المغالطات التاريخية في محرقة اسماعيل باشا وهروب المك نمر

Quote: الأخ الكريم عبدالله شم لك الود والتحايا الطيبات صحيح أن الحديث والمغالطات قد كثرت حول قصة المك نمر منها ماأطلق على سبيل الدعابة ومنها ما أطلق أو تحول من الدعابة إلى دائرة الجدية فقد كتبت معلومات كثيرة في النت خاصة وهي معلومات مغلوطة وفيها تزوير واضح لحقائق التاريخ .... وقصة المك نمر كما تريد أن تثبتها فهي موجودة وبنفس التفاصيل التي تفضلت وأوردتها وذلك في مؤلف الدكتور مكي شبيكة عن تاريخ السودان ومسماه "السودان عبر القرون" وقد أشار الدكتور إلى أن الوثائق الرسمية لا تنير الطريق في تفاصيل قصة المك نمر وأنه اعتمد على أقوى الروايات. ومن ناحية أخرى أود الإشارة إلى أن الدكتور مكي شبيكة قد ذكر في المرجع المشار إليه وفي صفحة 124 تحت عنوان "موقعة الدندر" مايأتي: (تلاشت قوة نمر الآن بقتل من قتل واسر البقية وفرار نمر نفسه من قلة أصحابه. أما المساعد فقد تراجع نحو الصعيد إلى مكان بين نهري الدندر والرهد...) أردت من هذا الإقتباس أن أبين أن الدكتور قد قال : فرار نمر ولم يقل هروب نمر فالرجل يدرك تماماً معاني الألفاظ التي يكتب بها وحقيقة أن الفرار يطابق ماتفضلت بذكره من حيث معناه في المقتبس أعلاه من مقالك وهناك فرق كبير من حيث المعنى اللغوي بين الفرار والهروب ولعل عدم القدرة على التفريق بين اللفظتين قد أوقع الكثيرين في الخطأ – وهنا أجدني مضطراً لذكر أن في اللغة العربية ومنذ قديم الزمان نظرية الفروق اللغوية وينادي أصحابها بأن هناك فروق في معاني كلمات اللغة العربية المتقاربة والمثال على ذلك للتوضيح كالفرق بين الغيث والمطر وينفون وجود الترادف وغير أصحابها يقولون بترادف معاني الكلمات وبالتالي لا يرون فرقاً بين الغيث والمطر بينما الفرق بينهما واضح والذين كتبوا قواميس اللغة العربية لم يفرقوا بين الفرار والهروب إذ أنهم يشرحون الفرار بالهروب ولكننا نقول في الاستعمال اللغوي أن فلان فر هارباً فهل معنى فر هارباً معنى مرادف؟ الإجابة قطعاً لا فلكل لفظة معناها فلا يمكن أن نقول: هرب هارباً أو نقول: فر فاراً وإذا استخدمنا معاني اللفظتين في مجال الحرب وهو مايعنينا هنا فنجد أن حكماء العرب القدماء قد قالوا (الوغى كر وفر) أى الحرب كر وفر ولم يقولوا الحرب كر وهروب لاختلاف المعنى وبلغتنا العصرية فإننا نقول: أنه من قوانين الحرب أنها كر وفر – فإذا قلنا أن المك نمر قد فر من المعركة بعد هزيمته فذلك يعني بالضرورة أنه قد أبعد جنوده من ميدان المعركة وأشرف على ابتعادهم بكامل عتادهم الحربي ليعيد تنظيم جيشه استعداداً للهجوم أو للدفاع كيفما يتفق – أما إذا قلنا أنه هرب فالهروب مقترن بالخوف والذعر فذلك يعني أنه قد أبعد نفسه بجلدها من ميدان القتال دون أن يأخذ معه لا جنوده ولا أسلحته ويكون غرضه فقط الابتعاد عن المكان والنجاة بنفسه.. وهذا هو الفرق بين اللفظتين أتمنى أن أكون قد وفقت في إيصاله بالطريقة التي تشرحه دون غموض وعليه أخي الفاضل يجب أن نأخذ المعنى في الحسبان ونقول أن المك نمر قد فر ونعني بذلك أنه وكما نقول في هذا العصر قد انسحب انسحاباً تكتيكياً. أما الشق الثاني الذي تفضلت بذكره عن نشأة مدينة المتمة فلا يمكن الإعتماد بأى حال من الأحوال على تاريخ السودان مالم يذكر التاريخ ذلك صراحة أما تحليل الروايات المتواترة مهما كانت درجة صحتها فلا يمكن الإعتماد عليها أيضاً دون الرجوع إلى التاريخ (الإثيوبي) حيث توجد المتمة الآن وقد سبق لي أن بحثت تاريخ هذه المنطقة في التاريخ الإثيوبي وعند رجوعي إلى ذلك البحث وجدت أنني لم أذكر كثيراً عن المتمة فسأعود مرة أخرى للمراجع لتركيز البحث عن المتمة وسآتيك بمداخلة أخرى خاصة بها إن مد الله في العمر .... تحياتي وتقديري ....