منيف .. ثلاث كلمات‚‚ الأكذوبة ــ التاريخ ــ المنفى !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-19-2024, 03:31 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عماد البليك(emadblake)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-28-2004, 01:24 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
منيف .. ثلاث كلمات‚‚ الأكذوبة ــ التاريخ ــ المنفى !

    غادر " بادية الظلمات " إلى عالم الأبدية
    منيف .. ثلاث كلمات‚‚ الأكذوبة ــ التاريخ ــ المنفى !


    اول امس غادر عبدالرحمن منيف «بادية الظلمات» ليحلق في عالم الابدية بعيدا عن هوس دنيا تغتال اشجارها في كل محاولة جادة للبقاء الانتصار على الزمن المتهشم بمرارة الانكسار والقفز نحو ان تكون مفردة الحياة ضد سلطة الموت‚ لكن موت الروائي يعني ببساطة ميلادا لكون جديد من الرؤى والاحلام المثابرة الصاعدة نحو حتمية ان ينتصر الانسان ضد قلق الوجود وشمس الاغتراب عن الذات‚

    لقد تعودنا ان نقف ساعة يدق جرس الموت وقفة مستعجل يمسح حذاء التاريخ ليعلن للخديعة ان الاشياء اجمل من التوقع في مساحة بئر عميقة من التقاعس ننطوي داخلها غير قادرين على تمييز متى يكون التاريخ لحظة تأمل لا مشوار خوف وانفصام ضد هفواتنا ومعنى تراكمنا الرديء‚

    ( 1 )

    اشتغل عبدالرحمن منيف على فكرة مسح حذاء التاريخ بطريقته الخاصة التي اثبتت رائحة الغثاء التي تحاصر هذا الزيف في برهة لا يكون فيها الماضي سوى عبء علينا ان نحمل اوزاره ونسير بها الى وادي المشيئة اذا ما كانت خياراتنا لا ترتهن لغير الاستعباد والجور والأنا الضائعة بالجهل‚

    وكما تعاد كتابة التاريخ بأكثر من مغزى كان منيف يعيش هذا القلق الكوني ان يفكر باكثر من لون ويتنفس برئات الجميع لكن ما ذنب من لم يخلق رئته او يصنع الهواء الملوث من حوله؟‚‚ وهذا شأن من يجعل مشروعه في الحياة ان يحكي كما عبر عنها ماركيز في مذكراته «ان تعيش لتحكي» فمن يحكي لن يتجاوز الاشتغال الذي يحيطه ان يعبر عن فكرة الالم والحزن واستنزاف الواقع بكيمياء الجراح والترهل‚

    مسح منيف حذاء التاريخ في مشروعه الروائي ليحقق معادلة «التاريخ يتسخ كلما حاولنا غربلته فكلما عثرت الذات على ثقب يسمح بتمرير اكذوبة وسعت الاكذوبة من حجم الثقب لتمرر كل اكاذيب الماضي وغثيانه‚

    ( 2 )

    يقول منيف: في زماننا الاكذوبة اصبحت شيئا ضروريا المرء ان لم يكذب لم يعش‚ هل كان يعني منيف الاكذوبة بمعناها المباشر ان تكذب لتكسب مغزى معاشك وتصير انت أم كان يعني الاكذوبة كمعادل لفكرة ان تكون مبدعا كاتبا ان تعيش لتكذب في حين ان تتخذ الاكاذيب معنى مغايرا للمألوف اي تحل الاكاذيب لتبدع مغزى العالم فمن عرف ما حولنا نفهم بوضوح ان الحقيقة باتت اكذوبة مرفوضة ليس بامكان السائد ان يتفاعل معها او يعترف بها‚

    خلق الاكاذيب وفي عرف العمل الروائي جائز لكونه يعيد ابتكار العالم بمنظومة اخرى تعادل الصدق وهو ما حاول منيف تحقيقه عبر العديد من اعماله متجاوزا فكرة الاعتراف بالتاريخ الملوث كما في «مدن الملح» و«شرق المتوسط» وغيرها من اعمال مثقلة بحفر علاقة الانسان بالمكان في تاريخ يسقط فيه البطل لتكون الرواية تمجيد اللابطولة‚

    ( 3 )

    داخل فكرة نفي البطل او اعدامه يرسم منيف قاعدة جديدة لتشكيل النص الابداعي تؤمن بان البطولة الجادة يصنعها المجتمع ككل لا الافراد باعتبار ان بطولة الفرد وهيمنته لا تقود المجتمع الا نحو مزيد من التمزق ليدخل الزمن في برك راكدة ويتوقف‚ هذا الركود الذي لن يكون تحريكه ممكنا الا عبر الاعتراف بمفهوم العدالة التي تأتي عبر النصوص الشفافة والمبدعة المعبأة بثقل الحياة حتى تكون خفيفة قابلة للهضم والفهم واعادة الاجترار ليكون الفن «محاولة لاضفاء ارفع نوع من العدالة على الواقع» كما يذهب كونراد‚

    تجسيد العدالة المفقودة ظل هما من الهموم الرائجة التي عكف منيف على تطريزها في مشروعه الروائي وهو يجابه لغة المنفى الذي قبع منيف داخل غرفته محاولا ان يحطم جدر السجن بالاستكشاف لرواية الوجود ضد سلطة المنع والمصادرة والتخويف وانتهاك ابسط رصيد من الجمال الذي يمنح فرص المعاش والحيوية للكائن‚

    ( 4 )

    في «سباق المسافات الطويلة» يلخص منيف ومنذ فترة مبكرة لميلاد زمن جديد عندما يقرأ التاريخ بمفهوم ما سيكون لا ما كان فالرواية تقدم لبزوغ الفجر الاميركي كاذبا كان ام صادقا في هنيهة لامرئية ينزل فيها الفارس الانجليزي عن جواده بعد ان انكسرت مغامرته القديمة وغابت مملكته التي لا تغيب الشمس عنها‚

    لكن الاكذوبة التي تنمو بها «سباق المسافات الطويلة» تتحول الى حقيقة ماثلة بعد ربع قرن او اقل من الزمان‚ لا يعني هذا ان الروائي سيكون مصادما لفكرة السائد دائما ولكن يعني ان الفن الاستشرافي يتجاوز افق المحدود الى بناء عالم آخر جديد تكون فيه الفنون جنونا ضد العقل المزيف ولا مانع ان تغتال هذا العقل لتعيد ابتكاره وفق تصور جديد لعالم اكثر جدارة بالتسامح مع مفرداته وشخوصه‚

    ( 5 )

    يتخذ مشروع منيف الروائي دوره الاستراتيجي في تأسيس البناء الروائي العربي في اشتغاله على تركيب التاريخ بما يوازي عقلية المفكر هذا التركيب القائم على استنطاق المساحات المرئية برؤية تتخذ القواسم المشتركة محورا لميلاد حقيقة جديدة كانت غائبة وراء اضغاث الواقع واكاذيبه‚

    وفي مشروع يحتفي بالمكان والتاريخ بنمط مغاير تكون المدن قادرة على استيعاب فضاءات اخرى من الوجود بعد ان تغسل عنها غبار الماضي وتجدد «ذاكرتها المنهوبة» بالانفعال اللا مجدي ليصبح التاريخ اكبر من المكان ومن التاريخ في حد ذاته ويأتي هذا على مستوى مباشر من السرد الذي يتحرك رأسيا ما عدا في عمل واحد «الاشجار واغتيال مرزوق» هذه الرواية التي تفيض بالجوهر الانساني والبحث عن مصير الذات في دنيا قاتمة تخيب المشاعر والظنون وتقسم المصائر الى هفوات متواترة لا تخفت عيونها عن تلمس الضوء من اجل الحياة‚اذا كان المكان له سلطته فداخل النص الروائي كما في خماسية «مدن الملح» يعيد منيف انتاج المكان امام معادلة الزمن ليكشف حجم الزيف والغوغاء في فضاء لا يفهم المكان بجوهره الفيزيائي او بما يتحمله من عبء الشخوص والاشياء بل بما يحمله المكان من رمال بقائه نحو ان يرسم سلطته المتصالحة مع الذات‚

    ( 6 )

    برحيل منيف وشكري من قبل‚ تنتهي دورة من دورات الرواية العربية المراحل التي اسست لما بعد التأسيس في تجربة نجيب محفوظا ليفتح رحيل منيف اسئلة هامة عن امكانية ان تساهم النصوص الابداعية في كشف المخبوء في عالم يفقد بريقه يوما بعد يوم‚ وامام هذه الاسئلة يكمن سؤال كبير يواجهنا: «هل ستستطيع الرواية العربية الصمود امام تمزقات الحياة الراهنة؟»‚ الصمود الذي يتجاوز مفهوم الدفاع عن الذات بل اعادة بلورتها وتشكيلها بعنصر حديث من عناصر الوجود ان نتدرب على قراءة واقفا بأكثر من شكل وبطرق شتى حتى نتعلم ان الحل يرسم مصيره خلف ما نتجاهله وهذه بمثابة رنة جرس ترن مع الموت لنبدأ معها رد الاعتبار لدور الفنون في حياتنا فأمم بلا فن لن تكون ولن تساهم في بناء الغد او صياغة معنى لوجودها‚

    ( 7 )

    تموت النجوم البعيدة‚ بل ماتت قبل ملايين السنين لكننا نراها نأخذ من رائحة الضوء تفاصيل سفرنا في الصحراء في البحر في ذواتنا

    عماد البليك

    عن الوطن القطرية
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de