طريق مدني الخرطوم و أثره علي خط السكة حديد ...عوض الله محمد عوض الله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 07:04 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-02-2014, 09:30 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
طريق مدني الخرطوم و أثره علي خط السكة حديد ...عوض الله محمد عوض الله

    طريق مدني الخرطوم و أثره علي خط السكة حديد
    عوض الله محمد عوض الله
    محطات السكة الحديد بالجزيرة وتأثير طريق الخرطوم ــ مدني عليها، والأمل في إحيائها بطريق بحري الجزيرة الجديد
    محطتا المسيد وود الترابي نموذجاً
    دراسة وصفية
    إعداد : عوض الله محمد عوض الله
    مدخل :
    تعد السكك الحديدية من أهم وسائل النقل البري، التي تلعب دورا حيويا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للإنسان ، فهي الناقل المهم للناس والسلع والبضائع، وهي الرابط الحيوي بين الشعوب، والقرى والمدن، الحاضرة والبادية، بل هي أداة وصل واتصال بين دول عدة في عالمنا الواسع، وهي تنشط في الدول الفقيرة والغنية، وتشكل حضورا محسوسا في كل بلاد العالم، ويندر أن لا تجد دولة في العالم إلا وفيها قطار وقطارات، تنقل الناس داخل المدن " المترو" أو بين المدن، أو بين الدول، تتساوى الحال في ذلك ، بين ما كان يعرف بقطار الشرق السريع في أوربا ، أو قطار الصعيد في مصر ، أو " قطر كريمة في بلادنا السودان .

    دخول السكة الحديد للسودان :

    من المعروف أن دخول السكك الحديدية للسودان، تزامن مع حملة اللورد كتشنر، وغزوه لاستعادة السودان من الدولة المهدية، و حكم الخليفة عبد الله التعايشي، وكان بناء الخط الحديدي متواكبا مع مسيرة الجيش الغازي، ومن ثم توسعت في عهد الاستعمار البريطاني وفي العهد الوطني بعد الاستقلال خطوط السكك الحديد حتى وصلت أطوالها مجتمعة الى 5,516 كيلو متر، تتمدد من حلفا الى الخرطوم ، والى الغرب والشرق، والجنوب الشرقي وجنوب البلاد " واو".مما هو معروف.

    دوافع وأهمية هذه الدراسة وهدفها :

    يشعر الباحث بأن هناك الكثير من الظواهر الاجتماعية والاقتصادية في بلادنا بشكل عام وفي ولاية الجزيرة التي ينتمي إليها الباحث ، لم تجد الاهتمام من الباحثين، ومن بين تلك الظواهر دور القطار في حياة السكان، ومحطات القطارات في الولاية التي لم تحظ بالاهتمام بها كمؤسسة اقتصادية ، وبيئة أو وحدة اجتماعية وعمرانية تستحق الدراسة، وأن محطات السكة الحديد في الجزيرة ــ على محدودية عددها ــ تعد كما مجهولا، لم يكتب عنها الشئ الكثير.وأنها تعاني الجهل بها، وعدم التطرق إليها، حتى في الوقت الذي كانت حاضرة وفاعلة في حياة الناس ، عندما كانت السكة الحديد في أوج نشاطها، قبل أن تتدهور ،ويخف تأثيرها ودورها الاقتصادي في السودان كله، مع التدهور الذي يدركه الجميع في كثير من نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية للأسف الشديد، وهذا الأمر لم يكن مانعا دون التطرق إلى ما كان وما سيكون في هذا القطاع المهم.

    السكة الحديد ودورها المهم :

    تشكل محطات السكك الحديد في كل بقاع العالم ، موانئ برية، تعمر بالحياة ، وتعكس المدى الذي وصلت إليه البلاد من حيث القوة الاقتصادية، ففي البلاد المتطورة تجد تلك المحطات مشيدة على أحدث الطرز، وبفخامة عمرانية، وضخامة مكانية تحدث عن ثراء البلاد وتوفر الإمكانيات المالية فيها، وقد شاهد الباحث محطة " فكتوريا في لندن" ومحطات قطارات قي مصر والمغرب وغيرها من بلاد العالم ، ولمس ما بذل فيها من أموال طائلة، وما وجدته وتجده من اهتمام كبير، وما تحظى به من نظافة على مدار ساعات اليوم وما تشهده من حركة متدافعة وحيوية دافقة، فهذه المحطات تشكل مدنا صغيرة تعمرها أسواق حديثة، ومتاجر متعددة، وأماكن ترفيه كثيرة ، تشعر المسافر بأنه في متنزه متحرك بالحيوية، وجاذبية تعكسها سحنات البشر وأزياؤهم،كما أنها تشكل عالما مائجا عامرا بالحركة والصخب الجميل، الإيقاع السريع، والحركة المتداخلة، بين قادم ومغادر ومستقبِل ومودع، ما يعكسه سلام التلاقي ودموع الفراق، كما تقول أنشودة محمد وردي الشهيرة.!

    تقع محطات السكك الحديد في أغلبها داخل أو قرب المدن، فمحطة " فكتوريا" في قلب لندن، ومحطة الخرطوم تتوسط العاصمة وكذا محطات القطارات في المدن الكبرى، كما أن هناك محطات برية استقطبت الحياة إليها، بل صارت نواة لمدينة.

    محطات القطار كمركز استقطاب سكاني واقتصادي:

    إن القطار وسم الحياة في كل البلاد التي ينشط فيها كناقل بري مهم ، فهو ناقل لا للبشر فقط ، بل هو ناقل للحياة وللاقتصاد وللغذاء وللمال وللثقافة، القطار كوسيلة حياتية تتسع أهميته وتأثيره على الإنسان لأبعاد، وآفاق وحدود أبعد من ما قد يتصوره البعض، وقد تكفي الإشارة إلى ما بدأنا به هذا البحث من أن الاستعمار جاء عن طريق القطار، وأن دولة كاملة ، ونظام حكم برمته تحول عن طريق القطار، فقد حمل القطار الجند والسلاح والذخيرة والمهمات العسكرية التي أزالت دولة وأقامت على أنقاضها دولة أخرى حكمت وتحكمت في حياة الملايين ، وأثرت في تاريخهم وبقيت أعلامها ترفرف لعشرات السنين.

    في بلاد كثيرة نشأت حياة حول محطات القطارات،وراجت التجارة ، وافتتحت المطاعم، ووجد الكثيرون فرص عمل، بل كان القطار في بعض البلاد يحمل في جوفه الماء والمؤن ، ويرفد الحياة بما يجعلها ناشطة ومزدهرة، فهو شريان حياة خاصة في البلاد الفقيرة التي يعيش الناس حول محطات القطار على ما يجود به المسافرون أو على ما يجلبه التجار من مياه وأقمشة وخضروات طازجة ، وغير ذلك من سلع.

    سكة حديد الجزيرة:

    نشير بداية هنا إلى وجود خط سكة حديد داخلي في مشروع الجزيرة، وهو ما كان يعرف " بخطط حديد الجزيرة" وهي سكك حديد ذات خط أصغر من حيث عرضه، وكان مقتصرا على نقل محصول القطن من نقاط أو محطات " تجميع معينة" إلى محالج القطن في الحصاحيصا ومارنجان ، وقد شاهد الباحث هذا القطار الصغير، عندما كان طالبا في مدرسة " كاب الجداد الثانوية العامة" في منتصف سبعينيات القرن الماضي، وكانت له محطة على بعد كيلين جنوب شرق كاب الجداد ، تعرف في المنطقة " بالدريسة" ، ولا تزال بمستودعاتها الضخمة المصنوعة من الزنك ، تلمع في السماء الصافية ، عندما تعانقها أشعة الشمس.وقد أضحت " سكة حديد الجزيرة " أثرا بعد عين ، وانهارت وطمرت الأتربة الخط، واختفت قضبانه الحديدية، كشاهد يضاف إلى ما تعرض له المشروع كله من تخلخل، وتردي.



    أهل الجزيرة والسكة الحديد:


    الأجيال الحديثة في الجزيرة، لم ترتبط بالسكة حديد، و لا تحس بأهميتها ، والإنسان في الجزيرة بشكل عام ضعف اهتمامه بها منذ وقت طويل ، وقد كانت السكة حديد مهمة للناس في الجزيرة ـــ على ما يرى الباحث ـــ حتى نهاية الستينيات الميلادية،عندما كانوا يستخدمونها في السفر داخل الولاية أو للانتقال إلى الخرطوم، أو عند الذهاب للحج ، منطلقين من قراهم إلى المحطات والسندات " المحطات الصغيرة" إلى عاصمة البلاد الخرطوم ، ومن ثم إلى بور تسودان وقبلها إلى سواكن، كما أن السكة الحديد أسهمت وبلا شك في النهضة الزراعية ونقلت من " الفبارك" أو المحالج الملايين من " بالات القطن" إلى موانئ التصدير. ونقلت خيرات الجزيرة الأخرى إلى مواقع الاستهلاك في مختلف أرجاء البلاد، ونقلت السكان إلى سنار وكردفان ودارفور في غرب السودان، وجنوبه ، سواء أكانوا مسافرين عاديين أو موظفين وعمالا حكوميين، أو عمالا في مشروع الجزيرة عند مواسم جني القطن، أو حصاد الذرة، حيث كانت غالبية العمال الموسميين من غرب السودان، وبعض دول غرب إفريقيا كنيجيريا والنيجر ومالي وغيرها.


    محطات القطار في الجزيرة:

    يوجد عدد من محطات القطار في ولاية الجزيرة، وعدد من المحطات الصغيرة " السندات" وهي جمع " سندة" التي تعني محطة يتوقف القطار فيها لبرهة وجيزة ، وهي صغيرة بحيث لا تكاد تعرف إلا لرجال السكة الحديد، أو للسكان الذين تقع " سندة القطار" بالقرب منهم، أما المحطة فهي أكبر ، وهي المعروفة للجميع، ويوجد عدد من السندات في الجزيرة منها سندة المسعودية،وسندة ودلميض، في المنطقة محل البحث، أما المحطات فمنها محطة المسيد، ومحطة ودالترابي ومحطة أبوعشر ومحطة ودمدني ومحطة الحاج عبد الله و محطة ود الحداد، وهي محطات رئيسة، إلى أن يصل المسافر إلى محطة سنار التقاطع، وهي محطة مدينة أو مدينة في محطة.

    محطتا المسيد وود الترابي وسبب الاختيار للبحث :
    اختار الباحث هاتين المحطتين، لأنهما تقعان في منطقته، فمحطة ود الترابي تبعد عن قرية أزرق ، وهي قرية الباحث مسافة 6 أو 7 أكيال، ومحطة المسيد تبعد عنها حوالي العشرين كيلا، وقد شاهد الباحث ولمس تأثير طريق الخرطوم مدني لا على المحطتين فقط، وانما على قرى المنطقة كلها، ويراه في التالي:



    1 ــ كان تأثير الطريق منذ افتتاحه عام 1965، إيجابيا على القرى التي تقع على مساره، وهي القرى الواقعة على النيل الأزرق في أغلبها، وتلك التي لا تبعد عنه كثيرا، وظهرت تلك الايجابية في الارتباط السريع بالعاصمة الخرطوم، وما يوفره من خدمات، و وإسعاف و طبابة، وتعليم وثقافة وتموين وتنوير، فنشطت الحركة مع العاصمة، وشجع ذلك المواطنين على العمل في الخرطوم والسكنى مع أهاليهم، إضافة إلى سهولة الذهاب للعاصمة ومقابلة رجال الدولة ، وطلب الخدمات التي توفرت في فترة مبكرة وسابقة لم تحقق بالداخل.



    2 ــ نشطت التجارة البينية في تلك القرى ، وانتعشت أسواقها، كما فتحت الكثير من المطاعم ، ومراكز خدمات السيارات والمسافرين العابرين، مما أنعش الاقتصاد.



    3 ــ تحولت كثير من القرى التي على الطريق إلى محطات ترانزيت للقادمين من داخل الجزيرة إلى الخرطوم أو مدني ،و رفاعة بل إلى بور تسودان، حيث تظهر المحطات النشيطة في الجديد وألتي والتكينة والكاملين والحصاحيصا، على سبيل المثال لا الحصر.



    4 ــ كان هناك تأثير نفسي على السكان حيث شعر أهالي القرى التي على النهر ، بأن الطريق أعطاهم ميزة ونفحهم تفردا على قرى الداخل" القرى داخل مشروع الجزيرة" ، وأنهم الأكثر تحضرا من أهالي الدخل الحبيس بين ترع المشروع، وطين أرضه الذي يشق السفر عبره ، خاصة في فصل الخريف، فيتسبب في مزيد من العزلة للسكان.كما أن أهل الداخل الذي صار حبيسا ،شعروا بالحزن وقد يتبدى ذلك، في البيت الشعري الشعبي الشهير في المنطقة والمنسوب لبنات السريحة في التحسر على مرور الظلط " شارع الإسفلت بقريتهم ، وحظ أهل التكينة" وهم في أغلبهم أقرباء لهم" بمروره:

    التكينة موقع غلط والسريحة تستاهل الظلط

    5ـ وعكس ما هو مذكور أعلاه، كان التأثير سلبيا على القرى داخل المشروع ،والسبب أن نقل الطريق إلى جوار النهر، سلبها ما كانت تتمتع به من مزايا ، فالطريق من مدني إلى الخرطوم كان يمر أصلا بقرى الداخل ، ولم يكن يمر إلا بالقليل من قرى النهر التي كانت لها مواصلاتها الخاصة مع الخرطوم .وقد تحولت تلك القرى فجأة من قرى ذات ارتباط وثيق بالعاصمة وعبر وسائل نقل وفيرة إلى قرى تعتمد على بصاتها الخاصة للوصول إلى العاصمة، وقد شاهد الباحث في طفولته بصات مدني الحديثة وأشهرها سفريات " الصاروخ" ذات البصات الحديثة والضخمة وهي تمر يوميا في موازاة خط السكة الحديد ،التي تخترق داخل المشروع بعيدا عن مسار النيل الأزرق.وكيف كان الطريق الترابي يزدحم بعشرات الناقلات والحافلات واللواري والعربات الخاصة ، مثلما هو على أي"highway " أو طريق سريع في العالم.

    ولذلك كانت قرى الداخل مزدهرة، ومتصلة بالعاصمة، وكان أهل القرى التي على النيل الأزرق، يأتون إلى قرى الداخل حين يرغبون في السفر إلى الخرطوم أو مدني، ثم انعكست الآية، وانقلبت الصورة ، وتبدل الحال إلى نقيضه ، وانتقلت الحركة والحيوية والصخب إلى قرى البحر التي أحياها الطريق.

    تأثير طريق الخرطوم ــ مدني على محطتي ود الترابي والمسيد:

    أولا: التأثير على محطة ود الترابي:

    كانت محطة " ود الترابي" التي أخذت اسمها مثل كثير من القرى والمواقع والأمكنة في السودان من أسماء رجال الدين، أو القادة وزعماء القبائل والعمد والمشايخ، فاسمها يرجع إلى الولي الشهير " حمد النحلان ود الترابي، و المحطة تبعد عن قرية ود الترابي الوقعة على شاطئ النيل الأزرق مسافة تقل عن ال15 كيلا، وقد كانت جزء من تروس أهالي تلك المنطقة ومنهم الترابية" حسب التعبير الدارج في المنطقة" عن الأسرة الكريمة والشهيرة ، كما أشار إلى الباحث الأستاذ أحمد موسى محمد حمد النعيم الترابي، في حديثه عن إنشاء جده لأمه النعيم ود حمد لحلة النعيم أو " طيبة النعيم".

    وصف للمحطة:



    علي يمين الكنار " القناة أو الترعة الكبيرة" وبين أشجار النيم الباسقة وعلى بعد بضع خطوات من المطار الخاص بشركات رش المبيدات الحشرية وطائراتها الصغيرة الرابضة في أمان، والى جوار " ري الترابي" الذي هو غابة من الأشجار الظليلة والزهور الملونة،والأجواء المعطرة برائحة أشجار الحناء، وعبق الأرض الطيبة وأصوات العصافير المغردة، تقع المحطة، بمبانيها الانجليزية الطراز،وكان أهم ما يميزها وقت ازدهارها السوق الذي يقع على يمينها للمتجه غربا إلى الخرطوم، إضافة إلى محطة البنزين ذات البناء الزجاجي المميز .والى جوار السوق توجد مساكن تجار السوق والعاملين في المرافق الأخرى التابعة أو المساندة للمحطة من رجال شرطة وغيرهم. الأخ الحاج عمر ،وهو من أبناء قرية أزرق، درس في المعهد الفني ، وعمل في سيتي بنك وبنك الرياض في السعودية، يعطينا وصفا للمحطة أيام حياتها وازدهارها حيث يقول: أذكر ونحن طلاب بمدرسة حنتوب الثانوية في الفترة من عام 1959 إلى 1963 أننا كنا نسافر إلى مدني عن طريق القطار من محطة ود الترابي التي يمر بها طريق مدني الخرطوم القديم " الأصل" كما كنا نعود في الإجازات والعطل المدرسية على القطار " المحلي" إلى هذه المحطة ومنها إلى قرانا، وكانت المحطة عامرة بالحياة ، وبها سوق كبير بمبان شامخة ومتاجر عامرة بالسلع الفاخرة، ومطاعم مشهورة بالمآكل الطيبة، و مزدحمة بالزبائن من الركاب والمستقبلين والمودعين، ومخابز تشتهر برغيفها اللذيذ، ومحطة بنزين، لا تكاد تتوقف عن ضخ الوقود لعشرات الناقلات من بصات ولواري وغيرها، أتمنى أن يشاهد أطلالها الآن كل إنسان ليبكي على ركن أو طلل درس، كما تقول العرب في أشعارها، ماتت المحطة وتهشمت واجهاتها الزجاجية وتفرق الناس عن السوق.



    حكاية منذ سنة 1914:
    كانت المحطة جامعة لكل قرى تلك المنطقة ومنها أزرق والسريحة والقرى المجاورة لهما بل وحتى القرى التي تقع على شاطئ النيل الأزرق، وأروي هنا حكاية رواها لي الخال والعم عمر محمد عبد اله العلوي" عمر ود القليع" حيث قال: سنة 14 أي " 1914" أول ما جا القطر كنا في مدني، ورسلوا لينا قالوا تعالوا التكينة، وجينا مع أهلنا ، ووصلنا محطة الترابي العصير عند الطيحة،" أي عند غروب الشمس" وكان في المحطة أولاد من القلقالة بكروهن" أي يستأجرونهم" يوصلوا الركاب حلالن " قراهم" ، وكت أي" وقت" عرفوا نحن من التكينة " أبوا" أي رفضوا يوصلونا، قالوا ناس التكينة بدقّونا ويقلعوا حميرنا".

    طريق الخرطوم مدني القديم يمر من هنا:



    لم تكن محطة " ود الترابي" ومنذ تأسيس السكة الحديد محطة للقطار فحسب، وإنما كانت أيضا محطة مهمة على طريق الخرطوم ــ مدني، فالطريق أصلا سار موازيا وعلى مقربة من خط السكة الحديد ، ويبدو أن الانجليز الين أنشأوا السكة الحديد عززوه بالطريق البري للبصات والشاحنات، وقد كان الطريق شريانا يضخ الحياة على مساره الطويل، اقتصادا نشطا، وتواصلا اجتماعيا فاعلا، وحراكا حضاريا متجددا، فالطرق لا تنقل الناس واحتياجاتهم الاقتصادية والمالية ومنتجاتهم المختلفة، وإنما تضيف إلى ذلك دورها الثقافي والحضاري، فمنذ القدم تنقلت الحضارة بتلاقي الشعوب عبر قوافل التجار، وخطوط السفن عبر البحار، وتلألأت الموانئ، بأنوار الحضارة الإنسانية، واكتسب الإنسان العلم والتنوير والمعرفة عن طريق السفر ، وضربِ أكباد الإبل، ومخر عباب اليم في مسيرات التطور الحضاري الإنساني عبر الحقب والأزمنة والعصور، ولذلك انتعشت تلك المنطقة، وازدهرت ، وكانت في موقع الحياة.ردحا من الزمان.





    غير أن الوضع تغير، بعد أن شق طريق الخرطوم مدني بعيدا عن مسار خط السكة الحديد، وصار مقاربا للنهر" النيل الأزرق" ، فماتت الحياة هناك وربت الأرض هنا، وأنبتت من كل لون بهيج، واشرأبت أعناق قرى للحياة الجديدة وللنقلة الهائلة التي أحدثها الطريق الجديد.



    تأثير نقل الطريق على محطة ود الترابي:



    مثلما ينفض سامر الأفراح، ويغادر الممثلون المسارح، أو لاعبو الكرة ملعبهم بعد صفارة النهاية، انسدل ستار هنا، وماتت حركة كانت صاخبة، وأغلقت السوق، واختفى الرواد ، وتلاشت أحلام ، وكتبت الأيام نهاية لعالم كان عامرا بالحياة والصخب وتبادل المصالح، والحضور البشري النشيط، ولم تعد المحطة بذلك البريق، وبتلك الجاذبية،وبتلك الحياة!



    انتقلت الحياة مع انتقال الحركة " حركة طريق الخرطوم ــ مدني" من قرى الداخل ، ومنها قرى كبيرة كالمعيلق، الى قرى البحر، ومنها مدينة الكاملين وأضحت قرى الداخل حبيسة، وكان التأثير على محط الترابي سلبيا ، بينما انتعشت محطة أخرى في المنطقة وهي محطة " المسيد".

    http://www.altekaina.com/vb/archive/index.php/t-2285.html
                  

العنوان الكاتب Date
طريق مدني الخرطوم و أثره علي خط السكة حديد ...عوض الله محمد عوض الله سيف اليزل برعي البدوي01-02-14, 09:30 PM
  Re: طريق مدني الخرطوم و أثره علي خط السكة حديد ...عوض الله محمد عوض الله سيف اليزل برعي البدوي01-02-14, 09:47 PM
    Re: طريق مدني الخرطوم و أثره علي خط السكة حديد ...عوض الله محمد عوض الله سيف اليزل برعي البدوي01-02-14, 09:54 PM
      Re: طريق مدني الخرطوم و أثره علي خط السكة حديد ...عوض الله محمد عوض الله عبدالعزيز عثمان01-02-14, 11:08 PM
        Re: طريق مدني الخرطوم و أثره علي خط السكة حديد ...عوض الله محمد عوض الله سيف اليزل برعي البدوي01-03-14, 05:06 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de