مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-19-2024, 11:04 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالله عثمان(عبدالله عثمان)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-06-2008, 10:44 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه (Re: عبدالله عثمان)


    منصور خالد يرد لأول مرة على د.عبد الله علي إبراهيم
    نسخة للحفظ نسخة للطباعة أخبر صديق اضف تعليقك

    لا أحد يستطيع أن يتّهم شخصاً مثلي بالتخابُر

    هذه واحدة من خمس حلقات اجريتها مع د.منصور خالد على قناة (النيل الازرق) في برنامج (مراجعات).. في هذه الحلقة يفكك د.منصور الكثير من علامات الإستفهام حول صلته بالحركة الشعبية وحول الاتهامات التى وجهها له د.عبد الله علي إبراهيم عبر صفحات هذه المجلة في سلسلة مقالات (... ومنصور خالد) ونسبة لأهمية هذه المقابلة تنفرد (الخرطوم الجديدة) بنشرها كاملة.

    حاوره : رئيس التحرير



    > كنت في طريقك لأديس ابابا للقاء د.جون فرنق في الثمانينات فهل كان هذا أول لقاء؟

    < كانت هذه هي المرة الأولى التي التقي فيها مع د.جون، برغم أنه كان بالخرطوم يعمل في الجيش في قسم البحوث، ولكن لم يتح لي أن التقي معه في تلك الفترة، وهذا اللقاء في تقديري كان فاتحة لعلاقة توثقت فيما بعد، وكان الحديث منذ البداية يدور حول الوضع الراهن في السودان.

    > بالتحديد كان هذا اللقاء في العام...

    < 1984م، وأنا قادم من لندن، وكنت أقيم فيها، حضرت حسب ما ذكرت نتيجة للاتصالات المبدئية التي تمت عن طريق قريبه وليم بيور ثم عن طريق الأخ دولاش ويل وعقب لقائه مع د.خليل عثمان رحمه الله، وكان الحديث حول الوضع الراهن، وأكثر ما استرعاني في حديث د.جون أنه بدأ الحديث معي في قضايا تهمني، كان يعرف أنني كنت نائباً لرئيس اللجنة الدولية للبيئة والتنمية فبدأ الحديث حول الوضع البيئي في السودان وفي إفريقيا، وأيضاً تطرق الحديث إلى آرائي حول قناة جونقلي، وكانت هي موضوع رسالته للدكتوراة «الآثار الاجتماعية والبيئية لمشروع جونقلي»، وبالطبع هذه الاهتمامات لم أجدها في أي واحد من السياسيين الذين التقيت بهم ولا أذكر أن واحداً منهم كان قد تحدث معي حول لجنة البيئة والتنمية وما تقوم به هذه اللجنة وانعكاس ذلك على حال السودان..

    > ولكنك لم تكن في هذا اللقاء بالنسبة لـ د.جون ضيفاً عادياً أو زائراً عادياً؛ كنت زائراً من العيار الثقيل، زائر تحتاج ملاقاته إلى تحضير.

    < لا أظن ذلك؛ فدراسته عن الدكتوراة كانت عن البيئة وقناة جونقلي، ولذلك لم يكن في حاجة إلى تحضير، لكن كما قلت هذا جعلني أرى فيه رجلاً يهتم بسياسة القضايا أكثر من سياسة السياسة، ثم بعد ذلك بدأت اجتماعات شارك فيها آخرون من بينهم رياك مشار، دينق ألور، مارت ملوال رحمه الله، ثم التقيت فيما بعد بقيادات الحركة الأخرى.

    > متى قررت الانضمام إلى الحركة الشعبية؟

    < أستطيع أن أقول إنني كنت معداً نفسياً لذلك، وقد ذكرت قولي للنميري آنذاك أن السودان لم يعد كما كان نتيجة لإلغائه اتفاقية أديس أبابا، وهذا يعني أن أي رد فعل يأتي من الجنوب سيكون مبرراً، ولكن أي رد فعل ما كان ليستهويني لولا أن جاء في إطار نظرة سودانية شاملة لمشاكل البلاد، وهذا هو حال قرنق؛ لأنه كان ينظر إلى القضية السودانية بشكل أكبر ولا يعتقد بوجود ما يسمى بمشكلة جنوب السودان.

    > لم تكن تحتاج كثير عناء لتعلن انضمامك للحركة الشعبية؟

    < إطلاقاً؛ فقد كنت جاهزاً بدون شك، وهذا القرار لم يعجب كثيرين لأسباب مختلفة.

    > ما الذي كان مبهراً بالنسبة لك في شخصية قرنق؟

    < أولاً قدرته على التعبير عن نفسه، وإلمامه بالذي يدور في الساحة السودانية في الوطن ككل، ثم إلمامه بما يدور في الساحة الإقليمية، وحرصه على أن لا يستهين بالمستمع، يأخذ كل ما يقوله مأخذ الجد، كل هذه الأشياء تحببك في الرجل.

    > هل تعتقد أن قرارك بالانضمام إلى الحركة الشعبية كان مبرراً من الظروف التي كانت تحيط بك؟

    < لا تستطيع أن تقول أنه كان قراراً مبرراً ولكن وكما قلت لك أن هذا القرار سبقه موقفي جراء ما يحدث في السودان...

    > هل كان القرار نتيجة انفعال?

    < هو ليس نتيجة انفعال لأنه لو كانت هذه الحركة يقودها شخص آخر لا يتمتع بالصفات التي يتمتع بها قرنق ولا تكون أطروحاته بنفس الشمول الذي كانت عليه أطروحات جون قرنق لكان لي بالقطع موقف آخر.

    > الطيب صالح قال :«إن منصور خالد يسير في طريق وعر ولا أحسب أن أستاذه جمال محمد أحمد يرضاه له» ويعني بذلك الحركة الشعبية؟

    < هذا صحيح فبيني وبين الطيب صالح خلاف في النظرة إلى الهوية السودانية، (الطيب) بدون شك ليس عنصرياً بل عندما تقرأ ما يكتب في واقع الأمر ترى أنه يريد أن يعكس السودان بكل تكويناته. لكن الطيب ككثيرين من مثقفي الشمال، تتملكهم عروبية للحد الذي لا أقول ينكرون ولكنهم يهملون معه المقومات الأخرى للشخصية السودانية، وبالطبع كانت هنالك قراءة أخرى عند عديد من الناس لشخصية جون قرنق، فهم لم يكن ينظرون إليه باعتباره الشخص الذي يدعو حقاً إلى هوية سودانية شاملة بقدر ما كانوا ينظرون إليه كشخص راغب في إزاحة المكون العربي الإسلامي. هذه قراءتهم ولكن كثيراً من هذه الأفكار قد انتهت بدون شك خاصة بالنسبة للطيب صالح؛ لأنه تمت لقاءات بين الطيب وجون قرنق في لندن دار فيها حديث بينهما أزال كثيراً من هذا اللبس.

    > الأستاذ محمد أبو القاسم قال: «إن منصور خسر الشمال ولم يكسب الجنوب»!!.

    < د.محمد أبو القاسم صديق عظيم ومفكر متميز وكانت بيني وبينه سجالات كثيرة، وأنا أحترم كل ما كتبه، وخلافي معه في أنه كان يريد أن يحصر السودان في مثلث فكري لا كمثلث حمدي ولكنه مثلث فكري، وهذا ناتج عن توجهه العروبي!، بالطبع سقطت كل هذه التوجهات وأظن أن الراحل لو عاش لاصطحبني في الطريق الذي سرت فيه.

    > د.عبد الله على إبراهيم يقول: (وكثيرون من بين المهاجرين إلى الآخر كانت هجرتهم لأنفسهم ومنصور عندي سيد هؤلاء، بل إن هجرته إلى حركة قرنق هي أقرب في الدلالة إلى اللجوء السياسي منها من معانقة الآخر).

    < عبد الله على إبراهيم ينتمي إلى مدرسة يسارية أو تنسب نفسها لليسار وتظن أنها الوحيدة القمينة بقيادة اليسار في السودان، فعندما يحضر رجل مثل جون قرنق ويقلب كل المناضد أمامهم ويثبت أن لديه قدرة أن يحرك كوامن هذا الشعب بالصورة التي لم تستطع قبائل اليسار أن تفعل، أولاً هذا يؤذيهم، ويؤذيهم أكثر من هذا أن يكون من بين نصرائه شخص لا ينسبونه إلا لليمين، هذه قضيتهم وهذه قضية فيها من الحسد بقدر ما فيها من الغرور الكثير.

    > وماذا عن أن هجرتك لجوء سياسي أكثر منه عناق للآخر، فقد قال عبد الله على إبراهي< «إن عناق الآخر عند منصور لم يكن لله وإنما لنفسه ولذا لم تمس منه الشغاف فتزلزل دفين محفوظاته العرقية الأولية»، بمعنى أنه إذا ما غضب منصور استدعى كل مواريث العرقية القديمة وله في ذلك شواهد.

    < ماذا يعنى بذلك....؟

    > يقصد أن منصور متى ما غضب من أشخاص يستدعي أعراقهم ليتحدث عنها.

    < هذا حديث غير صحيح فأولاً أن العرقية مترسبة في أهل الشمال، هذا حديث لا يحتاج إلى شواهد، أنا عشت طوال الأعوام الماضية في منظمات دولية وكانت لي علاقات بمنظمات إقليمية أيقنت أنه من النفاق بمكان أن تتحدث عن ما يحدث في جنوب إفريقيا وأن تتحدث عن ما يدور في مناطق أخرى من صراعات قبلية في الوقت الذي ترضى عن أشياء أنت لا تقبلها مطلقاً لدى الآخرين في بلدك وأمثالنا كلها تشير إلى هذا فأي جنوبي يستدعي العرقية له مبرر لأننا بالرغم من كل ما نقوله عن المواطنة وحقوق كل المواطنين وعدم التمييز على أساس العرق لكننا ما زلنا نتحدث عن «سجم الحلة الدليلها عبد» وما زلنا نتحدث «العبد كل ما طال زاد سنو قلت قيمته» هذه الأشياء الإقبال عليها خاطئ من الجانبين، الإقبال عليها من جانب الشماليين وغير الشماليين أنا لا ألوم الأفراد العاديين.

    > لكنها ثقافة وأنت تتحدث عن ثقافة لها تأثيرها على السياسة!

    < ربما، ولكني ألوم المثقف الشمالي الذي لا يريد أن يعترف بهذا الواقع، ومن الجانب الآخر بالرغم من أن العرقية والرق كان لهما الأثر الكبير على السياسة السودانية إلا أنهما في نهاية الأمر ظاهرتان تاريخيتان، والرق كان وسيلة من وسائل الإنتاج في كل المجتمعات في الماضي ويجب أن ننظر إليه هذه النظرة.

    > إذا كانت القضية ثقافية في الأساس أو لم يكن مفيداً أن يبقى د.منصور بعيداً عن الحركة ليعالج من وسط من ينتمي إليهم ويسهم في معالجة هذه الأمراض الاجتماعية؟

    < نظرتك إلى هذه القضية نابعة من يقينك بأن الحركة حركة جنوبية منذ اليوم الأول، قال جون قرنق أنه ينشئ حركة وطنية تريد أن تنتظم كل السودان فلماذا الإصرار على أن هذه الحركة جنوبية ويجب أن تبقى جنوبية؟ في اعتقادي أن هنالك سبباً للسعي للوحدة بالرغم من كل الحروب لكننا لن نقبل بعد أن تكون هنالك حركة على رأسها جنوبي!.

    > هنالك اتهام يوجه إلى الحركة بأنها تقوم بتوظيف واجهات شمالية لتصبغ نفسها بما يجعلها تبدو حركة وحدوية لعلك سمعت هذا ولعله ارتبط بك وبالآخرين؟

    < هذا ليس بصحيح لو نظرت إلى الشماليين الذين كانوا يحيطون بجون قرنق وكانوا يلعبون دوراً كبيراً ربما كان أكبر من الدور الذي يلعبه الجنوبيون، لا يستطيع إحد أن ينكر أن ياسر عرمان كان له دور فعال في الحركة، ولا يستطيع أحد أن ينكر دور د.الواثق كمير، فكل أفكار جون قرنق التي ظل يتداولها كان د.الواثق هو الذي يجلس معه ويصوغها باللغة العربية واللغة الإنجليزية وبالتالي لا تستطيع أن تصف هؤلاء بأنهم واجهات.

    > أنت كنت كارهاً للأدلجة، جئت فوجدت الحركة يسارية أو ماركسية، وعندما قرأت لك بعض النقاط من منفستو الحركة قلتَ لي إن هذا تأثير الخطاب اليساري على الحركة، هل أنت من قدت هذا التحول نحو تعديل الخطاب ليكون خطاباً أقرب إلى الحضارة السائدة؛ خطاباً أقرب إلى الغرب؟

    < أولا تعبير (أقرب إلى الغرب أو الشرق) تعبير غير صحيح، جون قرنق مفكر ولم يكن ذا أيدولوجية مطلقاً فعندما سئل وهو في أديس أبابا عقب مؤتمر كوكادام عن آيديولوجية الحركة لم يقل إنه ماركسي، قال إنني لست ماركسياً أو اشتراكياً أو رأسمالياً، أنا سودانوي، وقال: قبل أن تكون لك أيديولوجيا لا بد أن تكون لك كينونة، إذاً هذه هي أفكار جون الحقيقية، هنالك مؤثرات بعضها يتعلق بالجو الإقليمي الذي كان يعمل فيه وبالجو الدولي الذي كان سائداً، ولكن في اللحظة التي وقع فيها هذا التحول بسقوط الهرم الشيوعي في العالم كان لا بد أن يغير أي شخص ناهيك عن رجل مفكر مثل جون قرنق يفكر في كل ما يفعل، الحقيقة الثانية أن القضية ليست قضية شمال أو غرب وشرق، في الواقع الذي سقط هو نظام متكامل، وسقوط هذا النظام كان لسبب واحد ليس لأن الرأسمالية نظام أمثل، الرأسمالية هي ليست الرأسمالية التي كان يتحدث عنها كارل ماركس وكان يتوقع أن تنهار من تلقاء نفسها، الرأسمالية هي نظام أفلح في أن يفعل ما لم تفعله اللينينية، أدرك بأن هناك واقع لا بد أن يتعامل معه فيما يتعلق برعاية الطبقات الفقيرة والعمال المعاشيين والنساء والأطفال، وأخذ كل ما حققته الدول الاشتراكية في هذا المجال وقلص من كل جموح الرأسمالية، من الجانب الآخر ظل الاشتراكيون أو اللينينيون يظنون بأن أفكارهم عقيدة لا يمكن لها أن تزول مطلقاً وأنه لا بد من الالتزام الحرفي بها، علماً بأنه حتى كارل ماركس نفسه كان يدرك هذه الحقيقة في خاصة نفسه فعندما تقدم فتى يدعي «لافارش» للزواج من ابنته كتب إلى صديقه أنجلس في رسائل ماركس وإنجلس، هذه الرسائل موجودة، ويقول له لا أريد لابنتي أن تتزوج شحاذاً ولكني سعدت عندما تسلمت رسالة من والد الفتى لافارش يقول فيها أن لافارش قد اكتنز مائة ألف دولار واستغل هذه الأموال لشراء سندات لحكومة نيو أورليانز في أمريكا، فإذا كان ماركس يدرك هذه الحقائق البديهية، فما بال الذين جعلوا من أفكاره عقيدة وأرادوا أن يتمثلوا هذه العقيدة في كل ما يصنعون وفي كل واقعة تجابههم، بدلاً عن إخضاع النظرية للواقع يفرضون هذه النظرية على ذلك الواقع وبالتالي انهار النظام!!.

    > عندما تقرأ منسفتو الحركة الشعبية في 1983م تجده يتحدث عن سودان اشتراكي ثم تأتي مقولة قرنق مؤخراً بأنه (سودانوي) لا بد أن نقول أن لمنصور خالد دوراً في هذا؟

    < لا أريد أن انسب لنفسي وحدي فضلاً في هذا، ولكن هنالك الكثيرون لعبوا دوراً بخاصة عقب مؤتمر توريت؛ لأن مؤتمر توريت هو الذي حدد الخط الذي لا نستطيع أن نقول أنه غير آيديولوجي ولكنني أقول أنه على الأقل أن تأخذ الحركة طريقاً براغماتياً.

    > هذا خط د.منصور خالد الذي كان يرفض اليمين واليسار ويريد أن يختط خطاً بعيداً عن الأدلجة؟

    < أنا لا أريد أن أنسب لنفسي الفضل في هذا ولكن كثيرين لعبوا هذا الدور.

    > طيب، عموماً في ثقافة الراحل د.جون قرنق، ما هو الدور الذي لعبه د.منصور خالد، فقد سمعت أنك كنت تمده ببعض الكتب الخاصة باللغة العربية كديوان المتنبئ!.

    < جون قرنق كان حريصاً على أن يتعلم كل شيء، كان حريصاً أن يتعلم اللغة العربية وبالتالي ترى أن جون قرنق في الثمانينيات ليس هو جون قرنق في نهاية التسعينيات. تعلم اللغة العربية، وكان صديقي الطيب صالح عافاه الله يقول لي دائماً لا بد أن تعلم يوهانس ديوان المتنبئ، نقلت هذا إلى جون قرنق وقلت له أن الطيب يقول أنك لا بد أن تتعلم العربية للحد الذي يمكن فيه أن تقرأ ديوان المتنبئ، وبالطبع هذا أمر عسير وهذا شأنه مع كل الناس، ففي لقاءاته مع علي عثمان كانا يقضيان الساعات الطوال في الحديث عن الأديان فيمده (علي) بما يريد مده به من القرآن وكان جون ليس فقط يناقش وإنما يسعى لاستكشاف المشترك بين القرآن والإنجيل.

    > فعلت هذا من قبل مع نظام مايو، ففي الملتقى الفكري حاولت أن تغير بوصلة النظام؟

    < في تلك المرحلة لا أستطيع أن أقول إنني فشلت لأن الذي كنت أسعى له هو الوصول إلى قاسم مشترك. في ذلك الوقت كنا نحسب إننا ننتمي إلى (القوى التقدمية) في الوطن العربي، ولذلك شارك في ذلك الاجتماع البعثيون, وشاركت فيه جبهة التحرير الجزائرية, وكمال جنبلاط الحزب الاشتراكي، وشارك حزب البعث بمصر ومن سوريا ومن العراق وكان ممثل العراق طارق عزيز، وبالطبع الحزب الاتحادي الاشتراكي في مصر، وكان الهدف هو الوصول إلى قاعدة فكرية يمكن أن يتعاون كل الناس في إطارها، لكن موقف الإخوة الشيوعيين لم يكن موقفاً فكرياً؛ كان عداءً سياسياً، بمعني أن شيوعيتهم سبقت ماركسيتهم.

    > هم واصلوا المعركة معك بعد التقييم الذي سموه بتقييم اتفاقية أديس أبابا وهم أول من أطلقوا الاتهام بعلاقتك بالولايات المتحدة الأمريكية، بدءاً أنا أسأل؛ لماذا هذا الربط الشديد بين د.منصور خالد والولايات المتحدة؟

    < دعني أبدأ بالأول وهو الحديث عن الاتفاقية، فإن أي شخص يصم هذه الاتفاقية بأي شيء هو في اعتقادي إما جاهل، أو مغرض غرضاً فاحشاً...

    > مقاطعاً : جون قرنق وصفها بأنها كانت اتفاقية أقلية؟..

    .< لا جون قرنق كان له سبب آخر، بالنسبة للقوى السياسية السودانية، فهذه الاتفاقية هي النص الذي توافقت عليه لجنة الاثني عشر وفشلت الحكومة آنذاك في تطبيقه، كل الذي فعلناه أننا أخذنا ذلك التقرير الذي أعدته هذه اللجنة وكان على رأسها رجلان أحدهما ما زال حياً هو الأستاذ يوسف محمد علي وهو من القانونيين المتميزين وكان صديقاً حميماً لي والثاني المرحوم عبد الرحمن عبد الله، إذن القضية هي ليست قضية المحتوى؛ فقضية الولايات المتحدة هو اتهام يطلق عليّ والغرض منه هو استهجان الآخر، وفي بلد تصبح فيه أخطر الاتهامات هي أسهلها لا بد أن يكون هنالك ثمة خطأ في التفكير، وعلى أية حال علاقتي بأمريكا علاقة لا أتبرأ منها؛ فهي لعبت دوراً في تكويني، بدليل أنني درست هناك، وبدليل أنني عملت هناك، وأمريكا ليست هي (بوركينا فاسو)؛ فهي بلد قضيتها ليست السياسة فقط، فهي البلد التي أنجبت 90% من حملة جائزة نوبل في السنوات الخمسة عشر الماضية، في العلوم المختلفة، حتى الذين نالوها من غير الأمريكان نالوها لأنهم أصبحوا أمريكان، ولأن وراءهم عقل جمعي أمريكي يعينهم على البحث، أمريكا أيضاً هي دور العلم، هي المكتبات، هي حتى أندية الجاز الذي استمع إليه كثيراً ويسعدني الاستماع إليه ولا أجد غضاضة في أن أقول إنني أستمع إليه.

    > لكنهم لم يكتفوا بأن يربطوا بينك والولايات بهذه الصلة الثقافية العامة بل مضوا إلى أبعد من ذلك إلى حد الاتهام بالتخابر؟

    < طبعا هذا حديث مكرور يتردد دوماً لكني أقول إن هذا الاتهام لسوء الحظ يجيء من أناس يمثل التخابر جزءاً هيكلياً من تكويناتهم؛ لأنهم يظنون أنهم جزء من منظومة فكرية معينة، وبالتالي من حقهم أن ينقلوا إليها كل ما يستطيعون نقله، أمريكا ليست هكذا، ولا يستطيع أحد أن يتَّهم شخصاً مثلي بالتخابر أو أن علاقته علاقة تخابر، علاقاتي في أمريكا بدأت من أعلى قمة فيها وما زالت، ولا أقول إلا قول المتنبئ: (مَن مُبلِغ الأعراب بَعدي أني شاهدت أسطاليس والإسكندر)، وأنا قد شاهدت أكثر من أرسطاليس وأكثر من الأسكندر في أمريكا وفي غيرها.

    > هناك علاقة خاصة تربطك بجورج بوش؟

    < نعم.

    > هذه العلاقة نشأت منذ السبعينيات؟

    < منذ السبعينيات عندما كان سفيراً لبلده في الأمم المتحدة. وكنت أنا سفير السودان في الأمم المتحدة كذلك.

    > ماذا عن اغتيال القنصل الأمريكي كيرتس مور.. هل صحيح أن العملية جائت رداً على محاولة إبعادكم السودان عن محيطه العربي؟

    < لا هذا ليس صحيحاً، القضية هي جزء من الصراعات الفلسطينية المختلفة، المجموعات التي سعت في أكثر من مناسبة إلى أن تلحق الأذى بأمريكا، وبالطبع السودان كان هدفاً هشاً، وكان رد فعل نميري رداً عنيفاً؛ فللمرة الأولي في تاريخ المنظمات الفلسطينية تقدم الدولة متهمين لمحاكمة وتدينهم.

    > اعذرني، أريد منك توضيحاً، ماذا عن هذه الوثائق في عدد من المقالات قدمت كدليل على اتهامك بالتخابر؟

    < مقال واحد، رسالة من جوزيف سويني الذي كان ممثل اتصال، في ذلك الزمان لم تكن في الخرطوم سفارات، كان هنالك من يسمون بضباط الاتصال، كان هناك ضابط اتصال أمريكي هو جوزيف سويني، وكان هنالك ضابط اتصال فرنسي يدعي بول كارتول أصبح فيما بعد سفيراً في عدد من الدول، وكان هناك ضابط اتصال بريطاني المستر ريتشارد، هؤلاء الضباط جميعهم دبلوماسيون، وكانت التقارير التي يكتبونها ترسل إلى وزارة الخارجية، وبالتالي تفتح بعد أمد معين، وهي ليست تقارير استخباراتية، وتقارير هذا الرجل بالذات، وهو بالمناسبة كان رجلاً عالماً لأنه يحمل درجة دكتوراة من هارفارد، وكان رئيساً لدائرة البحوث في وقت من الأوقات، ورسائله جميعها موضوعة في مكتبة آيزنهاور ومكتبة نيكسون ومكتبة ترومان وهي مكتبات مفتوحة للناس، والتقارير الاستخباراتية لا تُنشر، وعدم الأمانة في الإشارة إليها أن يكون في التقرير رصد لمن التقى بهم الرجل، وأن يتناول الكاتب الاسم الثاني عشر ويسميه (العميل الثاني عشر)، دون أن يذكر للناس أن الرجل الأول هو عبد الله خليل رئيس الوزراء ولا يمكن لرئيس الوزراء أن يكون عميلاً، الثاني هو رجل مثل عبد القادر يوسف هاشم مدير العمل ، أو يوسف مصطفى التني حادي الوطنية السودانية وكان نائباً لمدير العمل وكانت له أبحاث في نقابات العمال، سعد الدين فوزي أبو الاقتصاد السوداني، جميع هذه الأشياء تكشف غرضاً، وكما قلت هذا لا يقدم أو يؤخر خاصة عندما تجد عنصر الغرض في هذه الأمور.

    > كانت هذه رسائل إلى الخارجية الأمريكية، ولكنها بصورة ما إلى أفرع القوات المسلحة الأمريكية أو السي آي آيه وهو تقرير استكمل به ضابط الاتصال مذكرة سلفت بتاريخ 31 مارس وعنوانها الشيوعية في السودان!

    < طبعاً وغريب جداً أن يرى أحد اهتمام أمريكا بالشيوعية في السودان أو الشيوعية في كل العالم ما هو الغريب في هذا؟

    > أنت في حوار مع قناة الجزيرة ذكرت أنك كنت تتحدث مع الأمريكان بأن يأتوا إلى السودان وعن دور الاتحاد السو?ييتي وعن ضرورة التوازن ، كان حديثاً يُشتمّ منه أنك خدمت الخط الأمريكي في السودان؟

    < هو الخط السوداني وليس الأمريكي، السياسة السودانية سياسة لا عقلانية، يعني مثلاً قطع العلاقات مع ألمانيا قطع العلاقات مثلاً مع أمريكا نتيجة لمواقف سياسية اتُّخذت ولكن إذا نظرت إلى العالم العربي لوجدت أن عدداً كبيراً من الدول العربية لم تكن قد فعلت هذا، هل من مصلحة السودان البقاء في هذا الوضع أم لا، ولكن بعد اتفاقية أديس أبابا كان السودان يحتاج إلى دعم كبير لتنفيذ هذه الاتفاقية بخاصة بالنسبة للتنمية في الجنوب وكانت هنالك إقبال عظيم من جانب الدول الإفريقية حيث أعلن عدد من الرؤساء منهم الإمبراطور هيلاسي لاسي والملك الحسن في المغرب ونيريري أعلنوا دعماً لتنفيذ اتفاقية أديس أبابا، وكان أكبر دعم في تقديري هو ما قام به كابرال وكان رئيس لجنة التحرير في إفريقيا ، وقال: نحن لا نملك شيئا نقدمه، ولكننا نظن إن السودان قدم أكبر هدية للوحدة الإفريقية للوحدة الإفريقية بإكماله لهذه الاتفاقية، ولذلك نطالب منظمة الوحدة الإفريقية بأن لا تطلب من السودان أن يقدم دعماً لحركات التحرير الإفريقية كما كان هو الحال، حتى يستطيع أن يسخّر كل ما يملك لتنفيذ هذه الاتفاقية. وبعد الاتفاقية اتصل بنا وليم رودجرز كان وزير الخارجية وكان في تلك اللحظة في أنقرا يقول لي إنه ذاهب من أنقرا إلى صنعاء ويريد أن يحضر إلى السودان لنعلن سوياً إعادة فتح السفارة الأمريكية، فكان ردي عليه أن هذا القرار لم نتخذه بعد، فأجلنا هذا القرار لأنه كان قرار المؤسسات والمكتب السياسي ورئيس الوزراء، فلم تكن هنالك لهفة على التعاون مع أمريكا لكنني موقن بالأمس واليوم وغداً بأن السودان لا بد أن تكون له علاقات وثيقة مع الدول الكبرى في العالم ليس فقط لأنها دول كبرى بل لأن هذه الدول هي التي تهيمن على كبريات المؤسسات الاقتصادية الدولية، وأنت لا تستطيع أن تفعل شيئاً في سوق المال بدون شهادة صحة من صندوق النقد الدولي.

    > هذا إذا أغفلنا ضرائب بعينها على صعيد قرارك السياسي، يتوجب عليك دفعها في المقابل!.

    < ما هي الضرائب التي تدفعها؟، في رأيي أن لدينا انتفاخ ذات، ونعتقد بأننا أناس نتمتع بقدر من الأهمية يتيح لنا نوجه سير العالم، أنا أقول إننا بلد صغير له احتياجات معينة، ودول كثير أقامت علاقات وثيقة مع أمريكا ومع الغرب لم يطالبها أحد بأن تدفع ثمناً أو فواتير، فإن دولة كماليزيا تتعاون مع أمريكا تعاوناً وثيقاً استطاعت أن تحقق ما حققته، وهنالك دول عربية كثيرة تتعاون مع أمريكا، تونس مثلاً والمغرب، أما الحكومات التي أرادت أن تحشر نفسها في صراعات آيديولوجية من صنعها فيجب عليها هي أن تتحمل هذه المسؤولية وليس البلد، ففي نهاية الأمر يدفع الثمن البلد.

    > دكتور دعني أمضى بك نحو اللزال أو ما أسميه الصدمة؛ أعني الرحيل المفاجئ لـ د.جون قرنق، أين كنت وقتها، كيف كان تأثير الخبر عليك؟

    < حقاً كان الحدث زلزالاً، كنت في بريتوريا، وكان هنالك فريق من أبناء وبنات الحركة يتلقون تدريباً دبلوماسياً في بريتوريا تحت إشراف حكومة جنوب إفريقيا بمساندة بعض جامعاتها تمهيداً لانتمائهم لوزارة الخارجية، وكنت هناك لإلقاء محاضرة أدرجت في البرنامج، وجاءني الخبر، لم أصدق، ثم تأكدت منه. كان حدثاً مؤسفاً محزناً، وحتى الآن لا أريد أن أصدق أن رجلاً بحجم الدنيا قد رحل عن الدنيا.

    > لم ترثه برغم هذا الحزن الكبير فدموعك عبر القلم أبلغ، عندما توفي محمود محمد طه ذهبت تبكيه بالورق فلماذا كان جون قرنق استثناءً؟

    < جون قرنق يحتاج إلى أكثر من مقال، وأنا أعد كتاباً، صحيح أنه كتاب يتناول اتفاقية السلام ولكنه في الحقيقة يتناول دور جون قرنق في اتفاقية السلام.

    > أنت من من لا يؤمنون بنظرية المؤامرة ولكنك أمام هذا الحادث تبدو حائراً؟

    < صحيح، هذه القضية لا أريد أن أقول بأنها قتلت بحثاً، ولكن تم تحقيق قام به رجال على قدر كبير من النزاهة والمعرفة، ومثل هذه القضايا ستظل دوماً مكان سؤال، ما زال الناس يتساءلون حتى اليوم؛ من قتل جون كنيدي؟!.

    > يخشى البعض أن تصبح هذه القضية كقميص عثمان؛ يرفعه الناس كلما واجهتهم الأزمات؟

    < هذه حقيقة، لأن هناك من يستخدمه اليوم كقميص عثمان؟

    > من تقصد؟

    < أنت أدرى، اقرأ في الصحف من الذين يثيرون قضية موت جون قرنق؟

    > في الجنوب أم في الشمال؟

    < في الجنوب وفي الشمال، ولكن أكثرهم في الجنوب؛ لأن كل صاحب قضية يريد أن يحمل هذا القميص ليؤجج قضيته. لأنه من السهل استثارة الناس بهذا الأمر.

    > ما الطريق الناجع لقفل هذا الباب؟

    < أظن أن الإسراف في الحديث عن هذا الموضوع به تحقير للرجل، وبه إثارة ذميمة لأقرب الأقربين له؛ زوجته وأبنائه، ومن الخير أن يبحث الناس عن الطريقة المثلى لإغلاق هذه الصفحة.

    > في الثورات، دائماً ما يتحدث الناس برحابة الحلقوم، في الثورات تستطيع أن تزن لمن تشاء كيفما تشاء، عندما يأتي الحكم تنهض التحديات بوجه الذين جاءوا من كرسي المعارضة والثورة ليواجهوا تحدياً آخر كيف ترى تحديات الجنوب الآن؟

    < كثيرة، أولاً يجب أن نأخذ في الاعتبار الحركة الشعبية باعتبارها الحزب الأغلب في الجنوب، وهي تمر بالعديد من الفترات الانتقالية من مرحلة إلى أخرى، أولاً انتقالها من حزب كان يقود حركة تحرير إلى حزب سياسي، ومن حزب يكاد ينفرد بالسلطة في الجنوب إلى حزب يتعامل مع قوى سياسية أخرى، الانتقال أيضاً في القيادة، من قائد ظل معها منذ نشأتها إلى قائد جديد بالرغم من أنه رجل يحمل الشرعية وهو الشخص الوحيد الذي كان منتخباً مع جون قرنق، وأيضاً قضايا تتعلق بما ورثته هذه الحكومة، فيجب أن لا ينسى الناس أن هذه الحكومة تبدأ من الصفر، تذهب إلى المدارس فلا تجد إلا مباني مهدمة، تذهب إلى الجامعة فلا تجدها إلا أصبحت ثكنات عسكرية، تذهب إلى المستشفيات فلا تجد بها شيئاً، الطرق انمحت جميعاً، حتىتلك التي خلفتها حكومة أبيل الير. اللاجئون المرحلون من الداخل إلى الجنوب، كل هذه الأمور تسعى الحكومة إلى حلها، وهي مهمة صعبة ولكن هذا لا يجعلها متعذرة العلاج.

    > هل ترى الإيقاع منتظماً داخل حكومة الجنوب منذ مجيء الحركة الشعبية إلى الحكم، هل أنت راضٍ عنه، وهل يسير وفق خطة؟

    < الايقاع بدون شك لا يرضي أحداً، وعلى رأس هؤلاء سلفاكير، فما من مناسبة إلا وقف ونقد هذا الأداء في كل المجالات، بخاصة أن أمامنا فترة قصيرة هي الفترة الانتقالية لكن النجاح في أداء هذه المهام يتطلب شيئين؛ الأول يقع تحت مسؤولية حكومة الجنوب وهو الانصراف بكليتها لتحقيق المطالب الأساسية بالنسبة للجنوبيين، وأمامها مشروع متكامل ومدروس قدمته لجنة الـ(جيم)، وهنالك أيضاً لجنة التقديرات المشتركة، وهنالك أيضاً أموال موعود بها وهنالك أموال تأتي من عائدات البترول، فأنت بحاجة إلى أن تسخّر كل هذا لتلبية المهام الأساسية، الجانب الآخر هو مسؤولية الحكومة القومية، فإذا كنا نتحدث عن جعل الوحدة خياراً جاذباً فلا بد أن يكون لهذه الوحدة رايات يستطيع أن يراها الجنوبي حتى يقول والله هذه الوحدة أكسبتنا هذا أو ذاك.

    > هناك تحديات كالتكوين القبلي في الجنوب ثم الفساد، إلى أي مدى تعتبر أن هذين الأمرين يشكلان قلقاً؟

    < التكوين القبلي في الجنوب مشكلة كبيرة؛ لأنه ينعكس على قرارات كثيرة، أنت في واقع الأمر إذا أردت أن تتخذها بموضوعية لا تستطيع أن تصل إلى النتائج التي تصل إليها في اختيار الناس إلى مواقع معينة، فالجنوب غير محظوظ لأن ما وحّد أهل الشمال، خلافاً لما يرى الكثيرون، هو الطائفية، فقد لعبت دوراً مهماً في خلق وجدان قبلي يتجاوز القبلية والعشائر؛ فالمسيحية ليست مثل الحركات الصوفية، فقد ركزت على الصفوة وعلى نخب متعلمة ولعل المسيحية في الشمال القديم في مملكة سوبا انهارت لأنها كانت ديانة صفوية لم تنتقل إلى الجميع، انعدام هذه الرابطة قطعاً جعل عوامل الطائفية والعرقية والإثنية تلعب دوراً مهماً في السياسة وستظل، وبالتالي نحن بحاجة إلى معالجة هذه المسائل بالتعليم.

    > الفساد؟

    < الفساد ظاهرة، وحتى لا نرمي الجنوب بذلك الداء ثم ننسل منه، فالفساد ظاهرة في كل السودان، وهذه الظاهرة من أكثر الأشياء التي تدمر البلد، في الجنوب هنالك ثلاث مشاكل، المشكلة الأولى تتحدث عن القبلية، فجنوب السودان وجميع دول شرق إفريقيا كلها نجد أن الرابط الذي ينتمي إليه الفرد هو القبيلة والعشيرة والبطن، الدولة كيان لا معنى له، فأنت محتاج إلى أن تخرج من هذه العرقية بأن هنالك ما يسمى الدولة، فتوجد ضوابط وقوانين، والجانب الآخر يتعلق بالفساد هو الضعف الإداري في الجنوب، لم تكن هنالك قوانين في الماضي، كانت موجودة في أيام حكم أبيل الير في فترة الحكومة الانتقالية، هذه القوانين انهارت فالجنوب كله أصبح مسرح حرب ، فلا توجد قوانين ولا أشخاص بعينهم لأداء العمل، فبالتالي هنالك ضرورة لمعالجة موضوعية، الأمر الثالث، اللصوص؛ فهناك مَن لا يأنف أن يمد يده للمال العام، وهؤلاء في تقديري لا بد من قطع يدهم.

    > من خلاف؟ تطبّق عليهم الحدود؟

    < لا.. (يضحك)...

    > أحد الكتّاب قال إن الموت أنقذ قرنق الثائر من هذه التحديات الضخام؟

    < قرنق قبل وفاته كان يتحدث مع بعض أصحابه قال لهم ما كانت المسيحية لتنتشر لولا الحواريين، هذا حديث يصدر من رجل كان يعرف بأن دوره تاريخياً لا بد ان ينتهي في وقت من الأوقات وبهذا المنطق قد تستطيع أن تقول إنه حتى قرنق نفسه يدرك أن دوره ليس دوراً أبدياً، أن تقول إن الموت أنقذه من التحديات هذه وجهة نظر، لأنني عندما أنظر إلى السودان اليوم أشاركك الرأي، في تقديري لا يستطيع أي شخص معالجته إلا بعون من الله تعالى.

    > لماذا يتسرب لي الشعور بأنك يائس؟

    < لا أدري عندما أتيت إلى السودان، بخاصة بعد الاتفاقية، ظننت أن هنالك آفاقاً جديدة تمكّن أهل السودان من أن ينقذوا أنفسهم من ما ألحقوه بأنفسهم، فبالنسبة للسودانيين ليس هنالك أي سبب بأن يكونوا خلف دولة مثل كوريا التي كانت تعتبر حالة ميؤوساً منها، مثل ماليزيا التي نالت استقلالها بعد السودان وليس لها أية مقومات غير الثروة البشرية «العقل»، كنت أظن أن هذا يمكن أن يحدث، كنت أظن أن الحرب هي السبب، برغم أننا نحن من صنعها، لكن بدأت أظن أن هنالك مشكلة أكبر، فيكاد إحساسي يكون مثل إحساس يوليسيس عندما عاد إلى إثيكا وقال: عدت إلى البحث عن الوقت الضائع، نحن نلعب في الوقت الضائع، هذا هو حال السودان. أيضاً شهدت مظاهراً جعلتني أشعر باليأس، فالمشكلة ليست في الأحزاب السياسية بل هي في الثقافة السائدة، فقد تجد فتى يجد غضاضة في أن يصافح أخته، هذا لا يمكن أن يكون في السودان الذي كانت به مهيرة تركب الحصان وعائشة بنت أبو دليق التي أورثها والدها الخلوة ولم يورثها لأبنائه، فنحن نعيش في ألفية جديدة وفي عالم نريد أن ننافسه, ومع ذلك لا زلنا نظن أن صوت المرأة ينقض الوضوء.

    > تحدثت عن اعتزال العمل السياسي في أكتوبر 2003م قلت إنك إذا وصلت الخرطوم ستعتزل العمل السياسي وتتفرغ للأدب، فها نحن الآن في العام 2008م وما زال الدكتور يخوض في أوحال السياسة، متى تعتزل العمل السياسي؟

    < يتوقف على ما تعنيه بالسياسة. هنالك أوضاع حُملت عليها، فربما لو كان د.قرنق حياً لأحسست بأني يمكن أن أترك الساحة ولكن عندما أشعر بأن هنالك عبئاً أُوْرِثته مع آخرين فعلى الأقل يجب أن أؤدي ما يؤديه الآخرين.

    > سؤال أخير، هل في تاريخك السياسي ما يستحق ان تستغفر منه أمام الشعب السوداني؟

    < (أه!) ارتكبنا أخطاء كثيرة فكل مشاكل السودان اليوم أورثها جيلنا للسودان، فبالتالي نحن مطالبون بالعمل، أولاً مطالبين بالاعتراف بهذا، فنحن نغالط، كمثل صديقك الذي تحدثت عنه منذ قليل، بأننا ملأنا الفضاء ضجيجاً حول الاستعمار والعمالة للاستعمار ثم نحج إلى ديار هذا الاستعمار ونحن سعداء ولا نريد أن نلغي كلمة واحدة من الكلمات التي قلناها عن من كنا نجحدهم بالأمس ونجحدهم اليوم، لأننا لو لم نجحدهم اليوم لقلنا لهم بارك الله لكم في كسبكم الجديد.

    > دكتور، كلمتان للمستقبل ولشباب هذا المستقبل؟

    < المستقبل في هذا البلد لشباب هذا البلد وشابات هذا البلد ونصيحتي لهم بأن يمسكوا بزمام أمرهم بأنفسهم، وأن لا يصدقوا أحداً.

    > حتى منصور خالد؟.

    < حتى منصور خالد.!!.


    http://newkhartoum.khartoummag.com/view.asp?release=54&...tion=article&id=1247
                  

العنوان الكاتب Date
مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 08:35 PM
  Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 08:39 PM
    Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 08:40 PM
      Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 08:42 PM
        Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 08:43 PM
          Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 08:45 PM
            Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه حيدر حسن ميرغني10-06-08, 08:57 PM
              Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 09:23 PM
                Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 09:28 PM
                  Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 09:30 PM
                    Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 09:42 PM
                      Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 09:46 PM
                        Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 09:52 PM
                          Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 09:56 PM
                            Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:08 PM
                              Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:13 PM
                                Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:18 PM
                                  Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:21 PM
                                    Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:23 PM
                                      Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:29 PM
                                        Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:32 PM
                                          Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:36 PM
                                            Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:39 PM
                                              Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:44 PM
                                                Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:46 PM
                                                  Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-06-08, 10:52 PM
                                                    Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه مامون أحمد إبراهيم10-06-08, 11:17 PM
                                                      Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-07-08, 04:29 PM
                                                        Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-07-08, 04:31 PM
                                                          Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-07-08, 04:32 PM
                                                            Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-07-08, 04:34 PM
                                                              Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-07-08, 04:36 PM
                                                                Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-07-08, 04:50 PM
                                                                  Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-07-08, 09:03 PM
                                                                    Re: مجلة الخرطوم الجديدة: القائد والمعلم الأول محمود محمد طه عبدالله عثمان10-07-08, 09:04 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de