بالدراسة الناقدة للفكر الجمهوري منذ أواخر ستينيات القرن الماضي في مدينة عطبرة ، وفي النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي في جامعة الخرطوم، وتمكنت في العام 1994م من إنجاز كتاب بعنوان " تقويم نقدي للفكر الجمهوري : 1945- 1985م" ، رجعت فيه للمصادر الأولية للفكر الجمهوري المشار اليها أعلاه، آمل أن يري النور قريبا".
    ولكن الأستاذ تاج السر لم يكن قد وقف عند حد هذه الإشادة بالكتاب، فهي لم تكن غير مقدمة لاتهامات جائرة ملخصها أن الأستاذ محمود محمد طه لم يأت بجديد، فأتانا بتفاصيل أغرب وأعجب في محاولة لإثبات أن مصادر الفكر الجمهوري لم تكن أكثر من مساهمات من سبقوه من كتابات السادة الصوفية الذين مضى الكاتب في استنطاقها بما ظنه مصادر الفكر الجمهوري، فبينت له في ردي عليه خطل قوله هذا بأدلة لا تقبل الجدل لشدة وضوحها، وبعد قامة الأستاذ محمود عن مدى الاتهامات الجائرة التي رماها به الأستاذ تاج السر عثمان، وذلك بقولي في متن مقالي:
    .. فليس غريباً أن يكون بعض أولياء التصوف الكبار قد علموا من الله ما أورده الكاتب، ولكن الغريب هو أن يستكثر الكاتب على الأستاذ محمود أن يعلم من الله علماً جديداً لم يعلمه الله لغيره من السابقين، حتى بعد أن اطلع على كتبه وبحثها بحثاً مستفيضاً، كما يقول. وأنا هنا أريد أن أسأل الكاتب سؤالاً بسيطاً عما قرأ، وأرجوه أن يكون صادقاً معي ومع القراء أن يدلنا على من سبق الأستاذ محمود في قول بعض أساسيات فكرته التي دعا إليها؟ فهل سمع الكاتب مثلاً من سبق الأستاذ محمود بالقول عن أساس دعوته لتطوير التشريع والقول بأن في القرآن مستويين من الآيات، مستوى الأصول ومستوى الفروع. وبذلك يصلح الإسلام لهذا العصر، كما قد صلح في الماضي البعيد الذي كانت تختلف مشاكله عن مشاكل العصر الحاضر، ويختلف قدر عقول الناس وهذا ما سُمي عند الأستاذ محمود "برسالة الإسلام الثانية"، وقوله بأن رسول كلتا الرسالتين الأولى والثانية هو نبينا محمد، عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم؟ هل قال السادة الصوفية الذين أشار لهم الكاتب مثل هذا القول العجيب الغريب؟ هذا باختصار هو أهم القول الذي جاء مفصلاً، ومبوباً، في كتب كثيرة ومحاضرات للأستاذ محمود، وعلى رأسها كتاب: "الرسالة الثانية من الإسلام"...
    وبدلاً من مواجهة النقد الذي سطرته لمقاله، فاجأنا اليوم بنشر مقال جديد عنونه (الجمهوريون وانقلاب مايو 1969م (2 )، ولقد زادت إضافة الرقم (2) لهذا العنوان حيرتي، فهل يريدنا الكاتب أن نفهم أن هذا المقال هو الجزء الثاني من مقاله الأول بعنوان (مصادر الفكر الجمهوري)؟ أم أن هذه محاولة لرتق ما فتقه الكاتب بالمقال الأول؟ وما هي العلاقة بين الموضوعين حتى تتم تجزءتهما وترقيمهما على هذا النحو؟ وهل في هذا رد على النقد الذي وجهته لمقاله الأول، أم أنه موافق على ما ورد في ردي عليه، وأنه قد تنازل عن اتهامه الجائر في مقاله الأول، الذي فاته أن يضيف لعنوانه الرقم (1) حتى يتسنى لنا أن نفهم أن للمقال بقية. إن الكاتب يوافق على التوضيح الذي رددنا به عليه، فالجدير به كان أن يوضح لنا هذا، ويعتذر عما سطره بقلمه من اتهامات في المقال الأول. الذي جعلني أرجح أن الكاتب قد وافق على الشروح التي كتبتها في الرد عليه هو سؤاله في ختام المقال الأخير هذا الذي قال فيه:
    "اذا كان طرح الجمهوريين الأساسي والمبدئي هو ضرورة تطوير التشريع الإسلامي من آيات الفروع إلي الأصول ، بحيث يتم تبني الديمقراطية والإشتراكية والحرية السياسية من أصول القرآن، نلاحظ مفارقة الجمهوريين لذلك المبدأ في الممارسة العملية.."
    فالسؤال الجدير بأن يسأل هنا بداية هو هل وافق الكاتب على أن (ضرورة تطوير التشريع الإسلامي من آيات الفروع إلي الأصول ، بحيث يتم تبني الديمقراطية والإشتراكية والحرية السياسية من أصول القرآن) هو محور طرح الجمهوريين الأساسي كما بينت له وردده في مقاله هذا، مما ينفي بالضرورة اتهامه وخلاصة مقاله الأول عن مصادر الفكر الجمهوري، أم أن هذا المقال الأخيرليس إلا محاولة لذر الغبار وصرف النظر، ومحاولة يائسة جديدة للبحث عما يشين سمعة ومواقف الجمهوريين، وكأنه قد جعل هذا همه من البداية، ثم طفق يبحث عن السبيل لبلوغه؟ أياً كان السبب فإنني احب أن أطمئنه على حقيقة سبق أن بيناها كثيراً، ولا بأس من تلخصيها مجدداً لتعم الفائدة، كما تم توضيحها توضيحاً كاملاً وبالتفصيل في كتاب "صاحب الفهم الجديد للاسلام.."، الذي أشاد به الكاتب إن كان يبحث عن الشرح والبيان ولم يكن غرضه مجرد إثارة الغبار وإشانة سمعة الجمهوريين باستدعاء موقفهم من مايو، وكأن فيه ما يشين. وقبل أن أورد اقتطافي لبعض رد الجمهوريين وبيان حقيقة موقفهم من مايو، أريد أن أطلب من الكاتب، بعد أن يفرغ من قرائته لردي هذا، أن يكمل جميله ويوضح لنا ماذا كان موقف اليسار من مايو بنفس الوضوح الذي سأبين به موقف الجمهوريين أدناه، مقتطفاً من مقال الدكتورعمر القراي بعنوان "عودة إلى الحوار العجيب !! 4: حيث كتب تحت العنوان الجانبي الجمهوريون ومايو:
    "لقد كانت التجربة الديمقراطية ، قبيل مايو، مؤوفة بآفات كبيرة ، حولتها إلى دكتاتورية مدنية ، تتحالف فيها الطائفية ، مع جبهة الميثاق الإسلامي، وترفع فيها شعارات إسلامية ، بغرض السيطرة السياسية .. فلقد عدّل الدستور، ليتم طرد الشيوعيين ، المنتخبين ، من الجمعية التاسيسية عام 1965 م ، مما يعد انقلاب على الديمقراطية ، من داخل مؤسساتها ، وضربها في جوهرها ، وهو حق التعبير، وحق التنظيم .. وحين قاوم الاستاذ محمود ، تزييف الديمقراطية ، بسلسلة من المحاضرات ، تحت عنوان " مناهضة حل الحزب الشيوعي السوداني " ، سعت الطائفية والجماعات الإسلامية ،إلى إسكات صوت الجمهوريين، بما عرف بمحكمة الردّة ، التي حكمت بردة الاستاذ محمود ، وإغلاق دور حزبه ، ومصادرة كتبه .. ولكن محكمة الردّة فشلت ، لأن المحكمة الشرعية ، كانت تعمل خارج اختصاصها ، والدستور الانتقالي ، لا يقر الردّة ، لهذا استُغلت المحكمة بواسطة الجمهوريين ، لشرح فكرتهم بصورة أكبر، ولنقد المؤامرة والجماعات التي وقفت خلفها.. فسعت الطائفية وجبهة الميثاق الاسلامي لطرح الدستور الإسلامي ، حتى يتمكنوا من اسكات صوت معارضيهم باسم الدين .. وفي عام 1969 م كان الدستور الإسلامي ، مطروحاً للقراءة الثانية ، في الجمعية التأسيسية.. وكانت لجنة الدستور، في مداولاتها شديدة الجهل ، شديدة التخلف ، حتى أنها ذكرت إقصاء كلمتي ديمقراطية ، واشتراكية ، لانهما ( لم يردا في الكتاب والسنة ) !! في ذلك الوقت ، ذاع تصريح من السيد الهادي المهدي ، يقول بان الجمعية اذا لم تجز الدستور ، فان الانصار سيجيزونه بحد السيف .. ولقد تصدى الجمهوريون وحدهم لموضوع الدستور، أو كما سمّوه مؤامرة الدستور الاسلامي المزيف.. وافرد الاستاذ محمود محاضرات في اسبوع مناهضة الدستور الاسلامي . وخرج كتاب "الاسلام برسالته الاولى لا يصلح لانسانية القرن العشرين" وكتاب " الدستور الاسلامي .. نعم ولا !!" .. في هذه الظروف التي تتهدد البلاد ، بتحول النظام البرلماني المتعثر، إلى دكتاتورية دينية ، تفرض دستوراً متخلفاً ، يهدف إلى تصفية خصوم الطائفية ، وحلفائها في جبهة الميثاق الإسلامي ، وقع انقلاب مايو 69 ، بمثابة انقاذ للبلاد !! فأوقف مؤامرة الدستور الاسلامي في الجمعية ، ومحاولة فرضها بالسلاح ، التي كانت تدبر في الجزيرة أبا ، ثم انه افلح في ايقاف الحرب التي ظلت مشتعلة منذ عام 1955 بين الشمال والجنوب ، وعجزت كافة الحكومات الوطنية عن ايقافها . أخلص من هذا السرد التاريخي، الى حقيقتين في غاية الأهمية : اولهما ان الجمهوريين ، كانوا قبل مايو ، يطالبون بايقاف الدستور الاسلامي ، وايقاف حرب الجنوب ، وابعاد الطائفية من فرض هذا الجهل بقوة السلاح .. فجاءت مايووايدت ، عملياً ، هذا الطرح.. فاذا كانت هذه المبادئ هي ثورة مايو ، فان الجمهوريين قد ظلوا مخلصين لهذه المبادئ ، حتى بعد ان تنصل عنها نميري ، واخذ يهدم فيها ابتداء بالتحالف مع الطائفية والأخوان المسلمين، وانتهاء بإشعال حرب الجنوب ، واعلان الدستور الإسلامي ، مرة أخرى .. وثانيهما ان مايو كانقلاب عسكري ، لا يقوم على فكرة ، لم يكن من الممكن للجمهوريين تأييده ، وإنما كان موقفهم في البداية التاييد السلبي ، أي عدم المعارضة أو مساعدة المعارضة ، حتى لا يسقط النظام ، الذي كان بديله الجاهز اسوأ بكثير .. ولقد قرروا ذلك ، في اجتماعهم لتقييم مايو، بعد يومين فقط من قيامها ، وكان مما سجل في ذلك الاجتماع ، الذي عقد بمدينة ودمني ، قول الأستاذ محمود ( أنا كنت متأكد أن الله لن يخلي بين الشعب السوداني ، ومؤامرة الطائفية لتمرير الدستور الإسلامي المزيف ، في سعيها للاستيلاء على السلطة الزمنية والسلطة الدينية .. لكن ما كنت عارف الوسيلة اللي راح يستعملها الله ، في حماية الشعب من المؤامرة دي ، حتى جا نميري ورفاقه من خور عمر فشعرت أن الله استخدمهم في ساعة الصفر، للحيلولة بين الشعب السوداني وبين مؤامرة الطائفية .. لكن ثورة مايو ماها البديل الصحيح عن الطائفية .. نحنا البديل الصحيح لو كنا جاهزين .. ولذلك لن نؤيد مايو تأييد إيجابي ، بل نؤيدا تأييد سلبي ، بمعنى اننا لن نعارضا ، لأن معارضتنا ليها ستذهب في ترجيح كفة الطائفية ، ولو عادت الطائفية ستعود طائفية كلوب .. وعليه سيكون موقفنا من مايو التأييد السلبي، الا اذا تعرضت لمؤامرة الطائفية ، في الوقت داك ، ناييدها تأييد ايجابي ... مايو جات لتكسر شوكة الطائفية وتقلم أظافر الشيوعية ، وبعد ان تؤدي دورها راح تفسد ، وتكون اخطاها واضحة بصورة كبيرة في أخريات أيامها وراح نتصدى ليها بقوة ، فتذهب على أيدينا ) !!
    وكان لابد ان يعترض التحالف بين الطائفية وجبهة الميثاق الإسلامي، على حكومة مايو، التي أجهضت برنامجهم .. ولم يتحركوا في اتجاه التوعية ، أو الدعوة إلى المقاومة السلمية ، أو العصيان المدني ، وإنما اتجهوا إلى جمع السلاح ، وبدأوا تدريب الأنصار، بواسطة أعضاء جبهة الميثاق ، منأمثال المرحوم محمد صالح عمر.. ولقد حاول النظام تجنب المصادمة ، وأرسل إليهم القائد أبو الدهب يحمل رسالة للتفاوض ، لكنهم جلدوه ، وأرسلوه في رسالة واضحة ، إلى الحكومة ترفض التفاوض ، وترفض دخول رموز الحكومة ، إلى جزء من أجزاء الوطن .. فكان لابد من المواجهة المسلحة ، ولقد كانت الحكومة أمضى سلاحاً فانتصرت .. ولقد تكونت جبهة للمعارضة ، جمعت بين الاحزاب التقليدية ، وجبهة الميثاق الإسلامي ، وبدأت تعارض من الخارج ، ثم قررت غزو السودان واسقاط النظام في عام 1976!! ولم يكن من المحتمل ، أن يواجههم النظام بغير السلاح ، فدحر الغزو، فما كان من قادته ، إلا أن صالحوا نظام نميري في عام 1977 دون أي شرط ، ودخلوا في داخل الحزب الواحد الاتحاد الاشتراكي ، رغم ادعاءهم الايمان بالتعددية .. ودخل الترابي زعيم جبهة الميثاق ، في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي ، وادى قسم الولاء لثورة مايو الظافرة ، وبدأ الصراع داخل السلطة بين (القادمين والقدامى ) !! في هذه الظروف طرح الجمهوريون ، ضرورة قيام المنابر الحرة ، ولكن نميري لم يستمع لذلك ، ولم يستطع دعم أشياعه ، الذين كانوا يحاولون وقف التيار القادم ، حتى لا يؤثر على اتجاه الحكومة ، وهو يبطن المعارضة ويظهر المصالحة .. وبعد فترة ، بدأ نميري يتأثربالجماعات الاسلامية ، بدلاً من ان يؤثر فيها ، فعين الترابي مستشاراً له ، فقبل ذلك دون تردد ، ولم يرفض التعاون مع النظام ، الذي قتل أفراد تنظيمه.. وحين استجاب نظام مايو لكيد معارضيه ، الذين ادعوا مصالحته ، اخذ يحطم انجازاته الواحد تلو الاخر ، فبدأ باتفاقية أديس ابابا ، فتنصل عنها ، وسعى الى تقسيم الجنوب ، فبدأ التمرد بمظاهرات رمبيك الثانوية التي تم اغلاقها.. ثم اخذت التنمية تتساقط تحت ضربات الفساد ، وخضع النظام الى البنك و الصندوق ، فرفع الاسعار ، وبدأ في خصخصة السكة حديد ، فاشتعلت المظاهرات .. ثم حل الرئيس الاتحاد الاشتراكي ، واعفى كبار قادة الجيش ، ثم واجه اضراب القضاة في مايو 1983 باعلان القوانين الاسلامية في سبتمبر 1983 . حين رجع النظام الى النقطة التي بدا منها في الواقع السوداني ، نقطة الدستور الإسلامي ، والقوانين الإسلامية ، أخذ الجمهوريون في المعارضة ، بالصورة التي يعلمها الناس حتى حدثت المحاكمة ، والاعتقالات ، والتنفيذ للاعدام .. الذي تكون بسببه التجمع الوطني الديمقراطي واشتعلت المعارضة ، وسقط النظام بعد 76 يوماً فقط !! المهم هنا ، هو حديث الأستاذ محمود في يومية التحري ، والذي قرأ في المحكمة، حيث أكد ان الجمهوريين لا زالوا مع مايو بمعنى تاييد المبادئ ، وان الحكومة قد انحرفت عن مسارمبادئ ثورة مايو ، وسنظل نحن مع تلك المبادئ ، التي رفعناها حتى قبل قيام ثورة مايو، لأنها في رأينا السبيل في المرحلة لتوعية الشعب

    انتهى النقل من نقال الدكتور عمر القراي..
    هذا هو موقف الجمهوريين من مايو، فهل يستطيع الأستاذ تاج السر عثمان تشويهه بمثل محاولته البائسة التي جاءت بالرقم (2)، أم أنه سيمضي للبحث عن شائنة أخرى بالرقم (3)؟ وأياً كان اختياره، فنحن لن ندخر جهداً في توضيح كلما يحتاج للتوضيح، ولكل من عسى أن يحتاجه، فما أكثر العبر وما أقل الاعتبار، ولكن الذي يحيرني حقيقة، وفي الآونة الأخيرة بصورة خاصة، هو لماذا يزداد انفعال إخوتنا اليساريين ويزداد توترهم كلما أحسوا بتزايد الاهتمام بمواقف وسيرة الأستاذ محمود والجمهوريين، مثلما أثار كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير حفيظة الأستاذ تاج السر كما هو واضح من مقاليه أعلاه، وإن حاول أن يغلف حقيقة شعوره الذي فضحته مقالاته المرقم ثانيهما بالرقم (2)، فكما هوبائن، أن الكاتب حاول أن يخفي حقيقة شعوره بثنائه في البداية على الكتاب الضخم، في سيرة ومواقف الرجل الخضم الذي صار قبلة كل مثقف حر وباحث جاد عن الحق، والذي كان الأستاذ الكاتب من المرشحين للبحث عنه، وبصورة خاصة في هذه المرحلة من عمر التاريخ التي أفل فيها نجم الفكرة الماركسية وتجاوزها الزمن.

    سلام سلام سلام
    mailto:[email protected]@yahoo.com

    http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77830:2015-02-12-18-27-19andcatid=34:0-6-8-3-1-6-8andItemid=55http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articl...-8-3-1-6-8andItemid=55
                  

02-16-2015, 05:58 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    ما بال هؤلاء الشيوخ وبنات اهل السودان ؟! .. بقلم: حيدر احمد خيرالله
    *العارفين دائما يرددون ان ( الصلاح امراة ) وذلك لأن الحياة تصلح بصلاح النساء ، ومن هنا ننظر لسلامة طوية اهل السودان من هذا الصلاح الاصيل للمراة السودانية والذى انسحب على خصائص الشخصية السودانية والذى نزعم انه البذرة التى جعلت السودان هو قبلة العالم ..وكما قال : المعلم الشهيد الاستاذ محمود محمد طه بان الله قد حفظ عليه من اصايل الطبايع مايؤهله لريادة هذا الكوكب الحائر ..
    *ولكننا نلاحظ ان نسائنا مستهدفات بشكل منظم من بعض كتاب النظام ممن انتاشوا وانتاشن بائعات الشاي دون الولوج الى عمق المشكلة ، ومالذى دفعهن الى ارتياد الشوارع لتوفير قوت اسرهن او ادوية امهاتهن اللاتى عجزت الدولة عن تقديم مقومات حياتهن .. اما ما اتت به الاخبار بالامس فانه فاق تصورنا عن الاستهداف واقراوا قولهم :
    * (صوّب امام وخطيب المسجد الكبير كمال رزق انتقادات لاذعة الى وزير الداخلية، وطالبه بالتنحي والاستقالة، حال ثبت انه تراجع عن القرار القاضي بعدم سفر المرأة الى الخارج دون محرم.
    وقال رزق فى خطبة الجمعة اذا ثبتت صحة الاخبار التي تتحدث عن تراجع وزارة الداخلية عن القرار القاضي بعدم سفر المراة الى الخارج دون وجود محرم، فعلى وزير الداخلية ان يذهب غير ماسوفا عليه.) كلما اثار غضب شيخنا الفاضل / كمال رزق التراجع عن قرار سفر المراة بدون محرم ؟ وعلى وزير الداخلية ان يستقيل اذا تراجع عن مصادرة حق المراة فى السفر ؟ ولنا ان نساله عن موقفه من القروض الربوية التى يمررها البرلمان ، وعن ثمانون مليارا ينهبها موظف دون الثلاثين من عمره ، ولم يقل شيئا عن انهيار دولة تبوأت مركزا متقدما بين الدول الفاشلة .. الشيخ لم ينشغل باربعة مليار دولار تستهلكها الحكومة في الحرب الاثمة في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان بينما ينشغل باستقالة وزير الداخلية لمجرد سفر المرأة ودون ابراز الحجة المانعة لسفرها ؟!
    * ان الشيخ الفاضل كمال رزق كان عليه ان يطالب باقالة او استقالة كل النظام الذي افقر الشعب مما أضطر حرائر بنات السودان للتسول وارغم معظم كفاءات السودان للجؤ للمنافي بحثا عن العيش الكريم وقدم قدرات وكفاءت ابناء وبنات السودان المؤهلين والمدريبن هدية للدول التي تدفع لهم وفق مؤهلاتهم ونحن لا نلوم الدول ولا نلوم المهاجرين ولكن نلوم هذا النظام الذي قدمهم هدية مجانية مقابل ثمن بخس.. والحملة المسعورة ضد سفر النساء دون محرم حملة جائرة بكل المقاييس وتتعارض مع القوانين والاتفاقات الدولية الموقع عليها السودان هذا من جهة ومن جهة اخري ان كان الشيخ يبحث عن عفة النساء فعليه ايضا ان يبحث عن عفة الرجال وعفة هذا النظام فانه بهذا الفهم يشارك ذلك الكاتب الذي تحدث عن دعارة السودانيات فهو قد شاهد الدعارة ولكنة لم يشاهد قيم المراة الفاضلة من صلاح وصبر وقامات نفاخر بها الامم .. وسلام يا وطن .. ونواصل
    سلام يا ...
    المشاهد بالامس لقاعة الصداقة وهي تكتظ بالشباب والشابات محتفلين بعيد الحب علي صوت الفنان حسين الصادق فاننا نستيقن تماما ان شبابنا في محنة وان السياسين في محنة وشيوخنا في محنة وان شعبنا في محنة عندما يكون الفلانتاين مناسبة قومية في السودان ..وسلام يا ..
    الجريدة الاحد 15/2/2015

    http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77910:2015-02-15-07-25-55andcatid=1008:7-5-6-4-3-0-2andItemid=64http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articl...-6-4-3-0-2andItemid=64
                  

02-16-2015, 08:13 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: إعدام محمود محمد طه كيد سياسي .. بقلم: تاج السر عثمان
    أشرنا في دراسة سابقة بعنوان " الجمهوريون وانقلاب مايو 1969م" الي أن
    تكفير الاستاذ محمود محمد طه أو الحكم عليه بالردة كان كيدا سياسيا ، وبنفس هذا الحكم الخاطئ أعدم الاستاذ طه في يناير 1985م علي يد الطاغية نميري ،وهو كما ذكرنا كيد سياسي كما حدث للحلاج والسهرودي المقتول ، فالكيد جاء من معارضتهما الحكام ، وليس لآرائهما المعروفة في التصوف الإسلامي. وهناك قول معاوية بن سفيان الشهير " إنني لااحول بين الناس والسنتهم مالم يحولوا بيننا وبين ملكنا".
    أي أن الحكام والأحزاب والطبقات الحاكمة تهمها مصالحها والطبقية والدنيوية ، وعدم اهتزاز حكمها، اكثر مايهمها صحة أو خطأ أقوال الفلاسفة والمفكرين.
    ونكمل في هذا المقال بتجربتي الحلاج والسهروردي المقتول الذين راحا ضحية للكيد السياسي ، فماهي أهم معالم تلك التجربتين؟؟.
    أولا : الحلاج ( ت 309ه/ 922م):
    الحلاج هو الحسين بن منصور الملقب بالحلاج ، ويقال أن لقب الحلاج جاء من عمله أو عمل والده في حرفة أو صناعة حلج القطن. والحلاج هو صاحب نظرية الحلول بمعني حلول الله في مخلوقاته، والتي عبر عنها بقوله : " أما الحق فما في الجبة غير الله". وكان الحلاج يجمع بين التصوف وعلم الكلام ، واعتنق نظرية "الفناء" التي أنشأها ابو يزيد البسطامي ، ومؤداها أن المسلم بعكوفه علي العبادة وانقطاعه الي الله ، وإعراضه عن زخرف الدنيا وزينتها ، والزهد فيما يقبل عليه الناس من لذة ومال وجاه لينتهي بهذه الرياضة الروحية إلي تصفية النفس وتحررها من شهوات البدن وأهوائه ، بالمجاهدة والتهجد والصيام والعبادة حتي يكون "الفناء" ، أي فناء الإنسان عن نفسه ، وفقدانه الشعور بذاته مع شعوره بالله يفقد المؤمن إرادته ووعيه، ويتحقق بأن الإرادة الحقيقية هي إرادة الله ، فلا يري الا الله ، ولا يشعر الا بفاعلية الله . فاذا افني الإنسان عن ذاته وفقد شعوره بغيره وتلاشت رؤيته بكل ماعدا ذلك في فترة محو يعقبها صحو ، ربما صدرت عنه شطحات ، وهو في غير وعيه أ و بغير إرادته، فيقول كلاما اذا أخذناه علي ظاهره كان متنافيا مع الشريعة ( د.توفيق الطويل:" التصوف الإسلامي"، في تراثنا العربي الإسلامي ، الكويت 1985م ).
    ومعلوم أن الحلاج اعتنق ايضا دعوة القرامطة الذين كانوا من ألد أعداء دولة الخلافة الإسلامية ، وتصدي للتبشير بها في خراسان وفارس والهند وغيرها . ومعروف أيضا أن الحلاج سيق بتهمة الزندقة أمام قضاة بغداد وأ’عدم في قضيته الشهيرة " مأساة الحلاج سنة 309ه".
    ويري كل من د.توفيق الطويل في مؤلفه السابق ذكره والمستشرق رينولد نيكلسون الذي درس التصوف الإسلامي لأكثر من خمسين عاما ، ومن أهم مؤلفاته " في التصوف الإسلامي " القاهرة 1947م، ترجمة ابو العلا عفيفي، أن الحلاج راح ضحية أحقاد سياسية ، كما يري ايضا د. حسين مروة في مؤلفه" النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية" ، أن اضطهاد المتصوفة دوافعة ايديولوجية سياسية ، صبغت بصبغة دينية " مواقف الحكام ومواقف الفقهاء ، ومواقف الصوفية المنحازين للجماهير الشعبية". وأشار نيكلسون بأن من أسباب محاكمة الحلاج إتهامه بالدعوة سرا إلي مذهب القرامطة الذين كانوا معارضين لدولة الخلافة. ويضيف نيكلسون ، بقوله: أن موقف المسلمين من أمثال بن عربي في إعتناقه "وحدة الوجود" ، وابن يزيد البسطامي الذي قال: "سبحاني" معبرا عن مذهبه في "الإتحاد" ،أو الحلاج الذي قال: "أنا الحق" ، معبرا عن مذهبه في " الحلول" ، أو ابن الفارض الذي يقول: " أنا هي"، (أي المحبوبة ، أي الذات الإلهية ، فهما في حالة إتحاد)، كان مشبعا بروح التسامح.
    يقول نيكلسون : أن موقف المسلمين من هؤلاء الصوفية كان في ابعاده مشبعا بروح التسامح ، لأنهم كانوا يعتقدون أن أولياء الله علي اتصال بهم ، وهذا يستدعي الإحترام بالغا ما بلغ تعارض أقوالهم مع ظاهر الشرع.
    يواصل نيكلسون ويقول : بأن قولة الحلاج " أنا الحق" ، لم تكن الا تهمة من اربع قُدم من أجلها إلي المحاكمة ، ولو اقتصر الإتهام علي هذا علي هذا الإدعاء ، لكان من المحتمل أن ينجو من مصيره المحزن ، رغم أن كلماته التي آثرت عنه في هذا الصدد كان في ظاهرها تتعارض مع معتقدات أهل السنة من المسلمين.
    ثانيا : السهروري ( 549ه- 587ه/ 1153م – 1191م):
    هو السهروردي شهاب الدين المقتول مؤسس المدرسة الإشراقية في التصوف والرأي عندها أن : الله نور الأنوار ، ومصدر جميع الموجودات ، بمعني أن العالم قد صدر عن إشراق الله وفيضه ، ومتي تجردت النفس عن علائق البدن وشهواته ، تيسر لها الاتحاد بالله والاتصال بنور الأنوار ، وعندئذ ينكشف له الغيب في يقظة أو منام ( د. الطويل: المصدر السابق).
    ويري د. حسين مروة : أن السهروردي عندما يقول " بأن الواصلين الي مقام الفحول والأنبياء والحكماء " حين يصلون إلي هذا المقام " تفني لديهم كلمات : هو وانت وأنا في بحر الفناء ، وهناك تسقط الأوامر والنواهي ، أي تسقط عنهم التكاليف الشرعية ، وهذا تعبير عن رفض النظام الإجتماعي الذي تمثله فكرة النبوة والوحي والشريعة ( مروة: المصدر السابق).
    وتم إعدام أو قتل السهروردي ، وهو في السادسة ( أو الثامنة ) والثلاثين من عمره ( 587ه/ 1191). ويرجع مصرعه إلي أسباب سياسية وصراعه مع الفقهاء وتمسكه برأيه واعتزازه بعقله ، إلي جانب أن صلاح الدين الأيوبي قد لقي عنتا شديدا في سحق الدولة الفاطمية التي كانت معقد آمال القرامطة ، فكان شديد التخوف من المتصوفة أو دعاة الدعوات الباطنية ، وكان السهروردي – كما كان الحلاج- من هؤلاء. والمتتبع لأحداث مقتل السهروردي، يلاحظ وجوه الشبه بين الدوافع التي أدت إلي قتله والبواعث التي أفضت إلي مصرع الحلاج، وهي بوجه عام اتصالهما بالدعوة الباطنية التي كان يمثلها "القرامطة" من ناحية ( اي أسباب سياسية) ، وحقد الفقهاء وحسدهم من ناحية أخري .
    يقول د. الطويل :" ولو لا تدخل السياسية في الحالتين ماتسني للفقهاء أن ينالوا منهما ( السهروردي والحلاج)، ولا أن يمسوهما بسوء ، فان موقف المسلمين حتي من هؤلاء الصوفية كان في العادة مشبعا بروح التسامح.
    هكذا نصل الي أن إعدام محمود محمد طه في يناير 1985م، كما الحلاج والسهروري كان كيدا سياسيا من الحكام والفقهاء الذين اصدروا الفتاوي الدينية بالردة والزندقة، فموقف المسلمين في السودان عموما كانوا متسامحا مع المتصوفة، ولكن الكيد السياسي جاء من معارضة الاستاذ طه لقوانين سبتمبر 1983م التي اصدرها الطاغية النميري لقمع الحركة الجماهيرية التي كانت متصاعدة ضده، تلك القوانين التي استغلت الدين ، واذلت شعب السودان، وعندما عارض الاستاذ طه قوانين سبتمبر، كان مصيره الإعدام مثلما كان مصير الحلاج والسهروردي.

    mailto:[email protected]@yahoo.co.uk

    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77934:2015-02-15-22-13-15andcatid=63:9-0-1-5-2-2-7andItemid=55http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-1-5-2-2-7andItemid=55
                  

02-16-2015, 08:38 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: إعدام محمود

    د. عمر أحمد قدور
    ومحمود المعني هو الأستاذ محمود محمد طه، وقد شهدت له أول محاضرة في مطلع الستينات بدار الحزب الجمهوري في الهاشماب.. وقد كان شعار الدار والحزب «الحرية لنا ولسوانا».. وقد كان الأستاذ جذاباً رشيق العبارة مرتب الأفكار.. يعرض قضيته بأسلوب مبسط.. مُعضد بالشواهد والأحاديث.. مضمناً بعضاً من آي الذكر الحكيم.. مع شرح المعنى وربطه بموضوع المحاضرة.. وما يثير من أفكار.. وقد لفت انتباهي أنه بدأ حديثه بصلاة مطولة وتسليم على الرسول الحبيب.. وقد كان موضوع المحاضرة هو «تعلموا كيف تصلون» وهو شرح مفصل للصلاة فرضاً وسنناً بأوقاتها وشروط طهارتها- والدخول فيها وآدائها لحينها ووقتها.. وحكمتها.. وكان يعطي كل صغيرة وكبيرة في ركن الصلاة حقه وكان يقول إن صلاتنا هي ركننا الركين من أقامها فقد أقام الدين.. ومن تركها فقد هدم ركن الدين.. ثم أصدر كتابه «الصلاة» بعد ذلك .. والذي استهله بشعار هذه المحاضرة.. «تعلموا كيف تصلون» والكتاب موجود الآن لمن أراد الاطلاع.. وقد تعجبت ودهشت فيما بعد للذين ذكروا أن الأستاذ لا يصلي..
    ü وانقطعت صلتي بعد ذلك بما يقوله الأستاذ أو مايثيره الفكر الجمهوري.. وتغيبت عن الوطن سنيناً.. ولكني كنت أسمع مثل غيري ما يدور في الساحة من صراع تجاوز مداه الفكري ومقارعة الحجة بالحجة إلى مجال التصفية الجسدية وساحات الإعدام وتعليق المشانق.
    ü محمود الآن في ذمة التاريخ.. والنظام الذي أعدمه لحق به إلى حياض الردي بعد شهر واحد.. وكثيرون قد رأوا في إعدام الأستاذ بداية النهاية لنظام أعدم محمود ووضع كل قادة الحركة الإسلامية في سجونه توطئة لتصفيتهم وإعدامهم، ولكن كما توقع الكثيرون فقد سقط النظام.. وخرج هؤلاء إلى الهواء الطلق وقد سبق في الأثر القول: وتقدرون فتضحك الأقدار- أو كما قال الشاعر:
    ما بين غمضة عين وانتباهتها
    يغير الله من حال إلى حال
    ü إن في حياة وإعدام محمود درس لابد أن يتعلمه الكثيرون.. وأن يربطوا بين ذلك وبين ماضى وحاضر الأمة الإسلامية.. وما عانت منه هذه الأمة من ويلات التكفير والاتهام بالخروج عن الدين.. الأمر الذي ينقل القضايا من ساحات الحوار ومقارعة الحجة بالحجة إلى ساحات الإعدام وقعقعة السلاح وميادين الاحتراب والاقتتال؟.

    نشر في آخر لحظة يوم 11 - 04 - 2011
                  

02-16-2015, 10:46 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    الشائن والبائن بين كمال الجزولى وتاور!! .. بقلم: حيدر احمد خيرالله
    *الهجمة الشرسة التى قامت بها الحكومة عبر وزارة الثقافة والاعلام الولائية والاتحادية ووزيرها المنتميين للحزب الاتحادي الديمقراطي جناح الهندي الدكتور احمد بلال والاستاذ / محمد يوسف الدقير فلقد قامت وزارة احمد بلال باغلاق اتحاد الكتاب السودانيين مستندة على المادة 8 من قانون الجماعات الثقافية بينما قامت وزارة الدقير باغلاق مركز الاستاذ / محمود محمد طه الثقافي ووقعت القرارين المستشارة / مولانا اقبال محجوب الحسن ، دون ان تميز لنا ان كانت مسجلا ولائيا ام اتحاديا ؟! المهم ان الاقصاء قد تم وحق التعبير قد صودر وانتهاك الدستور قد حدث !! فهل هذا نهاية المطاف ام بداية مواجهة؟!
    *تجيب على السؤال الاخبار القائلة : (قللت رئيسة لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان عفاف تاور من طلب رئيس اتحاد الكتاب السودانيين وهيئة المستشارين القانونيين كمال الجزولي الذي أودعه النائب العام لوزارة العدل برفع الحصانة عنها توطئة لمقاضاتها بتهمة إشانة السمعة.
    ودافعت تاور في تصريحات صحفية أمس، عن موقفها وقالت إن تصريحاتها بشأن اغلاق اتحاد الكتاب كانت تفسيراً للمادة and#1640; من قانون الجماعات الثقافية، وأشارت إلى أن لجنتها لم تتدخل في الأمر لأنها لم تخطر من أية جهة، واستدركت بالقول (كانت ستتدخل في الوقت المناسب) ان الاستاذة عفاف تاور قد تجاوزت كل الحدود وهى تقدم تفسيرا لم يشمله قرار المسجل وتنصلها من مسؤولية حديثها عندما التفت بالقول بانها كانت تقدم تفسيرا للمادة 8 ، والمطلوب منها كرئيس للجنة الاعلام والثقافة ليس هو التفسير انما المطلوب هو الموقف !! وكون لجنتها لم تخطر من اية جهة فقد نفهم ان ييأس الاتحاد والمركز من ان تقوم لجنتها باي دور ، ولكن ان لايخطرها قومها بما هم مقدمون عليه من كارثة فهذه مشكلتها داخل منظومتها ! فمالذى دعاها للتفسير الذى لم يطلبه منها احد ؟!
    *والمؤسف بحق : قولها ( انها كانت ستتدخل فى الوقت المناسب ) ولاندري اي وقت ذلك الذى تراه مناسب رئيسة لجنة الاعلام بعد صدور قرار الغاء التسجيل ؟! فبدلا عن ان تواجه كارثة اغلاق المراكز الثقافية مضت للسخرية من استاذنا الكبير كمال الجزولي وتقول هو المفروض يشتكوه ؟ فلماذا لم تفعل المفروض ؟ ان الاستاذ كمال صادق فى توجهه وعارف لمسالكه وهميم فى قضيته ..ومشكلتنا اننا نعيش زمن الاختشوا ماتوا ، فكل فعل شائن وبائن ولكن تاور لاتستطيع ان ترى الا بعيون الحزب الحاكم وزيادة ..وسلام يااااااااوطن ..
    سلام يا

    حركة غازي صلاح الدين تدشن حملة لمقاطعة انتخابات المؤتمر الوطنى !! عجبي !! طيب خلوها انقلابية على وزن خلوها مستورة .. وسلام يا ..
    الجريدة الجمعة 13/2/2015
    mailto:[email protected]@gmail.com

    عن سودانايل
    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77835:2015-02-13-09-04-08andcatid=1008:7-5-6-4-3-0-2andItemid=64http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-6-4-3-0-2andItemid=64
                  

02-16-2015, 10:48 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: الفسيق السياسي .. !! .. بقلم: نور الدين عثمان
    منصات حرة
    * مشادات كand#65275;مية بين المؤتمر الشعبي بقيادة شيخ الاسand#65275;ميين حسن الترابي وحركة الاصand#65275;ح الان بقيادة غازي صand#65275;ح الدين شيخ الاصand#65275;حيين ، والمشادات السياسية لم تبرح محطة نشر الغسيل ( الوسخان ) لتاريخ اسود ، والغريب في الامر ان مناسبة نشر الغسيل هي بخصوص الانتخابات ومشاركة الفصيل الحاكم وكلمة من هنا وكلمة من هنا وجابوا اخر المآسي التي تسبب بها الاسand#65275;ميين جميعاً بداية بالوطني والشعبي والاصand#65275;ح الان ومايعرف بالحركة الاسand#65275;مية التي تحاول جاهدة ( الهجرة الى الله ) ولكن دون فائدة فما افسده حداد الاسand#65275;م السياسي في السودان لن يصلحه دهرهم ، وعلى ما يبدو تنبوءات شهيد الفكر محمود محمد طه في طريقها للتحقق وهاهو حكم الاسand#65275;ميين ينتهي فيما بينهم .. !!

    * صراع عنيف بين الدقير ومحمد عثمان الميرغني حول (دويرة) انتخابية صغيرة وهبها لهم المؤتمر الوطني ، يعني تهافت على الفتات دون ادنى كرامة ودون اي احترام لتاريخ الحركة الاتحادية .. !!


    * تحالف معارض جديد تحت مسمى ( قوت ) وand#65275; حق لاحد ان يحجر حق احد في تكوين عشرات الاجسام كما يشاء ولكن ان يسعى قوت هذا الى تفكيك التحالفات القائمة ومحاولة التآمر عليها هو ما يضع عشرات عand#65275;مات الاستفهام من مغزى هذا التحالف والمستغرب اعand#65275;ن القيادة السداسية كما اطلقوا على انفسهم ان برنامجهم هو صورة طبق اصل من برنامج قوى الاجماع الوطني فيما يخص رفض الحوار والمشاركة واسقاط النظام وهذا الاعand#65275;ن في تقديرنا سقطة سياسية وادبية للتحالف الجديد ، وكان الاجدى لهم البحث عن قاعدة جماهيرية لاحزابهم والاهتمام بقوتهم بدand#65275; من التقوت على بقايا الاخريين .. !!

    تهنئة واجبة : نهنئ بشدة موقف قوى الاجماع او بعض قيادات قوى الإجماع الرافض لإنضمام حركة الاصand#65275;ح الان بقيادة غازي العتباني الى التحالف ، فالتجربة السيئة للشعبي مازالت ماثلة وتلقى بظand#65275;لها السالبة على التحالف كما نتمنى ان يصمد هذا الرفض حتى النهاية ..
    مع كل الود
    صحيفة الجريدة
    mailto:[email protected]@gmail.com

    نقلا عن سودانايل
    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77866:2015-02-13-17-57-59andcatid=1016:8-8-3-4-0-6-1andItemid=55http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-3-4-0-6-1andItemid=55
                  

02-17-2015, 07:08 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    التحالف العربي من أجل السودان: البشير يبدأ دعايته الانتخابية بحملة انتقامية على الصحافة السودانية
    Quote: التحالف العربي من أجل السودان والشبكة العربية لإعلام الأزمات: البشير يبدأ دعايته الانتخابية بحملة انتقامية على الصحافة السودانية
    القاهرة 16 فبراير 2015
    بيان عاجل
    في هجمة هي الأشرس من نوعها في تاريخ الصحافة السودانية، صادرت السلطات الاثنين نسخ 13 صحيفة شاملة بينهن صحيفتين اجتماعيتين بعد طباعتها، دون أي أسباب أو إخطار الناشرين ورؤساء تحرير الصحف. وصادر جهاز الأمن والمخابرات السوداني في إنتهاك واضح وصريح وتعدي سافر على الحقوق والحريات صحف التيار والرأي العام والإنتباهة وآخر لحظة والأهرام اليوم وأول النهار والوطن والسوداني وألوان والصيحة والمجهر السياسي والدار وحكايات، في سابقة نوعية في تاريخ مصادرة الصحف.
    إنّ التحالف العربي من أجل السودان والشبكة العربية لإعلام الأزمات إذ يدينان هذه الواقعة الغريبة بأشد العبارات، يعربان عن قلقهما البالغ على التردي المريع لمستوى الحريات العامة في السودان وحرية الرأي والتعبير، وسياسة تكميم الأفواه وإخراص الصحف والصحفيين.
    إن هذا القرار المؤسف رغم أنه الأسواء في تاريخ الصحافة السودانية، لكنه لا ينفصل عن السلوك اليومي الممارس من قبل جهاز الأمن والمخابرات السوداني، وهجمته الشرسة على الصحف والصحفيين، فقد ظل هذا الجهاز حاضراً بعناصره داخل المؤسسات الصحفية، يراقب ويحظر ويصادر ويلاحق الصحفيين عبر الإستدعاءات والتحقيق وكتابة تعهدات أو فتح بلاغات كيدية ضدهم في المحاكم، كما ظل هذا الجهاز يمارس سلطته في إغلاق الصحف وسحب ترخيصها دون إذن من القضاء.
    إن عملية مصادرة صحيفة بعد الطبع بهذا السلوك الذي يخالف القوانين المحلية ومواثيق حقوق الإنسان بل حتى الأعراف والتقاليد السودانية الحميدة، يعني تحميلها خسائر مالية فادحة رغم أن الذي يملك قرار المصادرة ـ جهاز الأمن ـ هو من يمارس الرقابة القبلية "قبل النشر" على الصحف، وكان من الممكن والمتاح إخطار الصحف بعدم الطبع، ولكن إمعاناً في ضرب إقتصادياتها، تمت المصادرة بعد الطبع.
    تواجه الصحف في السودان أزمة مالية سيئة مع إرتفاع تكاليف مدخلات الطباعة بجانب الضرائب الباهظة المفروضة عليها، مقابل شح الإعلان الذي تسيطر عليه السلطة الحاكمة وتتحكم في توزيعه حسب الولاءات، إضافة إلى ضعف التوزيع بسبب إحجام القراء عن شراء الصحف، بعد أن فقدت مصداقيتها في ظل هذه الرقابة الممارسة عليها مع أرتفاع سعر بيعها.
    لقد أعلن الرئيس السوداني ترشحه للرئاسة "للمرة السادسة" وبدأ دعايته الإنتخابية بحملة إنتقامية على الصحافة السودانية، التي لم تشهد مثل هذه المجزرة حتى في عهد الإستعمار.
    إن التحالف العربي من أجل السودان والشبكة العربية لإعلام الأزمات يجددان دعوتهما، لجميع الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان والمهتمين بالشأن السوداني، وجميع السودانين بالداخل والخارج لنكوين جبهة واسعة تتصدى لسياسات مصادرة الصحف والتنكيل بالصحفيين والدفاع عن الحقوق والحريات، " إما صحافة حرة أولا صحافة".


    --
    تأسس التحالف في مايو 2008 , وبات يضم أكثر من 130 منظمة من منظمات المجتمع المدني العربي في 19 دولة عربية تناصر حماية ومساعدة من يعانون من أثار النزاع في شتى أنحاء السودان، وتسعى لتحقيق السلام لهم
    Wadah Tabir
    General Coordinator - Arab Coalition for Sudan
    Yassen Ragheb St.. from Gamal El Din Kassem, 8th district,, behind El Serag Mall, building No. 2, 1th floor, flat No. 3
    Nasr City, Cairo- Egypt
    Tel: 00202227585 – 0020222753975
    Fax: 0020222874073 Mob: 00201009240291
    Website: http://http://www.acsudan.orgwww.acsudan.org
    Facebook: https://http://http://www.facebook.com/ACSUDANwww.facebook.com/ACSUDAN
    Twitter: https://twitter.com/ACSUDAN
    //////////


    بيان من شبكة مدونون سودانيون بلا حدود بخصوص مصادرة 13 صحيفة
    بيان الشبكة بخصوص مصادرة 13 صحيفة
    تستنكر وتشجب شبكة مدونون سودانيون بلا حدود ما تم من قبل السلطات الامنية بمصادرة 13 صحف بعد طباعتها في الساعات الاولي من صبيحة اليوم من دون اي مسوغ قانوني و هي : and#65165;and#65247;and#65204;and#65262;and#65193;and#65165;and#65255;and#65266; ، and#65165;and#65275;and#65255;and#65176;and#65170;and#65166;and#65259;and#65172; ، and#65165;and#65247;and#65176;and#65268;and#65166;and#65197; ، and#65165;and#65247;and#65212;and#65268;and#65188;and#65172; ، and#65165;and#65247;and#65198;and#65155;and#65265; and#65165;and#65247;and#65228;and#65166;and#65249; ، and#65153;and#65191;and#65198; and#65247;and#65188;and#65224;and#65172; ، and#65165;and#65275;and#65259;and#65198;and#65165;and#65249; ، and#65165;and#65247;and#65252;and#65184;and#65260;and#65198; and#65165;and#65247;and#65204;and#65268;and#65166;and#65203;and#65266; , and#65155;and#65261;and#65245; and#65165;and#65247;and#65256;and#65260;and#65166;and#65197; ، and#65165;and#65247;and#65262;and#65219;and#65254; and#65261;and#65165;and#65247;and#65262;and#65165;and#65253; وكعادة السلطات التي دأبت علي هذا السلوك يأتي ذلك ضمن حملة لمصادرة الرأي الاخر و تكميم الافواه خصوصاٌ بعد قرارات اغلاق مراكز الثقافة و المعرفة مثل اتحاد الكتاب السودانيين و مركز محمود محمد طه

    رغم اننا مقبولون علي انتخابات و رغم الوعود الرسمية للحوار و اتاحة حريات التعبير الا ان الظن كان في محله بالاستمرار في سياسة التعتيم و مصادرة الراي . حيث يمثل عدد من الصحفيين امام محكمة الملكية الفكرية بالخرطوم في عدد من القضايا , ان هذه الاجواء غير الموائمة للنشر و التعبير في السودان تؤكد سوء الاوضاع و التدهور السياسي الذي يؤكد بجلاء المرتبة التقدمة التي يحتلها السودان ضمن قائمة اسوء دول العالم في حريات الصحافة .



    اذ تساند الشبكة الصحفيين في وقفتهم ضد هذه الممارسات بأسم كل المدونين – ندعو جميع الاعلاميين في السودان الي التوحد و الوقوف صفاٌ واحداٌ من اجل صحافة حرة و اعلام حر لانه لا حوار و لا اصلاح سياسي يصلح من غير صحافة حرة .

    الادارة التنفيذية لللشبكة - 16 فبراير 2015


    منقول من سودانايل
    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=77955:2015-02-16-17-50-59andcatid=37:2-4-2-0-4-9-1andItemid=63http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-2-0-4-9-1andItemid=63
                  

02-18-2015, 05:41 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: لقد سعدت كثيرا بتعليق الاستاذ عبد الله الشيخ علي الندوة التي قدمها مركز الديمقراطية والسلام بمناسبة الذكرى الثلاثين لاستشهاد السيد الأستاذ محمود محمد طه. فإنما بتقديم مثل هذه الندوات والتعقيب عليها يجري الحوار البناء الذي يعالج القضايا القومية الكبري. سأبدأ تعقيبي هذا بتوضيح موجز للعنوان، ثم اعلق بإيجاز كذلك علي تساؤلات الأخ عبد الله الشيخ .
    مشروع الأستاذ محمود محمد طه الحضاري الذي تساءل عنه الاستاذ عبد الله الشيخ في ندوة 18 يناير 2015 هو مشروع قديم قدم بدايات سير الانسان في طريق الرجعي من ما يصفه القرآن بمقام "أسفل سافلين"، نحو الحرية الفردية المطلقة .الإنسان من حيث هو غاية كل الوسائل وعلي قمتها المجتمع الصالح الذي يقوم علي دعائم الديمقراطية، الاشتراكية والمساواة الاجتماعية ،كما بيّن الاستاذ محمود في الفصل السادس من كتابه: الرسالة الثانية من الاسلام. فالنضال من أجل تأسيس الديمقراطية كمنهج للحياة ، وأساس للعمل السياسي العام، هو أمر في غاية الأهمية ، لكن ذلك لا يعني أن الديمقراطية غاية في ذاتها، وإنما هى وسيلة لازمة لنهج الإنسان نحو كمالاته علي طريق محمد صلي الله عليه وسلم، فى عقديتى كمسلم، والتى لا أستطيع أفرضها علي أحد، حتى لو حاولت ذلك بكل الوسائل. فالأمر عندي، أن السعي لتأسيس الديمقراطية هو مقاصد الدين، على شريطة أن نعلم ، أن الديمقراطية والدين نفسه، هما من وسائل الإنسان الذي هو وحده غاية كل الوسائل. لهذا فمن الحكمة (وضع الأشياء في أماكنها)، أن اشير لهذا المشروع الحضاري القديم في معرض حديثي عن الديمقراطية،حتي أُذكِّر المستمع ، أن الديمقراطية وسيلة هامة لكنها ليست غاية. فمن هذا المنطلق أتناول هنا بعض تساؤلات الأستاذ عبد الله الشيخ عسي أن أُزِيل بعض اللبس أو الغموض الذي ربما لحق بما قلته في ندوة 18 يناير.
    أولا في عقوبة الردة تحت المادة 126 من القانون الجنائي السوداني الصادر فى عام 1991، فقد بادرت فى تقديمى للنقاش فى هذه الندوة بتسجيل موقفي المبدئي ضد عقوبة الردة في الدقيقة 33:51 من الندوة حسب التسجيل المذاع علي الإنترنت. وبكل إحترام وتقدير أشير هنا لأنى لا أحتاج في معارضتي لحكم الردة للإفتاء بأنها ليست حداً، كما تكرم الاخ عبد الله الشيخ بالاقتراح في تعليقه علي الندوة، لأني أعارض تطبيق الدولة لما يسمي بالشريعة الاسلامية بما في ذلك جميع الحدود. فحتى لو سلّمنا جدلا بأن عقوبة الردة هى من الحدود، فأنا أعارض توقيع أي عقوبة عليها. وقد أعلنت معارضتي لتطبيق الحدود أثناء فترة الحركة الجماعية للإخوان الجمهوريين وبوجود الأستاذ محمود نفسه. كما أنني أعلنت هذا الموقف مرات عديدة كتابةً ومشافهةً. ويمكن الإشارة هنا أنني أعلنت معارضتى لزعم الدولة الإسلامية وتطبيقها للحدود في الندوة العامة التي أقامتها صحيفة أجراس الحرية إدارها الأستاذ الحاج وراق قبل حوالى سته أعوام على ما أذكر، وكان الأستاذ عبد الله الشيخ وقتها رئيس تحرير الجريدة التي قامت بنشر مداولات تلك الندوة.
    بذكري لهذه التفاصيل لا أقصد أنني أتوقع ان يذكر الأستاذ عبد الله الشيخ ما ورد في تلك الندوة، وإنما أعني أن موقفي في معارضة حكم الردة قديم ومعلن، وأنه قد سبقت الإشارة له (فى حوالى الدقيقة 33:34) في نفس ندوة 18 يناير 2015 ، التي يعقب عليها الأستاذ عبد الله. وقد عاودت الحديث عن الردة للمرة الثانية في معرض الإجابة على تساؤل الأخ صبري الشريف وكان ذلك حوالي 23 دقيقة بعد الساعة الثانية من الندوة. وفي هذه المرة الثانية كنت أقول بعدم إحتمال نجاح حملة التوقيعات التي ذكرها الأخ صبري للمطالبة بإلغاء المادة 126 طالما ظل مشروع ما يسمى بتطبيق الشريعة الإسلامية قائماً. والذي أوكد عليه هنا هو ضرورة مواجهة مسألة تطبيق الشريعة برمتها. وإنما أتحدث هنا عن عدم جدوى إستراتيجية معارضة المادة 126 بمعزل عن قضية تطبيق الشريعة بصورة عامة.
    أما عن "صخب العامة وسطوة رجال الدين التقليديين"، الذي أشار له الأستاذ عبد الله الشيخ في تعقيبه على الندوة، فهذا لا يمكن أن يزول إلا بتقديم المنهج الكامل للإصلاح الإسلامي مثل الذي قدمه وعاش عليه الأستاذ محمود محمد طه. فأنا لا أنتظر زوال سطوة رجال الدين التقليديين في مجتمعات الشرق "المغلوبة على أمرها" كما وصفها الأستاذ عبد الله بالتوقيع على عريضة تطالب بإلغاء مادة في قانون العقوبات السوداني. فالمشكلة في نظري هي أن هذه الشعوب ليست مغلوبة على أمرها فيما يتعلق بالفهم القائم على الشريعة الإسلامية، وإنما هي على هذا الفهم المتخلف للشريعة بكامل إرادتها. فما يجري في باكستان ، أفغانستان ، العراق ، سوريا ، نيجيريا، السودان ، الجزائر، ليبيا ، اليمن، وبالطبع السعودية وإيران، يدلل على إستعداد شعوب تلك البلدان للتضليل وتمكين النخب الحاكمة من إستغلال عواطف شعوبها، لأن تلك الشعوب لا تزال تعتقد بحرفية وقدسية ما يسمى بالشريعة الإسلامية. لذلك فأنا أدعو إلى وضع مسألة الردة في السياق الأوسع للشريعة الإسلامية، ولا أبرر ذلك الحكم كما فهم الأخ عبد الله الشيخ.
    وختاماً لهذا التعقيب الموجز، أشير إلى ما سمّاه الأخ عبد الله "تقاعساً أو تكاسلاً، يحجب الرؤيا" على الإخوان الجمهوريين في تقصيرهم الكبير في الحركة السياسية الراهنة في السودان. وأنا أوافق على هذا التشخيص، وأكثر منه، لو كنت أقبل الافتراض بأن هنالك كياناً قائماً ومتماسكاً أسمه "الأُخوان الجمهوريين" أو الحركة الجمهورية اليوم، وأن هذا الكيان بمقدوره أن يقرر ويفعل أو يترك بقوة الدفع الذاتية. فلا جدوى من إنتظار حراك ما هو غير موجود. صحيح أن هنالك عشرات من الرجال والنساء السودانيين (وأنا منهم) ، الذين تتلمذوا على يد الأستاذ محمود محمد طه وانتفعوا على تفاوت بينهم، بترشيده وتربيته لهم. إلا أننا جميعا قد إنخرطنا الآن في مسار الحياة العامة. لذلك لايصح عندي الحديث عن هؤلاء الأفراد بأنهم كيان واحد متماسك يملك القدرة على القرار والعمل. لذلك فإنني أدعو الأستاذ عبد الله وغيره من دعاة الإصلاح والتغيير في السودان إلى التعامل مع تلاميذ الأستاذ محمود محمد طه كأفراد، يتصرفون سلباً وإيجاباً على مسئوليتهم الشخصية ، وحسب تفاوت ملكاتهم وقدراتهم على العطاء، مثلهم مثل غيرهم من السودانيين المعاصرين.
    وفي تقديري بأن هذا المنهج الفردي للتعامل مع تلاميذ الأستاذ محمود محمد طه هو أقرب لإحترام جهد الأستاذ محمود في تربيتهم، من محاولة إرجاعهم إلى قالب الحركة السابقة بنظمها الخاصة وتقاليدها في العمل العام. فأنا كتلميذ للأستاذ محمود مثلاً، أرى أن مساهمتي الأفضل هي في المجال العلمي والأكاديمي الذي أقدم من خلاله فهمي لأقوال وأفعال الأستاذ محمود محمد طه، وأنا أنتظر المحاسبة على جميع أقوالي وأفعالي أمام الله سبحانه وتعالى. ويمكن لمن يشاء من تلاميذ الأستاذ محمود أن يأخذ باقتراح الأخ عبد الله الشيخ بإنشاء إذاعة تقتصر على نقل محاضرات وأحاديث الأستاذ محمود، إلا أنه إذا فعل فسيكون ذلك بصفته الشخصية، وليس باسم كيان الاخوان الجمهوريين. كما يمكن أن يتصدى لهذا العمل أي إنسان لا علاقة له بحركة الإخوان الجمهوريين السابقة، وذلك لأن تراث الأستاذ محمود ملكٌ مشاع للإنسانية جمعاء، وليس وقفاً على تلاميذه.
    وأختتم تعقيبي هذا بلفت النظر للمجهود الكبير الذى قام به عدد من تلاميذ الأستاذ لتقديم محاضراته وكتبه ومواد صوتية فى موقع خاص على الإنترنت http://http://www.alfikra.orgwww.alfikra.org ويمكن لأي إنسان في أي مكان في العالم، الدخول لذلك الموقع وإنزال ما يشاء من مواد فكرية وروحية. ومع خالص المودة والتقدير وطلب العفو لله والرسول ..
    عبد الله أحمد النعيم.
                  

02-18-2015, 11:15 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: وزير الإعلام والتنصل من مسؤوليته!! .. بقلم: أحمد خيرالله
    *مذبحة الصحافة التي وقعت بالأمس بمصادرة أربع عشرة صحيفة بعد الطبع، كتب هذا الحدث هو الأول في تاريخ الصحافة في السودان، وخطورته تكمن في أن هذه الخطوة ربما تمثل بداية المسير نحو مزيد من الإقصاء والتخويف، فمهما كان الحدث وآثاره ومهما كانت أخطاء الصحف في التناول فهذه المصادرات لا تتسق مع الحدث نفسه، فالصحفي يواجه عقوبات عدد من القوانين، أولها قانون الصحافة والمطبوعات، ثم القانون الجنائي 91 وقانون أمن الدولة وقانون المعلوماتية، فكل هذه السيوف المسلطة على الأقلام لم تكفِ حتى تُضاف اليها هذه المصادرات المتعسفة؟!
    *وقال (بلال في منبر وكالة السودان للأنباء إن وزارته ليست معنية بمصادرة الصحف وإن ما حدث استند على تطبيق قانون جهاز الأمن والمخابرات، لافتاً إلى أن الوضع الراهن لن يتغير إلا حال تغيير قانون الأمن عبر توافق سياسي خلال الحوار الوطني، ورفض بلال مداخلات في منبر سونا دعته لتقديم استقالته على خلفيه مصادرة الصحف، وقال
    إن ما حدث ليس كافياً لاستقالتي. )
    *السيد وزير الإعلام يؤكد في كل أزمة تمر أنه ملكي أكثر من الملك، لكن تنصله من مسؤوليته عن الصحافة، فإننا نعلم أن مجلس الصحافة والمطبوعات الصحفية يتبع لرئاسة الجمهورية، ولكن ذاكرة الصحفيين في هذا البلد المأثوم لم تنس أبداً أن السيد/ وزير الإعلام أرغى وأزبد وهدد وتوعد بأنه سيطلب من السيد/ رئيس القضاء بإنشاء محكمة خاصة بالصحافة وقاض مختص، فهل كان في تلك المطالبة مسؤول عن الصحافة وعندما وقعت المذبحة صارت مسؤولية المجلس؟! ولماذا يكيل الوزير بمكيالين؟ ونفس هذه المكاييل مارسها بخصوص المراكز الثقافية التي تقاسم إغلاقها مع شقيقه الوزير الشقيق محمد يوسف الدقير وزير الثقافة والإعلام بولاية الخرطوم: حيث أغلق مركز الأستاذ /محمود محمد طه الثقافي وأغلقت وزارة بلال اتحاد الكتاب السودانيين، بذات المسجل العام للجماعات الثقافية مولانا إقبال الحسن محجوب وهي ترتدي قبعة ولائية وأخرى اتحادية!!
    *إن ما جرى من مذبحة صحفية مؤسفة لهي النذير العريان لما سيؤول إليه الحال في مناخ الحريات الصحفية والحريات العامة، والوزير الذي يتحاشى الاستقالة على اعتبار أن ما حدث لا يكفي ليقدم استقالته!! وحقيقة لا ندري ما الذي ينبغي أن يحدث حتى يتكرم سيادته بهذه الاستقالة الكريمة؟ ومن هو المسؤول عن تردي الأداء الإعلامي عموماً؟ وحسب علم وزارته من هي الأصابع التي تعمل على التمييز بين صحيفة وأخرى في فرص الإعلان؟ بل حتى فرص الصحفيين في المؤتمرات الصحفية التي يديرها السيد والوزير والانتقائية التي يمارسها بلا عدالة؟ سيد بلال أكرمنا باستقالتك أكرمك الله.. والمطلوب الآن موقف موحد تجاه مكابدة الصحافة والصحفيين الذين يحاكمون بخمسة قوانين.. وتقول لي ما بستقيل؟!
    وسلام يااااااااوطن..
    سلام يا
    برمة يتوعد بمحاسبة الفريق صديق لتأييده بقاء البشير رئيساً!! هههههههه ومن سيتوعد الإمام بالمحاسبة بقبوله لابنه مساعداً للرئيس ورتباً أخر.. وسلام يا..
    الجريدة الأربعاء 18/2/2015
    mailto:[email protected]@gmail.com

    نقلا عن سودانايل
    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=78013:2015-02-18-08-07-23andcatid=1008:7-5-6-4-3-0-2andItemid=64http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-6-4-3-0-2andItemid=64
                  

02-18-2015, 12:51 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: عن قليل مما انساب بين السودان و إرتريا

    بقلم: عمر جعـفـر السّـوْري 2/يناير 2013/ نقلا عن سودانايل

    عفــو الخاطــر:

    للبحر مد و جزر، و للقمر نقص و كمال، و للزمن صيف و شتاء، أما الحق فلا

    يحول و لا يزول و لا يتغير. (جبران خليل جبران)

    رغم الوشائج الوطيدة و الصلات الراسخة بين الشعبين، لم تحظ العلاقات السودانية الإرترية في كل مراحلها و على مدى الأزمان من الجانبين السوداني و الإرتري، على حد سواء، الا بقدر متواضع من الاهتمام الدراسي و التوثيق، و هي العلاقات التي كانت و لم تزل ذات الأثر العميق في ماضي و حاضر و مستقبل البلدين و الشعبين. رسم تلك العلائق في كل الحقب تدفق أنهر من ترحال دائم بين القبائل و العشائر و بين بطون و أفخاذ تلك القبائل، و تجارة رائجة لم تحدها حدود، و لم تقف في وجهها معارك جرت عبر نقاط التماس أو في قلب البلدين. بعض تلك الانهر كان ظاهراً على وجه البسيطة، ينهل منه الناس و ترتوي بمياهه الأنعم، و يسقي زرع الوشائج فتخضر و تنمو و تزهر و تزدهر، أو يعكر صفوه ماء آسن وجد طريقه الى مجاريه؛ و بعضها الآخر يجري تحت الأرض تتشكل منه بحيرات ترفد المستقبل، إن دعت الحاجة و بلغ القحط مبلغه. كذلك خط أشخاص كثر على صفحة العلاقات علامات بارزة، لكن علا تضاريسها غباراً تراكم على مر السنين في انتظار أيدٍ تزيله و تكشف أسراره حتى تضئ مواقع الاقدام و تنشر بيارق نصره. كان من بين الذين حاولوا سبر غور تلك الانهر، حسب الله محمد أحمد، في منتصف ستينيات القرن المنصرم؛ و قد كان موظفاً إدارياً في وزارة الخارجية السودانية يومئذٍ، له اهتمام بالتاريخ و حكاياته و صلات بقيادات إرترية أقامت في السودان من بينهم ادريس قلايدوس و سيد أحمد محمد هاشم و محمد نور أحمد، سفير إرتريا السابق لدى الصين الذي غادر منصبه لاجئاً الى استراليا بعد أن اختلف مع الحكومة الإرترية و رئيسها. لكن كتاب الصحافي السوداني الراحل، أحمد طيفور، "حقيقة جبهة التحرير الإرترية" الذي وقف خلف اصداره الملحق العسكري الاثيوبي في الخرطوم، العقيد ترّقي، منتصف ستينيات القرن الماضي أيضاً، كاد أن ينكأ جراحاً لم تندمل حينذاك، حينما سلمت حكومة الفريق ابراهيم عبود في العام 1963 سبعة من المناضلين الإرتريين الى الحكومة الاثيوبية و يعكر صفو تلك العلائق لولا يقظة القيادات الإرترية و القوى السياسية و النقابية السودانية و المثقفين و الكتاب و الصحافيين. و مما يثير العجب ان مقدمة الكتاب تؤكد على عمق تلك الروابط الازلية رغم تعارضها مع الهدف الذي رمت اليه الاستخبارات الاثيوبية و فشلت في تحقيقه فشلاً ذريعاً؛ فقد بدأت المقدمة كما يلي: "مدفوعاً بصلات الدم و القربى سرت بعيداً مع جبهة التحرير الإرترية..." أقر طيفور اذن بصلات الدم و القربى لتبرير رحلته مع الثوار الإرتريين و مقالاته المناصرة لهم التي نشرها في جريدة "21 أكتوبر" حيث كان يعمل بها سكرتيراً للتحرير.. قال الصحافي و الشاعر السوداني الراحل حسين عثمان منصور حينما اطلع على مسّودة الكتاب الذي لم يكن قد وضع بعد على رفوف المكتبات يومئذٍ: "إن هذه المقدمة المختصرة، و بهذه العبارات تحديداً، لا يكتبها الا اثنان في هذا البلد، أنا و عبدالله عبيد؛ و أنا لم أكتبها." كان طيفور أول صحافي يدخل الى ميدان المعركة مع الثوار و يعود مدججاً بذخيرة وافرة من القصص و الحكايات و المعلومات و الصور الضوئية التي تقطع الشك باليقين، و تزيل اللبس بين ما تدعيه الحكومة الاثيوبية و ما يجري على أرض الواقع. كان ما نشرته "21 أكتوبر" اختراقاً واسعاً للتعتيم الذي عانت منه الثورة الإرترية و ضوءً كاشفاً أماط استار الظلام المخيم حولها.

    صدرت كتب عددا عن إرتريا و تاريخها و ثورتها و قضيتها، من بينها – على سبيل المثال لا الحصر - ما كتبه الزعيم الإرتري الراحل، عثمان صالح سبي، "تاريخ إرتريا" و آخر كتبه استاذ القانون الدولي المساعد بجامعة دنقلا، علي عباس حبيب، "إرتريا عبر التاريخ"، و غير ذلك، لكن العلاقات السودانية – الإرترية بقيت مهملة حتى اليوم، ما تناولتها الابحاث و الدراسات بعد بصورة مستفيضة، رغم أن اثارها لم تزل و ستظل واضحة المعالم في تربة البلدين، و ستبقى مساراتها تسهم في تقرير مصير الشعبين و رسم حدودهما الجغرافية، و هو ما يبدو قيد الاجراء اليوم بغير إرادة اصحاب الارض و القوى الفاعلة في كلا القطرين، و قد بلغ الوهن بهذه القوى في يومنا هذا درجة قيد حركتها و الغى فعلها و قدرتها.

    أنني هنا سأسرد – عفو الخاطر – بعض ما شاهدت و قليل مما شهدت، و لُمعاً مما سمعت من أفواه ثُقات كانوا من صانعي الحدث، أو شهوداً عليه أو قريبين منه أو من صانعيه، و سأترك البحث و التحري و التوثيق و الدرس للمتخصصين، الذين أدعوهم الى رصد ذلك لأثره العميق في مجرى الاحداث في السودان اليوم فضلاً عن إرتريا و القرن الافريقي، و فيما سيتمخض عنه في مقبل الايام. و من بين الاحداث و المؤثرين فيها، التي أرجو أن يقفوا عليها و عندها طويلاً، تلك التي جرت قبيل الحرب العالمية الثانية مباشرة و في أعقابها و حتى اللحظة. بعضها يتذكره الناس و في حلوقهم غصص كهياج الجنود السودانيين، الذين دخلوا اسمرا مع جنود الحلفاء، و استباحتهم المدينة ذات يوم، و قتلهم الناس دون تمييز بعد خلاف فردي جرى بين جندي سوداني و أحد المواطنين الإرتريين من غير المسلمين، و أخرى ما زالت تضئ دروباً و تفتح آفاقاً. و لعل الدور الذي لعبه الصحافي و الأديب السوداني حسب الله الحاج يوسف "ود محلق" حينما دخلت القوات الايطالية الى مدينة كسلا، شرقي السودان، ظل مبهما الى يومنا هذا، و أخشى أن يكون قد طواه الثرى الى الابد مع جسد الصحافي الراحل الذي بقي بيننا قرناً من الزمان أو يزيد و نحن في غفلة عنه، ثم أدواراً أخرى لضباط سودانيين تسلموا مقاليد الحكم فيما بعد في العام 1958 و بعضهم اقترن بإرتريات منهم الأميرلاي محي الدين أحمد عبدالله، و احداثاً كان في قلبها الشيخ علي بيتاي و الشيخ كنتيباي و سواهما من شيوخ القبائل المشتركة و زعماء الطرق الصوفية و غيرهم.

    و ليس الحدث السياسي وحده الذي يستحق المراجعة و الاهتمام بل مجمل الفعل الانساني الذي قام به تجار و مهربون و مغامرون أثناء الحرب العالمية الثانية و بعدها مثل علي درمه و حمد التلب و ابراهيم المقبول، الذي أغرته اثيوبيا أكثر فرحل اليها، و بكري جعفر الذي بقي في تلك البلاد معاصراً الايطاليين و البريطانيين و الحكم الوطني في الاطار الفدرالي و هيلي سلاسي و منقستو هيلي مريام و اسياس افورقي. تغيرت الاحوال و هو لم يتغير، غادرت نُظم و جيوش ثم جاءت غيرها و هو ما برح يتاجر، يرصد حركة القادة و المقاتلين القادمين من وراء الجبال و التلال و السهول يحطون رحلهم في نُزل امباسيرا المواجه لداره، أو أولئك المغادرين و هم يحزمون امتعتهم على عجل في رحلة بلا عودة، الى أن توسد الثرى هناك؛ و بينهم صاغة لبوا جميع الاذواق، أكانت للمواطنين على مختلف عقائدهم و أصولهم أو لأبناء و بنات الجاليات التي سكنت البلاد و بعضها توطنت. أحدث هؤلاء الصاغة اثراً لا تخطئه العين في ذائقة عملائهم و تركوا بصمتهم حتى اليوم في تصاميم المشغولات الذهبية و الفضية، و كان من أبرز هؤلاء الصاغة أولاد تبيدي الامدرمانيين الذين بقي منهم الحاج أبو القاسم تبيدي ردحاً طويلاً من الزمن بعد أن عادوا الى امدرمان مرة اخرى. و مازالت تصاميم الحاج أبو القاسم و نقوشه تطبع ذلك الذوق و تميّز الارتريات دون غيرهن؛ و معلمين انتدبتهم الادارة العسكرية البريطانية بعد اندحار ايطاليا الفاشية بينهم الاخوة الثلاثة عبدالله و الرياحي و جعفر أبناء الشريف عمر السّوري، و الاستاذ محمد حسين الذي آثر البقاء في تسني حيث توفي، و كان قد اقترن في أيامه الاخيرة بسيدة ذات اصول حجازية من آل سُنبل. و قد نعته صحيفة الزمان التي كانت تصدر باللغة العربية و رصيفتها الصادرة بالتقرينية، لكن إلكوتيديانو ارتريو "إرتريا اليومية" باللغة الايطالية – و هي الاوسع انتشاراً و الاكثر توزيعاً – لم تشر الى وفاته. ربما يعود ذلك الى أن قراءها هم من ابناء الجالية الايطالية الكبيرة حينئذٍ و من المتعلمين الإرتريين الذي تربوا في المدارس الايطالية، ثم تمطوا – ما شاء الله لهم أن يتمطوا على كراسي الادارة بعد خروج الايطاليين مندحرين – و يستحوذوا على الخدمة المدنية. كانت الايطالية هي لغة الادارة في الدواوين الإرترية، لا سيما البلديات الى منتصف الستينيات و ربما بعدها بقليل. و كذلك أثّر مهندسون شقوا القنوات في غربي إرتريا، كان على رأسهم زعيم الحزب الجمهوري، الاستاذ محمود محمد طه الذي لم يكتف بذلك، بل تطوع في حملة يخلّص بها مجتمع تلك السهول من عادات و موروثات بالية مثلما دأب على فعله في السودان؛ و بينهم مطربين منهم الحاج محمد أحمد سرور، الذي توفي هناك و دفن في العاصمة الإرترية، أسمرا، و الموسيقار اسماعيل عبد المعين، و المطرب و الملحن التيجاني السيوفي الذي لم يعد يذكره أحد في بلاده و هو الذي لحن و غنى خريدة حسن دراوي "الندامى" التي شدا بها من بعده كثر أبرزهم الخير عثمان:

    أدر الكأس على العشاق صفواً ومدامه يا حبيب القلب والروح و يا روح الندامى

    أيها الرافل في مجد من الحسن دوامـا ماست الأغصان لما عشقت منك القواما

    لقد بلغ من طرب الناس هناك بالتيجاني و احتفائهم به أن وصّى له البلاتا سليمان تامر، من أعيان مصوع، بعود من مصر موشى بالعاج و الذهب و مطّعم بالفسيفساء، كلفه خمسين جنيهاً ذهبياً من جنيهات جورج الخامس في أربعينيات القرن العشرين. ثم غادر السيوفي الى جيبوتي الى أن استقر في عدن نجاراً يصنع المراكب، ليس خشية من الطوفان أو انتظاراً له؛ كذلك دور الغانيات اللائي أردن المجد فولجن لعبة التنقيب عن المعلومات و استخراجها و من ثم بيعها مقابل الاصفر الرنان، لكنهن رحلن عن الفانية فقيرات معدمات، و أشهرهن نفيسة حسين، تلك الفارعة الطول، تحسبها طوداً شامخاً، جهيرة الصوت، تحمله الريح من عداقه بعراي حتى جزيرة مصوع، إن استبد بها الغضب، لكنها توفيت في ذلك الحي الذي ردد صدى صوتها بالقرب من مقبرة قتلى الحرب الايطاليين في نهاية جادة كلابريا؛ ضريرة، ظلت تأبي أن يقودها أحد، تتعرف على الناس من وقع أقدامهم – و هم حفاة - قبل سماع صوتهم، و تعرف الاماكن المحيطة بها و النقود و العملات الورقية معرفة يقين العين، يظنها الغريب مبصرة حينما يرى عينيها الواسعتين المحدقتين في اللانهائي و هي ترنو من علٍ:

    و المجد عند الغانيات رغيبة يبغى كما يبغى الجمال و يعشق

    و غير هؤلاء و تلكم، أعداد من رجال الشرطة الذين بقي قلة من ضباطهم في هذا السلك حتى منتصف ستينيات القرن العشرين يطاردون الثوار الإرتريين بحسبانهم قطاع طرق "شفتا"، بعد أن نقلوا بنادقهم من كتف نافح عن البريطانيين ثم الحكومة الإرترية الى كتف الاحتلال الاثيوبي.

    و في مرحلة تقرير المصير في اربعينيات القرن الماضي لم يتوان بعض السودانيين من الانغماس في تلك المعركة بكل جوانبها السياسية و الثقافية و الاجتماعية، فها هو جعفر السَّوْري و محمود الربعة يؤسسان جريدة "اسمرا الاسبوعية" التي سرعان ما أغضبت الادارة العسكرية البريطانية فأغلقت الصحيفة و أبعدت جعفر السَّوْري الى السودان ليلتحق الى حين بحوار أبيه، الشيخ على بيتاي، في مشروعه التنويري و الاصلاحي المشع من همشكوريب. و كان جعفر السَّوْري قد أسهم، قبل ذلك، مع عديله المحسن الإرتري الكبير و السياسي الوطني الثري صالح باشا كيكيا في تأسيس مدرسة حرقيقو، بالقرب من ميناء مصوع، التي لعبت دوراً رائدا في الحفاظ على اللغة العربية و نشر التعليم و الوعي الوطني، إذ كان من بين تلاميذها ثم معلماً بها ثم مديراً لها القائد الإرتري الراحل، عثمان صالح سبي. و كان سبي قد حدثني كثيراً عن دور مدرسة حرقيقو في الحركة الوطنية الإرترية مما يجدر تسجيله في غير هذا الموضع. و حرقيقو لم تكن قرية بداوتها تبدو، بل بلدة ترفد البندر بحاجته من العنصر البشري المؤهل. مما يذكر للباشا أيضاً موقفه الحاسم في انهاء النقاش عن اعتماد اللغة العربية لغة رسمية اثناء المداولات التي جرت في البرلمان الإرتري حول مشروع الدستور الذي وضعته الامم المتحدة بناء على قرار فدرالي ربط بين أثيوبيا و إرتريا في اتحاد قسري، وصفه مندوب الاتحاد السوفيتي، اندريه قروميكو، قبيل صدوره "بانه زواج كاثوليكي بالإكراه".

    حينما احتدم النقاش تحت قبة البرلمان، و كان من فرسانه صالح باشا كيكيا مدافعاً عن اللغة العربية و متمسكاً بها، توجه اليه تلاّ بايرو، أول رئيس وزراء لإرتريا، و زعيم حزب الوحدة الذي نادى بالانضمام الى اثيوبيا، بسؤال خيم بعده السكون الذي يسبق العاصفة، و ران الصمت على جميع من في القاعة كأن على رؤوسهم الطير. سأل بايرو الباشا إن كان يتحدث بالعربية مع أهل بيته؟ عما يدور في الدور، و عن همس المخادع يسأل الوزير الاول؟! على نفسها جنت براقش إذن! حينها انفجر صالح باشا في وجه تلا بايرو و خاطبه من غير القاب مشيراً اليه بأصبعه، و تلك غاية الاهانة عند أهل تلك البلاد: "تلاّ! أتريد أن تعرف باي لغة اتحدث مع أهلي و كيف؟" هنا أدرك رئيس الوزراء عظم الخطيئة التي ارتكبها و الكفر البواح الذي تلفظ به، فسارع الى الاعتذار و إظهار الندم على ما قال، ليطُوي الحديث عن موضوع اللغة و ليثبت البرلمان العربية لغة رسمية لإرتريا الى جانب التقرينية. لكن الامر عاد بعد ذلك بنصف قرن أو يزيد، و ها هي لغة الضاد تعاني ما تعاني اليوم في تلك البلاد.

    كان تلا بايرو محدثاً مفوهاً، و قارئاً نهماً و مثقفاً لا يبارى، يتقن لغاتٍ عددا بينها الانقليزية و الامهرية و الايطالية و السويدية الى جانب لغته الام "التقرينية"، و يتحدث العربية. فصيحاً حينما يلجأ الى الانقليزية مما ألجم السنة خصومه في الادارة العسكرية البريطانية التي تولت مقاليد الامور بعد فتح البلاد. حدثني، ذات مرة، السير كينيدي تريفاسكس، السكرتير الاداري البريطاني في تلك الحقبة، ان بايرو اجتهد كثيراً لإخفاء هويته حينما كان يكتب عنهم مقالات معادية تحت اسم مستعار، الا ان تريفاسكس كان يكتشفه من خطئه المتكرر عند كتابة اسم عائلته، فهو لم يحسن تهجئة اسم السكرتير الاداري قط، فيستدعيه للتحقيق، لينكر تلا بايرو الأمر مراراً و تكراراً، ثم ينجو بفعلته، فالخطأ الهجائي في اسم العائلة لم يكن دليلاً و لا قرينة ادانة.

    زار تلا بايرو العاصمة السودانية في شتاء العام 1971 قادماً من العاصمة السويدية استوكهولم التي لجأ اليها بعد مغادرته أثيوبيا، و قد كان سفيراً للإمبراطور فيها. كان في طريقه الى إرتريا لحضور المؤتمر الوطني الاول الذي انعقد في نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من نفس العام. و قد تكرم بقبول دعوتي للإقامة في منزلنا بحي العمدة الامدرماني؛ إذ من بين اجراءات الامن و التأمين لوفود ذلك المؤتمر هو تحاشي الاقامة في النُزل و الفنادق حتى لا ينتبه الاثيوبيون و غيرهم، ما عدا قلة قليلة بينهم أحد زعماء العفر، الراحل شحيم ابراهيم شحيم، لأسباب و ظروف مختلفة. بقي بايرو بيننا اسبوعاً أو نحو ذلك، ثم غادر عائداًً الى تلك المدينة الاسكندنافية، تاركاً خلفه رسالة للمؤتمرين. كنت حريصاُ على صحبته، ساعدني في ذلك عملي بجريدة "سودان استاندرد"، و رئيس تحريرها النبيل، الزميل محمد عمر الخضر، ففزت بساعات عمل مرنة، و بغياب مبرر أحيانا!

    مما قاله لي تلا بايرو في تلك الايام و الليالي ان لسانه لم يخنه و ما زل قط الا مرتين في حياته كلها، حتى حينما يكرع حتى الثمالة، و هو الذي يتوهج ذكاء كلما ارتشف من بنت الحان، تحل وثاقه و تطلق لسانه. المرة الاولى كانت في البرلمان حينما سأل كيكيا باشا عن اللغة التي يتحدث بها مع أهله، و قد ندم على تلك السقطة، كما قال. أما الثانية ففي مؤتمر صحافي بدمشق العام 1967 يوم أعلن انشقاقه عن إثيوبيا و انضمامه لجبهة التحرير الإرترية، إذ سأله أحد الصحافيين عما يحس به الان و ما كان بالأمس. رد بالقول: "إنني لم أكن شيئاً قبل اليوم ". قال لي: "تلك كانت السقطة الثانية. لقد كنت طيلة حياتي رجلاً مهماً فاعلاً، بل كنت رقماً صعباً في السياسة و الدبلوماسية، و في الحياة ككل. لا أدري كيف و لما قلت إنني لم أكن شيئاً قبل التحاقي بالجبهة."

    في فترة تقرير المصير أيضاً و أثناء عرض مصير المستعمرات الايطالية السابقة في أفريقيا على الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ذهبت وفود إرترية الى نيويورك تدافع عن حق شعبها في الحرية و الاستقلال، و كان السودان معبراً لتلك الوفود، كما كانت النخب السياسية السودانية معيناً لهم، لا سيما في الشرق و على وجه الخصوص في القضارف، تحتفي بهم و تستضيفهم في بيوتها. فكانت الوفود التي رأسها الزعيم التأريخي ابراهيم سلطان تلقى الحفاوة و الترحيب و يشد عضدها سياسيون سودانيون، بعضهم كان يتطلع الى خوض ذات التجربة في اللجوء الى الامم المتحدة، و يسأل الإرتريين بعد عودتهم عن تفاصيل ما جرى معهم و لهم هناك و ما وجدوا. و بعد تطبيق القرار الفدرالي الاممي رقم (390-أ-5) الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة و خرق الحكومة الاثيوبية المستمر لنصوصه بُح صوت الإرتريين من كثرة الشكوى، فلم يجدوا من قناصل الدول العظمى في اسمرا أو من الامم المتحدة اذناً صاغية، فما بقي لهم من مناص الا أن تتحرك وفودهم مرة أخرى الى نيويورك. ذهب المحامي و الزعيم الوطني، محمد عمر قاضي، الى الهيئة الدولية. لكنه جاء الى السودان في طريقه الى هناك، فوجد العون و المساندة، إذ ساعده البعض في اعداد مذكرة ضافية عن "قضية إرتريا الوطنية تحت ظل النظام الفدرالي الاثيوبي" ليقدمها لمندوبي الدول الاعضاء؛ طبعتها في كتاب مطبعة التقدم بالخرطوم في العام 1956 و جرى توزيعها على نطاق واسع لتستنهض الهمم دفاعاً عن حقوق مهدرة. من بين من شد ازره السياسي و الوزير الراحل، محمد جبارة العوض، الذي درس في القضارف مع مؤسس جبهة التحرير الإرترية و رئيس البرلمان الإرتري الاسبق، ادريس محمد أدم. لقد عرفت الشيخ ادريس معرفة وثيقة، و امتدت معرفتي به لنحو ثلاثة عقود و نيف، تحدثنا خلالها مطولاً عن تلك الحقبة، و خصوصاً حينما مكثنا سوياً داخل و خارج عريشتيه في "درور نقيب" ثم "امبراسيت" بجبال آر القريبة من مدينة طوكر لشهر كامل في نوفمبر/تشرين الثاني العام 1971 أثناء انعقاد المؤتمر الوطني الاول للجبهة.

    كان ادريس محمد ادم و ابراهيم سلطان قد لجئا الى القاهرة التي سبقهما اليها القائد النقابي، ولدآب ولدماريام. هناك ولدت جبهة التحرير الإرترية التي صممت على اعتماد الكفاح المسلح وسيلة وحيدة لانتزاع الحقوق من بين فكي أسد يهوذا، الامبراطور هيلي سيلاسي، بعد أن بطش نظامه بالوطنيين و منظماتهم ممن اعتمدوا وسائل النضال السلمي، و بين تلك المنظمات حركة تحرير إرتريا التي تكونت بعض فروعها في العام 1958 وسط الإرتريين العاملين في السودان و الناشطين في النقابات و الاحزاب السودانية. كان من بين القيادات المؤسسة لتنظيم "الحركة" الاديب الراحل محمد سعيد ناود الذي انضم الى الحزب الشيوعي السوداني و فرع اتحاد نقابات عمال السودان ببورتسودان. و بينهم ايضاً الراحل محمد موسى محمد (م م م) الذي ما انفك يصدر بيانات الحركة من الخرطوم، بعضها موقع بأحرف اسمه الاولى الثلاثة و أحياناً يكتفي بميمين. كان محمد موسى يعمل لدى أحد تجار الخرطوم المعروفين، الراحل حسن حيموره. و كان م م مثله مثل ناود قريباً من الحزب الشيوعي السوداني، ساعده في ذلك شقيق حسن، الصيدلاني الراحل السر حيموره، الذي درس الصيدلة في جمهورية المانيا الديموقراطية ببعثة دراسية من الحزب الشيوعي.

    شق الإرتريون طريقهم الى البلدان العربية و اتصلوا بها دون وساطة من أحد، كما يدعي البعض زوراً و بهتانا. فقد استغل ادريس محمد ادم وجوده في القاهرة مدعوماً من عثمان صالح سبي بعد خروجه من اثيوبيا للاتصال بالسعوديين و اليمنيين و السوريين و التونسيين و الكويتيين و العراقيين. وجدا ترحاباً في سورية التي فتحت لهم أول مكتب رسمي في شارع الفردوس بقلب العاصمة دمشق و امدتهم بالسلاح و التدريب العسكري و البعثات الدراسية و المال، و ذلك بعد تولي حزب البعث العربي الاشتراكي مقاليد السلطة في 8 مارس/آذار 1963. لكن الإرتريين كانوا على اتصال بالنظام السوري الذي سبق البعث قبل ذلك بسنة أو أكثر قليلاً. إذ أن المذكرة القانونية التي ما فتئوا يقدمونها الى الامم المتحدة و المنظمات الاخرى و الدول و الافراد كتبها وزير خارجية سورية في العهد الديموقراطي الذي أتى بعد انفراط عقد الجمهورية العربية المتحدة. سطر الفقيه القانوني الراحل، الدكتور معروف الدواليبي تلك المذكرة التي تُرجمت الى لغات مختلفة، و طُبعت في كتاب ذي غلاف ارجواني، و اذاعها راديو مقديشو، إبان حكم رئيس الوزراء، عبدالرشيد علي شارماركي، في حلقات ظل يعيد بثها بين حين و آخر. كان ذلك أول انتصار اعلامي للإرتريين، إذ ان البرنامج الذي قدمه ولدآب ولدماريام من إذاعة القاهرة توقف بعد فترة قصيرة نتيجة الضغوط الهائلة التي مارسها الامبراطور على الرئيس جمال عبد الناصر. اتخذ مسؤول العلاقات الخارجية للثورة، عثمان سبي، من دمشق مقراً و مستقراً، و من مكتب الفردوس دائرة ينطلق منها. لم يكن محمد أبو القاسم حاج حمد في صورة الحدث يومئذِ.

    بدأت علاقة محمد أبو القاسم بالإرتريين عن طريق ادريس قلايدوس، مسؤول شؤون الثورة في جبهة التحرير الإرترية، إبان أزمة كتاب أحمد طيفور. التقى قلايدوس بأبي القاسم من خلال البعثيين و الاشتراكيين و الناصريين السودانيين و من بينهم المحامي بدر الدين مدثر و اسحق شداد و عبد الله محمد عبد الرحمن (الانفزبول the invisible). قد توطدت العلاقة بين الاثنين الى حد فتح فيه أبو القاسم داره ليكون مكتباً سرياً لقيادة الجبهة الموجودة في العاصمة السودانية، و كان قلايدوس يقيم في ذلك المنزل إقامة شبه دائمة، إذ كانت القيادة الإرترية بحاجة الى ملجأ بعيداً عن أعين جواسيس اثيوبيا، يتيح لها العمل في هدوء و سكينة و اطمئنان لا تعكره مراجعة الإرتريين من أعضاء الجبهة، و العمال، و الجنود القادمين للعلاج أو الراحة. لكن بعد أن غادر أبو القاسم الى سورية، وجد القادة الإرتريين في منزل مهندس الاتصالات خضر خليل، الذي يطل على محطة الغالي و فندق باريس، بديلاً عنه.

    كان خضر خليل، النوبي القح، من الاشتراكيين العرب الناشطين، ايمانه بالعروبة لا يتزحزح، و هو الذي يتحدث مع والدته، تلك المرأة القديسة المكافحة، برطانتهم و ليس بالعربية. مثله مثل نوبي سوداني آخر، هو عبدالناصر عبدالحميد، الذي قاد القوات المحمولة لحركة فتح في السويداء بجبل العرب، و ترقّى في صفوف الحركة الى أن انتخب عضواً في مجلسها الثوري. حينما بطش ياسر عرفات بالجناح اليساري في ذلك المجلس من فلسطينيين و مصريين و عراقيين و غيرهم، أبقى على عبدالناصر (السوداني) و لم يمسسه قط، لاحترامه و تقديره له. عرفت عبدالناصر للمرة الاولى حينما سرنا سوياً مسافة طويلة على الاقدام صحبة الصحافي الفرنسي اللامع جاك ابوشار و فريقه من القناة الفرنسية الثانية (لم تكن الفضائيات حتى حلماً يومئذٍ) في داخل الاراضي الإرترية المحررة. لم يكدر صفو تلك الرحلة الا الانشقاق الذي حدث في صفوف القيادة العامة لجيش التحرير الإرترية و عقد بعض أعضائها اجتماعاً عرف "بمؤتمر عوبل". ثم استمرت هذه العلاقة في كل المحطات من السويداء الى دمشق و بيروت و القاهرة.

    اتخذت القيادة الإرترية أول مكتب لها في منزل عمال عازبين اشتهر بالبيت الابيض في منطقة السجانة بالخرطوم، ثم انتقلت الى مكتب آخر في ديم القنا بالديوم الشرقية، كان دار ضيافة للجرحى و المرضى من جنود جيش التحرير في ذات الوقت، و مقراً للجنة فرع مديرية الخرطوم التي كانت تشرف على "تشكيلات" الجبهة و عضويتها في مدن و ضواحي المديرية. كانت لجنة الفرع تضم ممثلاُ عن كل مكون من مكونات المجتمع الإرتري، خلا المسيحيين، الذين لم يلتحقوا بركب الثورة بعد في ذلك الوقت، و لم تؤسس المنطقة العسكرية الخامسة التي عملت في المرتفعات الإرترية. كان على رأس اللجنة الفرعية، عمر هيابو، أحد كبار موظفي البنك العثماني بأمدرمان و لكنها ضمت اثنين من السودانيين الذين ربطتهم بإرتريا وشائج و عُرى وثقى. أحد الاثنين هو الراحل محمد عبدالله ابراهيم الذي كان عضواً في اتحاد الشباب السوداني. و قد أرسله الاتحاد الى بلغاريا في بعثة دراسية، عاد بعدها الى السودان ليواصل نضاله في صفوف الإرتريين، و يعمل على تأسيس اتحاد الشباب الإرتري و يصبح أول رئيس له. و من بين عضوية تلك اللجنة اسماعيل ناده، زعيم حركة الكوناما اليوم، و الصائغ محمد على محمود، الذي اتخذ الرئيس ادريس محمد أدم من منزله و متجره في السجانة مقراً له.

    ثم انتقلت الجبهة الى حي "الزهور فتحت" بالقرب من مكاتب لثوار الكنقو، الا انهم أبقوا على مكتب الديوم داراً للنقاهة، تولى الاشراف عليه عمر محمد بخيت، الذي أصبح بعد سنوات من كبار موظفي مكتب المندوب السامي لشؤون اللاجئين في جنيف بُعيد اكتسابه الجنسية السويدية. لكن القيادة العامة لجيش التحرير الإرتري، اثر اطاحتها بالمجلس الاعلى لجبهة التحرير الإرترية في العام 1969، رأت أن تنتقل الى مكتب آخر في ذات الحي كان ملتقاهم، في بداية عهدهم به، "بالنقيب" خليفة كرار و مساعديه عندما استولى العقيد جعفر نميري على السلطة، ثم تعددت المكاتب من بعد ذلك. كان الراحل خليفة كرار مولّجاً من جهاز الأمن القومي بإضبارة حركات المعارضة في دول الجوار، يوم كان ضباطه و عناصره يجوبون شوارع الخرطوم بسيارات حديثة من طراز "هيلمان هنتر" البريطانية الصنع التي عرفوا بها في ذلك الوقت، و هو أمر مستغرب من جهاز يفترض أن يحيط عمله بالسرية و ينشط في الخفاء.

    غادر محمد أبو القاسم الى دمشق في مهمة تتعلق بالبعثيين السودانيين، لكنه التقى هناك بعثمان صالح سبي و بالعمرين (عمر محمد بخيت – الذي ترك مهمة الاشراف على علاج جرحى و مرضى جيش التحرير الإرتري في الخرطوم – و عمر محمد ابراهيم) ليصبح جزءاً من مكتب الجبهة. أدار الثلاثة المكتب في غياب سبي كثير الاسفار. كان الفرسان الثلاثة نجوم دمشق المتلألئة، يعرفهم القاصي و الداني فيها، و دمشق يومئذ هي الفيحاء التي جاء وصفها في رواية "قلوب على الاسلاك" للأديب و الطبيب السوري عبد السلام العجيلي، و التي صورها الشعراء جميعا: روح و جنات و ريحان، و يصدق فيها قول الشاعر الفلسطيني، محمود درويش:

    في دمشق تسير السماء على الطرقات القديمة حافية

    حافية، فما حاجة الشعراء الى الوحي و الوزن و القافية

    و لكن في نفس الوقت كانت تمور في دمشق صراعات كثيرة بين اجنحة البعث المختلفة و في داخل المؤسسة العسكرية و أجهزة الاستخبارات. و لحق بالعرب المقيمين هناك رذاذ من عنف ذلك الصراع و تجاذباته، دفع أحد الطلاب السودانيين حياته ثمناً له، إذ القي به من فوق مبني المدينة الجامعية. كان محمد أبو القاسم من المتدفئين بنيران ذلك الصراع، كما كان للعمرين صلة بصراع الاجهزة. انعكس ذلك على مجلة "الثورة" الناطقة بلسان جبهة التحرير الإرترية، و هي مجلة فصلية لم تكن الجبهة تملك وسيلة اعلامية غيرها. كان من المؤمل أن تعبر المجلة عن الشأن الإرتري و همومه و طموح الإرتريين و قضيتهم و انتصارات ثورتهم، فأدخلها أبو القاسم في أتون ذلك الصراع، و صارت تنشر مقالات لخالد أبو خالد و غيره، لا تهم الإرتري من قريب أو بعيد. و في ذات الوقت احتدم الصراع داخل جبهة التحرير الإرترية بين أعضاء المجلس الاعلى، و كذلك بين المناطق العسكرية الخمس و بين الكادر المتقدم، فكان صراعاً مركباً. اختار أبو القاسم جانب عثمان سبي، فنشط في التحضير "لمؤتمر عمّان" الذي كان رداً على مؤتمر ادوبحا العسكري حيث الغيت المناطق العسكرية التي نُقلت بكل حذافيرها عن تجربة الولايات الجزائرية ابان حرب التحرير ضد الفرنسيين، و جرى في ادوبحا توحيد جيش التحرير تحت امرة القيادة العامة التي انتخبها المؤتمر في ختام أعماله. و في مؤتمر بيروت الذي كان منطلقاً لقوات التحرير الشعبية التي اسسها عثمان سبي التقى أبو القاسم بأسياس أفورقي العائد منذ زمن قريب من بعثة عسكرية في الصين الشعبية، يحمل أفكاراً عن حرب التحرير الشعبية طويلة الامد و تجربة صين ماو تسي تونق. و من هناك الى الامارات العربية المتحدة و محطات اخرى. يذكرني الراحل أبو القاسم بوصف ابن الصيرفي للأمير المملوكي تاني بك المحمدي في تاريخه "إنباء الهصر بأبناء العصر" إذ يقول (كان عفا الله عنه يظلم نفسه)، لكنني أيضا كلما ذكرته تداعى الى خاطري قول الجواهري:

    و ما في همتي قصر، و لكن قدحت مطالبي فكبا زنادي

    في الحلقة القادمة نعرض لمسيرة الكفاح المسلح و اسهام السودان و السودانيين فيها و مصادر التسليح و طرق ادخاله، و خرافات شراء السلاح من المناصير و غيرها.

    هذا ما تداعى عفو الخاطر عن مياه متدفقة بين السودان و إرتريا تستحق النظر اليها ملياً، و اختبارها. و ما سبق يسترجع للذاكرة ما كتبه الدكتور طه حسين في نهاية كتابه "مع المتنبي" اذ يقول: (إن هذا الكتاب ان صور شيئاً فهو خليق أن يصورني أنا في بعض لحظات الحياة، أثناء الصيف الماضي، أكثر مما يصور المتنبي، انه لمن الغرور أن يقرأ احدنا شعر الشاعر أو نثر الناثر، حتى امتلأت نفسه بما قرأ، أو بالعواطف و الخواطر التي يثيرها فيه ما قرأ، فأملى هذا أو سجله في كتاب، ظن انه صور الشاعر كما كان، أو درسه كما ينبغي أن يدرس، على حين انه لم يصور الا نفسه، و لم يعرض على الناس الا ما اضطرب فيها من الخواطر و الآراء.)

    و يردف عميد الادب العربي القول: (انما اريد ان الفتك الى شيء يسير، و هو ان ديوان المتنبي ان صور شيئاً فإنما يصور لحظات من حياة المتنبي، لا أكثر و لا أقل، كما ان هذا الكتاب الذي بين يديك إن صور شيئاً فإنما يصور لحظات من حياتي أنا، لا أكثر و لا أقل.)

    المقال الثانى بتاريخ/ السبت, 2فبراير 2013

    مما انساب بين السودان وإرتريا: رفقة السلاح والكفاح .. بقلم: عمر جعـفـر السّـوْري

    عفــو الخاطــر:

    و جـلا الســيولُ عن الطلـولِ كأنها زبـرٌ تجـدُّ متونـَها أقـلامُـها

    لـبيد بن ربيعة العامري

    أحدث البحث القيم العميق الضافي الذي قدمه حسب الله محمد أحمد (من جماعة بعث التاريخ السوداني التي نشطت في ستينيات القرن الماضي) في ندوة بنادي الخريجين بأمدرمان العام 1965عن هجرة عشيرة "النابتاب" من شمال السودان و استقرارهم في غربي إرتريا، و عن اصولهم و خصائصهم و تسميتهم و لغتهم و اكتسابهم لها و اسباب تلك الهجرة و دورهم قبلها في السودان و بعدها في إرتريا، و قيادتهم للمجتمعات التي حلوا بديارها و أقاموا بينها، عن رضى و ليس عن قهر، و تأثيرهم و تأثرهم بالبيئة المحيطة، أحدث أثراً عميقاً في مستمعيه من سودانيين و إرتريين. أعقب قراءة البحث الطويل نقاش مستفيض، ترك أيضاُ أثراُ واضحاُ يدفع الناس الى الغوص عميقاً في بحور صلة الجوار بين البلدين. لكن ذلك الاثر لم يدم طويلاً عقب انفضاض الندوة، بل طوت الاحداث المتلاحقة نتائجه، و أصبح نسياً منسيا من بعد ذلك. أراد البعض أن يسبر غور ما جرى بين السودان و إرتريا في فترات ممتدة عبر تاريخ البلدين و الشعبين، لكن مجريات الامور دهمته، و جرفته سيول الملمات، فترك التيار يأخذه حيثما يشاء.

    لهذا لم يفطن كثيرون الى هجرة معاكسة من إرتريا الى السودان ثم العودة مرة أخرى ليلتحقوا بصفوف الثورة، أو بدولة الاحتلال، بل حسبوا ذلك من المسلمات و غفلوا عما أحدثته و ما خلفته في بعض المناطق المتاخمة للحدود كما البعيدة عنها على حد سواء.

    كانت "أورطة العرب الشرقية" التي تأسست بُعيد سقوط الدولة المهدية مقصداُ لكثير من الإرتريين الذين التحقوا بصفوفها، ثم انضموا الى وحدات قوة دفاع السودان و بعدها الى الجيش السوداني في الفترة التي أعقبت الجلاء. لم يعملوا في مناطق الشرق فحسب، بل في جميع أرجاء البلاد. لقد كان والد الدبلوماسي و الوزير الاثيوبي ذي الاصول الإرترية، صالح حنيت، على سبيل المثال، من جنود تلك الأورطة. فقد ولد صالح في امدرمان في العام 1923، و تلقى أولى دروسه على يد "سيدنا محمد صالح"، والد الشاعر السوداني – الإرتري، كجراي، ثم نال تعليمه في مدارس القضارف و بورتسودان و بربر حتى تخرج من كلية قوردون التذكارية ليلتحق بالعمل الاداري مفتشاً بأمدرمان. هذه المدارس التي تعلم بها صالح حنيت تشير الى المدن التي انتقل اليها والده مع وحدته العسكرية، جندياً في صفوف القوات النظامية السودانية إبان فترة الحكم الثنائي الانقليزي – المصري. بعد سنة واحدة اختارته الادارة البريطانية العام 1948، مع غيره من رجال الخدمة المدنية في السودان، للعمل في مدينة تسني التي حررتها جيوش الحلفاء من القوات الايطالية. و من هناك، و منذ ذلك الوقت، أخذ في صعود السلم الوظيفي قفزاً، فاختار الانحياز الى اثيوبيا، إذ عاد الى مسقط رأسه سفيراُ لأثيوبيا في الخرطوم، ثم غادرها ليصبح فيما بعد وزيراً للاتصالات الى أن عزله الامبراطور هيلي سيلاسي، فلم يجد بداً من الوقوف بالقرب من باب القصر الامبراطوري يؤدي التحية المعروفة ب(ادجنات)، و هي الانحناء عند خروج الامبراطور من قصره قاصداً مكتبه أو أية وجهة أخرى. تلك الانحناءة كانت تعبيراً عن الولاء المطلق لأسد يهوذا، يرجو فيها الواقف على عتبات القصر الرضى و القبول و المن و الغفران، و كذلك السلوى و الحلوى، إن رضي و غفر و تفضل ثعلب السياسة الافريقية بالعفو، و ذلك كله في الصيف و الشتاء، تحت وابل من المطر، أو سياط لاسعة من الشمس المحرقة أو الزمهرير القارس. لكن ملك الملوك لم يرض عنه، فظل الرجل واقفاً هناك الى أن سقط سبط يهوذا من عرشه، ليعمل السفير و الوزير مترجماً في منظمة الوحدة الافريقية حتى توفاه الله بعيداً عن مسقط رأسه السودان و عن موطنه إرتريا في العام 1995، و كانت الثورة قد انتصرت منذ حين. مثله كثير من الإرتريين آثروا البقاء في اثيوبيا، و بعضهم له صلات وثيقة بالسودان.

    أما الاخوة عندوم، فقد كان حظ أصغرهم عاثراً عندما قضى في مذبحة أودت بحياة عسكريين اثيوبيين كثر من مختلف القوميات و القبائل، و كان هو رئيسهم و قائدهم الذي تربع على سدة العرش فور الاطاحة بالإمبراطور. عاد ملّس عندوم الى الخرطوم سفيراً لإثيوبيا أيضاً، و ترقى شقيقه عاثر الحظ، أمان، في درجات العسكرية الى رتبة الجنرال ليختاره الجنود المتمردون في سبعينيات القرن الماضي رئيساً للمجلس العسكري (الدرق) الذي استولى على السلطة، لكن منقستو هيلي مريام و رهطه سفكوا دمه و دماء من معه بدم بارد، و قتلوهم عن بكرة أبيهم من غير أن يرف لهم جفن. أما شقيقهم الأكبر فقد مكث في اسمرا، يسعى في مناكبها، يحدث عن أيام بورتسودان و يروي الامثال السودانية و شعر الدوبيت – كما لم يروه أحد – و ذلك كلما التقى بأصدقائه أو عاد مريضاً، أو زف عريساً و عروساً، أو جاء معزياً أو زائراُ.

    حينما اندلع الكفاح المسلح في إرتريا في أول سبتمبر/أيلول 1961 بقيادة الشخصية الوطنية الفريدة، حامد ادريس عواتي، لم تكن لديه أو لدى رفاقه الامكانات و الوسائل التي قد تعبد الطريق تحت اقدامهم أو تفسح لهم دروباُ وعرة و موحشة، لكنهم قرروا، بعزيمة لا تهن، اجتيازها. جاء اليه جنود عملوا في الجيش السوداني ببنادق أكل عليها الزمن و شرب و كلّ زنادها من معارك غابرة. بدأوا بتلك "الطبنجات" طريقهم نحو الحرية. لم تشتر الثورة سلاحاً من السودان قط، و لم يزودها أي من أصدقائها السودانيين بقطعة سلاح واحدة، بيضاء أو نارية، كما تردد ادعاءً زائفاً و هرطقة و تزويراً؛ و لم تأت من المناصير حتى رصاصة فارغة. السودان لم يكن مصدراً للسلاح، بل كان ممراً له. لكنه لعب دوراً أهم من ذلك، و هو دور الحاضن للثورة، و الخلفية التي يتكئ عليها، و شريان الامداد و التموين، و الملجأ الذي يلوذ به ضحايا حملات الابادة و الارض المحروقة و التنكيل و العسف، و بعض ذلك ما زال يجري على أيدي ذوي القربى، و رفاق الدرب و اخوة السلاح. لنقرأ معاً شهادة رئيس جبهة التحرير الإرترية الراحل، الشيخ ادريس محمد ادم، من مذكراته:

    "أذكر للتأريخ أن القائد البطل حامد إدريس عواتي قرر أن يعلن الثورة المسلحة قبل أن نوفر له الإمكانيات المادية المتفق عليها ، فلجأ الى جبال ( آدال) في غرب إرتريا في شهر سبتمبر 1961 ومعه 12 رجلا من أنصاره ، وكان سلاحهم بندقية انجليزية (303) جيدة تخص القائد عواتي وبعض البنادق الايطالية القديمة وقليل من الذخيرة . لقد فاجأنا توقيت هذه الخطوة وكان السؤال المركزي أمامنا : هل نتبنى هذه الثورة ونتحرك بالقليل من الامكانيات المتوفرة لدينا لدعمها وحمايتها أم نتريث ونتابع الموقف ونستمر في جهودنا لتقوية التنظيم وجمع السلاح والمال وكسب التأييد حتى تنضج الظروف الملائمة لانطلاق الكفاح المسلح .وأذكر للتأريخ أن موقف قيادة الجبهة كان حاسما وواضحا . فهذه هي ثورة الشعب الإرتري و عواتي هو قائدها الميداني وأن الجبهة هي القيادة السياسية المسؤولة عنها ، وأنه لابد من التحرك فورا لدعم عواتي ورفاقه . فبادرنا بإرسال المال الذي جمعناه من تبرعات العمال الإرتريين في السعودية لفرع الجبهة في كسلا ( مجموعة العسكريين ) وطلبنا منهم إقامة اتصال مباشر بالقائد عواتي وإبلاغه بمساندة التنظيم له ، والاستفادة من هذا المال في شراء السلاح من داخل إثيوبيا وتزويد المقاتلين به وتزويدنا بتقرير شامل عن موقف عواتي وإمكاناته وظروف إعلانه الكفاح المسلح ، وأكدنا لهم أن ساعة العمل الثوري قد حانت فعليهم الاستعداد للانخراط في الثورة المسلحة . لقد تبين لنا من المعلومات المتوفرة والموثوقة أن القائد عواتي أضطر لحمل السلاح بعد أن تأكد له أن إثيوبيا تشك فيه وأنها قررت اعتقاله حتى تمنعه من حمل السلاح ضدها ، فبادر الى التحرك السريع .وبالفعل فإن إثيوبيا أرسلت الوحدات الخاصة ( الفيلد فورس) من الشرطة لقمع حركة عواتي والقضاء عليها في مهدها . حدثت مناوشات بين الثوار وهذه القوات الخاصة التي نظمتها ودربتها الحكومة الاستعمارية البريطانية ، إلا أن القائد عواتي بخبرته وشهرته كمقاتل فذ كان يتفادى الدخول في معارك حاسمة ومباشرة مع هذه القوات ويعتمد أسلوب حرب العصابات في الكر والفر ويستفيد من طبيعة الأرض الجبلية وتأييد الشعب في تفادي الوقوع في الكمائن التي تعدها له الوحدات الخاصة . لقد نجح القائد المغوار في إطلاق الثورة وتحدي الإمبراطورية الاثيوبية بهذه الإمكانات المتواضعة وحافظ على قوته الصغيرة ، وبهذا العمل التاريخي فتح الطريق أمام أبناء الشعب للانضمام اليه والالتفاف حوله حتى اشتد ساعد الثوار وقويت شوكتهم وارتفعت رايتهم .وفي استجابة مباشرة انضم أحد عشر عسكريا من أعضاء الجبهة الى القائد عواتي في مارس 1962 بعد أن استقالوا من الجيش السوداني وهم يحملون بنادق إيطالية قديمة تم شراؤها من تبرعات العمال في السعودية ، فرحب بهم القائد البطل وسلمهم قيادة مجموعات الثوار فبدأوا بتدريب المتطوعين ورفع كفاءة المقاتلين ووضعوا خطة للهجوم على أحد مراكز الشرطة النائية بغرض الحصول على السلاح ، إلا أن تنفيذ الخطة كان يتطلب توفر سلاح حديث وذخيرة كافية حيث أن البنادق الايطالية القديمة لا تصلح لتنفيذ الخطة لقدمها وعدم توفر ذخيرتها . ومن ثم صرف النظر عن ذلك بعد أن تنبهت الحكومة الاثيوبية فعززت مراكز الشرطة بالرجال والسلاح الحديث ومن بينها مركز تسني .

    وفي إبريل 1962 انضم عضو قيادة الجبهة في القاهرة المجاهد الشهيد سعيد حسين الى الثوار في الميدان للاستفادة من خبرته العسكرية في مصر حيث شارك مع أبناء الشعب المصري في حرب عام 1956 ضد قوات الغزو البريطاني الفرنسي الاسرائيلي . لقد التحق سعيد بكتائب المتطوعين التي حاربت في سيناء تأكيدا لعمق الروابط بين الشعب الإرتري وشعب مصر العربية. وعاد بعد الحرب ليكمل تعليمه حتى حانت ساعة العمل الثوري فلبى النداء والتحق بالمجاهدين في الريف في 1962. فور وصوله تم عقد اجتماع في كسلا حضره مندوبون من الثوار في الميدان وممثلون لفروع الجبهة في السودان تقرر فيه تكوين قيادة عسكرية تشرف على العمل الثوري وتكون حلقة صلة بين الميدان والقيادة السياسية في الخارج ويكون مقرها في كسلا لموقعها القريب من الحدود مع إرتريا وأطلق على هذه القيادة ( القيادة الثورية الشعبية ) وتفرغ المجاهد سعيد حسين لقيادة مجموعات الفدائيين في المدن الإرترية.

    وصول أول دفعة من السلاح للمقاتلين في الريف

    لقد فشلت أول محاولة لشراء السلاح من داخل إثيوبيا بعد أن اكتشفتها السلطات الاثيوبية . فقد قمنا بجمع مبلغ من المال من أعضاء الجبهة في السعودية وأرسلناه الى الأخ والصديق محمود محمد عمر ابراهيم في أسمرة مع شخصين من أعضاء الجبهة في السودان وطلبنا منه شراء سلاح من داخل إثيوبيا وتهريبه الى أرتريا وتسليمه للثوار في سرية تامة . كلف الأخ محمود شخصا يثق فيه وفعلا تم شراء السلاح من إثيوبيا ونقل الى أرتريا إلا أن حكومة أرتريا العميلة اكتشفت أمر السلاح فصادرته وقبضت على الأخ آدم ملكين والأخ محمود محمد عمر وأخضعتهما لتعذيب شديد ثم حكمت عليهما بالسجن عدة سنوات بعد أن تأكدت أنني وراء هذه المحاولة . ثم كانت المحاولة الثانية الناجحة في شراء السلاح من الخارج وتهريبه عبر السودان الى أرتريا ، وهذه هي القصة .

    تبرع العمال المقيمون في السعودية بالمال من أجل شراء السلاح ليدعموا به الثورة وقد أدى الأخ المجاهد الشهيد عثمان صالح سبي دورا هاما في تقوية فروع الجبهة في جدة والرياض وبقية المدن السعودية التي تتواجد فيها الجالية الإرترية . فقد كان شخصا نشطا تتوفر فيه شروط القيادة ويمتاز بحديثه الجذاب وأسلوبه المرن في التعامل مع الآخرين . تم تكليف الأخ عثمان بالتوجه إلى عدن التي كانت في ذلك الوقت تحت الاستعمار البريطاني بغرض شراء سلاح بهذا المال. وفعلا اشترى بنادق إنجليزية ومسدسات وذخائر من السوق. تم جمع الأسلحة ووضعها في حقائب بمساعدة أعضاء الجبهة ومن ثم سافرت الى الخرطوم بالطائرة ومعي هذه الشحنة . كانت اللحظة الحاسمة تقترب . كنت أسأل نفسي هل أنجح في إيصال هذا السلاح لأيدي الثوار في جبال إرتريا الذين ينتظرونه بفارغ الصبر. دخلنا المطار وفي قاعة الجمارك لفت نظر المفتش منظر الحقائب فطلب مني أن أفتحها ، اعترضت على طلبه بحكم أنني أحمل جواز سفر دبلوماسيا صوماليا وأتمتع بالحصانة الدبلوماسية ، فزادت شكوكه لاسيما وأن لهجتي في الحديث ومنظر ( الشلوخ ) على وجهي توحي بأنني سوداني وأن في هذه الحقائب سلاحا ربما يخص الاحزاب السودانية المعارضة للحكومة العسكرية بقيادة الفريق ابراهيم عبود . وبعد جدال وإصرار من جانبي على عدم تفتيش الحقائب والسماح لي بإدخالها كما هي أو العودة بها من حيث أتيت ، اتفقت مع المفتش أن تبقى الحقائب في المطار ويسمح لي بالدخول لأعالج هذا الموضوع مع المسؤولين في الحكومة . نزلت في الفندق ومن هناك اتصلت بفرع الجبهة لأعلمهم بالوضع ومن ثم بحثت عن صديق للجبهة كان يعمل في القنصلية السودانية في جدة. نجحت في الاتصال بالسيد الفاضل ( علي طالب الله ) وكان وقتها قد انتقل الى وزارة الخارجية وأطلعته على الموقف بالتفصيل ، فبادر بإعداد رسالة من وزارة الخارجية الى سلطة الجمارك في المطار يطلب فيها السماح بإدخال الحقائب لأنها تحتوي على منشورات سياسية تخص ثوار إرتريا . قابلت مسؤول الجمارك في المطار وسلمته الرسالة فرفضها رفضا تاما قائلا أن الامر لا يخص وزارة الخارجية ، ثم سألني : لماذا ترفض تفتيش الحقائب ، فأجبته لأنني أتمتع بالحصانة الدبلوماسية وهذا حق وعرف معتمد فكما أنه يحق لي الدخول بدون تفتيش في مطار الخرطوم فكذلك تعامل حكومة الصومال الدبلوماسيين السودانيين في مطار مقديشو . قال: ألا يوجد سلاح في هذه الحقائب؟ أجبته ضاحكا: كنت أتوقع أن تسألني هل يوجد فيها مخدرات؟ رد قائلا: أتحلف بشرفك أنه لا يوجد فيها سلاح ؟ قلت - وبدون تردد ليقيني بأن لا مخرج آخر أمامي لإدخال السلاح الذي ينتظره المجاهدون في جبال إرتريا بفارغ الصبر - بشرفي لا يوجد فيها سلاح. عندئذ وافق على أن أتسلم الحقائب بدون تفتيش . حمدت الله كثيرا أن يسر لي إدخال هذه الشحنة الهامة. اتجهت فورا الى فرع الجبهة في الخرطوم ومعي الحقائب حيث قام الشباب بتوزيعها في حقائب أصغر حجما وكلفوا عددا من الأعضاء بحملها في القطار متجهين الى مدينة كسلا في اليوم التالي بواقع حقيبة واحدة مع كل شاب . اتفقنا على أن أغادر الى القاهرة قبل أن تكتشف السلطات السودانية الأمر . سافرت الى القاهرة في اليوم التالي وعندما سأل عني رجال الأمن في الفندق أبلغوهم بأنني قد غادرته. وفي كسلا تولت القيادة العسكرية استلام السلاح وتهريبه عبر الحدود الى إرتريا برفقة عدد من المجاهدين الذين قرروا الالتحاق بالثورة . كما قمت بتهريب السلاح عدة مرات آخري بوضعه في حقائب سفر والدخول الى السودان مستغلا جوازي الدبلوماسي الصومالي ونجحت في تسليمه لأعضاء الجبهة الذين تولوا نقله الى الثوار في الميدان ." انتهى الاقتباس.

    يضيف الراحل محمد شيخ فرس في كتابه "نضالي مع الثورة الإرترية" ما يؤكد ذلك، إذ يقول: "مكثت حوالي ثلاثة أشهر في عدن، وبعدها حضر ادريس (ادريس محمد ادم) وعثمان (عثمان سبي)، وقابلني عثمان وشرح لي كل التفاصيل الهامة وأخبرني بعزمهما التوجه إلى الصومال ومنها إلى العراق لاستلام أسلحة من حاكم العراق آنذاك الرئيس عبد الكريم قاسم، واحضار هذه الأسلحة إلى عدن، حيث أقوم أنا بنقلها إلى أرتريا بالبحر. وكنت بانتظارهما حتى عادا، ولكن بدون أن يكون معهما السلاح....... وفي هذا الوقت كانت مع عثمان رسالة من المناضل حامد ادريس عواتي، يطلب فيها المدد الفوري، وكان عثمان، قد وعده بذلك بناء على وعد الرئيس العراقي. وطلب مني عثمان ايجاد حل بصفتي لدي معارف في عدن، وكذلك كان يعلم ان لدي حسابا في البنك الهندي في عدن، فطلب مني شراء السلاح من مالي الخاص حتى لا يتعرض لإحراج القيادة العسكرية، واتفقت مع عثمان على شراء السلاح مناصفة، أدفع أنا جزءاً، ويتحمل هو الجزء الباقي، والجزء الذي كان يجب أن يدفعه عثمان، دفعه صديقي..، وذلك بكفالتي على أن يسدد له عثمان فيما بعد. وبعد الاتفاق اتجهنا ليلاً إلى محمية (دار سعد) وكان معي ادريس محمد آدم، وعثمان سبي والوسيط، وبعدها قمنا بفحص الأسلحة. وبعد التأكد من صلاحيتها اشترينا خمس بنادق من طراز أبو عشرة ماركة 4 وخمسة آلاف رصاصة. وأبدى ادريس محمد آدم رغبته في نقل السلاح لأنه كان يملك جواز سفر دبلوماسيا فحمل السلاح في حقيبته الدبلوماسية، وبقي معي عثمان وطلب الا يسافر خالي اليدين، فاشتريت من جيبي الخاص(7) مسدسات ومع كل مسدس(42) رصاصة".

    و في شهادة اخرى لعثمان صالح سبي يقول: "ان جبهة التحرير نشـأت في عام 1960 بين الجاليات الإرترية في الخارج والتي فرضت عليها الهجرة بأساليب الابادة الجماعية والارض المحروقة التي استخدمها الامبراطور الاثيوبي ضد شعبنا. بدأت الجبهة بعدد اصابع اليد الواحدة من الرجال واسلحة بدون ذخيرة وفي الشهور الثلاثة الاولى كان كل ما تمكنا من فعله هو جمع بعض المال حوالي 500 جنيهه سوداني تبرع بها عمال من السعودية والسودان، اشترينا بها تسعة بنادق ايطالية قديمة واذكر ان بعض الإرتريين ارسلوا من داخل إرتريا إلى الثوار رشاشتين اثنين وبندقية أمريكية الصنع وسبع قنابل يدوية وهذه الاشياء رغم بساطتها كانت تشكل حينذاك قوة دفع ضخمة، فالرشاش كان بالنسبة لنا حلما، وفي تلك الفترة باع عمال إرتريا كل ما يملكون من منقولات لتمويل انطلاقتنا الاولى ولن ننسى ذلك العامل الذي جلب لي بذلته، والاخرين الذين باعوا اسرتهم وناموا على الارض كل ذلك من اجل تحرير الوطن."

    بدأت الثورة في الانتشار و التمدد غربي البلاد بعد معركة أدال في 1/9/1961التي كانت الشرارة الاولى لانطلاقة الكفاح المسلح. أعقبتها معركة أخرى في "أومال هتريت" بعد عشرين يوماً، سقط فيها أول شهيد للثورة هو عبده محمد فايد. ثم تلاحقت المعارك التي خاضها عواتي و تلك الكوكبة قليلة العدد و التسليح، شحيحة التموين و الامداد الذين أتى معظمهم من بين صفوف الجيش السوداني، فدارت معارك في "امنايت" بمنطقة القاش، ثم "هناق هنجر" لم تخسر فيهما الثورة شهداء أو جرحى الى أن استشهد اثنان من الرعيل الاول في معركة "بلاقندا" في ربيع العام التالي للانطلاقة. استمرت هذه المعارك الفدائية الخاطفة بين حين و آخر الى ان قاد محمد على أبو رجيله في 15 مارس/آذار 1964معركة تقوروبا التأريخية، لتشكل علامة فاصلة في مشيرة الثورة، و نقلة نوعية في أساليب و وسائل الكفاح المسلح، و شكلت نصراً مؤزراً آذن بانتصارات متوالية. قرر الإرتريون اعتبار يوم تقوروبا عيداً لجيش التحرير، يحتفلون به في كل عام، و ذلك لأنها كانت أول مواجهة مباشرة مع الجيش الاثيوبي الذي عاد من حرب كوريا و عمليات السلام في الكنقو (ليوبولدفيل) منتفخ الاوداج، مزهواً بمغامراته عبر الحدود. كانت هزيمة الجيش الاثيوبي ماحقة ساحقة، و كانت الأولى منذ نهاية الحرب ضد الايطاليين، و على أيدي ثوار يفوقهم جيش الاحتلال عدة و عديدا.

    بعد تلك المعركة كلفت القيادة أبا رجيلة بتأمين جلب السلاح عبر منافذ التهريب في سواحل البحر الاحمر، و قد استطاع عثمان سبي شراء زورق صغير، أطلق عليه اسم "الوليد" ينقل السلاح الى تلك المنافذ. لعب ذلك الزورق لفترة من الزمن دوراً مركزياً في نقل الاسلحة من مصادر قد تبدو بعيدة في ذلك الزمان، بعضها في البحر الابيض المتوسط، و أبعد قليلا.

    و في العام 1965 جاءت أول امدادات كبيرة و نوعية من سورية. كانت تلك الاسلحة هي الوحيدة التي نقلت جواً. لم تكن سورية تملك طائرات نقل جبارة تنقل شحنات مقدرة من الاسلحة و الذخائر، فلم تجد مناصاً من نقلها على متن طيرانها التجاري، و هي طائرات صغيرة، ذات حمولة محدودة، لم تكن مهيأة لمثل هذه الشحنات. كانت عند شركة الطيران العربية السورية يومئذٍ طائرات من طراز "كرافيل" الفرنسية، قبل أن تمتلك في بداية السبعينيات طائرات أكبر قليلا من طراز "سوبر كرافيل"؛ ثم عززت اسطولها، بعد سنوات بطائرات اليوشن الروسية. و كلها صغيرة الحجم محدودة السعة. و بعد حرب الخليج الاولى في بداية تسعينيات القرن الماضي التي شاركت فيها سورية بقوات كبيرة الى جانب الحلفاء، قادها اللواء علي حبيب، اهدتها الكويت طائرتي بوينق جمبو صغيرتي الحجم، تبدوان كلعب الاطفال حينما تحطا في المطارات، ينظر اليهما الناس باستغراب و ابتسام. لم تكن الطائرتان الفريدتان تعبّران حتى عن ذرة من الامتنان!

    قال عواتي للذين أتوا للالتحاق به مع بنادقهم في تلك الأيام الاولى: "لن يبقى بين صفوفنا من يقول ان هذه بندقيتي، و سوف امنع رفاقي من استعمالها و القتال بها. و ليعلم الجميع ان كل هذه البنادق (أبو عشرة كانت أو أبو خمسة) هي ملك الشعب الإرتري منذ هذه اللحظة. و بعد الاستقلال سوف نعلقها في المكاتب أو المتاحف تذكرة للناس بمشقة الطريق الذي سلكناه الى الحرية." ثم مضى الى القول – و تلك لعمري ما يجب أن يدين به كل من ينهض دفاعاً عن شعب أو عن حقوق سليبة -: "أقول لكل من تسول له نفسه اليوم أو في أي وقت، أو من له ثأر يريد أخذه بهذا السلاح، أو من ينهب أو يغتصب نساء شعبنا، فليخرج من بين صفوفنا فوراً. و ان ارتكب هذه الجرائم سيكون عقابه أشد مما قد يتصور." ليعد الإرتريون الى صفاء ينابيع البدايات و ليتمثل بهم ادعياء الثورة اليوم، فكل البلاد رحيبة.

    لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها و لكن اخلاق الرجال تضيق

    mailto:[email protected]@yahoo.com

    http://www.gash-barka.com/index.php/news/regional-press/502-the-people-relation-between-eritrea-and-sudanhttp://www.gash-barka.com/index.php/news/regional-press/502-...en-eritrea-and-sudan
                  

02-22-2015, 08:54 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    الأستاذ/ محمود محمد طه ... شهيد الفكر والإنسانية !! .. بقلم: اسماعيل احمد محمد (فركش)
    قبل إثنان وثلاثون يومآ من الآن مرت علينا الذكرى الثلاثون لإستشهاد الأستاذ / محمود محمد طه شهيد الفكر والحرية ، فى صبيحة الثامن عشر من شهر يناير من العام 1985 م فجعت البلاد فى تلك الفترة بحادثة هى الاهم فى تاريخ السودان وهى إعدام الأستاذ محمودمحمد طه من قبل نظام مايو بقيادة المشير جعفر نميرى ، فى تقديرى إعدام الأستاذ/ محمود محمد طه بصمة عار كبيرة فى تاريخ الشعب السودانى .
    فى مايو 1983م أصدر الأخوان الجمهوريون كتاب ((الهوس الدينى يثير الفتنة ليصل الى السلطة)) والذى واجه النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس جهاز الأمن عمر محمد الطيب بنقد قوى لقيامه بالسماح لجماعات مهووسة ، ودعاة مشبوهين من خارج القطر ، باستغلال مسجد يتبع له ، وباستغلال أجهزة الاعلام ، فى القيام بحملة رأى الجمهوريون أنها تفتح الباب أمام فتنة دينية لا تبقى ولا تذر ، فقامت السلطة باعتقال الأستاذ محمود، وعددٍ من الجمهوريين من غير أن توجه لهم تهمة، وظلوا فى المعتقل حتى صدرت قوانين سبتمبر 1983م ، والتى نسبت زورا الى الشريعة الاسلامية ، فعارضها الاستاذ محمود وتلاميذه من داخل المعتقل ، ومن خارجه ، ثم تصاعدت وتيرة الأحداث الى اعلان حالة الطوارئ واقامة المحاكم الايجازية العشوائية فى أبريل 1984م لتطبيق تلك القوانين السيئة الاخراج والقصد .( المصدر الفكرة الجمهورية ) فى يناير من العام 1985م أقام الجمهوريون مؤتمر الاستقلال بدار الاستاذ محمود بأم درمان ، وفى ختامه مساء 4 يناير تحدث الاستاذ محمود عن ضرورة أن يفدى الجمهوريون الشعب السودانى حتى يرفعوا عن كاهله اصر الظلم الذى وقع عليه ، مقدما نماذج من تأريخ التصوف لصور من فداء كبار المتصوفة لشعبهم.(المصدر موقع الفكرة الجمهورية ).
    فى صباح الخامس من يناير 1985م اعتقلت سلطات النظام المايوى الاستاذ محمود محمد طه بعد أن كانت قد اعتقلت عددا من الجمهوريين قبله ، ليتم بذلك تنفيذ التدبير المعد سلفاً لمحاكمة الاستاذ محمود والجمهوريين أمام المحاكم التى شكلها النظام من خصوم الجمهوريين من قوى الهوس الدينى.
    فى يوم الاثنين 7 يناير 1985م قُدّم الاستاذ محمود وأربعة من تلاميذه للمحاكمة أمام محكمة الطوارئ ، برئأسة حسن ابراهيم المهلاوى ، فأعلن الاستاذ محمود محمد طه رفضه التعاون مع المحكمة ، بعبارات خلّدها التأريخ فى سجل الشرف ، واضعا المحكمة ، والقانون الذى تحاكم به ، والسلطة التى تأتمر بأمرها فى موضعها الصحيح من أنها مجرد أدوات لقمع الشعب وأسكات صوت الأحرار من أبنائه.
    الكل يعلم ان وراء هذه المحاكم عراب الإسلاميين دكتور حسن عبد الله الترابى الذى كان حليفآ لنظام مايو فى تلك الفترة وكان زعيم جبهة الميثاق الاسلامى فى تلك الفترة ، ولقد كشف ذكر الاستاذ فى احدى تنبؤاته قبيل تنفيذ حكم الإعدام عليه قال إن جماعة الهوس الدينى سوف يستولون على السلطة عبر عنف وهذا ما حدث الانقاذ اتت الى الحكم عبر دبابة فى 30/يونيو /1989م ، وقال أيضآ انهم سوف يذقون الشعب أحدى الامرين وقال ان الشعب سوف يعرف فسادهم ويدرك مدى ظلمهم وهذا ما حدث بالضبط ، وقال سوف تقوم بينهم فتنة وسوف يختلفون فى بعضهم البعض وهذا ما حدث ،الآن الأسلاميين انشقوا قيما بينهم بدات هناك اكثر من تيارات تحت غطاء الاسلاميين (المؤتمر الوطنى النظام الحاكم الذى انشقت عنه حركة الصلاح الان والسائحون وغيرهم ..الخ .؟؟ وقال فى اخر تنبؤاته ان الشعب السودانى سوف يقتلعهم من ارض السودان إقتلاعاً وهذا ما ننتظره .
    في يوم الثلاثاء 8 يناير 1985م أصدرت المحكمة المهزلة حكمها المعد سلفا بالإعدام على الأستاذ محمود وتلاميذه الأربعة، فغطت سماء البلاد موجة من الحزن والذهول.
    في يوم 15 يناير 1985م أصدرت محكمة الاستئناف المزعومة برئاسة القاضي المكاشفى طه الكبّاشى حكمها المتوقع بتأييد حكم المحكمة المهزلة، بعد أن قامت بتحويل الحكم من إثارة الكراهية ضد الدولة، إلى اتهام بالردة، لتتضح ملامح المؤامرة أكثر.
    فى يوم الخميس 17 يناير 1985م صادق الرئيس جعفر نميرى على حكم الاعدام ، بعد أن أوسع الفكرة الجمهورية تشويهاً ، ونصب نفسه قاضيا على أفكارها ، فاتجهت الانظار الى سجن كوبر بالخرطوم بحرى فى انتظار تنفيذ الحكم.(المصدر موقع الفكرة الجمهورية ) فى صبيحة يوم الجمعة صعد الاستاذ /محمود محمد طه الى منصة الإعدام بخطاوى ثابتة وقوية أدهشت جلادوه من قوات نظام مايو ، وكان ساحة الاعدام بسجن كوبر مليئة باعداد كبيرة من الناس الذين اتوا من كل فج عميق .وقف الاستاذ شامخآ وجسورآ بكل ثقة وراضى عما فلعه وعن ما قام به من نشر أفكاره بين تلاميذه ومريديه من الجمهورين وكافة ابناء هذه الشعب ،وقبل تنفيذ عقوبة الإعدام أعطيت آخر فرصة للأستاذ ليتحدث اذا كان لديه وصية فتحدث الشهيد / محمود محمد طه مطولآ وقال قصيدته المشهورة فى ذلك اليوم ، وايضآ فى معرض حديثه قال الأستاذ إن هذه المحكمة غير مؤهلة أخلاقيآ ولا تنفيذيآ ولا قانونيآ بالإشارة الى محكمة المهلاوى التى كونها الديكتاتور نميرى والتى حكمت على الأستاذ بالاعدام وقال الاستاذ عن المحكمة انها محكمة مسيسة وتخدم نظام مايو وتنفذ اجندته فقط ، ونوه الأستاذ الى ان الشعب السودانى لم يغفر لهذه المحكمة التى حكمت بالباطل على شيخ سبعينى قلبه مليئ بنور الايمان وبحب هذا الشعب وإيمانه بفكرته لقد مات موت الشجعان والبسلاء الشرفاء.
    فى السادس من أبريل 1985م سقطت سلطة مايو أمام انتفاضة الشعب السودانى ، وفى 18 نوفمبر 1986م أصدرت المحكمة العليا السودانية حكمها بابطال أحكام المحكمة المهزلة ومحكمة الاستئناف المزعومة بحق الاستاذ محمود. وقد أعلنت منظمة حقوق الإنسان فيما بعد يوم 18 يناير يوما لحقوق الإنسان العربي .. (الفكرة الجمورية )
    فى تقديرى الأستاذ الشهيد / محمود محمد طه قدم لنا نموذج للبطولات والتضحيات التى لم تتكرر على تاريخ الدولة السودانية الماضى والحاضر ، لأن بإعدام الأستاذ تم اعدام الأنسانية والفكر الحر والمتجدد الفكر الجمهورى كان من أميز الايدلوجيات بل من أفضلها التى كانت موجودة فى تلك الزمن ، الأستاذ الشهيد / محود محمد طه ولد مفكرآ وعاش نذيهآ ونبيآ بين اقرانه ومحبيه الا ان اغتالته أيادى الظلام من نظام مايو الديكتاتورى بالتأمر مع جماعات الهوس الدينى بزعامة عراب الإسلاميين دكتور / حسن الترابى الذى ساهم بشكل كبير فى دعم محكمة المهلاوى وقام بتأيدها وهو مشارك فى هذه الجريمة الكبرى ، جريمة إعدام شيخ سبعينى وقور عرف بنزاهة الفكر وعفة اللسان وجمال الروح لقد كان الأستاذ يعلم ويربى تلاميذه على معيشة ما يدعون اليه من قيم الدين وغيره من التعاليم الانسانية ، لم يكل ولم يمل عن دوره الذى كان يقوم به تجاه تلاميذه الجمهوريين ، إذا لم يكن الأستاذ/ محود محمد طه مفكرآ يا ترى من الذى كان سيكون .
    درج مركز الأستاذ / محود محمد طه للإستنارة على قيام الفعاليات الثقافية والفكرية التى تخص الحزب الجمهورى وبعض فعاليات اخرى لمنظمات المجتمع مدنى ولبعض الاحزاب السياسية بهدف نشر الوعى والاستنارة بمقر المركز بالثورة المهدية الحارة الثانية (منزل الأستاذ ) الذى يعتبر منبعآ للفكر والثقافة منذ أيام وجود الاستاذ كان منزله مفتوح لتلاميذه ولكل فئات هذا الشعب كان يتخذ من هذا المنزل مقرآ للفكر ولنشر تعاليم الاسلام ونشر الفكر الجمهورى وغيرها ، لكن تفأجا الجميع بإغلاق المركز من قبل قوات أمن النظام وفى سياغ ذات صلة تم إغلاق إتحاد الكتاب ، فى تقديرى ان اغلاق درر الفكر والثقافة فى بلد تتعدد فيه الثقافات والإثنيات يعتبر إهانة كبرى فى حق المفكرين والكتاب فى بلادى ، فى تقديرى اغلاق مراكز الوعى والاستنارة يعتبر إنتصار حقيقى لهذه الدرر لأنها هزمة جماعات الهوس الدينى عبر الوعى الذى بات ينتشر بصورة كبيرة بين فئات هذا المجتمع بمختلف مكوناتها ، ولقد شكلت هذه المراكز تهديدآ لجماعات الهوس الدينى ، النظام بفعلته هذه يعتبر انه ماضى الى مزبلة التاريخ .
    mailto:[email protected]@hotmail.com


    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=78135:2015-02-21-18-08-34andcatid=34:0-6-8-3-1-6-8andItemid=55http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-8-3-1-6-8andItemid=55
                  

02-22-2015, 08:55 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    لعناية الأستاذ تاج السر عثمان: هذا بعض ما قاله الأستاذ محمود محمد طه عن الماركسية!. بقلم بدر موسى
    واصل الأستاذ تاج السر عثمان سلسلة مقالاته في نقد الأستاذ محمود والفكرة الجمهورية، وهي المقالات التي عللها بأنها محاولة لمواصلة الحوار حول كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير بعدد يوم 8 فبراير 2015 كتب الأستاذ تاج السر عثمان يشيد بكتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير "صاحب الفهم الجديد للاسلام ، محمود محمد طه والمثقفون ، قراءة في المواقف وتزوير التاريخ" الذي صدرعن دار رؤية للنشر والتوزيع بالقاهرة 2013م.
    وأول ما أحب أن أسجله هنا هو تأكيد ملاحظتي السابقة بأن هذه المقالات ليس لها ما يربط بينها ويستدعي وصفها بالسلسلة غير الأرقام التي يكتبها كاتبها في نهاية عنوان كل مقال منها، وحتى هذه الأرقام لم تكن دقيقة، فنحن على سبيل المثال بصدد تناول ما سماه الكاتب بالمقال 3 وهو في الحقيقة المقال رقم 4!
    ثم إن هذه المقالات تفتقر افتقاراً بيناً للوحدة الموضوعية والسلاسة التي تمكن القاريء بأن يتابع فيها فكرة واضحة من أولها إلى آخرها، وكأن الكاتب لم يقصد من كتابتها غير التشويش والتشويه لفكرة لم تعد غريبة على أوساط المثقفين وساحات الحوار مثلما كانت أول عهد ظهورها قبل حوالي السبعة عقود أو نحو ذلك.
    ويلاحظ كذلك أن كاتب المقال قد انصرف عن موضوع مقاله وأسهب في شروحات مطولة للتعريف بالفكرة الماركسية، قبل أن يستدرك ذلك، فيما يبدو، في الربع الأخير من مقاله ويعود، أو يحاول عبثاً الرجوع، إلى موضوع المقال "الجمهوريون والماركسية"، ولا أدري لماذا لم يختر لمقاله عنواناً أنسب لما كتب مثل "بعض ملامح الفكرة الماركسية" أو نحو هذا، بدلاً من الزج بإسم الجمهوريين في عنوان مقاله، ثم السعي الحثيث وغير الموفق لتجنب إيراد راي الأستاذ محمود وحقيقة أقواله عن الماركسية، وكأنه يخشى أن يوردها كاملة، حتى يفندها أو يؤيدها على بينة مفيدة للقاريء، وحتى يضع مقاله في موضع محترم يجدر نقاشه من جانب من يعتقد بصحة ما كتب الأستاذ محمود عن الفكرة الماركسية من أمثالي.
    والملاحظة الأخرى التي يجدر ذكرها في تناولي لهذا المقال الأخير هي أن الأستاذ تاج السر لم يلتزم بأبسط معايير النقد السليم بإيراد النصوص كاملة مما نسبه للأستاذ محمود، فجاءت النصوص التي تناولها مبتورة بتراً مخلاً لا يشرف أي كاتب أمين كان حرياً به أن يتعامل بالدرجة الكافية من الحصافة والأمانة العلمية المعهودة في مثل هذه المقالات، حتى لا يخرج نقده معتلاً ومتجافياً للإنصاف في الاستدلال بالنصوص التي أوردها على طريقة: "لا تقربوا الصلاة..."، التي يوردها البعض بدون ورع كاف يقيهم شر ما فعلوا ببتر بقية كلمات الآية الكريمة وعدم إضافة بقية العبارة "وأنتم سكارى"، كما هو معلوم لدينا، مما يضطرني في هذا المقال إلى إيراد بعض النصوص كاملة من تلك التي أوردها الكاتب مبتورة من نقد الأستاذ محمود للماركسية، حتى لا ينطلي هذا التشويش على أحد من قراء مقال الأساذ تاج السر.
    فعلى سبيل المثال، كتب الأستاذ تاج السر يقول:
    يصف الاستاذ محمود محمد طه في كتابه "الماركسية في الميزان" ص 3-4 ، ماركس بأنه "فيلسوف لكل الأزمنة " ، ومعلوم أن ماركس نفسه لم يدع أنه فيلسوف لكل الأزمنة ، بل استفاد من منجزات الفلاسفة السابقين مثل: هيوم، كانت ، ديكارت، فورباخ، هيغل ...الخ، وعرض ماركس اكتشافه حول المفهوم المادي للتاريخ، كما أشرنا سابقا، كتخطيط عام ، وليس كفلسفة أو عقيدة جامدة ، أو ليست بديلا للدراسة الملموسة لكل مجتمع لمعرفة سماته وخصوصياته بهدف تغييره.
    ولاندعي ، كما أن ماركس نفسه لم يدع، بأنه " فيلسوف لكل الأزمنة"، حتي أنه كان يقول لزملائه أنه "ليس ماركسيا" ، بمعني لا تحولوا نظريتي أو تخطيطي العام للتاريخ الي فلسفة أو عقيدة جامدة تصلح لكل زمان ومكان.
    مع أن الذي يقرأ ما كتب الأستاذ محمود في هذه النقطة سيرى بوضوح أن هذا ليس هو رأيه شخصياً، ولكن هذا هو ما أخذه على من يؤيد ماركس ويعتبره فيلسوفاً لكل الأزمنة، ودونكم نص ما كتب الأستاذ محمود في مقدمة كتابه "الماركسية في الميزان":
    لقد كان ماركس فيلسوفاً (عملياً) .. و لقد لجت به (عمليته) هذه حتى أصبح نبتاً أرضياً، صلته بالسماء واهية، و فروعه في الأعالي قريبة.. و بذلك فقد أصبحت فلسفته سطحية، بصورة مؤسفة.. إن ماركس، إذا ما وضع في إطاره الحقيقي، و الطبيعي، كفيلسوف مرحلي، يصبح مقبولاً، و محموداً، فيما أدى من خدمة مرحلية في تطوير المجتمع البشري.. أما إذا وضع كفيلسوف لجميع الأزمنة، كما يدعي الماركسيون، فإنه لا ينهض، ولا يقوم، إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس..
    وكتب الأستاذ تاج السر:
    يقول الاستاذ محمود محمد طه في ص 8 من مؤلفه " الماركسية هي فلسفة كارل ماركس " . ومعلوم لكل دارس في السياسة والاقتصاد أن مكونات الماركسية هي : الفلسفة – الاقتصاد – الاشتراكية العلمية، ومنهج ماركس هو الديالكتيك الذي ينظر للظواهر في حركتها وتبدلها وتغيرها ، وهو طريقة في البحث ، لايختلف عن المنهج العلمي في أوسع معانيه ، وأن الماركسية واكتشافها الأساسي في المفهوم المادي للتاريخ، ونظرية فائض القيمة هي : نظرية علمية ، شأن كل النظريات الإجتماعية الأخري، وبالتالي فهي نظرية قابلة للتطوير وفق المستجدات والمتغيرات الجديدة، أي ليست عقيدة أو فلسفة او ايديولوجيا جامدة.
    فهل ينفي هذا التبرير الذي كتبه الأستاذ تاج السر حقيقة أن الماركسية هي فلسفة ماركس؟ هل قال الأستاذ محمود أن الاقتصاد والاشتراكية العلمية ليستا من مكونات الماركسية؟ إقرأ إذن يا أستاذ تاج السر ما كتب الأستاذ محمود عن هذا حتى تكتب عنه بالوعي اللازم:
    "الماركسية"، هي فلسفة كارل ماركس، الرجل المشهور.. ملء السمع، وملء البصر، في الوقت الحاضر.. كان كارل ماركس ألماني، من عنصر يهودي.. ولد في ألمانيا، في أوائل القرن التاسع عشر.. ولد في سنة 1818، و ترعرع في المانيا، لغاية ما أكمل دراسته الجامعية في جامعة برلين.. تخرج في القوانين، والتاريخ، والفلسفة...
    وقال الأستاذ محمود في محاضرة "الماركسية في الميزان" التي صدرت في الكتاب بنفس العنوان "المارسكية في الميزان" وتحت عنوان جانبي من حسنات ماركس الدراسة الإقتصادية:
    نمشي لي قدام في مسألته في الإشتراكية .. الإشتراكية!! الحاجة النحب أنها تكون واضحة، ودي فيها لبس دائماً، أن كارل ماركس موش أول إشتراكي، وهو لن يكون آخر إشتراكي، لكنه صاحب مدرسة في الإشتراكية عتيدة، مدرسة مجيدة، مدرسة، يمكنك أن تقول، محترمة .. لقد درس ماركس المسألة الإقتصادية دراسة واعية .. لقد جعل المسألة الإشتراكية أمر دراسة تخضع للرصد، و للتخطيط، و للتطبيق .. ده مما يوضع في كفة ميزان حسناته .. هنا نجي لي إشتراكيته العلمية .. لقد نرى أنه يمكنك أن تجد بعض المآخذ فيها ، و لكن لا ضير .. فإنه جميل قوله أن مجرى التاريخ بتتحكم فيهو النظم الإقتصادية .. ده، بطيبعة الحال، حق، وواضح، عندك وعندي .. مجرى التاريخ بتتحكم فيهو النظم الإقتصادية، بمعنى العلاقات البتقوم بين المنتجين .. يعني النظام الرأسمالي ، مثلا ً، يكاد يكون عنده تاريخ يختلف تماماً عن التاريخ البيصحب النظام الإشتراكي.. يتضح لك هذا إذا كان مثلا ً علمت أن النظام الرأسمالي من مساوئه الإستعمار.. و نحن، في بلدنا دي، بنعرف الإستعمار جيداً .. في العالم كله نحن بنعرف أن الإستعمار قائم على النظم الإقتصادية الرأسمالية.. ذلك لأن الرأسمالي بينتج إنتاجاً واسعاً في المصانع الكبيرة فهو عاوز مادة خامة، وعاوز سوق يبيع فيهو المصنوع الجاهز.. فبدأت الحركة بتاعة الإستعمار في بداية القرن الثامن عشر كأعمال تجارية .. مثلا ً الهند!! إستعمرتها شركة، كانت بداية ذهاب البريطانيين .. الهند السميت، فيما بعد، البقرة الحلوب للإمبراطورية البريطانية.. كانت بداية إستعمارها شركة تجارية، هي شركة الهند الشرقية .. وكان الغرض منها أول الأمر أن تجلب التوابل، و أن تجلب المسائل النادرة من الشرق، مثل البهارات، والعطور، المسائل الخفيفة.. كان ذلك قبل ما تمشي الصناعة بتطور كبير في البلاد الغربية .. بعدين الشركة دي ظهرت ليها منافسات شديدة من الشركات الأخرى، من البلاد الأخرى فطلبت من حكومتها أن تحميها.. جاء التدخل بالجيش.. بعدين جاء إخضاع البلاد كلها للتجارة .. جاء الإستعمار.. أصبحت الأشياء البتطلب الآن المواد الخامة الغليظة ـ المطاط، و القطن، والأشياء البتمشي للمصنع لتصنع.. بعدين على الشعب الهندي المستعمر أن يظل منتجاً للمادة الخامة، وسوقاً للمنتجات الجاهزة ليشتريها و يستهلكها.. فتلقى، إذن، أن التاريخ يظل قدامكم مفتوح، النظام الإقتصادي بيتحكم فيهو، بل يصنعه.. إذا كان مشيت لمسألة الصراع الطبقي بتلقى أن التاريخ تقريباً سجل ليهو .. دا حق .. الصراع الطبقي هو النزاع البقوم بين الطبقات .. مثلا ً لو شفت الرقيق .. يمكنك أن تأخذ الصورة بالشكل الغليظ دا .. الرقيق طبقة مستغلة .. تستغلها طبقة الأسياد.. و الرق مرحلة متخلفة من مراحل الإستغلال .. ثم تطور الإستغلال لغاية ما مشى ليكون في صورة صاحب العمل والعمال .. والصراع الطبقي هو النزاع القايم بين الملاك و الناس الما بيملكوا حاجة يبيعوها غير عرقهم .. و الصراع دا، عبر التاريخ، موجود .. وزي ما بقول لك في مسألة الرقيق .. أهو أنت شايفها واضحة .. نقطته الثالثة هي مسألة الحكومة: فالحكومة عنده هي أداة في يد الطبقة المستغلة لتستغل بيها الطبقات المستغلة .. و دي أفتكر أنت يمكنك أن تشوفها .. فمثلا ً في البلاد الرأسمالية النظام الرأسمالي مسيطر..
    فهل يصعب على من يقرأ مثل هذه الفقرات أعلاه أن يشك في مدى إدراك الأستاذ محمود بأن الاقتصاد من مكونات الماركسية؟ كما كتب الأستاذ تاج السر يقول:
    يواصل الاستاذ محمود في مؤلفه ويعدد "حسنات" و" سيئات" الماركسية ويقول: " من حسنات الماركسية الفكرة التطورية..".
    اذا كان المقصود الفكرة التطورية كما وردت في الديالكتيك ، فان الفضل في ذلك أو الحسنة لاترجع إلي الماركسية ، فالديالكتيك كان موجودا منذ أيام الفلاسفة اليونانيين ، وتطور علي يد الفيلسوف الالماني هيغل ، والذي استفاد منه ماركس كطريقة في البحث والتفكير والأستاذ محمود يقول في نفس الكتاب "الماركسية في الميزان" وتحت عنوان جانبي من حسنات ماركس الفكرة التطورية:
    هنا ، مثلا ً ، أنا أحب أن تكون عندنا ، في ميزان حسنات الماركسية ، الفكرة التطورية ـ كون الوجود في حركة مستمرة ، لا يستقر إطلاقاً .. و دا ينطبق علينا نحن ، كمجتمع ، و ينطبق علينا نحن ، كأفراد .. دي حقيقة ناصعة جداً ، و جيدة جداً ـ حقيقة التطور ، و التحول المستمر .. و أنا إفتكر إننا نحن الآن يمكن أن نترك التوسع فيها لمحاضرة بكرة .. لأن محاضرة بكرة قائمة على تطوير التشريع الإسلامي ، و بتمس مسألة التطور في ناحية من نواحيها الأصلية .. لكن ما من شك أن الفكرة رائعة جداً ـ فكرة التطور المستمر عنده .. فيما يضيفه "للمادية الديلكتيكية" أن الفلسفة قديماً ورتنا العالم مكون من شنو ، و هذا ليس مهماً و لكن المهم أننا نحن الآن عايزين نحدث التغيير في تكوين العالم .. بمعنى آخر ، المهم أن يكون عندنا أسلوب علمي ليحفز التطور ـ ليكون التطور قائم على ذكاء بشري ، حتى يكون التطور موجه ، و سريع التغيير .. أنا أفتكر دي ، أعني المادية الديلكتيكية ، من النقط التي نضعها ، و على الفور ، في ميزان حسنات كارل ماركس .. في الناحية دي عندنا تطور التاريخ ، تطور العناصر ، تطور الوجود .. كل شئ فاني ، كل شئ متحرك .. و نحن بنديه الحق دا لأن هنا في الميزان ، في ميزاننا البنوزن بيهو ، كلامه دا عنده وزن .. نحن القرآن بيقول لينا: (كل من عليها فان * و يبقى وجه ربك ، ذو الجلال و الإكرام) .. كل من عليها فاني .. كل ما في الوجود فاني .. الفناء نحن بنعتقد فيهو دائماً الموت .. و عندنا الموت نهاية .. الواحد معانا النهار دا ، باكر مات: نحن خلاص إنتهينا منه ، تاني ما بنشوفه ، بتفضل قشرته ـ جسده ـ بنمشي ندفنه في التراب .. من هنا أفتكرنا أنه النهاية .. جائز لما نحن نفكر شوية كمسلمين نعتبر أن الموت ما نهاية .. لكن ، الحاجة البديهية البتصادفنا طوالي ، هي أننا بنعتبر أن الموت نهاية .. الإنسان دا قبيل لما ولد جاء من حيز نحن ما بنعرفه ، خليهو قبل ما يكون في الرحم ، (هو موجود طبعاً قبل ما يكون في الرحم) موجود ، بعدين وضع في الرحم ، بعدين ولد ، بعد تسعة شهور و تسعة أيام ، مثلا ً .. في الوقت داك فقط نحن إعتبرنا وجوده .. بعدين لما يمشي مننا ـ لما يموت ـ بنعتبره إنتهى .. لكن العارفين قالوا هو ماشئ لحيز تاني مولود فيهو جديد ، زي ما قبيل ولد عندنا .. فلو كنا بنعرف ما كنا بنعتقد أنه منتهي .. فالفناء إنما هو بالصورة دي ، هو ، إذن ، تطور .. وقوله: (كل من عليها فان) و هو يعني كل ما في الوجود بتغير ، في كل لحظة ، برضو يساندنا في الناحية دي .. و هو مما يعطينا فرصة وزنه هو يساندنا في ذلك أيضاَ قوله: (كل يومٍ هو في شأن) .. ربنا (كل يوم هو في شأن) ، شأنه تغبير الوجود .. شأنه إبداء ـ إظهار ـ ذاته لينا لنعرفه .. و يومه مش أربع و عشرين ساعة .. يومه وحدة زمنية التجلي .. زمنية ظهوره في مظهره المتجدد في كل لحظة جديدة على آيات الآفاق و على آيات النفوس .. و هذه الزمنية يمكن أن تكون الثانية .. يمكن أن تكون جزء من بليون جزء من الثانية ، لكن الحاجة المهمة أن الوجود كله في حركة مستمرة ، لا تستقر إطلاقاً .. فالثبات على حالة واحدة حظ الله وحده .. هنا ، إذا كان أنت جيت لمسألة الميزان ، كارل ماركس عنده وزن كبير .. في ميزاننا نحن كلامه هذا عظيم.
    هذه بعض أمثلة يسيرة قصدت منها بيان اخلل الأساسي في كتابة الأستاذ تاج لهذا المقال الضعيف، ربما بأكثر من سابقاته، ولمن أراد الاستزادة والتحري بدقة اقترح قراءة متن المحاضرة التي صدرت في كتاب "الماركسية في الميزان" المنشور على صفحة الفكرة الجمهورية: alfikra.org

    الأمر الأساسي الذي أحب أنبه له الأستاذ تاج وكنت أرجو أن يتعلق بنقد الأستاذ لواحدة من أهم المقولات الأربع الرئيسية التي استندت عليها الماركسية كما وردتنا عن ماركس وسميت باسمه، ألا وهي مقولته بأن العنف والقوة هما الوسيلتان الوحيدتان لاحداث أي تغيير جذري في المجتمع. وقد تركز نقد الأستاذ محمود على هذه النقطة باعتبار أنها تخاطب الماضي ولا تخاطب المستقبل، وقد ضرب لذلك مثلاً بثورة أكتوبر التي غيرت بالقوة وبدون الحاجة للعنف، فإن قبل الأستاذ تاج السر بهذا النقد فقد كان الحري به أن ينسب الفضل لقائله بدلاً من أن يدعيه لفصيله من الشيوعيين، كما كان الحري به أن يعترف بأن هذا خطأ أساسي في ماركسية ماركس، الذي لا نعرف ماركسية لأحد غيره تبرر قول الأستاذ تاج السر:
    واضح خطل ماورد اعلاه ، فلا الشيوعيون بقايا من الثورة الفرنسية ، ولايرون بشكل مطلق أن "التغيير لازم يكون بالعنف". فالتغيير في الماركسية ومنهجها الديالكتيكي يأخذ أشكالا مختلفة ، سواء كان سلميا أو بالعنف ، واذا أخذنا مثالا من تجارب الثورة السودانية ، نجد أن التغيير في الثورة المهدية لنظام الحكم التركي ، تم بالثورة الشعبية المسلحة، أي بالعنف، أما التغيير في ثورة اكتوبر 1964م لنظام الديكتاتور عبود ، تم سلميا أو بالاضراب السياسي والعصيان المدني.
    فمن هو الذي قال هذا وقدم لكم الدليل وضرب لكم المثل بثورة أكتوبر قبل الأساذ محمود يا أستاذ تاج السر؟ سلام سلام سلام

    mailto:[email protected]@yahoo.com

    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=78113:2015-02-20-20-51-14andcatid=34:0-6-8-3-1-6-8andItemid=55http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-8-3-1-6-8andItemid=55
                  

02-23-2015, 07:34 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: ولا خير فينا ان لم نقلها..( مَنْ يحاكم مَنْ؟؟)!!!
    02-22-2015 02:19 PM
    بثينة تِرْوِس

    في الحقيقة لم يتبقّ شيء يقال عنه ان هذا حادث حديث في مسيرة حكومة الاخوان المسلمين في السودان، منذ اغتصابها السلطة بليل مخادعين الله والشعب السوداني الكريم..
    لكن على الدوام يظل القول ان لكل حادث حديث، يُذكِّر بهم، وبهول صنيعهم ( انهم يفوقون سوء الظن العريض)..
    وها هو حديث اليوم ، في مسلسل عدم التوفيق الالهي والذي هو حليفهم على الدوام..
    ورد في صحيفة حريات بتاريخ 18 فبراير (رئيس الهيئة العامة لقوى الاجماع والقيادى فى نداء السودان – والدكتور أمين مكى مدنى – رئيس كونفدرالية المجتمع المدنى والقيادى فى نداء السودان – يمثلان امام محكمة خاصة تحت طائلة قانون الارهاب يوم 23 فبراير الجارى ، بحسب ما أوضح الناطق باسم هيئة الدفاع فى بيان .).. انتهى

    كما ورد في صحيفة الراكوبة عدد اليوم 21 فبراير2015 ((بيان من قوى نداء السودان لجماهير الشعب الأبي.. تدعوكم قوى نداء السودان للحضور مبكراً لساحة مجمع محاكم الخرطوم شمال صباح بعد غد الإثنين 23/2/2015 ......الخ) انتهى
    كما ناشد البيان برفع شعار ( من يحاكِم من) .. وللمتابعين ان الأستاذ فاروق ابوعيسي ود. أمين مكي مدني ود. فرح عقار والمهندس محمد الدود، يواجهون بتهمة ( الاٍرهاب) لتوقيعهم على وثيقة نداء السودان.

    ولكم عجبت للتحدي الذي يواجه به الوطن، مابين ذاكرة تتكرر فيها تجارب المحن، وطغمة من الحكام المهووسين الذين يتلاعبون بالدين والسياسة معاً..
    ألم يكن من الأولى ان ينادي حكام المشروع الحضاري، (بنداء السودان) قبل الآخرين؟؟!! وهم الذين يحكمون الناس باسم الدين ونصبوا أنفسهم أولياء أمور لهم، ويرى نواب برلمانهم الرؤى النبوية عقب كل جلسة برلمانية؟!! يباركونها بينهم، ويؤكدون فيها لبعضهم البعض انهم على الطريق المستقيم سائرون!! وان السودان أمانة بأاعناقهم!!! وأنهم ولاته الصالحون!!

    فبعد كل هذا!! أما علموا ان هذا الشعب ضاقت به السبل والحيل ؟؟!! إن هو خرج هاتفاً لا للظلم، صباحا، أقام في أمسياته سرادق العزاء في فلذات أكباده، وإن قال لكم ( إنما أنتم المفسدين) ، انتهكتم أعراضه، وضاعفتم تجويعه، بالبطالة والغلاء وأرهقتم كاهله بالرشاوي..
    وإن خرج من ابنائه المصلحون يلبون (نداء السودان) أودعتموهم السجون!! وأوكلتموا عليهم قضاتكم الذين يجيدون أصول ( اللعب بالدين)، وتتكرر دراما استغلال القضاء وضعف القضاة!! ومجددا يلتف حولكم المشرعون أمثال ( بدرية سليمان) ( والمكاشفي ) وغيرهم بنفس السحن ، التي تدل على طرائق التفكير المعوج ، والمتاجرة بالدين ..

    ومن سخرية الاقدار، واهدار ما تبقى من عزيز أعرافٍ لهذا الوطن الحبيب، أن رجالاً بعمر الأستاذ أمين مكي مدني والذي ناهز 76 عاما ، والاستاذ فاروق ابوعيسي بعمر 83 عاما، يتم اعتقالهم، بواسطة شبان مستأجرين تبع أمن حكومة الاخوان المسلمين، لا يعرفون لأفذاذ الرجال قدراً، ولا لبذلهم من أجلهذا الوطن من حرمة، ولو فتح الله بصيرة هؤلاء المأجورين، ووعوا، لعلموا انهم أنفسهم كغيرهم مغدور بهم ، وماهم الا أدوات للسلطان، والحوجة لهم، مرهونة بمتى يختلفون فيما بينهم..

    وبالفعل ان ( التجربة التي لا تورث حكمة تكرر نفسها).. فلقد خُيل للإخوان المسلمين ورجال الهوس الديني وعلماء السلاطين، ان اغتيال الاستاذ محمود محمد طه، بسبب منشور ( هذا او الطوفان) سوفيقضي على الفكرة الجمهورية برمتها!! ولكنهم لم يعلموا أن الاستاذ محمود قد كتب في محاكمهممنشوراً آخرا، سوف يظل يتلى على مدى التاريخ السوداني، كلما تجددت مهازل القضاء.. إذ رفض الاعتراف بمحاكمهم والاحتكام الي قضائهم ، وقال قولته الشهيرة:
    ((أنا أعلنت رأيي مرارا ، في قوانين سبتمبر 1983م ، من أنها مخالفة للشريعة وللإسلام .. أكثر من ذلك ، فإنها شوهت الشريعة وشوهت الإسلام ، ونفرت عنه .. يضاف إلي ذلك أنها وضعت ، واستغلت ، لإرهاب الشعب ، وسوقه إلى الاستكانة ، عن طريق إذلاله .. ثم إنها هددت وحدة البلاد .. هذا من حيث التنظير ..

    و أما من حيث التطبيق ، فإن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها ، غير مؤهلين فنيا ، وضعفوا أخلاقيا ، عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية ، تستعملهم لإضاعة الحقوق وإذلال الشعب ، وتشويه الإسلام ، وإهانة الفكر والمفكرين ، وإذلال المعارضين السياسيين .. ومن أجل ذلك ، فإني غير مستعد للتعاون ، مع أي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل ، ورضيت أن تكون أداة من أدوات إذلال الشعب وإهانة الفكر الحر ، والتنكيل بالمعارضين السياسيين)).. انتهى

    وكعهد حكام الاخوان المسلمين فبينما يشغلون الرأي العام باعتقال الشرفاء يتحدثون عن انتخابات ( حرة ونزيهة) ، ويتكرم علينا نائب رئيس الدولة بالتصريحات التي ألفتها الحكومة وأدمنت اطلاقها، كطابع اصيل لحكمهم.. اذ ورد في صحيفة الراكوبة، تصريحه اليوم امام جماهير الكباشي على شرف (اكتمال كهربة الريف)!!! التالي:

    ((أكد حسبو محمد عبد الرحمن نائب رئيس الجمهورية استمرار الحوار لتحقيق السلام غير انه جزم بأن أي حوار لن يخرج من اطار الشريعة وانه لا خيار غير الانتخابات لحكم السودان ، وقال ان الانقاذ ستستمر في تقديم الخدمات رغم المكايدات والمؤامرات وقال نحن لسنا حكاماً بل خداماً لهذا الشعب وجئنا لحل مشاكله.))... انتهى

    في الحقيقة ليس هناك من ضررا أكثر من الإدعاء الكاذب بمعرفة الدين والحرص عليه !! كيف تنادي الحكومة بالانتخابات والتي تعني بلغة اخرى ( الديموقراطية)، وفي نفس الوقت تنادي بإقامة الشريعة!! ( بافتراض انها نسخة اخرى غير مدغمسة) !! لقد خرج نائب الرئيس يجدد الوعد، بان الحوار لن يخرج عن ( أطار الشريعة) ..

    أما آن للاخوان المسلمين ، ان يكفوا عن هذا العبث بالدين ، والجهل بالشريعة ؟؟..
    من بديهيات المعرفة بالدِّين ، ان الشريعة ليس فيها ديمقراطية، بل توجد فيها (الشورى) وليس (الانتخابات أو حكم الشعب).. والشورى نصيب المجتمعات القاصرة ، اذ بها نوع من الشراكة في الحكم لكنها لا ترقى للديموقراطية والاشتراكية، اذ يحق للحاكم ان يشاور ويخالف.. وهو غير ملزم باتباع من يستشيرهم، وفي نهاية المطاف الحاكم وصي على الامة في اختيار مايراه في مصلحتها وترك خلاف ذلك دون اتباع مشورتهم.. وما مشاورتهم الا من قبيل تعليمهم وإعدادهم للذي هو مدخر لهم في مستقبل البشرية، من ممارسة للحكم الديموقراطي.. (فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا، غليظ القلب، لانفضوا من حولك.. فاعف عنهم، واستغفر لهم، وشاورهم في الأمر.. فإذا عزمت فتوكل على الله.. إن الله يحب المتوكلين ) صدق الله العظيم
    أما الانتخابات والتي تعتزم الحكومة إقامتها، وتحشد لها الناخبين من الموالين والمساكين وتجهز لها "بصات الوالي" والمستثمرين والاموال ، بل حتى انها تجهز النتائج مسبقا، لتخفف عن كاهل المواطنينعناء ( المفاجأة، ورهبة النتيجة)!! فهي لا تمت للشوري في الشريعة بصلة، ولا علاقة لها بالديمقراطية الحقيقية طبعا.

    لكن لقد ألف الحكام من الاخوان المُسلمين المراوغة في الحق، وهم يعلمون ان دعوتهم لإقامة الانتخابات دعوة تتناقض مع أسس الشريعة الاسلامية، التي لا تساوي بين المسلم وغير المسلم، ولا بين الرجال والنساء في الحقوق. فالانتخابات قوامها الديموقراطية والاقتراع والمساواة بين الرجال والنساء، وفيها يحق لكل من بلغ الثامنة عشر من عمره من ذكر او انثى، أو مسلم وغير مسلم، الاقتراع.. ومن شروط الديمقراطية وجود الدستور الذي يكفل للجميع حق المواطنة المتساوي فيحق فيها للمواطن غير المسلم ان يترشح لرئاسة الدولة..

    لذلك كله ولغيره، وجب على مطلق سوداني ان يقولها في وجه هؤلاء الحكام: ( من يحاكم من)؟ إذ أن هؤلاء الحكام هم الأولى بأن يحاكمهم الشعب على سرقة الحكم وعلى الفساد الذي ملأ الأرض وعلى الظلم والقتل والإبادة والإفقار والتهجير والتجهيل وهلم جرا.. "وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون". صدق الله العظيم

    بثينة تِرْوِس
    mailto:[email protected]@gmail.com.


    http://www.sudaneseonline.com/news-action-show-id-184213.htmhttp://www.sudaneseonline.com/news-action-show-id-184213.htm
                  

02-24-2015, 05:33 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: هل بالفكرة الجمهورية أسرار؟ نعم!! ولا!!
    بقلم عبدالله عثمان
    "بشرنا، وأنذرنا، وصلينا على الرسول... تاني شنو؟!"
    الخليفة مكاوي حامد الركابي أحد أصفياء وجلساء الأستاذ محمود محمد طه المقربين بكوستي.
    في صدر صفحتها الأولى، قالت صحيفة "ألوان" للقراء أنها ستوالي نشر "أسرار" الفكرة الجمهورية!! من يعرف خبايا هؤلاء القوم فسيتبدي له من الوهلة الأولى أن هذا مجّرد "تحرير سوق" لصحف أصابها البوار.
    السؤال: هل بالفكرة الجمهورية أسرار؟
    الإجابة: نعم!! ولا!!
    ليس بالفكرة الجمهورية أسرار بمعنى أنها أكثر فكرة طرحت نفسها للناس بكل سبيل. عند مرشدها أن "ليس بشيء بمفلت عن البحث ، وليس شئ عنده بمفلت عن التشكيك".. هذا كان منذ "السفر الأول" الذي صدر في العام 1946 وظل الناس بعدها يسألون ويسألون حتى أنهم لسألوا عن (ليه الحمارة بربطوها من كراعها الشمال؟!) ... سألوا عن سماع الأستاذ لأم كلثوم وعن مؤاخاة الجن و"حديث الغدير" ولو كان ثمة "بعر" لفتوه!! كانت تقارير الجمهوريين تكتب وتقرأ في ساحة عامة يحضرها فيمن يحضر رجال الأمن وفيها أن قد كان في وداعنا فلان بمحطة القطار وزرنا فلان في مكتبه.
    بينما تصر كثير من التنظيمات في ندواتها أن تكتب الأسئلة للمحاضر في ورقة ويبعث بها للمنصة فتنتقي منها ما يتوافق وامزجتهم، ظلت الفكرة الجمهورية تفتح باب النقاش "كفاحا" لكل من أراد، بل وتستحث الناس على أن يسألوها، ولذلك سعت لهم حتى في بيوتهم.
    بذلك، وغير ذلك، فإنه لا سبيل لأحد ليزعم أن بالفكرة الجمهورية "أسرار" بالصورة التي ذهبت "ألوان" لتصورها وكأنها تنظيم "ماسوني" او جمعية من جمعيات "المافيا" التي تتكتم على أسرارها.
    الفكرة الجمهورية ببساطة شديدة هي دعوة لتقليد النبي الكريم في عبادته، وفيما تطيق من عادته. علم وعمل بمقتضى ما علمت و(من عمل بما علم، أورثه الله علم ما لم يعلم).
    نعود، بعد هذا، للشق الثاني وهو نعم أن بالفكرة الجمهورية أسرار. هي البداهة أنه طالما أن "فوق كل ذي علم عليم" فإن ما لا تعرفه أنت ويعرفه غيرك فهو بالنسبة لكل سر من الإسرار. بهذا المعنى فإنه سيظل في الدين أسرار ولعل ذلك أيضا يتضّح في الحديث الشريف (لو توكلتم على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، ولعلمتم العلم الذي لا جهل بعده وما علم ذلك أحد.. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: ولا أنا، الا أن يتغمدني الله برحمته). وفي حديث آخر عن العلوم التي عُلّمها النبي الكريم، في ليلة الإسراء، (علم نهيت عن تبليغه إذ علم أنه لا يطيقه غيري)!!
    في إجابة لسائل سأل بكوستي عن "صلاة الأستاذ" أجاب الأستاذ بقوله (أنا بصلي بإتقان شديييييييييييد لتقليد النبي لأمرو هو في التقليد لغاية ما أمرني بأن أكون أصيل وقال لي ها أنت وربك وأخذت صلاتي الفردية من الله بلا واسطة) ...
    (ها أنت وربك) هذه هي بيت القصيد هنا. تلك "حضرة" لم يحضرها أحد غيره، بذلك فإن ما دارفيها فيها يظل "سرا" إذ بطبيعة الحال، وكما يقول الأستاذ، فإن ما يتعلمه المعلم في معهد تدريب المعلمين لا يقوله كله للتلاميذ، ذلك لأنهم لم يتهيأوا له بعد. الذي ينوبنا من تلك "الإلمامة" ونعلم طرفا منه هو ما طرحه الأستاذ في مؤلفاته وفي جملة ما رآه الناس من حاله الذي عاش به بين الناس.
    ما لا نعلمه يظل حالنا فيه حال الإبنة ميسون النجومي* التي قالت (أنا مقبلة على الأستاذ وراميه التصديق قدامي، الما بفهمو ماعندي شك اني حفهمو و اصدقو) انتهي.
    ===
    • الشيخ مكاوي حامد الركابي كان له مسجد ملحق بمنزله يصرف عليه بنفسه، أي هو خارج سلطان الشئون الدينية. ذات جمعة أتى فقيه من الشئون الدينية وصلى معهم. بعد الصلاة نهض هذا الفقيه ليحدّث الناس. أدرك الشيخ بفطنته المعهودة أن هذا الفقيه لا يؤدي عملا لله وإنما هو تقرير ليكتبه ويأخذ عليه أجره نهاية الشهر من هيئة تدفع له مثلما تدفع للكنيسة التي في الجوار. ما أن أستوى الفقيه على المنبر "المتواضع" الا وأن جذبه الشيخ من "قفطانه" آمرا اياه (أقعد!! "بشرنا، وأنذرنا، وصلينا على الرسول... تاني شنو؟!")
    فيا "ألوان" ألستم أنتم ذلك الفقيه، وزيادة!!!
    • ميسون النجومي، شابة حديثة السن، تربت في ظل "المشروع الحضاري" .. أستقت معلوماتها عن الفكرة الجمهورية من كتاب لمعارض يسب فيه الأستاذ محمود سبا لا مزيد عليه... قادها ذلك الكتاب لسوح الأستاذ محمود محمد طه ولقرآءة المزيد يمكن مطالعة هذا المقال المرفق وصلته هنا http://www.alfikra.org/article_page_...1236andpage_id=1http://www.alfikra.org/article_page_...1236andpage_id=1

    mailto:[email protected]@gmail.com



    http://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-58691.htmhttp://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-58691.htm
                  

02-24-2015, 08:17 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: الشهيد محمود..إعتذار وتوضيح.. و عن مساءلة التاريخ..!!
    02-24-2015 09:57 AM
    بسم الله الرحمن الرحيم
    عبدالله مكاوي
    تناول المسائل التاريخية تكتنفه كثير من الصعاب، الذاتية(الصبر علي البحث او قصور الأدوات البحثية والمنهجية!) والموضوعية(الإلتباس الذي يحيط بالقضايا المثارة، وتعدد زوايا الرؤية، وطول الفترة الزمنية وندرة المصادر ودقتها..الخ!) ولكن يظل الأكثر تشويه للمسائل التاريخية هي النظرة الإيديولوجية! وبتعبير آخر، توظيف حوادث التاريخ وقضاياه في الراهن المعاش! أي صعوبة الحياد في النظرة الي قضايا التاريخ، تحت ضغط الوقائع والمصالح الآنية! ولكن الصعوبة نفسها تزداد صلابة وتعقيدا في بيئتنا المحلية تحديدا! وذلك نسبة للخلط بين الذاتي والموضوعي، والحساسية المفرطة في تناول الأحداث التاريخية او مجرد التشكيك في وقائعها او مس شخوصها وأبطالها ورموزها، بنقد ولو مخفف وتقصد التقوييم لوجه الله، هذا من ناحية. ولرسوخ المقولات الرائجة، بغض النظر عن حقيقتها او معقوليتها، في العقلية والوجدان العامين، وصعوبة زحزحتها او وجود إمكانات لمجرد ملء الفراغات التي تضعف تماسكها وتعصف بمنطقيتها! لتعارض ذلك مع اليقينيات التي تسمهما وللخوف من الخوض في الحقائق المجردة! وتاليا تحطيم الصور المقدسة، او الأنموذج المعشوق، او فطم شهوة وهدهدة دور الضحية! وفي الحقيقة إدمان الحالة المريحة من عبء البحث وعناء التساؤل وكدح العمل او إيجاد الظروف التي تنتج البديل! أي الإستعاضة عن بذل الجهد والإنتصار للحاضر بكل تعقيداته، بالهروب الي الخيال او الماضي او المظالم او المثال الخارق! أي المقصود، وضعه(المثال، فرد او حادثة) في إطار أكثر عقلانية يستصحب ظروف عصره وبيئته وحدود إمكاناته، أي عجزه وتقصيره عن الكمال المماس للإستحالة! وتاليا وجود مساحة بطريقة او بأخري، لفتح مجري النقد او علي الأقل الرؤية المغايرة، وبكلمة واحدة، حق المحاولة في التاريخ، إن لم نقل دافع/محرك سير التاريخ الي الأمام. ولكن ذلك لأ يقصي الفرادة والتميز، من التواجد علي مر الأزمان! بل يؤكدهما! ولكنه يؤطرهما بسياج الحقائق والإمكانات المتاحة! لأن ذلك يحفظهما من التشكيك والتطاول عليهما، هذا من ناحية! والأهم أنه يقطع مع ذهنية/نفسية المعجزات الأسطورية المضللة، وإن شئت المراهقة! وخطورة ذلك ليس علي الماضي وحده ولكن الأهم علي المستقبل وفرصه! أي ليس هنالك ما يمنع ظهور أمثال أولئك العظماء علي الدوام، ولكن في ظروف الحاضر والمستقبل، وفي إطار النسبية التي تحكم كل العصور، أي يمكن أن تحل المؤسسات محل الفرد/العظيم، وهكذا من ضروب التجاوب مع ظروف الملاءمة الزمانية/المكانية! بل أهمية أولئك العظماء تحديدا، في أنهم أثبتوا إمكانية التواجد والمساهمة الإيجابية في تطوير الحياة! وهذا يكفيهم فخرا وشموخا ولا يحتاج منا للمزيد!
    وهنالك جانب آخر، لا يقل أهمية في صعوبة تناول المسائل التاريخية! وهو الميل العام لعادة المشافهة( أونسة التاريخ/ من الونسة كأحد آليات الترويح عن النفوس المرهقة المحرومة العاجزة مع توافر الزمن والفراغ!)، او علي الأقل التكاسل او إزدراء عملية التوثيق للأحداث التاريخية او التأثر بالحياء والتدثر بالصمت علي الأخطاء! أي تغليب فقه السترة السلبي علي المكاشفة والشفافية الإيجابية(مع التفريق بين السلوك الشخصي او الحياة الشخصية والأداء العام!) كأحد خصائص العمل العام وواحدة من صمامات أمانه! من قبل أفراد معاصرين، يعلمون يقينا الكم الهائل من الترهات والبطولات الوهمية، لبعض الأفراد وصولا لحالة تضخيم الوطن ذاته( كدلالة مرض وليس سمات عافية!) التي تبذل بسخاء يبز عطاء من لا يخشي الفقر! سواء علي فضاء الأسافير والصحف الورقية او من خلال البرامج الإذاعية والتلفزيونية! والأكثر مدعاة للأسف، أن هنالك رموزا حقا وبطولات أكثر حقيقة، نجدها مغيبة ومقصية عن دائرة الإهتمام والتركيز الإعلامي والوطني والإنساني! رغما عن عطاءها الثر وإنسانيتها المجيدة وأعرافها المشرفة! خصوصا عندما يتعلق الأمر، بالأطراف والقبائل والمجتعات والديانات الهامشية! أي كأن للبطولة ورموزها والخيرية وإيجابياتها، جهات وأعراق وديانات محددة! وليست وصفات وسلوكيات ومواقف عابرة، تطاول الأطراف والهوامش بقدر ما تمس المراكز والنخب المسيطرة! إن لم تتفوق عليهما، في حدود النسبية المذكورة آنفا، او تعدد المعايير والقياسات ونفي مركزيتهما ونخبويتهما!! وهذا بدوره يدل علي أن التاريخ نفسه نسخة إيدولوجية معدلة او تفضيلي/إقصائي بطبعه وإهتماماته! فالبسطاء والمهمشون لهم دور في التاريخ أيضا، وبنفس القدر يؤثر المجرمون والخونة في وقائعه و صناعته كذلك، وليس من تُسلط عليهم الأضواء والإهتمامات وتاليا المكاسب المتحصلة، وبالطبع ليس من الضرورة أن تكون مكاسب مادية، فقط! ولكن يظل التعامل معه بمنهجة وعلمية أفضل الموجودات!! المهم أن الصمت في حال كهذه، من قبل المعاصرين يشكل جريمة مزدوجة! او علي الأقل تواطؤ او خوف من الآخر، السلطة او الجمهور! والخلاصة، المطلوب ليس البحث عن بطولات وهمية، او وجهات نظر مخالفة للمعتاد والسلام! ولكن المقصود، الإقتراب من مظان الحقائق بقدر المستطاع، لتشكيل ذاكرة وطنية حية، تعين الأجيال القادمة علي الحكم بأريحية ويقين أكبر! وهذا غير أنها تمنحهم خبرات ثرة ودروس مجانية لأخذ العظة والإعتبار! وبقول واحد، يجب إعطاء الباحثين التاريخين او غيرهم، مساحة أكبر من الحرية والحركة، او رفع سقف المسامحة حيالهم! وإبعاد سيف اللوم والتشكيك والإحراج والإتهامات الجزافية التي تدعي التسرب في خبايا النفوس والتعرف علي ميول الوجدان، عن رقبة الباحثين و أبحاثهم وطريقة إدارتها والمستخلصات التي يتوصلون إليها! إلا في حدود منهجيات مضادة، تتحري الدقة والمعرفة المجردة كغايات يفضل إدراكها، وتنأي بالأفراد ومنابعهم وميولهم ودوافعهم الخفية، عن دائرة الصراع او ميدان البحث!! وذلك ليس من أجل خاطر او عيون الحقيقة وحدها! ولكن بشكل أخص لتحرير المعرفة من القيود والحواجز والمصالح والميول! وتاليا ترقية الوعي العام وتحريره من سلطة العادة والعموميات والتعميم المجاني، المفضي للتكلس والجمود ومن ثم التخلف والإندثار! ومن أجل دفع الوعي لمزيد من الإستقراء الواقعي والموضوعية وحسن الأداء، أي القدرة والكفاءة والفاعلية في أفضل صورها! أي كوسائل من أجل تحسين وترقية الحياة، وجعلها مكان أفضل للعيش والإبداع!
    وإحتمال للتاريخ مدارس متعددة للقراءة او مداخل متباينة للرؤية والتناول! وعموما أميل للتناول الشامل وعدم أغفال حتي ما يعتبر عناصر هامشية في صنع الحدث! أي تناول البيئة المحيطة بكل محتوياتها! حتي تضع المتناول في الصورة الأقرب للحقيقة، او تترك له مساحة للحركة، وتغليب جانب علي جانب!! وتاليا إشباع حاجات الراهن ومصالحه، في حدود أكثر موضوعية، طالما هنالك شبه إستحالة في نفي مطالب الحاضر وإستبعاد شبح فرض مصالحه، عن رؤية التاريخ! وبالطبع للآخرين حقهم في تبني ما يرونه مناسبا.
    هذا المدخل لابد منه، لتناول مسألة تاريخية ذات طابع مؤلم وحزين! تتعلق بجرم شنيع، وتردي النفس الإنسانية لمهاوي الإنتقام الشخصي والتشفي والرغبة العارمة في التخلص من الخصوم! بوسيلة أقل ما يقال عنها، إنها ضد الشرف والمروءة وسلامة الضمير، إن لم نقل هي تعبر عن سوء التربية وفساد الأخلاق! عندما يتم إستغلال السلطة وتطويع القوانين وإلباسها غير لباسها، غصبا عن حساسية المناصب وروح العدالة وحيادية الأجهزة وتصميم الدساتير! مع عدم منح الخصوم أي فرصة للنجاة او رخصة زمنية تعيد تلطيف النفوس وذهاب عمي البصيرة والغضب الشيطاني، او حتي التعرض لنفحات شبهات/مراجعات وأهية، تمنح الحكم الجائر بعضا من الإختشاء!! أي عندما يتم إعلان الحكم قبل بدء المحاكمة، ويتحول القاضي الي جلاد، والمحاكمة الي غطاء مهترئ، يعجز عن ستر عورة جورها وطغيانها! ولذلك التعرض لها يتطلب غير الحرص والحذر، عدم الوقوع في شركها! أي إطلاق الأحكام السهلة ذات الغرض المبيت بليل بهيم!
    وسبب التوضيح والإعتذار، أنني قد حملت الدكتور الترابي وجماعته، المسؤولية المباشرة عن جريمة إغتيال الشهيد محمود محمد طه. وذلك بسبب إعتبارها من البديهيات، أو السرديات الدارجة المروية عن ملابسات إغتيال الشهيد محمود محمد طه! وهو جرم لو تعلمون عظيم بناءً علي أعلاه. أي الغرض التمييز بين المسؤولية المباشرة، والمسؤولية غير المباشرة! التي تستفيد من الحدث وقد تمهد له لأغراض تخصها حصريا! وبناءً علي ذلك، يبدو أن تحميل الدكتور الترابي وجماعته الوزر المباشر لجريمة الإغتيال البشعة فيه وقفة! او يحتاج لمراجعة وكر البصر أكثر من مرة! ولكن ذلك لأ يعني تبرئة الجماعة الضالة وقائدها الدجال، من تهمة العجلة في إستخدام العنف، والتساهل في إسترخاص دم الأبرياء، أو تورعهم عن إرتكاب جرائم في مرتبتها او أكثر منها شناعة! إذا كان ذلك يخدم مصالحهم حصريا. ولكن القصد، أن هنالك جهة لأ تقل عنهم سوء وفساد كفتهم مؤنة هذا الجرم الشنيع، الذي يخدم مصلحتهم بشكل او بآخر! وتحملت عنهم بغباءها المستحكم و تمكن داء الغرض الخبيث منها، عبء تلوث أياديها بدماء الضحية، وتدوينه في سجلات الخزي الي الأبد!! وأهمية هذه الوقفة او المراجعة، إنها صدرت من شخصية فكرية ذات باع طويل في دروب السياسة، ودربة وعناية في مجال الكتابة، إضافة الي تمتعها بالحس التاريخي والروح التوثيقية والنفاذ الي الحقائق في مظانها الأقرب للصحة والجوهر، متجاوزا ظواهر الحقائق وعمومية الآراء، او كثرة تداولها ورعب سلطاتها وقيود أسرها وقوانين تكبيلها، بسبب تصادمها مع البديهيات الراسخة في الوجدان الجمعي! إن لم نقل الرغبات الجمعية!!(المقصود الدكتور عبدالله علي إبراهيم، متعه الله بالصحة والعافية وأطال في عمره بما ينفع الناس والوطن). وقد أرجعت هذه المراجعة وفقا لإستيعابي لمفرداتها، جزءً كبيرا من وزر إغتيال الشهيد محمود، الي الهيئة القضائية!! وذلك بعد توضيح الخلفية والجذور التاريخية للصراع بين الشهيد محمود من جانب، والجبهة القضائية من الجانب الآخر! والتي تعاني بدورها من تقسيمات داخلية، تسبب فيها الإستعمار! وهي تقسيمات وضعت المكون الشرعي(العدو بالتحديد) في موضع الهامش ماديا وإجتماعيا وإمتيازيا! مقارنة بالمكون المدني الذي حاز علي الإمتياز الكلي او الشرف من جميع أطرافه! وهي تقسيمات أصابت المكون الشرعي(التقليدي!) بالصغر والإحباط والتهميش! وبدلا من النضال من أجل تغيير هذا الوضع الطبقي المعادي لهم! نجد رضوخ الشق الشرعي لهذه التقسيمات المجحفة وإستسلامهم لوضعية الأدني! ومن ثم محاولة الهروب الفردي منها، والإرتماء في أحضان الشق المدني(المتعالي! مما يدل علي عدم المبدئية والخلل الذاتي"ضعف الأفراد" وليس الموضوعي حصريا"التقسيمات المصطنعة" في هذه الوضعية البائسة!) عبر الإجتهاد الفردي او العلاقات الشخصية والتنظيمية! بتعبير آخر، بدلا من السعي لتغيير المفاهيم والثقافة والنظرة الدونية لدورهم وتأكيد أهمية الشق الشرعي وصلاحيته، كوظيفة مكملة في حفظ توازن الجانب القضائي اولا، وثانيا وهو والأهم التأثير في سير دولاب العمل في الدولة ككل! أي لأ فرق بين وظيفة وأخري، إلا بمقدار التقوي الإجتهادية الأدائية، أي البراعة والإخلاص في القيام بالمهام في حدود اللوائح والنظم! أي رد الإعتبار للشق الشرعي وقتل التمايز الوظيفي والإستعلاء المهني في الذهنية العامة! نجدهم وبكل إستسلام وظيفي وعجز قدري، لجأوا للهروب من جحيم هذا الواقع الفاسد، بالإرتماء في أحضانه!! وكفاهم ضعف الإرادة وهوان النفس شر تغييره وتعديل كفته المائلة! وأيضا لشئ في نفس بعض القضاء الشرعيين، وهو بعد تجاوز عقبة التحول الي الجانب المدني، الحصول علي إمتيازاته، كواقع خليق بهم وبإمكاناتهم! التي لطالما شككت فيها، الوضعية التقليدية الي رسفو تحت أغلالها سنين عددا! ليعيدوا إنتاج التمايز والإستعلاء علي أشقاءهم التقليدين السابقين! ولكن مع إحساس بالحسرة المكبوتة، كدخلاء علي هذا الشق المدني المترف! أي نوع من الإستعلاء الحامض ذو النزعة المرارية الإنتقامية!! ومن سوء حظ الشهيد محمود أنه وقع في مواجهة هذا المكون التقليدي، الذي يعاني من العقد والتهميش! وما زاد الطين بلة والجرح إهانة! تحدي الشهيد محمود لهذا المكون، إستهانة به! لعلمه المسبق بقصور سلطاته وضيق إختصاصاته وضعف مرجعيته! أي حصرها في قضايا محددة لا تطاول أفكار وطرح الشهيد محمود بحال من الأحوال! وهذا فوق أن الجدل الفكري ساحته منابر الفكر والجدال والندوات والمناظرات! وليس سوح المحاكم وتهديد السلطات وتأليب الرأي العام! المهم إتسمت العلاقة بين الطرفين، الشهيد محمود من جانب والقضاء الشرعي من الجانب المقابل، بالترصد وتصيد الأخطاء ضد الشهيد محمود! وببزوغ فجر قوانين سبتمبر الكاذب! إمتلك القضاء الشرعيون(المكاشفي حاج نور والمهلاوي!) النفوذ السياسي والأسبقية القضائية! وعندها لم يتحلوا صبرا، وعاجلوا الي مواجهة خصمهم العنيد! وإستباقا لأي تطورات غير مضمونة،إنتهوا الي إعدام الشهيد محمود والتخلص منه بضربة واحدة!! وكان في تنفيذ هذا الحكم الجائر المستعجل خدمة لثلاث جهات، لطالما أرقها أمر الشهيد محمود وأصلاها عناءً وزادها رهقا!
    أولها، القضاء الشرعيون، من خلال التنفيس عن جنون غضبهم وحقدهم الأعمي وإنحسار منسوب مروءتهم الي الحضيض! والإستعداد لفش غبينتهم ضد المرحوم، ولو علي أنقاض حرمة القضاء وأمانة المسؤولية وعظمة التكليف! بل وتوظيف آليات الدولة للإنتصار للنفس، بعد أن أعيتهم الحيلة وخانتهم المعرفة، وقصرت عن بلوغ غايتهم نقص الكفاءة وعلو شأن الخصم علي كل الجبهات، المعرفية والأخلاقية والوطنية!
    وثانيها، الجماعة الإسلاموية بقيادة الدكتور الترابي(أحد أعاجيب الزمان ومحن السودان وملك التناقض والبراغماتية الرديئة بإمتياز!) وذلك بالتخلص من خصم يستند الي نفس مرجعيتهم، ولكن وفق تصورات أكثر رحابة وإنسانية، ومجاراة لروح العصر وتطلعات المستقبل، وقبل ذلك مهجسة بالمواطن العادي وهمومه، ورغبتها الصادقة في صلاحه وإصلاحه! أي دعوة تتسلح بروح الإيمان وطاقاته الروحانية الهائلة، ووسائل الدنيا وفرصها المتاحة، من أجل خير الدارين! وبتعبير آخر، مثل مشروع الشهيد محمود تهديدا مباشرا لمشروع الدكتور الترابي، الوالغ بدوره في بركة المنافع الشخصية الآسنة، ودماء السلطة والموطنين والوطن، وحضيض إشباع الغرائز الحيوانية! أي المشروع المعادي للوطن والمواطنين والحرية والأمل بصورة جذرية. وقد أثبتت الأيام ذلك، حتي أتي علينا زمانا رأينا فيه الإسلامويين ينتقدون مشروعهم!! وبغض النظر عن إهتراء النقد الذي يشابه هشاشة وركاكة المشروع الهلامي ذاته، إن لم يتفوق عليه! وكفي بإنقلاب السحر علي الساحر والأبناء علي الآباء وإنكسار الطغاة وأعوانهم واعظا!!
    وثالثها، الدكتاتور/الدرويش (درويش السلطة) النميري، الذي وجد في هذه المحاكمة العبثية، القشة التي تعصمه من الغرق المحاصر! أي الغطاء الذي يواري به سوءات نظامه وعوراته المتسعة كل صباح! والأسوأ تبريراته للمحاكمة ولهفته علي الخلاص من الخصم العنيد! الذي إستتبعه كم هائل من الأخطاء والخطايا، التي تسئ ليس للنميري كفرد لأنه السوء والجهل بعينه، ولكن بقدر أكبر لمنصب الرئاسة والدائرة المحيطة به ومسؤولية السلطة والنخب السياسية في المقام الأول!
    وما ساعدهم علي هذه النهاية المآساوية، وجرح الزمان الدامي، وإنتكاسة الإنسانية في مدارج صعودها! علمهم المسبق بصلابة عود الشهيد محمود وعناده وعدم تراجعه عن قناعاته، ولو علق علي أعواد المشانق، وهو ما إنتهي إليه فعليا! ولكن في شموخ يحاكي أساطير التاريخ وبطولاته العجيبة! والسؤال، هل تقلل هذه المراجعة من سمو ورفعة الشهيد محمود، أي هل تغيير الجاني او تبدل أشكال المجرمين وأدواتهم، يمس خاطر فعل البطولة وكرامة الثبات علي المبدأ علي حد السيف وشفير المشانق وإغراءات الحياة! كلا ألف مرة! ولكن القضايا ذات الطابع التاريخي، المعيار فيها يرجع، للموضوعية والوثائق والإبتعاد عن التحيزات الشخصية حبا او كرها! وفي نفس الوقت، لا تعني هذه المراجعة، قفل باب الإجتهاد والإستقصاء وتجديد زوايا التناول والقراءات المختلفة لهذه الحادثة الأليمة، التي يتداخل فيها الشخصي بالعام والسياسي بالديني والمهني بالسلطوي! ولكن يفضل من يتصدي لها، أن يدعم حجته بالأدلة والأسانيد والنظرة المعمقة لمجمل الحدث، أي بأبعاده السياسية والوطنية والقضائية والإنسانية! وذلك كما أسلفنا، من أجل المعرفة وحق الأجيال اللاحقة في بناء آراءها ومواقفها إستنادا علي حقائق، تعين علي تشحيذ الهمم وإنارة العقول! بدلا من الإستناد الي تخمينات وتعميمات مريحة للبال واللحظة الراهنة، ولكن ضررها أكبر علي المدي الطويل، أي عندما تعجز الفراغات والثغرات عن الإجابة علي التساؤلات الحارقة والطلبات المتجددة كل حين!!
    ولكن أكثر ما آلمني وأثار الإحباط والغثيان والإرهاب في نفسي، وشكل دليل عملي علي رسوخ الثقافة الداعشية، ليس في تراثنا الديني والسياسي والتاريخي فقط! وإنما داخل قرارة النفس البشرية، عندما تنحط وتحركها الأحقاد والغضب والإحتقار والإحساس بالمهانة والكره تجاه الآخر/الخصوم، حتي ولو كانوا مجردين من كل أسباب المخاطر والشرور! أي هي حالة بشرية عامة، ليس لها علاقة بدين او ثقافة اوبيئة محددة، ولكنها لصيقة بطبقات النفس الداخلية ومجاهل الظلمات في سردايبها وإنغلاقاتها! أي عندما يسكنها الظلام وتتجرد من قيم الخير المطلق، تاركة المجال لتسود قيم الشر المطلق! كالتشفي والإنتقام وصولا للإستمتاع بتعذيب الضحايا وسحلهم ماديا وإعلاميا! وفوق أنها حالة مرضية، فهي شديدة الإنحراف عميقة الضلال وفائقة الجبن والنذالة، بدلالة إختيار ضحاياها من البسطاء والأبرياء الذين لا يكلفونها مشقة البحث او مخاطر التعرض للحصول علي الأقوياء! وبكلمة واحدة، هم أقوام ما قبل مرحلة التوحش والبربرية، وما بعد العقل والأخلاق والضمير! أي هم يمثلون لا معقولية اللامعقول ذاتهّ!! والواقعة التي إستعادة أجواء داعش بكل توحشها وإرهابها وساديتها! تتعلق تحديدا بقضية الإستتابة؟! التي فرضت علي بعض قادة الفكر الجمهوري، وهم من أهم خلصاء ورفقاء وعارفي فضل الشهيد محمود! فتلك الإستتابة وبتلك الكيفية وفي تلك الأجواء الإرهابية، مثلت حالة فريدة من القهر والإستهانة والإذلال، أي الحط من الكرامة الإنسانية في أبلغ تجلياتها! وهذا ناهيك عن أن مفهوم الإستتابة نفسه، وعند إخضاعه لمحاكمة العقل والوجدان السليمين، نجده يناقض طبيعة وروح الإيمان العقدي ومداره الباطني! وبتعبير آخر، مفهوم الإستتابة فيه تجاوز للبشري وإفتئات علي حقوق الله، او المرجعية الروحية المطلقة لأي عقيدة أخري! وهذا ناهيك عن أن القائمين بأمرها، يتلبسهم وهم الإنابة عن الله او الحلول محله، او تمثيل جوهر الخير والصاح المطلقين! في حين أنهم أكثر عداوة لله ودينه وتعدي عليه وعلي خلقه، فيما يصدر عنهم من ظلم وإرهاب وهضم حقوق الغير المادية والروحية!! لذلك، أعتقد أن الشهيد محمود نفسه كان أفضل حظا بإعدامه المادي! مقارنة بالإعدام المعنوي والإنساني الذي طاول هؤلاء الرموز!! خاصة بعد إجبارهم، ليس التنكر لقائدهم والتبرؤ منه فقط! ولكن أن يتم ذلك بصيغ الإساءة له والحط من قدره، مع عدم إتاحت أي مجال للمراوغة او الإختباء خلف تلطيف العبارات المهينة! أي لم يكتفوا بمأساة مقتله ومرراتها في نفوسهم، ولكنهم زادوا عليها الإهانة والتشنيع له ولهم وللإنسانية جمعا!! وزيادة في المهانة، يتم تصوير تلك الوقائع المخجلة المحزنة من أجل تعميمها، لمزيد من التشفي والحط من كرامة الآخر! أي تعميم إحتقار الجمهوريين كفكرة وكأشخاص، لطالما أرتقوا ذري المجد الفكري والأخلاقي والحضور الزاهي في حضن الوطنية والوطن! هل بعد ذلك يمكن الإندهاش من فظائع داعش الخرافية الراهنة، أي بعد خطف البصر سريعا تجاه تاريخنا القريب مع الإسلام السياسي والإستبداد وإفرازاتهما العدمية؟! ولا أدري كيف عاش تلك الفترة الحالكة، كل من له وعي سياسي او إدراك لطبيعة تلك المحاكمات وفظائعها، التي تبز محاكم التفتيش طيشا وجرائمية! أي هل عاش الناس في تلك الفترة حياتهم العادية، يأكلون ويشربون ويتزوجون ويتاجرون في الأسواق؟! أي ألم تغص اللقمة في حلوقهم ويجافيهم المنام وتهون عليهم أنفسهم والسياسة والبلاد؟! ما أسوأ النفس الإنسانية عندما تنحط الي درك الأحقاد والكره والرغبة في الإنتقام! ويزداد هذا الأمر سوءً، عندما تكون الضحية بحجم الشهيد محمود وصحبه الأخيار! أي عندما تكون مثال في المروءة والعفة والسمو الروحي والتواضع الدنيوي، تحركها نوازع الخير للبشر والحجر والشجر والرغبة في صلاح العباد وسلامة وترقية البلاد!
    مساءلة قبل الختام..!!
    سؤال برئ، إذا لم ينتمِ الشهيد محمود للثقافة الإسلاموعروبية وجغرافية الوسط! هل كان سيجد ربع هذا الإهتمام والتأبين حيا او شهيدأ، حتي ولو أبدع أضعاف أضعاف إنتاجه هذا؟! مع الإعتراف بتعرضه هو نفسه للتجاهل و التهميش، من قبل السلطات والذهنيات المتحكمة! إلا أنه تهميش داخل المركز!! أي تهميش يترفع عن الدونية الثقافية والعرقية والمناطقية، بإعتبار التهميش نفسه درجات ومقامات!! وتتجذر دونيته وعمق مأساته بإتجاه الأطراف والأقاصي والديانات الأخري! وبتعبير آخر، هل الهامش بثقافاته المتعددة وخبراته الحياتية، لا يحوي أي قيم خيرة او رموز مبدعة، في أي من المجالات والإنشطة الوجودية، وتاليا الإضافة الإيجابية في مصب المنتج العام!! بمعني، هل هامش الغرب لا ينتج إلا الحرب والنزوح، وهامش الشرق لا ينتج إلا السل والجوع، وهامش الشمال لا ينتج إلا الرمال والجفاف، وهامش الجنوب سابقا لا ينتج إلا الكجور والمسيحية المشتبهة المتربصة او المخترقة بالعمالة و الإستخبارات والإرتهان لدي الخارج المبشر!! ومركز الوسط لا يتنج إلا الإبداع والمعايير، ويصدر شهادات حسن السير والسلوك للآخرين، ويمنح صكوك الوطنية لمن يخدم مشاريعه المشبوهة، او التي تستبطن السيطرة وحيازة كل الفضاء الوطني!! وهذا بدوره يقودنا لمسألة السلطة والثروة وحيازة الصدارة الإجتماعية في جذورها التاريخية، أي كمدار صراع عبثي منذ الإستقلال! تم توظيف الهوية والمناطقية فيه، كحلقة ضعيفة او حساسة وذات مكاسب رمزية سريعة وعاجلة، لكلا أطراف الصراع! أي للأسف كطرفي نقيض/متشابهان! بمعني، في حين يصارع طرف من أجل تثبيت هويته، كمركزية تحوز كل الإمتيازات! يصارع الآخر، من أجل نقض هذه الهوية، وتاليا إزاحتها من الفضاء العام، والحلول محلها! وهذا مصدر العبثية تحديدا! بمعني آخر، الصراع نفسه، صراع نخب او أفيال، غايته البحث عن السلطة كإمتياز ذاتي، يرتدي القناع الهوياتي او المناطقي كنقاط إرتكاز او حماية او أدوات في ساحة الصراع! أي غابت فيه برامج التنمية الحقيقية وترقية أساليب الحكم، لتطاول حفظ كرامة وحقوق المواطن الفرد، وتشمله برعاية حاجاته وأمنه وخطط مستقبله! أي الصرع ليس من أجل تبني قيم وطنية وطرح مبادئ إنسانية، او خلق أرضية تسوية تاريخية، تترفع عن الحروب والخشونة المادية واللفظية والتعاملية! وتعالج مخاوف الجميع، وتلبي الطلب علي المواطنة، ومن ثم ترسيخ الوطنية الحقة والإنتماء الأصيل للوطن، في العقل والوجدان العامين! وأصدق مثال لحالة الصراع العبثي، أي الإحلال محل الآخر، ولكن بنفس عقليته وأدواته، وتاليا إعادة إنتاج أخطاءه وكوارثه! وخصوصا الصراع في طوره الأعنف، أي الأكثر تضحيات مادية وبشرية ومعنوية ومستقبلية! وإضافة للواقع المتردي الماثل الذي تعيشه الدولة/اللادولة السودانية! يجسدها بإمتياز نموذج التيار الإنفصالي في الحركة الشعبية، وممارساته سواء خلال المرحلة الإنتقالية وقبل الإنفصال! او من بعده ومن خلال تسنمه سدة السلطة في دولة جنوب السودان الوليدة! لذا أي صراع ضد السلطة الإستبدادية، لا ينطلق من أرضية ديمقراطية، تمتلك مفاعيل تفكيك الإستبداد وإحتمالته! إضافة الي نهوضه علي قاعدة المشاركة والمساواة، والقدرة علي تجاوز مرارات الماضي ونشر مظلة التسامح، والإنتباه الي المستقبل وتحدياته! سيعني ببساطة ليس الفشل وحده، ولكن الأسوأ إنتاج نسخ من الإستبداد المتوحش! يجعل الإستبداد السابق له، أمنية عزيزة المنال! وواقع كهذا كفيل، ليس بهدم الأمل ونشر الإحباط والشرور بين المواطنين، ولكنه يعلن عن نهاية الأوطان والدول الي الأبد، ومن ثم ميلاد أمساخ يصعب تحديد هويتها او ملاحمها! ولكن من أظهر وأخطر تعبيرتها، القتل المجاني للمخالفين والتخاطب بلغة الحرب والسلاح!
    وهذه الوضعية التي يبدو عليها التناقض في شأن الهوية(مرة كضحية/جاني ومرة كأداة صراع) مردها الي إستخدام قضية الهوية(حق) من أجل الحصول علي مكاسب إمتيازية ضيقة وباطلة(إحتكار السلطة وإقصاء الآخر!)! أي قضية الهوية/المناطقية ليست قضية عبثية او هامشية في صراع السلطة، ولكنها من أصول الصراع! وتاليا المكاسب المتحصل عليها من حسم الصراع! ولذا أي تسوية تاريخية لا تستصحب موضوع الهوية والتنمية الشاملة والمتوازنة، وإعادة توازن معادلات السلطة، بحيث يتساوي الحاكم والمحكوم والمركز والهامش مع إعطاء إعتبارت خاصة للفوارق والمظالم السابقة! فهي تسوية فاشلة مسبقا، بقدر ما هي وصفة حربية جاهزة! أي إما حلول تأسس لإستقرار وتنمية مستدامة وبناء مواطنة ووطنية معافاة، تستوعب الجميع وتعبر عن الجميع لكي يدافع عنها الجميع! او الطوفان! أي المشاكل المركبة والمعقدة، تحتاج لحلول شاملة وذات طابع جذري، تستصحب الماضي وتعالج الحاضر وتنفتح علي آفاق المستقبل.
    في الختام التحية للدكتور عبدالله علي إبراهيم ولكل رواد الحقيقة ومدمني البحث والإستقصاء، ونعتذر عن أي تقصير او خطأ في تناول مادته الثرة، وخالص الإعتذار لكل من أخطأنا في حقهم حاضرا او ماضيا ولهم العتبي حتي يرضوا! ودمتم في رعاية الله!
    mailto:[email protected]@yahoo.com

    http://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-58716.htmhttp://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-58716.htm
                  

02-24-2015, 08:26 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    عندما يتستر حسين خوجلي ( بالتوثيق) !! 1-2 .. بقلم: حيدر احمد خيرالله
    *بعد ان انكشفت سوأة (حزب السودانيين ) الذى روج له الأستاذ / حسين خوجلي عبر قناته امدرمان ، وعملنا عبر هذه الزاوية ومنذ بداية البرنامج على تبيين المؤامرة بان البرنامج تم اعداده باتقان كبير لتمرير اكبر عملية تضليل تطيل عمر النظام الذى لم يعد امامه من سبيل بعد ان استنفد كافة وسائل التجريب ولم يبق امامه سوى (حلقوم حسين خوجلي ) ، فانه يجني الان ثمار العمل الذى لايمكن ان يقوم به الا صديقي حسين خوجلي ، عساه يعيد التمكين الثانى بعد ان ساهم فى التمكين الأول وذرف ( دموع التماسيح ندما وتوبة لم يسندها إقلاعا فوريا عن الإنقاذ ) بل خروجا مستترا من الباب لتأتى العودة من الشباك ، وهاهى صحيفة الوان تبدأ دورتها الجديدة..وتستهدف الفكر الجمهوري ..
    *وتحت عنوان توثيق نقرأ بالوان : (الوان تكشف التاريخ السري للإخوان الجمهوريين ) المستتابون الأربعة ، وفى الهرولة لم يلتفت الكاتب لأنه وهو يزعم التوثيق يكتب اسم الأستاذ / محمد سالم بعشر باسم (محمد صالح بشير ) فاين هى دقة التوثيق المزعوم ؟!أما حديث التوثيق يقول الموثق ( فى إفادة قال بها المستتابون بعد خروجهم ان الأستاذ لم يملي عليهم موقفا ولا امرا إلا انه ذكر لهم أن (أصالته) تملي عليه ان يمضي فى هذا الطريق الى نهايته ، أما هم فعليهم إتخاذ موقفهم حسب سعتهم الفكرية والأخلاقية ..والان المستتابون الاربعة لم يقل لنا كاتب التوثيق متى ومن اين اتى بهذه الافادة التى تفقد التوثيق مصداقيته ، فانه لم يرد عن الاستاذ اي كلام بهذا المعنى والذى فرض عليه الموقف فى مشهده المتفرد ليس الاصالة انما حاجة هذا الشعب للفداء الذى رفع البلاء المايوى (وشال زولا طيب )؟ ان ماتم الزج به على لسان الاربعة تخرج التوثيق عن انه توثيق لعبارة يمكن ان يلتقطها حسين ببداهته ..
    *والموثق يزعم ان الإستتابة ( احدثت انشقاقات تنظيمية وفكرية ونفسية عميقة لدى الكثيرين منهم ، فالبعض ترك الفكرة الى غير رجعة والبعض اتبع الشيوخ المتقدمين فى نظر الاستاذ / عبد اللطيف وسعيد شايب وجلال الدين الهادي والبعض صاروا علمانيين حتى النخاع مثل الدكتور عبد الله النعيم الذى تمثل المدرسة الاميركية كمواطن تماما فكرا وسلوكا .. والحزب الجمهوري الذى تحاول اسماء تسجيله من هذا المنبع وهذا السبيل..وهنالك مجموعة ( محمودية ) يقودها بلا تنظيم الاستاذ الشاعر المفكر عوض الكريم موسى الذى يرى ان لا احد يحق له ان يتحدث عن محمود فالرجل قد قال كلمته وذهب ..
    * ان هذه التصنيفات هى رغبة الموثق المزعوم وليست واقع الحال فى الفكر الجمهوري ، ولو سايرنا هذا الزعم فان الحقيقة الجوهرية التى لم يتناولها هى ان جميع ابناء وبنات الاستاذ محمود مهما اختلفوا فهى اختلافات فى طريقة تقديم الفكرة ، والخبث الذى قدمت به التصنيفات الجزافية والتى ينسل الغرض من ثناياها انسلالا فهى نفسها طريقة جماعة الاسلام السياسي التى ترى ان مقبرتها قد حفرت حال عاد نشاط الجمهوريين لذا نجد ان تسجيل الحزب الجمهوري واجه المتاريس ومصادرة الحق وانتهاك الدستور .. ولكن كل هذا لن يوقف مشاعل الانوار ..ونواصل .. وسلام يااااااوطن..
    سلام يا
    رحم الله الاستاذ الزهاوي ابراهيم مالك رحمة واسعة والهم اله وزويه الصبر وحسن العزاء واحر ايات التعازي للسادة محمد على مالك واخوانه واخواته .. وسلام يا ..
    الجريدة الاثنين
    mailto:[email protected]@gmail.com

    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=78210:-------1-2-----andcatid=1008:7-5-6-4-3-0-2andItemid=64http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-6-4-3-0-2andItemid=64
                  

02-24-2015, 08:32 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: الأستاذ محمود: بين "إنصاف" عبدالله الفكي و "تحامل" محمد محمود (1)


    إبراهيم عبدالنبي


    قبل أكثر من عامٍ من الآن، منذ نوفمبر عام 2013 وحتى الآن، أدرتُ خيطاً في المنبر الخاص بالجمهوريين (الصالون) داعياً الأستاذ عبدالله الفكي البشير، للحوار حول بعض المحاور في كتابه (محمود محمد طه والمثقفون)، حيث أشدْتُ بالقيمة التوثيقية العالية للكتاب، ولكني حددتُ أن هناك بعض "الهَنات" التي شابت الكتاب، من قبيل مجانبة المؤلف، في خلاصات بعينها، لأسس البحث العلمي (المحايد)، بالمدى الذي ربّما يزيد من "التغييب" و "العزلة"، خصوصا أن مؤلف الكتاب أعلن أن كتابه يأتي بسبيل من "كسر" طوق العزلة والتغييب الذي ضربه بعض المثقفين حول فكر الأستاذ محمود ومواقفه!

    ولكنّ الأستاذ عبدالله الفكي امتنع، على طول المدى، عن الدخول في الحوار، دون إبداء أي سبب، رغم مناشدة بعض أعضاء "المنبر" له بالدخول في الحوار لإبداء رأيه حول ما أبديتُه من ملاحظات، وما وجّهته لكتابه من نقد.. علماً بأني استبعدتُ، ابتداءً، أن يكون هناك قصد أو تعمد من جانب الأستاذ عبدالله في أن تشوب كتابه تلك (الهنات)، خصوصا في ظل ما بذله من جهد مضنٍ، ومقدّر!

    وكان نقدي لكتاب الأستاذ عبدالله على محاور، من ضمنها محور بعنوان (المحاباة البحثية)، تحدثتُ فيه عن عدم حياد الباحث تجاه النقد الموجه إلى فكر ومواقف الأستاذ محمود، من بعض المثقفين! وضربتُ مثالا لذلك بموقف الباحث من د. محمد أحمد محمود، وكتاباته عن الأستاذ محمود، خصوصاً في موضوع الخفاض الفرعوني، ونسب الأستاذ محمود إلى الشيخ الهميم، ممّا ورد في كتاب د. محمد محمود الذي درج البعض على ترجمة عنوانه كما يلي: (السعي نحو الألوهية: دراسة تحليلية لفكر محمود محمد طه)، وهو بالإنجليزية:

    Quest for Divinity:
    A Critical Examination of the Thought of Mahmud Mohammad Taha


    وكان الأستاذ عبدالله الفكي قد شمل د. محمد محمود ضمن فريق د. خالد المبارك ود. محمد وقيع الله، في هذا، ولكنّه استل د. محمد محمود من هذا الفريق استلالا، دون أي دليل، كما يلي:
    (من المهم الإشارة إلى أن محمد أحمد محمود، التزم منهجا علميا صارما في دراسته عن الأستاذ محمود، وهو بعيد كل البعد عن أولئك الذين وسمتهم بالمستنتجين للنتائج البكماء والخلاصات العرجاء في مسألة صلة الأستاذ محمود بالشيخ الهميم، كما هو الحال لدى محمد وقيع الله)!!

    هذا بالإضافة إلى أني تطرقتُ إلى بعض الخلاصات والتقريرات الأخرى، المتحاملة فيما أرى، من كتاب د. محمد محمود.. علما بأني سوف أؤجل، إلى حلقة قادمة، استعراض خلاصات د. محمد محمود حول "الخفاض الفرعوني" و "نسب الأستاذ"، وأعطي الأولوية في هذه الحلقة الأولى، والحلقة التي تليها، لأحكام "قيمية"، أطلقها د. محمد محمود، على الأستاذ محمود، في سياق استعراضه لموقفين هامين للأستاذ محمود، يكاد يكون حولهما إجماع (معاكس) لما خلص إليه د. محمد محمود!

    جديرٌ بالذكر أن الأستاذ عبدالله البشير وصف كتاب د. محمد محمود، هذا، كما يلي: (الكتاب يعد أول دراسة نقدية شاملة لفكر الأستاذ محمود، تصل إلينا من مثقف سوداني أكاديمي له خبرة طويلة في الأكاديميا الغربية والعربية والسودانية ).. ثم ذهب الأستاذ عبدالله ليفصّل القول:
    (ففوق المنهج العلمي الصارم الذي التزمه محمد أحمد محمود، فإن أهمية دراسته تأتي أيضا من كونه كان على معرفة بالفكرة وبالمجتمع الجمهوري من الداخل، إذ التقى الأستاذ محمود وقضى بعض الوقت في معيته، وكان لفترة وجيزة من بين تلاميذ الأستاذ محمود.4 إلا أنه لم ترد إشارة لذلك في الكتاب)!

    وقد وضع الأستاذ عبدالله تفسيرا للحاشية (4) كما يلي:
    (مقابلة مع عصام عبدالرحمن البوشي، 17 ديسمبر 2009، مدني؛ مقابلة مع النور حمد، 22 نوفمبر 2009، الدوحة)!!

    وكما نرى، الأستاذ عبدالله الفكي البشير أكد أهمية كتاب د. محمد محمود لسبين: أولهما أن الكتاب تم إعداده وفق (منهج علمي صارم)! وثانيهما (وهو الأهم في نظر الباحث) أن د. محمد محمود كان (على معرفة بالفكرة وبالمجتمع الجمهوري من الداخل، إذ التقى الأستاذ محمود وقضى بعض الوقت في معيته، وكان لفترة وجيزة من بين تلاميذ الأستاذ محمود)!!

    أول ما يقدح في (شهادة) الأستاذ عبدالله الفكي هذه عن (تلمذة) د. محمد محمود للأستاذ محمود، أنها مستندة إلى (أخبار شفاهية، وروايات سماعية)! ولعلي لا أحتاج أن أذكر، هنا، أني أحاكم الباحث عبدالله إلى (معياره) الذي وضعه بنفسه! فهو قد عاب، في كتابه، خلاصات بعض من انتقدهم قائلاً إنها (تقوم على الروايات السماعية والأخبار الشفاهية غير الدقيقة)، ومن ثَمّ وسمها بأنها (نتائج بكماء) و (خلاصات عرجاء)!! علما بأن عبدالله أقر، في كتابه حسب المقتطف أعلاه، أن د. محمد محمود، نفسه، لم يشر إلى معلومة (التلمذة) هذه في كتابه!

    وفي تقديري، أرى أنه كان على الأستاذ عبدالله، ومن منطلق (الصدقية البحثية)، أن يتأكد، على الأقل، من معلومة (التلمذة) بنفسه من الدكتور الفاضل، ويثبتها في كتابه للقاريء! بدلا من الاعتماد على (الأخبار الشفاهية) و (الروايات السماعية) عنها! فدكتور محمد محمود موجود، والاتصال به متاح! والتلمذة (خصوصا في أمر كالفكرة الجمهورية) لا تجزي فيها (شهادة) الشهود! خصوصا إذا كان (المعني بالتلمذة) على قيد الحياة، وقد اختار (السكوت) في مقام هو أنسب المقامات للإفصاح عن هذه (التلمذة)، ألا وهو إصدار كتاب في (تحليل) فكر (المعلّم) المفترض! والباحث عبدالله، لا بد يعلم أن معلومة (التلمذة) ذات وزن عند القاريء _خصوصا القاريء غير المطّلع_ من حيث اعتماده لصدقية (نتائج) و (خلاصات) الدكتور، حول شخص الأستاذ محمود، وفكره، وتلاميذه! كيف لا، ود. محمد محمود، بشهادة الباحث عبدالله، يكتب عن (معرفة بالداخل بالفكرة وبالمجتمع الجمهوري)!

    لذلك: سأستعرض في هذه الحلقات بعض (النتائج) و (الخلاصات) التي استخلصها د. محمد محمود، في كتابه، بغرض إثبات أن الباحث عبدالله الفكي أعطى كتابة د. محمد محمود أكثر مما تستحق بكثير! وتغاضى عن مثالب عديدة فيها! فكتابة د. محمد محمود، في تقديري، تسير في نفس اتجاه كتابات غيره التي ذمّها الأستاذ عبدالله الفكي، إن لم تجزْها!! فالأستاذ عبدالله ذمّ بعض الكتابات قائلا إنها:
    (تنقصها المعلومات وضعف الإلمام بالحقائق التاريخية.. واتسمت بالضعف والسطحية والمهاترة والمجافاة للمصادر والمراجع، الأمر الذي يجعلها لا ترقى لمستوى الدراسة العلمية، وإنما تظاهرة بحثية هتافية فاقدة للأركان العلمية، وينقص أصحابها الورع العلمي والحصافة والكياسة المعرفية، كما أنها تقوم على الروايات السماعية والأخبار الشفاهية غير الدقيقة)!!

    وفي هذه الحلقة، والحلقات التالية، سنرى كيف أن د. محمد محمود يتبع أسلوبا غريبا في كتابه، حيث يأتي بمقتطفات من كتب الأستاذ محمود وأحاديثه، بمراجعها، ثم يقفز منها إلى نتائج وخلاصات تبدو وكأنها معدّة (مسبقا) عنده، ولا تسندها المقتطفات التي أتى بها!!

    أما الآن، وكما قلت أعلاه، فسوف أستعرض في هذه الحلقة الموقف الأول من موقفين أرى أن هناك شبه إجماع عليهما، حتى من كثير من المعارضين، وهما: 1- موقف الأستاذ محمود المناهض لحل الحزب الشيوعي عام 1965، انطلاقا من كفالة حرية التعبير والتنظيم! و 2- دور الإخوان الجمهوريين، تحت رعاية الأستاذ، في تأسيس ورعاية وإدارة أركان النقاش والحوار في الجامعات والشوارع والميادين العامة!

    فلنسمع، أولا، ماذا قال دكتور محمد محمود في كتابه عن موقف الأستاذ (المناهض لحل الحزب الشيوعي) سنة 1965!!

    على صفحة 21 من كتابه يحدّث د. محمد محمود قراءه عن موقف الأستاذ محمود، المناهض لحل الحزب الشيوعي، فيقول:
    (كان طه ناشطاً في الحلف العريض المناهض لحل الحزب الشيوعي، وقد كتب ردا شن فيه هجوما حارقا ضد منشور الترابي، حيث وصفه بأنه "متهافت، و سطحي، وينضح بالغرض، ويتسم بقلة الذكاء الفطري". وقد أكد طه على نقطة أساسية وهي أن المادة المتعلقة بحرية التعبير وحق التنظيم وفق القانون هي روح الدستور وأصل كل القوانين. إلا أن موقف طه كان ذا طبيعة أكثر تعقيدا. فدافعه لاتخاذ ذلك الموقف، لم يكن فقط إيمانه بكفالة حق حرية التعبير وحرية التنظيم للشيوعيين، بل، للمفارقة، كان مدفوعا بكراهيته العميقة للشيوعية، وللماركسية أيضا! وقد احتج بأن الحزب الشيوعي عندما يضطر للعمل السري، تحت الأرض، فإن الشيوعية ستكسب سحرا مغريا وجاذبا، وبالتالي تمثل خطراً أكبر)!!

    أولا: لم أسمع أن هناك شخص هو (على معرفة من الداخل بالفكرة الجمهورية والمجتمع الجمهوري) وتتلمذ للأستاذ (سواء لفترة وجيزة أو غير وجيزة)، قد وصف الأستاذ محمود بأنه كان مدفوعا لعمل أي شيء من منطلق (كراهية عميقة) - (profound antipathy)!! فالأستاذ محمود يدعو إلى (محبة الأحياء والأشياء)! ويقول إن (محبة الأحياء والأشياء) من (مقتضيات العبودية)! بل (لا تصح عبودية العبد بدونها)! وكثيرا ما يستدل بقول الشيخ العبيد ود ريّه: (الما عندو محبة، ما عندو الحبة)!

    الأمر الواضح، لي على الأقل، أن (خلاصة) د. محمد محمود أن الأستاذ محمود في مناهضته لحل الحزب الشيوعي (كان مدفوعا بكراهيته العميقة للشيوعية، وللماركسية أيضا) ما هي إلا مجرد تحامل، لم يقم الدكتور عليه دليلا!! بل أقوال الأستاذ، وفعاله، تدل على عكس ما يريده د. محمد محمود تماماً!! ثم إن (الحجة) التي نسبها د. محمد محمود للأستاذ بعد تقريره (المجحف) هذا: (وقد "احتجّ" بأن الحزب الشيوعي عندما يضطر للعمل السري، تحت الأرض، فإن الشيوعية ستكتسب سحرا مغريا وجاذبا، وبالتالي تمثل خطرا أكبر) لا تقف في مصلحة خلاصته!! فهذه الحجة رفعها الأستاذ محمود، في وجه الترابي، تحديدا، حيث (حجّ) الترابي بأن (مجاهدته في حل الحزب الشيوعي) لن تحقق له ما يريد! ذلك أن الاضطهاد والكبت لا يوقف الأفكار، بل يزيدها سحرا، ويزيد من عطف الناس عليها!! فقد قال الأستاذ محمود، تحديدا، ما يلي:
    (ومهما يكن من الأمر فإنّ الدكتور الترابي ليس ضد الشيوعية إلا بعقله الواعي الذي يظهره لسانه، أما تكوينه الداخلي، في محتويات ثقافته، فإنها من نفس المادة التي صُنِعت منها الشيوعية! ولذلك فإن أقواله ضد الشيوعية! وأعماله لمصلحة الشيوعية، من حيث لا يدري.. ومن هذا القبيل مجاهدتُه الشديدة في حل الحزب الشيوعي! فإنّ حل الحزب الشيوعي لا يضر الحركة الشيوعية، بل يمكّن لها في البلاد.. لأسباب عديدة منها:
    1- الشيوعية فكرة.. والأفكار لا تحارب بسن القوانين التي تضطهدها، وإنما تحارب بالأفكار.
    2- الشيوعية حركة عالمية، وليست حركة في داخل السودان وحده، ومحاربتها بالقوانين لا تقتلها، وإنما تضطرها لتنزل تحت الأرض، وتستمر في نشاط سري يزيد من سحرها ويغري بها).. الخ

    هذا ما كان من أمر (المقتطف)! وكان أولى بالدكتور أن يورد (السياق) الذي ورد فيه هذا المقتطف الذي خرّج منه زعمه بأن الأستاذ محمود، كان (للمفارقة) مدفوعا (بكراهيته العميقة) للشيوعية وللماركسية أيضا، في دفاعه عن كفالة (حرية التعبير والتنظيم) للحزب الشيوعي! أليست (خلاصة الدكتور هذه) هي عين (المفارقة)؟؟

    الواضح أن د. محمد محمود "اقتلع" عبارة الأستاذ محمود من سياقها، ليحمّلها ما لا تحتمل، ويخلص منها إلى ما يريد من (إدانة) جاهزة (مسبقا) عنده!

    جدير بالذكر، أن (الحجة) التي تقول بأن اضطهاد الأفكار وكبتها، بالقوانين أو بالمحاربة، يزيد من سحرها وإغرائها وعطف الناس عليها، إنما هي (حجة) دارجة عند الأستاذ، وقد استخدمها فيما يخص فكره هو نفسه، وكذلك فيما يخص الدعوة الإسلامية، أول ما انبثقت!

    علاوة على ما ذكرتُ أعلاه، فإنّ أبلغ مثال، عندي، على تحامل الدكتور هو ما قرّره الدكتور بنفسه!! ذلك أن دكتور محمد محمود قرّر، في كتابه، أن الأستاذ (يقف بقوة إلى جانب التسيير)، ومعنى ذلك أن الأستاذ (يؤمن) بمبدأ (التسيير) في الحياة!! فقد ذكر الدكتور في (الفقرة الثانية) على صفحة (112) من كتابه ما يلي:
    (في سياق مراجعته وتقييمه للمواقف التقليدية في الجدل (حول التسيير والتخيير) يقف طه بقوة إلى جانب "التسيير". بل إنه يعادل موقف من يقولون بالتخيير، بالشرك، ويقرر إن سوء فهم هؤلاء للموضوع ناتج عن ملاحظتهم السطحية لبعض تصرفات البشر، وعن فهمهم السطحي لبعض آي القرآن)!!

    فكيف يتسنى لمؤلف محايد أن يقرر عن شخص، في كتابه، أنه (يقف بقوة إلى جانب التسيير)، بل يقرر عنه إنه (يعادل موقف من يقولون بالتخيير "بالشرك")، ثم يقرر في سياق آخر، من نفس الكتاب، أن (ذات الشخص)، حين دعا لكفالة حرية التعبير، وحرية التنظيم، للحزب الشيوعي، بل تحمّل الأذى في سبيل ذلك، كان مدفوعا ("بكراهيته العميقة") لمذهبية هذا الحزب الفكرية؟؟ الواقع، أني لا أعلم أحدا من الماركسيين، ولا حتى من غلاة معارضي الأستاذ، قد وجه اتهاما كهذا للأستاذ: ("طه" في مناهضته لحل الحزب الشيوعي كان مدفوعا بكراهيته العميقة للشيوعية، وللماركسية أيضا)!! فلم يبق، إذن، إلا التحامل، والإجحاف! بل إن (صيغة) الاتهام نفسه (مرتبكة) ولا تستقيم!!

    الواقع، المثبت، أن الأستاذ محمود لا يقف بقوة إلى جانب (التسيير) فحسب، بل هو يقول بالتسيير "المطلق"! ويقول إن كل الغرض من العمل، في الشريعة، أن يقودنا لاستيقان هذه الحقيقة (حقيقة التسيير المطلق في الوجود) فنبلغ حريتنا، من ثَمّ! ومن هذا المنطلق، يقول الأستاذ محمود عن (الماركسية)، التي يزعم د. محمد أن الأستاذ (يكرهها كراهية عميقة)، ما يلي:
    (ميزاننا، إذنْ، اليُمْكن نَزِنْ بيهُو الماركسية هو: (لا إله إلا الله).. هو دقة التوحيد المنتظم الوجود، في أعلاه، وفي أسفله!! وانطلاقاً من هذا الميزان يجب أن نصحّح مفهوم شائع، هو: أن الماركسية ما حقها يتكلّم عنّها الناس _خصوصاً إذا كانوا دعاة إسلام_ ذلك لأن الماركسية "رجس من عمل الشيطان"، وأنها لا حاجة لنا بها!! وأول ما يجب أن يُصحّح بميزان: (لا إله إلا الله) هو: أن ليس هناك باطل مطلق يمكن أن يدخل في الوجود!! كل ما دخل في الوجود إنما دخل بإرادة إلهية! والإرادة لا يمكن أن تكون باطل مطلق! وما نراه نحن باطل في الإرادة، إنما هو باطل "حكم"، باطل "شرع"، باطل لمصلحة وجهة نظرنا نحن! لكن، من وجهة نظر الحق، ليس هناك إلا الحق!! وماركس ما جاء بحاجة ما أوحاها ليهو الله! حتى الإلحاد الإنتو ما عايزنّو في الماركسية، ما دخل في الوجود إلا بوحي إلهي، لحكمة إلهية، يجب أن يتابعها الناس، حتى تنجلي ليهم! ومن الخطأ أن نرفض أي شئ من التراث البشري بحكمنا عليه أنه باطل مطلق)!!

    ويقول الأستاذ محمود أيضا:
    (النقطة البنبتدي منّها، هي نقطة عدم الرفض المطلق لماركس! ونقطة عدم القبول المطلق لماركس! يجي هذا من اعتبار أن فكره إنما هو نشاط بشري، فيهو خطأ، وفيهو صواب.. ولما نحن نقول إننا سنرى ما ليهو وما عليهو في الميزان، معناه إننا سنضع، في كفة الحسنات، حسناته، ونضع، في كفة السيئات، سيئاته.. والمجهود الإسلامي، كله، له هيمنته، على النشاط البشري كله.. لما قال، عن كتابنا: "مصدقاً لما بين يديه من الكتاب، ومهيمناً عليه.."، يعني أن كتابنا، يعني أن ديننا، مهيمن على الأديان، و كتابنا مهيمن على الكتب.. الكتب دي مش مجرد الكتب الأربعة المنزلة من السماء.. وإنما كل كتاب، حتى كتاب "رأس المال" بتاع ماركس، القرآن مسيطر عليهو، ومهيمن عليهو، ويستطيع أن يظهر الخطأ الفيهو، ويظهر الصواب الفيهو.. من هذا المنطلق نستطيع أن نتكلم عن "الماركسية"..)!!

    إلا أن المتتبع لكتابات د. محمد محمود، خصوصا كتابه محل إشادة عبدالله الفكي، لا شك يلحظ مثل هذه الأحكام "الشخصية" التي يطلقها الدكتور في حق الأستاذ محمود!! خصوصا اتهامات "العداوة" و "الكراهية" و "المقت" و "البغض"!!

    فهو، على صفحة (23) من كتابه يقول، مثلا، عن تأييد الأستاذ محمود لنظام مايو ما يلي:
    (كان طه من أوائل من سارعوا إلى تأييد الانقلاب العسكري، قائلا إن النظام الجديد قد وقف حائلا دون الطائفية. ومرة أخرى يظهر أن عداء طه وكراهيته للطائفية أكبر من التزامه بالديمقراطية)!

    وفي سياق آخر، على نهاية صفحة (22) وبداية صفحة (23)، يخبر د. محمد محمود قراءه أيضا عن "كراهية" أخرى عند "طه"! فهو يقول تعليقا على موقف الأستاذ محمود، من هزيمة يونيو، أن طه (يمقت) الأنظمة العربية العلمانية! بل يعتقد، مع قبيل من الإسلاميين، أن الله يشاركهم (مقتهم) هذا للأنظمة العربية العلمانية! وفي هذا منتهى التحامل من الدكتور!! لنسمع الدكتور:
    (تجاوب طه مع هذه الهزيمة الماحقة والمروّعة كان براجماتيا، ودينياً أيضا. فقد رأى في الهزيمة يد الله: أي أن الهزيمة كانت نذيرا عريانا ليعي العرب (والمسلمون) قلة حنكتهم وسوء تدبيرهم! فقد كان طه، وبعض الإسلاميين، يظنون أن الله يشاركهم مقتهم للأنظمة العلمانية العربية، ويمقتها كما يمقتونها، خصوصا نظام عبدالناصر)!!

    بالإنجليزي:
    Taha’s response to this devastating and shocking defeat was both pragmatic and religious. He saw in it the hand of God: this was a rude awakening to show the Arabs (and the Muslims) the folly of their ways. This much was shared by Taha and some Islamists who believed that God shared their loathing of Arab secularist regimes, particularly Nasser’s regime.


    جدير بالذكر أن هناك معلومة بسيطة يعلمها كل من تتلمذ (ولو لفترة وجيزة) للأستاذ محمود، وهي أن هزيمة يونيو لم تفاجيء الأستاذ محمود، فهو قد توقعها، وحذّر منها! حيث كان، إبان الأزمة وقبل الهزيمة بأيام معدودات، يحاضر في كوستي قائلا إن جمال عبدالناصر، بإعلامه المضلّل، إنما يخدع العرب ويسوقهم إلى مواجهة هم فيها مهزومون حتماً! هذا، في حين كان اليساريون والناصريون يخرجون في مظاهرات هادرة، عقب محاضراته، وهم يهتفون ضده (محمود عميل صهيوني)!

    وقد صدقت كل كلمة قالها الأستاذ محمود في هذا الخصوص، حتى تلك التي تتعلق بالمستقبل البعيد، من قبيل قوله إن العرب، بانسياقهم وراء بطولات ناصر الزائفة، سوف يأتي عليهم يوم يهرولون فيه نحو السلام، ولن يجدوه، حتى بتنازلات أكبر بكثير مما يرفضونه آنذاك!! وقد حدث!! علما بأن بعض هذه المحاضرات مسجلة ومنشورة على موقع الفكرة!!

    ولكن: إسقاطات وتقريرات الدكتور في حق الأستاذ محمود، من قبيل إضماره "العداوة" و "البغض" و "المقت"، لا تقتصر، للأسف، على "الطائفية" و "الشيوعية" و "الماركسية"، بل تتعدّاها إلى مجال آخر، حيث التحامل والإجحاف أكثر "قتامة"! فالأستاذ محمود "مُعادٍ للفكْر"، بحسب الدكتور!! هكذا!! أليس هذا عجبا!!؟؟

    فعلي صفحة (32) من كتابه يقول د. محمد أحمد محمود، عن الأستاذ محمود والجمهوريين، ما يلي:
    (بسبب معاداة طه للفكر، نمت وسط الجمهوريين ثقافة داخلية قوامها عدم الثقة في المعرفة المستقاة من الكتب. وقد ساهم الموروث الشفاهي للمجتمع في تزويد الجمهوريين ببعض "الكبسولات" من المعرفة الصوفية. ولكن المصدر الأساسي لمعرفة الجمهوريين وغذائهم الفكري المستديم كان كتابات طه الخاصة)!!

    Owing to Taha’s anti-intellectualism, the Jumhuris developed an internal culture that was mistrustful of book knowledge. The community’s oral tradition provided members with some encapsulations of Sufi knowledge, but the main source of their knowledge and their constant intellectual diet was Taha’s own writings.


    أكتفي بهذا الآن، وأواصل، بعون الله، في الحلقة الثانية..

    إبراهيم عبدالنبي


    http://##################/forum/viewtopic.php?t=8469andsid=aee96289e42da64e019edda0a9896ffehttp://##################/forum/viewtopic.php?t=8469andsid=aee96...a64e019edda0a9896ffe
                  

02-24-2015, 08:35 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    المراكز الثقافية التي أغلقتها الحكومة والحزب الجمهوري يسلمون مذكرتين لمفوضية حقوق الإنسان

    الخرطوم / حيدر احمد خيرالله
    سلمت منظمات المجتمع المدني التي قامت الحكومه باغلاق بعض مراكزها الثقافية وسط حضور كبير مذكرة لمفوضيه حقوق الانسان وتسلم المذكرة الاستاذ / كمال دندراوي مسئول المفوضيه للعلاقات الخارجيه وقد تم التسليم وسط حضور كبير من الناشطين واعضاء المنظمات واعضاء الحزب الجمهوري فيما قدم الحزب الجمهوري مذكرة حول عدم تسجيل الحزب الجمهوري ومن جهته أكد الاستاذ / كمال دندراوي بانه من اكبر المؤيدين لحق المراكز المغلقة في التعبير وإستنكر بشده ماجري على عدد من مراكز المجتمع المدني من اغلاق سيؤثر سلبا على حركة الوعي والإستنارة فى بلادنا ، (واعلن ) التزام المفوضية الكامل بالعمل على مناصرة هذه القضايا العادلة للمراكز التى تم اغلاقها وللحزب الجمهوري ، وطالب بتشكيل لجنة من المنظمات المتضررة من القرارات ، فيما اكد البروفيسور / حيدر الصافي شبو عضو اللجنة التنفيذية لمركز الأستاذ / محمود محمد طه والأمين السياسي للحزب الجمهوري ، على ان هذه المذكرة التى تم رفعها من منظمات المجتمع المدنى تؤكد على ان السبل لإسترداد الحقوق منفتحة على كل الخيارات ومبذولة للجميع وان هذه الوقفة بكل نضجها جعلت من المفوضية شريكا رئيسيا نحو مفهوم سيادة القانون ، وشكر مندوب المفوضية على سعته ورحابة صدره فى استقبال مقدمي المذكرة ووعده لهم بمتابعة قضيتهم ..وقد اوضح الدكتور حاج حمد محمد خير انه قد كون لجنة لمتابعة المذكرتين وما سيتمخض عنهما من نتائج وتتكون اللجنة من الأساتذة :
    د. حاج حمد عن كونفدرالية منظمات المجتمع المدنى ، وبروف / حيدر الصافى عن مركز الأستاذ / محمود الثقافي والمسؤول السياسي للحزب الجمهوري وابوبكر عبد الرازق محمد / عن منظمات المجتمع المدنى ،ومشهد عثمان /عن منظمات المجتمع المدني، وحيدر احمد خيرالله مسؤول الاعلام والناطق الرسمي للحزب الجمهوري ،
    هذا وقد اشاد الناشطون بالطريقة المتحضرة والمتفاعلة التى تعاملت بها مفوضية حقوق الإنسان ..

    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=78214:2015-02-23-18-43-33andcatid=42:6-5-3-1-4-9-0andItemid=60http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-3-1-4-9-0andItemid=60
                  

02-25-2015, 10:54 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    توثيق حسين خوجلي (للإستتابة )!!. بقلم: حيدر احمد خيرالله
    *
    نواصل مع صحيفة الوان وهى تنشر مازعمت انه توثيق لإستتابة ابناء الاستاذ / محمود الاربعة الذين تمت استتابتهم فى ابشع عمل ينتهك حق مواطنين عزل بيد نظام باطش اعدم والدهم الذى واجه الموت برجولة الرجال وصمامة اصحاب الافكار ، وب رغبة اكيدة منه فى ان يكون الفداء لشعب آمن به ايمانا لايهتز بانه الشعب الذى يستحق ان نضحي من اجله ، بارواحنا .. وقد كان .. ومضى الرجل مبغيا عليه ، ثم انطلق اخصياء الموقف والفكر فى مشهد يثير التقزز من مشايخة السلطان وهم يبتدعون ما اطلقوا عليه اسم الاستتابة ، ويجتمع الغرض والإثارة عند ( موثق ) الوان ليسمي هذا العبث ( بالتاريخ السري للاخوان الجمهوريين ) ولم تكن فى الامر سرية فقد تمت هذه المهزلة على شاشة تلفزيون السودان والشعب السودانى يكاد يتقيأ من سوء المنظر ، وسوء السلطة التى عجزت عن احتمال اربعة افراد مجروحة دواخلهم من بشاعة الفعل الشنيع !!وبعد ثلاثين عاما تخرج لنا صحيفة الوان .. لا لتدين الفكرة المقرفة انما لتسمي هذا العمل تاريخا سريا للاخوان الجمهوريين ..
    *ولكي نبتلع الطعم مضت الوان بالحديث عن تصنيفات للجمهوريين : بان منهم من ترك الفكرة نهائيا ، متحدثين عن انشقاقات تنظيمية وفكرية ونفسية عميقة لدى الكثيرين منهم ، والحقيقة ان المزايدة على هذا الامر من صحيفة حسين خوجلي تتسق وسلوكه تجاه الفكر الجمهوري تماما ، ومنذ ايام العمر الباكر ، فان المجتمع الجمهوري لازال هو المجتمع الجمهورى ، وان اختلفت الاراء والرؤى حول تقديم الفكرة وفق مقتضيات الحاجة الحاضرة ، والبعض يرى ان تظل الحركة على شكلها القديم من عمل داخلي ، فاين هى الانشقاقات الفكرية التى تزعمها الوان ؟!والانشقاقات التى يحدثنا عنها كاتب التوثيق موجود فى رغبته المستترة والتى بدات تخرج للعلن وليس فى واقع المجتمع الجمهوري كما تروج هذه الجماعة ، وحتى الان لانجد جماعة فى السودان باكثر تماسكا من المجتمع الجمهوري تتمسك بالفكرة وتتفق عليها وتنمي ادب الاختلاف وادب الحوار وتقول بالاسلام رسالتين وتواجه الهوس الديني فى كل مستوياته وتوضح الفروق بين (التوثيق ) و (التوسيخ)..
    *ويتناول المسمى بالتوثيق الحزب الجمهوري الذى تحاول اسماء تسجيله من هذا المنبع وهذا السبيل .. ومالم يقله الموثق ان هذا التسجيل الذى منعته جماعة حسين خوجلي لم يجد منه ولاكلمة ادانة واحدة وهو الداعي لحزب السودانيين فهل صمت صاحب الوان وداعية حزب السودانيين عن الانتهاك الصارخ لحكومته وهى تصادر حق الجمهوريين فى التنظيم والتعبير لأنهم غير سودانيين ؟ ام الأنهم ارتبطوا بالافكار التى تفضح كل مدارس الهوس الديني وفى كل مستوياته وبلا أ دنى حياء تواصل الوان الكيل بمكيالين وتكتب : (هذا الملمح السريع اردنا ان نميط اللثام عن احداث وشخوص ظلوا فى الذاكرة لأنهم ارتبطوا بالافكار فلعلها تستفز البعض استفزازا طيبا لإعادة كتابة تاريخ الافكار فى بلادنا من اقصىا ليمين الى اقصى اليسار) فلو صدق كاتب التوثيق فيما يدعي لدافع عن حق الجمهوريون فى التعبير والتنظيم ، ولأدان تصرف مسجل الأحزاب من عدم تسجيل الحزب الجمهوري ولطالب النظام بان لايقصي احدا من الاحزاب ..وهذه لن يفعلها الحسين ..فهو وقبيله كالاسماك ان عاشوا بعيدا عن مياه الإقصاء تموت .. وسلام يا ..
    سلام يا
    يلزمنا من هذه الزاوية حق الاعتذار للدكتور / حاج حمد محمد خير منظم النشطاء المدافعون عن حق التعبير والتنظيم الذى صادرته الحكومة عن الحزب الجمهوري وبعض المراكز الثقافية فيما ذكر خبرنا انه من كونفدرالية منظمات المجتمع المدنى والتى لاتربطه بها علاقة .. نعيد له الاعتذار ونسال الله ان تكون جهوده مقبولة عند الله وعند ابناء هذا الشعب الصابر ..وسلام يا ..
    الجريدة الاربعاء25 /2/2015


    سودانايل 25 فبراير 2015
                  

02-25-2015, 10:56 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    واسيني والمريود .. بقلم: عماد البليك
    لا يحكى
    صورة مؤثرة تناقلها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الفيسبوك تحديدا، تصور الروائي الجزائري واسيني الأعرج وهو يقف أمام قبر عبقري الرواية العربية الأديب الراحل الطيب صالح، تدس وراءها الكثير من المعاني عن فكرة الحياة وما تدثره وراءها من قيم أخرى كالموت والخلود والمطلق التي تتجاور كشيء واحد.
    توفي الطيب صالح في يوم الاربعاء 18 فبراير 2009 وهو اليوم نفسه الذي توفي فيه الفنان الكبير محمد وردي في 18 فبراير 2012 و18 يناير كان رحيل المفكر محمود محمد طه.. وقبله بيوم (17 يناير) رحيل مصطفى سيد أحمد ومحمود عبد العزيز. وكأن هذا الرقم 18 له قدر محبوك مع الموت.
    هذه نقطة عرضية. لكن المهم. أن القبر الذي بدأ بسيطا جدا وعليه لافتة كتب عليها تاريخ الوفاة 17 فبراير بدلا عن 18 فبراير.. جعلني في إرباك عن الحقيقة رغم ان اغلب المصادر على الشبكة التي رجعت لها أشارت إلى 18 فبراير، فلا أعرف من أين جاء الخطأ.
    أولا فإن المبادرة التي قام بها واسيني الأعرج وهو يزور قبر الحبيب، قبر المريود، كما يلقبه محبون، تستحق التجلة والتقدير، سواء كان هو صاحبها أم جاءت من شخص آخر. وبغض النظر عن الضجيج الذي صاحب زيارة واسيني إلى الخرطوم ودعوته من قبل اللجنة المنظمة لمسابقة الطيب صالح التي تدعمها شركة زين. واختلاف من اختلف حول إفادات الأعرج.
    فهذا الموقف يُجب الكثير جدا. ويختصر معان لا تحصر سواء تعلق البعد بالأديب الراحل أو الأديب الحاضر واسيني الأعرج الذي رغم عدم التقائي الشخصي مع نتاجه الإبداعي ورواياته التي أرى طغيان الذاتي والسياسي والأيدلوجي عليها، إلا أنني بمجرد أن رأيت هذه الصورة حتى احترمته كثيرا فهو موقف يسجله التاريخ، وهذه الصورة من الصور النادرة التي ستبقى في الذاكرة. اتكلم عن ذاكرتي وعن ذاكرة الكثيرين. إذ سرعان ما تداولها الناس وعلقوا عليها بكل اعتزاز وفخر ان في هذا الوطن ما يستحق الزيارة.
    مناسبة ذلك.. واقعة أخرى. ذكرها مرة صديق مهاجر في أحد دول أوروبا، قال إنه كان في إحدى المناسبات عندما سئل عن أي معلم أو شيء معين يفتخر به في بلده، بمعنى آخر ما هو الشيء الذي يمكن القول انه يعكس ضمير السودان النابض، يقول إنه تلفت يمينا ويسارا ولم يعرف ماذا يقول، أو بماذا يرد، إلى أن جاءته صورة نهر النيل وهو يشق الأرض السودانية عبر الغابات والمستنقعات والصحاري وصورة الخرطوم ومقرنها.. وتوتي.. لكنه تذكر فجأة أن هذا النهر ليس ملكا للسودانيين وحدهم، كما تذكر ايضا أن الشرط الذي يتعلق بالاختيار أن يكون ما ستفخر به هو شيء إنساني له صلة بالإنسان سواء كان شخصية يمكن الفخر بها أو معلم من صنع الناس، وليس هبة الطبيعة.
    قال الفرنسي إنه يفتخر بقوس النصر، وقال البريطاني ساعة جرينتش وقال الصيني سور الصين العظيم، وقال المصري أهرام خوفو، وهكذا.. أغلبهم إلا قلة وجد ما يشير به إلى بلده حتى أن الروسي تلفت وقال تولستوي.. يبدو انه لم يعثر على معلم بعينه. استمر السوداني في حيرته.. وأخيرا وبعد أن خرج فكر لماذا لم يذكر الطيب صالح.
    هذه القصة الواقعية التي غابت تفاصيلها عني وكان محمد جمال الدين أحد رواتها وهو شاب سوداني أديب مقيم في هولندا، أصدر رواية بعنوان "حرب الأنهار". تقود إلى أمر هام، أي شيء عظيم نجحنا في وضعه كصورة ذهنية طوال العقود الماضية من عمر هذا الوطن. وربما منذ الماضي السحيق. حتى الأهرامات التي يمكن أن نفاخر بها في ولاية نهر النيل، فهي ليست حضارتنا وحدنا.
    وعودة إلى البرج اليتيم بالخرطوم الذي ذكرته بالأمس. فإذا غاب عنها لا تعد للخرطوم إلا صورة القصر الجمهوري القديم. سنقول حدائق الدندر أو مدينة سواكن القديمة أو جبل مرة بجماله الباهي أو كسلا الخضراء أو الانقسنا وجبال النوبة وسد مروي حديثا. وووو. لكن السؤال أي معلم أو ملمح منها اكتسب الانتقال إلى فضاء العالم وبات صورة ذهنية رائعة يتجلى وراءه هذا الوطن.
    كثير من الدول نعرفها بمجرد صور كهولندا التي منها محمد جمال الدين، لأنه قطعا أصبح مواطنا هناك. فهي بلد الطواحين الشهيرة ومنذ الصغر كنا نشرب الحليب الهولندي في الصباح الباكر، في حين أن بلدنا مليء بالأبقار التي لا حصر لها، لكنها لا أحد يهتم بها.
    الطيب صالح قامة بحجم وطن. يرقد في هدوء بمقابر البكري في أمدرمان.. ذهب إلى الله في هدوء وترك وراءه تراثا يستحق النظر فيه.. واحد من الذين قدموا لهذا الوطن إضافة نوعية من خلال الصور الذهنية الرائعة التي رسمها عبر رواياته التي هي حفنة، كحفنة التمر وليست ذلك الكم الكبير، لكنها عميقة.
    رسم في "عرس الزين" صورة السودان الذي يمكن أن يكون موحدا ولكن لا أحد اهتم. ومرة كتبت ان عرس الزين تصلح لتدرس في الجامعات والمدارس فهي صورة مصغرة للسودان الذي يمكن أن يتعايش من خلال التنوع الثري الذي يتمتع به. بدلا من دراسة كتاب الأيام لطه حسين في فترة من الفترات أو الشاعر الطموح عن المتنبي وغيرها من الكتب التي لا ترسخ أي معنى ولا بعد معرفي ثقافي بالأرض والبيئة والموطن للطالب أو الطالبة.
    صناع القرار الثقافي والتربوي في البلاد، كما السياسي، يعملون برزق اليوم.. باليوم. فهم لا ينظرون بأبعد من اللحظة ولا يتأملون في المآلات أو كيف تُبنى الأمم، فهم ليس لديهم الوقت الكافي لذلك لأن ثمة هموم أخرى هي أهم. ويا لعجبي! لكن الأهم جدا أن الأمم هي ثقافة وحضارة وسياقات من التشابك المعرفي الذي يقوم على تعزيز معاني الوطنية والانتماء بعيدا عن كل الصراعات والقبلية والصور المجتزأة التي تعطي تلخيصات غير سليمة عن الأوطان والإنسان.
    شكرا واسيني الأعرج أن فعلت ذلك. شكرا لهذه الزيارة. ونأمل أن تكون هذه الصورة المعبرة بداية للاهتمام بالتراث الثقافي والإنساني في السودان. وأن يعزز الاهتمام بالطيب صالح بمتحف يحمل اسمه يكون قبره في وسط هذا المتحف. متحف يضم مقتنياته الشخصية ومخطوطاته والكثير من الأمور المتعلقة به وأن ينجز ذلك بالموافقة والتعاون مع عائلته في بريطانيا، ولاشك أنهم سيكونون في أشد السعادة لهذا الاهتمام.
    ان كثيرا من الوثائق والسجلات والمحفوظات للأسف تضيع لأننا لا نعرف كيف نهتم بها، صحيح ثمة جهود في هذا الإطار. لكن الضياع يحدث والفوضى تعم بمجرد أن لا يكون هناك من يهتم بشكل رسمي وعلمي بذلك بعيدا عن أي مصلحة مؤقتة يستفيدها ويعود لحاله.
    mailto:[email protected]@gmail.com

    نقلا عن سودانايل 25 فبراير 2015
                  

02-25-2015, 10:57 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    البرجوازية الصغيرة-الصفوة: نهج عبد الخالق محجوب .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم

    إذا أردنا أن نمسك حقاً بسبب الهرج ضارب الأطناب في بلدنا وجب علينا أن ننمي تقليداً نقدياً لفئة البرجوازية الصغيرة المدينية المتعلمة أفضل مما هو متاح لنا. وهو علم كتب دروسه الباكرة أستاذنا عبد الخالق محجوب ثم أندرس. فما زلنا نسميها الصفوة ونشق الجيوب لخذلانها لنا بمنطق أنها مستودع علم نافع ضلَّ وإرادة للخير تهافتت أو ريادة نكصت على عقبها. وهذا نقد يفترض أن ضلال الصفوة المزعومة مجرد عثرة ستفيق منها، وإن طال الزمن، متى أحسنا ال "حوار مع الصفوة". وهذا افتراض كاذب اقتضانا انتظاراً طويلاً عقيماً لعودة الصفوة المزعومة إلى طريق الرشد والهداية.
    الصفوة المزعومة طبقة اجتماعية قائمة بذاتها كانت معروفة ب "الأفندية" أيام العز والجعاصة. ولها ككل طبقة اجتماعية صفوتها أو صفواتها. وصفوة الطبقة هي "أركانحربها" الفكري التي تشيع وجهة نظرها في المعاش والمعاد بين الناس وتغريهم بصواب طبقتها وتقبل صدارتها في المجتمع بأشكال تتراوح من التعبير السياسي المباشر حتى خلجات الإبداع الروائي والسينمائي والتشكيلي. ولا نقول "تشيع" هنا بمعنى البروبقندا فحسب لأنه قد يكون من بين تلك التعبيرات ما قد يقسو على الطبقة المخصوصة ويكاشفها بعللها حتى تسقيم على جادة مصالحها الحقة وتسلم من الشطط الذي قد ينفر الناس من قيادتها لمجتمعهم.
    كان للبرجوازية الصغيرة الأفندية حداتها خلال الحركة الوطنية من أمثال الشاعر علي نور. كما كان للافندية البرجوازية الصغيرة نقدتها الباكرين من مثل الأستاذ محمود محمد طه الذي اعتزلها وغادر مؤتمرها للخريجين بعد أن نعى عليهم فقرهم للمنهجية. وخاصة حين تفرق هؤلاء الخريجون شيعاً لائذين بالطوائف الدينية السياسية التي كانت في نظر الأستاذ مؤسسات متخلفة عن ركب الدين وركب الحياة. بل خرجت صفوات راديكالية أخرى من الأحزاب الاتحادية خاصة وأسست الحزب الشيوعي طمعاً في تحالف من نوع جديد مع الحركة الوطنية العمالية التي شقت عصا الطاعة على المستعمرين. وكان بينهم الأساتذة حسن سلامة وحسن الطاهر زروق وحسن أبو جبل ممن صاروا شيوعيين. ومنهم الأستاذ أحمد خير الذي مال إلى اليسار بغير انضمام لحزبه كما يشهد كتابه "كفاح جيل".
    لم نحسن في اليسار معرفة البرجوازية الصغيرة كفئة اجتماعية ذات موقع معلوم في عملية الانتاج برغم تحسبنا من شرورها على حزبنا الشيوعي من مثل الذبذبة والتهريج والعجلة والمغامرة التي يعقبها التهافت واليأس والزهادة في القضية. وربما كان سر ملكة أستاذنا عبد الخالق القيادية العالية هي علمه الدقيق الفصيح بهذه الطبقة. ومن أراد الوقوف على هذه الملكة فليقرأ تقويمه لانقلاب 25 مايو المقدم إلى مؤتمر الكادر الشيوعي الإستثنائي في أغسطس 1970. وفيه أمسك بطموح هذه الطبقة السياسي الذي توسلت فيه إلى الحكم بالعنف واستولت عليه بالانقلاب. وفيه أعاد قوله إن الانقلاب هو تكتيك البرجوازية والبرجوازية الصغيرة خلال مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية. وهو تكتيك على النقيض من منهج الطبقة العاملة وحلفائها الداعي إلى مراكمة القوى والصبر في المنشط والمكره بالدعوة إلى سبيل المجتمع الجديد بالموعظة الحسنة. ومن أسف أن هذه الطبقة وحيلها قد غابت عن رادار الحزب الشيوعي منذ وفاة الرجل.
    وسنجدد معرفتنا بهذه البرجوازية الصغيرة المدينية متى وقفنا نتفحص خصائصها السودانية بصورة عميقة. فقد سبق لنا تعريفها على ضوء ما بلغنا عنها في الغرب الرأسمالي. فقلنا عنها إنها طبقة بينية، بين بين، في المجتمعات التي تهيمن على اقتصادها وسياستها طبقة البرجوازية. فهي بين طبقة البرجوازية المالكة لوسائل الإنتاج وبين الطبقة العاملة التي تبيع قوة عملها للبرجوازيين. وهي طبقة تعبر عن وعيها بذاتها بلغة مأخوذة من مصطلح الطبقة البرجوازية أي أنها تقبل النظام الرأسمالي ومنطقة لا تريد لسنته تبديلا. بل لا يطمع الواحد منهم في تحسن فرصه ومعاشه بغير أن يصبح مالكاً كالبرجوازيين. ومتي استقر المجتمع الرأسمالي على وتيرته تميزت البرجوازية الصغيرة بثقافة خاصة بها وعوالم من خيال وحقائق.
    وبالطبع فإن لهذه الفئة الاجتماعية خصائص سودانية مع احتفاظها بما يجمعها بهذه الطبقة في مجتمعات أخرى. فقد تَخَلَّقت في بلادنا في ظل الاستعمار. فهي لم تخرج من معطف برجوازية وطنية أكملت الثورة الليبرالية بإزاحة الإقطاع من سدة الوجاهة السياسية والاجتماعية ولملمة شعث الأمة في سوق وطني عظيم. فهي لم تنشأ لتخدم مثل هذه البرجوازية الغراء التقدمية ببيع قوة عملها الذهني (في السلك الكتابي والترجمة والهندسة وغيرها). فقد ولدت هذه الطبقة الأفندية البرجوازية لتخدم طبقة أجنبية مستعمرة في الوظائف الدنيا التي تعفف الاستعمار دون أن يأتي ببني جنسه لملأها. وعلمها المستعمرون علماً سماه "التجهيزي". ومعنى ذلك أنه اقتصر (ولربما لا يزال) على تزويد التلاميذ بمعرفة هي عبارة عن حرف ومهارات يؤدي بها الموظف المهمة المخصوصة فقط لا غير. وقد كان بعض احتجاج طلاب غردون أن الإنجليز حرموهم من المعرفة التي هي أوسع من الحرفة. وقد وجدت السيد رالف نادر، المثقف الأمريكي باصوله العربية المعروف، يفرق بين "التربية" (education) و"التلقين" (instruction). وكان نصيب طلبة غردون من العلم هو التلقين في حرف لا يتعدونها إلى سقف الثقافة الأرحب.
    جاء ميلاد هذه الطبقة الأفندية الجديدة بينياً (بين بين ) بصورة مركبة. فهي بين جمهرة الناس من الأهالي من جنسها وبين والاستعمار الذي أنشأها أول مرة. وهو استعمار هجين: إنجليزي مهيمن حتى على المصريين الذين شاركوه حكم "السودان الإنجليزي المصري". وله ثقافة مختلفة عن الأفندية في دينها وتراثها الآخر. وشاركت مصر في استعمارنا كما هو معروف وكانت الطرف الضعيف. ولكن حقها الدستوري على السودان جعلها مما تتطلع له افئدة الأفندية في طلبهم للاستقلال. كما نذكر عرضاً أن الأفندية احتجوا دائماً على سيطرة الجاليات الأجنبية (الملحقة بالاستعمار) على السوق: "طغى ابن اثينا واستكبر الأرمني" كما قال التيجاني يوسف بشير.
    وهناك منشأ آخر للتعقيد. فهذه الطبقة البرجوازية الصغيرة المدينية وجدت أن من فوقها طبقة سادة طوائف لهم زمام الأمر بين الناس. وتداخل بهذه الطبقة، التي توارثت السيادة، برجوازية تجارية رهنت مصيرها السياسي بهؤلاء السادة إلى حد كبير. وتخلقت من هذه الحلف الطائفي التجاري الصميم طبقة قابضة لم يستحسنها الأفندية وإن اضطرهم ضعفهم وحاجات ثانية للتمسح بأذيالها لأزمان طويلة. ووصف الدكتور محمد هاشم هذه الطبقة القابضة التي سدت أفق الأفندية ب "البلوتكرسي" في كتابه عن الحكم واستغلال النفوذ الذي نشره في آخر الستينات وأسدل عليه الهرج، الذي بدأ في 1969،ستار النسيان.
    وفي حديثنا القادم نقف على "ثقافة" هذه الطبقة التي استدبرت أهلها ولم تستقبل شيئا. وعاشت في ضلال مبين وشره عظيم لإطفائها مصباح المعرفة بأفواهها.

    mailto:[email protected]@missouri.edu

    نقلا عن سودانايل 25 فبراير 2015
                  

02-26-2015, 08:52 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: بقلم د. عارف الركابي
    اعـتـرافــات جـمـهــوري!!


    التفاصيل نشر بتاريخ الأربعاء, 25 شباط/فبراير 2015 13:51
    وحُقَّ الاستغراب والدهشة لمن يستغرب وجود أتباع للفكرة الجمهورية «المنقرضة»، ويزداد الأمر عندما تجد من يفصح عن انتسابه إلى الفكرة الإبليسية المسماة «الفكر الجمهوري»، ويبلغ العجب ذروته عندما يأتي من يحاول التبرير لمن ادعى الرسالة الثانية المرتد محمود محمد طه، فيحاول تغطية الضلالات التي جاء بها ليجد لها مسوّغاً !!! والأعجب أن ينسب ذلك للدين!! وإن كان من بقي من الجمهوريين ينكرون الارتزاق بالدين على طوائف وجماعات، فها هم وقعوا في ذات التهمة مع أن جرمهم أغلظ، إذ يحاولون تبرير ما دعا إليه متبوعهم ويلصقونه بالدين والدين منه براءٌ براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام. اطلعت على مقال نشر بصحيفة «سودانايل» الالكترونية لكاتبه د. عبد الله عثمان بعنوان: «هل في الفكرة الجمهورية أسرار؟ نعم ولا» .. هكذا عنوان المقال بإجابة الكاتب أن بالفكرة الجمهورية أسراراً وفي ذات الوقت ليس بها أسرار، ومما قاله الكاتب في الجزء الخاص بإثبات أسرار في هذه الفكرة المنقرضة قوله:
    «نعود، بعد هذا، للشق الثاني وهو نعم أن بالفكرة الجمهورية أسراراً. هي البداهة أنه طالما أن «فوق كل ذي علم عليم» فإن ما لا تعرفه أنت ويعرفه غيرك فهو بالنسبة لكل سر من الإسرار. بهذا المعنى فإنه سيظل في الدين أسرار، ولعل ذلك أيضاً يتضّح في الحديث الشريف «لو توكلتم على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، ولعلمتم العلم الذي لا جهل بعده وما علم ذلك أحد.. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: ولا أنا، الا أن يتغمدني الله برحمته». وفي حديث آخر عن العلوم التي عُلّمها النبي الكريم، في ليلة الإسراء، «علم نهيت عن تبليغه إذ علم أنه لا يطيقه غيري»!! وفي إجابة لسائل سأل بكوستي عن «صلاة الأستاذ» أجاب الأستاذ بقوله «أنا بصلي بإتقان شديييييييييييد لتقليد النبي لأمرو هو في التقليد لغاية ما أمرني بأن أكون أصيل، وقال لي ها أنت وربك وأخذت صلاتي الفردية من الله بلا واسطة» ...«ها أنت وربك» هذه هي بيت القصيد هنا. تلك «حضرة» لم يحضرها أحد غيره، بذلك فإن ما دار فيها فيها يظل «سراً» إذ بطبيعة الحال، وكما يقول الأستاذ، فإن ما يتعلمه المعلم في معهد تدريب المعلمين لا يقوله كله للتلاميذ، ذلك لأنهم لم يتهيأوا له بعد. والذي ينوبنا من تلك «الإلمامة» ونعلم طرفاً منه هو ما طرحه الأستاذ في مؤلفاته وفي جملة ما رآه الناس من حاله الذي عاش به بين الناس. وما لا نعلمه يظل حالنا فيه حال الابنة ميسون النجومي and#1645; التي قالت «أنا مقبلة على الأستاذ ورامية التصديق قدامي، الما بفهمو ما عندي شك اني حفهمو واصدقو» انتهى.
    قلتُ: أتى الكاتب بحديث جمع فيه بين حديثين مختلفين أحدهما قول في الحث على التوكل والثاني في بيان أن عمل العبد لا يدخله الجنة إلا أن يتغمده الله برحمته، فهذان حديثان صحيحان معلومان ولم يردا في حديث واحد كما أوردهما الكاتب!! ثم إنه أورد عبارة في وسط الحديث هي: «ولعلمتم العلم الذي لا جهل بعده وما علم ذلك أحد.. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: ولا أنا» فهذه العبارة لم أجدها في ما اطلعت عليه من كتب السنة، ولا أدري من أين أتى بها الكاتب؟!! وهي عبارة تشير إلى أن بعض الأمة قد يكون أعلم من النبي صلى الله عليه وسلم في دين الله وهذا ضلال مبين باتفاق المسلمين العالمين منهم والجاهلين.
    والحديث الثاني الذي أورده هو كذلك، فالكاتب بحاجة إلى أن يثبت العرش ثم ينقش كما يتهيأ له ويرغب، لكن هكذا يورد نصوصاً دون إسنادها إلى من رواها ومدى صحتها من ضعفها، وتعجب أنه أستاذ جامعي!!
    وقد أورد الكاتب في هذا المقال اعترافات مهمة تضاف إلى الاعترافات السابقة لابنة محمود محمد طه أسماء بشأن صلاته التي كان يصليها وتلقيه التشريعات مباشرة، وأنها تختلف مما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يؤكد ما صرَّح به صاحب الفكرة المقتول ردةً، بل بشأن طريقة تشريع محمود محمد طه لنفسه ولأتباعه الفكرة المخترعة من عنده، فقال الكاتب: «أجاب الأستاذ بقوله: «أنا بصلي بإتقان شديييييييييييد لتقليد النبي لأمرو هو في التقليد لغاية ما أمرني بأن أكون أصيل وقال لي ها أنت وربك وأخذت صلاتي الفردية من الله بلا واسطة» ...«ها أنت وربك» هذه هي بيت القصيد هنا. تلك «حضرة» لم يحضرها أحد غيره، بذلك فإن ما دار فيها فيها يظل «سراً» إذ بطبيعة الحال» !!!
    قلتُ: أين لقي محمود محمد طه النبي عليه الصلاة والسلام؟!! وهل يجوز إدعاء أن الشخص يحق له ويصح منه أن يتعبّد بشيء لم يشرعه الله تعالى في كتابه الكريم ولم يكن على هدى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم؟!! أقول: من نواقض الإسلام دعوى الخروج من الشريعة الإسلامية إلى تشريعات يدعيها أصحابها سواء من أصحاب دعوى الباطن والظاهر والعلم اللدني والتفريق بين الحقيقة والشريعة وغيرهم. وقد ختم الكاتب مقاله بنقل عن واحدة من أتباع الفكرة الكفرية الجمهورية إذ تبرّر بقولها: «الما بفهمو ما عندي شك اني حفهمو واصدقو» !! قلتُ: هذا نفسه قول بعض النصارى الذين لم يقتنعوا بفكرة التثليث وكيف يكون الواحد ثلاثة والثلاثة واحد، فقال بعضهم مبرّراً: سيأتي اليوم الذي نفهم فيه هذا الأمر وإن عسر علينا فهمه الآن.
    في ذات الوقت الذي قامت فيه العقيدة الإسلامية على الوضوح والإقناع وموافقة العقل والفطرة، إلا أنّ الهوى يجعل صاحبه يصر على فكره رغم عدم قناعته به، وربما العاطفة، فما أكثر نشر من بقي من الجمهوريين صور المقتول ردّة محمود محمد طه، ويبدو واضحاً حضور العاطفة في إصرارهم على تمجيده رغم وضوح فشل مشروعه وانهياره رغم أنه كان يبشرهم بغير ذلك. لقد نشرت أربعة مقالات في سلسلة حلقات قبل فترة بهذه الصحيفة بعنوان: «الموجز في بيان حقيقة الحزب الجمهوري وأهدافه» ومما قلته في تلك الحلقات مما يحسن أن يعلّق به على دعاوى الكاتب أعلاه قولي: «وقد سعى محمود محمد طه سعياً حثيثاً متواصلاً للدعوة إلى نسف القواعد والأصول والأحكام الشرعية في دين الإسلام، ويزيِّن ذلك أحياناً بمصطلح: «تطوير الشريعة» تبعاً لتطور البشر، وهذا ما ردّدته ابنته «أسماء» في الحلقة التلفزيونية في برنامج: «نادي الاعترافات»، وفي غيره، فقد قال محمود محمد طه: «وحين يتطور الإنسان بفهم الدين، في فهم الدين، يطـور شريعتـه، تبعاً لحاجتـه ولطاقتـه، من القاعـدة الغليظة إلى قاعدة أقل غلظة.. فالأفراد يتطورون في فهم الدين فيدخلون في مراتب الشرائع الفردية، والمجتمعات تتطور، تبعاً لتطور الأفراد، فترتفع شرائعها من قاعدة غليظة إلى قاعدة أقل غلظة».
    وهكذا يعبر بألفاظ واضحة فيقول: «فترتفع شرائعها» إذ هذه أهم أهداف ونتائج الفكرة الجمهورية، وهي إخراج المسلمين من دين الإسلام وجعل كل فرد منهم يتعبّد وفق ما يهواه وما يمليه عليه الشيطان بدعوى الوصول والأصالة، ويتم الإعراض عن شريعة الله التي بعث بها خير رسله محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.. هكذا بإيجاز واختصار يصرّح مخترع ما سمي الفكرة الجمهورية طريقاً يؤدي إلى جهنم والعياذ بالله ويكذّب القرآن الكريم، فقد قال الله تعالى: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً».. فهل بقي بعد هذا العرض الموجز لهذه الفكرة الشيطانية حجة لأحد يتعاطف معها أو مع مخترعها؟! وهل تجدي العاطفة أحداً أو تفيده وهو يطلع على هذا الكفر البواح؟!».
    وقولي: «إن «الأصالة» عند محمود محمد طه تعني أن يستمتع الفرد بترك التشريعات الواردة عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام وتحقيق الحرية الفردية المطلقة في أن يتعبّد كل شخص بالطريقة التي يتوصل إليها، فتقليد النبي محمد عليه الصلاة والسلام تكون في «أصالته» فإذا صار الفرد أصيلاً فلا يكون مقلداً وقتها وإنما ينفرد و «يستمتع» بترك التشريعات الواردة في دين الإسلام ويجعل له تشريعات بحسب ما يصل إليه!!!
    وهكذا ينسف الإسلام كله !! تحت نظرية الأصالة الجمهورية، وهكذا يتحقق هدف من أهداف الفكرة الجمهورية وهو رفع الأحكام الإسلامية التي أجمع عليها المسلمون واتجاه كل فرد بتشريع يناسبه في حرية مطلقة !! فلا تعجب إذاً أن يكون من أبرز المتباكين على محمود محمد طه شيوعيون وليبراليون وعلمانيون وبعض المنتسبين للطوائف الإسلامية التي تلبس عباءة العلمنة وتنادي بالحرية المطلقة.. هؤلاء هم من يقف في الخط الأول ممن يرددون ويصفون هذا الزنديق بــ: «الأستاذ» و «الشهيد» ويبعثون باللوم على ما يسمونه: «قوانين سبتمبر»، ويعتبرون النميري أخطأ وظلم بتنفيذ حكم الردة عليه.. وها نحن نضع بين أيديهم هذا الكفر الصريح والدعوة الشيطانية الإبليسية عسى أن يحدث لهم ذلك على الأقل حياءً فيكفون عن عباراتهم التي تردّد بين حين وآخر في هذه القضية

    http://www.alintibaha.net/index.php/عبدالجليل-ريفا/63903-اعـتـرافــات-جـمـهــوري.htmlhttp://www.alintibaha.net/index.php/عبدالجليل-ريفا/63903-اعـ...ــات-جـمـهــوري.html
                  

02-26-2015, 08:57 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    زيارات ولقاءات الأخوان والسلفيين بالترابي الأبعاد والمآلات .. بقلم: حسن محمد صالح
    الساحة السياسية هذه الأيام حبلي وقد تنجب ما لا يتوقعه ويدركه الكثيرون علي الرغم من أن البعض يتراي له نوع من الجمود وحالة من إنسدان الأفق السياسي علي إثر حالات التعثر التي أصابت مشروع الحوار الوطني الذي إنطلق قبل عام من الآن وكان رئيس الجمهورية قد دشن الحوار الوطني بخطابه الشهير بقاعة الصداقة بالخرطوم وأعلن من خلاله قضايا محورية تتمثل في وقف الحرب وتحقيق السلام وتحسين الوضع الإقتصادي وتحقيق الإنفتاح السياسي وحرية التعبير وتعمير العلاقات الخارجية . وقد جرت مياه كثيرة تحت الجسر منذ الإعلان عن إنطلاقة الحوار الوطني وجاءت أحداث أثرت علي الحوار منها علي سبيل المثال الإنتخابات العامة التي طالبت القوي السياسية بتأجيلها وأصر الحزب الحاكم علي قيامها ونفض بعض القوي يدها عن الحوار وعلي رأسها حزب الأمة القومي بزعامة إمام الأنصار ورئيس الحزب الصادق المهدي ثم ظهور ما عرف بإعلان باريس ولقاء أديس أببا ونداء الوطن الذي أطلقته الجبهة الثورية المسلحة واطراف من القوي السياسية المدنية في لقاءاتها وإجتماعاتها في عواصم إفريقية وأوربية .
    هذه التحركات كما هو معلوم أثرت سلبا علي الحوار الوطني ولكنها لم تقضي عليه فروح الحوار ما زالت ماثلة في ما عرف بسعة زايد سبعة وإطلاق خريطة الطريق للحوار من قبل الجمعية العمومية للقوي السياسية الموقعة علي الحوار والتي رسمت الطريق لمآلات الحوار ومحصلته النهائية وهناك بطبيعة الحال من يرون أن الحوار قد مات ودفن في مقابر المسلمين بأحمد شرفي ويرون أن البديل هو رحيل النظام وهذا لا يعني الخلاف علي آلية التغيير بين القوي السياسية السودانية في الحكومة والمعارضة فحسب ولكنه يعني وجود حالة من التباين والإصطفاف السياسي والأيدولوجي لا يقل عن ما حدث في العام 1985م عقب سقوط نظام الرئيس جعفر نميري عبر الإنتفاضة الشعبية الشهيرة وظهور قوي التجمع الوطني الذي مثل تكتل قوي اليسار السوداني التي ارادت تصفية الحركة الإسلامية السودانية بحجة تعاونها الوثيق مع النظام المايوي من خلال المصالحة الوطنية الشهيرة في العام 1976م والتي ضمت أحزاب الجبهة الوطنية بما فيها حزب الأمة والحزب الإتحادي الديمقراطي والإتجاه الإسلامي او الأخوان المسلمين كما يحلو للبعض .
    واليوم في واقع لا يقل عن ذلك الواقع وحقائق لا تختلف كثيرا عما خدث قبل ثلاثين عاما من الزمان وإن إختلفت الوسائل والتحديات فإن كثيرا من القوي الإسلامية في السودان تري أن هناك خطرا يتهدها من قبل خصومها السياسيين في الداخل و,أعدائها في الخارج والذين ربما تعاونوا مع بعضهم البعض للقضاء عليها بحجة الإرهاب والإسلاموية والأخوانية التي صارت في هذه اليام مبررا لضرب الإسلاميين والقضاء عليهم في كل مكان في العالم وإن تشبثوا بأستار الديمقراطية والحرية والإنتخابات والشرعية الدستورية كما خدث في مصر من إنقلاب عسكري أطاح بالحكومة المنتخبة من الشعب هناك وهذا التوجه المعادي للإسلاميين واضح في لغتهم الإعلامية ومنابرهم السياسية ومواثيقهم السرية ولعملية . والحقيقة الثانية التي تبصرها القوي الإسلامية السودانية في نفسها هي حالة الضعف والتشرذم التي تواجه هذه القوي وإن تعددت مشاربها ومسمياتها فالأخوان المسلمون الذين تمسكوا بإسم الأخوان المسلمين منذ الخمسينيات من القرن المنصرم يعتبرون قلة قليلة لم تتطور لا من حيث الفكر ولا من حيث التنظيم وقد فقدت هذه القوي البوصلة تماما وكذا الحال بالنسبة للسلفيين السودانيين الذين كانوا في السابق محسوببين علي التيار السلفي العام الذي تقوده المملكة العربية السعودية ولكن هذا التيار أصبح اكثر تشرذما وضعفا ولو ألقينا نظرة فاحصة علي هذا التيار لوجدناه اليوم يشكل البئية الخصبة للتطرف أكثر من تيار الخوان المسلين المستهدف حاليا وتطرف السلفيين اليوم يتمثل في هدم الأضرحة وتكفير جزء من المجتمع إن لم يكن كله بالإضافة إلي حالة الإنقسام السياسي التي يعاني منها هذا التيار ما بين المشاركة في الحكومة والعارضة والتمسك بدور الجماعة التقليدي وهو الدعوة وما بين الخروج عن هذا القميص وإرتداء ثوب السياسة وتعاطي الوزارات والمواقع التنفيذية . وبالنظر إلي القوي الأخري والمتمثلة في حزب المؤتمر الوطني والشعبي فإن الحال يغني عن السؤال فالمؤتمر الوطني بكل إنتشاره وتمدده وعضويته المليونية ومؤتمراته التنظيمية والعامة لم يعد كونه حزب الرئيس الذي يبقي ببقاء الرئيس ويذهب بذهابه كما كان الإتحاد الإشتراكي حزبا للرئيس جعفر محمد نميري هلل له عندما مضي بالإشتراكية والتنظيم الأوحد وصفق للرئيس وهو يقود الحرب علي الأحزاب والقوي السياسية وعندما جاءت المصالحة الوطنية التي أبرمها الرئيس بمفرده مع الصادق المهدي في لقاء سري بمدنة بورسودان قام الإتحاد الإشتراكي يفسح لمعارضيه وخصومه السياسيين في المجاليس والمواقع داخله وكأن الفكرة التي يقوم عليها تعني كل شئ بما في ذلك الهلامية . وبإعلان النميري لقوانين سبتمبر من العام 1983م وإعلانه من نفسه إماما تحول الإحاد الإشتراكي إلي حزب إسلامي ثم إنتهي ولم تقم له قائمة بعدها رغم عودة نميري من منفاه ومحاولات تجميع الشتات فيما عرف بتحالف قوي الشعب العاملة وقد يختلف المؤتمر الوطني قليلا ولكنه يعاني من حالة الإرتباط الوثيق برئيس الجمهورية الذي شكل صمام اأمان لهذا الحزب وسر وجوده في الحياة السياسية والحزب الآخر هو حزب المؤتمر الشعبي الذي ظهر عقب المفاصلة الشهيرة بين الإسلاميين وإنحياز بعض قادة المؤتمر الوطني للأمين العام للمؤتمر الشعبي وقد إرتبط هو الآخر بشخص الأمين العام للحزب لدرجة أن الحزب تشعر وكأنه قد إختفي تماما من الساحة عندما يتم إعتقال الدكتور الترابي بواسطة جهاز األمن الحكومي كما أنت هذا الحزب الذي كان يعتمد علي التمويل الحكومي والرسمي لم يستطع الإعتماد علي نفسه في تمويل برامجه وهو في المعارضة بما في ذلك صحيفة الحزب التي توقفت تماما ومشروعاته الأخري بما فيها مؤتمره العام الذي لم يتمكن من عقده لضيق ذات اليد كما يقولون . والمؤتمر الشعبي كما هو معلوم علي رأس القوي المؤيدة للحواروالمعروف عت الدكتور الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي تمسكه بالحوار الوطني وإيمانه به أكثر من قادة المؤتمر الشعبي الذين يعد بعضهم من المحتارين في تمسك الشيخ بالحوار وبعضهم يعارضون ذلك ويتهمون الأمين العام بوضع الحزب في سلة الحزب الحاكم بلا مقابل مقابل كما أن هذا الموقف قد أخرج المؤتمر الشعبي أو خرج هو بإرادته من صفوف المعارضة وبقي في منطقة الحوار يزود عنه ويداري سوءات المؤتمر الوطني التي بلغت درجة المناورة والخداع والعبث بأمر الحوار الوطني .
    والحوار علي هذه الحالة يتقدم خطوة ويتراجع خطوتين إلي الوراء نجد الساحة السياسية قد شهدت تحركات من جانب الأمين العام للمؤتمر الشعبي وهذه التحركات هذه المرة تجاه ذات القوي الإسلامية التي تحدثنا عنها وبعض هذه التحركات تعد مفاجئة للمراقبين خاصة الزيارة التي قام بها المين العام للمؤتمر الشعبي لجماعة الأخوان المسلمين وإجتماعه بالأمين العام للجماعة جاويش وعنصر المفاجأة هو حالة القطيعة و المرارات التاريخية من قبل الجماعة تجاه الترابي وربما كان ما يميز الدكتور الترابي هو تناسي المررات والنظر إلي المستقبل فقد كان هذا حاله مع من يقاطعونه او يكفرونه أو من يسبونه ويحاولون قطع الطريق علي مشروعه الفكري كما ذكرت في إحدي المقالات السابقة . ولكننا من الناحية الواقعية والسياسية هناك عدد من المعطيات التي لابد من وضعها في الإعتبار : اولها ان الدكتور الترابي قد نظر إلي حالة الضعف في هذه المكونات السياسية وعلي راسها حزبه الذي ادرك تماما انه ليس بالحصان الذي يمكن ان يقطع بفارسه المفازات ثم نظر إلي الساحة الدولية فراي في هذه الساحة مخاطر تستوجب من كل عاقل ان يخطط ويعمل التعامل معها بكل تناقضاتها وتحدياتها والنجاة من المخاطر الإقليمية والعالمية والمحلية فالحديث عن التطرف اليوم لا يستثني جانب من القوي االإسلامية وظاهرة داعش لا تقل عن ظاهرة القاعدة التي شغلت الأوساط السياسية في السابق وصارت واحدة من التهم التي يلصقها من يريد التخلص من خصمه عليه وداعش هي شبح جديد يمكن ان يقابل أيا من الإسلامين في طريقه أو يدخل معه داره وبالتالي لابد من كلمة سواء وهذه الكلمة السواء أن يجتمع الإسلاميون علي عمل سياسي ويلعبوا (( بولتيكا )) مع خصوهم السياسيين كما قال الراحل فيلب عباس غبوش عندما إستتابه الرئيس نميري بعد أن قام بإعدام زعيم الجمهوريين محمود محمد طه قال قولته الشهيرة قلت يا ود يا فليب أحسن تلعب مع هذا الطاغية نميري بولتيكا وبناءا علي هذا الفهم المتقدم من جانب الشيخ الترابي فالإسلاميون في السودان سواءا كانوا سلفيين أم غير ذلك مطلوب منهم أن ينسحبوا من كل المناطق الرمادية التي يدخل منها التطرف والداعشية إلي المنطقة الملونة بلون السياسية وفي هذه المنطقة تحدث المدافعة والمغالبة بآليات السياسة(( والحشاش إملا شبكتو)) كما يقول المثل العامي وهم علي هذا الطريق لابد وأن يتبينوا موضع اقدامهم وينظروا في الخيارات السابقة واللاحقة سواءا كان ذلك عملا جبهويا أو حزبيا أو غير ذلك من الصيغ التي تنفتح علي الاخر ولا تنغلق وتطور من آليات العمل السياسي بالنظر للمتغيرات التي حدثت منذ جبهة الميثاق والجبهة الإسلامية القومية والمؤتمر الوطني إلي يوم الناس هذا ووسواءا علي طريقة الحوار أو غيره هناك قناعة بحتمية التغيير في الحياة السياسية كلها بما يخدث فيها من ترتيبات ظاهرة وخفية ولا أدري كيف نسي الأخوان المسلمون علي وجه التحديد ما قاله االإمام حسن البنا قبل قرن من الزمان تقريبا فلنعمل سويا علي ما إتفقنا عليه وليعذر بعضنا البعض فيما إختلفنا فيه وهم يثيرون بعض القضايا والآراء الفقهية للرجل ويقولون لابد أن يعلن الترابي تراجعه عن آرائه لكي يتعاملوا معه التعامل السياسي المطلوب وهم ليس لهم مخرج غير المخرج الذي أتاهم به ولا لغيرهم إلا ما نوي وأنتوي .

    http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=78287:2015-02-25-13-21-55andcatid=34:0-6-8-3-1-6-8andItemid=55http://sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articl...-8-3-1-6-8andItemid=55
                  

02-26-2015, 09:37 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    eisa.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    هذا كامل المقال
    Quote: كتب عيسى ابراهيم محمد صالح
    عملهم في العلن وفي وضح النهار يكشف عن ذلك:
    ليس للجمهوريين تأريخٌ سريٌ يخفونه عن الناس!

    ألوان في توثيقها المعلن على صفحاتها: لماذا لم تسأل أصحاب الشأن!

    في حديثها عن الاستتابة واطلاق السراح:
    "ألوان" تتناقض وتثبت تناقضها في صحيفتها!

    عيسى إبراهيم*

    نشرت صحيفة ألوان في صفحتها الأولى يوم الأربعاء 18 فبراير 2015 ما ينوِّه على أنها ستقوم بنشر التاريخ السري للأخوان الجمهوريين كما أنها ستكشف خفايا وخبايا تاريخهم، ثم قامت يوم الخميس 19 فبراير 2015 في صفحتها السادسة بنشر ما يدل على وفائها بعهدها الذي قطعته على نفسها، فهل كشفت ما ادعت؟! وهل كان للجمهوريين سرٌ يخفونه عن الناس؟!، هذا مانحاول الاجابة عنه في هذا المقال:

    الحقيقة التي هي أظهر من الشمس

    لم يكن للجمهوريين إبان حركتهم مع الأستاذ محمود محمد طه أسرارٌ يخفونها من الناس، وقد كان عملهم في العلن، وكان عملهم في حمل الكتاب والدعوة في الشارع العريض لا يحتاج إلى برهان ولا شهادة من أحد كائناً من كان، وعملهم الذي يجري حمله الأخوان الجمهوريون والأخوات الجمهوريات (خرجت الجمهوريات ولأول مرة في تاريخ البشرية المعاصر يظهرن المرأة الانسان التي تطالعك بعقلها الراجح وزيها السوداني الساتر، لا بجسد الأنثى) في الشارع ليل نهار، كما أن جلسة الانطباعات جلسة الـ (feed back) كما يحلو للصحفيين القول، كانت تدار في الشارع العريض أمام منزل الأستاذ محمود محمد طه بالحارة الأولى (شارع جامع الختمية من جهة الثورة بالنص وشارع عز الدين من جهة الشنقيطي)، وهي جلسة مهمة للغاية تريك ما لاتعرف عن وقع اتصالك بالناس، وقد حفيت أرجل أجهزة الاتصال الجماهيرية المرئية والمسموعة والمقروءة لتعرف ردود فعل المشاهدين والمستمعين والقراء عن رسائلها دون جدوى، وهي جلسات تدل على عبقرية الأستاذ محمود وتلاميذه من بعده في ادارة وقياس الحركة، كانت هذه الجلسات تدار في الشارع ويغشاها من يغشاها ويعلم ما يدور فيها "الغاشي والماشي"، وهل يبقي هذا المسلك سراً لصاحب سر يخفيه عن الناس!!..

    الأستاذ محمود والأربعة:

    الحقيقة التي لم تكن سراً عند الأستاذ محمود محمد طه أنه كان يعلم أنه سيقتل في آخر الأمر، ولقد اكتشفت أنا شخصياً أن الأستاذ محمود كان يسابق الزمن لإيصال ما يريد للناس، وكان يعمل لتربية الجمهوريين والجمهوريات على الطريق النبوي، ولم يكن يدخر جهداً في سبيل هذا الأمر، وقال يوم 19 ديسمبر 1984، يوم اطلاق سراحه وعدد كبير من الجمهوريين من المعتقل الذي دام أكثر من عام ونصف العام (مايو 83 - ديسمبر 84): "نحن خرجنا لنواجه مؤامرة بتستهدف حياتنا ونحن ما مبالين، لا يمكن لانسان يرى الشيخ الكبير يجلد، والمرأة الحامل تجلد، والطفل يُقطع، ويجلس في بيتو مطمئن على دينو"!..
    أما قول ألوان في توثيقها على لسان الأستاذ محمود: "أصالته تملي عليه أن يمضي في هذا الطريق إلى نهايته"، فليس صحيحاً على الاطلاق، وما جرى (كما بلغنا من شهود العيان) أن الأستاذ سأل الأخوان الأربعة: "هل إنتو بتعتبرو أنفسكم عملتو واجبكم المباشر؟" قال الأخوان: "نعم" فقال ليهم "إذن ترضو بالنتيجة"!.."أمشو وراء الله إن خلاكم بي هنا خير ليكم وإن وداكم بي هناك خير ليكم"، حدثهم الأستاذ عن محاربة "الحسين" لمعاوية وعن "الحسن" الذي بايع وترك الحكم لمعاوية بعد أن قال قولاً ذهب حياً في الناس وجعل معاوية يندم لتركه الحسن يقول ما يشاء!..

    أول "أسرى" أسرار ألوان:

    اتفق الناس على أن العالم أصبح "قرية" صغيرة!، وقال البعض: "لا بل صار غرفة!"، وأحدث ما سمعت من الابن أمين صديق "المعيلق": "العالم أمسى شاشة"، وأشار ضاحكاً إلى شاشة "الموبايل" الذي يحمله، ألوان أخطأت في اسم الأخ محمد سالم بعشر (أحد الأربعة مع الأستاذ محمود) فكتبته: "محمد صالح بشير"!، وتوافق الخطأ مع خطأ ورد في موقع السرداب السلفي، وموقع صيد الفوائد، ولا نزيد، وللذي يريد التأكد أكثر أن "يقوقل" موقع السرداب على الرابط: (http://www.alserdaab.org/articles.aspxhttp://www.alserdaab.org/articles.aspx? ... cle_no=384)، ويبحث ذلك في موضوع "الحزب الجمهوري في السودان"..ولا نزيد، كما أننا (تأدباً) لا نتهم!.

    سرها الثاني: "ألوان تناقض ألوان"!

    كتبت ألوان في صفحتها الأولى الأربعاء 18 فبراير تحت عناوينها المثيرة "ألوان تكشف التاريخ السري للأخوان الجمهوريين – من خفايا تاريخ الجمهوريين"، وقالت بالنص: "ومن أسرار الفكر الجمهوري حكاية الكوادر الأربعة الذين سجنوا مع الأستاذ محمود وحوكموا معه ورضخوا قبيل أيام الاعدام للاستتابة فاستجابوا وأطلق سراحهم فيما ظل الأستاذ رافضاً للاستتابة حتى لحظة اعدامه المدوية في أخريات عهد نميري"، وفضح هذا الالتباس وعدم الدقة من ما يمكن كشفه بسهولة، وتركيزنا على قول توثيق ألوان غير المحايد الذي يقول عن الأربعة رفقاء الأستاذ: " ورضخوا قبيل أيام الاعدام للاستتابة فاستجابوا وأطلق سراحهم"، فتاريخ الاستتابة ثابت بعد 18 يناير 1985 وقد تم يوم السبت 19 يناير 1985، والصور الفوتغرافية الموجودة تثبت أن الأخوان الأربعة حضروا وشاهدوا التنفيذ، كما تؤكد ذلك ألوان نفسها في توثيقها بتاريخ الخميس 19 فبراير 2015 صفحة "6" إذ كتبت: "فقد تم تنفيذ حكم الاعدام في الرجل في صباح الجمعة 18 يناير 85 بعد أن أخرج (الأربعة) لمشاهدة الموقف العصيب بأمر من مولانا فؤاد الأمين عبدالرحمن رئيس القضاء" ونكتفي بذلك ولا نزيد أيضاً!!..

    سر آخر لألوان أكثر هواناً أمام الأدلة الموضوعية:

    تقول ألوان الخميس 19 فبراير 2015 صفحة "6": "وافق الأربعة على التوبة ووقعوا عليها بالمحكمة وأطلق سراحهم"، وتبني ألوان على كلامها هذا فتقول: "حتى شيوخ الجمهوريين وقادتهم ومثقفيهم (تعني "ألوان" أنهم وقعوا على صيغة الأربعة نفسها) وعلى رأسهم الدكتور عبدالله النعيم وعصام البوشي وعوض الكريم موسى ودالي والقراي والسيمت والنور حمد وبنات الأستاذ وفي مقدمتهم أسماء" (إنتهى التنصيص من ألوان)، الكلام الذي يخص "شيوخ الجمهوريين وقادتهم ومثقفيهم" وذكرته ألوان عارٍ من الصحة لسبب بسيط هو أن هؤلاء الذين ذكرتهم ألوان في توثيقها لم يوقعوا على شيئ، ولم يطلق سراحهم، لأنهم (ببساطة) لم يكونوا قيد اقامة جبرية ولم يكونوا معتقلين آنذاك (من النعيم إلى أسماء إلى عصام البوشي مروراً بعوض الكريم موسى ودالي والقراي والنور حمد)!!..

    ليلة الخميس الشاتية والذكر:

    قالت "ألوان": "في ليلة الخميس الشاتية بسجن كوبر التي توافق السابع عشر من يناير 1985 ظلت إدارة السجن من كبار الضباط ترقب في توتر حلقة ذكر يتوسطها الأستاذ محمود محمد طه المحكوم عليه بالاعدام ويدور حوله أربعة من تلاميذه وهم يرددون في صوت رتيب (الله الله الله)"، أول الدفوعات ضد هذا القول يكمن في أن النميري كان قد أذاع في نشرة الثالثة عصر يوم 17 يناير 1985 أنه سيتم التنفيذ في الأستاذ في العاشرة من صباح الجمعة 18 يناير 1985 وقد عم الخبر القرى والحضر، ومن البداهة أن الخبر وصل إلى إدارة كوبر، فعملت على عزل الأستاذ من أبنائه الأربعة في تكتم شديد قبل غروب شمس الخميس، هذه واحدة!، والثانية قول ألوان (تناقض نفسها): " ومن أسرار الفكر الجمهوري حكاية الكوادر الأربعة الذين سجنوا مع الأستاذ محمود وحوكموا معه ورضخوا قبيل أيام الاعدام للاستتابة فاستجابوا وأطلق سراحهم"، فكيف يكون أطلق سراحهم "قبيل أيام الاعدام" ثم هم يتحلقون حول الأستاذ ليلة 17 فبراير 1985 أي قبل ساعات قليلة من تنفيذ الحكم صباح الجمعة، ثالث ما يرفع في وجه هذا القول، صحيح أن الجمهوريين يرفعون الذكر المفرد "الله الله الله" وهم في حلقة يكون في أحد أركان دائرتها الأستاذ محمود وليس في وسطها كما ادعت ألوان، وهم لا يدورون حول الأستاذ، وانما يذكرون وهم ثابتون في أماكنهم ولا يتحركون جائلين!، والأستاذ والجمهوريون كما هو معلوم يذكرون أحياناً كما ينشدون، وقطعاً لم تكن هناك حلقة ذكر في ذلك التاريخ، وهذا يكفي هنا!!..

    قيادة عوض الكريم لمجموعة محمودية؟!:

    قولاً واحداً ليست هناك مجموعة "محمودية" كما هو تعبير ألوان، أو لا "محمودية"، يقوم بقيادتها (بتنظيم أو بلا تنظيم) الشاعر والمفكر عوض الكريم موسى عبداللطيف (نقطة سطر جديد)!..

    بشير بكار "حقيقة الموقف":

    العزيز (المرحوم) بشير عيسى بكار الدبلوماسي السوداني (المقال) هو الذي "صاح" في كوبر بالآية الكريمة "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم" كما ذكرت ألوان، وهو صحيح في السياق، ما ليس صحيحاً أن بكار لم يوقع على شيئ لا لأنه يرفض التوقيع، وإنما لأنه لم يدخل المعتقل وسُلَّم من رجال الأمن لحاج نور (أحد قضاة العدالة الناجزة) الذي جلس معه لفترة يناقشه في ما يرى ثم أطلق سراحه!..

    النعيم وأسماء وعلمانية الحزب:

    تقول ألوان في توثيقها المشار إليه، بعد أن ذكرت أن البعض ترك الفكرة إلى غير رجعة، والبعض اتبع مشائخ الجمهوريين (شيخ الجمهوريين - حسب الأستاذ - هو النبي صلى الله عليه وسلم): "والبعض صاروا علمانيين حتى النخاع مثل الدكتور عبدالله النعيم الذي تمثل المدرسة الأمريكية كمواطن تماماً فكراً وسلوكاً...والحزب الجمهوري الذي تحاول أسماء تسجيله هو من هذا المنبع وهذا السبيل"، فإذا صح حديث ألوان هذا عن الحزب الجمهوري في توثيقها الذي نحن بصدده، فلماذ رفض مسجل الأحزاب تسجيل الحزب بحجة أنه حزب عقائدي وطائفي؟!..
    أما حديث ألوان عن دكتور النعيم فهو ينم (في زمن الانفجار المعلوماتي الآني – المعلومة بـ "نقرة" أصبع، وعم قوقل "قاعد" يترقب) أنها لا تعرف النعيم، وأطروحته عن "الاسلام وعلمانية الدولة" متوفرة وتحت الطلب، ولا تعرف تحديداً موقف النعيم من الحدود فكراً وممارسة، والنعيم موجود بكثرة وبقليل من الـ"قوقلة" يمكن أن تحصل عليه "طازجاً"، وهي أيضاً لا تعرف ما العلمانية؟!، و"بَسْ"!..

    المستتابون الأربعة والفكرة الجمهورية:

    تساءلت ألوان عن من أسمتهم المستتابون الأربعة، أين هم الآن؟!، ولن أتبرع بالاجابة نيابة عنهم لأشفي غليل ألوان وتوثيقها، ويمكنها كصحيفة، وهذا من صميم عملها الصحفي، أن تسعى لتجيبنا هي عن: أين هم الآن، والرزق تلاقيط كما يقول السودانيون، أما سؤالها الآخر: "وأين هم الذين استتابوهم"؟، فعلى ألوان أن تسعى أيضاً لتزيل حيرتها وحيرتنا أيضاً!..

    سؤال بريئ:

    لماذ لم تستطلع ألوان أصحاب الشأن (عبداللطيف، بعشر، تاج الدين، خالد) قبل انزال توثيقها هذا؟ ولماذا لم تسع إليهم للافادة في أمور تهمهم وهم أبطالها وشهود العيان فيها؟!، ولماذا ترجم بالغيب، والحقيقة "فركة كعب"، و"مفتاح سويتش ودواسة بنزين"، والحقيقة "رنة موبايل"، خاصة وهي تقول عن عبداللطيف "وهو الآن في ضعف شديد ومرضٍ أشد"؟!، فالذي سرب لها ذلك يستطيع أن يوصلها بعبداللطيف (أطال الله عمره وسدد عمله وأقامه عقلاً وبدناً وأحسن عاقبته في الدارين)..

    ** لقد حاولت ألوان جاهدة، أن تضع الجمهوريين في سرج واحد مع تنظيمي الشيوعيين والحركة الإسلامية، وتنسبهم إلى العمل السري، رغم علمها أن سبب السرية في عمل تلك التنظيمات مرتبط جذرياً بسعي التنظيمين للوصول الى السلطة ولو عن طريق الانقلابات، والمعلوم أن عمل الجمهوريين كان، ومازال، ولعله لن ينفك (على المدى المنظور) عن الانحياز لجانب التوعية لا السعي وراء كراسي الحكم!!..

                  

02-27-2015, 06:43 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    الأستاذ محمود: بين "إنصاف" عبدالله الفكي و "تحامل" محمد محمود (2)
    إبراهيم عبدالنبي

    استعرضنا، في الحلقة الأولى، بعض (نتائج) و (خلاصات) د. محمد محمود، في كتابه، حتى انتهينا آخر الحلقة إلى تقريره إن (طه معادٍ للفكر)! وإن هذا (العداء) أثر على تلاميذه، بحيث (نمت لدى الجمهوريين ثقافة داخلية قوامها "عدم الثقة" في المعرفة المستقاة من الكتب)! ولذلك، لم يحوزوا إلا نزرا ضئيلا (كبسولات) من المعرفة الصوفية، هي حصيلتهم من الثقافة الشفاهية للمجتمع السوداني!!

    كما اطلعنا، في ذات الحلقة، على التقارير (اليقينية الجازمة) من الباحث عبدالله الفكي أنّ محمد محمود: (التزم منهجا علميا صارما في دراسته عن الأستاذ محمود) وأنه: (يكتب عن معرفة من الداخل بالفكرة الجمهورية وبالمجتمع الجمهوري)، وأنه: (بعيد كل البعد عن أولئك الذين وسمهم عبدالله الفكي بالمستنتجين للنتائج البكماء والخلاصات العرجاء)!!

    على هذا، وبما أن عبدالله الفكي أعلن أن كتابه يأتي بسبيل من (إنصاف) الأستاذ محمود، فإن تقاريره هذه عن كتاب محمد محمود، تجعله أحد رجلين: إما أنه لا يعرف (حقيقة) موقف الأستاذ محمود من (الفكر)! أو أنه (لم يقرأ) كتاب د. محمد محمود، واكتفى بآراء آخرين عن (الكتاب)، وأطلق تقاريره هذه، بناء على (آراء آخرين)!!

    ولأي سائلٍ محايد، أن يسأل الدكتور: إذا كان طه (معادٍ للفكر)، كيف يكون قد أنتج (فكرا)، يستحق أن تصدر كتابا في (تحليله)؟!؟ ثم، أليس ظلما أن يُوصَم بمعاداة الفكر، رجلٌ ظل طول وقته يدعو الناس، جميع الناس، إلى تحقيق (الفكر الذي يملك أن يفلق الشعرة، ويملك التمييز بين فلقتيها: أيهما أبيض، وأيهما أسود)!؟!

    لذلك: أفضلُ شيء، هنا، في مقام إثبات تحامل الدكتور، أن أورد بعض أقوال الأستاذ محمود الدالة على موقفه من (الفكر)، مثل قوله هذا:
    (ولسنا ندعُو، أولَ ما ندعُو، إلى شيءٍ أكثر، ولا أقل من إعمال الفكر الحر فيما نأتي وما ندع، من أمورنا _الفكر الحر الذي يضيق بكل قيد_ ويسأل عن قيمة كل شيء، وفي قيمة كل شيء، فليس شيء عنده بمفلت عن البحث، وليس شيء عنده بمفلتٍ عن التشكيك.. فلا يظننّ أحدٌ أن النهضة الدينية ممكنة بغير الفكر الحر، ولا يظننّ أحدٌ أن النهضة الاقتصادية ممكنة بغير الفكر الحر، ولا يظننّ أحدٌ أن الحياة نفسها يمكن أن تكون منتجة، ممتعة بغير الفكر الحر)!!

    علما بأن الأستاذ محمود يرى أن الشعب السوداني، تحديدا، هو أجدر، وأقدر الشعوب، على تحقيق قيمة (الفكر)! و التخلق بفضيلة (بالفكر)!! فلنَسمع، ولنُسمع الدكتور، والباحث عبدالله الفكي، ما يلي:
    (أنا أعتقد أنه مافي مجتمع، من المجتمعات التي نعرفها، في مستوى يمكنها أن تتحسّن، ثم هي عاجزة عن التحسّن، زي بلادنا نحن! وسبب عجزها عن التحسّن أنه "الفكر" مُجْدِب! والشاعر قال: ولمْ أرَ في عيوبِ الناس عيْباً، كنقصِ القادرينَ على التّمامِ! فالسودانيين قادرين على التّمام، ثم ناقصين!! وأنا أفتكر نقصهم مُلتمس في أنه "الفكر" مُجدِب! إلى الحدود الأنّو الجهل يستعلن، ويحارب الفكر، ثم يجد من يسمع ليهو! ومافي دخيرة للبلد، ليتغير وضعه من هذا الجدب، في الفكر، إلا الشباب المثقف! ومافي أداة لتعين الشباب المثقف على "الفكر" وتجويد "الفكر"، وتصفية "الفكر"، كالنهج الإسلامي)!!

    و (للمفارقة) أن محمد محمود (خصّ بالشكر) في مستهل كتابه بعض زملائه (جمهوريين وآخرين)، قال إنه ظل لفترة طويلة يناقشهم في الفكرة الجمهورية. وقد عدّ من الجمهوريين دالي، وستيفن هوارد، وآخرين! وحيث أن الدكتور نسب الأستاذ إلى (معاداة الفكر) والجمهوريين إلى (ضعف الثقافة) من ثمّ، فإني هنا، أسأله، كما سأله د. القراي من قبل: هل يجد د. محمد محمود، في نفسه، أنه أكثر اطلاعا وعلما بالثقافة العامة، أو الدين، من هؤلاء الجمهوريين الذين ناقشهم، خصوصا (دالي وستيفن)؟؟

    على كلٍّ، الأمانة تقتضي أن أقرر هنا، أن هناك فعلا، اتجاه من اتجاهات (التفكير) –ولا أقول (الفكر)_ لا يرضاه الأستاذ محمود، على وجه التحقيق! هذا الاتجاه هو أن ينحو الإنسان، إلى أن يبيع "كرامة فكره" بحطام الدنيا! ومن ذلك أن يكون "الفكر" الذي يتبناه "غير أصيل"، و "متكلّف"، مجاراةً منه لتيارات معينة، وخدمة لأجندة أطراف أخرى، مقابل بعض "الحطام الدنيوي"! فعن هذا النوع من (اتجاه التفكير) يقول الأستاذ محمود ما يلي:
    (الإنسان منذ أن وجد، قبل الأديان، كان عنده شعور بالحاجة للحرية! الحاجة للحرية حاجة مودعة فينا، موش شيء بنتكلّفوا، ولا هو ترف، ولا هو نافلة! شيء مودع فينا، زي حاجتنا للطعام! حاجتنا للحرية زي حاجتنا للطعام! الجسد، أو المعدة بتجوع، والعقل بجوع! غذاء المعدة الطعام، وغذاء العقل الحرية! لكن الإنسان بطبيعته، لنشأته الحيوانية، بِشعر بحاجة المعدة، قبل ما يشعر بحاجة العقل! وبطبيعة الحال، من أجل دا، كتير من الناس بسخّروا عقولهم لإشباع معداتهم! حتى الإنسان يبيع "كرامة فكره"، بحطام الدنيا، البشْبِع معدته! دا طبعاً الجانب الحيواني فينا! لكن ما من شك أنّنا كلّ مرة بنرتفع من الجانب الحيواني، لنشرّف الجانب الإنساني)!!

    وعلى ضوء هذا القول، أواصل استعراض وجه آخر من وجوه (المعرفة من الداخل) _اقرأ: (وجوه التحامل)_ في كتاب محمد محمود.. فقد ألصق على صفحة (32) من كتابه (خلاصة) أخرى متحاملة من خلاصاته (الجاهزة)! هذه المرة ليصم "دور الجمهوريين" في تأسيس أركان النقاش، وإدارتها! علما بأن (فضل) الجمهوريين في تأسيس أركان النقاش، وإرساء ثقافة الحوار السلمي، بتواضع وأدب، في الشارع والجامعات، واحتمال صنوف الأذى في ذلك، أمر اعترف لهم به حتى غلاة معارضيهم! ولكن الدكتور، من باب التعريف ربما، يحمل خلاصة (مسبقة) جاهزة، لا بد من إلصاقها على هذا الدور التاريخي! ولم لا، فالدكتور يسعى إلى تقديم طه، وفكره، وحركته، إلى القراء الذين لا يملكون معرفة (مسبقة)!

    يقول الدكتور عن دور الجمهوريين في تأسيس الأركان، على صفحة (32) من كتابه، ما يلي:
    (كانت حركة الجمهوريين العامة في الشوارع لافتة للنظر، فأنت تراهم في مجموعات من اثنين أو أكثر يجوبون شوارع معظم المدن والأرياف يناقشون الجمهور، والمشاة، وقد أصبح هذا منظرا مألوفا في معظم المدن والمحليات. فالجمهوريون كانوا أول من أسس نشاط أركان النقاش في جامعة الخرطوم. وقد انتشرت هذه الممارسة من ثم إلى بقية الجامعات. والجانب الصارخ في حركة الجمهوريين هو مشاركة النساء في الحركة العامة بالشوارع في نشاطات المجموعة، وقد كانت هذه المشاركة العامة مخالفة لما هو معهود في المجتمع السوداني الذكوري. إلا أنه من المهم، على كل حال، أن أؤكد أن الجمهوريين لم يكونوا يمارسون نشاط الأركان بأريحية وعقل مفتوح، بل كانوا يتبنون نهجا دعويا صفويا منطلقين من كونهم يمتلكون حقيقة الإسلام وأنهم هم معلمو الشعب، معتقدين بشدة أن المسألة مسألة وقت حتى يقتنع الناس بالحق الذي عندهم)!!

    لنسمع (لنتيجة) و (الخلاصة) النقدية (المهمة) مرة أخرى:
    (إلا أنه من المهم، على كل حال، أن أؤكد أن الجمهوريين لم يكونوا يمارسون نشاط الأركان بأريحية وعقل مفتوح، بل كانوا يتبعون نهجا دعويا صفويا منطلقين من كونهم يمتلكون حقيقة الإسلام وأنهم هم معلمو الشعب، معتقدين بشدة أن المسألة مسألة وقت حتى يقتنع الناس بالحق الذي عندهم)!!

    هذه النتيجة لا علاقة لها بالمقدمة! بل هي مجرد حكم قيمي (جاهز)، وإسقاط متعمد، ألصقه الدكتور على الحقيقة التاريخية التي سردها، ليكسبه صفة (الموضوعية)، والحياد! وإلا فأين النتيجة (صفويون)، من المقدمة ("يجوبون" الشوارع و"يناقشون" "الجمهور" و "المشاة")؟؟ إن هذا التقرير يعكس للأسف، أن الدكتور، في سبيل حرصه على إسقاط خلاصاته القيمية (الذاتية) الجاهزة، لا يلقي بالاً حتى إلى معنى (المصطلحات) التي يستخدمها، ومدى انطباقها، على الوقائع التي يتصدى لها!

    لا ريب عندي، فيما أعتقد، أنّ لدى د. محمد محمود مشكلة أساسية تجاه (طه) و (الجمهورين)! وهي مشكلة ربما تكون ناتجة من (شعور) معين تجاه الأستاذ محمود، والجمهوريين، نتيجة جولات نقاشه مع الأستاذ، أو مع الجمهوريين، خصوصا من (خصهم بالشكر) في كتابه! ولعلنا نستطيع أن نتحسس (جانبا) من (المشكلة) في قول الدكتور هذا، على صفحة (34) من كتابه:
    (من المؤكد أن موت طه قد خلق لدى الجمهوريين أزمة قيادة، حيث كان طه هو مركز القيادة الروحية والتنظيمية للحركة. وبالتالي لم يكن مفاجئا أن تحدث أزمة قيادة لدى الجمهوريين. ولكن ليس هذا هو كل الأمر، فيما يتعلق بالصدمة القاسية التي حاقت بالجمهوريين. فالأزمة الحقيقية لحركة طه ليست أزمة قيادة، بل يمكن وصفها على أنها "أزمة استقلال فكري"! ذلك أنه، بالرغم من أن طه يركز في تنظيره على مفهوم "الحرية"، بل "الحرية الفردية المطلقة"، إلا أن هذا الجانب بالتحديد هو ما فشل في أن "يعطيه" لتلاميذه! فالحركة الجمهورية التي أنشأها مثلت انعكاسا لمفهومه هو للوصاية، حيث "لكل لطيف سلطان طبيعي على كل كثيف"! وكانت نتيجة هذه الوصاية الفكرية الشاملة التي مارسها على أتباعه، أن افتقرت حركته إلى المصادر الداخلية اللازمة لإنجاب القامات الفكرية والروحية من داخلها، مما جعلها غير قادرة على الاستمرار بعد وفاته)!!

    أعيد خلاصة الدكتور حول (الأزمة الحقيقية للجمهوريين) مرة أخرى لمصلحة مناقشتها:
    (الأزمة الحقيقية لحركة طه ليست أزمة قيادة، بل يمكن وصفها على أنها "أزمة استقلال فكري"! ذلك أنه بالرغم من أن طه يركز في تنظيره على مفهوم "الحرية"، بل "الحرية الفردية المطلقة"، إلا أن "هذا الجانب بالتحديد" هو "ما فشل في أن "يمنحه" لتلاميذه"! فالحركة الجمهورية التي أنشأها مثلت انعكاسا لمفهومه هو للوصاية، حيث "لكل لطيف سلطان طبيعي على كل كثيف"!)!!

    الأزمة، إذن، ليست أزمة (قيادة) فحسب! بل هي أزمة (استقلال فكري) سببها الأساسي وجود أزمة (فكر) و (التزام) وأزمة تسلط (وصاية) لدى المفكر (طه)!! ولا شك أن هذه، بالطبع، (خلاصة) أخرى (مسبقة) في سياق التعريف بطه وفكره! ولنا أن نسلّم أيضا، كما يريد عبدالله الفكي، أنها (أبعد ما تكون من "النتائج البكماء" و "الخلاصات العرجاء") التي استخلصها الناقدون الآخرون (المغضوب عليهم)! من منطلق أن عين (الرضا) عن كل عيب (كليلة)، بالطبع!

    على كل حال، أول ما يُقال في دحض خلاصة محمد محمود هذه، أن أبجديات المعرفة بعلوم الدين، و (فلسفة الدين) على الأخص، بل ما تعطيه البداهة، حتى من التركيب اللفظي لمصطلح (الحرية الفردية المطلقة)، أنه لا يمكن (لإنسان) أن (يمنح) أو (يهب) الحرية الفردية المطلقة (لإنسان) آخر! ذلك أن (الحرية الفردية المطلقة) _بين قوسين_ إنما هي (هبة من الله تعالى) ينعم بها تعالى _(أي: يمنحها)_ على من أحسن العبودية له، وأسلم _عن وعي ورضا_ إرادته المحدثة إلى الإرادة الإلهية القديمة! وحتى في هذه، فإن غاية الفرد البشري، في هذا المضمار، السير السرمدي باتجاه التخلق بأخلاق الذات، في (الحرية الفردية المطلقة)! وهيهات!! بل إن (الحرية)، من حيث هي، إنما هي (نفحة من نفحات الإطلاق تضوعت على أهل الأرض)، فيما يقول الأستاذ محمود!

    وللمرء أن يتساءل: هل لم يمر الدكتور، في سياق اطلاعه على "فكر طه"، على قول الأستاذ أن (الحر حرية فردية مطلقة، في الحقيقة، هو الله)، بدليل أنه (لا يُسألُ عمّا يفْعل! وهُمْ يُسألون)!؟؟ حيث: (لا يُسأل عمّا يفعل) تعطي الإطلاق! و (هم يُسألون)، تعطي القيد!

    كنتُ أود لو أستطيع أن أقول إن الدكتور ربما لا يكون قد مرّ على هذا القول، بسبب من كثرة أقوال الأستاذ محمود، وكتاباته! ولكن للأسف: لا!! فالدكتور (اطلع)! بل (يعرف) أن الأستاذ يقول: (الحرية الفردية المطلقة لا تمنح ولا توهب)! ولكن يبدو أنه كان مستغرقا بإثبات (خلاصته المسبقة) التي تدين الأستاذ، ربما تنفيسا عن (حيرته)! وعدم (فهمه)! لسر التوقف (المفاجيء والتام) لحركة (طه) إثر (موته)! فقد مهد الدكتور لخلاصته هذه الواردة على صفحة (34)، على طول صفحتين قبلها (من 32 إلى 34) بحديث مطول عن حركة الجمهوريين، قال فيه إنها حركة (محيرة) و (مربكة)، وإنه من الصعب أن يفهم المرء، أو يجد تفسيرا، للتوقف المفاجيء والتام لحركة الجمهوريين فورا إثر (وفاة طه)! ثم ألصق فيما يبدو أنه تنفيس عن هذه الحيرة والربكة (خلاصته المسبقة) عن (سر التوقف المفاجيء والتام لحركة طه إثر موته)!

    ومما يثبت أن الدكتور يعرف عكس ما خلص إليه، أنه، أدلى على صفحة (138) بتقرير مغاير!! ظنّا منه، ربما، أن مرور صفحات كثيرة كهذه قد تكون (طمرت) خلاصته المتحاملة، و (غبّت أثرها) على القاريء! فقد عمد الدكتور إلى إيراد (خلاصة جاهزة) أخرى، مغلوطة، تناقض (خلاصته) هذه، وتثبت أن (الحرية الفردية المطلقة) ليست شيئا يمكن لطه، أو أي بشر غيره، أن يعطيه للآخرين! ولا بد للآخرين من العمل الجاد وفق المنهاج لتحقيقها! ولا يظننّ أحدٌ أن الدكتور أورد هذا القول لإنصاف (طه)! لا!! بل قاله لإدراج (خلاصة جاهزة) أخرى: (من أجل تعريف القاريء الذي لا يملك "معرفة مسبقة"، بالرجل وفكره) بالطبع!!

    فعلي صفحة (138) من كتابه _أي بعد مرور مائة وأربعة (104) صفحة على (خلاصته) في صفحة (34)_ يقول الدكتور عن الأستاذ محمود وفكره ما يلي:
    (هناك جانب هام في مفهوم طه للحرية الفردية المطلقة، وهذا الجانب يتعلق بطريقة تحقيقها! فعلى ضوء اعتناقه لمذهب التسيير (الجبر)، كان من المتوقع أن يقول طه إن الحرية هبة من الله ينعم بها على البشر. ولكنّه يقول إن الحرية لا يمكن أن تكون هبة من الله! ولا بد للمرء أن يبذل مجهودا جادا لتحقيقها. وهذا المجهود الجاد يجب أن يكون منظما وموجها وفق منهاج يحدده هو في نظريته حول "تقليد النبي"، حيث يعيد تركيب محمد كنموذج. علما بأن المنطق الداخلي لنظريته هذه يقتضي أن يكون "محمد" شخصا حقق فعلا الحرية الفردية المطلقة، وهذا تحديدا ما يدّعيه طه). 12


    (An important aspect of Taha’s concept of absolute individual freedom is the modality of its realization. In light of his determinism, it might be expected that he would maintain that freedom is bestowed upon human beings. Yet, he argues to the contrary that freedom can never be a gift and one has to work hard to attain it. This hard work has to be systematic and structured and in accordance with the method (minhaj) he outlines in his theory of prophetic imitation, wherein he reconstructs Muhammad as a model. The inner logic of his theory of prayer requires that Muhammad be someone who has actually attained absolute individual freedom, and this is precisely what Taha claims)12.).


    أولا: ألفت النظر إلى نقل الدكتور المغلوط، والمبتور، لأقوال الأستاذ محمود، ليثبت خلاصته هو (المسبقة)! فالدكتور يقول إنه (كان من المتوقع، باعتبار اعتناق "طه" لمذهب "التسيير"، أن يقول إن "الحرية هبة من الله" ولكنه، مع ذلك، يقول "الحرية لا يمكن أن تكون هبة من الله")!! فقوله: (كان من المتوقع) مجرد ذر للرماد في العيون!! فهو يعرف أن (طه) يقول إن الحرية (منحة) من الله! وهذا أساس تعريف الأستاذ للحرية، في نفس الموضع الذي نقل منه! ولكنه للأسف، اختار أن (يتقول) هذا التقول (مجحف) على الأستاذ محمود! فالأستاذ محمود يقول تحديدا (عكس) ما نسبه الدكتور إليه!

    وأنا، هنا، ومن أجل إقامة الحجة على الدكتور أضع، للقاريء الكريم، خلاصته السابقة هذه من صفحة (34): (ذلك أنه، بالرغم من أن طه يركز في تنظيره على مفهوم "الحرية"، بل "الحرية الفردية المطلقة"، إلا أن هذا الجانب بالتحديد هو ما فشل في أن "يعطيه" لتلاميذه!)، مقابل خلاصته اللاحقة هذه من صفحة (138): (ولكنّه يقول إن الحرية لا يمكن أن تكون هبة من الله! ولا بد للمرء أن يبذل مجهودا جادا لتحقيقها)، لأثبت (التحامل) في خلاصته الأولى التي دمغ بها طه على أنه (فشل تحديدا في أن "يمنح" الحرية الفردية المطلقة لتلاميذه رغم تنظيره الكثير عنها)! فهو يقرر بنفسه إن (الحرية لا يمكن أن تكون هبة من الله! ولا بد للمرء أن يبذل مجهودا جادا لتحقيقها)! فهذه الخلاصة الثانية تجعل تحقيق (الحرية) متوقف على (بذل مجهود جاد من جانب الأفراد)! وهذا يعني أن (طه) لا يمكنه أن يمنحها لتلاميذه! وبالتالي يثبت (التحامل) في الخلاصة الأولى!

    ولكن، ما يدعو إلى الأسف والأسى حقا، هو أن ما نسبه الدكتور إلى (طه) في خلاصته (الثانية) هذه، إنما هو مجرد (تقول واختلاق وإسقاط) من جانبه! ولكن: لم لا يسقط ما يريد؟؟ فهو يكتب (عن معرفة من الداخل)!! وأهو: كلّه في سياق تقديم الرجل وفكره وحركته للناس!! وإنصافه منهم!!

    للعلم، ولتصحيح ما أورده الدكتور، الأستاذ محمود (وبعكس ما نسبه إليه الدكتور) يقول إن الحرية، من حيث هي، في أي مستوى كانت، إنما هي (نفحة أي _هبة_ من الله)! ولهذا فهي حق أساسي للفرد البشري، وليست منحة من بشر، وعلى هذا لا يحق لأي فرد بشري، أيا كانت سلطته، مصادرة حرية فرد آخر، في أي مستوى، إلا بموجب قانون دستوري، إثر سوء تصرف ثابت قانونا، من جانب ذلك الفرد في ممارسة حريته! ويقول إنه أي دستور لا ينص على حق الحرية، ليس بدستور، على الإطلاق!

    فلنسمع الأستاذ يحدثنا في كتابه (الرسالة الثانية من الإسلام) عن (الحرية)، بخلاف ما نسب إليه د. محمد محمود:
    (كثير من الفلاسفة يرى أن الحديث عن الحرية الفردية المطلقة نافلة من القول، وإلا فحرية الفرد يجب أن تكون مقيدة، إن لم نرد لها أن تصبح فوضى. وأما الإسلام فهو يرى أن الأصل في الحرية الإطلاق، وإننا حين نتحدث عن الحرية، من حيث هي، وفي أي مستوى كانت، إنما نتحدث عن الإطلاق، من حيث لا ندري، ذلك بأن الحرية المقيدة إنما هي "نفحة" من نفحات الإطلاق "تضوعت على أهل الأرض" بقدر طاقتهم على احتمالها، فكأنّ القيد ليس أصلا، وإنما الأصل الإطلاق، وما القيد إلا لازمة مرحلية تصاحب تطور الفرد من المحدود إلى المطلق. فالحرية في الإسلام مطلقة، وهي حق لكل فرد بشري، من حيث أنه بشري، بصرف النظر عن ملته أو عنصره، وهي حق يقابله واجب، فلا يؤخذ إلا به، وهذا الواجب هو حسن التصرف في الحرية. فلا تصبح الحرية محدودة إلا حين يصبح الحر عاجزا عن التزام واجبها، وحينئذ تصادر في الحدود التي عجز عنها، وتصادر بقوانين دستورية..)!!

    قارنوا بين تقرير محمد محمود هذا: (على ضوء اعتناقه لمذهب التسيير (الجبر)، كان من المتوقع أن يقول طه إن الحرية هبة من الله ينعم بها على البشر. "ولكنّه يقول إن الحرية لا يمكن أن تكون هبة من الله!") وبين قول الأستاذ هذا: (إننا حين نتحدث عن الحرية، من حيث هي، وفي أي مستوى كانت، إنما نتحدث عن الإطلاق، من حيث لا ندري، ذلك بأن الحرية المقيدة إنما هي "نفحة" من نفحات الإطلاق "تضوعت على أهل الأرض" بقدر طاقتهم على احتمالها)!!

    هذا حول (الحرية) و (الحرية الفردية المطلقة) و (خلاصات) الدكتور، و (تقولاته) المتناقضة بخصوصها! فماذا عن (حركة الجمهوريين)؟؟

    أولا: مجرد سؤال، للعلم: ما هو نوع (الحركة) الذي يريد الدكتور للجمهوريين أن يتبنوها الآن؟ ولماذا يريد لهم أن يظلوا يجوبون الشوارع، كما كانوا يفعلون، في وقت الانتشار الواسع، هذا، لوسائط الاتصال، التي قلّصت العالم إلى (شاشة موبايل)، كما نقل الأستاذ عيسى إبراهيم، عن أحد الجمهوريين!

    ثانيا: ألا يعلم الدكتور، بحكم اطلاعه على (الفكر) الذي عكف على تحليله، أن مجال الحركة الأساسية عند الجمهوريين أنفسهم! وأن القصد المعلن من الحركة الخارجية، كان هم الجمهوريين أنفسهم، في الأساس! وقد حدث أن أوقف الأستاذ الحركة الخارجية أكثر من مرة، دون أن يوقف الحركة الداخلية في الجلسات والترشيد! ذلك أن التغيير، في فكر الأستاذ، أساسه الداخل لا الخارج؟؟ ويشهد على هذا العديد من أقوال الأستاذ، من قبيل هذا القول:
    (التغيير، عندنا، يجب أن يبدأ من النفس البشرية!! يبدأ من داخل كل نفس!! فان نحنُ غيرناها إلى ما هو أحسن، أمكن أن نغيِّر، إلى الأحسن.. وإلا فلا!! فان "فاقد الشيء لا يعطيه")!!

    وهذا القول أيضا:
    (لما كان الفكر الثوري فكراً دقيقاً، وأصيلاً، ونفاذاً، وسليماً، فإن تغييره للواقع لا بد أن يبدأ من داخل النفس البشرية!! ذلك بأن أي تغيير يقتصر على الخارج _على البيئة البشرية، والبيئة الطبيعية_ أعني: المجتمع، والطبيعة، لا يكون تغييراً سليماً، ولا مستقيماً!! ذلك بأن التغيير الخارجي، إنما هو صورة للداخل، أعني: للنفس البشرية!! فإذا كانت النفس خربة بالأحقاد، والضغائن، والعداوات الرعناء، في كلمة واحدة: بالجهل، فإن هذا الخراب يطبع بطابعه التغيير الذي يجري في المجتمع، وفي البيئة)!!

    على كل حال، نعود إلى (الصفوي)!! فالصفوي، في جانب من جبلاّته، هو من يجعل من عقله المجرد حكما على الأشياء، لدرجة أنه، عندما يعجز عقله المجرد عن إدراك الأشياء، (يتخذ من عجزه فضيلة)، فينكر الأشياء، ويجحد وجودها! وهذا معنى القول: (يتخذ من عجزه فضيلة)، كما يشرح الأستاذ! الصفوي ينكر الشيء، ويجحده، لمجرد (عجزه) هو عن إدراكه! وهذه (الصفوية) في أوضح تجلياتها، من حيث أنها وجه آخر للتعالي الأجوف، والتكبر! فالصفوي، مثلا، إن عجز عقله عن إدراك وجود الله، لجأ إلى الطريق الأسهل، وهو نفى وجود الله، ليستريح! وإن عجز عن إدراك الحكمة من الدين والنبوة والرسالة، ودورها جميعا في تطور الخلق، وتقدم البشرية، نفى وجودها وأنكره! وقد قرر الأستاذ عن مثل هذا الشخص إنه (ليس خليقا بأن يحاضر الناس في أي مستوى من المستويات)!!

    حضر، ذات مرة، أحد الشباب إلى الأستاذ محمود، وقد كان رافضا لفكرة وجود الله! وتحدث للأستاذ، بما مفاده، عدم وجود حاجة لأن نحشر شيئا لا نعرفه في تفاصيل حياتنا.. فسأله الأستاذ محمود، بما معناه: كدي إنت هسّع فكّر شوية: هل، في تفاصيل حياتك دي، كل شيء عاوزو بتكون قادر عليهو، ومسيطر عليهو، لتنفّذه! فقال الشاب، بعد سكوت: طبعا في "حتّة بسيطة" كدا الواحد ما بكون عندو سيطرة عليها! فقال له الأستاذ: أهو "الحتّة البسيطة"، الما عندك سيطرة عليها دي، الله! فتّش عليها، بتلْقاهُو!

    يجب أن أقرر، هنا، ما ينبغي أن يقرره كل منصف، وهو أن الأستاذ محمود وتلاميذه، أبعد ما يكونون عن (الصفوية)! وقد شهد لهم في هذا الكثير من الأعداء! بل هو (متواضعون)! و (التواضع) كما يقول الأستاذ محمود هو: (شيمة الإنسان المفكر)! وهو: (أصل الخلق الرصين الذي يسوق إليه العلم الصحيح)! وهو: (أقرب الخصال إلى المعرفة وإلى الله! ومن أجل دا نحن بنضع أنفنا دا _مكان العزة_ بنضعوا في الرغام، في التراب)!!

    وبما أن الدكتور، قد تصدي لتحليل فكر (طه)، وهي مهمة خطيرة، كان يفترض أن يكون، على الأقل، قد اطلع في كتابات (طه) على ما يدل على هذا (التواضع الفكري)! ولكن يبدو أن الدكتور، كما قلت، مشغول بالبحث عن مواضع بين أقوال الأستاذ لينصب فيها خيام (خلاصاته المسبقة)، من أجل أن يعكسها للقراء الغربيين الذين لا يعرفون العربية، ولا يمتلكون معرفة (مسبقة) بالرجل (طه) وفكره، وحركته!!

    لذلك: أثبت هنا مثالين فقط، من ضمن أمثلة عديدة على (التواضع الفكري) الذي هو (أصل الخلق الرصين الذي يسوق إليه العلم الصحيح)! فالأستاذ محمود لا ينكر الأشياء ولا يحكم بعدم وجودها لمجرد أنه لا يعلمها! ثم إن (تواضعه الفكري) يجعله لا يتحرج من القول أنه (لا يعلم)، عندما لا يملك إجابة حاضرة على مسألة ما! وهذا أبعد شيء عن (الصفوية) التي يحاول الدكتور أن يلصقها بالأستاذ محمود، وبفكره، وبتلاميذه!

    ففي ندوة (لا إله إلا اله )، بمدينة الأبيض، التي ختمتها (ضربة) عنيفة بعصا وجهها أحد المهووسين إلى رأس الأستاذ محمود، (عفا الأستاذ عنه فيما بعد)، سأل أحد الحضور الأستاذ عن السر في تركيب كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) من اثني عشر حرفا، واتفاقها في ذلك مع كثير من الأشياء في الكون المكونة من اثني عشر حرفا، مثل منازل القمر، والشهور، والساعة! فأجاب الأستاذ بما يلي:
    (طبعا مسألة العدد فيها حكمة، زي ما سأل السيد: يقصد أنه مثلا أنها المنازل اتناشر، الحروف اتناشر في لا إله إلا الله، لا بد أنه في حكمة في المسألة دي! ولا بد أنها الحكمة في! لكن أنا ما عارفها)!!

    وفي جلسة داخلية _عام 1968_ (عن الصلاة وهي مسجلة وموضوعة على موقع الفكرة) سأل أحد الجمهوريين (محمد أدروب أوهاج) السؤال التالي: (عندي سؤال في الصلاة، أولا عاوز أسأل من حكمة توقيت الصلوات الخمسة المفروضة، وبعدين عدد الركعات، برضو؟)

    فأجاب الأستاذ بما يلي:
    (مسألة توقيت الصلاة في مواقيتها المشهورة وعدد الركعات فدا ما بيحضرني فيهو شيء! ونتعرض أنا وإياكم للفيوض الإلهية فيه! عندما يجيني فيهو حاجة بقول لكم! لكن ما عندي فيه حاجة في الوقت الحاضر! وما من شك أنه عندو أسراره! دي الحاجة اللي نحن يجب أن نعرفها: هو مؤكد عنده أسراره! ومؤكد نحن مفروض أن نعرف الأسرار دي! الفقهاء بيقولوا دا ما بخصنا! غايتو هي أخذت بالصورة دي ونحن نؤديها.. أخذت كدا، ودا ما بخصنا! لكن: ما من شيء كلمنا الله عنّو، وفرضه علينا، إلا المقصود أن نعرفه! فأنا ما بيحضرني فيها شيء هسع! وانتوا كلكم اتوجهوا بافتقاركم إلى الفيوض الإلهية في نفس الوقت!)!

    جدير بالذكر، في هذا المقام، أن الدكتور، بعد أن قرر أن (طه) فشل في أن يمنح (الحرية الفردية المطلقة) لتلاميذه، أصدر قرارا آخر، في نهاية صفحة (43) و بداية صفحة (44) من كتابه، نزع بموجبه مفهوم (الفردية) نفسه من (طه)! فقال إن (طه) أخذ مفهوم (الفردية) من أفكار المذهب الليبرالي الغربي!!

    و د. محمد محمود، بقراره هذا، أحد رجلين: إما أنه يجهل مفهوم (طه) حول (الفردية)، أو أنه يجهل مفهوم (الفردية) في الفكر الليبرالي الغربي! وبما أن الاحتمال الأول مستبعد، لاعتبار أن محمد محمود يكتب عن معرفة من الداخل بالفكرة الجمهورية (كما أكد الباحث عبدالله)، ولاعتبار تصديه لتحليل فكر (طه) _إذ ليس من الحكمة أن يتصدى المرء لتحليل ما لا يعرفه_ نجد أمامنا الاحتمال الثاني، والذي هو أيضا مستبعد (لاعتبار اللقب العلمي الرفيع الذي يحمله الدكتور)! وعلى هذا، لا يبقى أمامنا، في ظل غياب كلا الاحتمالين، سوى تعمد (التحامل) على (طه)، من جانب الدكتور!

    وقد كانت الأمانة العلمية تستوجب أن يوفر الدكتور للقاريء رأي الأستاذ محمود حول (الفردية)، ويضعه مقابل رأي المذهب الليبرالي، حتى يكون تقرير الدكتور موضوعيا، وعلميا! خصوصا أنه أعلن أن غرض كتابه هو تقديم فكر (طه) وحياته وعوامل تكوينه الفكري الروحي، لقراء لا يملكون معرفة (مسبقة) بها جميعا، حسبما أورد على صفحتي (11) و (12) من كتابه! فهل لم يقرأ الدكتور، مثلا، قول الأستاذ إن (مذاهب الحضارة الغربية بجعلها جهد الإنسان الذهني كله مركز في تحصيل قوته قد مسخت "فرديته" وأثبتت فشلها)؟!؟ ولماذا لم يقدم الدكتور أقوال الأستاذ المفصلة عن (فشل) الحضارة الغربية، و قوله إن الفكرة الجمهورية هي التي سوف تصحح أخطاء الحضارة الغربية، وتحل محلها؟؟ أم أن هذا ليس من ضمن أولويات الدكتور في (تعريف القراء بفكر طه)؟؟

    على كل حال، ينبغي أن نذكّر الدكتور برأي الأستاذ محمود الحاسم في (الفردية) عند الليبراليين الغربيين، إن كان لا يذكره، فربما يكون قد (فات عليه) في زحمة انشغاله بإلصاق نتائجه وخلاصاته (المسبقة) في ذيل مقتطفاته المنتقاة (بعناية)، من أقوال الأستاذ محمود!

    يقول الأستاذ عن مفهوم (الفردية) و (الحرية الفردية) وفق المذهب الليبرالي الغربي، ما يلي:
    (فض الكبت إنما يعني التسامي فوق قوانين الجماعة، بعدم الحاجة للتورط تحت طائلتها، لا برفع القيد عن الممارسة، كما ظن الغربيون، حين يتحدثون عن تحرير الغرائز.. فالتحرير إنما هو تحرير للغريزة من الخوف، ومن الكبت، الذي لواها، وتحرير للبنية من آثار الكبت الذي شوهها، وقبضها، وحجّرها.. فهذا التحرير إنما هو اتجاه في السير الرأسي يبقي على قوانين الجماعة، ويطلق، في ذات الوقت، طاقات العقل، والقلب والجسد، وما هو بالسير الذي يرتد بالحياة إلى حيث فارق الإنسان الحيوان في أول ظهور العقل البشري.. لقد تجسدت في عصرنا الحاضر، الحاجة لفض الكبت بصورة لم يسبق لها مثيل، ولقد أخذت الحياة الإنسانية، على ظهر هذا الكوكب، في الارتداد إلى مستويات خلّفها الإنسان منذ زمن بعيد!! فالثورة الجنسية، وثورة الرفض، إنما تمثلان هذه الردة، حيث بدأ الرافضون يستبيحون فيما بينهم، من العلاقات ما ظلت البشرية حفيظة عليه منذ فجر النشأة، وقد دفعت في الحفاظ عليه الكثير من دمها، ومن عرقها، ومن دموعها.. أكثر من ذلك!! فقد اتجهت بعض البرلمانات الغربية إلى النظر في مشاريع قوانين لإباحة ما اجتمعت البشرية، على اختلاف نحلها، وألوانها، وعقائدها، على تحريمه، فأعلنت بذلك عن إفلاسها وعن أفول شمس حضارتها، بأعلى صوت!! هذا ما فهمته الحضارة الغربية لمعنى فض الكبت، وهو معنى ظاهر الخطل، والبطلان، إذ هو الاسترسال في غير مسئولية أخلاقية!! والممارسة للّذة، بغير مسئولية، ليست حرية وإنما هي فوضى!! وما يكون للفوضى أن تثمر سلاما، فأنت لا تجني من الشوك العنب!)!!

    هذا عن رأي الأستاذ في (الحرية الفردية) بالمفهوم الليبرالي! أما ملخص مفهوم الأستاذ للحرية الفردية فهو أنها تبدأ من (الالتزام الأخلاقي)، للفرد، ولا يكون لها حد، إلا حدا يستلزمه عدم إحسان التصرف فيها! فالأستاذ محمود يقول:
    (بداية الأخلاق ضبط الغرائز، الذي كانت تتطلبه المجموعة الأولى من الفرد، ليكون اجتماعياً!! ونهاية الأخلاق هي حسن التصرف في الحرية الفردية المطلقة)!!

    فالحرية الفردية، في فكر الأستاذ محمود، لها (ضابط) هو (حسن التصرف فيها)! و (حسن التصرف في الحرية الفردية المطلقة) يعني أن يعيش صاحب الشريعة الفردية فوق شريعة الجماعة، ولا يتورط إطلاقا في خرق قانون الجماعة! أما (نهاية) حسن التصرف في الحرية الفردية المطلقة، فهي أن لا يكون في كل ما يأتيه ويدعه صاحب الحرية الفردية، إلا الخير والبر بالأحياء والأشياء!

    الغريب أن د. محمد محمود، في سياق تحامله على الأستاذ محمود، ولكي ينفي الفضل عن الأستاذ في قوله بمبدأ (الفردية) في الإسلام، يتبنى (حجة الفقهاء)! و (موقف الفقهاء)! من فكر (طه)!!! فالدكتور يحدثنا (صفحة 44 – 45) أن طه يستخدم (آيات متعلقة بالآخرة) و (بأحداث متجاوزة للتاريخ)، ليدلل بها على مفهومه للفردية، في الإسلام!!! لنسمع الدكتور:
    (بالرغم من أن طه يصر على أن ما أتى به من فهم للفردية ناتج عن تلقي كفاحي من القرآن، فإنه بلا شك قد استمده من أفكار المذهبية الليبرالية الغربية، حيث طور هذه الأفكار ليؤكد فكرته هو عن "الفردية". أما فيما يخص استدلال طه بالآيات من قبيل: (لقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة) والآية (وكلهم آتيه يوم القيامة فردا)، فإنه وبالرغم من أن سياق هذه الآيات يتعلق بالآخرة وبأحداث متجاوزة للتاريخ وليست من عالمنا هذا، أو أنها جزء من حدث خلاص خاص، إلا أن طه يخضع هذه الآيات لمبدأ تأويله التوحيدي، الذي يقول به إن "كل ما كان، وسيكون، هو كائن الآن"! وبالتالي فهو يقرأ هذه الآيات على أنها تقرر مبدأ أساسي في علاقة الإنسان بالله، ليس في الآخرة فحسب، بل في هذه الحياة)!!

    هل هذه حجة؟!؟ إذن: ما رأي الدكتور في الآيات الأخرى (غير المتعلقة حرفيا بالآخرة) ولا (بأحداث متجاوزة للتاريخ) بل متعلقة بمعيشة البشر في هذه الحياة، ودالة على (الفردية) من قبيل الآية: (كل نفس بما كسبت رهينة)، والآية: (ونرثه ما يقول ويأتينا فردا)! والآية: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم: ألستُ بربكم؟؟ قالوا: بلى!! شهدنا!! أنْ تقولوا يوم القيامة: إنا كنا عن هذا غافلين!)!! بل الآية: (قل: إنما أعظكم بواحدة: أن تقوموا لله، مثنى، وفرادى)! وما هو المعنى الذي تبعثه في ذهنه الفاصلة في الآية التي قبلها: (أنْ تقولوا يوم القيامة: إنا كنا عن هذا غافلين!)!؟ بل ما رأيه بالأمر في الآية الأخيرة: (إنما أعظكم بواحدة: أن تقوموا لله، مثنى، وفرادى)! ماذا تعني (مثنى) وماذا تعني (فرادى)!

    أخشى أن يلجأ الدكتور مرة أخرى إلى (جحر) الفقهاء، ليقول إن (مثنى) تعنى (صلاة الجماعة)، و (فرادى) تعني (صلاة كل زول براهو)!

    على كل حال، لا أعتقد أن الدكتور يجهل الآيات، والحجج الكثيرة التي يوردها الأستاذ محمود، للتدليل على مبدأ (الفردية) في الإسلام، ولكن الدكتور، لأمرٍ ما، مشغول (في كتابه) بإصدار (الأحكام القيمية) على شخص الأستاذ محمود، والبحث عن مواضع بين أقوال الأستاذ ليلصق عليها (خلاصاته الجاهزة)، أكثر من انشغاله بفكر الأستاذ محمود، الذي يدعي أن كتابه مخصص (لتحليله)!

    وفي تقديري الخاص أن اتهامات الدكتور (المتناقضة) للأستاذ بمعاداة الفكر، وفشله في إعطاء الحرية الفردية لتلاميذه، وقلة اطلاع الجمهوريين وضآلة معرفتهم بالثقافة العامة، وتبنيهم أسلوبا (دعويا صفويا)، واعتقادهم أنهم يملكون (حقيقة الإسلام)، هذه الاتهامات كلها محاولة للتنفيس عن شعورٍ ما، هو نتاج تجربة شخصية للدكتور، من واقع مناقشاته للأستاذ ربما، أو من واقع مناقشاته لبعض الجمهوريين، خصوصا من ذكرهم في كتابه! فهذا (الانطباع) الذي عبّر عنه الدكتور، ليس جديدا! وهو (انطباع) متوقع الشعور به لدى بعض من يناقشون الجمهوريين! لعدة أسباب، أهمها: السطوة الفكرية، للأستاذ محمود والجمهوريين! وهناك مثال موثق لمثل قول د. محمد محمود هذا، فقد قاله شخص آخر قبله، أيام الحركة الجمهورية!

    ففي محاضرة الشرق الأوسط، بنادي السكة حديد بالأبيض (وهي موضوعة على موقع الفكرة)، كانت حجة الأستاذ قوية، ومستعلية بصورة واضحة أثناء النقاش، فقام أحد الأشخاص (نهاية الجزء الثاني من تسجيل الندوة على الموقع) وعلق قائلا، ما مفاده، إن الأستاذ محمود (متسلط)، ويعتقد أنه يملك (الحقيقة)، ويفرض (وصاية فكرية) على الناس!! فردّ عليه الأستاذ، معرفا "الوصاية"، وذلك كما يلي:
    (أولا أنا طبعا برفض مسألة أني بفرض وصاية! الإنسان المفكر ما بفرض وصاية! لكنْ الفكر قد يفرض وصاية! إذا انت بتفكّر، وفكرك قوي، قد يفرض وصاية، الفكر! ودا ما بْتُعاب عليه إنت! لكن فرض الوصاية هو البجي بالقوة! وأنا بطبيعة الحال بَسْتهجِن القوة، وما بتّجه ليها! وحتى لو ملكْتها ما بستعملها!! لكن كوني بتكلم بفكر، والفكر دا أنا مخلص ليه، ومجوّده، وساعي وراهو طول الوقت، دا الحاجة المطلوبة!! فإذا كان في من الناحية دي حاجة، وشعر بيها الابن، في أنها فرض وصاية، هي فرض وصاية فكر، يرفضُه، أو يسيبه! لكن فرض الوصاية بالقوة ما بتستطيع أن ترفضه، وهي دي "الوصاية"..)!!

    وكما ذكرت أعلاه، فإن الاتهام الذي وجهه د. محمد محمود للأستاذ بأنه (فشل في أن يعطي تلاميذه الحرية الفردية المطلقة)، سبقه بتقديم مطول (الصفحات من 32 إلى 34 من كتابه) عن أن حركة الجمهوريين عبارة عن حركة محيرة! قائلا إنه من الصعب أن يفهم المرء، أو يجد تفسيرا، للتوقف المفاجيء والتام لحركة الجمهوريين فورا إثر (وفاة طه)!

    وهكذا، بدلا من أن يهتم الدكتور ببحث و (تحليل) أسباب هذا (التوقف التام والمفاجيء)، من واقع إيراد أحاديث للأستاذ، أو استطلاع آراء الجمهوريين، اختار الدكتور الطريق الأسهل، وهو: اتهام طه بالفشل في أن يعطي تلاميذه الحرية الفردية المطلقة! وهذا أسهل الطرق، فيما يبدو! فلماذا يتعب (الباحث) نفسه في البحث والتحليل، و الخلاصات (المسبقة) جاهزة لديه، ربما منذ عقود؟؟ خصوصا أن الكتاب تم إعداده أساسا لتقديم (طه) و (فكره) إلى قراء لا يملكون معرفة (مسبقة)، عن (طه) ولا (فكره)!

    على كل حال، أرى أن البحث الجاد الذي يتصدى لتحليل مواقف الأستاذ محمود، ويبحث في أسرار وأسباب وقوف حركة الجمهوريين، على ضوء مبدأ هام كمبدأ (الحرية الفردية المطلقة)، ينبغي عليه من باب أولى أن يعكف، أولا، على دراسة خاصية فريدة، لا تفوت على حصيف، فيما يخص الأستاذ محمود! ألا وهي: صدق أقوال الأستاذ على المستقبل بصورة حرفية! سواء فيما يخص حركته هو، أو فيما يخص الآخرين!

    فالتجربة دلّت أن أقوال الأستاذ، تصريحا أو تلميحا، عن المستقبل تتحقق وتتجسد بصورة حرفية! وهذا أمر جدير بالبحث والتحليل! ولكن، للأسف خلا (تحليل) الدكتور الفاضل من هذا، ربما لانشغال الدكتور بتطبيق أحكامه القيمية (الجاهزة) على الأستاذ محمود! وأذكر هنا، كأمثلة، رأي الأستاذ في مشكلة الشرق الأوسط، وبرأيه في ما آل إليه حال السودان اليوم، ووصفه بأنه يجي يوم (خارطة السودان دي تكون زي الدلقان المهرود)! بل أذكّر بتحذير الأستاذ محمود من الهوس الديني، وهو تحذير نتائجه، وتبعاته، ماثلة الآن! فقد حذر الأستاذ محمود من أن تهاون الناس في مقاومة الهوس الديني، ستكون تبعاته أن يهدد الهوس الديني أمن ووحدة الشعوب، ويدخل كل بيت! وقد كان اليساريون يومئذٍ يسخرون من الجمهوريين على اعتبار أنهم مشغلون بغير الأولى! وأذكر عبارتهم الساخرة: (الناس في شنو والجمهوريين في شنو)!؟ فحينها لم يكن التصور واضحا لمعنى (الهوس الديني يهدد أمن الشعوب) أو معنى (الهوس الديني سيدخل كل بيت)! ولكن الآن أصبح حديث الأستاذ هذا مجسدا، وماثلا، عبر شاشات التلفزيون المنصوبة في (كل بيت)!

    لذلك: كان الأولى بالدكتور، في تقديري، بحكم تخصصه الأكاديمي في فلسفة الدين وعلم اللاهوت، أن يعكف على دراسة مثل هذه الظاهرة (الغريبة)، فيحاول تحليلها، وسبر غورها، بدلا من الانشغال بلصق خلاصاته وأحكامه القيمية (المسبقة)، على أقوال ومواقف الأستاذ، ليضلل القاريء الذي لا يمتلك معرفة (مسبقة) بفكر الأستاذ محمود! ولإعطائه بعض الأشاير، أقول إن حديث الأستاذ محمود عن الحرية الفردية المطلقة ليس مجرد تنظير (كما زعم)، بل هو (حياة) معاشة! فالحرية الفردية المطلقة قاعدتها (الاستقامة)! والاستقامة هي أن لا يتوزع الإنسان بين ماضٍ قد انقضى، ومستقبل آتٍ، بل يعيش منحصرا في لحظته الحاضرة، بتجويد وإتقان! ومن التجويد والإتقان أن لا ينشغل العارف بما هو آتٍ، مما (يعرفه يقينا) عن أحداث في المستقبل! ذلك أن تجويد وإتقان الحضور في اللحظة الحاضرة يقتضي أن يكون نظر العارف (العبد) إلى من بيده الماضي والحاضر والمستقبل!! إلى الله!! ومن هنا، يكون الانشغال بما هو آتٍ، في المستقبل، رغم العلم به، منقصاً لعبودية العارف!!

    على كلٍّ، مساهمةً مني في إجلاء (الحيرة) التي احتوشت الدكتور بخصوص (التوقف التام والمفاجيء لحركة الجمهوريين إثر وفاة طه)، إن كان حريصا على جلائها، أثبتُ هنا، حديث الأستاذ هذا، لتلاميذه، في شأن مستقبل حركة الجمهوريين، ليتأمله، فربما خصه ببعضٍ من (التحليل):
    (أنا أقول لكمْ: الظروف البتلْقوها انتوا، في المشقة، اليوم، ما بتتْلقِي بُكْرة! كلُّ يوم غربتكم تقَل! كلُّ يوم المشقة البتلقوها، تقَل! انتهزوا الفرصة دي! كتير من الناس كانوا يهتمُّوا بأن يؤذوا في سبيل الله! لأنكم: "لن تنالوا البر، حتى تنفقوا مما تحبون"! وأكثر ما نحبُّه نفوسنا! فإذا إنت بذلتَ نفسك لتسمع الكلمة النابية تُقال، والذم، والسخرية، والنظرة المستهزئة، في سبيل الله، ما جزاك إلا الأنوار التي تشرح صدرك، وتضع الوزر عن ظهرك! فسيرُوا على طريقكم، موفّقين! وسيرُوا مسدّدين، ومرعيّين، بالعناية التي لا تنام! والسلامُ عليكم، ورحمة الله!)!

    أواصل، بإذن الله وبعونه، في الحلقة الثالثة..

    إبراهيم عبدالنبي
                  

03-03-2015, 07:33 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    ما بين فسخ جلد القاضي دشين وإعدام زعيم الجمهوريين .. بقلم: حسن محمد صالح
    كان الفونج في دولتهم المعروفة بإسم السلطنة الزرقاء اكثر حفاوة بأهل التصوف إذا قارناهم بالعهدين اللاحقين لقيام تلك الدولة السنارية الباذخة (( وهما التركية ثم المهدية )) ويمكن القطع بأن الفونج هم الأكثر تدليلا للصوفية حيث إحتفي الفونج بأهل التصوف وأقطعوهم الأراضي والأطيان والحوزات . والمتصوفة كما هو معلوم أهل باطن وعرف هذا العهد أهل الظاهر أو الشريعة وقد رسخ أهل الشريعة لدي السودانيين مقولة ان الشريعة لها بالظاهر في مقابل إسراف أهل التصوف في الإشتغال بخرق العادة كالطيران في الهواء وقطع البحر مشيا والمكاشفة والمكاشفة هي إدراك الصوفي لحقيقة الصفات الربانية والعرش والكرسي والملائكة والوحي والنبوة والروح وخقية كل موجود غائب وعرف عن الشيخ إدريس الذي عاش في عهد دولة الفونج أنه قال إن درجات الأولياء ثلاثة أقسام :كبري ووسطي وصغري فالصغري أن يطير في الهواء ويمشي علي وجه الماء وينطق بالغيبات والوسطي أن يعطيه الله الدرجة الكونية إذا قال لشئ كن فيكون والكبري هي درجة القطبانية .وقيل أن الشيخ القدال حسين طار بعنقريبه والناس ينظرون إليه ثم نزل في محله والشيخ محمود النوفلابي الذي حج وهو طائر بجناحيه . ولو كان الأستاذ محمود محمد طه عاش في عهد الفونج لكان اليوم قطبا من أقطاب التصوف المتوجين في سنار ولكان يبدو أن المهندس محمود محمد طه زعيم الجمهوريين قد تأخر كثيرا عن اوانه واطل في غير زمانه رغم أن أقواله وافعاله تنتمي إلي الماضي البعيد والذي أضاع محمود هم تلايذه المقربون من شاكلة الأستاذ عوض الكريم موسي وهولاء أعلنوا توبتهم في البلاغ المفتوح في مواجهتهم وتركوا أستاذهم لقدره مع نميري في سجن كوبر وعلي رأسهم الدكتور دالي الذي نسب إليه أنه قال : إن حكومة نميري لن تستطيع التصرف في الأستاذ محمود الذي إما أن يطير في الهواء أو أو تقوم الساعة إذا مسوه بسؤ وهو الأصيل الذي تجاوز الموت كعارض بشري . وكان المتصوفة حلفاء رئس النميري يومها هم الداعم الأكبر للحكم علي محمود محمد طه بالإعدام فكان القضاة الذين حكموا بردة محود من المتصوفة وهللت قواعد الصوفية وأتباعها لإعدام الرجل والقول بأن مخابرات دولة من الدول هي التي وقفت وراء حادثة غعدام محمود محمد طه أمر فيه مبالغة من جانب الأستاذ عوض الكريم موسي الذي قال ذلك لبرنامج نادي الإعترافات بقناة ام درمان الذي يقدمه الصديق الإعلامي المبدع عادل سيد أحمد هذا القول من جانب عوض الكريم موسي فيه مبالغة ويبدو أن جماعة الجمهوريين بينهم خلاف حول الفكر الجمهوري نفسه بينما يقوم الدكتور النور حمد بمراجعات فكرية واضحة لأفكار الأستاذ محمود فإن عوض الكريم موسي يذهب بالأمر مذاهب سياسية لا تخدم الجوانب الفكرية في شئ .
    وبالعودة إلي الدولة السنارية نجدها قد فرشت لأهل التصوف الورد ولكنها لم تتدخل في إدعاءتهم وكراماتهم كما أنها لم تحول بينهم وبين أهل الظاهر ,وقد نشب نزاع بالفعل بين القاضي دشين وهو شافعي المذهب والشيخ محمد الهميم والهميم في ساعة من ساعات الجذب الإلهي زاد في نكاحه من النساء علي المقدار الشرعي وهو أربع وجمع بين الأختين فتزوج بنتي أبي ندودة في رفاعة كما جاء في كتاب الطبقات وجمع بين بنتي الشيخ بان النقا الضرير (0كلثوم وخادم الله ))فأنكر عليه القاضي دشين وقال له : حمست وسدست وسبعت أما كفاك حتي جمعت بين الأختين ؟ فقال له ما تريد بذلك قال أريد أن افسخ نكاحك لأنك خالفت ىكتاب الله وسنة الرسول صلي الله عليه وسلم .قال الهميم : الرسول أذن لي والشيخ إدريس يعلم . وكان الشيخ إدريس حاضرا فقال لدشين أترك أمره وحل ما بينه وبين ربه . فقال دشين لا أترك أمره وقد فسخت نكاحه . فقال الشيخ الهميم لدشين : فسخ الله جلدك فيقال أن القاضي دشين مرض مرضا شديدا حتي إنفسخ جلده وبهذا إنتصر الشيخ الهميم الذي يمثل وجهة نظر الصوفية علي القاضي دشين الذي يمثل وجهة نظر الفقهاء . ومعروف عن القاضي دشين أنه من العلماء الشافعية القلائل الذين كان لهم أثر واضح في عهد الفونج ولهم أثر في تعليم الدين ومن شاكلته محمد إبن قدم أو قرم المصري وكان من تلاميذه عبد العركي ومنهم نسمة بن عدلان الشايقي الذي صار مفتيا في مذهب مالك والشافعي وكان المذهب السائد في عهد الفونج هو المذهب المالكي وقد إنتقلت دراسة المذهب المالكي إلي السودان علي يد حريجي الأزهر كالشيخ إبراهيم جابر بولاد الركابي . أما علم التوحيد فالفضل في تدريسه يعود إلي الشيخ محمد المصري الذي قدم دار بربروأنتشر علمه في الجزيرة وكان من أهم الكتب في ذلك العلم مقدمة السنوسي وقد قام الشيخ فرح تكتوك بنظم العقائد في شعر بالغة الدارجة
    mailto:[email protected]@gmail.com

    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=78482:2015-03-02-20-21-10andcatid=34:0-6-8-3-1-6-8andItemid=55http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-8-3-1-6-8andItemid=55
                  

03-03-2015, 07:37 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    خلفية تاريخية لعملية البناء الدستوري في السودان .. بقلم: د. الطيب حاج عطية
    mailto:[email protected]@hotmail.com

    تقديم مختصر لتاريخ عملية البناء الدستوري والتشريعي في السودان ليست بالأمر اليسير. وحتى أولئك الذين عكفوا في صبر وإحاطة على إعداد دراسات واسعة وتفصيلية ومحكمة اعتذروا بانه لم يسعفهم الوقت ولا القدرة على التقويم الصورة المتكاملة للتطور الدستوري والتشريعي في السودان. ذلك أننا في عالم تداخلت فيه القطاعات الحياتية والمجتمعية بقدر لا يمكن فيه الخوض في موضوعات التشريع والدستور بمعزل تقصي الواقع السياسي والاحوال الاقتصادية والاوضاع الاجتماعية والثقافية. وحتى إذا بقينا عند حدود دراسة التاريخ الدستوري والتشريعي فنحن أولاً لا نستطيع الفكاك من قبضة السياقات التاريخية في امتدادها وانقطاعها. ودراسة التاريخ الدستوري كذلك لا تعني دراسة النصوص والمقدمات ومشروعات الدساتير التي لم تر النور وتعديلات الدساتير المتعاقبة، والمذكرات التفسيرية ووقائع ومحاضر اجتماعات المجالس واللجان المتخصصة ووقائع جلسات البرلمانات ومجالس الشعب والهيئات التشريعية واحكام القضاء في القضايا المتعلقة بالشأن الدستوري. الدراسات التي تمت بناءاً على تكليف قومي أو حزبي لمراجعة او صياغة الدستور منذ عهد الاستعمار وحتى اليوم. وأنت ترى هنا سعة الامر وتعقيده. هذا غير العقبات والمعوقات التي تحول دون إبداء آراء حره وعلمية في مسائل الحقوق والحريات والمشاركة وتداول السلطة وقضايا مصادر التشريع وهوية الدستور وغيرها.

    دراسة التاريخ الدستوري لماذا:-
    لذات الاسباب الموضوعية التي تدفعنا لدراسة التاريخ عموماً .... لاخذ العبرة .. وتفادي الاخطاء والمثالب .... وإتباع ما هو خير وواجب. ولقد كنا في الماضي نسعى اولاً للتعرف على تجارب الآخرين وإتباعها ولا نضع كبير اعتبار لتجاربنا السابقة. وذلك لاسباب عديدة يأتي على راسها أنه لم تتحقق الملكية القومية لأي دستور من دساتيرنا الماضية ولا يمكن أن نصف أياً منها بانه دستور الامة السودان فقد جاءت تلك الدساتير مع أحزاب بعينها أو نظم "ثورية" أو عسكرية وعند ذهب من جاء بها ذهبت هي كذلك. فعليه الواجب هو أن نتعرف من خلال البحث العلمي عن مسببات عدم الاستقرار السياسي وبالتالي الدستوري.
    ونستدرك فنقول أن ذلك لا يعني أن نغفل ضرورة التعرف على التجربة الانسانية وتجربة الدول القريبة منا نأخذ منها كذلك العبرة والخبرة.
    والعودة للتاريخ القديم تمكننا من التعرف على القواعد والعمد التي قامت بنبات السلطة والحكم والتي مازجت ثقافتنا الدستورية الى يومنا هذا.

    مراحل التطور الدستوري في السودان:
    حتى نلتزم جانب مطلوبات هذه الورقة وإيجازها ننظر في التاريخ الدستوري عبر مراحل عريضة ليست هي تلك التي يتبعها المؤرخ الكلاسيكي وتلك المراحل هي:
    -السودان في عصوره القديمة
    - الدويلات المسيحية
    - الهجرات العربية سلطنة الفونج والحكم التركي والثورة المهدية
    - الحكم الثنائي الانجليزي
    مابعد الاستقلال 1956 -2015م
    ولنبدأ من البداية:

    السودان في عصوره القديمة :
    بالرغم من إرتباط تاريخ السودان القديم بمصر الفرعونية إلا هنالك مدارس تاريخية مهمة تقول بأن الحضارة النوبية سبقت الحضارة المصرية. والامبراطوريات والدول والحضارة وثقافة الحكم في بلاد النوبة عرفت بالاستقرار الداخلي ولم يعرف بين ملوكها طاغية جبار ولم يرد الينا أن احد ملوكها قتل أو أن ثورة عارمة أطاحت بأحد منهم بل كانت صيغهم التقليدية في تداول السلطة وهيكلة الحكم وبسطه مزيج هيبة السلطة وعدالتها سبباً في الاستقرار الممتد وتماسك البناء الداخلي وهيبة مقاتليهم ونماء الثقافة وتعدد أو تجلياتها ومبتكراتها فلا يمكن الحديث عن دستور أو تشريعاتها اساسية في ذلك الزمان البعيد بل يمكن تأكيد أن ثمة قيم وتقاليد وديانة واحدة بل وتحالف بين الكهنة والملوك كانت هي وغيرها ممتلكات لسلطة مستقرة وقيمة امتدت سطوتها حتى أقصى حدود مصر الشمالية وهزمت الهكسوس الباحثين عند تخوم الشام الجنوبية وهم يزحفون نحو مصر ووادي النيل.
    وأنتقلت تقاليد الحكوم من امبراطوريات كوشي ونبتة الى المماليك الصغيرة في الجنوب في علوة والمقره وسوبا. وهنا جاء معامل هو الديانة المسيحية التي انتشرت في أغلب شمال ووسط السودان وبعضاً من شرقه. وكثير من عوامل إستقرار الحكم تلك عرفت في شرق السودان ولا سبيل هنا لخوض في تفاصيل خصوصيات الشرق المتمثلة في المجموعات المستقرة والرحل ولا في تهديد الملوك الاحباش للاراضي السهلية الخاصبة الذي قاد إلى حروب عديدة وكان احد العوامل التي حالت دون استمرار وثبات دولة البجا التاريخية.
    وكما أوردنا عاليه الامر لا يعنى بدستور ولا تشريعات أساسية بل الاستناد على قواعد راسخة وممارسة مقبولة وملبية لمتطلبات العدالة والاستقرار والرفاه.

    الدويلات المسيحية:
    تعددت الاسباب التي أدت إلى ضعف سلطة دولة نبتة المركزية فكان أن إنبثقت ثلاث دويلات هي:
    - مملكة علوه
    - مملكة المقره
    - مملكة سوبا
    ولقد قامت الجماعة والسلطة من مملكة النوبة في نبتة ومروي جنوباً. وقامت الممالك الصغرى التي تباينت علاقاتها بين الاستقلالية الادارية والتداخل السكاني.
    وبعد إنتشار المسيحية في مجمل شمال وادي النيل تواصلت العمليات التبشيرية جنوباً وغلبت المسيحية على دويلات جنوب فوصفت بالمسيحية. وفي ما يتعلق بامور السيادة والسلطة وتقاليد الحكم اخذت الدويلات من الموروث النوبي الممتد القائم على العرف والتقاليد والتحالف بين الحكام والكهنة ثم في ما بعد الكنيسة وكانت تلك هي لحمة وسداة استقرار الحكم واستمراريته.


    الهجرية العربية الاسلامية
    السلطنات وسلطنة الفونج:
    إجتذبت الاراضي السهلية المنبسطة الفنية بالكلأ والماء القبائل العربية المهاجرة وتركت وراءها الجزيرة العربية ومصر والمغرب وتدفقت نحو أرض السودان، من كل الاتجاهات فوجدت في أرض السودان ما يرضي المهاجرون من يسر التداخل مع المواطنين وملاءمة المناخ والطبيعة عموماً لهم ولقطعانهم. ومن خلال المصاهرة والتوريث من جهة الام وإعتناق الدين الاسلامي، وسموا اعمالك القائمة بسماتهم. وفي مرحلة إنتقالي قصيرة نسبياً نسبة الحجم الكبير للمجموعات المهاجرة تعرضت البلاد لتحول ديمقرافي وثقافي كاسح وان تميز كذلك نسبياً بالسلمية.


    سلطنة الفونج 504 -1820
    • قامت سلطنة الفونج كنتاج لهذه الاوضاع الانتقالية المتمثلة في دخول الاسلام والعرب وضعف الممالك وانحسار المسيحية والاغراق الديمقرافي المزلزل للمجتمع.
    • شيدت سلطنة الفونج على أيدي تحالف بين الفونج وعرب العبدلاب. اخضعوا أولاً الممالك وخربوا مملكة سوبا خراباً تضرب به الامثال. يهمنا في سيرة سلطة الفونج –وعاصمتها سنار –الطويلة المزدحمة بأحداث التوسع والحروب الداخلية والخارجية وأول إتصال مؤثر بين الشمال والجنوب وتطوير النظام الإداري اللامركزي وسلطة المركز وسطوته، أنها قامت على غرار السلطنات الاسلامية التي شهدها العالم الاسلامي بعد عهود ضعف وتفكك الخلافة العباسية وإمبراطوريتها.
    • وسمت بالطبع بميسم وخصوصية مجتمع السودان الجديد. وأمتزت بسلطة السلطات الممركزة تحيط به حاشية من وزير واعوان وقواد للجيوش (وولاة) للاقاليم وشيوخ للقبائل وسطوة بائنة لعلماء الدين والحكماء المحليين مستندة على الكتاب والسنة النبوية (المكتوبتين) والسودان منذ ذلك الحين على مزهب واحد هو مزهب مالك. ذلك (النظام) ضمن إستمرارية السيادة والسيطرة وتمكن قواعد الشريعة والعرف والتقاليد كمبادئ قائدة وهادية وحاكمة.
    • اضعف التوسع والحروب الداخلية (مع سلطنة الفور مثلاً) والخارجية مع مملكة الحبشة والتمدد الاداري ومستلزماته الدولة. فكان سقطت سنار ومملكة الفونج تتهاوى تبين لمحمد علي باشا خديوي أن الفرصة قد سنحت له للاستيلاء على بلاد السودان. وهو يسعى لتوطين حكمه وبناء امبراطوريته المستقلة عن الباب العالي في الاستانة كان احوج ما يحتاجه هو المال والرجال وهو سيجد ضالته في السودان لا محالة. فكان أن ارسل في عام 1820م جيشين لجبين بقيادة أبنه الأثير لديه اسماعيل – قتله المك نمر في شندي حرقاً والآخر بقيادة صهره الدفتردار إلى غرب السودان وهو الذي أوضع مذابح دموية في كل مكان إنتقاماً لقتل اسماعيل ابن الباشا.
    • تركزت السلطة في الخرطوم العاصمة الجدية في يد الحكمدار وأعوانه في نظام ــ في البداية ـــ عسكري ثم فيما بعد تحت قبضة باطشة وظالمة في طول البلاد وعرضها ولم تأخذ السلطة في الخرطوم شيئاً من محاولة محمد علي الاصلاح والتحديث والفكاك من تقليدية وموات الامبراطورية العثمانية. بل إنصرف عماله في السودان لجمع في قسوة ووحشية صارت مضرب الامثال في التاريخ السوداني. وأعتمد الحكمدار ومعاونوه على الفرمانات والأوامر والمطالب تأتي من القاهرة تزيد في رهق الناس وعزابهم وتجمعت الكراهية للحكم التركي تفجرت بالبلاد ثورة عارمة 1885م قادها الامام محمد احمد المهدي. إستقل على إثرها السودان عن الحكم التركي الذي اوقع الثوار بجيوشه الهزيمة تلو الهزيمة طردوا عن آخرهم من البلاد.
    • والمحصلة أن حصاد التجربة الطويلة لم يكن فيه شئ يفيد في مايلي مقومات السيادة والسلطة والحكم ، وهذا احد اهم الاسباب الذي يجعل الثورة المهدية تبدأ من بداياته تلك وتقوم حكماً متفرداً في نهجه ومساره .

    الثورة المهدية:
    توالت هزائم جيوش الحكم التركي على يد جحافل انصار الأمام محمد احمد المهدي حتى اطبق على العاصمة من كل أتجاه وقتل الجنرال غردون البريطاني الذي جاء به حكمدارً على السودان في عتبات قصر الحكمدارية. وأتخذ الامام المهدي امدرمان عاصمة.
    تميز حكم الثورة المهدية بالاصالة والاستقلالية وقامت دعوة الامام المهدي على قواعد جديدة تنطلق فيها معاني السيادة والسلطة والحكم من نظري ترد صداها في أنحاء العالم الاسلامي وشهدت بلاد اسلامية تطبيقاً لها لم يعمر. فلامام تقوم دعوته على أنه هو المهدي المنتظر الذي سيملأ الارض عدلاً بعد ملئت جوراً. فالقائد والحاكم هنا له خصوصية وقدسيه وكل مايفعله ينطلق من الكتاب والسنة ومصادر أخري (الحضرات). خص بها لمخلص ومصلح وموعظ للامه. فالدولة هنا دولة دينية بأمتياز وأساسها الاداري والسيادي والسلوكي يبنى على القران الكريم والسنة الشريفة وعلى دعوة الامام المهدي واحاديثة ومنشوراته وانذارته للمنكرين والمخالفين.
    ولم يعمر الامام المهدي ـــ رحمه الله ـــــ طويلاً بعد فتح الخرطوم وآل الامر الى خليفته الاول عبد الله التعايشي.
    ولقد إتبع الخليفة عبدالله نهج الامام المهدي الا أنه قد غلب عليه طبع الاداري المحنك والقائد العسكري فأنخرطت الدولة في حروب في حروب خارجية ونزاعات داخلية إستمرت أربعة عشره عاماً حتس سقطت على يد الجيوش الانجليزية المصرية بقيادة اللورد كتشنر.
    فدخلت البلاد عهداً جديداً في مفاهيم السيادة والسلطة والحكم. وجاءت القوانيين الاساسية والقوانين وعلى الاتفاقات جاءت الدساتير.
    الحكم الثنائي الانجليزي المصري }1898 – 1956م{.
    دون مقاومة تذكر في قبضة جيوش محمد على باشا التركية المصرية. التى دانت لها البلاد من اقصاها إلى اقصاها.


    دولة التركية السابقة:
    الحكم الثنائي الانجليزي المصري 1899 – 1956م:
    بعد هزيمة جحافل الانصار في كرري واخماد آخرجزوات المقاومة في ام دبيكرات والشكابة ومصرع خليفة المهدي ومن بعد مقتل علي دينار على سفوح جبلالقضاء على الثورات والهبات المتلاحقة دانت البلاد تماماً للحكم الاستعماري الثنائي الانجليزي المصري.
    جاء المستعمرون بأنماط جديدة في التشريع وأنماط الادارة فبعد توقيع اتفاقية 1899م بين البريطانيين المصريين تلك الادارة أرست دعائم حكم المستعمر والصورة التى تتم بها إدارة البلاد وعلى أي نحو تقسم السلطات وغيرها بين الشريكين فرضت الاحكام العسكرية حتي يتم القضاء علي المقاومة الوطنية. وبعد تحقق للادارة الثنائية ذلك يمكن النظر لتاريخ التشريع وممارسة السلطة والسيادة على مراحل هي :

    اولاً :
    مرحلة سلطة الحاكم العام المطلقة 1898 – 1910 م
    وهي تلك المرحلة التى بنى اساس التشريع والسيادة والسلطة والحكم على اتفاقية البريطانية والمصرية 1898م.

    ثانياً:
    مرحلة مجلس الحاكم العام 1910 -1943م وهي المرحلة رأى فيها الحاكمون أنه لابد من توسيع قمة الحكم فيها وإيكال الأمر فيها لمجموعة إستشاري تعين الحاكم العام بالمشورة والمساعدة فكان أن عين مجلس للحاكم العام اساساً من السكرتاريين الذين سيتولون الامور الادارية والمالية وغير.

    ثالثاً:
    مرحلة المجلس الاستشاري 1943-1947م:
    ونلاحظ أن المجلس الاستشاري شكل أبان الحرب العالمية الثانية التي كانت يسمع فيها دوي طبول جيوش المحور في حدود مصر الغربية وحدود السودان الشرقية.
    وجاء تكوين المجلس وفق القانون تحسباً للدعوات النامية برفض المستعمبر والنظربالرغم من أن قانون مجلس الحاكم العام لسنة 1910م جاء موجزاً ومباشؤاً. إلا أن قانون المجالس الاستشارية لسنة 1943م جاء مطولاً ومخادعاً فالغرض الرئيسي منهم لم يكن حقيقة تشكيل مجلس إستشاري يمنح اقل القليل من فرص التطوع بالشورى والمشاركة، بل كان الغرض اعلان تشكيل، مجلس بلا جدوى ولا فائدة. لهذا راج وسط المواطنين أن المجلس جاء ميتاً وبلا جدوى.
    إلا أن مجرد عملية تشكيل المجلس، وإن كانت السلطة الاستعمارية قد حشدت فيها شيوخ القبائل والزعامات التقليدية، مثل بداية خروج سلطة الاستعمار عن سياسة الإقصاء التام لكل الوطنيين. وفتح الباب امام القوى الحديثة البازغة للمطالبة بالمزيد. وعجزت السلطة الاستعمارية عبر مواصلة سياسات القمع والمطاردة خاصة بعد الوعد الذي قطعته بريطانيا على نفسها بمنح المستعمرات التي تناصر شعوبها الحلفاء في الحرب حق تقرير المصير فور إنتهاء الحرب.

    رابعاً:
    مرحلة الجمعية التشريعية: 1948-1952
    قويت شوكة الحركة الوطنية منذ قيام مؤتمر الخريجين في 1938م وأصبحت المظاهرات والمواكب والاجتماعات الشعبية تطالب بصوت داو بالاستقلال والجلاء التام والشروع في اجراءات الحكم الذاتي وتقرير المصير المؤدي للفكاك من قبضة دولة الحكم الثنائي، وبعد الثورة المصرية 1952م خروج الانجليز من السودان وصياغة دستور وطني لحكم وطن مستقل. ولم يكن ذلك معزولاً عن الثورات من أجل التحرير والاستقلال التي انتظمت العالمين العربي والافريقي.
    كانت ردة فعل السلطة الاستعمارية تحت هذا الضغط الكثيف الذي جاءها من القوى التقليدية غير كافية تمثلت في:

    اولاً:
    - إصدار قانون الجمعية التشريعية لسنة 1948م. ولم يكن في الأمر جديد وقوبل قرار إنشاء الجمعية التشريعية لثورة شعبية عارمة وتركزت مطالب الشعب في الاستقلال والجلاء التام ودستور لحكم السودان المستقبلي.
    - فالجمعية لم تكن الا توسيعاً للمجلس الاستشاري لشمالي السودان، حشد من كبار الاداريين البريطانيين وكبار الموظفين بالدولة والاعيان وزعماء القبائل. وهي على أي حال تأتي في نهاية السلم لهيكل الحكم على رأسه الحاكم العام فاللجنة التنفيذية فالمجلس الاستشاري ثم الجمعية التشريعية. والقرارات النهائية في الحاكم العام ومجلسه.
    - وعلى مدى خمسة أعوام هي عمر الجمعية التشريعية سارت الأمور في مسارات حسمت في مقبل الايام مصير السودان فلقد تأكد لبريطانيا أن لا بقاء بلا ثمن لها في السودان خاصة بعد تمكن الثورة في مصر وإرتباط الاشقاء والاتحاديين وغيرهم بها. ثم التوقيع على مذكرة الاحزاب في 10/10/1953م ذلك بعد تقييد سلطان الحاكم العام بمقتضى الاتفاقية التي وقعت في 2 فبراير 1953 ومن ثم بدأ العد التنازلي للسير في الطريق لنيل الحكم الزاتي المؤدي للاستقلال التام. تم من بعد توقيع الاتفاقية لتصفية دولة الحكم الثنائي.

    خامساً:
    مرحلة الحكم الذاتي (1953-1955)
    لم يكن لمصر كدولة شريكة وجود حقيقي في السودان بعد أن الغت بريطانيا من طرف واحد اتفاقية 1898م وبعد الاحداث الحاسمة المتمثلة في مقتل السير لي ستاك في القاهرة وبعد إنسحاب الجيش المصري من السودان في اعقاب ثورة 1924م والأحداث الدامية في الخرطوم. إلا أن دور مصر في الثورة كان حاسماً في توقيع إتفاقية دولة الحكم الثنائي ومن ثم منح الحكم الذاتي للسودان في 12 فبراير 1953م.
    والمجتمع السياسي غلب عليه تياران تيار يعمل لتحقيق الوحدة مع مصر (الاتحادين) والتيار المنادي بإستقلال السودان (حزب الأمة) وبالطبع كانت هناك أحزاب أخرى صغيرة.
    نصت إتفاقية 1953م على:
    - تقييد سلطات الحاكم العام.
    - إنتخاب جمعية تأسيسية.
    - صياغة حكومة انتقالية خلال فترة انتقالية تنتهي بتقرير المصير.
    والتفاصيل لا حصر لها تلك التي تروى وقائع النضال الشعبي ضد الاستعمار ، قيام مؤتمر الخريجين. نشأة الاحزاب ثم كيف جاءت حكومة الازهري الأولى، بعلان الاستقلال من داخل البرلمان واعلان دستور 1956م المؤقت دستوراً للبلاد لحين وضع دستور دائم. ذلك الوعد الذي لم يتحقق الى يومنا هذا.
    دستور 1956م إعتمد على روح إتفاقية 1953م. والحوارات الدائرة في الساحة وتقرير لجنة ستانلي بيكم ثم مشورة الخبراء في الجامعات البريطانية ودستور 1956م لم لم يشز عن القاعدة التي صيغت بها دساتر المستعمرات البريطانية السابقة. اتخاذ النهج اللبرالي الكلاسيكي سبيلاً. تعدد الاحزاب والحكومة البرلمانية، إستقلال القضاء والخدمة المدنية، جيش نظامي محترف شركة غير عسكرية ..الخ، نسخة مبسطة من نموذج وستمنستر العريض.
    إندلع التمرد العسكري في جنوب البلاد في 1955م واستمرت الحرب دون توقف منذ ذلك الحين وكانت البلاد تعاني مخاض ولادة النظام الديمقراطي والادارة الوطنية تسلمت السلطة من دول مستعمرة خرجت دون أن تلتفت للوراء لترى الاوضاع الاقتصادية والامنية المتردية. كل ذلك لم يشفع لحكومة الازهري وضاق صدر كبار جنرالات الجيش بالحكومة المدنية فاطاحوا بها في انقلاب عسكري هو الاول في تاريخ السودان في 17 نوفمبر 1958م. لم تحظ التجربة الديمقراطية الاولى الا بخمسة وثلاثين شهراً لتثبت جدارتها.

    الحكومة العسكرية الاولى: 1958-1964م
    كانت الحكومة العسكرية بلا أي اداعاءات سياسية ولا ايدلوجيات وكان الدافع الحقيقي دفعهم للخروج من التكتلات والاستيلاء على السلطة هو ظنهم أن حكومة السياسيين لم توفر لهم المطلوب بهزيمة المتمردين في جنوب البلاد وكان الشعار الوحيد الذي رفعوه هو احكموا علينا باعمالنا. ولم يرض الناس عن فاتحة اعمالهم فقد حلوا البرلمان واطاحوا بالحكومة المنتخبة وحلوا الاحزاب السياسية وصادروا دورها واغلقوا كل الصحافه وصادروا ممتلكاتها، ذات القائمة الطويلة التي هي ديداً الانقلابات العسكرية. ولم تكن السلطة العسكرية تحتاج لدستور ولا قوانين أساسية ولا أوامر جمهورية بل حكموا البلاد خلال سنواتهم الست في عهد:
    - المجلس الاعلى للقوات المسلحة 1958-1963م
    - المجلس المركزي 1963-1964م
    سلسلة طويلة من اللوائح والاوامر التي قيدت الحريات وسلبت الحقوق زيادة على ذلك لم تحقق الحكومة العسكرية في الجنوب لا نصراً ولا سلاماً بل امتد لهيب المحرقة لكل مكان .
    بدأ الغضب الشعبي يتصاعد حتى انتهى بثورة خرج فيها الشعب السوداني للشوارع في مواكب ومظاهرات وطاحت بحكومة عبود.
    كانت الحصيلة القانونية لحكومة الجنرال عبود لا دستور ولا قوانين اساسية يعتد بها.

    ثورة أكتوبر 1964م:
    إندلعت الثورة في 21 اكتوبر 1964م وبعد أن تولت حكومة سر الختم الخليفة القومية زمام الامر فرفعت قوى جبهة الهيئات والقوى السياسية الاخرى الميثاق الوطني في 30 اكتوبر 1964م ثم ومن خلال وفاق وطني عريض اعيد دستور 1964م الانتقالي وتم تعديل ليناسب اوضاع الثورة الشعبية. بمقتضى الدستور أجريت الانتخابات العامة والتي من مطلوبات الميثاق الوطني وشاب الامر كله كثير من التصعيد بسبب استحالة اجراء الانتخابات في المديريات الجنوبية ولم تجرى الاننتخابات التكميلية الا قبل شهور من نهاية عمر الجمعية التأسيسية 1968م ولم يتحقق حلم صياغة الدستور الدائم للبلاد وليت الامر اختصر على ذلك فقد احتدم جدل صاخب ومزلزل حول قضايا مهمة وخطيرة من قضية عمر الجمعية التأسيسية وأوضاع وسلطات مجلس السيادة وقضية حل الحزب الشيوعي واحترام استقلال القضاء والنزاع بين السلطات الثلاث زد على ذلك عدم الاستقرار السياسي في السقوط المتعاقب للحكومات الائتلافية الضعيفة هذا مع استمرار الازمة الاقتصادية التي لا فكاك منها والحرب الطاحنة في الجنوب فلم يكن مستغرباً أن تطيح القوات المسلحة بالوضع كله بإنقلاب هو الثاني في تاريخ السودان السياسي.

    إنقلاب 25 مايو 1969م -1985م
    وقع الانقلاب في الساعات الاولى صباح يوم 25 مايو 1969م. استتب الأمر للحكومة الانقلابية بعد ايام قلائل وكشف الانقلابيون بقيادة جعفر محمد نميري عن الطبيعة المختلفة لهذا الانقلاب عن إنقلاب الجنرال عبود، والانقلابيون هذه المرة متحالفون مع القوى اليسارية والتقدمية فالانقلاب اصلاً مؤدلج. ولم يحتفظ حكم مايو بصفته تلك طويلاً إذ غير رداءه الايدلوجي غير مره.
    ولقد صرفت حكومة الانقلاب جهداً غير قليل في تباين خطها السياسي والفكري وتركت امور السيادة والسلطة لتنظمها أولاً :
    - الأمر الجمهوري رقم (1)
    - والأمر الجمهوري رقم (2)
    - الأمر الجمهوري رقم (3)
    وهي تلك الاوامر التي حلت محل دستور 1964م المعدل وتضمت مجمل الامور السيادية وتلك المتعلقة بتنظيم السلطة وهيكلة الحكم وأصدر الامر الجمهوري الخامس في 14/8/1971م في أعقاب إنقلاب هاشم العطا على رفقاءه في المجلس العسكري وإستيلاءه على السلطة بصورة مؤقتة وضع الامر الجمهوري الخامس السلطة التشريعية كاملة في يد رئيس الجمهورية. وكانت تلك بداية عهد اتسم بإنفراد النميري بالسلطة دون رقيب أو حسيب. ودعنا نتابع تطورات الأوضاع حتى إندلاع إمتفاضة ابريل 1985.
    • في يناير 1972م انعقد المؤتمر التأسيس للاتحاد الاشتراكي الحزب الواحد لثورة مايو.
    • وفي العاشر من ذات العام صدر الميثاق الوطني الذي اريد به أن يسد الفراغ الذي تسبب فيه إلغاء الدستور.
    • لاحظ هنا التأثر بالتجربة المصرية.
    • في 8/5/1973م صدر الدستور ذلك الدستور الذي كرس سلطة الفرد والحزب الواحد .
    إنتخاب مجلس الشعب والمجالس الاقليمية وكرس الحكم الاقليمي والتمثيلية القائمة على الحزب الواحد.
    • عرف عهد مايو في تجربته الطويلة 1969-1985م كل أنواع وصور التشريع –عدا تلك الليرالية-فعرفت مايو سلطة الفرد وعرفت التشريع بالاصالة وعرفت التفويض بأنواعه والتشريع بالوكالة والتشريع بلائحة الطواري.
    • دار في أروقة الإتحاد الإشتراكي حوارات حول الدستورية والاشتراكية والحكم اللامركزي والتنمية إلا أنه كان حوار حصرياً وإقصائياً وانتهى الامر فيه دائماً بأن يأخذ القرار الرئيس القائد نميري.
    • تدهورت الاوضاع الامنية في الجنوب برغم الحوارات التي دارت عاد العنف وساءت الاوضاع الاقتصادية وأشتعلت شرارات الغضب الشعبي وتصاعدت حتى إنتهى الامر بثورة شعبية شاملة أسقطت فيه الجماهير حكومة جعفر نميري.


    إنتفاضة رجب/ابريل 1985م:
    • شهد السودان مرة أخرى ثورة شعبية أجبرت الجنرال نميري على التنحي وتسلمت زمام الامور حكومة قومية إنتقالية حكمت لمدة عام.
    • تم التوقيع على الميثاق الوطني في 6/4/1985م بواسطة ممثلي الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع وكان ثمة وفاق على الصورة التي يكون عليها الدستور القادم بعد إلغاء دستور 1973م.
    • إقترح المجلس العسكري الانتقالي على مجلس الوزراء الانتقالي مشروع دستور اجريت عليه تعديلات وتمت مناقشته بصورة واسعة بين الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني حتى أجيز وتم التوقيع عليه ليصبح دستور 1985م الانتقالي وقع10اكتوبر ولم يبقى من عمر الفترة الانتقالية الا خمسة أشهر.
    • أجريت الانتخابات في ابريل 1986م وفاز فيها حزب الأمة والحزب الاتحادي بأغلبية وعادت البلاد لداء عدم الاستقرار الماثل.
    • تم تعديل دستور 1985م الانتقالي ليصبح دستور 1987م الانتقالي.
    • سادت قناعة بين كافة مكونات المجتمع السياسي السوداني أنه لا سبيل للوصول لسلام ولا لحل مشكلة الجنوب إلا من خلال التفاوض السلمي المباشر وتم الإتصال بالحركة الشعبية لذلك الغرض بواسطة الحكومة والاحزاب السياسية.
    • مرة أخرى استشرت الخلافات التي تحادث لدرجة مقلقة من عدم الاستقرار وتتغير الحكومات في ظل ذات العوامل السلبية المتمثلة في إستمرار الحرب في الجنوب والأزمة الإقتصادية وفقدان الوجهة القومية الواحدة.
    • للمرة الثالثة وقع إنقلاب عسكري في 30يونيو1989م بقيادة العقيد عمر البشير.
    عهد الإنقاذ الوطني (1989- )
    أخذ هذا العهد الماثل اسمه من أنه جاء لإنقاذ البلاد والعباد.
    وأتبع ذات النهج الذي إتبعته الحكومات الانقلابية العسكرية السابقة من حيث إزالت كل آثار الليبرالية والديمقراطية وحل احزابها ومؤسساتها ومصادرة ممتلكاتها. وبالطبع إلغاء دستور 1987م المعدل وكل التشريعات ذات الصيغة الديمقراطية بني نظام الانقاذ على تحالف بين العسكريين وحزب الجهة القومية الاسلامية لا نحتاج هنا إلا لان نثبت التحولات التشريعية والدستورية وأهم التحولات الاستراتيجية:
    اولاً: تمثلت التشريعات المؤسسة لحكومة الانقاذ في المراسيم الدستورية التي غطت كافة أوجه السيادة والسلطة والحكم وهيكلة الحكم كلفت لجنة برئاسة رئيس القضاء الاسبق خلف الله الرشيد بإعداد الدستور فأعدت مشروعاً قامت السلطة بإعادة النظر فيه وتم إصدار دستور السودان لسنة 1998م.
    شرعت الحكومة بعد إتصالات طويلة مع الحركة الشعبية في مفاوضات تاريخية إنتهت بإتفاقية نيفاشة في 2005م والتي اثمرت كذلك دستور السودان المؤقت لسنة 2005م الذي هو بين أيدينا الآن.
    بالطبع تم الإستفتاء وأنفصل جنوب السودان عن شماله والبلاد الآن في مواجهة واقع إنتهاء الفترة الانتقالية والدستور الانتقالي. ونحن جميعاً مواجهون بالسؤال التاريخي أي دستور وفق أي خطة إجرائية.



    المراجع:
    1. الدكتور جمال العصيفي ، أراء في الشرعية الحرية ، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1987م.
    2. الدكتور مكي شبيكة ، السودان عبر قرون ، دار الثقافة بيروت، 1965م .
    3. مندور المهدي ، تاريخ السودان الحديث ، المطبعة الحكومية، 1962.
    4. نعوم شقير، جغرافية وتاريخ السودان ، دار الثقافة بيروت ،1967م.
    5. مذكرات الدرديري محمد عثمان ، 1914 -1958، مطبعة التمدن ، الخرطوم.
    6. تاريخ الإنتخابات البرلمانية (السودان) محمد ابراهيم طاهر، بنك المعلومات السودان ، 1962م.
    7. التجربة الديمقراطية وتطور نظم الحكم في السودان ، د. ابراهيم حاج موسي ، دار الجيلي 1970م.
    8. هنري رياض ، مؤجز تاريخ السلطة التشريعية في السودان ، دار الجيل ، 1991م.
    9. دراسات حول الدستور1 ، محجوب محمد صالح ، مركز الايام للدراسات ، 2013
    10. ديباجة الدستور محمود محمد طه ، 1984م .
    11. .دراسات حول الدستور2 ، محجوب محمد صالح ، مركز الايام للدراسات ،

    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=78476:2015-03-02-20-13-02andcatid=34:0-6-8-3-1-6-8andItemid=55http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-8-3-1-6-8andItemid=55
                  

03-03-2015, 12:11 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    إحالة مذكرتي إغلاق المراكز ورفض تسجيل الحزب الجمهوري للجنة الشكاوى بالمفوضية
    الثلاثاء, 03 آذار/مارس 2015 09:18
    الخرطوم: الجريدة
    كشف ناشطون حقوقيون عن احالة مقررة لجنة الشكاوى بالمفوضية القومية لحقوق الانسان آلاء مكي حسن، المذكرة الاحتجاجية على اغلاق المراكز الثقافية، ورفض تسجيل الحزب الجمهوري، الى لجنة الشكاوى للنظر فيها. وطبقاً لمتابعات (الجريدة) امس فقد افادت مقررة لجنة الشكاوى، باستعداد المفوضية لاداء دورها في وضع الامور في نصابها وان تواصل جهدها لزيادة الحرص على مفاهيم حقوق الانسان، وانها اصدرت اذناً للبروفيسور حيدر الصافي شبو لمتابعة المفوضية وما تسفر عنه النتائج فيما يخص مذكرة الحزب الجمهوري، بجانب اذن آخر للناشط الحقوقي حيدر احمد خير الله لمتابعة مذكرة المراكز التي تم اغلاقها.
    وتعهد بروفيسور حيدر الصافي بمواصلة المتابعة مع المفوضية، وفي مختلف الأصعدة.
    ومن جهته قال الناشط الحقوقي حيدر خيرالله إن هناك خطوة متقدمة في الوصول الى المفوضية بعد ان كانت من القلاع المحرمة، واشار الى انها الان تتسلم المذكرات وتصدر اذناً بالمتابعة، وطالب المنتهكة حقوقهم بالنهوض لاستردادها بكل صبر واضاف (ماضاع حق وراءه مطالب).
    وكان ناشطون قد نفذوا وقفة سلمية امام مقر المفوضية الاسبوع الماضي وسلموها مذكرتين منفصلتين مصحوبتين بتوقيع (150) شخصية عامة، احتجاجاً على اغلاق عدد من المراكز الثقافية ورفض تسجيل الحزب الجمهوري.

    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=78502:2015-03-03-08-21-23andcatid=42:6-5-3-1-4-9-0andItemid=60http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-3-1-4-9-0andItemid=60
                  

03-04-2015, 08:09 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: الخرطوم / خاص

    بعد ان اوقفت السلطات الامنية فعاليات مفروش الشهيرة بالخرطوم ، عاد نشاطها امس الثلاثاء 3/3/2015 بمشاركة كبيرة من الناشطين ، وفى الاثناء تقدمت مجموعة من الأشخاص ادعت أنها تنتمي إلى المصنفات الأدبية، وصادرت كتب الفكر الجمهوري، وابرز أحدهم بطاقته الصادرة من المصنفات الأدبية، لمسئول الكتب، الأستاذ صديق يوسف عضو الحزب الجمهوري، وأخذت بياناته الشخصية وعدد الكتب المصادرة ، ودعته إلى مقابلة مكتب المصنفات الأدبية غدا بالعمارات شارع (and#1637;and#1641;). والجدير بالذكر أنهم أخذو ا الكتب بدون إبراز أي أمر قانوني بالمصادرة، والحجة التى قدمها ان هذه الكتب لاتحمل ارقام ايداع ، علما بان بعضها صادر منذ الخمسينات والستينات من القرن الماضي .
    ومن جهته قال الناطق الرسمي للحزب الجمهوري الأستاذ حيدر خير الله: (اننا كعهدنا في الفكرة الجمهورية نحترم القانون، وسنقابل هذه الجهة التي امتلكت الجرأة على الإقصاء؟! فكل الكتب التي تمت مصادرتها تحمل رقم إيداع محلي و دولي، فما دخل المصنفات فى هذه الكتب ؟ وكل هذه الكتب مودعة لمسجل الاحزاب وللمحكمة الدستورية ونحن لا نعزل هذا السلوك الشائن، عن بقية الممارسات التي تقوم بها الحكومة، ضد الحزب الجمهوري ومركز الأستاذ محمود. فحتى نستجلي حقيقة الأمر، فلكل حادث حديث ...وناسف لهذا السلوك الاقصائي الذى يوسع الشقة بين توجه النظام وتوجه الاستنارة ..
                  

03-04-2015, 10:51 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: الاسلام برسالته (الداعشية) لا يصلح لانسانية اليوم
    عصام الجزولي

    03-04-2015 11:06 AM
    ان أول ما يجب تأكيده هو أن الاسلام كما جاء به النبى الكريم ( رسالتان ) بمعنى أن القرأن الكريم تضمن مستويين من التشريع (أصول وفروع ) ( مكى ومدنى ) قال تعالى ( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى ) يقوم المستوى الاول (الفرع ) على الاكراه فى الدعوة اليه قال تعالى ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ) وقال فى أية أخرى ( فأذا أنسلخ الاشهر الحرم فأقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) وقال نبيه الكريم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله الا الله ) وهكذا أمر هذا المستوى بالجهاد وكل ما يترتب عليه من سبىء للنساء واسترقاق للرجال كما قام هذا المستوى على عدم المساواة بين المراة والرجل فى الشهادة وفى الميراث وفى الزواج ( الرجال قوامون على النساء ) هذا فى مستوى الاجتماع أما فى المستوى السياسى فدعا الى الشورى والشورى ليست ديمقراطية فهى وصاية الرشيد على القاصر ( وشاورهم فى الامر فأذا عزمت فتوكل على الله ) أما فى المستوى الاقتصادى قشرع لهم الزكاة ذات المقادير وهى اخراج ربع العشر على المال الذى حال عليه الحول وهذا نظام رأسمالى لا يقيد حرية الفرد فى الامتلاك ويسمح بأستغلال الاخرين هذا هو المستوى الاول من التشريع (الرسالة الاولى ) أما المستوى الثانى من التشريع الاسلامى ( الاصل ) فقام على الاسماح فى الدعوة ( قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) و( أدعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) و(لا اكراه فى الدين ) وفى مجال الاجتماع دعا الى المساواة بين النساء والرجال ( ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف ) أى لهن من الحقوق مثل ما عليهن من الواجبات والعرف هو ما تعارف عليه الناس فى اى مكان أو زمان ما لم يخل بغرض من أغراض الدين وجماع أغراض الدين هو كرامة الانسان وفى محال الاقتصاد قام التشريع على انفاق ما زاد عن الحاجة ( يسألونك ماذا ينفقون قل العفو ) وهذا المستوى هو (الرسالة الثانية ) وهى الرسالة التى دعا لها النبى الكريم أمته فى القرن السابع ولما عجزوا عن الاستجابة لها نسخت بالرسالة الاولى والنسخ لم يكن الغاء بل ارجاء لان الالغاء هو تغيير رأى تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ( ما ننسخ من اية أو ننسئها نأتى بخير منها أو مثلها ) بخير منها للمخاطبين فى القرن السابع وليس بخير منها مطلقا لانه لا يمكن أن يكون الاكراه خير من الاسماح بصورة مطلقة والا لكان أحسن ما فى ديننا (الاسماح ) قد نسخ بما هو دونه (الاكراه ) والله تعالى يقول (وأتبعوا أحسن ما أنزل اليكم من ربكم ) فلم يبقى الا أن يكون النسخ هو ارجاء ( للرسالة الثانية ) حتى تجىء أمتها ويجىء وقتها وقد جاء اليوم بفضل الله وبفضل التطور الهائل فى حياة المجتمع البشرى حتى ضمنت حقوق الانسان فى مواثيق واعراف الامم المتحدة وهى حق التعبير وحق الاعتقاد والتبادل السلمى للسلطة وقيم الحرية والديمقراطية والاشتراكية وحتى حقوق الحيوان وهذه القيم لا توجد فى الرسالة الاولى التى يطبقها ( الداعشيون ) اليوم وبذلك يكون المستوى المنسوخ خير للبشرية اليوم من المستوى الناسخ وهو ما أسماه الاستاذ بتطوير التشريع الاسلامى وبهذا يكون نسخ المحكم واحكام المنسوخ ثورة دينية قيد الله لها الاستاذ محمود على قاعدة ( وأتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شىء عليم ) هذا المقال أردت منه تبسيط دعوة الاستاذ محمود محمد طه ( الاسلام برسالته الاولى لا يصلح لانسانية القرن العشرين ) والاستاذ ادعى فهما جديدا للاسلام ولم يدعى رسالة جديدة غير الاسلام أوحيت اليه كما يتهمه الجهلاء من خصومه وغرابة دعوته مدعاة لصحتها أكثر من خطأها بنص الحديث النبوى ( بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء ) والبشرية اليوم فى مفترق طرق فأما الرسالة الثانية من الاسلام أو الطوفان الداعشى فلا توجد منطقة وسطى ما بين الجنة والنار ولا يوجد اسلام معتدل كم يدعى الازهر والوهابية والمسلمون السنة والشيعة والاخوان المسلمون والنظام التركى فهم لا يملكون فهم للاسلام غير الفهم الداعشى (الجهادية السلفية ) ولا يوجد اعتدال فى غير الرسالة الثانية الابتزييف النصوص الشرعية والتحايل عليها خوفا من الاتهام بالارهاب الذى ألصقه الداعشيون وأمثالهم من بوكو حرام والقاعدة وحزب الله بالاسلام وفى مقابلة مع مدير المخابرات البريطانى السابق سأل عند اسباب التطرف الدينى لدى المسلمين فى الدول الغربية فرد بأن ذلك له سببين الاول ان المسلمين أقل اندماجا فى المجتمع الغربى والسبب الثانى أن ان الدين الاسلامى ككل ليس مهيأ بشكل جيد لاحياء وتجديد نفسه لكى يتوافق مع قيم ومعايير مجتمع يعيش فى القرن الواحد وعشرين وأضاف أن هنالك تحديا سياسيا كبيرا يمكن فقط أن يضطلع به قادة العالم الاسلامى ولا يمكن فرضه عليهم من جانب الغرب وكأنى بهذا الرجل يضع النقاط فوق الحروف ويدعو الى تفعيل الرسالة الثانية من الاسلام التى تستوعب طاقة وحاجة العصر بعد أن فشلت الرسالة الاولى فى ذلك لانها موجهة أصلا الى أمة القرن السابع وهو ما يجسد مقولة ان الاسلام صالح لكل زمان ومكان (اذا) فهم الفهم الصحيح بأنه (رسالتين) وهو ما خص الله سبحانه وتعالى به الاستاذ محمود ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) ولا يصدق السودانيين أن حل مشاكل البشرية يمكن أن يأتى من رجل سودانى عادى لا ينتمى الى الازهر أو المملكة السعودية والله لا يقيده الزمان أو المكان وقد فطن الاستاذ لذلك و أطلق دعوته الخالدة ( أنا زعيم بأن الاسلام هو قبلة العالم منذ اليوم وأن القران هو قانونه وأن السودان اذ يقدم ذلك القانون فى صورته العملية المحققه للتوفيق بين حاجة الفرد الى الحرية الفردية المطلقة وحاجة الجماعة الى العدالة الاجتماعية الشاملة هو مركز دائرة الوجود على هذا الكوكب ولا يهولن أحد هذا القول كون السودان جاهلا خاملا صغيرا فأن عناية الله قد حفظت على أهله من أصائل الطبائع ما سيجعله نقطة التقاء اسباب الارض بأسباب السماء

    mailto:[email protected]@gmail.com


    http://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-58942.htmhttp://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-58942.htm
                  

03-05-2015, 05:52 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    الحزب الاتحادي الموحد : النظام يواصل حملاته القمعية ضد الحريات
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحِزب الإتِحادى المُوًحَد
    The Unified Unionist Party
    السودان وطن للجميع
    التاريخ: 4 مارس 2015
    الحزب الاتحادي الموحد : النظام يواصل حملاته القمعية ضد الحريات

    ما زال النظام الحاكم يمارس سياساته القمعية ضد جماهير شعبنا وطلائعه من أصحاب الفكر وحملة الأقلام دونما إحترام لدستوره وقوانينه التي صاغها بنفسه وأجازها وأعلن سريانها من خلال أجهزته ومؤسساته إذ لا يمر يوم وإلا نشهد إنتهاكاً صريحاً لنصوص دستوره وقوانينه فبعد التعرض لندوة نداء السودان بمدينة دنقلا يوم السبت 28/2/2015 وتفريق الحضور بالقوة نتيجة إطلاق الغاز المسيل للدموع تعرض ثلاثة من الصحفيين للأذى وللإصابة وهم أميمة عبد الوهاب (آخر لحظة)، أم زين آدم (الرأي العام)، ومصطفى إبراهيم (المستقلة) إستتبعها مصادرة صحيفة (آخر لحظة) عدد الأحد 1/3/2015 بعد طباعتها دون إبداء أي أسبا، وبينما تتواصل جلسات محاكمة رئيسة تحرير (الميدان) أ. مديحة عبد الله وزميليها أ. سليمان حامد وأ. إبراهيم ميرغني في قضية حرائق النخيل بالولاية الشمالية منذ فترة، فها هي أ. رشان أوشي (الوطن) ماثلة يوم الأحد 1/3/2015 أمام المحكمة في قضية طرد طالبات داخلية البركس ومن بعدها أ. حنان عيسى (المستقلة)وأ. محمد سعيد حلفاوي (التغيير) يخضعان للتحقيق ولساعات يوم الإثنين 2/3/2015 بسبب تناولهما لقضايا وظواهر إجتماعية.
    أمس الثلاثاء 3/3/2015 لم يهنأ مرتادو ومشاركو معرض مفروش للكتاب بعودته لنشاطه بعد إيقاف فعالياته في منتصف فبراير الماضي فتقدمت مجموعة من كوادر أجهزة النظام الحاكم وصادرت كُتبا ً للأستاذ محمود محمد طه نُشرت في منتصف القرن الماضي الأمر الذي يبين حرص النظام وأجهزته علي ملاحقة الفكر ومطاردة حرية التعبير .
    إن الحزب الإتحادي المُوحًد وهو يؤكد موقفه الراكز لكل حملة الأقلام من صحفيينا الشرفاء وهم يتحملون كل صنوف الأذي وأشكال التعسف يدعو كل جماهير شعبنا ممثلا ً في أحزابه ونقاباته ومنظماته المجتمعية للتكاتف والتعاضد حتي تتسع حركة المقاومة ضد هذا النظام وإزالته ومن ثم إعادة بناء دولة الحرية والمواطنة والمساواة والعدالة والسلام ..

    عاش الشعب السوداني حرا ً أبيا ً
    للإستفسار: محمد عصمت المبشر الحزب الإتحادي الموحد بريد إلكتروني: mailto:[email protected]@gmail.com
    ////////////

    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=78552:2015-03-04-17-09-36andcatid=37:2-4-2-0-4-9-1andItemid=63http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-2-0-4-9-1andItemid=63
                  

03-05-2015, 12:00 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: الوزير الشقيق الدقير : من بوابة المصنفات !!
    بقلم حيدر أحمد خير الله

    03-05-2015 10:21 AM
    *إستأنفت فعالية عمل مفروش نشاطها اول من امس الثلاثاء 3/3/2015 بعد توقف دام مدة من الزمن ، وفى الأثناء كانت ادارة المصنفات بولاية الخرطوم وهى الادارة التى تتبع للوزير الشقيق الأستاذ / محمد يوسف الدقير ، الذى تلقينا من ادارته قرارا يبقى فى بقية التاريخ ككل بقايا التاريخ ، الا وهو قرار اغلاق مركز الاستاذ / محمود محمد طه الثقافى وشارك فى مذبحة التنوير التى تقع على مراكز الاستنارة فى بلادنا ، وسجلت وزارة الوزير الشقيق حضورا إقصائيا متميزا ، عندما حضر منسوبوا الوزارة وقاموا بمصادرة كتب الفكر الجمهورى بحجة أولى : وهى ان الكتب لاتحمل تصنيفا .. وهذا مايكذبه الواقع لأن كتب الاستاذ / محمود تحمل تصنيفا محليا ودوليا ..
    *والحجة التي ساقتها المصنفات لاتنفصل عن الإقصاء المتعمد الذي تمارسه الحكومة ضد الجمهوريين وأنشطتهم ، وهذه المسيرة المؤسفة قد إبتدرها السيد مسجل شؤون االاحزاب عند ماتقدم له الحزب الجمهوري بطلب للتسجيل فأعطاهم الاورنيك .. وتسلم الرسوم الباهظة وأعطي قائمة بالمطلوبات بالتسجيل وتسلم مؤلفات الجمهوريين التي زعمت المصنفات انها محظورة ثم أصدر المسجل شهادة تخول الحزب ممارسة نشاطه تحت التأسيس .. ثم تمخض كل هذا الجهد عن إقصاء متكامل برفض تسجيل الحزب باسباب تتجاوز التفويض الممنوح للمسجل نفسه ..
    *ولجأ الحزب للمحكمة الدستورية .. وأيضا تسلمت المحكمة الدستورية الشكوي التي رفعها الحزب ضد مسجل شؤون الاحزاب ومع مرفقات العريضة مؤلفات الفكر الجمهوري التي ادعت المصنفات أنها مصادرة ! فهل يمكن أن نرى كل ما جري بمنظار غير إنتهاك حقوق التعبير وحقوق التنظيم ؟ بل و حتي إنتهاك وثيقة الحقوق التي يضمها الدستور الانتقالي 2005؟! ثم ألايحق لنا ان نقف أمام قداسة الوزير الشقيق محمد يوسف الدقير ونقول له انك تجاوزت في إقصائيتك حتي المؤتمر الوطني ، فكيف بالله ترتضي لنفسك ان تكون وزيرا للثقافة في ذات الوقت الذى تصادر فيه وزارتك الكتاب وبإنتقائية ؟ قد ترضي المؤتمر الوطني لكن لن ترضي الضمير الوطني ..
    * وعندما إلتقينا مدير المصنفات كان دافئا في لقائه لكنه لم يجب على الاسئلة المشروعة والتي تفرض نفسها بقوة لمصلحة من تصادر المعرفة ؟ ومن هي الجهة التي حددت مصادرة كتاب ؟ وهل المصادرة يمكن ان تكون حلا لمواجهة الفكر ؟ علي اية حال في هذه الاوضاع المقلوبة والتى تحتاج لان تعدل عاجلا وليس أجلا .. والسيد مدير المصنفات الاتحادي الاستاذ بشير جمعه سهل وهو من نفس حزب الدقير تبقي امامهما الفرصة الوحيدة المتاحة وهي إلغاء هذه القرارات المجحفة والتي تندرج في موقف انها ضد الدين وضد الفكر وضد الاستنارة ، ومنطق الاقصاء لن يوقف مسيرة الوعي .. وإن لم تصحو كل القوي الحية فى مواجهة هذه الطريقة ، فإن المصادرة اليوم للجمهوريين وغدا ستكون لغيرهم ؟ خذوا حذركم .. سلام يا ااااا وطن ..
    سلام يا..
    ماحكاه المواطن / اسعد التاي على صفحته بالفيسبوك مما جرى له بالقنصلية السودانية تجعلنا نضرب كفا بكف فى انتظار مايصدر عن الخارجية ونرجو ان لايطول الانتظار .. وسلام يا ..
    الجريدة الخميس 5/3/2015

    http://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-58959.htmhttp://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-58959.htm
                  

03-06-2015, 09:14 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريكية (وغيرها): أحتفالا بالذكرى (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    الطيب صالح .. بين أمآسي دافئة وثلوج منهمرة .. بقلم: السفير موسس أكول


















    (1)
    تميًس مُقدِم البرنامج في خطوات هادئة نحو المنصة الأنيقة التي إنتصبت وحيدة في الركن الأيمن للقاعة الكبيرة في الفندق الواقع على مقربة من نهاية شارع كولمبيا بايك والطريق الدائري ((كيبيتال بيلت ويي)) في ضاحية فيرفاكس بولاية فرجينيا الأمريكية. طرق بأصبعه الوسطى على المصدح بنقرات خفيفة وإبتسامة عريضة تعلو محياه وبريق زهو محتشم يتسرب من عينيه. "الاساتذة الأجلاء، الضيوف الكرام، الحضور الكريم، آنساتي، سيداتي وسادتي، نأسف للتأخير، ويطيب لي في هذه السانحة أن ..." في كلمة رقيقة وبلسان ذرب وفصاحة آسرة رحب الأخ عمر إسماعيل قمرالدين بالجمع الغفير من السودانيين الذين إكتظت بهم القاعة في أُمسية مازالت حينها تتوشح ثوب عسجدي حفها وهج شفق المغيب. وشكر مقدم البرنامج الحضور صبرهم وهم ينتظرون بدء فعاليات ما رُوج لها بأنها أُمسية ((ونسة سودانية)) بلا عنوان أو شعار أو موضوع بعينه.
    صفق الجميع كثيراً، ولم يبدو أن أحداً كان منزعجاً لتأخر موعد بدء البرنامج، ويبدو أن المفعول السحري لخصوصية هذه الامسية النادرة كانت أقوى من أي شعور آخر داخل القاعة. ولكن رغم الضحكات الخافتة والعناق السوداني المستمر في الصفوف الخلفية، إلا أن الأعناق ظلت مشرأبة نحو المنضدة الرئيسية التي جلس حولها أربعة رجال يتجاذبون أطراف الحديث ببشاشة سودانية تحسد عليها. لم ندري باي نوادر كان هولاء يدغدغون بها الضيف الكبير الذي ظل يضحك ملئ شدقيه ويقهقه كثيراً حتى خشِيتُ عليه في بداية الأمر، كما خشِيتُ أن ينفرد هولاء النفر بالضيفين ولا يتبقى من ((الونسة السودانية)) إلا "السبارس" والقليل الممل.
    وأخيراً وبعد بضعة همسات في الآذان وطبطبات خفيفة على الأكتاف، دبت حركة بين الجالسين حول المائدة الرئيسية. تقدم الدكتور علي الهِدي الى المنصة حيث طلب من البروفيسور محمد إبراهيم خليل أن يقدم ضيفيه الكرمين للجمهور. وبعد كلمة ضافية ووسط ترقب كبير وتصفيق حار رحب البروفيسور بالضيفين الكبيرين: الأديب الكبير الطيب صالح والكاتب الكبير والاستاذ الجامعي الدكتور محمد إبراهيم الشوش.
    إنتصب الجميع وقوفاً تحية للضيفين بينما ملء دوي التصفيق أرجاء القاعة. بدا الأديب الكبير الطيب صالح مندهشاُ بالترحيب الحار الذي لقيه من الجمهور، وظل يتتم بكلمة "شكراً" في تواضع جم حتى خبا التصفيق وجلس الجميع للاستمتاع ((بونسة سودانية)) خالصة.
    لم يخيب الرجلان آمال الحضور قط. لقد كان الدكتور الشوش ذكياً، مصادماً، صلباً في مواقفه ومشاكساً كعادته، إلا أنه رغم ذلك كان بشوشاً. أثرى الرجل النقاش بثقافته الأدبية العالية، بيد أنه رفع درجة حرارة ((الونسة) ببِضع ((فهرنهايتات)) بحديث مثير للجدل حول الحرب في جنوب السودان وعدد ضحاياها.
    أما الأديب الكبير الطيب صالح، هذا الزول السوداني الأصيل، لقد أسر الجميع بإنسانيته وسودانيته قبل أن يسحرهم بتلقائيته وقبل أن يكبلهم بوثاق من الحرير يشدهم به برفق الى دنيا الرواية والى سحر كرمكول الذي لم ينفك الرجل من أسره رغم غيابه الطويل عن دار الركابية على منحنى نهر النيل المهاجر الى الشمال دوماً.
    تحدث الطيب صالح بصراحة شديدة عن موضوعات كثيرة من بينها علاقته مع الكتابة، وميوله للقرأة وهو الأمر الذي يفسر إنتاجه الأدبي القليل نسبياً، وهجرته الى المملكة المتحدة مبكراً، والتشابه الكبير بينه وشخصية مصطفى سعيد بطل روايته ((موسم الهجرة الى الشمال)) الذائعة الصيت.
    كانت أمسية رائعة بكل ما توحي بها هذه الكلمة من معاني، حيث قدم الحضور مداخلات تعكس وعي ثقافي عالي وفهم عميق لدور الرواية في حياة الإنسان، وليس هذا مستغرباً لأن منطقة واشنطون الكبرى تتمتع بوجود عقد فريد من المهاجرين السودانيين أمثال لاستاذ الطيب السلاوي والاستاذ عبيد والبروفيسور محمد إبراهيم خليل والدكتور فراسيس دينق والاستاذ أحمد الأمين البشير والصحفي الضليع طلحة جبريل والفنان المبدع يوسف الموصلي والاستاذة أسماء محمود محمد طه والفنانة الرائعة هادية طلسم وزوجها المرحوم عبد العزيز بطران الاستاذ الجامعي وصاحب كتاب ((كورة زمان))، والصحفية عواطف سيدأحمد والأُستاذ فائز وزوجته الدكتورة أسماء والدبلوماسي نورالدين عطا المنان، والأصدقاء عادل صالح والدكتور صلاح الزين وعمر إسماعيل قمرالدين وطارق الشيخ والفنان علي السقيد ومحمد عثمان إبنعوف، وآخرون كُثُر.
    كنت من أسعد الحضور في تلكم الأمسية، وذلك لأن رغم ترحالي الكثير ورغم قرأتي لروايات الطيب صالح والعديد من مقالاته في الصفحة الأخيرة لمجلة ((المجلة) السعودية في تسعنيات القرن الماضى، إلا إنني لم أُحضي بشرف لقائه قبل هذه الاُمسية الفريدة. وأخيراً تسنى لي السانحة لمصافحة الأديب الكبير بعد أن إصطففتُ أمام المنضدة الرئيسية لمدة ليست بقصيرة عند نهاية ((الونسة)). وبعدها، قلت لنفسي إنه لو لم أقراء كلمة واحدة للطيب صالح قبل هذه الأُمسية لخلصت للنتيجة ذاتها التي خرجت بها بعد هذه الأُمسية، ألا وهو أن الطيب صالح كاتب عظيم يستحق التقدير لأنه ينسج الرواية من أعماق بيئته وينقلها للقارئ بصوت واضح النبرات وباسلوب غير مصطنع.
    وقبل أن ينفض سامرنا، همس الأخ عمر إسماعيل في أُذني بدعوة كريمة من البروفيسور محمد إبراهيم خليل لحضور وجبة غداء في اليوم التالي على شرف الكاتبين الكبيرين الطيب صالح وإبراهيم الشوش وذلك بمنزل البرفسير في ضاحية ((سلفرإسبرينغ)) بولاية ميريلاند المتآخمة للعاصمة الأمريكية واشنطون. سعدتُ غاية السعادة، وقبل أن أخلد للنوم رجوت الليل أن لا يطيل إقامته بل ليرحل مهرولا مع الغيوم الداكنة قبل البكور.

    (2)
    بينما كان البروفيسور محمد إبراهيم خليل يتجول بين ضيوفه في الأصيل ويلح عليهم بكرم سوداني على تناول المزيد من الطعام واحتساء المزيد من الشاي، كنا نتربص الفرصة، في ما يشبه لعبة الكراسي، للاقتراب من والجلوس الى الكاتب الكبير "لونسة" قصيرة ولالتقاط صورة تذكارية معه. وأخيراً لمحتُ مقعداً شاغراً بجوار الكاتب الكبير، وانطلقت أنا وصديقي أكوي بونا ملوال صوبه كالسناجب العطشى. قصدت أن ادردش قليلاً مع أديبنا الكبير عما في جعبته من رواية أو عمل أدبى جديد، لكنه فاجأني عندما ذكر لي انه كان يأمل أن يتحدث معي عن المداخلة التي قدمتها تعقيباً لما ذكره الدكتور الشوش في ((ونسة)) الأمسية السابقة عن ان الحرب في جنوب السودان صناعة أجنبية وأن الغرب ضخم عدد ضحايا الحرب لأغراضه. وطفق الأديب الكبير يثمن ما ذهبنا إليه في مداخلتنا بانه مهما إختلف الناس عن اسباب الحرب في الجنوب وعن موضوعية أو لا معقولية المطالبة بحق تقرير المصير لا ينبغي أن نعلق القضية برمتها على شماعة الغرب والمستعمر لأن في ذلك استخفاف مخل بعقلية الإنسان الجنوبي كما في الحديث عن تضخيم أعداد ضحايا الحرب تبخيس لقيمة المواطن السوداني، إذ لا يجب أن يموت شخصاً واحداً في قضية سياسية مهما كان حجمها.
    شكرنا الأديب كثيراً لأُذنه المرهفة ولإنسانيته الفياضة التي لا تعرف حدود إثنية أو جغرافية. هب الرجل واقفاً وودعنا بحرارة كحرارة شمس بلادي، حرارة ما انفكت تدفئ جوانحنا وتبدد زمهرير غيابه السرمدي. وأكدتُ للكاتب الكبير أنه طالما كلانا كثير الترحال لاشك إننا سنتقابل مرة أًخرى في مدائن بعيدة. وشكرنا ايضا دكتور الشوش الذي أبدى أسفه لسوء التفاهم الذي نجم عن حديثه عن دور الغرب ومؤسساته في تأجيج الحرب في جنوب السودان. وأخيراً ودعنا البروفيسور محمد إبراهيم خليل ولساني يعجز عن الشكر لإتاحته هذه الفرصة النادرة للقاء الأديبين الكبيرين.

    (3)

    لم ألتقي الأديب الطيب صالح مرة أُخرى منذ لقائنا في هاتين الأُمسيتين في صيف and#1634;and#1632;and#1632;and#1634;. ولكن ذات يوم من الاسبوع الأخير من شهر يناير and#1634;and#1632;and#1632;and#1641;، وبينما الثلوج تتساقط بلا هوادة على البحيرة المتجمدة تحت الجسر الطويل، تلقيت مكالمة هاتفية في مكتبي في السفارة السودانية بالعاصمة السويدية إستوكولهم. طفق متحدثي يقدم لي نبذة عن شخصه بالتواضع نفسه الذي يتحلى به عمالقة العلم والأدآب والفن والرياضة في السودان. قاطعته الحديث وعاتبته على تواضعه الكثير. تفاجأ الأديب الكبير حسن أبشر الطيب تماما عندما ذكرت له أنه غني عن التعريف، إذ نعرفه عبر كتاباته ونشاطاته الأدبية. تنفس الدكتور الصعداء، ثم نقل لي بصوت واثق قرار بعض المؤسسات الثقافية في الخرطوم ومن بينها إتحاد الكُتاب السودانيين ومركز عبدالكريم ميرغني بأُمدرمان ترشيح الكاتب الكبير الطيب صالح لنيل جائزة النوبل في الأدب. وطلب الدكتور حسن أبشر من السفارة ومن شخصي لعب دور عاجل في دعم جهود هذه المجموعة بصفة خاصة ودعم ترشيح الأديب الكبير لأن في ترشيح وفوز الطيب صالح كسب كبير للسودان وللعالمين الإفريقي والعربي معاُ.
    أومأتُ للدكتور المرحوم حسن أبشر بانني قرأت روايات ومقالات الطيب صالح الأدبية ولقد حظيت بلقاء الروائي الكبير في أُمسيتين في منطقة واشنطون الكبرى بالولايات المتحدة الأمريكية في صيف and#1634;and#1632;and#1632;and#1634;، وأبديت له حسرتي الشديدة لأن وزارات التربية والتعليم المتعاقبة تحت مسميات مختلفة منذ سبعينيات القرن الماضي لم تفطن الى أن الطيب صالح كنز وطني كان ينبغي تقديمه للأجيال الناشئة ليس بتضمين رواياته في المنهج المدرسي فقط، بل عبر برنامج يطوف خلاله المدارس في كل انحاء البلاد كما كان يفعل خضر الحاوي أو كما كانت تفعل فرقة الأكروبات السودانية في الزمن الجميل. وكم تمنيت لو قام أطفال المدارس بزيارة صديقنا الطيب صالح في كرمكول كما زاروا صديق عبدالرحيم في القولد، تلك القرية التي خلدتها درة بخت الرضا ورائعة الاستاذ عبدالرحمن علي طه ((في القولد إلتقيت بالصديق أنعم به من فاضل الصديق)). وكم تنميت أن ترفد الشاعرة المبدعة روضة الحاج الأُنشودة الخالدة ببعض الأبيات البسيطة في كلماتها والكبيرة في دلالاتها كالابيات التالية، على سبيل المثال:
    لاحت لناظرنا بين كثبان الرمال وأشجار النخيل
    كقرية رمكول تنام في أمان على ضفاف النيل
    وصلنا إليها باللوري بعد مشقة في الاصيل
    إستقبلنا فيها الطيب صالح والعم أحمد إسماعيل
    منازل كثيرة مطلية بالطين تحفها النسيم العليل
    آثار قصر المانجولوك يذكر الجميع بالزمن الجميل
    غادرنا القرية في البكور وودعنا أُستاذنا الجليل
    هنأتُ الدكتور حسن أبشر والمؤسسات الأدبية على ترشيحهم الموفق والذي طال إنتظاره، وقطعت وعداً أن أدعم جهودهم ليست لأن المسؤلية تقتضي ذلك، بل لأنني على قناعة لا يخالجها الشك بان الأديب الكبير الطيب صالح يستحق الفوز بالجائزة الكبرى بإمتياز ليس الآن فقط بل من قبل سنوات خلت. وإقترحت للدكتور حسن أبشر أن يعمل فوراً لإرسال خطاب الترشيح الى السفارة السودانية بالسويد بالحقيبة الدبلوماسية من رئاسة وزارة الخارجية في الخرطوم، وسنقوم بتسليمه للأكاديمية السويدية التي تُعُنى بالترشيحات الخاصة بجائزة النوبل للآداب.
    لا أدري كم من الوقت إستغرقت هذه المكالمة الهاتفية الشجية، بيد إنني شعرت بعدها بدفئ يدب في جسمي رغم الثلوج التي تشبثت بالنافذة والتي حولتها الى لوحة زجاجية سميكة تكاد تحجب الرؤية حتى عن المدخنة الطويلة التي أدمنت التدخين صيفاً وشتاءاً على الضفة الاخرى من الخليج المتجمد تحت الجسر الطويل.


    (4)
    مرت الأيام والسيد عصام الدين ،الملحق الإداري بالسفارة، يرصد أخبار وخط رحلة الحقيبة الدبلوماسية. وبعد صبر كاد أن ينفذ ويأس بدأ يدب، وبعد أن لم يتبقي عملياً إلا يوم واحد من موعد قفل باب الترشيح لجائزة النوبل، أخيراً إستلمنا الحقيبة الدبلوماسية. بحثنا بلهفة عن رسالة ترشيح الأديب الكبير الطيب صالح في خضم محتويات الحقيبة. وفجأةً أخرجنا الخطاب من الحقيبة ونحن فرحون كما الأطفال بعد أن يُخرج الحاوي من جرابه السحري حمامة بيضاء بدلاً عن منديل أحمر! بدت عقارب ساعة الحائط متمددة على القُرص كشوارب القط وهي تشير إلى الساعة التاسعة وخمس عشرة دقائق صباحاً. وبدأ السباق مع الزمن.
    توجه السيد القنصل محمد حسين إدريس فوراً الى الأكاديمية السويدية الواقعة على جزيرة قامل إستان ((الحي القديم)) في وسط العاصمة السويدية إستكهولم بعد أن أوكل أمر قيادة سيارته للسيد رعد ((أبو فهد))، أمهر سائقو سيارات البعثة وأكثرهم معرفة بشوارع المدينة ومطباتها. رجوت الثلوج أن تتمهل قليلاً حتى نتمكن من تسليم خطاب ترشيخ الأديب الكبير الى وجهته الكريمة قبل فوات الآوان.
    وبعد ساعة ونيف من الزمن، هاتفني السيد محمد حسين ليبلغني بأن الأكاديمية السويدية قد إستلمت رسمياً خطاب ترشيح الأديب الكبير الطيب محمد صالح أحمد، وقد حررت الأكاديمية إيصالاً بذلك بتاريخ يوم الجمعة الموافق and#1635;and#1632; يناير and#1634;and#1632;and#1632;and#1641;.
    نقلت الخبر اليقين للدكتور حسن أبشر الذي إستقبل هذا النبأ الجميل بسعادة تفوق الوصف، حيث كاد صوته يذوب في غمرة غِبطته. وعدت الدكتور بمتابعة كل واردة وشاردة عن جائزة النوبل للأدب لعام and#1634;and#1632;and#1632;and#1641;. تبادلنا التهانئ، وبدأنا معاً العد التنازلي ليوم أعلان أسماء الفائزين في مطلع شهر أكتوبر من العام نفسه.

    (5)
    في صباح and#1777;and#1640; فبراير and#1634;and#1632;and#1632;and#1641;، فاجأنا وأفجعنا نبأ رحيل الأديب الكبير الطيب صالح، عميد المهاجرين السودانيين الذي شغل الساحة الأدبية من مهجره كما لم يفعل أي أديب آخر بعد جبران خليل جبران وإليا أبوماضي ومخائيل نعيمة وإدوارد سعيد. صُعِقنا برحيل من كنا نمسك بأردن ثوبه وهو يقود خطواتنا اليافعة الى عالم القراءة والكتابة.
    رغم هول الصدمة، كان لابد أن نجري مكالمة هاتفية مع الأكاديمية الملكية السويدية قبل أن ينتشر النبأ. فكرت ملياً في كيفية نقل هذا الخبر الذي لم أكاد أن أصدقه بعد.
    خاطبتُ الموظف الكبير بالأكاديمية السويدية باللغة الإنجليزية وبصيغة غير مباشرة وكأني أحاول الهرب من الواقع:
    قلت: "طاب صباحك، سيدي، لكن يؤسفني كثيراً أن أقول أن مرشحنا لجائزة النوبل للآدب لعام and#1634;and#1632;and#1632;and#1641; الأديب السوداني الكبير الطيب صالح لم يعود موجوداً معنا."
    قال: ماذا؟
    قلت: نعم، لقد رحل كاتبنا ومرشحنا لجائزة النوبل للأدب ليلة البارحة عن عمر مديد!
    قال بصدق وكأن له بالأديب الراحل معرفة شخصية: هذا أمر محزن للغاية، سيدي السفير.
    قلت: أجل، محزن حقاً!
    لُذنا بصمت مدوي، بعدها طلبت من الأكاديمية الإبقاء على إسم الأديب الطيب صالح في قائمة المرشحين للجائزة. ابدا الموظف الكبير أسفه الشديد وذكر أن قوانين جائزة النوبل لا تسمح بترشيح الاشخاص بعد وفاتهم. وقال أن قوانين جائزة النوبل قبل تعديلها في عام and#1777;and#1785;and#1639;and#1636; كانت تسمح للشخص المتوفي أن ينال الجائزة إذا توفي بعد ترشيحه قبل شهر فبراير من العام نفسه، ولذلك منحت جائزة النوبل للآداب للشاعر السويدي أريك أكسل كارلفيلت عام and#1777;and#1785;and#1779;and#1777; ، كما منحت جائزة النوبل للسلام للأمين الأسبق للامم المتحدة السيد داق همرشولد بعد شهر من وفاته في حادثة تحطم طائرته فوق سماء مدينة إندولا بشمال زامبيا عام and#1777;and#1785;and#1638;and#1777;. أما القوانين السارية منذ and#1777;and#1785;and#1639;and#1636; فانها تسمح لمنح جائزة النوبل إذا توفي المرشح في الفترة بين اعلان أسمه ضمن قائمة الفائزين بالترشيح والحفل التقليدي لتسليم الجوائز والذي يقام دائماً في اليوم العاشر من شهر ديسمبر من كل عام وهو ذكرى يوم وفاة العالم السويدي ألفريد نوبل.
    نقلتُ للدكتور حسن أبشر ما دار بيننا والأكاديمية السويدية. تألم الرجل كثيراً، ولكننا وجدنا، في هذا اليوم العبوس، السلوى في حقيقة راسخة وهي أن رغم أن الأديب الراحل قد نال جوائز كثيرة في حياته الزاخرة بالعطاء الأدبي إلا أنه لم يسعى يوماً لجائزة مهما كانت حجمها، وذلك لأن مداد يراع الرجل لم يسِل يوماً إلا إمتثالا لما جادت به قريحته المرهفة ومزاجه الصادق. إذاً، هاهو الطيب صالح يرحل في ومضة ليلحق بركب فريد من الأُدباء الذين لم تتشرف ميداليات النوبل بالتدلى من أعناقهم السامخة، إذ تشمل هذه القائمة الطويلة كل من ليو تولستوي ومارك توين وإميل زولا وجون أبدايك وآرثر ميلير وجيمس جويس وتوفيق الحكيم وكين سارو ويوا وشينوا أشيبي.

    (5)
    في اليوم الثامن من أُكتوبر and#1634;and#1632;and#1632;and#1641;، أعلنت الأكاديمية السويدية فوز الكاتبة والشاعرة الرومانية/الألمانية هيرتا ميوللر بجائزة النوبل في الآداب، وأشار الإعلان الى أن السيدة ميوللر، التي تنحدر من الأقلية الناطقة باللغة الألمانية في رومانيا، قد ألفت أكثر من عشرين قصة خيالية وديوان شعر تدور فصولها حول الحياة في رومانيا إبان حكم الدكتاتور نيكولاي شاوشيسكو، هذا وقد ظل مسقط رأس الكاتبة ((قرية نيتزكيدورف)) تشكل مصدر إلهامها حتى بعد أن هاجرت السيدة ميوللر الى موطنها الحالي، ألمانيا.
    كان رد فعلي الأساسي هو "هذه جائزة الطيب صالح!" ، لكنني أدركت حالاً سِر تذبذب وتلون الدمعة التي تسللت الى مقلتي. سَرى سُكُوُنُ في نفسي بعد أن أدركت أن الطيب صالح كان سيبارك هذه الكاتبة فوزها بالجائزة عن جدارة وكان سيشد في تواضعه الصادق على يدها مشيداً بوقوفها ضد الظلم والإضطهاد. ألم يقل الروائي الكبير أن "النساء هن اللواتي يعشن تحت ظروف إجتماعية صعبة تجعلهن مؤهلات لكتابة في الرواية" ((مجلة عالَم الكتب-العدد الرابع and#1777;and#1785;and#1640;and#1777;))؟
    هنأتُ سعادة سفيرة رومانيا بالسويد بفوز مواطنتها بالجائزة الكبرى وشكرناها لإهدائها لنا النسخة الإنجليزية لكتاب ((ذاكرة الجسد)) للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي، وجددنا لسعادتها شكرنا على حرصها الراتب لحضور كل الفعاليات الإجتماعية والثقافية التي تنظمها البعثة السودانية أو المجموعة الافريقية للسفراء في السويد، كما نقلنا لسعادة السفيرة اسفنا الشديد لعدم تمكننا من حضور الحفل السنوي لجائزة النوبل الذي ستستلم فيه السيدة مويللر جائزتها من يد جلالة ملك السويد، وذلك نسبة لغيابنا في مهمة ملحة خارج منطقة التمثيل في موعد قيام الحفل في العاشر من شهر ديسمبر and#1634;and#1632;and#1632;and#1641;، مع العلم أن هذه ستكون المرة الأُولى التي نغيب عن هذا المحفل المهيب منذ عام and#1634;and#1632;and#1632;and#1783;.


    (6)
    وبعد مرور ستة أعوام من رحيل الأديب الكبير الذي كان يمقُت الظلم والذي كان يحب الانسانية، نُغلِب الظن، وبعض الظن إثم، أنه إذا نمت لمسامع الأديب الكبير أنباء الحرب الضروس التي مافتئت تحصد فلذات أكباد الجنوب يوماً بعد يوم، لوجه نظره مزعوراً نحو ((الأُفق البعيد)) المتشبث بخط الإستواء، ولتساءل أيضاً كما تسأل من قبل في مقولته الشهيرة ولكن على النحو التالي:
    هل مازال أهل الجنوب ينزحون الى الشمال ؟
    هل أسعار الدولار ما تزال في الصعود وأقدار الناس في هبوط؟
    من اين أتى هولاء الناس "الذين يولغون في دماء الأبرياء في جوبا وواو ورمبيك وبانتيو وبور وملكال"؟
    أما سمعوا أغاني بوب مارلي وماريام ماكيبا؟
    أما سمعوا عن مارتن لوثر كنج ونيلسون منديلا ونصيبهما من جوائز النوبل للسلام ؟
    أما سمعوا عن الرئيس الناميبي هيفيكبوني يوهامبا الذي حاز بالأمس القريب على جائزة محمد (مو) إبراهيم للقيادة الرشيدة؟
    من اين جاء هولاء الناس؟ بل – من هولاء الناس؟
    ألا رحم الله مَنْ كُنِي "بالطيب" ليحيى ثم أبلى بلاء حسناً وخلد بعض خلجات تجارب الحياة في تحف روائية نابضة. ألا رحم الله "الطيب الصالح"، ذلكم الرجل الطيب الأردان.
    mailto:[email protected][email protected]
    جوبا،
    جمهورية جنوب السودان
                  

03-11-2015, 06:58 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: مناضلون .. لا اراذل .. يا .ز بقلم: حيدر احمد خيرالله
    (فى تدشين ااالحملة الإنتخابية للبشير بمحلية امبدة شدد امين الاعلام بالمؤتمر الوطنى على ضرورة عدم الالتفات للذين يتبنون المقاطعة ، وقال : هم اراذل القوم ولايسوون شيئا ، واشار الى ان الانتخابات هى تحقيق الشرعية الكاملة والتبادل السلمى للسلطة ) واضح ان ناطق المؤتمر الوطنى اضاف للقاموس السياسي لحزبه مفردة جديدة تنحدر به انحدارا لم يسبقه اليه احد من السابقين !! ونحن نعلم حجم ومدى إفتقارهم لادب وسلوك الدين ، ولكن لم نكن نوقن انهم بعيدين حتى عن أخلاق السودانيين ، وعفة لسانهم التى عرفوا بها ففى اعلى درجات الغضب يقول احدهم (ياابن الكلب ) فى الشؤون الشخصية ، لكن ان تاتى عبارة فى مستوى اراذل القوم من ناطق الحزب فى الشأن السياسي ، فاننا نخال دكتور / نافع يضرب كفا بكف ويتساءل : ياخي بالغت ده شنو ياولد ؟!
    • وحق لنا ان نتساءل : من هم الاراذل ؟! د. غازي صلاح الدين والشيخ الترابي والامام الصادق المهدى ود. جبريل ابراهيم وياسر عرمان ومالك عقار ومنى مناوي وفاروق ابو عيسى ومريم الصادق وصديق الهندى واسماء محمود محمد طه وحيدر الصافي شبو والصادق يوسف حسن وابراهيم السنوسي وساطع الحاج ومحمد ضياء الدين والخطيب وصديق يوسف والشفيع خضر ويوسف حسين .. وغيرهم الكثير من أفاضل القوم ، واعلاهم وطنية ، وارفعهم انسانية وعندما نستثنى شيوخك الذين لم يعلموك معرفة اقدار الرجال ، ياتى التساؤل هل ماأطلقته من صفة تنطبق على الواصف ام الموصوفين؟!
    • وأراذل القوم الذين بهتهم لم يغتصبوا سلطة منتخبة ، ولم يدمروا وطنا ولم يشوهوا دينا ولم يقتلوا نفسا ولم يكذبوا على شعب ، ولم ينكروا انهم (جبهة ) ولم يدخلوا للبلاد جيوشا من اليوناميد او اية مسميات اخرى ، ولم يعدلوا قانون الانتخابات ، ولم يعملوا على سن قانون تعيين الولاة ولم يتحدوا المجتمع الدولي بالحلاقيم فى العلن ويسايرونه فى السر ..ولم يقل احد منهم انهم سيسلمون السلطة لعيسى عليه السلام .. فان كان من مأخذ عليهم هو عجزهم ربع قرن عن التغيير حتى تسيد الخطاب السياسي لغة تعاير شعبنا بالقمصان والدواليب لملأى بعد الإنقاذ ، ولغة تعليمنا أكل الهوت دوق ، وإهانة شعبنا العظيم بمفردات فى الفعل السياسي لم تألفها أذنه ولاعرفتها تربيته وتتعارض مع خلقه وقيمه ودينه..
    • لم نرد الإنحدار مع خطاب الاستاذ/ ياسر يوسف ولكنا لايحسن السكوت عليه ، لرفعة عبارات شعبنا ولأن الخطاب السياسي عند هذه الجماعة يحتاج للمواجهة فكريا وسلوكيا ، فبامكان الحزب الحاكم ان يمضي فى انتخاباته قسرا مثلما حاز على السلطة قسرا ، لكن لايحق له ان ينتزع منا شرعية لن تكون ..ومانود توكيده لهم ان هؤلاء القادة ليسوا باراذل القوم هم مناضلون كلا على سعته .. نعم مناضلون لااراذل ..يا..وسلام يااااااااوطن .
    • سلام يا
    قال الدكتور / محمد السابق ان الدولة تصرف على مرضى الكلى والبالغ عددهم ستة الف مريض (171) مليار جنيه الا انها لاتكفي !! ترى كم نصيب الأراذل من المبلغ ؟ وكم من هذا المبلغ يبتلعه اراذل المستشفيات الفنادق ؟! وسلام يا
    الجريدة /الثلاثاء 10/3/2015

    mailto:[email protected]@gmail.com

    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=78780:2015-03-10-08-57-51andcatid=1008:7-5-6-4-3-0-2andItemid=64http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-6-4-3-0-2andItemid=64
                  

03-11-2015, 07:01 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: حكامة أم كيكي وودالمهدي .. بقلم: بدرالدين حسن علي
    mailto:[email protected]@hotmail.com
    هو صديق قديم من أبناء " حي العمدة " بمدينة أم درمان اللذيذة كما ردد الغناي ، الرفيق الحميم الكومريد محمد المهدي عبدالوهاب ، إفترقنا لأكثر من ثلاثين عاما وما زلنا ، وكنت من المعجبين بشعره وأكاد أحفظ قصائده ، إغترب في لندن ولكن روح الشعر لم تفارقه وأضاف لها فن التمثيل فقد شاهدته في مسرحية " محمود " التي أخرجها عثمان جعفر النصيري ، فبحلقت فيه وإزددت إعجابا به وذكرني بأولئك القوم في مسرحية " الحلاج “ لنفس المخرج ، ، ترك لندن وهو حاليا سكرتير تحرير مجلة آفاق المستقبل
    الإماراتيه ، لا أدري " وأنا في هذه السن " لماذا أتذكر الآن الشقليني وموديك وشيبا ومصطفى مدثر ويحي فضل الله ومدني النخلي وكمال الجزولي وشوقي عزالدين وعلي عبد القيوم والدوش و عبدالهادي الصديق وصدى صوته والنصيري و قسم الباري و... إلخ وأتذكر أيضا مصراته !!!!
    يقول ود المهدي " ويحلو لي أن أناديه هكذا " في آخر قصيدة له " حكامة أم كيكي :
    ليلك بهيم
    إغالب صريخك فقد القريب
    تكوس لحبيب وتلك الأماكن
    وما تلقى غير النحيب
    • هذا ما نسميه السهل الممتنع ، مدخل رائع يشبه " ود المهدي" تماما ، ومنذ هذا المدخل وأنا في حيرة ، فهو ثلاثي المواهب ، هل أكتب عنه كشاعر ؟ هل أكتب عنه كصحفي أم ممثل ، وللحق أقول تابعته في ثلاثتهم فوجدته صادقا جدا ومتصالحا مع نفسه ويذوب في الوطن عشقا قاتلا .
    .............
    غريبة الدار
    مقبرة كاتمة
    صانة صنة مقبرة
    تهاتي بالعينة أم بروق
    في رجا المطر الصبيب
    هدأ ليلها بهجتو الطربانة
    لا أكلن طعيم
    لا بالن إروق
    لا زوجن كريم
    لا جنيات إضمبروا لا بنات إقوقن لا طبلا رزيم
    • " صنة مقابر البكري وشرفي “ وهي ليست بعيدة عن دارهم ، لله درك يا" ود المهدي " من أين لك هذه الكلمات والتعبيرات الرصينة ؟ كيف صدف أن تغيب كل هذه السنين عن الوطن وما تزال تقول " إقوقن " أليس هذا يعني الإرتباط القوي بالوطن ؟ أليس يعني عشق وحب الوطن ؟ أليس يعني أن لندن في عيون وخيال " ود المهدي " هي " زقلونا " ؟
    علمني أماتي
    من بقيتا بنيه أغني للحرابة
    هكذا هو " صراع نفسي شديد
    إزغردن جاراتي
    لي أبويا وأخيا
    • زغرد يا " ود المهدي " ما إنت قاعد تزغرد ليك سنين وسنين ؟
    وأنا واقفة لي فرساني
    مافي زول يغشاني
    ما بتاوق ليا أو يدق بيباني إلا بعد الهبرة
    كل عيلنا إجتمعوا
    فجوا الكلاش للنار
    • تعبير فجوا هذا مكانه مثله مثل شدوا خيلم
    فارقونا دغيش
    شدوا خيلم فزعوا
    زي بريق يا أخواني
    متل سلاحن لمعوا
    قام عجاجن دبش
    فضلت أنده وانده
    للعامرة بيهم دارنا
    وحالي لينا العيش .......
    لكن قلال الرجعوا
    • وهذا هو بيت القصيد ، من يقرأ هذه الكلمات يعرف أنك مسكون بحب الديا ر وكانت
    دعواتك :
    .........
    يا الله يا منان
    ليك بشرح قصدي
    الحرابة تغور
    جوكي الشباب ناقرين
    • نعم الحرابة تغور وتغور معاها كل المفاسد والأباطيل
    .......
    "شوفوا لي ناس عوضيه
    نادوها حد الزين
    رقية بت أهلنا أم شعرا متنى "
    قوميلا يا الصغيرة
    • ذخيرة وافرة من أجمل وأروع الكلمات
    يم دمعتن مطيرة
    " قشايتي يا الجديرة
    بفركي وبطويكي لشوق شبابي الفيكي
    شبابي نور الوادي يا قمرة بوادي "
    بشوف عيالنا
    اليقع بدل إضربوا المدفع
    دايرين يضربوا أم كيكي
    • لكن برضو ما فيش فايدة لأن أم كيكي هي أمنا
    .......
    جيرانا صالحونا
    شدوا الركاب قصدونا
    نضبحلهن كرامة
    كرامة للسلامة
    ........
    إبقا فاضل قولي ليك
    إخيتي الحكامة
    حكمة تحكم الراي السديد
    كان في الجبال
    كان في الغرب
    كان في الشرق
    كان في الشمال
    أو في الصعيد
    تعبت الروح المقنطرة للهلاك
    قوم يا ملاك
    الرحمة بشر بالحديد
    بالغت !!!!!!!!
    ........
    والعمل عند الأهل
    والأهل عايزين أمل
    وألعمل جوه القلوب
    والقلوب دايره الوئام
    والوئام داير السلام
    والسلام داير الضرع
    والضرع داير الزرع
    والزرع داير المطر
    والمطر حق الجميع
    • هذا هو الشعر الذي نريد ، هذه هي المناجاة التي نريد
    .......
    أو يا حبيبي إنت وين
    شوقي عور الإتنين
    شوقي نور
    بعد ما شال السحاب
    والقبلي دور
    وجاني من قال طه زولك عالي بنبرو في مجالس الإصطلاح
    وأقوى من قال
    " أرضا سلاح
    أرضا سلاح "
    • وأنا أيضا أقول : أرضا سلاح ، كلنا نقول : أرضا سلاح
    ما بندور صقرن إحوم فوق جماجم الإنتقام
    وتملي زاد
    " سوقني معاك يا الحمام
    سوقني محل ما المحنة
    أيادي تقطر سلام
    سماحة الحياة فوق أهلنا
    وبلادي تقرقر وئام
    وخرجت بنتيجة واحدة أنه إمتداد للدوش وعلي عبدالقيوم وحميد ومحجوب وثانية أقول لله درك يا " ودالعمده " !هكذا يكون الغناء للسلام ، هكذا تنسف طائرات الأنتينوف ، بالشعر والسينما والمسرح .
    • ما هذا يا شاعر " أخوان الإنسانية " التي تغنى بها الراحل مصطفى سيداحمد


    مابين زمناً متمنيهو


    وزمناً منك .. زادنى أسيـّة


    طفت الدنيا عشان .. أنساكِ


    وأنسى الحزن الطارد .. ليـّا

    كان البحر الما خـلاّنى .. أعيش فرّادى


    كانوا أخوان فى الإنسانية


    قعدت معاهم .. وإتفاكرنا


    كم لفـّينا .. وكم سافرنا


    وكم مازحنا ليالى الصيف


    كم غنينا لى الحرية


    كم دارينا الحزن الأكبر


    بين الصيف .. وجمال المنظر


    ************


    كنتِ بتطلعى من عينيهم


    وكتين يفرحوا .. أو يندهشوا


    أو يفترشوا سواعد بعض


    أو يتكلموا عن الأرض .. وسلام العالم


    وكنت غريب الوجهِ .. معذب


    **********


    ما أحلاهم ..


    شالوا معاى الهم بى الجملة


    .. وهتفوا .. البحر .. البحر


    جوة المركب .. فِضلوا يغنوا .. يغنوا


    شوية .. شوية ..


    وسكتْ المركب


    كل الناس إتنين .. إتنين


    فرح إتكلم بى لغتين


    ... كنت برايا


    وجانى حنين الكون .. إتكوّم


    غوّر .. غوّر .. جوة فى صدرى


    وإتمنيت لو كنتى .. معايا
    شاعر مزيكة الحواري
    مانى غرقان فى التمنى
    ولانى سارح بالأمانى
    زارنى خاطراً بلّ شوقى .. وإحتوانى
    النخل إتلاقى .. غنى
    وردد النيل الأغانى
    النجوم لامع بريقا
    الورود النايمة .. فاقت
    عطرت كل الجزاير بى رحيقا
    الندى الراقد بفوقا
    صفّقت جنحاتو غنت .. لى هوايا
    **********
    دقوا مزيكة الحوارى
    رقصوا البنوت .. أعرضوا
    النخل زايد فى عرضو .. وفى علاهو
    البيوت غرقت وراهو
    وبرضو زايد فى علاهو
    يحكى للدنيا الجميلة
    سر عظمتو .. وسر بهاهو
    ********
    ضى عيونك يا بنية
    يضوى من بلداً بعيدة
    تحملك لينا الغمامة
    ويكتمل للروح .. نشيدا
    وفى الدروب اللّيك تودى
    بنسرج الخيل العنيدة
    والحزن من نور عيونك
    يلبس الفرحة الجديدة
    ***********
    وأنا راكب يا مراكب
    لا الرياح توقف خطايا
    لا الجبال .. تحجب رؤايا
    ست شموس الكون .. منايا
    ليك مسافر
    ومن كتير الزاد .. مسافر بى غنايا
    نوصل الشمس البعيدة
    نبقى عيدا
    نزرع الحب البيوقد
    لى النهاية
    • تاني أقول هذا هو الشعر الذي نريد

    http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=articleandid=78765:2015-03-09-19-34-47andcatid=973:3-0-9-3-0-0-1andItemid=55http://www.sudanile.com/index.php?option=com_contentandview=ar...-9-3-0-0-1andItemid=55
                  

03-12-2015, 06:20 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: بعد أن طوفت في سفر هذا الكتاب ، أجد نفسي في مأزق كتابة مقدمة تليق بما أحتواه من فكر جاد وثاقب في معالجة قضايا البيئة والتنمية عامة ، وفي البيئات الجافة خاصة، لأنه يعالج في مبتدئه قضايا جوهرية تتعلق بالنفس البشرية قبل أن يعالج قضايا البيئة والتنمية.

    أرجعنى الكتاب لفترة بداية الثمانينيات من القرن الماضي ونحن طلاباً ندرج في مدارج الحياة الجامعية في كلية التربية – جامعة الخرطوم ، وقد أتى إلينا مؤلف الكتاب مساعدا للتدريس في قسم الجغرافيا. ثم تزاملنا ردحا من الزمان إلى أن فرقت الأيام بيننا. ولكن ظل عبق تلك الفترة راسخا في النفوس وبما أحتوته من طرح فكري جرىء بين مختلف الأطراف من الإخوان المسلمين والإخوان الجمهوريين ، والشيوعيين والبعثيين وغيرهم، وفي تقديري لم ولن تشهد الجامعة ، ولا السودان، مثل تلك الفترة من الازدهار الفكري مرة أخرى على الأقل في القريب العاجل، وذلك بحكم متابعتي للأحداث ومجريات الحياة الفكرية في السودان وفي جامعة الخرطوم التي أعمل فيها حتى الآن. في تلك الفترة برز الإخوان الجمهوريون بقوة في الحياة الفكرية في كلية التربية يقيمون لقاءين أسبوعيين في أمسيتي الأحد والثلاثاء من كل أسبوع. لقد كان الكثير من الطلاب، وأنا أحدهم، يحرصون على حضور تلك اللقاءات وما يكتنفها من طرح فكري يجعلك تقلب الموازين يمنة ويسرة، بل وقد يجعلك في حيرة من أمرك لما تطرحه من أفكار جديدة في شأن الشريعة والحقيقة ، وتجعلك تسأل نفسك: هل هذا طرح جديد للدين؟ هل يتفق مع ما تعارفت عليه الأمة لقرون عديدة؟ هل لهذا الفكر صلة بالمذاهب الوضعية من ماركسية وهندوسية وكنفوشيوسية وغيرها؟ لماذا يحرص أتباع الفكر الجمهوري على تحمل مشاق الدعوة لفكرتهم رغم ما يحيط بهم من مخاطر من التنظيمات الفكرية أو من النظام الحاكم ؟، وغيرها كثير. أسئلة جوهرية ظلت تلازمني ، وتلازم عددا كبيرا من زملائي اللصيقين بي. ولكن وبالتجربة صدق الجمهوريون على ما عاهدوا الله وأنفسهم عليه ، بصرف النظر عن اتفاق الناس أو اختلافهم معهم. فالمحاكمات التي أجريت لهم وللأستاذ محمود محمد طه ، وما تبعها من إعدامه، بينت للناس ثبات عقيدتهم وصدقهم في ما يدعون الناس إليه.

    لقد حوى هذا الكتاب الكثير من أصول الفكر الجمهوري التي كنت استمع إليها في تلك اللقاءات الفكرية. ولكن الكتاب أتى بالطرق والوسائل التجريبية التي تنقل الفكر العقدي إلى واقع التطبيق. وأرى أن هذه أول مزية لهذا الكتاب. فلقد درجت الكثير من الكتب التي تتعلق بالفكر الديني ( بالتحديد) على سرد الكثير من الآيات والأحاديث التي تخاطب المسلمين على حسن التعاون ورفعة الأخلاق والسمو ، وهذا من أساسيات الدين الإسلامي ، ولكن لم أقرأ من قبل عن خطة محكمة ، تستند على الجانب الديني ، تسعى لتحقيق غرض تنموي يمس الإنسان وبيئته إلا من خلال الاطلاع على تجربة هذا الكتاب.

    لقد ساق المؤلف قاريء الكتاب ، في أبوابه المتتابعة والمتماسكة ، سوقاً سلساً ليصل إلى محطته الأخيرة وهي تنمية البيئات الجافة من خلال تطبيق المنهج الروحي. نعرف بديهياً أن الإنسان روح ومادة. والمادة محسوسة، تراها في الجسد البشري بأعضائه المختلفة التي تستخدم لتحقيق أغراض مختلفة تقوم عليها حياة الإنسان. وأمر الروح شغل الإنسان منذ القدم وحاول بشتى السبل الوصول إلى فهم كنهها، ولكن هيهات. ونحن كمسلمين نعرف أن الروح من أمر الله ، وأن الله سبحانه وتعالى قد نفخ من روحه في أب البشر آدم عليه السلام. وبذلك فهى موجودة لا ينكرها أحد. وبناءً على وجودها لِمَ لا يسعى الإنسان للاستفادة منها في شؤون حياته قدر استفادته من المادة في اشكالها المختلفة من الماء والهواء والمعدن والتربة والصخور وغيرها.

    إن المحاولة لإدخال المنهج الروحي في الدراسات التنموية لا يقل شأنا عن المناهج المادية من رأسمالية وماركسية وبعض جوانب المنهج الإسلامي في التعامل مع الأموال والثروات والأنصبة المفروضة عليها من زكاة وغيرها. ويأتي تفرد المنهج الروحي في أنه يدعم الاتجاهات الحديثة للتنمية البشرية. لقد برزت التنمية البشرية في العقود الأخيرة كمنهج فلسفي تنموي يهدف لترقية الحياة البشرية ورفاه الإنسان من خلال النظر للإنسان كمورد ، وليس كآلة صماء يديرها الرأسماليون أو الماركسيون كيفما شاؤوا لتحقيق أهدافهم الشخصية والايدلوجية. وتهتم التنمية البشرية في الأساس برفع قدرات الإنسان الكامنة التي أودعها الله (سبحانه وتعالى) فيه والسعى لاستخراجها ليستفيد منها المجتمع والبيئة في النهاية قبل أن نفكر في الاستفادة من الموارد الطبيعية المختلفة. والسبيل إلى ذلك ما نراه من اهتمام التنمية البشرية بالجوانب الروحية للإنسان، وبذلك يتفق هذا الكتاب مع الطرح العالمي الجديد لمفاهيم التنمية الحديثة.

    وفي تقديري المتواضع أن الأستاذ محمود محمد طه ، بناء على ما طرحه مؤلف الكتاب، هو الرائد لمنهج التنمية البشرية الحديث، الذي من يقرؤه ويتعمق فيه ، يجد أن قصوية optimization الاستفادة من الفرد البشري تكمن في كيفية الوصول إلى مكوناته الروحية. فالفرد الطبيعي المتعافي مع نفسه ومجتمعه هو ذلك الفرد الصحيح روحيا وبدنيا. إن تكامل المنهج الروحي مع المنهج المادي أصبح ضرورة للخروج بالمجتمعات المعاصرة من وهدة الصراع المدمر للمجتمعات الحديثة، وهو جانب لم يغفله مؤلف الكتاب. وبهذا الطرح المتماسك هناك ضرورة بأن تلتفت المؤسسات الأكاديمية في العالم لتبني المنهجية الروحية في مناهجها الدراسية مثلما تتبنى المنهجيات الرأسمالية والماركسية والاشتراكية وغيرها.

    صحيح أن هناك بعض المجتمعات لا تتبنى الطرح الديني ، بحكم تجاربها السابقة مع السلطة الدينية، ولكن مشاكل المجتمع البشري المعاصر تحتم ضرورة مراجعة فهمنا وممارستنا الدين بمنهجه الصحيح ، وهنا يشكل الجانب الروحي نقطة البداية لتصحيح أخطاء الرأسمالية والماركسية وحتى الطروحات الدينية الضيقة المتمحورة حول طرح فكري لعالم دين معين.

    لقد أشرت عند كتابة هذه المقدمة إلى أنني أجد صعوبة في كتابتها، ولكنني أجد نفسي عند هذا الحد من الكتابة قد وقف بعيري وسط الصحراء لا يجد قدرة على مواصة السير ، ولهذا أكتفي بما جادت به بنات أفكاري ، وأدعو المؤسسات الأكاديمية بمختلف مستوياتها لضرورة الالتفات لمثل هذه الكتابات القيمة بصرف النظر عن توجهاتها الايدولوجية ، فالعلم بحر لا شاطيء له ، ولكنه قارب له ربان.


    تقديم: بروفسير د. سمير محمد على حسن الرديسي

    أستاذ الجغرافيا، وعميد كلية التربية ، جامعة الخرطوم لكتاب د. مصطفى الجيلي عمر (النظرية الروحية للبيئة والتنمية) والذي صدّر مؤخرا مارس 2015

                  

03-12-2015, 03:18 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    الأستاذ محمود: بين "إنصاف" عبدالله الفكي و "تحامل" محمد محمود (3)

    إبراهيم عبدالنبي


    أستعرض في هذه الحلقة المزيد من (تقولات) محمد محمود على الأستاذ محمود.. هذه المرة حول "القرآن" و "النبي" عليه السلام! وما فعله الدكتور في هذا الصدد نموذج صارخ لانعدام الأمانة العلمية، ومجافاة المنهج العلمي!

    إلا أن السؤال الذي يتبادر تلقائيا (عندي على الأقل) هو: لماذا!؟ لماذا يعمد محمد محمود (بدعوى التحليل) إلى تشويه (فكر) الأستاذ محمود، بأن ينسب إليه (أشياء) من عنده، يعلم هو، قبل القاريء، عدم صحتها؟! الإجابة على هذا السؤال (مهمة)، نظرا لأن (فكر) الأستاذ محمود، فيما نعلم، هو المخرج (الوحيد) من (نفق) الأزمة الحاضرة التي أدخل المتطرفون العالم فيها! ولا شك أن الدكتور يعلم دوافعه في هذا الخصوص! أما نحن، فليس لدينا إلا الحدس، باعتبار (واقع الحال)! و (واقع الحال)، بحسب ما تعطيه الشواهد المنظورة، أن محمد محمود يرى أن الإسلام (مستوى واحد)، هو الذي يعرضه المتطرفون! ولا أمل يرتجى منه! لذلك الدكتور يناصر الدعوة للنظام العلماني! ومن أجل هذا يتكرر وصفه، في كتابه، لفكر الأستاذ محمود بأنه فكر (ذرائعي)، ويتحدث كثيرا عن أسلوب الأستاذ محمود (الذرائعي)، المعتاد، وحججه (الذرائعية) المعتادة! بل حتى القول بمبدأ (النسخ) يصفه الدكتور بأنه مجرد حجة (ذرائعية) أخرى! دون أن يناقشها! لكنه، للعجب، لا يتورع عن استخدام حجة النسخ (الذرائعية) هذه، ليقشر بها، وينسبها كحل مقدم منه (هو شخصيا) لأزمة المسلمين اليوم! دون أن يشير (مجرد إشارة واحدة) للأستاذ محمود!

    لنا عودة، بإذن الله، لهذا! ولكن، لنواصل، الآن، استعراض مزيد مما يفتريه الدكتور في حق الأستاذ محمود:

    على صفحة (89) من كتابه، اقتبس الدكتور نصا للأستاذ محمود، من (توطئة) كتاب (تطوير شريعة الأحوال الشخصية)، والنص يتحدث عن خلق الإنسان، وتسخير الله الكون جميعا، بما فيه القرآن، للإنسان، من أجل إعانته في طريق رجعاه من البعد، إلى القرب، من الله.. وقبل إيراده النص، قرر الدكتور ما يلي: (طه يخضع كافة عناصر الخيال الديني الإسلامي إلى مشروع يبعد، بموجبه، النبي من أن يكون مركزا لوحي القرآن، حيث يقول...)، ثم أورد النص! ولكنه من أجل أن يجد مكانا لتقريره هذا، في متن النص، عمد إلى بتر النص، وإنهائه حيث لا ينتهي، حيث أنهى النص هكذا:
    (وتسخير الأكوان له إنما معناه إعانته في سيره هذا الطويل من منفاه في البعد إلى مقامه في القرب عند الله.. كل شئ سُخّر لهذه الغاية: إبليس، وذريته، والملائكة الأطهار، والرسل، والكتب، والشرائع، والقرآن بصورة خاصة.. ذلك بأن طريق الرجعى به قد بيّن أحسن تبيين.. وهو بصورته التي بين دفتي المصحف قد نزل مؤخرا على خاتم النبيين، ولكنه، في حقيقته، ما بدأ نزوله، ولا انقطع نزوله، وإنما هو مستمر النزول، ولن ينفك..!!)..

    فهذا التقرير الذي أطلقه محمد محمود كتمهيد: (طه يخضع كافة عناصر الخيال الديني الإسلامي إلى مشروع يبعد، بموجبه، النبي من أن يكون مركزا لوحي القرآن)، ليس له أي سند في النص الذي أورده، وهو يعلم ذلك! لذلك، عمد إلى بتر النص وإنهائه عند العبارة: (ولكنه، في حقيقته، ما بدأ نزوله، ولا انقطع نزوله، وإنما هو مستمر النزول، ولن ينفك)، لأنه وجد في العبارة كلمة (نزول)، وهي كافية جدا ليسند عليها (تقريره التمهيدي)! فهو معني، في الأساس، بهذه الكلمة من النص كله! ذلك أنه، وبالرغم من أن ذكر (القرآن) ورد عرضا في النص، بوصفه وسيلة، ضمن وسائل أخرى عديدة، مسخّرة لخدمة الإنسان، إلا أن الدكتور اصطاد هذه العبارة تحديدا، وخصوصا كلمة واحدة (نزول) فيها، ليبني عليها خلاصته (الجاهزة) التي مهد لها في (تقريره) المدرج قبل النص! فقد قال مباشرة، بعد أن أنهى النص حيث يريد، ما يلي:
    (بتبنيه لهذا الموقف، من الواضح أن طه مفارق للموقف التقليدي من القرآن، حيث قصارى ما يمكن أن يفعله المؤمنون، في فترة ما بعد البعثة النبوية، إنما هو تفسير النص، مع أمل أن يفتح الله عليهم بإجابات جديدة. ولكن طه، لا يتحدث عن التفسير، بل يتحدث، متعمدا، عن الوحي (النزول). وقوله هذا يجعل القرآن، بالنتيجة، مجرد بيان جزئي للوحي الإلهي. وكلّما تطور المرء من تقليد النبي إلى تحقيق أصالته، يتطور أيضا من مرحلة وحي النبوة (حيث النبي هو وسيط الوحي) إلى مرحلة الوحي الشخصي (حيث العابد هو وسيط الوحي). وبالتالي، فإن مبدأ تجاوز وساطة النبي لا ينطبق فقط على مستوى عبادة الحركات، بل التجاوز يمتد أيضا إلى مستوى الوحي)!


    In maintaining such a position, Taha is evidently at variance with the traditional position in the Quran, according to which the utmost that the believers in a post-prophecy time can do is to interpret the text and hope, with the help of God, to find fresh answers. Taha, however, does not speak about interpretation but rather, pointedly, about revelation (nuzul). This makes the Quran in effect only a partial manifestation of divine revelation. Inasmuch as one progresses from the imitation of the Prophet to the realization of one’s authenticity, one also progresses from a stage of prophetic revelation (where the Prophet is the subject of the revelatory act) to a stage of personal revelation (where the worshipping subject is the subject of the revelatory act). Hence, not only does the act of transcending prophetic mediation apply on the level of ritual worship, but it also extends to the level of revelation.


    وهكذا، يتضح أن غرض الدكتور من كل هذا النص الطويل هو كلمة (النزول) فقط! فهي تفي بالغرض، وتكفي (تماما) ليعلق على النص (خلاصته الجاهزة)، متجاهلا سياق النص، ومعناه، تجاهلا تاما! علما بأن النص، كما أسلفتُ، لا يتحدث عن القرآن، ابتداء، بل يتحدث عن الإنسان، وقد جاء ذكر القرآن فيه، عرضا، بوصفه وسيلة، ضمن وسائل أخرى، سخرها الله لترقية الإنسان وإعانته في طريق رجعاه إليه!

    لكن الواقع أن النص، حتى وهو (مبتور)، كما أراده الدكتور، يقول صراحة، وبصورة مباشرة، إن القرآن (بين دفتي المصحف) تم إنزاله على خاتم النبيين! ولكنه في حقيقته (ما بدأ نزوله، ولا انقطع نزوله، وإنما هو مستمر النزول، ولن ينفك)! فالقرآن بين دفتي المصحف هو كلام الله، بمعنى أنه صورة (لفظية) لإيجاد الله الخلق! و (كلام) الله خلق! وما تنزل القرآن في مواعين اللغة العربية (كما هو بين دفتي المصحف) إلا ليعقل البشر عن الله، ما يكلمهم! أما القرآن (في حقيقته) فهو (الذات الإلهية)! لأن الله لا يتكلم بجارحة، وإنما هو متكلم بذاته! والذات الإلهية في نزول (تنزل) مستمر، عبر تجلياتها المتنوعة، إلى الخلق ليعرفوها! وعلى هذا، نزول (تنزل) الذات _القرآن في حقيقته_ هو نزول (تنزل) سرمدي! وبهذا المعنى يرد فيه القول: (ما بدأ نزوله، ولا انقطع نزوله، وإنما هو مستمر النزول، ولن ينفك)! والنزول (التنزل) هو الفهم المستمر عن الله سبحانه تعالى من القرآن، وبعبارة واحدة (بيان القرآن)، حسبما تعطيه الآية: (ثم إن علينا بيانه)! علما بأن هذا تعبير متواتر وشائع الورود، في كتب ومحاضرات الأستاذ محمود! بل إن محمد محمود نفسه، أورده نصا، في خاتمة كتابه على صفحة (218)، وتولى شرحه، كما سنرى في السطور القادمة!

    أكثر من هذا: القول بأن القرآن في حقيقته، هو ذات الله، موجود ومثبت في (الجملة التي تلي مباشرة) الجملة التي بتر عندها محمد محمود النص، ليتسنى له لصق خلاصته (المغرضة)! فالنص يواصل ليتحدث عن (القرآن في حقيقته) هكذا:
    ("وإنه، في أم الكتاب لدينا، لعلي حكيم".. عبارة "لدينا" تعني عند الذات، حيث لا عند.. وهذه تمثل خط السير في المطلق)!!!

    لذلك، أورد النص هنا مكتملا، ومتصلا، ليستبين سبيل الدكتور في (تحليل) فكر طه:
    (..... والقرآن بصورة خاصة.. ذلك بأن طريق الرجعى به قد بيّن أحسن تبيين.. وهو بصورته التي بين دفتي المصحف قد نزل مؤخرا على خاتم النبيين، ولكنه، في حقيقته، ما بدأ نزوله، ولا انقطع نزوله، وإنما هو مستمر النزول، ولن ينفك.. هو في صورته التي بين دفتي المصحف قد نزل ليوجّه تطور البشرية نحو الإنسانية _ليستخلص الإنسان من البشر.. وليرسم طريق رجعته إلى وطنه الذي قد طال اغترابه عنه.. انظر كيف تحكي هذه الآيات الكريمات بداية هذا الطريق، ونهايته: "حم* والكتاب المبين* إنا جعلناه قرآناً عربياً، لعلكم تعقلون* وإنه، في أم الكتاب لدينا، لعلي حكيم".. عبارة "لدينا" تعني عند الذات، حيث لا عند.. وهذه تمثل خط السير في المطلق.. والآية: "إنا جعلناه قرآناً عربياً، لعلكم تعقلون"، تحكي طرف هذا الطريق الذي لامس أرض الناس، حيث قامت الشريعة لتنظيم حياة الأفراد، من رجال، ونساء، تنظيماً يوفق توفيقاً دقيقا، ومتساوقا بين حاجة الفرد من رجل، وامرأة، إلى الحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة..)..!!

    علما بأن محمد محمود، وقد تصدى لتحليل (فكر) طه، لا بد أن يكون على علم بأقوال الأستاذ محمود الكثيرة في هذا الصدد، ومنها هذا القول:
    (على المسلمين أن يفهموا دينهم، وأن يشوفوا المستوى البتحْتاجُو البشرية في الوقت الحاضر، وهو موجود في المصحف، وما بيحتاج إلى نبوة جديدة! ما في وحي جديد! كل ما ربنا أراد أن يوحيه، من لدن آدم وإلى محمد، إلى البشر بواسطة جبريل، استقر في المصحف! ودي الحكمة في أنّو النبوة ختمت، لكن المطلوب الفهم! الناس بتعرضوا ليه بحسن العبادة، في تقليد المعصوم "طريق النبي"..)!!

    من المؤسف أن محمد محمود (يعلم) كل هذه الأقوال! ولكنه، مع ذلك، يبدو مصرا ومصمما، على أن ينسب للأستاذ محمود خلاف ما يعلمه!!

    لذلك، سأثبت هنا كلام الدكتور نفسه، على صفحتي (217 - 218)، من خاتمة كتابه، الذي يؤكد أنه يعلم ما يقصده (طه) بحديثه عن (حقيقة القرآن)! وأنه القرآن في حقيقته: (ما بدأ نزوله) و (لا انقطع نزوله) وإنما هو (مستمر النزول) و (لن ينفك)! وسوف يلاحظ القاريء الكريم أن محمد محمود يشرح، على هاتين الصفحتين، نفس الكلام الذي (عمد إلى "تحريفه" و "تشويهه" و "أساء تخريجه" على صفحة (89)! ولكنه، للأسف، لا يشرح الكلام، إلا بغرض إلصاق (تخريج آخر) أسوأ، وأبشع! فمحمد محمود، بعد أن شرح، يقول للقاريء إن نظرية (طه) حول الصلاة تمثل (التتويج النهائي) و (التعبير التام) عن (تهميشه للنبي)! بل يخبر القاريء إن (طه) يدعو إلى (قرآن شخصي)!

    فلنسمع الدكتور (صاحب المنهج العلمي الصارم):
    (يمكن أن نقول، على كل حال، أننا نجد في نظرية طه عن الصلاة، التتويج النهائي والتعبير التام عن تهميشه للنبي. فهو عندما يصف صلاة المسلم العادي بأنها صلاة "التقليد" أو صلاة "الحركات" أو صلاة "المعراج" فإنه، في الواقع، ينظر إليها بصورة رئيسية على أنها علاقة بين العابد ومحمد. وعلى هذا فإن العابد الذي يؤدي صلاته وفقا لنظرية طه يكون مشبّعا منذ البداية بإحساس تراتبية طقسية-روحية: صلاته العادية تنتمي إلى مستوى أدنى، وراءه وعد بمستوى أعلى (أصيل)، هو علاقة العابد بالله. وهذا يعني أن علاقة العابد بمحمد هي في جوهرها ذات طبيعة مؤقتة. ولتأكيد هذا، فإن طه يستخدم، اتساقا مع تقليد صوفي راسخ، التشبيه المجازي برحلة المعراج، وسدرة المنتهى، ليفترض وجود أهمية مركزية للحاجز الذي يواجهه ليس النبي فقط، بل كل عابد في اللحظة التي تؤرخ مفارقته لتقليد محمد. ومن الطبيعي أن هذا التهميش للنبي، قاد طه إلى أن يتخذ مدخلا مختلفا في تعامله مع القرآن. فهو يقبل العقيدة السلفية أن القرآن هو كلام الله، بالرغم من أنه يعمد إلى إخضاع النص القرآني إلى إعادة التركيب من منطلق صوفي متطرف. وهو يفعل ذلك متبعا استراتيجية مزدوجة: فمن جانب هو يضفي على النص القرآني ما يمكن وصفه بطبيعة متجاوزة للغة عبر ادعائه أن معاني القرآن ليست هي ما يعطيها ظاهر النص فقط، بل هناك معاني كثيرة لا تتناهى للقرآن، تكمن وراء النص. وفي هذا الخصوص فهو يتحدث عن أن الله متكلم بذاته، وأن كلامه لدى التناهي إن هو إلا ذاته. وعلى هذا فإن معاني القرآن (في حقيقته) لا تتناهي لأن السير في مضمار القرآن هو سير سرمدي إلى الله. ومن جانب آخر فإن طه يعيد التأكيد على مفهوم "كلام الله" ليحمّله معاني وراء النص: كلام الله هو مجمل الكون الظاهري. وعلى هذا، يكون اكتشاف المرء للكون وفهمه بمثابة رحلة سرمدية إلى الله. وما يقوله طه عن كلام الله لا ينفصل عن مفهومه هو عن الأصالة، التي ينتج عنها التلقي الكفاحي عن الله. وهذا يعني، أنه بنفس القدر الذي يكون للمرء الذي يحقق أصالته شهادته الفردية الخاصة، وصلاته، وزكاته، وصومه، وحجه، فإنه يكون له أيضا "قرآنه الشخصي". وما "يقوله" طه في هذا الخصوص يؤدي إلى "ديمقراطية" القرآن، حيث كل شخص يتلقى "قرآنه الشخصي" مباشرة من الله، وهذه خاصية كانت مقتصرة ومحصورة على مؤسسة النبوة. والنبوة بالطبع هي اختيار وانتخاب حصري حيث يصطفي الله من يختصهم بإبلاغ مشيئته وغرضه. لذلك فإن ما يحدده طه ويعد به هو إشراك الجميع في الحضرة الإلهية بحيث يكون لكل عابد صوت إلهي "قرآن شخصي" حسبما "يسمعه" شخصيا من الله، نتيجة تلقيه المباشر من الله)!!

    فلنقرأ الدكتور يورد المعنى الحقيقي لعبارة (القرآن في حقيقته)، التي شوهها سابقا، ليخرّج منها ما يريد من (تخريجات):
    (وفي هذا الخصوص فهو (يعني: طه) يتحدث عن أن الله متكلم بذاته، وأن كلامه لدى التناهي إن هو إلا ذاته. وعلى هذا فإن معاني القرآن (في حقيقته) لا تتناهي لأن السير في مضمار القرآن هو سير سرمدي إلى الله)!!

    ما دام أن الدكتور يفهم معنى القول، لدرجة أن يشرحه للآخرين، لماذا خرّجه كل ذلك (التخريج) السيء، على صفحة 89؟؟ ولكن، هل شرح الدكتور حديث طه عن (حقيقة القرآن) بحسن نية، من أجل تفهيم القاريء؟ لا!! بل هو أورد الحديث ليلصق عليه خلاصة أخرى (جاهزة) عنده! ربما إمعانا منه في (التعريف) بفكر طه! حيث قرر، بعد الشرح:
    (ما يقوله طه عن كلام الله لا ينفصل عن مفهومه هو عن الأصالة، التي ينتج عنها التلقي الكفاحي عن الله. وهذا يعني، أنه بنفس القدر الذي يكون للمرء الذي يحقق أصالته شهادته الفردية الخاصة، وصلاته، وزكاته، وصومه، وحجه، فإنه يكون له أيضا "قرآنه الشخصي". وما "يقوله" طه في هذا الخصوص يؤدي إلى "ديمقراطية" القرآن، حيث كل شخص يتلقى قرآنه الشخصي مباشرة من الله)!!

    ولكن: هذه المرة، ولأنه يعلم أن ما قاله هذا (محض افتراء)، لم يلبث أن تراجع عنه مباشرة، برغم أنه نسب ما افتراه إلى الأستاذ حيث قال: (وما يقوله طه عن كلام الله....الخ)، فلنسمع ونتعلم كيف يكون (المنهج العلمي الصارم):
    (جدير بالذكر، على كل حال، أن طه لم يستخدم المصطلح "قرآن شخصي" كما لم يشر إلى قرآن يحل محل القرآن الذي أنزل على محمد. ولكن مفهوم "القرآن الشخصي" موجود ضمنا في ما يكتبه ويمكن استخلاصه من نظريته حول الأصالة، التي يستتبعها قانون خاص أو دين خاص)!!!!

    إذا كان طه (لم يستخدم)، و (لم يشر)! فلماذا إذن (قوّلته) أنت ما لم يقله؟؟ وما معنى قولك إن مفهوم (القرآن الشخصي) موجود (ضمنا) في ما يكتبه (طه)، ويمكن (استخلاصه) من نظريته حول الأصالة التي يستتبعها (قانون خاص) أو (دين خاص)!! أين الدليل؟ الدكتور لم يورد أي دليل! ولماذا يورد؟؟ فهو صاحب (منهج علمي صارم)! وبالطبع، من أصول (المنهج العلمي الصارم) أن يطلق الدكتور التقارير القاطعة، والأحكام القيمية الجاهزة، دون إيراد أي سند لها، ليصدقها القاريء!

    على كل حال، الأستاذ محمود، يقول بلغة واضحة، ومباشرة، خلاف ما ينسبه إليه محمد محمود! ففي رد على سؤال مباشر من أحد حضور إحدى الندوات، للأستاذ محمود، مستفسرا عن ما يعنيه الأستاذ بكلمة (القرآن) عندما يتحدث عن (القرآن)، وهل يعني القرآن (المنزل) على سيدنا محمد، أم قرآن آخر، يقول الأستاذ محمود:
    (سؤال الأخ اللي بِقول أنه: هل بيعني القرآن (النزل) على سيدنا محمد، كما نعرفه نحن؟ في الحقيقة، نعني القرآن "النزل" على سيدنا محمد، و "ما في قرآن غيره"! لكن موش كما تعرفه إنت! والحقيقة المحاولة دي كلها أن تعرض عليك "معنى" لتعرفه جديد! وما تعرفه إنت من القرآن، وما نعرفه نحن، وما يعرفه السلف حتى، من القرآن، ما هو إلا جزء بسيط جدا، وكل ما تعلمنا نحن، بوسائل المعارف المختلفة، وبوسائل التوحيد، نزيد معرفة في الله! وربنا يقول: "واتقوا الله، ويعلمكم الله"! وربنا يقول لنبينا: "لا تحرك به لسانك لتعجل به* إن علينا جمعه وقرآنه* فإذا قرأناه فاتبع قرآنه* ثم إن علينا بيانه*)! وربنا يقول: "ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء"! وكل ما نتعرض نحن لرحمة الله بالتوحيد، والسلوك الحسن، و "التقليد الجيد"، والسير في "مراقي التوحيد"، ربنا يعلّمنا، وما يعلّمنا ياهو "لا يخرج عن أسرار القرآن" دي، لأنه "القرآن ذات الله"! فإن قلت: ما تقول في التوراة، والإنجيل، والكتب المنزلة؟! كلها، في الحقيقة، مراحل من القرآن تنزلت إلى الأمم في وقتها الماضي، لغاية ما تأذن الله بمجيء خاتم النبيين، و"ربنا ختم الرسالات كلها، الوحي كله، الكتب كلها، نزلت في المصحف العندنا بين أيدينا في الوقت الحاضر")!!

    أرجو ملاحظة كيف تدحض عبارات الأستاذ محمود هذه عبارات محمد محمود، فيما نسبه للأستاذ، كلمة بكلمة وعبارة بعبارة: (بل ! فإذا كان الدكتور يعلم مثل هذه الأقوال، وأمثالها، عن الأستاذ محمود، ثم نسب إليه ما نسبه، هذه (خيانة لمسئولية العلم والقلم) و (افتراء)، وهي أبعد شيء عن (المنهج العلمي)! وإن كان لا يعلم هذه الأقوال، فلا يحق له أن يتصدى لتحليل (فكر) يجهل أساسياته، على هذا النحو!

    الواقع أني، كلما قرأت مزيدا من (خلاصات) محمد محمود هذه، أزداد يقينا أن عبدالله الفكي لم يكلف نفسه (مشقة) الاطلاع على كتاب محمد محمود، باللغة الإنجليزية، بل اكتفى (باطلاع آخرين) على الكتاب، ورأيهم فيه! وسنرى مثالا ساطعا، على هذا، خصوصا حين نستعرض كلام محمد محمود الذي أورده الفكي (بدون ترجمه) في كتابه الموجه إلى جمهوره من قراء العربية.

    وبمعزل عن القول المباشر أعلاه، فإن محمد محمود لا بد قد اطلع على أقوال (طه) الأخرى المتواترة عن القرآن الذي بين (دفتي المصحف)، من كونه آخر الكتب السماوية المنزلة! وإنه مهيمن على كل الكتب، ليست الكتب السماوية فقط، بل الكتب الأرضية أيضا بما فيها كتاب (راس المال) لكارل ماركس، وهذا قد أوردته في الحلقة الأولى من هذه السلسلة! وسبب ختم الرسالة، عند الأستاذ محمود، هو: (كل ما أرادت السماء أن توحيه إلى الأرض قد استقر بين دفتي المصحف)! وعلى هذا، لم يبق إلا بيان القرآن! وبيان القرآن تكفل به رب العزة، كما وردت الآية أعلاه! وبيان القرآن (سرمدي)، لأن بقاء الله سرمدي! فلماذا (يتقول) محمد محمود بعد كل هذا على الأستاذ محمود إنه يقول يدعو إلى (قرآن شخصي) وبهذا يجعل القرآن (ديمقراطيا)! ما هو الدافع لهذا (التقول)؟؟

    جدير بالذكر أني لاحظت أن أسلوب (بتر النصوص) و (التقول)، بغرض التشويه، أسلوب متكرر في كتاب محمد محمود! وهذا، نفسه، أسلوب معارضي الجمهوريين من غلاة السلفيين، لدرجة أني أحيانا أشك أن محمد محمود ينقل من كتابات معارضي الفكرة الجمهورية، وليس من مصادرها! وإلا، لماذا يرجع محمد محمود، مثلا، نسب الأستاذ محمود إلى الشيخ محمد الهميم، في الخلفية التي قدمها للقاريء، ويخرّج على ذلك (تخريجات)، في حين أن (نسب) الأستاذ متاح على بعد (نقرة زر) منه، على الصفحة الأولى من (موقع الفكرة) الإلكتروني؟؟ أم أن من أسس المنهج العلمي الصارم أن لا يتحقق الدكتور من مسألة يريد أن يبني عليها الكثير الذي بناه؟؟

    بل، لماذا يعمد الدكتور، مثلا، في نهاية الباب الرابع من كتابه، إلى إيراد هذا القول، كخلاصة أنهي بها الباب الرابع:
    (ها هنا، طه يستدعي قمة الصورة الصوفية: الإنسان في حالة سير مستمر ليكون حيا حياة الله، وكاملا كمال الله، وقادرا قدرة الله، ويكون الله.)!!

    فمحمد محمود يبتر النص عند: (ويكون الله.)، واضعا نقطة على السطر، وخاتما (الباب الرابع) من كتابه– (صفحة 131)! علما بأن بتر النص على هذا النحو، هو بالضبط ما فعله حسين محمد زكي أمام محكمة الردة 1968! وقد قال عنه الأستاذ محمود أنه: (ينغمس في مستويات من التشويه، والتضليل، تجلب العار لأقل الرجال احتفالا بأمر الأخلاق)!!

    على كل حال، إن كان محمد محمود قد نقل النص من كتاب (الرسالة الثانية)، فالنص لا ينتهي حيث أنهاه! أما إن كان قد نقل النص من مكان آخر، فكان الأولى أن يضع المرجع الذي نقل منه! فالنص لدى (التحليل) الصحيح، لا يصح إلا بإيراده مكتملا، هكذا:
    (وحين تطلع النفس على سر القدر، وتستيقن أن الله خير محض، تسكن إليه، وترضى به، وتستسلم وتنقاد، فتتحرر عندئذ من الخوف، وتحقق السلام مع نفسها، ومع الأحياء والأشياء، وتنقي خاطرها من الشر، وتعصم لسانها من الهجر، وتقبض يدها عن الفتك، ثم هي لا تلبث أن تحرز وحدة ذاتها، فتصير خيرا محضا، تنشر حلاوة الشمائل في غير تكلف، كما يتضوع الشذا من الزهرة المعطار. ههنا يسجد القلب، وإلى الأبد، بوصيد أول منازل العبودية. فيومئذ لا يكون العبد مسيرا، وإنما هو مخير. ذلك بأن التسيير قد بلغ به منازل التشريف، فأسلمه إلى حرية الاختيار، فهو قد أطاع الله حتى أطاعه الله، معاوضة لفعله.. فيكون حيا حياة الله، وعالما علم الله، ومريدا إرادة الله، وقادرا قدرة الله، ويكون الله.. وليس لله تعالى صورة فيكونها، ولا نهاية فيبلغها، وإنما يصبح حظه من ذلك أن يكون مستمر التكوين، وذلك بتجديد حياة شعوره وحياة فكره، في كل لحظة، تخلقا بقوله تعالى عن نفسه: "كل يوم هو في شأن"، والى ذلك تهدف العبادة)!

    لكن: المؤسف أن تخريجات محمد محمود، لا تقف عند حد! فهو قد قرر، مثلا، في خلاصة أخرى إن (طه) صوفي راديكالي (يطفف من شأن الدين الموروث الذي مركزيته محمد) و (يحول مركزيته إلى تجربته هو الدينية في الوصل مع الله)! هكذا!!

    فلنسمع ما يقوله الدكتور، في سياق حديثه عن أساس (فكر) طه، على صفحة (34) من كتابه:
    (بوصفه مفكرا صوفيا، فإن طه ينتمي إلى المدرسة الصوفية التي يمكن وصفها بأنها "مدرسة راديكالية". والراديكالية هنا يمكن تعريفها في إطار علاقة الصوفي بالدين، فالصوفي الراديكالي يطفف من شأن الدين الموروث (الذي مركزيته محمد)، ويحول مركزيته إلى تجربته هو الدينية الطازجة، والمباشرة، في الاتحاد (الوصل) مع الله)!


    As a mystic and thinker, Taha belonged to the school of Islamic mysticism that may be described as “Radical Sufism”. Radicalism is defined here in terms in the mystic’s relationship to tradition; a radical mystic deemphasizes tradition (at the center of which stands Muhammad) and shifts his emphasis to his own raw and direct experience of having a union (wasl) with the divine.


    إذن، محمد محمود يخبر قراءه _فقط بقصد التعريف بفكر طه طبعا_ أن (طه) يطفف من شأن الدين الموروث الذي مركزيته محمد، ويحول مركزيته إلى تجربته هو الدينية الطازجة والمباشرة في الوصل مع الله!! وللقاريء أن يقارن: هل يجد فيما يقول الدكتور مثيلا فيما يقوله غلاة المعارضين، والمشوهين؟؟ خصوصا أن الدكتور (المحلل) لا يورد أي دليل على ما يقول!!

    حقا، إن المرء ليصيبه الرهق والضجر، جراء متابعة تشويهات وتخريجات الدكتور! فهو، لا يورد قولا للأستاذ في كتابه، أو يعرض جانبا من فكره، أو مواقفه، إلا كانت له خلاصة (ذم) جاهزة، يريد أن يلصقها، دون أي دليل، أو (تحليل)، خلافا لما يعطي (عنوان كتابه)! فهو، مثلا، ينقل على صفحة (69) من كتابه، للقاريء، صورة مغلوطة تماما، عن التقليد والأصالة، مع العديد من التخريجات التي ينسبها إلى (طه)، حيث يقول الدكتور ما يلي:
    (في هذا المستوى من الحرية المطلقة فإن تقليد محمد، وهو بشر، يفسح الطريق إلى تقليد الله، "المطلق". وفي هذا المستوى لا يكون المسلم خاضعا للنظم والقوانين، ولا لطقوس العبادة التي تنص عليها المؤسسة الدينية، ولكنه يكون في حالة تسليم وجودي لله، حيث يغمر الله كل وجوده، ويشع الله من كل فكرة وتصرف للشخص. وكما لم يكن لجبريل مكان في "حضرة محمد العليا" مع الله، لا يكون لمحمد مكان في حضرة السالك العليا مع الله. فهذه حضرة وحدة حيث يلقى السالك الله _ وهي حالة عبر عنها الحلاج شعرا كما يلي:
    أنا من أهوى، ومن أهوى أنا
    نحن روحان حللنا بدنا،
    فإذا أبصرتني أبصرته،
    وإذا أبصرته أبصرتنا!
    وعلى هذا، فإن نظرية طه عن الصلاة، تقدم حلا متطرفا للمشكلة الصوفية المتعلقة بوساطة النبي. وبالرغم من أن الصوفيين لا يشيرون أبدا إلى محمد على اعتباره "مشكلة" إلا أنه من المؤكد أن واقع أن محمد هو "الواسطة" بين البشر والله يمثل مشكلة كبرى تتحدى المنطق الداخلي للتجربة الصوفية. ذلك أن المنطق الداخلي لهذه التجربة يفترض مسبقا إمكانية، بل ضرورة، لقاء الله مباشرة، وبالتالي لا يكون في نهاية المطاف أي مكان لأي واسطة بشرية. والنقطة الفاصلة عند طه تتمثل في ادعائه أن هذه اللحظة من الوحدة الغيبية تمثل أيضا نهاية مرحلة المحدودية لدى السالك. ذلك أن السالك عبر "لقائه" الله يكون قد ارتقى إلى النضج الروحي الذي يحرره من قالب تقليد النموذج النبوي. وينتج عن عروجه إلى ربه أن يكون في حالة صلة مباشرة ومستديمة مع الله).


    It is on this level of absolute freedom that the imitation of Muhammad, a human being, gives way to the imitation of God, the absolute. It is on this level that one is Muslim not in the sense of a “submission” to a body of laws, and rituals dictated by an organized religion but in the deeper sense of an existential submission to God where He permeates one’s existence and radiates from one’s every thought and act. Just as Gabriel had no place in Muhammad’s “higher presence” with God, Muhammad has no place in the seeker’s higher presence with God. This is a presence of unity where the seeker identifies himself with God – a state that has been articulated by al-Hallaj lines,
    I have become the One I love, and the one I love
    Has become me!
    We are two spirits infused in a (single) body.
    And to see me is to see Him,
    And to see Him is to see us.
    Taha’s theory of prayer thus offers a radical solution to the mystic’s problem as regards prophetic mediation. Although Sufis never refer to Muhammad as a “problem”, surely that fact that Muhammad acts as a mediator between humans and God constitutes a major problem as far as the inner logic of Sufi experience is concerned. Since this inner logic presupposes the possibility and indeed the necessity of experiencing God directly, then ultimately there is no place for the mediation of any human agency. Taha’s crucial break lies in his claim that this moment of mystical union also marks the final of the seeker’s state of limitation. Having “met” God, the seeker has realized an elevated degree of spiritual maturity that frees him from the imitative mould of prophetic mediation. His ascension to God results in a state of a state of direct and constant communion with Him.


    المؤسف أن تقولات محمد محمود تبدو مستفزة، ومتعمدة، بشكل سافر، للتنفير عن (طه)، و (فكره)! وهو يعمد إلى إسقاط (رؤاه) و (مشكلاته) الخاصة على (طه)! مثلا، في النص أعلاه، يلبس الأستاذ لبوس الحلاج، متجاهلا تماما كلام الأستاذ عن أن الحلاج (فاني) أي: (مجذوب)، يُسلّم له بحاله، ولا يؤخذ عنه! كما أن الدكتور يسقط أيضا تفريق الأستاذ بين طبيعة تخلف جبريل عن النبي عند سدرة المنتهى، وتخلف النبي عن السالك، عندها! فالأستاذ يقول إن جبريل تخلف لنقص استعداده، حيث لا طاقة له بأنوار الذات، والنبي يتخلف لكمال علمه، وتمام تبليغه! ولكن كل هذا الكلام لا يجدي مع الدكتور، فهو يعلمه، و (فايت قعر أضانو) كما يقولوا، ولكنه، لغرض ما، يريد أن يلصق خلاصاته (الجاهزة) ويسقط (رؤاه) الخاصة على (طه) و (فكره)، وكفى! ومن ضمن (رؤاه) الخاصة التي أسقطها على (طه)، في (نصه) أعلاه، رأيه هو الشخصي في النبي الكريم، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، حيث يقول:
    (وعلى هذا، فإن نظرية طه عن الصلاة، تقدم حلا متطرفا للمشكلة الصوفية المتعلقة بوساطة النبي. وبالرغم من أن الصوفيين لا يشيرون أبدا إلى محمد على اعتباره "مشكلة"، إلا أنه من المؤكد أن واقع أن محمد هو "الواسطة" بين البشر والله يمثل "مشكلة كبرى" تتحدى المنطق الداخلي للتجربة الصوفية)!!

    واضحٌ أن النبي، عليه السلام، يمثل (مشكلة) بالنسبة للدكتور!! وهذا أمر معروف، ومفهوم، خصوصا لمن يعرف طبائع النفوس، وجبلاّتها! فبعض النفوس تنظر لنفسها على أساس أنها (الكل في الكل)، ولذلك: لا تستسيغ ولا تطيق إدراك حقيقة أن هناك من هو (خير منها)! ومن ثمّ، تلجأ، إلى بخس الآخرين أشياءهم، والانتقاص من قدرهم، تحت مختلف المبررات، على قاعدة: أرأيتَك هذا الذي كرّمتَ عليّ؟!

    ولكن: يقينا، أن الدكتور لو أنفق بقية عمره ينقّب في كتابات (طه)، فلن يجد فيها غير التقديس والتوقير للنبي الكريم، وللقرآن!! فالأستاذ محمود يقول تحديدا إننا نبدأ من حيث انتهى سلفنا: من (توقير) و (تقديس) و (احترام) للنبي الكريم، عليه السلام! ومن (تقديس) و (توقير) للقرآن العظيم! بل الأستاذ محمود يقول: (إن من لا يفهم القرآن، ولا يجد في نفسه تقديسه إلى أعلى درجات التقديس، إنما هو محروم، ومطرود من الحضرة الإلهية)!

    وعن النبي الكريم، يقول الأستاذ محمود إنه هو (القدوة الحسنة)، في (التقليد)، وفي (الأصالة)، غير أنه ليس في الأصالة تقليد، بل (تأسٍّ)! فلنسمع عن النبي الكريم، عن الأستاذ محمود مباشرة، دون وسطاء أو محلّلين (مغرضين):
    (إن المعصوم، حين قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، كأنما قال بلسان العبارة: "قلدوني في صلاتي بإتقان، وبتجويد، حتى يفضي بكم تقليدي إلى أن تكونوا أصلاء مثلي"، أو كأنه قال: "قلدوني بإتقان، وبتجويد وبوعي تام، حتى تبلغوا أن تقلدوني في أصالتي"! غير أنه ليس في الأصالة تقليد.. ولكن فيها تأسٍّ: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة"! "أسوة" قدوة في كمال حاله)!!

    ولهذا، الأستاذ محمود يرفع النبي، عليه السلام، نموذجا للعالم أجمع، حيث يقول عنه:
    (ولقد جسد الرسول القرآن فعاشه في جميع حركاته، وسكناته‏.‏‏. فتحرر من المخاوف التي يسوقها عقل المعاش، فكان لا يخاف الرزق، من أين يجيء، وكان ينفق ما يزيد عن حاجته الحاضرة، وكان يأخذ من الدنيا زاد الراكب، وزهد في كل شيء عدا الله، فتحرر من حب الادّخار، وحب السلطة، وحب التعالي على الناس، ومن استرقاق العناصر إياه، فأخلص عبوديته لله: "قل إن صلاتي، ونسكي، ومحياي، ومماتي، لله رب العالمين* لا شريك له‏.‏‏. وبذلك أمرتُ، وأنا أولُ المسلمين".. هكذا كان.. ونحن نرفع نموذجه للناس ليهذبوا عقول معاشهم، ويفضوا إلى عقول معادهم على نحوٍ مما فعل)!!

    إن محمد محمود لا شك يعلم قول الأستاذ محمود المثبت أعلاه، وكثير غيره، لكنه يسعى (عن غرض)لإلصاق خلاصاته وإسقاطاته "الجاهزة"، على أقوال الأستاذ، أو بدعوى تلخيصها، بدعوى تقديم (فكر طه) لمن لا يملكون معرفة (مسبقة) به! خصوصا أن الدكتور يخاطب قراء لا يعرفون العربية، وهناك عشم كبير أن يصدقوا من يحدثهم بإنجليزية (رصينة)، وبنبرة العالم الخبير، عن (فكر طه)، معددا المراجع بعد كل مقتطف في (منهج علمي صارم)! ثم إن معظم هؤلاء القراء قد لا يشكون أن هناك شخص يحمل لقبا علميا رفيعا، ويتبوأ منصبا أكاديميا مرموقا في شعبة (الدين المقارن) بجامعة عالمية مشهورة_ يمكن أن يتجشم عناء تأليف كتاب من أكثر من 400 صفحة، لمجرد أن ينسب إلى شخص آخر غير ما يقول!

    أعتقد أنه قد بات واضحا الآن أن محمد محمود يتعمد تشويه أحاديث وأقوال الأستاذ محمود، لغرض ما! فهو يقول، كما ورد أعلاه، إن (طه) يقول إن السالك، عندما يحقق أصالته يكون في مستوى واحد مع النبي، من الله!! ولم يورد أي نص على هذا! ثم إن تقوله هذا لا يسنده المنطق (السليم) حتى!! فبأي منطق يكون شخص يحقق أصالته الآن في مستوى واحد مع من حقق أصالته قبل أكثر من 1400 عام؟؟

    على كل حال، ولقطع حبل (التقولات)، الأستاذ محمود يقول إن (النبي، عليه السلام، هو راس سهم تطور البشرية جميعا في ترقيها نحو الله)! ويقول إنه (إذا تصورنا الوجود كله كسهم دال على الله، فإن راس هذا السهم هذا هو النبي الكريم، عليه السلام)! ويقول أيضا إن الوجود كله منظوم في شكل هرمي (وليس في مستوى واحد) قمته الذات المحمدية، على قاعدة (وفوق كل ذي علم عليم)! كل هذا متوفر (خطا وسمعا) في (فكر طه) الذي يدعي محمد محمود أن كتابه (تحليل) له!!

    أنا هنا، واحتراما لعقل القاريء، لا أجد، مقابل (تقولات) محمد محمود هذه عن الأستاذ محمود فيما يخص (القرآن) و (النبي الكريم)، خيارا أفضل، من إثبات بعض أقوال الأستاذ محمود هنا، عن النبي الكريم، عليه السلام، وعن القرآن، وعن طبيعة الفكرة الجمهورية (باعتبارها دعوة لإحياء "السنة النبوية" التي هي "السنة الإلهية")، من أجل أن يحكم القاريء لنفسه، بنفسه، على كتاب محمد محمود! فإلى الأقوال:
    1- (أمران مقترنان، ليس وراءهما مبتغى لمبتغٍ، وليس دونهما بلاغ لطالب: القرآن، وحياة محمد.. أما القرآن فهو مفتاح الخلود.. وأما حياة محمد فهي مفتاح القرآن.. فمن قلد محمداً، تقليداً واعياً، فهم مغاليق القرآن.. ومن فهم مغاليق القرآن حرر عقله، وقلبه، من أسر الأوهام.. ومن كان حر العقل، والقلب، دخل الخلود من أبوابه السبعة)!

    2- (النبي هو الوسيلة الوحيدة الما في غيرها وسيلة.. لا قبلها ولا بعدها.. هو وحده المرشّح في لا إله إلا الله محمد رسول الله.. ما رُشِّح قبْلُه.. ولا يُرشّح بعدُه مخلُوق، لمقام الوسيلة الموسّلة، والمنقرن بالشهادة الجايي بيها الدخول في الملة).

    3- (النبي وسيلةُ خيرَ الدُّنْيا، والآخرة.. ما في خير دخل، أو يدخل الوجود، منذُ بدء الخليقة، إلا ومحمّد وسيلته)!!

    4- (يؤخذ من دقائق حقائق الدين أن نبينا رسول الأمتين: الأمة المؤمنة _الأصحاب.. والأمة المسلمة _الأخوان.. وأنه بذلك صاحب رسالتين: الرسالة الأولى محمدية، والرسالة الثانية أحمدية.. أو قل الرسالة الأولى الشريعة التي فصلها للأمة، والرسالة الثانية السنة التي أجملها، ولم يفصلها إلا في معنى ما مارسها، وعاشها دما ولحما)..

    5- (الإنسان الكامل يوجد في الروح.. وهو سيدنا محمد.. بعدين لمن نزل في الجسد هو آدم.. أول تنزل ليهو في الجسد، الكمال، في آدم.. والكمال الحقيقي ليهو في الروح هو سيدنا محمد.. الإنسان الكامل تنزل عن الله.. وهو أول قابل لتجليات الذات الإلهية.. ولذلك هو مظهرها الأعظم)!

    6- (نبينا كان يعيش الديمقراطية في قمتها، أعلى من قمة ما يُعرف عن قمة الديمقراطية.. لأنه تربيته هو في العبادة ليكون عبد تخليهو لا يستعلي علي الناس، ولا يستطيل، ولا يزهو بالسلطان.. حتى هو كان يقول: إنما أنا عبد، آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد.. ويقولوا أنه كان يجلس حيث ينتهي بيهو المجلس.. يعني لو جاء هسّع لمجلسنا دا، ما بيجي للصدارة هنا.. بيجلس حيث ينتهي بيهو المجلس.. ويقولوا مثلا، في سفرة معيّنة، ذبحوا شاة.. فالأصحاب قسموا الأمر بيناتن: واحد قال أنا أذبح، والتاني قال أنا بسلخ، والتاني قال بكسر اللحم، والتالت قال بطبخ، والرابع قال بجيب الموية، والخامس قال بجيب الحطب.. هو قال ليهن: أنا أجيب الحطب، معاهو.. قالوا ليهو: إنا نكفيكه يا رسول الله!! قال: علمت أنكم تكفونيه، ولكني كرهتُ أن أتميز عليكم.. ويقال أنه جاهو مرة رجل في مجلسه، بعدين أخدته الهيبة!! لجْلج، ما قدر يبيّن، خاف!! قال ليه: هون عليك!! فإني لست ملكا! وإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد!! أنا أمي كانت بتأكل ملاح الشرموط، إنت خايف ليه؟؟ ما أفتكر في واحد بالصورة دي، يمكن أن لا يؤتمن على حريات الآخرين، في مستوى الوصاية القبيل!! قمة كبيرة جدا!! في عبادته: الديمقراطية أصلها في العبادة! إنت عايز تكون عبد، ما يكون ليك على خلق الله سلطان!! كأنه كدا الاتجاه! ومن هنا تجي الحاجة المأثورة عنه: إنه ما سئل شيء قط، قال: لا، لا!! يُسأل ثوبه، ينزعُه!! لأنه كأنما بيرى أنه: هل هو بملك عين الثوب، ولاّ بملك الارتفاق بالتوب!! إذا كان بملك الارتفاق بالثوب، كأنما الأرسل ليهو دا، عايز يمتحنه!! قد يكون هو محتاج ليرتفق بالتوب دا أكتر منه!! فكان لا يُسأل شيء، يقول لا!! دا من التربية في العبودية!! لئلا يكون ليك ملكية على عين الأشياء!! لأنه عين الأشياء مملوكة لي الله!! فإن إنت نازعته فيها الملكية نقصت العبودية!! التربية دي تسوق إلى قمة في الديمقراطية، لا تكاد يتصورها الإنسان بي خياله!!.. وحياة نبينا زي ما كانت نموذج في الديمقراطية لا يرى، يغيب عن الخيال، كذلك في الاشتراكية، نموذج يغيب عن الخيال)!!

    7- (الفكرة الجمهورية هي منهاج السنة النبوية.. وحديثنا كله عن إبراز السنة النبوية في العادات والعبادات والمعاملات! ومما قيل في السنة، أنها هي (سنة الله).. السنة النبوية هي سنة الله!! السنة النبوية هي سنة الله!! ودا بالضبط المعنى اللي يقول فيهو النبي: (أدبني ربي فأحسن تأديبي)! يعني (طبعني على صفاته)! دا معنى (أدبني)! (أدبني) يعني هذبني، وعلمني، ورقاني! (أدبني ربي فأحسن تأديبي)! ودا المعنى اللي قالته السيدة عائشة أنه (كانت أخلاقه القرآن)! والقرآن هو أخلاق الله! ثم هو المعنى اللي يقول عنه: (وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى)! فأصبحت القولة بأنه السنة هي سنة الله، دا الكلام الجيد جدا! ثم تمثلت في الدم واللحم، في منهاج سير النبي للمقام المحمود، أو مقام الوسيلة، اللي كان فيهو في مضمار الروح عندما كانت الحقيقة المحمدية أول قابل لتجليات الذات الإلهية عليها! محمد في مكة ساير بمنهاج الصعود إلى مقامه في الوسيلة اللي هي أول قابل لتجليات الذات. أها، دي السنة الإلهية! ترجمها النبي في معيشة: في عبادته، وفي عادته، وفي معاملته للآخرين! الفكرة الجمهورية هي دي!)!!

    المدهش أن تقولات محمد محمود، في سبيل تحليل (اقرأ: "تشويه") فكر طه، لا تقف عند حد محاولة إلباس (طه) لبوس الحلاج، بل هو يذهب أبعد من هذا، ليتقول على السيدة العارفة رابعة العدوية، ليضمها (كسلف) لطه! ولمَ لا يفعل؟ فهو لا بدّ أن يجد سوابق عند الصوفية لما أسماه مذهب (طه) في (تهميش النبي) و (إبعاده عن مركزية الدين)!! فعلى صفحة (35) من كتابه (وفي سياق حديثه عن مذهب طه في (تهميش النبي)، يقول محمد محمود عن السيدة رابعة العدوية ما يلي:
    (رابعة تمثل أذكى تعبير عن المذهب الصوفي في "المحبة الإلهية الصرفة" (علم المحبة)، ومما ينقل عن رابعة قولها أنها لا تعبد الله خوفا من ناره ولا طمعا في جنته، ولكن لجمال وجهه الكريم. علما بأن موقف رابعة من النبي يلخصه قولها الذي تقول فيه إنها مستغرقة في محبة الله على نحو لا يجعل لديها مكانا لحب أي أحد غيره)!


    Rabi’a provided the sharpest expression of the mystical doctrine of “pure divine love” “ilm al mahabba” Rabia reportedly said that she did not worship God from fear of hell or in hope of paradise but only for His own sake and for His eternal beauty. Her attitude toward the Prophet was summed up in a statement according to which she said that she was so possessed with the love of God that she had no room for loving Except Him.


    ولكن: هل للسيدة رابعة موقف كهذا من النبي الكريم عليه السلام، وهل حقا قالت إنها مستغرقة في حب الله، لدرجة إنه لا يوجد مكان في قلبها لحب النبي!؟ قطعا، لا!! هي لم تقل ذلك!! ولكن: لا يهم، عند الدكتور، أن تكون رابعة قد قالت ذلك، أم لم تقله!! بل الأهم، عنده، هو الإساءة إلى (طه)، وما رابعة، إلا مجرد وسيلة عنده، لهذه الإساءة!! لذلك: بعد أن قضى الدكتور غرضه، لجأ مباشرة إلى (تكذيب نفسه)، وتحديد (المهم) و (الأهم) عنده، حيث قال:
    (وليس مهما أن تكون هذه الأقوال صدرت فعلا عن رابعة، أم لا. بل الأهم هو أن هذه الأقوال تعبر عن منظور صوفي، لا بد أن يكون موقفه من النبي، قد وجد صدى وهوى لدى بعض المسلمين في مجتمع القرن الثاني الهجري وما بعده)!


    Whether such statements were actually made by her is not important; what is significant is that they expressed a mystical perspective whose attitudes must have struck a responsive chord among some Muslims of the Second Muslim century and afterward.

    بأي منطق يعطي محمد محمود لنفسه الحق في أن ينسب لرابعة العدوية أقوالا لم تقلها، ويبني عليها حكما جائرا كهذا؟؟ ثم بعد أن يفعل ذلك، يقول: (ليس مهمّا أن تكون هذه الأقوال صدرت فعلا عن رابعة، أم لا)؟؟ وبأي معيار (بحثي) حكم عبدالله الفكي أن محمد محمود التزم (منهجا علميا صارما)، في إعداد كتابه؟؟

    ختاما: لا يسعني إلا أن أقول إنني أجد فيما يقوم به د. محمد محمود مصداقا لقول الأستاذ محمود: (الأعلام والأقلام، الآن، عند غير أهلها)!

    أواصل في الحلقة القادمة، بعون الله..

    إبراهيم عبدالنبي
                  

03-15-2015, 05:43 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: داعش والأخوان 4/4
    د.عمر القراي

    ،،وبسبب حكم الوقت، فإن قتل" داعش"لا يعد جهاداً، وإنما إعتداء على الآمنين، وإزهاق للأنفس بغير حق، وأخذ "داعش" للنساء، لا يعد "ما ملكت أيمانكم" وإنما يعد اختطاف، واغتصاب، وسعي في الأرض بالفساد.،،


    (وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ *

    قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) صدق الله العظيم



    عندما عم النور الإلهي بطاح مكة، في القرن السابع الميلادي، بشروق شمس الإسلام، نزل القرآن أول ما نزل، في مستوى

    مدنية، جديدة، تصاقب قامة الإنسانية في أعلى مستوياتها. فقامت الدعوة الجديدة، في جوهرها، على أصل الدين، الذي يدعو الى السلام .. قال تعالى (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، وقال أيضاً (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ). وفي إشارة الى أن السلام هو جوهر الإسلام، قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن لكل شئ قلب وقلب القرآن يس، ويس لها قلب)، ولقد عرف العارفون، أن قلب يس هو قوله تعالى (سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) .. والسلام هو ما يسبغه الله على المصطفين من عباده، قال تعالى (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى)، وهو تحيتهم يوم يلقون ربهم (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا). والمسلم من يعيش السلام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وقال (الإسلام قيد الفتك)،

    وقال (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، والمسلمون، هنا، تعني جميع الخلائق في السموات والأرض، قال تعالى (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) !!

    فإذا وضح هذا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم، وفاء لهذه القيمة، التي تمثل أصل الدين، لم يشهر سيفاً في مكة، بل دعا الى سبيل ربه بالحسنى، متبعاً الأمر الإلهي: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ). وكما أعطاه الله تبارك وتعالى الحق في الدعوة، أعطى القرشيين الحق في أن يكفروا بها، فقال جل من قائل (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) !! ورغم أنهم كانوا يعبدون الحجر الاصم، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يعترف لهم بأن ما هم عليه دين !! قال تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ). بل أمر أن يذكرهم فقط، ولا يسيطر عليهم، قال تعالى (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ). وكانت

    كل مهمته، عليه السلام، أن يبلغهم دينه، دون ان يكون عليهم حفيظأً، أو وكيلاً، فيحد من حريتهم .. قال تعالى (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ )، وقال أيضاً (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ )، وقال (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ). فهو ليس موكل بالناس، وليس عليه هدايتهم الى الحق، قال تعالى (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)!! وإنما مهمته أن يبلغهم الدعوة، وينذرهم إذا أبوا ، ويبشرهم إذا قبلوا، قال تعالى (إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) وقال (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).

    ولكن القرشيين قابلوا هذا المستوى من الاسماح والسماحة، بالجحود، والتكذيب، والنكران، والطغيان، وأغروا بالنبي الكريم واصحابه سفاءهم، وغلمانهم، فأوسعوهم شتماً، واعتداء، ومهانة. ولكن الدعوة استمرت في تقدم، أزعج جبابرة قريش، لأنها جاءت بقيم العدالة، والمساواة بين جميع البشر، من حيث أن أصلهم واحد، قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) فالناس جميعاً لا يتفاوتون، فليس فيهم سادة وعبيد، ولا أشراف ووضيعين.. والكرامة لا تأتي بكثرة بالمال، ولا برفاعة بالحسب والنسب، وإنما بالعمل في تقوى الله، وثمرة هذه التقوى، من حسن معاملة الخلق. لقد رأى القرشيون نظامهم الإجتماعي يهتز، ومكانتهم تتزعزع، ومصالحهم المادية تتهدد، فأشتطوا في معاداة ، وإيذاء المجموعة التي آمنت، من العبيد، والضعفاء، والفقراء. ومع ذلك أمر النبي صلى الله عليهم وسلم بالصبر، على هذا البلاء، قال تعالى (وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ). وحين هم أصحابه بأن يدافعوا عن أنفسهم، امروا بأن يكفوا عن ذلك، ويركزوا على العبادة، وإليهم الإشارة في قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ). لقد نهوا عن العنف، حتى ولو كان دفاعاً عن النفس، ورداً للعدوان. وكان النبي يمر بآل ياسر، وهم يعذبون حتى الموت، فلا يدفع عنهم، بل يقول: ( صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة). ولقد تآمر القرشيون على النبي واصحابه بمكة، وحصروهم في شعب أبي طالب، ومنعوا عنهم الأكل والشرب، ولكن بالرغم من ذلك استمر التوجيه الإلهي (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ). ولقد وصف القرشيون النبي الكريم، بأنه ساحر، وبأنه مجنون، وبأنه كذاب، وكان صدره يضيق من اقوالهم هذه، ويتألم منها أشد الألم، فينزل عليه التوجيه الإلهي (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ). وحين اشتد الأذى وشكا منه أصحابه، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة، وتآمر القرشيون عليه ليقتلوه في بيته، فدلوا بذلك، أنهم كانوا دون المستوى الذي مكث يدعوهم اليه ثلاثة عشر عاماً. ولقد كان سبحانه وتعالى، يعلم ذلك، ولكن قدم إليهم أرفع مستوى من الإسلام، وصبر عليهم، حتى يقطع حجتهم. قال تعالى (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا). فالبدء يكون بالبشارة والنذارة، حتى تقوم الحجة، وبعد ذلك، يفرض على الناس ما يستحقوا مما هو دون البشارة والنذارة، ببعيد.

    ولم تكن الهجرة مجرد انتقال من مكان الى مكان، وإنما كانت تحول تام في مستوى الخطاب القرآني، من مستوى الرشد والمسؤولية، الى مستوى الوصاية. ولقد تدرج هذه الأمر بالخطاب، فنزل عدة منازل، قبل ان يصل الى الإذن بممارسة العنف، وفرض الإسلام على الناس بحد السيف. ولعل أول ما بدأ به التشريع، في هذا الصدد، عدم موالاة الكافرين، إذ قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ). ولم يقصد المشرع بهذه المعاملة، كل الذين كفروا، وإنما قصد الذين اخرجوا الرسول والمؤمنين من ديارهم، ولذلك قال في نفس السورة (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ* إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). ويلاحظ ان هذه الآية لم تأمر بقتال الكافرين، رغم اخراجهم للمؤمنين من ديارهم، وإنما تأخر الإذن بالقتال، حتى جاء قوله تعالى (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)، وكأنه إذن فقط برد العدوان، وليس المبادرة بالقتال. بل نهى عن قتال من لم يقاتلهم، قال تعالى في ذلك (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ). ولكنه بعد فترة أمرهم بقتال كل المشركين فقال تعالى من قائل (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)، وبلغ الامر قمته، حين نزلت آية السيف، وهي قوله تبارك وتعالى (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، فحددت ان يقاتل المشركين، وحددت مكان قتالهم بأنه حيث وجدوا، وحددت زمان قتالهم بأنه مجرد ألا يكون في الأشهر الحرم، وحددت سبب القتال بأنه شركهم بالله، واشترطت للسلام معهم، أن يدخلوا في الإسلام، ويقيموا شعائره . فالخيار إذن هو الإسلام أو القتل. ومن هنا، قلنا أنه فرض للإسلام بحد السيف، وأنه وصاية وإجبار لغير المسلمين، ليدخلوا في الإسلام، ولو دون رضاهم. وعندما تمت ممارسة الجهاد، خرجت جيوش المسلمين، من الجزيرة العربية، ووصلت الهند والصين شرقاً، وأوروبا غرباً. وقادت تلك الحروب والغزوات الخلافة الإسلامية. وكان من يأسر من الرجال، يعتبر عبداً للمسلمين، ومن تأسر من النساء، تعتبر مما ملكت أيمانهم، فتنكح، أو تباع، أو تسترق، أو تعتق.

    هذا هو المستوى الذي قامت عليه الدولة الإسلامية، في القرن السابع الميلادي، واستمرت في القرون التي تلته مما هي مثله.

    وهو مستوى يعتمد على آخر القرآن نزولاً، من القرآن المدني، والذي نسخ في سائره القرآن المكي، الذي شرحنا كيف أنه قام على السلام، والحرية، وإعطاء الناس حتى حق الكفر.

    إن ما جاء به القرآن المكي من حرية الإعتقاد، والمساواة بين الناس، ومنع العنف تماماً، والدعوة الى سبيل الله بالتي هي أحسن، هو أصل الإسلام، وأرفع الإسلام، وهو أحسن ما أنزل الينا من ربنا، ومن هنا نحن مطالبون باتباعه .. قال تعالى (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ). ولكن اتباع القرآن المكي يقتضي بعث القرآن الذي كان منسوخاً، في الماضي، لعجز المجتمع عن ان يطيقه وهذا البعث يقتضي، أيضاً ، وفي نفس الوقت، نسخ القرآن المدني، الذي كان ناسخاً، وقامت عليه الخلافة الإسلامية، وممارساتها في الجهاد، وما يترتب عليه من تبعات. وهذا الأمر – أمر نسخ القرآن الناسخ وإحكام القرآن المنسوخ- هو ما اسماه الأستاذ محمود محمد طه تطوير التشريع الإسلامي، وهو ما دعا اليه المسلمين، باعتباره المخرج الاساسي، من الوقوع في براثن الهوس الديني، الذي يمثله كل من يدعو الى إعادة دولة الخلافة الإسلامية، التي تقوم على الحرب لفرض الإسلام على الناس اليوم. و " داعش" اليوم، لا يمكن تواجه من حيث الفكر، إلا بما طرحه الأستاذ محمومحمد طه، في دعوته لتطوير التشريعة الإسلامية، بالإنتقال من فروع القرآن الى أصوله. ولقد فصل الأستاذ محمود والجمهوريون، كثيراً، في التفريق بين أصول القرآن وفروع القرآن، وبين السنة والشريعة، فليراجع ذلك في مظانه.

    إن ما تقوم به " داعش" اليوم، يعتمد على المستوى الناسخ من القرآن- وهو فروع القرآن- والذي عبرت عنه حكومة الخلافة الإسلامية في الماضي، وهو مستوى الشريعة، في امر الدعوة والحكم والسياسة. ولا يمكن ان يقاوم، أو يدحض، إلا إذا وضح أن في الإسلام مستوى أرفع منه، وقع في القرآن المنسوخ- أصول القرآن-وعبرت عنه سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، وهو مستوى السنة. وأن هذا المستوى، نحن مطالبون به، وهو الذي يمكن ان يمثل عصرنا، لأنه يقوم على الحرية، والمساواة، وكافة حقوق الإنسان بخلاف مستوى الشريعة، الذي يقوم على قتل غير المسلمين، فإنه لم يشرع لعصرنا، وممارسته اليوم، في غير وقته، خطيئة لا تقل عن الخروج عن الدين. وبسبب حكم الوقت، فإن قتل " داعش" لا يعد جهاداً ، وإنما إعتداء على الآمنين، وإزهاق للأنفس بغير حق، وأخذ "داعش" للنساء، لا يعد "ما ملكت أيمانكم" وإنما يعد اختطاف، واغتصاب، وسعي في الأرض بالفساد. ولأن الإلتزام التام بالشريعة لا يمكن اليوم، يخالط الباطل دعاتها، حتى يستحيل كل أمرهم، باطلاً ظاهراً . ف" داعش" تدعي أنها تتبع نهج النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها تتلقى مساعداتها من دول، لا تتطبق في شعوبها شرع الله، وهي بحسب منهج " داعش" دولاً كافرة ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد قال (إننا لا نستعين على أمرنا هذا بكافر) !! وهكذا تبدأ مفارقة " داعش" لأتباعها صغيرة، ولكنها ستزيد، حتى ينكشف أن أمرها كله باطل، كما إنكشف أمر الاخوان المسلمين، لكل الناس بما فيهم " داعش" نفسها.

    هذا والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
                  

03-15-2015, 08:43 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: الشريف /الأمين الهندي صرخة فى زمن الصمت !!


    03-15-2015 10:20 AM




    * الشريف / الامين الصديق الهندى مستشار والي ولاية الجزيرة الذى ابدى اسفه لإغلاق مركز الاستاذ / محمود محمد طه الثقافى ( وزاد )ان الفكرة الجمهورية لايمكن ان تشكل أي مهدد للامن القومي وناشد جهات الاختصاص بفتح المركز مجددا وقال ان الفكر الجمهوري أسس لمبدأ الحوار وتقبل الاخر وانه لايمكن ان يشكل اي مهدد للامن القومى (نافيا ) ان تكون دعوة الجمهوريون متطرفة ، معتقدا ان إغلاق المركز جاء فى توقيت خاطئ وانه يسئ لمنهج الحوار (وتساءل)اذا كنا ماقادرين نتناقش فى مسائل فكرية حنتناقش فى المسائل السياسية كيف ؟! ( وناشد)الجهات المختصة بضرورة فتح المركز مجددا (مبينا ) انه لايمكن لأي جهة الحد من تدفق المعلومات ووصولها للمستهدفين فى عصرنا بعد تعدد الوسائط الاعلامية ، وزاد ان هدم الفكر الجمهوري مستحيل وان الاستاذ / محمود محمد طه لم يتبنى طرحا خارجيا ( مشيرا)الى انه أسس لفكرة ذات ارتباط وثيق بالثقافة السودانية الاسلامية ، وبحركة التصوف ومعنية بالانسان واحتياجاته ، مطالبا بالبت فى هذه القضايا عبر القضاء..

    *بهذه الكلمات التامات عبر صحيفة الوطن الغراء كانت هذه الصرخة القوية فى ازمنة الصمت من الشريف الأمين الصديق الهندي ، تحدث فأنصف انصاف العارف لاخائر ولا وجل ، وأول من نرفعها له السيد / محمد يوسف الدقير (الوزير الشقيق) للثقافة والإعلام بولاية الخرطوم والذى سجل اسمه فى بقية التاريخ كاكبر عدو للإستنارة عندما قام بمذبحة اغلاق المراكز الثقافية !! وعندما تحركت ادارة المصنفات بوزارته بمصادرة كتب الفكر الجمهوري من معرض مفروش مطلع هذا الشهر ..ويكفي ان رصيفه الاتحادى فى حزب الدقير قد قام بالغاء تسجيل اتحاد الكتاب السودانيين دون ان ترمش له عين !1 وسوأات القوم تظل تقبح وجه التاريخ الفكري المعاصر فى بلادنا ..

    *ونتساءل مع الشريف الهندي : اذا كنا ماقادرين نتناقش فى مسائل فكرية حنتناقش فى المسائل السياسية كيف ؟! اجبنا ياوزير الثقافة فى هذه الولاية المنكوبة؟! فمما لايحتاج لكبير فطنة مدى العطالة الفكرية للوزير الشقيق الذى يوافق على اغلاق المراكز الثقافية ولكنه يستمتع بالوزارة وصولجانها ومخصصاتها ومكيفاتها فى بلد لاتعيش الجرذان فى بيوتها ، ويفتقد اطفالها الرضع الحليب ، ويعجز المواطن عن العلاج ، ويهاجر منها الاطباء والمهندسين والكوادر الطبية المساعدة واساتذة الجامعات والعمال المهرة ويبقى (البضع فى المائة ) وهم يعيشون فى سودان غير سودان عامة اهل السودان ، يقيمون انتخابات الخم ، ويقضون عطلاتهم فى حواضر العالم ومنتجعاته ، ويغلقون منافذ الارزاق ، كما اغلقوا مراكز الثقافة ، وهم لايقرأون وان قراوا فالغرض عندهم فوق المعرفة والنزول للحق حتى احتاجوا لأن يذكرهم الشريف الهندى (بان هدم الفكر الجمهوري مستحيل وان الاستاذ / محمود محمد طه لم يتبنى طرحا خارجيا ) ..

    *شكرا ايها الشريف الشريف فان صرختك تمثل مطرقة على المثقفين الذين اختاروا الصمت البائس وهم يرون مذبحة الفكر والمعرفة والثقافة ويسدون كل مسالك الاستنارة بقوة عين ..فهل سيمتد امد الصمت .. لا والف لا .. وسلام ياااااااوطن ..

    سلام يا

    الفريق / مالك عقار : سننسحب من مؤتمر اديس ابابا فى حال انتخاب البشير ..اذن فلتبحث لنا عن مخرج اخر . . لن يبق الا الانسحاب وفق مايجري الان .. لكن قل لنا ماذا لوعاد الامام ؟! وسلام يا

    الجريدة الاحد

                  

03-17-2015, 08:27 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    أجرت صحيفة "أول النهار" لقاءا صحافيا مع الأستاذة أسماء محمود من جزئين نشرت منه الجزء الأول اليوم الثلاثاء 17 مارس 2015
                  

03-18-2015, 06:34 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

                  

03-18-2015, 07:34 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: حاورته في القاهرة: رشا عوض
    فتح العليم عبد الحي في الجزء الثاني من حواره مع"التغيير الإلكترونية":
    *على الإسلاميين إدانة الترابي في موقفه من اغتيال الأستاذ محمود
    *أخوان الرئيس لو اشتروا قميص (ما بنخلٍّيهم)
    * الخوف هو الحاسم في التعامل مع قوش وود إبراهيم
    هل ما زال دور الدولة في تمكين الدين متضخما لدى الإسلاميين؟
    الآن حصلت مراجعات ، فنحن نعتقد ان حركات الإسلام السياسي التي تعول على الدولة في التغيير وتعتبر السياسة اهم منشط منحرفة عن الفكر الإصلاحي ونعتبرها انتكاسة في فكر الإصلاح، فحسن البنا تراجع تراجعا كبيرا عن فكر محمد عبده، وسيد قطب تراجع بشكل أكبر عن البنا وهكذا، نحن الآن نتحدث عن ضرورة تهميش الدولة في تفكير الإسلاميين. وان تحتل مكانها الطبيعي كمجرد صاحبة وظائف إدارية محددة، ليس من بينها الإصلاح والتغيير، فهذه وظائف مجتمعية، يقوم بها الجامع او المدرسة او الإعلام أو المؤسسات الدعوية أو الثقافية، فالخلل الرئيسي في فكر الإسلاميين هو تضخم الدولة.
    معنى ذلك انكم ستتجهون للعمل في اوساط المجتمع عبر مؤسسات ثقافية ودعوية فقط؟
    نعم
    وما هو محتوى الرسالة التي سوف تسعون لترسيخها في المجتمع فيما يتعلق بالدولة؟
    الدولة جملة وتفصيلا هي اجتهاد بشري، برامجها وتدابيرها وتقديراتها ونظمها، تجربة بشرية سواء كان على مدرسة الترابي أو حسن البنا او محمد عبده أو غيرهم.
    الأمر الثاني هو ان الدولة لا يجب أن تتحيز لدين من الأديان وتحتفظ بمسافة من كل الأديان، وتجتهد في أن توفر إطارا لكل المجموعات الموجودة داخلها بحيث تعبر كل مجموعة عن قناعاتها الدينية دون ان تنحاز الدولة لطرف من الأطراف.
    ولكنني اعتقد كذلك ان الدين سوف يؤثر في الدولة لان الخلفيات الثقافية لها تأثيراتها ، فلا يمكن فصل الدين عن الدولة مطلقا، يمكن ان نتحدث عن تمييز في الوظائف. فهناك وظائف دينية محلها الوحي ووظائف دنيوية محلها الاجتهاد والعقل البشري.
    أليس هذا هو عين الدولة العلمانية؟
    لا احب استخدام مفردة علمانية لان هذا المصطلح له ظلاله، والعلمانية نسخ كثيرة، فيمكن ان تثير تساؤلات: اي نوع من العلمانية؟ الفرنسية ام التركية أم البريطانية؟ فأنا أقبل هذه المضامين وكما قال محمد عابد الجابري يمكن ان نتحدث عن العقلانية بدلا من العلمانية.
    العلمانيون السودانيون يطرحون العلمانية بنفس المضامين التي ذكرتها ولكن درج الإسلاميون على اتهامهم بالكفر والترويج للاباحية والخمور فما الذي يضمن عدم استخدامكم لمثل هذه الدعاية ضد منافسيكم العلمانيين في المستقبل؟
    نحن نعتقد ان التيارات العلمانية المعتدلة أو تيارات "العلمانية الجزئية" أقرب للمدرسة الإسلامية التجديدية الحديثة من السلفيين. وسوف يكون سجالنا السياسي معها بمنطق العقل، واختلافنا في البرامج سيكون اختلاف تقديرات حول مدى ما يحققه كل برنامج للصالح العام، ولن نناقش ذلك من منطلق ديني.
    إلى أي مدى هذا الخطاب التجديدي متجذر في قواعدكم؟
    لا أستطيع القول بأنه متجذر في كل القواعد، فقواعدنا فيها تيارات واعية ومستنيرة، وتيارات سلفية متشددة واخرى محافظة، ولكن هناك جهود مبذولة: منتديات وحلقات نقاش وأوراق تفكك المفاهيم نفسها ، وهناك تحولات كبيرة حدثت، وهناك مجموعات ما زالت متخندقة في المواقف القديمة.
    تجربة الإسلاميين في السودان أثبتت ان لهم خطاب فكري متقدم عندما يكونوا خارج السلطة ولكنهم يتخلون عنه حال صعودهم للحكم، مثلا، الترابي له موقف فكري ضد حكم الردة ولكنه لم ينتصر لهذا الموقف وهو في السلطة حيث تضمن القانون الجنائي في المادة 126 (إعدام المرتد)؟
    هذا القانون أجازته مؤسسات لم تأخذ برأي الترابي، وجود اي شخص في الحكم لا يسمح له بتمرير كل اجتهاداته فهناك أجهزة ومؤسسات يمكن ان لا تأخذ برأيه
    هذا القانون أجيز عام 1991 فهل في ذلك الوقت كان هناك من يجرؤ على معارضة الترابي؟
    في ذلك الوقت كان الترابي متنفذا، ولكن هذا لا ينفي وجود مؤسسات لها رأي. وكان هناك من يقول للترابي احتفظ بآرائك هذه كاجتهاد شخصي حتى لا تسبب لنا مشاكل.
    ولماذا صمت الترابي عن محاكمة الاستاذ محمود محمد طه وإعدامه بسبب الردة ؟
    أنا أعيب على الترابي هذا الموقف بأكثر ما أعيب عليه موضوع مادة الردة في القانون الجنائي، لأنه يمكن ان يقول القانون أجازته مؤسسات، ولكنه كمفكر كان يجب ان يقف بوضوح ضد اغتيال الاستاذ محمود، ولكن الترابي تلجلج في هذه القضية، وقد حاولت ان أبحث له عن مخرج ولكنني لم أجد، هذه من الخطايا التي يجب ان ندين فيها الترابي بوضوح ومباشرة واستقامة حتى نكون صادقين مع أنفسنا،
    كذلك أعيب عليه موقفه في حل الحزب الشيوعي، فإذا قام فرد في الحزب الشيوعي بسب السيدة عائشة فهذا يحسب عليه وليس على المؤسسة، وقد اصدر الحزب الشيوعي بيانا قال فيه ان ذلك الفرد لا يمثله ، ولكن الترابي في اطار الحرب الآيدولوجية ضد الآخرين جاء بمبررات قانونية لحل الحزب الشيوعي.
    قرأت على صفحتك الشخصية على الفيس بوك ابياتا من قصيدة فضيلي جماع التي يقول فيها:
    يا محمود نكاد نراك
    يا حلاج القرن العشرين
    ما زال تنابلة السلطان
    وطابور العلماء الزيف حضورا
    هل انت متفق مع فضيلي جماع في ان من اعدموا الاستاذ محمود هم "طابور العلماء الزيف"؟
    متفق تماما، ودائما اقول في ندواتي ان من خطايا الإسلاميين التي يجب ان يعتذروا عنها بلا مواربة الموقف من الاستاذ محمود رحمه الله واحسن اليه.
    اعتقد ان مساهمة الاستاذ محمود في تطوير التشريع متقدمة بغض النظر عن الخلفيات العرفانية، ففكرة ان في الشريعة مستوى ثابت ومستوى متغير متقدمة جدا ويمكن تطبيقها بطريقة عبد الله النعيم
    هل انت متفق مع عبد الله النعيم؟
    متفق معه تماما
    لكن عبد الله النعيم يدعو لعلمانية الدولة؟
    انا لا استخدم هذا المصطلح ولكنني اتفق معه في المضامين
    عندما زار رجب طيب اردوغان مصر اوصى الاخوان هناك بعدم معاداة العلمانية حفاظا على الوحدة الوطنية وقال ان تبني العلمانية لا يتعارض مع كون الشخص مسلما متدينا فلماذا يخاف الاسلاميون من هذه المفردة؟
    رجب طيب اردوغان لم يؤسس لذلك معرفيا، قالها كسياسة، الاتراك ليس لديهم تأسيس نظري، وعبد الله النعيم غير محتاج لهذا المصطلح لماذا الإصرار عليه، الجابري قال لنترك العلمانية ونتحدث عن العقلانية، وكمال الجزولي كتب مقالة بعنوان "علمانيون لا عقلانيون نعم"، في مساجلة مع محمد محجوب هارون ، يمكننا ان نعبر عن هذه المضامين دون الحاجة لهذا المصطلح.
    أليس سبب التهرب من هذه المفردة هو ماقمتم به انتم من ارهاب فكري وتعبئة سالبة ضدها؟
    بالعكس انا افتكر ان الذي يصر على هذا الموقف فقط يريد تمييز نفسه من الاسلاميين وهذا موقف سياسي وليس فكريا
    إذا أصرت مجموعة من الإسلاميين على كتابة دستور اسلامي وعلى اقامة دولة اسلامية ماذا سيكون موقفكم؟
    اسلامي بمعنى ماذا؟ انا اعتقد ان الدولة اجتهاد بشري والدستور يكتبه بشر،
    وقد دار نقاش بيني وبين لجنة الدستور الاسلامي فقد التقيت صديق علي البشير ، قال ان هذا الدستور الاسلامي لا يتم فيه استفتاء لانه كلام الله، فقلت له انتم جلستم في مكتبكم في الرياض واستغرقتم شهرا كاملا تتجادلون وتضيفون وتحذفون وهذا يدل على ان الامر اجتهاد بشري وليس كلام الله هذا كلامكم انتم واجتهادكم انتم وخلاصة تفكيركم وكما قال الامام علي القرآن لا يتكلم وانما يتكلم به الرجال.
    اذا كنت عضوا في مؤسسة تشريعية وطرح دستور اسلامي هل يمكن ان تصوت ضده؟
    يمكن ان أصوت ضده اذا لم اتفق مع المضمون ، هذه التسميات لا معنى لها، وعندما وضعت معايير للدولة الراشدة حسب قيم الاسلام جاء السودان في ذيل القائمة وفي صدارتها دول اوروبية.
    سنة 1995 خرج الطلاب في مظاهرات، وكان الطلاب الاسلاميون يهتفون (الله مولانا ولا مولى لهم، شهداءنا في الجنة وقتلاهم في النار) فقلت لهم انتم لستم في بدر الكبرى وهؤلاء طلاب زملاؤكم وليسوا كفارا، قال لي احد الطلاب هؤلاء لديهم موقف من الدين فقلت له هؤلاء لهم موقف منا نحن كاسلاميين وليس من الدين.
    وصف اي شيء بانه اسلامي يسبب اشكالات، فعندما اقول هذا اقتصاد اسلامي مثلا، يمكن ان يعتقد البعض ان كل ما فيه من تفصيلات منزلة في القرآن، قد يكون الاطار العام هو القرآن ولكن التفصيلات كتبها بشر، فالافضل ان ننسب الدولة والدستور والاقتصاد للمسلمين وليس للاسلام.
    هناك اتهام يوجه ل"سائحون" انهم شباب يعتقدون انهم بحكم ماقدموا للانقاذ من تضحيات وخدمات جليلة آن الأوان ان يستلموا المناصب العليا في الدولة وعندما لم يسمح لهم الجيل السابق بذلك اخذوا يتحدثون عن الفساد وضرورة الاصلاح، مع أن الفساد كان ملازما للانقاذ منذ مجيئها ..طريق الانقاذ الغربي والأثرياء الجدد وبناء العمارات بشكل فجائي والسيارات ظهرت شواهده مبكرا فلماذا لم نسمع احتجاجات عليه؟
    كانت هناك احتجاجات ومنابر منذ عام 1992 كنا نتكلم والتنظيم اعتبرنا متفلتين واحيانا يقولون لنا ليست لديكم معلومات دقيقة ،انا كنت اتحدث في المسجد،
    احيانا يصفوننا بالتفلت واحيانا الامن يجري تنويرات
    ولكن كان هناك افراد فقط ينتقدون الفساد وهناك مساجد ائمتها محسوبون على الحركة الاسلامية تنتقد الفساد ويختار الناس الصلاة في هذه المساجد بالذات لجرأتها في الحديث عن الفساد، ولكن صحيح ان هذا الصوت لم يكن الصوت الغالب.
    ليس فقط لم يكن غالبا بل لم يكن مسموعا الا في اوساطكم أليس كذلك؟
    نعم، ولكن مجموعتنا هذه تواثقت على ان لا يتولى اي واحد منها منصبا في الدولة او في الحركة الإسلامية، انا الامين العام ل"سائحون" مدرس وسأسلمها مدرس، وانا (ماشي بالمواصلات وما عندي عربية) وسأسلمها وأنا(ماشي بالمواصلات)
    وتعاهدنا حتى لو قامت تسوية سياسية ان لا يتولى احد منا منصبا.
    يقال ان ما نشر من قضايا فساد الاقطان وسودانير وخط هيثرو مجرد رأس جبل الجليد وان الفساد الانقاذي يفوق ذلك بكثير اليس من واجبكم تمليك الشعب السوداني معلومات كاملة عن الفساد؟
    في صفحتنا على الفيس بوك كثير من المعلومات والملفات التي نشر كثير منها
    البعض يراها غير كافية!
    عندما لا تكون لديك معلومات تتفادى النشر تفاديا للمشاكل،
    انا اسمع ان اخوان الرئيس فاسدون ولكن ليست لدي بينة على ذلك، والكلام الذي لا توجد عليه وثيقة يسبب اشكالا قانونيا مع الأجهزة الرسمية، لذلك نتحدث بصفة عامة دون تحديد أشخاص بعينهم.
    هناك قرائن احوال، اخوان الرئيس مثلا قبل ان يصبح الرئيس رئيسا كانوا فقراء والرئيس نفسه كان فقيرا.. لذلك من حق الشعب ان يتساءل كم تبلغ ثروة البشير الان؟ وكم تبلغ ثروة اخوانه؟ وماهي ممتلكات وعقارات وأرصدة كل قيادات الانقاذ اليست هذه المعلومات متاحة لكم انتم كاسلاميين لماذا لا تملكونها للشعب السوداني بالتفصيل؟
    يمكنني ان اصل الى نتيجة ان فلان هذا فاسد، ولكن المشكلة ان القانون بليد وحرفي يطالبك بان تأتي بالاثبات.
    هذه قوانين الانقاذ ولكن السؤال حول مصادر ثروات المسؤولين مشروع في النظم الديمقراطية اليس كذلك؟
    كأنك غير متابعة لصفحتنا على الفيس بوك، (ضاحكا) اخوان الرئيس لو اشتروا قميص ما بخلوهم،
    على كل حال نحن نعمل على الاصلاح العام في البلد واصلاح المؤسسة العدلية حتى إذا حدثت تسوية انتقالية تكون المحاسبة ممكنة، بدون إصلاحات هيكلية لا يمكن مواجهة الفساد وسوف يكون التركيز فقط على قضايا جزئية.
    هل وصول بعض ملفات الفساد إلى الإعلام نتيجة للصراعات الداخلية في الحركة الاسلامية؟
    عدد من ملفات الفساد التي خرجت صراع مجموعات وليس الهدف منه الحقيقة لوجه الحقيقة (ما لوجه الله تعالى) وداخل الحركة الاسلامية هناك من يحتفظ بوثائق متعلقة بالفساد للضرورة، اذا احتاج لها في الصراع يخرجها، فكل طرف يدخر المعلومات والوثائق ضد الآخر.

    برأيك، لماذا لم يحاكم ود ابراهيم وصلاح قوش على الانقلاب بذات القسوة التي حوكم بها "ضباط رمضان" وكان يمكن ان يحاكم بها أي شخص من خارج الإسلاميين؟
    من قاموا بمحاولة انقلاب رمضان فعلوا ذلك عندما كانت الدولة بقوتها، ولكن الآن الأمور اختلفت،
    ود ابراهيم يقف وراءه اناس في الجيش ، اذا قتل سوف يؤلب المؤسسة العسكرية ، وكذلك صلاح قوش الذي قضى في جهاز الأمن فترة طويلة ولديه معلومات ويمكن ان يؤذي الحكومة
    مقاطعة: يعني ما حاكموهم لأنهم (خائفين منهم)
    نعم، العامل الحاسم هو الخوف، ود ابراهيم عندما يدعو لافطار يحضروه اربعة أو خمسة الاف!
    ما هي التيارات الرئيسية المتصارعة داخل المؤتمر الوطني الآن ومدى قوة كل تيار؟
    علي عثمان محمد طه له تيار، ونافع علي نافع له تيار، وكان كل منهما يحاول كسب الرئيس لطرفه، أما الان فمركز القوة الوحيد في النظام هو الرئيس ولا سيما بعد التعديلات الاخيرة.
    من اهم الشخصيات مع علي عثمان؟
    اسامة عبدالله وصلاح قوش
    ومع نافع؟
    معه كثير من ضباط الأمن
    أين تقف سائحون من هذه المراكز؟
    كلها انتجت الوضع الذي ندعو لاصلاحه
    وما شكل علاقتكم بالاصلاح الان؟
    علاقتنا معهم جيدة وكنا مختلفين معهم عندما كانوا داخل المؤتمر الوطني، وقلنا لهم هذا الحزب لا يمكن اصلاحه من الداخل.
    مما يؤخذ على الاسلاميين ان ثقافة الاعتذار غير موجودة عندهم رغم كل ما تسببوا فيه للسودان من انفصال الجنوب وأزمة دارفور وتبديد الموارد بالفساد.. لم نسمع من غازي او سائحون او الترابي اعتذارا يوازي التخريب الذي حدث؟
    كل المجموعات قالت كلامها بوضوح في التجربة
    كأنما هي تعتذر للمشروع الاسلامي وللتجربة وللحلم الايدولوجي وليس للشعب السوداني المتضرر! كأنهم متحسرون على ضياع أحلامهم اكثر من تحسرهم على ضياع الوطن!
    المجموعات الموجودة السائحون والاصلاح الان ومجموعة بروفسور الطيب زين العابدين اغلبها تركز على الشأن السوداني اكثر من الشأن الاسلامي.
    نحن كتبنا وثيقتين، الوثيقة التي تتكلم عن السودان 20 صفحة والوثيقة التي تتكلم عن الحركة الاسلامية 4 صفحات وحتى من ناحية الفاعلية، الوثيقة التي تحركنا فيها كثيرا وعملنا فيها برامج هي المتعلقة بالشأن السوداني ونعتبر معالجة قضايا السودان والوصول لتسوية سياسية وترتيبات انتقالية تفضي لحكومة ديمقراطية وتعاقد جديد اولى من العمل في قضايا الحركة الاسلامية ونعتبر ذلك محاولة لاصلاح الخطأ وان نعيد للشعب السوداني حقه الذي سلبناه منه،
    انا شخصيا في الانتخابات الماضية قلت انني سأصوت للصادق المهدي لانه آخر رئيس وزراء شرعي منتخب ويجب ان ارجع له حقه كتكفير عن الخطأ، صحيح التاريخ لن يعود، ولكن كتعبير رمزي لو نزل مع الصادق عمر ابن الخطاب ساصوت للصادق.
                  

03-18-2015, 08:47 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: دقت مطرقة المحاكمة
    أبو عيسى وأمين مكي مدني.. تفاصيل وكواليس أول جلسة

    تقرير: خالد أحمد - رقية يونس
    ملوِّحاً بعلامة النصر، أطل رئيس قوى الإجماع الوطني فاروق أبو عيسى، عندما أنزل رجله من "دفار" الشرطة القضائية، لتستقبله الحشود التي وقفت صباح أمس، أمام محكمة الخرطوم شمال بالزغاريد والهتافات من أنصاره، الذين احتشدوا أمام المحكمة، وعقبه الناشط الحقوقي أمين مكي مدني، الذي بدا أكثر حيوية من أبو عيسى ليحيّي وتحمل قسمات وجهه ابتسامة، ليقطع هذا المشهد رجال قوة مكافحة الشغب التي ضربت طوقاً أمنياً حول مبنى المحكمة، واعتلى بعض رجال الشرطة شرفات المحكمة، يحملون قاذفات الغاز المسيل للدموع تحسباً لأي شيء.

    أمام القاعة.. خطة التأمين
    كان واضحاً أن هنالك خطة موضوعة من الجهات المنوط بها تأمين قاعة ومبنى المحكمة، حيث بدأت الحشود التي انقسمت بين المحامين وناشطي المجتمع المدني بجانب القوى السياسية المعارضة؛ بدأت بالدخول لحرم المحكمة حيث يقوم شرطيان بتسجيل الأسماء وتفتيش الحقائب، وعندما احتشد الحضور أمام القاعة ببوابتها الداخلية طُلب منهم الخروج والدخول من باب خارجي آخر، وهو يقع بالجهة الخلفية، وعندما وصلنا في معية عدد من الصحفيين وبقية الحشود فوجئنا بأن الباب مغلق وليس مسموحاً لأحد الدخول، والحجة أن القاعة قد امتلأت وظهر جلياً أن السلطات أرادت إجلاء حرم المحكمة من الحشود، وأن تبقى بالخارج لتبدأ من الخارج رحلة تفاوض مع فريق التأمين وقائد القوة وهو ضباط برتبة عقيد، ولكنه رفض دخول الصحفيين أو القنوات الفضائية التي احتشدت بكثافة.
    ==============
    قافلة أبو عيسى..
    الساعة تقترب من الحادية عشرة.. كانت الكل في انتظار أبو عيسى ومدني والكاميرات متحفزّة لرصد هذا المشهد، خاصة أن رجال الشرطة كان لهم قرار بعدم منع التصوير خارج المحكمة ووسط التفاوض لدخول القاعة ظهر موكب مكون من أربع سيارات شرطة مكافحة الشغب، محملة بالجنود وتتوسطها عربة الجهاز القضائي، عبارة عن دفار مغلق وبه فتحات للتهوية في الأعلى، ليتوتّر الحضور وتعلو هتافات لتتوتر معهم قوات الشرطة التي بدأت في إبعاد الحشود من أمام القافلة، لتتوقف السيارة التي تحمل الرجلين أمام بوابة المحكمة لا يفصلها سوى متر واحد لينزل أمين مكي مدني بجلابية بيضاء وعمامة، وحيا الجماهير قبل أن يدخل لحرم المحكمة بعده بقليل ونسبة لارتفاع سلم السيارة عن الأرض وجد فاروق أبو عيسى صعوبة في النزول ليعاونه رجال الشرطة في النزول، ليوزع ابتسامة عريضة وهو في كامل الزي السوداني التقليدي، متوكئاً على عصا، وقد بدا علية الإجهاد والإعياء، وبعد دخوله أغلق الباب مجدداً.
    نسبة لأن قاعة المحاكمة في الطابق الثالث، كان لا بد أن يدخلا عبر السلالم الخارجية، وهي التي مكنت الحضور من متابعته وواصل أبو عيسى التلويح ورد التحية لأنصاره بالخارج.
    ==================
    قيادات المعارضة.. فرصة للاحتجاج
    بعد أن لم يجدوا فرصة للدخول للقاعة حول قادة قوى المعارضة، تتقدمهم الأمين العام لحزب الأمة القومي د.سارة نقد الله ومريم ورباح الصادق، بجانب القيادي بحزب البعث محمد ضياء الدين، ورئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ، والقيادي بالتحالف الوطني السوداني كمال إسماعيل، بجانب أسماء محمود محمد طه، والقيادية الشيوعية نعمات مالك؛ حوّل هؤلاء القادة الساحة الخارجية للمحكمة، لعقد اللقاءات مع الصحفيين والقنوات الفضائية، حيث لم ينفِ رئيس المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ لـ(السوداني) نيَّتهم لتحويل محاكمة أبو عيسى لتظاهرة سياسية للتنديد بالنظام، واصفاً المحاكمة "بالبائسة"، مشيراً إلى أن الحشود التي حضرت جاءت لتعلن تضامنها، وقوى نداء السودان والإجماع الوطني لن تقف مكتوفة الأيدي، وسيتصاعد العمل في الشارع رفضاً لهذه المحكمة.
    ==================

    http://www.alsudani.sd/news/index.php?option=com_contentandview=articleandid=27050:2015-02-24-11-48-10andcatid=75:2011-12-03-08-46-19andItemid=218http://www.alsudani.sd/news/index.php?option=com_contentandview=articleandid=27050:2015-02-24-11-48-10andcatid=75:2011-12-03-08-46-19andItemid=218
                  

03-18-2015, 08:49 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: حسن بابكر الحاج: يافخر الأوطان
    كتبت عن حياة وأثر المهندس حسن بابكر قبل ثلاث سنوات، متوسلاً ومنبهاً الى قرب الذكرى المئوية لميلاده. وها قد أظلتنا الذكرى الثانية بعد المائة لميلاده. ولم يسعفن البعد الجغرافي عن السودان في التشاور مع مجموعة خيّرة ممن تعرفوا على سيرة هذا الرمز الوطني، فكراً ومثابرة وتضحية في مضمار السياسة والعمران، وفى قوة المثال الذي قدمه لأبنائه وبناته من الأجيال اللاحقة.
    ومما يحز في النفس أننا ننصرف كثيراً عن مهمة العناية برموزنا الوطنية الكبيرة في مضمار السياسة والاقتصاد والآداب والرياضة وتربية الاجيال الناشئة وغيرها من ضروب الحياة.
    والعناية بتراث السابقين فطنت الى أهميته شعوب كثيرة، فخلدت رموزها، وشيدت المنشآت لحفظ تراثهم الوطني لتستمد منه الحكمة والدروس النافعة في حاضرها ومستقبلها. وصحيح أن السودان يجتاز مخاضاً عسيراً وتتناوبه الأزمات من كل حدب وصوب، ألا أن هنالك دروسا تعيننا في الفكاك من براثنها اذا أحسنا النظر الى تجارب رموزنا الفكرية والسياسية والدينية. وليت معاهد البحث والجامعات على شح مواردها المالية تؤسس لمشروع اعادة تجارب السابقين ووضعه بين ايدي الأجيال الراهنة.
    من الأمثلة الوضيئة في العناية بحفظ تراثها، تلك المبادرة التى خطها حزب الأمة يوم أن تولى اعادة رفاة الإمام الهادي المهدي الى أهله ومواراته الثرى بين صحابته ومريديه في ضريح أسرته. وعلى غير عادة الشيوعيين الذين يستثيرون حماسة الشعب بتفانيهم في العمل الحزبى والوطني، الا أنهم وحتى هذا اليوم لم يبدوا الاهتمام المطلوب بقبور أبرز قادتهم عبدالخالق والشفيع وجوزيف قرنق وهم على مرمى حجر في مقابر السيد المكي (الخرطوم بحري). وقد دل على هذه القبور الراحل العميد سعد بحر رغم عدائه للشيوعيين. وبمساعدة الراحل الدكتور الهادي أحمد الشيخ، تمكنت من تصوير تلك القبور ونشرتها في أكثر من صحيفة، وبعثت بنسخ منها الى أسرتي عبدالخالق والشفيع. وحتى يومنا ظلت قبور هؤلاء الراحلين بدون شواهد تدل على أسمائهم، وتاريخ مماتهم. وليت هذه الاشارة تحرك أهلهم ورفاقهم وعارفي نضالهم وتضحياتهم الى القيام بما يليهم الواجب نحو شهدائهم.
    السودان غنى برجاله ونسائه ممن يضعون الوطن في حدقة العين. ولا نكف عن تكرار الدعوة للعناية باسهام الأحياء والأموات منهم بحسبانه دين واجب السداد. فلندعو على اختلاف انتماءاتنا الى تكوين هيئة قومية بمعنى الكلمة ومن نساء ورجال يترفعون عن الاعتبارات الضيقة. تكون مهمتها اعادة قراءة التاريخ الحديث وأحياء مآثر أكثرهم اسهاماً. وهنالك ضرورة قصوى لمعاودة هذا الموضوع حتى يقيض الله له أن يجد أذاناَ وعقولاً تنهض بما يشغل بال الكثيرين من مختلف مضارب الحياة.
    وقد كان همي في بداية الأمر أن أعيد الى الذاكرة الوطنية ذلك الاسهام العظيم للمهندس حسن بابكر. فهو وطني قل أمثاله ومثابر في الوفاء لمبادئه منذ سني دراسته الأولى. وبرز في مقدمة طلاب كلية غردون الى جانب مكي المنا ومحمود محمد طه وآخرين لم تسعفن الذاكرة بأسمائهم، ألهبوا حماسة زملائهم في المطالبة بمقاومة الاستعمار البريطاني. وبعد التحاقه بالعمل في مصلحة السكك الحديدية بعطبرة لم يكف عن الدعوة لمقاومة الحكم الاستعماري. مما أدى الى فصله من الخدمة. فانتقل بعدها الى العمل الحر وشارك في بناء عدد من المنشآت التنموية الكبيرة وخاصة في تشييد ترعة الرهد، وفي بناء عدد من المرافق المشابهة في غرب السودان. وكان له اهتمام كبير ببناء أفرع للحركة التعاونية.
    وكان من أوائل المنضوين في المؤتمر العام للخريجين، وأشرف على اقامة فروع له في مختلف أرجاء الوطن. ومع نشأة الأحزاب الوطنية كان من المبادرين بالانضمام للحزب الوطني الاتحادي. وكان ضمن لجنته الستينية القائدة. ووقف الى جانب الزعيم الأزهري في صراعه مع طائفة الختمية وانفصاله عنها.
    وتم انتخاب المهندس حسن بابكر الحاج للبرلمان في عام 1966، وهى فترة شديدة الاضطراب ابتداء من معركة حل الحزب الشيوعي السوداني، ومحاكمة الأستاذ محمود محمد طه وتجدد الحرب الأهلية في جنوب السودان. وكان حسن بابكر ثاقب النظر لا يتوانى في الافصاح عن قناعاته الأصيلة، مما تسبب في انفصاله عن الحزب الوطنى الاتحادي وخاض الانتخابات التالية مستقلاً. ولكنه سقط في المنافسة الانتخابية في دائرة مروي الشمالية أمام مرشح الحزب الوطنى الاتحادي، بعد أن تكالبت عليه قوى ضيقة الآفاق من اصدقائه وخصومه السياسيين وحالوا دون فوزه.
    فى مواجهة قيادة الحزب الوطني الاتحادي التي تصدت لحل الحزب الشيوعي لم يكن حسن بابكر هو المعارض الوحيد للزعيم الأزهري في قرار حل ذلك الحزب، بل تحلق حوله رهط من النواب من مختلف الأحزاب، كان هو رائدهم وقائدهم. وقد اطلق حسن بابكر كلمات لها صدى في مناشدته للحفاظ على التجربة الديمقراطية والنأى عن المكايدة السياسية. فقد أطلق في سياق تداول أمر الحل كلمات ناصعة "من الخير لي ولأبنائي أن أموت شهيداً من شهداء الحرية، من أن أكون خصماً عليها."
    وفى سياق أخر انبرى مدافعاً عن الأستاذ محمود محمد طه الذى واجه تهمة الردة أمام المحكمة الكبرى. وكتب في صحيفة الأيام مقالاً ينضح بالتجارب التى عادت وبالاً على شعوبها. وساق مثال الشاعر الهندي الكبير محمد اقبال الذي تعرضت لتواطؤ الحزب الحاكم لاقصائه عن العمل السياسي. وختم حسن بابكر مقاله بكلمات مجلجلة جاء فيها: "اللهم اذا كان محمود مرتداً فأنا ثانى المرتدين."
    هذا غيض من فيض المواقف الكبيرة لواحد من مفاخر الوطن نضاهي به آباء الديمقراطية الحديثة من أمثال لوك، وفولتير، وبنجامين فرانكلين، وغيرهم.
    تحية وتجلة لهذا الرمز الوطني في الذكرى الثانية بعد المائة لميلاده.
    د. عبد الماجد بوب


    http://www.alsudani.sd/news/index.php?option=com_contentandview=articleandid=26992:2015-02-23-12-30-49andcatid=77:2011-12-06-06-42-43andItemid=221http://www.alsudani.sd/news/index.php?option=com_contentandview=articleandid=26992:2015-02-23-12-30-49andcatid=77:2011-12-06-06-42-43andItemid=221
                  

03-18-2015, 08:53 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    لقبر الزهاوي الشآبيب الرطاب
    الأربعاء, 25 فبراير 2015
    أقاصى الدنيا - محمد محمد خير
    Quote: العام 1988 كنت أترأس قسم التغطية الإخبارية الخارجية في التلفزيون القومي، في ذلك العام تعرّفت على الراحل الزهاوي إبراهيم مالك، وكان مدخل التعرف عليه حوار تلفزيوني أجريته معه في حفل تكريم له من قبل مجلس الوزراء باعتباره من الوزراء الذين طوروا الأداء في قطاع الكهرباء، وكان الراحل يشغل منصب وزير الدولة بوزارة الطاقة، كانت الكهرباء أيام الديمقراطية الثالثة نعمة نادرة الحدوث للحد الذي توقف التلفزيون القومي لأيام بسبب انقطاعها، وشاع في تلك الأيام تعبير اِقتصر فقط على الإذاعة والتلفزيون (نأسف لانقطاع التيار الكهربائي)!
    حين تولى الزهاوي هذه الحقيبة اِنتظمت الكهرباء ونشأت علاقة ود متبادلة بينه وبين نقابة المهندسين الذين كان معظمهم وقتئذٍ من نشطاء اليسار فقد تلقى معظمهم تأهيله الأكاديمي في الاتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الاشتراكية الأخرى حين بلغ الزهاوي هذا الشأو الكبير من النجاح وصارت الكهرباء في متناول المصابيح والمصنع، قرر مجلس الوزراء تكريمه بمشاركة نقابات العاملين. كانت خلاصة الحوار الذي أجريته لصالح التلفزيون أنه ليست هنالك عصاة ساحرة، والأمر لايحتاج لتلك الإمكانات المهولة، إنه ببساطة لايخرج عن ترتيب إداري سمته (المتابعة).
    في العام 89كان لي لقاء من نوع مختلف مع الزهاوي فقد حدث التحول السياسي في 30يونيو وأوكل الصادق المهدي رئاسة الحزب للزهاوي ومنحه صلاحية اختيار الكوادر التي تعمل معه في تلك المرحلة الدقيقة، فاختارني ضمن مجموعات الاتصال مع النقابات المهنية، ربما لا يعرف الكثيرون أن رئيس حزب الأمة إبان فترة اعتقال الإمام الصادق كان الزهاوي إبراهيم مالك!
    سبقته في الاعتقال ولحق بي بعد عام لتعبد عزلة المعتقل طريق صداقتنا التي امتدت حتى اختاره الله بجواره.
    سألته ذات مرة عن سر انتمائه لحزب الأمة منذ سني دراسته بجامعة الخرطوم، فأخبرني بأنه عندها كان طفلاً كان يداوم الجلوس على شاطيء النيل الأزرق قبالة رفاعة، وذات مرة رأى باخرة نيلية تقل السيد عبد الرحمن تسير قريباً من الشاطئ فلوّح له السيد عبد الرحمن بيديه فتحول ذلك التلويح لراتب حتى انقذفت في قلبه هيبة التلويحه فأصبح أنصارياً دون كل أبناء منطقته المعروفة بالانتماء للاتحاديين والمعرّفة أيضاً بالحزب الجمهوري فرفاعة هي موطن محمود محمد طه.
    الزهاوي دارس علوم سياسية فهو من الأكاديميين المتميزين الذين تخرجوا في جامعة الخرطوم أواخر الستينات، لكنه عمل مزارعاً بأضاحي الرنك، وله هناك مشروع زراعي منذ السبعينات لم تشغله عنه السياسة ولا الوزارة ولا الانقسامات الحزبية، كان يدير السنابل مثلما أدار الكهرباء!.
    ظل الراحل منذ عشر سنوات يقاوم المرض ببسالة وجسارة ويشارك في النشاط العام رغم صعود ضغط الدم وثقل النبض وقلة الحيلة في الحركة، وكان سديد الرأي في كل الأمور، وله نظرة سياسية واقعية لايمتزج فيها الرأي الشخصي بالموضوع وفي عهده وزيرا للإعلام شهد التلفزيون نقلة نوعية كبيرة وكان يتابع أداء الملحقيات الإعلامية بنفسه موجهاً ومقترحاً ومذللاً للصعاب الجمة التي تعانيها الملحقيات.
    كان الراحل مراعياً لأدب الخلاف فحين غادر حزب الأمة القومي وغادر التجديد والإصلاح، لم نقرأ له تصريحاً واحداً يسيء فيه لأي من رئيسي الحزبين، وكان على صلة ودودة بكل أصدقائه في الحزبين إلى أن مضى.
    رحم الله الزهاوي، الرجل الوسيم الراجح والسديد وأسكنه الجنان الفساح فقد كان متصدياً للخير كله وليس لعمل الخير، عزائي يمتد لكل أصدقائه من الساسة والمزارعين وبسطاء الناس ولأبناء عمومته أصدقائي من كل آل مالك برفاعة.

    http://www.alsudani.sd/news/index.php?option=com_contentandview=articleandid=27166:2015-02-25-13-05-35andcatid=90:2013-04-30-16-47-57andItemid=235http://www.alsudani.sd/news/index.php?option=com_contentandview=articleandid=27166:2015-02-25-13-05-35andcatid=90:2013-04-30-16-47-57andItemid=235
                  

03-18-2015, 12:56 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: استئناف ضد قرار مصادرة كتب الفكر الجمهوري

    03-18-2015 10:26 AM
    الخرطوم : سارة تاج السر
    تقدم الحزب الجمهوري باستئنافين للمصنفات الادبية الاتحادية والولائية ضد قرار مصادرة كتب الفكر الجمهوري من مفروش الثقافي الشهر الماضي، طالب فيه باسترجاع الكتب المصادرة ، والسماح لللجمهوريين كغيرهم من السودانيين عرض كتبهم في المعرض.
    واستلمت المصنفات الاتحادية الاستئناف فيما رفضته الولائيةوكانت مجموعة تتكون من ستة اشخاص تتبع لللمصنفات الادبية ، قامت بجمع الكتب الخاصة بالفكر الجمهوري واعدت احصائية باسماء وعدد الكتب التي صادروها.
    وقال الحزب في الاستئناف ان المكتب التنفيذي للحزب قام باخطار مدير المصنفات الادبية ولاية الخرطوم ، الذي أكد عدم علمه بما جري، ثم اتصل باحد موظفيه اثناء الاجتماع ، والذي افاد بان ما حدث امر روتيني تقوم به ادارة المصنفات بالاشتراك مع الشرطة وجهاز الامن والمخابرات، وانهم وجدوا كتب محظورة – يقصد كتب الفكر الجمهوري – لذلك صادروها. بعد ذلك القول افاد السيد مدير المصنفات ان قرار المصادرة قرار مشترك ، حيث ان للامن مسئولية مباشرة فيما ينشر وكذلك الشرطة .
    وبرر المدير مصادرة كتب الفكرالجمهوري دون غيره بانه عمل روتيني و، قال بأنهم لا يستهدفون احد لكن سوف يطلعون على تلك الكتب ،واستطرد أن القانون منحهم سلطة تقديرية بالاكتفاء بالمصادرة أو فتح بلاغ جنائي.

    واعتبر الحزب الجمهوري ان قرار المصادرة غير قانوني لكون الكتب لا تخل بالقيم الدينية أو الاداب العامة ، ولا تسئ للمعتقدات والاعراف أو الاديان، كما انها لم تزدري اللون أو الجنس أو تفضل أو تمجد جنس علي اخر ، كما انها لا تتعارض مع سياسة الدولة وأمنها القومي، فضلا عن انها لا تشارك في الانتاج والدعاية مع دول مجاورة، وبموجب فهي تتمتع بالحماية كمصنف مكتوب حسب قانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة والنصوص الادبية والفنية لسنة 2013 (قانون رقم 1 لسنة 2013)

    الجريدة

    http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-187091.htmhttp://www.alrakoba.net/news-action-show-id-187091.htm
                  

04-09-2015, 10:06 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    (الإخوان) .. و ايران !!
    (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ* لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ) صدق الله العظيم
    ايران كانت ولا تزال، دولة دينية، توجه علاقاتها السياسية، ومبادئها الدبلوماسية، عقيدتها الدينية .. وعقيدتها في الإسلام، هي عقيدة الشيعة، الإثني عشرية، الذين عرفوا بالشيعة الإمامية، لشدة اعتقادهم في الأئمة. فهم يعتقدون ان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، من بعده، وإمام الأمة هو علي بن ابي طالب رضي الله عنه، ثم ولده الحسن، ثم الحسين، ثم ولده علي زين العابدين، ثم ولده محمد الباقر، ثم ولده جعفر الصادق، ثم ولده موسى الكاظم، ثم ولده علي الرضا، ثم ولده محمد النقي، ثم ولده علي التقي، ثم ولده الحسن العسكري، ثم ولده محمد المهدي، الذي دخل في غيبة، في " سر من رأى" بالعراق سنة 260 هجرية، وهو الإمام الغائب، و سيرجع حسب عقيدة الشيعة، في آخر الزمان، ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً. وعندهم، إن ائمتهم هؤلاء، أكبر مكانة في الدين من الملائكة المقربين، ومن الأنبياء المرسلين، وأنهم معصومون لا يخطئون!! والإمامة بهذه الصورة، تعتبر عندهم، ركناً من أركان الإسلام. فمن لم يؤمن بأن محمد بن الحسن العسكري، حي منذ عام 260 ه حتى الآن، وأنه المهدي المنتظر، خرج من الإسلام بانكاره لركن من اركانه. والشيعة يؤمنون بأن ابا بكر رضي الله عنه، وعمر رضي الله عنه، وعثمان رضي الله عنه، اغتصبوا الخلافة من علي بغير حق، وتآمروا عليه، ونازعوه حقه، ومن الشيعة من يسبهم، ويسب السيدة عائشة رضي الله عنها. والشيعة يعتقدون في "التقية"، و " الرجعة"، و " البداء"، وكلها عقائد لا أساس لها من الدين، وهي انحراف في فهم أهل السنة، بمختلف فرقهم، وجماعاتهم. كما أن الشيعة يمارسون زواج المتعة، وأخذ الخمس من كل المال، واعطاؤه للإمام، ولا يعتبرون الغنائم، في حالة الحرب فقط.
    ولو كان الغرض من هذا المقال مناقشة فكر الشيعة، لفصلنا في مفارقاتهم، ورجعنا بالقارئ الى مصادرهم، وأوضحنا مبلغ الخطأ في فهمهم، لما اعتمدوا عليه من النصوص .. ويمكن لم يريد ان يقرأ عن هذا الموضوع، الرجوع لكتاب "الشيعة"، الذي أصدره الاخوان الجمهوريون، في فبراير 1983م. ولكن الغرض من هذه المقدمة، هو أن نؤكد أن فكر الشيعة، يختلف تماماً، في مسائل أساسية، عن الفكر السني عموماً.. ولا يمكن أن تقوم علاقة تحالف، بين أي من فرق الشيعة وفرق السنة. وذلك لأن التحالف لو كان بغرض الدين الإسلامي، فإن الغاية لا تبرر الوسيلة في الإسلام، بمعنى ان الغاية الشريفة، مثل نشر الإسلام، لا يمكن التوسل إليها بوسيلة سيئة، مثل قبول مساعدة الفرق الضالة. أما ان كان غرض التحالف الدنيا، وليس الدين، فإن الإسلام يمنع المسلم ان يخالف في منشطه ومكرهه، شيئاً من أمر دينه، بغرض الكسب الدنيوي.
    والاخوان المسلمون، الذين يحكمون السودان الآن، يتحالفون تحالفاً تماماً مع ايران الشيعية، ويحاولون خداع دول الخليج والسعودية، ويتظاهرون لهم بأنهم يفضلون علاقتهم بهم، ويقطعون علاقتهم بايران !! من الذي قال هذا ؟! قالوه هم بأنفسهم في إجتماع سري، ارسلت وثيقته الى الباحث، الامريكي، المتخصص في الشؤون السودانية "أريك ريفز"، فقام بنشرها، وتمت ترجمتها الى اللغة الإنجليزية. وقد قامت صحيفة " حريات" بنشر الوثيقة كاملة، ومصورة عن الاصل، بتاريخ 1/4/2015م. وعنوان الوثيقة كالآتي (وقائع اجتماع اللجنة الأمنية والعسكرية المنعقد بكلية الدفاع الوطني يوم الأحد الموافق 5 ذو القعدة 1435 هجرية بتاريخ 31 أغسطس 2014م). ولقد ترأس ذلك الإجتماع، الفريق أول بكري حسن صالح، النائب الأول لرئيس الجمهورية. وحضره 14 شخصية أمنية وعسكرية وقيادية، في حكومة الاخوان المسلمين، التي يقودها حزب المؤتمر الوطني. ومن هذه الشخصيات: الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع-الفريق أول محمد عطا مدير جهاز الأمن والمخابرات –الفريق أول هاشم عثمان الحسن مدير عام قوات الشرطة-فريق أول هاشم عبد الله محمد رئيس هيئة الأركان المشتركة-بروفسير ابراهيم غندور نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني- د. مصطفى عثمان اسماعيل الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني.
    ونحن بطبيعة الحال، لن نتابع كل ما جاء في ذلك الإجتماع، عن تصعيد الحرب في جبال النوبة والنيل الأزرق، ومنع المعونات الإنسانية لهذه المناطق، وتجويع المواطنين في مناطق الحرب بتخريب المحاصيل الزراعية. والتدخل في حرب الجنوب، وتسليح القوة المعارضة الجنوبية، والعمل على شق الأحزاب المعارضة، وتقسيمها بغرس جواسيس داخلها، والضغط على السيد الصادق المهدي، عن طريق ابنائه، للعودة الى السودان، والتنسيق مع النظام. ولكننا سنركز عن ما جاء بخصوص ايران، وعلاقتهم بها. جاء في حديث د. مصطفى عثمان اسماعيل (...المصريين خائفين من الاخوان الموجودين في السودان وأنا قلت ليهم أوقفوا نشاط الحركات المسلحة والمعارضين ممكن نعمل تجاهكم وممكن نحجّم الاخوان .. والاخوة الخليجيين اشتكوا من انتشار المذهب الشيعي وتمدد ايران بالسودان... طبعاً في رأيي الشخصي علاقتنا مع ايران استراتيجية في مجالات الأمن والدفاع أما فتح مراكز ثقافية في أكثر من 200 مركز لنشر الدعوة الشيعية هذا ولّد العديد من المشاكل وسط المجموعات الاسلامية المتطرفة وخاصة نحنا عندنا تيارات سلفية تنتمي لجماعات في كل العالم. دايرين موازنة بين العلاقة مع دول الخليج وايران. ممكن ظاهرياً نتعامل مع الخليج والعمل الاستراتيجي مع ايران ويدار بسرية كاملة في نطاق محدود عبر الامن والاستخبارات وتسير الدبلوماسية كما هي ...أنا جيت جلست مع الرئيس واديته تقرير في كيف نطور علاقتنا مع دول الخليج دون المساس بجوهر تحالفنا مع ايران. وقلنا نتشاور مع القيادة الايرانية والرئيس قام بدوره وكلف كل بدوره وتوصلنا الى ايقاف الحسينيات دون المساس بالمستشارية الثقافية بالسفارة والبعثات وممكن نكسب دول الخليج ونكون قريب منهم ونعرف هم بفكروا كيف وهل جادين في دعمنا ولا دي مؤامرة دايرين يخسروا علاقتنا مع ايران ويكشفوا ظهرنا للعدو ... وايران لدينا معها اتفاقيات أمنية وسياسية ممكن ترفض تجربة التلويح لدول الخليج بعلاقات جديدة وخاصة السعودية خائفة من الوجود العسكري الايراني بالسودان اذا شعروا بأي خطوة ربما دفعوا الاستثمار وفتحوا البنوك السعودية لاعتماد البنوك السودانية والاقتصاد تضرر بعدم وجود ضمانات لتحويلات المغتربينوالمصدرين والموردين)(حريات 1/4/2015م). لقد جرى هذا الحديث، قبل مشاركة الحكومة السودانية مع دول الخليج، وبعض الدولة العربية، في ضرب الحوثيين في اليمن. ولكنه كان تنفيذاً لما تم الاتفاق عليه في ذلك الاجتماع العجيب. فقد قرر الاخوان المسلمون، باجماع تام، إن علاقتهم بايران الشيعية علاقة استراتيجية، لا يمكنهم التراجع عنها، أو التضحية بها، كما اكدوا أن علاقتهم بدول الخليج عارضة، ويمكن ان تقام على الخداع والتضليل، وإيهام دول الخليج أنهم معهم، والابقاء على علاقتهم مع ايران في سرية تامة كما اقترح د. مصطفى عثمان. وهذا إنما يدل- بالإضافة الى جهل الاخوان المسلمين-على غرورهم، وظنهم بانهم عباقرة، وقادرين على خداع السعودية ودول الخليج ومصر، وأن هذه الدول لا تملك مثل قدراتهم الأمنية الفائقة، لتكتشف ألاعيبهم .. وقال عبد القادر محمد زين منسق الخدمة الوطنية (الموازنة في علاقتنا بين ايران ودول مجلس التعاون مهمة لكن سؤالي ممكن السعودية تتراجع بعد ما صنفت الأخوان كمجموعات ارهابية وعلاقتنا بايران لديها ارتباط بالتنظيم الدولي للاخوان لا بد نشاور ايران وكل جماعاتنا الاسلامية خاصة وأن العلاقة مع المملكة غير مضمونة رغم معرفتهم بأننا نملك عنصر التهديد لحكمهم)(المصدر السابق). ومن أخطر ما جاء في ذلك الاجتماع ما قاله مدير الاستخبارات فريق صديق عمر (... بعلق على علاقتنا مع السعودية والامارات من جهة وايران من جهة ونحن باستطاعتنا نعرف كيف نضلل دول الخليج بإجراءات علنية وخاصة ديل وراهم امريكا واسرائيل وخايفين من علاقتنا مع ايران . نحنا مستفيدين من ايران اكبر تحالف في المنطقة في العمل الاستخباراتي والانتاج الحربي لأن علاقتنا متشابكة مع كل الحركات الاسلامية ونحن مدخل ايران لهذه الجماعات)(المصدر السابق). ولقد بدأوا فعلاً بتضليل دول الخليج بإجراءات علنية-كما ذكروا في اجتماعهم- فشاركوا معهم في ضرب الحوثيين في اليمن. ولولا أن الاخوان المسلمين غير موفقين، ومساقين من الله القدير الى نهايتهم، لما لجأوا لمحاولة التضليل هذه. لأن هذا التحالف قد يمتد، ويطالبهم بمواقف جديدة، ضد " داعش"، أو ضد ايران مباشرة، فينكشف أمرهم علناً، وهم الآن مكشوف سراً، ويتبع من كشفه للملأ، المواقف التي يحذرونها من السعودية، ودول الخليج، والتي اضطرتهم لهذا النفاق، الذي اضاع دينهم، ويوشك ان يضيع دنياهم. وكما أوضح الفريق صديق (علاقاتنا متشابكة مع كل الحركات الاسلامية ونحن مدخل ايران لهذه الجماعات) فإن نظام الاخوان المسلمين في السودان، هو الوسيط بين ايران، وبين الحركات الإسلامية المتطرفة .. وهو ذراع ايران، التي تصل الى هذه الحركات، وتمدها بالسلاح. ويبدو ان السعودية كانت تعلم أنهم يساعدون الحوثيين، فقد جاء في حديث فريق أول هاشم عبد الله رئيس هيئة الأركان المشتركة ( نحن عندنا مشكلة مع السعودية وهم اكتشفوا السلاح الذي أرسلناه عبر البحر الاحمر الى اليمن الى شيعة عبد الملك الحوثي ... مهما حصل علاقتنا مع ايران خط أحمر لولاهم لهزمت الإنقاذ )(المصدر السابق). ولعل سيادة الفريق، وهو يصرح بهذه المعلومات الخطيرة، لم يكن يتخيل ان حكومته ستقوم فجأة، بالمشاركة في الضربة الجوية على الحوثيين، وأن قائده ورئيسه سيقول بأن السودان مستعد أيضاً للمساهمة بقوات برية !! ولقد ظهر من حديث السيد الفريق، ان السبب الاساسي في حرصهم على علاقتهم بايران، هي أنها ساعدتهم في الاستمرار في الجلوس على الكراسي!! وهذا لعمري، ثمن بخس، في ميزان الإسلام الذي يدعونه. ولعل السعودية، ومصر، والدول العربية الأخرى، تستغرب كيف يمد الاخوان المسلمون الحوثيين بالسلاح، ثم يضربونهم دون ان يطرف لهم جفن؟؟ ولكننا نحن السودانيين، الذين خبرنا حكم الاخوان المسلمين، لا نستغرب ذلك، لأننا نعلم أنهم اثناء حربهم مع الجنوب، كانوا يعلنون انها جهاد في سبيل الله، وأنهم يقاتلون الجنوبيين لأنهم كفار، ويجمعون للحرب الشباب من الشوارع، ويملأون الاعلام ضجيجاً، ببرامج الحماس مثل " ساحات الفداء"، ثم هم أثناء تلك الحرب، يقتلون عناصر من تنظيمهم، من الشخصيات التي تعترض على بعض سياساتهم، فيضربون أحدهم من الخلف، ويقتلونه، ثم يعلنون أنه استشهد، وقد يسمون شارعاً باسمه !! وقبل أيام، سألت أحد القنوات التلفزونية، السيد الرئيس عمر البشير، عن محاولة نظام حكمه، اغتيال الرئيس السابق محمد حسني مبارك .. فنفى ذلك الأمر تماماً، ونسبه للأخوان المسلمين المصريين !! وربما صدّق المشاهدون المصريون هذا الأمر، ولكننا نحن السودانيين لا نصدق ذلك، لأننا حين اختلفوا سمعنا من د. الترابي، وهو ينتقد تلاميذه، بعد المفاصلة، بأنهم دبروا محاولة اغتيال حسني مبارك، بل قال ان الذين شاركوا في المحاولة الفاشلة، من عناصر تنظيمهم، قامت حكومة الاخوان المسلمين-خوفاً من تحقيقات الحكومة المصرية- بتصفيتهم جسدياً !!
    أما علاقتهم مع المجموعات المتطرفة في ليبيا، فقد أوضحها في الاجتماع، فريق مهندس عماد عدوي رئيس اركان العمليات المشتركة حين قال(... قواتنا المشتركة مع تشاد في أفضل الاحوال وليبيا حدودهم آمنة خاصة بعد انتصار حلفائنا بطرابلس قوات فجر ليبيا واوصلنا لهم السلاح والمعدات المتبرعة بها قطر وتركيا وكونّا غرفة مشتركة برئاسة عقيد لادارة التنسيق معهم في كيفية ادارة العمليات وتركيا وقطر مدونا بمعلومات لمصلحة الثوار بالاضافة لأجهزتنا حتى يسيطروا على كامل ليبيا)(المصدر السابق). أما فريق أول محمد عطا رئيس جهاز الأمن والمخابرات، فقد كان مشغولاً بأقناع قيادات الحكومة، بأن مظاهرات سبتمبر الماضية، التي قادها طلاب المدارس، وضربتهم اجهزة الأمن بالرصاص الحي، كانت مؤامرة من مصر والسعودية والامارات !! فقد قال (... أحداث سبتمبر كانت مؤامرة لعمل ربيع عربي في السودان بتخطيط وتمويل من المخابرات المصرية والسعودية والاماراتية لتغيير النظام لذلك واجهناها بقوة حتى لا تتكرر .. وكنا متابعين المحادثات التلفونية وكل الوسائط وتوصلنا الى اللاعبين الحقيقيين وتم القبض عليهم واعترفوا بتفاصيل المؤامرة ... ونحن لم نكشف حتى الآن ودايرين نبتزهم بهذا الملف .. وهم تكلموا مع علي كرتي: نحن ممكن ندعمكم وقفوا التعامل مع ايران وما تدوا الحوثيين سلاح وشيلوا منظومة الدفاع الجوي بنجيب ليكم واحدة مهما كلف ...أما موضوع التشييع الأمن الديني لديه كل شخص متشيع ومرصودة كلها لكن لم تصل مرحلة الخطر ... الشعب السوداني سني ويرفض التشيع وما كل السودانيين حركة اسلامية ... اتفقنا على ابعاد الدعوة من علاقتنا الأمنية والعسكرية وهم وافقوا ورفعوا الكلام الى قيادتهم)(المصدر السابق) هذا حديث رئيس جهاز الأمن والمخابرات، للقادة العسكرين والأمنيين، فهل رأى الناس كم حطت حكومة الأخوان المسلمين، من قدر السودان، بتوليه المناصب الرفيعة لهؤلاء السذج ؟! فهو يظن انه يمكن ان يبتز هذه الدول، لأنها تدخلت في شأن داخلي للسودان .. وهي حين تدخلت، حسب زعمه، لم ترسل جيوشاً أو سلاحاً، ولم تقتل أحداً، وإنما حرضت على الثورة الشعبية. ونظامه يتدخل بالسلاح في ليبيا، ويأوي الجماعات الارهابية المصرية المسلحة في السودان، ويرسل السلاح للحوثيين كما ذكر هؤلاء القادة، ويساعد داعش، ويتعاون في التسلح مع ايران، التي تتدخل في أمن دول الخليج، فمن الأحق بالاستحياء من موقفه، ومن الذي يمكن ان يبتز ؟! ثم أليس من الجهالة الجهلاء، ان يظن قادة الاخوان المسلمين، ان ايران الشيعية، يمكن ان تستمر في دعمهم، وهم يوقفون المد الشيعي في السودان، لأن الشعب السوداني سني ويرفض التشيع، ويظنون أنهم يمكن ان يقنعوا ايران بابعاد أمر الدعوة من علاقتهم الأمنية والعسكرية؟!
    أما اكبر من دافع عن علاقتهم بايران، وذكر تفاصيلها، فهو الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين، وزير الدفاع. ولعل سبب ذكره لكل هذه التفاصيل، سذاجته المعهودة، التي اصبحت محل تندر السودانيين، في مواقع التواصل الاجتماعي، فهو يتحدث وهو مطمئن، على ان ما يقول به، لن يخرج من حجرة الاجتماع، مع أن هذا لم يكن الاجتماع السري الأول الذي تسرب، واذيع، وترجم، ونشر داخلياً وخارجياً !! قال الفريق عبد الرحيم ( أبدأ من علاقتنا مع ايران علاقة استراتيجية وأبدية لا يمكن التفريط كل التطور في الصناعة العسكرية من ايران وفتحوا لنا ابواب ومخازن السلاح حين العرب وقفوا ضدنا وكنا نقاتل تمرد منتشر في الاتجاهات بما فيها التجمع الديمقراطي .. قدموا الخبراء ودربوا الكوادر في العمل الأمني والاستخبارات وتصنيع السلاح والتكنولوجيا الحديثة ومازالوا موجودين كتيبة الحرس الثوري وخبراء ويبنوا في قواعد تصنت وتجسس لحمايتنا ومنظومة دفاع جوي وبنوا قاعدة "كنانة" و "جبل أولياء" الجوية قبل شهر جابوا صواريخ وراجمات " كاتيوشا" عبر طيران مدني وأنزلناه ب" كنانة" وبعنا منها لقطر لمساعدة ثوار ليبيا بعدما تعرضوا لهجمات من الطيران المصري والأماراتي مما جعلهم ينتصروا)(المصدر السابق).
    إن ما يجب ان تعلمه الدول العربية، والدول الأفريقية الأقليمية، والمجتمع الدولي، هو أن المجموعة التي تحكم السودان الآن، ليست جماعة سنيّة، ولا هي جماعة شيعية، ولا هي جماعة إسلامية، أو أيدولوجية !! فقد بدأت كمجموعة براجماتية، من الأخوان المسلمين، تحت قيادة د. الترابي، كانت تطمح الى السلطة، وتأمل في دور اقليمي ودولي لمصلحة التنظيم الدولي للاخوان المسلمين. وحين قامت بالانقلاب، واستولت على السلطة في السودان، اختلفت على المكاسب المادية، وانقسمت، واطاحت بشيخها ومرشدها الديني، ثم تحولت الى مجموعة إنتهازية، منظمة كعصابة مافيا، لا تؤمن بأي دين، أو أخلاق، ولا تستحي من فعل أي شئ، فهي ليست حكومة تسترشد بمبادئ سياسية، أو لوائح قانونية، أو أعراف أخلاقية. وإنما عصابة من اللصوص والمفسدين، قامت باختطاف الدولة السودانية !! وهي الآن، تستغل كافة إمكانتها، لتخدم المصالح المادية الشخصية لأفراد العصابة، وبقاءهم في الحكم، على حساب اهدار ارواح البشر، وتدمير الدول، ودعم الهوس الديني السني والشيعي. ولئن استطاعت ان تحيد الدول العربية، أو تربك المجتمع الدولي، بمواقفها المتناقضة، الى حين، فلم يساعدوا السودانيين على الاطاحة بها، فإن قدر الشعب السوداني ان يضحي وحده، ويطيح بهم وحده، ويرجع السودان المختطف، الى سابق عهده بين الشعوب.

    نشر في سودانايل اليوم 9 ابريل 2015
    بقلم د. عمر القراي
                  

04-19-2015, 09:22 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    الذكري ال 30 لانتفاضة مارس- ابريل 1985م بقلم: تاج السر عثمان
    التفاصيل C نشر بتاريخ: 20 آذار/مارس 2015





    Twitter









    تهل علينا الذكري ال 30 لانتفاضة مارس- ابريل 1985م، في ظروف تعيش البلاد الاوضاع نفسها، وبشكل اعمق واوسع، التي فجرت الانتفاضة..
    وشأنها شأن التجارب الثورية التي خاضها شعب السودان فان انتفاضة مارس- ابريل 1985 تستحق الدراسة والتأمل واستخلاص دروسها، خاصة وأنه تبرز اصوات حاليا من الاسلامويين لها دوافعها المعروفة، تقلل منها ، وتطمس معالمها بوصفها أنها كانت انفجارا عابرا بسبب مظاهرات قام بها الطلاب الاسلاميون وحدهم ،أي ليست انفجارا لتراكم نضالي طويل خاضته كل القوي السياسية والاجتماعية التي كانت تصارع ضد حكم الفرد الديكتاتوري الشمولي.
    *طبيعة نظام النميري:
    منذ قيام انقلاب 25 مايو 1969م، الذي بدأ بشعارات يسارية وانتهي باسلامية، تمت مصادرة الحريات والحقوق الديمقراطية كما وضح من الأوامر الجمهورية الأولي، وبعد ردة 22 يوليو 1971م، فرض نظام الحزب الواحد (الاتحاد الاشتراكي السوداني)، بعد حل كل الأحزاب السياسية، وقام نظام شمولي اصبحت فيه كل مجالس الشعب ولجان تطوير القري والنقابات والاتحادات تابعة للسلطة، واقامة انتخابات مزوّرة مثل: استفتاءات رئاسة الجمهورية التي كان يفوز فيها النميري بنسبة 98%!!!، اضافة لتنظيمات الشباب والنساء والسلام والصداقة مع الشعوب التي اصبحت بدورها أقمار تابعة للسلطة، بعد حل المنظمات الديمقراطية. وتم حماية هذا النظام ببناء اضخم جهاز أمن علي احدث الأسس في وسط وشرق افريقيا، اضافة الي ترسانة من القوانين المقيدة للحريات مثل: الأوامر الجمهورية، قانون أمن الدولة، قانون ممارسة الحقوق السياسية 1974م، تعديلات الدستور في 1975م، قوانين سبتمبر 1983م..الخ. ولكن رغم تلك الترسانة من القوانين المقيدة للحريات وضراوة وقهر جهاز الأمن ، والآلة الدعائية الضخمة التي كانت تعني "بغسيل المخ"، وتصور أن تاريخ السودان يبدأ ب 25 مايو 1969م، و كانت تركز علي استحالة تكرار تجربة الاضراب السياسي العام في اكتوبر 1964م ، وانه لايوجد بديل غير نظام مايو، وأن الأحزاب انتهت، وأنه اذا ذهب النظام فسوف تعود الطائفية وتعاني البلاد من الفرقة والتمزق، والهجوم المتواصل علي الاحزاب، وهي النغمة نفسها التي نسمعها الآن تحت ظل نظام الانقاذ.
    * تصاعد المقاومة لنظام النميري:
    لم تكن انتفاضة مارس- ابريل 1985م حدثا عفويا عابرا ، وانما كانت نتاجا لتراكم المقاومة المتواصلة العسكرية والجماهيرية ، فمنذ قيام انقلاب 25 مايو 1969م الذي صادر الحقوق والحريات الديمقراطية واجه النظام علي سبيل المثال لا الحصر أشكال المقاومة الآتية:
    - مقاومة الانصار في الجزيرة ابا والتي قمعها النظام عسكريا بوحشية ودموية، عبرت عن هلع وضعف الديكتاتورية العسكرية.
    - انقلاب 19 يوليو 1971م الذي اطاح بحكم الفرد ، وبعد الفشل ، اعدم النظام قادة 19 يوليو العسكريين: الرائد هاشم العطا و المقدم بابكر النور والرائد فاروق عثمان حمدالله وغيرهم من العسكريين البواسل ، وقادة الحزب الشيوعي: عبد الخالق محجوب والشفيع احمد الشيخ وجوزيف قرنق، واعتقال وتشريد الالاف من الشيوعيين والديمقراطيين بعد يوليو 1971م.
    - وبعد ردة يوليو 1971م، تواصلت المقاومة الجماهيرية، وكانت مظاهرات واعتصامات طلاب المدارس الصناعية عام 1972، والمظاهرات ضد زيادات السكر في مايو 1973م ، والتي اجبرت النظام علي التراجع عنها، كما انفجرت انتفاضة اغسطس 1973م والتي قادها اتحاد طلاب جامعة الخرطوم وبعض النقابات. وفي العام 1974م كانت هناك مظاهرات طلاب كلية الطب في الاحتفال باليوبيل الفضي ضد السفاح نميري، واعتصام طلاب جامعة الخرطوم في ديسمبر 1973م، من اجل عودة الاتحاد الذي تم حله، واطلاق سراح المعتقلين وحرية النشاط السياسي والفكري في الجامعة، والمظاهرات التي اندلعت ضد الزيادات في السكر والاسعار، واضرابات ومظاهرات طلاب المدارس الثانوية في العاصمة والاقاليم عام 1974م من اجل انتزاع اتحاداتهم وضد اللوائح المدرسية التي تصادر حقهم في النشاط السياسي والفكري المستقل عن السلطة والادارات المدرسية حتي نجحوا في انتزاع اتحاداتهم.
    وفي دورة اللجنة المركزية في يناير 1974م، طرح الحزب الشيوعي السوداني شعار الاضراب السياسي العام والانتفاضة الشعبية كاداة للاطاحة بالسلطة
    - وفي سبتمبر 1975م، وقعت المحاولة الانقلابية التي قام بها المقدم حسن حسين، وتم اغلاق جامعة الخرطوم، وتقديم قادة الانقلاب لمحاكمات واعدامهم في "وادي الحمار" بالقرب من مدينة عطبرة.
    - وفي يوليو 1976م، كانت المقاومة المسلحة من الخارج التي نظمتها الجبهة الوطنية( الامة، الاتحادي، الأخوان المسلمين)، وبعد فشل المحاولة تم اعدام قادتها العسكريين( العميد محمد نور سعد)، وتم التنكيل بالمعتقلين بوحشية، وتم وصف سودانيين معارضين( بالمرتزقة)!!!.
    - وفي اغسطس 1977م، تمت المصالحة الوطنية والتي شارك بموجبها في السلطة التنفيذية والتشريعية أحزاب الأمة( الصادق المهدي) والاتحادي( محمد عثمان الميرغني) والاخوان المسلمين( مجموعة د. حسن الترابي)، ورفضت احزاب الشيوعي والاتحادي( مجموعة الشريف الهندي) و البعث..الخ، المشاركة في السلطة، وتحت هيمنة نظام الحزب الواحد و"اجندة" نميري، وحكم الفرد الشمولي، والذي كان يهدف من المصالحة لشق صفوف المعارضة واطالة عمره والتقاط انفاسه التي انهكتها ضربات المعارضة المتواصلة.
    - وبعد المصالحة الوطنية تجاوزت الحركة الجماهيرية الاحزاب اليمينية التي شاركت في السلطة رغم تململ كوادرها الوسيطة وقواعدها ورفضها لذلك، وكانت اضرابات المعلمين والفنيين وعمال السكة الحديد، وانتفاضات المدن( الفاشر، سنجة، سنار، الابيض..الخ)، وانتفاضات الطلاب، واضرابات الاطباء والمهندسين والقضاء، والمزارعين، ومعارك المحامين من أجل الحقوق والحريات الديمقراطية، وندواتهم المتواصلة التي كانت في دار نقابة المحامين ضد القوانين المقيدة للحريات.
    - وفي مايو 1983م وبعد خرق السفاح نميري لاتفاقية اديس ابابا بعد قرار تقسيم الجنوب، انفجر التمرد مرة اخري بقيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان، وزادت النيران اشتعالا بعد اعلان قوانين سبتمبر 1983م، والتي كان الهدف منها وقف مقاومة المعارضة الجماهيرية المتزايدة، ولكن المقاومة زادت تصاعدا بعد تطبيق تلك القوانين في ظروف ضربت فيها المجاعة البلاد وتفاقم الفقر والبؤس والزيادات المتوالية في الاسعار وشح المواد البترولية، اضافة لفقدان البلاد لسيادتها الوطنية بعد اشتراك السودان في مناورات قوات النجم الصاعد ، وترحيل الفلاشا الي اسرائيل، وديون السودان الخارجية التي بلغت 9 مليار دولار، وتفاقم الفساد الذي كان يزكم الانوف، وتدهور مؤسسات السكة الحديد والنقل النهري ومشروع الجزيرة والتدهور المستمر في قيمة الجنية السوداني. وتواصلت المقاومة ضد قوانين سبتمبر ، وتم الاستنكار الجماهيري الواسع لاعدام الشهيد الاستاذ محمود محمد طه في 18 يناير 1985م. وبعد ذلك بدأت المقاومة تأخذ اشكالا اكثر اتساعا وتنظيما وتوحدا، وتم تكوين التجمع النقابي وتجمع القوي السياسية الذي قاد انتفاضة مارس – ابريل 1985م، بعد الزيادات في الاسعار التي اعلنها النظام في اول مارس 1985م، وتواصلت المظاهرات ضد الزيادات في بعض المدن مثل: عطبرة من اول مارس وحتي 6 ابريل، عندما أعلن التجمع النقابي الاضراب السياسي العام والعصيان المدني الذي اوقف الانتاج وشل جهاز الدولة وأخيرا انحياز المجلس العسكري والذي اعلن الاطاحة بالنظام.
    وكان من عوامل ضعف الحركة السياسية والجماهيرية هو تشتتها ، ولم تتوحد الا في ابريل 1985م، أي في اللحظات الأخيرة لنهاية نظام مايو في ميثاق التجمع الوطني لانقاذ الوطن.
    * دروس الانتفاضة:
    من السرد اعلاه يتضح عمق وشمول المقاومة الجماهيرية والعسكرية للنظام التي كانت تتراكم يوميا حتي لحظة الانفجار الشامل ضد النظام، وان مظاهرات طلاب الجامعة الاسلامية الأخيرة كانت الشرارة التي فجرت الغضب المكنون ضد النظام، فقبل مظاهرة طلاب الجامعة الاسلامية قامت مظاهرات وانتفاضات جماهيرية كالتي أشرنا لها سابقا، فلماذا لم تقم الانتفاضة الشاملة ضد النظام؟
    وتوضح تجربة الثورة المهدية وثورة اكتوبر 1964م في السودان أن الانتفاضة تقوم عندما تتوفر ظروفها الموضوعية والذاتية والتي تتلخص في :
    - الأزمة العميقة التي تشمل المجتمع باسره، ووصول الجماهير لحالة من السخط بحيث لا تطيق العيش تحت ظل النظام القديم.
    - الأزمة العميقة التي تشمل الطبقة أو الفئة الحاكمة والتي تؤدي الي الانقسام والصراع في صفوفها حول طريقة الخروج من الأزمة، وتشل اجهزة القمع عن اداء وظائفها في القهر، وأجهزة التضليل الايديولوجي للجماهير.
    - وأخيرا وجود القيادة الثورية التي تلهم الجماهير وتقودها حتي النصر.
    وتلك كانت من أهم دروس انتفاضة مارس- ابريل 1985م، كما اكدت التجربة ضرورة مواصلة الانتفاضة حتي تحقيق اهدافها النهائية، بحيث لايصبح التغيير فوقيا، ولكن يجب أن يشمل كل رموز النظام القديم الفاسدة وقوانينه المقيدة للحريات، حتي لاتنتكس الانتفاضة.
    mailto:[email protected]@yahoo.co.uk
    //////////
                  

04-19-2015, 09:24 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    غايتان شريفتان: الإسلام والسودان .. بقلم: حسين التهامى
    التفاصيل C نشر بتاريخ: 21 آذار/مارس 2015





    Twitter







    ما من شك اننا بلد عظيم ونحن شعب عظيم ولا يهم ان كان الانسان الاول قد اكتشفت اثاره هنا فى سنجة او ان بلادنا كانت دار الهجرة او ان أصل اللغة العربية بل ان بعض الأنبياء من هذا البلد على قدر أهمية ذلك - هل يفسر ذلك إحساسنا الغامض بأننا لا نشبه الآخرين بغير ما تعال واننا ناخذ من مكارم الأخلاق كل مأخذ !؟- الا اننا اليوم والآن ناخذ برقاب بَعضُنَا البعض ولا نكاد نطيق بَعضُنَا مع اننا بضع من بعض. نعيش على هامش الحياة ونطفو على سطحها كاننا شيئا من الأشياء .
    وبالحق فان منطقتنا والتى كانت تمتد من ساحل بحر القلزم شرقا -او الاحمر كما يعرف الان - وحتى ساحل الاطلسى غربا ظلت على الدوام مسرحا للحرب والقتل والنزاع المتصل لا تكاد تحلم بالسلام والذى صار استثناء بكل المقاييس . ونتذكر رجلا مثل صموائيل هينتغتون صاحب نظرية صراع الحضارات بمقولته عن الصدام الحضاري القادم بين الغرب والإسلام ، واخرا هو فوكاياما صاحب نظرية نهاية التاريخ والتي وصلت إلى خلاصة مفادها ان الحضارة الغربية قد انتصرت على غيرها وهي الحضارة الوحيدة الباقية .ويرى فوكوياما ان الحضارة الغربية الليبرالية لا تتفوق على ماسواها من النظم الفاشية أوالشيوعية فحسب : بل انها تتفوق - كذلك - على الدين بصفة عامة ، لأن العقيدة الدينية - فيما يرى - من معوقات الديمقراطية غالباً ، ولهذا فانه كان على المسيحية ان تلغي ذاتها بعلمنه أهدافها قبل ان تتمكن الليبراليه من الظهور .وإذا كانت الحضارة الغربية الليبرالية ترفض الدين بصفة عامة لانه من وجهة نظرها مضاد للديمقراطية ، ولأنه أقل عقلانية بل ويرى ان كل عقيدة دينية هي لا عقلانية أساساً تنتهي أخيراً إلى ترك مكانها إلى روح الغزو العقلية التي شكلت الرأسمالية الحديثة .ويرى هنتجتون صاحب نظرية صراع الحضارات بأن العلاقات بين الحضارات في عالم مابعد الحرب الباردة لن تكون عــلاقات وثيقة بل ستكــون في الغالب عدائيـة.ويتجلى التحدى الإسلامي في اليقظة الثقافية والاجتماعية والسياسية العامة للإسلام، وما يصاحب ذلك من رفض لقيم الغرب ومؤسساته الاجتماعية ، مع شعور بتفوق ثقافته على ثقافة الغرب وحضارته . و هو يتوقع ان يتزايد الصراع ويشتد بين مصالحهما وقيمهما ومصالح الغرب وقيمه .والإسلام اذن هو أحد حضارات التحدى للغرب بل انه منافس كوني له. ويحدد هنتجتون موقفه من المسألة بصورة قاطعة وواضحة في رؤيته لمستقبل العلاقة بين الإسلام والغرب ويرى انه طالما ظل الإسلام هو الإسلام وهذا أمر مؤكد وطالما ظل الغرب هو الغرب -وهذا في رأيه ليس مؤكداً -فان الصراع الأساسي بين الحضارتين الكبيرتين ،وأساليب كل منهما في الحياة سوف يستمر في تحديد علاقتهما في المستقبل ، كما حــددها على مدى الأربعة عشر قرناً السابقة .واذا فالأصولية الاسلامية - على خطلها وخطرها- ليست هى الهدف المقصود بل الاسلام ذات نفسه.وشدة الصراع فى بلادنا على وجه الخصوص إنما جاءت لوقوعنا فى طرف الحد الفاصل بين الكتلتين فى هذه المنطقة تاريخيا وحاضرا اى الان.
    وإذ نجابه العولمة حيث كل شيء وكل فرد وجب ان يعرض فى السوق - كما لاحظ المفكر المغربى المهدى المنجرة - والحال هى هذه كيف يمكن لنا ان نحفظ أنفسنا من ما ينتظرنا من تشظى بل وتلاشى أكيد؟ الإجابة هى ان ننذر أنفسنا لغايتين شريفتين : الاسلام والسودان . وهى ليست من عندى بل صاحبها هو الاستاذ محمود محمد طه وقد اصاب.
    بلادنا مقبلة على تحولات عميقة شديدة الغور وقد بدت نذر انطواء مرحلة طالت عقودا من الزمان ولا علاقة لهذا بالانتخابات المزعومة المقبلة بل مجمل مسيرة حياتنا المستأنفة . وإذ نختار ان لا نكون طرفا فى معادلة التغيير فإننا حتما ضده. وتاريخ الانسانية تصاعدى وتقدمى بمعنى المضى الى الامام وليس رجوع القهقرى.
    أطلقوا سراح اتحاد الكتاب السودانيين ومؤسسات المجتمع المدنى وأطلقوا سراح السجناء السياسيين ليتجدد الهواء فى سوح البلاد وأفئدة العباد حتى لا يختنق الجميع !

    حسين التهامى
    كويكرتاون ، الولايات المتحدة الامريكية

    mailto:[email protected]@yahoo.com
                  

04-19-2015, 09:25 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    انتفاضة مارس/ابريل ... والفـُرص الضائعة .. بقلم: صلاح الباشا
    التفاصيل C نشر بتاريخ: 25 آذار/مارس 2015





    Twitter







    • تمر علينا هذه الأيام ذكري إنتفاضة الشعب السوداني للمرة الثانية خلال ربع قرن فقط من الزمان والتي إنطلقت شرارتها بتاريخ 26 مارس ونجحت تماما بتاريخ 6 أبريل 1985م ، وقد كانت الإنتفاضة الشعبية الأولي بالسودان بتاريخ 21 اكتوبر 1964م ضد نظام الرئيس الفريق ابراهيم عبود ، حيث كان الرئيس الراحل المشير جعفر محمد نميري قد أعلن وقتها زيادة في سعر رغيف الخبر من خمسة عشر قرشا إلي سعر عشرين قرشاً ، ثم غادر البلاد في ذات الصباح مغادرأ مستشفياً إلي العاصمة الأمريكية واشنطن ، والتي حين وصلها كانت جماهير الطلاب من معهد الكليات التكنولوجية ( جامعة السودان حاليا ) والجامعة الإسلامية بام درمان ، ثم جامعة الخرطوم ، قد سدت بمظاهراتها منافذ وسط الخرطوم وأم درمان .
    • لقد سبق للرئيس الاسبق جعفر النميري قبل مغادرته في رحلة إستشفاء إلي الولايات المتحدة ، أن قام بإنقلابه المدني في 15 مارس 1985م ضد حلفائه من قيادات الحركة الإسلامية حيث كان قد إعتقل قيادات الحركة وأدخلهم السجون عن طريق الفجاءة التي اشتهر بها الرئيس نميري دائماً ، وذلك عقب زيارة نائب الرئيس الامريكي للخرطوم ، وقد كان وقتها هو ( جورج بوش الأب ) في زمان الرئيس الاسبق ( رونالد ريجان ). وقد تسرب وقتها أن جورج بوش قد أوعز للنميري بأهمية إبعاد الإسلاميين عن الحكم .
    • هذا التصرف جعل جماهير الحركة الاسلامية وكفاءاتهم المهنية في عدة مرافق خدمية كالصحة والكهرباء وخلافها وهم كثر أيضا وسط طلاب الجامعات أن ( يطنشوا ) ويتوقفوا تلقائيا عن مساندة نظام النميري ضد تلك التظاهرات الطلابية حيث كانت قيادات الحركة الاسلامية تشاركه الحكم في جميع مؤسسات الدولة والبرلمان وفي الحزب الحاكم وقتذاك وهو ( الإتحاد الإشتراكي ) منذ المصالحة الوطنية التي تمت مع الاحزاب المعارضة في العام 1977م . وتلك الجزئية الخاصة بإعتقال حلفائه الإسلاميين لم يعمل الرئيس نميري حسابا لها ولا مستشاريه أيضا يدركون حجم نتائجها ، وذلك بسبب ان النظام ليس له سند في اوساط طلاب الجامعات غير الحركة الاسلامية التي تم ضربها عن طريق الفجاءة كما قلنا .
    • كما ان هناك عامل آخر كان قد ساعد في تمدد الغضب الشعبي والاقليمي والدولي ضد الرئيس جعفر النميري ونظامه ، ألا وهو تنفيذه لحكم الإعدام شنقاً للشيخ الجليل الأستاذ المفكر ( محمود محمد طه ) والبالغ من العمر ست وسبعين عاماً بتهمة الردة ، وهو رئيس الحزب الجمهوري في شهر يناير 1985م ، بسبب أنه قد نشر منشورا ينتقد فيه قوانين الشريعة ومحاكم الطواريء ، بما عرفت ( بقوانين سبتمبر 1983م ) ، حيث تم تحويل موضوع التهمة من توزيع منشور سياسي إلي تهمة الردة ، وهي ذات التهمة التي سبق أن تم تبرأته منها قضائياً في العام 1968م ببورتسودان .
    • كل تلك التراكمات والتي وصل سيلها الذبي بقرار زيادة سعر رغيف الخبز قد ساعد كثيرا في نجاح الإنتفاضة الشعبية .. ولكن كان من اهم عوامل نجاحها ومنذ الاسبوع الأول لها هو التحرك النقابي القوي الذي تكون سريعا وأطلق علي نفسه ( التجمع النقابي ) والذي تشكل سريعا من ثلاثة نقابات كانت تمتلك الجرأة والشجاعة والحس الوطني المتقدم وهي نقابات ( المهندسين – البنوك – مؤسسة التامينات الإجتماعية ) فخرجت بتظاهراتها من موقع العمل الي الشارع في اليوم التالي لخروج الطلاب ، وقد إتخذت من دار المهندس بالعمارات مقرا لها لوضع خطط تحريك الشارع وإنجاح ما يسمي بالعصيان المدني وهو الإضراب عن العمل.
    • إزداد فتيل الإنتفاضة إشتعالا بإنتقال العمل الجماهيري المنظم الي دار الأساتذة بجامعة الخرطوم حين إنحاز اساتذة الجامعة بكامل هيئتهم النقابية إلي التجمع النقابي... فنجح الإضراب وتوقف العمل في كل قطاعات الدولة بالعاصمة والأقاليم ثم تبعه ايضا القطاع الخاص ... وبعدها بأيام إنضمت الاحزاب الوطنية إلي التجمع حيث وقع الراحل الدكتور عمر نور الدائم ممثلا عن حزب الامة في ميثاق الانتفاضة ، كما وقع الاستاذ سيد احمد الحسين المحامي عن الاتحاي الديمقراطي .
    • ومن الطرائف التي يجب أن نذكرها هنا ، أن الحزب الحاكم وهو الإتحاد الإشتراكي ( العملاق ) كما كان يصفه الرئيس جعفر نميري والذي يقولون بأنه كان يضم عشرة ملايين عضو ، قد أذاع لجماهيره الخروج إلي ميدان ابوجنزير في وسط الخرطوم يوم الاربعاء الثالث من ابريل وقد أطلقوا علي الحشد المتوقع كلمة ( موكب الردع ) ، فجاءت المفاجأة أن العشرة ملايين عضو قد إختفوا ، فخرج منهم الفي شخص فقط ، معظمهم من أفراد قوات الشرطة ورجال الامن ، ما أدي بالقوات المسلحة إلي أن تبدأ في إخراج همهماتها المكبوتة ، تمهيدا لإنحيازها بواسطة قيادات وحداتها إلي إنتفاضة الشعب ، ببيان المشير عبدالرحمن سوار الدهب في صبيحة يوم السبت الموافق 6 ابريل 1985م ، معلنا إعفاء الرئيس نميري ونوابه وحل مجلس الوزراء ومجلس الشعب ، وتكوين مجلس عسكري إنتقالي عالي لفترة إنتقالية محدودة .
    • ويبقي السؤال التاريخي قائماً وهو : لماذا وكيف أُجهضت تلك الإنتفاضة الثانية سريعاً ولم تحقق أهدافها المتمثلة في الحريات وتمدد الديمقراطية ورسوخها في السودان ؟؟؟؟
    mailto:[email protected]@gmail.com
                  

04-19-2015, 09:29 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    حوار نادر لم ير النور من قبل (الأخيرة) .. وردي لحسن الجزولي
    التفاصيل C نشر بتاريخ: 26 آذار/مارس 2015





    Twitter







    _________________
    * وردي لحسن الجزولي
    * أغنية يا حارسنا ويا فارسنا هي الفرمالة التي يدينوني بها!.
    * نحنحة رجل يتوضأ الهمتني لحن أغنية (من غير ميعاد)!.
    * محمد ميرغني طلع منها زي الشعرة من العجين!.
    * أخطط لأن أغني على مسرح وحولي (100) طفل!.
    يشكل هذا الحوار آخر الأحاديث الصحفية مع الفنان الراحل محمد وردي، ولم يكن التخطيط لذلك عن عمد بالطبع، لو لا الظروف التي فرضت نفسها وحولت هذه الحوار ليكون كذلك. ففي إحدى أمسيات أواخر نوفمبر 2011 أجريت هذا الحوار مع الفنان والصديق الراحل محمد وردي في منزله بحي المعمورة بالخرطوم. في اليوم التالي وأنا بمنزله أنجزت التحرير وأودعته نسخة للمراجعة الأخيرة على أن أعود اليه مساء اليوم التالي لاستلام المسودة بعد المراجعة النهائية والاتفاق على كيفية نشر الحوار. الشاهد إني لم أعد اليه حسب ما هو متفق لأسباب خارجة عن الارادة، وحدث أن غادرت البلاد بعدها بقليل على أمل العودة سريعاً، وتشاء الظروف أن أمكث بالخارج لفترة طالت جرت فيها مياه كثيرة تحت الجسور، وكان من بينها ذاك الرحيل المر لمطربنا العزيز!. لحظتها انتبهت إلى أني قد أضعت الحوار المسجل نسبة لخطأ تقني مع المسجلة الرقمية التي كنت قد استخدمتها لأول مرة في ذلك الحوار، ولم يتبق لي سوى "الراف كوبي" والذي قمت بتفريغه على جهاز حاسوبي مباشرة، لأكتشف لاحقاً أيضاً أن الجهاز ضربه فايرس أدى لتعطيله بالكامل ولم يتسن لي إخراج مادة الحوار إلا بصعوبة بالغة ساعدتني فيها زوجة أحد الأصدقاء الأجانب والتي تحذق التعامل مع مثل هذه الأجهزة. وهكذا أمكن لي استعادة الحوار كاملاً. بعد أن طرقت عدة أبواب بحثاً عن أي إمكانية للحصول على نسخة من الحوار، بما فيها مقتنيات الراحل محمد بمنزله وبواسطة أبناءه، وكان كثير ممن استشرتهم أشاروا علي بإمكانية تذكر أهم محاور الحوار الصحفي وتلخيصه في شكل مقال إلا أن الفكرة لم تروقني، فبدأت في محاولة لجمع أشتات الأسئلة والاجابات، حيث بدأت بالأستاذ الشاعر محمد المكي إبراهيم الذي ساعدني لنحو ما وكذلك لجوئي للذاكرة ولآخرين، إلا أن الفكرة لم تكن مكتملة أو مقنعة بالنسبة لي، وهكذا كان علي الانتظار ودوامات الأسف الممض تحتويني حتى قيض الله لي زوجة الصديق الاسباني لتنجدني، وهكذا حصلت مرة أخرى على الحوار النادر!.
    حوار: حسن الجزولي
    * طيب دي مناسبة بترجعني لإستفساري السابق حول إنك غنيت للحكم العسكري الأول، الحكاية دي كانت كيف؟.
    + كانت كده! ،، ما هو شوف ،، الانسان بيتدرج في مفاهيمو، وأي زول بتمر بيهو مرحلة بكون فيها غشيم من ناحية الوعي، أنا لمن غنيت "في سبعتاشر هبً الشعب طرد جلادو" ومش عارف إيه، وهي أصلاً كلماتا زاتا كانت ركيكة، وده بوريك إنو أنا كنت مبتدئ، حتى في مفاهيمي نفسها، والكلام ده أنا كررتو في أكتر من مناسبة، كنت يا دوبي واصل من القرية وأنا مش إبن العاصمة بمفاهيم الحداثة، وإبن القرية لمن يواجه حدث زي انقلاب عبود سنة 1958، طبيعي ينفعل بالحاصل، ده كنت أنا، وكنت في فورة موقف معادي للأحزاب، في الفترة ديك، وكان وعيي مغبش وفهمي متدني للأشياء، طبيعي أغني للانقلابيين!.
    * يعني برأيك أي مطرب يقدم أغنيات لأي إنقلابي يعتبر متدني في مفاهيمه؟!.
    + قطعاً نعم ، أنا قلت متدني في وعيه بضرورة ما يفيده ويفيد الناس، وكل تجارب المطربين اللي غنوا للديكتاتوريات كانت فاشلة وما أثمرت ولا بقيت في ذاكرة الناس، لأنو ما قدموهو قطعاً كان مسخ وكان فيهو عدم صدق مع النفس لا أكتر ولا أقل!. وممكن تطرح سؤال لنفسك، البخلي الأغنيات اللي بتمجد للديكتاتوريات تندثر وتمشي، في حين تبقى أناشيد الشعب الوطنية وتردد في كل مناسبة وجيل شنو؟!.
    * الصدق بالطبع، ويبقى ما ينفع الناس!.
    + ويذهب الزبد ،، وده نفس ما أشرت ليهو وقصدتو، نعم ،، وبتذكر في فترة نظام مايو الأولى دكتور محي الدين صابر كوزير للتربية والتعليم طلب أن نلتقيه محجوب شريف وأنا بمكتبه بالوزارة، فلمن مشينا نقل قرار تفريغ وزارة التربية لينا كمعلمين علشان ننجز تقديم نشيد يمجد مايو في مناسبة الاحتفال بعيدها الأول، بحيث يكتب محجوب الكلمات وأقوم أنا بتلحينها وآدائها، وأذكر تماماً أن الغضب قد تملكنا ورفضنا هذا الأمر وأوضحنا للوزير أنه لا توجد قوة على الأرض تستطيع أن تجبرنا على الابداع بواسطة قرار من السلطة التنفيذية!.
    * قلتو ليهو الكلام ده بالمباشرة دي؟!.
    + بالمباشرة دي ، أيوة!.
    * و رد فعلو كان شنو؟!.
    + ولا حاجة، ما حصل شئ وما كان ممكن طبعاً يبجبرنا على الموضوع ده، والحصل إنو الأحداث نفسها تسارعت، وحدث الصدام الشهير مع مايو فتم تصنيفنا ضمن أعداء "ثورة مايو العظيمة"!.
    * وطبعاً إنت ومحجوب شريف كان عندكم لمايو النشيد الأشهر " حارسنا وفارسنا" وكررت نفس ما وقعت فيهو في غناك لانقلاب عبود!.
    + طبعاً دي "الفرمالة " اللي بدينونا بيها، بعدين ما طرحه نظام مايو من شعارات كان يختلف عن نظام عبود، أيوة معاك إنو تكشفت أبعاد شعاراتو الجوفاء بعد فترة بسيطة من انقلاب مايو، لكين على العموم برضو إبتهاجنا الفني بيهو مدان، محجوب إنتقد أكثر من مرة وعلناً تقديم النشيد وقال عنو " مايو لا حارسنا ولا فارسنا ولا هو الخلاص" وأنا برضو اعتذرت عنو في مناسبات متعددة.
    * الفنان محمد ميرغني برضو شارك معاك في الآداء لحارسنا وفارسنا!.
    + الغريبة إنو بالرغم من إشتراك محمد ميرغني معاي في آداء النشيد، إلا إنو راس السوط واصلني أنا براي، خلافاً لصاحبي محمد ميرغني اللي طلع منها زي الشعرة من العجينة!.
    * وبالمناسبة المعلومة دي في ناس كتيرين ما عارفنها، مش عارفين إنو الفنان محمد ميرغني تحديداً هو من شارك معاك في آداء نشيد "حارسنا وفارسنا"!.
    + أيوة لأنو الآداء فعلاً كان فيهو تطابق في درجة ومستويات التنفيذ، فتجانست فنياً أصواتنا ومحمد ميرغني من الفنانين المقتدرين في نوع آداء زي ده!.
    * طيب خلينا نتناول الحان أناشيدك، هل كلها قمت بتلحينها إلى جانب الآداء؟!.
    + تقدر تقول أغلبها، خاصة اللي إتقدمت في السنوات من فترة نهاية الستينات أو بداية السبعينات وإنت نازل!.
    * بمعنى أصبحت عندك خبرات وتجارب ومقدرات في التلحين؟
    + ما في شك، وده البخلي كتير من القصائد ما بتاخد معاي فترة طويلة.
    * هل عندك قصائد قعدت فيها كتير بحثاً عن لحن مناسب ليها؟.
    + والله أحياناً بتقعد القصيدة لحدي شئ ما يحرك فيني اللحن جواي!.
    * كيف يعني؟!.
    + ما أنا قبيل أشرت ليك لتجربتي في تلحين نشيد أصبح الصبح، وبرضو بتزكر نص محجوب شريف الجديد وقتها "حنبنيهو"، وأنا بمصر، ظللت أقرأ النص دون الدخول في مرحلة التخطيط لبناء اللحن، لحدي ما انفجر في داخلي ما حرك ملامح اللحن، والمحرك هو عند سماعي لنبأ إعدام النميري للشهيد محمود محمد طه، وفي مساء نفس اليوم الحزين ده، كان لحن نشيد "حنبنيهو" جاهز!.
    * أيوا وبتزكر أنا اللي أحضرت ليك نص " حنبنيهو" من محجوب عند قدومي للقاهرة لو بتتزكر.
    + أيوا ، وأفتكر جبت معاهو برضو نص آخر لمحجوب نفسو!.
    * ده كان " يا شعباً تساما " فعلاً ديل النصين النقلتهم ليك في مصر.
    + الغريبة اللحن بتاع نشيد "يا شعباًت تساما" ما أخد معاي أكتر من يومين!. وأفتكر المحرك الأساسي كان ما بدأنا نسمعه ونحنا في مصر من تحليلات عن إرهاصات بقدوم هبة جماهيرية ضد النميري ونظامه قريباً، وده فعلاً الحصل بعد فترة وجيزة.
    * المهم نفهم من حديثك، إنك بتكون في انتظار حدث ما، بكون هو بمثابة المحرك الأساسي لمفاتيح النوتة الموسيقية عند محمد وردي إن جاز التعبير؟!.
    + نعم تمام.
    * حدثتنا مرة عن كيفية تلحينك لقصيدة التيجاني سعيد "من غير ميعاد" وكانت فيها طرافة!.
    + نعم، زي ما قلت ليك الأحداث بتتفاوت من موقف لآخر، إلتقطت مدخل أغنية " مين غير ميعاد" بتاعت التيجاني، خلال عودة لي مع فرقتي من رحلة فنية في الستينات وكانت في سنار على ما أذكر، توقف البص في طريقه للخرطوم في إحدى الاستراحات، وأذكر بينما كنت جالساً على مقعد وكباية الشاي أمامي، مر شيخ كبير وهو يحمل أبريقاً للوضوء وجلس خلفي مباشرة في فسحة المكان ليتوضأ، وأثناء وضوءه تنحنح زي مرتين تلاتة، وعندما استرقيت السمع لصوت النحنحة واللي كانت تتم بصوت جهوري، التقطت أذني الموسيقية وفوراً المداخل الأولى للتخطيط اللحني لأغنية من غير ميعاد!.
    * وما أعتقد الانسان العادي ممكن يلتقط مدخل لحني بالطريقة دي.
    + يلتقطو كيف وهو أصلاً غير موسيقي أو متخصص فيها؟! ،، وأهو ده نموذج في التلحين!.
    * يا محمد لمن تكون قاعد براك كده، فياتا من الحان الأناشيد اللي إتناولناها دي قاعده تطربك وتخليك تدندن باللحن براك؟!.
    + " أجاب بعد أن أطرق مفكراً "،، أقول حاجة ممكن تدهش!.
    * شنو؟!.
    + هل تعرف إنو حقيقة يعجبني نشيد قدمو الفنان عثمان مصطفى لمايو!.
    * معقولة دي؟ ،، وبعد كلامنا ده كلو عن غناء الديكتاتوريات؟ ،، ياتو نشيد ده؟!.
    + أيوة ، نشيد إسمو " أنا مايو"! ،، والنشيد ده إعجابي بيهو مش من ناحية الكلمات أو مضامين الشعر، أبداً بالطبع، بل أعجبني جداً آداء عثمان مصطفى الفني ليهو، وعثمان أنا أصلاً بفتكر إنو من الأصوات النادرة جداً، ويعتبرو صوت أوبرالي عظيم.
    * إنت أهديتو أغنية " والله مشتاقين"!.
    + أهو ده واحد من أسباب حبي لصوت عثمان، وما كان غريب إنو ينتبه لصوتو مطرب وموسيقار زي محمد الأمين، فيشركه في ملحمة أكتوبر!.
    * بمناسبة الملحمة ، ما هو رأيك فيها؟!.
    + تجربة عظيمة ما في شك، وفيها جهد موسيقي عالي وطبيعي أن تأتي من ملحن وموسيقار عظيم زي محمد الأمين؟
    * تاني شنو من الأناشيد اللي لفتت نظرك لمطربين آخرين؟!.
    + كتير، عثمان حسين إجتهد برضو في "أرضنا الطيبة" لحناً وآداءاً، كابلي في نشيد "هبت الخرطوم" وكتير آخر بس ما بتحضرني الذاكرة للتعداد.
    * و" صه يا كنار" والعطبراوي في "لن نحيد"؟!.
    + وديل برضو ممتازات ،، ما قلت ليك أنحنا القدمناهو من أغاني ثورية ممكن يفجر إنتفاضات للشعوب التانية!.
    * هل ممكن نحلم بأن يلتقي كبار المطربين في عمل ملحمي في قامة الملحمة أو أكتوبر الأخضر؟!.
    + وليه لا، وبفتكر بالامكانيات والخبرات اللي أصبحت متوفرة لدى الموسيقيين السودانيين ممكن أن تتوفر إمكانية لعمل خلاق زي ده.
    * ليه الأناشيد دائماً بتتناول الوطن وتحوم حول الشعب فقط ،، أين أغنية المرأة ،، أين أغنية الطفل؟!.
    + - أجاب بعد أن أطرق قليلاً - يا حسن أنا أغنياتي العاطفية القدمتها عمري ده كلو بتتناول منو غير المرأة؟!، بعدين زي أغنية "السنبلاية" بتاعت محجوب شريف، دي أغنية ضخمة، أنا بفتكر فيها تقدير عالي للمرأة من ناحية ما تناولته من مضامين راقية في علاقة الرجل بالمرأة ،، الزوج بالزوجة، ومحجوب شريف بوعيه أبدع فيها من ناحية الكلمات في معاني الاحترام للزوجة وتقديرها.
    * وبالنسبة لأغنية الطفل؟!.
    + أنا مش لاقي النص المناسب، وتحادثت مع عدد من الشعراء بس البقدموهو مش هو اللي بلبي ما أرغب فيهو أنا حقيقة،، وأنا مهموم بالطفل لأنو أنا أصلاً معلم تلاميذ ومن خلال مهنتي يتحرك فيني الاحساس بأهمية أغنية الطفل، وبخطط مستقبلاً لأغنية يؤديها معاي على المسرح أكتر من مائة طفل وطفلة! وقطعاً حا أقدم نص بالمعنى ده قريباً.
    * وده وعد لأطفال السودان؟!.
    + ليه لا ،، ممكن تعتبرو وعد لأطفال السودان!.
    * شكراً ليك محمد.
    + مرحب حسن، شرفتنا.
    ____________
    * عن صحيفة السوداني.
    mailto:[email protected]@hotmail.com
                  

04-19-2015, 09:30 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    أليس لديكم غير العنصرية والإرهاب؟ .. بقلم: فضيلي جماع
    التفاصيل C نشر بتاريخ: 01 نيسان/أبريل 2015





    Twitter








    كلما حاولنا التمسك بانتمائنا للوطن العريض في اتجاهاته الأربعة ، صفعنا المتعلمون والمثقفون وأشباه المثقفين معلنين لنا بوضوح أن وطننا ليس واحداً كما ندّعي ، وأننا في واقع الأمر ما زلنا شعوباً وقبائل متفرقة لا يجمع بينها سوى خارطةٍ رسمها المستعمر ثم ذهب. وحين رفع صاحب هذه السطور أكثر من مرة في المواقع الإليكترونية ما يفيد بأن الخطاب العنصري صار اليوم أكثر تفشياً بين المثقفين وأدعياء الثقافة ، أنكر البعض هذا الكلام وانهالوا عليه بسفيه الكلام واصفين إياه بالعنصرية، فاستحقوا بجدارة وصفهم بما يقوله المثل العربي القديم: (رمتني بدائها وانسلّت)! إنني أذهب خطى أبعد من ذلك في هذا الموضوع وأعيد ما قلته من قبل بأن الخطاب العنصري البغيض يجد غطاء سياسياً أيديولوجياً من الطغمة الحاكمة وأنصارها – بل ومن رضعوا حليب فكرها بالأمس ويدعون اليوم أنهم على طلاق بائن معها (أصلا الشينة منكورة كما يقول المثل السوداني الشعبي!!)
    في تصريح لأحد سدنة نظام الخرطوم الفاشي قبل أيام قلائل قال ما يعني أنه لا بديل لنظام الاسلامويين في السودان. وأضاف بالحرف – محذرا مما يحسبه البديل المرتقب: (البديل للنظام هو عبد العزيز الحلو ومناوى!!) علامات التعجب من عندنا.
    وإذا افترضنا أن الصراع القائم في السودان منذ فجر الاستقلال حتى اليوم هو صراع سياسي تقع السلطة ضمن أهدافه الأساسية فما الغرابة إذن في أن يحكم أي من أبناء السودان هذا البلد إن توفرت له الأسباب والشروط ما دام قد حكمه من قبل ويحكمه الآن (زعيط ومعيط) ، ناهيك أن يحكمه مناضل نظيف مثل عبد العزيز آدم الحلو خريج اقتصاد جامعة الخرطوم حين كانت جوهرة جامعات أفريقيا ؟ اللهم إلا إذا كانت شارة حكم هذه البلاد موسومة لمجموعات إثنية بعينها ولا يحق للآخرين – مهما أوتوا من كفاءة ووطنية أن يكونوا حكاماً لهذا البلد ! وكأني أسمع الآن الصياح والعويل في صحف الخرطوم وقنوات التلفاز وإذاعاته – وكلها مملوكة للنظام- عقب عملية خليل إبراهيم (الذراع الطويل). أذكر كيف كان الخطاب يطفح بالعنصرية في أشنع صورها ، وكل اللوم ينصب على أنّ "المتمردين" قد روعوا المواطنين الآمنين! كذا ؟؟ طبعاً أقبح ما في هذا الفهم أنّ من يمطرهم نظام الخرطوم النازي بالقنابل منذ أكثر من عشر سنوات في دار فور وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق لا ينطبق عليهم أمر الترويع! ومن ينامون مع السحالي والثعابين اليوم في كهوف جبال النوبة خوفاً من مطر قنابل نظام الخرطوم ليسوا مواطنين ، وما يحدث للنساء هناك من اغتصاب ليس ترويعاً ولا يحزنون. وأسأل الصامتين من "مثقفاتية السودان" : هل نحن حقاً أمة واحدة ؟
    وسياط العنصرية على ظهورنا – نحن المعنيين بالخطاب- لا تقف هنيهة حتى تطفح كتابات من يتوسم فيهم الكثيرون رجاحة العقل ، بالسخرية على إثنيات تتم إبادتها على مدار الساعة ، بل يلومون النظام الذي يمارس هذه الأيام دور الشحاذ ملقياً بكرامة السودانيين في عرض الشارع- ليوجه قاذفات القنابل على سكان دار فور وجبال النوبة والأنقسنا بدلاً من إضاعة الجهد في المساهمة الحربية في اليمن! لم يأت كاتب هذه السطور بتهمة من عنده. كتب الدكتور عبد الوهاب الأفندي في سودانايل قبل أيام قلائل مقالاً طويلاً يتأرجح فيه بين لوم النظام على ما ارتكب من خطأ في السابق باصطفافه إلى جانب صدام حسين في غزوه للكويت وما يبعثره النظام الآن من موارد شحيحة في حرب اليمن – رغم أن الأفندي يبارك مشاركة النظام فيها من حيث المبدأ . لكنه يتمنى لو قام النظام بتوجيه السلاح لمن لم يتوقف أصلا عن إبادتهم في دارفور وجنوب كردفان! يقول الدكتور الأفندي في مقاله : (ولكن ما ينطبق على السعودية وبقية حلفائها لا ينطبق على السودان. فليس لدى السودان فائض مال أو جنود ليشارك بهما في إنقاذ اليمنيين ودعمهم. والأقربون أولى بالمعروف (أو بالقصف في الحالة السودانية). فالبلاد فيها حروب مندلعة في جنوبها وغربها. وكان الأولى توجيه هذه القدرات العسكرية "الفائضة" لتحقيق الأمن في البلاد، ووقف التهديدات التي يتعرض لها المواطنون من هجمات الحركات المتمردة، والميليشيات المنفلتة في دارفور وغيرها الخ.... )
    كلما قرأت للدكتور عبد الوهاب الأفندي وآخرين من مثقفي الإسلامويين السودانيين ما يشي بأنهم يحملون على النظام وأنهم فارقوه فراق غير وامق ، كلما تيقنت تماماً أن هذه الفئة تمارس في طبعها أرذل الصفات: الكذب والعنصرية والإرهاب ! وكلما قرأت لمثقفيهم وأدعياء العلم والثقافة منهم ما يعني أنهم يؤمنون بحق الآخر المختلف في الحياة الحرة الكريمة ، آب إلى ذهني ما قاله فيهم شهيد الفكر محمود محمد طه: (مهما أحسنت الظن بهم فإنهم يظلون أسوأ من سوء الظنّ العريض !)
    إنّ أي فكر ديني منغلق لا يمكن أن يصل معتنقوه – سياسيين أو مثقفين أو باحثين – في خيارهم الختامي لغير عزل الآخر والتمييز ضده ! ونظام الجبهة الاسلامية السودانية بمسمياتها المختلفة (سابقا جبهة الميثاق الإسلامي وحاليا المؤتمران: الوطني والشعبي) لا يختلف عن منظومة الفكر الديني المنغلق حين يتسلق مطبات السياسة ومنعرجات صناعة الدولة. يقول المفكر المصري الدكتور غالي شكري في هذا السياق:(..ولا انفصال بين الإرهاب الصهيوني باسم اليهودية ، والإرهاب باسم أي ديانة أخرى. والقانون الأكبر هو أنه لا سبيل أمام أي فكر مغلق على التمييز العنصري أو الديني أو اللوني سوى الإرهاب.) د. غالي شكري – "الإبداع من نوافذ جهنم" ص 31
    وسؤالي الذي أوجهه للنخب الحاكمة ومن يؤازرونهم من المثقفين والمتعلمين ، علناً أو بالصمت، والمحرقة مستمرة في غرب السودان وفي جنوب النيل الأزرق- سؤالي: أليس لديكم غير العنصرية والإرهاب ؟!

    فضيلي جمّاع
    mailto:[email protected]@yahoo.com
                  

04-19-2015, 09:31 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    خفايا الموقف المصري المناهض لسد النهضة .. بقلم: المهندس الطاهر على الريح
    التفاصيل C نشر بتاريخ: 01 نيسان/أبريل 2015





    Twitter








    طار عقل المفاوض المصري بعدما طارت 25 مليار متر مكعب من مياه النيل

    قال أستاذنا بكلية الهندسة بجامعة الخرطوم ووزير الرى الأسبق المهندس صغيرون الزين صغيرون عليه رحمة الله والذى كان يدرسنا مادة مياه النيل " اِن اِستقلال أريتريا لن يكون فى مصلحة السودان لأنه سوف يكون خصماً على حصتنا من مياه القاش " . هذا التفكير البراغماتى هو الذى يجعل من الدول المتشاطئة على الأنهار من اِتخاذ سياسات إستراتيجية للاِستفادة من مياه الأنهار وعدم التفريط فيها .

    ومن هذا المفهوم البراغماتى اِنطلقت مصر فى مباحثات مع السودان 1953م لتكسب موافقته بخصوص اِنشاء السد العالى وتقاسم مياه النيل بناءً على ما تم عليه الاِتفاق فى معاهدة 1929م بين مصر والادارة البريطانية التى كانت تمثل السودان فى ذلك الوقت . كانت المباحثات تصطدم بالموقف الوطنى السودانى الرافض للهيمنة المصرية التى تريد أن " تكوش " على نصيب الأسد من مياه النيل ، ولقد كان وزراء ومهندسى الرى السودانيين فى مستوى التحدى ويتمتعون بحس وطنى كبير لم يفرطوا فى حقوق السودان المائية مع الجانب المصرى خلال ست سنوات من التفاوض .

    مصر لم تعتمد الشفافية قط فى تعاملها مع السودان فى اِدارة ملف مياه النيل بل عمدت الى التربص بالأنظمة الديمقراطية فى السودان والتى وقفت ضد الوصول معها الى اِتفاقية مجحفة أو التفريط فى حصتنا من مياه النيل بل استعملت الاِبتزاز والحيل من خلال شراء الذمم وأغدقت عليهم الأموال من بنك مصر وأطلقت عليهم الاِعلام المصرى للنيل من الشخصيات والأحزاب التى تقف عقبة فى الوصول الى اِتفاق معها حتى ترضى طموحاتها على حساب الوطن ، فوصمتهم مرةً بالعمالة للانجليز والقبول بالقواعد العسكرية على أراضى السودان واستمالت البعض منهم فى سبيل تحقيق نزواته فى الحكم حتى جعلته يقبل باِتفاقية مياه النيل المجحفة التى تم توقيعها العام 1929 م والتى أعتبرها الأستاذ محمود محمد طه ترقى التى تهمة الخيانة العظمى .

    نتيجةً لاِثارة الحياة السياسية السودانية ووصهما بالتعاون مع الامبريالية الأميركية للاِطاحة بالنظام الديمقراطى القائم واِتباع الحيل التى صدقها البعض وباع البعض نفسه : أن قام الانقلاب العسكرى الأول كخيار أخير لجأ اليه الأميرالاى عبدالله خليل بطل النيل ورئيس الحكومة وقتها بدلاً من اِنتهاك سيادة الوطن نتيجة للتدخلات المصرية فى شئوننا الداخلية ، فكانت النتيجة توقيع اِتفاقية مياه النيل 1959 م والتى كانت وبالاً على السودان وتكبدنا من خلالها الخسائر فى حلفا وفقدنا حصة كبيرة من مياه النيل جراء هذا الاتفاق الظالم

    لقد عمدت مصر فى السابق على تهديد أثيوبيا وأعلن الرئيس أنور السادات بضرب أى سد يتم اِنشائه على النيل الأزرق بدون موافقة مصرية لأن التوازنات الدولية كانت فى صالح مصر فى ذلك الوقت مع وجود نظام شيوعى فى أثيوبيا واستطاعت كذلك أن تفشل كل الخطط الأثيوبية فى اِيجاد تمويل لمشاريعها المائية .



    وعودة الى قصة المعارضة المصرية فى الوقوف ضد سد النهضة فلقد كانت مشكلة مصر الأساسية أن قيام سد النهضة سوف يحجب عنها كمية المياة الزائدة والمتدفقة من نهر النيل والتى تعادل أكثر من 25 مليار متر مكعب فى المتوسط كما تذكر التقارير الدولية والتى أوردها الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان ، وكانت مصر تعول عليها كثيراً فى خططها المستقبلية دون حسيب أو رغيب ، فلا السودان أستطاع أن يستفيد من حصتة ولا أثيوبيا استطاعت اِنشاء خزان نسبة لتكبيلها بالمعاهدات الدولية ولم تنجح فى الانتعاق منها الا بعد صدور اِتفاقية الأمم المتحدة للمجارى والمياه الدولية التى أعطت دول المنبع والمصب فى التعاون الذى يفضى الى اِستفادة كل الأطراف من الأنهار التى تمر بأراضيها وأما ما كانت تثيره مصر من آن لآخر من مشاكل جراء قيام السد هو لذر الرماد فى العيون .

    قيام سد النهضة أصبح الهاجس للمصريين وقد حاولوا مراراً وتكراراً اِيجاد طريقة يستطيعون من خلالها التمكن بالاحتفاظ بالمياه المتدفقة والزائدة عن اتفاقية 1959 م المقدرة ب 25 مليار متر مكعب .واستعانت بخبرائها لخلق واقعٍ يسمح لها بزيادة الكمية المسموح لها بحسب الاتفاقيات السابقة فيما يُعرف بالحقوق المكتسبة ولما لم يجدوا لذلك سبيلاً هددوا بضرب السد فى اِجتماع مذاع على الهواء دون معرفتهم ، لكن المواقف الأثيوبية أفشلت كل الخطط المصرية لوقف إنشاءات السد الشىء الذى أوقف تقريباً كل الخطط الزراعية المستقبلية لها . وحتى الاِتفاق الأخير لم يكن ليلبى طموحاتهم حيث أجبروا على التوقيع عليه ليفتح لهم الطرق الأخرى من خلال ما أسموه التعاون فى المجالات المختلفة ولم يتبق لهم اِلا اِستجداء الأثيوبين ، فطار رئيسهم مباشرةً بعد التوقيع على الاِتفاق الثلاثى الى أديس أبابا مخاطباً البرلمان الأثيوبى عله بذلك يفتح عقل وقلب المفاوض الأثيوبى ولاِيجاد موطأ قدم لهم مستقبلاً بما يتيح لهم الاتفاق على اِقتسام كمية المياه الزائدة المتدفقة من نهر النيل بمعزلٍ عن السودان .


    mailto:[email protected]@hotmail.com
    /////////
                  

04-19-2015, 09:33 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    محكمة أبو عيسى وأمين مكي مدنى (اسود فى قفص الاتهام) .. بقلم: محمد الحسن محمد عثمان
    التفاصيل C نشر بتاريخ: 06 نيسان/أبريل 2015





    Twitter







    لم استخدم كلمة محاكمه كعنوان للمقال فهى لا تليق فأمثال ابو عيسى وامين لا يحاكمون وانما ينبغى ان نكرمهم ونمنحهم انواط الشجاعه والخدمه الممتازه فى حق الوطن وكاس النضال من اجل الديمقراطيه ......رجال بدأوا الكفاح وهم طلاب قاتلوا الاستعمار حتى خرج ونازلو الحكام العسكريين واحد تلو الآخر حتى صرعوهم لم يعرف الخوف الى قلوبهم طريقا لم يياسوا ولم يتراجعوا فهم دائما فى حالة حركه للامام ....... فهم قد نجحوا فى مجالهم ووضعهم المادى مريح جدا كان ممكن ان يستريحوا وقد جاوزوا ال80 من العمر"ولاتثريب عليهم " وان ينعموا بقية عمرهم بما انعم الله عليهم ويرتاحوا فقد ادوا واجب الوطن وزياده ولكنهم ركلوا كل ذلك وفضلوا ان يواصلوا مشوارهم حتى ينعم شعبهم بالديمقراطيه ودخلوا السجن ...... لله دركم
    اتى ممثلو الاتهام فافسح لهم الحراس الطريق فى احترام ودخلوا مرفوعى الراس ومحامو الدفاع يقفون مجموعات بينهم الاساتذه نبيل اديب وعمر عبد العاطى وجعفر الحاج وساطع الحاج وامامهم شرطى يحمل كشف ويصيح فيهم "زول اسمه ماهنا مايقيف يطلع من هنا " حانده ..... عمر عبد العاطى تعال هنا ادخل ..نبيل ادخل ...جعفر الحاج وهكذا ..... وهؤلاء الذين لم يتكرم عليهم الشرطى حامل اللسته حتى بصفة استاذ قضوا فى مهنة المحاماه اكثر من 30 عاما وبعضهم كانوا قضاه !!!! واذا كانت هيئة الاتهام لم تستطع ان توفر العداله والاحترام حتى لنفسها فى الدخول فكيف ستحصل على العداله لهؤلاء الذين يواجهون الاعدام ؟ ....... دخل فاروق ابو عيسى وامين مكى مدنى الى قاعة المحكمه فى ثقه وبخطوات ثابته يرتدون الزى القومى الكامل غير منقوص يبدو من مظهرهم وكانهم قادمون لمناسبة عقد زواج فى كامل هندامهم يبدون اكثر صحه وعافيه عما رايتهم فى اخر مره وهم خارج المعتقل تزين وجوههم ابتسامه عريضه حييتهم فردوا التحيه باحسن منها يبدو عليهم السرور وكانهم ليسوا فى محكمه يواجهون عقوبة الاعدام هكذا يبدو العظماء دائما اقوى من كل اتهام وفوق الخوف رايت نفس هذا الصمود والابتسامه فى محكمة محمود محمد طه واجه المشنقه بابتسامه فهزمها وواجه فاروق حمد الله الرصاص وهو يفتح صدره فسجل اسمه فى كتاب التاريخ وتهندم عبد الخالق محجوب للموت كعريس فى ليلة زفافه دركم لله يارفاق ابوعيسى وامين ....
    اول ملاحظاتى ونحن فى ردهات المحكمه ان محامو الاتهام وهم من الشباب اتوا فافسح لهم الحراس الطريق فى احترام ودخلوا مرفوعى الراس ومحامو الدفاع يقفون مجموعات بينهم الاساتذه نبيل اديب وعمر عبد العاطى وجعفر الحاج وساطع الحاج وامامهم شرطى يحمل كشف ويصيح فيهم "زول اسمه ماهنا مايقيف يطلع من هنا " حانده ..... عمر عبد العاطى تعال هنا ادخل ..نبيل ادخل ...جعفر الحاج وهكذا وهؤلاء الذين لم يتكرم الشرطى حامل اللسته من ان يسبق اسماؤهم حتى صفة الاستاذ قضوا فى مهنة المحاماه اكثر من 30 عاما وبعضهم كانوا قضاه !!!! واذا كانت هيئة الدفاع لم تستطع ان توفر العداله والاحترام حتى لنفسها فى الدخول فكيف ستحصل على العداله لهؤلاء الذين يواجهون الاعدام ....... ان نقابة المحامين وهيئة الدفاع ينبغى ان يطالبان بتوزيع بطاقات بدون اسماء لممثلو الدفاع ليدخلوا لقاعة المحكمه بصوره فيها احترام للمهنه ولماذا لايطالب الدفاع مثلا بنقل المحكمه لقاعه اكبر لتتسع لكل من يود الحضور ........ تفرست فى وجه ابو عيسى وامين وشاهدت اسدان فى قفص الاتهام وجدت الاطمئنان يلفهم والسكينه تفرش جناحيها عليهم والثقه فى الله وفى هذا الشعب تملا جوانحهم فقد صقلتهم المعارك تذكرت ابوعيسى وليلة المتاريس وامين والانتفاضه هؤلاء فرسان من الزمن الجميل
    دخل شاهد الاتهام الاول كخبير ربيع عبد العاطى ومعروف من هو ربيع وماهو انتماؤه وكنت اتوقع ان تعترض هيئة الدفاع فالخبير ينبغى ان يكون مستقلا وهذا لايتوافر فى الشاهد والخبير يجب ان يتحلى بالاستقامه والعدل فشهادة الخبير لها وزنها فمكان الخبير يقع بين الشاهد والقاضى فهو اكثر من الاول واقل من الثانى وم 30 من قانون الاثبات تقول " يجوز للمشهود ضده ان يطعن فى شهادة الشاهد بسب قيام تهمة ولاء او عداء ويجوز للمحكمه فى هذه الحاله ان ترد الشهاده بعد سماعها اذ لم تطمئن لصحتها وقد قرات ان الدفاع اعترض (خاصه ان هناك قضيه مرفوعه من ابو عيسى ضد الشاهد )ولكن نحن فى المحكمه لم نسمع الاعتراض فقد كان الصوت خافتا !! بدا ربيع شهادته بعرض مؤهلاته واستمر ذلك لمدة نصف ساعه !! ( كان الاستاذ فاروق قد ذكر ان خطة الاتهام تمديد الجلسات ) والاحظ ان كل مؤهلات ربيع كانت بعد 89 وقال ربيع فيما قال مشيرا للموقعين على نداء السودان " نحن نعلم جميعا ولاادرى من يعنى بنحن هل كل الشعب السودانى وانا شخصيا لااتفق معه - والمفروض فى الشاهد ان يكون محددا ولايستخدم كلمات فضفاضه –وواصل انهم يعنون تفكيك الدوله والجيش السودانى ليس تابعا لحزب والشرطه ليست تابعه لحزب والامن ليس تابع لحزب وهنا ضحك الحضور واوقف القاضى الشاهد ونبه الحضور لعدم الضحك فى المحكمه ويواصل ربيع شهادته ان هؤلاء الذين وقعوا نداء الوطن قالوا ان هدفهم هو التحرير من الشموليه والعنف والارهاب وهنا وقفت عند كلمة شموليه ورايت ان كلمة شموليه تنطبق عليهم انتهى وهنا ايضا توقفت " الكاتب " ونظرت لامين وابوعيسى وهم يربضان فى قفص الاتهام هل يمكن ان يوصف فاروق وامين مكى بالشموليه والقيت نظره بطرف عينى لربيع وان يصفهم بذلك ربيع فلم اتحمل بقية شهادة ربيع ولحسن حظى رفع القاضى الجلسه لمدة ربع ساعه فخرجت ولم اعد ولكن اصابنى كثير من الاحباط
    مع احترامى وتقديرى لكل المشاركين فى هيئة الدفاع فاقترح ان تضم اليها كل من مولانا محمد الحافظ محمود وكمال الجزولى وانور احمد طه فهى فى حاجه لهم كما يمكنها الاستعانه بالاستاذ عبد الحليم الطاهر وهو ذو باع طويل فى القضايا الجنائيه وان تقلص الهيئه العدد ولامانع من ان يكون هناك تيم مساعد يقوم بالتحضير للجلسات وان تعقد اجتماعات للتنسيق فقد اخبرنى البعض بان هيئة الدفاع لاتعقد اجتماعات بين جميع الاعضاء للتنسيق واذكرهم ان هذه محكمه سيسجلها التاريخ



    mailto:[email protected]@msn.com
                  

04-19-2015, 09:35 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    ذكرى انتفاضة رجب/ أبريل 1985م: درس في الجهاد المدني .. بقلم: الإمام الصادق المهدي
    التفاصيل C نشر بتاريخ: 06 نيسان/أبريل 2015





    Twitter







    بسم الله الرحمن الرحيم

    ذكرى انتفاضة رجب/ أبريل 1985م

    درس في الجهاد المدني

    الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي



    6 أبريل 2015م



    أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي،

    السلام عليكم ورحمة الله،

    غبت عنكم جسداً ولكني معكم روحياً ومعنوياً، ويسرني أن أشارككم هذا الاحتفال بذكرى انتفاضة أبريل 1985م، بعد طول غياب حسي لا ينفي الوصال المعنوي بيننا، بل إذا أحصينا منافعه أدركنا أنه يزيد قوة الوصال المعنوي على نحو ما قال العقاد:

    لئن أنا أحمدت اللقاء فإنني لأحمد حينا للفراق أياديا

    وحتى نستفيد من ذكرى انتفاضة رجب/ أبريل العظيمة أعدد فيما يلي معالمها:

    1. استولت فئة عسكرية بدعم فصائل يسارية على حكم البلاد، واستخدمت في حكمها شعارات يسارية هوجاء أممت بموجبها مصالح المواطنين بصورة عشوائية، وصبغت الإعلام بصبغة معادية للدين، وانتمت للمعسكر الشرقي بدل الحياد الايجابي الذي كان عليه اتجاه السودان. تحالفت القوى الوطنية، والإسلامية ضد هذا التسلط فكانت هبة الجزيرة أبا وهبة ودنوباوي في مارس 1970م.

    قمع الحكم المتسلط الهبة مستعيناً بقوى حلف طرابلس الخارجية، فانقض هو وحلفاؤه بالطيران، والمدفعية، على جماعات مدنية وحقق أهدافه القمعية، أخذته بعد ذلك العزة بالنصر الزائف المدعوم من الخارج. يومئذٍ واستنكاراً للظلم هاجرت جماعات فدائية من الأنصار للجارة أثيوبيا وهناك اتصلت بهم الجبهة الوطنية المكونة لمواجهة الطغيان.

    القاعدة الدائمة المفسرة لكثير من الأحداث أن من أعان ظالماً على ظلمه سلطه الله عليه.

    فاليساريون الذين قاد فكرهم وبعض كوادرهم تلك المغامرة في مراحلها الأولى، طمعوا في الاستيلاء الكامل على السلطة رافعين شعار: "كل السلطة في يد الجبهة"، فدبروا انقلاب يوليو 1971م الذي أدت شعاراته الحمراء إلى انقلاب مضاد أعاد قيادة الانقلاب الأولى إلى السلطة فانقضت هذه القيادة على حلفاء الأمس بقهر دموي وإعدامات جماعية بلا قانون إلا قانون الوحوش في الغابة وحققوا لهم عكس شعارهم أي "كل الجبهة في يد السلطة".

    بعد ذلك تمترس النظام في خندق استلهمه من التجربة الناصرية بصورة صبيانية، تجربة النظام هذه ارتكبت كثيراً من الإخفاقات وصدت كثيراً من الذين أعانوا التجربة صدوداً جعلهم يصدرون على التجربة أقسى عبارات الإدانة – مثلاً: منصور خالد وحديثه عن الفجر الكاذب، ومرتضى أحمد إبراهيم وقوله: ألا لعن الله النميري ومن أعانه وأنا منهم، وعبد الكريم ميرغني الذي قال لي في عام 1982م هذا النظام إلى زوال فعندما يزال أرجوكم اشنقوا المثقفين الذين أعانوا هذا النظام في أعلى الأعمدة لأنهم – وأنا منهم – هم الذين زينوا لهؤلاء الضباط أباطيلهم، ومحمد التوم التجاني الذي قال لي: "اعفوا لنا يا سيدي فقد ظلمناكم واتبعنا هؤلاء الصعاليك".

    2. النظام المايوي، بعد أن فتك بالحزب الشيوعي لاعتباره مهندساً لانقلاب يوليو 1971 وجد ترحيباً من المعسكر الغربي فساعده الإمبراطور هيلاسلاسي والكنيسة والغرب على إبرام اتفاقية السلام مع حركة أنيانيا الأولى، اتفاقية أسسها النظام على تحضيرات النظام الديمقراطي السابق للانقلاب عبر مؤتمر المائدة المستديرة 1965، ولجنة الاثني عشر، ومؤتمر الأحزاب السودانية 1966م، كما شهد بذلك الأستاذ محمد عمر بشير أحد مهندسي اتفاقية سلام 1972م.

    3. اتفاقية 1972م أجبرت النظام على إتاحة بعض الحريات ومنع الاعتقال التحفظي، ما أدى لإطلاق سراحي من السجن للمرة الأولى في عام 1973م، وبعد إطلاق سراحي تعاون حزبنا مع جبهة الميثاق الإسلامي، فقدنا هبة شعبان في سبتمبر (1973م)، وكادت الهبة تطيح بالطغيان، لم اعتقل مباشرة بعد قمع الهبة ولكن بعد حين اعتقلت للمرة الثانية عقاباً لي على اتفاقية الجبهة الوطنية في الخارج مع القيادة الليبية. كانت الجبهة الوطنية مكونة من الأمة، والاتحادي جناح الشريف حسين الهندي، وجبهة الميثاق الإسلامي، وبعد 3 أشهر من ذلك الاعتقال أطلق سراحي لأن طبيباً وطنياً هو د. أحمد عبد العزيز رحمه الله، قال بعد الكشف أنني احتاج لعلاج في الخارج، وبعد ذلك سافرت إلى الخارج وهناك مع الزملاء قمنا بالإعداد للهبة الثالثة ضد نظام مايو وقد كانت هذه المرة هبة مسلحة شاركت فيها كل عناصر الجبهة الوطنية، ولكن كان النصيب الأكبر فيها للأنصار الذين أغضبهم الظلم الذي وقع على البلاد وعليهم بعد حوادث الجزيرة أبا وودنوباوي واستشهاد عدد كبير منا على رأسهم الإمام الشهيد الهادي المهدي وصحبه، والأخ محمد صالح عمر، وأعداد كبيرة أصابهم الطغاة بالطيران والدبابات في الجزيرة أبا ودفنوا بعضهم أحياء وأصابوا عدداً من المدنيين بالدبابات والمدافع في أم درمان: (قتلوا حفاظ القرآن وصلوهم جاحم نيران) على حد تعبير شاعر الوطنية مختار محمد مختار، كان ما ارتكبوه جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، تستحق المساءلة بمقياس المحكمة الجنائية الدولية التي لم تكن قد أقيمت بعد.

    4. تلك المظالم أدت للهجرة التاريخية إلى أثيوبيا، وأمكننا في الخارج من الترتيب لأكبر انتفاضة مسلحة ضد النظام المايوي. تسرب الفدائيون إلى الداخل في عملية عسكرية فريدة، وكان الترتيب أن يساعدهم يوم التحرك فصيل من القوات المسلحة، وأن يصحب ذلك تحركٌ شعبيٌ واسع، وأن ينضم لهم بعد ذلك حاملون أسلحة ثقيلة لحسم الموقف في العاصمة. هذه الانتفاضة في 2 يوليو 1976م كادت أن تطيح بالنظام لولا تخلف بعض المساهمين عن دورهم.

    قاد الشهيد محمد نور سعد تلك الانتفاضة، واستبسلت كوادر الأنصار وجبهة الميثاق ضاربين أروع المثل في الانضباط والإقدام، وكان واضحاً أن الانتفاضة وطنية بلا تدخل من أية جبهة أجنبية كما شهد بذلك العقيد معمر القذافي أمام الرئيس المصري السابق أنور السادات عندما وصفهم بالمرتزقة، فقال له العقيد: أشهد الله أن هؤلاء أكثر الناس صدقاً ووطنية، عرفناهم. وعندما عرضت عليهم المشاركة معهم في حسم الأمر رفضوا ذلك وقالوا هذه قضيتنا ولا ينبغي أن يضحي من أجلها غيرنا. ولكن النظام المايوي استعان علينا مرة أخرى بجهات أجنبية وأبرم مباشرة بعد ذلك اتفاقية الدفاع المشترك مع مصر السادات.

    5. أدرك نظام الطغيان المايوي بعد انتفاضة يوليو 1976م أن أوهامه بالقضاء على معارضيه باطلة، فاتجه نحو المصالحة الوطنية التي توسط فيها السيد فتح الرحمن البشير، فأبرمت المصالحة الوطنية في 7/7/1977م.

    النظام المايوي – كعهد الطغاة – تنصل على بنود المصالحة الوطنية إلا بندين هما إطلاق سراح المعتقلين، وإتاحة هامش محدود للحرية.

    عدنا بعد ذلك للبلاد، واستطعنا أن نقوم بنشاط فكري وتعبوي في مجالات مختلفة رغم عدم وفاء النظام بكل شروط المصالحة. ساهم في التعبئة الشعبية ضد النظام تدهور الحالة الاقتصادية فعندما وقع الانقلاب كان الدولار جزءاً من الجنيه السوداني ولكن صار الجنيه السوداني جزءا من الدولار، ونتيجة لتدهور الحالة الاقتصادية دخل النظام في نزاع مع الحركة النقابية. وحاول النظام ترويض الهيئة القضائية الحريصة على استقلال القضاء، واحتال لتدجين الهيئة القضائية بما سماه الثورة التشريعية وهي خطة لاستخدام الإسلام وسيلة للهيمنة على أجهزة الدولة باسم الشريعة ولاستخدام أحكام الإسلام العقابية لترويع المواطنين.

    هكذا أصدر النظام قوانين سبتمبر سيئة الصيت في سبتمبر 1983م. كنا أوضح وأقوى من عارض هذا التلاعب بالدين فاعتقلنا النظام بالعشرات لمدة 18 شهراً من سبتمبر 1983 إلى ديسمبر 1984م، اعتقل النظام كذلك كل من عارض قوانين سبتمبر مثل قيادة الحزب الجمهوري، وفي السجن دخلنا في حوار مع الجمهوريين. قلنا لهم: أنتم دعاة حقوق الإنسان ولكن منذ قيام نظام نميري ما برحتم تؤيدون طاغية وتؤيدون بطشه ضدنا بحجة القضاء على الطائفية! هل حقوق الإنسان تتجزأ؟ ها هو الطاغية لم يعبأ بتأييدكم له وجمعنا معاً في القهر. اعترفوا بأنهم ينبغي أن يراعوا حقوق الإنسان لكافة الناس.

    تابعنا أن النظام قد ضاق ذرعاً بموقفنا، ودبر لنا فخاً عن طريق ترتيبات معينة في محكمة أم درمان الجنائية، وقرر إطلاق سراحنا لنعلن مرة أخرى معارضة القوانين المسماة إسلامية، وقوانينه تساوي بين معارضتها والردة، وفي أحكامه الردة تعاقب بالإعدام.

    قبل الخروج من السجن قلت لزملائي التزام الصمت بعد الإفراج في ديسمبر 1984م لكيلا نقع في فخ النظام ونكتفي بما قلناه قبل ذلك، واجتمعت بأعضاء الحزب الجمهوري الذين زاملناهم في السجن وقلت لهم: سيطلق سراحكم كما أطلق سراحنا لنواجه فخاً نصبه النظام فلا تعطوا النظام فرصة بتصريحات جديدة، قالوا لنا: لا نحن نعتقد أن النظام قد اكتشف خطأه بالتحالف مع الأخوان المسلمين وسوف يطلق سراحنا لنقوم بحملة ضدهم وضد نظرتهم للإسلام، فخرجوا من السجن وأصدروا تصريحات أوقعتهم في فخ النظام ما أدى لمحاكمات جائرة أعدم نتيجة لها الأستاذ محمود محمد طه.

    كانت المحاكمة مطبوخة وكان الإعدام جائراً وهو ما قلناه في وقته وما زلنا نقول إنه شنق مظلوماً.

    وبعد إطلاق سراحنا استأنفت التعبئة المضادة للنظام واحتد سوء الحالة الاقتصادية واشتدت المعارضة لقوانين سبتمبر الجائرة واستطاعت اتحادات طلابية أن تتكون ديمقراطياً، وكذلك تكونت نقابات مهنيين ديمقراطياً في أوساط الأطباء، والمهندسين، والقضاة، والصيارفة، والمحاسبين، والأساتذة، وغيرهم فتكون من هؤلاء التجمع النقابي.

    6. كانت الاتحادات الطلابية رأس الرمح في التوجه نحو انتفاضة رجب/ أبريل، اتحاد طلاب الجامعة الإسلامية بأم درمان وبقيادة طلبة الأمة والأنصار أطلقوا السهم الأول.

    تلى ذلك بعد مناوشات مع النظام إعلان التجمع النقابي موقفاً موحداً لوقفة علنية ضد النظام تطورت لإعلان الإضراب العام. موقف وجد تأييداً شعبياً عريضاً، وكنا على اتصال بقيادة التجمع لتأكيد ومشاركة شعبية، وفي اتصال بيننا عبر الأستاذ أمين مكي مدني اقترحنا أن نوقع جميعاً على ميثاق وطني كتبت صيغته يحدد المطلب الشعبي، وقد كان.

    وفي ليل ذات اليوم جرى اتصال بيننا وبين قيادة القوات المسلحة أذكر منهم المرحوم توفيق خليل وناشدناهم ألا تسخر القوات المسلحة ضد الشعب ووعدوا بذلك، وأوفوا بالوعد.

    قيادة الطغيان سيرت موكباً شعبياً لدعم النظام، كان الموكب هزيلاً وفي غيبة رئيس النظام في الخارج قاد المشهد نائبه.

    وفي السادس من أبريل 1985م إزاء الموقف السياسي الحاد والرفض الشعبي للنظام قررت القوات المسلحة عزل رئيس النظام وحل حزبه وتكوين مجلس عسكري وحكومة مدنية لإدارة البلاد لفترة عام ثم إجراء انتخابات عامة.

    السلطة الانتقالية التزمت ببنود الميثاق ولكن أخلت ببعضها مثل: إلغاء قوانين سبتمبر، وإقامة محكمة القصاص الشعبي لمحاكمة سدنة النظام المباد.

    هذه هي حيثيات الانتفاضة التي سوف يسجلها التاريخ لا الحيثيات الوهمية التي يدعيها بعض الناس.

    7. النظام المايوي أبرم اتفاقية السلام في عام 1972م وسمح فيها ببعض الاستحقاقات للجنوب يمارسها المجلس التنفيذي الأعلى كما أصدر دستوراً كفل فيه بعض الحريات، ولكن النظام بطبيعته لم يحتمل ممارسة تلك الاستحقاقات فنقضها من جانب واحد مما أدى لقيام الحركة الشعبية لتحرير السودان في 1982م لمقاومة النظام بالقوة، إن سياسيات النظام أعطت الحركة الشعبية فرصا نادرة ووفرت له دعماً كنسياً ودولياً وإنسانياً كبيراً، انحياز النظام للمعسكر الغربي أعطى الحركة الشعبية فرصة الاستفادة من الانحياز للمعسكر الشرقي وانتماء النميري لدفاع مشترك مع مصر السادات تحت المعسكر الغربي أدى إلى تكوين حلف عدن المضاد الذي تبنى الحركة الشعبية منذ بدايتها ومدها بالسلاح والتدريب والمال والدعم الدبلوماسي والسياسي.

    واعتدى النظام على الحريات بموجب قوانين القمع والتي أعطاها قدسية في شكل قوانين سبتمبر التي جعلت الإسلام مجرد مؤسسة عقابية، فأدى ذلك إلى تصعيد المعارضة النقابية والشعبية ممهدة الطريق للانتفاضة الشعبية المجيدة في أبريل 1985م.

    8. الدرس المستفاد من هذه التجربة هو:

    أولاً: نظم الطغيان ترفع الشعارات بصورة انتهازية تقول اشتراكية، أو ديمقراطية، أو إسلام، وفي كل الأحوال لا تلتزم بالشعارات ولا تطبق برامج محددة فالشعارات إعلانات مضللة للحصول على شرعية زائفة.

    ثانياً: كل نظم الطغيان في الظروف الحديثة تمارس شكليات ديمقراطية لأن هذا هو ما تتطلبه حقوق الإنسان الدولية كإجراء انتخابات والسماح بنقابات، وبالتعددية الحزبية، وبتكوين منظمات المجتمع المدني، وغيرها من أشكال الدولة الحديثة ولكنها تجرد تلك الأشكال من أية صلاحيات حقيقية بل حتى حزب السلطة نفسه هيكل فارغ من أية مشاركة حقيقية. إن الموجه لكل النشاط العام في هذه النظم الخاضعة لحكم الفرد هو جهاز الأمن. والقوانين المطبقة هي وسائل لتقنين الطغيان، إنه نظام حكم يقوم على إلغاء كافة أسس حقوق الإنسان المتفرعة من خمسة أصول: الكرامة، والحرية، والعدالة، السلام، والمساواة. ومثلما ضاق العقلاء ذرعاً بهذا النهج الأمنجي فاتخذوا دروباً شتى كما فعل الذين خرجوا من المؤتمر الوطني محتجين على غياب المشاركة الحقيقية، خرج من المؤتمر الوطني احتجاجاُ على غياب المشاركة وقفل أبواب الإصلاح عشر جماعات حتى الآن، وآخرون مثل سائحون جهروا بآراء إصلاحية.

    يطيب لي أن أذكر أن بعض المسؤولين يتمتعون بضمائر حية فلا يقبلون التعليمات الأمنجية الغاشمة كما جرى أخيراً من مجلس الأحزاب.

    ثالثاً: الطغيان يسخر علاقات البلاد الخارجية لدعم استبداده فالنظام المايوي اتجه نحو المعسكر الشرقي ثم تحول للغرب وفق المصالح السلطوية.

    رابعاً: بعد قضاء النظام على هبة الجزيرة أبا وودنوباوي في 1970م، وعلى الانقلاب اليساري في 1971م وعلى هبة شعبان في 1973م وعلى انتفاضة يوليو 1976م، توهم النظام أن الأمور قد استتبت له فكان ما توهم الهدوء الذي يسبق العاصفة.

    أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي:

    ما أشبه الليلة بالبارحة!

    استطاع النظام الانقلابي الثالث الاستعانة بكل حيل التقلب للاستمرار أكثر من ربع قرن من الزمان وأكثر في هذا الأثناء من الخطايا والأخطاء فاستحق الوصف الشرعي للشقاء: الشقاء هو طول العمر مع سوء العمل.

    إن كل الأوصاف التي انطبقت على طغيان مايو تنطبق وزيادة على طغيان يونيو فالطغيان ملة واحدة والتقلب غير المبدئي من سمات تلك الملة.

    وفي آخر تقلبات الطغيان المتحكم في السودان اليوم أنه المتحالف مع إيران، وفي فجر ليبيا مع الأخوان قفز إلى النقيض متبرئاً من الأخوان ومكفراً للحوثيين، الحوثيون يا هذا زيدية وهم يوصفون بسنة الشيعة وتكفير الشيعة نفسهم لا يجوز لمسلم، هل لمثل هذه التقلبات مصداقية؟

    هذا التقلب غير المبدئي ليس غريباً على الطغاة فالحفاظ على الكرسي هو المبدأ الطاغي على كل مبدأ.

    النظام قمع الهبات ضده وكان آخرها في سبتمبر 2013م وبعدها توهم أن الأمر قد استتب له ليفعل ما يشاء، ولكن حاصرته الحروب والتدهور الاقتصادي فلجأ إلى خدعة جديدة بإعلان وثبة الحوار الوطني في يناير 2014م، وثبة رحبنا بها إلى أن اكتشفنا أنها وثبة بلا استحقاقات فالحوار برئاسة النظام أي أنه هو الخصم والحكم، والحريات للمحاورين معدومة فلا يجوز لهم إلا حالة: لا أريكم إلا ما أرى. هكذا أجهض النظام وثبته فتخلينا عنها وتخلى عنها كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

    إن للنظام علاقات خاصة بألمانيا وعندما نشطت ألمانيا الحوار عن طريق الآلية الأفريقية الرفيعة استجاب النظام لفكرة عقد لقاء بين كافة الأطراف السودانية في الأسبوع الأخير من مارس عام 2015م في أديس أبابا.

    عندما وافق النظام على هذه الإجراءات كان يعلم أنه منخرط في انتخابات لا يقره عليها أحد وطنياً ولا دولياً فلا يستطيع التحجج بالانتخابات الزائفة لعدم حضور اجتماع تمهيدي وافق عليه بل وأرسل لنا مندوباً في القاهرة يؤكد حضورهم للقاء أديس أبابا وهو على أية حالة لقاء تمهيدي وبلا أية شروط مسبقة.

    ولكن في الأسبوع الأخير من مارس انطلقت عاصفة الحزم، وتوهم النظام أنه قد لاحت له فرصة أن يسلخ جلده الأخواني الإيراني، وأن يوظف نفسه لحرب اليمن ما يتيح له الحصول على دعم يمكنه من قمع معارضيه بالقوة، اختار مقاطعة اجتماع الحوار التمهيدي لأنه تصور فرصته الجديدة تغنيه عن الحوار مطبقاً لمثل سوداني نعدله وفق الحالة: "شافت الصك "الشيك" طلقت راجلها". ولكن هيهات! إنه بهذا التقلب قد خسر الاتحاد الأفريقي، والأسرة الدولية وعقلاء المعارضة، هؤلاء جميعاً اصطفوا لدعم الطريق السلمي للسلام العادل الشامل، والتحول الديمقراطي الكامل.

    وحتى تحالف عاصفة الحزم فيه عقلاء لن يفرطوا في علاقاتهم بالشعب السوداني، ولا بالأسرة الأفريقية، ولا بالأسرة الدولية من أجل الانحياز لنظام معزول شعبياً ويخوض حروباً لا يمكن أن تحسم قتالياً.

    النظام بموقفه هذا لم يترك لنا من خيار إلا التعبئة في حملة ارحل لميلاد الانتفاضة الثالثة ضد الطغيان في السودان.

    ومع كسبنا لثقة الاتحاد الأفريقي والأسرة الدولية لن نألو جهداً في مخاطبة الجامعة العربية، والمملكة العربية السعودية، ودول الخليج، ومصر، لكيلا يزجهم النظام السوداني في دعم موقف دكتاتوري حربي يائس وهم الذين طالب إعلان باريس في أغسطس 2014م بأن يكون لهم دور في حل أزمات السودان بالحكمة والموعظة الحسنة. الجامعة العربية أهل أن يكون دورها في الشأن السوداني مثل دور الاتحاد الأفريقي، ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات المتحدة وقطر أهل أن يكون دورهم منحازاً للسلام العادل الشامل في السودان وللاستقرار الديمقراطي لا أن يساهموا مع نظام الخرطوم في دق طبول الحرب وغرس أوتاد الدكتاتورية.

    إن موقفنا من حملة ارحل في اتجاه الانتفاضة الجواب المشروع للانتخابات الزائفة وللإعراض عن استحقاقات الحوار الوطني وهو موقف تعززه ذكرى 6 أبريل.

    وسوف يدرك النظام ربما بعد فوات الأوان أن الانتخابات الزائفة جعجعة بلا طحن لن تمنحه شرعية ولن تحميه من الملاحقة الجنائية التي لا سبيل للحماية منها إلا وفاق وطني يرتضيه أهل السودان.

    صحيح أن وهم الهدوء النسبي الحالي ربما منع النظام من أن يرى ما في خلل الرماد.. حالة من الوهم والرضا عن الذات دون وجه حق وصفها بجدارة الشاعر السوداني المبدع في ملأ من الناس قائلاً:

    هدوء ولكنه عاصفة

    هدوء، وفي صمته الكاظم من غيظه

    قنبلة ناسفة

    هدوء يبركن يغلي

    يؤكد أن الطواغيت وهم

    وأن دم الأبرياء حرام.
                  

04-19-2015, 09:39 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: في الوثائق الأمريك� (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    منظمة العفو الدولية: الحكومة السودانية تخنق وسائل الإعلام والمجتمع المدني
    التفاصيل C نشر بتاريخ: 02 نيسان/أبريل 2015





    Twitter













    خاص سودانايل:

    قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في السودان، يهدد القمع الذي تمارسه الحكومة ضد الآراء المعارضة، استقلال وحرية عمل: منظمات المجتمع المدني، وسائل الإعلام ، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والطلاب و المعارضة السياسية. وقد فاقمت التعديلات الدستورية التي أجريت مؤخراً من حجم هذا القمع، بعد أن أعطت جهاز الأمن والمخابرات الوطني سلطات كاسحة.

    وفي هذا السياق، قالت ميشيل كاغاري، نائب مدير البرنامج الإقليمي لشرق أفريقيا، إنه "بينما يدخل السودان المرحلة التحضيرية للانتخابات، تثير سيطرة جهاز الأمن والمخابرات على ما ينبغي لوسائل الإعلام أن تقول، وما يجوز للمجتمع المدني الإدلاء به من تعليقات أو تصرفات، بواعث قلق عميقة."

    "وقد وصلت انتهاكات جهاز الأمن والمخابرات لحقوق الإنسان مستوى غير مسبوق، وهذا لا يخدم سوى كتم أنفاس المعارضة وانتقاداتها لحكومة حزب المؤتمر الوطني في المرحلة التمهيدية للانتخابات العامة في أبريل/نيسان."

    فمنذ يناير/كانون الثاني 2015، صودرت أعداد ما لا يقل عن 16 صحيفة، في 42 مناسبة مختلفة، من قبل جهاز الأمن والمخابرات. وخضع نحو 21 صحفياً للاستجواب من قبل الشرطة وجهاز الأمن. بينما أغلقت مقرات ثلاث من منظمات المجتمع المدني الرئيسية، وتتعرض خمس منظمات أخرى للتهديد الوشيك بالإغلاق.

    وفي 16 فبراير/شباط، صادر عملاء جهاز الأمن والمخابرات جميع أعداد 14 صحيفة من المطابع، دون أي مبرر قانوني.

    إذ صودر ما لا يقل عن 20 عدداً من صحيفة الميدان، التي يصدر منها ثلاثة أعداد في الأسبوع والناطقة بلسان "الحزب الشيوعي السوداني"، منذ 1 يناير/كانون الثاني. وتواجه مديحة عبد الله، محررة الميدان، في الوقت الراهن تهماً بمقتضى "القانون الجنائي لسنة 1991). وإذا ما أدينت فمن الممكن أن يحكم عليها بالإعدام.

    وتحدثت شادية (وهذا ليس اسمها الحقيقي)، وهي صحفية تعمل في الخرطوم، إلى منظمة العفو الدولية حول التحديات التي يواجهها من يعملون في الصحافة في السودان قائلة:

    "يعاقب الصحفيون في السودان ثلاث مرات: الأولى من خلال قانون الأمن، والثانية من خلال قانون الصحافة والمطبوعات، والثالثة من خلال القانون الجنائي".

    ودافع المسؤولون السودانيون عن مصادرة الصحف من جانب جهاز الأمن والمخابرات بالتذرع بالأمن القومي.

    وقد وسع جهاز الأمن والمخابرات نطاق حملته القمعية للمجتمع المدني في السنة الحالية. إذ تعتقد ما لا يقل عن عشر من منظمات المجتمع المدني أن أنشطتها تخضع للمراقبة الحثيثة من جانب عملاء جهاز الأمن والمخابرات. وتلقت تهديدات وواجهت الترهيب والمضايقات من قبل "مفوضية العون الإنساني" وجهاز الأمن والمخابرات على السواء. والمفوضية هيئة أنشئت بموجب "قانون تنظيم العمل الطوعي والإنساني"، الذي يحكم عمل المنظمات التطوعية والإنسانية.

    وقد تم إغلاق أربع من منظمات المجتمع المدني أو تعرضت مكاتبها للإغارة من قبل عملاء جهاز الأمن والمخابرات. ففي يناير/كانون الثاني 2015، أغلق الجهاز ثلاثاً من منظمات المجتمع المدني على أساس أنها قد انتهكت شروط تراخيص تسجيلها.

    وأبلغ الصادق حسن، عضو "هيئة محامي دارفور"، منظمة العفو الدولية ما يلي: "هذا أسوأ وقت يمر على المجتمع المدني في السودان؛ فهو يواجه هجمات منهجية من جانب النظام على حريته في التعبير والتجمع. وعقب التعديلات الدستورية الأخيرة، تصاعد مستوى المضايقات".

    "إن أنماط الانتهاكات الراهنة تسلط الضوء على أن القمع قد أرسى جذوره في السودان. وقد حان الوقت كي يصعِّد "الاتحاد الأفريقي" و"الجامعة العربية" والأمم المتحدة، والدول الرئيسية الأعضاء فيها، من ضغوطهم على السودان كي يحترم التزاماته الدولية والإقليمية بشأن حقوق الإنسان." قالت ميشيل كاغاري.

    إن منظمة العفو الدولية تدعو حكومة السودان إلى التقيد بقانون حقوق الإنسان التي كفلها دستورها، وبالتزاماتها الدولية والإقليمية المتعلقة بحرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها والتجمع السلمي، سواء بمقتضى "الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب" أو بموجب "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".

    وينبغي على الحكومة أن تحقق على وجه السرعة في جميع مزاعم الترهيب والمضايقة التي تعرض لها أعضاء المجتمع المدني والمعارضة السياسية، وتقدِّم من يشتبه بأنهم مسؤولون عنها إلى ساحة العدالة.

    لمزيد من المعلومات أو لطلب مقابلة في هذا الشأن، يرجى الاتصال مع:


    ميشيل كاغاري: نائب مدير البرنامج الإقليمي لشرق أفريقيا
    mailto:[email protected]@amnesty.org هاتف: 254 204283002+



    وفيما يلي نص الكامل لتقرير منظمة العفو الدولية:

    قمع متجذر: اعتداء غير مسبوق على حرية التعبير


    مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في السودان، شن "جهاز الأمن والمخابرات الوطني" (جهاز الأمن والمخابرات) حملة قمعية ضد وسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدني بلغت حدوداً غير مسبوقة. فمنذ يناير/كانون الثاني 2015، صادر جهاز الأمن والمخابرات مطبوعات تعود إلى ما لا يقل عن 16 صحيفة في 42 مناسبة مختلفة. (1) وأخضع نحو 21 صحفياً للاستجواب من قبل الشرطة والجهاز الأمني. وتحاكَم محررة إحدى الصحف حالياً، وقد تواجه حكماً بالإعدام إذا ما أدينت. بينما أغلقت أبواب ثلاث من منظمات المجتمع المدني، بينما يواجه ما لا يقل عن خمس منظمات أخرى التهديد الوشيك بالإغلاق.

    وقد فاقمت السلطات الكاسحة التي منحتها التعديلات الدستورية الأخيرة للرئيس ولجهاز الأمن والمخابرات، بعد إقرارها من جانب البرلمان في 5 يناير/كانون الثاني 2015، من شدة الحملة القمعية. فبعد أن حصل على صلاحيات دستورية أوسع نطاقاً، يملك الجهاز الآن صلاحيات اجتهادية غير محدودة للتدخل في الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد. (2) وفضلاً عن ذلك، جعلت التعديلات الجديدة من جهاز الأمن والمخابرات، بإضفائها الصفة الدستورية على ممارسات الأمر الواقع، الهيئة الحكومية الرئيسية التي تنتهك الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها، وحرية التجمع.

    وفي غضون ذلك، من المتوقع أن تقاطع أحزاب المعارضة الرئيسية الانتخابات العامة المقبلة، متذرعة بغياب الحريات السياسية في البلاد، ما يترك "حزب المؤتمر الوطني" الحاكم وحده في الساحة ليخوض الانتخابات مع مجموعة صغيرة من أحزاب الأقلية في المعارضة السياسية. ومما يلفت النظر، أن 15 مرشحاً للرئاسة، جميعهم تقريباً من الأشخاص غير المعروفين، سوف يخوضون انتخابات الرئاسة ضد الرئيس عمر البشير.

    وفي الوقت نفسه، تجتاح النزاعات ثلاثة من أقاليم السودان (دارفور (3) وجنوب كردوفان والنيل الأزرق)، حيث تواصل القوات المسلحة السودانية قصفها الجوي للأهداف المدنية، ويتعرض العاملون في مجال المساعدات والنازحون للهجمات.

    ويرى العديد من المراقبين (4) أن "الحوار الوطني" الذي بدأته الحكومة، في يناير/كانون الثاني 2014، للتصدي لأزمات البلاد، ظل بلا جدوى. وطبقاً "لمجموعة الأزمات الدولية"، فإن الحزب السياسي الحاكم "لم يكن راغباً أو قادراً على تقديم التنازلات الضرورية" لإنجاح "الحوار الوطني" (5). بينما اعتقل قادة بارزون في المعارضة السياسية، مثل فرح العقار وأمين مكي مدني وفاروق أبو عيسى، في 6 ديسمبر/كانون الأول 2014. ويخضع أمين مكي مدني وفاروق أبو عيسى حالياً للمحاكمة بتهم تتعلق بتوقيعهم على "نداء السودان" (6)، وهي وثيقة وقعها المجتمع المدني وجماعات مسلحة وأحزاب سياسية معارضة لاتخاذ موقف موحد في الدعوة إلى التحول الديمقراطي وتفكيك دولة الحزب الواحد القائمة بحكم الأمر الواقع، ووضع حد للنزاع المسلح في السودان.
    الإطار القانوني للسودان وانتهاكات حرية التعبير وتكوين الجمعيات
    الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها مكفول في "دستور جمهورية السودان الانتقالي لعام 2005" (الدستور الانتقالي)، وبموجب الالتزامات الدولية والإقليمية التي قطعها السودان على نفسه بانضمامه إلى "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" (العهد الدولي) و"الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب" (الميثاق الأفريقي). وتشمل هذه الحقوق حرية اعتناق الآراء والتعبير عن هذه الآراء وتلقي المعلومات (7)، وكذلك التجمع والتنظيم وعقد الاجتماعات والمظاهرات مع الآخرين (8). وهذه الحقوق أساسية لتمكين الأفراد من ممارسة الطيف الكامل لحقوق الإنسان.

    وبموجب القانون الدولي والإقليمي لحقوق الإنسان، يتعين على الدول احترام حقوق الإنسان وحمايتها وإعمالها. وتتضمن المادة 27 من الدستور الانتقالي التزاماً مماثلاً، حيث تؤكد على انطباق القانون الدولي مباشرة وعلى أن: "تعتبر كل الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان جزءً لا يتجزأ من هذه الوثيقة". كما يؤكد الدستور الانتقالي على أن "تحمي الدولة هذه الوثيقة وتعززها وتضمنها وتنفذها"(9).

    وفي تعليقها العام بشأن "حرية الرأي وحرية التعبير"، لاحظت "لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة" أن "..التقيد باحترام حرية الرأي وحرية التعبير ملزم لكل دولة طرف ككل. وفي وسع جميع فروع الدولة (التنفيذي والتشريعي والقضائي)، وغيرها من السلطات العامة أو الحكومية، أياً كان مستواها، وطنياً أو إقليمياً أو محلياً، أن تتحمل مسؤولية الدولة الطرف" (10).

    ولا تقتضي هذه الالتزامات فحسب أن لا ترتكب الدول انتهاكات لحقوق الإنسان ضد حرية الرأي والتعبير، وإنما تلزمها باتخاذ التدابير المناسبة لمنع مثل هذه الانتهاكات. وتشمل مثل هذه التدابير إصلاح القوانين التي تسهِّل الانتهاكات، واتخاذ التدابير المناسبة والفعالة للتحقيق في الأفعال التي يقوم بها موظفو الدولة الرسميين والأطراف الثالثة، وإخضاع الأشخاص المسؤولين عنها للمحاسبة، وتبني تدابير لمنع تكرار وقوعها في المستقبل. ويتعين على الدولة، بالقدر نفسه، تقديم الجبر الفعال لضحايا أي انتهاكات لحقوقهم.

    وعلى الرغم من هذه الالتزامات، أقر برلمان السودان، في 2009، "قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية" المعدّل (قانون الصحافة المعدل)، الذي قصد به في الأصل إلغاء "قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2004". ورغم ذلك، لم يعالج القانون الجديد أوجه القصور في قانون 2004، ولم يلبِّ متطلبات المعايير الدولية والإقليمية بسبب فرضه قيوداً على وسائل الإعلام لمصلحة الأمن القومي والنظام العام، وتضمينه أحكاماً فضفاضة التعاريف بشأن قرارات الحظر المستندة إلى تهم تشجيع الاضطرابات الإثنية والدينية والتحريض على العنف، وإخضاع رؤساء التحرير للمساءلة الجنائية عن جميع المحتويات التي تنشر في صحفهم.

    وأنشى بموجب قانون الصحافة المعدل "المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية" (المجلس القومي). وهو هيئة شبه قضائية مكلفة بتنظيم شؤون العاملين في وسائل الإعلام والمطبوعات الصحفية. وتملك كذلك صلاحية إغلاق الوكالات الصحفية لفترة ثلاثة أيام دون أمر قضائي، كما يمكنها أن توقف الناشرين عن العمل. ويعاني المجلس من السيطرة غير المبررة للرئيس على أعماله، حيث يتولى إقرار ميزانيته ويعين عدداً كبيراً من موظفيه ويشرف على أنشطته. وهذا مخالف للمعايير الدولية المرعية، حيث ينبغي حماية الهيئات العامة التي تملك سلطات تنظيمية بشأن وسائل الإعلام، كما هو الحال بالنسبة للمجلس، من التدخلات السياسية أو الحكومية. وفضلاً عن ذلك، قضت "لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة"، وهي الهيئة المكلفة بمتابعة تنفيذ أحكام العهد الدولي، في سنة 2000، بأن وجود نظام لترخيص وسائل الاتصال المطبوعة لا يتسق مع الحق في حرية التعبير الذي تكفله الاتفاقية (11). ويجري كذلك تطبيق عدة قوانين أخرى بصورة منتظمة ضد وسائل الإعلام، بما في ذلك أحكام في "القانون الجنائي لسنة 1991"، وكذلك "قانون جهاز الأمن الوطني لسنة 2010"، وقانون الطوارئ المطبق في إقليم غرب دارفور.

    ولا يقتصر الأمر على فرض القوانين القمعية من جانب المسؤولين السودانيين على الصحافة، وإنما يطال كذلك منظمات المجتمع المدني. وعلى سبيل المثال، ثمة مواد عديدة فضفاضة التعاريف في "قانون تنظيم العمل الطوعي والإنساني" (2006) (12) تسمح "لمفوضية العون الإنساني" بأن تسيطر على أنشطة المجتمع المدني بصورة واسعة. ولاحظت منظمة العفو الدولية في 2006 أن القانون "يمنح سلطة تقديرية ومفرطة للحكومة بشأن أنشطة المنظمات غير الحكومية، وتنتهك بعض الأحكام الحق في حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها الذي تكرسه المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان.." (13)

    ويحد "قانون تنظيم العمل الطوعي والإنساني" بشدة من مشاركة المجتمع المدني بفرضه شروطاً صارمة على تسجيل منظمات المجتمع المدني وتعيين "مأمور التسجيل" من جانب وزير الشؤون الإنسانية، الذي يملك سلطة إنهاء تسجيل المنظمات أو رفض التسجيل ابتداء (المادة 13). ولا تخضع "مفوضية العون الإنساني" لأية آلية للطعن في قرارات رفض طلبات التسجيل. ويتعين على المنظمات تجديد تسجيلها سنوياً (المادة 11). ويمنح القانون المفوضية صلاحية المشاركة في إجراءات أي مشروع ممول خارجياً (المادة 7- 2). وترى العديد من منظمات المجتمع المدني أن القانون غير مناسب لعملها، نظراً لأنه لا ينظم فحسب العمل الإنساني والخيري، وإنما يبسط سيطرته أيضاً على "الجهود الأوسع للمجتمع المدني"، بما في ذلك على العمل من أجل تعزيز الحقوق الاجتماعية والثقافية وحقوق الإنسان (14). ويخضِع القانون، بصورة أساسية، كل منظمة من منظمات المجتمع المدني تقريباً لولايته (15).

    لقد قبلت الحكومة السودانية عقب "الاستعراض الدوري الشامل" لسجل السودان، في 10 مايو/أيار 2011، توصيات تتعلق بإصلاح "قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية" و"قانون تنظيم العمل الطوعي والإنساني". كما وافقت على احترام الحق في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات والانضمام إليها، عن طريق السماح للمدافعين عن حقوق الإنسان والمنشقين السياسيين والصحفيين بالإعراب عن آرائهم بحرية، طبقاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان. وتعهد السودان طوعاً، زيادة على ذلك، بأن "تحظى التوصيات التي نلتزم بها بالتنفيذ" (16). وسيخضع السودان للاستعراض الشامل التالي لسجلها في مضمار حقوق الإنسان في أبريل/نيسان 2016.


    قمع المطبوعات

    تواجه المطبوعات السودانية المصادرة التعسفية بانتظام من جانب جهاز الأمن والمخابرات. فخلال 2014، صودرت أعداد ما لا يقل عن 18 صحيفة مختلفة، في 52 مناسبة. ففي الشهرين الأولين من السنة، شدد جهاز الأمن والمخابرات من مضايقاته ورقابته على المطبوعات الصحفية. وتواجه الصحف كذلك متطلبات يفرضها عليها الجهاز وتمنعها من نشر تقارير تنتقد سلوك الأجهزة الأمنية أو القوات المسلحة أو الشرطة أو الرئيس أو قضايا الفساد أو ما يحدث في مناطق النزاع وانتهاكات حقوق الإنسان.

    ففي 16 فبراير/شباط 2015، صادر عملاء جهاز الأمن والمخابرات جميع طبعات 14 صحيفة من المطابع، دون توضيح، رغم أن بعض الصحف ممولة ومدعومة بصورة مباشرة أو غير مباشرة من الحزب السياسي الحاكم. ولم يواجه جهاز الأمن والمخابرات أية عواقب قانونية أو سياسية. وعلى العكس من ذلك، ظل المسؤولون السودانيون يبررون تصرفات الجهاز.

    وعلى سبيل المثال، دافع وزير الإعلام السوداني، أحمد بلال عثمان، في 17 فبراير/شباط 2015، عن تلك الأفعال قائلاً إن أية صحيفة تهدد الأمن القومي سوف تصادر (17). وبرر الرئيس عمليات المصادرة أيضاً في مؤتمر صحفي عقب أسبوع، قائلاً إنه "ينبغي على الصحف أن لا تتجاوز الحدود [خطوط الحكومة الحمراء]". ويتبين من خلال هذه التدابير أن الحكومة عاقدة العزم على إسكات الصحف واحتوائها في جميع أرجاء السودان.

    وطبقاً لتقرير "المجلس الوطني للصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2014"، وصل عدد الصحف التي توزع في السودان إلى 47 صحيفة (29 منها تغطي المسائل السياسية في الأساس، و11 تغطي الرياضة، و7 تنشر تقارير عن القضايا الاجتماعية) (18). وأبلغت شادية (وهذا ليس اسمها الحقيقي)، وهي صحفية مقرها السودان، منظمة العفو الدولية أن "ما لا يقل عن 20 من هذه الصحف تخضع للسيطرة [المالية] المباشرة للحكومة وأجهزتها الأمنية. وبذا فإن هذه الصحف بوق للنظام" (19).

    وقد صودر، منذ يناير/كانون الثاني 2015، ما لا يقل عن 20 عدداً من أعداد صحيفة الميدان، التي تصدر ثلاث مرات في الأسبوع، أيام الأحد والثلاثاء والخميس، والناطقة بلسان "الحزب الشيوعي السوداني". حيث اتهم جهاز الأمن والمخابرات الصحيفة بنشر مواد تلحق الضرر بالأمن القومي. وأوضحت محررة الميدان، مديحة عبد الله، لمنظمة العفو الدولية أن "جهاز الأمن والمخابرات أبلغنا بأنه ينبغي علينا عدم نشر أي مقالات تنتقد أداء أجهزة الأمن أو القوات المسلحة أو الشرطة، وعدم انتقاد الرئيس، أو نشر تقارير حول الأمور المتعلقة بقضايا الفساد والحريات العامة والحريات الصحفية" (20).

    وفي الوقت الحاضر، تواجه مديحة عبد الله تهماً جنائية. وقد خضعت للاستجواب لسبع ساعات من قبل جهاز الأمن والمخابرات في 14 كانون الثاني، ثم جرت إحالة قضيتها إلى "محكمة وسط الخرطوم". وأفرج عنها بالكفالة عقب توجيه تهم إليها، بموجب "القانون الجنائي لسنة 1991"، بالاشتراك تنفيذاً لاتفاق جنائي (المادة 21)؛ وتقويض النظام الدستوري (المادة 50)؛ والدعوة لمعارضة السلطة العامة بالعنف أو القوة الجنائية (المادة 63)؛ ونشر الأخبار الكاذبة (المادة 66) (21). كما وجهت إلى مديحة عبد الله تهم بموجب الأحكام المتعلقة بمسؤولية رئيس التحرير في "قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2009" (المادة 24)، وبواجبات الصحفيين (المادة 26). ومثلت أمام المحكمة مع صحفيين اثنين آخرين يعملان في الصحيفة، في 20 يناير/كانون الثاني و16 فبراير/شباط و1 و19 مارس/آذار. وقد تواجه مديحة عبد الله عقوبة الإعدام إذا ما أدينت.

    ومنذ يناير/كانون الثاني 2015، قبض على ما لا يقل عن 21 صحفياً آخر يعملون في صحف مختلفة، في مناسبات منفصلة، واستجوبوا من قبل المكتب الصحفي لجهاز الأمن والمخابرات و"نيابة الصحافة والمطبوعات" في الخرطوم. وعلاوة على ذلك، يحاكم أربعة من الصحفيين، بالإضافة إلى مديحة عبد الله، ويواجهون تهماً مماثلة. وأبلغ ثلاثة صحفيين خضعوا لتحقيقات من قبل جهاز الأمن والمخابرات منظمة العفو الدولية أنه قصد بهذه التهم إذلالهم وتخويفهم (22). وقد أجبر الجهاز جميع الصحفيين في السودان على ملء استمارة من سبع صفحات تتضمن معلومات تفصيلية عن عائلاتهم ودخولهم وقضاياهم القانونية والبلدان التي زاروها وخلفيتهم التعليمية وعناوينهم وأرقام هواتفهم، وكذلك المقالات التي كتبوها. وأبلغ فيصل الباقر، مؤسس شبكة "صحفيون لحقوق الإنسان"، منظمة العفو الدولية (في إشارة إلى قضية مديحة والصحفيين الآخرين) أن جهاز الأمن والمخابرات قد لجأ إلى "أساليب مقاضاة حاقدة" لتخويف الصحفيين. وقال إن الصحفيين يقضون الآن وقتاً أطول في المحاكم لمواجهة هذه "المزاعم الكاذبة" (23). وأشارت شادية (الوارد ذكرها آنفاً) أيضاً إلى أن "الصحفيين في السودان قد عوقبوا ثلاث مرات: أولها من خلال قانون الأمن، وثانيها من خلال "قانون الصحافة والمطبوعات"، وثالثها من خلال القانون الجنائي".

    ويعاقب "جهاز الأمن والمخابرات الوطني" الصحف أيضاً بأثر رجعي لنشرها مقالات تتضمن دعاية سلبية ضد الحكومة. وأبلغ عبد الهادي، وهو صحفي يقيم في السودان، منظمة العفو الدولية أن "جهاز الأمن والمخابرات يطبق أسلوباً جديداً، في الأيام الأخيرة، فإذا ما نشرت أخبار أو مقالات لم تصادرها الرقابة واجتذبت رد فعل قوي من الجمهور، تعاقب الصحيفة بأثر رجعي، ويصادر عددها في اليوم التالي" (24).

    وأشار العديد من الصحفيين الذين قابلتهم منظمة العفو الدولية إلى أن سياسة الرقابة المسبقة والخطوط الحمراء التي يفرضها جهاز الأمن والمخابرات قد أدت إلى خسارة الصحافة ثقة الجمهور بصورة كبيرة، ما يؤثر سلباً على مبيعاتها، وعلى فرص حصول الجمهور العام على معلومات ذات مصداقية. وأكد "المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية" كذلك على هذا التراجع في ثقة الجمهور، وأشار إلى أن توزيع الصحف قد تراجع إلى حد كبير وبمعدل 30 بالمئة ليبلغ 86 مليون نسخة في 2014، بالمقارنة مع 126 مليون نسخة في 2012. (25)


    قمع المجتمع المدني السوداني

    تلقت منظمة العفو الدولية تقارير عديدة منذ مطلع 2015 تفيد بأن حملة جهاز الأمن والمخابرات ضد أنشطة منظمات المجتمع المدني قد تكثفت. وأكد نشطاء المجتمع المدني الذين قابلتهم منظمة العفو الدولية أن ما لا يقل عن اثني عشر مكتباً من مكاتب منظمات المجتمع المدني تخضع للمراقبة من قبل عناصر جهاز الأمن والمخابرات. وذكرت العديد من منظمات المجتمع المدني أنها قد تلقت تهديدات من جهاز الأمن والمخابرات و"مفوضية العون الإنساني". وأغلق جهاز الأمن والمخابرات ثلاثاً من منظمات المجتمع المدني.

    ويذكر المسار الحالي لقمع حرية تكوين الجمعيات والهجمات على المنظمات الإنسانية بفترة ما قبل 1997 (26). فبينما تراجع هذا القمع في الفترة 2002- 2009 ولا سيما بعد "اتفاق السلام الشامل" في 2005، عاد للتفاقم منذ ذلك الحين. والجدير بالذكر أن الحكومة، ورداً على مذكرة القبض على الرئيس التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية، طردت 13 منظمة دولية وأغلقت مكاتب ثلاث من منظمات المجتمع المدني السودانية العاملة في دارفور.(27) وفي يونيو/حزيران 2012، طردت أربعاً من المنظمات الإنسانية العاملة في شرق السودان. (28) وفي ديسمبر/كانون الأول 2012، أغلقت مكاتب خمس من منظمات المجتمع المدني المحلية، (29) تبعها، في حزيران 2014، إغلاق "مركز سالمة للدراسات النسوية". وفي ديسمبر/كانون الأول 2014، طُرد اثنان من كبار مسؤولي الامم المتحدة من البلاد. (30)

    وقد تحدث الصادق حسن، وهو عضو في "هيئة محامي دارفور"، إلى منظمة العفو الدولية حول بيئة المجتمع المدني الراهنة في السودان. فأوضح أن "هذا هو أسوأ وقت للمجتمع المدني في السودان. فهو يواجه هجوماً منظماً من جانب النظام على حريته في التعبير والتجمع. وبعد التعديلات الدستورية الأخيرة، تفاقمت المضايقات". (31)

    وأبلغت أمل (ليس اسمها الحقيقي)، وهي ناشطة في المجتمع المدني، منظمة العفو الدولية ما يلي: "تتعرض منظمتنا للمضايقة بصورة منتظمة من جهاز الأمن والمخابرات، فقد جرى تفتيش مكتبنا ومصادرة الوثائق وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بنا، ونحن الآن غير قادرين على العمل وتنفيذ مشاريعنا". ويواصل جهاز الأمن والمخابرات مضايقة "معهد تنمية المجتمع المدني"، وهو منظمة من منظمات المجتمع المدني ويعمل على بناء القدرات وتعزيز الديمقراطية وبناء السلام. وقد عُلقت معظم أنشطة المعهد منذ سبتمبر/أيلول 2014.
    وفي 21 ديسمبر/كانون الأول 2014، داهم جهاز الأمن والمخابرات مكاتب "المرصد السوداني لحقوق الإنسان"، أثناء استضافته اجتماعاً للتحضير للمراجعة الدورية الشاملة للسودان في 2016. وصودرت خمسة أجهزة كمبيوتر واعتقل صحفي وأطلق سراحه في اليوم نفسه بعد استجوابه من قبل جهاز الأمن والمخابرات. وأبلغ خالد (ليس اسمه الحقيقي) منظمة العفو الدولية ما يلي: "جاءوا إلى مكتبنا وصادروا كافة أجهزة الكمبيوتر والوثائق الخاصة بنا. نحن الآن نواجه صعوبات في العمل. لا يمكننا حتى تنظيم اجتماعات بسيطة بسبب المراقبة الأمنية المستمرة". (32) وتأسس "المرصد السوداني لحقوق الإنسان" على يد الدكتور أمين مكي مدني، الذي يخضع حالياً للمحاكمة في الخرطوم بتهمة عقوبتها الإعدام، بموجب "القانون الجنائي لسنة 1991".


    إلغاء تراخيص المراكز الثقافية

    في يناير/كانون الثاني 2015، أغلق "جهاز الأمن والمخابرات الوطني" مقرات ثلاث من منظمات المجتمع المدني على أساس أنها كانت تنتهك شروط تراخيص تسجيلها. وفي 18 يناير/كانون الثاني، أغلق جهاز الأمن والمخابرات "مركز محمود محمد طه الثقافي" في أم درمان، ومنع الاحتفال بالذكرى السنوية الثلاثين لإعدام محمود محمد طه. (33) وسُجل المركز لدى وزارة الثقافة في الخرطوم في 2009. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2013، تقدم المركز بطلب لتجديد رخصة تسجيله، ولكن الوزارة تجاهلت طلبه دون مبرر. وأبلغت أسماء محمود، مديرة مركز محمود محمد طه الثقافي، منظمة العفو الدولية أنه "طوال تلك الفترة، بينما كنا في انتظار تجديد الترخيص، لم نستطع العمل، وجاء رجال الأمن والشرطة في كثير من الأحيان إلى المركز [لوقف أي أنشطة]. وطلب مني مراراً وتكراراً مراجعة مكتب الأمن في محلية أم درمان للتحقيق معي". (34) وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني وأثناء لقاء في المركز للتحضير لفعالية احتفالية، في 18 يناير/كانون الثاني، اقتحم رجال أمن يحملون بنادق كلاشنيكوف المركز وأمروا المشاركين بتعليق الجلسة، بحسب أسماء محمود.

    وبالمثل، وفي 20 يناير/كانون الثاني، أصدر "المنتدى المدني السوداني" بياناً قال فيه إنه أيضاً تلقى خطاباً من وزارة الثقافة بإلغاء رخصة تسجيله. والمنتدى هو واحد من عدد قليل من منظمات المجتمع المدني السودانية التي تركز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى بناء السلام وتنمية قدرات المجتمع المدني. وساهم المنتدى، بالتعاون مع المنظمات الأخرى، بشكل منتظم في إعداد تقارير الظل حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في البلاد في "مجلس حقوق الإنسان".

    وفي 29 يناير/كانون الثاني، أرسلت وزارة الثقافة رسالة موجزة (35) بإلغاء ترخيص "اتحاد الكتاب السودانيين". وادعت الوزارة أن الاتحاد قام بأنشطة "مخالفة لدستور اتحاد الكتاب ومخالفة لقانون الجمعيات الثقافية في السودان". وتأسس الاتحاد في 1985 وأغلقت مقراته بعد الانقلاب العسكري في 1989. ولم يسمح له بالتسجيل مرة أخرى إلا في 2006.

    وفي 11 يناير/كانون الثاني، أوقف جهاز الأمن والمخابرات أنشطة معرض الكتب المستعملة مفروش، الذي نظمته "فريق العمل الثقافي" في الخرطوم. وفي أواخر ديسمبر/كانون الأول 2014، أوقف جهاز الأمن والمخابرات أيضاً الأنشطة الثقافية والمعارض الفنية والأمسيات الشعرية والفعاليات الموسيقية في مطعم بابا كوستا في الخرطوم. (36)


    منظمات أخرى للمجتمع المدني تحت التهديد

    أوردت منظمات المجتمع المدني المستقلة التي لم يتم بعد إغلاق مكاتبها من قبل الحكومة، ولكنها ترزح تحت وطأة الضغوط من جانب "مفوضية العون الإنساني"، تقارير متكررة عن حالات تدخل واحتكاك جزئية. ووفقاً لناشط في المجتمع المدني قابلته منظمة العفو الدولية: "يحظر على منظمات المجتمع المدني العمل على مواضيع مثل: السلام والديمقراطية، وحقوق المرأة، وحقوق الإنسان". (37) وقال حازم (ليس اسمه الحقيقي)، لمنظمة العفو الدولية: "نحن نعمل في المناطق المحيطة بالخرطوم ودارفور. وواجهنا العديد من التحديات، خصوصاً في العمل في دارفور. تحظر علينا مفوضية العمل الإنساني تنفيذ المشاريع المتعلقة بتمكين الشباب، والتوعية بالعنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس، وخاصة بعد حادثة تابت [في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2014، زعم أن 200 امرأة وفتاة اغتصبت من قبل أفراد القوات المسلحة السودانية والميليشيات المتحالفة معها، في بلدة تابت، شمال دارفور]. والهدف النهائي لجهاز الأمن والمخابرات ومفوضية العون الإنساني هو التوصل إلى وقف أعمالنا في هذه المناطق". (38)

    وقال عبد الرحمن المهدي، مدير "مبادرة التنمية السودانية"، والتي تعمل على الحكم الرشيد وبناء السلام، وتمكين الشباب وتعزيز دور وسائل الإعلام والمجتمع المدني، (39) لمنظمة العفو الدولية إن "بيئة العمل للمجتمعات المدنية تدهورت مقارنة مع العام السابق. أعتقد أن المضايقات الحالية والتهديدات التي يتعرض لها المجتمع المدني يمكن أن تفهم بوصفها محاولة شاملة للحكومة للسيطرة على المجتمع المدني، من حيث الحد من فرص حصوله على الأموال، وبالتالي الحد من قدرته على العمل". (40)

    ونوهت فداء (ليس اسمها الحقيقي) أن "إجراءات تسجيل منظمات جديدة أو تجديد التسجيل قد جرى تعقيدها وأصبحت مرهقة بصورة متعمدة. وقد ثبطت هذه عدداً من منظمات المجتمع المدني وحرمتهم من العمل وتنفيذ مشاريعهم. ولا تزال معظم المنظمات غير الحكومية المتبقية تعمل بعيداً عن الاضواء". (41)

    وأشار العديد من الذين جرت مقابلتهم إلى أن منظمات المجتمع المدني ليست قادرة على عقد الفعاليات العامة في أماكن العمل الخاصة بها إلا إذا كان لديها تصريح من جهاز الأمن والمخابرات؛ وفي مناسبات عديدة، تم رفض منح هذا الإذن. وقال سمير (ليس اسمه الحقيقي)، وهو ناشط في المجتمع المدني مقيم في السودان، لمنظمة العفو الدولية: "نحن غير قادرين على العمل بعد الآن. الأمر يزداد صعوبة كل يوم، وعادة ما يرفض جهاز الأمن والمخابرات منح تصاريح لعقد الفعاليات".

    وتستخدم الحكومة هيئات الدولة المختلفة، مثل "مفوضية العون الإنساني" ووزارة الثقافة ومسجل الشركات غير الربحية و"المجلس الوطني للتدريب"، لمضايقة أو إغلاق منظمات المجتمع المدني. ووفقاً لفداء فإن "جهاز الأمن والمخابرات [هو] لا يتدخل فقط عن طريق وقف فعالياتنا مباشرة ولكن أيضاً [بتوجيه] الهيئات التنظيمية المختلفة، كالمجلس الوطني للتدريب، ووزارة الثقافة ومسجل الشركات غير الربحية،" وكذلك "مفوضية العون الإنساني" لإلغاء تراخيصنا وتسجيلنا". (44)


    العقبات الإدارية المتعددة وتأثيرها على التمويل

    تصر "مفوضية العون الإنساني" على تسجيل منظمات المجتمع المدني على المستوى الاتحادي ومستوى الولايات. وعلى سبيل المثال، سجّلت "المنظمة السودانية للبحث والتنمية"، التي تعمل على المساواة بين الجنسين والعدالة والديمقراطية، وتدعم الجهود المبذولة لنشر الوعي بحقوق ومسؤوليات المواطنين، على المستوى الاتحادي. ومع ذلك، طلبت "مفوضية العون الإنساني" من المنظمة، في 2012، التسجيل أيضاً لدى مكتب "مفوضية العون الإنساني" في ولاية الخرطوم. وتقدمت "المنظمة السودانية للبحث والتنمية" بطلب للحصول على هذا الترخيص، لكنها لم تحصل بعد عليه. وقد استفسرت مراراً وتكراراً عن وضع طلبها ولكن قيل لها إنه "يمر بالإجراءات المرعية". والنتيجة هي أنه منذ مارس/آذار 2014، ظلت المنظمة غير قادرة على تنفيذ مشاريعها في ولاية الخرطوم.

    وتجد العديد من منظمات المجتمع المدني نفسها في وضع حرج. فتواجه القيود الحكومية من جهة، ومن جهة أخرى، يحجم الممولون عن تمويلها بسبب هذه القيود. ويرفض العديد من الممولين الآن دعم منظمات المجتمع المدني لأنها ليست مسجلة على مستوى الدولة أو تم إلغاء تراخيصها. وقد خسرت "المنظمة السودانية للبحث والتنمية"، على سبيل المثال، تمويل خمسة مشاريع في العام الماضي، مما اضطرها إلى تسريح ما يقرب من 50 بالمائة من موظفيها.

    وأبلغ نشطاء في المجتمع المدني منظمة العفو الدولية أن ما لا يقل عن خمس من منظمات المجتمع المدني الأخرى تواجه التهديد الوشيك بالإغلاق وتعليق عملها. (45) ففي 9 مارس/آذار 2015، زارت "مفوضية العون الإنساني" وجهاز الأمن والمخابرات مكتب منظمة أفريقيا العدالة- السودان (46)، واستجوبوا جميع الموظفين عن أنشطتها. واعتقلوا العديد من نشطاء المجتمع المدني، وهذه هي الخطوة الأولى نحو الإغلاق. وعادة ما يرافق هذه الاستجوابات الإساءة اللفظية والاتهامات بالعمل مع السفارات أو بالتجسس والعمل ضد مصالح البلاد.


    نتائج وتوصيات

    تسلط الانتهاكات المستمرة لحرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها الضوء على أن القمع يرسخ جذوره في السودان. وتوثق تقارير نشرتها مؤخراً منظمة العفو الدولية و"هيومان رايتس ووتش" والأمم المتحدة مدى خطورة حالة حقوق الإنسان في السودان. ويخلص آخر تقرير "لمجموعة الأزمات الدولية" أيضاً إلى أن بعض الجهات الدولية تفضل بقاء الوضع الراهن في السودان "على عملية انتقال ديمقراطي بطيئة وتنطوي على الصراع". ومثل هذا المنطق يعطي الأولوية للمصالح السياسية على حماية حقوق الإنسان.

    أما ردود الفعل الدولية والإقليمية على الانتهاكات الراهنة لحقوق الإنسان في السودان فقد ظلت محدودة. فلم يمارس الاتحاد الأفريقي أو الجامعة العربية أو الأمم المتحدة، وأعضاؤها ذوي السطوة، ما يكفي من الضغوط على السودان كي يحترم التزاماته الدولية والإقليمية. وتدعو منظمة العفو الدولية حكومة السودان إلى أن توقف هذا النمط المقلق من القمع، وإلى أن تتخذ تدابير عاجلة لمعالجة الانحسار المستمر لمساحة حرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها في السودان، بالسماح للناس بأن يمارسوا حقوقهم في حرية التعبير وفي انطلاق أنشطة جمعياتهم، وبوضع حد لعمليات القبض والاعتقال التعسفيين، وسجن ناشطي المجتمع المدني والصحفيين وأعضاء التنظيمات السياسية المعارضة.


    توصيات


    إلى حكومات السودان:


    • احترام الالتزامات الدولية والإقليمية والدستورية فيما يتعلق بالحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات؛

    • تعديل "قانون الأمن الوطني لعام 2010"، و"قانون الصحافة والمطبوعات لسنة 2009"، و"قانون تنظيم العمل الطوعي والإنساني لسنة 2006"، و"القانون الجنائي لسنة 1991"، التي تقيد دون مبرر الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات؛

    • وضع حد لجميع أشكال المضايقات والاعتقال التعسفي للناشطين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين؛

    • ضمان رفع جميع القيود القانونية المفروضة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات لوسائل الإعلام والمجتمع المدني؛

    • كبح جماح قوات الأمن، ولا سيما جهاز الأمن والمخابرات الوطني، والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها جهاز المخابرات والأمن بحق حرية التعبير وتكوين الجمعيات؛

    • ضمان الاحترام لحقوق أعضاء الأحزاب السياسية المعارضة ومنظمات المجتمع المدني التي تقاطع الانتخابات؛

    • الامتناع عن تقييد قدرات أعضاء الأحزاب السياسية المعارضة والمجتمع المدني على التعبير عن آرائهم في وسائل الإعلام، وتمكينهم من عقد الفعاليات الجماهيرية.

    إلى بعثة الاتحاد الأفريقي لمراقبة الانتخابات في السودان:
    • إيلاء الاهتمام للقيود المفروضة على الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها؛

    • مراقبة تأثيرات الصلاحيات الممنوحة لجهاز الأمن والمخابرات وتوثيقها وإعداد التقارير عنها، وكذلك الانتهاكات التي يرتكبها الجهاز أثناء الانتخابات؛

    • ضمان عدم تقييد حق أحزاب المعارضة السياسية التي تقاطع الانتخابات في التعبير عن آرائها.






    Endnotes

    (1) لا يزال السبب مجهولاً، ولكن بعض الصحفيين قد أشاروا إلى أن عمليات المصادرة تعود إلى التغطية السلبية المتعلقة بإبراهيم غندور، نائب رئيس "حزب المؤتمر الوطني"، أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة في فبراير/شباط 2015، أو بسبب نشر تقارير حول اختفاء صحفي في ولاية النيل.

    (2) منظمة العفو الدولية "تخويل جهاز المخابرات الوطني السوداني سلطة انتهاك حقوق الإنسان"، http://www.amnesty.org/en/articles/blogs/2015/03/sudanese-national-intelligence-service-empowered-to-violate-human-rights/،http://www.amnesty.org/en/articles/blogs/2015/03/sudanese-national-intelligence-service-empowered-to-violate-human-rights/، زيارة في 25 مارس/آذار 2015.

    (3) طبقاً لبيانات الأمم المتحدة، نزح ما لا يقل عن 43,000 شخص في دارفور منذ بدء السنة.

    (4) في 27 يناير/كانون الثاني 2014، أعلن الرئيس عمر البشير بدء "حوار وطني" في السودان يشمل أربع مسائل: السلم والإصلاح الاقتصادي والحرية السياسية والهوية.

    (5) "مجموعة الأزمات الدولية"، السودان: آفاق "الحوار الوطني"، 2015، ص1.

    (6) نداء السودان، "الإعلان السياسي لتأسيس دولة المواطنة والديمقراطية"، 3 ديسمبر/كانون الأول 2014،
    http://http://www.sudantribune.com/spip.php?article53263،www.sudantribune.com/spip.php?article53263، زيارة في 16 مارس/آذار 2015.

    (7) العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صدق عليه السودان في 18 مارس/آذار 1986، المادة 19؛ الميثاق الأفريقي، الذي صدق عليه في 18 فبراير/شباط 1986، المادة 9.

    (8) العهد الدولي، المادة 22؛ الميثاق الأفريقي، المادة 10.

    (9) دستور السودان الانتقالي، http://http://www.refworld.org/pdfid/4ba749762،www.refworld.org/pdfid/4ba749762، زيارة في 10 مارس/آذار 2015.

    (10) مجلس حقوق الإنسان (لجنة حقوق الإنسان)، التعليق العام رقم 34، المادة 19: حرية الرأي والتعبير، CCPR/C/GC/34، سبتمبر/أيلول 2011، http://www2.ohchr.org/english/bodies/hrc/docs/gc34.pdf،http://www2.ohchr.org/english/bodies/hrc/docs/gc34.pdf، زيارة في 15 مارس/آذار 2015.

    (11) مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الرسالة رقم 780/1997، 20 مارس/آذار 2000، الفقرة 8.5.
    (12) قانون العمل الطوعي والإنساني لسنة 2006،
    http://www.sudantribune.com/IMG/pdf/NGO_EN_7-2-06.pdf،http://www.sudantribune.com/IMG/pdf/NGO_EN_7-2-06.pdf، زيارة في 12 مارس/آذار 2015.

    (13) منظمة العفو الدولية، السودان: استمرار عرقلة وصول المساعدات الإنسانية (رقم الوثيقة: AFR 54/010/2006).

    (14) المركز الدولي لقانون المنظمات غير الربحية، مرصد قانون المنظمات غير الربحية: السودان،
    http://www.icnl.org/research/monitor/sudan.html،http://www.icnl.org/research/monitor/sudan.html، زيارة في 12 مارس/آار 2015.

    (15) مركز الخاتم عدلان للاستشارة والتنمية البشرية والمركز الدولي لقانون المنظمات غير الربحية، دراسة لقانون العمل الطوعي والإنساني السوداني لسنة 2006، 2015، ص11.

    (16) مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، السودان،
    UPR,http://lib.ohchr.org/HRBodies/UPR/Documents/session11/SD/SudanImplementation_en.pdf،http://lib.ohchr.org/HRBodies/UPR/Documents/session11/SD/SudanImplementation_en.pdf، زيارة في 30 مارس/آذار 2015.

    (17) صحيفة الطريق الإلكترونية (بالعربية)، حكومة السودان: مصادرة الصحف ستستمر، 16 فبراير/شباط 2015، http://http://www.altareeq.info/ar/confiscation-of-newspapers-will-continue/#.VRJy047Lf7Y،www.altareeq.info/ar/confiscation-of-newspapers-will-continue/#.VRJy047Lf7Y، زيارة في 18 فبراير/شباط 2015.

    (18) المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية، التحقق من توزيع الصحف والمطبوعات الصحفية، 2014.

    (19) مراسلة إلكترونية مع منظمة العفو الدولية، 27 فبراير/شباط 2015.

    (20) مقابلة بالهاتف مع منظمة العفو الدولية، 12 فبراير/شباط و15 مارس/آذار 2015.

    (21) القانون الجنائي السوداني لسنة 1991: تعاقب المادة 50 بالإعدام أو السجن المؤبد أو لفترة سجن أقل. وتعاقب المادة 63 بالسجن لفترة لا تزيد عن سنتين أو بدفع غرامة أو بكليهما. وتعاقب المادة 66 بالسجن لفترة لا تتجاوز ستة أشهر أو بدفع غرامة أو بكليهما، ويمكن الاطلاع على القانون على:
    http://www.pclrs.org/downloads/bills/Criminal%20Law/Criminal%20Act%201991%20English.pdf؛http://www.pclrs.org/downloads/bills/Criminal%20Law/Criminal%20Act%201991%20English.pdf؛ زيارة في 15 مارس/آذار 2015.
    (22) مراسلات إلكترونية لمنظمة العفو الدولية مع ثلاثة صحفيين، 27 فبراير/شباط 2015.

    (23) مقابلة مع منظمة العفو الدولية، 26 فبراير/شباط 2015.

    (24) مقابلة مع منظمة العفو الدولية، 26 فبراير/شباط 2015.

    (25) المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية، التحقق من توزيع الصحف والمطبوعات الصحفية، 2014.

    (26) مقابلة مع منظمة العفو الدولية، 10 مارس/آذار 2015. وقد سمح بالتسجيل في 1997 لمعظم منظمات حقوق المرأة، مثل "مركز النوع الاجتماعي" و" مركز سالمة للدراسات النسوية" و"متاوينات" (شبكة نساء في ظل قوانين المسلمين).

    (27) مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تقرير الحالة، 8 مارس/آذار 2009،
    http://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/ECA64643771CB0B885257574007C81C5-Full_Report.pdf،http://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/ECA64643771CB0B885257574007C81C5-Full_Report.pdf، زيارة في 14 مارس/آذار 2015.

    (28) بي بي سي، "الخرطوم تطرد هيئات المساعدات الأجنبية من شرق السودان"، 1 يونيو/حزيران 2012، http://www.bbc.com/news/world-africa-18296430،http://www.bbc.com/news/world-africa-18296430، زيارة في 11 مارس/آذار 2015.

    (29) "المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلم"، "إغلاق منظمات المجتمع المدني في حملة قمعية جديدة لحرية تكوين الجمعيات في السودان"، 9 يناير/كانون الثاني 2013، http://www.sudantribune.com/spip.php?article45127،http://www.sudantribune.com/spip.php?article45127، زيارة في 10 مارس/آذار 2015.

    (30) تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، النشرة الإنسانية للسودان، العدد 52، 22- 28 ديسمبر/كانون الأول 2014: "أعلنت الحكومة السودانية المنسق المقيم والمنسق الإنساني، علي الزعتري، والمديرة القُطرية لبرنامج الأمم المتحدة للإنماء، إيفون هيله، شخصين غير مرغوب فيهما، بحسب بيان صادر عن وزارة الشؤون الخارجية".
    http://reliefweb.int/report/sudan/sudan-humanitarian-bulletin-issue-52-22-28-december-2014-enar،http://reliefweb.int/report/sudan/sudan-humanitarian-bulletin-issue-52-22-28-december-2014-enar، زيارة في 27 مارس/آذار 2015.

    (31) مقابلة مع منظمة العفو الدولية عبر "سكايب"، 26 فبراير/شباط 2015.

    (32) مقابلة مع منظمة العفو الدولية، 11 مارس/آذار 2015.

    (33) عارض محمد محمود طه، مؤسس حركة "الإخوان الجمهوريون" في 1945، تطبيق قانون الشريعة الإسلامية في 1983. وقبض عليه وحكم بالإعدام بتهمة "الردة" من قبل نظام جعفر النميري (1969- 85)، وأعدم في 18 يناير/كانون الثاني 1985.

    (34) مراسلة بالبريد الإلكتروني مع منظمة العفو الدولية، 4 مارس/آذار 2015.

    (35) اطلعت منظمة العفو الدولية على نسخة من الرسالة التي تضمنت 15 كلمة. ووقع الرسالة مسجل الهيئات الثقافية في وزارة الثقافة لولاية الخرطوم.

    (36) المرصد السوداني لحقوق الانسان (بالعربية)، مع اقتراب الانتخابات: المزيد من الإغلاق والقيود لعمل المجتمع المدني في السودان، 9 فبراير/شباط 2015، ويمكن الدخول إلى الموقع على:
    https://plus.google.com/108183163850008465451/posts، زيارة في 24 مارس/آذار 2015.

    (37) مقابلة مع منظمة العفو الدولية، 11 مارس/آذار 2015.

    (38) مقابلة مع منظمة العفو الدولية، 11 مارس/آذار 2015.

    (39) مبادرة التنمية السودانية (سوديا)، http://http://www.sudia.org/،www.sudia.org/، زيارة في 2 مارس/آذار 2015.

    (40) مقابلة مع منظمة العفو الدولية عبر "سكايب"، 3 مارس/آذار 2015.

    (41) مقابلة مع منظمة العفو الدولية عبر "سكايب"، 2 مارس/آذار 2015.

    (42) مقابلة عن طريق الهاتف مع منظمة العفو الدولية، 27 فبراير/شباط 2015.

    (43) مكتب تسجيل الشركات في وزارة العدل مسؤول عن تسجيل الشركات غير الربحية طبقاً لقانون 1925.

    (44) مقابلة مع منظمة العفو الدولية عبر "سكايب"، 2 مارس/آذار 2015.

    (45) مقابلة لمنظمة العفو الدولية مع أربعة من ناشطي المجتمع المدني، 13 فبراير/شباط و4 و11 مارس/آذار 2015.

    (46) " منظمة أفريقيا العدالة- السودان" معهد دعوي وبحثي أسس في الخرطوم في 2007 ويعمل بشأن حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية في مختلف أرجاء السودان.

    (47) تقرير منظمة العفو الدولية لسنة 2014/15: حالة حقوق الإنسان في العالم (رقم الوثيقة: POL 10/0001/2015).

    (48) هيومان رايتس ووتش، التقرير العالمي لعام 2015، http://http://www.hrw.org/world-report/2015/country-chapters/sudan،www.hrw.org/world-report/2015/country-chapters/sudan، زيارة في 23 مارس/آذار 2015.

    (49) مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تقرير الخبير المستقل حول حالة حقوق الإنسان في السودان، ميشود أديبيو بدرين، A/HRC/27/69، 4 سبتمبر/أيلول 2014، http://reliefweb.int/report/sudan/report-independent-expert-situation-human-rights-sudan-mashood-baderin-ahrc2769-advance،http://reliefweb.int/report/sudan/report-independent-expert-situation-human-rights-sudan-mashood-baderin-ahrc2769-advance، زيارة في 23 مارس/آذار 2015.

    (50) مجموعة الأزمات الدولية، السودان: آفاق "الحوار الوطني"، الصفحتان 8- 9.

    (51) أليكس دو فال، "اللعب على أطراف عديدة، بشير السودان يحاول مجدداً إنهاء عزلته"، وورلد بوليتيكس ريفيو، 2 مارس/آذار 2015، http://www.worldpoliticsreview.com/articles/15190/playing-many-sides-sudan-s-bashir-tries-again-to-end-his-isolation،http://www.worldpoliticsreview.com/articles/15190/playing-many-sides-sudan-s-bashir-tries-again-to-end-his-isolation، زيارة في 27 مارس/آذار 2015.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 2 „‰ 2:   <<  1 2  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de