أعتقد لم تفوتكم إعترافات الجبهجية هنا وهناك... والغريب أن لا أحد على رأس السلطة يعتذر أو يعترف أو يستقيل.. فكلها أعتذارات أو إعترافات، تأتي بعد ترك السلطة لهم وليس قبل تركهم للسلطة..
لذلك نترك الأمر في الحكم على مصداقيتها - بما لا يشوب حسن نوايانا - لكن غير ناسين أننا مؤمنين لا نلدغ من جحر واحد مرتين.
وقد طالعت بإهتمام إعترافات الدكتور على الحاج التي يكشف فيها اسرار إنقلاب الانقاذ على الديمقراطية وحكمهم للسودان باسم الإسلام الذي وإن رفع عنه يده أو رفعت إلاّ أن مسئوليته في المشاركة فيه ما زالت - في نظري - قائمة، حتى يرفع الضرر عن كل مواطن سوداني تضرر من هذه المؤامرة.
وأحببت أن أوثق لهذه الإعترافات والتي جاءت في صيغة إعتذار مبطن يشبه إعتذارات الدنماركيين بعد إساءتهم لسيد الخلق في نتيجتها التي لم ولن تقدم الكثير خاصةً للشعب السوداني الذي عاني ويعاني الأمرين من حكم الجبهجية.
وفي إجابة علي الحاج على سؤال حول سبب الخلاف حول السلطة وإنفراط عقد الإسلاموين يعترف:
بضعف الوعي والإدراك إلخ .. وبالطغيان (ويحضرني هنا الطغيان والتعالي في تطبيق النصوص الحدية والتأديبية على الآخرين ناسين ذواتهم "محمود محمد طه، مجدي، شهداء رمضان وكل من نقش على ذاكرة الوطن) حيث يقول:
Quote: ضعف وعينا وادراكنا لتفاعلات السلطة ودخلناها بمفاهيم و علاقات التنظيم دون وضع هامش او مساحة بينهما الا في ما ندر ولم نكن نتحسب لما يمكن ان تفعله السلطة من تغيير في الاشخاص رغم اننا من الناحية النظرية كنا نتلو القرآن ونمر علي الآيات وكانها تخاطب اشخاصا اخرين غيرنا والآيات تتري وتتداول،،الخ (كلا ان الانسان ليطغي، ان رآه استغني، ان الي ربك الرجعي ) ( والعصر ان الانسان لفي خسر، الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر) وهذه السورة نتلوها دبر كل لقاء تقريبا وكنا نحسب الانسان الذي في خسر هو شخص آخر غيرنا نحن الذين نتلوا هذه الاية !! (ان قارون كان من قوم موسي فبغي عليهم ....الخ) هذا فضلا عن الاحاديث النبوية.. الخ ولا اود ان اتحدث عما توصل اليه الارث الانساني في قضايا وتفاعلات السلطة والتي لاشك ان هنالك عددا منا له نصيب منها الا انها تظل نصيبا نظريا بيد انها بنيت علي تجارب وممارسات انسانية ( السلطة مفسدة، و السلطة المطلقة تفسد إفسادا مطلقا).
ويعترف بعدم وجود المحاسبة واستشراء الفساد فيقول:
Quote: عدم المحاسبة وعدم وجود المؤسسات المحاسبية بدون شك في ظل الثقة التي تحدثنا عنها وبغياب المحاسبة يصبح كل شيء وارد من طغيان وفساد وافساد
ومفارقتهم في ذلك لشعاراتهم الدينية التي تاجروا بها:
Quote: ان الاسلوب الذي اتبعناه في المحاسبة او عدمها ومهما كانت دواعيه الا ان هنا لك تباينا بينه وبين الهدي القرآني ! ونهج السنة المطهرة والخلفاء الراشدين
ويواصل اإعترافات:
Quote: لم نستفد من التجربة التي وصلت اليها البشرية بتجاربها غير المهتدية بالدين في بعض الاوقات وهذا لا يقدح فيها طالما انها اجتهادات ونتاج لتجارب بشرية وليدة الخطأ والصواب وانا هنا لا اتحدث عن تجارب البشرية في اي شيء وانما تحديدا في مجال المحاسبة المؤسسية و التي قد تطال اي شخص في اطار الدولة !!
ويترف بالأجندة الخفية للنظام:
Quote: هذه الاجندة الخفية كانت تغطي مساحات واسعة ومن ضمنها الاستغلال الكامل للاجهزة الامنية لا من حيث ممارساتها المعلومة داخليا وخارجيا وحسب! وانما من حيث تكوينها وتركيبتها. وايضا طالت قطاعات اخري ذات اهميات اقتصادية واستراتيجية ...الخ كما تعلمون. وهذه الاجندة الخفية ما زالت تمارس حتي اليوم لانها اصبحت سمة واضحة ولذا فان تفسيري لكثير من التناقضات التي لا تخطئها العين والتي يعجز الكثير من المراقبين عن تفسيرها هي تقع في دائرة الاجندة الخفية وهذه قد تطال كل شئء في السودان ومع اي شخص (بلاحدود وبلا قيود) !!!
ويعترف أخيراً بفضل الديمقراطية على نظامهم الشمولي، ناسياً أن الجبهة الإسلامية القومية هي الحزب الوحيد الذي رفض التوقيع على ميثاق حماية الديمقراطية. واليوم يدرك الجبهجية بفهمهم الذ اعترفوا بتخلفه ما وعيه الشعب بكافة قطاعاته من أهمية الديمقراطية والمحاسبة والشفافية وأن وجود السلطات الثلاث (قضاء تشريع تنفيذ) مستقلة مع وجود أحزاب حرة وإعلام حر ونقابات حرة وخدمة مدنية نزيهة ومنظمات مدنية وطلابية مستقلة وحرة هي صمام الأمان لنماء ووحدة الوطن.
Quote: النهج الغير معلن والذي كنا نسير عليه حتى في القضايا المهمة، وغياب الاعلام، اضف الي ذلك طبيعة النظام الشمولي .. كلها ساهمت مساهمة فاعلة وسالبة ورغم المحاولات الجادة السابقة واللاحقة في الانتقال بالنظام من الشمولية الي الديمقراطية الا ان الشمولية مازالت غالبة وكنت احسب ان مشاركة البعض في مناقشة واقرار وثيقة تسمي الدستور كنت احسب ان هذه المشاركة في حد ذاتها من الناحية السياسية والادبية والاخلاقية...الخ كفيلة بان تُحترم تلك الوثيقة، ولكني كنت مخطئ فيما ذهبت اليه،وهذا المثل الذي اسوقه سيلقي بظلاله علي اية وثيقة تكتب مستقبلا مهما كان نوعها وكنهها، ومهما شهد عليها الشهود، واقسم عليها من اقسم.. اللهم الا ان تكون من المعلقات، ولكن لا ادري اين تعلق ؟وانا هنا لا اتحدث عن المعارضة وموقفها الرافض للدستور!!
وعن الدستور الذي خرقوه بإنقلابهم المشؤوم يعترف:
Quote: ان الدستور لا بد من الالتزام به ما دام قد تواضع عليه الناس ولا يمكن ان يعدل الا بالطريقة المنصوص عليها فيه.
أرجع لأقول ما قلته من أنني أحببت أن أوثق لهذه الإعترافات والتي جاءت في صيغة إعتذار مبطن يذكرني إعتذارات الدنماركيين بعد إساءتهم لسيد الخلق في نتيجتها التي لم ولن تقدم الكثير خاصةً للشعب السوداني الذي عاني ويعاني الأمرين من حكم الجبهجية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة