الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 08:21 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالله عثمان(عبدالله عثمان)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-26-2008, 02:49 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    ماذا نفعل بمشكلة اليسار السوداني؟

    في مساهمة منه ضمن الملف الخاص للذكرى الثانية والعشرين لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه، والذي قدمته الجمعية السودانية للدراسات والبحوث في الآداب والفنون والعلوم الإنسانية، في موقعها "سودان للجميع"، قدم الأستاذ الدكتور حسن موسى مكتوبا بعنوان "ماذا نفعل بـ"مشكلة الشرق الأوسط"؟".. المكتوب عبارة عن نقد عام لكتاب "مشكلة الشرق الأوسط" الذي قدمه الأستاذ محمود في أكتوبر من العام 1967، ويتطرق المكتوب أيضا لكتابات أخرى من جانب الأستاذ محمود والأخوان الجمهوريين تتعلق بنفس قضية الكتاب..

    من البداية يشدد الأستاذ حسن على أن "مركز الثقل الفكري" في الكتاب "يتعلق بمسألة الهوية"، ويقول بأن "الكتاب يلح على سؤال الهوية كسؤال مفتاحي يمكن أن تحال إليه كل قضايا المجتمع العربي الأخرى".. للاستدلال على هذا الأمر، يقفز الأستاذ حسن للفصل السابع من الكتاب، والذي يتحدث فيه الأستاذ محمود عن "الحل الآجل" الذي يقدمه الكتاب لمشكلة الشرق الأوسط، بعد أن يقدم دراسة تحليلية تاريخية موثقة للقضية وملابساتها، وبعد أن يقدم حلا عاجلا يتعلق بالمسألة الراهنة التي تتطلب حلا عمليا متاحا مع المعطيات المتوفرة.. يقتبس الأستاذ حسن من الفصل السابع من الكتاب هذه الفقرة: "أول ماتجب الاشارة اليه هو أن العرب اليوم يواجهون تحديا حاسما، وليس هذا التحدي هو قيام دولة اسرائيل، في أرض فلسطين، بعد أن اقتطعتها، وشردت أهلها، وأعانها، على كل أولئك، قوم آخرون، في طليعتهم الشيوعية الدولية التي تدعي صداقة العرب اليوم، وتتباكى على مأساتهم.. بل ان النظر العميق في حقيقة هذا التحدي ليظهر دولة اسرائيل وكأنها صديق في ثياب عدو.. أو أنها نعمة في ثوب نقمة.
    وأما التحدي الحاسم الذي يواجه العرب فإنه يتمثل في أن منطق تطور الحياة البشرية المعاصرة في هذا الكوكب يقول للعرب أن عليكم، منذ اليوم، أن تدخلوا التاريخ في القرن العشرين، كما دخله أوائلكم في القرن السابع، فأشرقت بدخولهم على عالم يومئذ شمس مدنية جديدة.. أو أن تخرجوا عن التاريخ، لبقية التاريخ [......].. إن العرب اليوم لا يوجهون التاريخ، ولا هم يسهمون في توجيهه، وإنما ينساقون خلفه ويعيشون على هامشه [......].. ويزيد في حسم التحدي الحاسم الذي يواجه العرب عدة أمور: منها أولا، أن المدنية الغربية، الآلية، الحاضرة قد أعلنت إفلاسها، ووصلت إلى نهاية مقدرتها التطورية، وعجزت عن استيعاب طاقة بشرية اليوم، وتطلعها إلى تحقيق الاشتراكية والديموقراطية في جهاز حكومي واحد [......].. وقد عمق إفلاس هذه المدنية، وعجزها، شعور البشرية المعاصرة بالحاجة إلى بزوغ شمس مدنية جديدة، تلقح الحضارة الغربية الآلية الحاضرة وتنفخ فيها روحا جديدا به يتسق التناسق بين التقدم التكنولوجي، والتقدم الخلقي. وبذلك تصبح المدنية الغربية الحاضرة قادرة على التوفيق بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة" (اقتباسنا هنا من ورقة الأستاذ حسن، مع بعض التعديل الشكلي الذي لا يمس النص)..

    يخلص من هذا الأستاذ حسن إلى تقديم رؤيته النقدية، فيقول: "ومساهمة الأستاذ محمود في مساعي "تلقيح المدنية الغربية" وحقنها "بدم جديد" (دم عربسلامي)، يجدد شبابها، إنما تندرج في ما يمكن أن نسميه بـ"نظرية صراع الحضارات". وهي "نظرية" تمخضت عنها آيديولوجيا المركزية الأوروبية العنصرية والاستبعادية التي تعتبر نفسها مستودعا طبيعيا لقيم حضارية جوهرية خارج التاريخ. وتستمد من هذه القناعة الخرقاء كل المسوغات التي تحتاجها للاستعلاء على الآخرين وقهرهم واستغلالهم. ومصيبة "نظرية صراع الحضارات" تتلخص في كونها تتصور الحضارات ككيانات صافية قائمة على استمرارية قيم حضارية ثابتة لا تعرف القسمة، قيم مستقلة بذاتها عن كل شائبة وكل تأثير أو تداخل مع غيرها من قيم الحضارات التي تعاصرها أو حتى تلك السابقة أو اللاحقة لها. وإذا كانت " نظرية صراع الحضارات" التي تسقط على الظاهرة الحضارية مواقف الإنسان وبواعثه السلوكية، قد أورثتنا ذلك المقطع المشهور من شعر روديار كيبلنغ "الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا"[......] فهي قد ألهمت صامويل هانتنغتون،الأستاذ بجامعة هارفارد ومستشار الأمن القومي لدي الإدارة الأمريكية، بذل المبررات الأخلاقية والسياسية والاقتصادية التي تسوغ لدول حلف شمال الأطلنطي إتخاذ مواقف عدائية تجاه "الآخرين" (في البلدان الإسلامية أوفي الصين) على أساس الإختلاف الحضاري، وقيل على أساس "أخوة الحضارة" [......] ووراء كيبلنغ وهانتنغتون تطول القائمة لتشمل تلاوين سياسية وثقافية ما أنزل الله بها من سلطان من صدام حسين الذي أعلن الحرب على "الفرس" باسم العروبة لأسامة بن لادن الذي أعلن الحرب على الغرب باسم الشرق مرورا بالهادي المهدي إمام طائفة الأنصار الذي الذي (كذا) كان يعتبر السودان بمثابة "رأس الرمح" للغزو الإسلامي العروبي في أفريقيا، لغاية شعراء "الغابة والصحراء" والسودانويين من تشكيليي "مدرسة الخرطوم" بتنويعاتها العربانية والأفريقانية، وصولا لأصوليي نظام الإنقاذ الذين أشعلوا الحرائق في السودان باسم الحضارة العربسلامية ثم أنكروا "المشروع الحضاري" الإسلامي وتبرأوا منه بالكلية بعد الحادي عشر من سبتمبر. وبين هؤلاء وأولئك جادت القرائح "الحضاروية" بتنويعات شتى على نظرية "صراع الحضارات": من مقولة "نهاية الغرب" أو "نظرية موت الحضارة المادية" لمقولة "حوار الحضارات" أو "حوار الأديان" لغاية تلقيح الحضارة الغربية الآلية بشيء من المحمول الروحي للإسلام. و"نظرية التلقيح" المتمدن، رغم أنها تنطرح هنا كتعبير سلمي "بوليتيكلي كوريكت" إلا أنها تنطوي على بعد رسالي "إنقاذي" (في المعنى المحمود للعبارة) كما لو كان مصير الحضارة الإنسانية كله يتوقف على الموقف الذي يتخذه العربسلاميون، لا من الحضارات الأخرى عموما، وإنما من هذه الحضارة الراهنة المهيمنة، المسماة "غربية" و"آلية" على وجه التحديد"..

    بعد هذا الاقتباس المطول، لا نملك سوى أن نقول للأستاذ حسن موسى "تمهل يا هذا"، ففي عجالة فكرية غريبة، ينطلق الأستاذ حسن موسى من التقرير المتسرع بأن مساهمة الأستاذ محمود تندمج ضمن "نظرية صراع الحضارات"، ليعرج بعد ذلك على كل مذموم من صور الأيديولوجيا الغربية ليلصقها بهذه النظرية (وبالتالي يؤاخيها مع مساهمة الأستاذ محمود)، حتى أنه ليصل إلى إدماج صدام حسين وأسامة بن لادن بشعراء، سودانيين وغربيين، وأساتذة جامعات، وفنانين تشكيليين، وبعد ذلك يأتي بـالحالقة، حين يدمج حتى مساعي "نظرية التلقيح" و"حوار الحضارات" وحتى "حوار الأديان" مع الصورة العامة لـ"نظرية صراع الحضارات" (التي قرر انتماء الفكرة الجمهورية لها، دون أي تدليل أو تحليل واضح)! ماذا ترك الأستاذ حسن بعد هذا ليكون خارج اطار "نظرية صراع الحضارات" المزعومة؟ فإذا كان "الحوار" و"التلقيح" هي مجرد "تنويعات شتى على نظرية صراع الحضارات" عنده، فما الذي يريده الأستاذ حسن إذن؟ في فقرة واحدة، تنم عن عجلة فكرية غريبة، يرمي الأستاذ حسن بجميع ميراث الإنسانية في سعي "التلقيح" و"الحوار" في نير "نظرية صراع الحضارات" المذمومة المدحورة عنده؟ فإن كان هذا هو الاستهلال الذي يريد به الأستاذ حسن أن ينتقد الطرح الذي قدمه لكتاب "مشكلة الشرق الأوسط"، فلا عجب بعد هذا مما سيليه من التجنيات والتقارير الفجة، غير المدعومة بأي منطق، سوى ما يزعمه الأستاذ حسن من الربط الذي لا يوجد إلا في مخيلته بين المتناقضات التي أوردها هنا..

    لو راجع الأستاذ حسن اقتباسه نفسه من "مشكلة الشرق الأوسط"، بصورة بعيدة عن التحامل الواضح الذي يغطي مكتوبه (وبدون تقديم بديل موضوعي أو إيجابي)، لكان رأى أن قوله " كما لو كان مصير الحضارة الإنسانية كله يتوقف على الموقف الذي يتخذه العربسلاميون" لا مكان له في ما يعرضه الأستاذ محمود، خصوصا وأنه يقول، في نفس الاقتباس الذي أورده الأستاذ حسن، بأن العرب يمكن أن يخرجوا من التاريخ، لبقية التاريخ، إذا لم يفطنوا لأساس مشكلهم! فمن أين، بعد كل هذا، يأتي الأستاذ حسن بكل هذه التقريرات المتتابعة التي يفترض أنها أساس نقده لموقف الأستاذ محمود لمشكلة الشرق الأوسط؟ فإذا لم يكن الأستاذ حسن واضحا ودقيقا في التدليل على تقريراته هذه، فبقية مقاله إنما تتأثر بهذه البداية، إذ لا يستوي الظل والعود أعوج! وسنرى بعد قليل..

    بعد ذلك يأتي الأستاذ حسن ليظهر الغرض الأساسي من ذلك التحامل، وهو غرض طالما اشتمل عليه جسد اليسار السوداني العريض تجاه الفكرة الجمهورية، بغير دليل واضح، وهو أن عرض الفكرة الجمهورية، في مجمله، ظل على الدوام عرضا "طوباويا نبيلا"، بمعنى أنه غير قابل للتنزل على أرض الواقع، لمثاليته الزائدة.. هذا الموقف الذي يفتقر لأبسط معايير التقييم الموضوعي عند أهل اليسار السوداني كنا قد تعرضنا له أكثر من مرة، في كتابات كثيرة، آخرها الورقة التي قدمناها مؤخرا بعنوان "من أجل الاشتراكية.. الماركسية في السودان بين زمنين"، والكتابات العامة من جانب الجمهوريين في طرح هذا التجني اليساري كثيرة، نذكر منها مقالا للأستاذ عمر القراي "قراءة نقدية لتأملات في أفق المعرفة والشهادة" (نشر في سودانايل، مايو2002).. يقول الأستاذ القراي في ذلك المقال: "درج بعض المثقفين اليساريين، أو الذين تأثروا بالأفكار اليسارية، في بعض مراحل حياتهم، الى محاولات متفرقة لنقد الفكرة الجمهورية.. ولعل ماشجعهم على هذا الاتجاه، بالإضافة الى غياب حركة الجمهوريين من المسرح، النموذج المنفر عن الدين الذي طرحته الجبهة الإسلامية.. فقد ظنوا أن الفهم الإسلامي التقليدي، لن يستطيع منافستهم حين تسقط الجبهة، وأن الفرصة أصبحت سانحة ليكونوا جبهة عريضة من الفكر التقدمي، خاصة وأن بعضهم قد تخلوا عن الماركسية، بعد سقوط الشيوعية الدولية، وأخذوا يروجون لليبرالية الغربية.. ولهذا رأوا أن يؤسسوا نقداً للفكرة الجمهورية، حين رأوا اهتمام الناس بها، باعتبارها فكراً تقدمياً رائداً خاصة بعد موقف الأستاذ الأخير.. ولما لم يستطيعوا أن يجدوا أي مدخل على الفكرة في أصولها، بحثوا عن المواقف السياسية، ولعلهم جميعاً اعتمدوا على ما كتب د. محمد سعيد القدال أستاذ التاريخ بجامعة الخرطوم عن ثورة رفاعة. فقد ذكر أن الأستاذ محمود دافع عن الخفاض الفرعوني، وواجه الحكومة البريطانية بسبب ذلك!! ولقد قابله الجمهوريون وصححوا له هذا الفهم الخاطئ، وأوضحوا له أنه كمؤرخ كان يجب أن يكون قد اطلع على بيان الحزب الجمهوري الذي صدر عام 1946 وقد أكدوا فيه أنهم لا يؤيدون عادة الخفاض الذميمة، ولكنهم يعارضون تدخل المستعمر في عادات الناس وأخلاقهم.. ولقد تبع اتجاه د. القدال، د. محمد أحمد محمود، وركز عليه في مقال باللغة الانجليزية نشر في قائمة حوار السودانيين تحت عنوان (بداية ونهاية الحركة الجمهورية) ولقد علقت عليه في نفس الموقع، خاصة وأنه زاد على د. القدال، واعتبر الأستاذ محمود عدو المرأة!! كما تحدث عن تأثر الأستاذ بالصوفية" (الحديث المقصود عن الصوفية يدخل في مجال الهيام عن الواقع والمثالية المفرطة، وتجاوز الشريعة، بزعم هؤلاء اليساريين).. ورغم أنه ليس بالضرورة أن تنطبق كل الصفات الموجودة في هذا الاقتباس على الأستاذ حسن، إلا أن وجهها العام واحد، والأستاذ حسن - مما يحمد له- لم يخفيه، وإنما قال بوضوح برأيه في "الطوباوية النبيلة" لمواقف الجمهوريين السياسية.. رغم احترامنا للأستاذ حسن، فنحن لن نجامله في هذا الأمر، ونعتبره تجنيا فكريا في حق نفسه، قبل أن يكون تجنيا في حق مدرسة فكرية أصيله، لها أسسها المنطقية التي قدمتها في كل طروحاتها، فإما ينتقد الأستاذ حسن الفكرة الجمهورية في مستواها، بتدليلات تاريخية وتحليلية واضحة، أو ينضم لقائمة المتحاملين على الفكرة دون وجه منطق، خصوصا وأن هذا "المنطق" الذي يستطيع نقد الفكرة الجمهورية في أصولها قد أعيى من قبله من اليساريين في البحث عنه، ولم يجدوه لليوم.. تجب الإشارة هنا، في إنصاف لمن يستحق الإنصاف، أن الأستاذ القراي قد قال أيضا: " وحتى لا أظلم كل الأخوة الذين تأثروا بالفكر اليساري، أود ان أختم هذا الحديث بماكتبه الأخ د. عبد الله بولا، في مقال نقد فيه الفكرة الجمهورية، بمستوى عال من المسئولية العلمية، ودقة الفكر"، وبعدها أورد مقتطفات من ورقة الأستاذ بولا الشهيرة، والموجودة في نفس الملف الخاص الذي يوجد به مكتوب الأستاذ حسن موسى محل نقدنا هنا، في موقع "سودان للجميع"..

    وفي مواصلة لسلسلة التحامل، يقول الأستاذ حسن: "ففي خاتمة كتاب "التحدي الذي يواجه العرب" وهو الكتاب الذي أصدره الحزب الجمهوري في شهر سبتمبر1967، أي بعد أسابيع من هزيمة الدول العربية في يونيو1967، طرح الجمهوريون رؤيتهم للنزاع بين إسرائيل والدول العربية على منظور المواجهة الحضارية بين العرب ومن جهة والعالم من جهة أخرى. على زعم أن العرب هم الجهة التي عهدت إليها العناية الإلهية بتحقيق "دين التوحيد" الذي سيخلص الإنسانية من كافة شقاقاتها".. هذا، مع أننا يمكن أن نقتبس فقرة واحدة من الكتاب المذكور لندلل به على أن الأستاذ حسن إنما يقرأ ما يريد أن يقرأه، لا ما هو مكتوب فعلا (والكتاب المذكور هذا بالذات كله نقد شديد للعرب، ولعنصرية القومية العربية).. يقول الكتاب في إحدى فقراته الأخيرة: "والتحدي الذي يواجه العرب اليوم هو في الحقيقة نصيبهم من التحدي الذي يواجه البشرية المعاصرة جمعاء.. والتحدي الذي يواجه البشرية هو أن موطنها الذي تعيش فيه اليوم- هذا الكوكب الذي نعيش فيه- قد انكمش وأصبح صغيرا، بفضل الله، ثم بفضل سرعة المواصلات الحاضرة، حتى لقد اصبح الناس- كل الناس- جيرانا، بعضهم لبعض وأصبح مطلوبا اليهم أن يتعايشوا في حسن خلق، وحسن معاملة، وفي سلام، والا فما تطيب حياة لجيران يتشاكسون كل صبح جديد.. بإيجاز فان التحدي الذي يواجه البشرية اليوم هو أن الكوكب الذي نعيش فيه قد اكتملت له الوحدة المكانية، وقد أصبح يتطلب من البشرية التي تعيش فيه أن تحقق الوحدة الفكرية بين أفرادها حتى يستطيعوا أن يتعايشوا في سلام- إن لم نقل يعيشوا في سلام- مع اختلاف ألوانهم، ولغاتهم، وعاداتهم، وعقائدهم، فإن هم عجزوا عن ذلك فسيكون مصيرهم مصير كل الأحياء الذين عجزوا عن أن يوائموا بين حياتهم وبين بيئتهم- وقد جرت بذلك سنة الاولين".. ويستمر الكتاب في فقرة أخرى ليقول "والتحدي الذي يواجه العرب اليوم هو نصيبهم من هذا التحدي العام للبشرية، ولكنه أشد توكيدا وأكثر الحاحا. وذلك لعدة أسباب، أهمها اثنان: أحدهما أن العرب يعيشون في منطقة هي سرة العالم، وعندها تلتقي القارات الثلاث، أوربا، وآسيا، وأفريقيا، وهي منطقة صنع فيها التاريخ، منذ فجر التاريخ، ولا يزال يصنع، ولقد نشأت فيها، وعلى صلة بها، والتقت على أرضها جميع المدنيات، وبخاصة تلك التي تجمع بين المادة والروح، وتطلب للإنسان الرغيف لانه لا يعيش بدونه، وتطلب له وراء الرغيف الحرية لأنه لا يعيش بالرغيف وحده.. "ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة من الله" كما قال المسيح أو "الدنيا مطية الآخرة" كما قال محمد..
    وثانيهما أن العرب - دون سائر الناس- هم أهل الكتاب، هم أهل القرآن، والقرآن هو روح الله الذي اذا نفخ في هيكل الحضارة الغربية، الآلية، العملاقة الحاضرة، عادت إليه الحياة واستقامت فيه الموازين وملك القدرة على أن يسير بالبشرية الى منازل السلام.. فالمدنية الغربية المادية، منفوخا فيها الروح الاسلامي، هي المدنية الجديدة، التي بها تستطيع البشرية أن تحدث الوحدة الفكرية والتي تتطلبها وحدة بيئتها الجديدة".. لو كان الأستاذ حسن موضوعيا في نقده، لأتى بحصيلة حجج الجمهوريين في عرضهم لعلاقة العرب مع الإسلام وعلاقة الإسلام بالعالم، حينها كنا سنرى الموضوعية التي تستحق الاحترام في نقده، ولكنه عندما يسعى لتجاهل الصورة الكاملة، ليقرأ فقط ما يريد أن يقرأه، فهذا لن يثير غير الارتياب والأسف..

    لقد ربط الأستاذ محمود مصير المسلمين عموما، والعرب خصوصا، بمصير البشرية كلها، كما ذكرنا في الاقتباسات الماضية، ومن ثم ذهب ليوضح سبب الخصوصية التي يراها للعرب في جوف هذه المشكلة (وليس في قمتها الصفوية، كشعب الله المختار أو ما شابه)، كما أنه وضح أن الأساس الذي جعل خصوصية للعرب إنما هو الدين- دين الأغلبية- وليس العنصر، ومن تبعية اللغة التاريخية للدين (وليس العكس)، وهو بذلك يعرض صورة مكبرة للمعنى الذي يجب أن ينضوي تحته العرب، وهو معنى لا يعطيهم خصوصية إلا بقدر ما يلتفتون هم لما يمكن أن يقدموه لأنفسهم وللبشرية من حولهم، وإلا "يخرجوا من التاريخ، لبقية التاريخ".. هذا طرح عتيد، وإنساني شامل، ولا علاقة له بالصورة الشوهاء التي يحاول الأستاذ حسن موسى عرضها لموقف الفكرة الجمهورية من قضية العرب والمسلمين عموما.. لهذا أيضا يمكن أن نشير لمقولات الأستاذ محمود الكثيرة في جوهر العلاقة السودانية بالتراث العربي، فمعروف أن الأستاذ كان يرى أن القطر السوداني "قطر أفريقي"، وأنه كان لا ينكر أبدا حقيقته الأفريقية (حين نتحدث عن التصنيف العرفي- الهلامي- للهويات، بين "عربي" و"أفريقي")، بل وإنه كان يتحدث عن نفسه كثيرا كـ"أفريقي.. بحب الليل والحر"، كما يرد عنه، وله مقولة أخرى مسجلة، يقول فيها " نحنا زنوج.. ما عرب.. لكن لسانا عربي.. واكتسبنا قيم من الزنوج والعرب" (مما يوضح المعنى الذي ينشده الأستاذ حين ينتسب للعروبة في بعض المناسبات)، فما هي هذه القيم التي يشير لها الأستاذ ويؤكد على أهمية العرب من خلالها؟ هي القيم التي تخدم البشرية كلها، بجميع ألوانها ولغاتها وثقافاتها وأديانها.. هي قيم تسعى لها كل الشعوب، وتفخر بما عندها منها، وتحاول بذله للعالم لثقتها بقدرتها على المساهمة الإيجابية في التراث الإنساني العالمي.. هي قيم دين ذو طرح عالمي، وبتوضيح مبذول في أسس الفكرة الجمهورية، فهل هناك ما يسوء الأستاذ حسن في هذا؟ أم أن كل هذا التحامل هدفه مواصلة التقريرات الفجة، مثل قوله "والجمهوريون بهذه النظرة لا يقّلون عروبة عن القوميين العرب (ناصريين كانوا أم بعثيين) لأنهم رأوا في العرب جوهرا عرقيا أو- و- دينيا يصطفيهم كما اليهود لأداء مهمة لا يقدر عليها سواهم. و"شعب الله العربسلامي المختار" هنا يطرح نفسه خارج العالم وبالمقارنة مع العالم - وقيل ضد العالم- بدلا من أن يطرح نفسه في العالم وكجزء من العالم. جزء من "الناس".. بأي عيون يقرأ الأستاذ حسن ليصل لتقرير لئيم كهذا؟

    بقية تناول الأستاذ حسن لهذه القضية في مكتوبه كلها تتسم بالتحامل الذي سبقت صوره في ما عرضنا هنا، حتى أن الأستاذ حسن ليضع الاقتباس من الكتاب، ومن ثم يحلله بطريقة تجاوز الكلمات- وحتى الأسطر- التي تقول عكس ما يقول به تماما، ولا يجري له بال بحجم التناقض بين النص الذي ينقله وما يدعي أنه يستنبطه من النص.. يعود بعد ذلك الأستاذ حسن للفكرة الأولى التي أراد أن يمهد لها كل هذا التمهيد الزائف، ليقول بأن هذه النظرة الاستعلائية عند الأستاذ، بزعمه، "تطمس بصيرة التحليل الجيوبوليتيكي الذي يعبر عنه الكتاب في بعض صفحاته عندما يطرح المؤلف مشكلة الشرق الأوسط في إطار الواقع السياسي الذي خلقته الحرب الباردة. ذلك لأن الكتاب يبسط الواقع المركب للحرب الباردة ويختزله لمجرد مواجهة بين عملاقين، رأسمالي وشيوعي، يستقطبان كل احتمالات الحركة والسكون ضمن مشهد الصراع العالمي. وذلك رغم أن خبرة الأستاذ الشخصية، السياسية والتاريخية- في نظري الضعيف- تفرض عليه بالضرورة رؤية التركيب اللاحق بواقع الحروب الساخنة والباردة وأمورها المشتبهات التي عاصرها في منطقة الشرق الأوسط. فتحت شروط الحرب الباردة أمكن تفكيك آلة الاستعمار الكلاسيكي في بلدان العالم الثالث سواء عن طريق الضغوط السياسية السلمية سواء عن طريق النضال المسلح الذي مكن لبعض حركات التحرر أن تتقدم على درب التحرر مسنودة بحلفاء موضوعيين معادين للاستعمار والإمبريالية. تحت شروط الحرب الباردة تمكن الشعب الفيتنامي من هزيمة آلة القهر الطبقي للإمبريالية الأمريكية وبناء دولة السيادة الوطنية".. المشكلة في هذا القول أن الأستاذ حسن يلقي التهم والتبسيطات جزافا، ومن ثم يظن أنه بذلك ينتقد الطرح المؤسس الذي قدمه الأستاذ محمود لمشكلة الشرق الأوسط.. هل لنا أن نطمع من الأستاذ حسن بشرح لا "يبسط الواقع المركب للحرب الباردة ويختزله لمجرد مواجهة بين عملاقين"؟ أم أنه يظن أنه بذلك التقرير، والحديث المبتسر أعلاه، قد أثبت فعلا أن نظرة الأستاذ للقضية نظرة تبسيطية؟ على العموم فالكتاب مبذول لكل من يريد أن يقرأه، ليرى بنفسه إن كان فعلا تبسيطيا، كما يزعم الأستاذ حسن وكما يحاول التصوير من اقتباساته المنتقاة وتعليقاته التابعة، أم لا، خصوصا وأن العنوان الفرعي للكتاب هو "تحليل سياسي.. استقراء تاريخي.. حل علمي".. الكتاب يظهر تحامل الأستاذ حسن بوضوح، ببساطة لأنه يشير بوضوح إلى العلاقة الديالكتيكية التي تنتج بعض الإيجابيات في أسوأ الظروف السياسية، ولكن ذلك لا يعني أن نستحسن هذه الظروف السيئة ولا نسعى حثيثا لتغييرها، كما أن الصورة التي يعرضها للحرب الباردة "كمواجهة بين عملاقين" هو خلاصة الديالكتيك الكبير العميم (Macro) للقضية، وليس اختزالا لها، وهو أمر عرفه وعمل به وأرخ له الكثير من أهل "الجيوبوليتيك" بنفس الصورة التي عرضها الأستاذ، فإن كانوا جميعا تبسيطيين عند الأستاذ حسن، فالأحرى به أولا أن يعرض لنا نظرته "العميقة" للقضية، لنميز بينها وبين ما ينتقده هو وينعته بالتبسيط.. ولو كان لنا أن نتعرض لمثال فيتنام الذي أقحمه الأستاذ حسن في تعليقه، فيكفي أن ننظر اليوم لوضع الشعب الفيتنامي عموما، من القهر والفقر العام وانعدام الحريات وكثرة الهجرة لأمريكا (أرض الإمبريالية التي حررته ظروف الحرب الباردة منها)، حتى نثبت خلل الميزان التاريخي و"الجيوبوليتيكي" الذي يعمل به الأستاذ حسن، وكأنه يظن أن مثال فيتنام يكفي، ولو قليلا، ليدحض عموم أصل الإشكال الذي طرحه الأستاذ محمود.. هذا ولا نريد التطرق المفصل الآن لمزاعم نجاح "النضال المسلح الذي مكن لبعض حركات التحرر أن تتقدم على درب التحرر مسنودة بحلفاء موضوعيين معادين للاستعمار والإمبريالية"، فلو نظرنا تاريخيا لمقياس نجاح هذه الحركات (بل وأي اشتباك مسلح بعد الحرب العالمية الثانية)، سنخرج بصحة قول الأستاذ محمود بأن الاستناد للشيوعية العالمية لا يأتي إلا باستعمار وقهر جديد، أما النضال الوطني الحقيقي المستقل، المعتمد غالبا على النهج السلمي، فهو الذي يفضي للسيادة الوطنية الأصيلة، كما في الهند وجنوب أفريقيا على سبيل المثال..

    بعدها يظهر الأستاذ حسن جانبا من بؤس تحليله "الجيوبوليتيكي" نفسه، ليظهر بذلك المنهج السياسي الذي جعله يتهم منهج الأستاذ محمود بـ"تبسيط الواقع" بثقة لا يحسد عليها.. يقول الأستاذ حسن: "وتحت شروط الحرب الباردة أمكن لبعض البلدان المتحررة أن تباشر بعض الإصلاحات المهمة في بنى الاقتصاد وإطلاق التنمية الاجتماعية التي استفادت منها أجيال ما بعد الاستقلال. ولا شك أن الفلاحين الفقراء الذين حصلوا على الأرض بفضل "الإصلاح الزراعي" الذي أجراه عبد الناصر، وأبناء الفقراء الذين استفادوا من مجانية التعليم يحفظون للزعيم المستبد -لا غلاط في ذلك- أنه فرج عنهم بعض كرب الواقع الطبقي التعيس في مصر الباشوات".. يعرض علينا الأستاذ حسن جانبا من تناوله "العميق" للواقع، في مقابل "التبسيط" الذي اتهم به طرح الأستاذ محمود.. لا نطمع في تعليم الأستاذ حسن بديهيات الدراسة التاريخية، من أن تقييم المراحل التاريخية بالسلب أو الإيجاب يكون بتقديم محصلة تلك المراحل، إن كانت سلبية أو إيجابية، وليس في ابتسار الواقع إلى "انفراجة" صغيرة المدى والزمن يحفظها الناس للزعيم المستبد، رغم كل المصائب الأخرى التي ورطهم فيها، والتي لا تقاس بما قدمه من انفراج مؤقت ومحدود، وهذا أحد أبجديات الدراسة التاريخية، سواءا كانت موجزة أم مسهبة، والأستاذ لم يكن يوما ينسب نظام جمال عبدالناصر للباطل المطلق، ولا حتى الحركة الشيوعية العالمية، وإنما كان يعي لرجوح كفة السلبيات على الإيجابيات، مما يستوجب الدعوة لتجاوز التجربة بأفضل منها.. هل يمكننا أن نستخدم نفس هذا المنهج المختل عند الأستاذ حسن، لنقول أن الناس يجب أن يحفظوا لستالين إنجازاته الاقتصادية، برغم الملايين من المقتولين والمقهورين (طبعا هؤلاء "الناس"- اقرأ "الماركسيين"- أساسا تبرأوا منذ فترة من ستالين تماما)؟ ولنقول أن حكومة الجبهة الإسلامية في السودان اليوم "ما قصرت" في تعبيد الشوارع- وبالتالي تسهيل المواصلات- وتطوير الاتصالات في الخرطوم، رغم كل ما أذاقته من المرارة للشعب؟ أين هو "العمق" في مثل هذا التحليل؟ أم أن الأستاذ حسن إنما يعبر عن صور طفولية قديمة من صور مواساة اليساريين لأنفسهم فيما صرفوه من الوقت والطاقة في الاتجاه الخاطئ لحل الأزمة عند أمثال جمال عبدالناصر؟

    يعرج بعد ذلك الأستاذ حسن، بعد تمديد مشابه من صور النقد المتحامل التي عرضنا لها أمثلة أعلاه، ليقول: "وفي مشهد نقد الفكر الماركسي يطرح الكتاب مفهوما جديدا للاستعمار الجديد. وهو غير مفهوم " الاستعمار الجديد" (نيوكولونياليزم) المتعارف عليه في مجال دراسات الاقتصاد السياسي. فـ"الإستعمار الجديد" في التعريف الجمهوري هو "الاستعمار الشيوعي الذي يسعى جاهدا اليوم لبسط نفوذه على العالم. وهو استعمار يسعى من الوهلة الأولى إلى استعمار العقول بأفكار هي غاية في السوء، وغاية في الخطورة، وليس غرضه المباشر الاستغلال الاقتصادي، وإنما غرضه المباشر، النهي، والأمر، والسيطرة، والاستغلال الاقتصادي يجيء من بعد ذلك بالتبعية.. ويخطئ كثيرا من يظن أن المادة هي أقصى ما تطلب النفس البشرية.. ذلك بأن التذاذ النفس البشرية بالسلطة يفوق التذاذها بالثروة"، وهكذا يؤول أمر ظاهرة اقتصادية وسياسية واجتماعية في تعقيد وتركيب الظاهرة الاستعمارية إلى نوع من هوى النفس البشرية الأمارة بالسوء التي تلتذ بالسلطة قبل الثروة، (ترى هل يمكن تفسير تضامن الشيوعيين السودانيين مع الأستاذ محمود ضد حكم محكمة الردة الأولى كنوع من الانسياق وراء التضليل الشيوعي المنظم أم هو خيار حر أصيل لدعم الديموقراطية في ساحة العمل العام السوداني؟). وما الذي يجعل رجلا في فطنة أستاذنا محمود النقدية وفي سعة حيلته الفكرية يقبل بهذا التحليل الساذج لمفهوم الاستعمار؟ ما الذي يدفع أستاذنا محمود القارئ الواسع الإطلاع لتجاهل أدبيات الاقتصاد السياسي التي حللت الظاهرة الاستعمارية وأفاضت في شرحها كل هذا التجاهل المثير للريبة؟ هل يمكن لنا أن نتصور أن الأستاذ قد غفل وانجرف وراء إغراء السهولة التي زينت له استباحة حرمة مصطلح "الاستعمار" بذريعة الكسب السياسي العاجل؟ أم أن النص المكتوب في مفهوم الاستعمار خارج من قلم آخر غير قلم أستاذنا الدقيق ومن فكر آخر غير فكره الثاقب".. مشكلة الأستاذ حسن هنا واضحة، وهو أنه يخلط الكيمان، ومن ثم يتهم الأستاذ محمود بخلطها! فالأستاذ محمود في نقده للحركة الشيوعية العالمية التي تمثلت حينها في الاتحاد السوفيتي لا يكون بالضرورة منتقدا للإرث الماركسي كله، وهو أمر واضح لمن يقرأ بأبسط مستويات الموضوعية (واليوم فإن الماركسيين أنفسهم لهم تاريخ في انتقاد النزعات الاستعمارية التي كانت عند الاتحاد السوفيتي، وفيهم سودانيين، كما أن لنا في تاريخ وتصريحات أرنستو جيفارا في هذا الموضوع عبرة).. هذا فيما يخص الاستعمار الشيوعي، أما فيما يخص الماركسية، كمدرسة فلسفية، فللأستاذ محمود فيها سفر كامل، اسمه "الماركسية في الميزان"، لا نجد عذرا للأستاذ حسن في عدم الاطلاع عليه، وهو يلقي ادعاءات خطيرة كهذه، من أن الاستاذ محمود قد غفل عن حسنات الدراسة الاقتصادية الحصيفة التي قدمتها الماركسية، لأن عدم علم الأستاذ حسن بهذا السفر يجعله يتحدث فيما لا يعلم، أما إن كان يعلم به فعلا، ويكتب مثل ما كتب أعلاه، فهذا أدهى، لأنه يدل على الغرض بوضوح لا نزاع فيه، وهو الذي يريد أن يخلص إلى اتهام الأستاذ محمود بـ" استباحة حرمة مصطلح "الاستعمار" بذريعة الكسب السياسي العاجل"، وتاريخ الأستاذ محمود كله، في فكره ومواقفه على مدى حياته الزاخرة، يشهد ببشاعة وبهتان هذه التهمة التي يلقيها الأستاذ حسن بدون أن يعي لتبعاتها، وبدون أن يعرض تدليلا وتحليلا منطقيا يؤيدها.. أما عن المثال الذي ذكره عن تضامن الشيوعيين السودانيين مع الأستاذ محمود ضد حكم محكمة الردة، فهو إن دل إنما يدل على خلط الكيمان إياه، فهل لم يتابع الأستاذ حسن مواقف الأستاذ محمود والجمهوريين من الدفاع عن حق الحزب الشيوعي ونوابه في البرلمان بعد حادثة حله في عام 1965؟ أم لم يتابع ترصد الجمهوريين بالنقد القوي لكل مبرر قانوني سعت الطائفية وجبهة الميثاق للالتفاف حوله لتبرير تلك الخطيئة الدستورية العظمى؟ هل هناك من وقف في صف الشيوعيين السودانيين من أجل حقوقهم الدستورية مثل الجمهوريين؟ وهل هذا يعد ضمن محاولة "الكسب السياسي العاجل" من جانب الجمهوريين؟ هذا وقد وقف في وجه ذلك الحكم من محكمة الردة ضد الأستاذ الكثير من المثقفين السودانيين غير ذوي العلاقة بالشيوعية، وقد كان الوقوف في وجهها سهلا عموما، لأنها كانت محكمة تحكم في غير مجال اختصاصها، ولا تستطيع تطبيق أحكامها، إذ لا قوة لها، وقد واجهها الجمهوريون مواجهة فاضحة لم تجعل من مصلحة أي قوى سياسية تقدمية أخرى أن تؤيدها، ولا حتى الطائفية المعتدلة بعض الشيء.. لكن لماذا لا نشير لموقف آخر للشيوعيين في موضوع كهذا، وهو موقف قد تعرض له الدكتور عبدالله إبراهيم، حين ذكر أن قيادة الحزب الشيوعي في تلك الفترة لم تكن تمانع طرح الدستور الإسلامي! (وإنما كانت تمانع استغلال السياسة للدين)، في حين كان الجمهوريون وحدهم يواجهون فكرة الدستور الإسلامي في أصلها، وهي نفس الفكرة التي أدت في النهاية إلى حل الحزب الشيوعي ومن ثم إلى حال السودان اليوم تحت نير الجبهة الإسلامية.. ما رأي الأستاذ حسن- بتحليل "عميق"- في هذا الموقف من جانب الشيوعيين؟ يقول الدكتور عبدالله إبراهيم: "ويذكر الشيء بالشيء. فأريحية عبد الخالق الفكرية حيال مشروعية، بل وسداد، الدعوة إلي الدستور الإسلامي قديمة. فقد تقبل هذه الدعوة بطيب خاطر في كتابات باكرة له بجريدة الميدان عام 1957 والدعوة إلي مثل هذا الدستور في طفولتها بعد" (قسم الدراسات التاريخية في موقع "سودان للجميع"، مقال "عبد الخالق محجوب: الإسلام وغربة الماركسية").. نحن نذكر هذه الأمثلة للأستاذ حسن، حتى لا يظن أنه قد قدم نقدا له معنى حين أشار لوقوف الشيوعيين في صف الأستاذ محمود ضد محكمة الردة، فتاريخ الأستاذ محمود والجمهوريين في الوقوف من أجل الحقوق الدستورية لكل الشعب السوداني، من الشيوعيين وغيرهم، موثق ومعروف، ونظرتهم التحليلية الثاقبة للقضية معروفة وموثقة أيضا، حتى عندما فشل الشيوعيون، واليساريون عموما، في تقديم نظرة تحليلية متواضعه لأمر في غاية البداهة، مثل أمر الدستور الإسلامي.. ومع كل هذا، فالأستاذ محمود والجمهوريون لا يبخسون الناس أشيائهم، ويحفظون المواقف المشرفة لأهلها، حين تكون، ولكنهم لا يتغاضون أيضا عن النقد القوي لأي موقف مختل، لأي تنظيم كان..

    أما عن الابتسار الذي تعامل به الأستاذ حسن مع قول الأستاذ محمود "بأن التذاذ النفس البشرية بالسلطة يفوق التذاذها بالثروة"، فهو ابتسار يدل على قلة الحيلة المعرفية بتعقيدات الأمور.. هل يعتقد الأستاذ حسن أن الحديث عن نزعة النفس إلى التسلط هو حديث تبسيطي لواقع معقد؟ فما الذي يعرفه إذن عن تعقيد قضية النفس البشرية؟ وهل يظن أمر النفس أمرا ثانويا فيما يخص مسيرة المجتمعات؟ فما رأيه في تاريخ الدكتاتوريات عبر العصور، وكيف أثر حب السلطة على حوادث التاريخ بكل تعقيداتها؟ هل يكون الحديث عن حب السلطة في هذا الاطار حديثا سطحيا؟ فما قول الأستاذ حسن حين نقول له أن أي طرح فلسفي يحاول تغيير واقع المجتمعات بدون التطرق لمشكل النفس البشرية ونزعاتها إنما هو طرح سطحي، ومهزوم في مهده؟

    بعد ذلك يواصل الأستاذ حسن في سرده الخالي من مقومات النقد المستبصر، كما هي الأمثلة المذكورة أعلاه، حتى يصل لقول "إن كتاب "مشكلة الشرق الأوسط" يظل من الكتب المهمة التي أصدرها الجمهوريون لأنه يضيء منهج التفكير السياسي الجمهوري على الأقل في تلك الفترة بطريقة بريئة في إنتقائيتها، طريقة تؤشر لتغول البراغماتية السياسية المغرضة - حتى لا أقول "الانتهازية السياسية"- على منطق الفكر الحر الذي لازم جهد التجديد الديني عندهم".. نعتقد، بصدق، أن هذا النقد الأخير يرد ليوضع عند عتبة الأستاذ حسن نفسه، فهو أحوج به من غيره..

    وبعد، فهذا المقال واضح القسمات، في زعمنا، وكل ما أردنا أن نقوله للأستاذ حسن فيه قلناه، دون مجاملة أو تحامل، وذلك بتقديم التدليل من كتاباته وكتابات الأستاذ محمود، ومن ثم بتحليلها حسب منهج واضح، لا يخلط الكيمان.. غريب الأمر أن مثل هذا المكتوب العجيب يصدر الآن، في ذكرى الأستاذ محمود، في وقت أصبحت فيه جموع الحركات السياسية التقدمية (ومنها اليسارية، من الجانبين العربي والاسرائيلي) عموما تنحو، بعد كل هذه السنين، إلى حصافة الطرح الموجود في كتاب "مشكلة الشرق الأوسط"، سواءا سمعوا به وبما فيه أم لم يسمعوا، في وقت أثبتت الأحداث المتتابعة بعد النظر في طرح الكتاب القديم المتجدد.. في مثل هذا الوقت، يأتي الأستاذ حسن بمكتوب يحاول فيه هدم مصداقية الكتاب وصاحبه (وليس عن طريق نقد مباشر لطرحه السياسي العملي، وإنما عن طريق تسويفات لا معنى لها، في محصلتها، وتفتقر للتركيز وجهد البحث العلمي)، وهيهات..

    قصي همرور
    يناير 2007


    http://www.sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?p=14201...04b3e5f67f3554#14201
                  

العنوان الكاتب Date
الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 05:28 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 05:29 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 05:30 PM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 05:31 PM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 05:34 PM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 05:37 PM
            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 05:47 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 07:46 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 08:02 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 11:20 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 11:51 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 11:52 PM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 11:54 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 11:55 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 11:57 PM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 11:58 PM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-05-08, 11:59 PM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 00:00 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 00:04 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 00:08 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 00:10 AM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 00:48 AM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 00:50 AM
            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 00:51 AM
              Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 00:52 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 01:21 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 01:23 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 01:24 AM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 01:25 AM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 01:26 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 09:00 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 09:03 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 11:58 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 11:59 PM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-06-08, 11:59 PM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-07-08, 00:00 AM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-07-08, 01:53 PM
            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-07-08, 02:15 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-09-08, 04:53 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-10-08, 03:08 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-10-08, 04:16 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-10-08, 04:27 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-10-08, 05:24 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-10-08, 05:32 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-11-08, 00:54 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-12-08, 01:45 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-12-08, 11:54 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-14-08, 05:34 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-14-08, 05:37 PM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-14-08, 05:43 PM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-14-08, 05:47 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-15-08, 01:56 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-15-08, 02:22 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-20-08, 06:41 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-23-08, 04:38 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-23-08, 04:41 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-25-08, 04:22 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-25-08, 04:25 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-25-08, 04:27 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-26-08, 02:49 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-26-08, 02:56 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-26-08, 03:34 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-27-08, 02:14 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-27-08, 02:38 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-27-08, 03:36 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-28-08, 10:23 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-28-08, 03:41 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-29-08, 01:38 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-29-08, 03:31 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-29-08, 03:33 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-29-08, 03:38 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-29-08, 03:11 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-29-08, 03:39 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-29-08, 04:34 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى Magdi Ahmed Elsheikh10-29-08, 05:12 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-29-08, 09:52 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-30-08, 03:50 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان10-31-08, 03:17 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-02-08, 00:37 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-02-08, 02:46 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-02-08, 03:47 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-02-08, 07:29 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-02-08, 07:31 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-02-08, 07:36 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-02-08, 07:39 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-02-08, 08:24 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-03-08, 02:25 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-03-08, 02:35 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-03-08, 02:39 PM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-03-08, 02:41 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-05-08, 00:59 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-06-08, 04:14 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-06-08, 04:56 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-06-08, 04:57 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-08-08, 04:09 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-08-08, 10:32 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-08-08, 10:33 PM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-08-08, 10:36 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-09-08, 08:32 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-10-08, 03:15 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى عبدالله عثمان11-10-08, 03:41 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de