|
Re: د. عمر القراي: عبدالله ع. ابراهيم: أنك لا تعدو قدرك 2-2 (Re: عبدالله عثمان)
|
وهكذا حال مثقفينا، يديرون المعارك في غير معترك، بالطبع هذه وجهة نظري الشخصية جداً لما يدور من صراعات بين المثقفين السودانيين، وأري فيها إنتصار للنفس أكثر من حوار كان من الممكن أن يفيد هذا الوطن، ولكن هذا قدر السودان. وأعتقد أن أهل السودان يحتاجون أن يعيدوا النظر في تقييمهم لأنفسهم. فكل هذه الإحترابات (اللفظية أو الفعلية) ناتجة من طبيعتهم. فالسوداني يريد أن يكون هو المنتصر دائماً وهو واضع آخر كلمة، ولا يُقِر بخطئه (لأنه يعتبر ذلك هزيمة وإنكسار)، خصوصاً إذا كان الآخر خصم سياسي.
بالطبع لا أبرئ نفسي، فقد إنتهجت منهج (الإنتصار للنفس) كثيراً، والآن حينما أعود لتلك (الإنتصارات) أجد أنها هزيمة للنفس واضحة بينة.
ومن مناهج الإنتصار للنفس هو أنك حينما تتناول مثل هذه الحوارات (تُقرأ شَكْلاَت) بين مثقفينا، تدخل غصباً عنك في (العقلية التصنفية) فأنت بين خيارين، إما (معانا أو مع الخيانة)، فإذا وافقت على كل ما قاله القراي ، فسيغضب ذلك انصار ع ع إبراهيم، وسيقيمون لك المذابح الإسفيرية. وإذا قلت أن ع ع إبراهيم على حق في ما كتبه عن القراى ستأتيك الأقلام بدفاعٍ عن القراي ونهش في ع ع إبراهيم بما لا قِبَل لك به.
بالطبع لن نطمع في خلاف موضوعي بين مثقفينا أو بين العاديين منّا، ما دام الموضوع هو (هلال مريخ) ليس إلاّ. عقلية أركان النقاش (بالمناسبة كنت أقيم أركان نقاش كثيرة خلال دراستي في الجامعة)، وتكتيك أركان النقاش يعتمد على (شيطنة الخصم)، وعدم الإعتراف (بمنطقية أي نقطة يثيرها)، فلابد لك من تفنيد كل النقاط التى يثيرها الخصم، وذلك حتى تنال إعجاب (المستمعين)، فلا مكان في ثقافتنا لمبدا (شكراً لمن دلّني على عيوبي).
المثقف في السودان ينطلق من أن ما يكتبه كامل (وقيل مقدس)، فإذا تجرأ أحد وأنتقد ما كتبته، فلا مجال لتأمل (موضوعية) ما كُتِب، بل الرد سيأتي دفاعاً عن ما كتبت، ومحاولة الإرزاء بالخصم ما استطعت سبيلا.
بالطبع التعميم أعلاه مُخِل، ولكن أنا أتكلم عن الظاهرة في حد ذاتها.
وعلى العموم، بالنسبة لي فالكاتبين لهما إسهاماتهما في العمل العام، يختلف الناس حولهما أو يتفقوا ليس مشكلة، المشكلة أن ما يقدمه الكاتبين عن أنفسهما في هذا الصراع صورة سيئة لحوار المثقفين في السودان.
تمنيت أن يكتب الكاتبان عن طريقتنا لإدارة الإختلاف ويكون نموذجهما ما كتباه حول بعضهما البعض، ربما استطاعا أن يؤسسا لطريقة أخرى لإدارة الخلافات غير طريقة (الإنتصار للنفس) وموقف من (أخذته العزة بالإثم)، فمثل هذا الحوار المأزوم لا ينتج سوى وطن كسيح محكوم بمثل هذه المجموعة الفاشلة (وكما تكونوا يُوِلي عليكم).
|
|
|
|
|
|