دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا
|
فى كل مرة فكرت فيها الكتابة عن هذا الموضوع كان شئ ما يمنعنى ولا ادرى كنه هذا الشئ وربما تكون بعض الذكريات الاليمة التى ترفض الافكار توافق الكتابة معها ..... ولكن لنتوكل على الحى القيوم الخدمة الالزامية او كما يسميها اهل الانقاذ الخدمة الوطنية امر واجب وهو فرض على كل مواطن لانها فريضة للوطن طالما كان الشخص لا يحمل من العوائق القانونية ما يمنع .... ولكن السؤال هل ما قمنا به او ما اجبرونا للقيام به كانت خدمة للوطن ؟؟؟ وهل كان واجبا علينا تنفيذه ؟؟؟؟ الاجابة ببساطة لا .... والف لا لا يكون القتال من اجل حزب دفاعا عن الوطن ... ولا يمكن ان يكون القتال من اجل ايدولوجيا محددة خدمة للوطن ... فما بالك لو كنت معارضا لهذا الحزب ولو كنت ضد افكاره والمصيبة الاخرى والاكبر كيف يكون قتل ابناء وطنك يحملون مثلك جنسيتها دفاعا عن الوطن ؟؟؟؟ وهل كانت فكرة الانقاذ عن الجنوب وعن الدين الذى اشانوا له غايتان تستحقان ان يموت ويقتل فى سبيلها خيرة شباب الوطن من الجانبين ؟؟؟ لا يهم ... فاهل الانقاذ فى آذنهم وقر . المهم انهم قالوا لنا هى الخدمة وربطوا اداءها بالدخول للجامعات ...رهط من الشباب المميز ترك حتى التعليم هروبا من جحيم الخدمة الانقاذية ورهط ذهب غصبا عن انفه وانف معتقداته وانا من الفئة الاخيرة ..... ولاننى رأيت كل ما يسئ الى الانسانية وما يقشعر له الابدان ويشيب له الولدان ساكتب ساكتب عن جنة الله فى الارض جنوب السودان التى احرقت بيد شيطان ولكن لنبدا من اولها وفى تسلسل اتمنى ان لا ينقطع لاى سبب ... وباسم الله
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
البداية من دنقلا ... بالتحديد منطقة شرق دنقلا تسمى الكاسورة ... ويبدو ان من اطلق على المكان اسم كاسورة لم يطلقها اعتباطا وانما عن قصد لانه كسر فينا امل الغد فى وطن معافى وهذا ابسط ما فعل .... المكان منطقة رملية شاسعة حتى ان الابل الذى يسمى سفينة الصحراء مؤهلة للغرق في وحل تلك الرمال ولو كانت تسير على ثمان دعك من اربعة ارجل .... ترى من ناحية الغرب وفى مسافة غير بعيدة مزرعة اجتهد صاحبها ان يقاوم الطبيعة ولكن الرمال صممت على خذلانه وابتلعت كل ما حاول زراعته وواضح مدى يأس صاحب المزرعة فى درجة الاهمال لتلك المزرعة ..... من ناحية الجنوب لو كنت زرقاء اليمامة سترى مدينة كريمة وان لم تكن كذلك مثلى فلن ترى سوى السراب ... من ناحية الشرق يبدو المجهول وقد قال لى صديقى ساخرا يبدو ان نهاية الكون فى هذا الاتجاه ... من ناحية الشمال مسافة تهد احتمال الخيول حتى تصل الى اول منطقة مأهولة وهى قرية تتمدد بيوتها فى اهمال وكان سكانها اعلنوا بذلك غضبهم على طبيعة المنطقة ..... فى وسط هذه الاتجاهات بنيت عنابر من جذوع النخيل والاشجار حتى ان من اقاموها لم يهتموا ان كان عرشها يقى من شمس او برد او غبار لانهم لو فعلوا واهتموا بذلك لعرفوا انه لم تكن هناك فائدة من اقامة تلك الجذوع واهدار الوقت فى نصبها طالما انها لن تقى من وهج شمس او صقع برد او لفح سموم او رجم غبار .... المهم انهم فعلوا لان من يسكنه ليس امير او وزير او مدير .... هم مجرد طلبة لا يستحقون من الانسانية شئ .... هذه ما اجتهد اهلها بتسميتها معسكر الكاسورة التدريبى ... سيقول احد هذا امر عادى لانه تدريب وجيش ... وقبل ان اقول ان هذه فكرة خاطئة عن الجيش والجياشة اقول اننا لم نكن جيشا وما كان لنا ذلك ... كنا مجرد طلبة فى العشرينيات من العمر ... بالطبع لن يتخيل احدكم ماذا كنا ناكل وكيف كنا نشرب وعن الاغتسال لا تسأل ... ويقينى لو ان فرقة الكوماندوز اخطر فرق الجيش الامريكى عومل كما عوملنا فى تلك الكاسورة لكان فردا واحدا منهم كافى لاحتلال وتحرير العراق بل والسيطرة التامة عليه ..... ولن احكى عن التعامل الذى تلقيناه او بالاصح حجم التعذيب ... المهم خلصت الفترة بخيرها وشرها واتى المرحوم الزبير محمد صالح متحزما وتخرجنا او هكذا قيل لنا ولكن ما حدث بعد ذلك افظع من ان يروى ولكن سنروى .. قلنا اننا متوكلون على الحى القيوم ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
الطريق الى الجحيم يقولون ان الطريق الى الجحيم دائما ما يكون مفروشا بالنوايا الحسنة .... ولاننا احسنا النية حينها فكان طريقنا الى الجحيم سالكا .... بعد ان تم التخريج ووقفنا ساعات وساعات تحت اشعة الشمس الحارقة نستمع لهراءات الخطب المدجنة من افراد يصيبك صوتهم بالغثاء دعك من طرحهم ... بعدها توجهنا الى معسكر الكاسورة لنلملم اشيائنا والفرحة تعلو وجوهنا .. اخيرا انتهت رحلة الاهانة والذل .. ولكن يبدو اننا احسنا النية اكثر واكثر ..... وجدنا فى انتظارنا اكثر من خمسين شاحنة من الشاحنات الكبيرة التى تنقل بها البضائع من والى الخرطوم نيسان وزد واى وكى واى وغيرها ... تبادلنا النظرات وفى عين كل منا الف سؤال والسؤال الاهم كان لماذا ؟؟؟؟ قالوا لنا انه تم تقسيمنا وتعييننا فى الخرطوم فى القيادة العامة والمطار وغيرها من المرافق وانه مطلوب منا الركوب الان لنتحرك الى الخرطوم .... واهلنا الذين لم نراهم لما يقرب الثلاثة اشهر ؟؟؟ والارهاق الذى اصابنا من هذا اليوم الطويل ؟؟؟ وبماذا بشاحنات مهترئة غير مؤهلة لشحن البصل ؟؟؟ كل الاسئلة راحت ادراج رياح الكاسورة المحملة بثقل الغبار ..... كنا مجموعة من كرمة وبينى وبينكم رغم القلق والشك من هذه الرحلة الا ان هناك امر واحد خفف علينا القلق والشك ... رؤية الخرطوم !!! نعم لا تستغربوا معظم مجموعتى وانا منهم لم نكن حتى وقتها رأينا ما يسمى بالعاصمة القومية وقد شكلت لنا هذه العاصمة امنية ان نزورها يوما ما .. لقد كان اترابنا المحظوظون او كما كنا نسميهم المرتاحون ممن زاروا الخرطوم يحكون لنا روايات اغرب من الخيال .. على الاقل وقتها كان خيالا بالنسبة لنا ... لم نكن نصدق امر الكهرباء وانها موصلة الى المنازل دون ان تسمع هدير وابورات او لعلعة جرينيتر والاغرب انهم كانوا يحكون لنا انك اذا ضغط زرا على الحائط تضئ وبضغطة اخرى تنطفأ وتلك حركة سحرية لم نكن نستوعبها ... غير ان اكثر ما كان يشدنى شخصيا امر تلك العمارات .. الا تسقط والطوابق تعلو فوق بعضها ... ثم جنينة الحيوان ..لا وقاعة الصداقة .. ثم اقسم لى صديق زار الخرطوم اقسم لى برأس امه ان الفتيات يقدن السيارة فى الخرطوم !!! كل هذه شكلت لنا حلم زيارة ما يسمى بالخرطوم وانستنا القلق ... وقف مجموعة الضباط وضباط الصف من خلفنا يحملون العصى والسياط لان البعض رفض الصعود الى الشاحنة وبداوا يلوحونها على ظهورنا مما شكل حالة من الهرج والكل يهرع صعودا خوفا من ضربة قد تشكل له اعاقة مدى الحياة ... كان من حظى تلك الشاحنة التى تسمى نيسان صعدت بسرعة هربا من الضرب والقيت بنفسى فى جوفها من على حافتها العلوية ولم انتبه سوى بصوت احدهم يسب العقيدة ويسب امى .. لم اهتم بامر العقيدة فهناك رب يحاسبه ولكن قمت بالرد على سب امى ثم انتبهت فجأة اننى المخطأ ... عرفت اننى سقطت فوق مجموعة كانت قد سبقتنى واخذت مكانها ... المهم اخذنا اماكننا وهى ان نجلس فوق بعضنا البعض فى جوف الشاحنة الفارغة اذ انهم لم يهتموا حتى بفرشها ولو بجوالات فارغة ان لم يكن احتراما لنا فعلى الاقل تقديرا لطول الرحلة ... ثم انهم لم يضعوا اى تقدير لحجم الشاحنة وراحة ركابها بل حملوها قدر ما استطاعوا لذلك كنا مضطرين للجلوس فوق بعضنا ... وقتها لم يكن هناك طرق مسفلتة بل كان الطريق الى الخرطوم جحيما لا يطاق ان كنت مسافرا على متن عربة خاصة وعلى مقعد فاخر فكيف بنا على تلك الحالة ؟؟؟ تحركت الشاحنة وتحركت معها عقارب اسؤ ساعات حياتى .... سائق العربة كانه يحمل شحنة من الزبالة لم ترى قدماه المكابح نهائيا ان صعد تلا او هبط واديا السرعة هى هى فى اقصاها ... ولا تسأل كيف كان حالنا بالخلف .. هل شاهدت من قبل كيف يتم اصطياد اسماك الساردين او التونة ؟؟؟؟ كنا كذلك تحركنا من دنقلا بعد الغروب ... واليل كله ونحن كما الساردين .. لا تسمع سوى اهات الالم من حولك ولو حاولت عيناك ان تغفو قليلا فلا تدعها تفعل لانك لن تنتبه لاحدهم وهو يسقط عليك بكامل ثقله ... اصبح الصبح ولا زلنا على تلك الحالة .. ثم اشتد النهار حرا وعرقا وعفنا .. والعربة مصرة ان لا تقف ربما اوصوهم خوفا من هروب البعض ... قالوا انها ساعة الفطور والعربة تسير القوا لنا بصفيحة طحنية وباغتا ماء .. كانت هناك شاحنة تسير معنا محملة بصفائح الطحنية وباغات الماء ... تخيل وانت تعانى من الحر والشمس وكذلك صفائح الطحنية والماء التى كانت معرضة للشمس .. بدانا ناكل ونشرب ارضية الشاحنة من تحتنا نار موقدة الماء مغلية الطحنية وكانها شويت على جمر .... ثم مرت ساعة على ذلك تقريبا وكانت صواريخ الاسهال التى لا يمكن التحكم عليها مع حركة العربة العنيفة كانت قد بدات تسيطر على الشاحنات ... ولم تمر سوى دقائق كنا وكاننا ناخذ قيلولة فى قلب بالوعة ... بالطبع لم يعطوا لصراخنا بالا ولم يهتموا .. فى العصر وصلنا الى منطقة خلوية قالوا لنا انها تسمى فتاشة ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
فتاشة .. فتشنا عن الكرامة فتاشة هذه معسكر تدريبى للجيش يقع فى مسافة غير بعيدة شمال غرب العاصمة الخرطوم تقريبا على بعد 15 كيلو او اكثر ... بها مجموعة من العنابر التى بنيت باهمال شديد وواضح انها بنيت لاستقبال اعداد قليلة من المجنديين وعددنا كان اكبر من احتمال المكان ... طبعا يعرف الجميع طبيعة تلك المنطقة الخلوية ولا داعى ان نشرح ... نزلناها عصرا او قبل الغروب بقليل وكنا فى اشد الحاجة لقسط من الراحة بعد عذاب الرحلة والبعض منا كان فى حوجة ماسة لطبيب ... تساقطنا من شدة الارهاق على الارض والبعض راح فى نوم عميق ... لم تمر سوى خمسة دقائق وهى الفترة التى اعطيت للشاحنات لافراغ شحنتها والمغادرة حتى جاء جنود يصرخون فينا ويامرونا بالقيام والاصطفاف فى طابور ... ما كنا سنقف ولكن عندما راينا جنود اخرون يحملون جوالات ضخمة وياتون بها الى وسط الساحة سرح خيالنا بعيدا واحسنا الظن مجددا ... البعض كان جائعا فتخيلوا طعاما .. والعطشى تخيلوها ماء مثلجة ... اما انا فقد كان حلمى اكبر واوسع ... كنت اسمع عن شئ اسمه الببسى كولا .. الله الله .. كانت امنيتى ان اتذوق هذه الببسى كولا التى حكاها لنا الاصدقاء الذين زاروا الخرطوم .. حكوا لنا عن طعمها الرائع ورائحتها الجميلة وعن طريقة شربها بسطوها لى وشبهوها بالفوار .. لاننى كنت احب الفوار فى صغرى فقد اقتنعت اعجابا بهذه البيبسى قبل ان اراها .. بدات احرك لسانى على جنبات شفتى الناشفة والمتشققة انتظارا للخيال الذى رسمته البيبسى كولا .... وقفنا صفوفا وبتشكيل الجيش المعروف .. صرخوا فينا ان ننتبه فانتبهنا ... ثم ضرب الجندى الذى كان يصرخ الارض بقدميه وصرخ تمام يا افندى ... وظهر الافندى طويل القامة ذو هيبة ووسامة كتفيه مرصعتان بالدبابير _ عرفت لاحقا ان تلك الدبابير هى رتبة عميد _ وواضح فى هذا الرجل كل الوان الراحة والحنكشة بل والانوثة .. قبلها لم اكن اتخيل ان قادة الجيش يمكن ان يكونوا بتلك الليونة بل والانوثة .. استطيع ان اقسم لو وقف هذا الرجل جنبا الى جنب مع نجوى كرم لما فرقناهما الى بثديى نجوى كرم .. امر العميد جنوده بتوزيع ما فى الجوالات ... كنت انتظر دورى بشغف عندما اتى الجندى ووضع فى يدى كوبا بلاستيكيا فارغا .. من شاكلة الاكواب الورقية التى تستخدم فى المناسبات العامة ... فى هذه اللحظة فقط احسست بالانهيار وكل تعب الدنيا التى لم اكن اشعر بها بسبب احلام البيبسى كولا .... اشار العقيد الى حوض ضخم جنوب الساحة امامنا مباشرة والحوض مبنى بالاسمنت وطلب منا التوجه اليه ... توجهنا الى هناك ووجدنا حوضا او خزان ماء مغطى بالغبار وذرات الرمل وبعض الاوراق والاوساخ ومن الاطراف خضراء يانعة بسبب كمية الطحالب التى عليها ... ربما كانت تلك المياه مخزنة من شهر ويريدنا ان نشرب منه ... نظرنا الى بعضنا وخاب كل امل فينا .... ثم اندلعت الثورة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
ثورة الشك ... بدانا بالهمس احتجاجا على تلك المعاملة ثم ارتفعت الاصوات رويدا رويدا حتى باتت صراخا وتحول الصراخ الى غضب عارم ... هاجمنا الجنود اولا ورجمناهم بكل ما توصلت اليه يدنا حتى هربوا اتجهنا لمكتب الرجل الانثى ولكنه سبقنا الى عربته وفر هاربا ... سيطرنا على المعسكر تماما .. لكن المشكلة ان لا احد كان يعرف اين نحن بالتحديد وكيف نتجه ؟؟؟ البعض توكل على الحى القيوم وركب الخلاء والبعض كان منهارا من التعب فافترش ارض فتاشة والبعض كان يبكى فى انهيار تام والبعض كان خائفا يرتعب لان ما قمنا به يعتبر تمردا .... فى منتصف الليل اتى كمية من الضباط برتب كبيرة ثم تبعتهم عربات ضخمة عرفت فيما بعد ان اسمها دفار .. كنا قد تحفزنا للمواجهة وتعاهدنا على الموت .. ولكن الضباط كانوا عكس ذلك .. قدموا لنا اعتذارا رقيقا وتاسفوا للمعاملة ووعدونا بنقلنا الى الخرطوم فورا والى منطقة ارقى وافضل ... صدقناهم لاننا لاحظنا تطورا كبيرا فى وسيلة النقل وان كانت دفارات فهى على الاقل افضل من تلك الشاحنات .. تحركنا نحو ساعة ... وعندما رأيت انوار الخرطوم تتلألأ من بعيد دق قلبى بشدة ... اه اخيرا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
اخيرا شاهدت الخرطوم ولكن من داخل الدفار المنطلق وكنت مبهورا بالاضواء والحركة حتى تلك الساعة المتاخرة من الليل .. وصلنا الى منطقة شمال شرق ام درمان يسمى معسكر خالد بن الوليد ... مساحة شاسعة وعنابر منظمة وبها اسرة .. ووجدنا ان هناك من سبقنا من مجندى الخرطوم ومدنى ... بقينا هناك اسبوعا ... ننام ثم نصحو لننام مرة اخرى ان لم ياتى ظابط مصاب بالارق واراد ان يسلى ليله الطويل بنا .. فى احد الايام انطلقت صافرات الجمع فى منتصف الليل ... خرجنا وجمعونا صفوفا ثم اجلسونا فى تشكيل منظم ... قلنا ما الداعى لجلوسنا القرفصاء ليلا ولكن لم تدم الاسئلة طويلا ... اتت اكثر من عشرة حافلات محملة باشخاص فى عمرنا او اكبر منا ... نزلوا يهللون ويكبرون .. ثم وقفوا امامنا وادوا عرضا عسكريا وتقدم احدهم يسألهم واحدا واحدا عن احلامهم وكل واحد فيهم يهتف الشهادة .. الشهادة .. حتى مرت بذاكرتى معركة بدر ... ثم هتفوا نحن الدبابين ثم شتموا كل الاحزاب ونال الجنوبيون اقذعها وانصرفوا ... عندما عدنا لعنابرنا كانت الساعة تشير للثانية صباحا ... جلسنا وتفاكرنا حول هذه الحركة المثيرة وتوصلنا لاجابة واحدة انه تمهيد لارسالنا الى الموت .. الى جنوب الوطن .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
الهروب ... جلسنا ساعتها وخططنا لطريقة الهروب من الجحيم الذى ينتظرنا .... كنا مجموعة من كرمة ... شخصى الضعيف والحبيب ابوهريرة الذى لم يفرقنا الحياة بحلوها ومرها منذ 16 سنة والاصدقاء فى زمن الغدر يحي عبد الحميد ومحمد الهادى محمد الحسن والصديق العزيز محمد احمد حسن او كما اسميه الولى .. والعزيز جدا صاحب القلب النظيف الهادئ الرزين والذى افتقده بشدة بعد ان ابتلعته حياة الرياض ضياء الدين عمر عبد الوهاب والولد الشقى حينها سامى محمد نصر .. هؤلاء من اذكرهم وعفوا لمن سقطوا سهوا من ذاكرتى الخربة ... اجتمعنا وقررنا الهروب عند صلاة الفجر .. والخطة تعتمد على الاخوان سامى وضياء لانهم على الاقل يعرفون الخرطوم وقد جاءوها من قبل .. قالوا سنسلك ناحية الجنوب حتى ندخل قرى العرب ونختبئ هناك الا ان نجد طريقة لدخول الخرطوم ... اتفقنا فعلا وجاءت ساعة الحسم وخرجنا جميعا وسلكنا الخلاء والناس يتجهون للصلاة ولكن ما ان خطونا عدة امتار افتقدت صديقى ابو هريرة .. طلبت منهم الهروب وساعود لاجد ابو هريرة ونجد طريقة ما للهروب .. رفض الاصدقاء يحي ومحمد الهادى (النقر) الهروب واصروا على العودة معى فى رحلة البحث عن ابو هريرة ... لم نجد ابو هريرة فى عنبر الشمالية وبحثنا عنه حتى الصباح ووجدناه بعد الظهر ... من شدة دهشته باولاد الخرطوم والطريقة الغريبة التى يتحدثون بها ذهب ابوهريرة الى عنبر الخرطوم وجلس يتفرج على طريقة حديثهم ودلعهم فاخذته النومة وبذلك ضيع علينا الهروب .. وبخناه وقررنا الهروب بالليل دون ان ندرى كيف والى اين ... اتى الليل ولكننا فوجئنا برقابة صارمة والجيش يحيط بكل المعسكر ثم حافلات بالعشرات تدخل الى المعسكر .. ثم صافرة للجمع فى تمام الثالثة صباحا وكانت تلك صبيحة يوم 24/7/1997 ... طلبوا منا ان نقف فى صفوف .. وقفنا .. ادخلونا واحدا تلو الاخر الى الحافلات ... سالنا الى اين .. قالوا ضرب نار .. قلنا ومتى كنا نذهب لضرب نار بعربات فاخرة ؟؟؟ وكانت تلك اول خطوة نحو الجحيم ... جنوب السودان .. نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
سفر الجفا .... يقولون ان الطريق الى الجحيم مفروش بالنوايا الحسنة ... وكما قلت فقد اجدنا الاحسان امرونا بالصعود الى الحافلات .. وما ان تمتلأ حافلة ويقف على بابها جندى مدجج بالسلاح تنطلق ... قلت للشباب دعونا قدر الامكان ان لا نفترق وبالفعل كان حظنا فى حافلة واحدة ... انطلقنا وامامنا حافلة تسبقنا .. مررنا بشوارع العاصمة التى نامت تماما وكأن امرا نزل عليهم ولا يقطع الهدؤ المخيف سوى نبح الكلاب وكأنها علمت بمصيرنا وقدمت لنا بعضا من وفائها كوداع رقيق .. وطالما اننا حرمنا من وداع اهلنا فلا بأس من صوت الكلاب كوداع .. عندما اقتربنا من المطار توقفت حافلتنا فجأة واكتشفنا انها كانت على وشك الاصطدام بالحافلة التى امامنا والتى توقفت فجاة لان احد الطلاب غامر بروحه وقفز من النافذة من حافلة تسير بسرعة كبيرة .. حتى الان لا ادرى هل نجى ام مات ... توقفت بنا الحافلة على سلم الطائرة المحاطة بالظباط من كل رتبة وبالجنود المسلحين ولم تكن امامنا خيار سوى الصعود .. اثناء صعودنا كان الجنود يدفعون احد الطلاب الذى كان فى حالة هيستيريا وبكاء شديد الى الطائرة وسلموه الى ضابط برتبة عميد يقف فى مدخل الطائرة ولكن الطالب ومن شدة رعبه اخذ معه العميد الى الارض من ذلك العلو وسقط العميد يتلوى من الالم عندما اخذه المسعفون سريعا ... خطونا اولى الخطوات داخل الطائرة ... شلتنى المفاجاة لان حال الطائرة كان يغنى عن اى سؤال وهذه تحتاج الى وقفة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
طيارة طيرى بينا ... بالتأكيد ركوب الطائرة لشخص مثلى من المفترض انه عيد ... وحتى الان كل معلوماتى عن الطائرة سماعية لا اكثر ولا اقل ولازلت احلم حتى يومى هذا بالصعود على متن طائرة مثل الاماراتية لان ما حكوه لى عنها اوصلتنى لقمة الرغبة لذلك حرصت ان اقطع فى عودتى من هنا على متن الخطوط المصرية لعلى وعسى ... المهم كان ركوب طائرة بالنسبة لى كحلم تماما كما يحلم اى رجل بسيط مثلى لم يغادر قريته اطلاقا ولم يرى من الحضر سوى دنقلا - ان جاز تصنيفها حضرا - وكانت كل فرحتى عندما يعطينى القدر فرصة ركوب سيارة من ناحية السائق .. ولكن ما ان وطأت قدماى داخلة تلك الطائرة نزلت كوابيس الدنيا كلها على رأسى ويومها لاول مرة ارى الموت يتمثل امامى فى اقصى معانيها .. اولا ما كنت اعرفه ان الطائرة بها مقاعد حتى وان لم تكن فاخرة ولكن ما لفتى نظرى ان هذه الطائرة لم يكن بها اى مقعد كفم جدتى صفية عافاها الله ومع انى لم ارى الكابتن لان حجرته مغلقة الا اننى اجزم ان الكابتن نفسه كان يقودها واقفا .. ارضية الطائرة انظف منها حوش مدرسة ابتدائية صباح السبت عندما يعود الطلاب من عطلة نهاية الاسبوع .. اذكر ان جارنا العزيز احمد حاج مظلوم كان يملك كومرا قديما حتى وقت قريب .. كان الحى كله يخاف الخروج صباحا خوفا من عذاب الدفرة اليومية .. واذكر ان هذه الكومر عندما تتحرك كانت الحلة كلها تعدم الرؤية بسبب الدخان المتصاعد من العادم بطريقة تذكرك قطارات الفحم الحجرى .. واذا جاز لك الصعود على متنها فانك ببساطة ستجد الجرزان وكل انواع الحشرات بداخلها لان النتؤ والانبعاجات داخل الكومر شكلت لها ملاذا آمنا اكثر من احراش الجناين .. مع كل هذا لو طلب من اخينا احمد حاج ان يبادل كومره بتلك الطائرة لاعتبر الامر اهانة له ولارتكب جريمة القتل فى حق مفاوضه او يختار الانتحار ... ادخلونا بدون حساب او عدد بل كانوا فى حاجة لتحميل الطائرة اكثر قدر من الطلاب لذلك كنا نجلس فوق بعضنا متكومين ومن وصلت مؤخرته الى الارض فتلك معجزة وسعادة غامرة .. ذلك الزحام تخيل معها هالة الرعب والخوف من المصير مما شكل حاللات من التبول اللا ارادى ويقينى ان كمية الريح التى خرجت وقتها من الطلاب تستحق الدخول فى كتاب جينيس للارقام القياسية ... كان حظى ان اجلس فوق احدهم بالقرب من النافذة ولكن ما زادنى رعبا وخوفا ان الظابط وجه لنا الكلام ان لا نقرب من النوافذ لانها غير ثابتة ... وكمان نسيت ان اظرف شخصية فى كرمة كان معنا وهو الصديق احمد محمد على الملقب ب(كلا) .. الاخ احمد كان يظهر عليه كل علامات الرعب لدرجة انك تخاله قد مات من شهرين ولم تدفن جثته ... حاول احمد تطمين نفسه بالحديث معى .. نادانى من بعيد وهو يصيح .. لا يمكن ان ينقولنا للجنوب كلما فى الامر انها رحلة تدريبية ... قلت له انطق بالشهادة والتزم الصمت .. انا ما ناقصك انت كمان ... وانطلقنا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
--------------------------------------------------------------------------------
السما السابعة وطشيش ... لن احكى عن لحظة اقلاع الطائرة لان اى شخص منكم يفهم الامر حيث لا مقاعد ولا احزمة ولا امان ... انطلقنا فى السماء حوالى الساعتان ونيف .. وبدون سابق انزار ولا تنبيه حطت الطائرة ارض المطار .. وقفنا وتحركنا نحو الباب الذى فتح وما ان وقفت على باب الطائرة قرأت يافطة ضخمة مكتوب عليها (مطار جوبا ) ولكن ما انسانى الخوف وقتها كان المناظر التى وقعت عليها عيناى ... كان رزاز المطر يتساقط برفق وحنان على سماء جوباوكأنها تغسل شرور البشرمن عليها ولان الوقت كان فجرا فان السحب الحانية كانت تشكل حجبا للرؤية الى اعلى تلامس قمم الجبال الصغيرة التى تحيط بالمطار بينما الخضرة على مد البصر .. والجو كان صحوا وجميلا عكس ما نسمع عن مناخ الاستوائية القاسى ... فى تلك اللحظة وقبل ان ارى الجنوب او اى جزء منه لعنت الحرب والساسة لانهم اضاعوا اجمل رقعة فى الوطن بسبب الاطماع والسيادة ... كان فى انتظارنا شاحنات ضخمة تابعة للجيش ..ركبناها وانطلقنا داخل مدينة جوبا .. الحقيقة انهم تعمدوا ان تمر العربات بقلب مدينة جوبا حتى تصل الرسالة بوضوح للسيد جون قرنق رحمه الله .. مدينة جوبا مدينة جميلة جدا رغم بساطتها .. الارض مكسوة بالخضرة وليس بها ارض عارية الا تلك التى استصلحت كطريق للسيارات .. تظللها الاشجار ولكن ليست اشجار النيم وسم الفار بل اشجار المانجو والعرديب والبرتقال .. قليلة هى المنازل الحديثة وتتمثل فى جامعة جوبا ببنيانه العتيق ثم المقار العسكرية ومنزل القائد العام للمنطقة والبقية بيوت من القش او القطاطى كما نسميها ولكن فى طريقة بنيانها نوع من الهندسة البسيطة المدهشة والغريب انها متراصة فى اتقان ونظام .. بها سوق ضخم بل يقينى انه اكبر اسواق السودان يسمى (كونج كونج ) ساحكى لاحقا عنه ... وسوق اخر لا اذكر اسمه الان ... المطار يقع فى الشمال الغربى من المدينة على منطقة مرتفعة نوعا ما .. وموكبنا شق المدينة تجاه الشرق من قلب المدينة .. خرجنا من جوبا عبر جسر يعتبر جيدا نوعا ما ثم اتجهنا جنوبا .. وكلما سرنا كان المنظر يزداد جمالا .. بالخضرة واشجار الفواكه المثمرة التى لم تجد يد انسان تمتد اليها .. مانجو جوافة موز برتقال باباى وانواع اخرى كثيرة ... ابقار ترعى دون صاحب فى قطيع منظم ... وصلنا منطقة الرجاف وهى مدينة هادئة يسكنها بضع مئات .. الاطفال يطاردون موكبنا وهم يتصايحون دون ان يدروا فى براءة غبية اننا جئنا نحمل الموت والدمار .. كبار السن جلسوا على الطريق وفى عيونهم غضب الدنيا كلها ممزوجة بحيرة عميقة ولسان حالهم يقول الى متى ... شرق المدينة يقع جبل الرجاف المشهور وهو جبل ضخم محاط بالخضرة من قاعها الى قمتها او هكذا خلتها لانك لن ترى القمة لان السحب تمر اسفل قمتها ... تركنا مدينة الرجاف خلفنا .. ثم بدأت الشاحنات تصعد فى طريق متعرج على ارتفاع واضح .. وكلما تقدمنا كنا نرتفع اكثر حتى وصلنا منطقة اللاهوت وعندها كان فى انتظارنا الصدمة الاولى ... رائحة الموت نواصل غدا ان كان فى العمر بقية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
رائحة الموت اللاهوت هو فى الاصل كنيسة ضخمة من واجهتها وطريقة بناءها واضح انه بنى فى زمن الانجليز .. مبنى عتيق تشابه فى هيكله المدارس التى بنيت فى عهد الانجليز تتشكل من ثلاثة عنابر كبيرة ثم ثكنات صغيرة واضح انها كانت للرهبان او رعاة الكنيسة ... كنا ما يربو على الالف طالب حيث تم زجنا فى عنبرين - تخيلو - والعنبر الثالث كان بدون سقف وواضح عليه اثار الرجم بقنابل او صواريخ وتم استخدامه كمطبخ ... هذه الكنيسة تقع فى منطقة مرتفعة بحيث تكون حائط الصد الاول لمنطقتى الرجاف ومدينة جوبا ... اول ما نزلنا عليها وضعنا يدنا على انوفنا من الرائحة الكريهة التى كانت تعم المكان .... رائحة الموت العنابر كانت مغطى بالدماء وكانها مسلخ ... سألنا عن سر هذه الدماء والرائحة فحكى لنا الجنود الذين كانوا بالموقع ما اقشعرت له ابداننا .... جاءت قوة صغيرة من قوات الحركة الشعبية على ثلاث او اربع سيارات جيب صغيرة .. عندما اقتربوا من المكان بداوا يهللون ويكبرون .. كان بالموقع اكثر من ثلاثمائة شخص من الدبابين - سنحكى لكم عن الدبابين لاحقا - ... هؤلاء الدبابون عندما سمعوا التهليل والتكبير وقفوا يهللون ويكبرون بكل سذاجة ناسين ابسط تعليمات التامين ... دخلت قوة الحركة الشعبية وسطهم ولا داعى ان احكى عن الباقى .. نجى فقط ما يقرب من الخمسين شخصا .. هذا هو سر الدماء والرائحة الكريهة .... معسكر اللاهوت هذا محاط بكل جنباته وفى شكل دائرة بالغابات الكثيفة من اشجار الجوافة والمانجو والموز وبعض الاشجار الغريبة غير المثمرة ... فى وسطه بئر ضخم كخزان لماء الشرب التى تاتى من النيل عبر تناكر ضخمة كل يومين وكل طالب لديه ماعون صغير مع حبل طويل بما يشبه الدلو لسحب الماء ... الحمامات التى نقضى بها حاجتنا عبارة عن حفرة على عمق متر او متر ونصف مغطى بجزوع الاشجار .. عليك ان تجلس بحرص على تلك الجزوع وتقضى حاجتك والا فانك ستقع فى المحظور .. هذه الحفرة محاطة بالقش ولكنه لا يستر من عين .... المبيت كان مشكلة كبيرة عليك ان تحجز مكانك مبكرا ان لم تكن ضمن طاقم الحراسة لان العنابر الضيقة لا تتحمل كل العدد ... الرعب كان باديا على الجميع .. لا احد يتبادل الحديث وباستطاعتك سماع اى همس ... البعض دخل فى حالة هلوسة وصراخ فتم عزلهم سريعا ... الان اصبحنا فى قلب الجحيم دون ارادة منا وغصبا عنا وعلينا مواجهة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
يومى الاول فى الحراسة كنت فى السرية الاولى من الكتيبة الاولى وتصادف ان يكون معى الصديق ابوهريرة .. يتم حراسة المعسكر على شكل طوق بحيث يكون على بعد كل عشرين مترا مجموعة تتكون من ثمانية اشخاص يتناوبون الحراسة فى ما بينهم ويوزعون ساعات الليل بكل حرص بحيث ينام الباقون ويقف احدهم فى الحراسة وعندما ينتهى وقته يسلم للذى يليه ... فى يومى الاول للحراسة كنا ثمانية معى ابو هريرة وصديق من دنقلا اسمه عبد الباقى وكان يلقب ب(بقة) وهو من حلب دنقلا كان يتميز بالجبن لدرجة اننا كنا نرى الرعب فى عينيه ومنه ينتقل الينا الخوف ... تم توزيعنا وكان على ان احرس قرابة الساعتين ووقع حظى من الواحدة الى الثالثة تقريبا ومن بعدى ابوهريرة ويليه بقة .. كل المعسكر بالعنابر وحدنا نواجه المطر والظلام والخوف والغابة التى امامنا .. سكون غريب الا من صوت رشاش المطر الخفيف .. عندما وقفت مستلما الوردية ونام الذى قبلى ترآى لى اشياء كثيرة .. كل صوت يخيل لى انه جيش قادم كل شجرة تتحرك مع نسمة ريح اراها انسانا قادم .. لم استطيع تحمل الامر .. ببساطة بدت لى فكرة جهنمية وان كانت دنيئة ولكن وقتها تنسى كل شئ حتى الانسانية ... ذهبت للاخ ابو هريرة جزبته حتى صحى من نومه .. قلت له لقد حرست نصف ساعة وساقوم بجر الساعة حتى وقتى وعليك ان تقف نصف ساعة وتجر ساعتك وتعطى للذى يليك ... سلمته وذهبت للنوم ولكن ابوهريرة لم ينتظر حتى اصل لموقعى وجدته خلفى .. لم ينتظر حتى دقيقة واحدة قام بجر الساعة حتى لا يعطى للنوم فرصة الفرار من عينيه وسلم الحراسة لبقة ... وقف المسكين وكلما نظر للساعة وجدها السابعة !!!! تنتهى الحراسة فى السابعة ولكن لا الصبح اصبح ولا احد تحرك كأن الكون قد توقف ... طبعا الساعة وقتها كانت الثالثة ولكن عند بقة كانت السابعة ... اشارت ساعته للثامنة ولا شئ جديد الظلمة هى نفسها ولا احد تحرك ... نام المسكين واقفا .. ثم فجاة دوت الطلقات النارية وزعر المعسكر واصبح الجميع يطلقون النيران فى اتجاه الغابة المظلمة .. خرج الظباط وطلبوا منا الدخول الى الخنادق واطلاق النار ... اكثر من نصف ساعة ونحن نطلق وتحول المكان الى وهج من النيران .. فجاة انتبه احد الظباط الى انه لا يوجد اى رد من اى اتجاه ... طلب ايقاف الضرب ثم بدا التحقيق .. من الذى اطلق النار ؟؟؟ اتضح ان صديقنا بقة نام واقفا وصحا فجاة على صوت شجرة ورأى الشجرة كانها شئ يتجه نحوه فاطلق النار !!! طبعا اتضح امرنا وتمت معاقبتنا بالحراسة يومين متتاليين انا وصديقى ابوهريرة لانه ثبت اننا قمنا بجر الساعة وورطنا المعسكر .... من يومها اصبح الجميع يخاف الحراسة معنا خوفا من خطة اخرى ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
الدبابون .... تذكرون قديما ايام الخطابات حيث لا هاتف ولا انترنت ولا موبايل .. عندما كانت الاسرة كلها تجلس امام جهاز تسجيل لارسال التحايا والاخبار لابنهم المغترب وكذلك عندما يرسل المغترب شريطا مسجلا بصوته وصوت زملائه كان الحى كله يتجمع حول جهاز التسجيل ليستمعوا .... الدبابون تماما مثل شريط المغترب ... تم مسح كل ما فى رأسهم وبعضهم اصلا لم يكن يملك رأسا وتمت برمجتهم على الموت ... يجلس اليك احدهم وكأنه صحابى جليل يحدثك عن عفن الدنيا كان الدنيا صفيحة زبالة ويحدثك عن الجنة وكانه ضمنها وفى الجنة بالذات يحدثونك عن الحور العين ويتحدث بفخر انه سيمتلك 70 من اجمل بنات الحور لدرجة اننى كنت اشك ان هؤلاء الدبابون يعانون من احتقان جنسى ... يحدثك عن الموت وكانه رحلة سياحية الى شرم الشيخ او ماليزيا .. وعندما يتحدث عن المعارضة ورجالات من رموز الوطن امثال الصادق والميرغنى ونقد تكاد تهش الذباب من على وجهك قبل ان تنتبه انه يتحدث عن بشر وليس ذباب ... اما قرنق فكان طريقهم الى الجنة وهو الشيطان الرجيم الذى عندما ياتى ذكر اسمه لابد ان تستعيذ ثلاثا او انك كافر وملحد ويهودى واقل شئ عميل وخائن ... صراحة كنت اشفق على هؤلاء الذين كنت ارى انهم فى حوجة ماسة لاطباء نفسانيون لان حديثهم ليس حديث انسان طبيعى والحقيقة انهم كانوا يستحقون ذلك .... ولكن المشكلة لم تكن فى هؤلاء عندما اشتد الحصار على حكومة الانقاذ فى الجنوب واصبحت المدن والقلاع تتساقط واحدة تلو الاخرى بيد الحركة فى تلك الفترة كانت كراسى السلطة تهتز من تحت السادة الذين استهوا العيش على جماجم الشباب .... تفتق زهنهم بشئ غريب لم يخطر بذهن سودانى من قبل ... وهو الانتحار ببساطة ياتى احدهم ويحدث الشباب عن الحور العين وكيف تبدو شعرها المتسرسل حتى الفخذين وخدها الحرير الذى يمشى عليه شفتيك كما على الزبدة ثم آه من جزعها ثم لونها الاخاذ وووووووو ..... بعضهم يدخل فى غيبوبة ويتمنى متى يصل الى هناك ... بهذه الطريقة انتجوا مجموعة مستعدة لحمل قنبلة والانفجار بها فى قلب دبابة .. وكان اول بطل لهذه الفكرة طالب او خريج بجامعة الخرطوم اسمه على عبد الفتاح طبعا نسوه الان ولكنه وقتها كان رمز البطولة والشاشة لا تفتر الحديث عنه والصحافة الانقاذية تنسج الروايات عن بطولته حتى يخيل اليك انه والاس محرر اوسكتلاندا ... طبعا هذه الفكرة لا تستند الى اى تكتيك حربى او فكرة منظمة وانما عملية عشوائية لا تقع تحت سيطرة اى قائد او ظابط لدرجة ان الجيش السودانى يتململ وقتها من ان هؤلاء يخلون باى تكتيك عسكرى ويكشفون المواقع طلبا للموت مما هزم الجيش فى كل موقع واصبحت الخسائر البشرية وسط الجيش بالمئات فى كل معركة ... وراح ضحية هذه الفكرة الجهنمية شباب نير كان الوطن فى اشد الحوجة لهم طلاب وخريجون فى جميع التخصصات من الطب الى الهندسة الى الادارة .. راحت عقول كثيرة فداء لاصحاب المقاعد الوثيرة ... يقول البعض ان الفكرة هى فكرة الترابى .. ولكن الحقيقة غير ذلك بصراحة .. وقد اعترف الارهابى بلحاج المسجون بامريكا الان فى احدى المحاكمات انه كان فى السودان مع اسامة بن لادن وانه كان مسؤلا عن مثل هذا النوع من التعليم وغسل الدماغ .. الترابى يمكنه التحالف مع الشيطان بكل بساطة من اجل اهدافه وهو ماكر بحيث يطعنك بسكين من الخلف وهو يبتسم ولكن قتل الشباب لا يدخل ابدا ضمن استراتيجياته لانه ليس بهذا التشدد ... ولكن تخيل ان بلحاج الذى يدفع الشباب الى الموت مقلدا تجربة الافغان ضد السوفيت لا يذهب ابدا ليموت من اجل الحور العين كما يروى لهؤلاء المساكين ولكنه يستمتع باموال بن لادن مع زوجته الامريكية ويملك اقامة دائمة فى امريكا حيث كان فى الشتاء مع بن لادن وفى الصيف مع زوجته بامريكا وبن لادن نفسه كان فى الخرطوم يستمتع بالصيد شمال امدرمان .. والترابى لم يرسل ابنه عصام للحاق بالحور العين بل كان يدير من قصرهم الفخم بالمنشية تجارة العملة وكل ابناء الوزراء كانوا كذلك ... كان المساكين الذين لا يملكون ظهرا يحميهم هم من يرسلون الى هناك ومن ليس له ظهر يضرب على بطنه من اجل ان يبقوا هم على كراسيهم مستمتعين باموال الشعب المسكين وخلوها مستورة ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
الاعدام رميا بالرصاص : معسكر اللاهوت لم يكن خط مواجهة مع الحركة الشعبية بل لم يكن معسكرا دائما وانما كان اساسا معسكر مؤقت حيث يتم من هناك توزيع الجنود لمناطق الحرب ومن ناحية اخرى هى منطقة استراتيجية كخط دفاع اول لمدينتى الرجاف ثم جوبا وبما انها منطقة مرتفعة جدا فهو من ناحية عسكرية موقع ممتاز ... بقينا اسبوعين فقط حين اتت ذات الشاحنات التى اوصلنا من المطار الى المعسكر .. دب الرعب وسط الطلاب حيث ظننا انها الرحلة الى ارض المعارك لان وقتها (97) كانت الحركة الشعبية فى حالة اكتساح دائم لجيش الحكومة التى كانت تتلقى الضربات وتفقد المدن والقرى بطريقة لا يحسد عليها وبالطبع كنا نحن كبش الفداء لايقاف زحف الحركة .. ليموت الطلاب وتبقى الحكومة ... ولكن الامر لم يكن كذلك على الاقل فى ذاك اليوم .. طلبوا منا ركوب الشاحنات .. ركبنا على مضض ولكن الشاحنات اتجهت ناحية جوبا .. ثم مررنا بوسط المدينة واتجهنا الى الشمال الغربى حيث يقبع المطار .. بدات اسارير الطلاب تهلل ظنا انها رحلة الى نعيم الخرطوم ولكن .... مرت الشاحنات بجوار المطار غربا حيث بدا لن حشد جماهيرى ضخم من المواطنين والعسكر .. ظننا ان هناك عرض ما او مباراة فى كرة القدم او المصارعة للترويح عنا .. اقتربنا كانت هناك ساحة كبيرة واضح انها ساحة تدريب وهى المنطقة الوحيدة المنبسطة فى مدينة جوبا وتنتهى هذه الساحة على سفح جبل متوسط الحجم من ناحية الغرب .. الساحة كانت خالية بينما يقف الجمهور من الناحية الشرقية وهم يتدافعون بينما بعض الجنود يقومون بعملية التنظيم بحيث لا يتخطى احد ناحية الساحة .... انزلونا وطلبوا منا الانضمام الى المتفرجين دون ان يقول لنا احد عن كنه الفرجة ..... لم ننتظر كثيرا حيث اتت عربتان .. فى العربة الاولى اربعة اشخاص مقيدون فى قلبها يحيط بهم جنود من الجوانب وفى العربة الثانية جنود مدججون بالاسلحة الرشاشة ... كان واضحا ان الاربعة فى حالة انهيار بحيث لم يستطيع احد منهم ان يخطو خطوة واحدة .. قام الجنود بجرهم جرا على الارض حتى اسندوا على ظهورهم الى سفح الجبل .. كان الاربعة بزيهم العسكرى .. كبيرهم كان يبدو عليه اثار النعمة بجسده الضخم المترهل وكرشه المنفوخ وخدين كانه ينفخ على مزمار وعلى اك######## علامات تشير الى انه عميد ركن فى الجيش السودانى وكان واضحا انه شمالى وبسحنة تشابه سحنة الجعليين .. والثلاثة الاخرون كانوا جنود تختلف رتبهم من رقيب اول الى وكيل عريف احدهم شمالى والاخران واضح انهما من اهل الجنوب ... الحقيقة اندهشت للعميد لاننى ما كنت اعرف ان تطبيق الجزاءات تقع حتى على الرتب الكبيرة ولكنه لم يكن مجرد جزاء .... وقف حوالى العشرة جنود فى منتصف الساحة باسلحتهم فى مواجهة الاربعة ... اتت عربة قائد المنطقة العسكرية وكان وقتها الفريق ركن آدم حامد موسى الذى اصبح لاحقا واليا لكسلا ولا ادرى اين هو الان ... وقف ظابط برتبة عميد ركن وادى التحية العسكرية للقائد ثم طلب من الجنود فى وسط الساحة الاستعداد ... وجهوا اسلحتهم الرشاشة الى الاربعة ... حتى ذاك كنت اخاله تدريب عسكرى او عرض من نوع ما ولكن ... مع صرخة العميد دوى صوت الرصاص .. انحنيت وانا اغطى اذنيى بيدى وعندما رفعتها حيث الساحة هالنى ما رأيت ... الدماء تسيل بركا من كل منطقة وعضو فى جسد الاربعة وقد سجوا ارضا .... ظننتنى احلم .. رفعت عينى مرات ومرات والمنظر نفس المنظر ... ارتفعت اصوات التكبير والتهليل الجماهير بعضها كانت واجمة اطفالا ونساء ورجال شباب وصغار وشيوخ والبعض الاخر كان غير مبال وكان الذين تم قتلهم وتلك الجثث المرمية لم تكن سوى جثث بغال او انهم تعودوا على هذا المنظر ... عندما طلبوا منا العودة وركبت الشاحنة كان السر قد انتشر بين الطلاب .. سبب قتل هؤلاء كان لانهم عملاء للحركة الشعبية تم اكتشافهم ... مدينة (توريت) تعتبر اكثر مدينة استراتيجية ناحية الجنوب الشرقى وميزة هذه المدينة انها محاطة بسلسة جبال وكانها جزيرة فى عرض محيط وكانت المدينة آخر ورقة فى يد الحكومة لانها ان سقطت فسقوط جوبا لن تدم سوى دقائق لانها المنطقة الاستراتيجية التى يصعب اختراقها لا من الارض ولا من الجو .. هذه المدينة تعرضت لاختراق خطير لدرجة انها سقطت فى يد الحركة عدت ساعات قبل ان تحررها طائرات الانتينوف والذى حكى لى فيما بعد احد الجنود المشاركين ان تلك الطائرات قصفت بشكل عشوائى انتقامى ولم تفرز بين جنود الحركة وجنود الحكومة ولا السكان بحيث اصبحت المدينة بحر من الدماء وهرب جنود الجيشين من الاشتباك للاحتماء ... وتم اتهام الاربعة الذين اعدموا انهم قدموا المعلومات والتسهيلات لجيش الحركة وكان سبب اعدامهم ....... قد يكون الاعدام فى عرف اى جيش فى العالم امرا مبررا عند الخيانة ولكن ..... ليست بتلك الطريقة الوحشية وليست امام اطفال ونسوة بل اكاد اجزم انهم لم يقدموا لمحاكمة عادلة .. ظنوا انهم بتلك الطريقة يعطون الدروس والعبر للجيش والمواطنيين عن ثمن الخيانة ... لم انم يومها ولم يغمض لى جفن .. كلما حاولت النوم كانت الصورة تقفذ امام عينى صورة الدماء والجثث المجثوة صورة الاطفال ما بين مرعوب وخائف وغير مبالى .. واللامبالاة التى رأيتها فى عيون الاطفال يومها اكبر كارثة لو كان هناك قائد يفهم او يزن الامور .. شاهد الاطفال يومها ما لا يعرض حتى على اكثر الافلام وحشية وربما راوا اكثر واصعب من ذلك وعيونهم كانت تقول هكذا ... نعم لم انم يومها بل لازمتنى هذه الصورة عدة اشهر ... بالطبع ذهب ادم حامد موسى ليغط فى نوم عميق بينما فقد اربعة اراواحهم وفقد الاطفال البراءة وفقدت النسوة الاطمئنان وقد فقدت شخصيا جزءا ليس بيسير من طمئنينتى النفسية والنوم ايضا وان كان اهون ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
ستيفن اسبيلبيرغ ... لا احد يجهل بالطبع المخرج والمؤلف الامريكى الكبير ستيفن اسبيلبيرغ .. وان كان هناك من جعل لهوليوود شأنا او مكانة وجعلتها اعظم صناعة للسينما فهو الاستاذ المبدع اسبيلبيرغ ... من منا يستطيع ان ينسى فيلمه الاكثر من رائع (jaws ) عن اسماك القرش عندما جعل من التقنية التوكنولوجية حقيقة عشنا معها فى عالم البحار وبالذات اسماك القرش .. ومن ينسى فيلمه عن الديناصورات التى جعلها تمشى بيننا حية وكأننا نعيشها حقيقة .. ومن ينسى فيلمه عن الحرب العالمية الثانية حين اعطى العالم رؤية جديدة عن تلك الحرب .. وبالطبع لا احد ينسى فيلمه عن سكان الفضاء عندما هبطوا فجاة ذات ليل الى الارض .... لا احد يستطيع ان ينسى ولو حاول ذلك . ما يهمنى فى هذه الفقرة هو فيلمه الاخير عن سكان الفضاء ... بخياله الواسع استطاع المخرج الكبير ان يترك لنا انطباعا عن كيف يكون شكلهم بل ان الناس اصبحوا على يقين بعد ذلك الفيلم ان سكان الفضاء حقيقة واقعة وليست خيالا ... بخياله الواسع قدم لنا شكلا غريبا ومضحكا لسكان الفضاء ... جسم غريب لا هو جسم انسان ولا حيوان بل مزيج من الاثنين .. رأس دائرية كبيرة وعيون زائغة تخلو من الحياة وان كانت تتحرك ثم فم صغير وضيق .. اما رقبتها وصدرها كانت ضعيفة وصغيرة ثم كرش ضخم تشابه كرش اطفال المجاعة فى افريقيا .. ثم ساقين رقيقتين لا تكاد تتخيل انه يحمل ذاك الكرش ... فعلا كان الشكل مضحكا بالاضافة لطريقة حركتهم البطيئة .. لو رأيت هذا الفيلم ونظرت الى شكل سكان الفضاء كأنك رأيتنا بعد مرور شهر واحد فى معسكر اللاهوت ... صدقونى كنا احيانا نجلس قبالة بعضنا ونضحك على اشكالنا .. كنت انا وصديقى يحي عبد الحميد نعانى من النحافة وصغر حجم الجمجمة اصلا لذلك لم نتأثر كثيرا .. ولكن شكل الاخوة ابوهريرة الذى يشابه رأسه كرة القدم ومحمد الهادى (النقر) الذى كان يتميز ببسطة فى الجسم وضخامة الرأس اكثرنا تاثرا وكان شكلهم مضحكا وعندما يكون مزاجنا رايقا يكونان مصدر ونسة وضحك ... بعيد عنكم .. بل وبعيد عن الكافر ... كنا نأكل شيئا ما اسمه (كوجة ) .. ولكى نعرف لكم هذه الكوجة اطالب حقا من لا يملك سيطرة على تقلبات بطنه ان لا يقرأ ولا يعرف عنها لانه سيعانى من القيء شهرا ... الكوجة تتشكل من دقيق ( السفريتة ) والبعض يسميها (فتريتة) وهى نوع ما من انواع الذرة لكن لونه اسود او بنى احيانا .. هذا الدقيق معبأ فى جولات لا تستحق ان تعبأ فيها زبالة .. تاتى بطوة كبيرة والتى كانت تعانى من الصدأ .. تضعها على النار مع قليل من الماء .. عندما تسخن الماء قليلا تضيف اليها كمية من دقيق السفريتة .. يقف عليها اقوى شخص فى المعسكر وهو يحمل عصا كبيرة من فرع شجرة خلصت من لحائها ويقوم بتحريكها بقوة حتى تعجن وتتماسك وتتحول الى لون غريب كالمحروق يخرج منها رائحة جثة تحرق ... فى النفس الوقت يقوم البعض بمراقبة قدور ضخمة مليئة بالماء .. الماء فقط ثم يضيفون اليها القليل من الويكة المطحونة لتعطيها اللزوجة اللازمة ... تحمل صحنك وتمر اولا على صاحب الكوجة الذى يكرمك بما حجمه كف اليد من الكوجة وتمر بعدها على صاحب الشئ اللزج ويعطيك ما قدره كباية شاى ... وبعدها لا تسمى باسم الله بل استعذ بالشيطان ثلاثا واسأل الله ان يعطى معدتك قدرة ان يتحمل هذا الشئ وعلى بركة الله ... كان هذا طعامنا على وجبتين فى اليوم عند الحادية عشرة صباحا وجبة وقبل غروب الشمس بقليل الوجبة الاخيرة لانه يمنع ايقاد نار او اضاءة اى ضوء بعد الغروب لخطورة الامر فى الجنوب .... المعاناة لا تقف عند الاكل لان الجوع كافر وتكون مستعدا لتاكل فضلات حيوان .. بل المشكلة الكبيرة كانت عندما ياتيك قدر ان تفرغ ما اكلته اى عندما تقضى حاجتك .. شخصيا كنت اسأل الله ان لا تاتينى زنقة تدخلنى الحمام ... استطيع ان اقسم ان المراة لا تعانى عندما تضع مولودا كما كنا نعانى عندما نقضى حاجتنا .. البعض يشكى من الامساك ولكنه لو مر بتلك التجربة لعرف ان الامساك نعمة ... كاننا كنا نتبول صخورا بالاضافة لكل هذا مررنا باكثر الامراض تخلفا تلك الامراض التى نسيها العالم منذ قرن او يزيد ... بلهارسيا ودوسنتاريا واشكال اخرى من الامراض التى كانت لها اسماء غريبة واظنها باللهجة المحلية .. اما اسؤ شئ كانت الملاريا اعاذكم الله .. وملاريا الجنوب لها طعم ولون غير الذى نعرف بل ان ملاريا الشمال لا تعتبر ملاريا مقارنة ... كانت اولى اعراضها الشلل التام فى الاطراف بحيث تفقد الحركة تماما وكم قضينا الحاجة على اجسادنا ان لم ياتى مجموعة وتحملك الى الحمام ويسندونك حتى تقضيها ..... عندما مرض صديقنا يحيى عبد الحميد كنا لا نعرف لمدة تزيد على الشهر ان كان حيا او ميتا الا عندما ياتى احدنا ويضع اذنه على صدر صديقنا ليعرف ان كان هناك صوت نفس ... كنا نفتح فمه كما طير صغير وندلق عليه الماء وبالطبع لم يأكل شئ على مدار اكثر من شهر سوى بعض السوائل .. وبعد شهر حرك قدمه ولم نصدق انفسنا انه حى بكينا كثيرا وفرحنا كثيرا وكانت المشاعر متضاربة .. الى يومنا هذا كل ما ارى يحى لا اصدق انه حى وكل ما التقيه اردد دون ان اشعر(سميته يحى ليحى).. كانت تلك حالتنا حتى حانت ساعة الحقيقة ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
الموت حقنا ...... تم تجهيز احدى الغرف الضيقة بالمعسكر كعيادة لعلاج المرضى .... فى احدى المرات مرضت مرضا شديدا لدرجة اننى لم اقوى على السير فقد اجتمعت على اسؤ واقذر مرضين فى وقت واحد الملاريا والدوسنتاريا ... استفراغ دائم مع ان الاحشاء كانت تتمزق جوعا سوى من الماء غير الصحى الذى كنا نشربه من بئر فاحت رائحته النتنة ... دلونى على الغرفة التى تم تحويلها لعيادة ذهبت لاقابل الطبيب عله ينجدنى بشئ ولكن كانت دهشتى صاعقة .... دخلت ووجدت صديقى السنى .. هذا اسمه وليس تنسيب لكلمة سنة .. السنى شاب ظريف طويل القامة ابيض مع وسامة ظاهرة ... هو من ابناء المسعودية والمسعودية هذه لم اكن وقتها اعرف لها موقعا فى جغرافيا الوطن سوى اننى كنت اعشق لاعبا فى المريخ اسمه ابراهومة المسعودية وكنت قد التقيت بالسنى قبل السفر الى الجنوب فى معسكر خالد بن الوليد وسبب معرفتى به هى اللغة العربية .. كما قلت سابقا كنا مستغربين جدا لطريقة حديث اولاد الخرطوم ولغتهم السليمة ولكنتهم الدلوعة ولانه كان صاحب نكتة وظريف كنت ابحث عن مجلسه لاستمع لنكاته اولا ومن ثم الاستمتاع باللغة العربية وكيفية تذكيرهم وتانيثهم للجملة ... سالته عن الطبيب فضحك قائلا انه الطبيب !!!!! كنت اظنه يداعب او يضحك كعادته ولكنه اقسم برأس امه انه الطبيب المسؤول عن العيادة ؟؟؟؟ وعندما وجدنى مشدوها فسر لى الامر ... سأل قائد المعسكر عن طالب له اية دراية بالتمريض .. فتقدم السنى لانه كان قد درسا كورسا للهلال الاحمر السودانى .. وهكذا اصبح الطبيب !!! قلت له وارواح الطلاب ؟؟؟؟؟ قال انه لو لم يتقدم بخبرته الضئيلة فان الطلاب ما كانوا ليجدوا اساسا حتى شخص بقدراته الضعيفة شئ احسن من لاشئ .... بكل بساطة طلب منى الجلوس ورأيته يعد فى حقنة الملاريا ... رفضت بشدة .. كيف اجلس لشخص لا يفقه شيئا فى الطب وانا اصلا لا اثق حتى فى كبار الاطباء فى الوطن ؟؟؟؟ قدم لى بعض البدائل حبوب كلوروكين للملاريا وفلاجيل للدوسنتاريا .... ونصحنى بالجوافة .. شكرته وذهبت ولكن فى اليوم الثانى اصبحت رؤيتى نفسها معدومة .... هناك شاحنة تاتى صباحا للمعسكر من جوبا لنقل المرضى للسلاح الطبى فى جوبا ولكنها مخصصة فقط للمرضى الذين فقد الامل فى حياتهم اصلا ... بمعنى انهم ينتظرونك حتى الرمق الاخير ليكون حلهم الاخير السلاح الطبى .. استخدمت صديقى السنى الذى استخرج لى ورقة او اذن للذهاب للسلاح الطبى وبالطبع اصطحبنى صديقى ابوهريرة كمرافق ..... وصلنا جوبا بعد ساعات مضنية فى شاحنة قديمة وسائقها يظن انه يحمل نعاجا وليس بشرا وبشرا مرضى وعاجزون .. نزلنا وكل عضو فى جسمى يصرخ ويان ... عندما دخلت بوابة السلاح الطبى زال كل المى وضعفى وانتفضت كالمصعوق من شكل المستشفى والناس الذين به - ساحكى لاحقا عن هذا المستشفى او السلخانة _ طلبت من ابوهريرة العودة سريعا فالموت بين الاحباب فى المعسكر ارحم من هنا ... اصبحت المشكلة كيفية العودة ؟؟؟ تلك الشاحنة تاتى صباحا وتعود عصرا وعليك البحث عنها وانت وحظك . بحثنا عن اى مكان نرتاح فيه حتى العصر لاننى ما كنت قادرا على التحمل ... رأينا مأذنة مسجد من بعيد سرنا فى اتجاهها وابوهريرة قد تعب اكثر منى لانه كان يسندنى طوال هذه المسافة ... دخلنا المسجد ونمنا فيه .. عصرا خرجنا من المسجد... بالطبع لم تكن لدينا قدرة على الصلاة او الوقوف كان الناس قد صلوا الظهر والعصر ونحن نيام فى اخر حرم المسجد ... خرجنا عصرا وسرنا مسافة طويلة حتى وصلنا كوبرى جوبا لانه المخرج الوحيد من المدينة وبدلا من البحث عن الشاحنة كان الافضل ان نكمن هناك حتى تاتى فعلا اتت وعدنا بسلام .. نجوت باعجوبة من المرض وعدت محنة صعبة فى حياتى ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
الهوليكوست .... بعد شهر تقريبا من وجودنا فى هذا المعسكر لاحظنا امرا غريبا فى احدى الصباحات .... اتت ما يرقب من العشرة شاحنات واصطفت فى المعسكر وطلب منا الجمع كل حسب مجموعته او سريته كما يسمى فى الجيش ... وقفنا جميعا وتقدم ضابط برتبة رائد كان قد وصل مع الشاحنات .. طلب من السرية الاولى والثانية الذهاب لعنابرهم واحضار اغراضهم ... عندما فعلوا امروا بالصعود للشاحنات وانطلقوا ..... بعد ذهابهم بقليل ونحن وقوفا قدم لنا الضابط المسؤول شخص قبيح الهيئة ضخم الجسد كرشه يتدلى كانه فائض مخزن يلبس بدلة حكومية او ما يعرف بسفارى وقدمه لنا الضابط بانه الشهيد الحى ابو جعفر .!!!! لو ان للشهداء منظر كهذا دعك من انه حى حتى الموتى لما ارتضيت بالشهادة ... هذا الرجل منظره وشكله يحدثانك بوضوح انك امام شخص نصاب ... المهم ان هذا الشهيد الحى بدا مهللا ومكبرا .. ثم بدا يرقص ويغنى ما يسمى وقتها باغانى الجهاد ... ثم بسمل وحوقل وجوقل واعلن لنا بكل هدؤ ان اصحابنا اولئك فى طريقهم الى الجنة ..... عن اية جنة يتحدث هذا المعتوه ؟؟ اية جنة هذه التى يذهبون اليها بشاحنات الزبالة ؟؟؟ ثم اية جنة هذه التى يذهب اليها الشخص دون معرفته ودون ارادته ؟؟؟ وقبل ان اسأل اهم سؤال احيطكم علما اننا عرفنا لاحقا ان هذا الرجل كان يقدم المحاضرات الجهادية فى معسكرات الخرطوم ولكنه قام بتهريب ابنه بحجة المرض قبل يوم واحد من ترحيلنا لجنوب الوطن .... نعود لاهم سؤال ... هل هؤلاء الطلاب وبحالتهم تلك قادرون على الدخول فى واحدة من اشرس واقذر الحروب التى عرفتها البشرية ؟؟؟؟ هل تم اعدادهم وتدريبهم اصلا لمعركة حتى ولو هزلية ؟؟؟ هل احيطوا علما ؟؟ هل كانت معنوياتهم تسمح لهم اساسا لدخول حرب ومعظمنا ان لم يكن كلنا غير مقتنعون بهذه الحرب ؟؟؟ وكيف ترجى نصرا ممن اجبرتهم على القتال ؟؟؟ الحقيقة ان ابسط مقومات الدخول لمعركة ما ان تجهز جيشك عسكريا للمواجهة ونحن لم نتلقى اى تدريب حقيقى عن شكل معارك ولم نتدرب سوى على اسلحة رشاشة فارغة ولا نعرف كيف نصوبها ... والاهم من الاعداد العسكرى فى الحروب هو الاعداد المعنوى فهل تتصور ان طلاب مجبرون وتم اختطافهم من ذويهم ودون اخطارهم ولا اخطار ذويهم يمكن ان يدخلوا حربا ؟؟؟؟ ببساطة كانت خطة الحكومة تعتمد على مقولة تاريخية اذا كنت تريد اختبار قوة اى كائن فارميه فى فخ ... والخطة تقضى على ادخالنا معركة نراها فى غير معترك وحينها لن نفكر فى شئ سوى ان نحيا ولكى تحيا لابد ان تقتل خصمك وعندما تقتل خصمك تكون الحكومة قد انتصرت وان مت لا تخسر الحكومة شئ بل ستاتى بغيرك .... لو ان العالم الذى يدين حتى هذه اللحظة مافعله هتلر باليهود ابان الحرب العالمية الثانية لو ان العالم عرف حقيقة ما جرى من حكومة الانقاذ لعرفوا ان هتلر كان رحيما ولا يستحق كل هذا الهجوم والتشويه مقارنة بمسؤولين يمشون اليوم بيننا ويتحكمون فى رقابنا .... ان هوليكوست النازية لم تكن شئ مقارنة بهوليكوست الانقاذ .. نسيت ان اقول لكم اننى نجوت من هذه المحرقة بمعجزة .. فقد تم اختيار السريتان الاولى والثالثة وجزء من السرية الاولى لاكمال العدد .. وقد كنت بالسرية الثالثة ... ولكن مؤقتا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
مخالب الاسود ارحم طبعا شرحت لكم شكل المعسكر وقلت لكم انها فى منطقة مقطوعة عن اية حياة بشرية واقرب قرية لها هى قرية الرجاف التى تبعد مسافة بعيدة ناحية الشمال الى جوبا ومن الجنوب لم تكن هناك الا مواقع قتال وهذا المعسكر محاط بغابة كثيفة من جميع الاتجاهات بحيث لو انك خطوت خطوات داخلها فلن تعود فاما ان تموت تائها او تكون طعاما لاى مفترس ... كانوا قد حذرونا من الغابة ولكننا كنا ندخلها فى جماعات وعن طريق دروب ضيقة لنصل الى بعض مواقع المياه الراكدة جراء الامطار وكان السبب طبعا لغسل ملابسنا عندما تضايقنا قمل الملابس ورائحتها النتنة .. طبعا حضرت مع جيلى زمن قمل الرأس ولكنى كنت اسمع من الذين قبلنا عن قمل الملابس حتى رايتها بام عينى فى الجنوب بل ان القمل احيانا كان مصدر لهو لنا وكنا نستمتع باصطيادها من ملابسنا عندما تقوم بعملية القرص ..... ليلة ترحيل زملائنا كانت ليلة حزينة جدا ... افضلنا من كان يبكى على احد اصدقائه من المرحلين ومعظمنا كان يبكى على نفسه من ذات المصير المنتظر ..... صباحا جلسنا واتت فكرة جهنمية من احدنا لا اذكر من هو ... والفكرة كانت تقتضى ببساطة اللجؤ الى الغابة كلما طلب منا الجمع ... رغم خوفنا من الغابة الكثيفة الا اننا رأينا ان الموت بمخالب اسد ارحم بكثير من تلك الرحلة .. عندما يقتلك اسد على الاقل ستجد قبرا ولو فى احشاء اسد ... كان الوحيد بيننا الذى يتشوق للذهاب هو اخى وصديقى محمد احمد حسن ... ومحمد هذا كنت اسميه الولى ولا زلت .. لانه شخص يعيش حالة تصوف فى كل شؤون حياته والدنيا عنده لاتسوى شئ هذا غير انه تم استغلاله باكرا من قبل الدبابين الذين صوروا له الجنة والحور العين وبمعرفتى اللصيقة بمحمد احمد اجزم ان كلما كان يهمه من الجنة هى الحور العين تلك ... كنا نجلس لنتناقش وكنت اصل معه حد التضارب عندما يحكى لنا عن الشهادة ويحاول تغيير راى البعض ليرافقوه .. كنت اقول له اذهب وادخل الجنة فانا ارى انك تذهب للانتحار وليس الجنة ... اصبح الترحيل امرا عاديا .. تقريبا فى كل اسبوع يرحل دفعة .. ونحن فى كل مرة نطبق الخطة بحذافيرها نهرب الى الغابة وعندما نسمع بذهاب العربات نعود كان شيئا لم يكن .... عرف الضابط المسؤول بامرنا .. والضابط هذا هو المسؤول من سريتنا وليس المعسكر وكان اسمه صلاح عبد الوهاب برتبة ملازم تخرج حديثا ولم يكن يكبرنا كثيرا او هكذا يقول حجمه .. وصلاح هذا كان مرافقا لنا من معسكر دنقلا وعندما علم بامر هروبنا جمعنا للجزاء ولكننا ناقشناه وقلنا له اننا غير مستعدون للترحيل حتى لو قتلنا .. بطريقة ما تعاطف معنا ولم يقدم امرنا للمسؤول الكبير ... فى يوم ما وبعد ترحيل مجموعة عدنا للمعسكر واكتشفنا عدم وجود صديقنا محمد احمد ... ذهبنا للملازم صلاح بعد ان عرفنا بترحيله وسألناه عن وجهة المجموعة حتى نكون على علم بمكانه ونحدث اهله ان حصل وعدنا .. بالطبع لم نفكر فى امكانية عودته لانه كان امرا بعيدا عن تفكيرنا ... قال لنا الضابط انه فى المجموعة التى ذهبت للميل 38 ... هذا الميل كان حفرة الموت حيث لقى فيها معظم الجيش والدبابين حتفهم هناك وقد اشتهرت هذه المنطقة لانها اول منطقة رمى فيها الدبابون انفسهم مع القنابل وسط جيش الحركة وضحوا بانفسهم ورغم هذه التضحية لم يتوقف تفوق الحركة الشعبية وكانت الحكومة تعلم ان سقوط تلك المنطقة يعنى بشكل كبير خسارة الجنوب تقريبا ... عندما علمنا بهذه المعلومة وكانت اخبار الطلاب المرحلين تصلنا يوميا عرفنا انه لن يعود ......
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
افتضاح الامر .... الحقيقة التى لا يعلمها الجميع ان الحكومة فعلا قد اقامت محرقة هيلوكوستية للطلاب ... وقد لا يصدق البعض هذه المعلومة ولكن الحقيقة ان ما يربو على 600 طالب ممن كانوا معنا قتلوا جميعا واحيانا فى شكل جماعى عندما القوا بهم فى اتون المعركة دون دراية ... كان الطلاب بمثابة دروع بشرية للجيش وكانوا اولا من يواجهون العدو ... وبعض الذين عادوا جرحى والتقينا بهم حكوا لنا من المآسى ما يشيب له الولدان ... هذه هى الحقيقة طبعا الحكومة كانت تخفى بعض اسماء الموتى لدرجة ان بعض الاسر وجدناهم فى مطار الخرطوم ينتظرون ابنائهم الذين قتلوا قبل شهور ولم يدروا بذلك الا عبرنا .. والحكومة كانت تحتفل ببعض القتلى على انهم شهداء وتقدم روايات عن تضحية قدمها مع عرس الشهيد وشوالين من السكر ووعد بكشك فى اى سوق ... هذه حقيقة ولكن مع تزايد عدد الشهداء وعندما كثرت حالات اعراس الشهيد افتضح الامر واصبحت المعارضة التى كانت تنشط وقتها فى القاهرة تتحدث بصوت مرتفع عن مجزرة الطلاب فى الجنوب ... بالطبع الحكومة لم تخف علينا ولكن خوفا من صورتها وهى لم تكن تنقص وقتها من قباحة الصور عند العالم اجمع اوقفت ترحيل الطلاب .. كنا قد اصبحنا حوالى 800 طالب فى المعسكر وكان وقت ترحيلنا قد دنا عندما اوقفت الحكومة ترحيل الطلاب ... رغم حزننا على رفاقنا الا اننا كنا فرحين نوعا ما ....... فى يوم من الايام وبعد ان استقر بنا المقام وعرفنا بعدم ترحيلنا وعاد الينا بعض الطمئنينة استدعانى الملازم صلاح وعندما ذهبت قدم لى ورقة عبارة عن اذن خروج من المعسكر الى السلاح الطبى ... اندهشت لاننى لم اكن مريضا ولم اطلب ذلك ولكنه فسر الامر وقال لى ان قريبك محمد احمد تم احضاره الى مستشفى السلاح الطبى قبل ايام ومن الافضل ان تكون معه ... ذهبت الى هناك سيرا على الاقدام حتى الرجاف ومنها فى عربة جيش الى جوبا .. عندما دخلت السلاح الطبى ذهلت تمنيت لو لم اتى ولو لم اراه اساسا ...
نكمل غدا ان شاءت الظروف تحياتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: أحمد أمين)
|
هشام مسكاقمى
Quote: لو ان العالم عرف حقيقة ما جرى من حكومة الانقاذ لعرفوا ان هتلر كان رحيما ولا يستحق كل هذا الهجوم والتشويه مقارنة بمسؤولين يمشون اليوم بيننا ويتحكمون فى رقابنا .... ان هوليكوست النازية لم تكن شئ مقارنة بهوليكوست الانقاذ . |
شكرا لهذا البوست الذى يعرى نظام الكيزان الدموى ماحدث للطلاب فى الجنوب ومن بعد التنكر لتضحياتهم ووصفهم بالفطائس سيظل وصمه عار على جبين النظام الكيزانى الدموى ومطبليه الذين باعوا ضمائرهم النتنه لاسيادهم من اجل حفنة دولاراتهم القذرة
كن بخير عزيزى هشام .. ومتابعين
تابعت مداخلاتك مع الكوزه نجاه .. عفارم عليك واصل الله معك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: معاوية عبيد الصائم)
|
سلام هشام ده مشروع كتاب يا هشام الكلام ده لازم يتنشر علي نطاق اوسع تابعتو و قريتو في منتدي كرمة عندما قمت بنشره قبل فترة طويلة و كنت مستغرب ليه ما نشرتها في سودانيزاونلاين حتي الان و ارجو انك تنزلو في شكل حلقات ( كل يوم مداخلة واحدة) وما تنسي تطلب من بكري يحولو للربع القادم بعد الارشفة
الاخ بكري ابوبكر الرجاء تثبيت هذا البوست لمدة عام علي الاقل اؤكد للمتابعين زملاء المنبر و القراء الكرام ان هذا البوست سيكون من اروع البوستات التي مرت بهم في هذا المنبر
التحية ليك يا ود عباس
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: Elmuiz Haggaz)
|
الاعزاء الباقر موسى احمد الامين مدثر كنة جنى فيصل معاوية د. نبيل المعز
اشكر لكم مروركم يديكم العافية ملحوظة : كما اشار الدكتور نبيل كتبت هذه الذكريات فى العام 2008 مع العلم ان الاحداث كانت فى العام 1997 لذلك قد تكون هناك الكثير من الاشياء والتفاصيل غائبة عنى وقد تكون بعض اسماء وتواريخ الاحداث محتاجة للتنقيح والتصحيح هى مجرد لملمة من قاع الذاكرة الخربة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
مستشفى الموت عندما طلب منى الملازم صلاح الذهاب الى السلاح الطبى لرؤية قريبى محمد احمد لم اضيع وقتا لاننى كنت اعلم ما ينتظرنى هناك فقد كان محمد احمد فى اخطر مناطق القتال وهو ما يسمى بالميل 38 وكنت اتوقع ان اجده كما وجدنا بعض الطلاب دون قدم او بجرح خطير بسبب الالغام والمتفجرات التى وقعوا فيها لخبرتهم المعدومة ... لم اجد طريقة للذهاب الى جوبا لان الوقت كان ظهرا والعربة الوحيدة التى تذهب الى جوبا تتحرك صباحا .. لم استطيع الانتظار الى الغد فتحركت راجلا حتى مدينة الرجاف .. مسافة بعيدة جدا لن يتخيلها احدكم بالاضافة لذلك فالطريق محفوف بالمخاطر ... يمكن ان يقابلك اى فرد من افراد الحركة الشعبية وحينها لن يتفهم موقفى ولكنه سيسارع لافراغ رصاصاته فى جسدى .. كنت خائفا اسير بخطوات مرتجفة ومتعب حد الشلل .. كل وشوشة شجرة بسسب ريح اتخيل الموت ويسقط قلبى عند قدمى حتى صوت خطواتى تخيل لى ان هناك شخص يتحرك خلفى .. اجرى قليلا واهرع حينا وامشى بعض الشئ متعبا .... وصلت الرجاف وفى سوقها وجدت شاحنة تتجه الى جوبا ... ووصلت السلاح الطبى عبارة عن مستشفى مخصصة للجيش وهناك سلاح طبى مثله بالخرطوم اسفل كبرى امدرمان ... السلاح الطبى بجوبا لا يمت لمستشفى باى صلة ومجرد تسميتها كذلك اهانة للمستشفيات وعار فى حق الطب عموما ... هناك اقسام قسم للعمليات وهم جرحى الحرب وقسم للنفسى وهم الذين فقدوا عقلهم بسبب اهوال ما شاهدوا فى القتال وقسم للامراض الباطنية .. دخلت وانا اسد انفى بيدى لان الرائحة التى تفوح هناك اسؤ بكثير من جثة تحللت فى العراء والرائحة لوحدها كفيلة بقتل انسان سليم دعك من المرضى .. اكوام القذارة فى كل مكان والمرضى يقضون حاجتهم فى ساحتها الرئيسية وعليك ان لا تتفاجأ او تخجل لو وجدت شخصا يتبول امامك فى حوش المستشفى لان هذا اقل شئ ستشاهده ... الاطباء هم ضباط وعلاقتهم بالمريض علاقة جيش وليس طبيب بمريض .. مؤهلاتهم مخجلة وساعود لهذا لاحقا لان صديق لى توفى بين يدى فى مآساة لن انساها ... المهم دخلت فى دوامة ليس هناك استقبال تسأل فيه عن الشخص وليس هناك من يدلك وانت واجتهادك للوصول ... توقعت ان اجد اخى محمد مقطوع الاطراف لذلك ذهبت اولا لقسم الجرحى وبعد بحث مضنى واراهاق كبير فشلت فى معرفة مكانه وانا حائر مرت امامى سيدة مسنة جنوبية ترتدى زى الجيش وواضح انها تعمل ممرضة بالقسم .. سالتها بلطف عن الاسم فلم تعرف قدمت لها الاوصاف فدلتنى الى قسم الباطنية ... الحقيقة اننى حمدت الله فاى مرض باطنى اهون كثيرا من ان ارى صديقى بدون قدم او بدون يد ... توجهت الى الباطنية وبدات ابحث عن العنابر واحدا وراء الاخر .. انتهيت من بحث عنبر وانا متجه الى الاخر شاهدت شخصا ببشرة بيضاء يجلس القرفصاء على نافذة العنبر ... تقدمت وكلما اتقدم نحوه كنت ارى محمد احمد ولكن ليس محمد احمد الذى اعرفه ... لنقل شبح محمد احمد .. شخص هزيل بعيون غائرة يصرخ ويضحك فى هيستيريا ويحاكى القرد فى جلسته .. عندما وقفت امامه ولا زال الشك يعترينى وجدته يتجاهلنى وكانه لا يعرفنى ولم يشاهدنى من قبل والحقيقة انه كان فى عالم اخر غير الدنيا ... ناديته مرات فانتبه كأنه تذكر اخيرا ان اسمه محمد ... دخلت العنبر سحبته من النافذة اجلسته على السرير وهو يطاوعنى وكأنه الة وليس انسان .. بكيت بحرقة والم لاننى ظننت حينها انه لن يعيش وان عاش فانه لن يعود محمد الذى نعرفه ... قد يعود حجمه وجسده الى طبيعتهما ولكن كيف يعود من عالمه الخاص الى دنيانا مرة اخرى ... الحيرة الغريبة التى فى عينيه اكدت لى انه راى اشياء لا تخطر بخيال بشر ... حاولت الحديث اليه ولكنه لم يكن معى .. حاولت ان استنجد باى شخص فلم ارى احدا سوى المرضى ولم اسمع شيئا سوى انينهم .. تركوهم دون رعاية فمن مات مات ومن انقذه الله يخرج .. جلست قرابة الساعتين وانا اسمعه يصرخ ثم يبكى ثم يضحك ويقول اشياء غريبة ولا اجد شيئا سوى دموعى تواسينى .. خرجت قبل حلول الظلام وعندما وصلت الى اللاهوت وجدت الاخوة فى انتظار الخبر .. قلت لهم انه حى ولكن الى متى الله اعلم .... ذهبت الى الملازم وشرحت له الوضع وقلت له انها ليست مستشفى وانما سلخانة لقتل من لم يمت فى الحرب وطلبت منه التصرف .. اعطانى خطابا لضابط طبيب .. ذهبت اليه فى اليوم الثانى ولم يقصر قدم بعض الاهتمام ولكنه لم يكن يملك اكثر من الموجود ولكنه وعدنى بترحيله الى الخرطوم .. بالطبع لم يفعل ولكن عناية الله اعادت محمد الينا بعد شهر واكثر فى المستشفى .... عدت فى ذلك اليوم الى المعسكر عند المغيب وجدت الجميع يبكى بهستيريا ولم استطيع الحديث الى احد ... بعد جهد جهيد عرفت ان صديقنا قد مات ... وصديقنا هذا كان شابا من غرب السودان ضعيف البنية كثير الحركة مضحك وصاحب نكتة كان الوحيد الذى يملأ حياتنا ويخرجنا من الهموم بمشاغباته ومقالبه .. كنا نلقبه ب( الضكر) وان لم تخنى الذاكرة كان اسمه عبد القادر وعرفناه عن طريق صديقنا فهد مرجان من ابناء مشو ... الحقيقة تفاجأت كثيرا لاننى خرجت صباحا وتركته يملأ المعسكر بمرحه وضحكته المجلجلة ... خلته توفى مقتولا ولكن الاصدقاء شرحوا لى انه كان يعانى من حمى منذ ايام ولكنه كان يقاوم حتى سقط ظهر اليوم مغشيا عليه وقبل ان يجدوا طريقة لايصاله المستشفى لفظ اخر انفاسه .... بكيناه اياما ثم نسيناه لان مثل هذا الامر اصبح معتادا فقد كنا نفقد كل يوم انسانا عزيزا ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
العودة : قلنا ان رائحة الموت قد فاحت واصبحت ورقة فى يد المعارضة وحتى جون قرنق فى مقابلاته مع القنوات والصحف العالمية كان يعزف على هذه الورقة كان يقول ان الحكومة تواجههم بالطلاب الصغار ويستخدمهم كدروع بشرية .. وما زاد الطين بلة ان مجموعة من الذين هربوا ولم يسافروا معنا تم تهديدهم بعدم الالتحاق بالجامعات ان لم يعودوا .. وعندما عادوا تم تجميعهم بمعسكر فى منطقة العيلفون شرق الخرطوم وفى يوم من الايام قرروا نقلهم الى الجنوب فحدث ما لم يتوقعه احد .. فقد الطلاب عقلهم من الخوف والرعب لان ما يحدث لنا كان قد بلغهم .. فقرروا الهروب .. كان عددهم يقترب من الخمسمائة طالب .. قاموا بثورة ولكن الجيش حاصرهم داخل المعسكر ولم يكن امامهم الا ان يلقوا بانفسهم فى نهر النيل !!!! مات اكثر من مائة طالب غرقا وتم انقاذ خمسين او اكثر والبقية لم يجازفوا .... هذا الحادث كان اخر مسمار فى نعش الحكومة .. نقلتها وسائل الاعلام وازدادت الضغوطات على الحكومة لذلك قرروا عدم زجنا فى القتال وقرروا اعادة من كان فى مناطق القتال او من بقى منهم على قيد الحياة ... عندما عاد الناجون عرفنا حجم الكارثة ... لم يعد الكثيرون ... لقد قتلوا . بعد ايام قرروا ترحيلنا ... ركبنا الشاحنات توجهنا الى جوبا ثم سرنا مجددا فى اتجاه الجنوب ولكن هذه المرة من ناحية الغرب اى غرب النيل ... سرنا مسافة حتى خرجنا من المدينة ونزلنا فى معسكر ضخم قالوا انه معسكر تابع لقسم المدفعية على مقربة من جبل السكر وهى سلسلة جبال تحيط بجوبا من ناحية الجنوب الغربى ... فرحنا كثيرا لاننا على الاقل كنا قريبين من مدينة جوبا حيث الامان نوعا ما ... فى تلك الفترة ظهرت نتائج امتحانات المرحلة الثانوية ... هذه النتيجة التى تنقلك الى الجامعة حدث عظيم تنتظره كل الاسر حتى من ليس فى اسرتهم شخص ممتحن لانها لحظات حماسية وجميلة كنا نعيشها بين الاهل تسمع زغاريد النساء وتكبير الرجال ونتسابق من بيت لبيت لاكل الحلوى وشرب العصائر .. ولكن فى عامنا هذا حرمنا من ذلك لانهم ربطوا النتيجة بالخدمة .. حجبوا النتيجة عن الاهل وقرروا ان اى شخص لم يلتحق بالجنوب لن يعرف نتيجته ولن يدخل جامعة .. ولاننا كنا فى الجنوب حضر وفد رفيع المستوى الى الجنوب يحملون النتيجة .. جمعونا فى ساحة المعسكر .. معسكر المدفعية هو فى اقصى جنوب مدينة جوبا من الناحية الغربية بعيدة عن المدينة بحيث لا يحدث اى احتكاك بيننا والمواطنين من ناحية الشمال مدينة جوبا من ناحية الغرب غابة كثيفة من اشجار المانجو والجوافة وكل ما يخطر ببالك من اجمل الفاكهة من ناحية الشرق النيل واقرب نقطة لنا كان سوق صغير مكون من مجموعة من القطاطى نسيت اسم السوق ولكن هذا السوق كان يشتهر بمطاعم تقدم لحوما شهية ... المهم جمعونا وتلوا علينا النتائج وبحمد الله حققت نسبة كبيرة تؤهلنى لدخول الكلية التى اريد وكذلك صديقى ابوهريرة .. كنا حوالى العشرة من كل المعسكر ممن كانت نسبة نجاحهم جيدة والبقية كانت نتائجهم ضعيفة نوعا ما ... هذا الوضع جعلنا امام مسؤولية كبيرة جدا ... كانت امتحانات العام التالى على الابواب سلمونا مقاليد المعسكر ومخزن الطعام وفرغوا البقية للامتحانات .. كان علينا اطعام معسكر يتكون من اكثر من الف طالب وكنا فقط عشرة او يزيد بقليل ولم يكن لدينا اية خبرة فى اعداد الطعام ... ندمت ندم شديدا ليس من تعب اعداد الطعام لان عدم الجلوس لامتحانات الاعادة فوت على فرصة كبيرة .. رغم ان نسبة نجاحى كانت عالية ولكنى كنت على يقين لو اننى قمت بالاعادة لحققت ما عجز عنه الجميع فى السودان وهى احرازنسبة مائة فى المائة ... لقد كانت امتحانات هزلية ومخجلة .. كان الطلاب يذهبون صباحا بشاحنات الى جامعة جوبا التى كانت خالية وقتها ويجلسون مع بعضهم دون ترتيب او ارقام جلوس ويسمح لك باى شئ حتى الكتب ومسموح لك ايضا ان تسأل من تشاء ان لم تعرف اجابة لسؤال وتبرع المراقبون الذين كانوا افرادا من الجيش بتقديم الخدمات وتوصيل الاجابات .. بالطبع كل شخص امتحن تلك السنة من جوبا كانت نسبته فوق الثمانين ومعظمهم فوق التسعين ... الحكومة حاولت استغلال ذلك لدرجة ان وزير التربية والتعليم خرج فى مؤتمر صحفى بالتلفزيون ليقول ان الطلاب الذين كانوا فى الجنوب اثبت للعالم انهم كانوا فى نعمة وفى جو صحى ومريح ليحققوا هذه النتيجة الرائعة ..... وبالطبع كان يضحك علي الناس ... حتى انه تم استغلال الطلاب فى عمليات قذرة تخدم الحكومة من ضمنها مشروع الدستور الجديد الذى عرض حينها للاستفتاء الشعبى ... كان الدستور من بنات افكار الترابى ورهطه وكان دستورا مخلا لم يجد رضى احد ولكن لكى يكون الامر مقبولا تم طرحه للاستفتاء الشعبى .. اتوا بصناديق كبيرة الى المعسكر .. وورقة الاستفتاء بلا او نعم ... اجبروا الطلاب للتصويت بنعم تحت نظر الضباط ولم يكتفوا بذلك بل اجبروا كل طالب بالتصويت اكثر من عشرين مرة ويزيد وكل من يجدونه لم يصوت كثيرا كان يتم عقابه بالوقوف تحت الشمس لساعات ... صناديق الجنوب وحدها هى التى قررت الدستور على شعب السودان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
--------------------------------------------------------------------------------
الى جنات الخلد محمد عبد الحميد .. اصبحنا نحن العشرة مسؤولون عن الطلاب .. طعامهم وصحتهم وراحتهم .. تبرعت الحكومة بخمسين بقرة تركناهها ترعى فى حشائش المعسكر بحيث نقوم كل صباح بذبح بقرة .. وسلمونا جولات من الفاصوليا .. وهذا تحول ضخم لم نكن نحلم به لقد عدنا اخيرا ناكل طعاما مثل البشر وان كانت فاصوليا .. كنا نضع اكثر من ثمانية قدور كبيرة او حلة على النار ولم نكن نفعل شيئا سوى ملئها بالماء ونضع عليها الفاصوليا واللحم .. لا بصل لا زيت والاغرب من ذلك لا ملح .. لعلمكم الملح عملة نادرة جدا فى جنوب السودان نسبة لدرجة الرطوبة العالية ... ورغم هذا كان الطلاب يعودون من الامتحان ويتنافسون على هذا الشئ بشهية كنت استغرب لها وكنت اسأل الله ان لا يحملنى ذنب ما يدخل فى بطونهم .. كنا فى هذه الحالة حتى عاد الطلاب يوما وعاد معهم صديقنا محمد عبد الحميد ولكنه عاد مريضا ..... محمد عبد الحميد من منطقة (دار العوضة) وما جعله صديقنا انه كان من الرطانة اى من المحس الذين يعيشون فى تلك المنطقة .. شاب ممتلئ الجسم قصير القامة لونه يميل الى السواد .. كان هادئ الطبع لدرجة محيرة حتى تخاله فتاة لا يتحدث ابدا بل يستمع اليك طوال الوقت والابتسامة لا تفارق شفتيه .. كان حنونا لدرجة كبيرة وما ان يمرض احدنا الا وتجده يجلس طوال اليوم امام المريض يتألم اكثر منك بل ويبكى .. يسقيك ويطعمك ويساهر معك .. فى مرة من المرات كنت مريضا ولم يكن يفارقنى حتى اننى اشفقت عليه اكثر مما اشفقت على نفسى .... حضر فى ذاك الصباح محموما يرتجف من الحمى .. وكان كل صباح يزداد وضعه اسؤ .. فاتته امتحانات مهمة .. كنت اذهب كل دقيقة الى قائدنا الجديد وكان ظابط اسمه (مبدع) من ابناء بورتسودان ولكنه كان يرفض بشدة ويقول انه مجرد حمى وستزول وكنت اعلم انه ليس كذلك .. بعد ثلاثة ايام ساءت حالته جدا واصبح يخطرف ويصرخ ويضرب كل من يقترب منه .. كنت الوحيد الذى اقترب منه .. لم تنفع كل الحبوب والحقن وحتى هذه رفضها وكان يضربنا اذا راها .. فى اليوم الثالث رأى الظابط بعينه حالته واعطانى اذنا للسلاح الطبى ... نعم السلاح الطبى نفسه .. اوصلتنا شاحنة الى مكان قريب من السلاح الطبى ومن هناك كنت احمله مسافة والقيه ارضا مرات واجره مرات حتى وصلنا بعد معاناة الى السلاح الطبى ... ادخلونا الى الطبيب ..جلسنا امامه وصديقى يتحدث ويضحك ويصرخ باشياء غير مفهومة ... نادى الطبيب على احد الجنود وقدم له ورقة .. قاد الطبيب صديقى وانا خلفهم .. لاحظت انه تخطى قسم الباطنية واتجه غربا حيث هناك سور فاصل فى منتصفه باب صغير يحرسه جندى .. كنت اتخيل ان هناك قسم خاص خلف تلك البوابة لان بنايات شاهقة كانت تبدو خلفها ولكن كثير من الظن اثم فما بالك ببعضها .. ما ان دخلنا تلك البوابة حتى اتضح لى كل شئ .... عدد كبير من الجنود منهم العارى كما ولدته امه ومنهم الذى يصرخ ومنهم الملقى فى ركن ومنهم الذى يجرى ومنهم من يقلد بيديه اطلاق النار ومنهم من صعد على شجرة يقلد قردا ... حالة من الفوضى والجنون .. كان عنبرا للمجانين ولا اقول النفسانيون .. لقد كانوا مجانين حقا وحقيقة .. مجانين حرب . لم اغضب فى حياتى كما غضبت وقتها ... لا ادرى قلت وقتها اشياء كثيرة ومؤكد اننى كفرت ساعتها .. طلبت من الجندى الذى يقود صديقى ان يتوقف لكنه قال ان هذا اوامر الطبيب .. بالطبع اوامر وقد كان محقا لان الاطباء ظباط يتعاملون مع المرضى والممرضين تعامل الظابط مع جندى .. قلت له اننى ساعود الى الظابط وعليك الانتظار وطلبت منه ان لا يدخله بين هؤلاء لانه على الاقل سيموت ضربا .... عدت الى الظابط .. لم يرفع راسه وسالنى وهو يكتب شيئا عن ما اريده ... قلت له انا مرافق المريض .. شرحت له انه لا يعانى من جنون وانما هو اعراض حمى شديدة لم تعالج .. قال لى بكل بجاحة انا الطبيب .. قلت له وانا اعرف ما يعانى منه وعليك ان تعرف حتى تعالج ... قال بصوت مرتفع وناهر (تباه) وتباه هذا يعنى انتباه وانتباه فى الجيش هو ان تتسمر فى مكانك دون نطق او حركة ... ثم للخلف دور ثم انصراف .. بالطبع انصرفت فلو اننى زدت كلمة لتمت محاكمتى عسكريا والمحاكمة العسكرية فى مناطق العمليات اقلها القتل ... خرجت وعدت الى المعسكر علنى افعل شيئا سريعا قبل ان يتفاقم الوضع ... ذهبت الى القائد شرحت له الوضع وطلبت منه التدخل .. وعدنى خيرا ولم كن بيده خيرا ولا شيئا ... عدت فى اليوم الثانى ذهبت الى الجندى الذى يحرس البوابة طلبت منه زيارة صديقى فرفض وقال انه من الخطورة ان ادخل الى هناك .. طلبت منه ان اعرف اخباره باى طريقة فرفض ... عدت ادراجى دون اعرف شيئا عن صديقى . كررت المحاولة فى اليوم الثانى ..رفضت مغادرة البوابة حتى اراه او اعرف شيئا عنه .. نادى على احد الجنود الممرضين حضر ووقف من ناحية الداخل وسألنى عن ما اريده .. قلت له اريد رؤية صديقى او ان اعرف ما حدث له ..سالنى عن المريض ذكرت اسمه.. ثم اكمل هو اوصافه وعندما قلت انه هو .. قال لى ببساطة وكانه يقدم خبرا عن ######ة نفقت .. انه مات مساء الامس ... اى وصف لحالتى بعد سماع الخبر سيكون كاذبا ولا استطيع ان اقول اكثر من اننى جلست مستندا الى الحائط اكثر من ساعة دون ان اقوى على الحركة .. حتى ان دموعى ابت ان تسيل من هول الفاجعة والمفاجأة ... كيف مات ؟؟؟ واين دفن ؟؟؟ ولماذا لم يخطروا احدا حتى المعسكر الذى يتبع له ؟؟؟ بالطبع اجابات هذه الاسئلة غير مسموحة لى ومن العبط ان اعرف ... لكننى حاولت . كنت منهارا دخلت الى الظابط الطبيب دون استئذان او اعتدال اقتحمت عليه مكتبه ... كنت اتحدث بحزم وقوة حتى انه تفاجأ ان يتجرأ احد ويخاطبه بتلك الطريقة ... لم يتصرف معى بقوة كما كان يفعل ربما لانه شعر انه السبب فيما حدث ولكنه لم يجيب على اي سؤال وكل ما قاله ان هناك ترتيبات لمثل هذه الحالات تسير بتدرج حتى يتم اخطار اهله ... خرجت كنت اسير فى شوارع جوبا دون وعى لم اعرف كيف كانت قدمى تحملاننى لانى لم اكن اشعر بها ولم تكن عيونى ترى ولكن لا ادرى كيف وصلت ... ثم فجأة تحول المعسكر كله الى بكاء ونحيب .. كنت اظننى اكثر شخص يحبه ولكن كان الجميع يبكيه بحرقة اكثر منى .... مرتان فقط فى حياتى فكرت فيهما بالانتحار هذه اللحظة كانت احداها والاخرى سناتى لروايتها ... حتى هذا اليوم احمل نفسى جزءا كبيرا من وفات صديقى محمد عبد الحميد رحمه الله وحتى اليوم احاول ان ابرر واجد العذر ولكن دواخلى ترفض وتحملنى المسؤولية ... كان يجب ان اموت او امنع دخوله ذاك المكان ... كان يجب ان لا اطلب اذنا من المعسكر لربما شفى هناك تحت رعايتنا .. كان يجب ان لا اعود فى اليوم الثانى دون زيارته والاطمئنان عليه عندما منعونى من الزيارة ... كان وكان وكان ..... اعيش حتى اليوم حالة من التأنيب واللوم كلما جالت بخاطرى تلك الذكرى المؤلمة لدرجة اننى لا اجد عذرا حتى فى القدر والاجل والموت الحق ... قتلوه بدم بارد نحروه كنحر البعير كانه ###### اجرب .... لكم الله ..يوم نقف صفا للحساب واى حساب فى انتظاركم يا من جعلتم من روح الابرياء وسيلة لبقائكم ونعيمكم وكراسيكم ... واكثر ما اغضبنى بعد عودتى من الجنوب وجدت ان جارنا فى السكن بالحاج يوسف شاب اسمه ذكى عبد الكريم واخوه الاخر اسمه الزبير من منطقة دار العوضة بل هم اقرباء المرحوم محمد .. حكوا لى بعد عودتى وعندما علموا اننى كنت فى الجنوب ان حكومة الولاية الشمالية اقامت عرسا للشهيد .. غنوا ورقصوا على انغام الموسيقى بعد ان قتلوه والادهى والامر انهم قالوا للناس انه ضحى بروحه وكان فى مقدمة المعركة وانه قتل برصاص العدو بعد ان قدم نموزجا من البطولة بل وقالوا انه ترك وصية لاهله بان لا يبكوه لانه فى الجنة ... انظروا لحجم الكذب والدجل حتى بلسان الموتى .. لا اله الا الله ... عندما سمعت هذه الرواية بكيت كانه مات لحظتها .. شرحت للاخوان زبير وذكى كيف مات وطلبت منهم نقل المعلومة لاهله ان استطاعوا لاننى لا استيطع وبالفعل زرت اهله لاحقا وقدمت واجب العذاء ولم استطيع ان اذكر لهم الحقيقة ولكنى اذكر اننى كتبت هذه القصة فى جريدة الدفوفة ... قتلوك يا اخى ولم يكتفوا بذلك بل كذبوا بلسانك حتى وانت عند مليك مقتدر .. لن انساك والى جنات الخلد باذن الله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
وقلبى ايضا .... كنت قرويا بسيطا حتى ان زيارة الخرطوم بالنسبة لى كان حلما بعيد المنال ... ولانى عشقت القراءة وانا صغير كنت اقرأ اشياء كثيرة عن المدن الجميلة فى العالم وعن الكهرباء والتلفزيون الملون عن الهاتف وكيف تسمع صوت شخص بعيد عبر اسلاك ... ولكن اكثر ما كنت اعشقه الروايات ورغم انى وقتها كنت مغرما باشياء اكبر منى بكثير كروايات نجيب محفوظ واحسان عبد القدوس الا ان عشقى للقصة الصغيرة لم تكن اقل .. اذكر منها روايات رجل المستحيل للكاتب المصرى نبيل فاروق والمغامرون الخمسة ولكن اهم ما كان يكتبه نبيل فاروق وقتها هى روايات زهور .. وهى روايات عن الحب .... طبعا الحب كان وقتها عارا كبيرا وكنا نضحك على شباب الخرطوم عندما نسمع كيف يتآنسون مع الفتيات كما نتآنس مع بعضنا وكنا نتهمهم بعدم الرجولة والشذوذ لان مجرد كلمة حب وقتها كان كمن زنيت .. دعك من الحب كان مجرد الحديث مع فتاة عارا كبيرا هذا ان لم ياتى شقيق الفتاة ويلحق بك الاذى الجسيم حتى لو كان ما دار بينكم مجرد تحية ... هكذا كنت كواحد من مجتمع تربى على ذلك .. ولكن قراءتى لروايات زهور جعلنى اتخيل الحب ... فى ما يسمى باحلام الصاحى ... وكنت احلم بالحب . كنت فى الصف الثالث الثانوى بمدرسة دنقلا النموذجية عندما حضرت فى احدى الخميسيات ... لن اتحدث بالطبع عن الفتاة لكنها على اية حال كانت من البندر وجاءت اسرتها وقضت وقتا بالمنطقة .. كانت الفتاة تستعدلامتحانات الصف الثامن اى انها ستنتقل للمرحلة الثانوية ... طلبت منى والدتها ان اذاكر لها قليلا ... اندهشت فعلا ورفضت بشدة واعتبرت الامر اهانة لشخصى .. الست رجلا ؟؟ كيف تطلب منى الجلوس بجانب فتاة لتدريسها ؟؟؟ عندما توالى الرسل ينقلون لى طلب ام الفتاة وانا ارفض .. لاحظت والدتى الامر وعندما علمت بالموضوع كان هذا مصدر فخر وسعادة لها لان هناك من يعتمد على ابنها فامرتنى بالذهاب ... ذهبت كنت اجلس طوال المدة دون ان ارفع راسى بل اننى لم اعرف شكل الفتاة الا بعد مدة .... تعودت على الامر .. حتى جاء اليوم الموعود .. لن اشرح كيف ولكن الامر حدث .. ودون ان اشعر كنت انقل رواية زهور باكملها فى خطاب وارسلها .. وكنا على هذا حتى سافرت الى الجنوب ... كان الظباط يطلبون منا كتابة خطابات لاسرنا لكن بشرط ان لا نذكر شيئا سوى ان نطمن الاسرة .. كانت الخطابات تمر على الظباط اولا ويقراون ما فيها ويرسلونها ان وجدوها لا تتضمن اى شئ .. كنا نجتمع نحن ابناء كرمة ونكتب خطابا واحدا يجمعنا كلنا ونرسلها ولا ندرى هل وصلت ام لا .. لاحقا عرفت ان خطابا واحد وصل واجتمع كل اهل كرمة فوق قوز العباسية لسماع ما فيها وقالوا لى انها كانت تظاهرة ضخمة .. المهم كنا نرسل ولكن لا يصلنا اى رد .... حتى جاء يوم من الايام والجندى الذى يوزع الخطابات ينادى اسمى ... حملت الخطاب بفرح .. جلست بعيدا عن الناس وانا اتلهف لمعرفة حال اهلى وامى بالذات ... كانت المفاجأة الاولى ان الخطاب ليس من اهلى وانما من صديقى وابن خالى الاخ امجد محمد صالح صبرة ... وبعد التحية والسلام كان الخبر الفاجعة .... كتبها ببساطة وكانه يريد موتى ... فلانة خطبوها وعرسها قريب ؟؟؟ هكذا ببساطة .. بالطبع رجل قروى بسيط مثلى لم يعرف الحب وفجاة ودون ارادته يقع فيه وهذا حبه الاول .. تخيلوا بعدها رفض الطعام طريقا الى جوفى ومنعت الغصة ان اتذوق ماء واصابنى الهزال ... تلك كانت المرة الثانية التى فكرت فيها ان انتحر ... الان اضحك كلما اتذكر تلك الايام او ارى ام العيال ... بالطبع ليس عيالى حتى لا يذهب عقلكم بعيدا ..
نكمل غدا ان كان فى العمر بقية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
ملحوظة هامة : ننبه مرة اخرى وللاهمية ان التسلسل الزمنى للاحداث قد لا تكون دقيقة كما اننى نسيت معظم الاسماء والاماكن وارجو ان اجد عندكم العذر فانا لم اجلس للتنسيق والتنقيح بل قمت بافراغ ما فى ذاكرتى مباشرة وحتى ان هناك اخطاء املائية ولغوية كثيرة قد تجدونها فى الموضوع ... لكم العتبى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
العزيز هشام ..مسكاقمى ومشتاقين والله
واصل التوثيق والتعرية والتسجيل والسرد الممتع و المحفز على المتابعة
طبعا اجزاء كبيرة منه سمعناها منك مباشرة ايامنا فى بنشات النوبة بجامعة السودان
صديقنا فهد مرجان من ابناء مشو ...
يا سلااااام ياخ بالله وين كابيلا المشوطن والمرح ؟
كلما اتذكرك واتذكر ابوهريرة بجينى صورة كابيلا فى البنشات وهو بحاول يغنى ويردد دائما مطلع الاغنية الخليجية : ( شاطر شاطر شاطر..حلوة عيونو وساحر) ايامها كم مرة الحيت اعرف سر ترديدو الكتير للبيت ده زهج منى وقال لى ياخى ساكت كدا بس انت مالك ؟ :)))
نتابع معاك
تحايا وود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: قرشى محمد عبدون)
|
Quote: العزيز هشام ..مسكاقمى ومشتاقين والله
واصل التوثيق والتعرية والتسجيل والسرد الممتع و المحفز على المتابعة
طبعا اجزاء كبيرة منه سمعناها منك مباشرة ايامنا فى بنشات النوبة بجامعة السودان
صديقنا فهد مرجان من ابناء مشو ...
يا سلااااام ياخ بالله وين كابيلا المشوطن والمرح ؟
كلما اتذكرك واتذكر ابوهريرة بجينى صورة كابيلا فى البنشات وهو بحاول يغنى ويردد دائما مطلع الاغنية الخليجية : ( شاطر شاطر شاطر..حلوة عيونو وساحر) ايامها كم مرة الحيت اعرف سر ترديدو الكتير للبيت ده زهج منى وقال لى ياخى ساكت كدا بس انت مالك ؟ :)))
نتابع معاك
تحايا وود |
صديقى العزيز قرشى والله الشوق فات حدود الاحتمال ينعل ابو الوطن اللى شتتنا وبقينا ما لا مين لا فى صديق ولا عدو انت فى ثلج اوربا تعانى برودة الطقس والغربة وانا فى بلاد العرب اعانى النفاق والتخلف والم الاغتراب ياااااااااااااااااااه ما اجملها من ذكريات جامعة السودان - الغربى البنش الجميل ولمة الاحباب الناس الرائعين جدا ... الاخ فهد مرجان (كابيلا) اخر مرة التقيته كانت عقب عودتى من القاهرة فى عام 2009 م وجدته قد انضم الى جيش الحركة الشعبية واصبح برتبة رائد وكل اموره كانت جيدة جدا لكن لا ادرى بعد الانفصال ما حدث له
تحياتى لك ولمن معك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: Deng)
|
شكراً إببنا هشام على هذا المجهود التوثيقي الهام جداً.. هذه المعلومات التي سرتها لا يعلم الناس عنها شيئاً.. شجع رفاقك ليوثقوا لهذه الفترة ويمكنكم تبادل المعلومات وجمعها وليكتبها عنهم من يجد الوقت لذلك.. هذا تاريخ مهم فلاتهملوه.. شكراً مرة تانية .. تابع سردك.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
مذبحة فى اعياد الميلاد .... قبل ان اخوض فى هذه الجريمة والابادة لابد ان اعيد تنبيه الاخوة المرور اننى اعانى من ذاكرتى الخربة ولاننى اكتب معتمدا على ذاكرتى فقط فهناك اشياء كثيرة تفوتنى كما ان بعضها لا تاتى حسب الترتيب الزمنى .... اقتربت اعياد الميلاد المجيدة او ما يعرف بالكريسماس والتى يحتفل فيها الاخوة المسيحيون بمولد سيدنا عيسى عليه السلام وهذه الاحتفالات تستمر لعدة ايام ... عندما اقتربت فترة عيد الميلاد لاحظنا ان الجيش وضع على اهبة الاستعداد واصبحت الشرطة العسكرية منتشرة بكثافة ... ربما كانت هناك معلومات بعملية ما .. اليوم 25\12 \ 1997 انطلقت الاحتفالات منذ الصباح الباكر خرج كل اهل الجنوب الى شوارع جوبا وهم يرتدون الزينة ويرقصون ويتغنون ... عندما امسى ليل ذاك اليوم انطلقت الالعاب النارية ودوت اصوات الطلق النارى بكثافة فقد خرج كل من يملك سلاحا ليطلق الاعيرة النارية فى الهواء .. كانت اصوات داوية ومزعجة .. والجيش الموجود فى جوبا خرج عن بكرة ابيه وجميعهم سكارى يطلقون النار فى الهواء ناسين او متناسين اوامر الاستعداد.. الزخيرة فى الجنوب امر فى متناول الجميع حيث كنا نعبأ ثلاثة خزن بالرصاص ونذهب للشاطئ صباحا لنطلقها فى الماء ونستمتع ووقعت عدة حوادث بين الطلاب ولكنها لم تكن مميتة .. المهم مرت تلك الليلة بخيرها وشرها ولكن الليلة التى تلتها كانت ليلة من الجحيم ... عندما سمعنا اصوات الرصاص اعتقدنا انها كما الليلة السابقة بعض الجنود السكارى يطلقونها فى الهواء ولكن دوى الرصاص لم يتوقف بل اصبح رويدا رويدا يعم جميع المدينة وصرخات النسوة تصم الاذان ثم تطور الامر الى الاسلحة الثقيلة ثم اتانا الامر بتزخير الاسلحة والاستعداد ... عرفنا ان الامر لم يكن مجرد احتفال ان واقعة قد وقعت ... توزعنا فى محيط المعسكر مع تعليمات صارمة باطلاق النار على كل شخص يقترب من المعسكر .. كنا نقف طوال اليل واسلحتنا مشرعة ولم يغلبنا النعاس لاننا كنا فى قمة الرعب ... تهربنا من الذهاب الى مناطق العمليات وفرحنا بعودتنا لجوبا ولكن ها هى العمليات تاتينا الى جوبا وكان القدر قد احكم طوقه برقابنا ... كلما اقترب الصباح كانت شدة المعركة تنخفض ومع شروق الشمس لم نعد نسمع شيئا .... طلب منا الانتشار داخل مدينة جوبا فى مجموعات يقود كل مجموعة ظابط .... لم نكن نتصور ما ينتظرنا شوارع جوبا كلها جثث ... كبار وصغار نساء ورجال حتى اطفال ... الدماء تسيل كما السيل فى كل الشوارع .. كاننا فى قلب الحرب العالمية الثانية .... كان المنظر اكبر من احتمالنا كان بعضنا يرتجف والبعض الاخر يتقيأ منظر الجثث كانت مخيفة حقا .... ما حدث كالاتى : معروف ان الرجال فى الجنوب لا يعملون الا القليل منهم .. ومن يتكفل بالعمل واطعام الاسرة هى المرأة .. وفى جوبا تعمل معظم النسوة فى جمع الحطب من الغابات التى تحيط بالمدينة يأتون بها ويبادلونها بالدقيق او الخبز او حتى النقود ... وبالاخص معسكرات الجيش الموجودة بالمدينة كانت تعتمد اعتمادا كليا على النسوة فى جمع الوقود ..... الحركة الشعبية اعتمدت على تكتيك بسيط وذكى فى نفس الوقت .. الحركة الشعبية فهمت ان هناك ثقة متبادلة بين الجيش والنسوة جامعات الحطب فادخلت بينهن نسوة استطعن ادخال الاسلحة الى المدينة بين الحطب دون ان ننتبه لذلك وتم توزيع تلك الاسلحة للخلايا النائمة داخل المدينة او من تسللوا من خارجها مستغلين فترة العيد ولخمة الجيش الذى كان فى حالة سكر .... عندما كان الجيش يحتفل تلك اليلة وكلهم سكارى خرجت تلك الخلية وهاجمت بعنف واحدثت خسائر جسيمة فى افراد الجيش ... فتصرف الجيش بارتجالية وقمة العشوائية وبشكل انتقامى فنزلت الى الشارع ودارت المعركة التى لم تميز بين صغير وكبير ورجل وامرأة .. كان القتل من طرف .. والمعروف ان كل منازل جوبا من القطية المصنوعة من القش بحيث لا تحمى من اختراق الرصاص لذلك فحتى الذى احتمى بمنزله قتل ... كانت مجزرة حقيقية . كان اللواء ادم حامد موسى قائد المنطقة كلها رجلا صارما جدا فانزل عقابا جماعيا بالجيش حتى نحن الطلاب لان احتفال الجيش وحالات السكر واستسهالهم للامر وعدم توقعهم كان سببا رئيسا فيما حدث ... وراح ضحيت هذا العقاب ظباط برتب كبيرة احيل بعضهم للتحقيق لان افراد من تابيعهم خرجوا تلك اليلة خارقين قواعد الامن ... اما نحن لم يكن منظر تلك الجثث عقابا كافيا لنا .. تم عقابنا بالجزاءات والوقوف طول اليوم تحت الشمس الحارقة .. كانت تجربة مريرة ومخيفة بالنسبة لنا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
1- ملحوظة : هذه الفقرة كتبت قبل انفصال الجنوب باربعة اعوام
انفصال الجنوب امر محتوم ..... كتبت فى جريدة الدفوفة عقب عودتى من الجنوب ان وحدة الجنوب والشمال اصبحت مستحيلة ... استغرب البعض من حديثى ######ر البعض ولكن تلك هى الحقيقة ... الجنوب سينفصل سينفصل شئنا ذلك ام ابينا ذهبت الانقاذ او بقيت لن يكون الجنوب جزئا من الوطن مستقبلا ... وحديثى هذا مبنى على حقائق من ارض الواقع وليس احاديث الساسة المنمقة او كتابات المثقفين واشواقهم .... تراكمت المرارات عند اهل الجنوب واصبح انسان الشمال العدو الاول فى نظرهم ... وما حدث فى اعقاب موت جون قرنق ليس سوى تعبير محدود عن حقيقة كبيرة لا تزال مخفية تحت اكوام رماد الاحقاد .. الجنوبيون اصلا ومنذ فجر الاستغلال كانوا يشعرون بالظلم والمرارة ومن معاملتهم كمواطنين من الدرجة الرابعة ان لم تكن العاشرة .. كانوا يشعرون انهم يعيشون فى هامش الحياة الوطنية . والحديث عن ان السبب الرئيسى هو ما خلفه ااستعمار رغم انه سبب منطقى ولكنه ليس كل شئ والارتكان عليه كسبب وحيد مجافى للحقيقة ودفن للرؤوس فى رمال الغباء .. شخصيا اتعاطف مع الجنوبيون فى تمردهم لانهم فعلا ظلموا .. سياسيا واقتصاديا وثقافيا ... وعانوا الكثير التمرد الاول كان يقوم على رد الحقوق السياسية واقتسام الثروة .. فقط لا غير والوصول للحل كان سهلا وبالفعل تم ذلك برضاءء تام ودون تدخلات خارجية فى عهد النميرى وكان من الممكن ان يكون اجتثاثا للتمرد من جذوره وبالفعل رضى به الجنوبيون وعاش الجنوب فترة من السلام والتقدم ولكن النميرى وباعياز من الاسلاميين خرق الاتفاقية من جانب واحد فكان التمردالثانى والعنيف بقيادة كاربينو وقرنق لاحقا .. وحتى بعد هذا كان الحل ممكنا حتى جاءت حكومة الانقاذ صباح فجر اسود واعدمت اى امل للحل .... الايدولوجية ############ة التى تحركت بها حكومة الانقاذ ربما افادتها فى البقاء على السلطة وربما نال بها بعض التعاطف من المسلمين البسطاء فى شمال السودان .. فدغدغة المشاعر باسم الدين سهل فما بالك فى امة يمثل اكثر من نصفها اميون بسطاء يعيشون فى قعر الفقر رافعين رؤوسهم للسماء متاملين اى نجدة ... ولكن تلك الايدلوجية الدينية كانت بداية نهاية رقعة كبييرة وعزيزة اسمها جنوب السودان .. بين ليلة وضحاها حولت حكومة الانقاذ حرب الجنوب من مجرد مظالم سياسية واقتصادية الى حرب دينية واعادتنا الى تخوم الجاهلية ... اصبحت الحرب بين الاسلام والمسيحية .. واصبحنا نمسى ونصحو على انغام الجهاد والشهادة .. ووصلت الحرب الى ذروتها ووقعت فظائع اكبر بكثير من تصنيفها كجرائم حرب .. وبالاضافة لقضية العنصرية المتجزرة اصلا بين الطرفين تحولت نظرة الجنوبى البسيط نحو الشمالى الى نظرة العدو التى لا تربطه به اية صلات لا حدود وطن ولا جنس عرق ... اصبحنا فى نظرهم قوم من البيض يريدون ابادتهم . هذه من اكثر الاشياء القاسية التى لاحظتها فى عيون اهل الجنوب وفى تعاملهم معنا وفى تصرفاتهم تجاه اى لون ابيض .. حقيقة كنت حزينا جدا لهذا الامر .. كان ممنوعا علينا الخروج الا فى جماعات لانك لو خرجت وحيدا فامر عودتك من سابع المستحيلات .. حوادث كثيرة حدثت لبعض الطلاب الذين خرجوا لوحدهم ... ووقعت لنا حادثة شخصية نجونا منها باعجوبة ... خرجنا مرة وكنا مجموعة وتحركنا جنوبا الى جبل السكر .. وهى منطقة تعتبر جنة من جنان الله فى الارض .. فغير الجبال الصغيرة المكسوة بالخضرة هناك امر اكثر تميزا وهى المياه التى تتدفق بين الصخور على مدار العام كنا نستغلها للاستحمام والغسيل . خرجنا الى هناك ونسينا شيئا ما فى المعسكر لا اذكر ما هو ... خرجت ومعى صديق عزيز من ابناء المناصير اسمه عطية الله .. الطريق الى المعسكر يمر عبر غابات صغيرة ليست كتلك التى فى الرجاف وهناك طرق ضيقة محددة تسير عبرها .. كنا نتحدث ونحن نسير والاسلحة فى حالة جاهزية بيدنا ... فجاة مرت من امامنا باقل من سنتمترا واحدا شئ ما .. اظنه حربة او سلاح ابيض ما .. ثم تعالت اصوات حركة تتجه نحونا من داخل الاشجار .. رغم الاسلحة قمنا بالجرى بكل ما نملك ونحن نسمع اصوات تعدو من خلفنا حتى قرب المعسكر ... اظننا نجونا باعجوبة وبعد مجزرة ليلة الكريسماس اصبح الوضع اكثر تعقيدا .. الجنوبيون حملوا موت اهلهم للجيش والشماليين وليس التمرد .. واصبحت الاجواء محتقنة بشدة كل طرف يتربص بالاخر ولم يمنع اهل الجنوب من الفتك بنا سوى الاسلحة التى كنا نحملها ... عندما كنا نمر امام مجموعة من الجنوبيون شبابا وكبارا ونساء كنا نلاحظ نظراتهم وبعض الحركات باليد تشير الى الذبح واحيانا بعض ابتسامات السخرية منا واحيانا تصل الى تقديم الصباع الاوسط فى اشارة قبيحة .. ثم اصبح استهداف التجار الشماليين امرا عاديا فى سوق كونج كونج لذلك اعتمد التجار على الجنوبيون فى تجارتهم حيث ياتى التاجر باكثر من جنوبى يعمل معه وبالتالى يضمن حمايتهم .. ولكن رغم هذا كانت هناك بعض الاشراقات .. سناتى لذكرها
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
فيفيان.... كان الوضع صعبا والتواصل مع الاخوة الجنوبيون يحول دونه الشك والريبة لذلك كان الحذر هى السمة فى التعامل لكن كان لنا بعض التواصل مع البعض .. ان نسيت لا انسى فتاة جنوبية جميلة حتى ان اسمها مميز (فيفيان) كانت فى حدود العشرين او اقل بقليل .. ممشوقة تتميز بقوام جميل تشابه اشجار المهوقنى عيون واسعة مع وجه صغير .. الابتسامة لا تفارق فمها الصغير .. كانت تعمل مع امها وفتاة اخرى فى مطعم صغير عبارة عن راكوبة من القش .. تجلس الام وامامها الموقد والحلل كانت تتميز بخفة الدم وتتحدث فى الممنوع كثيرا مما اكسبها الكثير من الزبائن وهم غالبا الطلاب حيث كنا فى مرحلة مبكرة من المراهقة حيث يستمتع الشخص بمثل تلك الاحاديث .. كانت فيفيان والفتاة الاخرى تخدمان الزبائن .. قليلا قليلا كسبنا ودها .. كنت اذهب خصيصا للتحدث معها وليس للطعام .. كانت راكوبتهم فى مكان قريب من المعسكر حيث هناك سوق صغير تتكون من عدة رواكيب بعضها مطاعم والبعض بارات للشرب والتدخين وبعضها للشيشة .. وهذا السوق انشأ خصيصا لهذا المعسكر لانه بعيد عن المدينة .. المهم حدث تقارب كبير بين شلتى والجميلة فيفيان .. كانت حلمها ان تزور الشمال كما يطلقون على الخرطوم .. كانت تسأل كثيرا عن الخرطوم وعن الحياة فيها وكيف يعامل الجنوبيون ... وكنا نسالها عن الجنوب وكنا نحاول ازالة مخاوفهم منا .. سألتها مرة بحذر .. لماذا يكرهنا اهل الجنوب ؟؟ بعد ان تلفتت ذات اليمين وذات الشمال وشعرت بالامان اجابة ببساطة ... ان اى شخص هنا فقد عزيزا او نال قسطا من قساوة هذه الحرب والطبيعى ان يكرهوكم .. قلت معك الف حق .. بالاضافة لفيفيان كان هناك علاقة حميمة بين الطلاب والجنوبيون بهذا السوق الصغير .. تلك كانت خطوة جميلة من ناحية ولكنها كانت خطرة من ناحية ثانية ... الجميل اننا على الاقل خلقنا بعض التواصل وبعض الثقة باهل الجنوب والخطير ان هذا الوضع خلق انفتاحا كبيرا للشباب .. الخمر والحشيش من اكثر الاشياء المتوفرة فى جوبا وهى ليست ممنوعة لان الحكومة اذكى من ان تكسب عداوة من هم اعداءها اصلا بتحريم هذه الاشياء .. لذلك وجد معظم الطلاب فى السكر والسطل فرصة للخروج من دوامة الخوف والاحباط والقلقل ونسيان المآسى .. لدرجة ان الامر خرج عن الطبيعى فتجد المعسكر كله فى حالة سكر وتبحث كثيرا حتى تجد شخصا واعيا .. لقد دمر معظم الطلاب .. اما اكثر شئ لفت نظرى هم مجموعة من الاطفال يعاملون بقسوة شديدة ومكروهون من كل المجتمع ويطلق عليهم اهل الجنوب (مندكرو) وهو ما يعنى الابيض بلهجتهم المحلية .. وهولاء الاطفال هم بقايا ارث ثقيل خلفه الجنود فى الجنوب .. كان الجنود يستغلون فترة بقاءهم الطويلة فى المدينة ويتزوجون من اية فتاة تقابلهم ويقضون معها فترة وجودهم وتكون نتيجة هذا طفل ملون لا هو شمالى ولا هو جنوبى وهو امر ملاحظ وبكثرة .. وبعد سفر الزوج وتحت ضغط الاسرة ونظرة المجتمع تتخلى الام عن الطفل مرغمة فيعامل معاملة قاسية وغير انسانية فى مسألة لا ذنب له فيها .. بعض الطلاب ايضا تزوجوا _ ان جاز ان نسميه زواجا _ كنا نخرج من المعسكر صوب النيل .. البعض كان يذهب لمقابلة حبيبته وكل ما عليهم فعله الانفراد باقرب مكان وممارسة حياتهم ... كان مسألة عادية ان يتم الامر امامنا احيانا وهم فى قمة السعادة وكاننا غير موجودون .. كانت هذه حياتنا فى الفترة الاخيرة .. لكن فيفيان كانت مميزة جدا وكنا جميعا نحلم بالجلوس جوارها والحديث اليها . بعد عودتى من الجنوب كان الفنان النور الجيلانى قد اصدر شريطا غنائيا وللصدفة الغريبة كان الشريط يحمل اسم فيفيان وكانت اغنية فيفيان اغنية جميلة كانهاكتبت لفيفيان التى نعرفها .. ربما كان هذا الشريط من الاشرطة القليلة التى اشتريتها فى حياتى .. فيفيان ستبقى فى ذاكرتى رمزا للجنوب ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
Quote: لو ان العالم عرف حقيقة ما جرى من حكومة الانقاذ لعرفوا ان هتلر كان رحيما ولا يستحق كل هذا الهجوم والتشويه مقارنة بمسؤولين يمشون اليوم بيننا ويتحكمون فى رقابنا .... ان هوليكوست النازية لم تكن شئ مقارنة بهوليكوست الانقاذ . |
في افظع معركه في التاريخ الحديث في الحرب العالميه الثانيه ستالينقراد (1942)، لم يمارس الجيش النازي مافعله افاكين الانقاذ. كان هناك اسري حرب وجرحاهم يعالجون............................
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: Habib_bldo)
|
Quote: سلام هشام عباس
رصد رائع جدا
واحد من الاصدقاء عامل شير للنك في الفيس بوك
والسبب انو كنا مع بعض في جوبا للخدمة الالزامية .....
ببلغك تحياته علي سردك الممتع وكلنا نحزن لجرائم ارتكبت تحت مسمي الخدمة
لك خالص التحايا ...... |
الفاتح تحياتى لك ولصديقك صراحة بقدر ما حاولت ان اتذكرك فشلت ولك العتبى ذاكرتى ضعيفة جدا ونحن كنا عدد كبير من الطلاب ربما لم نكن قريبين من بعضنا او لم يجمعنا لقاء فى تلك الفترة لذلك حاول تذكيرى ... كما اتنمى منك ومن صديقك معاونتى فى تعديل بعض الاشياء التى قد تكون خاطئة مثل التاريخ او المكان او الشخصيات فربماتكون ذاكرتكم افضل منى .. كما اتمنى من كل زملاءنا فى تلك الفترة التوثيق لمن رحلوا من الاصدقاء حتى نرد لهم بعضا من الوفاء بفضح اكاذيب الحثالة وللزملاء غير الاعضاء بالمنبر اتمنى ابداء ملاحظاتكم او تصحييكم على ايميلى : [email protected]
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
رمضان تحت البركان
عندما حل الشهر المعظم شهر رمضان المبارك كنا قد قضينا شهور عديدة فى الجنوب وكان قد بلغ منا الاعياء والتعب والمرض مبلغا بعيدا حيث بتنا لا نقوى على شئ وان كانت حدة المرض قد خفت بعد خروجنا من اللاهوت وقدومنا الى جوبا ربما بسبب ان جسدنا اعتاد على الامراض وربما كسب الجسم مناعة طبيعية ضد الامراض الا اننا كنا فى قمة المعاناة المهم حل الشهر الكريم وكنا نامل فى طعام يعطينا مقاومة لصيام اليوم الطويل فى جوبا لكن لاشئ تبدل سوى انهم بشرونا اننا سنرى الفول لاول مرة .. فرحنا جدا اليوم الاول كان عصيبا .. لم يستطع جسدنا الهالك مقاومة الجوع والعطش فكرنا فى قطع الصيام وكانت المشكلة اننا لن نجد ما ناكله فى المعسكر ولا يمكننا ايضا الذهاب الى السوق كل يوم لتناول الطعام لذلك التحمل كان هو الحل المنطقى .. وان كان البعض تناول الماء حلا للعطش وتحمل الجوع عندما حان وقت الافطار توجهنا للساحة وجدنا براميل موزعة طلبوا منا الجلوس فى دائرة كل دائرة تتكون من عشرة اشخاص .. اتت مجموعة تحمل جوالات الرغيف حيث قدموا لكل شخص رغيفا .. لو حدثتكم عن ما اعتقدناه رغيفا سيقتلكم الضحك ؟؟ لن اتحدث عن الحجم الذى لا يكفى رمق فرخة ولكن حتى والرغيف بهذا الحجم المخجل فانهم لم يبذلوا عناء للتاكد من استواءه او لا .. كانت عبارة عن عجينة صغيرة .. لونها داكن كانها مصنوعة من الطين وليس الدقيق وربما تم عجنه بماء الخيران والمستنقعات بحيث ان الكوجة طيبة الذكر كانت ارحم الف مرة . اما الفول او ما اجتهدوا لاظهاره فى شكل فول فقد اتوا لكل مجموعة بصحن كبير لا تشاهد فيه سوى ماء اسود .. صحن مليئ بالماء تعوم فى قلبه حبتان او ثلاثة من الفول وما ان نبدا فى الاكل يبدا صراع العشرة ايادى على تلك الحبات من الفول فيتحول الصحن الى ساحة معركة .. الطعم ليس له علاقة لا بالفول ولا باى شئ وضع على نار ربما كان قليلا من ماء المستنقعات ايضا ... طبعا قلنا ان الملح عملة نادرة جدا فى الجنوب بحيث يمكنك مبادلة الذهب بالملح لذلك فكان ماء المستنقعات تلك خالية حتى من الملح فتخيل الطعم .. اما حبيبات الفول تلك فبعد المعركة الشرسة ستندم انك فزت بحبة فول لان ذلك يعنى نهاية حزينة لاسنانك .. كانت مهزلة تسمى طعاما بعد ان تنتهى معركتنا هناك نتوجه الى البراميل الموزعة على الساحة وفى يد كل منا كوبه .. تلك البراميل بها عصائر ولكن قبل ان تصل اليها ستنال حماما باردا من شدة العراك حولها اذ لا يعقل ان تكفى عشرة براميل ما يزيد على الالف طالب .. اما الطعم فلا يختلف كثيرا عن طعم الفول .. لا لون لعصير وانما لون بركة نتنة ..ولا رائحة سوى رائحة العفن والامر الحسن الوحيد انهم اجتهدوا فى وضع قليل من السكر .. عندما تصل هناك وتفوز بكوب او كوبين يكون الاعياء والتعب اكبر من تعب الصيام وعندما تبدا معدتك فى هضم تلك الاشياء تتمنى لو انك صمت الدهر كله او مت قبل هذا اليوم .. الغريب اننا تعودنا على هذا الشئ بعد مرور ايام من الصيام المرهق .. منذ تلك التجربة والى هذه اللحظة اعانى من حساسية مفرطة مع شهر رمضان ولا يعجبنى فيه شئ سوى ليالى كرمة الجميلة فى هذا الشهر لان طيف تلك التجربة لا تفارقنى ابدا .. بعد مرور ايام على هذا الشهر تركنا طعام المعسكر وكنا نحاول اعداد الطعام بانفسنا وكذلك الشراب اذكر فى منتصف هذا الشهر ان الجيش شعر بتحركات للحركة الشعبية لذلك كان مطلوب منا تامين مدينة جوبا من الناحية الجنوبية ومن ضمن مساءل التامين هناك شئ يسمى قوة الاستطلاع .. هذه القوة تتكون من مجموعة صغيرة فى حدود الخمسة عشر فرد او اقل يحملون مؤنهم وطعامهم ويخرجون جنوبا خلف جبل السكر ويخيمون هناك لعدة ايام حتى تاتى قوة بديلة فيعودون .. والهدف من ذلك هو رصد اى تحرك وتنبيه المعسكر .. فى محاولة منهم لاغراءنا على الذهاب كانوا يقدمون طعاما جيدا وعصائر حتى ان الطحنية والعجوة السعودية كانت من ضمن المؤن .. فى مرة من المرات كان صديقى يحى عبد الحميد قد بلغ به الجوع والمرض فراى فى تلك المؤن حلا واصر على الخروج رغم تنبيهنا له بعد ايام عاد يحى اسؤ حالا واكثر مرضا .. عرفنا انه لم ياكل طعاما منذ يومين والسبب هو ما اشار اليه الاخ مصعب فى احدى مداخلاته هنا .. الاخ يحى اكل لحم القرد دون ان يدرى .. حكى لنا يحى انهم عندما ذهبوا الى هناك وجدوا مجموعة من الجيش هناك وهى مجموعة ثابتة لا تتغير .. كان هؤلاء يجدون فى المقالب سلوى لهم فما بالك عندما يجدون طلاب يمرحون بهم ويضحكون عليهم .. يقول يحى انه شاهد تلك المجموعة تعد طعاما بجهد واضح وقد كانت رائحتها لذيذة لدرجة ان الطلاب كانوا ينتظرون الافطار بشوق ظنا منهم انهم اصطادوا شيئا .. عندما اتى الطعام وجلس الطلاب لاحظوا ان المجموعة لم تجلس معهم وانما كانوا يقفون فى خدمتهم .. بعد ان تناول الاخ يحى كمية كبيرة من الطعام وقع فى يده قطعة لحم .. تناولها وعندما اقترب بها من فمه لاحظ انه يد بشرية جن جنون الطلاب واستفرغوا كل طعامهم .. عرفوا لاحقا ان الذبيحة لم تكن سوى قرد صغير .. حتى اليوم يخاف الاخ يحى عندما يتناول اى طعام ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
الشهر العاشر قضينا عشرة اشهر وفى بداية الشهر العاشر صحونا فجرا على صوت هدير شاحنات .. نفسها الشاحنات التى اتينا بها .. اتت خمس او ست شاحنات مليئة باشخاص فى اعمار متفاوتة يبدو عليهم الرعب والخوف والهلع .. نفس الحالة التى كنا عليها فى يومنا الاول عندما هبطوا قمنا باستقبالهم كنا نظن انهم كتيبة من الجيش ولكن حالتهم كانت تقول غير ذلك .. ولا يمكن ان يكونوا طلابا لان اعمارهم متفاوتة فيهم الكبير والصغير بل حتى المتخلف والمجنون .. عرفنا منهم انه تم القبض عليهم فى تلك العمليات التى تعرف عندنا بالكشة والكشة هذه كانت من الممارسات القاسية وغير الانسانية والمهينة لشعب السودان فى بدايات هذه الحكومة .. كانت عربات الشحن الكبيرة وبها جنود يهاجمون القرى والمدن والتجمعات ويقطعون الطريق لاخذ كل شخص فوق ال18 سنة ويرفعونه مباشرة الى الجنوب عندما وصل هؤلاء كانوا بنفس الملابس التى قبضوا بها .. ماساة اهل الكشة كانت كبيرة ونحن بالنسبة لهم نعيما وجنة .. ربما لاننا طلاب هناك من سيسأل عنا ومن يضغط من اجلنا اما جماعة الكشة فقد كانوا يذهبون للجنوب ولا يعودون ولا يعرف احد شيئا عنهم . اذكر فى مرة من المرات عندما كان الاخ شاطر رئيسا للرابطة بلغه خبر ان هناك شخص من كرمة بمستشفى السلاح الطبى بالخرطوم وطلب منا الذهاب والتاكد من الخبر .. لا اذكر هل ذهب معنا شاطر ام لا ولكنى اذكر اننى ذهبت مع مجموعة من المكتب التنفيذى للرابطة وعندما ذهبنا وجدنا الاخ انور حسن طريح الفراش فاقد الذاكرة لا يعرف احد عنه شيئا حتى لم يخطروا اهله او احدا كان يعانى من اصابات خطيرة وكان سيموت هناك دون ان يعرف احد شيئا عنه نحمد الله انه نجا لان لا احد ينجو من جماعة الكشة .. المهم طلبوا منا تدريب هذه المجموعة .. والمضحك اننا لم نتدرب اساسا فكيف نقوم باعداد مجموعة ستخوض اشرس المعارك ؟؟ كان امرا مضحكا هذه المجموعة سنقوم بتدريبها لمدة عشرون يوما فقط .. تخيلوا .. بعدها سيتم اعادتنا للخرطوم وهم سيحلون مكاننا .. عندما عرفنا هذا الخبر ارتفعت معنوياتنا واصبحنا فجاة بشكل اخر كنا نضحك كالمجانين دون سبب .. فى مرة من المرات كنت وصديقى ابوهريرة نجلس بخيمة اعداد الطعام وكنا نتناقش بصوت مرتفع وكان حديثنا بالرطانة .. وجدنا احد افراد مجموعة الكشة يقف امام الخيمة وينظر الينا باستغراب ؟؟ امرناه بالجمع .. الجمع فى الجيش ان يامر شخص رتبة اقل منه بالحضور مسرعا وبالفعل وقف امامنا سالناه عن سبب تنصته علينا .. قال ببساطة الرطانة ؟؟ قلت له وما ادراك انها رطانة .. حكى لى انه تربى فى منطقة اسمها كرمة البلد عند رجل فاضل اسمه ادريس بدرى وان الده يعمل فى كمينة ادريس بدرى ... اصابنا الذهول من هول المفاجاة وهذه الصدفة الغريبة .. هو من ابناء جبال النوبة .. لديه بسطة فى الجسم وقوة واضحة ولا ادرى كيف قبضوا عليه .. اسمه صباح قال انه بعد ان كبر قليلا عاد الى منطقتهم وعمل بالزراعة ثم اتى للخرطوم وتم القبض عليه هناك وها هو امامنا .. قلنا له اننا من كرمة وان المرحوم ادريس بدرى هو خالنا .. عندما علم بوفات المرحوم ادريس بدرى بكى بكاء شديدا كنا نشفق عليه طوال ايام وجودنا ونحاول مساعدته قدر الامكان وبالرغم من انه يكبرنا باكثر من عشرة اعوام الا انه كان مطيعا ومهذبا معنا كانه ابننا .. مجموعة صباح يمكن ان يتم تضمينها ضمن جرائم الحرب .. كان المفروض ان يتلقوا تدريبا ولكنهم لم يتلقوا ونقلوهم للجنوب .. عندما وصلوا معسكرنا كان المقرر ان ندربهم فترة عشرون يوما .. ولكن رغم قلة المدة وعدم معرفتنا بشؤون التدريب الا انهم لم يتلقوا حتى هذه بعد مرور عشرة او احد عشرة يوم اشتد القتال فى عدة جبهات وكانت الحكومة تتلقى الضربة تلو الاخرى وكان المطلوب ايقاف الحركة الشعبية باى شكل .. واحدى تلك الاشكال صباح ومجموعته .. تم تسليحهم فجاة ونقلهم الى مناطق العمليات لم يمر يومان حتى اتى الخبر ان المجموعة قد سقطت فى براثن الحركة الشعبية ولم ينجو الا القليل منهم وتمنينا من كل قلبنا ان يكون صباح قد نجا بحياته ولكننا حتى اليوم لا نعرف مصيره وكل قتلى الكشة لا يعرف احد مصيرهم ابدا . هذه المجموعة القيت للموت بل تم اعدامهم والحكومة تتحمل دمائهم كاملة .. وكان هذا الخبر اخر كوارثنا فى الجنوب لاننا كنا نعد العدة للعودة الى الشمال ولكن فرحتنا بالرحيل كانت ناقصة بسبب هذه الكارثة ومن غرائب الامور ان اهل الانقاذ حتى الان يجلسون على السلطة دون تانيب ضمير بل ويتحدثون باسم الله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
يا لها من مخازي يندي لهها جبين الانسانية.. وهاهم ما زالوا يتحدثون ويوزعون الظلم باسم الله في الطرقات...
شكرا لك لفضحك كل هذه الوحشية والمجازر التي ضيعت البلاد..
الرحمة والخلود لكل من ماتوا في هذه الحرب اللعينة وهم لا ناقة لهم فيها ولا جمل..
- ارجو منك مراجعة ايميلك...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: اشرف السر)
|
Quote: يا لها من مخازي يندي لهها جبين الانسانية.. وهاهم ما زالوا يتحدثون ويوزعون الظلم باسم الله في الطرقات...
شكرا لك لفضحك كل هذه الوحشية والمجازر التي ضيعت البلاد..
الرحمة والخلود لكل من ماتوا في هذه الحرب اللعينة وهم لا ناقة لهم فيها ولا جمل..
- ارجو منك مراجعة ايميلك... |
العزيز اشرف راجعت الايميل ولك ما طلبت تحياتى لمرورك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
Quote: تهربنا من الذهاب الى مناطق العمليات وفرحنا بعودتنا لجوبا ولكن ها هى العمليات تاتينا الى جوبا وكان القدر قد احكم طوقه برقابنا |
يا سلام يا هشام.. كأنك تعيد في هذا الجزء الذي كانت وقائعة عام 97 .. وبكلماتك أعلاه .. لذاكرتنا الخربة كثيرة النسيان.. مقولة عسكر الانقاذ.. عندما أتينا كان جيش قرنق على أبواب جوبا !.. كم هم استغفلونا ومازالوا للأسف.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
الإبن هشام
هذه فعلا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية
تثبت استهانة مجرمي الإنقاذ بأرواح الناس
بما في ذلك جنودهم
ومنهم الشباب والشيوخ الذين يلقوا بهم بدون تدريب وقودا للمدافع ومفجرين للألغام
تطبيقا لشعارهم منذ أيامهم الأولي "يموتوا تلتين ونحكم (الربع!) الباقي"
لقد شهد بذلك جنود الحركة الذين كانوا في الميدان لعشرين سنة وعارفين بتفاصيل المنطقة
أن هؤلاء الطلاب المساكين لم يكونوا مدربين على القتال
بل لم يكونوا مدربين على أخذ ساتر وإخلاء الجرحى ودفن موتاهم
الذين كانوا يتركونهم نهشا للسباع والضباع ببقية أرواحهم
بينما يرقصون في نفس الوقت في أعراسهم كشهداء
ولا أنسى فيديو سجلته الحركة لأسرى في همشكوريب
منهم شيخ مسن قال أنه كش من سوق كسلا
ودرب ليومين فقط ممسكا بعصاة بدل البندقية التي لم يمسكها إلا في ساحة المعركة
التي لم يكن يميز فيها بين القوات في كلا الجانبين
إن الزج بمدنيين غير مدربين في مناطق عمليات
هي من جرائم الحرب التي يجب توثيقها والمحاسبة عليها
الباقر موسى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: طارق جبريل)
|
العزيز هشام عباس شكراً جزيلاً لك وانت توثق لصديقك وتشهد شهادة حق في الكيفية التي قتل بها ذالك الشاب اليافع ( المرحوم محمد عبدالحميد ) واقسم لك ان والدته الي الان لم تفيق من أثر فقدها أبنها الوحيد .. العزيز هشام عباس اكتب لك وسط غابة من الحزن والغضب والدموع .. دموع من دموع من أجل الغلابة في دولة القتلة والمارقين .. لقد كان ليلنا بالامس يحاكي سيرة :- وليلاً كموج البحر ارخي سدوله علي بانواع الهموم والانين والحسرة فالايادي الباطشة مطلوقة بلا رقيب ولا حسيب والاستهتار بمواطن هذا السودان وصل الي اعلي قمته .. فالهرم في راسه يقبع مجرم مطلوب دوليا في ابشع قضايا انتهاكات الانسانية في هذا العصر وفي جنبات هذا الهرم وزراء لعابهم سائل دوما الي المنفعة وسرقة موارد هذا الشعب وملي كروشهم الصدئه بحق الناس وفي جنبات اخري من هذا الهرم يجلس الانتهازيون فلقد ذُبح وجداننا يا هشام كثيرا في هذا السودان الذي ابتلاه الرب بهولا اللصوص والقتلة المارقين الذين شووهو الانسان والدين والوطن...ولكن قسماً قسماً سننال منهم في الطرقات والازقة والقصور التي شيدوها من عرق وموارد هذا البلد المغلوب والمفجوع اهله .. حسبنا الله ونعم الوكيل ... يتحدثون عن الطهاره و التقي وهم أبالسة العصور الاولي وهم أساتذة الجريمة في الوري و أخالهم قد علموا قابيلا هم قادة الانقاذ أرباب اللحي جاءو وقد صحبو الغراب دليلا ركبوا علي السرج الوثير واسرعوا بأسم الشريعة يبتغون وصولا ما أنقذو السودان بل دفعوا به صوب الهلاك واقعدوه عليلا ما قدموهو وانما هبطو به تحت الحضيض واردفوهو نزولا وضعوا اصابعهم علي آذانهم وأستكبرو وأستمرو التنكيلا ذبحوا السماحة والفضيلة بيننا والعدل أمسي بينهم مقتولا لم نلقي بين صفوفهم من عادلاً كلا ولا بين الشهود عدولا ...!!!
اسرة المرحوم بأذناالله : محمد عبدالحميد عنهم محمد عبد المنعم عبد الكريم ابايزيد ... 004740973221
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
العودة الى الحياة
فاتنى ان اقول لكم اننا سافرنا الى جوبا بتاريخ 24\7\1997 وبعد اكثر من عشرة اشهر وبتاريخ 27\5\1998 تحديدا طلب منا صباح هذا اليوم حمل امتعتنا ايذانا بالعودة .. كانت فرحة طاغية وكلنا لا يصدق نفسه هل حقا سنعود احياء من هذا الجحيم ؟؟ ام هى مجرد خدعة اخرى كما اتوا بنا الى هنا يريدون زجنا فى معركة ما ؟؟ عندما ركبنا الشاحنات لم نكن نصدق انفسنا وكنا نظنها خدعة اخرى .. لكن الشحانات بالفعل توجهت الى مطار جوبا .. يا الهى اقل من ثلاثة ساعات واصبح مطار جوبا يغلى كالمرجل بالالاف من الطلاب والجميع يعمل كخلية نحل .. كنت ضمن المجموعة التى وصلت مطار جوبا حوالى العاشرة صباحا وكان ابو هريرة الذى لم يصدق نفسه قد سبقنى بساعة تقريبا دون ان يسال عن اشياءه لاننا كنا نجمع كلما نملكه فى شنطة كبيرة من الصفيح اذ كانت الحكومة تقدم لنا خمسين جنيها كل شهر ولم يكن امامنا سوى شراء التحف والملابس من سوق كونج كونج لان لا حوجة لنا بالفلوس هناك .. لان العدد كان كبيرا جدا وقفنا فى جحيم الشمس منذ العاشرة صباحا حتى اتى دورى فى تمام السادسة عصرا .. سلمت الشنطة الكبيرة للجنود الذين كانوا يستلمونها لشحنها على طائرات الكارغو التى كانت تعمل جنب الى جنب مع طائرات الركاب .. رغم اننا صعدنا على طائرة اسؤ من تلك الطائرة التى اتينا بها الا اننى نسيت حال الطائرة وخوفى منها لان فرحة العودة طغت على كل شئ ساعتان او اقل بقليل ونحن نحلق فى الاجواء والطائرة تئن وتصدر اصواتا غريبة كتمنا انفاسنا خوفا اذ لا يمكن ان ننجو من جحيم الحرب لنموت فى جحيم طائرة هالكة .. بحمد الله وصلنا .. حطت طائرتنا ارض مطار الخرطوم .. كنت فى غاية السعادة لاننى سوف احتضن اهلى بعد طول غياب .. لكن للاسف كانت اسؤ ايام حياتى كان مطار الخرطوم وصالة الحجاج التى نزلنا عبرها بالتحديد مكتظة بالالاف من الاسر التى تتلهف للقاء ابناءها بعد طول غياب .. للاسف الكثير من الاسر خاب املها وتحولت فرحتهم الى الم وبكاء ونحيب .. مئات الاسر عرفت عن طريق الطلاب الذين وصلوا قبلنا ان ابنهم قد توفى .. سبحان الله لم تكلف الحكومة نفسها عناء ان تبلغ الاسر بوفاة ابناءهم او مقتلهم ليعرفوا ذلك عبر الواصلين فى صدمة كبيرة وعنيفة فسقط من سقط مغشيا وصرخت الامهات فى وجه الظباط وهتفن ضد الحكومة بحرقة والم واختلط الحابل بالنابل .. اصبح المطار بركانا يغلى .. مشاعر متضاربة اسر تضحك وتهلل بعودة ابنها واسر اخرى بالقرب منهم افترشوا الارض يبكون ابنهم الذى سمعوا خبره وهم ينتظرونه عندما عبرت صالة الحجاج ونسبة للوقفة الطويلة منذ الصباح فى جوبا والارهاق الذى اصابنى انفجرت الدماء من انفى .. كنت حتى وقت قريب اعانى من الرعاف حيث ينفجر انفى دما باقل وقفة تحت شمس او اقل ضربة على انفى .. ولكن فى ذلك اليوم ابت الدماء ان تتوقف رغم محاولات كل من كان فى المطار ولان الشعب السودانى يتميز بالفضول وجدت فجاة اننى محاط بالالاف من البشر يريدون ان يعرفوا ماذا هناك فلفت الامر نظر الظباط الذين اخرجونى بصعوبة ونقلونى سريعا الى العربة ... فى تلك اللحظات كانت اسرتى بما فيهم والدتى التى اتت من كرمة لاستقبالى يبحثون عنى دون جدوى وعندما راوا الاسر التى تبكى ابناءها انتقل الخوف الى والدتى التى قررت بانى توفيت ولم يستطيع احد اقناعها وحكوا لى عن حالتها ... بالطبع نسيت ان اقول لكم ان حاجياتنا التى قمنا بشحنها من جوبا لم تشحن اساسا كان الجنود الذين يقومون بالشحن يختارون الشنطة التى يظنون انها عامرة ويسحبونها من الشحن .. مئات الطلاب فقدوا كل ما ادخروه بمن فيهم انا وابو هريرة .. واصبحت لا املك سوى لبس الجيش الذى ارتديه وحتى القليل من النقود التى قمنا بادخاره سرقت المهم تحركت بى العربة من مطار الخرطوم وسارت فى شوارع العاصمة حتى خرجنا من العاصمة وانا لا اعرف الى اين نسير حتى وصلنا معسكرا ضخما اسمه مصعب بن عمير لاحقا عرفت اننا فى شرق الكلاكلة الوحدة .. وصلت هناك متعبا وقد فقدت الكثير من الدم .. وجدت بعض الطلاب الذين سبقونى الى هناك .. ثم توافد الطلاب الى هناك واجتمعنا من جديد تم تحذيرنا من الذهاب مع اسرنا حتى يتم تسليمنا شهادات خلو الطرف من الخدمة الالزامية وكل من يخالف هذه التعليمات يفقد حقه فى الشهادة ... صباح اليوم الثانى اتت الاسر الى المعسكر من ضمنها اسرتى ووالدتى التى لم تصدق اننى حى ارزق كان لقاء مؤثرا جدا بين الطلاب والاسر ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
ما بعد العودة ... بعد ان قضينا اسبوعا كاملا بشرق الكلاكلة تم اطلاق سراحنا بعد ان سلموا كل فرد مبلغ خمسين جنيها وشهادة خلو طرف من الخدمة ... بالمناسبة بعد اقل من شهر واحد تم الغاء شهاداتنا تلك وطلبوا منا استخراج بطاقة جديدة بعد دفع 12 جنيها شخصيا رفضت وما زلت اتعامل بشهادتى تلك .. والغاء هذه الشهادة كان السبب الرئيسى فى المشكلة المشهورة التى وقعت بينى وسعادة الوزير عبد الرحيم محمد حسين فى وليمة زواج الاخ طارق محمد حسن خيرى .. المهم خرجنا بعد اسبوع والمشكلة كانت بعد خروجنا ... لم نستطيع استيعاب تلك النقلة ابدا .. من كرمة الى احراش الجنوب مباشرة ومن احراش الجنوب الى اضواء العاصمة كانت نقلة كبيرة لدرجة اننا عدنا نشتاق لايام الجنوب .. الخروج من عباءة العسكرية الى الحياة المدنية مهما كانت قصر المدة امر بالغ الصعوبة .. لذلك عندما تتحدث بعض حكومات الانقلاب العسكرية حول العالم انهم سيعيدون الحياة المدنية وحكم الشعب اضحك من اعماقى ولكم فى السودان اسوة حسنة دعك من بقية دول القارة ... وعندما يخلع شخص مثل البشير بدلته العسكرية فانه مهما فعل سيكون نفسه بشير الثلاثين من يونيو 89 وبالفعل لم يتطور البشير ابدا فهو كما هو .... لذلك كانت بدايتنا صعبة جدا ... بعض الطلاب عادوا باجسادهم ولكنهم لم يعودوا كما كانوا ... كثيرون اثرت فيهم تلك الرحلة والكثيرون يعانون حتى اليوم ... وشخصيا اعانى ولكن بدرجة ربما تكون اقل او غير ملحوظة لكننى اعلم اننى لست الشخص الذى كان ......
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
خلاصة .... اتفقنا فى مطلع هذه الذكريات ان ما يسمى بالخدمة الوطنية امر معمول به فى كل العالم وانه امر وطنى يجب فعلا القيام به .. ولكن حكومة الانقاذ استغلت المسألة بطريقة ماساوية لا تخدم الوطن ان لم تكن سببا فى جراحات الوطن .. حتى ان الطريقة التى اتبعت من طرف الحكومة كانت قاسية جدا وغير انسانية ان لم تكن طريقة هلوكوستية او ميكافيلية بحتة بحيث ان غاية جلوسهم على السلطة بررت ابادة الطلاب كوسيلة .... اذا وجدنا تبريرا لعدم ابلاغ اهلنا فاننا لا يمكن ان نفهم ابدا عدم ابلاغنا نحن بالذات ان الرحلة لم تكن رحلة ترفيهية وانما الى الجحيم .. واذا تغاضينا النظر عن عدم ابلاغنا فلا عقل يستوعب ان يتم زج مجموعة من المراهقين فى اتون حرب حقيقية بل واحدة من اشرس المعارك فى التاريخ دون تدريب او تأهيل او حتى تهيئة نفسية ... ولو وجدنا العذر لعدم تدريبنا لمواجهة الموت كان يمكن ان نكون فى الجهة الخلفية سندا للجيش او دعامة او فى عمل اجتماعى وثقافى داخل المدن ولكن الذى حدث ان الطلاب كانوا دروعا بشرية بمعنى الكلمة ... واذا استوعبنا استخدام الطلاب كدروع بشرية فكان من باب اولى ان يتم ابلاغ اهل الضحية ان لم يكن تقديرا لهم فرحمة بروح المقتول ولكن الذى حدث ان معظم الاسر تلقت نبأ وفاة عزيز لهم وهم ينتظرون استقباله بمطار الخرطوم ... حتى بعد عودتنا وبدلا من اطلاقنا فى شوارع الخرطوم كالكلاب الضالة بعد اسبوع واحد كان من باب اولى ان ندخل فى معسكر مغلق لاعادة التاهيل النفسى لان معظمنا تعرض لصدمات نفسية قاسية وان تفاوتت درجاتها من شخص لاخر ..... كل نقطة مما ذكرناها كافية لتجريم هذه الحكومة ولكن اكبر وافظع هذه الجرائم عدد الطلاب الذين ماتوا او قتلوا فى قضية لا ناقة لهم فيها ولا جمل ولم يكن اكثرهم مقتنعا بها حتى وجد نفسه فى هاوية الموت ... اكثر من 600 طالب وهذا العدد ما اعرفه انا وقد يكون اكثر بكثير والله اعلم .. اكثر من 600 طالب قتلوا او ماتوا والثمن ان يجلس البشير واعوانه على كراسى السلطة وبئس الثمن .... رحل اعزاء لنا دونما كلمة وداع والبعض لم ندرى مصيره .. صدقونى كنت اعارض هذه الحكومة منذ وعيت الدنيا ووصلنا لقمة المعارضة عندما كنا بالمرحلة الثانوية بمدرسة دنقلا ورغم اننا ذقنا العذاب بدنقلا وتعرضنا للبطش والاهانة والسجن والاعتقال وتدمير مستقبلنا الا اننى لم اكره هذه الحكومة كما كرهتها بعد عودتى من جنوب السودان ... لو جمعوا كراهية كل الكون فانها لا تسوى جزءا ولو يسير مما اشعر به تجاه هذه الحكومة المجرمة التى لم تراعى انسانية او ضمير او دين وهى تفعل كل شئ ثمنا لبقاءها .. ورغم اننى اعلم ان الكره ليست من ادبيات او احتياجات السياسة الا اننى لا استطيع ان اشعر بشئ سوى الكره لدرجة اننى اكثر شخص قابل لفعل اى شئ ضد هذه الحكومة ولو كان الثمن روحى .... رحل اخوة لنا وفقد بعضنا عقله ولم يعد كما كان حزنت اسر حد التعرض للانتكاسات والامراض والموت حزنا على فلذات اكبادهم وتعرضت امهاتنا لضغط نفسى هائل طوال بقائنا فى الجنوب والذى لم يقتل او يجن من اصدقائنا لم تعد حياته طبيعية كما كانت ... ورغم كل هذا لا تزال هذه الحكومة تتحدث باسم الدين وباسم الله ... ختاما هذه ليست تجربة حياة لاننى لم ابلغ بعد مرحلة ان اضع مقاييسا لذلك وهى ليست مذكرة لان العظماء وحدهم او من لهم بصمات فى الحياة هم من يحق لهم كتابة مذكرات ولكن هذه مجرد طيف من ذكريات مررنا بها ولا زلنا نعانى من اثارها وكان لزاما ان نذكرها ان لم يكن الان ففى اى وقت اخر لنقف على بعض ما حدث ويحدث ... مع كامل اعتذارى للوقفات الكثيرة فى السرد فالظروف كانت اكبر ... تحياتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
Quote: الاخ هشام السلام عليكم قريت كلامك فى سودانيز . ذكرياتك دى ذكريات جيل بأكملو , نحن دفعة 99 مامشينا الجنوب لانو الحصل ليكم كان اكبر من انو يتعاد تانى . دفعتنا اتدربت فى فتاشة وانا شخصيا قضيت شهر وعرفت اتخارج والحمدلله من العفن الكان هناك ,الحكاوى بتاعت اولاد 97 وصلنا جزء كبير منها وانا الى الان بتستهوينى لانو فيها شجن غريب وبتدخل منطقة معينة من القلب واكيد انت ماقادر تنسى تخيل واحد من الحلة مشى الجنوب ومارجع وما اتعرف الى الان مصيرو, طبعا اكيد مات لكن اهلو كانوا منتظرين لغاية بعد نيفاشا من 97 ,الحصل لى 97 داير كلام براهو والحصل للباقين 98 و99 برضو داير كلام كتير بس اغلب الناس ما عندها زمن تكتب
كانت ايام ياوطنى زى الالغام الله لا اعادها وربنا يجبر خاطر البلد دى وشكرا كتير للسرد الجميل احمد كرار |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
مكالمات مهمة تلقيتها من بعض رفاق تلك الرحلة المشؤومة وابدوا استعدادهم لاضافة المزيد من التفاصيل التى فاتت على ذاكرتنا ... التحية لهم وانا سعيد ان هذا البوست قد جمعنى من جديد ببعضهم.. لم نراهم منذ عودتنا من تلك الرحلة المشؤومة ولم نسمع عنهم لكن تفاجات بمكالماتهم وانا سعيد بذلك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: نصر الدين عثمان)
|
Quote: ولكنه كان يرفض بشدة ويقول انه مجرد حمى وستزول وكنت اعلم انه ليس كذلك .. بعد ثلاثة ايام ساءت حالته جدا واصبح يخطرف ويصرخ ويضرب كل من يقترب منه .. كنت الوحيد الذى اقترب منه .. لم تنفع كل الحبوب والحقن وحتى هذه رفضها وكان يضربنا اذا راها .. فى اليوم الثالث رأى الظابط بعينه حالته واعطانى اذنا للسلاح الطبى ... نعم السلاح الطبى نفسه .. اوصلتنا شاحنة الى مكان قريب من السلاح الطبى ومن هناك كنت احمله مسافة والقيه ارضا مرات واجره مرات حتى وصلنا بعد معاناة الى السلاح الطبى ... ادخلونا الى الطبيب ..جلسنا امامه وصديقى يتحدث ويضحك ويصرخ باشياء غير مفهومة ... نادى الطبيب على احد الجنود وقدم له ورقة .. قاد الطبيب صديقى وانا خلفهم .. لاحظت انه تخطى قسم الباطنية واتجه غربا حيث هناك سور فاصل فى منتصفه باب صغير يحرسه جندى .. كنت اتخيل ان هناك قسم خاص خلف تلك البوابة لان بنايات شاهقة كانت تبدو خلفها ولكن كثير من الظن اثم فما بالك ببعضها .. ما ان دخلنا تلك البوابة حتى اتضح لى كل شئ .... عدد كبير من الجنود منهم العارى كما ولدته امه ومنهم الذى يصرخ ومنهم الملقى فى ركن ومنهم الذى يجرى ومنهم من يقلد بيديه اطلاق النار ومنهم من صعد على شجرة يقلد قردا ... حالة من الفوضى والجنون .. كان عنبرا للمجانين ولا اقول النفسانيون .. لقد كانوا مجانين حقا وحقيقة .. مجانين حرب . لم اغضب فى حياتى كما غضبت وقتها ... لا ادرى قلت وقتها اشياء كثيرة ومؤكد اننى كفرت ساعتها .. طلبت من الجندى الذى يقود صديقى ان يتوقف لكنه قال ان هذا اوامر الطبيب .. بالطبع اوامر وقد كان محقا لان الاطباء ظباط يتعاملون مع المرضى والممرضين تعامل الظابط مع جندى .. قلت له اننى ساعود الى الظابط وعليك الانتظار وطلبت منه ان لا يدخله بين هؤلاء لانه على الاقل سيموت ضربا ....
عدت الى الظابط .. لم يرفع راسه وسالنى وهو يكتب شيئا عن ما اريده ... قلت له انا مرافق المريض .. شرحت له انه لا يعانى من جنون وانما هو اعراض حمى شديدة لم تعالج .. قال لى بكل بجاحة انا الطبيب .. قلت له وانا اعرف ما يعانى منه وعليك ان تعرف حتى تعالج ... قال بصوت مرتفع وناهر (تباه) وتباه هذا يعنى انتباه وانتباه فى الجيش هو ان تتسمر فى مكانك دون نطق او حركة ... ثم للخلف دور ثم انصراف .. بالطبع انصرفت فلو اننى زدت كلمة لتمت محاكمتى عسكريا والمحاكمة العسكرية فى مناطق العمليات اقلها القتل ... |
Quote: كررت المحاولة فى اليوم الثانى ..رفضت مغادرة البوابة حتى اراه او اعرف شيئا عنه .. نادى على احد الجنود الممرضين حضر ووقف من ناحية الداخل وسألنى عن ما اريده .. قلت له اريد رؤية صديقى او ان اعرف ما حدث له ..سالنى عن المريض ذكرت اسمه.. ثم اكمل هو اوصافه وعندما قلت انه هو .. قال لى ببساطة وكانه يقدم خبرا عن ######ة نفقت .. انه مات مساء الامس ... اى وصف لحالتى بعد سماع الخبر سيكون كاذبا ولا استطيع ان اقول اكثر من اننى جلست مستندا الى الحائط اكثر من ساعة دون ان اقوى على الحركة .. حتى ان دموعى ابت ان تسيل من هول الفاجعة والمفاجأة ... كيف مات ؟؟؟ واين دفن ؟؟؟ ولماذا لم يخطروا احدا حتى المعسكر الذى يتبع له ؟؟؟ بالطبع اجابات هذه الاسئلة غير مسموحة لى ومن العبط ان اعرف ... لكننى حاولت . |
Quote: واكثر ما اغضبنى بعد عودتى من الجنوب وجدت ان جارنا فى السكن بالحاج يوسف شاب اسمه ذكى عبد الكريم واخوه الاخر اسمه الزبير من منطقة دار العوضة بل هم اقرباء المرحوم محمد .. حكوا لى بعد عودتى وعندما علموا اننى كنت فى الجنوب ان حكومة الولاية الشمالية اقامت عرسا للشهيد .. غنوا ورقصوا على انغام الموسيقى بعد ان قتلوه والادهى والامر انهم قالوا للناس انه ضحى بروحه وكان فى مقدمة المعركة وانه قتل برصاص العدو بعد ان قدم نموزجا من البطولة بل وقالوا انه ترك وصية لاهله بان لا يبكوه لانه فى الجنة ... |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: نصر الدين عثمان)
|
الاخ نصر الدين تحياتى وشكرا لمرورك حاولت اختصار الاحداث رغم مرارتها تجنبا للملل والتطويل كما ان الذاكرة محت الكثير من التفاصيل اليومية القاسية لكن اطمنك اخى ان الكثير من رفاق تلك الرحلة تواصلوا معى مبدين استعدادهم لضخى بالمزيد من الاحداث والتفاصيل واتمنى ان تتوسع دائرة المشاركة لنوثق لحقبة مهمة وخطيرة من تاريخ الوطن ...
تحياتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
Quote: الاخ هشام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف الحال عساك بالف عافية انا من زوار موقع سودانيز اون لاين غير الاعضاء ازور الموقع كلما سنحت لى الفرصة واطالع البوستات التى ارى انها تهمنى او تلفتنى ويكون عنوان البوست احيانا كثيرة هو الجاذب لقراءة محتوياته وهذا ما حدث بالفعل لبوستك ( ذكرياتى فى جنوب السودان ....الخ ) مما دفعنى الى قراءة البوست كلمة كلمة وسطر سطر حتى نسيت نفسى لقد اخذ منى وقتا طويلا لانه كان بوستا دسما جدا وصراحة مشاعر من الحزن والغضب والفرح انتابتنى
حزن على الحال الذى آل اليه مصير اكثر من 600طالب وغضب على الطغمة الحاكمة التى قذفت بشباب غض فى اتون حرب دون مراعاة لابسط حقوق الانسان وفرح لانك ولله الحمد خرجت سالما وعدت الى اهلك والينا لتوثق لنا هذه الماساة انا من ابناء جزيرة بدين - قرية سقدان واسمى مراد عبدالله سيد من خريجى جامعة السودان ( ايضا )كلية الدراسات التجارية - محاسبة سنة 1997م طبعا فى هذا الوقت كنتم تستعدون لمعسكر الكاسورة - اعمل بالسعودية بالعاصمة الرياض طبعا مريخابى واعرف انك تشاركنا فى بعض المنتديات المريخية وعودا لذكرياتك والله لا اخفى عليك اننى بكيت وانا اقرأ سردك المدهش للاهوال التى واجهتموها فى ادغال الجنوب وقصة صديقك محمد احمد ودخوله للمستشفى ثم حديثك عن المغفور له باذن الله يحيى عبدالحميد ابن دار العوضة - اسكنه الله فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا ولا اخفيك سرا ان قلت لك اننى نسخت هذه الذكريات فى جهازى لاحتفظ به وارجو ان تعذرنى ان ارسلتها لبعض اصدقائى ليقفوا على حجم هذه المآسى والحقائق المؤلمة واود ان اشيد بطريقتك الجميلة واسلوبك الرائع فى سرد هذه الذكريات وان كانت لى ملاحظة فهى انك ربما كتبتها اولا لنشرها فى منتديات القرية وبالتالى لم تولى اهتماما بالتعريف باسماء المناطق التى ذكرتها مثلا انا شخصيا لم اتمكن من الوهلة الاولى معرفة المعنى بكرمة هل هى كرمة النزل ام كرمة البلد واثناء سردك للاحداث عرفت ذلك من خلال حديثك عن صباح ابن جبال النوبة الذى عمل فى كمائن خالكم
لذا ارى ان هذه فرصة فى حال تفكيركم فى طباعة هذه الذكريات او نشرها فى مواقع عامة ان تعرف بالاماكن التى ذكرتها ( مثلا كرمة قرية على بعد ....كم شمال مدينة دنقلا فى الولاية الشمالية ) ونفس الحال عن دار العوضة وهكذا وان كان لى سؤال فهو اين كنتم تدفنون موتاكم الذى كانو يسقطون بالمرض فى معسكر اللاهوت
اتمنى ان يمتد التواصل بيننا اكثر ويتاح لنا شرف التعرف عليكم عن قرب طبعا نحن النوبيون مشهورين بالحنية ومن هذا المنطلق كان تاثرى شديدا وكأن الذى يروى هذا الحديث او اخى الصغير |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
الاخ مراد تحياتى لك واشكرك تساؤلاتك واستفساراتك مهمة جدا: بالفعل عندما كتبت هذه الذكريات كتبتها فى منتدى القرية (رمال كرمة) لذلك لم اقم بعناء التوضيح لاسماء الاماكن والمناطق وقمت بنسخها الى هنا ولم انتبه لهذه النقطة منطقة كرمة البلد هى القرية التى انتمى اليها وهى تقع شمال دنقلا بمسافة تقريبا 40 كم وهى منطقة تاريخية تحتوى على اثار الفراعنة القدماء مثل اهرام الدفوفة والان هناك متحف بنى حديثا ويعتبر غنيا جدا بالاثارا والتماثيل والمومياءات اما منطقة دار العوضة فهى جنوب منطقة كرمة اقرب الى دنقلا ويقطنها خليط بين الدناقلة والمحس وان كان معظمهم من المحس تقريبا لانها شهدت هجرة تاريخية للمحس الى تلك المنطقة اما مكان دفن الموتى فلا علم لنا به لانها تعتبر من الاسرار العسكرية حيث اننا لم نكن نرى او نعرف الى اين تؤخذ الجثث ولو عدت الى سردى قصة الراحل محمد عبد الحميد رحمه الله قلت اننى لم اجد اجابات عن تساؤلاتى فقط قالوا لى توفى وانتهى الامر تحياتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
انتبهت الى اسم الاستاذ هشام عباس متكررا كافضل الكتاب ممن أثق فى رأيهم وادركت ان شيئا عظيما قد فاتنى حتى عثرت على هذا البوست
شكرا لكتابة النفس الطويل الموغلة فى التأنق والحكي وشكرا لك وانت تفرد متناقضات ازمان حالكة
نحتاج ان نقرأ لك اكثر فأرجو ان يظل موسم الكتابة مورقا لديك
احترامي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: أيزابيلا)
|
Quote: انتبهت الى اسم الاستاذ هشام عباس متكررا كافضل الكتاب ممن أثق فى رأيهم وادركت ان شيئا عظيما قد فاتنى حتى عثرت على هذا البوست
شكرا لكتابة النفس الطويل الموغلة فى التأنق والحكي وشكرا لك وانت تفرد متناقضات ازمان حالكة
نحتاج ان نقرأ لك اكثر فأرجو ان يظل موسم الكتابة مورقا لديك
احترامي |
ايزابيلا تحياتى واحترامى اشكر لك هذا الاطراء الذى اراه اكثر مما استحق
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
Quote: هشام عباس تحياتي لك وان تعيدنا لايام اللعنة
امتحنت الشهادة سنة ٩٥ من مدرسة نيالا الثانوية واحرزت نسبة جيدة تؤهلني لدراسة
القانون الذي اعشقه ولكن عامل العناد وركوب الراس
بالبسيط كدة عايز تقرا جامعة لازم تمر بمعسكر الدفاع الشعبي
ومشيت المعسكر وامروني بالارتكاز وبدا واحد عسكري بحلاقة
شعري بالموس من غير موية وطوالي دورت معاهو كاسوري
وحبسوني لمدة ثلاثة ايام في كونتينة حديدىة ويتخلله كل انا الجزاءت
العسكرية واللانسانية وبعدها طلب مني الذهاب للعنابر في عضر اليوم الثالث
طلعت من المعسكر علي البيت طول وكرهت اي حاجة اسمها عسكرية
وكاكي والي اليوم بكرهه
وفي عام ٩٦ امتحنت للمرة الثانية واحرزت نسبة جيدة جدا وتحت اصرار الاسرة التحقت
بمعسكر الدفاع الشعبي وانتهت بشرها وخيرها معرفة الاصدقاء وخلق الصداقات
ولم يحالفني الحظ في تحقيق رغبتي
ثم اتي العام ٩٧ عام النكبة ومعسكرات الخدمة الوطنية والتحقنا بها مع اصدقاء وشباب
الحي وكانت اسوء من سابقاتها المهم في اواخرايامها سمعنا من اذاعة التجمع
بكارثة العيلفون وغرق الطلاب وقتل بعضهم المعسكر الانضباط فيهو قل نسبة
لتوتر الاعصاب والشك في اي تحرك جماعي في جكة الصباح يعني لو في جكة باتجاه المطار او القيادة والله الطلبة بقلبوهو جري عديل وتوش لاقرب بيت او زقاق المهم في امسية من الامسيات جانا واحد كان قد السلك للملكية
وجاب لينا خبر طازج انو طلاب الفاشر رفعوهم الجنوب وبكرة الصباح حيرفعو معسكر
من المعسكرات للجنوب وبمدينة نيالا ثلاثة معسكرات هي دوماية في غرب المدينة ومعسكر التجارية بمدرسة نيالاالفنية
الثانوية ومعسكر كولكولايا ودي اكعب معسكر بعد الخبر دا طوال اتحركنا للتجمعات بتاع الطلاب المنتظرة محاضرة من احد الكيزان الدقانة وفكينا ليك الخبر مع زيادة بهارت
من عندنا ساعة او اقل الطلاب كوولهم دقشوا الحلة اليوم التاني بالميكرفون والاذاعة بوعيد وترغيب عايزيننا نرجع للمعسكر لانو التخريج فاضل ليهو اقل من اسبوع
وعيييييييك الحضرو التخريج اقل من نصف العدد وحضر كثير منا التخريج بالملابس المدنية
وفي نصف الاحتفال اختلط الاسر بابناءها اي اسرة حضنو ولدهم وبقي في البقدر يفرقهم وهو
ما دعا زبير محمد صالح الي مخاطبة الاسر بدلا من الطلاب
وتخريج ما فيهو سلام سلاح زاتوووو
-------------------------------
منسق المعسكر -كان علي مجوك انضم للحركات والان وزير اتحادي علي ما اعتقد
-----------
عثمان شريف
بوردو-فرنسا
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
كم فرحتُ بهذا القلم النابغ، قلم إبن خالي الشاب الرائع هشام عباس عمر. وقد تشرفتُ بقراءة ما يخطه بصفة شبه يومية وكلما هاتفني أو هاتفته، أشرت اليه بأن ينحى منحى الكتابة الأدبية واقترحت عليه بكتابة القصة والرواية. صدقوني ذهلت من خيالاته ورؤاه ولغته الرصينة وفكره المتقد وها هو الآن، يأخذ الجميع الجميع بالدهشة وكم أنا فخورٌ به جدا جدا...
في بادىء الأمر قرأتُ ذكرياته في رمالنا (منتديات رمال كرمة) وتأكدتُ تماما الى حد اليقين بأن هشام صار قلمه (سنيناً) واستحق بلا منازع أن يكون من بين كتابنا المذهلين في العام 2012....
كم أنا فخورٌ بإبن خالي هشام عباس وقلمه الثاقب الشجاع الأمين...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: عبدالأله زمراوي)
|
العزيز هشام هذا جهد رائع .إسنطاع قلمك أن ينقلنا إلي عالم الحرب القبيح ومأساة وطن يحكمه من لايعرف الرجمه يرمي بأبنائه للمحرقه ليضمن إستمراره في السلطه. أتمنى أن أرى حروفك يجمعها كتاب نحتفظ به لأطفالنا ولنا شاهدا ومذكرا لنا دوما ترياقا ضد عوامل الزمن وحتى لاننسى أنمنى أن يستنطق جهدك كل من عاش معكم هذه التجربه الماساه ليكتب وليكتب الجميع عسى أن نغسل جزء من هذا الحزن و إحساس العجز وتأنيب الضمير لدورنا السلبي الذي قادنا لآن نفقد جزء عزيز من الوطن لك الود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: Magdi Is'hag)
|
Quote: كم فرحتُ بهذا القلم النابغ، قلم إبن خالي الشاب الرائع هشام عباس عمر. وقد تشرفتُ بقراءة ما يخطه بصفة شبه يومية وكلما هاتفني أو هاتفته، أشرت اليه بأن ينحى منحى الكتابة الأدبية واقترحت عليه بكتابة القصة والرواية. صدقوني ذهلت من خيالاته ورؤاه ولغته الرصينة وفكره المتقد وها هو الآن، يأخذ الجميع الجميع بالدهشة وكم أنا فخورٌ به جدا جدا...
في بادىء الأمر قرأتُ ذكرياته في رمالنا (منتديات رمال كرمة) وتأكدتُ تماما الى حد اليقين بأن هشام صار قلمه (سنيناً) واستحق بلا منازع أن يكون من بين كتابنا المذهلين في العام 2012....
كم أنا فخورٌ بإبن خالي هشام عباس وقلمه الثاقب الشجاع الأمين... |
اسعدنى مرورك يا صاحب الكلمة الانيقة وشاعر الجمال والنضال تحياتى لك واتمنى لك رحلة موفقة
سلمجى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: Magdi Is'hag)
|
Quote: العزيز هشام هذا جهد رائع .إسنطاع قلمك أن ينقلنا إلي عالم الحرب القبيح ومأساة وطن يحكمه من لايعرف الرجمه يرمي بأبنائه للمحرقه ليضمن إستمراره في السلطه. أتمنى أن أرى حروفك يجمعها كتاب نحتفظ به لأطفالنا ولنا شاهدا ومذكرا لنا دوما ترياقا ضد عوامل الزمن وحتى لاننسى أنمنى أن يستنطق جهدك كل من عاش معكم هذه التجربه الماساه ليكتب وليكتب الجميع عسى أن نغسل جزء من هذا الحزن و إحساس العجز وتأنيب الضمير لدورنا السلبي الذي قادنا لآن نفقد جزء عزيز من الوطن لك الود |
العزيز مجدى تحية طيبة هى فعلا مأساة تستحق التوثيق لزمن نراه قريبا باذن الله والجهود متواصلة والمساهمات تاتى واتمنى ان اوفق فى ذلك شكرا لمرورك الانيق
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
Quote: body
الأخ هشام تحية طيبة،
تابعت باهتمام موضوعك الشيق في سودانيز أون لاين، أنا انتمي إلى نفس الدفعة سيئة الحظ.
في يوليو ١٩٩٧ تم شحننا من بورتسودان إلى معسكر التدريب في جبيت، ١٢٠ كلم من بورتسودان.
لم يكن معسكر تدريب عسكري بقدر ما كان معتقل تعذيب وإرهاب.
لمدة شهرين تعرضنا لكافة اصناف الاهانة والإذلال.
كنا أحسن حالاً منكم حيث لم يرسلونا إلى الجنوب.
السبب أن الشرق كان (مولع) في تلك الفترة، حيث أرسل البعض إلى حدود ارتريا، لم أكن من بينهم، هرب أكثرنا في تلك الأيام.
بخصوص ما كتبته أنت فقد فوجئت بالعدد الكبير لمن قتل من الطلاب بالجنوب.
يا ريت أخي هشام ما دام بدأت الكتابة في هذا الموضوع أن نحصي اسماهم في كتابك الذي سوف تصدره، ثم لاحقا في لوح تذكاري حتى لا ينسوا (دي لي قدام).
المهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة. يمكن الإستعانة بابناء الدفعة، والجيش، والمنسقية.
في الختام أحب أقول ليك انك كتابتك أكتر من رائعة، كثيراً ما كنت أضحك رغم الماسي التي تحكيها.
أنا أصلاً من دنقلا، عشت أكثر أيامي في بورتسودان.
أيمن
|
| |
|
|
|
|
|
|
|