|
مقدمة طريق محمد ..الآلية السحرية لإثبات وجود الله ( يوجد خم )
|
يقول شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه : " ذلك بأن البداهة المعاشة ، عبر الحياة الطويلة ، هي أن لكل صنعة صانعا .. هذه القاعدة لم تتـخلف ، ولا للحظة واحـدة .. ولقد قيل أن أعرابيا سئل عن برهـانه على وجود الله فقال : (( البعرة تدل على البعير )) .. وهذا أمر هو من البداهة بحيث لا يحتاج إلى ذكاء .. فلو أن هناك صنعة صنعت نفسها لقام اللّبس الذي يمكن أن يجئ منه عذر المنكرين وجود الله .." و هو ببساطة ما يعرف بالدليل الكوزمولوجي الذي عالجه إيمانويل كانت بالنقد و اكد امتناعه في كتابه الشهير نقد العقل الصرف . و الصورة التي راق لمحمود طه استخدامها هي صورة ان لكل شئ سببا و لكن استخدمها بصيغة ان لكل شئ سبب ( إلا ) الله و الشئ الذي آسف له أن شخصا محترما مثل محمود محمد طه يستخدم هذه المقولة ( الكارثية ) لإثبات وجود الله ... و بمفردات التحليل النفسي نقول ان هذه نزعة نكوصية لا تتعقل الحاضر إلا بمفردات الماضي و أفاهيمه المستنفدة ...فلا الله بعير و لا الكون بعرة ... و استخدام هذه العبارة ( الكارثية ) لا يزيد فكرة وجود الله بالمنطق الكوزمولوجي الا امتناعا .. و هي لا تصلح كمقياس نقيس عليه في مسألة الكون ..لأن الاعرابي الذي يبدي محمود طه افتنانه به عندما تدله البعرة على البعير فهذا ناتج من ( معرفة مسبقة بالبعرة و البعير ) و هو شئ غير موجود بالنسبة لنا عندما يتعلق الامر بالكون و الخالق . فنحن لم نرى اكوانا من قبل مثل الأعرابي الذي رأى ( بعرا ) من قبل ..و لا نستطيع ان نجزم أن وجود يستلزم وجود الله كما ان وجود ( بعرة ) يستلزم وجود ( بعير ) ....و هنا أسأل أستاذنا محمود : ( هب أن شخصا نشأ و ترعرع في مدينة من المدن حيث لم يرى البعير اطلاقا و وجد ( بعرة ) ذات يوم هل ستدله هذه البعرة على البعير مع العلم انه خالي الذهن تماما عن ( البعير و البعر ) ؟؟؟ )
أن الشئ الذي فات تماما على الأستاذ الشهيد أن البعرة تدل على البعير في حالة توفرت لنا ( معرفة مسبقة ) بهما . و ليس اطلاقا و لكن محمود استخدم هذه القاعدة بشكل اطلاقي ..حيث أن وجود الكون ( البعرة ) يدل على خالق ( بعير ) ثم و بقفزة سحرية كبرى يكون هذا الخالق هو ( الله ) بالذات من دون الآلهة القديمة و المعاصرة ...هكذا ضربة لازب . و هنا نتساءل مرة أخرى إذا سلمنا جدلا ان نموزج البعرة و البعير يصلح للكون و الخالق ...فما الذي سيجعلنا نظن ان الخالق هو الله بالذات و ليس ( بعل أو آمون رع أو غيرهم من الآلهة ) ؟؟؟ خلاصة القول في هذه المسألة أن محمود محمد طه ارتكب خطأ منهجيا فادحا حينما أورد هذه المقولة الساذجة خارج سياقها التاريخي و المعرفي و لم تخدم قضيته لإثبات وجود الله شيئا .
|
|
|
|
|
|
|
|
|