الى الذين تسللوا الى جامعة فاس المغربية -نداء عاجل

Quote: عبد الله الطيب .. الشاعر الفلاح (2-3) =================== بقلم إدريس مصطفى على حامد ===================== الشاعر لا ينفك يحن وفاء لموطنه اين ما اتجه وشاعرنا حينما غادر الى سمرقند بآسيا الوسطى لم ينشغل بحصونها ومناراتها التى أقامها المغول ، وكذلك حين زار مصر لم تشغله حضارة الفراعنة بأهراماتها وهياكلها العجيبة الصنع ، ونما شغله الريف فى كل من سمرقند ومصر بخضرته وبيوت الفلاحين لأنها أثارت حنينه الى موطنه وعشيرته وبيوتهم التى من الطين يقول : وذكرناك بسمرقند ورمناك والمزار زور واخضرار كريف مصر وفلاحون والأرض لونها مغبر والبيوت التى من الطين أشبهت بلادى فدمع عينى ثر ونعود معه من غربته لنرى إحساس الفلاح يتجلى فى فرحة حين مزرعته طال برسيمها وقد حان اوان حصادها وبيعه يقول : ومزرعتى طال برسميها واقبل تاجرها يقضب ثم لنتذوق معه أشهى ما أنتجته أرضه من الذرة الشامية وهو ما يعرف عندنا بـ(عيش الريف) وذلك حين يجتمع مع أسرته ليأكل أشهى ما اقتطفه لنا سنابل الذرة النضرة لتشوى على الجمر وبعد ان يتم نضجها على الجمر وحين يسلبها الشاعر أوراقها فتبدو كأنها فتاة بكر خجول يقول: شوينا السنبل النضر على الجمر عليه حلة خضراء فيها خمل تبرى تذيب النار أعلاه وفى اطرافه تسرى وتلك الحبة السمراء تنشق من الذعر ويغشى جانبيها عرق ليس بذى قطر اذا نحن سلبنا ارانا خجل البكر ثم ينقلنا عن رائحة السنابل المشوية على الجمر الى منظرها وهى فى الحقول تتراش حين تهب عليها رياح أنفاس الفجر الباردة ، فنعرف ان الذرة الشامية من المحاصيل الشتوية فى الريف السودانى ويبدى الشاعر إعجابه بنهر النيل الذى غمر الأرض بالخصوبة وكم يطيب العيش بجانبيه يتدل . ألا يا حبذا النيل الخصيب العيش من نهر وذاك السنبل الراعش فيه نفس الفجر ونطوى شقة العيش مسوقين ولا ندرى وبعد ان عرفنا حنينه فى تذكرة لعشيرته وهو بعيد عنهم وأطعمنا من بعض المأكولات التى أنتجتها بيئته الريفية ننتقل بعد ذلك مع حاستى سمعه وصبره واللتان نكشف بها ثاقب مشاهدته للجمال المادى والمعنوى فى وصفه جمال محبوبته وذلك حين يصور بهجة نفسه وسروره بإقبال المحبوبة نحوه بفرحة فرخ طير جائع اقبل والده عليه بالغذاء صورة مأخوذة من حياة الطيور تدل على دقة ملاحظته وإعجابه الشديد بجمال طبيعة الريف ، يقول : وعيناك اقبلنا بالغذاء الى فرخ مهجتى الجائع وبالماء اقبلتا وبالغذاء وبالروض والأفق الواسع ويظهر الوصف الحسى لجمال محبوبته حين وصف حسنها بحسن حقل لم يحصد بعد يقول : وإذا أنت تعشق تلك الفتاة وشيطان فتنتها مارد وحقل تعاجيبها لم يكن الم به المنجل الحاصد ونعرف من وصفه للجمال محبوبته ان حبه لها نابع من حبه لجمال الريف بذلك فريقها عنده هو الكوثر الشهي الذى هو النيل وشفتاها هى الثمار التى تقتطف لتعجبهما وحلاوتهما ، ولكن شاعرنا لا يقف عند صور بالمألوفة فى وصف النساء لان ثاقب مشاهدته للجمال تابى الا ان يكشف عن اخفي أنواعه وبعينية فى ذلك حس الفلاح العارف بأطيب وأدق أنواع الجمال فى مزروعاته ، لذلك كانت المحبوبة عنده طازجة كالخيار الذى تم نضجه وهى كاجمل ما تكون النخلة حين تكون عراجينها محملة بالرطب من التمر الطازج يقول : وعندها الكوثر الشهي وفى الريف هواها الثمار تقتطف طازجة كالخيار أخطاه المنجل عرجونها نهاية رطب ويصف بهجة إشراق وجه المحبوبة بنضارة لآلاء الرجلة النضرة فى الرمل ويعد قربها منه نعمة كهذه النعم التى تتوافر فى مزرعته يقول : ذكرتها اذ رايتها بادي الراى إلا أن قربها نعم خضراء كالرجلة النضيرة فى الرمل لآلاء وجهها ضرم ولان حسه الفلاحى يشعره بان الغروس فوائد لذلك كانت المحبوبة من غرسة غرسها فى فؤادي يقول : انى غرستك فى فؤادي اننى أهواك جدا والغروس فوائد ولان الفلاح من شيمته التوكل على الله وانتظار رزقه الذى يكون رحيبا وكذلك كانت محبوبته عطاء من الله لانها هى النيل الذى به يكون ريفه مخضرا وعيشه رحيبا فهذا العطاء الجميل يشعره بان يكون شكورا لله يقول : هى من عطاء الله فاشكره انه مما يزيدك ان تكون شكورا عيشى بحبيبها رحيب انها نيل أشاهد ريفه المنظورا ويصفها بانها حورية فى جمال جسمها وشعرها فوق الكتف يتدل ومن قدميها الى رأسها حورية والشعر فوق الكتف لا يأخذنك أيها القاري الحصيف نفور ذوقك الحضرى من أوصافه جمال محبوبته بأنها كالخيار الطازج أو الرجلة النضيرة أو أنها حورية شعرها فوق الكتف لان الشاعر يكشف لنا فى شعره عن عالم الريف وهو عالم محدود بالنسبة لحياة الحضر ومع ذلك فهو يذخر بالتجارب الإنسانية ويفتح للإنسان ممارسة الحياة بخيرها وشرها فى منابعها الأصلية . ========== يتواصل المقال ...

صورة تجمع بين الراحل البروف / عبدالله الطيب وعقيلته الدكتورة / كرزيلدا { جوهرة }