|
Re: في أربعينية محمد العباس أبا سعيد (Re: jini)
|
Quote: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم في أربعين أبي الزهراء كتبت حتى أدمت يداي ... وبكيت وأدمعت عيناي ... فاليوم مالِ بنات الكنانة لا تطاوعني ... بل تطاولني ... وأنا الخابِّرُ لَبِناتها .. السابر لبنياتها! ببنانٍ يمتلك يراع لم يراعي ما أراه وأراعني .. لقد روعني خبره !؟ أوجعني وأفجعني .. استرق مسمعي .. إسترَّق مجمعي .. أرّق مضجعي .. أجج موجعي .. لقد إنحبست ذرافات أدمعي ... وانبجست زفرات أضلعي .. فصحت شاهقاً بأن لا حول ولا قوة إلا بالله الواحد الأحد .. الفرد الصمد .. وصحوت شاهداً بأن الموت حق .. وكأسه دوار .. ينقلنا من دار البوار إلى دار القرار ... والأخيار منا إلى جنة عرضها السموات والأرض .. فلقد كان منهم كيف لا وهو الذي ... اقتادته صحبة الأخيار ... ليقتات من دوحة الأبرار .. ففي "كركوج" تلاقت الأرواح في دورة الأفلاك .. وتلاقحت في دائرة الأملاك .. مع السادة الأشراف "عليهم رضوان الله وسلامه" فكان طموحاً في تلقيه .. جموحاً في ترقيه .. حتى أصبح معروفاً بينهم بأنه من أهل المنال والنوال... لقد كان من أهل التقى والنهى .. نقاء في السيرة .. تقاء في السريرة .. لذا دوماً تجده من أهل الصدارة والجدارة .. حيث لا يألوا جهداً في المسابقة والمسارعة إلى الخيرات .. وقضاء حوائج الآخرين دون ما كلل أو ملل ... لقد كان متفرداً في نسجه .. متجرداً من نفسه .. سارقاً لذاته ..
لا قطٌ إلا فيه تشهده .. فكان صمته حديث .. وصوته صمتٌ .. ومابين صمته وصوته .. كانت تشدك إليه وتدهشك ابتسامته الراضية المرضية المطمئنة .. التي أكسبها الحياء حلية كمالٍ وكساها الصفاء حُـلّة جمالٍ فجمعت مابين خشوعٍ وهمس .. فحقيق علي أن أقول إنه مجمع البحرين وواسطة العقد .. وعنقود در الفراديس النفيس ... لقد كنت كثيراً ما أجالسه واستخلصه لنفسي واختلس منه الكثير .. الشهامة والشجاعة .. الجود والكرم .. السماحة والندى .. التحدي والتصدي .. العفة والرفعة .. الرفقة والسعة .. الحلم .. الصبر .. والكثير الوفير .. فإنه ينبوع ندى ومعين لا ينضب .. ولقد أوجز وأعجز الأستاذ محمد المكي إبراهيم حينما وصفه بزين الرجال الرزين .. وأشير وأشيد بالشيخ يحيى العوض الذي أثرى نشره ونثره الثر صحائف التاريخ.. ويشع نوراً ليشرق في ظلمات الدياجي والدياجر والليالي السود .. ولكن أخي الصباح لا ينبلج إلا بعد طُولِ وطَولَ عتمة الليل.. فحقاً إنك التوأم .. وقطعاً لقد رضعتما من ثديٍ واحدة .. فعذراً وشكراً لكل من أسهم بكلمة أو أدلى بدلوه .. في هذا البحر الخِضَم .. لقد كان شعبياً في وصاله ووصله .. كان لا يفرق بين كبيرٍ وصغير .. غني أو فقير .. كما كان دهرياً ورجل حبوب يحب أكل النعيمية والتقلية وملاح المفروم الأبيض .. ومن المشروبات الكركدي والعرديب والقنقليس "التبلدي" .. أما صدقت؟! يا آمنة .. يا وراثة الغرقان والفرقان .. فلقد كنت الحبيبة إلى نفسه .. إذ أهديتيه ولداً بعد أن ابتلاه الله بأن أسقطت زوجته وهي في شهرها السابع ذكراً .. فكفاك كُفي عن البكاء .. فقد تَبكِيني ولا أَبْكي بعده أحداً .. فقد كُفكِفت المآقي وجفت الأقاحي .. فلقاء الأحبة في الدار العامرة .. خيرٌ منه في دارٍ خربة تفرق بين رفيع و######## .. ووزير وخفير .. فكلهم من تراب وإلى تراب .. لقد تداعت عليه أيدي المنون .. وكأنه استخار واختار ذلك تأدباً .. بعد أن أكمل العمر النبوي تماماً وكمالاً .. فيا سبحان الله حتى في مماته كان غاية في التأديب .. وآية في التهذيب ... ثلاثٌ وستون عاماً كلها إخاء وإباء .. ورفاءٌ ووفاء .. عناءٌ وعطاء .. حياء .. صفاء .. راحٌ رحيبة نزيهة .. وروح مرحة لطيفة .. ورواحٌ وطلعة زاهية بهية .. لقد تداعت عليه كأمٍ شغوفٌ شفوق تُقبل وتُقَبِّل طفلاً غرير تهدهده في مهده.. تداعت عليه في دعة ورقة .. وَدَعَتْهُ .. وودّعته .. وأودعته راحلة الرحيل بلا حراك أو عراك .. بلا نزغٍ أو نزع .. فكان مماته نسك .. وختامه مسك .. أودعته راحلة الرحيل إلى مقيلٍ ونعيم مقيمٍ لا يحول ولا يزول .. رافلاً حافلاً بالحور والعين.. فإنه القنديل .. فأقدل يا مصطفى بين البوادي والحضر .. فأخوك بخيرٍ .. وعلى خيرٍ .. مع خير البرايا والبشر .. سيدنا وحبيبنا محمد "صلى الله عليه وسلم" .. والخطب جَلَلٌ جَلْجَلَ في الآفاق .. والمصيبة عظمى .. لجلجت الأعماق .. ولكن الله في عليائه أجلُ وأعظم .. وعزاؤنا أن ذكراك الطاهرة ظاهرة زاهية كالزهراء في غسق الدجى.. يا أبا الزهراء .. ولتنعم في علاك عالياً في أعلى العلا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وأسلافك الغر الميامين .. فأنت نورٌ تسلسل .. تسلل .. من نسل الأكرمين .. أنت نطفة الغرقان في بضعة الخواض.. فالخواض كراماته طافت الأرجاء .. فطفقت كل الأنحاء .. وطفحت بالكيل كيلٌ وزيادة .. وهو الجد من ناحية الأم .. أما جده لأبيه فهو الغرقان المكنى "بتوريك الحديد" فقد كان من أهل الوصال والكمال .. حتى أنه إذا أتى البحر سَحَراً .. فتلى آي من الذكر الحكيم .. تجد دابة الماء اشرأبت .. خاشعة خاضعة لذكر الله .. (وَخَشَعَت الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْساً ) فإذا كان هذا حال آل بيته وعترته وأهل عبرته فالمولى عز وجل قال في محكم التنزيل (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) وإنا لله وإنا إليه راجعون وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
المفجوع الموجوع أخوكم عثمان أبا سعيد الحاج المدينة المنورة 14 رمضان 1428هـ الموافق : 25/9/2007 |
|
|
|
|
|
|
|
|
|