|
Re: شهادات عن المغفور له بإذن الله الأستاذ حسن ساتي ..... (Re: Dr Salah Al Bander)
|
نعم.. وداعاً أستاذنا حسن ساتي حسن الجزولي
) لو كنت ملاك موت .. لصعدت عالياً عالياً.. وهويت إلى الأرض .. أدق عنقي ( الشاعر السوداني عادل عبد الرحمن
جاء راحلنا العزيز لمواقع العمل الصحفي من مهنة أخرى ليست لها أي علاقة بطبيعة الصحافة إلا أن ساتي إستطاع أن يؤكد أن العمل الصحفي هو مكانه الصحيح ومهنته التي إنتبه إلى تصحيح مساره إليها، والحقل الذي يجب أن يريق عليه عرق قلمه!. فقد ساهم بقدر كبير في ترقية المهنة بقدر ما توفر له من إمكانيات، خاصة سنوات قيادته وفريق عمله الصحفي بجريدة الأيام فترة النظام المايوي، تجلى ذلك في تدريب الصحفيين وإبتعاثهم لتلقي المعارف الصحفية ونيل الخبرات والتشجيع على الكتابات ذات المضامين الجريئة، وجهوده في إلحاق الاصدارة الصحفية بمكننة العصر التقنية، ومن الجانب الآخر فقد فتح كرئيس تحرير لأكبر صحف النظام الديكتاتوري المايوي قلبه وإمكانيات صحيفته لأعداد من الكتاب المناوئين لذلك النظام ، في ظل حجر حقيقي على حرية الكلمة والتعبير، وهو على علم تام بمرامي وأهداف تلك الكتابات، يفعل ذلك بقدر حدود إستطاعته متحايلاً بها على مقص الرقيب!. من ناحية ومن الناحية الأخرى لتأكيد أن حق الاختلاف في الآراء يجب أن يبتعد عن شطط الخصومة والحجر على إمكانيات الاستماع للصوت الآخر! وربما يشهد من عاصروه من الزملاء الصحفيين الذين عملوا معه وزاملوه بصحيفة الأيام كثيراً من المواقف التي تعبر تماماً عن إبتعاد الراحل حسن ساتي عن هذا الشطط في الخصام الفكري أو إستغلال منابر الرأي التي تحت إدارته لفرض أراءه الفكرية وحدها على الرغم من سيطرة أفكار الاتحاد الاشتراكي التنظيم الأوحد الذي ظل يصول ويجول في الساحة وحده في تلك السنوات!، إلا أن حسناً على أية حال كان من بين من وفروا للمعارضين مساحات بشكل أو آخر قدر حدود استطاعته وقدراته ولسان حاله يردد العين بصيرة واليد قصيرة!، إن أحد أبلغ المواقف التي نشير إليها هو موقفه من ترتيبات النظام المايوي لتصفية واغتيال الشهيد محمود محمد طه بمجموعة مقالاته التي كتبها داعياً فيها إلى التمهل وافساح المجال لافتراض حسن النوايا والابتعاد عن الايغال في الخصومات الفكرية! منبريا ًلذلك وحده تقريباً من بين جميع رجال ونساء الرئيس! .. الذين واللاتي لم تتوفر فيهم الحدود الدنيا من لياقة الشجاعة لغل أيادي السفاح ، وهي المواقف التي يمكن أن يشهد عليها من زاملوه من صحفيين في تلك الفترة!. ، ومن جانب آخر تحمل عبء هذه المواقف بإبعاده عن مواقع العمل الصحفي عند التحالف المتهافت بين النميري والمتأسلمين السودانيين في أواخر عمر النظام المايوي. كما تشهد له أعداد من الكتاب المبتدئين في تلك السنوات أحتضانه لهم ، فاتحاً إمكانيات الصحيفة لمقالاتهم وابداعاتهم، وفوق هذا وذاك الاعتناء بما يكتبون بابداء الملاحظات والنصح والارشاد دونما تعال أو تنطع. على المستوى الخاص فقد طوقني الراحل بعناية منذ أولى مراحل كتاباتي المتواضعة صحفياً وأدبياً، ضمن مئات من أولئك الكتاب والصحفيين المبتدئين . ومن جانب آخر فقد أولى عناية بكتابي (عنف البادية) منذ أن كان مشروعاً في المهد بتوفيره لمراجع نادرة وإرشيف خاص ضخم وإفادات وملاحظات سديدة أفادتني كثيراً. وبعد .. لربما يختلف معنا البعض حول هذا الذي نقول، ولكنا نؤكد أنها الحقيقة التي لم يسع حسن نفسه لترديدها لتبرير ارتباطاته كصحفي بنظام ديكتاتوري عسكري!، ظل يعمل لخدمة أهدافه حتى اللحظات الآخيرة من عمر النظام المخلوع بارادة الجماهير، ونحن على علم بأن الراحل تقبل كثيراً من الانتقادات حول مواقفه السابقة من نظام قمعي كنظام مايو، متحملاً ارتباطاته الفكرية السابقة مع النظام الديكتاتوي الأسبق، دونما جنوح لتبريرات واهية سوي أنه في الأصل( ليس سياسياً) كما ظل يقول!، مردداً أن ذلك من الأسباب التي حجبت عنه الرؤى ومساحات البياض، واعداً بنقد صارم لهذه المواقف علناً عبر سلسلة من مقالات أكد أنه أعدها لأجل هذا الغرض!. نعم فقد كان أستاذنا ساتي ديمقراطياً في إدارة حق الاختلاف قدر حدود إستطاعته وامكانياته ، وهو الأمر الذي تم تقديره من قطاعات في أوساط المعارضة السياسية ببريطانيا عندما انضم إليها راحلنا هرباً من عسف النظام المتأسلم الذي ضيق عليه الخناق بالسودان، ما خفف كثيراً من العداءات التي ووجه بها ساتي. إن من الصفات الأخرى التي خبرها فيه الأصدقاء والمعاصرون والمعارف وزملاء المهنة جهده الانساني في طلب التعارف والصداقة وفتح قلبه للصغير والكبير من هؤلاء وافتراض حسن النية والاسراع بالصفح والغفران حتي للذين يجاهرون بعدائهم ومواقفهم منه!. برحيل الأستاذ حسن ساتي هاهي مهنة الصحافة السودانية – و لم يمض على رحيل أستاذنا الصحفي محمد الحسن أحمد سوى فترة بسيطة - تفقد صحفياً بارزاً آخراً وقلماً كبيراً ومتخصصاً بثقافة عالية في تحليل الخبر الصحفي على المستوي المحلي والاقليمي والدولي.. إتفق الناس حول قناعاته ومواقفه أم اختلفوا ، وفي كل الأحوال فإن هذا موضوع آخر، ولكنا الآن في حضرة الشهادات التي تعظم وتذكر بمحاسن من عاد كوديعة طلبها خالقه!. فالرحمة كل الرحمة له. والعزاء موصول لأهله وذويه وأصدقائه وزملاء المهنة والمعارف من كل حدب وصوب، وللعزيز الفقيد الرحمة والمغفرة من قبل ومن بعد .. فوداعاً يا أستاذنا و صديقنا العزيز حسن ساتي.
|
|
|
|
|
|
|
|
|