الثنائي/ د.( محمد جعفر +الصادق حسن).. بجمهورية مصر في الثمانينيات...تجربة ثرة يجب أن لا ننساها

Quote: ظلت الإشاعات طوال ذلك اليوم و اليوم التالى له تطلق و تتوارد بشكل مكثف ومستمر بأن قوات الإحتياطى المركزى تعد لمداهمة واسعة للسفارة والهجوم على المعتصمين و كان السفير و زمرته خلال المفاوضات يزدادون عنجهية و تعنتاوهم من وراء كل ذلك يسعون إلى إشاعة جو من القلق و الرعب و عدم التوازن وسط جموع الطلاب المعتصمة باعتقاد ساذج منهم بأن عود الطلاب سيلين ،،، و هم لا يعلمون أن عود الطلاب متل عود مركب عرب ود أزرق الضارب فى تاريخ بحر أبيض من الجبل للجبلين ،،، المصنوع من غابات جزيرة أبا و قلى محط انطلاق شرارة ثورة الامام أبوفلجة ،،، الشوال ، المرابيع ،،، الكوة ،،، أبو حبيرة ،،، مرورا بفرسان المهدى (ود النجومى ، الدباسى ، ود الزاكى) ،،، الجمالاب و ود شلعى ،،، الدرادر ،،، القطينة ،،، و أبوقوتة "بلد أم فتفت و كبدة الإبل و الشطوط و الوحوحة" ، مرورا بود الكريل ،،، و بركات الشيخ الياقوت و إنتهاءا بجبل الأولياء الصالحين الذى ما فتئ ينجب و ينجب كما أنجب من قبل رفاقا لنا عاصروا التجربة و كانوا من أبطالها "محمد سيد أحمد ، عبدالرحمن سوركتى ، إلهام شمس الدين" ،،، عود مركب عرب ود أزرق لا يلين فقد ظل يحمل خيرات بحر أبيض من سنة حفروه إلى يومنا هذا ،،، البياض و البلطى ، الكأس و الكوارة ، السنكيج و القرقور ، أبو البلبوط و التامبيرة بت أعم الحوت و غيرها من مشتقات السمك (أو "السمج" بلغة أهل الخليج) من ابداعات و صادرات اهل بحر أبيض الطيبين ، الكجيك ، الفسيخ ، و التركين التى ضربت السودان طولا و عرضا جنوبا و شمالا شرقا وغربا وامتزجت مع كسرة الصاج الرهيفة و كسرة القدح ، و عصيدة الدخن زاد أهل غربنا، و قراصة الشمالية "محس ، سكوت ، حلفا ، رباطاب ، شوايقة ، و دناقلة يا رسول الله ،،، عود مركب عرب ود أزرق هو عود كل أهل بلدنا ،، زنج ، عرب ، نوبة ، و عجم ،،، و هو أيضا كان عود الطلاب المعتصمين أبوضبة الأملس الما فيه ملكة ،،، فقد عجز السفير و زمرته من العسس و كلاب الأمن عن الإمساك به أو بطرف من أطرافه ،،، و ظلت الجموع صامدة ،،، هتافاتهم داوية ،،، و كانت سهير عمر الفاروق لا تزال بأعلى صوتها تنشد "يا شعبنا يا والدا أحبنا"،، و أمال عباس بنبرتها الحادة القوية تردد "يا هولاكو الزمن إتغير" ،،، و محمد جعفر على مسرحه الخاص يتلاعب بكلمات محجوب شريف و يطوعها كيفما شاء ضاربا بلغة النحو و الإعراب عرض الحائط "ده كله بنتهى ،،، ود أم بعللوا بنتهى" ،،، و بين كل فقرة و أخرى كانت الهتافات تتجدد ،،، و كان المشهد برمته مدهشا ،،، رائعا ،،، أيادى الطلاب المعتصمة داخل السفارة من على شرفات السفارة تلوح موازية لشجرة السيسبان الفارعة القائمة على حافة الجدار المثلث المطل على بوابة السفارة و هى تظلل جزء كبير من الحشود المعتصمة خارج السفارة و هم يفترشون بقايا جرائد الأهرام ، الجمهورية ، و المساء (يا مية مساء عالناس الكويسة) ،، و الجدار المتين لخوذات عساكر الإحتياطى المركزى و هى تطوق المعتصمين من كل الجهات بشكل هلامى ، أميبى غير منتظم ،،، و على اليمين و اليسار ،،، و هناك من بعيد على ناصية طرمبة البنزين المطلة على شارع القصر العينى منظر دهشة المارة الذين يجبرهم المشهد للتوقف و يثير فيهم الحيرة والتاساؤلات ،،، و منهم من يقترب ثم يعود ليواصل طريقه ،،، و أغلبهم يكتفى بالتوقف لبرهة ثم يواصل سيره ،،، و على الرغم من إشاعات التهديد و الوعيد التى أطلقتها كلاب الأمن بالمداهمة فإن اللوحة و المشهد العام كان مصدر زعر و رعب بالنسبة للسفير و زمرته ،،، و فى تلك الأثناء و تدعيما للموقف العام و لمزيد من الضغط على السفارة فقد تم الإتصال مرة أخرى بالأستاذ فاروق أبو عيسى و إخطاره بتطورات الوضع و إخطاره بتلك التهديدات التى تطلقها قوات الأمن بمداهمة المعتصمين،،، و قد قام بدوره بالإتصال بالسفير و تحميله للمسئولية الكاملة عن أي أذى أو أضرار قد تصيب الطلاب ،،، و كان لتلك المحادثة أثر إيجابى كبير على الإعتصام و المعتصمين،،، ونواصل