اتاحت لي ظروف مؤلمة ان اشاهد بعيني مأساة القرى التي تم تهديمها شمال أم درمان في السودان وبعيدا عن أي حساسية قانونية أو ادارية اتحدث هنا عن الجانب الانساني بعد ان (حصل ما حصل) بل أكاد اصرخ واستصرخ كل جهة أو مؤسسة أو صاحب كبد رطبة لتدارك الموقف الانساني الذي يكاد ينفطر له (الصخر الجلمود)‚ ذلك الموقف الناشيء عن بقاء كل هذه الاعداد المهولة من البشر في العراء‚‚ آباء وامهات وكهول وعجزة واطفال وولائد ونساء ورجال يوجدون الآن تحت الشمس مباشرة بلا سقف ولا كساء ولا غطاء ولا ماء ولا غذاء‚‚!
وللعلم فإن الاباء واولياء الأمور والامهات العائلات لأسرهن لا يستطيع احد منهم ان يفارق (عزاله) وبقايا ما يملك من حطام منزله وحطام الدنيا حتى يذهب للعمل أو لاحضار بعض الارغفة أو الماء لأنه اذا فارق مكانه فيمكن ان يفقد هذا القليل الذي اصبح في يديه إذ ان ظروف حماية الاسرة لافرادها لا تمكن احدا من مغادرة موقعه‚‚!
وقد سمعنا من الاهالي انه لم يكن متاحا وصول بائعي المياه او الاطعمة الى هذه القرى حيث كان يتم اغلاق الطريق اليها مثل (رام الله وجنين) ومن الصبح الى اول المساء بسبب اعمال الازالة‚‚ وقد قالوا ان الهدم استمر حتى في يوم الجمعة وتواصل (بعد الصلاة) رغم قرار وزارة العدل بوقف الازالة قبل ذلك بيومين‚‚!
بعد رؤيتنا لممتلكات الاهالي الهزيلة التي كشفت الازالة عنها (ستر الفقر) علمنا وتيقنا ان اصحاب هذه المساكن التي تم هدمها من الاساس لا يستطيع أي منهم ان يبني من جديد ( ربع غرفة) بل انهم لا يستطيعون دفع ثمن ترحيل متاعهم الى مسكن آخر حتى لو تبرعت الدولة لاحدهم بفيللا مطلة على النهر القريب‚‚ المتاع المكوم هنا وهناك يكشف لك ان هؤلاء الناس قطعوا اخر مليم لديهم وآخر إمكانية وعافية في بناء مساكنهم التي تهدمت الآن بكل حطبها وعروقها وعرق السنين الذي اندلق في تشييدها (ودم الحجامة) الذي تم تقطيره في تشييدها ثم مكابدة الحفاظ داخلها على حياة الصغار والايفاع والمتدرجين‚
قال لي بعض الصبيان والشباب (الذين لا أدري ماذا تكون رؤيتهم للمواطن وهم يرون الدولة تزيلهم من الوجود) قالوا انهم ولدوا في هذه المساكن ولم يروا في حياتهم غيرها ولا يعلمون شيئا عن معايير (المساكن العشوائية) الا عندما دهمتهم البلدوزرات واشاروا الى المدارس التي تمت ازالتها وتساءلوا عن مصير تلاميذها كما اشاروا الى خلوة تم تهديمها قالوا انها كانت تضم اكثر من مائة وخمسين طفلا‚
تحدث آخرون عن قضايا ذات حساسية حول طبيعة القرى وتعريف السكن العشوائي وغير العشوائي كما تحدثوا عن نقطة أخرى اكثر حساسية حول الجهة التي لها الحق القانوني في الازالة وتساءلوا لماذا لم تحدد الدولة لآبائهم مكانا آخر يرحلوا اليه طوعا بعد (انذار معقول) وبديل موجود حتى يهدموا بيوتهم بأيديهم (برفق) ليستخلصوا منها المروق والاخشاب والشبابيك (بسلاسة) ارحم من التراكتورات‚‚!
القضية الآن تستنجد بوزارة الشؤون الانسانية ومفوضية العون الانساني وهيئات العون الانساني والمسألة المهمة الآن ليست من اقام في ارض من؟ وأين حق المواطن وأين حق الدولة؟ أو أين الفيدرالية؟ وما هو دور المحليات التي اصبحت السلطات في يدها في حماية المساكن التي تقع في نطاقها فسكتت لأكثر من عشر سنوات ولم تعرف من هو المقيم بالقانون ومن هو العشوائي الذي على رأسه (ريشة)‚
المحك الآن يوجد مواطنون بصغارهم وعجائزهم وفتياتهم وفتيانهم واطفالهم في عراء سهول كرري بلا ماء ولا غذاء ولا سقف فهل من المسموح به ان يحمل المواطنون والخيرون والقادرون لهم بعض الماء والغذاء أم أن ذلك يدخل في عداد الممنوعات؟!‚‚ لقد كان هذا هو الموقف حتى مساء الجمعة والله أعلم كيف اشرقت عليهم الشمس‚‚!
هذا الموضوع احسن ما كتب فى هذه القضية الانسانية ..هذا الموضوع لا بد من ايصاله الى المنظمات الانسلنية ولجان حقوق الانسان فى كل مكان لانه حدد ما حصل بالضبط ..حجم الكارثة والماساة وتجاهل السلطة للندءات الانسانية
اعتقد انه من حق هؤلاء الذين حوربوا واعتدت الحكومة على اموالهم-رغم شحها-واعراضهم،بتشتيتها فى العراء،حق لهم ان يقاتلواهذه الحكومة وبكل الوسائل حتى بالعمليات الانتحارية،كما تفعل المقاومة الفلسطينية ضد المعتدين والغاصبين وكان الله فى عون المظلومين والمقهورين لقد جاوزت حكومة البشير المدى فى الظلم والتعدى على حقوق العباد اللهم اقصم ظهر هذه الحكومة الظالمة
06-09-2003, 01:38 PM
أحمد أمين
أحمد أمين
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 3371
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة