ماذا كان يريد رجلا مثل جعفر النميري عندما حكم السودان؟ هو سؤال بسيط ولكنه يجر وراءه أسئلة أكثر تعقيدا. لنقل أسئلة فلسفية تتعلق بماهية الإنسان ودوره في هذا العالم تحديدا العالم الثالث. هل سياق الإنسان هو السياسة؟ وهل هي فقط ما يشبعه لكي يكون كائنا يشعر بوجوده؟.. لست متأكدا.. لكنني متأكد تماما أن دولة كالسودان كان من الممكن أن يحكمها من هو أفضل من النميري.. بكثير جدا.. هذا التأكيد الذي سرعان ما ينتفي ساعة نكتشف أن القيادة والسلطة وهرم المجتمع – إن جاز التعبير – ماهي إلا نتاج توليفات اجتماعية تتماحك مع السياسي والاجتماعي. إذن فالنميري ليس اختراع نفسه، بل هو اختراع المجتمع السوداني بكل ما فيه من تناقضات وغموض ومشكلات. رغم أني من الجيل الذي ولد وعاش طفولته في سنوات النميري، إلا أن ذلك لم يمنحني الفرصة لكي أفهم جيدا كيف كانت تقاطعات هذه الطفولة مع الأبنية السياسية والثقافية في تلك الفترة. لكن هي حتما أثرت في، في روحي وبناء ثقافتي وموقعي في الوجود.. سواء بالمعنى الجغرافي الصرف أو المعنى الابستمولوجي.. فكوني تركت بلدي بعد عامين من تخرجي واتجهت لدولة أخرى.. كوني غيرت مجال تخصصي الهندسة واتجهت لامتهان الصحافة.. كوني كنت أكتب الشعر في طفولتي "النميرية" واتجهت إلى السرد.. كل هذا يعني بشكل أو بآخر أن ثمة سياق نميري يتدخل في الأمر.. أنا من المؤمنين جدا بأن الإنسان هو ابن سياق مربك من التداخلات، الجنون الذي يسمى العالم..
- يتبع -
(عدل بواسطة emadblake on 06-02-2009, 04:00 AM) (عدل بواسطة emadblake on 06-02-2009, 04:06 AM)
العنوان
الكاتب
Date
ماذا كان يريد رجلا مثل جعفر النميري عندما حكم السودان؟ - سياقات الحياة المجنونة -
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة