الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 02:48 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-22-2012, 08:00 AM

Magdi Is'hag

تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 1986

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب (Re: خالد العبيد)

    Quote:
    *****************
    الكتاب الثاني
    اليوم الثاني – ذكر ما جرى
    عدنان زاهر
    الصباح
    دوت طرقات عالية على أبواب الزنازين ذلك الصباح، استيقظنا متوترين فأجسادنا كانت لا تزال تعبة وتحمل آثار الليلة السابقة . صدرت الأوامر بفظاظة أن نصطف على السطح . الساعة كانت تبدو حوالي الخامسة. كان علينا أداء الصلاة وعلى حراسنا التأكد من أن عدد المعتقلين كامل ومطابق لكشوفاتهم . كان التعداد دقيقا بالرغم من أن الهروب من ذلك السطح كان صعباً للغاية اٍن لم يكن مستحيلاً ، واذا تم فأنه يتطلب قدراً من المهارة العالية و التنظيم والدعم الخارجي مما كان منعدماً في حالتنا . كان اجراء الحصر في ذلك الصباح يتم بطيئاً ، وغالباً ما يكون سرعة وبطء اجراءات الحصر خاضعاً لسادية الحارس ومدى استمتاعه برؤية المعتقلين الذين كانوا الى وقت قريب يحتلون مكاناً مرموقاً في الدولة او الشأن العام وهم يرتجفون من البرد والإهانة . ذلك البطء في اجراءات الحصر أتاح لي ولأول مرة فرصة النظر من ذلك السطح والتأكد من الأماكن التي تحيط بالعمارة ، ولدهشتي اكتشفت أن منزل رئيس الدولة (( عمر البشير )) لا يبعد أكثر من مائة متر من ذلك السطح . ومن ذلك الموقع المرتفع كان يمكن رؤية كل ما يجري في فناء داره ، وتأكد لي أنه لا بد أن يكون عالماً بكل ما يجري على ذلك السطح . المنازل الأخرى التي تقع بالقرب من منزل رئيس الدولة كانت خاصة بالوزراء وكبار قادة الجيش والخدمة المدنية ، هذا يعني أن تلك العمارة – منبع الارهاب ومستنقع العنف – تقع داخل قلب السلطة . حكى لي أحد المعتقلين القدامى على ذلك السطح ، أن أحد المعتقلين وكان (( كنغولي )) الجنسية ، وعندما شرع الحراس في تعذيبه أفلت من بين أيديهم ووقف على السطح مواجهاً لمنزل رئيس الدولة منادياً ، مستغيثاً به ومستنجداً . بالطبع لم يسمعه الرئيس أو سمعه ورفض مد المساعدة ، المهم نال ذلك الشخص عذاباً مريراً على فعلته تلك ، كما كان نتيجة ذلك فرض مزيد من الاجراءات القمعية من ضمنها تقييد المعتقل عند تعذيبه .
    بعد أن تأكد الحراس من بقائنا على سطح العمارة أحياء أمرونا بالصلاة والرجوع الى أماكننا . في حوالي السادسة سمعت أحد الحراس يردد أسمي عالياً ويأمرني بالخروج الى السطح . عند خروجي كان هنالك أربعة أشخاص في انتظاري ، وقبل أن أعرف ما الذي يجري انقض علي اثنان من الحراس وامسكا بذراعي ووضع الثالث قيداً من الحديد عليهما. كان لذلك القيد أو الطوق خاصية مدهشة اذا جاز لنا استخدام ذلك التعبير ، وهو أن تضيق حلقته عند الساعد عند قيام الشخص المقيد به بأدنى حركة مما يعني الضغط على الساعد حتى مرحلة ايقاف سريان الدم في العروق و الشلل التام. أن البشرية في مسيرة تطورها تتفنن في اختراع وتطوير أدوات تعذيب البشر و انتهاك حقوقهم. كم هو غالي ثمن التطور في هذا العالم ! لم أكن مجرماً في يوم من الأيام كما كنت أرفض مطلقا أن أكون مقيداً ، لذا ألجمتني الدهشة.
    ثم دفعني بقوة وأنا في ذلك القيد الى مكان يقع خلف الزنازين ، وأمام أحد نوافذ تلك الزنازين تم ايقافي . وضع طوق جديد حول أرجلي ومن ثم تم تعديل الطوق الذي في ساعدي بأن قيد كل ساعد على حدة بطوق ثم قفل طرفي الطوقين الآخرين بقضبان النافذة العالية . هل رأيتم العبيد في الأفلام السينيمائية على سفن القراصنة وهم مقيدون بالأغلال تمخر بهم السفن نحو الأرض الجديدة ؟! كان ذلك هو المشهد. ساعداي مقيدتان على قضبان النافذة ، وجسدي ووجهي ملتصقان بجدران النافذة و قدماي مقيدتان بطوق من حديد. كنت هنالك معلقا بين السماء والأرض وقدماي بالكاد تلامسان سطح العمارة. كنت مشلولاً تماماً و عاجزاً عن الاٍتيان بأي حركة. كان حراسي اضافة الى جبنهم يخشون المقاومة لذا كانوا كثيري الحذر والحيطة . أبقياني على ذلك الوضع فترة طويلة من الزمن و يبدو أن ذلك كان مقصوداً لاٍنهاكي الجسدي والمعنوي ، كان العرق يتصبب من جميع أجزاء جسدي ، في تلك اللحظة شعرت بامتنان كبير للرياضة التي كنت أمارسها في شبابي وكيف أنها كانت السبب في احتمالي هذا الوضع المحرج والصعب . بعد فترة طويلة من الوقت حضر الحراس وهم يحملون عصى غليظة وخراطيش للمياه ، وبدأ ضربي على ظهري ووجهي وكامل قفاي وتكسرت (( النصال على النصال )) كما يقول الشاعر . كانوا يضربون بقوة وتشف على ظهري بالعصى التي يحملونها والتي يتم تغييرها بعد فترة بأخرى جديدة . كان ضربهم متزامناً ومترادفاً بسيل منهمر من الشتائم من نوع ( انتم المحامين تفسدون العامة وتدافعون عن الباطل ) ، ( أنكم معارضة ) ، ( أنتم أولاد (.........) ) ، ( أنكم أتفه من مشى على الأرض ) وغيرها من الاهانات التي لا يمكن أن تسطر على الورق دون الوقوع في طائلة خدش الحياء العام . كانوا حينما يضربون يتخيرون الأماكن المؤلمة ، وكانت الحركة والمقاومة من جانبي مستحيلة في ذلك الوضع ، لذا لم يكن لدي خياراً غير الثبات وكان الثبات يزعجهم ويزيد من قسوتهم . لم يكونوا يطلبون شيئا محدداً ، كان الضرب من أجل الضرب ، والعنف من أجل العنف كانت مطالبهم تتمثل في انكسار الآخر وكانوا يتمنون المستحيل . أن ما كانوا يقومون به لا يوجد في أدبيات الشعب السوداني وتراثه و أعرافه، فقد تعلمنا ونحن صغار ألا نعتدي على الضعيف ، أن نتساوى مع الخصم في المعارك وألا نغدر بالآخرين ولكنهم أتوا من عالم لا نعرفه ليحكموا في زمن المهانة والذل . ان ما كانوا يقومون به كان مطابقاً لما يحدث في معسكرات النازية في (بوخنفالد)* و( أشفيتز )* ومعسكرات ( الهلوكوست )* . و تأكدت قناعتي أن الفكر المطلق متشابه في كل الأمكنة والأزمنة، وأن نهجهم الحضاري في عدم الاٍعتراف بالآخرين وتصفية معارضيهم في الرأي هو الوجه الآخر للنازية.
    قال لي أصدقائي المعتقلين لاحقاً أن الصمت يخيفهم ويغيظهم وأن قليلاً من الانكسار كان كفيلاً بتقليل الضرب أو تخفيفه . ولكنهم تناسوا أن الانكسار يقود لمزيد من الانكسار وبداية السقوط لا حواجز لها. المهم بعد ساعات شارف عملهم على الأنتهاء و توقفوا عن الضرب ، وتركت هنالك معلقاً وأنا على مشارف الاغماء . ولا أدري لماذا في تلك اللحظات تذكرت المسيح معلقاً ومصلوباً . و لا أدري كم مر من الزمن عندما حضروا الي وفكوا وثاقي فقد فقدت الاحساس بالزمن والألم . تم اقتيادي وعلى الأصح تم جري جراً حتى باب الزنزانة التي (( أقيم )) بها وتركت هنالك . لم يجرؤ أحد من المعتقلين في داخل الزنزانة من الاقتراب مني فتحاملت على نفسي ودخلت وانهرت في أقرب موقع من الارهاق والتعب . كانت الآلام تنبعث من كل أجزاء جسدي ولكن الألم النفسي والمهانة والذل كان أكثر مرارة ومضاضة .

    العمارة: واحدة من عمارتين بحي المطار تم بنائهما بواسطة الخبراء الروس في زمن نميري كسكن لضباط الجيش. تم تحويلهما لاحقاً كمكاتب لجهاز الأمن واستغلتهما سلطة الجبهة لتعذيب المعتقلين وتصفيتهم.
    12 ديسمبر 2004

                  

العنوان الكاتب Date
الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب فيصل محمد خليل03-19-12, 09:57 PM
  Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب فيصل محمد خليل03-19-12, 10:07 PM
    Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب فيصل محمد خليل03-20-12, 04:40 AM
      Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب فيصل محمد خليل03-20-12, 04:45 AM
        Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب فيصل محمد خليل03-20-12, 10:28 AM
          Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب فيصل محمد خليل03-21-12, 07:04 PM
            Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب فيصل محمد خليل03-21-12, 07:59 PM
              Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب فيصل محمد خليل03-21-12, 09:26 PM
                Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب فيصل محمد خليل03-21-12, 09:34 PM
                  Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب فيصل محمد خليل03-21-12, 09:44 PM
                    Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب طه جعفر03-22-12, 02:09 AM
                      Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب خالد العبيد03-22-12, 06:36 AM
                        Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب Magdi Is'hag03-22-12, 08:00 AM
                          Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب Magdi Is'hag03-22-12, 08:02 AM
                            Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب فيصل محمد خليل03-22-12, 12:28 PM
                              Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب فيصل محمد خليل03-22-12, 12:38 PM
                                Re: الـمـيــدان تـفـتــح .. وثـائـق مـلـفــات الـتـعـذيــب فيصل محمد خليل03-22-12, 12:50 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de