|
جماعات الهوس الديني تفاقم الأزمة الشاملة في البلاد
|
جماعات الهوس الديني تفاقم الأزمة الشاملة في البلاد
نحن في الحزب الشيوعي السوداني ندين الإساءة للإسلام والنبي محمد(ص) وقد نشرنا موقفنا هذا في صحيفتنا وصحف أخرى.
إلا أننا في ذات الوقت ندين الاعتداء على السفارات والسفراء انطلاقاً من موقفنا المبدئي المتعلق بالعلاقات من الدول والاعتداء على مواطنيها وقتلهم بسبب جريمة ارتكبها فرد من دولة أخرى. وعلى الذين يتشدقون بالإسلام عليهم ان يتبينوا مرامي الآية الكريمة( ولا تزر وازرة وزر أخرى).
السؤال الذي يفرض نفسه، أين كان هؤلاء الغيورين على الإسلام وليس رسوله وحسب عندما حللت سلطة الإنقاذ التعامل بالربا ونهبت أموال الحج والعمرة وفي الزكاة أختلس بند يسمى مال في سبيل الله. ولهذا فان الهدف وراء هذا الهيجان يستبطن قضايا أخرى تحت غطاء الدفاع عن النبي الكريم(ص).
إنه مقدمة لتمكين جماعات الهوس الديني من تضييق الخناق على السلطة لفرض الدستور الإسلامي ومصادرة الديمقراطية وكافة الحقوق التي كفلها الدستور والمواثيق الدولية بما فيها حرية الأديان.
ومن جهة أخرى فهو يستهدف أيضاً قطع الطريق على المفاوضات الجارية الآن في أديس أبابا لحل القضايا العالقة وتطبيع بين الدولتين الشقيقتين. وهم يضعون في مقدمة خياراتهم الاعتداء على دولة الجنوب وإعادتها بقوة السلاح كجزء من الشمال لنهب خبراتها واستعباد مواطنيها تحت ستار أسلمه الجنوب.
ان حكومة حزب المؤتمر الوطني هي التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن ما حدث، لأنها هي التي شجعت هذه الجماعات منذ نعومة أظافرها ومولتها وسمحت لها ببناء قلاع ضخمة تحت ستار بناء المساجد ، واصبحت تضم مئات الآوين اليها طلباً للأكل والشرب والمأوى مقابل غسل أدمغتهم ودفعهم للقيام بأي عمل يخدم مصالحهم الدنيوية وتحت ستار الدين أيضاً.
وبدلاً من مراجعة السلطة سياساتها تجاه هذه الجماعات قال نائب رئيس المجلس الوطني هجو قسم السيد في تصريحات بالبرلمان في 16سبتمبر2012، ان البرلمان عبر لجنة الأمن والدفاع يستدعي وزير الداخلية ويستفسره عن ما وقع من الشرطة تجاه المواطنين!! نحن ضد استعمال الشرطة للعنف ضد التظاهرات المشروعة التي يكفلها الدستور للمواطنين. ولكننا نتساءل أيضاً، أين كان البرلمان هذا عندما استعملت أجهزة الأمن ومليشيات المؤتمر الوطني أبشع أنواع العنف ضد مظاهرات الطلاب والنساء والمواطنين الآخرين وملحقة الأذى الجسيم بعدد منهم واعتقلت المئات لفترات طويلة وعذبت البعض.
أليس هذا كيلاً بمكيالين إحدى كفتيه ترجح لصالح تمكين جماعات الهوس الديني وتشجيعها على السير فيما هو معلن من برنامجها وما هو مستبطن منه.
وكانت النتيجة الطبيعية هو ان تعبر الإدارة الأمريكية عن سخطها بإجلاء موظفيها من السودان وتحذر مواطنيها من السفر إليه وتهدد بنقل سفارتها من الخرطوم الى نيروبي. وأعلنت بعض البلدان الأوربية أنها ستحذو مثلها. فهل هذا يفيد السودان في شئ أم أنه يعمق من أزمته التي تستعين فيها سلطة الإنقاذ وتستجدى بعض هذه الدول للقيام بالوساطة في كل ما يخص السودان، حتى في سد عجز الموازنة . ولهذا فان حديث عضو القطاع السياسي لحزب المؤتمر الوطني عن ان ( السفارة الأمريكية في الخرطوم مبنى بلا معنى) لا يعبر عن الواقع. فعبد العاطي بحكم موقعه الوظيفي يعلم تمام العلم أن انف السفارة الأمريكية مغروسة في أخص خصائص بلدنا، بما في ذلك دفعها الحكومة الى زيادة الضرائب وتحسين تحصيلها. وهي التي تسهم عبر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في رسم السياسة الاقتصادية والمالية للبلاد. فكفي تبريراً لما تفعله جماعة الإسلام السياسي والهوس الديني وما سيترتب عليه في مستقبل البلاد، بل وحتى مستقبل القابضين على السلطة الآن.
ولا نستغرب تحدث النظام بلسانين. لسانه الآخر عبرت عنه وزارة الخارجية عبر وكيلها رحمة الله محمد عثمان أنه يأمل ان لا تؤثر الاحتجاجات التي شهدنها السفارة الأمريكية الجمعة الماضية على العلاقة بين السودان والولايات المتحدة. وأكد أنها لن تؤثر على علاقة البلدين وستكون حادثاً عابراً معزولاً وسوف ينتهي بانتهاء أزمة الفيلم المسي للإسلام.
يحدث كل هذا الهوس في الوقت الذي تشير كل الدلائل الى ان النوايا الحسنة بين البلدين ربما تقود الى حل لكل المشاكل العالقة بين البلدين. وفي وقت وصل فيه فريق الوساطة من الاتحاد الأفريقي الخرطوم أمس الاثنين 17 سبتمبر 2012م لتسليم مقترح حول آبيي للبشير وينتقل الى جوبا لتسليم سلفاكير ذات المقترح لإبداء الطرفين ملاحظتهما على المقترح قبل إجازته والمصادقة عليه بالجمعة 21/9/2012م أيضاً في وقت أكد فيه الناطق الرسمي باسم الحكومي في المفاوضات السفير بدر الدين عبد الله أن يتم التوقيع بالأحرف الأولى على كل الملفات التي يجري حولها التفاوض مشيراً الى أن التوقيع النهائي في ختام المفاوضات في هذه الجولة التي اعتبرها الأخيرة.
لقد أصبحت سيناريوهات دعاة الحرب وأساليبهم المتعددة مكشوفة لشعب السودان الذي لم يتجاوب معهم وأفشل مخططهم لتصعيد حادثة الفيلم لتخدم كل برنامجهم.
ومن هذا المنطلق فإننا نحيي بحرارة شجاعة الفتيات اللاتي خرجن في مظاهرة صامته تحمل لافتات كتب عليها (أنا مسلمة. أنا ضد العنف. لا لإساءة للأديان…الإسلام دين سلام) ووجدت تظاهرتهن تأييدا واسعاً من الشارع السوداني عبر عن نفسه في تصفيق المارة لهن واستمرار أبواق جميع السيارات بالصوت العالي استحساناً لما صرحن به أمام الجميع عن ان مبادرتهم تحض على مكافحة العنف واحترام البعثات الدبلوماسية ورعايا الدول الغربية والأجنبية وعدم تعريض حياتهم للخطر.
اتساع مثل هذه المظاهرات الشجاعة ضد دعاة الهوس والديني الذي يستبطن الإرهاب لجماً للرأي الأخر هو الذي يلقمهم حجراً ويفشل جميع مخططاتهم التي ليس من بينها حماية الإسلام مهما علا صوتهم بادعاء ذلك.
|
|
|
|
|
|
|
|
|