أهـم الأحداث فــــــــــــــي الصحف السودانية

Quote: كسلا.. (الكشة الكبرى) الحملة الضخمة التي قامت بها محلية كسلا لاخلاء السوق كانت محل إشادة من بعض المواطنين بأن الرقعة الصغيرة بما يعرف بشارع (المليون مجنون) اكتظ بالسلع الهامشية وغيرها بحيث انها لم تترك فراغاً إلاّ طريق الأسفلت الضيق.. وكذلك الفرندات وأمام المحال التجارية. ويبرر هؤلاء أشادتهم بالحملة بأن الوضع الذي كان سائداً كان مصدر خطر كبير في مجالات صحة الانسان، حيث تعرض المأكولات على الأرض وإعاقة الانسياب السلس لحركة المارة والعربات وكذلك افساد المناخ السياحي بالمدينة والذي يشكل مصدراً مهماً لدخل المواطنين لأن هذا الاختناق يقوم في منطقة الفنادق الكبرى وفي غيرها التي يرتادها زوار المدينة ويقول أيضاً بأن هذه الفوضى العارمة في عرض السلع يوفر مجالاً كبيراً لتسويق الكثير من الفاسد منها والذي عادة يأتي عبر الحدود وتأثير كل ذلك على السوق الشرعي الذي يستخرج الرخص التجارية من المحلية ويدفع الضرائب ألخ.. هناك من الناحية الأخرى مجموعة من المواطنين ترى في هذه الكشات (تخريباً) لبيوت كثيرة بمصادرة وسائل كسب عيشها مما يجرها للموت البطيء والى دائرة التفلتات الاجتماعية. ومهما يكن من أمر فان هذه الرؤى المتباينة حول هذه الكشة أو أية كشة من المؤكد أنه لا بد من التصدي لهذه الظاهرة لمنهج التوازن في تحقيق الانضباط في حركة السوق والكسب الشريف للمواطنين سواء لسواء.. خاصة وان هذه الظاهرة في انفلات الأسواق انتشرت في كثير من مدن السودان الكبرى وصارت تشكل عنصر جذب وهجرة من الريف للمدن بسبب التنمية غير المتوازنة والاجراءات والتحركات الادارية التي تهتم بازالة الظاهرة وليس مسبباتها، ولعل الخرطوم الكبرى تقدم نموذجاً مجسداً للظاهرة ونموذجاً يحتذى في المعالجة ويبدو حتى الآن ان المعالجة ربما تنطلق من محورين: معالجة آنية توائم بين ما هو مطلوب لشريحة المواطنين - للكسب الشريف والحياة الكريمة وبين ما هو مطلوب لضبط الأسواق - ومعالجة على المدى المتوسط سنتعرض لتفاصيلها لاحقاً. تجربة الخرطوم والتي استفادت فيما يبدو من تجربة متقدمة في دولة بنغلاديش تقوم، بصفة عامة على الآتي: 1/ اجراء مسح وحصر احتياجات السوق لمثل هذه الخدمات المتصلة بالمأكولات البلدية والمشروبات الساخنة والباردة لضمان استمرارها بصورة مدروسة (ومنع التكدس) لبعضها، مثل هذه الخدمات في اماكن ضيقة يختلط فيها الحابل بالنابل من الرجال والنساء. 2/ دراسة اجتماعية عاجلة لحالات العاملين فيها من الأسر والأفراد بهدف ايجاد الحلول المناسبة لهم لكسب العيش في مهنهم هذه وتنظيم لوائح وقوانين محلية يصدرها المجلس التشريعي بالمحلية ولعل هذا الاجراء يؤدى الى ابعاد محترفي المهن الهامشية ومعالجة قضاياهم في مجالات اخرى وفق مقتضى الحال. 3/ المساعدة في تطوير مقدرات من يسمح لهم بالعمل لتسهيل أمر استفادتهم من مشروع التمويل الأصغر وقد يشمل ذلك ان امكن تجميع في مجموعات عمل استثماري. هذه رؤية عامة بقدر ما يسمح مجال النشر والأمر برمته يحتاج لدراسة كما اشرنا ربما يرى السيد المعتمد ان يكون لها فريق عمل شامل التكوين للدراسة يكون من مخرجاتها الأساسية وضع خارطة للتنفيذ، وقد يكون المفيد التركيز على المسح الاجتماعي كما اشرنا بحصر حجم الخدمات المطلوبة لتحديد الأسر المستهدفة حقيقة والمواقع.. ألخ.. الخ. ولعلى ارى الاستفادة من تجربة الخرطوم بكل تفاصيلها عاملاً مهماً في انجاح التجربة هنا، وهنا لا بد من تحية للدكتور عبد الرحمن أحمد الخضر والي الخرطوم المنتخب للجهد المبذول في التصدي لمحاربة الفقر وتحية أيضاً للأستاذ/ محمد يوسف آدم والي كسلا المنتخب لالغائه حجراً في البركة الساكنة والتخطيط والعمل لتحقيق التوازن بين ضبط السوق ومعالجة قضايا الأسر لكسب شريف مستدام (بلا كشات). هذا كله يتصل بالمعالجة الآنية وهي كما اشرنا سابقاً إزالة للمظهر المتفلت عن طريق الكشات وتبقى امكانية العودة والانتكاسة لهذا المظهر أمراً وارداً ربما بمستوى أسوأ من سابقته بمنظور المثل الشعبي (الضربة التي لا تقتلك تقويك)، وكما اشرنا أيضاً فيما تقدم بأن التنمية غير المتوازنة بين الحضر والريف ادت الى تحركات واسعة من أهل الريف للمدن لتأمين متطلبات الحياة: مدينة كسلا كمثال، يستقبل سوقها الآلاف من أهل الريف كل صباح من كل الاتجاهات - وجاءوا ليعملوا ويعودوا لأسرهم بالخير والحد الأدنى من مستلزمات الحياة. فهذا الوجود الكثيف من البشر اغرى نشطاء ومحترفي تجارة السلع الهامشية من مختلف مناطق البلاد. كان الريف في السابق كما هو معروف أكبر داعم للمدينة في توفير الكثير من المواد الغذائية، وأذكر ونحن أطفال كان سوق كسلا يكتظ بخيرات الريف خاصة في فصل الخريف وبعده - الألبان ومشتقاتها والبهائم الصغيرة والدجاج والبيض والبطيخ وكثير من الخضروات والحبوب. إذاً من نافلة القول التأكيد على ضرورة تنمية الريف ولا نرى من المناسب هنا ان نخوض في التفاصيل، ولكن الواضح ان اعمار التنمية الريفية هي الزراعة بكل مكوناتها، لقد تعرض ريفنا خاصة الشرقي لتدمير خطير في البيئة ونقول بكل وضوح ان وجود اللاجئين بكثافة في المنطقة ادى الى ابادة الغابات تماماً مما ادى بدوره الى الزحف الصحراوي وتغطية الرمال لمساحات شاسعة وبالتالي الى تدهور التربة وتراجع الانتاج الزراعي التقليدي الى مستوى الصفر في معظم الأعوام يضاف الى ذلك نزوح سكان القرى للداخل بسبب الحرب مما ادى الى انعدام الرقابة والاهتمام الشعبي الذي كان عنصراً مهماً في الحفاظ على البيئة - هذا الواقع وبكل تفصيلاته لم يكن غائباً عن اهتمامات حكومة الولاية ونشير هنا بتقدير كبير إلى جهود المهندس/ ابراهيم محمود حامد الوالي السابق للولاية الذي خطا خطوة عملية لاحداث تنمية زراعية في الريف الشرقي بانشاء سد ترابي في خور أبو علقة لنثر مياه الفيضان على السهول الخصبة الممتدة حتى جبال كنتفات - كان يمكن ان يحدث هذا المشروع نقلة نوعية في حياة مواطنين أصابهم كثير من الاذى بسبب التصحر والجفاف والنزوح للداخل بسبب الحرب الاخيرة. لم يمض المشروع لنهايته لصراعات لا نود الخوض فيها - ومع ذلك فإنه من المحتم ان يرتبط استقرار الريف وعدم النزوح للمدينة بالتنمية الزراعية، كما اوضحنا فيما تقدم ونقول ظاهر الاشياء ان المقومات لمثل هذه التنمية ربما تمثل في الخيران الكبيرة مثل خور أو علقة وقرقر وشللوب والقرقف والتي تخترق سهولاً منبسطة عالية الخصوبة وكلها تصب في القاش عدا خور القرقف الذي يصب في نهر عطبرة. قد يرى البعض ان مياه هذا الخيران تشكل روابط مهمة للقاش وهي لذلك تعتبر ضمن مكونات فيضانه ومحصوله المائي الذي سوف يتأثر بمثل هذه المشروعات وهذا أمر يمكن ان يعالج هندسياً وباتفاق وتراضي الأهل المعنيين. يقع كل هذا فيما ذكرنا في اطار المعالجات على المدى المتوسط كما أشرنا ولا ننسى ان نذكر أن برنامج الحكومة المعلن والمنفذ بمحاربة الفقر يتضمن برنامجاً طموحاً تحت مسمى (التمويل الأصغر) ومشروعات الزكاة الانشائية وبعض المنظمات كل هذا سيكون بلا شك داعماً كبيراً لتنمية الريف على وجه الخصوص وأيضاً الحضر - وهناك أهمية أخرى في اعداد كوادر محلية تؤهل وتدرب لقيادات العمل. و(الكشات) مهما اختلف الناس حول ايجابياتها وسلبياتها مؤشر لواقع اجتماعي انساني يستوجب ان تتجاوز بالنظرة العلمية والدراسة المتعمقة لاجراءات الإدارة المعنية بازالة الظاهرة الى معالجة الأسباب والمسببات التي أوجزنا الاشارة إليها فيما تقدم. ليس من قبيل الاطراء ان نحمد للانقاذ برنامجها الجريء والطموح للتصدي لآفة الفقر وهو أمر مستحق فقد وفرت موارد ومصادر مالية لمشروعات رائدة في هذا المجال وقد أشرنا إليها فيما تقدم بالاضافة الى ما بدر للبنك الزراعي من توجيهات لتمويل المشروعات الزراعية الصغرى واخيراً وليس آخراً برنامج النهضة الزراعية. إذاً هناك ظروف مهيأة وامكانات مالية وتقنية متاحة للتفاؤل بتحريك اقتصاد وتنمية الريف والحضر ويتطلع المتفائلون لجهاز تنفيذي واسع الخيال موفور الكفاءة والارادة القوية لاحداث التغيير المنشود. ويبقى هناك موضوع آخر غير ذي صلة بموضوعنا (الكشة الكبرى)، ولكنه يستحوذ على مساحات واسعة من هموم واهتمامات أهل كسلا إلاّ وهو امداد التيار الكهربائي الذي ظل متذبذباً طوال العامين السابقين، ويذكرون بالتقدير والاشادة الجهود التي بذلها الأستاذ/ صلاح علي آدم الوالي السابق بالحصول على مولدات ساعدت في تخفيف حدة المعاناة ومن غير المناسب هنا ان نخوض بتفاصيل أزمة الكهرباء، ولكن لا بد من الاشادة والتقدير أيضاً بالقرار الذي اتخذه الوالي المنتخب الأستاذ محمد يوسف آدم بتكوين مجموعة عمل واسعة الاختصاصات لمتابعة أزمة الامداد الكهربائي بما في ذلك أداء الشركات العاملة في هذا المجال. نأمل ونرجو ان تكون هذه الخطوة المهمة من قبل الوالي المنتخب بداية لنهاية معاناة أهل كسلا واستقراراً للامداد الكهربائي. والحمد للّه رب العالمين http://www.rayaam.info/News_view.aspx?pid=710&id=55803