|
Re: حَجَــرْ .. حَجَــرْ جَــرْ .. حُـجَـارة ؟ .. لا! . (Re: محمَّد زين الشفيع أحمد)
|
***
لَعلّها جريرةُ الكتابةِ يا أصدقاء ، أو لَرُبّما هو ذنبٌ حينما تكتُبُ قصّةً قصيرةً أو على أجملِ الْفُروض حين يمُنُّ اللهُ عليكَ بكتابةِ رواية ! ، فأنت إذن مُدان ، كونك دخلتَ عالمَ القصّةِ والرّواية ، فبعضُ الأصدقاءِ لا يُقِـرُّونَ لكَ بأنّك كُويتب ، دَعْكَ الآنَ من كاتبٍ ماهِـرْ ، ولن تجدَهم قائلين لك يومًا بأنّك ما تزالُ في بدايةِ الطّريق ..! وأذكرُ أنّني في مرّةٍ من الْمرّاتِ حينما ذكرتُ لأحدِ أصدقائي على استحياءٍ بالِغٍ مَداه ، ودون أيِّ مُناسبة : - والله ياخي أنا مرّات مرّات كِدة بكتب قصص قصيرة . فنظرَ صديقي عن يَمينهِ كامشًا فَمَهُ ، ثمّ أدارَ وجهَه مُطبِّقًا الْفعلَ ذاتَهُ إلى جهةِ الْيَسارِ ، في غيرِ اكتراثٍ منه ، ثمّ قال : - والله يا محمّد الْيومين ديل ، بقيت تَـقنبلها لينا جنس قَنبَلَـة ، وكمان بقيتْ تجيب ليك جنس كضِب ، ياخي ما تقنبلها فوقنا بالله ، كتابة شنو ياخي البتكتبها لينا إتّ ، وكمان في السّخانة دي ؟! . ولسْتُ أدري لِمَ أتى في حديثِهِ بجملتهِ الأخيرةِ تلك ، رُغمَ أنّ الطّقسَ حينَ انتقادِه ذاك كان أشبهَ بوصفِ كتُبِ الْجغرافيا لمناخِ البحرِ الْمتوسّط ، والّذي أنا من المعترضين على ابيضاضِه الّذي وصفوه لنا به آنَ دراستِنا له بالْمدارس : ( دافيءٌ ممطرٌ شتاءً ) !. لكنّه قالها هكذا ويملؤه الامتعاض . فسكتُّ بُرهةً وأطرقتُ بفكري بعيدًا ، ورأيتُ أنّ معه حقًّا ، لأنّه يظُنُّ أنّني قد فجّرتُ أمامه قنبلةً ، حين انتميتُ ولو لبضعِ لحظاتٍ لقَبيلِ الْكُتَّاب ، وصِرْتُ جنبًا إلى جنبٍ مع الأُستاذ / نجيب محفوظ ، يرحمُهُ اللهُ رحمةً واسعة ، ثمّ دَانَيْتُ بالأكتافِ الأُستاذَ والصّديقَ ، ثمّ الزّميلَ / الطّيّب صالح .. طيَّبَ اللهُ ذكرَه وثَرَاه بالْغُـفران ، وصديقي الرّوسيّ الْماتعَ / أنطون تشيكوف ، الّذي ذكرَ بأنّه يستطيع أن يكتبَ قصّةً قصيرةً في أيِّ شيء ، وذلك حينما كان يجلسُ لأحدِ أصدقائه في أحدِ المقاهي ! ، ولرُبّما شعرَ صديقي بأنّني من ذاتِ القَبيل ، وبحسبِهِ لم يُخطيءْ ..!. قد صدقتَ يا صديقي ففي هذا الزّمنِ باتَ معظمُ النّاسِ يكتبون همومَهم ، ولعلّك إن بدأتَ تكتبُ شيئًا ، ولنقُلْ حتّى ديونِك الرّسميّة ! ، فما إنْ تسمعْ بك دارُ نشرٍ ربحيّة، إلا وتَفاوضتْ معك على كتابِك ذاك ، حتّى وإن كان كتابُك ركيكًا في مُحتواه ، مُتناولًا في هرطقاتِهِ نبذةً عن : ارتفاعِ مُهورِ خِرَافِ العيد في العام الجديد !، أو : لبس الْمَريول في بلادِ وآراضِ الزّمبكول.
ومن ثمّ تبدأُ معك عمليّةُ النّشـر ، كما لا تنسى أنّ الطّلبَ على كتابِكَ هذا ؛ يتوقّفُ على مدى شُهرتِك بين الْعَالمين بموضوعاتِكَ السّاذجةِ فيه ، وحينما تسألُ كثيرًا دورَ النّشر : - هل دخل كتابيَ إلى الدّولة الفلانيّة ؟ فغالبُ الظّنِّ أنّهم يُجيبُونَك ، بأن : - لا .. لم يدخل ! - لماذا ؟ وعادةً ما تجدهم في سرّهم قائلين :
- لا .. لا .. لا تذهبْ بعيدًا بفكرِكَ أيُّها الْكاتبُ الْوَقورُ .. فلستَ ماهرًا في السّياسةِ إلى الْحدِّ الّذي يجعلُ كتابَك حبيسَ الأدراجِ والدّيارْ .. لا أبدًا .. لا أبدًا .. لا أبدًا ، فكلُّ ما في الأمرِ أنَّ الدّولةَ الفُلانيّةَ لم تطلبْ كتابَك الْجديدَ لأنّهم لا يُحبُّونَ الكُـتَّابَ الْجُدُدْ ، وإنّما طلباتُهم الكثيرةُ تأتينا فقط لكتبِ الكاتب : دَهشان بن كتبان بن فنجان بن مزرور الْعركسي ، كونَهُ مشهورًا عندَهم ، وقديمًا في الأدبِ وضَليعًا فيهِ أيّما ضَلاعَة !. وأنتَ أيُّها الْكاتبُ الْجَديدُ مُجرّدُ : جَرْبان بن حسران بن فلسان بن طرشان الْخَاسر، حتّى وإن كان حرفُك هادفًا ومكتوبًا بماءِ الذّهَب !، حقيقةً لَمْ أرَ ولا أعلمُ حقًّا إن كان للذّهبِ ماءٌ ، لكنّي سمعتها هكذا ذات مرّة ، فطاب لها الْجلوسُ في أُذني ! ، ولَمْ أحزنْ ! ، ففي ظنّي هم يقولون كلّ شيءٍ بعيونِهم ، وأنت فقط الصّائمُ الصّامتُ عن رؤيةِ أكاذيبِ عُيُونِـهم ، وخُـدُودِ نَواياهم ! . ربّما : كُويتبٌ وَقــور آخر ..!.
|
|
|
|
|
|