حينما سمعنا اول مرة لاسامة الخواض نهايات سبعينيات القرن الماضي، سمعنا لصوت نقد جهير مفارق، شديد/سديد الانفعال و الان هنا نسمع لاسامة المغني مرة اخري، بعد ان حفظنا في زمن بهي مضي ، عن ظهر قلب " خسوف القمر الاتبراوي" التي صدرت في مجموعته الاولي " انقلابات عاطفية". من بعد نفي و اقتلاع، تشظ لروح هائمة و من بعد "قهر" – نبر لهجة عربية سودانية – و احزان متعبة استقرت في قعر ذاكرته المنهكة، ظهرت مجموعة " لاهوت الوردة"
احببت بضعة شعراء لا تفارقني دوواوينهم مطلقا في حلي و ترحالي. المعري، كفافي، ويتمان، و الخيام والرائع محمد المكي ابراهيم. أحببتهم لان الوطن و العالم قد تم تمثيلها في متونهم الشعرية باقصي حد ممكن من الحساسية و الجمال. و لامر اخر هو "... ولان مايربطنا باوطاننا بعرى لاتنفصم ليس نعمها وفضائلها وحسب ، بل وفوق كل شىء احزانها ومخاطرها "- ساباتو.
و هكذا ، بعد فقر و فاقة و من بعد بؤس "لحس" و" لهف" بها الوطن العزيز، نستمع الان في هذه اللحظة لاسامة المغني ، انت عذبي فينا ديمة و زيدي من نارك شعيلة – العاقب محمد حسن – تلكم هي احوال المحارب/ الصانع الماهر اسامة في هذه المجموعة.
وعي اسامة ، كما هو متجل هنا في هذه النصوص، العالي بمنجز الشعر و حساسيته النقدية ، تجلت في طرائق صياغاته و اوهامه و كوابيسه التي سكنها قلب متونه الشعرية، لا بد ان و انت تقرا نصوص اسامة تري الي بعض هواجس الشعر الذي يهفو الي تغيير العالم، بل و اكثر من ذلك في كونه متوغلا في فضاء سوسيولوجي و تاريخي و يرده مترجما و مفسرا شعريا بعدة و عتاد معرفيين اصيلين و ادوات اكثر نفاذا، و لا يهم من بعد ذلك ان نتفق او نختلف حول عرضه الشعري لطالما ان "الوظيفة الابستمولوجية للمقولات الشعرية"، كما يشير الي ذلك امبرتو ايكو، اطلت، و من قعر هذه المتون ، و صارت "حقيقة شعرية" تحكي ان :ما ذنبها الاوطان ان كان منفانا الزمن – نجيب سرور- ، بل انت و واجد اشباح الوطن مخيمة هنا في "لاهوت الوردة" و صارت نصوصه الي ارشيف محبة و مقامات الفة. الاكثر غربة، سادتي، ان تنتمي لعالم الكتابة و من ثم تشردك الكتابة، فخذوا لكم وردة، و ان الحياة نفسها قطعة خبز و اكمام وردة. __________________________________________________________________________________________________
* سيصدر "لاهوت الوردة" عن مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة