تَحَلُلُ

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 11:08 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-03-2012, 11:19 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تَحَلُلُ

    حتي الذكريات تَعِبَت من ملاححتي لها، تَعِبَت، أحسست بتعبها و انا أحاول جرجرتها، كانت تمضي ورائي باقدام ثقيلة و عيون نصف مغمضة، توقفتُ، فنامت ذكرياتي. كنت مجهداً في ذلك اليوم، كنت تعباً ذلك النوع من التعب الذي يمنعني النوم. أدركت في لحظة ما أن صحوي و نومي سيان ربما يكون ذلك لان التراب لا يهتم كثيرا بالأقدام التي تطحن وجه حبيباته الجديدة عندما يكتشف المشاة درباً إلي محطةٍ مجاورة.
    لم تشرق الشمس في ذلك الصباح، لم أهتم إلا ذلك النوع من الإهتمام الذي كان يعتريني عندما أفتقد شجرة في الطريق أو عندما يغيب عن المشهد في الشارع بيتٌ قديم او غرفةٍ متهدمةٍ و منكشفة للعيان لا يسترها حائط أو سور زنك أو صريف أو حتي زريبة شوك. لم تشرق الشمس في ذلك الصباح، إكتفت السماء بضوء قليل من شمس البارحة. لقد كانت شمسُ البارحة كريمةً في ضوءها و بهيةً في طلتها و ربما كانت منيرةً و حارقةً باكثر مما هو مطلوب من شمسٍ ، شمسٌ هي ليست أكثر من نجم أصفر عجوز و مائت بلا محالة. في وقت ما من ذلك اليوم المترهل و الممتد، اليوم الذي لا يحده صباح، اليوم الذي لم تشرق علي شرف قدومه شمسٌ، في وقت ما من ذلك اليوم نجحت في جرجرة ذكريات بيضاء بصورة مملة، بيضاء و باردة. ذكريات أرجعتني إلي أيامي التي قضيتها بين البطاريق، الدنيا حولي بيضاء و باردة، السماء بعيدة و متحدبة، زرقاء، سماء محايدة و فاجرة، سماء لا تهتم بانواع السحب الراحلة التي تغشاها، الارض ليست من الصخر فقط، يقتسم الثلج العنيد مع الصخر المكان المتسع الفارغ، الفقمات، أسود البحر و كلاب البحر توقفت عن المشي و الوقوف فانبطحت ، البطاريق وحدها تجول البرية باقدامها ذات اللون الاخضر الزيتوني، بطونها و صدورها البيضاء، ظهورها السوداء، وعيونها التائهة بجفونها الصفراء، المناقير من أي لون. كانت البطاريق حولي ضاجة و مائجة النشاط و متوترة. تبعتهم يوما ما الي المعبد، رائحة السمك المتعفن ضايقتني قشور السمك جرحت حفا قدميّ، البخور الذي أطلقه البطريق القيم علي أمر العبادات لم يهزم رائحة العفونة. توقفت عن متابعة البطاريق الي معبدها، إكتفيت بمعايشتها في الهواء الطلق في ذلك المكان البارد البعيد بالوانه المحدودة.
    استمر اليوم المترهل في تمدده، إستمر و لم يتوقف عن الاستمرار. كرهتني ذكرياتي و في هذه المرة نبحت الذكريات في وجهي ك###### غاضب. إنصرفت عنها، هي أيضاً إنصرفت عني فسكت النباح، ساد صمت تبعته ظلمة مسيخة و دافئة. إستشعرت نهمها و هي تنهش اللحم، تلك الموجودات الصغيرة كانت نهمة و نشطة علي طول الزمن و كانت صغيرة الحجم و رخوة و مائعة التكوين، أحسست بلعابها الكيميائي و هو يعمل مناجله الدقيقة في اللحم، ضجت افراحٌ في رأسي، احتفيت باعفاء عقلي من الإهتمام بجزء طرفي من الجسد، مجرد أصبع، ماذا يضير هذه الكتلة من اللحم و العظم اذا فقدت أصبعاً. كان فعلها في العصب موجعاً، نوعٌ من الوجع المدفون الغتيت، الأعصاب هشة و متهدمة و متهالكة لا يحتاج لعابُ تلك الموجودات الصغيرة الكثير من الوقت ليقطعها و يحولها الي تفافة ########ة و جافة. يمر الزمن المتمدد في ذلك اليوم المترهل غير المحدد، يمر و يتخلص عقلي بعد كل حين من المسئولية عن جزء من أجزاء جسدي. أتت تلك الكائنات الرخوة ذات اللعاب الكيميائي علي الجلد أسفل شعر رأسي ، فتعري وجهي من كسائه القديم، أفتضح ما كانت تخفيه الأنف بشممها، تدفق ماء العين الزجاجي اللزج علي التراب ففغرت المحاجر باطنها من دون حياء، أعملت تلك الكائنات الرخوة مناجلها الكيميائية في كل نسيج متماسك في بنية رأسي فإنكشف عقلي علي التراب ثم إتسخ.



    طه جعفر
    تورنتو، كندا
    3 مارس 2012

    (عدل بواسطة طه جعفر on 03-03-2012, 11:56 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
تَحَلُلُ طه جعفر03-03-12, 11:19 PM
  Re: تَحَلُلُ طه جعفر03-03-12, 11:51 PM
    Re: تَحَلُلُ طه جعفر03-04-12, 00:53 AM
      Re: تَحَلُلُ أمين محمد سليمان03-04-12, 01:56 AM
        Re: تَحَلُلُ طه جعفر03-04-12, 02:28 AM
      Re: تَحَلُلُ طه جعفر03-04-12, 02:01 AM
        Re: تَحَلُلُ طه جعفر03-04-12, 03:04 AM
          Re: تَحَلُلُ طه جعفر03-05-12, 01:12 AM
  Re: تَحَلُلُ طه جعفر03-05-12, 03:53 AM
    Re: تَحَلُلُ طه جعفر03-05-12, 07:39 PM
      Re: تَحَلُلُ طه جعفر03-06-12, 04:39 AM
        Re: تَحَلُلُ طه جعفر03-10-12, 05:48 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de