الى الذين تسللوا الى جامعة فاس المغربية -نداء عاجل

Quote: مقالات ومحاضرات الدكتورعبد الله الطب بجامعة فاس المملكة المغربية ==================== اعداد سيف الدين عيسى مختار ==================== تقديم.. === تهيبت الكتابة عن البروفسير عبد الله الطيب عليه رحمة الله، إمام هذا العصر في اللغة العربية وآدابها بلا منازع، إدراكاً مني بصعوبة تجشم هذا الأمر، وخوفاً من التقصير في حقه والقصور عن مداه. لكنني رأيت أن لا أحرم القراء الأعزاء من هذا الكنز المخبأ في بطون المجلات والإصدارات المتخصصة، والتي قد لا تتهيأ أسباب إعادة نشرها مرة أخرى. فرأيت أن أجمع ما تفرق من مقالات كان المرحوم قد نشرها في هذه المجلات، وأعيد نشرها عبر جريدة الخرطوم الغراء ومن ثم جمعها في كتاب. وهي فكرة ظلت تراودني منذ رحيل البروفسير في اليوم الثامن عشر من شهر يونيو 2003 م، ولكنني ترددت في الإقدام على إنجاز هذا العمل حتى شجعني على ذلك كل من الحاجة كريزلدا الطيب التي رحبت بالفكرة ووعدت بمساعدتي في هذا الخصوص، والدكتور الباقر أحمد عبد الله المدير العام لجريدة الخرطوم، والأخ العزيز عبد الخالق حموتي الذي زودني بطائفة من محاضرات البروفسير عبد الله الطيب بكلية الآداب ببجامعة محمد بن عبد الله بفاس، والأستاذ عبد الخالق حموتي أحد طلبة عبد الله الطيب النجباء وما أكثرهم في المملكة المغربية ولقد قدر لي أن أعيش مخاض العديد من هذه المقالات، منذ أن كانت فكرة في ذهن عبد الله الطيب والى أن استوت مقالات توفي الموضوع حقه بالكامل، في ثوب قشيب، وحلة بيانية زاهية. وقد يلاحظ القارئ أن معظم هذه المقالات كتبت خلال الفترة من عام 1978م وحتى عام 1986م، وهي الفترة التي مكثها عبد الله الطيب في المغرب أستاذاً زائراً في جامعة فاس. وتعتبر من أزهي فترات حياته، فقد راق له جو هذه المدينة التاريخية العريقة والبيئة العلمية والثقافية التي تتمتع بها، تزامن ذلك مع سياسة الملك الحسن الثاني رحمه الله، ذلك العاهل المثقف الذي أراد أن يجعل من المغرب مملكة للعلماء وموئلاً للمثقفين، فحفز مشاهير الأدباء والعلماء للإقامة به، وأقام الندوات الرمضانية، وكرم العلماء وحث شعبه على تعلم اللغات الأجنبية ومن أقواله المشهورة : (الأمي في هذا العصر ليس هو الذي لا يعرف القراءة والكتابة، بل هو الذي يتحدث لغة واحدة). في تلك الفترة كانت الجامعات المغربية تستقطب العديد من كبار الأدباء العرب أمثال الدكتور نجيب البهبيتي الذي يقول عنه البروفسير عبد الله الطيب أنه (أفضل من كتب في الأدب الجاهلي) ، والدكتور تمام حسان رائد علم الألسنية في الوطن العربي، والدكتور فخر الدين قباوة صاحب التصانيف العديدة والفريدة في النحو العربي وفقه اللغة، والدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطيء) والدكتورة فوقية حسين محمود، إضافة إلى الأدباء المغاربة الدكتور عبد السلام الهراس، السرغيني ، الدكتور محمد بن شريفه، الدكتور عبد الوهاب التازي، الدكتور محمد زمامه، الدكتور ابراهيم السولامي، حسن المنيعي، احمد المديني ، الدكتور عباس الجراري ، وغيرهم، وكانت الساحة الثقافية تعج بالعديد من المجلات والإصدارات الثقافية التي تشكل حقل تنافس شريف بين هؤلاء المبدعين، منها مجلة المناهل وهي مجلة تصدرها وزارة الدولة المكلفة بالشئون الثقافية بالرباط، ومجلة (دعوة الحق) وتصدرها وزارة الأوقاف والشئون الدينية المغربية بإشراف جامعة القرويين بفاس، وإصدارات كليات الآداب وغيرها، إضافة إلى الندوات شبه اليومية التي كانت تقام في هذه المدينة. وما أن استقر عبد الله الطيب بفاس وطاب له فيها المقام حتى سحر كل المهتمين بالأدب والثقافة بصفة عامة بعلمه الغزير وذاكرته القوية وأسلوبه المميز، وأصبحت داره العامرة قبلة للأدباء والشعراء والعلماء. بل أصبح معْلماً من معالم مدينة فاس، فما من زائر لجامعاتها إلا ويخص عبد الله الطيب بزيارة خاصة، يلتقى على شرفه أهل الفكر والأدب فيتهادون الكتب ويتناقشون. وقد يتفقون على فكرة كتاب أو مقال أدبي أو ندوة ثقافية، لذلك تميزت المقالات والأبحاث التي كتبها في تلك الفترة والتي تمثل عصارة فكره ومنهجه. وكان عبد الله الطيب يرغب في جمع هذه المقالات في كتاب لكن القدر لم يمهله، والحقيقة أن معظم كتبه، على ما هي عليه من الجودة والإتقان، لم تحظ بطباعة جيدة، وخاصة كتبه: (من نافذة القطار)، و(من حقيبة الذكريات) و (بين النير والنور)، و (القصيدة المادحة ومقالات أخر). وكان دائما ما يشتكي من رداءة الطباعة، بل الأدهي أنه أصدر في وقت مبكر مجموعة من القصص القصيرة مثل (مشرع السدرة) و (نوار القطن) وغيرهما طبعت مرة واحدة ولا تكاد توجد في المكتبات، وكانت لديه نسخة واحدة من كل منها في المغرب أضاعها، وبدا متحسرا جداً في صيف عام 1983م على ذلك وظل يبحث عنها في المكتبات ولدى الأصدقاء حتى مغادرتي للمغرب عام 1983م، ولكم آمل أن تنشط اللجنة المكلفة بجمع تراث البروفسير عبد الله الطيب في تجميع تراثه وتقديمه للناس. لعل الذين قدر لهم أن يعرفوا عبد الله الطيب عن قرب قد يذكرون أنه عندما تتملكة فكرة ما وتختمر في ذهنه، يكثر من الحديث عنها سواء في مجالسه الخاصة أو في المحاضرات التي يلقيها وكأنه يسترجع تفاصيلها ويستجمع متفرقاتها، ويعيد الحديث عنها مراراً وتكراراً حتى يكاد المتلقي يحفظ ما يقول من جمال حديثه وأسلوبه الفريد في المخاطبة أو المحاضرة. فإذا كتب عن ذات الفكرة تناولها بلغة فخمة جزلة وعبارة فارهة وايقاع داخلي يتدفق حيوية ودفق احساس تشعر معه كأنك تسمع الحديث لأول مرة، وذلك لأنه كان قد امتلك ناصية البيان في الكتابة والخطابة معاً، أسلوبه في هذه يختلف عن طريقته في تلك، وقلما تجد بين الأدباء من يمتلك موهبة الكتابة والخطابة معاً. لقد كان واسع الاطلاع عليه رحمة الله، يافعة في الحفظ، منظما في حياته عكس ما قد يخيل إلي البعض، فإذا بدأ الكتابة انصرف إليها كلية، يتخير الأقلام التي يكتب بها، ويكتب بخط واضح، وكل من جلس إليه يدرك تماما أن ما كتبه عبد الله الطيب لا يمثل إلا نسبة ضئيلة جداً من مخزونه المدرار. في هذه السلسلة من المقالات عن : القاضي عياض، وابن خميس السبتي، والمتنبي، وأبي تمام، والعروض بين الأخفش والخليل بن أحمد، وحافظ وشوقي. ورأينا أن تكون البداية مع القاضي عياض لمكانته في الفقه والأدب والنقد والشعر، ولأن هذا المقال يوضح أسلوب ومنهج عبد الله الطيب في البحث وآرائه في العلاقة بين علم مصطلح الحديث والنقد الأدبي . كما يعتبر هذا المقال ثمرة من ثمار تلك الندوات التي هيأها تواجد ذلك العدد من كبار الأدباء في مدينة فاس، ولعل جانبا كبيرا من المناقشات حول إصدار عدد خاص من مجلة المناهل عن القاضي عياض تم في منزل البروفسير عبد الله الطيب. صدر العدد في شهر يناير 198.م في حوالي سبعمائة صفحة تناولت آثار القاضي عياض وإنتاجه في مجال الفقه والحديث والأدب، شارك فيه كل من الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطيء)، والدكتورة ابتسام مرهون الصفار (وهي عراقية كانت محاضرة بكلية الاداب بفاس)، والدكتور محمد بن شريفه، ومحمد الكتاني، وعبد السلام الهراس، ومحد زمامة، وعبد العلي الودغيري، إضافة إلى عبد الله الطيب، وكل هؤلاء كانوا محاضرين بفاس، مما يؤكد مدى الحضور الفاعل والمساهمة الكبيرة للبروفسير عبد الله الطيب في الثقافة المغربية والعلاقات المتينة التي أقامها في الأوساط العلمية والثقافية بالمغرب ليصبح علما من أعلام هذا العصر في الآداب والدراسات الإسلامية. ثم إن هذه الشهرة تجاوزت أهل التخصص الي العامة عن طريق مشاركاته في الدروس الرمضانية التي كان العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني يقيمها، والتي ظل عبد الله الطيب يشارك فيها حتى بعد انتهاء عمله مع جامعة فاس، وقد بلغ الإعجاب بهذه المحاضرات أن قام الملك الحسن الثاني بمعانقته اثر إلقاء عبد الله الطيب لمحاضرة عن (القصص في القرآن الكريم) ولم يفعلها الحسن الثاني مع أي عالم آخر، على الرغم من أن هذه المحاضرات الرمضانية كانت تضم مشاهير العلماء والأدباء في العالم الإسلامي، والمؤمّل أن تقوم اللجنة المكلفة بجمع تراث عبد الله الطيب بالحصول على هذه المحاضرات القيمة من وزارة الثقافة المغربية. وقد ختمنا هذا الكتاب بمحاضرات عبد الله الطيب التي ألقاها على ط######ة الأدب العربي في جامعة محمد بن عبد الله بفاس خلال الفترة من 1978م والى 1986م، وقد جمعها الأستاذ عبد الخالق حموتي وأرسلها الي عبر البريد الالكتروني، ولقد بلع اعجاب حموتي باستاذه عبد الله الطيب أنه كان يصف وهو يدون محاضراته الزي اذلي كان يرتديه، والعبارات التي يتفوه بها اثناء القائه للمحاضرات ، فاذا انتهينا الى أوقات الفراع كان حموت يعيد لنا المحاضرة بنفس أسلوب عبد اله الطيب عليه رحمة الله، ولم أتحسر على شيء تحسري على عدم اهتمامي بالتوثيق أثناء اقامتي بالمعرب، فلقد شهدت محاضرة رائعة عن العلاقات المغربية السودانية ألقاها عبد الله الطيب في ثانوية ابن خلدون بفاس، وذلك أن خريجي المدارس الثانوية المغربية يشكلون اثر تخرجهم جمغيات للتواصل مع المدارس تسمى (جمعيات قدامى الخريجين) ينظمون محاضرات سنوية ويدعمون المدارس ماديا ومعنويا، كما ضاغت محاضرة لعبد اله الطيب القاها في ختام المهرجان الثقافي الذي أقامه الطلبة السودانيون بفاسا أواخر العام 1980م، وكنت قد اعددتها للنشر في مجلة كلية الآداب بجامعة فاس، الا ان الموت المفاجيء للدكتور محمد استاذ الأدب الفارسي والمشرف على مجلة الكلية حال دون نشرها، ومن بعد ضياع نصها. عبد ا الله الطيب لم يكن استاذا جامعيا فحسب، بل كان نيلا آخر تدفق في شعاب الأطلس ونشر الخصب والنماء أينما بلغ فيضانه، عليه رحمة الله تعالى سيف الدين عيسى مختار