الشلوخ في أغنية الحقيبة ... التغني بها... ومحاربتها

Quote: فلقد أسعدتني بحديث الذكريات عن صديقي المرحوم الشاعر المبدع الحسين الحسن.. وزاد من سعادتي معرفتي لأول مرة بأن ديوان شعره كان قد نشر بالفعل، وأن عندك نسخة ستطلعني عليها آخر الأسبوع عند حضورك إلى مسقط .. وأنا أتطلع إليها بشغف عظيم..خاصة وأنه قد عرف عن الحسين أنه شاعر مقل، حيث أن الكثير من شعره لم يكن منشوراً. وقد تنبه لذلك صديقنا المرحوم علي المك؛ وكثيراً ما كان يحثه على النشر. وأذكر أنه استأذن صديقه الحسين في السماح له بنشر بعض القصائد (من زمن الجامعة) التي كان الشاعر قد (أقام عليها الحصون!)، وذلك في الصفحة الثقافية التي كان يكتبها الراحل علي المك في جريدة "الرأي العام" في منتصف السبعينات.. فكان أن خرجت للنور وأضيفت للتراث الأدبي قصائد كان الأخ الحسين (يخبئها من فضول البشر!). من الجدير بالذكر أن صداقة حميمة وزمالة فكرية تربط بين الحسين وعلي المك.. ليس فقط لاشتراكهما في البرنامج الثقافي الناجح (فرسان في الميدان)؛ بل نشأت قبل ذلك بعقود، عندما كانا يحرران سوياً جريد (الغد) التي كانت تزدان بها جدران دار اتحاد طلاب جامعة الخرطوم في ذلك الزمان، لما كانت تحفل به من أشعار وموضوعات أدبية رفيعة. الصداقة وزمالة الدراسة التي تربطني مع الراحل الحسين الحسن ممتدة من مدرسة الأبيض الأميرية الوسطى، ثم خورطقت الثانوية، ثم جامعة الخرطوم (وإن كان هو في كلية القانون، إلا أنه قد جمعت بيننا داخلية بحر الغزال ذات النكهة الخاصة). وإلى جانب ذلك ربطت بين أسرتينا صداقات عائلية ذات جذور تاريخية في مدينة النهود العريقة والجميلة..جددها جيلنا من خلال النشاط الثقافي والاجتماعي لاتحاد طلاب كردفان (فرع النهود).. وتواصل حبل صداقتنا في السنوات الأخيرة من حياة الراحل العزيز عندما كان يعمل مستشاراً قانونياً بمسقط.. وأذكر أنه – عليه الرحمة- كان يحدثني عن بعض الصعوبات المتعلقة بنشر ديوانه في بيروت (لذا خلته لم ينشر). لقد أتاح لي ذلك القرب مع صديقي الراحل العزيز الحسين الحسن، وبالذات في سنوات الشباب الزاهية، أن أكون لصيقا بمعظم قصائده، العاطفية منها والوطنية..ملما بخلفياتها، بل معاصراً للظروف التي كتبت فيها، ومحتفياً بها عند مولدها. ويتميز شعر الحسين بالعذوبة.. والسلاسة.. بل وينطبق عليه وصف (السهل الممتنع).. وإلى جانب الشعر كان للحسين تذوق عالي للموسيقى، وكان يجيد عزف الكثير من الآلات الموسيقية.. ولعل في ذلك تفسير لموسيقية أشعاره. أما عن الصديق الذي (أدهشه السؤال) فسوف أحاول عصر الذاكرة بقدر ما أستطيع لتذكره.. فقد أصاب الذاكرة الكثير عبر العقود الطويلة منذ أن كتب الشاعر الراحل قصيدة (الخصل المجنحة).