الى الذين تسللوا الى جامعة فاس المغربية -نداء عاجل

Quote: في الغرفة 128 استطعنا خلق جو سوداني حقيقي، الويكة والكشنة والشرموط، والفول والعدس، والطمبور الذي لم يكن يفارقني والكتب السودانية المختلفة، وصاج القراصة، واشرطة التسجيل لمعظم الفنانين، وخاصة أغنيات محمد الأمين ووردي وترباس وصديق أحمد والنور الجيلاني، وكانت أغنيته (الرحلة بعيدة بعيدة بعيدة، مكتوبة على وبمشيها) كثيرا ما تروق لصديقنا التجاني محمد من ابناء خريبكة، وكان اذا لعب الروج بعقله طلب سماع هذه الأغنية ليرددها مركزا على الآهات ثم يبكي بكاء حارا، أما صديقنا انجيلي محمد فقد كان مولعا بالأغنيات الشعبية السودانية من شاكلة (يا بلال علي سنة سنتين شوية)، أو اغنية عبد العزيز المبارك (ليه يا قلبي ليه تاني رجعت ليه) وقد ذكرت طرفا من ذلك في مداخلاتي السابقة. وكانت مائدتنا في العطلات يؤمها المغاربة الذين ذاقوا من خلالها الفول المدمس لأول مرة واخذوا ايما مأخذ بالاريحية السودانية التي كنا نجسدها بعفوية وتلقائية في تعاملنا مع بعضنا البعض أو مع المغاربة أنفسهم، ولأن سكان الغرفة كانوا جميعا من أصحاب المنح فقد وفر لهم ذلك استقرارا ماديا لا بأس به واصبحت الغرفة 128 من ثم محطة لكل السودانيين أثناء فترات الراحة بين المحاضرات، كما شهدت لقاءات ثقافية وفنية ومناقشات هادفة، خاصة مع الطلبة المغاربة الذين كانوا مغرمين بالاشتراكية والمناهج الحديثة في السياسة والأدب.