6 فصائل دارفورية ترفض الاتفاق وتعتبره بمثابة إقصاء لها!!!

Quote: سلام دارفور: ما الحكمة من وراء التجزئة؟ا أمين مكي مدني منذ أن اندلع النزاع المسلح في دارفور قبل سبع سنوات، ويستمر حتى اليوم، يطالب مواطنو الإقليم والشعب السوداني بقطاعاته المجتمعية والسياسية كافة بضرورة حسم النزاع وانهاء الانتهاكات الجسيمة غير المسبوقة لحقوق الانسان، بما فيها استهداف المدنيين بقصف القرى، والقتل والتعذيب، والإغتصاب، والترحيل القسري وغيرها من الجرائم التي وصفت بأنها الأبشع في مستهل القرن الحادي والعشرين، كانت الحكومة تتفاعل مع القضية ومطالب أهل دارفور المشروعة بأنها عمليات عصابات نهب مسلح وتخريب وتمرد ينبغي القضاء عليها بجميع السبل بواسطة القوات المسلحة وقوات الأمن والمخابرات ومليشيات الجنجويد المسلحة، سواء أكانت من القبائل ذات الأصول العربية التي عرفت بقوات الجنجويد أو قوات الدفاع الشعبي أو حرس الحدود، وخلافها من وسائل وأساليب القمع. استمر سير الأوضاع على هذا النهج الى أن انعقد ما سُمي بمؤتمر السلام في أبوجا في العام 2006م حينما طرحت الحكومة اطاراً منقوصاً لوضع حد للنزاع وافقت عليه، كما هو معروف، احدى الفصائل المسلحة ورفضته الغالبية الأخرى باعتبار انه لا يلبي أهداف وتطلعات أبناء الاقليم، منها وحدة الإقليم وادارة شؤونه بواسطة أبنائه ومشاركتهم في الحكم المركزي والتصدي العاجل لاعادة البناء، واعادة النازحين واللاجئين، ووضع برامج جادة وعاجلة للتنمية البشرية والخدمات، وبرامج طويلة الأمد لمعالجة أصول أسباب النزاع في المكان الأول. حتى اتفاق ابوجا ذلك الذي تم مع ما يعرف بفصيل مناوي أخفقت الحكومة تماماً في تنفيذ الحد الأدنى من بنوده، بشهادة قادة الفصيل المذكور علناً ودوماً خلال السنوات الخمس الماضية، خاصة في الآونة الأخيرة التي أصبح فيها الفصيل الى تحالف المعارضة أقرب. لم تتوقف الإنتهاكات برغم مزاعم الحكومة وتكرارها المستمر ان حرب دارفور قد انتهت، ويستمر ملايين اللاجئين والنازحين في معسكرات البؤس على هامش الحياة، يتلقون الفتات من منظمات العمل الإنساني التي يحمد لها انها تبقى على هؤلاء على قيد الحياة ، بالكاد. ذلك الإتفاق الثنائي لم يقطع أرضاً ولم يقي ظهراً، ومعاناة أبناء الإقليم لم تزد إلا سوءاً، وسط هذه الأوضاع تم الإعلان عن موعد اجراء الانتخابات العامة في أبريل المقبل، كان من الطبيعي أن يتعذر استحالة قيامها في دارفور بسبب الأوضاع المضطربة هناك، ووجود حالة طوارئ معلنة واستحالة تسجيل الناخبين، ذلك فضلاً عن الترشح للسلطات التنفيذية أو التشريعية في الاقليم أو على الصعيد القومي. أخيراً، أعلن عن تتويج جهود الوساطة التي تشارك فيها مشكورة دولة قطر، ومندوب الإتحاد الأفريقي، الأمم المتحدة وبعض ممثلي القوى الكبرى، وسط غياب تام للقوى السياسية السودانية، بما في ذلك الشريك الأكبر في حكومة الوحدة الوطنية، والأحزاب الموالية للمؤتمر الوطني في الحكم. كانت جولات تلك المفاوضات تتم بعيداً عن الوطن والمواطنين الذين كانوا يتابعون عناوين ما يسمى بالتقدم المحرز دونما ادراك لما يدور فيها بين حركة العدل والمساواة وحكومة المؤتمر الوطني، استمر الحال على ذلك المنوال الى أن تم الاعلان عن اتفاق لوقف اطلاق النار، واتفاق اطاري لإتفاق سلام يتم ابرامه خلال الاسبوعين القادمين. وعلى الرغم مما يقال حول ان اتفاق السلام المعلن عنه سيبرم بين الحكومة السودانية مع حركة العدل والمساواة وعدد آخر من الفصائل الدارفورية حاملة السلاح، منها حركة التحرير والعدالة في مسار آخر لتوقيع اتفاق اطاري مختلف، إلا أنه سرعان ما تبع ذلك ان أعلنت حركات أخرى بقيادة عبد الواحد نور رفضها التام للدخول في تلك الاجراءات باعتبارها للمرة الثانية بعد أبوجا اتفاق ثنائي آخر يتم بعيداً عن قوى سياسية واجتماعية تمثل ثقلاً حقيقياً في دارفور، وبرغم ما أعلن في اتفاق الدوحة عن وقف لإطلاق النار فإن الأنباء تتوالى في الأيام الأخيرة عن معارك ضارية تدور رحاها حالياً في مناطق جبل مرة وجبل بوما يقع آلاف من المواطنين ضحايا لها قتلى وجرحى ومشردين. نقول ان اعلان وقف اطلاق النار مع العدل والمساواة والفصائل الأخرى، كبر حجمها أو قل، لا شك أمر أيجابي ينبغي مساندته ودعمه انقاذاً للأرواح ووقفاً للخراب والدمار، بيد أننا نصر على أن الاتفاقات الثنائية مهما حوت من نصوص براقة ووعود مغرية لهذا الفصيل أو ذاك، دون مشاركة جميع أبناء دارفور المقاتلين أو غير حملة السلاح والنازحين واللاجئين وزعماء العشائر، سواء من سموا سياسياً ذوي أصول عربية أو أفريقية، لن يكون سوى حرث في البحر وعملية علاقات عامة ودعاية انتخابية لن توصلنا الى السلام الدائم المأمول. ولعل ضمن سياسة الحكومة المفضوحة في هذا الصدد هو اعلان العفو عن حوالي مائة من المحكومية بالاعدام ظلوا قابعين في سجن كوبر منذ أكثر من عام بعد محاكمتهم المسرحية المشهورة وفق قانون الإرهاب المخالف للدستور روحاً ونصاً، برغم تأييده في حكم المحكمة الدستورية المخالف، والذي بُني على حيثيات سياسية لا صلة لها بالقانون، كما نوهنا سابقاً في عدد من المناسبات، والتساؤل يتصل لماذا سكت القضاء العادي (غير الدستوري) عن رفض أو تأييد تلك الأحكام طوال تلك الفترة؟ أليس في ذلك ما يفسر أن تنفيذ الأحكام أو رفضها كان موقفاً سياسياً لإرتهان أرواح مائة شخص وفقاً على محصلة التفاوض السياسي؟ ثم ما الحكمة في العفو عن مائة شخص واطلاق سراح ثلاثين فقط منهم؟ واليوم يصل العدد الى سبعة وخمسين؟ أليسوا جميعاً مدانين سوياً بذات الاتهامات بواسطة نفس المحاكم؟ ولم يظل عدد من المعفو عنهم في السجون مكبلين بالأغلال في الأرجل والأيدي.. أين عدالة القضاء المستقل؟ ثمة سؤال آخر ألم يتم اصدار الحكم على بعض المتهمين قصاصاً أو لم يكن لذوي بعض الضحايا أولياء دم مطالبين بالقصاص؟ أيحق لرئيس الجمهورية شرعاً وقانوناً أن يصدر عفواً عن عقوبة قصاص دون موافقة أولياء الدم؟ ربما قد تم ذلك فنحن لا نعلم، والله أعلم. نختم، فنقول أن منهج التفاوض الثنائي والسعي للتفاوض مع فصيل أو أكثر، دون التوافق التام بين ومع جميع مواطني دارفور الذي هو الأسلوب الأوحد ولن تخرجنا أبوجا الأولى أو أبوجا الثانية من عنق الزجاجة، لا سلام إلا بالتوافق مع مواطني دارفور كافة، ولا سلام دون مصالحة، ولا سلام دون عدالة ومحاسبة لمن أجرم في حق أبناء دارفور وأبناء هذا الوطن كافة. والله ولي التوفيق.

(عدل بواسطة Amani Al Ajab on 03-02-2010, 02:37 AM)